Translate سكا.....

الثلاثاء، 3 مايو 2022

كتاب : التولي يوم الزحف و كتاب : الخداع

 

 كتاب : التولي يوم الزحف

التولي
التولي لغة:

التَّوَلِّي مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ [وَلِيَ] الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْقُرْبِ، يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: [الْوَاوُ وَالَّلامُ وَالْيَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قُرْبٍ، مِنْ ذَلِكَ الْوَلْيُ: القُرْبُ(1) وَالتَّوَلِّي: الإِعْرَاضُ بَعْدَ قُرْبٍ. يَقُولُ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَوَلَّى عَنْهُ، أَيْ أَعْرَضَ وَوَلَّى هَارِبًا: أَيْ أَدْبَرَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} أَيْ مُسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ(2)].
وَيَقُولُ الرَّاغِبُ:وَقَوْلُهُمْ:تَوَلَّى إِذَا عُدِّيَ بِنَفْسِهِ اقْتَضَى مَعْنَى الوِلاَيَةِ وَحُصُولِهِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْهُ. يُقَالُ: وَلَّيْتُ سَمْعِي كَذَا، وَوَلَّيْتُ عَيْنِي كَذَا،وَوَلَّيْتُ وَجْهِي كَذَا، أَقْبَلْتُ بِهِ عَلَيْهِ .
__________
(1) المقاييس (6‍/1‍‍‍).
(2) الصحاح (6‍/9‍‍‍‍).

(1/1)


وَوَلَّى الشَّيْءُ وَتَوَلَّى:أَدْبَرَ.وَوَلَّى عَنْهُ: أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ نَأَى، وَوَلَّى هَارِبًا: أَدْبَرَ. وَقَدْ يَكُونُ وَلَّيْتُ الشَّيْءَ وَوَلَّيْتُ عَنْهُ بِمَعْنًى، وَقَدْ تَكُونُ التَّوْلِيَةُ إِقْبَالاً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وَقَالَ أَبُومُعَاذٍ النَّحْوِيُّ: قَدْ تَكُونُ التَّوْلِيَةُ بِمَعْنَى التَّوَلِّي. يُقَالُ: وَلَّيْتُ وَتَوَلَّيْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ... وَقَدْ وَلَّى الشَّيْءُ وَتَوَلَّى إِذَا ذَهَبَ هَارِبًا وَمُدْبِرًا، وَالتَّوَلِّي يَكُونُ بِمَعْنَى الإِعْرَاضِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الاتِّبَاعِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أَيْ إِنْ تُعرِضُوا عَنِ الإِسْلاَمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} مَعْنَاهُ مَنْ يَتَّبِعْهُمْ وَيَنْصُرْهُمْ، تَقُولُ: تَوَلَّيْتُ فُلاَنًا أَيِ اتَّبَعْتُهُ وَرَضِيتُ بِهِ، وَتَوَلَّيْتُ الأَمْرَ تَوَلِّيًا إِذَ ا وَلِيتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} أَيْ وَلِيَ وِزْرَ الإِفْكِ وَإِشَاعَتَهُ(1).
التَّوَلِّي اصطلاحًا:
وَقَالَ الكَفَوِيُّ: التَّوَلِّي: الإِعْرَاضُ مُطْلَقًا، وَلاَ يَلْزَمُهُ الإِدْبَارُ وَالتَّوَلِّي بِالإِدْبَارِ (يَوْمَ الزَّحْفِ) قَدْ يَكُونُ عَلَى حَقِيقَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الانْهِزَامِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} (التوبة/5‍‍).
__________
(1) لسان العرب (5‍‍/5‍‍‍).وانظر مختار الصحاح(6‍‍‍) وكذا في المصباح(1‍‍‍). وكذا السجستاني في الأضداد (6‍‍‍).

