Translate سكا.....

الثلاثاء، 3 مايو 2022

كتاب : التبرج و كتاب : التعسير

 

من موسوعة النعيم

 كتاب : التبرج

التبرج
التبرج لغةً :

مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ تَتَبَرَّجُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ب ر ج) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: الأَوَّلُ: الْبُرُوزُ وَالظُّهُورُ، وَالثَّانِي: الْوَزَرُ وَالمَلْجَأُ فَمِنَ الأَوَّلِ: الْبَرَجُ وهُوَ سَعَةُ العَيْنِ فِي شِدَّة سَوَادٍ وَشِدَّةِ بَيَاضِ بَيَاضِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ أُخِذَ التَّبَرُّجُ، وَهُوَ إِظْهَارُ مَحَاسِنِهَا، وَمِنَ الأَصْلِ الثَّانِي: الْبُرْجُ وَهُوَ وَاحِدُ بُرُوجِ السَّمَاءِ، وَأَصْلُ الْبُرُوجِ: الْحُصُونُ وَالْقُصُورُ، وَذَكَرَ الرَّاغِبُ: أَنَّ التَّبَرُّجَ مَأْخُوذٌ مِنَ الثَّوْبِ الْمُبَرَّجِ أَيِ الَّذِي صُوِّرَ عَلَيْهِ الْبُرُوجُ، يُقَالُ: ثَوْبٌ مُبَرَّجٌ: صُوِّرَتْ عَلَيْهِ بُرُوجٌ فَاعْتُبِرَ حُسْنُهُ، فَقِيلَ تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ أَيْ تَشَبَّهَتْ بِهِ فِي إِظْهَارِ الْمَحَاسِنِ .
وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: يُقَالُ تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ: يَعْنِي أَظْهَرَتْ وَجْهَهَا . وَكَذَلِكَ إِذَا أَبْدَتْ مَحَاسِنَ جِيدِهَا وَوَجْهِهَا.
وَالتَّبَرُّجُ إِظْهَارُ الزِّينَةِ لِلنَّاسِ الأَجَانِبِ وَهُوَ المَذْمُومُ، فَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَلاَ، وَقِيلَ: هُوَ إِظْهَارُ الْمَرْأَةِ زِينَتَهَا وَمَحَاسِنَهَا لِلرِّجَالِ.
وَقَدْ مَدَحَ اللهُ قَوْمًا مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } (النور/0‍‍): يَعْنِي لاَ يَتَكَسَّرْنَ فِي مَشْيِهِنَّ وَلاَ يَتَبَخْتَرْنَ . وَأَمَّا مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ الْمُؤْمِنَاتِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكَافِرَاتِ فِي التَّبَرُّجِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} .
التبرج اصطلاحًا:

(1/1)


قَالَ الطَّبَرِيُّ: التَّبَرُّجُ هُوَ التَّبَخْتُرُ، وَقِيلَ: هُوَ إِشْهَارُ الزِّينَةِ، وَإِبْرَازُ الْمَرْأَةِ مَحَاسِنَهَا لِلرِّجَالِ(1).
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: التَّبَرُّجُ: التَّكَشُّفُ وَالظُّهُورُ لِلعُيُونِ، وَقِيلَ التَّبَرُّجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} (النور/0‍‍)، أَنَّهُنَّ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى، قَالَ القُرْطُبِيُّ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَصَحُّ، وَهُوَ اللاَّئِقُ بِهِنَّ فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ وَخَاصَّةً الشَّبَابُ مِنْهُنَّ .
لبس النساء بين التبرج والاحتشام:
قَالَ ابْنُ الحَاجِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلُبْسِ النِّسَاءِ: العَالِمُ أَوْلَى مَنْ يَأْخُذُ عَلَى أَهْلِهِ وَيَرُدُّهُنَّ لِلاتِّبَاعِ مَهْمَا اسْتَطَاعَ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ فَمِنْ ذَلِكَ (مَنْعُ) مَا يَلْبَسْنَ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الضَّيِّقَةِ الْقَصِيرَةِ، وَهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا، وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ بِضِدِّهِمَا، لأَنَّ الضَّيِّقَ مِنَ الثِّيَابِ يَصِفُ جِسْمَهَا وَيُحَدِّدُهُ، هَذَا فِي الضَّيِّقِ، وَأَمَّا الْقَصِيرُ فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْهُنَّ أَنْ يَجْعَلْنَ الْقَمِيصَ إِلَى الرُّكْبَةِ .
وَقَالَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ وَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يَنْهَاهُنَّ عَنْ لُبْسِ العَمَائِمِ، وَيَمْنَعَهُنَّ مِنْ تَوْسِيعِ الأَكْمَامِ وَتَقْصِيرِهَا. لأَنَّهَا تُظْهِرُ مَا لاَ بُدَّ مِنْ إِخْفَائِهِ(2).
الآيات الواردة في "التبرج"
__________
(1) تفسير الطبري (0‍‍/4‍‍‍).
(2) المرجع السابق (2‍/3‍‍‍).

