Translate سكا.....

الثلاثاء، 3 مايو 2022

كتاب الإنابة وكتاب البشارة و كتاب التذكر

من  موسوعة النعيم

كتاب الإنابة
الإنابة لغةً:
تَدُورُ مَادَّةُ ( ن و ب ) حَوْلَ الرُّجُوعِ . يَقُولُ ابْنُ فَارِس [ النُّونُ والوَاوُ والبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى اعْتِيَادِ مَكَانٍ وَرُجُوعٍ إلَيْهِ ](1). تَقُولُ [ أَنَابَ فُلاَنٌ إِلَى الشَّيْءِ، رَجَعَ إِلَيْهِ مرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَإِلَى اللهِ تَابَ وَرَجَعَ](2). وَقَالَ الرَّاغِبُ [ الإِنَابَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى: الرُّجُوعُ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ وَإِخْلاَصِ الْعَمَلِ ](3).
وَفِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } (الروم/ 1‍‍) أَيْ رَاجِعِينَ إِلَى مَا أَمَرَ بِهِ، غَيْرَ خَارِجِينَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ }(الزمر/4‍‍) أَيْ تُوبُوا إِلَيْهِ وَارْجِعُوا .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: [ أَنَابَ إِلَى اللهِ أَيْ أَقْبَلَ وَتَابَ].
وَقَالَ ابْنُ الأثِيرِ: يُقَالُ أَنَابَ يُنِيبُ إنَابَةً، فَهُوَ مُنِيبٌ، إذَا أقْبَلَ وَرَجَعَ، وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:[وَإِلَيْكَ أُنِيبُ](4).
واصطلاحًا:
الإِنَابَةُ: إِخْراجُ الْقَلْبِ مِنْ ظُلُمَاتِ الشُّبُهَاتِ. وَقِيلَ: الإِنَابَةُ: الرُّجُوعُ مِنَ الكُلِّ إِلَى مَنْ لَهُ الكُلُّ . وَقِيلَ: الإِنَابَةُ: الرُّجُوعُ مِنَ الْغَفْلَةِ إِلَى الذِّكْرِ، وَمِنَ الوَحْشَةِ إِلَى الأُنْسِ.
وَقَالَ الْكَفَوِيُّ: الإِنَابَةُ: الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى اللهِ تَعَالَى(5).
__________
(1) مقاييس اللغة (5‍/7‍‍‍).
(2) المعجم الوسيط (2‍/1‍‍‍).
(3) المفردات (نوب ) ( 8‍‍‍).
(4) انظر: الصحاح، للجوهري (1‍/9‍‍‍)، والنهاية، لابن الأثير(5‍/3‍‍‍)، ولسان العرب، لابن منظور (1‍/5‍‍‍).
(5) التعريفات (9‍‍)، والكليات للكفوي (8‍‍‍).

(1/1)


وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: الإنَابَةُ: الإِسْرَاعُ إِلَى مَرْضَاةِ اللهِ مَعَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَإِخْلاَصِ الْعَمَلِ لَهُ(1).
أنواع الإنابة:
الإِنَابَةُ إِنَابَتَانِ: إِنَابَةٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ . وَهِيَ إِنَابَةُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا .يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالبَرُّ وَالفَاجِرُ . قَالَ اللهُ تَعَالَى:{ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إلَيْهِ } ( الروم/3‍‍) . فَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ دَاعٍ أَصَابَهُ ضُرٌّ . كَمَا هُوَ الوَاقِعُ . وَهَذِهِ [الإِنَابَةُ] لاَ تَسْتَلْزِمُ الإِسْلاَمَ، بَلْ تُجَامِعُ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ هَؤُلاَءِ:{ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} (الروم/3‍‍-4‍‍). فَهَذَا حاَلُهُمْ بَعْدَ إِنَابَتِهِمْ .
وَالإِنَابَةُ الثَّانِيَةُ . إِنَابَةُ أَوْلِيَائِهِ . وَهِيَ إِنَابَةٌ لإِلَهِيَّتِهِ إنَابةَ عُبُودِيَّةٍ وَمَحَبَّةٍ، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ: مَحَبَّتَهُ، وَالْخُضُوعَ لَهُ، وَالإِقْبَالَ عَلَيْهِ، وَالإِعْرَاضَ عَمَّا سِوَاهُ . فَلاَ يَسْتَحِقُّ اسْمَ [ الْمُنِيبِ] إِلاَّ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الأَرْبَعُ . وَتَفْسِيرُ السَّلَفِ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ يَدُورُ عَلَى ذَلِكَ(2).
منزلة الإنابة:
__________
(1) مدارج السالكين، لابن القيم (1‍/7‍‍‍)بتصرف.
(2) مدارج السالكين لابن القيم (1‍/7‍‍‍) بتصرف.

(1/2)


قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [ مَنْ نَزَلَ فِي مَنْزِلِ التَّوْبَةِ، وَقَامَ فِي مَقَامِهَا نَزَلَ فِي جَمِيعِ مَنَازِلِ الإِسْلاَمِ، فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ قَدَمُهُ فِي مَنْزِلِ التَّوْبَةِ نَزَلَ بَعْدَهُ فِي مَنْزِلِ الإِنَابَةِ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَأَثْنَى عَلَى خَلِيلِهِ بِهَا، فَقَاَل:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ } (الزمر/4‍‍) وَقَالَ: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ } (هود/5‍‍). وَأَخْبَرَ أَنَّ آيَاتِهِ إِنَّمَا يَتَبَصَّرُ بِهَا وَيَتَذَكَّرُ، أَهْلُ الإِنَابَةِ.فَقَالَ: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} إِلَى أَنْ قَالَ {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} (ق/6‍ـ 7‍).
وقَالَ تَعَالَى:{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ} (غافر/3‍‍)، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ثَوَابَهُ وَجَنَّتَهُ ِلأَهْلِ الْخَشْيَةِ وَالإِنَابَةِ. فَقَالَ:{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ *مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن َ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ} (ق/ 1‍‍-3‍‍)، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْبُشْرَى مِنْهُ، إِنَّمَا هِيَ لأَهْلِ الإِنَابَةِ فَقَالَ:{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} (الزمر/7‍‍)(1).
[ للاستزادة أنظر صفات: الإخبات ـ التوبة ـ الخشوع ـ الخشية ـ الدعاء ـ الضراعة والتضرع ـ القنوت.
وفي ضد ذلك، انظر صفات: الإعراض ـ الإصرار على الذنب ـ الغفلة ـ الكبر والعجب ـ الغفلة].
__________
(1) المرجع السابق (1‍/6‍‍‍، 7‍‍‍).

(1/3)


الآيات الواردة في "الإنابة"
الإنابة صفة النبيين والمؤمنين :
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ(75)}(1)
{ قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لاَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ(87)قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)}(2)
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(30)مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(31)مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32)}(3)
{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14)وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(15)}(4)
__________
(1) هود : 75 مكية.
(2) هود : 87 - 88 مكية.
(3) الروم : 30 - 32 مكية
(4) لقمان : 14- 15 مكية.

(1/4)


{أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنْ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ(9)}(1)
{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ(24)فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ(25)}(2)
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ(34)قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ(35)}(3)
قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ(54)}(4)
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَ مَنْ يُنِيبُ(13)}(5)
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(10)}(6)
__________
(1) سبأ : 9 مكية.
(2) ص: 24- 25 مكية.
(3) ص : 34- 35 مكية.
(4) الزمر: 53 - 54 مكية.
(5) غافر : 13 مكية.
(6) الشورى : 10 مكية.

(1/5)


{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(7)تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ(8)}(1)
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(4)}(2)
ثمرة الإنابة :
{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَ مَتَاعٌ(26)وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ(27)}(3)
{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي(17)}(4)
{شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ(13)}(5)
__________
(1) ق : 7-8 مكية.
(2) الممتحنة :4 مدنية.
(3) الرعد :26 - 27 مدنية.
(4) الزمر : 17 مكية.
(5) الشورى : 13 مكية.

(1/6)


{وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ(32)}(1)
الإنابة إلى الله في الضر وتركه في الرخاء ليس من دأب المؤمنين:
{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ(33)}(2)
{وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ(8)}(3)
الأحاديث الواردة في "الإنابة"
1‍-*(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J كَان َ يَقُولُ إِذَ ا قَام َ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: [اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ،وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ ا لْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ .أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ . اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْلِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ])*(4).
__________
(1) ق :31- 32 مكية.
(2) الروم: 33 مكية.
(3) الزمر : 8 مكية.
(4) البخاري ـ الفتح 3‍‍(5‍‍‍‍)،ومسلم (9‍‍‍) واللفظ له.

(1/7)


2‍*(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ J كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: [ رَبِّ أَعِنِّي وَلاَ تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلاَ تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلاَ تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ! اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا . لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مُطِيعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا(1)، إِلَيْكَ
أَوَّاهًا(2)مُنِيبًا،رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي(3)، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ(4) قَلْبِي])*(5).
3‍- *(عَنْ جَابِرِ بِنْ عَبْدِاللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ النَّبِيِّ
J قَالَ: لاَ تَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَإِنَّ هَوْلَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ، وَإِنَّ مِنَ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُ الْعَبْدِ وَيَرْزُقَهُ اللهُ الإِنَابَةَ])*(6).
__________
(1) مخبتًا: متواضعًا خاشعًا سائرًا في الطريق المطمئن الواسع .
(2) أواهًا: كثير التأوُّه، وغلب على معنى التضرع إلى الله في العبادة والندم على الذنوب .
(3) حوبتي: إثمي وخطيئتي .
(4) سخيمة: حقد وضغينة .
(5) أبو داود(1510‍)، وابن ماجة (0‍‍‍‍)واللفظ له، والترمذي (3551‍) وقال محقق جامع الأصول(4‍/337‍): حديث صحيح.
(6) أحمد (3‍/332‍).

(1/8)


4‍- *(عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ J فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا صَوْتُ رَجُلٍ يَقْرَأُ، فَقَالَ النَّبِيُّ J: [تُرَاهُ مُرَائِيًا فَاسْكُتْ بُرَيْدَةُ!] فَإِذَا رَجُلٌ يَدْعُو فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ J: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - أَوْ قَالَ - وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ: لَقَد سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ]، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ القَابِلَةِ خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً فَلقِيَهُ النَّبِيُّ J فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا صَوْتُ الرَّجُلِ يَقْرَأُ فَقَالَ النَّبِيُّ J: [أَتَقُولُهُ مُرَاءٍ(1)؟] فَقَالَ بُرَيْدَةُ: أَتَقُولُهُ مُرَاءٍ يَارَسُولَ اللهِ(2)؟ فَقَالَ النَّبِيُّ J: [لاَ، بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ، لاَ، بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ]، فَإِذَا الأَشْعَرِيُّ يقْرَأُ بِصَوْتٍ لَهُ بِجَانِبِ
الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [إِنَّ الأَشْعَرِيَّ - أَوْ إِنَّ عَبْدَاللهِ بِنَ قَيْسٍ- أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ،]
فَقُلْتُ: أَلاَ أُخْبِرُهُ يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ: [بَلَى فَأَخْبِرْهُ]، فَأَخْبَرْتُهُ])*(3).
الأحاديث الواردة في "الإنابة" معنًى
(انظر صفات : الإخبات - التوبة - الخشوع)
__________
(1) أَتَقُولُهُ مُرَاءٍ: أي هل تَظُنُّهُ مُرَائِيًا بِقرَاءَتِهِ هذه.
(2) هَذا القَوْلُ الثاني من بُريدة يريد الاستفهام من رسول الله
J عن حقيقة موقف الرجل.
(3) أحمد (5‍/9‍‍‍) .

(1/9)


من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في "الإنابة"
1‍- *( أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } (الروم /1‍‍) قَالَ: تَائِبِينَ .
وَقَالَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } (سبأ/9‍) قَالَ: تَائِبٍ مُقْبِلٍ عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -)*.
2‍*( أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} (لقمان/5‍‍) قَالَ: مُحَمَّدٌ
J])* (1).
3‍- *( قَالَ ابْنُ القَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ:[ الإِنَابَةُ هِيَ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كَاعْتِكَافِ الْبَدَنِ فِي الْمَسْجِدِ لاَ يُفَارِقُهُ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَذِكْرِهِ بِالإِجْلاَلِ وَالتَّعْظِيمِ، وَعُكُوفُ الْجَوَارِحِ عَلَى طَاعَتِهِ بِالإِخْلاَصِ لَهُ وَالمُتَابَعَةِ لِرَسُولِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْكُفْ قَلْبُهُ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ، عَكَفَ عَلَى التَّمَاثِيلِ الْمُتَنَوِّعَةِ، كَمَا قَالَ إِمَامُ الحُنَفَاءِ لِقَوْمِهِ {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (الأنبياء/2‍‍)])*(2).
4‍- *( وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} (هود/5‍‍) حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: الأَوَّابُ: القَانِتُ الرَّجَّاعُ)*(3).
5‍- *( عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ {وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ} (الزمر/1‍‍):وَأَقْبَلُوا إِلَى اللهِ)*(4).
__________
(1) انظر الدر المنثور (6‍/4‍‍‍، 2‍‍‍، 5‍‍‍).
(2) الفوائد، لابن القيم (6‍‍‍).
(3) تفسير الطبرى (7‍/9‍‍).
(4) المرجع السابق (0‍‍/5‍‍‍).

