Translate سكا.....

الثلاثاء، 3 مايو 2022

كتاب الهجر وكتاب الأذى و كتاب التسول.

 

 كتاب الهجر
الهجر لغةً:
مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: هَجَرَ الشَّيءَ يَهْجُرُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ ( هـ ج ر ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْقَطِيعَةِ(1)، وَمِنْ هَذَا: الهَجْرُ ضِدُّ الوَصْلِ وَكَذَلِكَ الْهِجْرَانُ، وَهَاجَرَ القَوْمُ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ، تَرَكُوا الأُولَى لِلثَّانِيَةِ كَمَا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَهَجَّرَ الرَّجُلُ وَتَمَهْجَرَ: أَيْ تَشَبَّهَ بِالْمُهَاجَرِينَ وَهَجَرَهُ يَهْجُرُهُ هَجْرًا وَهِجْرَانًا: صَرَمَه ُ. وَالتَّهَاجُرُ: التَّقَاطُعُ. وَهَجَرَ الشَّيْءَ وَأَهْجَرَهُ: تَرَكَه ُ. وَقَوُلُ الله تَعَالَى {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْأَنَ مَهْجُورًا}. قَالَ: قَالُوا فِيهِ غَيْرَ الْحَقِّ. أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَرِيضِ إِذَا هَجَرَ قَالَ غَيْرَ الْحَقِّ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ. وَالْهُجْرُ: الْكَلاَمُ المَهْجُورُ لِقُبْحِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: [إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلاَ تَقُولُوا هُجْرًا]. وَقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: وَفِي الْحَدِيثِ [ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ ثَلاَثٍ ] يُرِيدُ بِهِ الْهَجْرَ ضِدَّ الْوَصْلِ، يَعْنِي فِيمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَتْبٍ وَمَوْجِدَةٍ، أَوْ تَقْصِيرٍ يَقَعُ فِي حُدُودِ الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، دُونَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الدِّينِ، فَإِنَّ هِجْرَةَ أَهْلِ الأَهَوَاءِ وَالْبِدَعِ دَائِمَةٌ عَلَى مَرِّ الأَوْقَاتِ مَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمُ التَّوْبَةُ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ، وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} (النساء/4‍‍) أَيْ فِي الْمَنَامِ تَوَصُّلاً إِلَى طَاعَتِهِنَّ(2)
__________
(1) لهذه المادة معنى آخر هو شد الشيء وربطه . انظر المقاييس (6‍/4‍‍) .
(2) النهاية (5‍/4‍‍‍) وما بعدها .

(1/1)


، وَقَالَ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: قِيلَ الهَجْرُ فِي الْمَضَاجِعِ أَلاَّ يُضَاجِعَهَا وَيُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ وَلاَ يُجَامِعَهَا، وَقِيلَ: جَنِّبُوا مَضَاجِعَهُنَّ، أَيْ أَبْعِدُوهَا مِنْ الْهِجْرَانِ وَهُوَ الْبُعْدُ . وَقِيلَ: وَاهْجُرُوهُنَّ مَأَخُوذٌ مِنَ الْهُجْرٍ وَهُوَ الْقَبِيحُ مِنَ الْكَلاَمِ، أَيْ غَلِّظُوا عَلَيْهِنَّ فِي الْقَوْلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا الْهَجْرُ غَايَتُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ شَهْرٌ(1).
الهجر اصطلاحاً :
يَخْتِلفُ الْهَجْرُ بِاخْتِلاَفِ الْمَهْجُورِ وَيُمْكِنُ تَلْخِيصُ ذَلِكَ فِي الأَنْوَاعِ الآتِيَةِ:
1‍- هَجْرُ الْقُرْآنِ .وَهَذَا مَا سَنَتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي الصِّفَةِ التَّالِيَةِ ( انْظُرْ هَجْرَ الْقُرْآنِ ).
2‍- هَجْرُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ، أَوْ نِسَاءَهُ.
3‍- هَجْرُ الأَقَارِبِ ( وَهُوَ نَوعٌ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ).
4‍- هَجْرُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالأَهْوَاءِ .
5‍- هَجْرُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَيُسَمَّى بِالتَّهَاجُرِ .
حُكْمُ الهَجْرِ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْهَجْرِ بِاخْتِلاَفِ الْمَهْجُورِ فَإِنْ تَعَلَّقَ الْهَجْرُ بِالْمَرْأَةِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، بَلْ مَأْمُورًا بِهِ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ وَذَلِكَ عِنْدَ النُّشُوزِ أَوْ مَخَافَتِهِ مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ]} ، ( انظر الشاهد القرآني رقم1‍).
__________
(1) تفسير القرطبى (5‍/2‍‍‍) .

(1/2)


وَإِنْ تَعَلَّقَ الْهَجْرُ بِالْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَبِيرَةً كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ. شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ ثَلاَثٍ وَلَيْسَ بِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّقَاطُعِ وَالإِيذَاءِ وَالْفَسَادِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ هَذَا الْهَجْرِ مَسَائِلُ حَاصِلُهَا أَنَّهُ مَتَّى عَادَ ( الْهَجْرُ ) إِلَى صَلاَحِ دِينِ الْهَاجِرِ وَالْمَهْجُورِ جَازَ وَإِلاَّ فَلاَ (1).
بم يكون الهجر؟
وَالْهَجْرُ وَالْهِجْرَانُ: يَكُونُ بِالْبَدَنِ وَبِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} أَيْ بِالأَبْدَانِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْأَنَ مَهْجُورًا} ، بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْقَلْبِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً} ، مَحْتمِلٌ لِلثَّلاَثَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَالرُّجْزَ فَاهْجُر} ، حَثٌّ عَلَى المُفَارَقَةِ بِالْوُجُوهِ كُلِّهَا(2).
واصطلاحًا:
قَالَ الْمُنَاوِيُّ: الهَجْرُ وَالهِجْرَانُ: مُفَارَقَةُ الإِنْسَانِ غَيْرَهُ. إِمَّا بِالْبَدَنِ. أَوِ اللِّسَانِ. أَوِ الْقَلْبِ(3).
وَقَالَ الْكَفَوِيُّ:
الْهَجْرُ بِالْفَتْحِ: التَّرْكُ وَالْقَطِيعَةُ .
وَالهُجْرُ بِالضَمِّ: الفُحْشُ فِي الْمَنْطِقِ(4).
الآيات الواردة في "الهجر"
__________
(1) المرجع السابق (1‍‍‍) .
(2) المفردات للراغب (7‍‍‍)، وبصائر ذوى التمييز (5‍/4‍‍‍).
(3) التوقيف على مهمات التعاريف (2‍‍‍) .
(4) الكليات (1‍‍‍) .