(1/2)


{وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(60)}(1)
{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا(32)وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا(34)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التبرج"
__________
(1) النور : 60 مدنية
(2) الأحزاب : 32 – 34 مدنية

(1/3)


1‍- *( عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ ثَلاَثَةٌ لاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبِقَ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا قَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ . فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ. وَثَلاَثَةٌ لاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ، رَجُلٌ نَازَعَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ رِدَاءَهُ، فَإِنَّ رِدَاءَهُ الْكِبْرِيَاءُ وَإِزَارَهُ الْعِزَّةُ، وَرَجُلٌ شَكَّ فِي أَمْرِ اللهِ، وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ])*(1).
__________
(1) أحمد (6‍/9‍‍) واللفظ له وقال الهيثمي في المجمع (1‍/5‍‍‍): رجاله ثقات. والأدب المفرد للبخاري رقم (3‍‍‍). والحاكم (1‍/9‍‍‍) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وذكر بعضه في السنة لابن أبي عاصم رقم (9‍‍). وذكره الألباني في صحيح الجامع (2‍/0‍‍) رقم (3‍‍‍‍). وكذا في الصحيحة (2‍/1‍‍) رقم (2‍‍‍) وعزاه أيضًا لابن حبان وابن عساكر ونقل قول ابن عساكر عنه أنه حديث حسن غريب ورجال إسناده ثقات.

(1/4)


2‍*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ:[ جَاءَ تْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ J تُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ فَقَالَ: [أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكِي بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقِي، وَلاَ تَزْنِي، وَلاَ تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلاَ تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلاَ تَنُوحِي وَلاَ تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى])(1).
__________
(1) أحمد (2‍/6‍‍‍) واللفظ له رقم (2‍‍‍‍). بتحقيق الشيخ أحمد شاكر وقال:إسناده صحيح (1‍‍/5‍‍). ونحوه عند الترمذي (7‍‍‍‍) وقال: حديث حسن صحيح. وكذا النسائي (7‍/9‍‍‍) وقال الألباني: صحيح(3‍/6‍‍‍) رقم (7‍‍‍‍) والموطأ(2‍‍‍، 3‍‍‍). وذكره ابن كثير في تفسيره (4‍/2‍‍‍) وقال: هذا إسناد صحيح .

(1/5)


3‍-*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J يَكْرَهُ عَشْرَ خِلاَلٍ: تَخَتُّمَ الذَّهَبِ، وَجَرَّ الإِزَارِ، وَالصُفْرَةَ، ـ يَعْنِي الخَلُوقَ(1) ـ وَتَغْيِيرَ الشَّيْبِ ـ قَالَ جَرِيرٌ: إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ نَتْفَهُ ـ وَعَزْلَ الْمَاءِ عَنْ مَحِلِّهِ، وَالرُّقَى إِلاَّ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَفَسَادَ الصَّبِيِّ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ(2)، وَعَقْدَ التَّمَائِمِ، وَالتَّبَرُّجَ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مُحِلِّهَا(3)، وَالضَّرْبَ بِالْكِعَابِ(4)])*(5).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التبرج" معنًى
__________
(1) الخلوق: طيب معروف يتخذ من الزعفران وغيرِه من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه والنهي أكثر وأثبت، وإنما نُهِي عنه لأنه من طيب النساء.
(2) فساد الصبي .. الخ: هو أن يطأ المرأة المرضع فإذا حملت فسد لبنها وكان من ذلك فساد الصبي. وقوله: غير محرمه: أي أنه كرهه ولم يبلغ حد التحريم.
(3) التبرج بالزينة لغير محلها: يعني لغير ما يحل لها ذلك يعني الزوج مثلاً .
(4) ضرب الكعاب: النرد وغيره.
(5) أبو داود (2‍‍‍‍). وأحمد (1‍/0‍‍‍) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (5‍/3‍‍‍، 4‍‍‍) رقم (5‍‍‍‍) وكذلك في ص 1‍‍‍.

