Translate سكا.....

السبت، 30 أبريل 2022

مجلد 7 ومجلد 8 من كتاب تهذيب اللغة

 

7-قَالَ: والفِعْلةُ تجيءُ فِي مصدرِ فَاعل. تَقول: هاجرَ هِجرةً وعاشر عِشرةً.
قَالَ: وَإِنَّمَا يكونُ هَذَا التأسيسِ فِيمَا يدْخل الإفتعالُ على تفاعلا جَمِيعًا.
قَالَ: وزعمَ أَبو الدُّقيشِ: أَن الكَاشِرَ ضربٌ من البُضْع.
يُقَال: باضَعَها بُضعاً كاشِراً، وَلَا يُشتَقُّ منهُ فعلٌ.
ورُوِي عَن أَبي الدَّرداءِ أنَّه قَالَ: (إنَّا لنَكْشِرُ فِي وجوهِ أَقوامٍ وإنَّ قلوبنَا لتَقْلِيَهُم) أَي نتبسَّمُ فِي وُجُوههم.
وَيُقَال: كَشَرَ السَّبُعُ عَن نابِه إِذا هَرَّ للخِرَاشِ، وكَشرَ فلانٌ لفلانٍ إِذا تنّمرَ لَهُ وأَوْعدَه، كأَنهُ سبعٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: العُنْقودُ إِذا أُكِل مَا عَلَيْهِ وأُلْقي، فَهُوَ الكَشَرُ، قَالَ: والكشَرُ: الخُبزُ اليابسُ.
قَالَ وَيُقَال: كَشِرَ إِذا هَرَبَ، وكشَرَ إِذا افترَّ.
كرش: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الأنصارُ كَرِشي وعَيبَتِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد يُقَال: عَلَيْهِ كرشٌ من النَّاس أَي جماعةٌ، فَكَأَنَّهُ أرادَ أنهُم جماعتي وصحابتي الَّذين أَثقُ بهم وأعتمدُ عَلَيْهِم.
قَالَ، وَقَالَ الأحمرُ: همْ كَرِشٌ منثورةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَرِش الرجُل: عيالُه من صغَار وَلدِه.
وَيُقَال: كَرشٌ منثورةٌ أَي صبيان صغارٌ، وتزوَّجَ فلانٌ فُلانةَ فَنَثرَتْ لهُ ذَا بَطِنها وكَرِشها أَي كَثُرَ وَلَدهَا، وأَتانٌ كَرْشاءُ: ضخمةُ الخاصرَتينِ.
وَيُقَال للدَّلْو المُنتفخةِ النّوَاحي: كرشاءُ، وتكَرَّشَ جلدُ وجهِ الرجُل إِذا تَقبَّضَ، وَيُقَال ذَلِك فِي كل جلدٍ.
وَيُقَال للصبيِّ إِذا عظُمَ بطنُه وأخذَ فِي الأكلِ: قد اسْتكرَش.
قَالَ: وَأنكر بعضهُم ذَلِك فِي الصبيّ، فَقَالَ يُقَال للصبيّ: قد اسْتَجفرَ، إِنَّمَا يُقَال: استكرَش الجَديُ، وكلُّ سَخلٍ يَسْتكرشُ حِين يعظمُ بطنُه، ويشتدُّ أكله.
قَالَ: والكَرشُ لكلّ مُجْترَ، تؤنثُه الْعَرَب بِمَنْزِلَة الْمعدة للْإنْسَان، ولليربوع كرشٌ وللأرنب كرشٌ. قَالَ رؤبة:
طَلْقٌ إِذا استكرشَ ذُو التكريش
أَبلجُ صَدَّافٌ عَن التّحريش
قَالَ شمر: استكرشَ: تقبض، وقطّب، وَعَبس.
ابْن بُزُرْجَ: ثوبٌ أكْراشٌ وثوبٌ أكْباشٌ، وَهُوَ من برود الْيمن، وَبينهمْ رحم كرشاءُ أَي بعيدةٌ.

(10/9)


وَقَالَ غيرُه: مَا وجَدتُ إِلَى ذَلِك الْأَمر فا كَرِشٍ أَي لم أجِد إِليه سَبِيلا.
وامرأةٌ كَرْشاءُ: واسعةُ الْبَطن.
وَيُقَال: كَرِشَ الجِلد يَكْرَشُ كَرشاً إِذا مسَّتْه النارُ فانْزَوَى، والمُكرَّشةُ مِن طَعَام البادِين: أَنْ يُؤخذ اللَّحْم الأشْمَط فيهَرَّم تهرِيماً صِغاراً ويُقَطَّع عَلَيْهِ شحمٌ ثمَّ تُقوَّر قطعةُ كَرِشٍ من كرِش الْبَعِير ويُغسل ويُنظَّف وجهُه الأملس الَّذِي لَا فَرْثَ فِيهِ ويُجعل فِيهِ اللحمُ المُهَرَّم ويُجمَع أطرافُه ويُخَلّ عَلَيْهِ بخلالٍ وتُحفَر لَهُ إِرَةٌ ويُطْرَح فِيهَا الرِّضافُ ويوقَد عَلَيْهَا حَتَّى تَحمَى وتَحْمَرَّ فتصيرَ كالنار ثمَّ يُنَحَّى الجمرُ عَنْهَا وتُدْفَن المُكرَّشةُ فِيهَا ويُجعل فَوْقهَا مَلَّةٌ حاميةٌ ثمَّ يوقَد فَوْقهَا بحطبٍ جزْلٍ ثمَّ يُترك حَتَّى يَنْضَج فتَخرج وَقد طابت وَصَارَت كالقطعة الْوَاحِدَة فتُؤكل طيِّبة. يُقَال: كَرّشوا لنا تَكْرِيشاً.
والكَرِشُ من نَبَات الرِّياض والقِيعانِ أَنْجَعُ مَرتعٍ وأمرؤه تَسْمَنُ عَلَيْهِ الْإِبِل وتغزُرُ، وَكَذَلِكَ الخيلُ تَسمنُ عَلَيْهِ يَنْبُتُ فِي الشتَاء ويَهِيجُ فِي الصَّيف.
شكر: قَالَ اللَّيْث: الشُّكْرُ: عِرفانُ الإحسانِ ونَشرُه، وحَمْدُ مُوليهِ، وَهُوَ الشُّكور أَيْضا، والشُّكُورُ من الدَّوابِّ: مَا يكفيهِ للسِّمَنِ العلفُ القليلُ، والشَّكِرَةُ من الحَلائِبِ: الَّتِي تصيبُ حظّاً من بقلٍ أَو مرعًى فتغْزُرُ عَلَيْهِ بعد قلةِ لبنٍ. وإِذا نزلَ القومُ منزلا فأصابتْ نَعَمُهُمْ شَيْئا من البُقول فَدَرَّتْ، قيل: أَشْكَرَ القومُ، وإِنهم ليحتلِبُونَ شَكْرَةً جَزْم، وَقد شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً، وَأنْشد:
نَضْرِبُ دِرَّاتِهَا إِذا شَكِرَتْ
بأَقْطِهَا والرِّخَاَف نسلؤها
والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ، والشَّكِيرُ من الشَّعرِ والنباتِ: مَا يَنْبُت من الشَّعر بَين الضفائرِ، والجميعُ: الشُّكُرُ. وَأنْشد:
وبيْنَا الْفَتى يَهْتَزُّ للعَين نَاضِراً
كَعُسْلُوجَةٍ يَهْتزُّ مِنْهَا شَكِيرُها
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الشَّكِيرُ: مَا ينبتُ فِي أصلِ الشجرِ من الورقِ لَيْسَ بالكِبار، والشكيرُ من الفَرْخِ: الزَّغَبُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : يُقَال: شَكِرَتِ الشجرةُ وأَشْكَرَت إِذا خرج فِيهَا الشَّيْء.
وَحدثنَا مُحَمَّد بنُ إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا يعقوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدثنَا الحارثُ بن مُرَارَةَ الحنفيُّ، قَالَ: حَدثنَا الْمَأْثُور بن سِرَاج بن مَجَّاعَةَ، وطريفُ بن سلاَمة بن نوحِ بن مَجَّاعَةَ والأَفْوَاقُ بنت الأغرِّ أَن مَجَّاعَةَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قَائِلهمْ:

(10/10)


ومَجَّاعُ اليَمَامَةِ قد أَتَانَا
يُخَبِّرُنَا بِمَا قَالَ الرَّسُولُ
فأعطينا المَقَادَة واستقمنا
وكانَ المَرْء يسْمَعُ مَا يقولُ
فأَقْطَعَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكتبَ لَهُ بذلك كتابا:
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
هَذَا كتابٌ كتبه محمدٌ رسولُ الله لمَجَّاعَة بن مُرارةَ بن سُلمى: أَنِّي أقطعْتُكَ الفَوْرَة وعَوَانةَ من العَرَمَةِ والحُبَلِ فَمن حاجَّك فإِليَّ.
قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفَدَ على أبي بكرٍ فأَقطعهِ الخِضْرِمَة ثمَّ وفدَ على عمر فأقطعهُ الريا بِالحَجْرِ. ثمَّ إِن هلالَ بن سراجِ بن مَجَّاعة وَفد إِلَى عُمر بن عبد الْعَزِيز بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعدَما استُخلف فأَخذهُ عمر فقبَّله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ ومَسَحَ بِهِ وجههُ رجاءَ أَن يصيبَ وجههُ موضِعَ يَدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمَرَ عِنْده هِلالٌ لَيْلَة فَقَالَ لَهُ: يَا هلالُ، أَبَقِيَ من كهُولِ بني مَجَّاعَةَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نعمْ وشَكِيرٌ كثيرٌ. فَضَحِك عمر، وَقَالَ: كلِمَةٌ عربيةٌ، قَالَ، فَقَالَ جُلَساؤهُ: وَمَا الشَّكِيرُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: أَلمْ ترَ إِلَى الزَّرْعِ إِذا زَكا فأَخرجَ فنبتَ فِي أُصُوله فذلكم الشّكِيرُ، ثمَّ أجازهُ وَأَعْطَاهُ وأكرمه وَأَعْطَاهُ فِي فرائضِ العِيَال، والمُقَاتِلَة.
(قلت) : أَرَادَ بقوله: وشكِيرٌ كثيرٌ أَي ذريةٌ صغارٌ شبههم بشكِيرِ الزَّرْع وَهُوَ مَا نبتَ مِنْهُ صغَارًا فِي أُصُوله.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: الشّكِرَةُ: الممتلئةُ الضّرْع من النُّوقِ.
وَقَالَ الحُطَيْئَةُ يصف إبِلا غزاراً:
إِذا لم يكن إلاّ الأمالِيسُ أصبحتْ
لَهَا حُلَّقٌ ضَرَّاتُها شَكِرَات
قَالَ العجاج يصف رِكاباً أَجْهضت أولادَها:
والشّدَ نِيّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
حُوصَ العيونِ مُجْهِضَاتٍ مَا استَطَرْ
منهنَّ إتمامُ شكيرٍ فاشْتَكَرْ
مَا استطرَّ من الطر يُقَال طرَّ شعره أَي نبت، وطر شَاربه مثله يَقُول: مَا استطر مِنْهُم إتْمَام يَعْنِي بُلُوغ التَّمام والشكير: مَا نبت صَغِيرا فأشكر صَار شكيراً.
بِحَاجِبٍ وَلَا قَفَاً وَلَا أَزْبَأَرّ
مِنْهُنَّ سيساء وَلَا استغشى الْوَبر
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : اشْتَكَرَتِ السَّماءُ وحَفَلتْ واغْبَرَّت، كل ذَلِك من حِين يجدُّ وقعُ مطرِها ويشتدُّ. وَأنْشد غَيره لامرىء الْقَيْس:
فترى الوَدَّ إِذا مَا أشْجَذَتْ
وتُوَاريه إِذا مَا تَشْتَكِر
واشتكرت الريحُ إِذا اشتدَّ هُبُوبُها. وَقَالَ ابْن أَحْمَر:

(10/11)


المُطْعِمُونَ إِذا ريحُ الشِّتَا اشتكرت
والطّاعِنُون إِذا مَا استلحمَ البطلُ
واشتكَرَ الحرُّ والبردُ كَذَلِك. وَقَالَ الشَّاعِر:
غَداةَ الخِمْسِ واشْتكرَتْ حَرُورٌ
كأنّ أَجيجَها وهَجُ الصِّلاءِ
وشَكْرُ الْمَرْأَة: فرجُها.
وَمِنْه قَول يحيى بن يعمَرَ لرجلٍ خاصَمته إِليه امرأتُهُ فِي مَالهَا مَهْرِها (أَإِنْ سأَلَتْك ثَمنَ شكرِها وشَبْرِكَ أَنشأَتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُهَا) .
وَقَالَ الشَّاعِر يصف امْرَأَة أنْشدهُ ابْن السّكيت:
صَنَاعٌ بإشفَاها حَصانٌ بشكرها
جوادٌ بزادِ الرّكب والعِرقُ زاخرُ
وَيُقَال للفِدْرة من اللَّحْم إِذا كَانَت سَمِينَة: شَكْرَى. قَالَ الرَّاعي:
تَبيتُ المحالُ الغُرُّفى حَجَراتها
شكارَى مَرَاها ماؤُها وحديدها
أَرَادَ بحديدها مِغْرَفَةً من الْحَدِيد تُساط القدرُ بهَا وتُغْتَرَفُ بهَا إِهالتها.
وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: فاتحْتُ فلَانا الحديثَ وكاشرتُهُ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وشاكرتُه: أريتُه أنِّي لهُ شاكرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يَشْكُرُ: قبيلةٌ من رَبيعةَ. وشاكر: قبيلةٌ من هَمْدَانَ فِي الْيمن.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الشِّكارُ: فروجُ النساءٍ وَاحِدهَا: شَكْرٌ.
والشَّكورُ من أسماءِ الله جلّ وعزّ مَعْنَاهُ أَنه يزكو عِنْده القليلُ من أَعمال الْعباد فيُضَاعفُ لَهُم بِهِ الْجَزَاء. قَالَ ذَلِك أَبُو إسحاقَ الزَّجاجُ.
وَأما الشكورُ من عباد الله فَهُوَ الَّذِي يجتهدُ فِي شكر ربِّه بِطَاعَتِهِ وأدائه مَا وُظِّفَ عَلَيْهِ من عِبَادَته.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْءَالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ} (سبأ: 13) نُصِبَ قَوْله شكرا لِأَنَّهُ مفعولٌ لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: اعْمَلُوا للَّهِ شكرا، وَإِن شِئْت كَانَ مَنْصُوبًا على أَنه مصدرٌ مؤكدٌ. وعشبٌ مَشْكَرَةٌ: مَغْزَرةٌ للبن.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِشكارُ من النُّوقِ: الَّتِي تغزُرُ فِي الصَّيف وتنقطعُ فِي الشِّتاء وَالَّتِي يَدُوم لَبَنها سنتها كلهَا، يُقَال لَهَا: رَفُودٌ، ومَكودٌ، ووَشولٌ، وصفيٌّ.
شرك: قَالَ الله جلّ وعزّ مُخْبِراً عَن عَبده لُقمانَ الْحَكِيم أنهُ قَالَ لِابْنِهِ: {وَهُوَ يَعِظُهُ ياَبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ} (لُقْمَان: 13) والشرك: أَن تجْعَل لله شَرِيكا فِي رُبُوبيَّته، تَعَالَى الله عَن الشُّركاءِ والأنداد، وَإِنَّمَا دخلت الباءُ فِي قَوْله: {يَعِظُهُ ياَبُنَىَّ لاَ} لِأَن مَعْنَاهُ لَا تعدل بِهِ غَيره فتجعلَه شَرِيكا لَهُ، وَكَذَلِكَ قولُهُ:

(10/12)


{بِمَآ أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} (آل عمرَان: 151) لِأَن مَعْنَاهُ عدلوا بِهِ، وَمن عدل بِاللَّه شَيْئا من خلقه فَهُوَ مشركٌ لِأَن الله واحدٌ لَا شريكَ لَهُ وَلَا ندَّ وَلَا نديد.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّرْكةُ: مُخالطة الشَّرِيكين. يقالُ: اشْتَركْنَا بِمَعْنى تَشاركنا وَجمع الشَّرِيكِ: شُرَكاءُ، وأشراكٌ. وَقَالَ لبيد:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً
وَوِتراً والزَّعامةُ لِلْغُلامِ
يُقَال: شَرِيكٌ وأشْرَاكٌ كَمَا قَالُوا: يتيمٌ وأيتامٌ، ونصيرٌ وأنصارٌ، والأشراكُ أَيْضا جمع الشِّرْكِ، وَهُوَ النصيبُ كَمَا يُقَال: قِسمٌ وأقسامٌ، فَإِن شِئْت جعلت الأشْرَاكَ فِي بَيت لبيد جمع شريكٍ، وَإِن شِئْت جعلته جمع شِرْكٍ وَهُوَ النصيبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه شَرِيكَتِي، وَيُقَال فِي الْمُصَاهَرَة: رَغِبنا فِي شِرْكِكُم، أَي فِي مصاهرتكُم.
قلتُ: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول: فلانٌ شَرِيك فلانٍ إِذا تزوَّج بابنتِه أَو بأخته، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الناسُ: الخَتَنَ.
قلت: وَامْرَأَة الرجلِ: شريكتُه؛ وَهِي جارَتُه، وَزوجهَا جارُها وَهَذَا يدلُّ على أنَّ الشَّرِيكَ جارٌ وَأَنه أقرب الْجِيرَان.
وَقَالَ اللَّيْث الشِّرَاكُ: سَيْرُ النَّعْل.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال مِنَ الشِّرَاكِ: شرَّكْت النَّعْلَ وأشْرَكْتها إِذا جعلتَ لَهَا شِرَاكاً.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: شَرِكَتِ النَّعّلُ وشَسِعَتْ وزَمَّت إِذا انْقَطع كلُّ ذَلِك مِنْهَا.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الْزَمْ شَرَكَ الطَّرِيق، الواحدةُ: شَرَكةٌ، وَهِي أَنْسَاعُ الطَّرِيق.
وَقَالَ غَيره: هِيَ أخاديدُ الطَّرِيق، ومعناهما واحدٌ، وَهِي مَا حَفرت الدَّوابُّ بقوائمها فِي مَتْنِ الطَّرِيق، شَرَكةٌ هاهُنا، وَأُخْرَى بِجَنْبِها.
وَقَالَ شمر: أُمُّ الطَّرِيق، مُعظمُه وبُنَيَّاتُه: أشْرَاكٌ صغارٌ تتشعَّبُ عَنهُ ثمَّ تَنْقَطِع.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال: لطَمهُ لطْماً شُرَكِيّاً أَي مُتَتَابِعًا، ولطمهُ لطمَ المُتَنَقِّشِ وَهُوَ الْبَعِير تدخلُ فِي يَده الشَّوْكةُ فيضرِبُ بهَا الأَرْض ضربا شَدِيدا، فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَنَقشٌ.
وَقَالَ: وماءٌ لَيْسَ فِيهِ أشْرَاكٌ أَي لَيْسَ فِيهِ شُرَكاءُ، وَاحِدهَا شِرْكٌ.
قَالَ: وَرَأَيْت فلَانا مُشْتَرَكاً إِذا كَانَ يُحَدِّث نَفسه أَي أَن رَأْيه مُشترَكٌ لَيْسَ بواحدٍ.
وَيُقَال: الكلأُ فِي بني فلانٍ شُرُكٌ أَي طرائقُ، وَاحِدهَا شِرَاكٌ، وَيُقَال: شَرَكهُ فِي الْأَمر يَشْرَكُهُ: إِذا دخل مَعَه فِيهِ، وأشْرَكَ فلانٌ فلَانا فِي البيع إِذا أدخلهُ مَعَ نَفسه فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: شَرَكُ الصَّائدِ: حِبالته يرتبكُ

(10/13)


فِيهَا الصَّيد، والواحدة شَرَكةٌ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (النَّاس شُرَكاءُ فِي ثلاثٍ: الكَلأِ والماءِ والنّارِ) .
قلت: وَمعنى النَّار: الحطبُ الَّذِي يُسْتَوْقَدُ بِهِ، وَيُؤْخَذ من عَفْوِ البلادِ، وَكَذَلِكَ الماءُ الَّذِي يَنْبُعُ من منبعٍ غير مملوكٍ، والكلأ الَّذِي منبته غير مَمْلُوك وَالنَّاس فِيهِ مُسْتَوُون، وَالْفَرِيضَة الَّتِي تسَمَّى المُشْتَرَكةَ، وَهِي زوجٌ وأمٌ وأخوانِ لأُمَ وأخوانِ لأبٍ وأُمٍ، للزَّوْج النّصْف، وللأُم السُّدس، وللأَخوين للأُم الثُّلُث ويَشْرَكُهُم بَنو الْأَب وَالأُم، لِأَن الْأَب لمَّا سَقَط سَقَطَ حُكْمه، وَكَانَ كمن لم يكن، وصاروا بني أُمَ مَعًا، وَهَذَا قَول زيد بن ثَابت، وَكَانَ عمرُ حَكَم فِيهَا بِأَن جعل الثُّلُث للإخوة للْأُم وَلم يَجْعَل للإخوة للأَب وَالأُم شَيْئا فَرَاجعه فِي ذَلِك الإِخوة للأَب وَالأُم، وَقَالُوا لَهُ: هَبْ أَبَانَا كَانَ حِماراً فأشركنا بِقرَابَة أُمِّنا، فأَشرك بَينهم فسمِّيت الْفَرِيضَة مُشَرَّكةً.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ المُشْتَرَكةُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} (النَّحْل: 100) مَعْنَاهُ: الَّذين صَارُوا مُشْرِكين بطاعتهم للشَّيْطَان وَلَيْسَ الْمَعْنى أَنهم آمنُوا بِاللَّه وأشركوا بالشيطان، وَلَكِن عَبدوا الله وعبدوا مَعَه الشَّيْطَان فصاروا بذلك مُشركين لَيْسَ أَنهم أشركوا بالشيطان وآمنوا بِاللَّه وَحده، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عمرَ الزَّاهِد.
قَالَ: وعرضتُه على المُبَرّد: فَقَالَ: مُتْلَئِبٌّ صحيحٌ.
رشك: قَالَ اللَّيْث: الرّشْكُ اسْم رجلٍ يُقَال لَهُ يزيدُ الرِّشْك، وَكَانَ أحسبَ أهلِ زَمَانه، فَكَانَ الحسنُ البصريُّ إِذا سُئِل عَن حِسَاب فَرِيضَة قَالَ: علينا بيانُ السِّهام وعَلَى يزيدَ الرِّشْكِ الحسابُ.
قلت: مَا أرى الرِّشْكَ عَرَبيا وَأرَاهُ لقباً لَا أصل لَهُ فِي العربيَّة.
ك ش ل
استُعمل من وجوهها: شكل، كشل: (مستعملان) .
كشل: قَالَ اللَّيْث: الكَوْشَلَةُ: الفَيْشَلَةُ الضخمة، وَهِي الكَوْش والفَيْشُ.
قلت: الْمَعْرُوف الكَوْسَلَة بِالسِّين فِي الفَيشةِ، ولعلَّ السِّين فِيهَا لغةٌ، فإِن الشين عاقَبَتِ السينَ فِي حروفٍ كَثِيرَة مِنْهَا الرَّوْشَمُ والرَّوْسَمُ، وَمِنْهَا التَّسْمِيرُ والتَّشْمِيرُ بِمَعْنى الْإِرْسَال، وَمِنْهَا تَشْمِيتُ العاطِس وتَسْمِيتُه، والسَّوْدَقُ والشَّوْذَق والسُّدْفَةُ والشُّدْفَةُ.
شكل: (أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه) : فِي فلانٍ شَبَهٌ من أَبِيه وشَكْلٌ وأَشْكَلَةٌ، وشُكْلَةٌ وشاكلٌ ومشاكلةٌ.

(10/14)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: { (وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} (ص: 58) قَرَأَ الناسُ وآخَرُ إِلَّا مُجاهداً فَإِنَّهُ قَرَأَ: (وأُخر من شكله) .
وَقَالَ الزّجَّاج: من قَرَأَ: { (وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} فآخَر عطفٌ على قولِه: {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} أَي وعذابٌ آخر مِن شكله أَي من مثل ذَلِك الأول.
وَمن قَرَأَ (وأُخَرُ مِن شكِله) فَالْمَعْنى وأنواعٌ أُخَر من شكله، لِأَن معنى قَوْله أَزوَاج: أَنْوَاع.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّكْلُ: غُنْجُ الْمَرْأَة وحُسنُ دَلِّها.
يُقَال: إِنَّهَا شَكِلَةٌ مُشَكَّلةٌ: حَسنةُ الشِّكل.
قَالَ: الشَّكلُ: المِثل، تقولُ هَذَا على شكلِ هَذَا أَي على مِثَاله، وفلانٌ شكلُ فلانٍ أَي مثله فِي حالاتِه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: الشَّكلُ: المِثلُ، والشِّكلُ: الدَّلُّ، ويجوزُ هَذَا فِي هَذَا، وَهَذَا فِي هَذَا.
قَالَ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّكْلُ: ضربٌ من النَّبَات أصفرُ وأحمرُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (الْإِسْرَاء: 84) .
قَالَ: الشاكِلة: الناحيةُ والطَّريقةُ والجَدِيلة.
وَقَالَ الزَّجاج: يُقَال: هَذَا طريقٌ ذُو شَوَاكِلَ، أَي تَتشعَّبُ مِنْهُ طُرقٌ جَماعةٌ.
وَقَالَ الأخْفَشُ: (على شاكِلته) أَي على ناحيته وخَلِيقَتِه.
قَالَ، وَيُقَال: هَذَا مِن شَكل هَذَا أَي مِن ضَرْبه وَنَحْوه.
وأمَّا الشِّكل للْمَرْأَة: فَمَا تتحسَّن بِهِ من الغُنْجِ.
(سَلَمةُ عَن الفرّاء) قَالَ: الشَّوْكَلَةُ: الرَّجَّالةُ، والشَّوْكلَة: الناحِيَةُ، والشَوْكلة: العَوْسَجة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَشْكَلُ فِي ألْوان الإِبل والغَنم ونحوِه: أَن يَكون مَعَ السوادِ غُبْرَةٌ وحُمْرَةٌ، كَأَنَّهُ قد أَشكَلَ عَلَيْك لَوْنُه، وَتقول فِي غير ذَلِك من الألوان إِن فِيهِ لشُكْلَةً من لَوْن كَذَا وَكَذَا، كقولكَ أَسمَرُ فِيهِ شُكْلَةٌ من سوادٍ، والأشكلُ فِي سَائِر الْأَشْيَاء: بياضٌ وحُمْرَةٌ قد اختلَطَا. قَالَ ذُو الرُّمّة:
يَنْفَحْنَ أشكَلَ مَخْلوطاً تَقَمَّصَهُ
مَنَاخِرُ العَجْرَ فِيَّاتِ المَلاَجِيجِ
جمع مِلجاج تلج فِي هديرها.
وَقَالَ جَرِيرٌ يُنكِرُ الدّماء:
فَمَا زالَت القَتْلى تمورُ دماؤُها
بدِجْلةَ حَتَّى ماءُ دِجْلةَ أشْكَلُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأشكلُ فِيهِ بياضٌ وحُمرةٌ.

(10/15)


(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ) : الضَّبُعُ فِيهَا غُثْرَةٌ وشُكْلَةٌ لَوْنان فِيهِ سوادٌ وصُفرةٌ سَمِجَةٌ.
وَقَالَ شمر: الشُّكْلة: الحُمْرَةُ تختلط بالبياض، وَهَذَا شيءٌ أشكلُ. وَمِنْه قيل لِلْأَمْرِ المشتبِه: مُشْكِلٌ.
(المنذريُّ، عَن الصَّيْداوِيّ عَن الرِّياشِيِّ) يُقَال: أشكَل عَلَيَّ الْأَمر إِذا اخْتَلَط.
وَيقال: شَكَلْتُ الطيرَ، وشكَلتُ الدّابة.
(سَلمة عَن الفرّاء) قَالَ: أَشكلَتْ عَلَيَّ الأخبارُ وأَحْكلَتْ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: أَشكلَ عَلَيَّ الأمرُ أَي اختَلط، والأشكلُ عِنْد الْعَرَب: اللونانِ المختلطان.
وَقَالَ: فِي قَوْله فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلته عَن شَكْلِه) ، قَالَ: مَعْنَاهُ عَمَّا يشاكلُ أفعالَه.
وَفِي حَدِيث عليَ رَضِي الله عَنهُ فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي عَينيه شُكْلَةٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الشُّكلةُ كَهَيئَةِ الحُمْرة تكون فِي بَيَاض الْعين، فَإِذا كَانَت فِي سَواد الْعين حُمرةٌ فَهِيَ شُهْلةٌ. وَأنْشد:
وَلَا عيبَ فِيهَا غيرَ شُكْلةِ عينِها
كذاكَ عِتاقُ الطيْرِ شُكْلٌ عيونُها
قَالَ شمر: عتاق الطير هِيَ الصقور والبزاة، وَلَا تُوصَف بالحُمرِة، وَلَكِن تُوصَف بزرقة الْعين وشهلتها.
قَالَ: ورُوِي هَذَا الْبَيْت: شهلة عينهَا.
قَالَ وَقَالَ غير أبي عبيدٍ: الشكلة فِي الْعين: الصُّفْرَة الَّتِي تخالط بَيَاض الْعين الَّتِي حَوْلَ الحَدَقة على صفة عين الصَّقْر، ثمَّ قَالَ: وَلَكنَّا لم نسْمع الشكلة إِلاّ فِي الْحمرَة، وَلم نسمعها فِي الصُّفْرَة.
وَأنْشد:
وَنحن حَفزْنا الحَوْفزانَ بطعنة
سقتْه نجيعاً مِن دم الْجوف أَشكلا
قَالَ: فَهُوَ هَا هُنَا حُمرةٌ لَا شكّ فِيهِ.
قَالَ: ورَوَى أَبُو عدنان عَن الْأَصْمَعِي، يُقَال: فِي عينه شكْلَة، وَهِي حُمرةٌ تخالط الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث الأشكالُ: الْأُمُور والحَوائجُ المختلفةُ فِيمَا يُتكلَّفُ مِنْهَا ويُهتمُّ لَهَا وَأنْشد للعجاج:
وتَخلُجُ الأشكالُ دونَ الأشكالْ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) يُقَال: لنَا قِبلَ فُلانٍ أَشْكَلَةٌ وَهِي الحاجةُ.
وَقَالَ (ابْن الْأَعرَابِي) يُقَال للحاجةِ: أشْكَلَةٌ، وشَاكلَةٌ وشَوْكَلاءُ ونَوَاةٌ، بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَبو زيد: نَعْجَةٌ شَكْلاَءُ إِذا ابْيَضَّتْ شَاكلتَاها، وسَائرُهَا أَسْوَدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّاكلتَانِ: ظَاهِرُ الطِّفْطِفَتَيْن

(10/16)