(1/10)


6‍- *( حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ {وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ} (الزمر/1‍‍) قَالَ: أَجَابُوا إِلَيْهِ)*(1).
7‍- *( قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} (الزمر/4‍‍) قَالَ: الإِنَابَةُ: الرُّجُوعُ إِلَى الطَّاعَةِ، وَالنُّزُوعُ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، أَلاَ تَرَاهُ يَقُولُ: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ})*(2).
8‍- *(عَنْ أَنَسِ بِنْ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -قَالَ: [إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ أَرْبَعِينَ سَنَةً آمَنَهُ اللهُ مِنْ أَنْوَاعِ البَلاَيَا مِنَ الجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ، وَإِذَا بَلَغَ الْخَمْسِينَ لَيَّنَ اللهُ عَلَيْهِ حِسَابَهُ، وَإِذَا بَلَغَ السِّتِّينَ رَزَقَهُ اللهُ إِنَابَةً يُحِبُّهُ عَلَيْهَا، وَإِذَا بَلَغَ السَّبْعِينَ أَحبَّهُ اللهُ وَأَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ تَقَبَّلَ اللهُ مِنْهُ حَسَنَاتِهِ وَمَحَا عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، وَإِذَا بَلَغَ التِّسْعِينَ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَرَّ وَسُمِّيَ أَسِيرُ اللهِ فِي الأَرْضِ وَشُفِّعَ فِي أَهْلِهِ)*(3).
من فوائد"الإنابة"
(1‍) دَلِيلُ كَمَالِ الإِيمَانِ وَحُسْنِ الإِسْلاَمِ .
(2‍) دَلِيلٌ عَلَى سَلاَمَةِ النِّيَّةِ وَحُسْنِ الطَّوِيَّةِ .
(3‍) بِشَارَةُ اللهِ لِلْمُنِيبِينَ وَهِدَايَتُهُ لَهُمْ .
(4‍) مَعْلَمٌ عَلَى صَلاَحِ الْعَبْدِ وَقُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ .
(5‍) دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ ظَنِّ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ .
(6‍) طَرِيقٌ مُوَصِّلٌ إِلَى الْجَنَّةِ .
(7‍) الْمُنِيبُ يُرْزَقُ خَشْيَةَ اللهِ.
__________
(1) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(2) المرجع السابق (1‍‍/7‍‍).
(3) أحمد (2‍/8‍‍).

كتاب البشارة -البشارة لغةً:

 
البُِشَارَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا الاسمُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَشَرَهُ بِالأَمْرِ يَبْشُرُهُ بَشْرًا وَبُشُورًا، وَيَتَعَدَّى بالهَمْزَةِ فَيُقَالُ أبْشَرَهُ، وبالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ بَشَّرَهُ، وَيُقَالُ أَيْضًا بَشِرَ بِالشَّيْءِ إِذَا اسْتَبْشَرَ بِهِ وَبَابُهُ طَرِبَ . وَكُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ب ش ر ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الظُّهُورِ وَالْحُسْنِ.
يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: البَاءُ وَالشِّينُ والرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ:هُوَ ظُهُورُ الشَّيْءِ مَعَ حُسْنٍ وَجَمَالٍ، فَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ جِلْدِ الإِنْسَانِ . وَسُمِّيَ الْبَشَرُ بَشَرًا لِظُهُورِهِمْ، وَالْبَشِيرُ الْحَسَنُ الوَجْهِ، وَالْبَشَارَةُ الْجَمَالُ،قَالَ: الأَعْشَى:
وَرَأَتْ بأَنَّ الشَّيْبَ جَا نَبَهُ الْبَشَاشَةُ وَالْبَشَارَةْ

(1/1)


وَيُقَالُ: بَشَّرْتُ فُلاَنًا أُبَشِّرُهُ تَبْشِيرًا، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَرُبَّمَا حُمِلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الشَّرِّ لِضَرْبٍ مِنَ التَّبْكِيتِ، فَأَمَّا إِذَا أُطْلِقَ الْكَلاَمُ إِطْلاَقًا فَالْبِشَارَةُ بِالْخَيْرِ وَالنِّذَارَةُ بِغَيْرِهِ. وَيَقُولُ الرَّازِيُّ: وَالْبِشَارَةُ الْمُطْلَقَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِالْخَيْرِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بِالشَّرِّ إِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وَتَبَاشَرَ الْقَوْمُ بَشَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْبَشِرُ الْمُبَشِّرُ، وَالْمُبَشِّرَاتُ الرِّيَاحُ الَّتِي تُبَشِّرُ بِالْغَيْثِ، وَيَقُولُ صَاحِبُ اللِّسَانِ: وَالتَّبْشِيرُ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران/1‍‍)وَالاسْمُ البُشْرَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}(يونس/4‍‍). والاسْمُ البُشَارَةُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ . وَتَقُولُ: أَبْشِرْ بِخَيْرٍ، بِقَطْعِ الأَلِفِ، وبَشِرْتُ بِكَذَا، بِالْكَسْرِ، أَبْشَرُ أَيِ استَبْشَرْتُ به . وتَبَاشَرَ القومُ أَيْ بَشَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَالبُشَارَةُ أَيْضًا: مَا يُعْطَاهُ المُبَشِّرُ بِالأَمْرِ وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ [فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً ]، وَالبَشِيرُ: المُبَشِّرُ الذي يُبَشِّرُ القومَ بِأَمْرٍ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

(1/2)


وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى يَبْشُرُكَ يَسُرُّكَ وَيُفْرِحُكَ وَبَشَرْتُ الرَّجُلَ أَبْشُرُهُ إِذَا أَفْرَحْتَهُ.قَالَ: وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ أنَّ بَشَرَةَ الإِنْسَانِ تَنْبَسِطُ عِنْدَ السُّرُورِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ فُلاَنٌ يَلْقَانِي بِبِشْرٍ أَيْ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ(1).
و اصطلاحًا:
كُلُّ خَبَرِ صِدْقٍ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَفِي الْخَيْرِ أَغْلَبُ(2).
ورود البشارة في القرآن الكريم:
وَرَدَتِ الْبِشَارَةُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَجْهًا لاثْنَيْ عَشَرَ قَوْمًا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ كَرَامَةً:
الأَوَّلُ: بِشَارَةُ أَرْبَابِ الإِنَابَةِ بِالْهِدَايَةِ: {وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى}إِلَى قَوْلِهِ: { هَدَاهُمُ اللهُ} (الزمر/ 17‍- 18‍) .
الثَّانِي: بِشَارَةُ الْمُخْبِتِينَ وَالْمُخْلِصِينَ بِالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ: { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }(الحج/34‍).
الثَّالِثُ: بِشَارَةُ الْمُسْتَقِيمِينَ بِثَبَاتِ الوِلاَيَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ } (فصلت/0‍‍) .
الرَّابِعُ:بِشَارَةُ الْمُتَّقِينَ بِالْفَوْزِ وَالْحِمَايَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى}(يونس/3‍‍ـ4‍‍).
الخَامِسُ: بِشَارَةُ الخَائِفِينَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْوِقَايَةِ {إنَِّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} (يس/1‍‍).
__________
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (1‍/4‍‍). ولسان العرب لابن منظور(1‍/7‍‍‍)، ومختار الصحاح للرازى ( 6‍‍) ومقاييس اللغة لابن فارس (1‍/1‍‍‍).
(2) التعريفات للجرجاني ( 5‍‍) وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1‍/1‍‍‍).

(1/3)


السَّادِسُ: بِشَارَةُ الْمُجَاهِدِينَ بِالرِّضَا وَالْعِنَايَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا } إِلَى قَوْلِهِ {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ } (التوبة/ 0‍‍ـ1‍‍).
السَّابِعُ: بِشَارَةُ العَاصِينَ بِالرَّحْمَةِ وَالْكِفَايَةِ {نَبِّيءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ}( الحجر/9‍‍ـ 6‍‍) .
الثَّامِنُ: بِشَارَةُ الْمُطِيعِينَ بِالْجَنَّةِ وَالسَّعَادَةِ {وَبَشِّرِ الَّذِينَ أَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} (البقرة/5‍‍).
التَّاسِعُ: بِشَارَةُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَطَاءِ وَالشَّفَاعَةِ {وَبَشِّرِ الَّذِينَ أَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } (يونس/2‍) .
العَاشِرُ: بِشَارَةُ الْمُنْكِرِينَ بِالْعَذَابِ وَالْعُقُوبَةِ {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}
(النساء/8‍‍‍) {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران/1‍‍). وَهَذِهِ اسْتِعَارَةٌ وَلَكِنْ تَنْبِيهٌ أَنَّ أَسَرَّ مَا يَسْمَعُونَهُ الْخَبَرُ بِمَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ .
الحَادِي عَشَر: بِشَارَةُ الصَّابِرِينَ بِالصَّلَواتِ وَالرَّحْمَةِ { وَبَشّرِ الصَّابِرِينَ } إِلَى قَوْلِهِ: { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ }( البقرة/5‍‍‍- 157‍).
الثَّانِي عَشَرَ: بِشَارَةُ العَارِفِينَ بِاللِّقَاءِ وَالرُّؤْيَةِ {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيرًا} (الأحزاب/4‍‍)(1).
__________
(1) بصائر ذوي التمييز، للفيروزابادي (2‍/0‍‍‍‍‍‍).

(1/4)


ووَرَدَتِ الْبِشَارَةُ وَمَا اشْتُقَّ مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ وَجَاءَتْ فِي بَعْضِ الآيَاتِ صِفَةً لِلْمَوْلَى ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَفِي بَعْضِهَا صِفَةً لِلْمُصْطَفَى J وَنُسِبَتْ لِلرِّيَاحِ فِي بَعْضِ الآيَاتِ.
لَقَدِ اقْتَرَنَتِ الْبِشَارَةُ بِالنَّذَارَةِ خَاصَّةً فِي صِفَةِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَانْفَرَدَتْ وَحْدَهَا فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ، أَمَّا الْمُبَشَّرُونَ فَقَدْ كَانُوا أَصْنَافًا عَدِيدَةً مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُحْسِنُونَ وَالصَّابِرُونَ ...إ لخ. (انظر تصنيف الآيات)
[للاستزادة: انظر صفات : البشاشة ـ السرور ـ طلاقة الوجه ـ الفرح ـ
وفي ضد ذلك: انظر صفات: التنفير ـ التعسير ـ العبوس ـ التطير].
الآيات الواردة في"البشارة"
البشارة من المولى - عز وجل- أو من الملائكة :

(1/5)


{ إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(35)فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(36)فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(37)هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ(38)فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ(39)قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(40)}(1)
{ إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ(45)}(2)
__________
(1) آل عمران:35-40 مدنية.
(2) آل عمران :45 مدنية.

(1/6)


{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(19)الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(20)يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ(21)خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ(22)}(1)
{ كهيعص(1)ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا(2)إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا(3)قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا(4)وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا(5)يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا(6) يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7)قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا(8)قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا(9)}(2)
__________
(1) التوبة:19 -22 مكية.
(2) مريم :1-9 مكية.

(1/7)


{ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِي(99)رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ(100)فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ(101)فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ(102)فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(103)وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ(104)قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105)إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107)وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ(108)سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ(109)كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110)إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ(111)وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ(112)وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ(113)}(1)
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30)نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31)نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ(32)}(2)
البشارة من صفة النبيين والمرسلين :
__________
(1) الصافات :99 - 113 مكية.
(2) فصلت :30 - 32 مكية.

(1/8)


{ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213)}(1)
{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا(163)وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا(164)رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(165)}(2)
{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(48)وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(49)}(3)
__________
(1) البقرة :213 مدنية.
(2) النساء:163 - 165 مدنية.
(3) الأنعام :148 - 149 مكية.

(1/9)


{ وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ(84)فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(85)وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(86)وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ(87)}(1)
{ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلاً(55)وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا(56)}(2)
__________
(1) يونس:84 - 87 مكية.
(2) الكهف: 55 - 56 مكية.

(1/10)


{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ(6)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلاَمِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(7)يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(9)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(10)تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11)يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ(13)}(1)
البشارة من صفة المصطفى
J:
{ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(25)}(2)
__________
(1) الصف:6 - 13 مدنية.
(2) البقرة :25 مدنية.

(1/11)


{ وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(118)إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ(119)}(1)
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153)وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ(154)وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ(155)}(2)
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(222)نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ(223)}(3)
{ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(19)}(4)
__________
(1) البقرة :118 - 119 مدنية.
(2) البقرة :153 - 155 مدنية.
(3) البقرة: 222- 223 مدنية.
(4) المائدة :19 مدنية.

(1/12)


{ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ(1)أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ(2)}(1)
{ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ(1)أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ(2)وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ(3)}(2)
{ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(105)وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً(106)}(3)
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرحمن وُدًّا(96)فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97)وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا(98)}(4)
__________
(1) يونس:1 -2 مكية.
(2) هود:1 - 3 مكية.
(3) الإسراء : 105 - 106 مكية.
(4) مريمك96- 98 مكية.

(1/13)


{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ(34)الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(35)وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(36)لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ(37)}(1)
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا(54)وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا(55)وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(56)قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً(57)وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا(58)}(2)
__________
(1) الحج:34 - 37 مدنية.
(2) الفرقان:54 - 58 مكية.

(1/14)


{ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43)تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا(44)يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45)وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(46)وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا(47)}(1)
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(28)وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(29)قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لاَ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ(30)}(2)
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ(24)وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ(25)ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ(26)}(3)
__________
(1) الأحزاب : 43 - 47 مدنية.
(2) سبأ: 28-30 مكية.
(3) فاطر :24 - 27 مكية.

(1/15)


{ يس(1)وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ(2)إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ(3)عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(4)تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ(5)لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ(6)لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(7)إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ(8)وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ(9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(10)إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرحمن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11)}(1)
{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي(17)الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(18)}(2)
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(8)لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(9)}(3)
البشارة من صفة القرآن الكريم:
{ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(97)}(4)
__________
(1) يس : 1 - 11 مكية.
(2) الزمر:17 - 18 مكية.
(3) الفتح : 8 - 9 مدنية.
(4) البقرة :97 مدنية.

(1/16)


{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ(124)بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ(125)وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(126)}(1)
{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ(69)فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ(70)}(2)
{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(49)وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ(50)وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ(51)إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ(52)قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ(53)قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ(54)قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ(55)قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ(56)}(3)
__________
(1) آل عمران : 124 -126 مدنية.
(2) هود : 69-70 مكية.
(3) الحجر :49-56 مكية.

(1/17)


{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(49)وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ(50)وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ(51)إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ(52)قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ(53)قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ(54)قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ(55)قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ(56)}(1)
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ(101)قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(102)}(2)
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا(9)وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(10)}(3)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا(1)قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا(2)}(4)
{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ(1)هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(3)}(5)
__________
(1) النحل : 89 مكية.
(2) النحل:101-102 مكية.
(3) الإسراء : 9 - 10 مكية.
(4) الكهف:1 - 3مكية.
(5) النمل: 1- 3 مكية.