(1/3)


{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34)وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا(35)}(1)
{وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً(8)رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً(9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً(10)}(2)
{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1)قُمْ فَأَنذِرْ(2)وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3)وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)}(3)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الهجر"
1 - *( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ
J: [إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: [أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ])*(4).
__________
(1) النساء : 34-35 مدنية
(2) المزمل : 8-10مكية.
(3) المدثر : 1-5مكية.
(4) البخاري - الفتح 9‍(8‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (9‍‍‍‍).

(1/4)


2 - *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [لاَ تَحِلُّ الهِجْرَةُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنِ الْتَقَيَا فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَرَدَّ الآخَرُ اشْتَرَكَا فِي الأَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ بَرِىءَ هَذَا مِنَ الإِثْمِ، وَبَاءَ بِهِ الآخَرُ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَإِنْ مَاتَا وَهُمَا مُتَهَاجِرَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي الجَنَّةِ])(1).
3 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ: [لاَ تَهْجُرُ امْرَأَةٌ فِرَاشَ زَوْجِهَا إِلاَّ لَعَنَتْهَا مَلاَئِكَةُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ ])*(2).
4 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J قَالَ: [لاَ تَهَجَّرُوا(3)، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ. وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا])*(4).
5 - *( عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J قَالَ: [لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ])*(5).
__________
(1) المنذري في الترغيب (3‍/7‍‍‍) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك (4‍/3‍‍‍) واللفظ له وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .
(2) أحمد (2‍/8‍‍‍) وقال الشيخ أحمد شاكر (6‍‍/8‍‍‍): رواه البخاري ومسلم بلفظ قريب منه . ولفظه:[ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح، وفي رواية حتى ترجع ].
(3) لا تهجروا: أي لا تتكلموا بالهجر وهو الكلام القبيح.
(4) مسلم (3‍‍‍‍).
(5) البخاري - الفتح 0‍‍(7‍‍‍‍). ومسلم (0‍‍‍‍).

(1/5)


6 - *( عَنْ أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ J يَقُولُ: [مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً، فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ] )*(1).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الهجر"
1 - *( وَعَنْ مُجَاهِدٍ - رَحِمَهُ اللهُ - قَالَ: [الأَقْلَفُ(2) مَوْقُوفٌ عَمَلُهُ حَتَّى يَخْتَتِنَ، وَالصَّارِمُ(3) الظَّالِمُ مَوْقُوفٌ عَمَلُهُ حَتَّى يَفِيءَ])*(4).
2 - *( قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: [يُسَنُّ هَجْرُ مَنْ جَهَرَ بِالْمَعَاصِي الفِعْلِيَّةِ وَالقَوْلِيَّةِ وَالاعْتِقَادِيَّةِ])(5).
3 - *( عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ:[ جَرَى بَيْنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَخِيهِ الحُسَيْنِ كَلاَمٌ حَتَّى تَهَاجَرَا فَلَمَّا أَتَى عَلَى الحَسَنِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مِنْ هَجْرِ أَخِيهِ فَأَقْبَلَ إِلَى الحُسَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَكَبَّ عَلَى رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ، فَلَمَّا جَلَسَ الحَسَنُ قَالَ لَهُ الحُسَيْنُ: إِنَّ الَّذِي مَنَعَنِي مِنَ ابْتِدَائِكَ وَالْقِيَامِ إِلَيْكَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِالفَضْلِ مِنِّي فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَازِعَكَ مَا أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ])*(6).
__________
(1) أبو داود (5‍‍‍‍)، وقال الألباني (3‍/8‍‍‍): صحيح - الصحيحة (3‍/5‍‍‍).
(2) الأقلف: من لم يختتن .
(3) الصارم: من الصرم وهو القطع.
(4) مساويء الأخلاق (8‍‍‍).
(5) الآداب الشرعية (1‍/9‍‍‍).
(6) الخرائطي في مساويء الأخلاق (0‍‍‍).

(1/6)


4 - *( قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: [هِجْرَانُ أَهْلِ البِدَعِ كَافِرِهِمْ وَفَاسِقِهِمْ وَالْمُتَظَاهِرِينَ بِالْمَعَاصِي، وَتَرْكُ السَّلاَمِ عَلَيْهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمَكْرُوهٌ لِسَائِرِ النَّاسِ، وَلاَ يُسَلِّمُ أَحَدٌ عَلَى فَاسِقٍ مُعْلِنٍ، وَلاَ مُبْتَدِعٍ مُعْلِنٍ دَاعِيَةٍ، وَلاَ يَهْجُرُ مُسْلِمًا مَسْتُورًا غَيْرَهُمَا مِنَ السَّلاَمِ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ])*(1).
من مضار "الهجر"
(1‍) الهَجْرُ صِفَةٌ قَبِيحَةٌ تُسْخِطُ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْمُتَهَاجِرِينَ .
(2‍) وَهُوَ سَبَبٌ فِي تَأْخِيرِ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ.
(3‍) الهَجْرُ بَيْنَ الإِخْوَانِ فَوْقَ ثَلاَثٍ حَرَامٌ، وَيُسَبِّبُ تَفَكُّكًا اجْتِمَاعِيًّا.
(4‍) هَجْرُ الْمَرْأَةِ فِرَاشَ زَوْجِهَا سَبَبٌ فِي لَعْنَةِ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ لَهَا .
(5‍) الهَجْرُ مِنْ حَبَائِلِ الشَّيْطَانِ . يُغْوِي بِهَا أَتْبَاعَهُ حَتَّى يَسُوقَهُمْ إِلَى الجَحِيمِ .
__________
(1) الآداب الشرعية (7‍‍‍).