من لَدُنْ مَبْلغِ القُصَيْرَى إِلى حَرْفِ الحَرْقَفَةِ من جانِبَي البَطْنِ.
قَالَ: والمشَاكِلُ من الأمورِ: مَا وَافَقَ فَاعِلَهُ ونَظِيرَهُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَرِهَ الشِكَالَ فِي الخَيْلِ.
قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي أَنْ تكون ثلاثُ قَوَائمَ مِنْهُ مُحَجَّلةً وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةً وإنَّمَا أُخِذَ هَذَا من الشِّكالِ الَّذِي يُشْكَلُ بهِ الخَيْلُ، شُبِّهَ بهِ لأنَّ الشِّكالَ إِنما يكوُن فِي ثلاثِ قَوائم أَو أَنْ تكونَ الثَّلاَثُ مُطْلَقَةً ورِجْلٌ مُحَجَّلةٌ، وَلَيْسَ يكون الشِّكالُ إِلاَّ فِي الرِّجلِ، وَلَا يكون فِي اليَدِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنهُ قَالَ: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يُمنَى يَدَيْهِ وَفِي يُمنَى رِجْلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَقَالَ آخرُ: الشكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يُسْرَى يَديهِ وَفِي يُسْرَى رِجْلَيْهِ.
وَقَالَ آخر: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يَديهِ حَسْبُ.
وَقَالَ آخرُ: الشِّكالُ: أَن يكون البَياَضُ فِي يَديَهِ وَفِي إِحْدَى رِجْليهِ.
وَقَالَ آخرُ: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي رِجليهِ وَفِي إِحدى يَديهِ.
(قلت) : وروى أَبُو قَتادة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خَيْرٌ الخَيْلُ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ المحجَّلُ الثَّلاَثِ طَلْقُ اليمنَى أَوْ كميْتٌ مثلُه) .
(قلت) : والأَقْرَحُ الَّذِي غُرَّتُهُ صَغيرةٌ بَين عَيْنَيْهِ، وَقَوله: طَلْقُ الْيُمْنَى: لَيْسَ فِيهَا من البَيَاضِ شيءٌ، والمحجَّلُ الثَّلاثِ: الَّتِي فِيهَا بَيَاضٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الشِّكالُ أَن يكون بَيَاضُ التّحْجِيلِ فِي رِجْلٍ واحدةٍ ويَدٍ من خِلافٍ، قَلَّ البَيَاضُ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ فَرَسٌ مَشْكُولٌ.
وَقَالَ شمر عَن عبد الْغفار عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: إِذا كَانَ البَيَاضُ بيدٍ ورجْلٍ من خلافٍ قَلَّ أَوْ كثُرَ فَهُوَ مَشكُولٌ.
وَقَالَ غَيره: الأشْكالُ: حُلِيٌّ يشاكلُ بَعْضهَا بَعْضًا يُقَرَّطُ بهَا النِّساءُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَمِعْت مِنْ صَلاَصِلِ الأشْكالِ
أَدْباً عَلَى لَبَّاتِها الحَوَالِي
هَزَّ السَّنَا فِي لَيْلَةِ الشَّمالِ
(أَبُو حَاتِم) : شَكَلْتُ الكِتابَ أشْكُلُهُ فَهُوَ مَشْكُولٌ إِذا قَيَّدْتَهُ.
قَالَ: وأَعْجَمْتُ الكتابَ إِذا نَقَطْتَه، وحَرْفٌ مُشِكلٌ: مُشتَبِهٌ مُلْتَبِسٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الشَّاكِلُ: البَيَّاضُ الَّذِي بَين الصُّدْغِ والأُذُنِ، وحُكيَ عَن بعضِ التَابعينَ أَنه أوْصى رَجُلاً فِي طَهَارَتِهِ فَقَالَ: تَفقُدِ المَنْشَلَةَ والمَغْفَلةَ والرَّوْمَ والفَنِيكَينِ والشَّاكلَ والشَّجْرَ.
قَالَ: المْغَفَلَةُ: العَنْفَقةُ نفسُها، والرَّوْمُ:

(10/17)


شَحْمَةُ الأُذُنِ، والمَنْشَلَةُ: مَوْضِعُ حَلْقَةِ الخاتَمِ.
ك ش ن
كنش، نكش: (مستعملان) .
نكش: قَالَ اللَّيْث: النّكْشُ: الأتْيُ على الشيءِ والفَراَغُ مِنْهُ، تقولُ: انْتَهوا إِلَى عُشْبٍ فنَكَشُوهُ أَي أَتَوْا عَلَيْهِ وحَفَرُواَ بِئْرا فَمَا نَكشُوا مِنْهَا بَعدُ أَي مَا فَرَغُوا مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: لم يجوِّد اللَّيْث فِي تَفْسِير النكش.
وَقَالَ غَيره: النكشُ: أنْ يُسْتَقَى من الْبِئْر حَتَّى تُنْزَحَ.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي أَنه قَالَ: هَذِه بئرٌ مَا تُنْكَشُ أَي مَا تُنزْحُ.
قَالَ وَقَالَ رجلٌ من قُرَيْش فِي عليِّ بن أبي طَالب: عِنْده شَجاعَةٌ لَا تُنْكشُ.
كنش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكنْشُ: أَنْ يَأْخذَ الرَّجُلُ المِسْوَاكَ فَيُليِّنَ رأْسَهُ بعد خُشُونَتِهِ، يُقَال: قد كَنَشَهُ بعد خُشُونَةٍ.
قَالَ: والكنْشُ: فَتْلُ الأكْسيَة.
ك ش ف
اسْتعْمل من وجوهه: (كشف) .
كشف: قَالَ اللَّيْث: الكشْف: رَفْعُكَ شَيْئا عمَّا يُواريهِ ويُغَطِّيهِ. والكشفُ: مَصدرُ الأكْشَفِ، والكشَفَةُ الاسمُ، وَهِي دائرةٌ فِي قُصاصِ الناصيةِ، وربمَا كَانَت شَعرات تَنْبُتُ صُعُداً وَلم تكنْ دَائِرَة فَهِيَ كَشَفةٌ يُتشَاءَمُ بهَا.
قَالَ: والكَشُوفُ من الْإِبِل: الَّتِي يَضربهَا الفَحْلُ وَهِي حَامِل، ومصدرهُ: الكِشافُ.
(قلت) : هَذَا التفسيرُ خطأُ، والكِشافُ: أَنْ يُحمَل على النّاقةِ بعد نِتَاجِهَا وَهِي عائِذٌ قد وَضعتْ حَدِيثا.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: إِذا حُمِلَ عَلَى النَّاقةِ سَنتَيْن مُتَواليَتَيْن فذاكَ الكشَافُ، وَهِي ناقةٌ كشوفٌ.
(قلت) : وأَجودُ نِتاجِ الْإِبِل: أَن يضربَها الفَحْل فَإِذا نُتِجت تُركتْ سَنَةً لَا يضْربهَا الفحْلُ فَإِذا فُصِل عَنْهَا فصيلها وَذَلِكَ عِنْد تَمام السّنة من يَوْم نِتاجها أُرسِلَ الفحْلُ فِي الْإِبِل الَّتِي هِيَ فِيهَا فيضربها فَإِذا لم تجمَّ سنة بعد نِتاجهَا كَانَ أَقلَّ لِلبَنِهَا. وأَضعف لولدها، وأَنْهك لقُوَّتها وطِرْقها، وَمن هَذَا قَول زُهَيْر فِي حرْبٍ امْتَدَّتْ أَيَّامُها.
فتعرُككُم عَرْكَ الرَّحَا بثِفَالها
وتَلْقَحْ كشافاً ثمَّ تُنتَجْ فتُتئم
فَضرب لقاحها كشافاً بحدثان نتاجها، وإتآمها مثلا بِشدَّة الْحَرْب ودوامها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَكْشَفَ القومُ إِذا صَارَت إبلهمْ كُشُفاً، الْوَاحِدَة: كَشوف فِي الحَمْل.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : الأكْشَفُ: الَّذِي

(10/18)


لَا تُرْسَ مَعَه فِي الْحَرْب.
وَقَالَ غَيره: أَكْشفَ الرجلُ إكشافاً إِذا ضحك فانقلبتْ شفتُه حَتَّى تبدوَ دَراَدِرُه.
ك ش ب
كشب، كَبْش، شكب، شَبكَ، بشك: (مستعملة) .
كشب: قَالَ اللَّيْث: الكَشْبُ: شدَّة أَكلِ اللَّحْم وَنَحْوه.
وَقَالَ الراجز:
ثمَّ ظَلِلْنَا فِي شِوَاءٍ رُعْبَبُهْ
مُلَهْوَج مِثْل الكُشَى نُكَشِّبُه
وكشب: اسْم جبل فِي الْبَادِيَة.
كَبْش: قَالَ اللَّيْث: إِذا أَثْنَى الحَمَل فقد صَار كَبْشاً، وكَبشُ الكتيبةِ: قائدُها.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: بلد قِفَارٌ كَمَا يُقَال: بُرْمة أَعْشارٌ وثوب أكْباشٌ، وَهِي ضُرُوب من بُرُودِ الْيمن، وثوب شَمارق، وشَبَارق إِذا تمزق.
قَالَ الْأَزْهَرِي: هَكَذَا أَقْرَأنيه المنذريُّ: ثوب أكباش بِالْكَاف والشين، وَلست أحفظه لغيره.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: ثوب أكْراشٌ، وثوب أكباش، وَهَذَا من برُود الْيمن، وَقد صَحَّ الْآن أكباشٌ.
وكُبيْشَةُ: اسْم امْرَأَة، كَأَنَّهُ تصغيرُ كَبْشَة، وَكَانَ مشرِكو مَكَّة يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أبي كَبْشةَ، وَقيل: إِن ابْن أبي كَبْشَة كَانَ رجلا من خُزاعةَ خالفَ قرَيشاً فِي عبَادَة الْأَوْثَان، وعَبَدَ الشِّعْرَى العَبُورَ، فشبهوا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنه خالفَهم كَمَا خالفهم ابْن أبي كَبْشَة.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَبُو كبشةَ: كنيةُ وَهْبِ بن عبد منَاف جدِّ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مِن قِبَلِ أمِّه، فنسب إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ نزعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ.
شَبكَ: قَالَ اللَّيْث: الشَّبْكُ: مصدرُ قَوْلك شَبكتُ أصابعي بعضَها بِبَعْض. فاشتبَكت وشبَّكتها فتشبكتْ على التكثير.
ورُوي عَن النَّبِي صلى عَلَيْهِ وَآله أَنه قَالَ: (إِذا خرج أحدُكم إِلَى الصَّلَاة فَلَا يُشَبِّكْ بَين أَصابعه) ، وَيُقَال لأسنان المِشْطِ: شَبَكٌ، واشتباكُ الرّحِم وَغَيرهَا: اتِّصَال بَعْضهَا بِبَعْض.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرّحِمُ المشتَبِكة: الْمُتَّصِلَة، وَيُقَال: بَيني وبينهُ شُبْكَةُ رَحِمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّبّاكُ: اسمٌ لكل شَيْء كالقصَب المحبّكةِ الَّتِي تُجعَل على صنعةِ البَواري، فكلُّ طائفةٍ مِنْهَا شُبّاكةٌ، قَالَ: والشَّبَكةُ للرأس، وجمعُها شبَكٌ، والشبكةُ: المَصْيَدة فِي المَاء وَغَيره، والشِّباكُ من الأَرْض: مواضعُ لَيست بسِباخٍ وَلَا تنْبت كنحو شِبَاك البصْرة.

(10/19)


(قلتُ) : شِباك البصْرة: ركايا كَثِيرَة مفتوحٌ بَعْضهَا فِي بعض. قَالَ طَلْقُ بن عديّ:
فِي مُسْتَوَى السّهْلِ وَفِي الدَّكْدَاكِ
وَفِي صِمَادِ البِيدِ والشِّباكِ
وأَشبَك المكانُ: إِذا أَكثر النَّاس احتِفارَ الرَّكايا فِيهِ.
روى ابْن شُمَيْل عَن الهِرْماس بن حبيب عَن أَبِيه عَن جده أَنه الْتقط شبكةً بقُلَّةِ الحَزْنِ أَيَّام عمر فَأتى عمرَ. وَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: أسقني شبَكةً بقُلة الحَزْن، فَقَالَ عمر: مَن تركْتَ عَلَيْهَا من الشاربة؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الزبير: إِنَّك يَا أَخا تَمِيم تسْأَل خيرا قَلِيلا فَقَالَ عمر: لَا بل خير كثيرٌ، قِرْبتانِ، قربةٌ من مَاء، وقربة من لبَن يغاديِان أهلَ بَيت من مُضرَ بقلَّةِ الحَزْن، قد أسقاكه الله.
قَالَ القُتَيبي: الشبَكةُ: آبارٌ مُتَقَارِبَة قريبةُ المَاء، يُفضي بَعْضهَا إِلَى بعض، وَجَمعهَا شِبَاكٌ.
وَقَوله: التقطْتُها: أَي هجمت عَلَيْهَا وَأَنا لَا أشعر بهَا، يُقَال: وردتُ المَاء التقاطاً.
وَقَوله: أسقِنيها: أَي أَقْطِعنيها وَاجْعَلْهَا لي سُقْيا، وَأَرَادَ بقوله: قربتان: قربَة من مَاء، وقربة من لبن أَن هَذِه الشبَكة تَرِدُ عَلَيْهَا إِبلهم وترعى بهَا غَنمهمْ فيأتيهم اللبنُ والماءُ كل يَوْم بقلة الحزْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: طريقٌ شَابكٌ أَي مُلتبِسٌ مختلِطٌ شَرَكُه، بعضُها بِبَعْض، وبعيرٌ شابك الأنيابِ، ورجلٌ شابكُ الرُّمح إِذا رأيتَه من ثقَافَتِه يطعن بِهِ فِي الْوُجُوه كلهَا، وَأنْشد:
كَمِيٌّ ترَى رُمْحَهُ شابِكا
وَيُقَال: اشتَبَكَ الظلام إِذا اختَلط، واشتبكتِ النُّجُوم إِذا تداخلَت واتصل بَعْضهَا بِبَعْض، والشابك مِن أَسمَاء الْأسد، وَهُوَ الَّذِي اشتبكتْ أنيابُه وَاخْتلفت.
وَقَالَ البُرَيقُ الهذليُّ:
وَما إنْ شابِكٌ مِنْ أُسْدِ تَرْجٍ
أَبُو شِبْلَينِ قدْ مَنعَ الخُدَارَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال للدرُوع: شُبّاكٌ. وَقَالَ طفيل:
لهنّ بشُبَّاكِ الدُّرُوع تَقَاذُفُ
والشُّبَّاك: القُنَّاص الَّذين يحبُلون الشباكَ وَهِي المصايد للصَّيْد، وكل شَيْء جُعِل بعضُه فِي بعض فَهُوَ مُشبَّكٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشِّباك: جِحَرَةُ الجِرْذان، والشِّباك: الرَّكايا الظَّاهِرَة.
شكب: روى بَعضهم قَول وِعَاس الْهُذلِيّ:
وهنَّ مَعًا قيام كالشُّكوبِ
قَالَ: وَهِي الكرَاكيُّ.
وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: كالشُّجُوب، وَهِي عمدٌ من أعمدة الْبَيْت، الشُّكْبان: شُبَّاك يسوِّيه حَشّاشو الْبَادِيَة مِنَ اللِّيف والخُوْص،

(10/20)


يُجعل لَهَا عُرًى وَاسِعَة يتقلدها الحشاش، وَيجمع فِيهِ الحَشيش الَّذِي يحتش، وَالنُّون فِي الشكبان: نون جمع، وكأَنها فِي الأَصْل شُبْكانٌ فقُلِبَتِ الشّكْبَانَ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الشُّكْبَانُ: ثوبٌ يُعقد طرفاه من وَرَاء الحَقْوَين، والطرفان الْآخرَانِ فِي الرَّأْس يحشُّ فِيهِ الحشاشُ على الظّهْر، ويُسمَّى الحالَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الفَقْعسي:
لما رأيتُ جفوة الْأَقَارِب
فقلتُ للشِّقْبَان وهْو راكبي
أنتَ خليلِي فالزَمَنَّ جَانِبي
وَإِنَّمَا قَالَ: وَهُوَ راكبي، لِأَنَّهُ على ظَهره، وَيُقَال لَهُ: الزَّوْالُ، وَقَالَهُ بِالْقَافِ، وهما لُغَتَانِ: شُكبانٌ وشقْبَان، وسماعي من الْأَعْرَاب: شكبان.
بشك: قَالَ اللَّيْث: البَشْكُ فِي السَّير: خفَّة نقل القوائم، إِنَّهَا لتَبْشُكُ وتَبْشِكُ بشكاً، وَيُقَال للْمَرْأَة: إِنَّهَا لبَشَكَى الْيَدَيْنِ أَي عَمُولُ الْيَدَيْنِ، وبَشَكَى العَمَل أَي سريعة الْعَمَل.
ابْن بُزُرْجَ: إِنه بَشَكى الْأَمر أَي يُعَجّلُ صَريمة أمره.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : البَشْكُ: السّير الرَّفيق، وَقد بَشَكَ بشكاً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال للخيَّاطِ إِذا أَسَاءَ خياطَة الثَّوْب: بَشَكَهُ وشَمْرجَهُ.
قَالَ: والبَشْكُ: الْخَلْط من كل شيءٍ رديءٍ وجَيِّدٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ابْتَشكَ فلانٌ الْكَلَام ابتشاكاً إِذا كذب.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَشَكَ وابْتَشَكَ إِذا كذب وَيُقَال للرجل إِذا أسرعَ فِي باطلٍ اختلقَه: لقد ابْتَشَكَهَا فِي جيبه.
ك ش م
كشم، كمش، شكم: مستعملة:
كشم: قَالَ اللَّيْث: الكَشْمُ: اسْم الفَهْدِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الأَكْشَمُ: الفهدُ، وَالْأُنْثَى كَشْماء، والجميع كُشْمٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الأكْشَمُ: النَّاقِص الخَلْقِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كَشَمَ أَنفَهُ كَشْما، إِذا قطعه.
قَالَ: والأكْشَمُ: النَّاقِص فِي جِسمه، وَقد يكون فِي الحسَب أَيْضا، وَمِنْه قولُ حسَّان:
غلامٌ أتاهُ اللُّؤْم من نَحْو خالهِ
لهُ جانبٌ وافٍ وآخرُ أكْشَمُ
كمش: قَالَ اللَّيْث: رجلٌ كمِيشٌ أَي عزومٌ ماضٍ، وَقد كمُشَ يَكمُشُ كَماشةً،

(10/21)


وانكمشَ فِي أمره.
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَوْلهم: قد تكَمَّش جِلدُه أَي تقبّض وَاجْتمعَ، وانْكَمشَ فِي الْحَاجة مَعْنَاهُ اجْتمع فِيهَا، ورجلٌ كميشُ الإِزارِ: مُشَمِّرُه.
قَالَ اللَّيْث: والكَمْشُ: إِن وُصف بِهِ ذَكرٌ من الدَّوابِّ فَهُوَ الصغيرُ الْقصير الذَّكر وَإِن وُصفت بِهِ الْأُنْثَى فَهِيَ الصَّغِيرَة الضَّرْع، وَهِي كمْشَةٌ، ورُبَّما كَانَ الضَّرْع الكْمشُ مَعَ كُموشَتِه دَرُوراً. وَقَالَ:
يَعُسُّ جِحاشُهُنَّ إِلَى ضُرُوعٍ
كماشٍ لم يُقبّضْها التِّوَادِي
(أبوعبيد عَن الْكسَائي) : الكَمْشَةُ من الْإِبِل: الصَّغِيرَة الضَّرْع، وَقد كمُشَتْ كمَاشةً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأكْمَشُ: الَّذِي لَا يكادُ يُبصرُ من الرِّجَال.
(أَبُو عُبَيْدَة) : الكَمْشُ من الْخَيل: الْقصير الجُرْدَانِ، وَجمعه كِماشٌ وأكماشٌ.
(الْأَصْمَعِي) : انْكَمش فِي أمره وانْشَمَر بِمَعْنى واحدٍ.
شكم: فِي الحَدِيث أَن أَبَا طَيْبَة حجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اشْكُموه.
قَالَ أَبُو عبيد: سَمِعت الْأمَوِي يَقُول: الشَّكْمُ: الجَزاءُ، وَقد شَكمتُه أشْكُمه شَكْماً، فالشَّكْم: الْمصدر، والشُّكْمُ: الِاسْم.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: الشُّكْمُ: العِوَصُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الشُّكْمُ والشُّكْدُ: العطيّةُ.
وَقَالَ اللَّيْث الشُّكْمُ: النُّعْمَى، يُقَال: فعل فلانٌ كَذَا فَشكَمْتُه أَي أَثَبْتُه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَكِيمَةُ اللِّجام: الحديدة المعترضة فِي الفَم، وَأما فأْسُ اللِّجام فالحديدة الْقَائِمَة فِي الشَّكِيمة.
وَقَالَ اللَّيْث: جمع الشَّكِيمةِ: الشكائم والشُّكُم.
قَالَ: وَيُقَال: فلانٌ شَدِيد الشَّكيمة إِذا كَانَ ذَا عارِضةٍ وجِدَ.
(ابْن الْأَعرَابِي) : الشَّكيمةُ: قوَّةُ القلبِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: إِنه لشديد الشَّكِيمة إِذا كَانَ شَدِيد النَّفْسِ أنِفاً أبِيّاً.
وَيُقَال: شَكَم الفرسَ يَشْكُمه شَكْماً إِذا أدخلَ الشَّكِيمة فِي فَمِه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الشَّكِيمُ من القِدْرِ: عُراها.
الشَّكِمُ: الشَّديد القويُّ من كل شيءٍ، وَقَالَ أَبُو صَخْر الهذليُّ يصفُ الأَسدَ:
جَهْمُ المُحَيَّا عَبُوسٌ باسلٌ شَرِسٌ
وَرْدٌ قَسَاقِسةٌ رِئْبالَةٌ شَكِمُ

(10/22)


(أَبْوَاب الْكَاف وَالضَّاد)
ك ض ص ك ض س ك ض ز
ك ض ط ك ض د ك ض ت
ك ض ظ ك ض ذ ك ض ث
أهملت وجوهها.
ك ض ر
كرض، ضرك، ركض: مستعملة.
كرض: قَالَ اللَّيْث: الكَرِيضُ: ضَرْب من الأقِطِ، وصنعتُه الكِراضُ، وَقد كرَضُوا كراضاً، وَهُوَ جُبْنٌ يتحلَّب عَنهُ مَاؤُهُ فَيَمْصُل كَقَوْلِه:
... ... كَرِيضٍ مُنَمِّس
قلت: أَخطَأ اللَّيْث فِي الكَريض وصحَّفه، وَالصَّوَاب: الكَريصُ بالصَّاد غير مُعْجمَة مسموعٌ من الْعَرَب.
وأقرأني الإياديُّ عَن شمر، والمنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم كِلَاهُمَا لأبي عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: الكَرِيصُ والكَريزُ بالزّاي: الأقِطُ، وَهَكَذَا أنشدونا للطِّرماح فِي صفة العَيْر:
وشَاخَسَ فاهُ الدَّهرُ حَتَّى كأَنه
مُنَمِّس ثيرانِ الكريصِ الضَّوَائنِ
وثِيرانُ الكَرِيص: جمع ثَوْر: الأَقِطِ، والضَّوائنُ: البِيض مِن قِطَع الأقِطِ، والضَّاد فِيهِ تصحيفٌ مُنكَرٌ لَا شكّ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِراضُ: ماءُ الفَحْل.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
سَوْفَ تُدْنيكَ مِن لَمِيسَ سَبَنْتَا
ةٌ أَمَارتْ بالبَول ماءَ الكرَاضِ
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : فإنْ قَبِلَت النَّاقة مَاء الفَحل بَعْدَمَا ضربهَا ثمَّ أَلقته قيل: كَرَضتْ تَكْرِضُ، واسمُ ذَلِك المَاء: الكِراض.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: خَالف الطِّرِمّاح الأمويّ فِي الكِراض، فجَعل الطرماح الكِراضَ الفَحل، وَجعله الْأمَوِي ماءَ الْفَحْل.
وأَخبرني المنذريُّ عَن المُبَرّد أَنه حَكى عَن الأصمعيّ أنَّ الكِراض: حَلَقُ الرَّحِم، قَالَ: وَلم أَسمعه إِلَّا فِي شِعر الطِّرمَّاح.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِراض: ماءُ الفَحل فِي رَحِم النَّاقة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تَدْعُو الفُرْضة الَّتِي فِي أَعْلى الْقوس كُرْضَة وجمعُها: كِراضٌ، وَهِي الفُرْضةُ الَّتِي تكونُ فِي طرَف أَعلى القوْس يُلقَى فِيهَا عَقْدُ الوتَر.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الكِراضُ: حَلَقُ الرَّحِمِ، وأَنشد:
حيثُ تُجِنُّ الحَلَقَ الكِراضا
قَالَ وَقَالَ غَيره: هُوَ مَاء الفَحل.
(قلت) : والصوابُ فِي الكِراض مَا قَالَ الْأمَوِي وَابْن الْأَعرَابِي وَهُوَ مَاء الْفَحْل إِذا أَرْتجَت عَلَيْهِ رَحِمُ الطَّرُوقة.

(10/23)


ضرك: قَالَ اللَّيْث: الضَّرِيكُ: اليابِسُ الْهَالِك سُوءَ حالٍ.
قَالَ: والضريك: النَّسِرُ الذَّكر.
قَالَ: وقَلَّما يُقَال للْمَرْأَة ضَرِيكةٌ، قَالَ: وضُرَاكٌ: من أَسمَاء الْأسد، وَهُوَ الغليظ الشَّديد عَصْبِ الخَلْق فِي جِسمٍ، والفعلُ ضَرُكَ يَضْرُك ضَراكةً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الضَّرِيكُ: الْأَعْمَى، والضَّرِيكُ: الجائع.
ركض: قَالَ اللَّيْث: الرّكْضُ: مِشْيَةُ الرجل بالرِّجلين مَعًا، والمرأَةَ تَركُض ذُيولها برجْليْها إِذا مَشت. قَالَ النَّابِغَة:
والرَّاكِضاتِ ذيول الرَّيْطِ فَنَّقَها
بَرْدُ الهواجرِ كالغِزلان بالجَرَدِ
وفلانٌ يَرْكُضٌ دابّته، وَهُوَ ضَرْبُه مَرْكلَيها برجليه. فلمّا كثر هَذَا على أَلْسنتهم استعملوه فِي الدَّوابِّ فَقَالُوا: هِيَ تركُض، كأَنّ الرّكْضَ مِنْهَا، والمَركضَانِ: هما مَوضِع عَقِبَيِ الْفَارِس مِن مَعَدَّيِ الدَّابَّة.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} {لاَ تَرْكُضُواْ وَارْجِعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (الْأَنْبِيَاء: 12، 13) .
قَالَ: يَركضون: يهربون وينهزمون وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج. قَالَ: يهربون من الْعَذَاب.
(قلت) وَيُقَال: رَكض البعيرَ برجلِه كَمَا يُقَال: رَمَح ذُو الْحَافِر برجْله، وأصل الرَّكض: الضَّرْبُ.
وَفِي الحَدِيث: (لَنَفْسُ الْمُؤمن أَشَدُّ ارتِكاضاً عَلَى الذَّئْب من العُصفورِ حِينَ يُغْدَفُ بِه) أَي أشدُّ اضطراباً على الْخَطِيئَة حِذارَ الْعَذَاب من العُصفور إِذا أُغدِفَت عَلَيْهِ الشَّبكةُ فاضطَرب تحتهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرْكَضَتِ الفَرَسُ فَهِيَ مُرْكِضةٌ ومُرْكِضٌ إِذا اضْطَرَبَ جنينُها فِي بَطنهَا. وَأنْشد:
ومُرْكِضةٌ صَرِيحيٌّ أَبوها
يُهانُ لَهَا الغُلامةُ والغُلامُ
ويُروى: ومِرْكَضة بِكَسْر الْمِيم نعْتُ الفَرس أَنَّهَا رَكَّاضةٌ، تركض الأَرْض بقوائمها إِذا عَدَتْ وأَحضرَت.
وَقَالَ اللَّيْث: مِشْيَةُ التَّرْكَضَى: مِشيةٌ فِيهَا تَبخترٌ وتَرفُّلٌ، وقوْسٌ رَكُوض. تَحِفز السهمَ حَفْزاً. وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
شَرِقاتٍ بالسُّمِّ مِن صُلّبيَ
ورَكوضاً مِنَ السَّرَاءِ طَحُورا
وَقَالَ آخر:
وَلَّى حَثِيثاً وَهَذَا الشيبُ يَطْلُبُه
لَو كَانَ يُدْرِكُه رَكْضُ اليَعَاقيبُ
جَعل تصفيقها بجناحَيها فِي طيرانها ركْضاً لاضطرابِها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَكَضْت الدابةَ

(10/24)


بِغَيْر أَلِفٍ.
قَالَ وَلَا يُقَال: رَكض هُوَ، إِنَّمَا هُوَ تحريكُكَ إِيَّاه، سارَ أَو لم يَسِر.
قَالَ شمر: وَقد وَجدْنا فِي كَلَامهم رَكَضَتِ الدّابّةُ فِي سَيرهَا. وركَض الطائرُ فِي طيرانه. وَقَالَ زُهَيْر:
جوانِحُ يَخْلِجْن خلْجَ الظِّبَا
ء يركُضن مِيلاً ويَنْزِعْنَ مِيلا
وَقَالَ رؤبة:
والنَّسِرَ قد يَركُض وَهُوَ هَافِي
أَي يطيرُ يَضرِب بجناحيه، والهافي: الَّذِي يَهفو بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا رَكِب الرجلُ البعيرَ فضَرب بعَقِبِه مَرْكَلَيه فَهُوَ الرَّكْضُ والرَّكْلُ، وَقد رَكَضَ الرجلُ إِذا فَرَّ وعدَا.
وَقَالَ مجاهِد فِي قَول الله: {إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} (الْأَنْبِيَاء: 12) أيْ يَفرُّون.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا رَوَى شمر عَنهُ: يُقَال: فلانٌ لَا يَركُضُ المِحْجَنَ إِذا كَانَ لَا يدفعُ عَن نَفسه.
وَفي حَدِيث ابْن عَبَّاس: فِي دَمِ المُسْتَحاضة (إِنما هُوَ عِرقٌ عاندٌ أَو رَكْضةٌ منَ الشَّيْطَان) .
قَالَ: الرَّكْضة: الدَّفْعةُ والحركةُ. وَقَالَ زُهير يصف صقراً انقَضَّ على قَطاً فَقَالَ:
يَرْكُضْنَ عِنْد الذُّنابَى وهْي جاهِدَةٌ
يَكادُ يَخطَفها طَوْراً وتَهتلِكُ
قَالَ: ورَكْضُها: طيرانُها.
ك ض ل
اسْتعْمل من وجوهه حرفٌ وَاحِد.
ضكل: رَوَى أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الضَّيْكَل: الرجلُ العُريان، وَهُوَ حرفٌ غريبٌ صحيحٌ.
ك ض ن
اسْتعْمل من وجوهه:
ضنك: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} (طه: 124) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الضَّنك: أصلُه فِي اللُّغَة الضِّيقُ وَالشِّدَّة، وَمَعْنَاهُ وَالله أَعلم أَنَّ هَذِه المعيشةَ الضَّنْكَ فِي نَار جَهَنَّم.
قَالَ: فأَكْثر مَا جاءَ فِي التَّفْسِير أنّه عَذَاب القبْر.
قَالَ قَتَادَة: معيشة ضنكا: جَهَنَّم، وَقَالَ الضَّحَّاك: الكَسب الْحَرَام، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: عَذَاب الْقَبْر.
وَقَالَ اللَّيْث فِي تَفْسِيره: أَكْلُ مَا لم يكن من حَلَال فَهُوَ ضَنْكٌ، وإِنْ كانَ موسَّعاً عَلَيْهِ وَقد ضَنُكَ عيشهُ.
قَالَ: والضَّنْكُ: ضيقُ العَيْشِ، وكلُّ مَا ضَاقَ فَهُوَ ضَنْكٌ.

(10/25)


وَقَالَ اللحياني: الضِنَاكُ: المرأَةُ الضَّخْمَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ التَّارَّةُ المكْتَنِزَةُ الصُّلبةُ اللَّحْمِ.
قَالَ: ورجلٌ ضُنْأَكٌ على وزنِ فُعْلَلٍ مهموزُ الألفِ وَهُوَ الصُّلبُ المعصوبُ اللحْمِ، والمرأَةُ بِعينهَا على هَذَا اللَّفْظِ ضُنْأَكَةٌ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الضَّنِيكُ: العَيشُ الضَّيّقُ؛ والضَّنِيكُ: المقطوعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: للضَّعِيفِ فِي بدنهِ ورَأْيه: ضَنِيكٌ، والضَّنِيكُ، التابعُ الَّذِي يعملُ بخُبزِه.
وَقَالَ أَبُو عبيد وغيرُه: الضُّنَاكُ: الزكامُ وَقد ضُنِكَ الرجل فَهُوَ مَضْنُوكٌ إِذا زُكِمَ، واللَّهُ أضْنَكَهُ. قَالَ العجاج يصف جَارِيَة:
فَهْيَ ضِنَاكٌ كالكَثِيبِ المُنهَالْ
عَزَّزَ مِنْهُ وَهُوَ مُعْطِي الإِسْهَالْ
ضَرْبُ السَّوَارِي مَتْنَه بالتَّهْتَالْ
الضّنَاكُ: الضخمة كالكثيب الَّذِي ينهال، عَزَّز مِنْهُ: أَي شدَّدَ من الْكَثِيب، ضربُ السّوارِي: أَي أَمْطَارُ اللَّيْل فَلَزِمَ بعضه بَعْضًا، شبه خَلْقَها بالكثيب، وَقد أَصَابَهُ الْمَطَر، وَهُوَ مُعطي الإسهال أَي يعطيك سهُولة مَا شئتَ.
ك ض ف: مهمل.
ك ض ب
ضبك، بضك: مستعملان:
ضبك: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: اضْبَأكَّتِ الأرضُ وَاضمَأَكَّت إِذا خرج نبتها.
وَقَالَ أَبُو زيد: اضْمَأَكَّ النّبْتُ: إِذا رَوِي.
وَقَالَ اللِّحيانيُّ: اضْمأكَّتِ الأرضُ إِذا اخضرَّتْ.
بضك: أهمله اللَّيْث.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سيفٌ بَضُوكٌ: أَي قاطعٌ، وَلَا يَبْضِكُ اللَّهُ يدهُ أَيْ لاَ يقطَعُ الله يدهُ.
(ك ض م: مهمل)

(أَبْوَاب الْكَاف وَالصَّاد)
ك ص س ك ص ز ك ص ط
مهملات.
مصطك: وأمَّا المُصْطُكى: العِلْكُ الرُّومِيُّ فليسَ بعربيّ، والميمُ أَصليةٌ، والحرف رباعيٌّ.
ابْن الْأَنْبَارِي المَصْطَكاءُ، قَالَ: وَمثله: ثَرمداءُ على بِنَاء فَعللاء.
ك ص د ك ص ت ك ص ظ
(ك ص ذ) ك ص ث: مهملات.