(1/18)


وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ(31)قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ(32)}(1)
{حم(1)تَنزِيلٌ مِنْ الرحمن الرَّحِيمِ(2)كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(3)بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ(4)}(2)
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ(11)وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ(12)}(3)
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24)إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ(25)فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ(26)فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ(27)فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ(28)}(4)
البشارة للشهداء والمؤمنين :
__________
(1) العنكبوت : 31-32 مكية.
(2) فصلت : 1 - 4 مكية.
(3) الأحقاف : 11 - 12 مكية.
(4) الذاريات : 24 - 28 مكية.

(1/19)


{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169)فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(170)يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ(171)}(1)
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(111)التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ(112)}(2)
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(123)وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(124)وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ(125)}(3)
__________
(1) آل عمران :/169 - 171 مدنية.
(2) التوبة : 111- 112 مدنية.
(3) التوبة : 123 -125 مدنية.

(1/20)


{أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(62)الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ(63)لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(64)وَلاَ يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(65)}(1)
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(12)}(2)
ٍ{فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ(33)يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34)وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ(35)وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36)لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37)وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(38)ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ(39)وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ(40)تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ(41)أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ(42)}(3)
البشارة من صفة الرياح :
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57)وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ(58)}(4)
__________
(1) يونس: 62 - 65 مكية.
(2) الحديد : 12 مدنية.
(3) عبس : 33 - 45 مكية.
(4) الأعراف :57 - 58 مكية.

(1/21)


{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا(47)وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا(48)لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا(49)}(1)
ٍ{أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63)}(2)
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(46)وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنْ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(47)اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(48)وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ(49)}(3)
ومن البشارات الأخرى الواردة في القرآن الكريم :
__________
(1) الفرقان :47 - 48 مكية.
(2) النمل: 63 مكية.
(3) الروم :46 - 49 مكية.

(1/22)


{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ(18)وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ(19)وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ(20)}(1)
{وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لاَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِي(94)قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ(95)فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(96)}(2)
الأحاديث الواردة في "البشارة"
1‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ
J. فَقَالَ: [يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ(3) مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ(4) أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ.فَإِذَا هِي أَتَتْكَ(5) فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَمِنِّي. وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ(4‍) لاَ صَخَبَ(6) فِيهِ وَلاَ نَصَبَ(7)])*(8).
__________
(1) يوسف : 18- 20 مكية.
(2) يوسف :94 -96 مكية.
(3) قد أتتك: معناه توجهت إليك
(4) الإدام: ما يؤتدم به تقول منه أَدَمَ الخبز باللحم من باب ضرب.
(5) فإذا هي أتتك: أي وصلتك .
(6) من قصب: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف.
(7) نصب: المشقة والتعب.
(8) البخاري ـ الفتح9‍(0‍‍‍‍). ومسلم(2‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/23)


2‍-*(عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ J بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا،وَكَانَ رَسُولُ اللهِ J هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُوعُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ، فَوَافَقَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللهِ J فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ J حِينَ رَآهُمْ وَقَال َ: [ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ]. قَالُوا: أَجَلْ يَارَسُولَ اللهِ قَالَ:[فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا(1) كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيَكُم كَمَا أَلْهَتْهُمْ])*(2).
__________
(1) تنافس القوم في الشيء إذا رغبوا فيه،وقد حذفت التاء تخفيفًا والأصل فتتنافسُوهَا بمعنى تتنافَسُوا فيها.
(2) البخاري ـ الفتح 1‍‍(5‍‍‍‍) وهذا لفظه. ومسلم (1‍‍‍‍).

(1/24)


3‍-*( عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ:لأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ J وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا. قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَل َ عَنِ النَّبِيِّ J فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَاهُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ ـ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ ـ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللهِ Jحَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ،فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ(1)وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا(2) وَكَشَفَ عَن سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ . فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ J، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَن ْ هَذَا؟ فَقَال َ: أَبُو بَكْرٍ . فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: [ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ].فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللهِ J يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِJ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ J وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ.ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا (يُرِيدُ أَخَاهُ) يَأْتِ بِهِ.فَإِذَا إِنْسَانٌ
__________
(1) أريس: بستان بالمدينة معروف . وهو بالقرب من قباء. وفي بئرها سقط خاتم النبي
J من أصبع عثمان ـ رضي الله عنه ـ .
(2) توسط قفها: بضم القاف وتشديد الفاء هو الدكة التي تجعل حول البئر، وأصله ما غلظ من الأرض وارتفع، والجمع قفاف .

(1/25)


يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ:عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ J فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ: [ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ]. فَجِئْتُ فَقُلْتُ:ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ J بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ J فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ. ثُمَّ رَجَعْتَُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: إِنْ يُردِ اللهُ بِفُلانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ J فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:[ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ]، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ J بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ . فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِي، فَجَلَسَ وِجَاهَهُ(1) مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ)*(2).
4‍-*( عَنْ أَبِي مُوسَى اْلأَشْعَرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ
J بَعَثَهُ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ . فَقَالَ: [يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا،وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا. وَتَطَاوَعَا(3) وَلاَ تَخْتَلِفَا ])*(4).
__________
(1) فجلس وجاهه: بضم الواو وبكسرها: أي مقابله.
(2) البخاري ـ الفتح 7‍(4‍‍‍‍)واللفظ له. ومسلم(3‍‍‍‍).
(3) تطاوعا: أي ليطع كل منكما الآخر.
(4) البخاري ـ الفتح 6‍(8‍‍‍‍). ومسلم(3‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/26)


5‍-*(عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ ـ أَنَّهُ بَكَى طَوِيلاً وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ J بِكَذَا؟ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِJ بِكَذَا؟ قَالَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:أن أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلاَثٍ(1)لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللهِ J مِنِّي وَلاَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ . فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ . فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الإِسْلاَمَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ J فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَك َ فَلأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ:[ مَالَكَ يَا عَمْرُو؟ ] قَالَ: قُلْتُ:أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ:[ تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟] قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ:[ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟] وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ J وَلاَ أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عَيْنَيَّ مِنْه ُ إِجْلاَلاً لَهُ. وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ، لأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ . وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ . ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا . فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلاَ تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ
__________
(1) كنت على أطباق ثلاث: أي على أحوال ثلاث

(1/27)


وَلاَ نَارٌ . فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا(1) عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا. حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُراجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي)*(2).
6‍-*( عَن ْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرَآنِ:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } قَالَ: فِي التَّوْرَاةِ: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا ])*(3).
__________
(1) شَنَّ التراب على الشيء: فَرَّقه عليه من كل وجه
(2) مسلم (1‍‍‍).
(3) البخاري ـ الفتح 8‍(4838‍).

(1/28)


7‍-*( عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ J يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ،حَتَّى كَانَتْ عَشِيَّةٌ،فَحَضَرْتُ الصَّلاَةَعِنْدَ رَسُولِ اللهِ J فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا،فَإِذَا أَنَا بِهَوَازنَ عَلَى بَكْرَةِ آبَائِهِمْ بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمُ اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ J وَقَالَ: [تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ ] ثُمَّ قَالَ: [ مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟] قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:[ فَارْكَبْ ] فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ J فَقَالَ (لَهُ) رَسُولُ اللهِ J: [اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ(1) حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلاَهُ، وَلاَ نُغَرَّنَّ(2) مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ ] فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ J إِلَى مُصَلاَّهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ:[ هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ؟] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَحْسَسْنَاهُ، فَثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ(5‍)، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ J يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاَتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ:[أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ ] فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلاَل الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِJ فَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ J، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اطَّلَعْتُ
__________
(1) الشعب: الطريق بالجبل وجمعه شعاب.
(2) نُغَرَّن من قبلك الليلة: أي لا نؤخذ على غرة من الناحية التي أنت بها.

(1/29)


الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ J: [هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟] قَالَ: لاَ إِلاَّ مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيًا حَاجَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ J:[ قَدْ أَوْجَبْتَ(1) فَلاَ عَلَيْكَ أَن لاَ تَعْمَلَ بَعْدَهَا])*(2).
8‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة َ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J. قَالَ:[ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ؛ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمُ حَدِيثًا؛ وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ. وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ(3) بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ . فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَقُمْ فَليُصَلِّ، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ])*(4).
9‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J، قَالَ:[ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ . فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالغُدْوَةِ(5) وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ(6)])*(7).
__________
(1) ثُوِّبَ بالصَّلاة: أي أُقيمت الصلاة.
(2) أبوداود(1‍‍‍‍)، وصححه الألباني (3‍‍‍‍).
(3) فرؤيا الصالحة: قال القاضي: يحتمل أن يكون معنى الصالحة والحسنة حسن ظاهرها، ويحتمل أن المراد صحتها وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى صفته
(4) البخاري-الفتح2‍‍(7‍‍‍‍).و مسلم(3‍‍‍‍)واللفظ له.
(5) الغدوة: السير أول النهار .
(6) الدلجة: السير آخر الليل .
(7) البخاري ـ الفتح 1‍(9‍‍).

(1/30)


‍‍-*(عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ: [ بَشِّر الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ])*(1).
1‍‍*(عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J؛ قَالَ: [ بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ])*(2).
12‍-*( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ
J، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ(7‍) . فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:[ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ ]. فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ:[هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ]، فَسَلَّمَ وَقَالَ: أَبشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ])*(3).
__________
(1) أبوداود(1‍‍‍) وصححه الألباني(5‍‍‍). والترمذي (1‍/3‍‍‍). والبغوي في شرح السنة (2‍/8‍‍‍) وقال محققه: حديث صحيح له شواهد كثيرة بمعناه وصححه الألباني، صحيح الترمذي (5‍‍‍).
(2) المسند(5‍/4‍‍‍). والحاكم (4‍/1‍‍‍) وصححه ووافقه الذهبي . وقال محقق جامع الأصول (9‍/3‍‍‍): حديث صحيح. وشرح السنة (4‍‍/5‍‍‍).
(3) النقيض: الصوت، ونقيض المحامل صوتها ونقيض السقف تحريك خشبه.

(1/31)


13‍*( عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ Jجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالبُشْرَى فِي وَجْهِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِ نَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: [ إِنَّهُ أَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلاَّ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَلا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلاَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا])*(1).
14‍-*( عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى النَّبِيِّ
J فَقَالَ:[يَا بَنِي تَمِيمٍ أَبْشِرُوا ].فَقَالُوا:بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ.فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ:[ يَا أَهْلَ الْيَمَنِ اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ]. قَالُوا: قَبِلْنَا.فَأَخَذَ النَّبِيُّ J يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ (1‍‍) وَالْعَرْشَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ .لَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ])*(2).
__________
(1) النسائي (3‍/4‍‍). والحاكم في المستدرك (2‍/0‍‍‍) وصححه ووافقه الذهبي . وقال محقق جامع الأصول (4/5‍‍‍): وللحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن أو الصحيح
(2) يحدث بدء الخلق: بمعنى يتحدث عن بدء الخلق: والمعنى هنا من التحدث هو التحدث عن إلهام من الله عز وج

(1/32)


15‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالاَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ J يَوْمًا، فَقَالَ: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ (ثلاَثَ مَرَّاتٍ ) ثُمَّ أَكَبَّ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي لاَ يَدْرِي عَلَى مَاذَا حَلَفَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي وَجْهِهِ الْبُشْرَى فَكَانَتْ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ.ثُمَّ قَال َ: [ مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلاَّ فُتِحَتْ لَه ُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَقِيلَ لَهُ ادْخُلْ بِسَلاَمٍ ])*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 6‍(0‍‍‍‍).

(1/33)


16‍-*( عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي،فَإِذَا رَسُولُ اللهِ J يَمْشِي وَحْدَهُ. لَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ. قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ . قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ . فَالْتَفَتَ فَرَآنِي فَقَالَ:[ مَنْ هَذَا؟] فَقُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ . جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ:[ يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَ] قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً . فَقَالَ:[ إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . إِلاَّ مَنْ أَعْطَاهُ اللهُ خَيْرًا. فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا ] قَالَ:فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً.فَقَالَ: [اجْلِسْ هَاهُنَا ] قَالَ: فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ . فَقَالَ لِي: [اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ] قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لاَ أَرَاهُ . فَلَبِثَ عَنِّي . فَأَطَالَ اللُّبْثَ . ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ وَهُوَ يَقُولُ:[ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ] قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ؟مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ: [ ذَاكَ جِبْرِيلُ. عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الحَرَّةِ . فَقَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَن مَاتَ لاَ يُشرِكُ باللهِ شَيْئًا دَخَل َ الْجَنَّةَ. فَقُلْتُ: [يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى]؟قَالَ:نَعَمْ.قَالَ قُلْتُ:[وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ . وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ])*(1)
__________
(1) البخاري ـ الفتح 1‍‍(3‍‍‍‍).ومسلم (4‍‍) ص(7‍‍‍) كتاب الزكاة ـ باب الترغيب في الصدقة.

(1/34)


.
17‍-*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ زَوْجِ النَّبِيِّ
J؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ ] قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: [وَلا َ أَنَا . إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ . وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ])*(1).
18‍-*( عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ
J:أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ ا لنَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: [تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ])*(2).
__________
(1) البخاري-الفتح1‍‍(4‍‍‍‍). ومسلم(8‍‍‍‍) واللفظ له.
(2) مسلم (2‍‍‍‍).