(1/2)


وَالتَّوَلِّي قَدْ يَكُونُ لِحَاجَةٍ تَدْعُو إِلَى الانْصِرَافِ مَعَ ثُبُوتِ الْعَقْدِ (النِّيَّةِ)(1).
حكم التولي يوم الزحف:
وَنَقَلَ عَنِ الشَّافِعيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَوْلَهُ: إِذَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فَلَقُوا ضِعْفَهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ حَرُمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُوَلُّوا إِلاَّ مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِهِمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُمْ أَنْ يُوَلُّوا، وَلاَ يَسْتَوْجِبُونَ السَّخَطَ مِنَ اللهِ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُمْ عَلَى غَيْرِ التَّحَرُّفِ لِلْقِتَالِ أَوِ التَّحَيُّزِ إِلَى فِئَةٍ،وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ الْمَشْهُورُ عَنْهُ(2).
الآيات الواردة في "التولي"
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ(155)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(156)}(3)
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ(15)وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(16)}(4)
__________
(1) الكليات للكفوي ( 8‍‍، 9‍‍‍).
(2) الزواجر لابن حجر (4‍‍‍).
(3) آل عمران : 155 – 156 مدنية
(4) الأنفال : 15 – 16 مدنية

(1/3)


{لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ(25)ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ(26)ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(27)}(1)
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(16)لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا(17)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التولي"
1 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J قَالَ:[ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قِيلَ: يَارَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:[الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا،وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ،وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ])*(3).
__________
(1) التوبة : 25 – 27 مدنية
(2) الفتح : 16 – 17 مدنية
(3) البخاري ـ الفتح 5‍(6‍‍‍‍).مسلم (9‍‍) واللفظ له.

(1/4)


2 - *( عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: لاَ تَقُلْ نَبِيٌّ؛ إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللهِ J فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ .فَقَالَ لَهُمْ: [لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلاَ تَسْحَرُوا، وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلاَ تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلاَ تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ(1) أَنْ لاَ تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ] قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ فَقَالاَ: نَشْهَدُ إِنَّكَ نَبِيٌّ. قَالَ:[ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟] قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لاَ يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ )*(2).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "التولي" معنًى
__________
(1) قوله خاصة: مفعول مطلق والتقدير أخص خاصة اليهود لتأكيد اختصاصهم بما ألزمتهم به شريعتهم من عدم الاعتداء في السبت.
(2) الترمذي (3‍‍‍‍) واللفظ له وقال: حسن صحيح. والحاكم في المستدرك (1‍/9‍) وقال: هذا حديث صحيح لا نعرف له علَّة بوجه من الوجوه ووافقه الذهبي .

(1/5)


3 - *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J اسْتَعَاذَ مِنْ سَبْعِ مَوْتَاتٍ: مَوْتُ الْفُجَاءَةِ، وَمِنْ لَدْغِ الحَيَّةِ، وَمِنَ السَّبُعِ، وَمِنَ الحَرَقِ، وَمِنَ الغَرَقِ، وَمِنَ أَنْ يَخِرَّ عَلَى شَيْءٍ أَوْ يَخِرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمِنَ الْقَتْلِ عِنْدَ فِرَارِ الزَّحْفِ ])*(1).
__________
(1) أحمد (2‍/1‍‍‍) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر (0‍‍/0‍‍‍): إسناده صحيح . وهو في مجمع الزوائد (2‍/8‍‍‍). وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في [الكبير] و [الأوسط] وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.

(1/6)


4 - *(عَنْ عُمَيْرِاللَّيْثِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: [ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ الْمُصَلُّونَ، وَمَنْ يُقِيمُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَيْهِ،وَيَصُومُ رَمَضَانَ،وَيَحْتَسِبُ صَوْمَهُ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ مُحْتَسِبًا طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا].فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَارَسُولَ اللهِ، وَكَمِ الْكَبَائِرُ؟ قَالَ:[تِسْعٌ، أَعْظَمُهُنَّ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلاَلُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا . لاَ يَمُوتُ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ هَؤُلاَءِ الْكَبَائِرَ، وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ إِلاَّ رَافَقَ مُحَمَّدًا J فِي بُحْبُوحَةِ(1) جَنَّةٍ أَبْوَابُهَا مَصَارِيعُ الذَّهَبِ])*(2).
5 - *( عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ
J عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَاللهِ بْنَ جُبَيْرٍ،وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ،فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ)*(3).
__________
(1) بُحْبُوحة المكان: بحاءين مهملتين وباءين موحدتين مضمومتين: هو وسطه .
(2) المنذري في الترغيب (2‍/4‍‍‍) وقال: رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.
(3) البخاري - الفتح 7‍(7‍‍‍‍)