(10/26)


ك ص ر
اسْتعْمل من وجوهه: كصر، كرص.
كصر: قَالَ أَبُو زيد: الكَصِيرُ. لُغةٌ فِي القَصِير لبَعض العربِ.
قَالَ: والغَسَكُ: لُغَةٌ فِي الغَسَقِ، وَهُوَ الظُّلمةُ، والبُورَقُ والبُوركُ لِلَّذِي يجْعَلُ فِي الطَّحِين.
كرص: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء أَنه قَالَ: الكَرِيصُ والكَرِيزُ: الأقِطُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الاكْتِرَاصُ: الْجمع يُقَال: هُوَ يكتْرِصُ، ويَقْلِدُ أَي يجمعُ، وَهُوَ المِكْرَصُ والمِصْرَبُ.
ك ص ل: مهمل
ك ص ن
كنص، نكص: (مستعملان) .
كنص: رُوِي عَن كَعْب أَنه قَالَ: كَنَّصَتِ الشياطينُ لسليمانَ.
قَالَ كَعْب: أولُ من لبسَ القَبَاء سُليمانُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَلِكَ أَنَّه كانَ إِذا أدخلَ رأسَهُ لِلبُسِ الثَّوْبِ كَنَّصَتِ الشَّياطينُ اسْتهزَاءً، فَأُخْبِر بذلكَ فَلبسَ القَبَاء.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَنَّصَ إِذا حرَّكَ أَنفَهُ استهزاءً.
نكص: وَقَالَ اللَّيْث: النُّكُوصُ: الإحْجَامُ والانقداعُ عَن الشيءِ تقولُ: أَرادَ فلانٌ أمرا ثمَّ نكَصَ على عَقِبيهِ.
قلت: يُقَال: نكَصَ يَنكُصُ وَينكِصُ، وقرأَ القُرَّاءُ (تَنكُصُونُ) (الْمُؤْمِنُونَ: 66) بضمِّ الكافِ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ: سمعتُ السُّلَميَّ يَقُول: نَكَصَ فلانٌ عَن الْأَمر، ونَكَفَ بِمَعْنى واحدٍ، وَهُوَ الإحجامُ.
ك ص ف: مُهْمَل
ك ص ب
كبص: قَالَ اللَّيْث: الكُبَاصُ والكُباصَةُ من الإبلِ والحُمرِ وَنَحْوهَا: القويُّ الشديدُ على العملِ.
ك ص م
كصم، صمك، صكم: مستعملة.
صكم: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: صَكَمْتُه، ولكَمْتُه، وصَكَكْتُهُ، ودَكَكْتُهُ، ولكَكْتُهُ: كلُّهُ إِذا دَفَعْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّكْمَةُ: صَدْمَةٌ شديدةٌ بحجرٍ أَو نَحْو ذَلِك، تقولُ: صَكَمتْهُ صَوَاكِمُ الدَّهرِ، والفَرَسُ يَصْكُمُ إِذا عضَّ على لجامهِ ثمَّ مَدَّ رأسَهُ يُريدُ أَن يغالِب.
صمك: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الصَّمَكُوكُ: الشَّدِيدُ، وَيُقَال ذَلِك أَيْضا للشَّيْء اللزِجِ، وَيُقَال لَهما أَيْضا صَمَكِيكٌ فِيمَا قَالَ شمرٌ.

(10/27)


وَأنْشد:
وصَمَكِيكٍ صَمَيَانٍ صِلِّ
ابنِ عجوزٍ لم يزلْ فِي ظِلّ
هاجَ بعِرْسٍ حَوْقلٍ قِثوَلِ
وَقَالَ شمر: الصَّمَكِيكُ من اللَّبن: الخاثرُ جدّاً، وَهُوَ حامضٌ، والصَّمَكِيكُ: التَّارُّ الغَلِيظُ من الرِّجال وَغَيرهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمَكِيكُ: الأهوجُ الشَّدِيدُ، وَهُوَ الصَّمَكوكُ، والمُصْمَئِكُّ: الأهوَجُ الشَّدِيدُ الْجيد الْجِسْم القويُّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اصْمَأَكَّ الرَّجلُ وازْمَأَكَّ واهمأَكَّ إِذا غضبَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُصْمَئِكٌّ: الغضبان، وَحكي عَن أبي الْهُذيْل: السماءُ مُصْمَئِكَّةٌ أَي مستويةٌ خليقةٌ للمطرِ.
وروى شمر عَنهُ: أصبحَتِ الأرضُ مُصْمَئِكةً عَن المطرِ أَي مبتلةً، وجملٌ صَمَكةٌ أَي قويٌّ، وكذلكَ عبدٌ صَمَكةٌ أَي قويٌّ.
كصم: أَبُو نصرٍ: كَصَمَ كُصُوماً إِذا ولّى وأَدبرَ.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو تُرَاب: قَصَمَ رَاجعا، وكَصَمَ رَاجِعاً إِذا رجعَ من حيثُ جاءَ وَلم يتِمَّ إلىَ حيثُ قَصَدَ.
وَأنْشد بَيت عديّ بنِ زيدٍ:
وأَمرناهُ بهِ من بينهَا
بعدَما انصاعَ مصرّاً وكصَمْ

(أَبْوَاب الْكَاف وَالسِّين)
ك س ز ك س ط: مهملان وَيُقَال:
كسط: القُسْطُ والكُسْطُ لهَذَا العودِ البحري.
ك س د
كسد، كدس، سدك، دكس: مستعملة.
كسد: قَالَ اللَّيْث: الكَسَادُ: خِلافُ النَّفاقِ ونقيضُهُ، والفعلُ: يكْسُدُ. وسوقٌ كاسدةٌ: بائرةٌ.
كدس: قَالَ اللَّيْث: الكُدْسُ: جماعةُ طعامٍ وَكَذَلِكَ مَا يجمعُ من دراهمَ وَنَحْوه، يُقَال: كُدْسٌ مكَدَّسٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكَدْسُ: إسراعُ الإبلِ فِي سيرِها، وَقد كدَستْ تَكدِسُ كَدْساً.
وَقَالَ شمر، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَدْسُ الْخَيل: ركوبُ بَعْضهَا بَعْضًا، والتكدُّسُ: السرعةُ فِي الْمَشْي أَيْضا.
وَقَالَ عَبِيد أَو مُهَلْهِل:
وخَيْلٌ تَكَدَّسُ بالدّارِعِين
كمشْيِ الوُعولِ على الظّاهِرَهْ
ويقالُ: التّكَدُّس: أَنْ يُحَرِّكَ مَنكِبَيه ويَنصَبَّ إِلَى مَا بَين يَدَيْهِ إِذا مَشَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّكدُّس: أَنْ يُحَرِّكَ

(10/28)


مَنكِبَيه وكأنّه يَركب رأسَه، وَكَذَلِكَ الوُعولُ إِذا مَشت.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) أَنه قَالَ: الكَوادسُ: مَا تُطُيِّرَ مِنْهُ مِثل الفأْل والعُطاس ونحوِه. يُقَال مِنْهُ: كَدَس يَكدِس.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فلَوْ أَنَّني كُنْتُ السَّليمَ لَعُدْتَنِي
سَرِيعا وَلم تَحْبِسْكَ عَنِّي الكوادِس
وَقَالَ اللَّيْث: الكادِسُ: القَعِيدُ مِن الظِّبَاء الَّذِي يُتَشاءَمُ بِهِ، وَهُوَ الجائي مِن خَلْفُ.
وَقَالَ النَّضْر: أَكداسُ الرّمل وَاحِدهَا كُدْسٌ وَهُوَ المتراكِبُ الْكثير الَّذِي لَا يُزايلُ بعضه بَعْضًا.
قَالَ ابْن السّكيت فِي قَول المتلمس:
هَلُمَّ إِليه قد أُبيثتْ زرُوعُه
وعادت عَلَيْهِ المَنجَنونُ تَكَدَّسُ
قَالَ: يُقَال: جَاءَ فلَان يتكدس، وَهِي مشْيَة من مشْيَة الْغِلَاظ الْقصار.
قَالَ، يُقَال: أَخذه فكدَس بِهِ الأَرْض.
سدك: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) سَدِكَ بِهِ سَدَكاً، ولَكِيَ بهِ لَكىً إِذا لزمَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ سَدِكٌ: خفيفُ العملِ بيديهِ.
يُقَال: إِنه لَسَدِكٌ بالرُّمْحِ أَي رَفيقٌ بِهِ سَريعٌ، وسَمِعتُ أَعْرَابيّاً يَقولُ: سَدَّكَ فلانٌ جِلالَ التَّمْرِ تَسْدِيكاً إِذا نَضَدَ بَعْضهَا فَوق بعضٍ فَهِيَ مُسَدَّكةٌ.
دكس: اللَّيْث: الدَّوْكَسُ من أَسماءِ الأسَدِ. وَهُوَ الدَّوسَكُ لُغةٌ فِيهِ.
(قلت) : لم أَسمع الدَّوكَسَ، وَلَا الدَّوْسَكَ فِي أَسماءِ الأسَدِ والعربُ تَقول: نَعَمٌ دَوْكَسٌ، وَشَاءٌ دَوكَسٌ: كثيرةٌ. وَأنْشد بَعضهم:
مَنِ اتقَى الله فلمَّا يَيْأَسِ
مِنْ عَكَرٍ دَثْرٍ وشَاءٍ دَوْكَسِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّيَكْساءُ: قطعةٌ عظيمةٌ من النَّعَمِ والغَنَمِ.
وَيُقَال: نَمٌ دِيَكْساءُ، قَالَ: ودَكَسْت الشيءَ إِذا حَشَوْتَهُ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَعمٌ دَوْكَسٌ ودَيْكَسٌ أَيْ كثيرٌ. ودَيْكَسَ الرجلُ فِي بَيته إِذا كَانَ لَا يَبرزُ لحَاجَة الْقَوْم، يَكْمُنُ فِيهِ.
ك س ت
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهها: (سكت) .
سكت: قَالَ اللَّيْث يُقَال: سَكتَ الصَّائتُ يَسكُتْ سُكُوتاً إِذا صَمتَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلَّ وعزّ: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} (الْأَعْرَاف: 154) معناهُ: وَلما سَكَنَ.
قَالَ وَقَالَ بَعضهم: معنى قَوْله: {وَلَمَّا

(10/29)


سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} : لما سَكَتَ مُوسَى عَن الغَضَبِ عَلَى القَلْبِ كَمَا قَالُوا: أَدْخَلتُ القَلنْسُوةَ فِي رَأْسي، وَالْمعْنَى أَدخلتُ رَأْسيَ فِي القَلَنْسُوَةِ.
قَالَ: وَالْقَوْل الأولُ الَّذِي مَعْنَاهُ سَكَنَ هُوَ قولُ أهْلِ العربيَّةِ.
قَالَ وَيُقَال: سَكتَ الرجل يَسكُتُ سَكْتاً إِذا سَكنَ، وسَكتَ يَسْكُتُ سكُوتاً وسَكْتاً إِذا قطع الكلامَ، ورجلٌ سِكِّيتٌ: بَيِّنُ السَّاكُوتَةِ والسُّكُوتِ إِذا كَانَ كثير السكُوتِ، وأَصابَ فلَانا سُكاتٌ إِذا أَصابهُ دَاء مَنعه من الْكَلَام.
وَقَالَ: والسُّكَيْتُ، والسُّكَّيْتُ بالتَّخْفيفِ والتَّشدِيدِ: الَّذِي يجيءُ آخرَ الخَيْلِ.
وَقَالَ اللَّيْث: السكَيْتُ خَفِيف: العَاشِرُ الَّذِي يجيءُ فِي آخر الْخَيل إِذا أُجْرِيَتْ بَقِيَ مُسكِتاً.
قَالَ وَيُقَال: ضَربْتُهُ حَتَّى أَسكت، وَقد أَسكَتَتْ حَرَكتُهُ.
قَالَ: فَإِن طَالَ سُكُوتُه مِنْ شَرْبَةٍ أَوْ دَاءٍ قيل: بِهِ سُكاتٌ.
قَالَ: والسَّكْتُ: من أصُولِ الألْحَانِ شِبْهُ تَنَفُّسٍ بَينَ نَغْمَتَين من غير تَنفُّسٍ يُرَادُ بذلك فَصْلُ مَا بَينهمَا.
قَالَ: والسَّكْتَتَانِ فِي الصلاةِ تُسْتَحَبَّانِ: أَن تَسكُتَ بعد الافتتَاح سَكْتَةً ثمَّ تَفْتَحَ القراءَة، فإِذا فَرَغْتَ من الْقِرَاءَة سَكتَّ أَيْضا سَكْتَةً ثمَّ تفتح مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن.
(أَبُو عبيد عَن أبي أَزِيد: صَمَتَ الرّجُلُ، وأَصْمَتَ وسكَتَ وأَسْكَتَ) .
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال: تَكلَّمَ الرجلُ ثمّ سَكَتَ بِغَيْر أَلف، فإِذا انقطَعَ وَلم يتكلَّمْ قيل: أَسْكَتَ وَأنْشد:
قد رَابَنِي أَنّ الكَرِيَّ أَسْكَتَا
لَو كانَ مَعْنِيّاً بِنَا لهَيَّتَا
(غَيره) : حَيَّةٌ سُكاتٌ إِذا لم يَشعرْ بهِ المَلْسُوعُ حَتَّى يَلْسَعَهُ. وَأنْشد:
فمَا تَزْدَوِي من حَيَّةٍ جَبَلِيَّةٍ
سُكاتٍ إِذا مَا عضَّ لَيْسَ بأوردا
ورجلٌ سَكْتٌ وسِكِّيت، وسَاكُوتٌ، وسَاكوتَةٌ إِذا كَانَ قليلَ الْكَلَام من غَيرِ عِيَ وإِذا تكلَّم أَحسَنَ.
(أَبُو زيد) : سَمِعتُ رجلا من قيسٍ يَقُول: هَذَا رجلٌ سِكْتِيتٌ بِمَعْنى سِكِّيت.
ك س ظ ك س ذ ك س ث
أهملت.
ك س ر
كسر، كرس، ركس، سكر، سرك: (مستعملة) .
كسر: قَالَ اللَّيْث يُقَال: كَسَرْتُ الشيءَ أَكْسِرُهُ كَسْراً، ومُطاوعُهُ: الانكسَارُ، وكلُّ شيءِ فَتَرَ عَن أَمْرٍ يَعْجَزُ عَنهُ يُقَال فِيهِ: انْكَسَرَ، حَتَّى يُقَال. كَسَرْتُ من بَرْدِ الماءِ فانْكَسَرَ.

(10/30)


(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الكِسْرُ: أَسفلُ الشُّقَّةِ الَّتِي تَلي الأرضَ من الخِبَاءِ.
قَالَ وَقَالَ الأَحمرُ: هُوَ جَارِي مُكاسِرِي ومُؤاصِري أَي كِسْرُ بَيتهِ إِلَى جَانِبِ كِسْرِ بَيْتي.
وَقَالَ اللَّيْث: كِسْرَا كلَّ شيءٍ: نَاحِيَتَاهُ، حَتَّى يُقَال لِنَاحِيَتي الصّحَراءِ: كِسْرَاهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فيهِ لُغتَانِ: الكَسْرُ والكِسْرُ.
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء) : يُنْسَبُ إِلَى كِسْرَى وَكَانَ يَقُوله بكسْرِ الكافِ فإِذا نَسبَ إِليهِ: قَالَ: كِسْرِيّ بتشديدِ اليَاءِ وكَسْرِ الكافِ، وكِسْرَويُّ بِفَتْح الرّاء وبتشديدِ اليَاءِ.
وَقَالَ: الأمويُّ: كِسْرِيٌّ بالكسْرِ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كِسْرَى مُعَرّبٌ، وأَصْلُه خُسْرَى فَعرّبتْه العَرَب فَقَالُوا: كِسْرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال كِسرَى وكَسرَى، ويقولونَ فِي الجمعِ: أَكاسرةٌ وكَساسرَةٌ، وكِلاَهما مُخَالفٌ للْقِيَاس. إِنَّمَا القِيَاسُ كَسرَوْنَ كَمَا يُقَال: عِيسَوْنَ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : يُقَال: رجل ذُو كَسَرَاتٍ وهَزَرَاتٍ وَهُوَ الَّذِي يُغبَنُ فِي كل شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْأَرْض ذاتِ الصعُود والهبوط: أرضٌ ذاتُ كُسور.
قَالَ: وكُسورُ الْجبَال والأودية لَا يُفرد مِنْهُ الْوَاحِد، لَا يُقَال: كِسر الْوَادي.
قَالَ: والكَسْر من الْحساب: مَا لم يكن سَهْما تامّاً، والجميع: الكسور.
وَقد كَسَرَ الطائرُ يكسِر كُسوراً، فإِذا ذكرْت الجناحين قلت: كسرَ جناحيه كسْراً وَهُوَ إِذا ضم مِنْهُمَا شَيْئا فَهُوَ يُرِيد الْوُقُوع أَو الانقضاض، يُقَال: بازٌ كاسر، وعُقابٌ كاسر، وَأنْشد:
كأَنّها كاسِرٌ فِي الجوِّ فَتْخَاءُ
طرحوا الْهَاء لِأَن الْفِعْل غَالب.
والكَسِيرُ من الشاءِ: المنكسرةُ الرِّجْلِ.
وَفِي الحَدِيث: لَا يجوزُ فِي الْأَضَاحِي الكسير البيِّنةُ الكسرِ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجُل إِذا كَانَت خِبرَتُه محمودة: إِنه لطيِّبُ المَكْسِرِ (وصُلْبُ المكسِر كَمَا يُقَال للشَّيْء الَّذِي إِذا كُسر عُرف بباطنِه جودتُه: إِنه لجيِّدُ المكسرِ) ومكسِرُ الشَّجَرَة: أصلُها حَيْثُ يكسر مِنْهُ أَغْصَانهَا، وَقَالَ الشُّوَيعِرُ:
فمَنَّ واسْتَبْقَى ولمْ يَعْتصِرْ
مِنْ فَرْعِه مَالاً وَلَا المَكْسِرِ
وَقَالَ غَيره: يُقَال: فلَان يكسرُ عَلَيْهِ الفُوقَ إِذا كانَ غضبانَ عَلَيْهِ، وَفُلَان يكسِر عَلَيْهِ الأَرْعاظَ غَضبا.
والمُكَسِّرُ: لقَب رجُل. قَالَ أَبُو النَّجْم:

(10/31)


أَوْ كالْمُكَسِّرِ لَا تؤوبُ جيَادُه
إِلاَ غَوَانِمَ وهْيَ غيرُ نِوَاء
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كسَرَ الرجلُ إِذا بَاعَ مَتَاعه ثوْباً ثوبا، وكَسِرَ إِذا كسل، والكاسور، بَقَّالُ القُرَى، والصَّيْقَبَانيُّ: صَيْدَنانيُّ القُرَى.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال لكل عظمٍ: كِسْرٌ وكَسْرٌ، وَأنْشد:
وَفي يَدِها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : يُقَال لعَظم الساعد مِمَّا يَلِي النّصْف مِنْهُ إِلَى الْمرْفق: كِسرُ قبيحٍ، وَأنْشد شمر:
لوْ كنتَ عَيْرا كُنْتَ عَيرَ مَذَلّةٍ
أَوْ كنُتَ كِسرا كنْتَ كِسْرَ قَبِيح
(ابْن السّكيت) : يُقَال فلَان هَشُّ المكسِر، وَهُوَ مدحٌ وذمٌّ، فَإِذا أَرَادوا أَن يَقُولُوا: لَيْسَ بمُصْلِد القِدْح فَهُوَ مدحٌ وإِذا أَرَادوا أَن يَقُولُوا هُوَ خوَّار الْعود فَهُوَ ذمُّ.
وَجمع التكسير: مَا لم يُبْنَ على حَرَكَة أَوله، كَقَوْلِك: دِرْهَم ودراهمُ، وبطنٌ وبطونٌ، وقِطْفٌ وقطوفٌ، وَأما مَا يجمع على حَرَكَة أَوله فَمثل: صَالح وصالحين، وَمُسلم ومسلمين.
كرس: قَالَ اللَّيْث: الكِرْسُ: كِرْسُ الْبناء، وكرْسُ الحَوض حَيْثُ تقف النَّعمُ فيتلبد، وَكَذَلِكَ يكرَّسُ أُسُّ الْبناء فيصلُبُ، وَكَذَلِكَ كِرْس الدِّمنَة إِذا تلبدت فلزِقت بِالْأَرْضِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال: إِنه لكريم الكِرْس، وكريم القِنْس، وهما الأَصْل.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكِرْسُ: الأبوال والأبعارُ يتلبَّد بَعْضهَا فَوق بعض فِي الدَّار.
قَالَ: والدِّمَن: مَا سوَّدوا من آثَار البعر وَغَيره.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأكاريس: الأَصْرام من النَّاس، وَاحِدهَا: كِرْس وأكراسٌ ثمَّ أَكاريسُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ} (الْبَقَرَة: 255) فِيهِ غيرُ قَول.
قَالَ ابْن عَبَّاس: كرسيه: عِلُمه.
وَرُوِيَ عَن عَطاء أَنه قَالَ: مَا السمواتُ وَالْأَرْض فِي الكرسيِّ إِلَّا كحلقة فِي أَرض فلاةٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القَوْل بَيِّنٌ، لِأَن الَّذِي نعرفه من الكرسيّ فِي اللُّغَة: الشَّيْء الَّذِي يُعتمد ويُجلسُ عَلَيْهِ، فَهَذَا يدل على أَن الْكُرْسِيّ عظيمٌ دونه السمواتُ وَالْأَرْض.
قَالَ: والكرسي فِي اللُّغَة والكُرَّاسة إِنَّمَا هُوَ الشَّيْء الَّذِي قد ثَبت وَلزِمَ بعضه بَعْضًا.

(10/32)


قَالَ: وَقَالَ قوم: كرسيهُ: قدرته الَّتِي بهَا يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَالُوا: وَهَذَا كَقَوْلِك: اجْعَل لهَذَا الْحَائِط كرْسيّاً أَي اجْعَل لَهُ مَا يعتمدُه ويمسكه وَقَرِيب من قَول ابْن عَبَّاس، لِأَن علمه الَّذِي وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا يخرج من هَذَا، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الكُرسيّ، إِلا أنّ جُملته أمرٌ عَظِيم من أَمر الله جلّ وَعز.
وروى أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: الْكُرْسِيّ: مَا تعرفه الْعَرَب من كراسيِّ الْمُلُوك. وَيُقَال: كِرسي أَيْضا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه أنْشدهُ:
يَا صاحِ هَل تعرفُ رَسْماً مُكْرَسَا
قَالَ: المُكْرَسُ: الَّذِي قد بعرتْ فِيهِ الإِبلُ وبَوَّلَتْ فركبَ بعضه بَعْضًا، وَمِنْه سميت الكُرَّاسَةُ.
قلت: والصحيحُ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسِيّ مَا رواهُ الثَّوْريُّ وغيرهُ عَن عمارٍ الدُّهْنِي عَن مُسْلمٍ البَطِينِ عَن سعيد بن جُبَيْرٍ عَن ابْن عباسٍ أَنه قَالَ: الكُرْسِيُّ: موضعُ القدمينِ، وأَما العَرْشُ فإنَّهُ لَا يُقدرُ قدرهُ، وَهَذِه روايةٌ اتفقَ أَهْلُ العلمِ على صِحتها، وَالَّذِي رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسيّ أنَّهُ العِلمُ، فَليسَ ممّا يُثبتُه أَهلُ المعرِفةِ بالأخبارِ.
أَبُو بكر: لُمْعَة كَرْساءُ للقطعة من الأَرْض فِيهَا شجرٌ، تدانتْ أُصُولهَا والتفتْ فروعها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِرْسُ من أَكْرَاسِ القَلائد والوُشُحِ وَنَحْوهَا.
يُقَال: قلادةُ ذاتُ كِرْسَيْنِ، وذاتُ أكْرَاسٍ ثلاثةٍ إِذا ضُمَّت بَعْضهَا إِلَى بعض وَأنْشد:
أَرِقتُ لِطَيْفٍ زَارَنِي فِي المَجَاسِدِ
وأَكْرَاسِ دُرَ فُصِّلَتْ بالفرائدِ
والكَرَوَّس: الرجُلُ الشديدُ الرَّأْس، والكاهل فِي جِسْمٍ. قَالَ العجَّاجُ:
فِينَا وَجَدْتَ الرجُلَ الكَرَوَّسَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَرَوَّس: الشديدُ، رجلٌ كَرَوَّسٌ.
وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب الأنصاريّ أَنه قَالَ: (مَا أَدْري مَا أَصنَعْ بِهَذِهِ الكَرَاييسِ، وَقد نهَانَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ نستقبلَ القبلةَ بغائطٍ أَو بولٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكَرَاييسُ واحدُها: كِرْياسٌ، وَهُوَ الكَنِيفُ الَّذِي يكون مشرفاً على سطحٍ بقناةٍ إِلَى الأرضِ، فإِذا كَانَ أسفلَ فليسَ بكِرْياسٍ.
قلت: يسمَّى كِرْياساً لما يعلقُ بِهِ من الأقذارِ والعَذِرَةِ فيركَبُ بعضه بَعْضًا مثل كِرْسِ الدمنِ والوأْلةِ وَهُوَ فِعيالٌ من الكِرْسِ مثل جِريالٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : يقالُ للرجُلِ إِذا وَلَدَتهُ أَمَتَانِ أَو ثلاثٌ: مُكَرْكَسٌ.

(10/33)


وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: المكَرْكَسُ: الّذِي أُمُّ أُمّهِ، وأُمُّ أبيهِ، وأُمُّ أُمِّ أمّهِ، وأمُّ أمِّ أبيهِ: إِماءٌ.
وَقَالَ الليثُ: المُكَرْكَسُ: المقَيَّدُ، وَأنْشد:
فهلْ يَأكُلَنْ مالِي بنُو نَخَعِيَّةٍ
لَهَا نسبٌ فِي حَضْرَمَوْتَ مُكَرْكَسُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَرِسَ الرجُلُ إِذا ازدحمَ علمهُ على قلبِهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : انكَرَسَ فِي الشَّيْء إِذا دخلَ فيهِ.
سكر: قَالَ اللَّيْث: السُّكْرُ: نَقيضُ الصَّحْو قَالَ: والسُّكْرُ: ثلاثةٌ: سكْرُ الشَّرَاب، وسكْرُ المَال، وسكر السلطانِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} (الْحجر: 15) ، قرىء: (سُكِّرَتْ) ، (وسُكِرَتْ) بالتَّشْديدِ والتخفيفِ، ومعناهُ سُدَّتْ وَأُغْشِيتْ بالسِّحْرِ، فَيتخايَلُ لأبصارنا غيرُ مَا نرى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سَكَرْتُهُ: مَلأْتُهُ.
وَقَالَ الليثُ: السَّكْرُ: سَدُّ البَثْق ومُنْفَجَرِ المَاء، والسِّكْرُ: اسمُ ذَلِك السِّدادِ الَّذِي يجعلُ سدّاً لِلْبثقِ وَنَحْوه.
وَقَالَ مُجَاهِد: سُكِّرت أبصارُنا: أَي سدت.
قَالَ أَبُو عبيد: يذهب مُجَاهِد إِلَى أَن الْأَبْصَار غشيها مَا منعهَا من النّظر كَمَا يمْنَع السِّكْرُ المَاء من الجري.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُكِّرت أبصار الْقَوْم إِذا دِيرَ بهم وغشيهم كالسَّمادير فَلم يبصروا، وَيُقَال للشَّيْء الحارِّ إِذا خَبَا حرُّه، وَسكن فورُه: قد سَكَر يسكُرُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: سكّرت أبصارنا مأخوذٌ منْ سُكْرِ الشرابِ كأنّ الْعين لحقها مَا يلحقُ شاربَ المُسْكِرِ إِذا سَكر.
وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ حُبِسَت ومنعت من النّظر.
وَقَالَ ثَعْلَب: سُكِرَت وسُكِّرَت: حبست، وَيكون بِمَعْنى أُغشِيت، وهما متقاربان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَكِرَ من الشَّرَاب يسكَرُ سُكْراً، وسكِرَ من الغَضَبِ يَسكَرُ سَكَراً إِذا غضبَ. وَأنْشد:
فجاءُونا بهمْ سكَرٌ علينا
فأَجْلَى اليومُ والسكْرَانُ صاحِي
وَقَالَ الزجاجُ يُقَال: سكَرَتْ عينُهُ تَسكُرُ: إِذا تحيَّرَتْ، وسكَنَتْ عَن النَّظَرِ وسكَرَتِ الرّيحُ تسكُرُ: إِذا سكَنَتْ، وسكَرَ الحَرُّ يَسكُرُ. وَأنْشد:
جاءَ الشتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ
وجعلتْ عينُ الحَرُورِ تسكُرُ
قَالَ أَبُو بكر: اجثألّ: مَعْنَاهُ اجْتمع وتقبّض.

(10/34)


(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : ليلةٌ ساكِرَةٌ: لَا ريح فِيهَا. قَالَ أوسٌ:
خذَلْتُ على ليلةٍ ساهرهْ
فليسَتْ بِطلْق وَلَا ساكِرَهْ
(أَبُو زيد) : الماءُ الساكِرُ: الساكِنُ الَّذِي لَا يجْرِي، وَقد سكَرَ سكُوراً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى} (الْحَج: 2) وقرىء (سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) .
التَّفْسِير: إنكَ تَرَاهم سُكَارَى من الْعَذَاب والخوفِ وَمَا هم بُسكَارَى من الشَّرابِ، يدلُّ عَلَيْهِ قَوْله: {وَلَاكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} وَلم يقرأْ أحدٌ من القُرّاءِ سَكَارَى بِفَتْح السِّينِ، وَهِي لُغةٌ، وَلَا يجوزُ القراءةُ بهَا لأنّ الْقِرَاءَة سُنةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: النعْتُ الَّذِي على فَعْلانَ يُجمَعُ على فُعَالَى وفَعالى مثل أَشرانَ وأُشارَى وأَشارَى، وغيرانَ وقومٌ غُيارَى وغَيارى، وَإِنَّمَا قَالُوا سَكْرَى وفَعْلَى أَكثرُ مَا تجيءُ جَمعاً لفعيلٍ بِمَعْنى مفعولٍ مثل قتيلٍ وقَتْلى وجريجٍ وجرحى وصريعٍ وصرعَى لِأَنَّهُ شُبه بالنّوْكَى والحمقى والهلكى لزوَال عقل السكْرَانِ، وأَما النَّشوانُ: فَلَا يقالُ فِي جمعِه غير النَّشَاوَى.
وَقَالَ الْفراء: وَلَو قيل: سكْرَى على أنّ الجمعَ يَقع عَلَيْهِ التّأْنيثُ فَيكون كالواحدَة كَانَ وَجها. وأنشدني بَعضهم:
أضحَتْ بنُو عامرٍ غَضْبَى أُنوفهُمُ
إِنِّي عفَوْتُ فَلَا عارٌ وَلَا باسُ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (النَّحْل: 67) .
قَالَ الفراءُ يُقَال: إِنه الخمرُ قبلَ أَن تحرمَ، والرِّزقُ الحسنُ: الزّبيبُ وَالتَّمْر، وَمَا أَشبههمَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: السَّكَرُ: نقيعُ التَّمْر الَّذِي لم تمسهُ النارُ وَكَانَ إبراهيمُ والشعبيُّ وَأَبُو رَزِين يَقُولُونَ: السَّكَر: خَمْرٌ.
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: السكَرُ من التمرِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وحدَه: السكَرُ: الطعامُ، وَاحْتج بقول الآخر:
جعلتَ أَعْرَاضَ الكِرَامِ سكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لَك.
وَقَالَ الزّجاجُ: هَذَا بِالْخمرِ أشبهُ مِنْهُ بِالطَّعَامِ، الْمَعْنى جعلتَ تتخمَّرُ بأَعراض الناسِ وهوَ أبينُ مَا يُقَال للذِي يَبتَرِكُ فِي أَعراض النَّاس.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن المَخْزُومِي عَن سفيانَ عَن الْأسود بن قيس عَن عَمْرو بن سُفْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (النَّحْل: 67) قَالَ: السَّكَرُ: مَا حرِّم من ثَمَرَتهَا، والرِّزقُ الحسنُ: مَا أُحِلّ من ثَمَرَتهَا.