(1/35)


19‍- *( عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ J، قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِىءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ Jمِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ فِي النَّوْمِ. فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ .فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءَ يَتَحَنَّثُ فِيهِ (وَهُوَ التَّعَبُّدُ)(1) اللَّيَالِيَ أُولاَتِ العَدَدِ . قَبْلَ أَن ْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا. حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ . قَالَ: [ مَا أَنَا بِقَارِىٍْ] . قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي. فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ:قُلْتُ: [مَا أَنَا بِقَارِيٍْ] . قَالَ:فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْد َ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي . فَقَالَ: اقْرَأْ . فَقُلْتُ: [مَاأَنَا بِقَارِىٍْ] فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي . فَقَالَ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } (العلق/ 1‍ـ5‍). فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ J تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ [زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ ] حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ . ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَة:[أَيْ خَدِيجَةُ مَالِي؟]، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ . قَالَ:[ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي](2)
__________
(1) التحنث: أي التحنف وهو العبادة على دين إبراهيم عليه السلام.
(2) لقد خشيت على نفسي: والخشية هنا حملت على اثني عشر وجهًا،وقد اختار ابن حجر منها ثلاثة أوجه ورجحها، أولها خشية الموت من شدة الرعب، وثانيها خشية المرض وثالثها خشية استمرار المرض. الفتح - جـ1‍ص3‍‍.

(1/36)


قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلاَّ. أَبْشِرْ . فَوَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا . وَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ،وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ . فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ ابْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى،وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاِهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ . فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ . قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ J خَبَر مَا رَآهُ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ(1) الَّذِي أُنْزِلَ علَى مُوسَىJ، يَالَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا(2)، يَا لَيتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ . قَالَ رَسُولُ اللهِJ: [ أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟] قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِه ِإِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا)*(3).
__________
(1) هذا الناموس: هو جبريل عليه السلام . قال أهل اللغة وغريب الحديث:الناموس في اللغة صاحب سر الخير. يقال نمست السر أنمسه أي كتمته
(2) ياليتني فيها جذعًا: الضمير يعودإالى أيام النبوة ومدتها، وجذعًا: يعني قويًّا، حتى أبالغ في نصرك .
(3) البخاري ـ الفتح 1‍(3‍). ومسلم (0‍‍‍) واللفظ له .

(1/37)


20‍-*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ زَوْجِ النَّبِيِّ J قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ.فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ J مَعَهُ. الحديث... وَفِيهِ: قَالَتْ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ J، وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: [أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ ... الحديث)*(1).
21‍ـ*( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ
J السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ:[ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه ُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ . أَوْ تُرَى لَهُ، أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا . فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ . فَقَمِنٌ(2) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ])*(3).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 7‍(1‍‍‍‍). مسلم (0‍‍‍‍).
(2) فقمن: بفتح الميم وكسرها، ومعناه حقيق وجدير
(3) البخاري ـ الفتح 2‍‍(0‍‍‍‍) من حديث أبي هريرة، ومسلم (9‍‍‍) واللفظ له

(1/38)


22‍ـ*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللهِ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ J، وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ]، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ J، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ(1) فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ(2)، فَقَالَتْ مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ(3). قَالَ فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَن لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ J فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ . قَالَ: قُلْتُ: يَارَسُولَ الله ِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ . فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: [خَيْرًا]. قَالَ: قُلْتُ يَارَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا ـ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ ـ وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ] فَمَا خُلِقَ
__________
(1) مجاف: مغلق.
(2) خشف قدمي: أي صوتهما في الأرض.
(3) خضخضة الماء: أي صوت تحريكه

(1/39)


مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلاَ يَرَانِي إِلاَّ أَحَبَّنِي)*(1).
23‍ـ*(عَنْ أَبِي مُوسَى ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي، الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولاً فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ(2)وَرَسُولُ اللهِ
J بِالْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللهِ J عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ(3). قَالَ أَبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللهِ J أَنَا وَأَصْحَابِي . وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي أَمْرِهِ، حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلاَةِ . حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ(4) ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ J فَصَلَّى بِهِمْ . فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ: [عَلَى رِسْلِكُمْ(5). أُعْلِمُكُمْ، وَأَبْشِرُوا أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ، يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ] أَوْ قَالَ: [ مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ]. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ J)*(6).
__________
(1) مسلم (1‍‍‍‍).
(2) بقيع بطحان: البقيع من الأرض: المكان المتسع. وبطحان: موضع بعينه، وادٍ بالمدينة .
(3) يتناوب رسولَ االله
J نفرٌ منهم: أي إن جماعة من القوم كانوا يأخذون نوبتهم في الجلوس إلى رسول اللهJ، في ليلة فإذا كانت الليلة التالية جلست إلى رسول الله J جماعة أخرى منهم وهكذا.
(4) ابهار الليل: أي انتصف .
(5) على رسلكم: أمر بالرفق والتأني .
(6) البخاري ـ الفتح 2‍(7‍‍‍). مسلم (1‍‍‍)واللفظ له.

(1/40)


24‍-*( عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ(1) النَّبِيِّ J عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ. فَقَالَ: [ يَا مُعَاذُ هَل ْ تَدْرِي حَقَّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟ ] قُلْتُ:اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .قَالَ: [فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ،أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ].فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ . قَالَ: [لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا])*(2).
__________
(1) كنت ردف: الردف وهو الراكب خلف الراكب.
(2) البخاري ـ الفتح 6‍(6‍‍‍‍) واللفظ له.مسلم (0‍‍).

(1/41)


25‍-*( عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه ُ ـ قَالَ: كُنْتُ عِنْد َ النَّبِيِّ J وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ J رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ . فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي، يَامُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ J: [أَبْشِرْ]. فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ: أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ J عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلاَلٍ، كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ . فَقَالَ: [ إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ البُشْرَى . فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا ].فَقَالاَ:قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِJ بِقَدَحٍ فِيهَ مَاءٌ . فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ . ثُمَّ قَالَ:[ اشْرَبَا مِنْهُ . وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا]. فَأَخَذَا الْقَدَحَ . فَفَعَلاَ مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللهِ J فَنَادَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا مِمَّا فِي إِنَائِكُمَا . فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً )*(1).
__________
(1) مسلم (2497).

(1/42)


26‍-*( عَنِ الْمُغِيرَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ J فَقَالَ: [ تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي،وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ(1) مِنَ اللهِ، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ ])*(2).
__________
(1) العذر : والمعنى هنا التوبة والإنابة: وقال ابنعياض: المعنى بعث المرسلين للأعذار والإنذار لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة.
(2) البخاري-الفتح3‍‍(6‍‍‍‍)واللفظ له. ومسلم (9‍‍‍‍).

(1/43)


27‍-*( عَنْ عَبْدِاللهِ الْهَوْزَنِيِّ؛ قَالَ: لَقِيتُ بِلاَلاً مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللهِ J بِحَلَبَ(1)، فَقُلْتُ:يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللهِ J؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ، كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الإِنْسَانُ مُسْلِمًا فَرَآهُ عَارِيًا يَأمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي لَهُ الْبُرْدَةَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ،حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، إِنَّ عِنْدِي سَعَةً فَلاَ تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ مِنِّي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ ثُمَّ قُمْتُ لأُؤَذِّنَ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا (أَنْ) رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ؛ قُلْتُ: يَالَبَّاهُ، فَتَجَهَّمَنِي وَقَالَ لِي قَوْلاً غَلِيظًا، وَقَالَ لِي: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ،فَآخُذُكَ بِالَّذِي عَلَيْكَ فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ،فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ(2) رَجَعَ رَسُولُ اللهِ J إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ (وَأُمِّي) إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي،وَلاَ عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آبَقَ(3)
__________
(1) حلب: مدينة بالشام.
(2) العتمة: الظلمة من الليل وتطلق على صلاة العشاء؛ لأنها تكون في وقت العتمة فسميت صلاة العتمة نسبة للوقت.
(3) أبق العبد: أي هرب العبد.

(1/44)


إِلَى بَعْضِ هَؤُلاَءِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللهُ رَسُولَهُ Jمَا يَقْضِي عَنِّي، فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا أَتَيْتُ مَنْزِلِي فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَنَعْلِي وَمِجَنِّي عِنْدَ رَأْسِي، حَتَّى إِذَا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الأَوَّلِ أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلاَلُ، أَجِبْ رَسُولَ اللهِ J، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٍ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَاسْتَأْذَنْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ J: أَبْشِرْ فَقَدْ جَاءَكَ اللهُ بِقَضَائِكَ(1)، ثُمَّ قَالَ: [ أَلَمْ تَرَ الرَّكَائِبَ الْمُنَاخَاتِ الأَرْبَعَ؟] فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ:[ إِنَّ لَكَ رِقَاَبَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ فَإِنَّ عَلَيْهِنَّ كُسْوَةً وَطَعَامًا أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ (2)، فَاقْبِضْهُنَّ وَاقْضِ دَيْنَكَ] فَفَعَلْتُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ J قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ:[ مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ؟] قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ J فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، قَالَ: [أَفَضَلَ شَيْءٌ؟] قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: [ انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُ، فَإِنِّي لَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْه ُ] فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِJ الْعَتَمَةَ دَعَانِي فَقَالَ: [ مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ] قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ،فَبَاتَ رَسُولُ اللهِJ فِي الْمَسْجِدِ وَقَصَّ
__________
(1) قضاءك: القضاء أصله القطع والفصل، وقضاء الشيء إحكامه وإقصاؤه والفراغ منه.
(2) فدك: قرية بشمال الحجاز قرب خيبر، انتصر فيها رسول الله
J بلا قتال إذ أنّه نُصِر بالرعب.

(1/45)


الْحَدِيثَ، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ يَعْنِي مِنَ الْغَدِ دَعَانِي قَالَ:[ مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟] قَالَ: قُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللهُ مِنْهُ يَارَسُولَ اللهِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللهَ شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى (إِذَا) جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ امْرَأَةً امْرَأَةً،حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ،فَهذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ)*(1).
__________
(1) أبوداود (5‍‍‍‍) وصححه الألباني (8‍‍‍‍).

(1/46)


28‍-*(عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ J فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ.إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ... الحديث وَفِيهِ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنَّا. قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ(1) يَقُولُ، بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، قَالَ فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ J بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا . فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ(2) قِبَلِي، وَأَوْفَى الجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي. فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ. وَالله ِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ. وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ(3) رَسُولَ اللهِ J يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ: لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ. حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ J جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، قَالَ فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا
__________
(1) أوفى على سلع: أي صعده وارتفع عليه . وسلع جبل بالمدينة معروف .
(2) ساعٍ من أسلم: أي من قبيلة أسلم.
(3) أتأَمم رسول الله
J: أي أقصد إليه.

(1/47)


لِطَلْحَةَ . قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ J قَالَ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ وَيَقُولُ: [أَبْشِرْ بِخَيرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ ] قَالَ فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ فَقَالَ [ لاَ . بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ] وَكَانَ رَسُولُ اللهِ J إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ. قَالَ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ)*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح7‍(8‍‍‍‍) ومسلم (9‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/48)


29‍-*( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ J مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ،فَتَوَلاَّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِه وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيه ِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ(1) مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ يَعْنِي عُروقَ حَلْقِهِ ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ،مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً،فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ... الحديث)*(2).
__________
(1) تور من ذهب: إناء كبير من ذهب.
(2) البخاري ـ الفتح3‍‍(7‍‍‍‍)واللفظ له.ومسلم (4‍‍‍).

(1/49)


30‍*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ:[ مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلاَّ بُشِّرَ] قِيلَ: يَارَسُولَ اللهِ بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ:[ نَعَمْ ])*(1).
31‍-*( عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ: [ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ . قَالَ: [لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ،فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ وَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ،وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حَضَرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ،فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ . فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ])*(2).
__________
(1) قال الحافظ الدمياطي: رواه الطبراني بإسناد جيد .انظر المتجر الرابح ( ص 8‍‍‍)، وراجع الصحيحة (1‍‍‍‍).
(2) البخاري ـ الفتح1‍‍(7‍‍‍‍)واللفظ له.ومسلم(3‍‍‍‍).

(1/50)


32‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ:[ الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ . فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا، قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا، حَتَّى تَخْرُجَ . ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ . فَيُفْتَحُ لَهَا . فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ فُلاَنٌ . فَيُقَالُ:مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ. ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السَّوءُ قَالَ:اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ . فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حتَّى تَخْرُجَ،ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَلاَ يُفْتَحُ لَهَا.فَيُقَالُ:مَنْ هَذَا؟فَيُقَالُ: فُلاَنٌ . فَيُقَالُ: لاَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِكَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ. ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا لاَ تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَيُرْسَلُ بِها مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ])*(1).
__________
(1) النسائي (4‍/8‍). وابن ماجة(2‍‍‍‍) واللفظ له. وصححه الألباني . صحيح سنن الترمذي (7‍‍‍‍).

(1/51)


33‍ـ*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ J قَالَ:[ يَجْمَعُ اللهَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَطْلُعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ: أَلاَ يَتْبَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيُمَثَّلُ لِصَاحِبِ الصَّلِيبِ صَلِيبُهُ، وَلِصَاحِبِ التَّصَاوِيرِ تَصَاوِيرُهُ، وَلِصَاحِبِ النَّارِ نَارُهُ،فَيَتْبَعُونَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ فَيَطْلُعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: أَلاَ تَتَّبِعُونَ النَّاسَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ باللهِ مِنْكَ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، اللهُ رَبُّنَا، وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا وَهُوَ يَأْمُرُهُم وَيُثَبِّتُهُمْ، ثُمَّ يَتَوَارَى ثُمَّ يَطْلُعُ فَيَقُولُ: أَلاَ تَتَّبِعُونَ النَّاسَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، نَعُوذُ باللهِ مِنْكَ اللهُ رَبُّنَا، وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا وَهُوَ يَأْمُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، قَالُوا: وَهَلْ نَرَاهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:[وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ؟] قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:[ فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ، ثُمَّ يَتَوَارَى ثُمَّ يَطْلُعُ فَيُعَرِّفُهُمْ نَفْسَهُ، ثُمَّ يَقُولُ:أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّبِعُونِي فَيَقُومُ المُسْلِمُونَ، وَيُوضَعُ الصِّرَاطُ،فَيمُرُّونَ عَلَيْهِ مِثلَ جِيَادِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ(1) وَقَوْلُهُمْ عَلَيْهِ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَيَبْقَى أَهْلُ النَّارِ فَيُطْرَحُ مِنْهُمْ فِيهَا فَوْجٌ،ثُمَّ يُقَالُ هَلِ امْتَلأَتِ؟ فَتَقُولُ {هَلْ مِن مَزِيدٍ } ثُمَّ يُطْرَحُ فِيهَا فَوْجٌ، فَيُقَالُ: هَلِ امْتَلأَتِ، فَتَقُولُ {هَلْ مِنْ
__________
(1) الركاب: هي الرواحل من الإبل.