(1/7)


6 - *( عَنْ بِلاَلِ بْنِ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ J قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُنِيهِ عَنْ جَدِّي: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ J يَقُولُ:[ مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ])*(1).
__________
(1) أبو داود (7‍‍‍‍) واللفظ له، وقال الألباني (1‍/3‍‍‍): صحيح. وأطال محقق [جامع الأصول] (4‍/389) في التعليق عليه ووافق الحاكم والذهبي على تصحيحه.

(1/8)


7 - *( عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: يَاأَبَاعُمَارَةَ أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ J، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ(1) وَأَخِفَّاؤُهُمْ(2) حُسَّرًا(3) لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلاَحٌ، أَوْ كَثِيرُ سِلاَحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لاَ يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ(4). جَمْعُ هَوَازِنَ وَبَنِي نَضْرٍ . فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا(5) مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ J، وَرَسُولُ اللهِ J عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ. فَنَزَلَ فَاسْتَنْصَرَ(6) وَقَالَ: أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ(7) أَنَا ابْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبْ، ثُمَّ صَفَّهُمْ])*(8).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "التولي"
__________
(1) شبان أصحابه: جمع شاب . كواحد ووحدان.
(2) وأخفاؤهم: جمع خفيف . كطبيب وأطباء . وهم المسارعون المستعجلون .
(3) حسرًا: جمع حاسر . كساجد وسجد . أي بغير دروع .وقد فسره بقوله: ليس عليهم سلاح . والحاسر من لا درع له ولا مغفر.
(4) لا يكاد يسقط لهم سهم: يعني أنهم رماة مهرة، تصل سهامهم إلى أغراضهم، كما قال: ما يكادون يخطئون.
(5) فرشقوهم رشقًا: أي رموهم بالسهام رميًا شديدًا.
(6) فاستنصر: أي طلب من الله تعالى النصرة، ودعا بقوله: اللهم أنزل نصرك.
(7) أنا النبي لا كذب: أي أنا النبي حقًّا، فلا أفر ولا أزول.
(8) البخاري ـ الفتح (7‍/5‍‍‍‍)،مسلم(6‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/9)


1‍*( عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:[ كَرَمُ الْمُؤْمِنِ تَقْوَاهُ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ، وَالْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللهُ حَيْثُ شَاءَ، فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّا لاَ يَؤُوبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ])*(1).
2‍- *( قَالَ الْمُنْذِرِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: [ كَانَ الشَّافِعِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ يَقُولُ:[إِذَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فَلَقُوا ضِعْفَهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ حَرُمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُوَلُّوا إِلاَّ مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ،أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ،وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِهِمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُمْ أَنْ يُوَلُّوا، وَلاَ يَسْتَوْجِبُونَ السَّخَطَ عِنْدِي مِنَ اللهِ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُمْ عَلَى غَيْرِ التَّحَرُّفِ لِلْقِتَالِ، أَوِ التَّحَيُّزِ إِلَى فِئَةٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَشْهُورُ])*(2).
3- *(وَعِنْدَ القُرْطُبِيِّ: قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ،وَلاَ يَجُوزُ لَهُمُ الفِرَارُ، وَإِنْ فَرَّ إِمَامُهُمْ لِقَوْلِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ... الآيَةُ} (الأنفال/6‍‍)(3).
4- (قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ:[فَأَمَّا إِنْ كَانَ الفِرَارُ لاَ عَنْ سَبَبٍ مِنْ هَذِهِ الأَسْبَابِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ])(4).
من مضار "التولي"
__________
(1) الموطأ تنوير الحوالك (2‍/9‍‍).
(2) الترغيب والترهيب (2‍/4‍‍‍).
(3) المرجع السابق (4‍/7‍‍‍‍).
(4) تفسير ابن كثير (2‍/4‍‍‍).