كتاب الأذى
الأذى لغةً:
الأَذَى مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: أَذِيَ الشَّيْءُ يَأْذَى، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (أ ذ ى) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى [الشَّيْءِ تَتَكَرَّهُهُ وَلاَ تَقَرُّ عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الإِيذَاءُ، يُقَالُ: آذَيْتُ فُلاَنًا أُوذِيهِ: أَيْ أَلْحَقْتُ بِهِ مَا يَكْرَهُ، وَيُقَالُ: بَعِيرٌ أَذٍ وَنَاقَةٌ أَذِيَةٌ، إِذَا كَانَ (كُلٌّ مِنْهُمَا) لاَ يَقَرُّ فِي مَكَانٍ مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ، وَلَكِنْ خِلْقَةً ، وَأَمَّا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} فَقَدْ سُمِّيَ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الشَّرْعِ، وَبِاعْتِبَارِ الطِّبِّ عَلَى حَسَبِ مَا يَذْكُرُهُ أَصْحَابُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ(1).
__________
(1) المفردات للراغب (5‍‍) .

(1/1)


وَالأَذَى كِنَايَةٌ عَنِ القَذَرِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى القَوْلِ الْمَكْرُوهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} أَمَّا الأَذَى فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ [وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى] يَعْنِي بِالأَذَى: الشَّعْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ.. وَفِي حَدِيثِ الإِيمَانِ [وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ] يَعْنِي: الشَّوْكَ وَالحَجَرَ وَالنَّجَاسَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْمَارُّ(1). وَفِي الحَدِيثِ كُلُّ مُؤْذٍ فِي النَّارِ، وَهُوَ وَعِيدٌ لِمَنْ يُؤْذِي النَّاسَ فِي الدُّنْيَا بِعُقُوبَةِ النَّارِ فِي الآخِرَةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَدَعْ أَذَاهُمْ}؛ تَأْوِيلُهُ أَذَى الْمُنَافِقِينَ لاَ تُجَازِهِمْ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ تُؤْمَرَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ، وَآذَى الرَّجُلُ: فَعَلَ الأَذَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ J، لِلَّذِي تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: [رَأَيْتُكَ آذَيْتَ وَآنَيْتَ](2).
الأذى اصطلاحًا:
قَالَ الرَّاغِبُ: الأَذَى مَا يَصِلُ إِلَى الحَيَوَانِ مِنَ الضَّرَرِ إِمَّا فِي نَفْسِهِ أَوْ جِسْمِهِ، أَوْ تَبِعَاتِهِ دُنْيَوِيًّا كَانَ ذَلِكَ أَوْ أُخْرَوِيًّا(3).
من معاني كلمة الأذى في القرآن:
الأَوَّلُ: بِمَعْنَى الحَرَامِ .
الثَّانِي: بِمَعْنَى القَمْلِ .
الثَّالِثُ: بِمَعْنَى الشِّدَّةِ وَالْمِحْنَةِ .
الرَّابِعُ: بِمَعْنَى الشَّتْمِ وَالسَّبّ .
الخَامِسُ: بِمَعْنَى الزُّورِ، وَالبُهْتَانِ عَلَى البَرِيءِ .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3‍/2‍‍‍) .
(2) مقاييس اللغة لابن فارس (1‍/8‍‍)، والمفردات (5‍‍) والصحاح (6‍/6‍‍‍‍)، ولسان العرب (أذى) (1‍/4‍‍) ط. دار المعارف .
(3) المفردات (5‍‍) .

(1/2)


السَّادِسُ: بِمَعْنَى الجَفَاءِ وَالْمَعْصِيَةِ .
السَّابِعُ: بِمَعْنَى شَغْلِ الخَاطِرِ وَتَفْرِقَةِ القَلْبِ .
الثَّامِنُ: بِمَعْنَى الْمَنِّ عِنْدَ العَطِيَّةِ .
التَّاسِعُ: بِمَعْنَى العَذَابِ وَالعُقُوبَةِ .
العَاشِرُ: بِمَعْنَى غِيبَةِ الْمُؤْمِنِينَ .
الآيات الواردة في "الأذى"
الأذى في سياق التكليف :
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(222)}(1)
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(262)قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ(263)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(264)وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(265)}(2)
__________
(1) البقرة : 222 مدنية
(2) البقرة : 262 – 265 مدنية

(1/3)


{وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً(15)وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا(16)}(1)
الأذى في سياق الدعوة للمصابرة :
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ(110)لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ(111)}(2)
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(186)}(3)
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ(34) }(4)
__________
(1) النساء : 15 – 16 مدنية
(2) آل عمران : 110 – 111 مدنية
(3) آل عمران : 186 مدنية
(4) الأنعام : 34مكية

(1/4)


{وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(61)يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ(62)أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ(63)}(1)
{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ(10)}(2)
الأذى في سياق التنفير من الإيذاء :
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا(57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(58)يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(59)}(3)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الأذى"
__________
(1) التوبة : 61 – 63 مدنية
(2) العنكبوت : 10 مدنية
(3) الأحزاب : 57 – 59 مدنية

(1/5)


1‍*( عَنْ عَبْدِاللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا]. وَقَالَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِهِ: [لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ])*(1).
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ
J أَنَّهُ قَالَ: [لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ، وَاللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ أَذَى الْمُؤْمِنِ])*(2).
2 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ
J قَالَ: [اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ. فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ. فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ. فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلاَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ])*(3).
__________
(1) الترمذي (5‍‍‍‍) وقال: هذا حديث صحيح. وذكره الألباني في [السلسلة الصحيحة] (3‍/3‍‍‍).
(2) وفي الباب عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وأبي هريرة وابن عباس. ونحوه عند البخاري برقم (0‍‍‍‍). وعند مسلم برقم (4‍‍‍‍). وهذا لفظ الترمذي رقم 7‍‍‍‍.
(3) البخاري -الفتح1‍‍(1‍‍‍‍). ومسلم(1‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/6)