(1/52)


مَزِيدٍ} حَتَّى إِذَا أُوْعِبُوا فِيهَا(1) وَضَعَ الرَّحمَنُ قَدَمَهُ فِيهَا وَأَزْوَى بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ: قَطْ، قَالَتْ: قَطْ قَطْ(2). فَإِذَا أَدْخَلَ اللهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ، قَالَ: أُتِيَ بِالْمَوْتِ مُلَبَّيًا، فَيُوقَفُ عَلَى السُّورِ الَّذِي بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ: فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ يَرْجُونَ الشَّفَاعَةَ، فَيُقَالُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ ( هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ): قَدْ عَرَفْنَاهُ، هُوَ الْمَوْتُ الَّذِي وُكِّلَ بِنَا، فَيُضْجَعُ فَيُذْبَحُ ذَبْحًا عَلَى السُّورِ الَّذِي بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ،وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ])*(3).
__________
(1) حتى إذا أوعبوا فيها: حتى جاءوا جميعًا ولم يتخلف منهم أحد.النهاية جـ 5‍ص 6‍‍‍.
(2) قَطْ: بمعنى حسب أو كفى.
(3) البخاري - الفتح 8‍(0‍‍‍‍). ومسلم (9‍‍‍‍). والترمذي (4‍/7‍‍‍‍) واللفظ له . وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(1/53)


34‍-*(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ يَقُولُ الله ُ يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، قَالَ يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا،وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: [أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ.ثُمَّ قَالَ:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،إِنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ.قَالَ: فَحَمِدْنَا اللهَ وَكَبَّرْنَا.ثُمَّ قَالَ:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ،أَوْ كَالرُّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ(1)])*(2).
الأحاديث الواردة في "البشارة" معنَىً
__________
(1) الرقمة: الرقمة في الأصل هي النقش على القماش، وهي هنا: الهَنةَ القاتمة في ذراع الدابة من داخل، وهما رقمتان في ذراعيها.النهاية جـ 2‍ص 4‍‍‍.
(2) البخاري ـ الفتح 1‍‍(0‍‍‍‍). ومسلم (2‍‍‍).

(1/54)


35‍-*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ J يَوْمًا بِلَحْمٍ . فَرُفِعَ إِلَيهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ . فَنَهَسَ(1) مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ:[ أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... الْحَدِيث وَفِيهِ: ثُمَّ يُقَالُ: يَامُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ . اشْفَعْ تُشَفَّعْ . فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي، أُمَّتِي. فَيُقَالُ: يَامُحَمَّدُ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِن أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْه مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ. وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ(2) فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ(3) لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ(4) أَوْ كَمَا بيَنْ مَكَّةَ وَبُصْرَى(5)])*(6).
36‍-*(عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى رَسُولَ اللهِ
J فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ:[ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي ])*(7).
__________
(1) فنهس: أي أخذ بأطراف أسنانه .
(2) شركاء الناس: يعني أنهم لا يمنعون من سائر الأبواب .
(3) إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة: المصراعان جانبًا الباب .
(4) هجر: هجر مدينة عظيمة هي قاعدة بلاد البحرين .
(5) وبصرى: بصرى مدينة معروفة بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل .
(6) البخاري ـ الفتح 8‍(2‍‍‍‍). ومسلم (4‍‍‍) واللفظ له.
(7) البخاري ـ الفتح 8‍(7‍‍‍‍). ومسلم (3‍‍‍‍).

(1/55)


37‍-*(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ J؛ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ:[ لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ . يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ(1) لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ J .كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ: [أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟] فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ.قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ . فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ Jفِي عَيْنَيْهِ. وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ . حَتَّى كَأَن لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ . فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ . فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ:[ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ(2). حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ . ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ. وَأَخبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ . فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ(3)])*(4).
__________
(1) يدوكون: أي يخوضون ويتحدثون في ذلك .
(2) انفذ على رسلك: أي انفصل وامض سالمًا. النهاية جـ5‍ص 4‍‍.
(3) حمر النعم: هي الإبل الحمر . وهي أنفس أموال العرب. يضربون بها المثل في نفاسة الشي ء وأنه ليس هناك أعظم منه
(4) البخاري الفتح 7‍(1‍‍‍‍). ومسلم (6‍‍‍‍).

(1/56)


38‍-*( عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ J حَدَّثَهُ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: [بَيْنَمَا أنَا فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ ـ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ ـ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ]...الحديث. وفيه:[ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلاَةُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَومٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ،وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجِةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسَأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ . فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ . فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ . فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ. فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ . قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنَّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ. فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ.قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ].قَالَ:[فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ . أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ

(1/57)


عِبَادِي])*(1) .
39‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ
J؛ قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ:[ يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ(2) نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ؟].قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّصَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ )*(3).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 7‍(7‍‍‍‍) واللفظ له.ومسلم (4‍‍‍).
(2) الدَّفُّ: الحركة الخفيفة والسير اللين.
(3) البخاري ـ الفتح 3‍(9‍‍‍‍).

(1/58)


40‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ Jقَالَ:[ إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ . فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ، غَيْرَ فَزِعٍ وَلاَ مَشْعُوفٍ(1). ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ(2)؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الإِسْلاَمِ. فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ J جَاءَنَا بِالبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ. فَيُقَاُل لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبِغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ . فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا(3). فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ . ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ. فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا.فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ . وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مُتَّ. وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ(4) وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السَّوءُ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا . فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي . فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُهُ. فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ. فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا . فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُعَنْكَ. ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ . فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا . يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا. فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ . وَعَلَيْهِ مُتَّ . وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ])*(5)
__________
(1) مشعوف: الشعف شدة الفزع والخوف حتى يذهب بالقلب.
(2) فيم كنت: أي في أي دين.
(3) يحطم بعضها بعضًا: أي تَضْطرب وتُمُوج ويكسرُ بعضها بعضًا.
(4) إن شاء الله: للتبرك لا للشك .
(5) ابن ماجة 2‍(8‍‍‍‍) وصححه الألباني، صحيح ابن ماجة(3‍‍‍‍).

(1/59)


.
41‍-*(عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ . وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا . رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا . فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ. فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ . لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ . وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ . فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً . فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لاَ أَرَاهَا هَاهُنَا] فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ Jضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ )*(1).
__________
(1) مسلم (0‍‍‍).

(1/60)


42‍-*( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ J بُسَيْسَةَ عَيْنًا(1)يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ(2). فَجَاءَ وَمَا فِي البَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ J. ( قَالَ: لاَ أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ) قَالَ: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ J فَتَكَلَّمَ . فَقَالَ: [ إِنَّ لَنَا طَلِبَةً(3) فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ(4) حَاضِرًا فَلْيرْكَبْ مَعَنَا ] فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ (5) فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ . فَقَالَ:[ لاَ إِلاَّ مَنْ كَان َ ظَهْرُهُ حَاضِرًا ] فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ J وَأَصْحَابُهُ.حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ لاَ يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ(6) ] فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ] قَالَ: يَقُولُ عُمَيرُ ابْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ؟.قَالَ:[ نَعَمْ ]. قَالَ: بَخٍْ بَخٍْ(7). فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍْ بَخٍْ]. قَالَ: لاَ . وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ(8)
__________
(1) عينًا: أي متجسسًا ورقيبًا، وبُسَيْسَة اسم رجل من الصحابة.
(2) عير أبي سفيان: هي الدواب التي تحمل الطعام وغيره .
(3) طلبة: أي شيئًا نطلبه .
(4) ظهره: الظهر: الدواب التي تركب .
(5) ظهرانهم: أي مركوباتهم
(6) حتى أكون أنا دونه: أي قدامه متقدمًا في ذلك الشيء .
(7) بخ بخ: كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير، وفيها لغتان: سكون الخاء وكسرها منونًا.
(8) إلا رجاءة: أي والله ما فعلته لشي ء إلا رجاء أن أكون من أهلها.

(1/61)


أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ:[ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا] فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ(1). فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ. ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ)*(2).
43‍- *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ
J: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ،وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ،وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ،وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرَّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاَءِ أُمَّتِي؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنِ انْظُْرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ،قَالَ: هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ،قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانُوا لاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ(3)، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ:ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: [اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ]. ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ. فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: [سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ])*(4).
__________
(1) قَرَنِهِ: جعبة النشاب.
(2) مسلم (1‍‍‍‍).
(3) لا يكتوون ولا يَسْتَرْقون ولا يتطيرون: وصف للسبعين ألفًا بأنهم تَامُّو التوكل على الله فلا يسألون غيرهم أن يكويهم أو يَرْقِيَهُم ولا يَتَشَاءمون من شيء.
(4) البخاري - الفتح 1‍‍(1‍‍‍‍). ومسلم (6‍‍‍).

(1/62)


44‍-*( عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ. قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي حَلْقَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ . قَالَ وَفِيهَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ . وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ . قَالَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا حَسَنًا . قَالَ فَلَمَّا قَامَ قَالَ القَوْمُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. قَالَ فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَتَّبِعَنَّهُ فَلأَعْلَمَنَّ مَكَانَ بَيْتِهِ. قَالَ فَتَبِعْتُهُ . فَانْطَلَق حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ.قَالَ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي. فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ بْنَ أَخِي؟ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ يَقُولُونَ لَكَ لَمَّا قُمْتَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْينْظُرْ إِلَى هَذَا. فَأَعْجَبَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ.قَالَ: اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ. وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّ قَالُوا ذَاكَ؟إِنِّي بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي:قُمْ .فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ . قَالَ فَإِذَا بِجَوَادَّ عَنْ شِمَالِي.قَالَ فَأَخَذْتُ لآخُذَ فِيهَا، فَقَالَ لِي: لاَ تَأْخُذْ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ.قَالَ فَإِذَا جَوَادُّ مَنْهَجٌ(1) عَلَى يَمِينِي، فَقَالَ ليِ:خُذْ هَاهُنَا، فَأَتَى بِي جَبَلاً، فَقَالَ لِي: اصْعَدْ . قَالَ: فَجَعَلْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَصْعَدَ خَرَرْْتُ عَلَى اسْتِي .قَالَ: حَتَّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِرَارًا . قَالَ:ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَى بِي عَمُودًا، رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ
__________
(1) جَوَادُّ منهج: الجوادُّ جمع جَادَّة وهي الطرق المسلوكة، أما الْمَنْهَجُ فالمراد به الطريق وكأنه تفسير للجوادّ، وقد جاء لفظ الطريق في رواية النسائي.

(1/63)


وَأَسْفَلُه ُ فِي الأَرْضِ، فِي أَعْلاَهُ حَلْقَةٌ فَقَالَ لِي: اصْعَدْ فَوْقَ هَذَا . قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْعَدُ هَذَا؟ وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاء. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي(1). قَالَ: فَإِذَا أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالحَلْقَةِ. قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ العَمُودَ فَخَرَّ . قَالَ:وَبَقِيتُ مُتَعَلِّقًا بِالْحَلْقَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ . قَال َ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ J فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ:[ أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَسَارِكَ فَهِيَ طُرقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ . قَالَ وَأَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَمِينِكَ فَهِي طُرُقُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ؛ وَأَمَّا الجَبَلُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ، وَلَنْ تَنَالَهُ؛ َأَمَّا العَمُودُ فَهُوَ عَمُودُ الإسْلاَمِ؛ وَأَمَّا العُرْوَةُ فَهِي عُرْوَةُ الإسْلاَمِ وَلَنْ تَزَالَ مُتَمَسِّكًا بِهَا حَتَّى تَمُوتَ])*(2).
45‍-*( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }(المائدة/3‍‍) قَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ
J: [أَنْتَ مِنْهُمْ])*(3).
__________
(1) فزجل بي: أي رَفَعَني.
(2) البخاري-الفتح2‍‍(0‍‍‍‍). ومسلم (4‍‍‍‍)واللفظ له.
(3) الترمذي(3‍‍‍‍) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(1/64)


46‍ـ*( عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ J بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ فَقَالَ: [ يَا بِلاَلُ أَنْصِتْ لِيَ النَّاسَ ] فَقَامَ بِلاَلٌ، فَقَالَ: أَنْصِتُوا لِرَسُولِ اللهِ J فَنَصَتَ النَّاسُ. فَقَالَ: [ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ أَتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّي السَّلاَمَ وَقَالَ: إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ غَفَرَ لأَهْلِ عَرَفَاتٍ وَأَهْلِ الْمَشْعَرِ الحَرَامِ وَضَمِنَ عَنْهُمْ التَّبِعَاتِ(1)] فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا لَنَا خَاصَّةً؟ قَالَ:[هَذَا لَكُمْ وَلِمَنْ أَتَى بَعْدَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ]. فَقَالَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ: كَثُرَ خَيْرُ اللهِ وَطَابَ)*(2).
المثل التطبيقي من حياة النبي
J في "البشارة"
47‍ـ * ( عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا(3)، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلى رَبِّي وَلاَ فَخْرَ])*(4).
__________
(1) أي حمل عنهم المظالم التي بينهم .
(2) قال الحافظ الدمياطي: رواه ابن المبارك بإسناد جيد ورواته ثقات أثبات. انظر المتجر الرابح ص 1‍‍‍.
(3) أَيِسَ مقلوب يَئِسَ من اليأس بمعنى القنوط.
(4) الترمذي(3610‍) وقال:حديث حسن غريب.وقال محقق جامع الأصول(8‍/528‍):تحديث حسن وله شواهد يتقوى بها.