(10/35)


(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّكَرُ: الغضبُ، والسَّكَرُ: الامتلاءُ، والسَّكَرُ: الخمرُ، والسَّكَرُ: النَّبيذُ. قَالَ جرير:
إِذا رَوِينَ عَلَى الخِنْزِيرِ من سَكَرٍ
نادَيْنَ يَا أعظمَ القِسِّينَ جُرْدانَا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ} سكرة الْمَوْت: غَشْيَتُهُ الَّتِي تَدُلُّ الإِنسانَ على أَنه ميت، وقولهُ بالحقِّ أَي بِالْمَوْتِ الحقِّ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّكْرَةُ: الغَضْبَةُ، والسَّكْرةُ: غَلبةُ اللَّذَّةِ على الشَّبَاب.
اللَّيْث: رجلٌ سِكِّيرٌ: لَا يزالُ سكرانَ، والسَّكْرةُ: الْوَاحِدَة من السُّكْر.
ورُوِي عَن أبي مُوسَى الأشعريّ أَنه قَالَ: السُّكْركَةُ: خَمرُ الحبشةِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهِي من الذُّرَة.
قلت: وَلَيْسَت بعربية.
وقيَّده شمر بِخَطِّهِ: السُّكْرُكَةُ: الجَزْمُ على الْكَاف، والرَّاءُ مَضْمُومَة.
ركس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (النِّسَاء: 88) .
قَالَ الفرّاء، يَقُول: رَدَّهُمْ إِلَى الْكفْر.
قَالَ: ورَكَسَهم: لغةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بِرَوْثٍ فِي الاستنجاءِ، فَقَالَ: إِنه رِكْسٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الرِّكْسُ: شبيهُ الْمَعْنى بالرَّجيع.
يُقَال: ركَسْتُ الشيءَ وأَرْكَستُه: لُغتانِ إِذا رَدَدْتَهُ.
وَفِي حَدِيث عديّ بن حاتمٍ أَنه أَتى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النبيُّ: (إِنكَ من أهْلٍ دينٍ يقالُ لَهُم الرَّكُوسِيَّةُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُرْوَى فِي تَفْسِير الرَّكُوسِيَّة عَن ابْن سِيرين أَنه قَالَ: هُوَ دينٌ بَين النَّصارى وَالصَّابِئِينَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّاكِسُ: الثَّوْرُ الَّذِي يكونُ فِي وسطِ البَيْدَرِ حِين يُداس، والثِّيرانُ حواليه فَهُوَ يَرْتكِسُ مَكَانَهُ، وإِن كَانَت بقرة فَهِيَ راكسةٌ.
قَالَ: وإِذا وقعَ الإِنسانُ فِي أمرٍ بعدَ مَا نجا مِنْهُ قيل: ارْتَكَسَ فِيهِ.
قَالَ: والرَّكْسُ: قْلبُ الشيءِ على رأسهِ، أَو ردُّ أوَّله إِلَى آخِره.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) قَالَ: الرِّكْسُ: الكثيرُ من النَّاس.
وَقَالَ مُجَاهِد: الارْتكاسُ: الارتداد.
وَقَالَ شمر: بَلغنِي عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه قَالَ: المَنْكُوسُ والمَرْكُوسُ: المُدْبِرُ عَن حَاله.
وَسُئِلَ عَن حَدِيث عديِّ بن حاتمٍ، قيل لَهُ: إِنَّكَ رَكُوسِيٌّ، فَقَالَ: هَذَا من نَعْتِ النَّصَارَى، وَلَا يُعَرَّبُ.

(10/36)


قَالَ: وأَرْكَسَتِ الجاريةُ إِذا طلعَ ثَدْيُها، فَإِذا اجتمعَ وضخُمَ فقدْ نَهَدَ.
سرك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سَرِكَ الرجلُ إِذا ضعف بدنُهُ بعد قُوَّةٍ.
قَالَ ابْن السّكيت: تَسَاَركْتُ فِي الْمَشْي وتَسَرْوَكْتُ، وهما رَدَاءةُ المشيِ من عَجَفٍ أَو إِعياءٍ.
ك س ل
كسل، كلس، سلك: مستعملة.
كسل: قَالَ اللَّيْث: الكَسَلُ: التَّثَاقُلُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُتَثَاقَلَ عَنهُ. والفعلُ: كَسِلَ يَكْسَل كَسَلاً، ورجلٌ كَسْلاَنُ، وامرأةٌ كَسْلَى، وكسْلانةُ: لُغةٌ رَدِيئَة.
وَيُقَال للفَحْلِ الفَاتِرِ كَسِلَ وأكْسَلَ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة عَن العجاج:
أَظَنَّتِ الدَّهْنَا وظَنَّ مِسْحَل
أنَّ الأميرَ بالقضاءِ يعجل
عَن كَسَلاتي والحِصانُ يكْسل
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَسمعت رؤبة ينشدها:
... والجَوادُ يُكْسِلُ
وسمعتُ غَيره من ربيعةِ الجُوعِ يرويهِ: ... يَكَسَلُ.
وَقَالَ العجاج أَيْضا:
قد ذَادَ لَا يَستكسِلُ المَكاسلا
أَرَادَ بالمكاسل: الكَسَل، أَرَادَ لَا يكسل كسلا.
وَفِي اللَّيْث: وللإِكسالِ معنى آخر، يقالُ للرجلِ إِذا عَزَلَ وَلم يُرِدْ ولدا: أَكسلَ.
قَالَ وَيُقَال: فلانٌ لَا تُكسله المكاسلُ، يَقُول: لَا تُثْقِلُهُ وُجوهُ الكسلِ، وامرأةٌ مِكْسالٌ، وَهِي الَّتِي لَا تكَاد تبرحُ مجلسها.
قلتُ: وَفِي الحَدِيث: (أنَّ رجلا سأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله فَقَالَ: إِنَّ أحدَنا يجامعُ فَيُكْسِلُ) مَعْنَاهُ أَنه يَفْتُرُ ذَكرُهُ قبلَ الْإِنْزَال وَبعد الْإِيلَاج، وَعَلِيهِ الغُسلُ إِذا فعل ذَلِك لالتقاء الخِتانَيْنِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكِسْلُ: وَتَرُ قوسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِع مِنْهَا.
والكَوْسَلَةُ: الحوْثرَةُ: وَهِي رأسُ الأدافِ، وَبِه سُمِّيَ الرجلُ حَوْثَرَة.
المِكْسَلُ: وترُ قَوْسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِعَ مِنْهَا.
كلس: قَالَ اللَّيْث: الكِلْسُ: مَا كَلَسْتَ بهِ حَائِطا أَو باطنَ قصرٍ شبهُ الجِصِّ من غير آجُرَ.
قَالَ: والتَّكلْيسُ: التَّمْلِيسُ فإِذا طُلِيَ ثَخيناً فَهُوَ المُقَرْمَدُ.
(أَبُو عبيد) : الكِلْسُ: شِبْهُ الصّارُوجِ يُبْنَى بِهِ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ، قَالَ الأصمعيّ: كَلَّسَ على القومِ وكَلَّلَ وصَمّمَ إِذا حمَلَ.

(10/37)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كَلَّسَ فلانٌ عَن قِرْنِهِ وهَلَّلَ إِذا جَبُنَ وفرّ عَنهُ.
(قلتُ) : وَهَذَا أَصحُّ مِمَّا روى أَبُو ترابٍ.
سلك: قَالَ اللَّيْث: السِّلْكُ: الخيوط الَّتِي يخاطُ بهَا الثِّيابُ، الْوَاحِدَة: سِلْكةٌ، والجميع: السُّلُوك.
قَالَ: والسُّلُوكُ: مصدرُ سَلَكَ طَرِيقا، والمَسْلكُ: الطريقُ، والسَّلْكُ: إِدخال الشَّيْء تَسْلُكُهُ فِيهِ كَمَا يطعنُ الطاعنُ فيَسْلُكُ الرُّمْحَ فِيهِ إِذا طعنه تِلْقاءَ وجههِ على سَجيحَتِهِ. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نَطَعَنُهُمْ سُلْكَى ومخلوجةً
كَرَّكَ لأَمَيْنِ على نابلِ
قَالَ: وصفهُ بسرعةِ الطعْن وشَبّهَهُ بِمن يَدْفعُ الرِّيشةَ إِلَى النَّبَّال فِي السُّرْعة، وَإِنَّمَا يحتاجُ فِيهِ إِلَى السُّرْعة والخفَّة لِأَن الغِراء إِذا بَرَدَ لم يَلزق فيستعملُ حارّاً.
(أَبُو عبيد) : الطَّعْنَةُ السُّلْكَى هِيَ المستقيمة، والمخلوجةُ: الَّتِي فِي جَانب.
قَالَ: ويُرْوَى عَن أَبي عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه قَالَ: ذهبَ مَن كَانَ يُحْسِنُ هَذَا الكلامَ يَعْنِي سُلْكَى ومخلوجةً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: يُقَال: الرّأْي مَخْلُوجَةٌ وَلَيْسَ بُسلْكَى أَي لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهُ يُسْلِكُ الكُفَّارَ فِي جَهَنَّم أَي يدخلهم فِيهَا وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
حَتَّى إِذا سَلَكُوهُم فِي قُتَائِدَةٍ
شَلاًّ كَمَا تَطرَدُ الجمَّالةُ الشُّرُدا
(أَبُو عبيد) : سلَكْتُه فِي الْمَكَان وأَسلكتُه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: والسُّلَكُ: وَلدُ الحَجَل، وَجمعه: سِلْكانٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّلْكانُ: فِراخُ القَطَا، الْوَاحِد: سُلَكٌ.
قَالَ: وَمِنْهُم مَن يَقُول للْوَاحِد: سِلْكانة وَأنْشد:
تَضِلُّ بِهِ الكُدْرُ سِلكانها
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سلكْتُ الطريقَ، وسَلكْتُه غَيْرِي، وَيجوز أَسْلكتُه غَيْرِي.
ك س ن
كنس، سكن، نسك، نكس، سنك: (مستعملة) .
سنك: أهمله اللَّيْث: ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: السُّنُكُ: المَحَاجُّ اللَّيِّنة، وَلم أسمعهُ لغيرِه؟ .
كنس: قَالَ اللَّيْث: الكَنْسُ: كَسْحُ القُمامِ عَن وَجه الأَرْض، والكُنَاسةُ: مُلْقاها، والكِناسُ: مَوْلِجٌ للوحْش من الْبَقر تَسكنُ فِيهِ من الحرِّ.
يُقَال: كنَسَتِ الظِّبَاءُ، وتَكَنَّسُوا. وَقَالَ

(10/38)


لبيد:
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ حِين تحمَّلوا
فتَكنَّسُوا قُطُنْاً تَصِرُّ خِيَامُها
أَي دخلُوا هَوادِجَ جُلِّلَتْ بِثِيَاب قُطْنِ.
وَقَالَ الله: { (أَحْضَرَتْ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} {بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} (التكوير: 15، 16) .
قَالَ الزّجاج: الكُنَّسُ: النجومُ تَطْلُعُ جَارِيَة، وكُنوُسها: أَن تَغِيب فِي مغاربها الَّتِي تغيبُ فِيهَا.
قَالَ وَقيل: الكُنَّسُ: الظِّبَاءُ والبقرُ تَكنِسُ أَي تدخل فِي كُنُسِها إِذا اشتدَّ الحرُّ. قَالُوا: والكُنّسُ: جمعُ كانِسٍ وكانسةٍ.
وَقَالَ الفرّاءُ فِي الخُنّسِ والكُنَّسِ: هِيَ النُّجوم الْخَمْسَة تَخنِسُ فِي مجْراهَا وتَرجِع، وتَكنِس: تَسْتَتِر كَمَا تَكنِس الظِّباءُ فِي المَغارِ، وَهُوَ الكِنَاسُ، والنُّجوم الْخَمْسَة: بَهْرَامُ، وزُحَلُ، وعُطارِدُ، والزُّهَرَةُ، والمُشْتَرِي.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ النجومُ الَّتِي تَسْتسِرُّ فِي مجاريها فتَجري وتَكنِسُ فِي مجاريها فيَتحَوَّى لكلِّ نَجم حَوِيٌّ يقف فِيهِ ويستدير ثمَّ ينصرفُ رَاجعا، فكُنوسُه: مُقامُه فِي حَوِيِّهِ، وخُنوسُه: أَن يَخنسَ بِالنَّهَارِ فَلَا يُرَى.
وَيُقَال: فِرْسِنٌ مكْنوسةٌ، وَهِي الملساءُ الجرداءُ من الشَّعر. (قُلت) : الفِرْسِنُ المَكنوسة: المَلساء الباطنِ، تُشبِّهها الْعَرَب بالمرايا لِمَلاستِها.
وكنيسَةُ اليهودِ، وَجَمعهَا كَناَئسُ، وَهِي مُعرَّبةٌ.
والمِكْنَسة جمعهَا: مكانسُ، ومكانسُ الظِّبَاءِ وَاحِدهَا مَكْنِسُ.
سكن: قَالَ اللَّيْث: السَّكْنُ: السُّكَّان، والسُّكْنُ: أَن تُسْكِنَ إِنساناً منزلا بِلَا كِرا. قَالَ والسَّكْن: العيالُ، وأهلُ الْبَيْت، الْوَاحِد: ساكنٌ.
(الحرَّانيُّ، عَن ابْن السكت) : السَّكْنُ: أهلُ الدَّار. وَقَالَ سلامةُ بن جَندل:
يُسْقَى دَوَاءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
قَالَ والسَّكَنُ: مَا سَكَنْتَ إِليه.
والسَّكَن: النَّار. وَأنْشد:
أقامَها بِسَكَنٍ وأَدْهان
يَعْنِي قناةً ثقفها بالنَّار والدُّهْن. وَأنْشد:
ألجأني اللَّيْل وريح بلّه
إِلَى سَواد إبل وثلَّه
وسَكَنٍ توقَد فِي مِظَلّهْ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الأَسْكان: الأقْوات، واحِدها: سُكْنٌ.
وَقَالَ غَيره: قيل للقوتِ: سُكْنٌ لأنَّ الْمَكَان بِهِ يُسْكَن. وَهَذَا كَمَا يُقَال: نُزُلُ العَسكر لإِرزاقهم المُقدَّرة لَهُم إِذا أُنزِلوا منزلا.
وَيُقَال: مَرْعًى مُسْكِنٌ إِذا كَانَ كثيرا لَا

(10/39)


يُخرج إِلَى الظّعْن عَنهُ، وَكَذَلِكَ مَرْعًى مُرْبِعٌ ومُنْزِلٌ.
وسُكْنَى الْمَرْأَة: المَسكَن الَّذِي يُسْكِنها الزَّوجُ إيَّاه.
تَقول: لكَ دَاري هَذِه سُكْنَى إِذا أَعارَه مَسكناً يَسكنه.
وَتقول: سَكنَ الشيءُ يَسكُنُ سكوناً إِذا ذهبَت حركتُه، وسكنَ فِي معنى سكتَ، وسكنتِ الرِّيح، وسكنَ الْمَطَر، وَسكن الْغَضَب.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (الْأَنْعَام: 13) .
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ وَله مَا حَلَّ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِه الْآيَات اْحتِجَاجٌ على المُشْرِكِين، لأَنهم لم ينكروا أنَّ مَا استقرَّ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار للَّهِ أَي هُوَ خالقُه ومُدَبِّرُه، فَالَّذِي هُوَ كَذَلِك قادرٌ عَلَى إِحياء الْمَوْتَى.
قَالَ أَحْمد بن يَحيى فِي قَوْله: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (الْأَنْعَام: 13) : إِنَّمَا السَّاكِن من النَّاس والبهائم خاصَّةً.
قَالَ: وسَكَنَ: هَدَأَ بعد تحرُّكٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ وَالله أعلم الخَلْق.
وَقَوله: {أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (الْبَقَرَة: 248) .
قَالَ الزَّجَّاج مَعْنَاهُ: فِيهِ مَا تسكنون بِهِ إِذا أَتَاكُم.
وَقيل فِي التَّفْسِير: إِنَّ السكينَة لَهَا رأسٌ كرأسِ الهِرِّ مِن زَبَرْجَدٍ وياقوتٍ، وَلها جَناحان.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ الحَسَن: جعَل الله لَهُم فِي التابوت سكِينةً لَا يَفرُّون عَنهُ أبدا وتطمئنُّ قُلُوبهم إِليه.
وَقَالَ مقاتلٌ: كَانَ فِيهِ رأسٌ كرأس الهرّةِ إِذا صَاح كَانَ الظّفَرُ لبني إِسْرَائِيل.
والمِسِكين قد مرّ تَفْسِيره فِي بَاب الْفَقِير وَهُوَ مِفْعِيلٌ من السّكُون مِثل المنطيق من الْمنطق.
وَقَالَ اللَّيْث: المَسكَنَة: مصدر فعل المِسكين، وإِذا اشْتَقُّوا مِنْهُ فعلا قَالُوا: تَمَسْكنَ الرجل أيْ صَار مِسكيناً.
وَيُقَال: أَسْكنُه الله، وأَسْكَنَ جَوْفَهُ أَي جَعلهُ مِسكيناً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَسْكنَ الرَّجلُ وسَكَنَ إِذا كانَ مِسكيناً، وَلَقَد أَسْكنَ.
وَقَالَ غَيره: تَمَسْكَنَ إِذا خَضَعَ لله، وَهِي المَسْكنةُ لِلذّلَّةِ.
قَالَ: وَهُوَ قَول ابْن السّكيت، والمِسْكينُ أَسْوَأُ حَالا من الفَقير.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي قَالَ يُونُس: الفَقيرُ: الَّذِي لَهُ بعض مَا يُقيمُه.

(10/40)


قَالَ: وَرُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: المِسْكينُ أَحسنُ حَالاً من الْفَقِير، قَالَ وَإِلَيْهِ ذهبَ أَحْمد بن عبيد، قَالَ: وَهُوَ القَوْل الصحيحُ عندنَا، لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} (الْكَهْف: 79) فأَخبرَ أَنهم مَساكينُ وَأَن لَهُم سَفينةً تَسَاوِي جُمْلةً.
وَقَالَ: {لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الاَْرْضِ} الآيةَ إِلَى قولهِ {إِلْحَافًا} (الْبَقَرَة: 273) . فَهَذِهِ الْحَال الَّتِي أَخبَرَ بهَا عَن الْفُقَرَاء هِيَ دونَ الحالِ الَّتِي أَخبَرَ بهَا عَن المسَاكينِ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لِلْمصَلِّي: (تَبْأَس وتَمَسْكنُ وتقنع يَديك) قَوْله تَمَسْكنُ أَي تَذِلُّ وتخضعُ.
قَالَ القُتيبيُّ: أَصْلُ الحَرْفِ: السُّكونُ، والمَسْكَنةُ: مَفعلةٌ مِنْهُ، وَكَانَ الْقيَاس تُسَكَّنَ كَمَا يُقَال: تَشَجَّعَ وتحلَّمَ، إِلا أَنه جَاءَ فِي هَذَا الحَرْفِ تَمَفْعَلَ، وَمثله: تَمدْرَعَ من المِدْرَعَةِ، وأَصلُهُ: تَدَرَّعَ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كلُّ مِيمٍ كانتْ فِي أَوَّلِ حَرْفٍ فَهِيَ مَزيدةٌ إِلاَّ مِيمَ مِعْزَى، وَمِيمَ مَعَدَ، تَقول: تَمَعْدَدَ، وميمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَجٍ، ومِيمَ مَهْدَدَ.
(قلت) : وَهَذَا فِيمَا جاءَ عَلَى مَفْعَلٍ أَو مِفْعَلِ أَو مِفْعِيل، فأَمَّا مَا جاءَ عَلَى بنَاءِ فَعْلٍ أَو فِعَالٍ فالميمُ تكونُ أَصْلِيَّةً مثل المَهْدِ والمِهَادِ والمَرْدِ وَما أَشْبَهَهُ.
سَلمَة عَن الْفراء من الْعَرَب من يَقُول: أنزل الله عَلَيْهِم السِّكِّينة للسَّكِينةِ.
قَالَ: وَحكى الْكسَائي عَن بعض بني أَسد المَسْكِينُ بِفَتْح الْمِيم للمِسكِين.
وَقَول الله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ} (الْمُؤْمِنُونَ: 76) أَي فَمَا خضعوا، كَانَ فِي الأَصْل (فَمَا اسْتَكَنُوا) فمدت فَتْحة الْكَاف بِأَلف كَقَوْلِه:
لَهَا مَتْنَتَانِ خَظَاتَا، أَرَادَ: خَظَتَا.
فَمد فَتْحة الظَّاء بِأَلف.
يُقَال: سَكَنَ، وأَسْكن، واسْتَكن وتمسكن، واستكان أَي خضع وذل. وَقَالَ:
يَنْبَاعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ
أَي يَنْبَع فمُدَّت فَتْحة الْبَاء بِأَلف.
وَقَالَ الزّجاج: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التَّوْبَة: 103) أَي يَسْكُنونَ بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخَيْزُرَانة: السُّكّانُ، وَهُوَ الكَوْثَلُ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الخَدْفُ: السُّكّانُ، وَهُوَ الكوثَلُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّكّانُ: ذَنَبُ السَّفينَةِ الَّذِي بِهِ تُعدَلُ، وَقَالَ طَرَفة:

(10/41)


كَسُكَّانِ بُوصِيَ بدجْلَةَ مُصْعِدِ
قَالَ: وسُكّان السَّفِينَة: عَرَبِيّ، سمى سكاناً لِأَنَّهَا تسكن بِهِ عَن الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب.
قَالَ: والسِّكِّينُ تُؤَنَّثُ وتُذكَّرُ، ومُتّخِذُ السكّين يقالُ لَهُ: سَكّانٌ وسَكاكِينيّ.
قَالَ ابْن دُرَيْد: السكين: فِعِّيل من ذبحت الشَّيْء حَتَّى سكَن اضطرابه.
قَالَ الْأَزْهَرِي: سمي سكيناً لِأَنَّهَا تُسكِّن الذَّبِيحَة أَي تسكنها بِالْمَوْتِ، وكل شَيْء مَاتَ فقد سَكَن، وَمثله غِرِّيد للْمُغني لتغريده بالصوت، وَرجل شِمِّير لتشميره إِذا جد فِي الْأَمر وانكمش.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) التَّسْكينُ:
تَقويمُ الصَّعْدَةِ بالسِّكَنِ وَهُوَ النَّارُ، والتَّسكِينُ: أنْ يَدُومَ الرَّجلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَينِ وَهُوَ الحمارُ الخفيفُ السَّريعُ، والأتانُ إِذا كَانَت كَذَلِك: سُكَيْنَة، وَبِه سُمّيَتِ الجاريةُ الخفيفةُ الرُّوحِ سُكيْنَةَ.
قَالَ: والسُّكَيْنَةُ أَيضاً: البَقَّةُ الَّتِي دخلت فِي أَنْفِ نُمْرودَ الخاطِىء فأَكلَتْ دِماغَهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الناسُ على سَكِنَاتِهم ونزلاتهم ورَباعتهمْ ورَبعاتهم، يَعْنِي عَلى اسْتِقَامتهمْ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: الناسُ عَلَى سَكِناتهمْ، وَقَالُوا: تركْنا النَّاس على مَصاَباتهم. على طبقاتهم ومَنازلهم.
وَقَالَ غَيره: سُكّانُ الدَّارِ هُمُ الجنُّ المقيُمونَ بهَا، وَكَانَ الرجلُ إِذا اطَّرَفَ دَاراً ذَبحَ فِيهَا ذبيحَةً يَتَّقِي بهَا أَذى الجِنِّ فنهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَبائح الجنّ.
وَفِي حَدِيث قَيْلةَ أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: (يَا مِسكِينَة عليكِ السكِينَةَ) أرَادَ عليكِ الوَقارَ والوَداعة والأَمْنَ، يُقَال: رجلٌ وَدِيعٌ أَي سَاكِنٌ هادِىءٌ وَيُقَال لِلْموضِعِ الَّذِي تسكُنُهُ: مَسكَنٌ.
ومَسْكِنٌ: مَوضعٌ بعيْنهِ.
والسَّكُونُ: قبيلةٌ بِالْيمن.
وأَمَّا المُسْكانُ بِمَعْنى العَرَبُون فَهُوَ فُعلانٌ، والميمُ أَصليّة، وجَمعُه: المساكِينُ، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
نكس: قَالَ اللَّيْث: النَّكْسُ: قلبُكَ شَيْئا عَلَى رأْسِهِ تَنْكُسهُ، والولدُ المنْكُوسُ: أَن يخرجَ رِجْلاهُ قبل رأسِه.
والنُّكْسُ: العَودُ فِي المرَض.
يُقَال: نُكِسَ فِي مَرَضهِ نُكْساً.
والنِّكْس من الْقَوْم: المُقصِّرُ عَن غايةِ النّجدةِ والكرمِ، والجميعُ: الأنْكاسُ. وإِذا لم يَلْحق الفرَسُ بِالْخَيْلِ السوابق قيلَ: نَكَّس.
وَأنْشد:
إِذا نَكسَ الكاذِبُ المحْمَرُ
قَالَ أَبُو بكر: نُكِس المريضُ مَعْنَاهُ قد

(10/42)


عاودته العلةُ.
يُقَال: نَكَسْت الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عَلَيْهِ مرَّة بعد مرّة، وَأنْشد:
كالوَشْم رُجّع فِي اليَدِ المنكوس
وَفِي الحَدِيث: أَنه قيل لِابْنِ مسعودٍ: إِن فُلاناً يقرأُ الْقُرْآن مَنْكُوساً، قَالَ: ذَاك منكوسُ القْلبِ.
قَالَ أَبُو عبيد: يَتَأَوَّله كثيرٌ من النَّاس أَنه أَن يبدأَ الرَّجلُ من آخر السُّورَةِ فيقرأَها إِلَى أوَّلها. قَالَ: وَهَذَا شيءٌ مَا أَحسِبُ أَحداً يطيقُه، وَلَا كَانَ هَذَا فِي زمن عبد الله وَلَا أعرفهُ. وَلَكِن وَجهه عِندي أَن يبْدَأ من آخر الْقُرْآن من المعوذتين ثمَّ يرْتَفع إِلَى الْبَقَرَة كنحو مِمَّا يتَعَلَّم الصّبيان فِي الكُتّابِ، لِأَن السُّنة خلاف هَذَا، يُعلم ذَلِك بِالْحَدِيثِ الَّذِي يحدِّثه عُثْمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ إِذا أُنزلت عَلَيْهِ السُّورَة أَو الْآيَة قَالَ: ضعوها فِي الْموضع الَّذِي يُذكر كَذَا وَكَذَا) أَلا ترى أَن التَّأْلِيف الْآن فِي هَذَا الحَدِيث من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كُتبت الْمَصَاحِف على هَذَا. قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَت الرُّخصة فِي تعلم الصبيِّ والعجميِّ مِنَ المُفَصَّل لصعوبة السُّوَر الطوَال عَلَيْهِمَا. فَأَما مَن قَرَأَ الْقُرْآن وحفِظه ثمَّ تعمّد أَن يقرأه مِنْ آخِره إِلَى أَوله فَهَذَا النَّكْسُ الْمنْهِي عَنهُ، وإِذا كرِهنا هَذَا فَنحْن للنَّكْسِ مِن آخر السورةِ إِلَى أَولهَا أشدُّ كَرَاهَة، إِن كَانَ ذَلِك يكون.
وَقَالَ شمر: النَّكْسُ فِي أَشْيَاء. وَمَعْنَاهُ يَرْجع إِلَى قلبِ الشَّيْء وردِّه وجعلِ أَعْلَاهُ أسفلَه، ومقدَّمِه مؤخَّرَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نكَسْتُ فلَانا فِي ذَلِك الْأَمر أَي رَدَدتُه فِيهِ بَعْدَمَا خرج مِنْهُ.
وَقَالَ شمر: النُّكَاسُ: عوْدُ الْمَرِيض فِي مَرضه بعد إِفراقِه. وَقَالَ أُميَّة بن أبي عائذٍ الْهُذلِيّ:
خَيَالٌ لِزَيْنَبَ قَدْ هَاجَ لي
نُكاساً مِنَ الحُبِّ بَعْدَ انَدِمَالِ
قَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءُوسِهِمْ} يَقُول: رجعُوا عَمَّا عرفُوا من الْحجَّة لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ يَرْجِعُونَ وَمَن نّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} (يس: 68) .
قَالَ أَبُو إِسحاق: مَعْنَاهُ: مَن أطلْنا عُمْرَه نكَّسْنا خلقه، فَصَارَ بدلُ الْقُوَّة الضعفَ وبدلُ الشَّبَاب الهرمَ.
وَقَالَ الْفراء: قرأَ عاصمٌ وَحَمْزَة: {نُنَكِّسْه فِي الخَلْقِ وَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة: نَنْكُسْهُ بِالتَّخْفِيفِ. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ الهرمُ.
وَقَالَ شمر: يُقَال: نكَّسَ الرجلُ إِذا ضَعُف وَعجز.
وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي فِي الانتكاس:
وَلَمْ يَنْتَكِسْ يَوْماً فَيُظْلِمَ وجْهُهُ
لِيمَرَضَ عَجْزاً أَوْ يضارعَ مَأثما

(10/43)


أَي لم ينَكِّسْ رأْسَهُ لأمر يأنف مِنْهُ.
قَالَ: ونكَسَ رأسَه إِذا طأطأَه من ذُلَ وَأنْشد:
وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيتَهُمْ
خُضْعَ الرِّقَابَ نَوَاكِسَ الأبْصَارِ
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا كَانَ الفِعْل لغير الْآدَمِيّين جُمِع عَلَى فواعل لِأَنَّهُ لَا يجوز فِيهِ مَا يجوز فِي الْآدَمِيّين منَ الْوَاو وَالنُّون فِي الِاسْم وَالْفِعْل فضارَعَ الْمُؤَنَّث، تَقول: جِمالٌ بَوَازلُ وعَوَاضِهُ، وَقد اضطُر الفرزدق فَقَالَ:
خُضْعَ الرِّقابِ نَوَاكِسَ الْأَبْصَار
لِأَنَّك تَقول: هِيَ الرِّجَال، فشُبِّه بالجِمال.
(قلت) : وروى أَحْمد بن يحيى هَذَا الْبَيْت:
... نَوَاكِسي الأبصَارِ
وَقَالَ: أَدخل الْيَاء لِأَنَّهُ رَدَ النوَاكِس إِلَى الرِّجَال وإِنما كَانَ وإِذا الرِّجَال رأيتَهم نواكِسَ أبصارُهم، فَكَانَ النواكِسُ للأبصار فنُقِلت إِلَى الرِّجَال، فَلذَلِك دخلت الْيَاء، وَإِن كَانَ جَمعَ جمْع، كَمَا تَقول: مَرَرْت بِقوم حَسَنِي الْوُجُوه، وحِسانٍ وجوهُهم، لما جعلتهم للرِّجَال جئتَ بِالْيَاءِ، وَإِن شئتَ لم تأتِ بهَا. قَالَ: وَأما الْفراء وَالْكسَائِيّ فَإِنَّهُمَا رويا الْبَيْت: نواكِسَ الْأَبْصَار. بِالْفَتْح، أقرَّا نواكسَ على لفظ الْأَبْصَار.
قَالَ: والتذكيرُ: ناكِسِي الْأَبْصَار.
وَقَالَ الْأَخْفَش: يجوز نواكِسِ الْأَبْصَار بِالْجَرِّ لَا بِالْيَاءِ كَمَا قَالُوا جُحْرُ ضَبَ خَرِبٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : النِّكْسُ من السِّهَام: الَّذِي يُنكَس فيُجْعل أَعْلَاهُ أَسْفَله، وأنشدني الْمُنْذِرِيّ للحطيئة:
قَدْ ناضَلونَا فَسَلّوا مِن كِنَانتهمْ
مَجْداً تليداً وعزًّا غَيرَ أَنكاس
قَالَ: الأنكاس: جمْع النِّكْس من السِّهَام، وَهُوَ أضعفها. قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: أَن الْعَرَب كَانُوا إِذا أسرُوا أَسِيرًا خيَّرُوه بَين التخلِية وجزِّ الناصية أَو الأسْرِ. فَإِن اخْتَار جز الناصية جَزُّوها وخلَّوا سَبيله، ثمَّ جعلُوا ذَلِك الشَّعر فِي كِنانتهم، فإِذا افتخرُوا أَخْرجُوهُ وأَرَوْه مَفاخرَهم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: الكُنُس: والنُّكُس ميادين بقر الوحْش، وَهِي مأواتها.
قَالَ: والنُكُسُ: المُدْرَهِمُّون من الشُّيُوخ بعد الْهَرم.
نسك: قَالَ اللَّيْث: النُّسْك: الْعِبَادَة، رجل ناسكٌ: عابدٌ، وَقد نسَكَ ينسُكُ نسْكاً.