(1/6)


4‍- *( عَنْ أَبِي مُوسَى ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ إِذَا اسْتَعْطَرَتِ الْمَرْأَةُ فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فِي كَذَا وَكَذَا]. وَقَالَ قَوْلاً شَدِيدًا)*(1).
5 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا.قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ.لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا. وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا])*(2).
6 - *( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَتَنَاوَلَ قُصَّةً(3) مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيٍّ(4). يَقُولُ: يَاأَهْلَ الْمَدِينَةِ! أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
J يَنْهَي عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ [إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ])*(5).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "التبرج"
__________
(1) أبو داود (2‍‍‍‍) واللفظ له. والنسائي (8‍/3‍‍‍) وقال فيه: فهي زانية. والترمذي (6‍‍‍‍) وقال: حسن صحيح. والحاكم (2‍/6‍‍‍) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وأحمد (4‍/4‍‍‍، 8‍‍‍). وذكره الألباني في حجاب المرأة المسلمة(4‍‍) وعزاه أيضًا لابن خزيمة وابن حبان وقال:صحيح كما قال الحاكم والذهبي.
(2) مسلم (8‍‍‍‍).
(3) قصة من شعر أي خصلة.
(4) حَرَسِيٍّ: نسبه إلى الحرس وهم خدم الأمير.
(5) البخاري ـ الفتح 0‍‍(2‍‍‍‍). ومسلم (7‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/7)


1‍- *( قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ كَسَا النَّاسَ القَبَاطِيَّ(1) ثُمَّ قَالَ: [لا تُدَرِّعُنَّهَا نِسَاءَكُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَاأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَلْبَسْتُهَا امْرَأَتِي فَأَقْبَلَتْ فِي الْبَيْتِ وَأَدْبَرَتْ فَلَمْ أَرَهُ يَشِفُّ، فَقَالَ عُمَرُ: [إِنْ لَمْ يَكُنْ يَشِفُّ فَإِنَّهُ يَصِفُ])*(2).
2‍*(عَنْ أُمِّ الضِّيَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَقُولِينَ فِي الْخِضَابِ وَالصِّبَاغِ وَالْقُرْطَيْنِ وَالْخَلْخَالِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَثِيَابِ الرِّقَاقِ؟.فَقَالَتْ لَهَا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ: [يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ قِصَّتُكُنَّ كُلُّهَا وَاحِدَةٌ أَحَلَّ اللهُ لَكُنَّ الزِّينَةَ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ، أَيْ لاَ يَحِلُّ لَكُنَّ أَنْ يَرَوْا مِنْكُنَّ مُحَرَّمًا])*(3).
3 - *( قَالَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ:[ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ، كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ])*(4).
4 -*( قَالَ قَتَادَةُ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} (الأحزاب/3‍‍): [كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَةٌ وَتَكَسُّرٌ وَتَغَنُّجٌ، فَنَهَى اللهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ ذَلِكَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ])*(5).
__________
(1) القباطي: جمع قبطي وهي ثياب بيضاء رقيقة من مصر .
(2) سنن البيهقي (2‍/4‍‍‍ـ 5‍‍‍).
(3) تفسير ابن كثير (3‍/4‍‍‍).
(4) مسلم (5‍‍‍).
(5) المرجع السابق (3‍/2‍‍‍) بتصرف.