(1/10)


(1‍) يُسْخِطُ الرَّبَّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَيُرْضِي الشَّيْطَانَ.
(2‍) الَّذِي يَفِرُّ يَوْمَ الزَّحْفِ غَيْرَ مُتَحَيِّزٍ إِلَى فِئَةٍ أَوْ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ إِنَّمَا يَخَافُ الْمَوْتَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الإِيمَانِ .
(3‍) مَنْ تَوَلَّى مِنَ الزَّحْفِ فَقَدِ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً عُظْمَى فِي حَقِّ الْمُجْتَمَعِ، وَأَصْبَحَ مَنْبُوذًا يُنْظَرُ إِلَيْهِ شَزْرًا.
(4‍) وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُنْتَقَصٌ يَرَى نَفْسَهُ ذَلِيلاً دُونَ غَيْرِهِ فِي الرُّجُولَةِ .

الكتاب : الخداع

الخداع
الخداع لغةً:

مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: خَدَعَ يَخْدَعُ خَدْعًا وَخِدَاعًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِن مَادَّةِ (خ د ع) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إِخْفَاءِ الشَّيْءِ، مِنْ ذَلِكَ: خَدَعْتُ الرَّجُلَ: خَذَلْتُهُ، وَخَدَعَ الرِّيقُ فِي الْفَمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْفَى فِي الْحَلْقِ وَيَغِيبُ، وَلِفُلاَنٍ خُلُقٌ خَادِعٌ، إِذَا تَخَلَّقَ بِغَيْرِ خُلُقِهِ، لأَنَّهُ يُخْفِي خِلاَفَ مَا يُظْهِرُهُ، وَيُقَالُ إِنَّ الْخُدَعَةَ الدَّهْرُ . وَالْخُدَعَةُ: الرَّجُلُ يَخْدَعُ النَّاسَ، وَخُدْعَةٌ يَخْدَعُهُ النَّاسُ، وَدِينَارٌ خَادِعٌ أَيْ نَاقِصُ الْوَزْنِ وَكَأَنَّهُ أَرَى التَّمَامَ وَأَخْفَى النُّقْصَانَ حَتَّى أَظْهَرَهُ الوَزْنُ، وَالأَخْدَعَانِ: عِرْقَانِ تُصُوِّرَ مِنْهُمَا الْخِدَاعُ لاِسْتِتَارِهِمَا تَارَةً وَظُهُورِهِمَا تَارَةً، يُقَالُ: خَدَعَهُ يَخْدَعُهُ قَطَعَ أَخْدَعَيْهِ، وَخَدَعَهُ: خَتَلَهُ وَأَرادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ، وَالاسْمُ: الْخَدِيعَةُ، يُقَالُ: هُوَ يَتَخَادَعُ، أَيْ يُرِي ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ، وَخَدَعْتُهُ فانْخَدَعَ، وَخَادَعْتُهُ خِدَاعًا وَمُخَادَعَةً وَفِي التَّنْزِيلِ: {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النساء/2‍‍‍). قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَيْ يُخَادِعُونَ أَوْلِيَاءَ اللهِ(1).
__________
(1) تَأْويل ذَلِكَ يَقْتضي أَنَّ في الكلام حَذْفًا .

(1/1)