(10/44)


قَالَ: والنُسْكُ: الذَّبِيحَة، يَقُول: من فعل كَذَا وَكَذَا فعَليه نسْكٌ أَي دَمٌ يهرِيقه بِمَكَّة، واسمُ تِلْكَ الذَّبِيحَة: النسيكة، والمنسك: الموضعُ الَّذِي يذبحُ فِيهِ الذبائحُ.
قَالَ: وَالمَنْسَك: النُّسْك نَفسه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: النُّسُك: سَبائك الْفضة، وكل سبيكةٍ مِنْهَا: نسيكة، وَقيل للمتعبِّد: ناسِكٌ، لِأَنَّهُ خلَّص نَفسه وصفَّاها من دنَسَ الآثام كالسبيكة المخلَّصة مِن الخبَثِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قرىء: لِكلِّ أمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً} (الْحَج: 34) و (منسِكاً) .
وَقَالَ: والمنْسَك فِي هَذَا الْموضع يَدُل على معنى النَّحْر كَأَنَّهُ قَالَ: جعلنَا لكل أُمَّةٍ أَن تتقرَّب بِأَن تذبحَ الذبائحَ لله.
قَالَ، وَقَالَ بَعضهم: المَنْسِكُ: الْموضع الَّذِي تُذبَح فِيهِ. فَمن قَالَ: مَنسِكٌ فَمَعْنَاه مكانُ نُسْكٍ مثل مجلسٍ: مكانُ جُلُوس.
وَمن قَالَ: مَنسَكٌ فَمَعْنَاه المصْدر نحوُ النُّسُك والنُّسُوك.
شمرٌ: قَالَ النَّضر: نَسَكَ الرجل إِلَى طريقةٍ جميلَة أَي داوَم عَلَيْهَا، ويَنْسُكون الْبَيْت: يأتونه.
قَالَ الفرّاء: المَنْسِك فِي كَلَام الْعَرَب الْموضع الْمُعْتَاد الَّذِي يَعتادُه.
يُقَال: إِنَّ لفلانٍ مَنسِكاً يعتاده فِي خير كَانَ أَو غَيره، وَبِه سُمِّيَت المَناسك.
ك س ف
كفس، كسف، سكف، سفك: (مستعملة) .
كفس: (ابْن دُرَيد) : الكَفَسُ: الحَنَفُ، وَقد كَفِسَ كفَساً.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلم أسمعهُ لغيره.
كسف: قَالَ اللَّيْث: الكَسْفُ: قطْع العُرقوب. يُقَال: استَدبر فرسَه فكسَف عُرْقوبيْه.
قَالَ: وكَسَفَ القمرُ يَكسِف كُسوفاً، وَكَذَلِكَ الشَّمْس.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول: انكسفَ وَهُوَ خطأٌ.
(قلت) : ورَوى يحيى القطَّان، عَن عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان عَن عطاءٍ، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: انكَسفت الشَّمْس على عهْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حديثٍ طَوِيل، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عبيد: انكسفَتْ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} (الْإِسْرَاء: 92) .
الكِسْفُ، والكِسَف: وَجْهان، والكسَف: جِماعُ كِسْفة.
سمعْت أعرابيّاً يَقُول: أَعْطِنِي كِسْفةً، يُرِيد قِطعةً كَقَوْلِك: خِرقةً، وكِسف: فِعْلٌ. وَقد يكون الكِسْف جِماعاً للكِسْفة مِثل دِمْنةٍ ودِمْنٍ.

(10/45)


وَقَالَ الزّجاج: فِي قَوْله: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} (الْإِسْرَاء: 92) ، و (كِسْفاً) ، فَمن قَرَأَ كِسَفاً جعلهَا جمعَ كِسْفة، وَهِي القِطعة. وَمن قَرَأَ: كِسْفاً قَالَ: أَو تُسْقِطها طَبَقاً علينا، واشتقاقُه من كسفْت الشيءَ إِذا غطَّيتَه.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: وَيُقَال: كسَفَ أَمَلُه، فَهُوَ كاسفٌ إِذا انْقَطع رجاؤه مِمَّا كَانَ يأْمُل وَلم يَنبسِطْ.
قَالَ أَبُو الْفضل: وسألْتُ أَبَا الْهَيْثَم عَن قَوْلهم: كسفتُ الثوبَ أَي قطَعته. فَقَالَ: كلُّ شيءٍ قطعته فقد كسفتَه.
قَالَ، وَيُقَال: كَسفَتِ الشمسُ إِذا ذهب ضوءُها، وكسَف الْقَمَر إِذا ذهب ضوءُه، وكسَف الرَّجلُ إِذا نَكَسَ طرْفَه، وكسفَت حالُه إِذا تغيرَتْ.
قَالَ: وكسَفت الشمسُ وخسَفَت بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو زيد: كسفَت الشمسُ تَكسِفُ كسوفاً إِذا اسْودَّت بِالنَّهَارِ، وكسفَت الشمسُ النُّجومَ إِذا غَلَبَ ضوءُها النجومَ فَلم يَبْدُ مِنْهَا شيءٌ، والشمسُ حِينَئِذٍ كاسِفَةٌ للنجوم.
قَالَ جريرٌ:
فالشمسُ طَالعةٌ لَيست بكاسفةٍ
تَبْكِي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقَمرا
قَالَ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا طالعةٌ تبْكي عَلَيْك ولمْ تَكْسف النجومَ وَلَا القمرَ لِأَنَّهَا فِي طُلُوعهَا خاشعةٌ لَا نُورَ لَهَا.
قَالَ: وَتقول: خَشَعَت الشَّمْس وكسَفَتْ وَخسَفَتْ بِمَعْنى وَاحِد. وَرَوَاهُ اللَّيْث:
الشمسُ كاسفةٌ ليستْ بِطَالعةٍ
تَبْكي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقمرا
وَقَالَ: أَرَادَ مَا طلعَ نجْمٌ وَمَا طلع الْقَمَر، ثمَّ صرَفه فنصَبَه، وَهَذَا كَمَا تَقول: لَا آتِيك مَطْرَ السماءِ: أَي مَا مَطَرتْ السَّمَاء، وطلوعَ الشَّمْس أَي مَا طلَعَت الشمسُ، ثمَّ صرَفْته فنصَبَتْه.
قَالَ شمر: سَمِعت ابْن الأعرابيّ يَقُول فِي قَوْله:
تَبكي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقمرا
أَي مَا دامتِ النجومُ وَالْقَمَر. وحُكِيَ عَن الْكسَائي مِثلُهُ.
قَالَ: وَقلت للفراء: إِنَّهُم يَقُولُونَ فِيهِ: إِنَّه على معنى المُغالبة: باكَيْتُه فبكَيتُه، فالشمس تغلبُ النجومَ بكاء فقالَ: إنَّ هَذَا الْوَجْه حَسَنٌ، فقلتُ: مَا هَذَا بحَسَن وَلَا قريبٍ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ كاسِفُ الْوَجْه: عابسٌ من سوء الْحَال. يُقَال: عَبَسَ فِي وجْهِي وكَسَف كسوفاً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : يُقَال لِخرَق الْقَمِيص قبل أَن يُؤَلَّفَ: الكِسَف والكِيَف والخِدَف واحدتُها كِسْفةٌ وكِيفَةٌ وخِدْفةٌ.

(10/46)


قَالَ شمر: الكُسوفُ فِي الوجْهِ: الصُّفرةُ والتغير، ورجلٌ كاسِفٌ: مهمومٌ تغير لوُنه وهُزِلَ من الحُزْن، وكَسَفَ: ذهب نُورُه، وتغيَّر إِلَى السَّوَادِ، قَالَه ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَسَفَ بالهُ إِذا حَدَّثَتهُ نَفسه بالشَّرِّ، قَالَ أَبُو ذُؤَيب:
يَرْمي الغُيُوبَ بعينيْهِ، ومَطْرِفُهُ
مُغضٍ كَمَا كَسفَ المستَأْخِذُ الرَّمِدُ
وَقيل: كُسُوفُ باله: أَن يضيقَ عَلَيْهِ أَمله.
سكف: قَالَ اللَّيْث: الأُسكُفَّةُ: عَتَبَةُ الْبَاب الَّتِي يوطأُ عَلَيْهَا. والإسكافُ: مصدرُه السِّكَافةُ، وَلَا فِعلَ لَهُ، وَهُوَ الأَسْكَفُ.
وَقَالَ النَّضر: أُسْكُفَّةُ الْبَاب: عَتبتُه الَّتِي تُوطَأُ، والساكِف: أَعْلَاهُ الَّذِي يَدور فِيهِ الصائِرُ، والصائرُ: أَسْفلُ طرَف الْبَاب الَّذِي يَدور أَعْلاه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أَسْكَفَ الرجلُ إِذا صَار إِسكافاً.
قَالَ: والإسكافُ عِنْد الْعَرَب: كلُّ صانعٍ غيرِ مَن يعْمل الْخِفافَ، فإِذا أَرَادوا معنى الإسكافِ فِي الحَضَر قَالُوا: هُوَ الأَسْكَفُ. وَأنْشد:
وَضَعَ الأسكَفُ فِيهِ رُقَعاً
مِثل مَا ضَمَّدَ جَنْبَيْه الطَّحِلْ
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الإسكافُ: الصَّانِع.
وَقَالَ الشماخ:
لم يَبْقَ إِلَّا منطقٌ وأطرافْ
وشَجَرَامَيْسٍ بَرَاها إِسكاف
ابْن السّكيت: جعل النجارَ إِسكافاً على التَّوَهُّم، أَرَادَ براها النجار.
وَقَالَ شمر: سَمِعت ابنَ الْفَقْعَسِيِّ يَقُول: إنَّكَ لإسكافٌ بِهَذَا الْأَمر أَيْ حاذِقٌ.
وَأنْشد:
حَتَّى طَوَيْناها كطيِّ الإسكاف
يصِفُ بِئْرا. قَالَ الإسكاف: الحاذقُ. وَيُقَال: رجلٌ إسكافٌ وأُسكُوفٌ للخَفّافِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: لَا أَتسكَّفُ لَك بَيْتا، مَأخوذٌ من الأُسكُفَّةِ أَي لَا أَدخلُ لَهُ بَيْتا.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
تُجِيلُ عَينْاً حالكاً أُسْكُفُّها
قَالَ: أُسكفُّها: منَابتُ أَشْفارِها. وَأنْشد:
حَوراء فِي أُسكُفِّ عَينيها وَطَفْ
وَفِي الثَّنايا البِيضِ مِن فيهَا رَهَفْ
قَالَ: رَهَف: رِقة.
سفك: قَالَ اللَّيْث السَّفْكُ: صَبُّ الدَّمِ، ونَثْرُ الكلامِ، ورَجلٌ سَفَّاكٌ للدِّماءِ، سفَّاكٌ بالْكلَام يَسْفِكُ سَفْكاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السُّفْكَة: مَا يُقَدَّمُ إِلَى الضَّيف مِثْل اللُّمْجَةِ. يُقَال: سَفِّكُوه ولَمِّجُوه.

(10/47)


أَبُو زيد: مِن أَسمَاء النفْسِ: السَّفُوكُ والجائشةُ والطَّمُوعُ.
ك س ب
كسب، كبس، سكب، سبك، بكس: (مستعملة) .
كسب: قَالَ اللَّيْث: الكَسْبُ: طلبُ الرِّزق، تَقول: فلانٌ يَكْسِبُ أهلَه خيرا، ورجلٌ كَسُوبٌ.
قَالَ: وكَسَابِ اسْم للذئب. وَرُبمَا جَاءَ فِي الشِّعر كُسَيْباً.
قَالَ: وكَسَابِ من أَسمَاء إناث الْكلاب. والكُسْبُ: الكُنْجَارَقُ.
قَالَ: وبعضُ السَّوَادِيِّينَ يُسمُّونه الكُسْبَجَ.
قلت: الكُسْبَجُ مُعرَّبٌ، وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كُشْب فقُلبت الشين سيناً كَمَا قَالُوا: سَابُور، وَأَصله: شاه بُور أَي مَلِكُ بورَ، وبور: الابْن بِلِسَان الفُرس والدَّشْتُ أُعرِب فَقيل: الدَّسْتُ للصحراء.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: كلُّ النَّاس يَقُولُونَ: كَسَبكَ فلانٌ خيرا إِلَّا ابْن الْأَعرَابِي فَإِنَّهُ يَقُول أَكْسبكَ فلانٌ خيرا.
كبس: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : جَاءَ فلانٌ مُكَبِّساً وكابساً إِذا جَاءَ شادًّا، وَكَذَلِكَ جَاءَ مُكلِّساً. قَالَ: والأكْبَاسُ: بيوتٌ من طينٍ، وَاحِدهَا: كِبْسٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبْسُ: طَمُّكَ حُفرةً بِتُرابٍ، كبسَ يكبِسُ كبْساً. وَاسم التُّرَاب: الكِبْسُ. يُقَال: الهواءُ والكِبْسُ، فالكِبْسُ: مَا كَانَ من نَحْو الأَرْض مِمَّا يَسُدُّ من الْهَوَاء مَسَدًّا.
قَالَ: وَالْجِبَال الكُبَّسُ هِيَ الصِّلاب الشّدَادُ.
والأرنبةُ الكابِسَةُ: المُقْبِلَةُ على الشَّفَةِ العُليا، والناصِيةُ الكابسةُ هِيَ المُقبلة على الْجَبْهَة، تَقول: جَبْهةٌ كَبَستها الناصِيةُ، والتكبيس: الاقتحام على الشَّيْء تَقول: كَبَّسُوا عَلَيْهِم.
قَالَ: وكابوسٌ كلمة يُكنَى بهَا عَن البُضْع، يُقَال: كبَسَها إِذا فعلَ بهَا مرَّة.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الكابوسُ: النِّيدِلاَنُ وَهُوَ الباروكُ والجاثومُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) ، قَالَ: الكِبْسُ: الكَنْزُ. والكِبْسُ. الرَّأْس الْكَبِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِبَاسَةُ: العِذْقُ التامُّ بِشمارِيخِهِ وبُسْرِه.
قَالَ: وعامُ الكَبِيسِ فِي حِسَاب أهل الشَّام المأْخوذ من أهل الرّوم كل أَربع سِنِين يزِيدُونَ فِي شهر شُبَاط يَوْمًا وَفِي ثَلَاث سِنِين يعدُّونه ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا، يقوِّمُون بذلك كسور حِسَاب السّنة، يسمُّون الْعَام الَّذِي يزِيدُونَ فِيهِ ذَلِك الْيَوْم عامَ الكَبِيسِ.
وَقَالَ غَيره: رجلٌ كُبَاسٌ وَهُوَ الَّذِي إِذا سَأَلته حَاجَة كَبَسَ برأسِه فِي جيب قَمِيصه.

(10/48)


يُقَال: إِنَّه لكُباسٌ غير خُباسٍ. وَقَالَ الشَّاعِر يمدح رجلا:
هُو الرُّزءُ المُبَيّنُ لاَ كُباسٌ
ثقيلُ الرَّأسِ يَنْعِقُ بالضَّئِينِ
وَقَالَ شمر: الكُبَاسُ: الذَّكَرُ، وَأنْشد قَول الطِّرِمَّاح:
وَلَو كُنْتَ حُرّاً لم تَنَمْ لَيْلَةَ النَّقَا
وجِعْثِنُ تُهْبَى بالكُبَاسِ وبالْعَردِ
تُهْبَى: يُثار مِنْهَا الغبارُ لشدَّة الْعَمَل بهَا.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ كُباسٌ: عَظِيم الرَّأْس. وَقَالَت خنساءُ:
فذاكَ الرُّزْءُ عَمْرُكَ لاَ كُباسٌ
عظيمُ الرأْسِ يَحْلُمُ بالنَّعِيقِ
قَالَ: والكُبَاسُ: الَّذِي يَكْبِسُ رَأسه فِي ثِيَابه وينام.
ورُوِي عَن عَقِيل بن أبي طَالب أَنه قَالَ: إِن قُريشاً أَتَت أَبَا طَالب فَقَالَت لَهُ: إِن ابْن أَخِيك قد آذَانا فانْههُ عَنَّا. فَقَالَ: يَا عَقيلُ انْطلق فأْتني بمحمدٍ فانطلقتُ إِلَيْهِ فاستخرجته من كِبْسٍ.
قَالَ شمر: من كِبسٍ أَي من بَيت صَغِير، والكِبْسُ اسْم لما كُبِسَ من الْأَبْنِيَة، يُقَال: كِبسُ الدَّار، وكِبسُ الْبَيْت، وكلُّ بنيانٍ كُبِسَ، فَلهُ كِبْسٌ. قَالَ العجاج:
وإنْ رأَوْا بُنْيَانَهُ ذَا كِبْسِ
تطارَحُوا أركانهُ بالرّدْسِ
والكابسُ من الرِّجال: الكابسُ فِي ثَوْبه المُغَطَّى بِهِ جسده الداخلُ فِيهِ.
قَالَ شمر: وَيجْعَل الْبَيْت كِبْساً لما يُكْبَسُ فِيهِ أَي يدْخل كَمَا يَكْبِسُ الرجلُ رَأسه فِي ثَوْبه، وَيُقَال رأسٌ أَكْبَسُ إِذا كَانَ مستديراً ضخماً، وهامةٌ كَبْساءُ وكُباسٌ، ورجلٌ أكْبَسُ بَيِّنُ الكَبَسِ إِذا كَانَ ضخم الرَّأْسِ، وَيُقَال: قِفافٌ كُبْسٌ إِذا كَانَت ضِعافاً.
قَالَ العجاج:
وُعْثاً وُعُوراً وقِفافاً كُبسَا
سكب: قَالَ اللَّيْث: السَّكْبُ: صَبُّ الماءِ. يُقَال: سَكَبْتُ الماءَ فانْسَكَبَ، ودَمْعٌ سَاكِبٌ. وَأهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: اسْكُبْ عَلَى يَدِي.
قَالَ: والسَّكْبَة: الكُرْدَةُ العُليا الَّتِي يُسْقَى مِنْهَا كُرْدُ الطبَابةِ من الأَرْض، والسَّكْبُ: ضربٌ من الثِّياب رقيقٌ كَأَنَّهُ غبارٌ من رِقَّتِه، وَكَأَنَّهُ سَكْبُ ماءٍ من الرِّقة. والسَّكْبَةُ من ذَلِك اشتُقت. وَهِي الخِرْقَةُ تُقَوَّرُ لِلرأْسِ تُسمِّيها الفُرْسُ: الشَّسْتَقَةَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) ، قَالَ: السَّكَبُ: ضربٌ من الثِّيَاب، مُحَرَّكُ الْكَاف.
قَالَ: والسَّكَبُ: الرَّصاصُ.
ورَوَى ابْن الْمُبَارك عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله كَانَ يُصَلِّي فِيمَا بَين

(10/49)


العِشاء إِلَى انصداع الْفجْر إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، فَإِذا سَكَب المؤذّن بِالْأولَى من صَلَاة الْفجْر قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
قَالَ سُوَيد: سَكَبَ يُرِيد: أَذَّن، وَأَصله من سَكَبَ الماءَ، وَهَذَا كَمَا يُقَال: أَخَذَ فِي خُطْبَةٍ فَسَحَلها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من نباتِ السَّهل: السكَبُ.
وَقَالَ غَيره: السَّكَبُ: بَقلةٌ طيِّبة الرّيح، لَهَا زهرةٌ صفراءُ. وَهِي من شجرِ القيظ. والإِسْكابَةُ: خشبةٌ على قدرِ الفَلْسِ إِذا انشقَّ السقَاء جعلوها عَلَيْهِ ثمَّ صرُّوا عَلَيْهَا بسيرٍ حَتَّى يَخْرُزُوهُ مَعَه فَهِيَ الإسْكابةُ.
يُقَال: اجعلْ لي إِسْكابَةً فيتخذ ذَلِك.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : فرسٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ جواداً. وَكَذَلِكَ فرسٌ فيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ، وغُلاَمٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ خَفِيف الرّوح نشيطاً فِي عمله.
وَيُقَال: هَذَا أمرٌ سَكْبٌ أَي لَازم.
وَيُقَال: سُنَّةٌ سَكْبٌ.
وَقَالَ لَقِيط بن زُرَارَة لِأَخِيهِ مَعْبَدٍ لمّا طلب إِلَيْهِ أَن يَفْدِيَهُ بمائتين من الْإِبِل، وَكَانَ أَسِيرًا: مَا أَنَا بِمُنْطٍ عَنْك شَيْئا يكونُ على أهلِ بَيْتك سُنَّةً سَكباً، وتدْرَبُ النَّاس لَهُ بِنَا دَرْباً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للسكَّةِ من النَّخلِ: أُسْكُوبٌ وأُسْلُوبٌ، فإِذا كَانَ ذَلِك من غيرِ النَّخلِ قيل لَهُ: أُنْبُوبٌ ومِدَادٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا رَوَى شمر عَنهُ يُقَال: ماءٌ أُسْكُوبٌ، وسَحَابٌ أُسْكُوبٌ.
وَأنْشد:
بَرْقٌ يُضِيءُ خلالَ البَيتِ أُسْكُوبُ
سبك: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: السَّبْكُ: تَسبيكُ السَّبِيكةِ من الذَّهبِ والفضةِ تُذَابُ فَتُفْرَغُ فِي مِسْبَكَةٍ من حديدٍ كَأَنَّهَا شِقّ قَصَبَةٍ.
بكس: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : بَكَسَ خَصْمَه إِذا قهره.
قَالَ: والبُكْسَة: خَزَفَةٌ يُدَوِّرُها الصِّبيان، ثمَّ يَأْخُذُونَ حجرا فيُدَوِّرُونَهُ كأنَّه كُرَةٌ، ثمَّ يتقامرونَ بهما، وَتسَمى هَذِه اللعبةُ الكُحَّةَ.
وَيُقَال لهَذِهِ الخَزَفَةِ أَيْضا: التُّونُ والآجُرّةُ.
ك س م
كسم، كمس، سمك، سكم، مسك، مكس: (مستعملة) .
سمك: قَالَ اللَّيْث: السّمَكُ الواحدةُ: سمكةٌ. قَالَ: والسَّمَكةُ: بُرْجٌ فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ: الْحُوت. قَالَ. والسِّمَاكُ: مَا سمكْتَ بِهِ حَائِطا أَو سقفاً، والسقْف يُسمى سَمْكاً، وَالسَّمَاء مَسموكةٌ، أَي مَرْفُوعَة كالسَّمْكِ.
وَجَاء فِي حَدِيث عليَ: (اللهمَّ بارِىءَ المَسْمُوكاتِ السَّبْعِ ورَبَّ المَدْحُوَّاتِ) ،

(10/50)


والمَسْمُوكاتُ: السمواتُ السبعُ، والمَدْحُوَّاتُ: الأرَضُونَ، وسَنَامٌ سَامِكٌ تَامِكٌ: مرتفعٌ تَارٌّ، والسِّمَاكانِ: نَجْمَان، أَحدهمَا: الأعزل، وَالْآخر: الرَّامِحُ، وَالَّذِي هُوَ من منَازِل الْقَمَر: الأعزلُ، وَبِه يَنزِلُ القمرُ، وَهُوَ شآمٍ. وسُمِّي أعزلَ لِأَنَّهُ لَا شيءَ بَين يَدَيْهِ من الْكَوَاكِب؛ كالأعزل الَّذِي لَا رُمْحَ مَعَه.
وَيُقَال: سُمِّي أعزلَ لِأَنَّهُ إِذا طلعَ لَا يكونُ فِي أيامهِ ريحٌ وَلَا بردٌ، هُوَ أعزلُ مِنْهَا.
والسّمْكُ: القامةُ من كل شَيْء بعيدٍ طَوِيل السَّمْكِ. قَالَ ذُو الرُّمَّة:
نَجَائِبَ من نِتَاجِ بني غُرَيْرٍ
طِوَالَ السّمْكِ مُفْرَعَةً نِبَالاَ
والمِسْماكُ: عمودٌ من أعمدةِ الخِباء، وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّة:
كأَنَّ رجليهِ مِسْماكانِ من عُشَرٍ
سَقْبَانِ لم يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
كسم: قَالَ اللَّيْث: الكَيْسُومُ: الكثيرُ من الْحَشِيش.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَسْمُ: الكَدُّ على الْعِيَال من حرامٍ أَو حَلَال.
وَقَالَ: كَسَمَ وكسَب: واحدٌ.
وَأنْشد:
وحامِلُ القِدْرِ أَبُو يَكْسُومِ
يُقَال: جَاءَ يَحْمِلُ القِدْرَ إِذا جَاءَ بالشَّرِّ.
ابْن دُرَيْد الكَسْمُ: فَتُّكَ الشيءَ بِيَدِك، وَلَا يكون إلاّ من شيءٍ يَابِس، كسَمْتُه كسَمْاً.
وكَيْسَم: أَبُو بَطْن من الْعَرَب.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الفرجِ قَالَ الْأَصْمَعِي: الأكاسِمُ: اللُّمَعُ من النَّبْتِ المتراكِبَةُ.
يُقَال: لُمْعَةٌ أكْسُومٌ أَي متراكمة.
وَأنْشد:
أكاسِماً للطَّرْفِ فِيهَا مُتّسَعْ
وللأبُول الآبل الطبِّ فَنَعْ
وَقَالَ غَيره: رَوْضةٌ أُكْسُومٌ ويَكْسومٌ أَي نَدِيَةٌ كثيرةٌ، وأَبُو يَكْسوم من ذَلِك، وكَيْسومٌ: فَيْعُولٌ مِنْهُ.
كمس: (قلتُ) : لم أجدْ فِيهِ من مَحْضِ كَلَام الْعَرَب وصريحه شَيْئا.
وَأما قَول الأطباءِ فِي الكيْمُوسَاتِ: إِنَّهَا الطبائعُ الأربعُ فَلَيْسَتْ من لغاتِ الْعَرَب، وأحسبها يونانية.
مسك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المَسْكُ الجِلدُ.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: نَحن فِي مُسوكِ الثعالِبِ إِذا كَانُوا مذعورين. وَأنْشد الْمفضل:
فيَوْماً تَرَانَا فِي مُسُوك جيَادِنَا
وَيَوْماً تَرَانا فِي مُسُوك الثعالب
وَقَوله: فِي مُسُوك جيادِنا مَعْنَاهُ أَنّا أُسِرْنا فكُتِّفنَا فِي قِدَ قُدَّ مِن مَسْك فرس ذُبِحَ أَو

(10/51)


أُصِيب فِي الْحَرْب فمَات فقُدَّتْ مِن مسكه سيورٌ غُلّوا بهَا وأسِروا.
وَقَالَ غَيره: معنى قَوْله فِي مسوك جيادنا أَي على مسوك جيادنا أَي تَرَانَا فُرْسَاناً نغير على أَعدائنا، ثمَّ يَوْمًا تَرَانَا خَائِفين غير آمِنين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المَسَكُ: الذَّبْلُ مِن العَاج كَهَيئَةِ السِّوار تَجْعَلهُ المرأَةُ فِي يَديهَا فَذَلِك المَسَكُ، والذبلُ: الْقُرُون. فَإِن كَانَ من عاج فَهُوَ مَسَكٌ وعاجٌ ووقْفٌ، وَإِذا كَانَ مِن ذَبْل فَهُوَ مَسَك لَا غير.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : المَسَك: مثل الأسْوِرة من قرونٍ أَو عاج. وَقَالَ جريرٌ:
ترى العَبَسَ الْحَوْلِيَّ جَوناً بكُوعها
لهَا مَسَكاً مِن غير عاج وَلَا ذَبْلِ
وَقَالَ اللَّيْث: المِسْكُ: معروفٌ إلاَّ أَنه لَيْسَ بعربي مَحْض.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ المِسْكُ: الطِّيبُ، وأَصله مِسكٌ محركة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خذي فِرْصَةً فتمَسَّكي بهَا) . قَالَ بَعضهم: تمسَّكي أَي تطيَّبي مِنَ الْمسك.
وَقَالَت طائفةٌ: هُوَ مِن التمسُّك بِالْيَدِ.
قَالَ اللَّيْث: سِقَاءٌ مَسِيكٌ: كثيرُ الأخذِ للْمَاء.
وَيُقَال: فِي فلانٍ إِمْسَاكٌ ومَسَاكٌ ومِسَاكٌ ومَسَكةٌ، كلُّ ذَلِك مِن الْبُخْل والتمسك بِمَا لَدَيْهِ ضَنًّا بِهِ.
قَالَ: والمُسْكَةُ مِن الطَّعَام والشرابِ: مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ، تقولُ: أَمسكَ يُمسكُ إِمساكاً. والتَّمسُّكُ: استمساكُكَ بالشَّيْء. تقولُ: مَسَكْتُ بِه، وتمسَّكتُ بِهِ واستمْسكت بِهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس:
صبحتُ بهَا القَوْمَ حتَّى امتسكْ
تُ بِالْأَرْضِ أَعْدِلُها أَنْ تَميلاَ
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله أَنه قَالَ: (لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيءٍ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ إلاّ مَا أَحَلَّ الله، وَلَا أحرِّمُ، إلاَّ مَا حرَّمَ الله) قَالَ الشَّافِعِي، مَعناهُ إنْ صَحَّ أَن الله تَعَالَى أَحَلَّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْيَاء حظرها على غَيره من عدد النِّسَاء، والموهوبة وَغير ذَلِك وَفرض عَلَيْهِ أَشْيَاء خففها عَن غَيره فَقَالَ: لَا يمسكن الناسُ عليَّ بشيءٍ يَعْنِي بِمَا خُصِصْت بِهِ دونهم، فَإِن نِكَاحي أكثرَ من أَربع لَا يحل لَهُم أَن يبلغوه لِأَنَّهُ انْتهى بهم إِلَى أَربع، وَلَا يجب عَلَيْهِم مَا وَجب عليَّ من تَخْيِير نِسَائِهِم لِأَنَّهُ لَيْسَ بفَرْضٍ عَلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} (الْأَعْرَاف: 170) قَرَأَ عاصمٌ (يُمْسِكون) بِسُكُون الْمِيم، وسائرُ القُرَّاء (يمسِّكون) بالتَّشْديد، وَأما قَوْله: {أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ} (الممتحنة: 10) فإنّ

(10/52)