(1/8)


5 - *( قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [ التَّبَرُّجُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ: أَنْ تُلْقِيَ الْمَرْأَةُ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَلاَ تَشُدُّهُ فَيُوَارِيَ قَلاَئِدَهَا وَقُرْطَهَا وَعُنُقَهَا وَلَكِنْ يَبْدُو ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهَا ])*(1).
6- *( وَقَالَ أَيْضًا ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [إِنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَشَبِّهَةَ بِالرِّجَالِ تَكْتَسِبُ مِنْ أَخْلاَقِهِمْ حَتَّى يَصِيرَ فِيهَا مِنْ التَّبَرُّجِ وَالْبُرُوزِ وَمُشَابَهَةِ الرِّجَالِ مَا قَدْ يُفْضِي بِبَعْضِهِنَّ إِلَى أَنْ تُظْهِرَ بَدَنَهَا كَمَا يُظْهِرُهُ الرَّجُلُ وَتَطْلُبُ أَنْ تَعْلُوَ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا يَعْلُو الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ، وَتَفْعَلُ مِنَ الأَفْعَالِ مَا يُنَافِي الْحَيَاءَ وَالْخَفَرَ الْمَشْرُوعَ لِلنِّسَاءِ ])*(2).
7-*(قَالَ الذَّهَبِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [مِنَ الأَفْعَالِ الَّتِي تُلْعَنُ عَلَيْهَا الْمَرْأَةُ إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَالذَّهَبِ وَاللُّؤْلُؤِ تَحْتَ النِّقَابِ، وَتَطَيُّبُهَا بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالطِّيبِ إِذَا خَرَجَتْ، وَلُبْسُهَا الصِّبَاغَاتُ وَالأُزُرُ الْحَرِيرِيَّةُ وَالأَقْبِيَةُ الْقِصَارُ، مَعَ تَطْوِيلِ الثَّوْبِ وَتَوْسِعَةِ الأَكْمَامِ وَتَطْوِيلِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ التَّبَرُّجِ الَّذِي يَمْقُتُ اللهُ عَلَيْهِ، وَيُمْقَتُ فَاعِلُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلِهَذِهِ الأَفْعَالِ الَّتِي غَلَبَتْ عَلَى أَكْثَرِ النِّسَاءِ قَالَ عَنْهُنَّ النَّبِيُّ
J:[ اطَّلَعْتُ عَلَى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ])*(3).
8 - *( قَالَ الشَّاعِرُ:
__________
(1) تفسير ابن كثير (3‍/3‍‍‍) بتصرف.
(2) المرجع السابق (7‍‍).
(3) الكبائر (5‍‍‍) طبعة الريان.

(1/9)


بُنَيَّةُ إِنْ أَرَدْتِ ثِيَابَ حُسْنٍ……تُزَيِّنُ مَنْ تَشَا جِسْمًا وَعَقْلاً
فَانْبِذِي عَادَةَ التَّبَرُّجِ نَبْذًا……فَجَمَالُ النُّفُوسِ أَسْمَى وَأَعْلَى(1).
من مضار "التبرج"
(1‍) دَلِيلُ ضَعْفِ إِيمَانِ الْمَرْأَةِ وَقِلَّةِ حَيَائِهَا .
(2‍) سَبَبُ الطَّرْدِ وَالإِبْعَادِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ .
(3‍) يُورِدُ النِّيرَانَ وَيَحْرِمُ مِنَ الْجِنَانِ .
(4) يُعَرِّضُ الْمَرْأَةَ لِغَمْزِ وَلَمْزِ الْمُجْرِمِينَ وَمَنْ فِي قَلْبِهِ نِفَاقٌ .
(5) مِنْ أَسْبَابِ إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ بَيْنَ النَّاسِ .
(6) تُقَلِّلُ مِنْ رَغْبَةِ الإِنْسَانِ الْمُسْلِمِ فِي الارْتِبَاطِ بِهَا وَتُزِهِّدُهُ فِي الزَّوَاجِ بِهَا.
(7) تُحْرَمُ الْمَرْأَةُ مِنْ نَعْمَةِ رِضَا اللهِ عَنْهَا بِخُرُوجِهَا عَنْ آدَابِهِ.
(8) مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ شُيُوعِ الْفَاحِشَةِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، فَتَنْحَلَّ وَيَذْهَبَ رِيحُهَا.
__________
(1) بواسطة التبرج لنعمان صدقي (4‍‍).