وَقَالَ الرَّاغِبُ: يُخَادِعُونَ الرَّسُولَ وَالأَوْلِيَاءَ، وَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَى اللهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُعَامَلَةَ الرَّسُولِ كَمُعَامَلَتِهِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ خِدَاعًا تَفْظِيعًا لِفِعْلِهِمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ الرَّسُولِ وَأَوْلِيَائِهِ وَلاَ تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الحَذْفِ هُنَا لأَنَّهُ لَوْ ذُكِرَ الْمَحْذُوفُ لَمَا كَانَ تَنْبِيهٌ عَلَى فَظَاعَةِ فِعْلِهِمْ وَلاَ عَلَى عَظِيمِ المَقْصُودِ بِالْخِدَاعِ، وَخَادِعُهُمْ: مُجَازِيهِمْ بِالْخِدَاعِ(1).
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيِّ وَأَبِي عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: يُعْطِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ مَعَ المُسْلِمِينَ كَمَا كَانُوا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يَسْلُبُهُمْ ذَلِكَ النُّورَ فَيُطْفِئُهُ، فَيَقُومُونَ فِي ظُلْمَتِهِمْ وَيُضْرَبُ بَيْنَهُمْ بِالسُّورِ(2).
وَعَنِ الحَسَنِ قَوْلُهُ: يُلْقَى عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُنَافِقٍ نُورٌ يَمْشُونَ بِهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلَى الصِّرَاطِ طَفِيءَ نُورُ الْمُنَافِقينَ، وَمَضَى المُؤْمِنُونَ بِنُورِهِمْ فَيُنَادُونَهُمْ، {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ } (الحديد/3‍‍) قَالَ الحَسَنُ فَذَلِكَ خَدِيعَةُ اللهِ إِيَّاهُمْ(3).
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي المُنَافِقِينَ {يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (البقرة/9‍).
__________
(1) المفردات (143).
(2) تفسير الطبري (4‍/332) .
(3) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.

(1/2)


قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى ظَنِّهِمْ، وَقِيلَ: لِعَمَلِهِمْ عَمَلَ المُخَادِعِ، وَمُخَادَعَهُمْ: مَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الإِيمَانِ خِلاَفَ مَا أَبْطَنُوهُ مِنَ الْكُفْرِ لِيَحْقِنُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا وَخَدَعُوا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يُفْسِدُونَ إِيمَانَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى بِالرِّيَاءِ، وَمَا تَحِلُّ عَاقِبَةُ الخَدْعِ إِلاَّ بِهمْ. لأَنَّ الخِدَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ مَنْ لاَ يَعْرِفُ الْبَوَاطِنَ، وَأَمَّا مَنْ عَرَفَ الْبَوَاطِنَ فَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْخِدَاعِ فَإنَّمَا يَخْدَعُ نَفْسَهُ، وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَعْرِفُوا اللهَ، إِذْ لَوْ عَرَفُوهُ لَعَرَفُوا أَنَّهُ لاَ يُخْدَعُ(1). وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: خِدَاعُ المُنَافِقِ رَبَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ إِظْهَارُهُ بِلِسَانِهِ مِنَ القَوْلِ وَالتَّصْدِيقِ خِلاَفَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِنَ الشَّكِّ وَالتَّكْذِيبِ(2).
__________
(1) القرطبي (1‍/5‍‍‍ـ 6‍‍‍).
(2) الطبري (1‍/3‍‍‍) .

(1/3)