(1/65)


48‍ـ*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ J مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ Jمِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ J حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ لِبَني النَّجَّارِ فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرِ خَارِجَةَ (وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ (1). فَاحْتَفَزْتُ(8‍) كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ J فَقَالَ: [أَبُوهُرَيْرَةَ ؟] فَقُلْتُ: نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ. قَالَ:[ مَا شَأْنُكَ.قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا فَفَزِعْنَا فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ فَاحْتَفَزْتُ(2) كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ وَهَؤُلاَء ِالنَّاسُ وَرَائِي فَقَالَ: [ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ] (وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ) قَالَ: [ اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاِء هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ]... الحديث)*(3).
__________
(1) الجدول: النهر الصغير.
(2) احتفزت: تضاممت ليسعني المدخل
(3) مسلم (1‍‍) وللحديث بقية.

(1/66)


49‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J قَالَ: [مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ كَانَ مِن أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ . مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ(1) فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ:[ نَعَمْ. وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ])*(2).
50‍ـ*( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: أَنَّ النَّبِيَّ
J افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ . كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ J فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّJ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ])*(3).
__________
(1) من ضرورة: أي من ضرر.
(2) البخاري ـ الفتح4‍(7‍‍‍‍). ومسلم (7‍‍‍‍)واللفظ له.
(3) البخاري ـ الفتح 8‍(6‍‍‍‍) واللفظ له. ومسلم(9‍‍‍).

(1/67)


51‍-*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ J خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ J فَقَالَ:[مَاذَا عِنْدَكَ يَاثُمَامَةُ؟]. فَقَالَ:عِنْدِي يَامُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ J حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: [مَا عِنْدَكَ يَاثُمَامَةُ] قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ J حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ:[ مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟] فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ:إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ]، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَامُحَمَّدُ وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ

(1/68)


الْبِلاَدِ كُلِّهَا إِلَيَّ،وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ [فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ J وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ]، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ (1)؟ فَقَالَ: لاَ وَلَكنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ J، وَلاَ وَاللهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ J)*(2).
من الآثار الواردة في "البشارة"
1‍-* ( قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ:(3)
أَحْمَدُ اللهَ ذَا الجَلاَلِ وَذَا الإكْ ……رَامِ حَمْدًا عَلَى الأَذَانِ كَثِيرَا
إِذْ أَتَانِي بِهِ البَشِيرُ مِنَ اللهِ ……فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرَا
فِي لِيَالٍ وَالَى بِهِنَّ ثَلاَثٍ……كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرَا)*.
2‍-*( قَالَ الرَّافَعِيُّ:(4)
إِذَا أَمْسَى فِرَاشِي مِنْ تُرَابٍ……وَصِرْتُ مُجَاوِرَ الرَّبِ الرَّحِيمِ
فَهَنُّونِي أَحِبَّائِي وَقُولُوا…… لَكَ البُشْرَى قَدِمْتَ عَلَى كَرِيمِ).
من فوائد "البشارة"
(1‍) حُصُولُ الْفَرَج بَعْدَ الشِّدَّةِ .
(2‍) انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَسَعَادَةُ الْقَلْبِ .
(3‍) دَلِيلُ كَمَا لِ الإِيمَانِ وَحُسْنِ الإِسْلاَمِ .
(4‍) سَبَبٌ لاسْتِقْرَارِ النَّفْسِ وَرَاحَةِ الْبَالِ .
(5‍) دَلِيلُ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ .
(6‍) حُبُّ المُبَشِّرِ لِمَنْ يُبَشِّرُهُ وَاسْتِئْنَاسُهُ بِهِ .
(7‍) الْبِشَارَةُ تَجْلِبُ الطُّمَأْنِينَةَ وَسُكُونَ النَّفْسِ وتَرْفَعُ الرُّوحَ الْمَعْنَوِيَّةَ .
(8‍) تَعُودُ الْبِشَارَةُ بِالنَّفْعِ الْعَاجِلِ لِلْمُبَشِّرِ كَمَا فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ .
__________
(1) أي رجعت عن دين آبائك وأجدادك .
(2) مسلم (4‍‍‍‍).
(3) ابن ماجة (1‍/3‍‍‍).
(4) دليل الفالحين لابن علان (2‍/1‍‍‍).

كتاب التذكر
التذكر لغةً:
مَصْدَرُ تَذَكَّرَ عَلَى وَزْنِ تَفَعَّلَ وَهَذَا الوَزْنُ يُفِيدُ التَّدَرُّجَ وَالارْتِقَاءَ شَيْئًا فَشَيْئًا، يَقُولُ الْجَوْهَرِيُّ: وَذَكَرْتُ الشَّيْءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَذَكَرْتُهُ بِلِسَانِي وَبِقَلْبِي، وتَذَكَّرْتُهُ وَأَذْكَرْتُهُ غَيْرِي وَذَكَّرْتُهُ بِمَعْنًى (وَاحِدٍ) قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} (يوسف/5
‍‍) أَيْ ذَكَرَهُ بَعْدَ نِسْيَانٍ وَأَصْلُهُ اذْتَكَرَ فَأُدْغَمَ، وَالتَّذْكِرَةُ مَاتَسْتَذْكِرُ بِهِ الحَاجَةَ(1)... وَنُقِلَ في اللِّسَانِ عَنِ الْفَرَّاءِ قَوْلُهُ: يَكُونُ الذِّكْرَى بِمَعْنَى الذِّكْرِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّذَكُّرِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ} (الذاريات/5‍‍)، وَالذِّكْرُ وَالذِّكْرَى، بالكَسْرِ: نَقِيضُ النِّسْيَانِ، وَكَذَلِكَ الذُّكْرَةُ(2).
واصطلاحًا:
قَاَل ابْنُ القَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي مَنْزِلَةِ التَّذَكُّرِ: وَالتَّذَكُّرُ تَفَعُّلَ مِنَ الذِّكْرِ، وَهُوَ ضِدُّ النِّسْيَانِ، وَهُوَ حُضُورُ صُورَةِ الْمَذْكُورِ الْعِلْمِيَّةِ فِي القَلْبِ، وَاخْتِيرَ لَهُ بِنَاءُ التَّفَعُّلِ لِحُصُولِهِ بَعْدَ مُهْلَةٍ وَتَدَرُّجٍ، كَالتَّبَصُّرِ وَالتَّفَهُّمِ وَالتَّعَلُّمِ.
العلاقة بين التذكر والتفكر:
__________
(1) الصحاح (2
/5‍‍‍).
(2) لسان العرب(4
/8‍‍‍‍‍‍)، المصباح المنير (1/3‍‍‍).

(1/1)


قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: فَمَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ مِنَ التَّفَكُّرِ مَنْزِلَةُ حُصُولِ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ آيَاتُ اللهِ ـ الْمَتْلُوَّةُ وَالْمَشْهُودَةُ ذِكْرَى، كَمَا قَالَ فِي الْمَتْلُوَّةِ {وَلَقَدْ أَتَيْنَا مُوسَى الهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ} (غافر/53- 54) وَقَالَ عَنِ الْقُرْآنِ: { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (الحاقة/84)، وَقَالَ فِي آيَاتِهِ الْمَشْهُودَةِ: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}(ق/6- 8).
فَالتَّبْصِرَةُ آلَةُ الْبَصَرِ، وَالتَّذْكِرَةُ آلَةُ الذِّكْرِ، وَقَرَنَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهُمَا لأَهْلِ الإِنَابَةِ؛ لأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَنَابَ إِلَى اللهِ أَبْصَرَ مَوَاقِعَ الآيَاتِ وَالْعِبَرِ، فَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى مَا هِيَ آيَاتٌ لَهُ. فَزَالَ عَنْهُ الإِعْرَاضُ بِالإِنَابَةِ، وَالعَمَى بِالتَّبْصِرَةِ، وَالْغَفْلَةُ بِالتَّذْكِرَةِ؛ لأَنَّ التَّبْصِرَةَ تُوجِبُ لَهُ حُصُولَ صُورَةِ الْمَدْلُولِ فِي الْقَلْبِ بَعْدَ غَفْلَتِهِ عَنْهَا . فَتَرْتِيبُ الْمَنَازِلِ الثَّلاَثَةِ أَحْسَنُ تَرْتَيبٍ، ثُمَّ إِنَّ كُلاًّ مِنْهَا يَمُدُّ صَاحِبَهُ وَيُقَوِّيهِ وَيُثْمِرُهُ.

(1/2)


وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَاتِهِ الْمَشْهُودَةِ: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي البِلاَدِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ(1) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } (ق/6‍‍ـ7‍‍).
وَالنَّاسُ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ قَلْبُهُ مَيِّتٌ، فَذَلِكَ الَّذِي لاَ قَلْبَ لَهُ، فَهَذَا لَيْسَتِ الآيَةُ ذِكْرَى فِي حَقِّهِ.
الثَّانِي: رَجُلٌ لَهُ قَلْبٌ حَيٌّ مُسْتَعِدٌّ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَمِعٍ للآيَاتِ الْمَتْلُوَّةِ، الَّتِي يُخْبِرُ بِهَا اللهُ عَنِ الآيَاتِ الْمَشْهُودَةِ، إِمَّا لِعَدَمِ وُرُودِهَا، أَوْ لِوُصُولِهَا إِلَيْهِ، وَلَكِنَّ قَلْبَهُ مَشْغُولٌ عَنْهَا بِغَيْرِهَا، فَهُوَ غَائِبُ الْقَلْبِ لَيْسَ حَاضِرًا، فَهَذَا أَيْضًا لاَ تَحْصُلُ لَهُ الذِّكْرَى، مَعَ اسْتِعْدَادِهِ وَوُجُودِ قَلْبِهِ.
وَالثَّالِثُ: رَجُلٌ حَيُّ القَلْبِ مُسْتَعِدٌّ، تُلِيَتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ، فَأَصْغَى بِسَمْعِهِ،وَأَلْقَى السَّمْعَ وَأَحْضَرَ قَلْبَهُ،وَلَمْ يُشْغِلْهُ بِغَيرِ فَهْمِ مَا يَسْمَعُهُ، فَهُوَ شَاهِدُ الْقَلْبِ، مُلْقِي السَّمْعَ، فَهَذَا القِسْمُ هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بالآيَاتِ الْمَتْلُوَّةِ وَالْمَشْهُودَةِ.
فَالأَوَّلُ: بِمَنْزِلَةِ الأَعْمَى الَّذِي لاَ يُبْصِرُ.
وَالثَّانِي: بِمَنْزِلَةِ الْبَصِيرِ الطَّامِحِ بِبَصَرِهِ إِلَى غَيْرِ جهةِ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ، فَكِلاَهُمَا لاَ يَرَاهُ.
والثَّالِثُ: بِمَنْزِلَةِ البَصِيرِ الَّذِي قَدْ حَدَّقَ إِلَى جِهَةِ الْمَنْظُورِ، وَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ، وَقَابَلَهُ عَلَى تَوَسُّطٍ مِنَ البُعْدِ والقُرْبِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَرَاهُ.
__________
(1) محيص: أي مَحيدٌ ومهرب. انظر تفسير الطبري (17
/23).

(1/3)


فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ كَلاَمَه شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ. فَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ لَهُ قَلْبٌ وَقَّادٌ، مَلِيءٌ بِاسْتِخْرَاجِ العِبَرِ، وَاسْتِنْبَاطِ الحِكَمِ، فَهَذَا قَلْبُهُ يُوقِعُهُ عَلَى التَّذَكُّرِ وَالاعْتِبَارِ، فَإِذَا سَمِعَ الآيَاتِ كَانَتْ لَهُ نُورًا عَلَى نُورٍ . وَهَؤُلاَءِ أَكْمَلُ خَلْقِ اللهِ . وَأَعْظَمُهُمْ إِيمَانًا وَبَصِيرَةً، حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ مُشَاهَدٌ لَهُمْ.
فَصَاحِبُ هَذَا الْقَلْبِ إِذَا سَمِعَ الآيَاتِ وَفِي قَلْبِهِ نُورٌ مِنَ الْبَصِيرَةِ ازْدَادَ بِهَا نُورًا إِلَى نُورِهِ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مِثْلُ هَذَا القَلْبِ فَأَلْقَى السَّمْعَ وشَهِدَ قَلْبُهُ وَلَمْ يَغِبْ حَصَلَ لَهُ التَّذَكُّرُ أَيْضًا(1).
التذكر في القرآن الكريم:
__________
(1) مدارج السالكين (1
/4‍‍‍‍‍‍) باختصار.

(1/4)


وَرَدَ التَّذَكُّرُ وَالذِّكْرَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ اقْتَرَنَ بَعْضُهَا بِالاسْتِفْهَامِ الإِنْكَارِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ }(الأنعام/0‍‍، والسجدة/4) وَاقْتَرَنَ بَعْضُهَا بِلَفْظِ [لَعَلَّ] الَّتِي تُفِيدُ الحَثَّ عَلَى التَّذَكُرِ بِبَيَانِ الأَسْبَابِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ، وَجَاءَتْ آيَاتٌ أُخْرَى تَمْدَحُ الْمُتَذَكِّرِينَ وَتَجْعَلُ الذِّكْرَى مِنْ صِفَاتِ أُولِي الأَلْبَابِ، وَقَدْ سَجَّلَتْ آيَاتٌ أُخْرَى عَلَى الإِنْسَانِ قِلَّةَ تَذَكُّرِهِ أَوْ عَدَمَ تَذَكُّرِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّاعِي لِذَلِكَ مِنْ تِلاَوَةِ آيِ الْقُرْآنِ أَوْ جَعْلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ خِلْفَةً أَوْ إِطَالَةِ الْعُمُرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَسَنَقُومُ فِيمَا يَلِي بِتَصْنِيفِ الآيَاتِ الْكَرِيمَةِ الوَارِدَةِ فِي التَّذَكُّرِ تَبَعًا لِسِيَاقَاتِهَا الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا.
[للاستزادة:انظر صفات: الاعتبار ـ التأمل ـ التفكر ـ تذكر الموت ـ التذكير .
وفي ضد ذلك انظر صفات: الإعراض ـ اتباع الهوى ـ التفريط والإفراط ـ الغفلة ـ طول الأمل].
الآيات الواردة في"التذكر"
التذكر مقترنًا بالاستفهام الإنكاري(يُراد به التعجُّب":
{ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ(80)}(1)
{ إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(3)}(2)
__________
(1) الأنعام :80 مكية.
(2) يونس : 3 مكية.