 كتاب : التعسير

التعسير
التعسير لغة:

مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: عَسَّرَ الأَمْرَ تَعْسِيرًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ع س ر) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصُّعُوبَةِ وَالشِّدَّةِ، يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: الْعَيْنُ وَالسِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى صُعُوبَةٍ وَشِدَّةٍ، فَالعُسْرُ: نَقِيضُ اليُسْرِ وَالإِقْلاَلُ أَيْضًا عُسْرَةٌ، لأَنَّ الأَمْرَ ضَيِّقٌ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. وَأَعْسَرَ الرَّجُلُ، إِذَا صَارَ مِنْ مَيْسَرَةٍ إِلَى عُسْرَةٍ، وَعَسَرْتُهُ أَنَا أَعْسِرُهُ، إِذَا طَالَبْتَهُ بِدَيْنِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَلَمْ تُنْظِرْهُ إِلَى مَيْسَرَتِهِ. وَيُقَالُ: عَسَّرْتُ عَلَيْهِ تَعْسِيرًا إِذَا خَالَفْتَهُ. وَالْعُسْرَى خِلاَفُ الْيُسْرَى، وَتَعَسَّرَ الأَمْرُ: الْتَوَى.. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَعْمَلُ بِشِمَالِهِ: أَعْسَرُ، وَالْعُسْرَى هِيَ الشِّمَالُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ عُسْرَى، لأَنَّهُ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهَا مَا يَتَيَسَّرُ عَلَى اليُمْنَى.

(1/1)


وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَعْسَرُ بَيِّنُ الْعَسَرِ، وَامْرَأَةٌ عَسْرَاءُ إِذَا كَانَتْ قُوَّتُهُمَا فِي أَشْمُلِهِمَا وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشِمَالِهِ مَايَعْمَلُ غَيْرُهُ بِيَمِينِهِ. وَاسْتَعْسَرَ الأَمْرُ وَتَعَسَّرَ إِذَا صَارَ عَسِيرًا .. وَيُقَالُ: أَعْسَرَتِ الْمَرْأَةُ، إِذَا عَسُرَ عَلَيْهَا وِلاَدُهَا. وَيَوْمٌ عَسِرٌ وَعَسِيرٌ وَأَعْسَرُ. شَدِيدٌ ذُو عُسْرٍ، قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْقِيَامَةِ {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} يَوْمٌ عَسِيرٌ أَيْ شَدِيدٌ(1).وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: العُسْرُ الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ وَالصُّعُوبَةُ، وَهُوَ نَقِيضُ الْيُسْرِ . وَتَقُولُ: تَعَسَّرَ الأَمْرُ وَتَعَاسَرَ وَاسْتَعْسَرَ إِذَا اشْتَدَّ وَالْتَوَى وَصَارَ عَسِيرًا، وَتَقُولُ: تَعَاسَرَ الزَّوْجَانِ وَالْبَيِّعَانِ إِذَا لَمْ يَتَّفِقَا.وَعَسَرَ الزَّمَانُ: أَيِ اشْتَدَّ عَلَيْنَا وَعَسَّرَ عَلَيْهِ أَيْ ضَيَّقَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَيُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة/5‍‍‍) العُسْرُ: الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: العُسْرُ هُوَ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ(2).وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: {يُرِيدُ بِكُمُ اليُسْرَ} فَكَرَّرَ تَأْكِيدًا(3).
التعسير اصطلاحًا:
التَّعْسِيرُ: أَنْ يُشَدِّدَ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى المَشْرُوعِ، أَوْ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا بِتَرْكِ الأَيْسَرِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا.
من شَدَّد شَدَّد اللهُ عليه:
__________
(1) تفسير الطبري (1‍‍/5‍‍‍).
(2) تفسير الطبري (2‍/3‍‍‍).
(3) تفسير القرطبي (2‍/5‍‍‍).