أَمَّا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: [الحَرْبُ خَدْعَةٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا، (وَخُدَعَةٌ) بِضَمِّ الخَاءِ مَعَ فَتْحِ الدَّالِ فَالأَوَّلُ (خَدْعَةٌ) مَعْنَاهُ أَنَّ الحَرْبَ يَنْقَضِي أَمْرُهَا بِخَدْعَةٍ وَاحِدَةٍ، أَيْ أَنَّ الْمُقَاتِلَ إِذَا خُدِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تَكُنْ لَهُ إِقَالَةٌ، وَالثَّانِي (خُدْعَةٌ) هُوَ الاسْمُ مِنَ الْخِدَاعِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: (خُدَعَةٌ) فَمَعْنَاهُ: أَنَّ الحَرْبَ تَخْدَعُ الرِّجَالَ وَتُمَنِّيهِمْ وَلاَ تَفِي لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: الخَدْعُ: إِظْهَارُ خِلاَفِ ما تُخْفِيهِ . وَقِيلَ الخِدَاعُ: الْحِيلَةُ. وَقِيلَ: خَدَعَهُ يَخْدَعُهُ خِدْعًا، بِالْكَسْرِ، مِثْلَ سَحَرَهُ يَسْحَرهُ سِحْرًا. وَيُقَالَ: هُوَ يَتَخَادَعُ أَيْ يُرِي ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ.وَتَخَادَعَ القَوْمُ: خَدَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُقَالُ: رَجُلٌ خَدَّاعٌ وخَدُوعٌ وخُدْعَةٌ إِذَا كَانَ خِبًّا. والْخُدْعَةُ مَا تَخْدَعُ بِهِ(1).
الخداع اصطلاحًا:
وَقَالَ الرَّاغِبُ:الْخِدَاعُ: إِنْزَالُ الْغَيْرِ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ بِأَمْرٍ يُبْدِيهِ عَلَى خِلاَفِ مَا يُخْفِيهِ(2).
وَقَالَ المُنَاوِيُّ:إِظْهَارُ خَيْرٍ يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى إِبطَانِ شَرٍّ يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُ ذَلِكَ الخَيْرِ المُظْهَرِ.
وَقِيلَ: هُوَ إِظْهَارُ مَا يُخَالِفُ الإِضْمَارَ(3).
[للاستزادة: انظر صفات: التناجش ـ الخبث ـ سوء المعاملة ـ الغدر ـ الغش ـ اللؤم ـ المكر ـ النفاق- الخيانة ـ الكذب.
__________
(1) مقاييس اللغة (2‍/2‍‍‍)، المفردات للراغب (3‍‍‍) انظر: النهاية لابن الأثير (2‍/4‍‍)، ولسان العرب (8‍/3‍‍‍‍) والصحاح (3‍/1‍‍‍‍).
(2) المفردات (3‍‍‍) .
(3) انظر: التوقيف على مهمات التعاريف لابن المناوي (3‍‍‍).

(1/4)


وفي ضد ذلك: انظر صفات: الأمانة ـ الإيمان ـ الاستقامة ـ حسن المعاملة ـ الصدق ـ المروءة ـ النبل].
الآيات الواردة في "الخداع"
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(9)}(1)
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً(142)}(2)
{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ(62)}(3)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الخداع"
1‍*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ
J أَنْهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ،فَقَالَ:[إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ:لاَ خِلاَبَةَ(4)])*(5).
__________
(1) البقرة : 9 مدنية
(2) النساء : 142 مدنية
(3) الأنفال : 62 مدنية
(4) لا خلابة: لا تخلبوني أي لا تخدعوني .
(5) البخاري ـ الفتح4‍(7‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (3‍‍‍‍).

(1/5)


2‍*(عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ المُجَاشِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ J قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: [أَلاَ إِنَّ رَبّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي، يَوْمِي هَذَا . كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا، حَلاَلٌ. وإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ: وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ . وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ. وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا. وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ، عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَِبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ. وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لاَ يَغْسِلُهُ المَاءُ. تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ .وإنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا. فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَة ً. قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ. وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ. وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ . وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ.وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ. قَالَ: وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ . وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ . وَضَعِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ . قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لاَ زَبْرَ لَهُ(1)، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لاَ يَتْبَعُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً . وَالْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلاَّ خَانَهُ . وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ]. وَذَكَرَ
__________
(1) لا زبر له: أي لا عقل له.

(1/6)


الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ [وَالشِّنْظِيرُ الفَحَّاشُ])*(1).
3‍*( عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ
J يَقُولُ: [الْمَكْرُ وَالخَدِيعَةُ فِي النَّارِ] لَكُنْتُ مِنْ أَمْكَرِ النَّاسِ)*(2).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الخداع" معنًى
4‍*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ. وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ])*(3).
5‍*( عَنْ أَسْمَاءَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ
J فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّة ً. فَهَلْ عَلَيَّ جنُاَحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ مَالِ زَوْجِي بِمَا لَمْ يُعْطِنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ])*(4).
__________
(1) مسلم (5‍‍‍‍).
(2) فتح الباري (4‍/7‍‍‍) وقال الحافظ ابن حجر: إسناده لا بأس به،وقال الألباني: صحيح، وانظر صحيح الجامع (7‍‍‍‍).
(3) مسلم (8‍‍‍) واللفظ له وبعضه عند البخاري - الفتح 5‍(3‍‍‍‍).
(4) البخاري ـ الفتح 9‍(9‍‍‍‍) ومسلم (0‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/7)