3-*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ: أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ فِي أَبٍ كَانَ لَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَطَمَهُ العَبَّاسُ، فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: لَيَلْطِمَنَّهُ، كَمَا لَطَمَهُ، فَلَبِسُوا السِّلاَحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ J فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: [أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ تَعْلَمُونَ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ؟] فَقَالُوا: أَنْتَ، فَقَالَ: [إِنَّ العَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، لاَ تَسُبُّوا مَوْتَانَا فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا]، فَجَاءَ القَوْمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِكَ، اسْتَغْفِرْ لَنَا)*(1).
4- *( عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ
J عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ: [إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. فَلاَ آذَنُ لَهُمْ. ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ. ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ. إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ. فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ(2) مِنِّي. يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا(3). وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا)(4).
__________
(1) أخرجه النسائي (8‍/3‍‍) . وقال محقق جامع الأصول (0‍‍/2‍‍‍): إسناده حسن.
(2) ‍بَضْعَةٌ:بفتح الباء:، لا يجوز غيره، وهي قطعة اللحم.
(3) يريبني ما رابها: الريب ما رابك من شيء خفت عقباه. وقال الفراء: راب وأراب بمعنى . وقال أبو زيد: رابني الأمر تيقنت منه الريبة . وأرابني شكَّكني وأوهمني .
(4) البخاري ـ الفتح 9‍(0‍‍‍‍)، مسلم (9‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/7)


5-*(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ J قَالَ: [إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ]. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ: [فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ].قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ J؟ قَالَ: [غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ])*(1).
6- *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ
J وَهُوَ يُوعَكُ(2). فَمَسَسْتُهُ بِيَدِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [أَجَلْ. إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ] قَالَ: فَقُلْتُ: ذَلِكَ، أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [أَجَلْ] ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ، إِلاَّ حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا])*(3).
__________
(1) البخاري ـ الفتح1‍‍(9‍‍‍‍).ومسلم(1‍‍‍‍)واللفظ له.
(2) يوعك: أصابه الوعك وهي الحمى، وقيل: ألمها .
(3) البخاري - الفتح 0‍‍(1‍‍‍‍- 2‍‍‍‍). ومسلم (1‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/8)


7- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J؛ قَالَ: [صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى الْمَسْجِدَ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ. وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي ـ يَعْنِي عَلَيْهِ ـ الْمَلاَئِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُؤْذِ (يُحْدِثْ)فِيهِ )*(1).
8- *( عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ: [عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي. حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا. فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ. وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِىءِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ])*(2).
__________
(1) البخاري - الفتح 1‍(7‍‍‍).
(2) مسلم (3‍‍‍).

(1/9)


9- *( عَنْ عَبْدِاللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللهِ J نَاسًا فِي القِسْمَةِ. فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ. وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ العَرَبِ. وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي القِسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللهِ. قَالَ فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللهِ J. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ: قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ(1). ثُمَّ قَالَ: [فَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُولُهُ] قَالَ: ثُمَّ قَالَ: [يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ]. قَالَ قُلْتُ: لاَ جَرَمَ لاَ أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَهَا حَدِيثًا)*(2).
10- *(عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ: [مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا])*(3).
__________
(1) الصرف: صبغ أحمر يصبغ به الجلود .
(2) البخاري - الفتح 6‍(0‍‍‍‍). ومسلم (2‍‍‍‍).
(3) البخاري - الفتح 5‍(3‍‍‍‍).

(1/10)


11 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ])*(1).
12- *( عَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ
J عَنْ أَكْلِ البَصَلِ وَالكُرَّاثِ. فَغَلَبَتْنَا الحَاجَةُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا. فَقَالَ: [مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتِنَةِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا. فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا
13- *( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ
J؛ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْعَيْنِ حَاسِدٍ اللهُ يَشْفِيكَ(2) بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ])*(3).
__________
(1) البخاري - الفتح 1‍‍(5‍‍‍‍)واللفظ له. ومسلم (7‍‍).
(2) قوله (يشفيك) بفتح ياء المضارعة ماضيه شفى (ثلاثى) بمعنى برأ فإذا ضمت (ياء المضارعة) كأن من (أشفاه) أي أهلكه وتسمى الهمزة همزة الإزالة أي إزالة الشفاء وهو الهلاك ويروى أن امرأة عادت الشافعي وهو مريض فقالت: الله يُشفيك. وضمت ياء المضارعة فقال الشافعي: اللهم بقلبها لا بلسانها.
(3) مسلم (6‍‍‍‍).

(1/11)


14-*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِJ:[قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ(1) يَسُبُّ الدَّهْرَ.
__________
(1) قوله (يؤذيني ابن آدم): كذا أورده مختصرًا، وقد أخرجه الطبري بهذا الإسناد عن النبي
J قال: [كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، هو الذي يميتنا ويحيينا، فقال الله في كتابه { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} الآية، قال: فيسبون الدهر، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: يؤذيني ابن آدم . فذكره. قال القرطبي: معناه يخاطبني من القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي، والله منزه عن أن يصل إليه الأذى، وإنما هذا من التوسع في الكلام . والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله.