(1/2)


قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: نَهَى النَّبِيُّ J عَنِ التَّشْدِيدِ فِي الدِّينِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوعِ، وَأَخْبَرَ J أَنَّ تَشْدِيدَ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ سَبَبٌ لِتَشْدِيدِ اللهِ عَلَيْهِ إِمَّا بِالقَدْرِ وَإِمَّا بِالشَّرْعِ.
فَبِالْقَدْرِ كَفِعْلِ أَهْلِ الْوِسْوَاسِ، فَإِنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسْتَحْكَمَ وَصَارَ صِفَةً لاَزِمَةً لَهُمْ.
وَأَمَّا التَّشْدِيدُ بِالشَّرْعِ: كَمَنْ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِ فَأَلْزَمَهُ الْوَفَاءَ بِهِ(1).
الآيات الواردة في "التعسير"
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)}(2)
{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ(117)}(3)
{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا(72)قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا(73)}(4)
__________
(1) إغاثة اللهفان لابن القيم(1‍/2‍‍‍) بتصرف يسير.
(2) البقرة : 185 مدنية
(3) التوبة : 117 مدنية
(4) الكهف : 72 – 73 مكية

(1/3)


{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا(7)}(1)
{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ(8)فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ(9)عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ(10)}(2)
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1)وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ(2)الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ(3)وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ(4)فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(5)إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(6)فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ(7)وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ(8)}(3)
الآيات الواردة في "التعسير" معنًى
{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ لَبَتْ(286)}(4)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التعسير"
1‍- *(عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ
J عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ(5)، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ ـ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، وَلاَ نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ)*(6).
__________
(1) الطلاق : 7 مدنية
(2) المدثر : 8 – 10 مكية
(3) الشرح : 1 – 8 مكية
(4) البقرة : 286 مدنية
(5) المنشط والمكره: أي وقت النشاط والكراهية.
(6) البخاري - الفتح (9‍‍‍‍-7200) واللفظ له ومسلم (9‍‍‍‍).

(1/4)


2‍- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ J: [دَعُوهُ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً(1) مِنْ مَاءٍ ـ أَوْ ذَنُوبًا(2) مِنْ مَاءٍ ـ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ])*(3).
3‍- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ(4)])*(5).
4‍- *(عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ
J لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا: [يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا] قَالَ أَبُو مُوسَى: يَارَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ يُصْنَعُ فِيهَا شَرَابٌ مِنَ العَسَلِ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ(6) وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ(7)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ])*(8).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التعسير" معنًى
__________
(1) سَجْلاً: الدلو ملأى، وقيل الدلو الضخمة.
(2) الذنوب - بفتح الذال - قالوا: هي الدلو ملأى ماء وقيل: هي الدلو العظيمة، وعلى هذا فهي والسجل مترادفان.
(3) البخاري ـ الفتح1‍(0‍‍‍) مسلم من حديث أنس(4‍‍‍).
(4) الأثرة: الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم، الأثرة ـ بفتحتين ـ الاسم من آثر إذا أعطى . أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه.
(5) مسلم(6‍‍‍‍).
(6) البتع: نبيذ العسل .
(7) المزر: نبيذ الذرة
(8) البخاري . الفتح0‍‍(4‍‍‍‍)، مسلم(3‍‍‍‍).

(1/5)


5 - *(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ])*(1).
6 -*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ(2) وَالرَّوْحَةِ(3) وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ(4)])*(5).
7‍- *(عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: مَرَّ بِالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ وَقَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ، وَصُبَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الزَّيْتُ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: يُعَذَّبُونَ فِي الْخَرَاجِ. فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
J يَقُولُ:[إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا])*(6).
8 - *(عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: وَاصَلَ النَّبِيُّ
J آخِرَ الشَّهْرِ وَوَاصَلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ J فَقَالَ: [لَوْ مُدَّ بِيَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ(7)، إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي])*(8).
__________
(1) مسلم(6‍‍‍).
(2) الغدوة: السير أول النهار.
(3) الروحة: السير بعد الزوال.
(4) الدلجة: السير آخر الليل.
(5) البخاري ـ الفتح1‍(9‍‍).
(6) مسلم(3‍‍‍‍).
(7) يدع المتعمقون تعمقهم: أي المتشددون في الأمور المجاوزون للحد.
(8) البخاري ـ الفح3‍‍(1‍‍‍‍) واللفظ له، مسلم(4‍‍‍‍).