6‍*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J قَالَ:[ لاَ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ(1) وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلاَ تَنَاجَشُوا(2) وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الإبِلَ وَالْغَنَمَ(3). فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا فإنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا، وَصَاعًا مَنْ تَمْرٍ])*(4).
7‍*( عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J: لَعَنَ الوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ(5) والوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ(6)*(7).
__________
(1) لا يُتَلَقَّى الركبان لبيعٍ: هو أن يتلقى الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد. ويخبره ما معه كذبًا ليشتري منه سلعته بالوكس وأقل من ثمن المثل.
(2) التناجش:الاستثارة أي يثير رغبة الناس فيها ويرفع ثمنها.
(3) لا تصروا الإبل والغنم: من التصرية وهي الجمع أي لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة.
(4) البخاري ـ الفتح 4‍(0‍‍‍‍)، ومسلم (5‍‍‍‍) واللفظ له.
(5) الواصلة: هي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر، والمستوصلة هي التي تطلب أن يُفعَل بها ذلك.
(6) الواشمة: من تفعل الوشم وهي أن تغرز إبرة أو نحوها في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غيرها حتى يسيل الدم، والمستوشمة هي من طلبت فعل ذلك.
(7) البخاري ـ الفتح0‍‍(7‍‍‍‍)، ومسلم (4‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/8)


8‍* (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ: [لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إلاَّ ثَلاَثةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ،وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً،فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي،فَقَالَتْ:يَا جُرَيْجُ.فَقَالَ:يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي.فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ،فَانْصَرَفَتْ،فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي.فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ:أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ. فَقَالَتْ: اللَّهُمْ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ(1). فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ . وَكَانَتِ امْرَأةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا(2).فَقَالَتْ: إنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ .قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا. فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا. فَوَقَعَ عَلَيْهَا. فَحَمَلَتْ. فَلَمَّا وَلَدَتْ. قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَه ُ. فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ البَغِيِّ . فَوَلَدَتْ مِنْكَ . فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ. فَصَلَّى. فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَهُ فِي بَطْنِهِ. وَقَالَ: يَا غُلاَمُ، مَنْ
__________
(1) المومسات: أي الزواني البغايا المتجاهرات بذلك والواحدة مومسة وتجمع مياميس أيضا .
(2) يتمثل بحسنها: أي يضرب به المثل لانفرادها به .

(1/9)


أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلاَنٌ الرَّاعِي. قَالَ: فَأقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُوَن بِهِ . وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ . قَالَ: لاَ. أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ . فَفَعَلُوا . وَبَيْنَا صَبِيُّ يَرْضَعُ مِنْ أُمّهِ . فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ(1) وَشَارَةٍ(2) حَسَنَةٍ فَقَالَتْ أُمُّهُ:اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا . فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ . فَقَالَ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ] . قَالَ: فَكَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ J وهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فَمِهِ . فَجَعَلَ يَمُصُّهَا. قَالَ: [وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ. سَرَقْتِ . وَهِيَ تَقُولُ: - حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَقَالَتْ أُمُّهُ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا . فَتَرَكَ الرِّضَاعَ وَنَظَرَ إلَيْهَا . فَقَالَ:اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا .فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الحَدِيثَ(3). فَقَالَتْ:حَلْقَى(4)، مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ .وَمَرُّوا بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ .سَرَقْتِ . فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا . فَقُلْتَ: اللَّهُمْ
__________
(1) فارهة: الفارهة النشيطة الحادة القوية. وقد فرهت فراهة وفراهية .
(2) وشارة: الشارة الهيئة واللباس .
(3) تراجعا الحديث: معناه أقبلت على الرضيع تحدثه . وكانت أولا، لا تراه أهلا للكلام 0‍فلما تكرر منه الكلام، علمت أنه أهل له فسألته وراجعته .
(4) حلقى: أي أصابه الله تعالى بوجع في حلقه .