(1/5)


{ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(24)}(1)
{ وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(30)}(2)
{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(17)}(3)
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا(41)}(4)
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا(41) قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(84)سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(85)}(5)
{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ(4)}(6)
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ(36)وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ(37)}(7)
{ أَلاَ إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ(151)وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(152)أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ(153)مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(154)أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(155)}(8)
__________
(1) هود : 24 مكية.
(2) هود : 30 مكية.
(3) النحل : 17 مكية.
(4) الإسراء :41 مكية.
(5) المؤمنون :84- 85 مكية.
(6) السجدة:4 مدنية.
(7) فاطر : 36 - 37 مكية.
(8) الصافات: 151 - 155 مكية.

(1/6)


{ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(23)}(1)
القرآن يحثنا على التذكر ويمتدح المتذكرين :
{ وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلاَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(221)}(2)
{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(269)}(3)
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(7)}(4)
{ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ(126)(5)
__________
(1) الجاثية :23 مكية.
(2) البقرة : 221 مدنية.
(3) البقرة: 269 مدنية.
(4) آل عمران : 7 مدنية.
(5) الأنعام : 126 مكية.

(1/7)


{ وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(152)}(1)
{ يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26)}(2)
{ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57)}(3)
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(201)}(4)
{ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ(24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(25)}(5)
{ هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(52)}(6)
__________
(1) الأنعام : 152 مكية.
(2) الأعراف :26 مكية.
(3) الأعراف : 57 مكية.
(4) الأعراف :201 مكية.
(5) إبراهيم : 24 - 25 مكية.
(6) إبراهيم : 52 مكية.

(1/8)


{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(90)}(1)
{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43)فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)}(2)
{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(1)}(3)
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27)}(4)
{ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا(48)لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا(49)وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا(50)}(5)
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا(62)}(6)
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(43)}(7)
{ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(46)}(8)
__________
(1) النحل: 90 مكية.
(2) طه: 43 - 44 مكية.
(3) النور : 1 مدنية.
(4) النور : 27 مدنية.
(5) الفرقان :48 - 50 مكية.
(6) الفرقان :62 مكية.
(7) القصص : 43 مكية.
(8) القصص: 46 مكية.

(1/9)


{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51)}(1)
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(29)}(2)
{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(9)}(3)
{ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(27)}(4)
{ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ(13)}(5)
{ وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ(58)}(6)
{ أَنَّى لَهُمْ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ(13)}(7)
{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(58)}(8)
{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47)وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ(48)وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(49)}(9)
{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ(62)}(10)
{ عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)}(11)
__________
(1) القصص:51 مكية.
(2) ص : 29 مكية.
(3) الزمر : 9 مكية.
(4) الزمر: 27 مكية.
(5) غافر : 13 مكية.
(6) غافر :58 مكية.
(7) الدخان : 13 مكية.
(8) الدخانم :58 مكية.
(9) الذاريات :47 -49 مكية.
(10) الواقعة: 62 مكية.
(11) عبس: 1- 4 مكية.

(1/10)


{ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى(9)سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى(10)وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى(11)}(1)
القرآن يصف الإنسان بقلة التذكر:
{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(3)}(2)
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(62)}(3)
{ وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ(58)}(4)
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38)وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ(39)إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40)وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ(41)وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(42)}(5)
تذكر الإنسان يوم القيامة:
{ فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى(34)يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى(35)}(6)
{ كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا(21)وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(22)وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى(23)}(7)
الأحاديث الواردة في "التذكر"
__________
(1) الأعلى :9-11 مكية.
(2) الأعراف : 3 مكية.
(3) النمل:62 مكية.
(4) غافر: 58 مكية.
(5) الحاقة:38- 42 مكية.
(6) النازعات:34 - 35 مكية.
(7) الفجر :21 - 23 مكية.

(1/11)


1- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ J قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: [اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالمَوْتِ])*(1).
2
ـ*( عَنْ حُذَيْفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J: [أَنَّ رَجُلاً مَاتَ فَدَخَلَ الجَنَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْمَلُ؟ (قَالَ: فَإِمَّا ذَكَرَ وإمَّا ذُكِّرَ ) فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَكُنْتُ أُنْظِرُ المُعْسِرَ وَأَتَجَوَّزُ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي النَّقْدِ . فَغُفِرَ لَهُ] فَقَالَ أبَوُ مَسْعُودٍ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ J)*(2).
__________
(1) مسلم (6
‍‍‍) .
(2) مسلم (1560) .

(1/12)


3- *(عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا:يَارَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: [هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟] قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: [ فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟]، قَالُوا لاَ، قَالَ: [فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُول: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهُمُ اللهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهُمُ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ . فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوكِ السَّعْدَانِ(1)، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ ؟]، قَالُوا : نَعَمْ، قَالَ: [فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ(2) بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ(3)
__________
(1) السعدان: نبت ذو شوك، من مراعي الإبل الجيدة.
(2) يوبق: أوبقته الذنوب: أي أهلكته.
(3) يخردل: المخردل: المرمي المصروع، وقيل: هو المقطع، والمعنى أنه تقطعه كلاليب الصراط، حتى يقع في النار.

(1/13)


ثُمَّ يَنْجُو . حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللهُ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ،فَيُخْرِجُوهُمْ، وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدْ امْتُحِشُوا(1)، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ(2) فِي حَمِيلِ السَّيْلِ(3). ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ،وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ـ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الجَنَّةَ ـ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فَيَقُولُ:يَا رَبُّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي(4) رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا(5). فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ . فَيُعْطِي اللهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا،سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ: يَارَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ،فَيَقُولُ اللهُ لَهُ:أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَن لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ
__________
(1) امتحشوا: الامتحاش: الاحتراق، وقيل: هو أن تذهب النار الجلد وتبدي العظم.
(2) الحبة: بكسر الحاء: البزورات، وبفتحها: كالحنطة والشعير
(3) حميل السيل: الزبد وما يلقيه على شاطئه، وهو فعيل بمعنى مفعول.
(4) قشبني ريحها: آذاني، والقشب السم، والقشيب: المسموم، فكأنه قال: قد سمني ريحها.
(5) ذكاؤها: ذكا النار: مفتوح الأول مقصورًا: اشتعالها ولهبها.

(1/14)


الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ:فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَن لاَ تَسْأَلَ غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لاَ، وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ . فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا فَرَأَى زَهْرَتَهَا(1) وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ أَن يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَارَبِّ، أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ! أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ أَن لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَ ـ مِنْهُ،ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ،فَيَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى . حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: مِنْ كَذَا وَكَذَا ـ أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ ـ حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قَالَ اللهُ تَعَالَى[ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ]، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لأَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ J قَالَ: [قَالَ اللهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ]، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِن رَسُولِ اللهِ J إِلاَّ قَوْلَهُ: [لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ]، قَالَ أَبُو سَعِيد ٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: [ذَلِكَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِه])*(2).
__________
(1) الزهرة: الحسن والنضارة والبهجة.
(2) البخاري ـ الفتح 2
(6‍‍‍)واللفظ له، مسلم (2‍‍‍).

(1/15)


4- *(عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ J يَقُولُ: [إِنَّهُ كَانَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ أَعْطَاهُ اللهُ مَالاً وَوَلَدًا فَكَانَ لاَ يَدِينُ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دِينًا فَلَبِثَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ عُمْرٌ أَوْ بَقِيَ عُمْرٌ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَن يَبْتَئِرَ(1) عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْرًا، دَعَا بَنِيهِ فَقَالَ أَيُّ أَبٍ تَعْلَمُونِي؟. قَالُوا: خَيْرُهُ(2) يَا أَبَانَا، قَالَ: وَاللهِ لاَ أَدَعُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَالاً هُوَ مِنِّي إِلاَّ أَنَا آخِذُهُ مِنْهُ وَلَتَفْعَلُنَّ بِي مَا آمُرُكُمْ، قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقًا ـ وَرَبّي ـ . فَقَالَ: أَمَّا لا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَأَلْقُونِي فِي النَّارِ حَتَّى إِذَا كُنْتُ حِمَمًا فَدُقُّونِي، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِJ وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ عَلَى فَخْذِهِ [ ثُمَّ أَذْرُونِي فِي الرِّيحِ لَعَلِّي أُضِلُّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ قَالَ: فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ حِينَ مَاتَ فَجِيءَ بِهِ فِي أَحْسَنِ مَا كَانَ قَطُّ فَعُرِضَ عَلَى رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى النَّارِ، قَالَ:خَشْيَتُكَ يَا رَبَّاهُ،قَالَ:إِنِّي أَسْمَعُكَ لَرَاهِبًا فَتِيبَ عَلَيْهِ])*(3).
__________
(1) يبتئر: أي يَدَّخر يقال بأرت الشيء وابتأرته إذا ادخرته . الصحاح (2
/3‍‍‍).
(2) خيره: أي خير أب نعلمه.
(3) أحمد (5
/5) وعند البخاري في حديث أبي سعيد (8‍‍‍‍)، مسلم (7‍‍‍‍)، وهذا لفظ أحمد.

(1/16)


5- *(عَنْ عَبْدِاللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J [بِئْسَمَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُو أَشَدُّ تَفَصِّيًا(1) مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا])*(2).
6
- *(عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الخَيْرِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لاَ، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا المُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنْ المُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللهُ: تَجَوَزُّوا عَنْهُ])*(3).
7
- *(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ J رَجُلاً يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: [رَحِمَهُ اللهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيةً أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا]، وَزَاد عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَائشَةَ [تَهَجَّدَ النَّبِيُّ J فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا])*(4).
__________
(1) تَفَصِّيًا: أصل الفصية الشيء تكون فيه ثم تخرج منه، ومنه يقال: ما كدت أتفصَّى من فلان أي ما كدت أتخلص منه، وتفصَّيتُ من الديون خرجت منها. الصحاح (6
/5‍‍‍‍).
(2) البخاري ـ الفتح 8
(2‍‍‍‍)، مسلم(0‍‍‍).
(3) البخاري ـ الفتح 4
(7‍‍‍‍)، مسلم (0‍‍‍‍) واللفظ له، والدارمي (9‍‍‍‍)وهذا لفظ الدارمي.
(4) البخاري ـ الفتح 5
(5‍‍‍‍)، مسلم(8‍‍‍).

(1/17)


8- *(عن عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ:صَلَّى النَّبِيُّ J ـ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ ـ فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ؟ قَالَ:[وَمَا ذَاكَ؟ ] قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ: [إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِن إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ،أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ،فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ])*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 1
(1‍‍‍)، مسلم(2‍‍‍).

(1/18)


9- *(عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ(1) قَالَ: (وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ J قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ، قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ . قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟، قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ J، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ(2)، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ J، عَافَسْنَا(3) الأَزْوَاجَ والأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ(4). فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَ اللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ J، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ وَمَا ذَاكَ؟]، قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ،حَتَّى كَأَنَّا رَأَيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ والضَّيْعَاتِ ، نَسِينَا كَثِيرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي،وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ
__________
(1) الأسيدي: ضبطوه بوجهين، أصحهما وأشهرهما ضم الهمزة وفتح السين وكسر الياء المشددة، والثاني كذلك إلا أنه بإسكان الياء، ولم يذكر القاضي إلا هذا الثاني . وهو منسوب إلى بني أسيد بطن من بني تميم.
(2) حتى كأنا رأي عين: قال القاضي: ضبطناه رأي العين، بالرفع، أي كأنا بحال من يراها بعينه، قال: ويصح النصب على المصدر، أي نراها رأي العين
(3) عافسنا: قال الهروي وغيره: معناه حاولنا ذلك ومارسناه واشتغلنا به، أي عالجنا معايشنا وحظوظنا.
(4) والضيعات: جمع ضيعة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة.

(1/19)


يَاحَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً] ثَلاَثَ مَرَّاتٍ)*(1).
0
‍‍- *(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ:لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ J، لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ مَتَى هِيَ؟ فَبَدَءُوا بِإِبْرَاهِيمَ، فَسَأَلُوهُ عَنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، فَسَأَلُوا مُوسَى، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، فَرَدُّوا(2) الْحَديثَ إِلَى عِيسَى، فَقَالَ: قَدْ عَهِدَ اللهُ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا، فَلاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللهُ، فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ، قَالَ: فَأَهْبِطُ فَأَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلاَدِهِمْ، فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، لاَ يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلاَّ شَرِبُوهُ، وَلاَ بِشَيْءٍ إِلاَّ أَفْسَدُوهُ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ، فَأَدْعُو اللهَ فَيُمِيتُهُمْ، فَتَخْوَى الأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ، فَأَدْعُو اللهَ، فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلْقِيهِمْ فِي البَحْرِ، ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وتُمَدُّ الأَرْضُ مَدَّ الأَدِيمِ، فَعَهِدَ اللهُ إِلَيَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ، أَنَّ السَّاعَةَ مِنَ النَّاسِ، كَالحَامِل الْمُتِمِّ لاَ يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلاَدَتِهَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا. قَالَ الْعَوَّامُ . فَوَجَدْتُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى ثُمَّ قَرَأَ {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} (الأَنبياء /6‍‍‍‍))*(3)
__________
(1) مسلم (0
‍‍‍‍).
(2) ردَّ: بمعنى صار.
(3) ابن ماجة(1
‍‍‍‍)، وفي الزوائد: هذا إسناده صحيح رجاله ثقات، ومؤثر بن غفارة، ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك (4/8‍‍‍‍‍‍) واللفظ له، وقال: هذا صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

(1/20)


.
1
‍‍- *(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [مَنْ وَلاَّهُ اللهُ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَرَادَ بِهِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ، فَإِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ])*(1).
2
‍‍ـ*(عَنْ بُرَيْدَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرةً])*(2).
__________
(1) الهيثمي في المجمع (5
/0‍‍‍) وقال: رواه أحمد والبزار ورجال البزار رجال الصحيح. والنسائي (7/9‍‍‍).
(2) مسلم (7
‍‍‍)، وأبو داود (5‍‍‍‍) واللفظ له، وقال الألباني صحيح - الأحكام (8‍‍‍).