(1/6)


9 - *(عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ J رَأَى شَيْخًا يُهَادَى(1) بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ: [مَا بَالُ هَذَا؟] قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ:[إِنَّ اللهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا لِنَفْسِهِ لَغَنِيٌّ] وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ)*(2).
10 - *(عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ
J فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَقَالَ: [مَا هَذَا الْحَبْلُ؟] قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ. فَإِذَا فَتَرَتْ(3) تَعَلَّقَتْ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ J: [لاَ، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ(4)، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ])*(5).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "التعسير"
1‍*(قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: وَكَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: مَهْمَا تَنْزِلْ بِامْرِىٍْ شَدِيدَةٌ(6) يَجْعَلِ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجَا، فَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ)*(7).
2 - *(قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: الْعُسْرُ بَيْنَ الْيُسْرَيْنِ إِمَّا فَرَجٌ عَاجِلٌ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا ثَوَابٌ آجِلٌ فِي الآخِرَةِ)*(8).
3 - *(قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: نَهَى الشَّارِعُ عَنِ الْغُلُوِّ وَالتَّشْدِيدِ نَهْيًا عَامًّا فِي الاعْتِقَادَاتِ وَالأَعْمَالِ)*(9).
__________
(1) يهادي: معناه يمشي بينهما، متوكئًا عليهما.
(2) البخاري ـ الفتح4‍(5‍‍‍‍)، مسلم(2‍‍‍‍) واللفظ له.
(3) فترت: أي ضعفت.
(4) نشاطه: أي مدة نشاطه.
(5) البخاري ـ الفتح3‍(0‍‍‍‍) واللفظ له، مسلم(4‍‍‍).
(6) شديدة: أي شدة.
(7) لسان العرب(5‍/8‍‍‍‍- 9‍‍‍‍).
(8) لسان العرب(5‍/8‍‍‍‍).
(9) فتح المجيد(7‍‍‍).

(1/7)


4 - *(قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الْعَجِيبِ أَنَّهُ يَشَامُّ النَّفْسَ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيُّ الْقُوَّتَيْنِ تَغْلِبُ عَلَيْهَا: قُوَّةُ الإِقْدَامِ وَالشَّجَاعَةِ، أَمْ قُوَّةُ الانْكِفَافِ وَالإِحْجَامِ وَالْمَهَانَةِ؟ وَقَدِ اقْتَطَعَ أَكْثَرَ النَّاسِ إِلاَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ فِي هَذَيْنِ الوَادِيَيْنِ، وَادِي التَّقْصِيرِ، وَوَادِي الْمُجَاوَزَةِ وَالتَّعَدِّي، وَالْقَلِيلُ مِنْهُمْ جِدًّا الثَّابِتُ عَلَى الصِّرَاطِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ J وَهُوَ الْوَسَطُ)*(1).
5-*(قَالَ ابْنُ حَجَرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: لاَ يَتَعَمَّقُ أَحَدٌ فِي الأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَيَتْرُكُ الرِّفْقَ إِلاَّ عَجَزَ وَانْقَطَعَ فَيُغْلَبُ)*(2).
من مضار "التعسير"
(1‍) دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الْعَقْلِ،وَسَبَبٌ لِتَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَى الإِنْسَانِ.
(2‍) لاَ يُحِبُّهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَيُؤَدِّي إِلَى بُغْضِهِ.
(3‍) يُؤَدِّي إِلَى الانْقِطَاعِ عَنِ الْعَمَلِ وَعَدَمِ الاسْتِمْرَارِ فِيهِ.
(4‍) دَلِيلٌ عَلَى الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْفَهْمِ عِنْدَ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ.
(5) يُصَعِّبُ عَلَى النَّاسِ مَا سَهَّلَتْهُ لَهُمُ الشَّرِيعَةُ فَيُقَيِّدُهُمْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ فَضْلاً عَنْ الالْتِزَامِ بِهِ.
(6) مُخَالَفَةُ أَمْرِ الرَّسُولِ
J فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ.
(7) قَدْ يُؤَدِّي إِلَى شَطَحَاتٍ تَضُرُّ بِهِ فِي دِينٍ وَدُنْيَا.
__________
(1) إغاثة اللهفان (1‍/6‍‍‍).
(2) فتح الباري(1‍/7‍‍‍) الريان.

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...