َ أَبا عَمْرو وابنَ عَامرٍ ويْعقُوبَ الحَضْرَمِيَّ قَرَأُوا: (وَلاَ تُمَسِّكُوا) بتَشْديد السِّين خففها البَاقُونَ وَمعنى قَوْله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} (الْأَعْرَاف: 170) أَي يُؤمنُونَ بِهِ ويحكمونَ بِمَا فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: مسَّكتُ بالنَّار تمسيكاً، وثقَّبْتُ بهَا تثقيباً، وَذَلِكَ إِذا فحصت لَهَا فِي الأَرْض ثمَّ جَعلتَ عَليها بعْراً أَو خشباً أَو دفنتها فِي التُّرَاب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المَسَكُ: الواحدةُ: مَسَكةٌ، وَهُوَ أَن يحفِرَ الْبِئْر فِي الأَرْض فَيبلغ الموضعَ، الَّذِي لَا يحتاجُ إِلى أَنْ يطوى فيقالُ: قد بلُغوا مَسَكةً صُلْبةً، وإنَّ بِئَارَ بني فُلاَنٍ فِي مَسَكٍ، وَأنْشد:
اللَّهُ أَرْوَاكَ وعَبْد الجَبَّارْ
ترسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المنقارْ
فِي مَسَك لَا مُجْبِلٍ وَلاَ هَارْ
والعربُ تَقول: فلَان حَسَكَةٌ مَسَكَةٌ أَي شُجَاعٌ كأَنهُ حَسَكٌ فِي حَلْق عَدوِّه، وَوصف بَعضهم بَلحَارثِ بن كَعْبٍ فَقَالَ: حَسَكٌ أَمْراسٌ ومَسَكٌ أَحَمَاسٌ، تَتَلظِّى المنايَا فِي رِماحهم، وَأما المَسَكةُ والمسيكُ فالرجلُ البخيلُ، قَالَ ذَلِك ابْن السكِّيت، وَفُلَان لَا مُسْكَة لَهُ أَي لَا عقل لَهُ، وَمَا بفلان مُسكة أَي مَا بِهِ قُوَّة وَلَا عقلٌ.
وَيُقَال: بَيْننَا مَاسكةُ رَحِم، كَقَوْلِك: ماسّةُ رحم، وواشِجَة رحمٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الماسكةُ: الجلدةُ الَّتِي تكون على رأْس الْوَلَد وعَلى أَطْرَاف يَدَيْهِ فَإِذا خرج الْوَلَد من الماسكة والسَّلَى فَهُوَ بقيرٌ، وَإِذا خرج الْوَلَد بِلَا ماسكة وَلَا سَلًى فَهُوَ السَّلِيل.
والمُسْكان: العُرْبَانُ، وَيجمع مَسَاكِين، يُقَال: أعْطه المسكان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأرضُ: مَسَكٌ وطرائقُ، فمسكةٌ كَذَّانَهٌ، ومسكةٌ مُشاشةٌ، ومَسكةٌ حجارةٌ، ومُسكةٌ لينةٌ، وَإِنَّمَا الأرضُ طرائقُ، فكلُّ طَريقَة: مسكةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ الفرسُ محجَّل الْيَد والرِّجل من الشقِّ الْأَيْمن. قَالُوا: هُوَ مُمْسَك الأيامنِ مطلقُ الأياسر، وهم يكرهونه، فَإِذا كَانَ ذَلِك من الشِّقِّ الْأَيْسَر قَالُوا: هُوَ مُمسكُ الأياسرِ مُطلق الأيامن، وهم يستحبُّون ذَلِك.
قَالَ: وكلُّ قائمةٍ بهَا بياضٌ فَهِيَ مُمسَكةٌ، والمطلقُ: كلُّ قائمةٍ لَيْسَ بهَا وضَحٌ.
قَالَ: وقوْمٌ يجعلونَ الْبيَاض إِطلاقاً، وَالَّذِي لَا بَيَاض فِيهِ إمْساكاً. وَأنْشد:
وَجَانبٌ أُطْلِقَ بالبياضِ
وَجَانبٌ أُمْسِكَ لَا بياضُ
وَفِيه مِن الاختِلاَف عَلَى القلْبِ كمَا وصفتُ فِي الإمْساك، وَفِي صفة النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه بادن متماسك) أَرَادَ أَنه مَعَ بدانته

(10/53)


متماسك اللحمِ لَيْسَ بمسترخيهِ وَلَا مُنفَضِجه.
وَالْعرب تَقول للتَّنَاهِي الَّتِي تمسكُ مَاء السَّمَاء: مَسَاكٌ ومَسَاكةٌ ومَساكاتٌ، كلُّ ذَلِك: مسموعٌ مِنْهُم.
(أَبُو زيد) : المَسِيك من الأساقِي: الَّذِي يَحبِسُ المَاء فَلَا ينضح، وأرضٌ مَسيكةٌ: لَا تُنَشِّفُ المَاء لصلابتها، وأرضُ مَسَاكٌ أَيْضا.
وَيُقَال للرجلِ يكونُ مَعَ القومِ يَخُوضون فِي الْبَاطِل: إِن فِيهِ لَمُسْكَةً عَمَّا هم فِيهِ.
مكس: قَالَ اللَّيْث: المَكْسُ: انتقاص الثّمن فِي البياعة، وَمِنْه أُخِذَ المَكَّاسُ لِأَنَّهُ يستنقصه. وَأنْشد:
وَفِي كلِّ مَا بَاعَ امْرُؤ مَكْسُ دِرْهَم
أَي نقصُ دِرهم بعد وُجُوبِ الثَّمن.
وَقَالَ غَيره: المكْس: مَا يأخُذُهُ العَشَّارُ.
يُقَال: مَكَسَ فَهُوَ ماكسٌ إِذا أَخذ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : المكْس: الجِبَايةُ.
يُقَال: مَكَسَه فَهُوَ ماكسٌ إِذا نقص.
وَقَالَ شمر: المكْسُ: النَّقْصُ كَمَا قَالَ اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المكْسُ دِرهمٌ كَانَ يَأخذُهُ المصدِّق بعد فَرَاغِهِ.
وَفِي الحَدِيث (لَا يَدخُل صَاحبُ مَكْسٍ الجَنّةَ) .
وَقَالَ الأصمعيّ: الماكسُ: العَشَّارُ، وَأَصله: الجِبايَةُ، وَأنْشد:
وَفِي كلِّ مَا بَاعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهم
سكم: مُهمل.
وَقَالَ الدُّرَيديُّ: السَّيْكمُ: الَّذِي يُقَارب خَطوَهُ فِي ضَعْفٍ.
والسَّكْم: فِعْلٌ مُماتٌ.

(أَبْوَاب الْكَاف وَالزَّاي)
ك ز ط ك ز د: أهملت وجوهها.
ك ز ت
زكتْ: (أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : زكَّتُّ السِّقاء تَزْكِيتاً إِذا مَلأْتَهُ.
وَقَالَ اللحياني: زَكَتَه، وزَكَّتُه، والسِّقاءُ مَزْكُوتٌ ومُزَكَّتٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) زَكَتَ فُلانٌ فُلاناً عَلَيَّ يَزْكُتُهُ أَي أَسْخطَهُ، وقِرْبةٌ مَزْكُوتَةٌ ومَوْكُوتةٌ ومَزْكُورةٌ ومَوْكُورةٌ بِمَعْنى واحدٍ.
ك ز ظ ك ز ذ ك ز ث: أهملت وجوهها.
ك ر ز
كرز، زكر، ركز: مستعملة.
كرز: قَالَ اللَّيْث: الكُرْزُ: ضربٌ من الجُوَالِقِ، والكَرَّازُ: كَبْشٌ يَحملُ عَلَيْهِ الرَّاعي أَدَاتَه، ويكونُ أَمامَ الغَنَمِ.

(10/54)


وَقَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكُرْزُ: الجُوالِقُ الصغيرُ.
وَقَالَ ابْن المَظَفَّرِ الكرَّزُ من النَّاس: الْعَيِيُّ اللَّئِيمُ، وَهُوَ دَخيلٌ فِي العربيةِ، تُسمِّيهِ الفُرْسُ: كُرْزِي وَأنْشد:
وَكُرَّزٌ يمشِي بَطِينَ الكُرْزِ
قَالَ: والطائرُ يُكَرَّز، وَهُوَ دَخيلٌ ليسَ بعَرَبيَ قَالَ رؤبةُ:
رَأَيتُهُ كَمَا رَأَيْتُ النَّسْرَا
كُرِّزَ يُلِقي قادِماتٍ زُعْرَا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) أَنه أنْشدهُ:
لَمَّا رَأَتني رَاضِيا بالإِهماد
كالكُرَّزِ المرْبُوط بَين الأَوتَادْ
قَالَ الكُرَّزُ هَا هُنَا: البَازي شَبهَهُ بالرجلِ الحاذِق وَهُوَ فِي الفارِسيّة كرو.
وَقَالَ شمر: يُرْبَطُ لِيسقُطَ رِيشُهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : قَالَ الكَرِيصُ والكَرِيزُ: الأقِطُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: إِنه ليُعاجِز إِلَى ثقةٍ مُعاجَزَةً، ويُكارِزُ إِلَى ثِقةٍ مُكارَزَةً إِذا مَال إِلَيْهِ. قَالَ الشَّماخُ:
فلمَّا رَأَيْن الماءَ قد حَال دُونه
ذُعافٌ لَدَى جَنْبِ الشَّريعة كارِزُ
قيل كارزٌ بِمَعْنى المستَخفى، يُقَال: كرَزَ يَكرِزُ كروزاً فَهُوَ كارزٌ إِذا اسْتخفى فِي خَمَرٍ أَو غارٍ.
(قلت) : والمكارَزةُ مِنْهُ، وكُرْزٌ، وكُرَيْزٌ، ومِكْرَزٌ من الْأَسْمَاء واشتِقاقها مِمَّا ذكرْتُ.
وَقَالَ أَبُو عمروٍ: الكُرَّزُ: المدَرَّبُ المجرَّبُ، وَهُوَ فارسيٌّ، وَقد كُرِّزَ البازِي إِذا سقط ريشهُ.
قَالَ ابْن الأنباريِّ: هُوَ كُرّزٌ أَي دَاهٍ خَبيثٌ مُحْتالٌ، شُبِّهَ بالبازِي فِي خُبْثه واحْتِياله، وَذَلِكَ أَن العربَ تُسمي البَازى كُرَّزاً.
زكر: قَالَ ابْن المظفَّر: الزُّكْرَةُ: وعاءٌ من أَدَمٍ يجعلُ فِيهِ شرابٌ أَو خَلٌّ.
وَقد تزَكَّرَ بَطْنُ الصبيِّ إِذا عَظُمَ وحَسُنتْ حَاله.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: زَكَّرْتُ السِّقاءَ تزكيراً، وزَكَّتُّه تزكِيتاً إِذا مَلأْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: مِن العُنُوزِ الحُمْر، عَنْزٌ حَمْراءُ زَكْريَّةٌ وزكَريَّةٌ، لُغتان، وَهِي الشديدةُ الحمرَةِ، وَقَول الله جلّ وعزّ: (وكَفَلَها زَكَرِيَّاء) ، وقرىء (وكفَّلَهَا زَكَريَّاءُ) وقرىءَ {زَكَرِيَّا} (آل عمرَان: 37) بِالْقصرِ.
قرأَ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وَأَبُو عمروٍ وَابْن عامرٍ والحَضْرَميُّ يعقوبُ: (وَكَفَلَها زَكَريَّاءُ) ممدودٌ مَهْموزٌ مَرْفوعٌ.
وقرأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم: (وكفّلها) مُشدّداً (زكَريّاءَ) ممدوداً مَهْمُوزاً أَيْضا.
وقرأَ حَمزةُ وَالْكسَائِيّ وحَفْصٌ {وَكَفَّلَهَا

(10/55)


زَكَرِيَّا} (آل عمرَان: 37) مَقصوراً فِي كلِّ الْقُرْآن.
وَقَالَ الزّجاج: فِي زكريَّا: ثَلَاث، لُغاتٍ هِيَ الْمَشْهُورَة: زكريَّاءُ مَمدودٌ، وزَكريَّا بالقَصْرِ غير مُنَوّنٍ فِي الجِهَتَيْن، وزكَريٌ بِحَذْف الْألف مُعْرَبٌ مُنونٌ، فأمّا ترك صرفهِ فلأنّ فِي آخِره أَلفي التأنيثِ فِي المَدِّ، وأَلفَ التأْنيث فِي الْقصر.
قَالَ وَقَالَ بعض النَّحويين: لم ينصرفْ لِأَنَّهُ عجمي، وَمَا كَانَت فِيهِ أَلف التَّأْنِيث فَهُوَ سَواءٌ فِي الْعَرَبيَّة والعجمية وَيلْزم صاحبَ هَذَا القَوْل أَن يقولَ: مَررت بِزكريّاءَ وزكريّاءِ آخَرَ لأنَّ مَا كَانَ أَعجميّاً فَهُوَ ينصرفُ فِي النَّكِرَة، وَلَا يجوز أنْ تُصْرَفَ الأسماءُ الَّتِي فِيهَا أَلِفُ التَّأْنِيث فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكرة لِأَنَّهَا فِيهَا عَلامَة تأنيثٍ وَأَنَّهَا مَصوغةٌ مَعَ الِاسْم صِيغةً وَاحِدَة، فقد فارقَتْ هاءَ التَّأْنِيث فَلذَلِك لمْ تُصرف فِي النّكرة.
وَقَالَ اللَّيْث: فِي زكريَّا: أربعُ لُغات:
تَقول: هَذَا زَكَرِيَّاءُ قد جَاءَ، وَفِي التَّثْنِيَة: زَكَرِيَّاآنِ، وَفِي الْجمع زَكَرِيَّاؤُون.
واللغة الثَّانِيَة: هَذَا زَكَرِيَّا قد جاءَ، والتثنية زكَرِيَّيَانِ وَفِي الْجمع: زَكَرِيَّيُونَ.
واللغةُ الثَّالِثَة: هَذَا زكرِيٌّ، وَفِي التَّثْنِيَة: زكرِيَّانِ، كَمَا يُقَال: مَدِنيٌّ ومَدَنِيَّانِ.
واللغةُ الرابعةُ: هَذَا زَكَري بتَخْفِيف الْيَاء، وَفِي التَّثنية: زَكَرِيانِ، الْيَاء خَفِيفَة، وَفِي الْجمع: زَكَرُون بطرْح الْيَاء.
ركز: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (مَرْيَم: 98) قَالَ الفرّاء: الرِّكْزُ الصَّوتُ.
قَالَ: وسمعْت بعضَ بَني أَسَدٍ يَقُول: كلّمْتُ فلَانا فَمَا رأيتُ لَهُ رِكْزَةً، يُرِيد لَيْسَ بِثَابِت الْعقل.
وَقَالَ خالدٌ: الرِّكْز: الصَّوت لَيْسَ بالشديد.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّكْز: صَوتُ الْإِنْسَان تَسْمعه من بعيد، نَحْو رِكْزِ الصَّائِد إِذا نَاجَى كِلابَه.
وَأنْشد:
وَقد تَوَجَّسَ رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ
بِنَبْأَةِ الصَّوت مَا فِي سَمِعه كذِبُ
وثابتٌ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (فِي الرِّكَازِ الخُمْسُ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: اخْتَلف أهل الحجازِ وَأهل الْعرَاق فِي الرِّكاز، فَقَالَ أهل الْعرَاق: الرِّكاز: الْمَعَادِن كلُّها، فَمَا اسْتُخرِج مِنْهَا من شيءٍ فلمُسْتَخْرِجِه أربعةُ أَخماسِه، ولبيتِ المَال الخُمُس.
قَالُوا: وَكَذَلِكَ المَال العاديُّ يوجَد مَدْفُونا. وَهُوَ مِثل المعدِن سواءٌ، قَالُوا: وَإِنَّمَا أصلُ الرِّكازِ المعدِن والمالُ العاديّ

(10/56)


ُ الَّذِي قد مَلَكه النَّاس فشُبِّهُ بالمعدِن.
وَقَالَ أهل الْحجاز: إِنَّمَا الرِّكازُ: المَال المدفون خاصَّة مِمَّا كنَزه بَنُو آدم قبل الْإِسْلَام، فَأَما المعادِن فَلَيْسَتْ برِكازٍ، وَإِنَّمَا فِيهَا مِثلُ مَا فِي أموالِ الْمُسلمين منَ الزكاةِ: مَا أصَاب مِائتي دِرهمٍ كَانَ فِيهَا خمسةُ دراهمَ، وَمَا زَاد فبِحسابِ ذَلِك. وَكَذَلِكَ الذهبُ إِذا بَلغ عشْرين مِثْقَالا كَانَ فِيهِ نصفُ مثْقال.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّكازُ: قِطَعُ الفِضَّةِ تَخرجُ من المعدِن، وأَرْكزَ الرَّجلُ إِذا أَصابَ ذَلِك.
وَأَخْبرنِي عبد الملِك البَغَوِيُّ عَن الرّبيع عَن الشافعيّ أَنه قَالَ: الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الرِّكاز: دفن الجاهليّة، وَالَّذِي أَنَا واقفٌ فِيهِ الرِّكاز فِي المعدِن والتِّبْرِ الْمَخْلُوق فِي الأَرْض.
ورَوى شمرٌ فِي حديثٍ عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَنّ عَبْداً وَجد رِكْزَةً عَلَى عهد عمرَ فأَخذها مِنْهُ عمر.
قَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الأعرابيِّ: الرِّكاز مَا أَخْرَجَ المعدِنُ وأَنالَ.
وَقَالَ غيرُه: أرْكزَ صاحبُ المعدِن إِذا كثُرَ مَا يَخرُجُ مِنْهُ لَهُ من فضةٍ وَغَيرهَا.
والرِّكازُ: الاسمُ، وَهِي القِطَع العِظام مثل الجَلاَمِيدِ من الذَّهَب وَالْفِضَّة تَخرج من الْمَعْدن.
وَقَالَ الشافعيُّ: يُقَال للرَّجل إِذا أصَاب فِي المعدِن النَّدْرَةَ المجتمعةَ: قد أَرْكزَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شَيْئا منتصباً كالرُّمْح تَرْكُزُه رَكْزاً فِي مركَزِه.
قَالَ: والمُرتكِزُ من يابِس الْحَشِيش: أَنْ تَرَى ساقاً وَقد تطايرَ عَنْهَا وَرَقُها وأَغصانُها، ومركَزُ الجُنْدِ: الْموضع الَّذِي قد أُلْزِموه، وأُمِروا إلاّ يَبْرَحُوه.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَحْمد بنُ خالدٍ: الرِّكازُ جمع، وَالْوَاحد. رَكِيزةٌ.
وَقَالَ شمر: والنّخلة الَّتِي تَنبُت فِي جذْع النخلةِ ثمَّ تُحوَّلُ إِلَى مَكَان آخر هِيَ الرَّكْزَة.
وَقَالَ بَعضهم: هَذَا رَكْزٌ حَسَنٌ، وَهَذَا وَدِيٌّ حَسنٌ، وَهَذَا قَلْعٌ حَسن.
وَيُقَال: رُكِزَ الوَدِيُّ والقَلْعُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الرِّكْز: الرجلُ الْعَاقِل الحليمُ السَّخِيُّ.
ك ز ل
اسْتعْمل من وجوهه: لكز كلز، لزك.
لزك: أما لزك فإنَّ ابنَ المظفَّر زَعم أنّه يُقَال: لَزِكَ الجُرْحُ لَزَكا إِذا استوَى نباتُ لحمِه، ولمّا يَبْرأْ بعد. (قلت) : لمْ أَسمع لزِك بِهَذَا الْمَعْنى إِلَّا لِلّيث وأظنُّه مصَحَّفاً، والصوابُ بِهَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذهب إِلَيْهِ اللَّيْث أَرَكَ الجُرْحُ يَأرُك ويَأْرِكُ أُروكا إِذا

(10/57)


صَلَحَ وتماثَل.
وَقَالَ شمرٌ: هُوَ أَن يَسقُط جُلْبُه ويَنبُت لحُمه.
لكز: قَالَ اللَّيْث: اللكز: الوَجْءُ فِي الصَّدر بِجُمْع الْيَد. وَكَذَلِكَ فِي الحَنَك.
وَأنْشد:
لوْلا عِذَارٌ للَكَزْتُ كَرْزَمَهْ
(قلت) : ولُكَيْز: قبيلةٌ من رَبيعة.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفدَّى لُكَيْزٌ) . وَله قصةٌ، يُضرَب مثلا لمنُ يعاني مراسَ عملٍ فيُحْرَمُ ويَحظى غيرُه فيُكْرَم.
كلز: (أَبُو عبيد) : المُكْلَئِزُّ: المُنْقبِض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: اكْلأَزَّ وَهُوَ انقباضٌ فِي جَفَاءٍ لَيْسَ بمطمئنَ كالراكبِ إِذا لمْ يتمكَّن من السَّرْج.
يُقَال: قد اكْلأزَّ فَوق دابَّتِه، وحِمْلٌ مُكْلئِزٌّ فَوق الظّهْر لم يتَمَكَّن عدلا عَن ظهر الدَّابَّة.
وَأنْشد غيرُه:
أقولُ والناقُة بِي تَقَحَّمُ
وأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزٌّ مُعْصِمُ
وثُلاثيُّه غير مستعملٍ.
وَأنْشد شمر:
رُبَّ فتاةٍ مِن بَني العِنازِ
حَيَّاكةٍ ذاتِ حِرٍ كنَازِ
ذِي عَضُدَين مُكْلِئزَ نازِي
كالنَّبَتِ الأحمرِ بالبَرَازِ
واكْلاَزَّ كَانَ فِي الأَصْل: اكَلأَزَّ.
ك ز ن
كنز، نزك، نكز، زنك، زكن: (مستعملة) .
كنز: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: كنَزَ الإنسانُ مَالا يَكنِزُه، والكَنْز: اسمٌ لِلْمَالِ إِذا أُحْرِز فِي وِعَاءٍ.
يُقَال: كنَزْتُ البُرَّ فِي الجرابِ فاكتنَز.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: شدَدْت كنْزَ الْقرْبَة إِذا ملأتَها، ورجلٌ مُكْتنِزُ اللحمِ. وكَنيزُ اللحمِ، والكَنِيزُ: التمرُ يُكتنَزُ للشتاء فِي قواصِرَ وأوعيةٍ، والفعلُ: الاكتِناز، وَقد كنزْته كنْزاً وكِنازاً وكَنَازاً.
وسمعتُ البَحْرانيِّين يَقُولُونَ: جَاءَ زَمنُ الكِنَاز إِذا كنزُوا التَّمْر فِي الجِلاَل، وَهُوَ أَن يُلقى جرابٌ فِي أَسْفَل الجُلَّة ويُكنز بالرِّجلين حَتَّى يدْخل بعضُه فِي بعض، ثمَّ يُصبّ فِيهَا جرابٌ بعد جرابٍ ويُكنز حَتَّى تمتلىء الجُلّة مكْنوزة، ثمَّ يُخاط رأسُها بالشُّرُط الدِّقَاقِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : أتيتُهم عِنْد الكِنَاز والكَناز، يَعْنِي حِين كنزوا التَّمْر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الكَنَازُ بِالْفَتْح لَا غير.

(10/58)


زنك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزَّوَنَّك من الرِّجَال: المختال فِي مشيته النَّاظر فِي عِطفيه، يَرَى أَن عِنْده خيرا وليسَ عِنْده ذَاك.
قَالَ ابْن السّكيت: رجلٌ زَوَنَّكٌ إِذا كَانَ غليظاً إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ، وَأنْشد:
وَبَعْلُهَا زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزَّوَنْزَى: ذُو الأبَّهة والكِبْرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّوَنَّكُ: الْقصير الدميمُ.
(أَبُو عبيد) : فِي الكبد: زنكتان وهما زَنمَتَانِ خارجتا الْأَطْرَاف عَن طرَف الكبد، وَأَصلهَا فِي أعلا الكبد.
زكن: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هَذَا الجيشُ يُزَاكِنُ ألفا، ويناظر ألفا أَي يُقَارب ألفا.
وَقَالَ اللَّيْث: الإزكانُ أَن تُزكِنَ شَيْئا بالظنِّ فتصيب، تَقول: أَزكَنْتُه إزكاناً.
وَقَالَ اللحياني: هِيَ الزَّكانَةَ والزكانِيَة.
قَالَ: وَبَنُو فلانٍ يزاكِنون بني فلانٍ مُزاكنةً أَي يدانونهم ويُثافِنُونهم إِذا كَانُوا يستخصونهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: زكِنْتُ من فلانٍ كَذَا وَكَذَا أَي علمتُ، وَأنْشد لِابْنِ أمِّ صَاحب:
وَلَنْ يُرَاجِعَ قَلْبي وُدَّهْم أَبَدْاً
زَكِنْتُ مِنهُمْ عَلَى مِثْلِ الَّذِي زَكوُا
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : زَكِنتُ الرجلَ أزكَنُه زكَناً إِذا ظَنَنْت بِهِ شَيْئا، وأَزكنته الخَبرَ إزكاناً: أَفْهَمْتُه حَتَّى زكِنه: فهمه فهما.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد: زَكِنتُ مِنْهُ مثل الَّذِي زِكنَه مني وأَنَا أزكَنُه زَكَناً، وَهُوَ الظَّن الَّذِي يكون عنْدك بمنزِلة الْيَقِين وَإِن لم يخبِرْك بِهِ أحدٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّقْر: زِكنْتُ من الرجلِ مثلَ الَّذِي زَكِن منِّي يَقُول: علمتُ مِنْهُ مثل الَّذِي علم مني.
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : زَكِنت بفلان كَذَا، وأزكنت أَي ظَنَنْت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: زَكِنَ فلانٌ إِلَى فلانٍ إِذا مَا لَجأ إِلَيْهِ وخالطه وَكَانَ مَعَه، يَزكَنُ زُكوناً، وزكِن فلانٌ من فلانٍ زَكَناً أَي ظنَّ بِهِ ظنّاً، وزكِنْتُ مِنْهُ عَدَاوَة أَي عرفتُها، وَقد زِكنْتُ أَنه رجل سَوْء أَي علمت.
نكز: قَالَ اللَّيْث: النَّكْزُ كالْغَرْز بشيءٍ محدّد الطّرف، والنَّكّاز: ضرْب من الحيَّات لَا يعضُّ بفِيه، إِنَّمَا ينكُز بأَنفه، فَلَا تكَاد تعرف أنفَه من ذَنبه لدقِة رَأسه.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : نكزتُه. ووكزْتُه ولهزْتُه وثَفَنْتَه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: النَّكْزُ من الْحَيَّة بالأنف، وَقد نَكَزتْه الحيةُ.
قَالَ: والنَّكْز مِن كل دابّة سوَى الْحَيَّة:

(10/59)


العَضّ.
وَقَالَ أَبُو الجرّاح: يُقَال للدَّسَّاسة مِن الحيَّات وحدَها: نَكَزتْه وَلَا يُقَال لغَيْرهَا.
قَالَ شمر: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: نَكَزَتْهُ الحيَّةُ، ووكزَته، ونَشَطتْه، ونهشته بِمَعْنى وَاحِد، وغيرُه يقولُ: النكْز: أَن يَطعن بأنفهِ طعْناً.
(أَبُو عبيد) : بئرٌ ناكزٌ، وَقد نَكَزَت إِذا قلَّ مَاؤُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّكْز: طعْنٌ بطرفِ سِنان الرُّمْحِ.
(شمرٌ) : النَّكَّازُ: حيةٌ لَا يُدْرَى مَا ذَنبُها من رَأسهَا، وَلَا تَعضُّ إِلَّا نكْزاً أَي نَقْزاً.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: سُمِّيَ نكَّازاً لِأَنَّهُ يطعنُ بِأَنْفِهِ وَلَيْسَ لَهُ فمٌ يعضُّ بِهِ، وَجمعه: النكاكيز والنَّكَّازات.
نزك: قَالَ اللَّيْث: النَّزْكُ: سُوءُ القَوْل فِي الْإِنْسَان تَقول: تَزَكَه بِغَيْر مَا رأى مِنْهُ، والنَّزْكُ: الطّعن بالنَّيْزَك، وَهُوَ رُمحٌ قصير، وَبِه يَقْتُل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام الدجَّالَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الصَّيْداوي عَن الرياشيِّ قَالَ: للضَّبِّ نِزْكانِ.
وَيُقَال: نَزْكانِ أَي قَضيبانِ، وَأنْشد:
سِبَحلٌ لهُ نِزْكَانِ كانَا فَضيلَةً
عَلَى كلِّ حَافٍ فِي البِلاَدِ ونَاعِلِ
وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: لِلْوَرَلِ أَيضاً نِزْكانِ.
وَسمعت آخر يَقُول: لَهُ نَيْزَكانِ، وللأنثى فِي رَحِمها: نِزْكَتانِ. وأنشدني مُعَلًّى الكلَيْبي:
تَفَرَّقْتمُ لَا زِلْتمُ قَرْنَ وَاحِدٍ
تَفَرُّقَ نِزْكِ الضَّبِّ والأصْلُ واحِدُ
(أَبُو زيد) : نَزَكْتُ الرجلَ إِذا خزقته والنّيْزَكُ: ذُو سنانٍ وَزُجَ، والعُكَّازُ لَهُ زُجٌّ وَلَا سِنانَ لَهُ.
ك ز ب
كزب، زكب: (مستعملة) .
زكب: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الزَّكْبُ: إِلقاءُ المرأةِ وَلَدَها بِزَحْرَةٍ وَاحِدَة.
يُقَال: زَكَبَتْ بهِ وأَزْلخَتْ وأَمْصَعَتْ بهِ وحَطَأَتْ بِهِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: زَكَبَ بِنُطْفَتِهِ وزكم بهَا أَي أَنْفَصَ بهَا.
وَيُقَال: هُوَ الأمُ زُكْبَةٍ وزُكمَةٍ فِي الأرضِ، أَي الأمُ شيءٍ لفظَهُ شيءٌ.
(اللَّيْث) : زَكَبَتْ بِهِ أمُّهُ: رمتْ بِهِ، وانزَكَبَ إِذا انْقَحَمَ فِي وَهْدَةٍ أَو سَرَبٍ.
قَالَ: والزَّكْبُ: النِّكاح، والزّكْبُ: المَلْءُ.
يُقَال: زكَبَ إِناءَهُ يزْكبه إِذا ملأَهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المزكوبة: المَلْقُوطةُ من النِّسَاء.

(10/60)


كزب: قَالَ: والمَكْزُوبَةُ من الْجَوَارِي: الخِلاسِيَّةُ فِي لَوْنهَا.
قَالَ: والكَزَبُ: صِغَرُ مُشطِ الرِّجلِ وتقبُّضُهُ وَهُوَ عيبٌ.
قَالَ اللَّيْث: الكُزْبُ: لغةٌ فِي الكُسْبِ، كالكزْبَرَةِ والكسبُرَةِ.
ك ز م
كزم، كمز، زكم، زمك: مستعملة.
كزم: قَالَ اللَّيْث: الكَزَمُ: قِصَرٌ فِي الأنفِ قبيحٌ، وقِصرٌ فِي الْأَصَابِع شديدٌ، تَقول: أَنفٌ أَكْزَمُ، ويدٌ كَزْماءُ، والكَزُومُ مِن النِّيبِ: الَّتِي لم يبقَ فِي فمها سنٌّ مِن الهَرَم، نعتٌ لَهَا خَاصَّة دون الْبَعِير.
وَقَالَ: يُقَال: مَن يَشْتَرِي نَاقَة كَزُوماً؟ .
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَزُومُ: الهَرِمةُ مِن النَّوقِ.
وَيُقَال: كَزَمَ فُلاَنٌ يكْزِمُ كَزْماً إِذا ضمَّ فاهُ وسكتَ، فإنْ ضم فاهُ عنِ الطَّعَام قيل: أَزَمَ يأْزِمُ.
وَوصف عونُ بن عبد الله رجلا فَقَالَ: إِنْ أُفيض فِي الْخَيْر كَزَمَ.
وَيُقَال: كزَمَ الشيءَ الصُّلْبَ كَزْماً إِذا عضَّه عضّاً شَدِيدا.
والعَرَبُ تَقول للرَّجُل الْبَخِيل: أَكْزَمُ الْيَد.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنهُ كانَ يتعوَّذ مِن الكَزَم والقَزَم، والكَزمُ: شدَّةُ الْأكل، مِن قَوْلك: كَزَمَ فلانٌ الشيءَ بِفِيهِ كَزْماً إِذا كسرهُ، والاسمُ: الكَزَمُ.
وَقيل: الكَزَمُ: البخلُ يُقَال: هُوَ أكْزَمُ البَنَانِ: قصيرها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَزَمُ: أَنْ يريدَ الرَّجلُ المعْرُوفَ والصدقَةَ فَلَا يقدرُ على دينارٍ وَلَا دِرهم.
قَالَ صَخْر الْهُذلِيّ:
بهَا يَدَعُ القُرُّ البَنَانَ مُكَزَّماً
وَكانَ أَسِيلاً قَبْلَهَا لَم يُكَزَّمِ
مُكَزَّمٌ: مُقَفَّعٌ، ورجُلٌ أكْزَمُ الأنْفِ: قصيرُه.
وَفِي (النَّوَادِر) : أكْزَمْتُ عَن الطَّعَام، وأَقْهمتُ وأَزْهمتُ إِذا أَكْثرَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَشْتَهِي أَن يعودَ فِيهِ، وَرجل كَزْمانُ وزَهمان وفَهْمَانُ ودَقْيَانُ.
زكم: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : رجُلٌ مَزكُومٌ، وقدْ أَزكَمهُ اللَّهُ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي: وَقَالَ: لَا يقالُ: أَنْتَ أَزْكَمُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كل مَا جَاءَ على فُعِلَ فَهُوَ مفعولٌ، لَا يقالُ: مَا أَزْهاك، وَأما أَجَنَّكَ، وَمَا أَزْكَمَكَ.
(اللحياني) : زَكَم بنُطفته: رَمَى بهَا، وَفُلَان ألأمُ زُكْمَةٍ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: زَكَمَتْ بِهِ أمُّه إِذا وَلدته سُرُحاً.