(1/21)


3‍‍-*(عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ J يَذْكُرُ الرَّقِيمَ فَقَالَ:[ إِنَّ ثَلاَثَةً كَانُوا فِي كَهْفٍ فَوَقَعَ الجَبَلُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ فَأُوصِدَ عَلَيْهِمْ . قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: تَذَاكَرُوا أَيُّكُمْ عَمِلَ حَسَنَةً لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِرَحْمَتِه يَرْحَمُنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً كَانَ لِي أُجَرَاءُ يَعْمَلُونَ فَجَاءَنِي عُمَّالٌ لِي فَاسْتَأْجَرْتُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَنِي رَجُلٌ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَطَ النَّهَارِ فَاسْتَأْجَرْتُهُ بِشَطْرِ أَصْحَابِهِ فَعَمِلَ فِي بَقِيَّةِ نَهَارِهِ كَمَا عَمِلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي نَهَارِه كُلِّهِ فَرَأَيْتُ عَلَيَّ فِي الذِّمَامِ أَنْ لاَ أَنْقُصَهُ مِمَّا اسْتَأْجَرْتُ بِهِ أَصْحَابَهُ لَمَّا جَهِدَ فِي عَمَلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَتُعْطِي هَذَا مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَنِي وَلَمْ يَعْمَلْ إِلاَّ نِصْفَ نَهَارٍ؟،فَقُلْتُ:يَا عَبْدَ اللهِ، لَمْ أَبْخَسْكَ شَيْئًا مِنْ شَرْطِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أَحْكُمُ فِيهِ مَا شِئْتُ، قَالَ فَغَضِبَ وَذَهَبَ وَتَرَكَ أَجْرَهُ،قَالَ:فَوَضَعْتُ حَقَّهُ فِي جَانِبِ البَيْتِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ مَرَّتْ بِي بَعْدَ ذَلِكَ بَقَرٌ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ فَصِيلةً مِنَ الْبَقَرِ فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللهُ، فَمَرَّ بِي بَعْدَ حِينِ شَيْخًا ضَعِيفًا لاَ أَعْرِفُه فَقَالَ: إِنَّ لِي عِنْدَكَ حَقًّا فَذَكَّرَنِيهِ حَتَّى عَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: إِيَّاكَ أَبغِي هَذَا حَقُّكَ فَعَرَضْتُهَا عَلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، لاَ تَسْخَرْ بِي إِن لَمْ تَصَدَّقْ عَلَيَّ فَأَعْطِنِي حَقِّي، قَالَ: وَاللهِ لاَ أَسْخَرُ بِكَ إِنَّهَا لَحَقُّكَ مَا لِي مِنْهَا

(1/22)


شَيْءٌ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا.قَالَ: فَانْصَدَعَ الجَبَلُ حَتَّى رَأَوْا مِنْهُ وَأَبْصَرُوا. قَالَ الآخَرُ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً، كَانَ لِي فَضْلٌ فَأَصَابَتْ النَّاسَ شِدَّةٌ فَجَاءَتْنِي امْرَأَةٌ تَطْلُبُ مِنِّي مَعْرُوفًا، قَالَ: فَقُلْتُ وَاللهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَذَكَّرَتْنِي بِاللهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهَا وَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ فَأَبَتْ عَلَيَّ وَذَهَبَتْ فَذَكَرَتْ لِزَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا: أَعْطِيهِ نَفْسَكِ، وَأَغْنِي عِيَالَكِ، فَرَجَعَتْ إِلَيَّ فَنَاشَدَتْنِي بِاللهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهَا، وَقُلْتُ: وَاللهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَسْلَمَتْ إِلَيَّ نَفْسَهَا فَلَمَّا تَكَشَّفْتُهَا وَهَمَمْتُ بِهَا ارْتَعَدَتْ مِنْ تَحْتِي فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ، قَالَتْ:أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ، قُلْتُ لَهَا: خِفْتِيهِ(1) فِي الشِّدَّةِ وَلَمْ أَخَفْهُ فِي الرَّخَاءِ فَتَرَكْتُهَا وَأَعْطَيْتُهَا مَا يَحِقُّ عَلَيَّ بِمَا تَكَشَّفْتُهَا، اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، قَالَ: فَانْصَدَعَ حَتَّى عَرَفُوا وَتَبَيَّنَ لَهُمْ . قَالَ الآخَرُ: وعَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً، كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكَانَتْ لِي غَنَمٌ فَكُنْتُ أُطْعِمُ أَبَوَيَّ وَأَسْقِيهِمَا، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى غَنَمِي قَالَ: فَأَصَابَنِي يَوْمًا غَيْثٌ حَبَسَنِي فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَأَخْذُت مِحْلَبِي فَحَلَبْتُ وَغَنَمِي قَائِمَةٌ فَمَضَيْتُ إِلَى أَبَوَيَّ
__________
(1) خفتيه: هكذا رواية أحمد،واللغة ترى أن يكون بغير ياء هكذا (خفته).

(1/23)


فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَشَقَّ عَلَيَّ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَشَقَّ عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَ غَنَمِي، فَمَا بَرِحْتُ جَالِسًا وَمِحْلَبِي عَلَى يَدِي حَتَّى أَيْقَظَهُمَا الصُّبْحُ فَسَقَيْتُهُمَا اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا ]، قَالَ النُّعْمَانُ: لَكَأَنِّي أَسْمَعُ هَذِهِ مِنْ رَسُول اللهِ J قَالَ الجَبَلُ: طَاقْ فَفَرَّجَ اللهُ عَنْهُْم فَخَرَجُوا)*(1).
الأحاديث الواردة في "التذكر" معنًى
انظر صفة"التفكر"
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في "التذكر"
1
- *(عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي تَغْلِبَ يُقَالُ لَهُ الصَّبِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، فَأَقْبَلَ فِي أَوَّلِ مَا حَجَّ فَلَبَّى بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ جَمِيعًا فَهُوَ كَذَلِكَ يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا فَمَرَّ عَلَى سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صَوْحَانَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِكَ هَذَا، فَقَالَ الصَّبِيُّ: فَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي حَتَّى لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ J، قَالَ شَقِيقٌ: وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ أَنَا وَمَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ إِلَى الصَّبِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ نَسْتَذْكِرُهُ فَلَقَدِ اخْتَلَفْنَا إِلَيْهِ مِرَارًا أَنَا وَمَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ)*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 4
(5‍‍‍‍)، مسلم (3‍‍‍‍)، أحمد (4/4‍‍‍) وهذا لفظ أحمد.
(2) النسائي (5
/7‍‍‍‍‍‍).

(1/24)


2ـ*(عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ:صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَا وَعِمْرَانُ ابْنُ حُصَيْنٍ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرانُ بْنُ حُصَينٍ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ J - أَوْ قَالَ - لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ J)*(1).
3
- *( عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِبنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا }(المرسلات/1)، فَقَالَتْ لَهُ: يَابُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ . إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ J يَقْرَأُ بِهَا فِي المَغْرِبِ])*(2).
__________
(1) البخاري . الفتح 2
(6‍‍‍)، مسلم (3‍‍‍).
(2) تنوير الحوالك (1
/0‍‍‍).

(1/25)


4- *(قَالَ عِصَامُ بْنُ الْمُصْطَلِقِ:[ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ فَرَأَيْتُ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ـ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ ـ فَأَعْجَبَنِي سَمْتُهُ وَحُسْنُ رُوَائِهِ، فَأَثَارَ مِنِّي الْحَسَدَ مَا كَانَ يُجِنُّهُ صَدْرِي لأَبِيهِ مِنَ البُغْضِ، فَقُلْتُ: أَنْتَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: نَعَمْ، فَبَالَغْتُ فِي شَتْمِهِ وَشَتْمِ أَبِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةَ عَاطِفٍ رَءُوفٍ، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ}(الأعراف/199- 201) فَقَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}، ثُمَّ قَالَ لِي: خَفِّضْ عَلَيْكَ، اسْتَغْفِرِ اللهَ لِي وَلَكَ، إِنَّكَ لَوْ اسْتَعَنْتَنَا أَعَنَّاكَ، وَلَوْ اسْتَرْفَدْتَنَا أَرْفَدْنَاكَ ، وَلَوْ اسْتَرْشَدْتَنَا أَرْشَدْنَاكَ، فَتَوَسَّمَ فِيَّ النَّدمَ عَلَى مَا فَرَطَ مِنِّي فَقَالَ: {قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف/92) أَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ . فَقَالَ:
[شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمِ]
حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ، وَعَافَاكَ، وَآدَاكَ(1)؛ انْبَسِطْ إِلَيْنَا فِي حَوَائِجِكَ وَمَا يَعْرِضُ لَكَ، تَجِدْنَا عِنْدَ أَفْضَلِ ظَنِّكَ،إِنْ شَاءَ اللهُ،قَالَ عِصَامُ:فَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَوَدِدْتُ أَنَّهَا سَاخَتْ بِي، ثُمَّ تَسَلَّلْتُ مِنْهُ لِوَاذًا ، وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ])*(2).
__________
(1) آداك بمعنى أعانك وقواك .
(2) تفسير القرطبي مج2
، جـ9، ص(0‍‍‍‍‍‍).

(1/26)


5- *(قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } (الأعراف/2‍‍‍) هُوَ الرَّجُلُ يَغْضَبُ الغَضْبَةَ فَيَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فَيَكْظِمُ الغَيْظَ ])*(1).
6
- *(وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ فَيَذْكُرُ اللهَ فَيَدَعُهُ ])*(2).
7
- *(وَقَالَ مُقَاتِلٌ:[ إِنَّ المُتَّقِي إِذَا أَصَابَهُ نَزْغٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرَ وَعَرَفَ أَنَّهُ مَعْصِيَهٌ فَأَبْصَرَ فَنَزَعَ عَنْ مُخَالَفَةِ اللهِ])*(3).
8
- *(قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } (الأعراف/201) أَيْ تَذَكَّرُوا عِقَابَ اللهِ وَجَزِيلَ ثَوَابِهِ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ، فَتَابُوا وَأَنَابُوا وَاسْتَعَاذُوا بِاللهِ وَرَجَعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ ])*(4).
9
- *(ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو ابْنِ جَامِعٍ مِنْ تَارِيخِهِ أَنَّ شَابًّا كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي المَسْجِدِ فَهَوِيَتْهُ امْرَأَةٌ فَدَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا فَمَا زَالَتْ بِهِ حَتَّى كَادَ يَدْخُلُ مَعَهَا الْمَنْزِلَ، فَذَكَرَ هَذِهِ الآيَةَ
__________
(1) تفسير البغوي، مج5
، جـ9، ص(5‍‍‍).
(2) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(4) تفسير ابن كثير، مج2
، جـ9، ص(0‍‍‍).

(1/27)


{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (الأعراف/201) فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَعَادَهَا فَمَاتَ، فَجَاء عَمْرٌو فَعَزَّى فِيهِ أَبَاهُ وَكَانَ قَدْ دُفِنَ لَيْلاً فَذَهَبَ فَصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ بِمَنْ مَعَهُ ثُمَّ نَادَاهُ عَمْرٌو فَقَالَ يَا فَتَى، {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(الرحمن/46) فَأَجَابَهُ الفَتَى مِنْ دَاخِلِ القَبْرِ: يَا عَمْرُو قَدْ أَعْطَانِيهَا رَبِّي ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي الجَنَّةِ مَرَّتَيْنِ])*(1).
من فوائد "التذكر"
(1
) يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ عَلَى صِلَةٍ مَعَ رَبِّهِ عِنْدَمَا يَتَذَكَّرُ آلاَءَهُ.
(2
) يُدِيمُ النَّظَرَ فِي مَخْلُوقَاتِ اللهِ فَيَزْدَادُ إِيمَانًا وَيَقِينًا.
(3
) تَنْعَكِسُ عَلَى صَاحِبِهِ مَلاَمِحُ النَّجَابَةِ وَالْفِطْنَةِ وَالذَّكَاءِ .
(4
) يُكْسِبُ الْوَجْهَ نَضَارَةً وَاسْتِنَارَةً.
(5
) يُحِبُّهُ اللهُ وَالْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَعِبَادُ اللهِ الصَّالِحُونَ.
(6
) التَّذَكُّرُ يُزِيلُ الْغَفْلَةَ وَيُمِدُّ صَاحِبَهُ بِزَادٍ مِنَ الإِيمَانِ لاَ يَنْفَدُ .
(7
) التَّذَكُّرُ يَبْعَثُ عَلَى الْعِظَةِ وَالِاعْتِبَارِ خَاصَّةً مَا حَدَثَ لِلأُمَمِ السَّابِقَةِ.
(8
) بِالتَّذَكُرِ يَتَغَلَّبُ الإِنْسَانُ عَلَى هَوَى الشَّيْطَانِ وَيُمِدُّهُ بِالْبَصِيرَةِ النَّافِذَةِ {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فِإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (الأَعراف/ 1‍‍‍) .
(9
) التَّذَكُّرُ يَرْفَعُ الرُّوحَ الْمَعْنَوِيَّةَ لِصَاحِبِهِ وَيَجْعَلُهُ ضِمْنَ أُولِى الأَلْبَابِ وَيُدُخِلُهُ فِي الْمُنِيبِينَ .
__________
(1) المصدر السابق، مج2
، جـ9، ص(1‍‍‍).

(1/28)


(0‍‍) التَّذَكُّرُ يُبْعِدُ الإِنْسَانَ عَنِ الذُّنُوبِ وَيَحُثُّهُ عَلَى الإِنَابَةِ .

======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...