(1/10)


اجْعَلْنِي مِثْلَهَا(1) قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. وَإنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ .وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ . فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا])*(2).
9‍*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ المُؤْمِنُ غِرٌّ(3) كَرِيمٌ،وَالْفَاجِرُ خِبُّ(4) لَئِيمٌ])*(5).
0‍‍*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ
J عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ(6)])*(7).
1‍‍( عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: [نَهَى النَّبِيُّ
J عَنِ النَّجَشِ(8)])(9).
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذَمِّ "الخداع"
__________
(1) مثلها: أي سالما من المعاصي كما هي سالمة .
(2) البخاري ـ الفتح 6‍(6‍‍‍‍)، مسلم (0‍‍‍‍) واللفظ له.
(3) الغر: الذي لم يجرب الأمور، وإنما جعل المؤمن غرا نسبة له إلى سلامة الصدر وحسن الباطن والظن في الناس فكأنه لم يجرب بواطن الأمور.
(4) الخب: الخداع المكار الخبيث .
(5) الترمذي (4‍‍‍‍)، وأبو داود (0‍‍‍‍)، والحاكم في المستدرك (1‍/3‍‍) وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني (9‍‍‍‍)، وقال محقق جامع الأصول (1‍‍/1‍‍‍) حديث حسن.
(6) الغرر: ما له ظاهر تؤثره وباطن تكرهه.
(7) مسلم (3‍‍‍‍).
(8) النجش هو الختل والخداع . وقيل: هو دخول الرجل في السلعة وهو لا يريد شراء ها بل ليرفع ثمنها.
(9) البخاري ـ الفتح 4‍(2‍‍‍‍)، ومسلم (6‍‍‍‍).

(1/11)


1‍*(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: [كَانَ لأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ ـ وَكَانَ أَبُوبَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ـ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلاَمُ:أَتَدْرِي مَا هَذَا؟فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكَهَانَةَ، إِلاَّ أَنِّي خَدَعْتُهُ فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذي أَكَلْتَ مِنْهُ .فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ])*(1).
2‍*(قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى:[ النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ])*(2).
3‍*(قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: [يُخَادِعُونَ اللهَ كَأَنَّمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوُا الأَمْرَ عَيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ])*(3).
4‍*(بَوَّبَ البُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي صَحِيحِهِ: [بَابَ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَأَنَّ بَيْعَهُ مَرْدُودٌ لأَنَّ صَاحِبَهُ عَاصٍ آثِمٌ إِذَا كَانَ بِهِ عَالِمًا، وَهُوَ خِدَاعٌ فِي البَيْعِ، وَالْخِدَاعُ لاَ يَجُوزُ])*(4).
من مضار "الخداع"
(1‍)ظُلْمُ النَّاسِ وَغَبْنُهُمْ وَأَكْلُ أَمْوَالِهِمْ بِالبَاطِلِ.
(2‍)انْتِهَاكُ حُرُمَاتِ اللهِ وَحُرُمَاتِ النَّاسِ.
(3‍)دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الإِيمَانِ بِاللهِ الْعَلِيمِ .
(4‍)فِيهِ تَحْطِيمٌ لِدَعَائِمِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ الْمُتَكَافِلِ الْمُسَالِمِ.
(5‍) عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْمُنَافِقِينِ وَالفَسَقَةِ الْمُجْرِمِينَ.
(6‍) كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ.
(7‍) طَرِيقٌ مُوَصِّلٌ إِلَى النَّارِ .
__________
(1) البخاري ـ الفتح 7‍(2‍‍‍‍).
(2) البخاري ـ الفتح (4‍/6‍‍‍).
(3) فتح الباري (2‍‍/2‍‍‍).
(4) البخاري ـ الفتح (4‍/6‍‍‍).

(1/12)


(8‍) سَبَبٌ فِي فَقْدِ ثِقَةِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ .

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...