(1/12)


وَأَنَا الدَّهْرُ(1) بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)*(2).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الأذى" معنًى
__________
(1) قوله (وأنا الدهر): معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفًا لمواقع الأمور . وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر وقوله [ أنا الدهر] بالرفع في ضبط الأكثرين والمحققين، ويقال بالنصب على الظرف أي أنا باقٍ أبدًا، والموافق لقوله [ إن الله هو الدهر] بالرفع، وذلك أن العرب كانوا يسبون الدهر عند الحوادث فقال: لا تسبوه فإن فاعلها هو الله، فكأنه قال: لا تسبوا الفاعل فإِنكم إذا سببتموه سببتموني . أو الدهر هنا بمعنى الداهر، فقد حكى الراغب أن الدهر في قوله: إن الله هو الدهر [غير الدهر في قوله: يسب الدهر] قال: والدهر الأول الزمان، والثاني المدبر المصرف لما يحدث، ثم استضعف هذا القول لعدم الدليل عليه . ثم قال: [لو كان كذلك لعد الدهر من أسماء الله تعالى] قال ابن الجوزي: يصوب ضم الراء من أوجه: أحدها أن المضبوط عند المحدثين بالضم، ثانيها لو كان بالنصب يصير التقدير فأنا الدهر أقلبه، فلا تكون علة النهي عن سبه مذكوره لأنه تعالى يقلب الخير والشر فلا يستلزم ذلك منع الذم، ثالثها الرواية التي فيها [فإن الله هو الدهر ومما ينبغى ذكره الآن أن الناس قد درجوا على سب الزمان والأيام ووصفها بالقبيح عند الضجر وهذا أيضًا مما نهى الله عنه لدخوله في سب الدهر] .
(2) البخاري- الفتح3‍‍(1‍‍‍‍)واللفظ له ومسلم (6‍‍‍‍).

(1/13)


15- *( عَنْ أَبِي مُوسَى ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ: [إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السُّوءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ. فَحَامِلُ الْمِسْكِ، إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ(1)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الكِيرِ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)*(2).
16-*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ
J يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ: وَيَقُولُ:[ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ])*(3).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الأذى"
1‍- *( قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: [النَّاسُ رَجُلاَنِ: مُؤْمِنٌ فَلاَ تُؤْذِهِ، وَجَاهِلٌ فَلاَ تُجَاهِلْهُ])*(4).
2‍- *( وَمِنْ كَلاَمِ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ: لِيَكُنْ حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنْكَ ثَلاَثَةً: إِنْ لَمْ تَنْفَعْهُ فَلاَ تَضُرَّهُ، وَإِنْ لَمْ تُفْرِحْهْ فَلاَ تَغُمَّهُ، وَإِنْ لَمْ تَمْدَحْهُ فَلاَ تَذُمَّهُ )*(5).
3‍- *( قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ: اجْعَلْ كَبِيرَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَك أَبًا، وَصَغِيرَهُمْ ابْنًا،وَأَوْسَطَهُمْ أَخًا فَأَيُّ أُولِئَكَ تُحِبُّ أَنْ تُسِيءَ إِلَيْهِ؟)*(6).
__________
(1) يحذيك: أي يعطيك .
(2) البخاري - الفتح 9‍(4‍‍‍‍). ومسلم(8‍‍‍‍)واللفظ له.
(3) ‍البخاري- الفتح2‍‍(9‍‍‍‍).ومسلم(2‍‍‍‍)واللفظ له.
(4) آداب العشرة (5‍‍).
(5) جامع العلوم والحكم (4‍‍‍).
(6) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.

(1/14)


4‍- *( قَالَ مَالِكٌ: العَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ])*(1).
أَيْ أَنَّهُ كَرِهَ أَذَى الْمُؤْمِنِ بِكَثْرَةِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ.
5‍- *( قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعاَلَى: {ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى} (البقرة/2‍‍‍) . قَوْلُهُ وَلاَ أَذَى أَيْ لاَ يَفْعَلُونَ مَعَ مَنْ أَحْسَنُوا إِلَيْهِ مَكْرُوهًا يُحْبِطُونَ بِهِ مَا سَلَفَ مِنَ الإِحْسَانِ(2).
6‍- *( قَالَ ابْنُ رَجَبٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: تَضَمَّنَتِ النُّصُوصُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَحِلُّ إِيصَالُ الأَذَى إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِغَيْرِ حَقٍّ)*(3).
من مضار "الأذى"
(1‍) الإِيذَاءُ سَبَبٌ فِي سَخَطِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى العَبْدِ.
(2‍) الْمُؤْذِي يَمْقُتُهُ اللهُ، وَيَمْقُتُهُ النَّاسُ.
(3‍) يَعِيشُ فِي الْمُجْتَمَعِ مَنْبُوذًا فَرِيدًا، يَخَافُ النَّاسُ أذَاهُ، فَيَكْرَهُونَ مُخَالَطَتَهُ وَمُصَاحَبَتَهُ.
(4‍) إِذَا كَثُرَ الْمُؤْذُونَ فِي الْمُجْتَمَعِ وَسَكَتَ النَّاسُ عَنْهُمْ فَسَدَتْ أَحْوَالُهُ وَآلَ إِلَى الزَّوَالِ.
(5‍) يُسَبِّبُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
(6‍) دَلِيلُ سُوءِ الأَخْلاَقِ وَانْحِطَاطِ النَّفْسِ وَخُبْثِهَا.
__________
(1) البخاري -الفتح (4‍/4‍‍) باب تفسير القرآن (ص6‍‍‍).
(2) تفسير القرآن العظيم (1‍/ 5‍‍‍).
(3) جامع العلوم والحكم (4‍‍‍).

كتاب البطر
البطر لغة:
مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: بَطِرَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ب ط ر) الَّتِي تَدُلُّ عَلى الشَّقِّ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا البَطَرُ وَهُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي الْمَرَحِ، وَقِيلَ: البَطَرُ الأَشَرُ وَهُوَ شِدَّةُ الْمَرَحِ وَقَدْ بَطِرَ (بِالكَسْرِ) يَبْطَرُ، وَأَبْطَرَهُ الْمَالُ، وَالبَطَرُ أَيْضًا: الْحَيْرَةُ وَالدَّهَشُ وَأَبْطَرَهُ: أَدْهَشَهُ، وَيُقَالُ: بَطَرْتُ الشَّيْءَ أَبْطِرُهُ بَطْرًا: شَقَقْتُهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ البَيْطَارُ(1)، وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْرًا (بِالكَسْرِ) أَيْ هَدَرًا، وَالبَطَرُ أَيْضًا: الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَطُولِ الْغِنَى، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ .. [لاَ يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا] وَبَطَرُ الْحَقِّ: التَّكَبُّرُ عَنْهُ وَالتَّجَبُّرُ عِنْدَهُ وَرُؤْيَتُهُ بَاطِلاً، وَفِي الْحَدِيثِ: [الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ]، قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَا جَعَلَهُ اللهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلاً، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَتَجَبَّرَ عِنْدَهُ فَلاَ يَرَاهُ حَقًّا، وَبَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَرًا فَهُوَ بَطِرٌ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} وَقِيلَ مَعْنَاهُ:إِمَّا بَطِرَتْ أَيَّامَ مَعِيشَتِهَا، وَإِمَّا بِتَضْمِينِ بَطِرَتْ مَعْنَى كَفَرَتْ وَغَمَطَتْ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: البَطَرُ هُنَا هُوَ الطُّغْيَانُ بِالنِّعْمَةِ .
وَأَوْرَدَ ابْنُ مَنْظُورٍ لِلْبَطَرِ مَعَانِيَ عَدِيدَةً مِنْهَا:
__________
(1) البيطار: مُعَالج الدواب .

(1/1)


البَطَرُ: النَّشَاطُ، وَالْبَطَرُ: التَّبَخْتُرُ، وَالبَطَرُ قِلَّةُ احْتِمَالِ النِّعْمَةِ، وَالْبَطَرُ: الدَّهَشُ وَالْحَيْرَةُ وَالْبَطَرُ: الطُّغْيَانُ فِي النِّعْمَةِ، وَالْبَطَرُ: كَرَاهَةُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الكَرَاهِيَةَ، يُقَالُ: بَطِرَ النِّعْمَةَ يَبْطَرُهَا لَمْ يَشْكُرْهَا، وَبَطِرَ بِالأَمْرِ ثَقُلَ بِهِ وَدَهِشَ وَأَبَطَرَهُ الْمَالُ، وَأَبْطَرَهُ حِلْمُهُ، أَيْ أَدْهَشَهُ وَبَهَتَهُ .
البطر اصطلاحًا:
البَطَرُ: مُحَرَّكًا ـ دَهَشٌ يَعْتَرِي الإِنْسَانَ مِنْ سُوءِ احْتِمَالِ النِّعْمَةِ، وَقِلَّةِ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا، وَصَرْفِهَا إِلَى غَيْرِ وَجْهِهَا.
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: الْبَطَرُ: سُوءُ احْتِمَالِ الْغِنَى وَمَعْنَاهُ التَّقْصِيرُ فِي شُكْرِهِ، وَرُؤْيَةُ المِنَّةِ بِهِ، وَهُوَ وَالْمَرَحُ وَسِيلَتَانِ إِلَى الطُّغْيَانِ(1).
أنواع البطر:
لِلْبَطَرِ أَنْوَاعٌ عَدِيدَةٌ أَهَمُّهَا:
1‍بَطَرُ الْغِنَى.
2‍بَطَرُ الْمُلْكِ.
وَكِلاَهُمَا مِمَّا يَجِبُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، قَالَ تَعَالَى فِي النَّوْعِ الأَوَّلِ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وَقَالَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي فِي حَقِّ فِرْعَوْنَ {فَحَشَرَ فَنَادَى* فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}(2)، وَيُمْكِنُ أَنْ يُضَافَ إِلَى ذَلِكَ:
3‍بَطَرُ الْمَنْصِبِ وَالْوَظِيفَةِ.
4‍بَطَرُ الْجَاهِ وَالْمَكَانَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ.
وَكِلاَهُمَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْعَيْنِ الأَوَّلَيْنِ.
الآيات الواردة في "البطر"
__________
(1) المفردات (0‍‍)والتوقيف (9‍‍) وشجرة المعارف (4‍‍‍).
(2) انظر شجرة المعارف والأحوال، الفقرة (8‍‍‍، 9‍‍‍).

(1/2)


{وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(47)}(1)
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ(58)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "البطر"
1 - *(عَنْ مُحَمَّدٍ ـ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ ـ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَرَأَى رَجُلاً يَجُرُّ إِزَارَهُ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَهُوَ يَقُولُ: جَاءَ الأَمِيرُ، جَاءَ الأَمِيرُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا])*(3).
__________
(1) الأنفال : 47 مكية
(2) القصص : 58 مكية
(3) البخاري ـ الفتح0‍‍(8‍‍‍‍)، مسلم (7‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/3)


2 - *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلاَّ أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ … الْحَدِيثُ وَفِيهِ: [الْخَيْلُ ثَلاَثَةٌ: فَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَيُعِدُّهَا لَهُ، فَلاَ تُغَيِّبُ شَيْئًا فِي بُطُونِهَا إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرًا، وَلَوْ رَعَاهَا فِي مَرْجٍ، مَا أَكَلَتْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَجْرًا، وَلَوْ سَقَاهَا مِنْ نَهْرٍ كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تُغَيِّبُهَا فِي بُطُونِهَا أَجْرٌ، وَلَوِ اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا أَجْرٌ. وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمَا وَتَجَمُّلاً وَلاَ يَنْسَى حَقَّ ظُهُورِهَا وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا. وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ وِزْرٌ فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا وَرِيَاءَ النَّاسِ، فَذَاكَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ ...الْحَدِيثُ)*(1).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "البطر"
1‍- *(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} (الأنفال/47): يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِين قَاتَلُوا رَسُولَ اللهِ
J يَوْمَ بَدْرٍ)*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح6‍(0‍‍‍‍)، مسلم (7‍‍‍) واللفظ له.
(2) الدر المنثور (4‍/7‍‍).

(1/4)


2‍- *( قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِنَّ لِلشَّيْطَانِ مَصَائِدَ وَفُخُوخًا، وَفُخُوخُهُ الْبَطَرُ بَأَنْعُمِ اللهِ، وَالْفَخْرُ بِإِعْطَاءِ اللهِ، وَالْكِبْرُ عَلَى عِبَادِ اللهِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى فِي غَيْرِ ذَاتِ اللهِ)*(1).
3‍- *(عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فِي الآيَةِ {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِين خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا}، قَالَ: كَانَ مُشْرِكُوا قُرَيْشٍ الَّذِينَ قَاتَلُوا نَبِيَّ اللهِ
J يَوْمَ بَدْرٍ خَرَجُوا وَلَهُمْ بَغْيٌ وَفَخْرٌ)*(2).
4 - *(قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى مُعَرِّضًا بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (القصص/58) أَيْ طَغَتْ وَأَشِرَتْ وَكَفَرَتْ نِعْمَةَ اللهِ فِيمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الأَرْزَاقِ، كَمَا قَالَ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} (النحل/112 - 113)، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مَنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَليِلاً}، أَيْ دَثَرَتْ دِيَارُهُمْ فَلاَ تَرَى إِلاَّ مَسَاكِنَهُمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (القصص/58) أَيْ رَجَعَتْ خَرَابًا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ)*(3).
من مضار "البطر"
انظر مضار صفة (الكبر والعجب)
__________
(1) إحياء علوم الدين (3‍/9‍‍‍).
(2) الدر المنثور (4‍/7‍‍).
(3) تفسير ابن كثير (3‍/5‍‍‍).

كتاب التسول
التسول في اللغة:
التَّسُوُّلُ أَصْلُهَا التَّسَؤُّلُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَادَّةِ (س أ ل)،وَالسُّؤَالُ مَا يَسْأَلُهُ الإِنْسَانُ. وَقُرِىءَ {أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} ، بِالْهَمْزِ، وَبِغَيْرِ الْهَمْزِ.
وَسَأَلْتُهُ الشَّيْءَ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الشَّيْءِ سُؤَالاً وَمَسْأَلَةً(1).
يَقُولُ الرَّاغِبُ: [السُّؤْْلُ:الْحَاجَةُ الَّتِي تَحْرِصُ النَّفْسُ عَلَيْهَا،وَالتَّسْوِيلُ تَزْيِينُ النَّفْسِ لِمَا تَحْرِصُ عَلَيْهِ، وَتَصْويرُ الْقَبِيحِ مِنْهُ بِصُورَةِ الْحَسَنِ، قَالَ تعَالَى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} ، وَقَالَ أَيْضًا: السُّؤَالُ: اسْتِدْعَاءُ مَعْرِفَةٍ أَوْ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْمَعْرِفَةِ وَاسْتِدْعَاءُ مَالٍ، أَوْ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْمَالِ، فَاسْتِدْعَاءُ الْمَعْرِفَةِ، جَوَابُهُ عَلَى اللِّسَانِ، وَالْيَدُ خَلِيفَةٌ لَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوِ الإِشَارَةِ، وَاسْتِدْعَاءُ الْمَالِ جَوَابُهُ عَلَى الْيَدِ، وَاللِّسَانُ خَلِيفَةٌ لَهَا إِمَّا بِوَعْدٍ أَوْ بِرَدٍّ(2).
التسول اصطلاحًا:
فَقَالَ أَحْمَدُ بَدَوِيٌّ: التَّسَوُّلُ: طَلَبُ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَفْرَادِ فِي الطُّرُقِ العَامَّةِ، وَالْمُتَسَوِّلُ: الشَّخْصُ الَّذِي يَتَعَيَّشُ مِنَ التَّسَوُّلِ وَيَجْعَلُ مِنْهُ حِرْفَةً لَهُ وَمَصْدَرًا وَحِيدًا لِلرِّزْقِ(3).
حكم التسول:
__________
(1) الصحاح (5‍/3‍‍‍1‍).
(2) المفردات (9‍‍2‍، 0‍5‍2‍).
(3) معجم مصطلحات الرعاية والتنمية الاجتماعية (9‍2‍).

(1/1)


قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: السُّؤَالُ حَرَامٌ فِي الأَصْلِ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ بِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مُهِمَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الضَّرُورَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الأَصْلَ فِيهِ التَّحْرِيمُ لأَنَّهُ لاَ يَنْفَكُّ عَنْ ثَلاَثَةِ أُمُورٍ مُحَرَّمَةٍ: الأَوَّلُ: إِظْهَارُ الشَّكْوَى مِنَ اللهِ تَعَالَى،إِذِ السُّؤَالُ إِظْهَارٌ لِلْفَقْرِ، وَذِكْرٌ لِقُصُورِ نِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ عَيْنُ الشَّكْوَى .
الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ إِذْلاَلَ السَّائِلِ نَفْسَهُ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ لِغَيْرِ اللهِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ لِمَوْلاَهُ،فَإِنَّ فِيهِ عِزَّهُ. فَأَمَّا سَائِرُ الْخَلْقِ فَإِنَّهُمْ عِبَادٌ أَمْثَالُهُ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَذِلَّ لَهُمْ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، وَفِي السُّؤَالِ ذُلٌّ لِلسَّائِلِ بِالإِضَافَةِ إِلَى إِيذَاءِ الْمَسْئُولِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لاَ يَنْفَكُّ عَنْ إِيذَاءِ الْمَسْئُولِ غَالِبًا، لأَنَّهُ رُبَّمَا لاَ تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْبَذْلِ عَنْ طِيبِ قَلْبٍ مِنْهُ فَإِنْ بَذَلَ حَيَاءً مِنَ السَّائِلِ، أَوْ رِيَاءً فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الآخِذِ، وَإِنْ مَنَعَ رُبَّمَا اسْتَحْيَا وَتَأَذَّى فِي نَفْسِهِ بِالْمَنْعِ، إِذْ يَرَى نَفْسَهُ فِي صُورَةِ الْبُخَلاَءِ، فَفِي الْبَذْلِ نُقْصَانُ مَالِهِ، وَفِي الْمَنْعِ نُقْصَانُ جَاهِهِ،وَكِلاَهُمَا مُؤْذِيَان،ِ وَالسَّائِلُ هُوَ السَّبَبُ فِي الإِيذَاءِ، وَالإِيذَاءُ حَرَامٌ إِلاَّ بِضَرُورَةٍ(1).
الآيات الواردة في "التسول"(2)
__________
(1) إحياء علوم الدين للامام أبي حامد الغزالي (4‍/3‍2‍2‍).
(2) الآيات الواردة هنا في السؤال عامة الجائز والمذموم.

(1/2)


{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ(177)}(1)
{لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ(273)}(2)
{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(19)}(3)
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ(24)لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(25)}(4)
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ(10)}(5)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التسول" معنًى
__________
(1) البقرة : 177 مدنية
(2) البقرة : 273 مدنية
(3) الذاريات : 19 مكية
(4) المعارج : 24 – 25 مكية
(5) الضحى : 10 مكية

(1/3)


1‍- *(عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً(1) فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ J أَسْأَلُهُ فِيهَا.فَقَالَ:[ أَقِمْ حَتَّى تَأْْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا] قَالَ: ثُمَّ قَالَ:[ يَاقَبِيصَةُ! إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ.وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ(2) (أَوْ قَالَ: سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ) . وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا(3) مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ . فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ (أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ، يَاقَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا(4)])*(5).
2 - *( عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ
J فَأَعْطَانِي،ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ:[إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ(6) نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى])*(7).
__________
(1) الحمالة بفتح الحاء: الدية والغرامة التي يحملها الإنسان بسبب الصلح بين الناس.
(2) قواما من عيش: أي ما يقيم به صلبه.
(3) الحجا: مقصور، وهو العقل.
(4) سحتًا: أي حرامًا.
(5) مسلم (4‍4‍0‍1‍).
(6) بإشراف نفس: أي بتطلع وطمع.
(7) مسلم (5‍3‍0‍1‍).

(1/4)


3 -*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي،أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:[لاَ].فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: [لا]. ثُمَّ قَالَ:[الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ ـ أَوْكَثِيرٌ ـ.إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنَيِاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ(1)، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ](2). فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ:[إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ(3)، فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ . اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ] لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ J أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ)*(4).
4 - *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ
J،قَالَ:[لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ(5)])*(6).
__________
(1) يتكففون الناس: أي يسألون الناس بمد أكفهم إليهم .
(2) في في امرأتك:أي في فمها.
(3) إنك لن تخلف: المراد بالتخلف طول العمر والبقاء في الحياة بعد أصحابه.
(4) البخاري ـ الفتح3‍(5‍9‍2‍1‍) واللفظ له. ومسلم (8‍2‍6‍1‍).
(5) مزعة لحم: أي قطعة لحم.
(6) البخاري ـ الفتح 3‍(4‍7‍4‍1‍).ومسلم(0‍4‍0‍1‍) واللفظ له.

(1/5)


5 - *( عَنْ ثَوْبَانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[مَنْ يَكْفُلُ لِي أَنْ لاَ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟] فَقَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا. فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا)*(1).
من الآثار الواردة في ذَمِّ "التسول"
1‍- *( سَمِعَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ سَائِلاً يَسْأَلُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ قَوْمِهِ: عَشِّ الرَّجُلَ، فَعَشَّاهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ ثَانِيًا يَسْأَلُ، فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ عَشِّ الرَّجُلَ؟قَالَ: قَدْ عَشَّيْتُهُ. فَنَظَرَ عُمَرُ، فَإِذَا تَحْتَ يَدِهِ مِخْلاَةٌ مَمْلُوءَ ةٌ خُبْزًا فَقَالَ: لَسْتَ سَائِلا ً وَلَكِنَّكَ تَاجِرٌ. ثُمَّ أَخَذَ الْمِخْلاَةَ وَنَثَرَهَا بَيْنَ يَدَيْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ(2) وَقَالَ:لاَ تَعُدْ)*(3).
2‍- *( قَالَ الشَّاعِرُ:
لاَ تَحْسَبَنَّ الْمَوْتَ مَوْتَ الْبِلَى……فَإِنَّمَا الْمَوْتُ سُؤَالُ الرِّجَالِ
كِلاَهُمَا مَوْتٌ وَلَكِنَّ ذَا……أَشَدُّ مِنْ ذَاكَ لِذُلِّ السُؤَالِ)*(4).
3- *(وَقَالَ آخَرُ:
وَمَتَى تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَارْجُ الْغِنَى……وَإِلَى الَّذِي يَهَبُ الرَّغَائِبَ فَارْغَبِ)*(5).
من مضار "التسول"
(1‍) يُورِثُ الذُّلَّ وَالْهَوَانَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
(2‍) عَمَلٌ دَنِيءٌ تَمُجُّهُ الأَذْوَاقُ السَّلِيمَةُ.
(3‍) اسْتِحْقَاقُ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ.
(4‍) دَلِيلٌ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَحَقَارَتِهَا.
__________
(1) أحمد في المسند (5‍/6‍7‍3‍).وأبو داود (3‍4‍6‍1‍) واللفظ له. والبغوي في شرح السنة (6‍/7‍1‍1‍) وقال محققه: إسناده صحيح.
(2) الدِّرَّة: السوط.
(3) إحياء علوم الدين، للإمام أبي حامد الغزالي (4‍/4‍2‍2‍).
(4) كتاب الآداب الشرعية، لابن مفلح: ج 3‍، ص 0‍8‍2‍.
(5) المرجع السابق نفسه.

(1/6)


(5‍) يُورِثُ سُفُولاً وَانْحِطَاطًا في الْمُجْتَمَعِ.
(6‍) انْتِزَاعُ الْبَرَكَةِ مِنَ الْمَالِ.
(7‍) حِرْمَانُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ.
(8‍) دَلِيلٌ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ.

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...