(10/61)


(قلت) : الزُّكام: مأخوذٌ مِن الزَّكْم والزَّكْبِ وَهُوَ الملءُ.
يُقَال: زُكِمَ فلانٌ ومُلِىَء بِمَعْنى واحدٍ.
زمك: (الحرَّاني عَن ابْن السِّكيت) : الزِّمِكي والزِّمَّجي مقصوران: أَصلُ ذَنبِ الطَّائِر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُسمى الذَّنَبُ نفسُهُ إِذا قصَّ: زِمِكّى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زحمت القِرْبةَ، وزَمَكْتُها إِذا مَلأَتَهَا.
(قلت) : وَمِنْه يقالُ: ازْمَأَكَّ فلانٌ يَزْمِئكُّ إِذا اشتدَّ غَضَبه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمكْتُ فلَانا على فلانٍ وزَمَجْته إِذا حَرَّشْتَه حَتَّى اشتدَّ عَلَيْهِ غضبُه.
كمز: قَالَ اللَّيْث: الكُمْزَةُ والجُمْزةُ: الكُتْلُة مِن التَّمْرِ وَغَيره.
ويقالُ للكُثْبة مِن الرمْل والتُّرَاب: كُمْزةٌ وقُمزَةٌ، وَجَمعهَا: كُمَزٌ، وقُمَزٌ.
وَقَالَ أَبو تُراب قَالَ عرام: هَذِه قُمْزةٌ مِن تمرٍ وكُمْزَةٌ وَهِي الفِدْرَةُ كجُثْمانِ القَطَا أَو أَكثر قَلِيلا، والجميعُ: كُمَزٌ وقُمزٌ.
وَيُقَال: فلانٌ مِن قَمَزِ النَّاس، ومِن قَزَمهمْ، أَيْ مِنْ رُذَالهمْ.

(أَبْوَاب) الْكَاف والطاء)
ك ط د ك ط ت ك ط ظ
ك ط ذ ك ط ث: أُهْملت وجوهها.
ك ط ل
اسْتعْمل من وجوهها:
كلط: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَلَطَة.
واللَّبَطَةُ: عدْوُ الأقْزَلِ، والقَزَلُ: سوءُ العَرَج.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكُلُطُ: الرِّجال المتَقَلِّبُونَ فَرحا ومرحاً.
ورُوي عَن جرير: أنَّهُ كانَ لهُ ابنٌ يقالُ لَهُ كَلَطَةُ، وابنٌ آخَرُ يُقَال لَهُ: لَبَطَةُ وثالثٌ: اسْمه خَبَطَة.
ك ط ن
نطك: أنْطَاكِيةُ: اسْم مدينةٍ، أُراها رُومِيَّةً، والنِّسبةُ إِلَيْهَا: أَنطاكِيٌّ.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عَلوْنَ بأَنطاكِيَّةٍ فوْقَ عِقْمَةٍ
ك ط ف ك ط ب ك ط م
أهملت وجوهها.

(أَبْوَاب) الْكَاف وَالدَّال)
ك د ت
استعملَ من وجُوهها.

(10/62)


كتد: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَتَدُ: مَا بَين الكاهلِ إِلَى الظّهْر، والثَّبَجُ: مثله.
وَقَالَ شمرٌ: الكَتَدُ: مِن أَصل العُنُق إِلى أَسفلِ الكتفَيْنِ، وَهُوَ يجمعُ الكاثِبَة والثَّبج والكاهل، كلُّ هَذَا كَتَدٌ.
وَقَالُوا فِي بَيت ذِي الرمة:
وَإِذ هُنَّ أكتاد ... .
أكتاد: أشباه، لَا اخْتِلَاف بَينهم، يُقَال: مرّ بِجَمَاعَة أكتاد.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : خَرَج القومُ علينا أَكتاداً، وأَكداداً، وأفلالاً أَي فرقا وأرسالاً.
وَيُقَال: مررتُ بجماعةٍ أَكتادٍ، ويقالُ: هم أَكْتادٌ أيْ أَشباهٌ لَا اخْتِلَاف بَينهم.
وَمِنْه قَول ذِي الرُّمة:
وإِذ هُنَّ أكتادٌ بِحَوْضَى كأَنما
زها الآلُ عَيْدانَ النخيل البواسقِ
ك د ث
ثكد: ثُكُدٌ: اسمُ مَاء، قَالَ الأخطل:
حلّت ضُبَيْرةُ أَمواهَ العِداد وَقد
كَانَت تحلُّ وأَدنى دَارِها ثُكُدُ)
ك د ر
كرد كدر دكر دَرك ركد ردك: (مستعملة) .
كدر: قَالَ اللَّيْث: الكَدَرُ: نقيض الصَّفاء، يُقَال: عيشٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ، وماءٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ.
قَالَ: والكدْرَةُ فِي اللّون خَاصَّة، والكدُورَةُ فِي الْعَيْش وَالْمَاء.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال: كَدِرَ الماءُ وكَدُرَ، وَلَا يُقَال: كَدَرَ إِلَّا فِي الصَّبِّ، يُقَال كَدَرَ الشَّيْء يَكْدُرُهُ كَدْراً إِذا صبَّه.
قَالَ العجاج يصف جَيْشًا:
فَإِن أصَاب كدراً مدّ الكدر
سنابك الْخَيل يصد عَن الأير
والكدر جمع الكدرة، وَهِي المدرة الَّتِي يثيرها السن، وَهِي هَاهُنَا مَا تثير سنابك الْخَيل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال: خُذ مَا صَفَا ودَعْ مَا كَدِرَ وكَدُرَ وكَدَرَ، ثَلَاث لُغَات.
(اللَّيْث) : الكَدَرَة: القُلاَعة الضخمة من مَدَر الأَرْض المُثارة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الزَّرْع) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَطَا: ضَرْبَان، فضربٌ جُونِيةٌ، ضربٌ مِنْهَا الغَطَاطُ، فالجونيُّ والكُدْرِيُّ: مَا كَانَ أَكدَرَ الظّهْر أسودَ باطنِ الْجنَاح مُصفرَّ الحَلقِ قصيرَ

(10/63)


الرِّجلين فِي ذَنَبِه ريشتان أطول من سَائِر الذَّنَبِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : انْكَدَرَ يَعْدُو، وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أسْرع بعض الْإِسْرَاع.
وَقَالَ اللَّيْث: انْكَدَرَ عَلَيْهِم الْقَوْم إِذا جاءُوا أَرْسَالًا حَتَّى انصبُّوا عَلَيْهِم.
(الْأَصْمَعِي) : حِمارٌ كُدُرٌّ وَهُوَ الغليظ.
وَأنْشد:
نجَاءَ كُدُرَ مِنْ حَمِير أَتِيدَةٍ
بفائِلهِ والصَّفحتين نُدُوبْ
وَيُقَال: أتانٌ كُدُرَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو. يُقَال للرَّجل الحادِر القويِّ المُكتنز: كُدُرٌّ. وَأنْشد:
خُوصٌ يَدَعْنَ العَزَبَ الكُدُرَّا
لَا يَبْرَحُ المنزلَ إلاَّ جَرَّا
ونُطْفة كَدْرَاءُ: حَدِيثَة الْعَهْد بالسماء.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : فَإِن أُخِذ لبنٌ حليبٌ فأُنقِع فِيهِ تمرٌ بَرْنيٌّ فَهُوَ كُدَيْرَاءُ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ قَالَ شُجاعٌ: غلامٌ قُدُرٌّ وكُدُرٌّ وَهُوَ التامُّ دون المُحتَلِم.
وَقَالَ شَبَابَةُ نَحوه وَأنْشد الرجز الَّذِي قدمتُه.
كرد: قَالَ اللَّيْث: الكَرْدُ: سَوْقُ العَدُوِّ فِي الحملة، وَهُوَ يَكْرُدُهُمْ كَرْداً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كَرَدَهُمْ كَرْداً، وكَدَشَهُمْ كَدْشاً إِذا طردهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرْدُ: لُغةٌ فِي القَرْدَ، وَهُوَ مَجْثَمُ الرَّأْس على العُنق.
وَأنْشد:
فطارَ بمشحُوذِ الحديدةِ صارمٍ
فطبَّق مَا بَين الذُّؤَابةِ والكَرْدِ
والكُرْدُ: جيلٌ معروفون.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لعمركَ مَا كُرْدٌ مِنَ ابناء فارسٍ
وَلكنه كُرْدُ بنُ عَمْرو بنِ عامرِ
فنسبهم إِلَى الْيمن وجعلهم إخْوَة الْأَنْصَار.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكِرْدِيدَةُ: الفِدْرَة من التَّمْر.
وَأنْشد:
أفلحَ مَن كَانَت لَهُ كِرْدِيدَهْ
يأكلُ مِنْهَا وهْوَ ثانٍ جِيدَهْ
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بأُطْرَهْ
وأبلغَتْ كِردِيْدَةً وقِدْرَه
والكُرْدَةُ: المَشَارَةُ من الْمزَارِع وتُجمعُ كُرْداً.
دكر: قَالَ أَحْمد بن يحيى أَبُو الْعَبَّاس: الدِّكَرُ بتَشْديد الدَّال جمع دِكْرَةٍ أُدغمت لَام الْمعرفَة فِي الدَّال فجعلتا دَالا مُشَدّدَة، فَإِذا قلت: ذِكْرٌ بِغَيْر الْألف وَلَام التَّعْرِيف قلت: بِالذَّالِ، وَقد جمعُوا الدِّكَرَ: الدِّكَرات بِالدَّال أَيْضا.

(10/64)


وَأما قَول الله جلّ وعزَّ: {لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن} (الْقَمَر: 17) فَإِن الْفراء قَالَ: حَدثنِي الْكسَائي عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود قَالَ: قلت لعبد الله: (فَهَل من مذَّكرٍ) أَو (مُدَّكر) ، فَقَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُدَّكرٍ) بِالدَّال.
وَقَالَ الْفراء: (مُدَّكرٍ) فِي الأَصْل مُذْتَكر على مُفتعل فصيِّرت الذَّال وتاء الافتعال دَالا مُشَدّدَة.
قَالَ: وَبَعض بني أَسد يَقُولُونَ: مُذّكر فيقلبون الدَّال فَتَصِير ذالاً مُشَدّدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّكْرُ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، وربيعةُ تَغْلَطُ فِي الذِّكْرِ فَتَقول: دِكْرٌ.
دَرك: (شمر) : الدَّرْكُ: أَسْفَل كل شَيْء ذِي عمق كالرَّكيَّة وَنَحْوهَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان، يُقَال: أدْرَكوا مَاء الرّكيَّة إِدراكاً ودَرَكاً، ودَرَكُ الرّكيَّة: قعرُها الَّذِي أُدرِكَ فِيهِ المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرَكُ: أقْصَى قَعْرِ الشَّيْء كالبحر وَنَحْوه، والدّرَكُ: واحدٌ من أدراكِ جَهَنَّم من السَّبع، والدَّرْكُ: لُغَة فِي الدَّرَكِ.
(سَلمَة عَن الْفراء) فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النِّسَاء: 145) يُقَال: أَسْفَل درَجِ النَّار.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرَكُ: الطبقُ من أطباق جَهَنَّم.
ورُوِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: الدَّرَكُ الْأَسْفَل: توابيت من حَدِيد تُصَفَّدُ عَلَيْهِم فِي أَسْفَل النَّار.
وَقَالَ الْفراء: الدَّرَكُ، والدَّرْكُ: لُغَتَانِ، وجمعُه: أدْراكَ.
وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول للحبلِ الَّذِي يعلَّقُ فِي حلْقةِ الَّتصديرِ فيشدُّ بِهِ القَتَبُ: الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ.
وَيُقَال للحبلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ العَرَاقِي ثمَّ يشدُّ الرِّشاءُ فِيهِ، وَهُوَ مَثْنِيٌّ: الدَّرَكُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيّ: الدَّرَكُ: حبلٌ يُوَثِّقُ فِي طرفِ الحبلِ الْكَبِير ليكونَ هُوَ الَّذِي يَلِي الماءَ فَلَا يَعْفَنُ طرفُ الرِّشاءِ.
(قلتُ) : ودَرَكُ رِشاءِ السانيةِ: الَّذِي يُشَدُّ فِي قَتَبِ السَّانِيَةِ ثمَّ يشدُّ إِلَيْهِ طرفُ الرِّشاءِ ويَمُدُّهُ بَعِيرُ السانية.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرَكُ: إِدراكُ الحاجةِ ومطلبِهِ، يُقَال: بَكِّرْ فَفِيهِ دَرَكٌ.
قَالَ: والدَّرَكُ: اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ. وَمِنْه ضمانُ الدَّرَكِ فِي عُهدةِ البيع.
قَالَ: والدَّرَكَةُ حَلْقَةُ الوترِ الَّتِي تقعُ فِي الفُرْضَةِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: { (صَادِقِينَ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاواتِ والاَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} {يُبْعَثُونَ بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاَْخِرَةِ

(10/65)


بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} (النَّمْل: 65، 66) قَرَأَ شيبةُ ونافعٌ (بَلِ ادَّارَكَ) وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَهِي قراءةُ مجاهدٍ، وَأبي جَعْفَر الْمدنِي (بَلْ أدْرَكَ) .
ورُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (بلَى أأدرك علمهمْ) يستفهمُ وَلَا يشدِّدُ، فَأَما قراءةُ من قَرَأَ (بَلِ ادَّارَكَ) فإِن الفرّاء قَالَ مَعْنَاهُ: لُغةً تداركَ أَي تتابعَ علمهمْ فِي الْآخِرَة يُريد بِعلم الْآخِرَة: تكونُ أَو لَا تكونُ، وَلذَلِك قَالَ: {الاَْخِرَةِ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا} (النَّمْل: 66) .
قَالَ وَهِي فِي قِرَاءَة أُبيَ (أمْ تَدَارَكَ) . وَالْعرب تجْعَل بلْ مَكَان أمْ، وأمْ مَكَان بل إِذا كَانَ فِي أوَّلِ الكلمةِ اسْتِفْهَام مثل قَول الشَّاعِر:
فواللَّهِ مَا أَدْرِي أسَلْمَى تَغَوَّلَتْ
أمِ النّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حبيبُ
معنى أَمْ بَلْ.
وَقَالَ أَبُو معَاذ النحويُّ من قَرَأَ (بَلْ أَدْرَكَ) وَمن قَرَأَ (بَلِ ادّارَكَ) فمعناهما وَاحِد، يَقُول: هم علماءُ فِي الْآخِرَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} (مَرْيَم: 38) . وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ السُّدِّي فِي تَفْسِيره قَالَ اجْتمع علمهمْ يَوْم الْقِيَامَة فَلم يشكّوا وَلم يَخْتَلِفُوا.
ورَوَى ابْن الفرجِ عَن أبي سعيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ أما أَنا فأقرأ (بلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرةِ) ، وَمَعْنَاهُ عِنْده أَنهم علمُوا فِي الْآخِرَة أَن الَّذِي كَانُوا يوعدونَ حقٌّ.
وَأنْشد الأخطل:
وأَدْرك عِلمي فِي سُوَاءَةَ أَنَّهَا
تُقيمُ على الأوْتار والمَشْربِ الكَدْرِ
أَي أحَاط علمي أَنَّهَا كَذَلِك.
قَالَ: والقولُ فِي تَفْسِير أَدْرَكَ وادّارَك، وَمعنى الْآيَة مَا قَالَه السُّدِّي، وَذهب إِلَيْهِ أَبُو معَاذ النحويُّ وَأَبُو سعيد الضريرُ، وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الفرَّاء فِي معنى تدارك أَي تتَابع علمهمْ بالحَدْسِ والظّنِّ فِي الآخرةِ أَنَّهَا تكون أَو لَا تكونُ لَيْسَ بالبَيِّن، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن عِلمهم فِي الآخرةِ تواطأَ وحَقَّ حِين حقّتِ الْقِيَامَة وحُشِرُوا وَبَان لَهُم صدقُ مَا وُعِدُوا بِهِ حِين لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِك الْعلم ثمَّ قَالَ جلّ وعزّ: بل هم فِي شكّ من أَمر الْآخِرَة بل هم مِنْهَا عمون أَي جاهلون.
والشّكُّ فِي أَمر الْآخِرَة: كفرٌ.
وَقَالَ شمر فِي قَوْله: (بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرةِ) هَذِه الكلمةُ فِيهَا أشياءُ، وَذَلِكَ أنّا وجَدْنا الْفِعْل اللَّازِم والمتعدِّي فِيهَا فِي أفعل وتفاعَل وافتعل وَاحِدًا، وَذَلِكَ أَنَّك تَقول: أَدْرَكَ الشيءُ وأدركته، وتداركَ القومُ وادّارَكُوا وادّرَكُوا إِذا أدْرَكَ بَعضهم بَعْضًا.
وَيُقَال: تداركته وادّارَكْتُهُ وادّرَكْتُهُ. وَأنْشد:
... مَجُّ النّدَى المُتَدَارِكِ

(10/66)


فَهَذَا لَازم. وَقَالَ زُهَيْر:
تداركْتُما عبْساً وذُبْيَانَ بَعْدَمَا
تفانَوْا ودَقُّوا بَينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
وَهَذَا واقعٌ. وَقَالَ الطِّرِمّاح:
فلمّا ادّرَكْنَاهُنّ أَبْدَيْنِ للهوى
وَهَذَا مُتَعَدَ.
وَقَالَ الله فِي اللَّازِم: {بَلِ ادّارَكَ عِلمُهم} (النَّمْل: 66) .
وَقَالَ شمر: سَمِعت عبد الصَّمد يحدِّثُ عَن الثّوْرِيِّ فِي قَوْله: {يُبْعَثُونَ بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاَْخِرَةِ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} (النَّمْل: 65) .
وَقَالَ مجاهدٌ: أمْ تواطأَ علمهمْ فِي الْآخِرَة.
(قلتُ) : وَهَذَا يُوَاطِىءُ قَول السُّدِّيِّ لأنّ معنى تواطأَ: تَحقَّق وتتابع بِالْحَقِّ حِين لَا يَنْفَعهُمْ، لَا على أَنه تواطأ بالحَدْسِ، كَمَا توهمه الفرّاء وَالله أعلم.
قَالَ شمر: ورُويِ لنا حرفٌ عَن ابْن المُظَفَّرِ، وَلم أسمعهُ لغيره، ذكَرَ أنهُ يُقَال: أَدْرَكَ الشيءُ إِذا فَنِيَ، وَإِن صحّ فَهُوَ فِي التَّأْوِيل: فَنِي علمهمْ فِي معرفَة الْآخِرَة.
(قلت) : وَهَذَا غير صحيحٍ وَلَا محفوظٍ عَنِ الْعَرَب، وَمَا علمت أحدا. قَالَ: أدركَ الشيءُ إِذا فنيَ وَلَا يُعَرَّجُ على هَذَا القَوْل، وَلَكِن يُقَال: أَدركَتِ الثِّمارُ إِذا انْتهى نضجها.
(قلت) : وأَما مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قرأَ (بلَى أأَدْرَك عِلمهمْ فِي الْآخِرَة) فإِنه إِن صَحَّ اسْتِفهَاٌ م بِمَعْنى الرَّدِّ ومعناهُ مَا أَدْرَكَ علمهمْ فِي الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك: روى شُعْبةُ عَن أبي حَمْزَة عَن ابْن عباسٍ فِي تَفْسِيره.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعَزَّ: {مُّبِينٍ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (الطّور: 39) لفْظُهُ لفظُ الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ رَدٌّ وتكذيبٌ.
وَقَول الله سُبْحَانَهُ {لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى} (طه: 77) أَي لَا تخَاف أَن يدركك فِرْعَوْن وَلَا تخشاه، وَمن قَرَأَ لَا تخف فَمَعْنَاه لَا تخف أَن يدركك وَلَا تخش الْغَرق، والدرَك اسْم من الْإِدْرَاك مثل اللحَق.
وَقَالَ اللَّيْث: المتداركُ من القوافي والحروف المتحركةِ: مَا اتفقَ مُتحرِّكانِ بعدهمَا سَاكنٌ مِثلُ (فَعُو) وأَشباه ذَلِك، والعربُ تَقول: غِلمانٌ مَدَاريكُ أَي بالغُونَ، جمعٌ مُدْركٍ.
ردك: أهمله اللَّيْث، وَقد جَاءَ فِيهِ شيءٌ مستعملٌ.
قَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: يُقَال: خَلْقٌ مَرَوْدَكٌ أَي حَسنٌ، وجاريةٌ مَرَوْدَكةٌ: حَسْنَاءُ.
(قلت) : ومَرَوْدكٌ إِن جُعلتِ الميمُ فِيهِ أَصلِيّةً فَهُوَ بِناءٌ على (فَعَوْلكٍ) وَإِن كَانَت

(10/67)


الميمُ غير أَصلِيَّةٍ فإِني لَا أَعرفُ لَهُ فِي كَلَام العرَبِ نظيراً، وَقد جاءَ مَرْدكٌ فِي الأسماءِ، وَلَا أَدْري أَعَرَبيٌّ هُوَ أَمْ عَجَمِيٌّ.
ركد: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهى أَنْ يُبالَ فِي المَاء الرَّاكِدِ ثمَّ يُتوضَّأَ مِنْهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: الرَّاكد هُوَ الدَّائِم السَّاكِنُ الَّذِي لَا يجْرِي.
يُقَال: رَكَدَ الماءُ رُكُوداً إِذا سكَنَ.
(اللَّيْث) : رَكَدَتِ الرِّيحُ إِذا سَكنَتْ، فَهِيَ رَاكِدَةٌ.
قَالَ: ورَكَدَ الميزانُ إِذا اسْتَوَى. وَقَالَ الشَّاعِر:
وقَوَّمَ الميزانَ حينَ يَرْكُدُ
هَذَا سَميرِيٌّ وَذَا مُولّدُ
قَالَ: هما دِرْهَمَانِ:
قَالَ: ورَكدَ القومُ رُكوداً إِذا سَكَنوا وهَدأوا، وَقَالَ الطرماح:
لهَا كلَّمَا رِيعَتْ صَدَاةٌ ورَكْدَةٌ
بِمُصْدانَ أَعْلى ابنيْ شَمام البَوائن
والجَفْنةُ الرَّكودُ: الثقيلةُ المملوءة، وَقَالَ الراجز:
المُطْعِمينَ الجفْنَةَ الرَّكُودَا
ومَنَعوا الرَّيعانَة الرَّفُودَا
يَعني بالرَّيْعانَةِ الرّفُودِ: نَاقَةً فَتِيَّةً ترفدُ أَهلَهَا بكثرةِ لَبنِهَا.
ك د ل
كلد، كدل، لكد، لَدُكَّ، دكل، دلك: مستعملة.
كدل: أما كدل فإِنَّ اللَّيْث أهمله، ووجدْتُ أَنَا فِيهِ بَيتاً لِتَأَبَّطَ شَرّاً:
أَلاَ أَبْلِغَا سعدَ بنَ لَيْثٍ وجُنْدُعاً
وكَلْباً أَثيبُوا المَنَّ غيرَ المُكَدَّلِ
وَقيل فِي تَفْسِير المكدَّلِ أَنه بِمَعْنى المكَدَّرِ، وَالْقَصِيدَة لامِيةٌ.
لَدُكَّ: وَأما لَدُكَّ فَإِن اللَّيْث: زَعم أَن اللَّدَكَ: لزوقُ الشيءِ بالشَّيْء.
(قلت) : فإِن صَحّ مَا قالهُ فالأصْلُ فِيهِ: لَكِدَ أَي لصِقَ، ثمَّ قيل: لَدِكَ لَدَكاً، كَمَا قَالُوا: جَذَبَ وجَبَذَ.
دلك: قَالَ اللَّيْث يُقَال: دلكْتُ السُّنُبلَ حَتَّى انفرَك قشرُه عَن حَبِّهِ.
قَالَ: والدّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخذُ من الزُّبْدِ والبُرِّ شِبْهُ الثَّريدِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} (الْإِسْرَاء: 78) .
وَقَالَ الفراءُ: جاءَ عَن ابْن عَبَّاس فِي دُلُوكِ الشمسِ أنَّه زوالُهَا للظُّهرِ.
قَالَ: ورأَيتُ الْعَرَب يَذهبُونَ بالدُّلُوكِ إِلَى غِيابِ الشَّمْس، أَنشدني بَعضهم:
هَذَا مَقُامُ قَدميْ رَبَاحِ
ذَبّبَ حَتَّى دَلَكتْ بَرَاحِ

(10/68)


يَعني الشَّمْس.
(قلت) : وَقد روينَا عَن ابْن مسعودٍ أَنه قَالَ: دُلُوكُ الشَّمْس: غروبُها.
وروى ابْن هانىءٍ عَن الْأَخْفَش أنهُ قَالَ: دُلُوكُ الشَّمس: مِن زَوَالهَا إِلَى غُرُوبهَا.
وَقَالَ أَبو إِسْحَاق: دُلُوكُ الشمْس: زَوالُهَا فِي وقتِ الظُّهرِ وَكَذَلِكَ مَيْلُهَا للغروبِ هُوَ دلُوكها أَيضاً.
يُقَال: قد دلكت بَرَاحِ وبِرَاحٍ أَي قد مَالَتْ للزوال حَتَّى صَار النَّاظر يحتاجُ إِذا تبصَّرها أَن يكسِر الشعاعَ عَن بصرهِ براحَتهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابنِ الْأَعرَابِي فِي قَوْله: دَلكَتْ بَرَاح أَي اسْتريح مِنْهَا.
(قلت) : وَالَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بالحقِّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ... الْآيَة أَنَّ دُلُوكَها: زَوَالُهَا نصفَ النَّهَارِ حَتَّى تكون الآيةُ مُنْتَظمةً للصَّلوات الخمسِ، الْمَعْنى، وَالله أَعْلم: أَقِمِ الصَّلاةَ يَا محمَّدُ أَي أدِمها فِي وَقت زَوَال الشَّمْس إِلَى غَسَقِ اللَّيْل، فيدْخُل فِيهَا صلاَتَا العَشيِّ، وهما الظُّهْرُ والعَصْرُ، وصلاتَا العِشَاء فِي غَسَقِ اللَّيْل فَهَذِهِ أربعُ صَلوَاتٍ، والخامسةُ قَوْله جلّ وعزّ: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} (الْإِسْرَاء: 78) ، أَيْ وأَقِمْ صلاَةَ الفَجْر فَهَذِه خَمْسُ صُلواتٍ فُرضتْ على مُحمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُمَّتِهِ. وَإِذا جعلْتَ الدُّلُوكَ غروبَ الشَّمْسِ كانَ الأمْرُ فِي هَذِه الآيةِ مَقْصُوراً على ثلاثِ صَلَوَاتٍ.
فإنْ قِيلَ فَمَا مَعْنى الدُّلُوكِ فِي كلامِ العَرَبِ؟ .
قيل: الدُّلوكُ: الزَّوَالُ، وَلذَلِك قيل لِلشَّمْسِ إِذا زَالَتْ نصفَ النَّهارِ: دَالِكَةٌ، وَقيل لَهَا إِذا أَفَلَتْ: دَالِكَةٌ لأنَّها فِي الحَالتَيْن زَائِلةٌ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَمَكَتِ الشمسُ، ودَلَكَت، وعلَتْ، واعْتَلَتْ، كلُّ هَذَا: ارْتفاعُهَا، وسُمِّيَ ارْتِفَاعُها دُلُوكاً لِزَوَالها عَن مطْلَعها، وَقيل لَهُ: دُمُوكٌ لِدَوَرَانِها.
وَفِي حَدِيث عمر أنَّه كَتَبَ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد أنّهُ بَلغني أنهُ أُعِدَّ لَك دَلُوكٌ عُجنَ بِالْخمرِ، وإنِّي أَظُنُّكُمْ آلَ المُغِيرة ذَرْوَ النَّارِ، والدَّلُوكُ: اسمُ الدّواءِ أَو الشَّيْء الَّذِي يُتَدَلَّكُ بِهِ كالسَّحُورِ لما يُتَسَحّرُ بِهِ، والفَطُورِ لما يُفْطَرُ عَلَيْهِ، وسُئلَ الحسنُ عَن الرَّجُل يُدَالِكُ أَهْلَهُ فقالَ: نعمْ إِذا كانَ مُلْفَجاً.
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: يُدَالكُ يَعْني المَطْلَ بالمهْرِ، وكلُّ مُماطِلٍ فَهُوَ مُدَالِكٌ.
وَقَالَ شمرٌ قَالَ الفَرّاءُ: المدَالِكُ: الَّذِي لَا يرفَعُ نَفْسَهُ عَن دَنِيَّةٍ وَهُوَ مُدْلِكٌ وهم يُفَسِّرونَه المَطُولَ. وَأنْشد:

(10/69)


فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ ولاَ تَبُصْنِي
وَدَالِكْني فإِنِّي ذُو دِلاَكِ
وَقَالَ بَعضهم: المُدَالكةُ: المصابَرَةُ، وَقَالَ بَعضهم: المدالكَةُ، الإِلحاحُ فِي التَّقاضي، وَكَذَلِكَ: المُعارَكةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّلُكُ: عُقلاءُ الرِّجال، وهمُ الحُنُكُ، ورجلٌ دَليكٌ حَنِيكٌ، قد مارَسَ الأمورَ وعرَفَها، وبَعِيرٌ مَدْلوكٌ إِذا عاوَدَ الأسْفارَ ومرنَ عَلَيْهَا، وقدْ دَلَكَتْهُ الأسفارُ. وَقَالَ الرَّاجزُ:
علِّ عَلاَوَاكَ على مَدْلوكِ
على رَجِيعِ سَفَرٍ مَنْهوكِ
وَيُقَال: فَرَسٌ مَدْلوكُ الحرْقَفَةِ إِذا كانَ مُسْتَوِياً.
كلد: قَالَ اللَّيْث: أَبُو كَلَدَةَ مِن كُنَى الضَّبع وَيُقَال: ذِيخٌ كالِدٌ أَي قديمٌ، والكَلَدَةُ: الأرْضُ الصُّلْبَةُ.
والعربُ تقولُ: ضَبُّ كَلَدَةٍ لِأَنَّهَا لَا تحفر جُحْرها إِلَّا فِي الأرْضِ الصُّلبَةِ.
دكل: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الدَّكَلةَ: القوْمُ الَّذين لَا يُجيبون السُّلطانَ من عزِّهم.
يُقَال: هُمْ يَتَدَكَّلون على السلطَان.
(أَبُو زيد) : تَدَكَّلْتُ عليهِ تَدَكُّلاً أَي تدَلَّلتُ، وَأنْشد:
عليَّ بالدّهْنَا تَدَكَّلِينَا
وَقَالَ ابْن أَحْمرَ:
أَقولُ لِكَنَّازٍ تَدَكِّلْ فإِنّهُ
أُباً لَا أَظُنُّ الضأْنَ مِنْهُ نواجِيَا
ويروى توكَّلْ ومعناهُما وَاحِد، وَأنْشد غَيره:
عليٌّ لَهُ فَضْلانِ فَضْلُ قَرَابةٍ
وفَضلٌ بِنَصْل السيْف والسُّمُر الدُّكْل
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الدُّكْلُ والدُّكْنُ: الرِّماحُ الَّتِي فِيهَا دُكْنَةٌ.
لكد: قَالَ اللَّيْث: الألْكَد: اللئيمُ المُلصَق بقَوْمه. وَأنْشد:
يُناسبُ أَقواماً لِيُحْسَبَ فيهمُ
ويَتركُ أَصلاً كانَ من جِذْمِ أَلْكَدَا
وإِذا أَكلَ الإنسانُ شَيْئا لزجاً فلزِجَ بشفتِهِ. قيل: لَكِدَ بِفيهِ أَي لصِقَ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَلَكَّدَ فلانٌ فلَانا إِذا اعْتنَقهُ تَلَكُّداً.
وَيُقَال: بَاتَ فلانٌ يُلاَكِدُ الغُلَّ ليلته أَي يُعانيهِ ويعالجه.
وَقَالَ أسامَةُ الهذليُّ يصفُ رَامِياً:
فمدَّ ذِرَاعيهِ وَأَجْنَأَ صُلبَهُ
وفَرَّجَها عَطْفَى مُمِرٌّ ملاكِدُ
وَيُقَال: لَكِدَ الوَسَخُ بيدهِ، ولَكِدَ شَعرهُ إِذا تَلَبَّدَ، ورجلٌ لَكِدٌ نَكِدٌ إِذا كَانَ لَحِزاً.
قَالَ صَخْرُ الغَيِّ:

(10/70)


وَالله لَو أَسْمَمَتْ مَقَالتَهَا
شَيْخاً من الزُّبِّ رَأسُهُ لَبِدُ
لفاتَح البَيْعَ يَومَ رُؤيتهَا
وَكانَ قَبْلُ ابتِياعُهُ لَكِدُ
وَيُقَال: رأيتُ فلَانا مُلاكِداً فلَانا أَي مُلازماً.
ك د ن
كدن، كند، نكد، دكن، دنك: مستعملة:
دنك: أما دنك فَلم أجد فِيهِ غير الدَّوْنَك، وَهُوَ مَوضِع ذكره ابْن مقبل:
يَكادَانِ بَين الدَّوْنَكَيْنِ وأَلْوَةٍ
وذاتِ القَتَادِ السُّمْرِ ينسلخان
وَقَالَ الحطيئة:
أَدَارَ سُلَيْمَى بالدَّوَانِكِ فالعُرف
كدن: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكُدُونُ: الَّتِي تُوَطِّىُء بِهِ المرأَةُ لِنفسها فِي الهوْدَجِ.
قَالَ الْأَحْمَر: هِيَ الثيابُ الَّتِي تكونُ على الخُدورِ، وَاحِدها: كِدْنٌ.
وَقَالَ غَيرهمَا: الكُدُونُ واحدُها: كِدْنٌ، وهيَ عَباءَةٌ أَو قَطِيفَةٌ تُلْقيهِ المرأةُ على ظَهْرِ بَعيرها ثمَّ تَشُدُّ هَودَجَها عَلَيْهِ، وَتَثني طَرَفَيِ العباءَةِ من الشِّقيْنِ وتَخُلُّ مُؤخَّرَ الكدِنِ ومُقدَّمهُ، فيصيرُ مثلَ الخُرْجينِ، فَتلقى فِيهِ بُرْمتها وأَداتها مِمَّا تحْتَاج إِلَى حَمْلهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: امْرأَةٌ ذاتُ كِدْنةٍ أَي ذَاتُ لحمٍ.
(قلت) : ورجلٌ ذُو كِدْنةٍ إِذا كَانَ عَبْلاً سَميناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْدَنُ والكَوْدَنِيُّ: البَغْلُ.
قَالَ وَيُقَال لِلفيلِ أَيْضا: كَودَنٌ: وَأنْشد:
خَلِيليَّ عُوجَا من صُدورِ الكَوَادِنِ
إِلَى قَصْعةٍ فِيهَا عُيونُ الضَّيَاونِ
قَالَ: شَبَّهَ الثَّرِيدةَ الزُّرَيقَاء بِعيونِ السَّنانيرِ لما فِيهَا من الزّيْتِ.
(أَبُو عبيد) الكِدْيَوْنُ: دُرْدِيُّ الزّيْتِ.
وَقَالَ النَّابغَةُ يصفُ الدُّرُوعَ:
عُلِينَ بِكدْيوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً
فَهُنّ وِضَاءٌ صافِياتُ الغلائلِ
وصَفَ دُروعاً جُلِيَتْ بالكديَونِ والبعرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِدْيَوْنُ: دُقاقُ التُّرَابِ، ودقاقُ السِّرْقينِ يجلى بِهِ الدُّروعُ.
وَيُقَال: يُخلطُ بِهِ الزّيْتُ فَيسَمَّى كِدْيوناً، وَقَالَ الطرماح:
تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَونِ كَيْلاَ يفوتَني
من المقْلةِ البَيضاء تَقْريظُ باعِقِ
وَيُقَال لِلبِرْذَوُن الثَّقيلِ: كَوْدَنٌ، شُبِّهَ بالبَغْلِ.
(الحرّاني عَن ابْن السّكيت) : كَدِنَتْ مَشافِرُ الإبلِ، وكَتِنَتْ إِذا رعَتِ العُشبَ فاسودّتْ مشافرُهَا من مائهِ وغَلُظَتْ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : إِذا كثر شَحم

(10/71)


الناقةِ ولحمها فَهِيَ المكدَنَة، والكدنة: الشحمُ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب قَالَ أَبو عَمْرو: الكَدَنُ أنْ تُنْزَحَ البئرُ فَيْبقى الكَدَرُ فَذَلِك الكَدَنُ.
يُقَال: أَدْرِكُوا كَدَنَ مائكم أَي كَدَرَهُ.
وَيُقَال: كَدِنَ الصِّلِّيَانُ إِذا رُعِيَ فُرُوعُهُ وبَقيَتْ أصولُه.
(قلت) : الكَدَنُ، والكَدَرُ، والكَدَلُ: وَاحِدٌ.
كند: قَالَ الله جلّ وَعز: {جَمْعاً إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ} (العاديات: 6) .
قَالَ الفراءُ قَالَ الكلبيُّ: لكَنُودٌ: لكَفُورٌ بالنعمةِ.
وَقَالَ الحَسنُ: {جَمْعاً إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ} (العاديات: 6) قَالَ: لوَّامٌ لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصائبَ ويَنسى النِّعَمَ.
وَقَالَ الزّجاج: لكنودٌ مَعْنَاهُ: لكفُورٌ يَعْنِي بذلك الكافِرَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : امرأَةٌ كُنُدٌ وكَنُودٌ أَي كَفُورٌ للمواصَلةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَنَدَ يَكْنُدُ كُنوداً.
وَقَالَ النّمِرُ بن تَولَبٍ يَصِفُ امرأَةً كَفَرت مودّتَه إِيّاها:
كَنُودٌ لَا تمنُّ وَلَا تُفادِي
إِذا عَلِقَتْ حَبائلُها بِرَهْنِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: كَنُودٌ: كَفورٌ لِلموَدّةِ.
نكد: قَالَ اللَّيْث: النَّكَدُ: الشُّؤمُ واللؤمُ، وكلُّ شيءٍ جَرَّ على صَاحبه شرّاً فَهُوَ نَكَدٌ، وَصَاحبه: أَنكد نكِدٌ، والنكدُ: قِلّةُ الْعَطاء وَألا يهنأَه من يعطاه وَأنْشد:
وأعْطِ مَا أعطيتَه طيِّباً
لَا خَيرَ فِي الْمَنْكُودِ والناكدِ
وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَالَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا} (الْأَعْرَاف: 58) قرأَ أهلُ الْمَدِينَة (نَكَداً) بفتْح الْكَاف. وقرأَتِ العامةُ (نَكِداً) ، قَالَ ذَلِك الفرّاءُ.
وَقَالَ الزَّجاجُ: وَفِيه وجهانِ آخرَانِ لم يُقرأْ بهما: نَكْداً، ونُكْداً.
وَقَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: لَا يخرج إلاّ فِي نَكَدٍ وَشِدَّةٍ.
وَيُقَال: عطَاءٌ مَنْكُودٌ أَي نَزْرٌ قليلٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : النُّكْدُ: النوقُ: الغزيراتُ اللبنِ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: النُّكْدُ: الَّتِي لَا يبْقى لَهَا ولد. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَوَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُهَا
وَلَمَ يَكُ فِي النُّكْد المَقَالِيتِ مَشْخَبُ
وَقَالَ بَعضهم: النكْدُ: النُّوقُ الَّتِي مَاتَت أولادُها فَغَزُرَتْ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَلَمْ تَبْضِضِ النُّكْدُ لِلْجَاشِرِينَ
وَأَنْفَدَتِ النملُ مَا تَنْقُلُ
وَأنْشد:

(10/72)


وَلم أرَأم الضيمَ اختتَاءً وَذلة
كَمَا شمت النَّكداء بوًّا مُجلدا
النكداء: تَأْنِيث أنكد، ونكِد، وَالْأُنْثَى: نكداء وَيُقَال للناقة الَّتِي مَاتَ وَلَدهَا: نكداء، وَإِيَّاهَا عَنى الشَّاعِر.
وَيُقَال: نُكِدَ الرجلُ فَهُوَ منكودٌ إِذا كثر سؤالُه وقلَّ خَيره.
دكن: قَالَ اللَّيْث: الدُّكْنَةُ: لون الأدْكن كلون الخزِّ الَّذِي يضربُ إِلَى الغُبْرة بَين الْحمرَة والسواد. والنعتُ: أدكَنُ، وَالْفِعْل دَكِن يدكَنُ دَكَناً.
قَالَ: والدُّكّانُ: فُعَّالٌ، والفعلُ التَّدكينُ.
وَقَالَ غَيره: ثَرِيدَةٌ دَكْناءُ، وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا من الأبزارِ مَا دَكَّنها من الفُلفُل وَغَيره.
ك د ف
اسْتعْمل من وجوهه: كدف، فدك.
كدف: أهمله اللَّيْث. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : سمعنَا: كَدَفَتهم، وجَدَفَتهم، وهَدَفَتَهم، وحَشَكَتهم، وهَدَأَتهُم، ووبدهم، وأوبدهم، وأَزَّهْم وأَزِيزهم، وَهُوَ الصوتُ تسمعُه مِن غير مُعاينةٍ.
فدك: فَدَكُ: قريةٌ بِنَاحِيَة الْحجاز ذَات عين فوَّارة ونخيل كَثِيرَة، أفاءَها الله جلّ وَعز على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عليٌّ وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بعد وفاتِه يتنازعانها، وسلَّمها عمر إِلَيْهِمَا فَذكر عليٌّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جعَلها فِي حياتِه لفاطمة رَضِي الله عَنْهَا، وَكَانَ العباسُ يَأْبَى ذَلِك.
وَقَالَ ابْن دُريد: فَدَّكْتُ القطنَ تفديكاً إِذا نَفَشْتَه.
قَالَ: وَهِي لُغةٌ أَزْدِيّةٌ. وفُدَيْكٌ اسْم عَرَبِيّ.
والفُدَيْكاتُ قومٌ من الْخَوَارِج نُسِبُوا إِلَى أبي فْدَيْكٍ الخارجيّ.
ك د ب
كدب، كبد، دكب: مستعملة.
كدب: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: المَكْدُوبة من النِّسَاء: النقيّة البياضِ.
وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن قراءةِ من قرأَ: (بِدَم كدب) (يُوسُف: 18) بالدَّال فَقَالَ: إِن قَرَأَ بِهِ قارىء فَلهُ مَخْرجٌ، قيل لَهُ فَمَا هُوَ فَلهُ إِمَام فَقَالَ: الدَّمُ الكَدِبُ: الَّذِي يضرِب إِلَى الْبيَاض مأخوذٌ منْ كَدَبِ الظُّفْرِ وَهُوَ وبَشُ بياضِه.
دكب: والمَدْكُوبةُ: المعضوضة مِن القِتال.
كبد: قَالَ اللَّيْث: الكبِدُ: معروفةٌ، وموضِعها من ظَاهر يسمّى كَبِداً، وَفِي الحَدِيث: (وضَعَ يدَه على كبِدِي) وَإِنَّمَا وضعَها على جنبه مِن الظَّاهِر.
قَالَ: والأكْبَدُ: الناهدُ موضعِ الكبِدِ.
قَالَ رؤبة:

(10/73)


أَكْبَدَ زَفَّاراً يَمُدُّ الأنسُعَا
يصفُ جَمَلاً مُنتَفِخَ الخواصِرِ.
قَالَ: وكبِدُ القوْس: فوَيقَ مَقْبِضِها حَيْثُ يقعُ السهْم، يُقَال: ضَعِ السهمَ على كبدِ القوْس.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي الْقوس: كَبِدُها، وَهُوَ مَا بينَ طرَفي العلاقة، ثمَّ الكُلية تَلِي ذَلِك، ثمَّ الأبهرُ يَلِي ذَلِك، ثمّ الطَّائِف، ثمَّ السِّيَةُ وَهُوَ مَا عُطِفَ من طرَفيها.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (وتُلْقِي الأرضُ أَفلاذَ كبِدِها) أَي تُلقِي مَا دُفِنَ فِي بَطنهَا مِن الْكُنُوز، وقيلَ إِنَّهَا ترمي مَا فِي بَطنهَا مِن معادن الذهبِ والفِضَّة.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كبَدْتُه أَكْبِدُه، وكلَيتُهُ أَكْلِيه إِذا أَصَبتَ كبِدَه وكُليته.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أضَرَّ الماءُ بالكبد، قيل: كَبَدَه، والكُبَاد: داءٌ يَأْخُذ فِي الكَبِدِ، وَالْعرب تؤنِّث الكبدَ وتُذَكِّرُه، قَالَ ذَلِك الْفراء وَغَيره.
اللِّحيانيُّ: هُوَ الْهَوَاء واللُّوحُ والسُّكَاك والكَبِدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَبِدُ السَّمَاء: مَا استقبلك مِن وسَطها.
يُقَال: حَلَّقَ الطَّائِر حَتَّى صَار فِي كبدِ السَّمَاء وكُبَيْداء السَّمَاء، إِذا صَغَّرُوا جعلوها كالنَّعْتِ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سُويداء الْقلب، وهما نادِرتان حُفِظتا عَن الْعَرَب هَكَذَا قَالَ: وكبدُ كل شَيْء: وسَطُه.
يُقَال: انتزعَ سَهْما فَوَضعه فِي كبدِ القِرْطاس، وقوْسٌ كَبْدَاءُ: غَلِيظَة الكبِد شديدتُها.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {) وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ} (الْبَلَد: 4) .
قَالَ الفرَّاء يَقُول: خَلَقْناهُ مُنْتَصباً معتدلاً، وَيُقَال فِي كَبَدٍ: أنّه خُلِقَ يُعَالِجُ ويُكابِدُ أمرَ الدُّنْيا وَأمر الآخرةِ.
وَقَالَ المنذِري: سمعتُ أَبا طالبٍ يَقُول: الكَبَدُ: الاسْتواءُ والاستقامة، والكَبَدُ أَيْضا: الشِّدَّةُ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: تَعَالَى: {) وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ} : هَذَا جَوَاب القَسَم، الْمَعْنى: أُقْسِمُ بِهَذِهِ الأشْياءِ: {لَقَدْ خَلقْنَا الإنسانَ فِي كَبَدٍ: يُكَابِدُ أَمرهُ فِي الدُّنيا والآخرَةِ.
قَالَ وَقيل: كَبَدٍ أَي خُلق الإنسانُ فِي بَطْنِ أُمهِ ورَأْسه قِبَلَ رَأسهَا فإِذا أَرَادتْ أمُّهُ الْولادَة انْقَلب الرأسُ إِلَى أَسفلَ.
(قلت) : ومُكابَدَةُ الْأَمر: مُعاناته ومشقته.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجل يُكابِدُ الليلَ إِذا ركبَ هَوْلهُ وصُعوبته.
وَيُقَال: كابَدْتُ ظُلْمة هَذِه الليْلةِ بكابِدٍ شديدٍ أَي بمكابَدَةٍ شديدةٍ. وَأنْشد:

(10/74)


وَليْلَةٍ مِنَ اللَّيَالي مَرَّتِ
بِكابِدٍ كابَدْتُها فجرَّتِ
أَي طَالَتْ. وَقَالَ لبيد:
عَيْنُ هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذ قُمْ
نَا وقامَ الخُصومُ فِي كَبَدِ
أَي فِي شدَّةٍ وَعَنَاءٍ، واللَّبنُ المُتَكَبِّدُ: الَّذِي يخثُرُ حَتَّى يصير كَأَنَّهُ كَبِدٌ يَترجْرَجٌ.
(أَبُو عبيد) : يُقَال للأعداءِ: همْ سودُ الأَكْبَادِ، كأنَّ العَداوةَ أَحْرقَتْ أَكْبادَهُمْ فاسْودَّتْ، والكَبِدُ: معدِنُ العَدَاوةِ، ورمْلة كَبْدَاءُ: عظيمةٌ الوَسطِ، وَنَاقَةٌ كَبْدَاءُ: كذلِكَ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوى وَطْأَةٍ دهْماءَ من غيرِ جَعْدةٍ
ثَنى أخْتَها فِي غَرْزِ كَبْدَاءَ ضَامرِ
وَيُقَال: تَكَبَّدْتُ الأمرَ أَي قَصَدْته وَأنْشد:
يرومُ البلاَدَ أَيُّها يَتَكَبَّدُ
وتَكَبَّدَ الفلاةَ إِذا قصد وسطَها ومُعْظَمها. والكَبْدَاءُ: الرَّحَا الَّتِي تُداَرُ باليدِ، سُمِّيتْ كَبْدَاءَ لما فِي إِدارَتِها من المشقَّة، وَأنْشد:
بُدِّلْتُ من وَصْلِ الحِسانِ البيضِ
كَبْدَاءَ مِلْحاحاً عَلَى الرَّضِيضِ
تخلأُ إلاَ فِي يَدِ القبيضِ
أَي فِي يدِ رجلٍ قبيضِ اليدِ أيْ خفِيفها وَقَالَ:
بِئْسَ طعامُ الصِّبْيةِ السَّوَاغِبِ
كَبْدَاءُ جاءَت من ذُرَى كُواكِبِ
وكواكِبُ: جبَلٌ معروفٌ بالبَادِيةِ.
ك د م
كَدم، كمد، دكم، مكد، دمك مدك: مستعملة.
كَدم: قَالَ اللَّيْث: الكَدْمُ: العَضُّ بأَدنى الفمِ، كَمَا يَكْدُمُ الحمارُ، وَيُقَال للدَّوَابِّ إِذا لم تَسْتمكنْ من الحشيشِ: إنَّها لتكادمُ الحشيشَ، والكدْمُ: اسْم أَثرِ الكَدْمِ.
يُقَال: بهِ كُدُومٌ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: نعجة كَدِمَةٌ: غَلِيظَة كَثِيرَة اللَّحْم، وَقَول رؤبة:
كأنّه شَلاّلُ عاناتٍ كُدُمْ
قَالَ: حمَار كَدِمٌ: غليظ شَدِيد، والجميع: كُدُم، وفَنِيق مُكْدَم: غليظ وقَدَح مُكْدَم: غليظ، وأسير مُكْدم: مشدود بالصِّفادِ، وكدَمت الصيدَ أَي طردته.
والعربُ تَقول: بَقِيَ من مَرْعانَا كُدَامةٌ أَي بَقيَّةٌ تَكْدِمها المَال بأَسْنانِها وَلَا تشبعُ مِنْهُ.
ورجلٌ مُكَدَّمٌ إِذا لقيَ قتالاً فأَثَّرَت فِيهِ الجِراحُ، وفحلٌ مُكَدَّمٌ، ومُكْدَمٌ إِذا كَانَ قويّاً، قد نُيِّبَ فِيهِ.
(اللِّحْيانيُّ) : أُكْدِمَ الأسيرُ إِذا استُوثِقَ مِنْهُ، وَيُقَال للرجلِ إِذا طلب حَاجَة لَا يُطلب مثُلها: لقد كَدَمْت فِي غير مَكْدَمٍ. والكَدْم: التمشُّش والتعرُّق.
(أَبُو زيد) : يُقَال: كَدَمْتَ غيرَ مَكْدَمٍ أَي

(10/75)


طلبت غيرَ مطلبٍ.
(ابْن السّكيت) : يُقَال: مَا بالبَعيرِ كَدْمةٌ إِذا لم يَكن بِهِ أُثْرةٌ وَلَا وَسْمٌ، والأثرةُ: أَن يُسْحَى باطِنُ الخُفِّ بحدِيدةٍ.
كمد: قَالَ اللَّيْث: الكَمَدُ والكُمْدةُ: تَغيُّر لونٍ يبْقى أثرُه وَيَزُول صفاؤه.
وَيُقَال: أكْمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إِذا لم يُنَقِّ غَسلَه.
والكَمَدُ: حُزنٌ وهمٌّ لَا يُسْتَطَاع إمْضاؤُهُ.
(غيرُه) : كَمِدَ لونَه إِذا تغيرَ، ورأيتُه كامِد اللَّوْن.
وكمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إِذا دَقَّهُ، وَهُوَ كمادُ الثَّوْب.
وَيُقَال: كَمَدْتُ فلَانا إِذا أَخذه وجَعٌ فِي بعض أعضائِه فسخّنْتَ لَهُ ثوبا أَو حَجراً وتابعتَ وضعَه عَلَى موضعِ الوجع فيستريح إِلَيْهِ، وَهُوَ التكمِيدُ والكِمادُ.
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: الكِمَادُ مَكَان الكيِّ، والسَّعُوطُ مَكَان النَّفْخِ، واللَّدُودُ مَكَان الغَمْزِ.
وَقَالَ شمرٌ: الكِمادُ: أَن يؤخذَ خِرقةٌ فَتُحْمَى بالنَّار وتوضعَ على موضعِ الورم، وَهُوَ كيٌّ مِن غير إِحراق.
وَقَول عَائِشَة: السَّعوطُ مَكَان النفخ، هُوَ أَن يَشْتَكِيَ الحلْقَ فيُنفخَ فِيهِ فَقَالَت: السعوط: خيرٌ مِنْهُ.
وَقيل: النّفْخُ: دواءٌ ينفخُ بالقَصَبِ فِي الأنفِ، وَقَوْلها: اللّدُودُ مَكَان الغمز، هُوَ أَن تسقطَ اللَّهاةُ فتُغمزَ بِالْيَدِ، فَقَالَت: اللدودُ: خيرٌ مِنْهُ وَلَا تُغْمز بِالْيَدِ.
دكم: قَالَ اللَّيْث: الدَّكْم: دَقُّ شيءٍ بعضه على بعض، يُقَال: دَكَم يَدْكُمُ دَكْماً.
وَقَالَ غَيره: دَكمهُ دَكْماً، ودَقَمه دْقماً إِذا دَفَع فِي صَدره، وانْدَكَم علينا فلانٌ واندقَم إِذا انقَحَم، ورأيتهم يَتَدَاكَمُونَ، أَي يتدافعون.
دمك: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الدَّمُوكُ: البَكْرَةُ السريعة المرِّ، وَكَذَلِكَ: كلُّ شَيْء سريع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للأرْنب السريعة العَدْوِ: دَمُوكٌ.
قَالَ: والدَّمُوكُ: أعظم مِن البَكْرة يُسْتقى عَلَيْهَا بالسّانية.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّمكْمَك: الرجُل الشَّديد القويُّ.
(أَبُو عَمْرو) : الدَّمِيكُ: الثَّلْجُ، وَيُقَال لِزَوْرِ النَّاقة: دَامِكٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَزَوْراً ترَى فِي مِرْفَقَيْهِ تجَانفاً
نَبِيلاً كَبَيْتِ الصَّيْدَنَانيِّ دَامِكَا

(10/76)


وَقَالَ أَبُو زيد: دمَك الرجلُ فِي مشيهِ إِذا أسرَع، ودَمَكَتِ الإبلُ ليلَتَها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : السَّافُ فِي الْبناء: كلُّ صَفَ من اللّبِن، وَأهل الْحجاز يسمونه المِدْماكَ.
وَقَالَ شُجَاع: دَمَكَتِ الشمسُ فِي الجو ودَلَكَتْ إِذا ارتفعتْ.
ورُوَى سُفْيَان عَن عمروٍ عَن مُحَمَّد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ بِنَاء الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة مِدْماكَ حجارةٍ ومِدْماكَ عِيدانٍ من سفينة انكسَرَتْ.
وَيُقَال: أَقمت عِنْده شهرا دَمِيكاً أَي شهرا تامّاً قَالَ كَعْب:
دَابَ شهرينِ ثمَّ شهرا دَمِيكا
مكد: قَالَ اللَّيْث: مَكَدَتِ الناقةُ إِذا نقَصَ لبنُها من طول العَهْد، وَأنْشد:
قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ
حتَّى الجلاَدُ دَرُّهُنَّ مَاكِدُ
وَقَالَ بعض الْعَرَب فِي صفة عَجُوز: مَا ثَدْيُها بناهِدٍ، وَلَا دَرُّها بماكدٍ، ولافُوها ببارِدٍ.
وروى الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: ناقةٌ مَكُودٌ إِذا دامَ غَزُرُها، ونُوقٌ مكائِدُ، وَأنْشد:
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ
فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ
وناقةٌ بْرِعِيسٌ إِذا كَانَت غزِيرة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مِثل قَوْله فِي المَكُودِ.
(قلت) : وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لَا مَا قَالَه اللَّيْث، وإنَّما احتجَّ اللَّيْث بقول الراجز:
حَتَّى الجِلاَد دَرُّهُنَّ ماكِدُ
فَظن أَنه بِمَعْنى الناقصِ وَهُوَ غلطٌ، وَالْمعْنَى حَتَّى الجِلاَد اللواتي دَرُّهُنَّ ماكِدٌ أَي دائمٌ قد حاردْنَ أَيْضا، والجِلاَدُ: أدْسَمُ الإبلِ لَبَنًا وَلَيْسَت فِي الغَزارة كالخُورِ لَكِنَّهَا دائمة الدَّرِّ، واحدتُها: جَلْدَةٌ، والخورُ فِي ألبانِهنّ رِقةٌ مَعَ الكثرةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : مكَدَ فلانٌ بالمكانِ يمكُدُ مُكوداً إِذا أَقام بِهِ، وثَكِمَ يَثْكَم: مِثْلُه، ورَكَدَ ركوداً.
وَقَالَ الساجع: مَا دَرُّها بماكِد أَي مَا لبنُها بدائمٍ، وَمثل هَذَا التَّفْسِير الْمحَال الَّذِي فسَّرَه اللَّيْث فِي مكدَتِ الناقةُ مِمَّا يجب على ذوِي الْمعرفَة تَنْبِيه طَلَبَة هَذَا الْبَاب من علم اللُّغَة لِئَلَّا يتعثّر فِيهِ ذَوُو الغباوة تقليداً لِليثِ.
مدك: المَدَاكُ: الصَّلاَية، أَحْسِبه مَفْعَلاً من الدَّوْكِ وَهُوَ الدّقُّ.

(10/77)


(أَبْوَاب الْكَاف وَالتَّاء)
ك ت ظ ك ت ذ ك ت ث:
أهملت وجوهها.
ك ت ر
كتر، كرت، ترك، رتك، تكر: (مستعملة) .
كتر: (أَبُو عبيد) : الكَتْرُ، والكتَرُ: السَّنام الْعَظِيم.
وَيُقَال: الكَتْرُ: بناءٌ مثل القُبَّةِ، شُبِّه السَنَامُ بهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَتْرُ: جَوْزُ كل شَيْء أَي أوْسَطُه، وأصلُ السنامِ: كترٌ، يُقَال للجمل الجسيم: إِنه لعَظيم الكتر، ويُقال للرجلِ: إِنه لرفيع الكِتْرِ فِي الحسبِ ونحوِه.
وَقَالَ عَلْقَمَة بن عَبَدَةَ يصف نَاقَة:
قَدْ عُرِّيَتْ حِقْبَةً حَتى اسْتَطَفَّ لَهَا
كِتْرٌ كحَافَةِ عُسِّ القيْنِ مَلمومُ
اسْتَطفَّ: أشرَفَ وأمكنَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكترَة: القِطعة مِنَ السنَام، والكترَة: القبّة.
تكر: قَالَ اللَّيْث: التكرِيُّ: الْقَائِد من قواد السِّند، والجميعُ: التّكاكرة.
وَأنْشد:
لقد عَلمتْ تَكاكِرَةُ ابْن تيرى
غداةَ البُدِّ أنِّي هِبرِزيُّ
ترك: قَالَ اللَّيْث: التَّرْكُ: ودْعُكَ شَيْئا تترُكه تركا.
وَقَالَ غَيره: التَّرْكُ: الإِبقاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: هُمُ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى} (الصافات: 78) أَي أبقينا عَلَيْهِ ذكرا حسنا.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرْكُ: الجَعْلُ فِي بعض الْكَلَام، تَقول: تركتُ الحبلَ شَدِيدا، أَي جعلتهُ شَدِيدا.
قَالَ والتَّرْكُ: ضربٌ من البَيْضِ مستديرٌ شبيهٌ بالتُرْكةِ والتَّرِيكَةِ، وَهِي بيضُ النّعامِ المُنْفَرِدُ. وَأنْشد:
مَا هاجَ هَذَا القلبَ إِلا تركةٌ
زهراءُ أخرجهَا خَرُوجٌ مِنْفَجُ
(أَبُو عبيد) : التَّرْكُ: البَيْضُ للرأسِ، واحدته: تركةٌ. وَقَالَ لبيد:
قُرْدُ مانيًّا وتركاً كالبصلْ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التُّرْكُ: جماعةُ البَيْض وإِنما هِيَ سَفِيفةٌ وَاحِدَة وَهِي البَصَلةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تَرِكَ الرجلُ إِذا تزوَّج بالتَّرِيكَةِ، وَهِي العانسُ فِي بيتِ أبَوَيْهَا.
(أَبُو زيد) : امرأةٌ تَرِيكَةٌ، وَهِي الَّتِي تُتركُ فَلَا تتزوَّج.
رتك: (أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : الرَّاتِكَةُ من النُّوقِ: الَّتِي تمشي وكأنَّ برجليها قيدا وتضرب بِيَدَيْهَا.

(10/78)


وَقَالَ اللَّيْث: رَتَكَ الْبَعِير رَتَكاناً، وَهُوَ مشيٌ فِيهِ اهتزاز.
وَقَالَ غَيره: رَتَكَ البعيرُ رَتْكاً ورَتَكاناً، وأَرْتَكْتُهُ أَنا إِرْتَاكاً إِذا حَمَلتَهُ على السّير السَّرِيع.
وَيُقَال: أَرْتكْتُ الضَّحِكَ وأَرْتَأْتُهُ إِذا ضحِكْتَ ضِحْكاً فِي فُتورٍ.
كرت: أَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: حولٌ كَرِيتٌ وقَمِيطٌ ومُجَرَّمٌ وجرَيمٌ أَي تامُّ العددِ. وتَكْرِيتُ: موضعٌ معروفٌ.
ك ت ل
كتل، كلت، تكل: (مستعملة) .
كتل: قَالَ اللَّيْث: الكُتْلَةُ: أعظم من الجُمْزة، وَهِي قطعةٌ من كَنِيز التّمْرِ. وَأنْشد ابْن السّكيت:
وبالغَدَاةِ كتَلَ البَرْنِجِّ
أَرَادَ البَرْنيّ.
قَالَ اللَّيْث: والأكْتَلُ من أسماءِ الشَّدِيدَة من شدائدِ الدَّهْر، واشتقاقه من الكَتَالِ، وَهُوَ سُوءُ الْعَيْش وضِيقُهُ. وَأنْشد:
إِن بهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزَامَا
خُوَيْرِبَانِ يَنْقُفَانِ الْهاما
قَالَ ورِزامُ: اسمٌ للشديدة.
(قلت) : غَلِطَ اللَّيْث فِي تَفْسِير أكْتَلَ ورِزَاماً مَعًا، وليسَا من أَسمَاء الشدائد إِنَّمَا هما اسْما لِصَّيْنِ من لصوص الْبَادِيَة، أَلا ترَاهُ يَقُول: هما خُوَيْرِبَانِ.
يُقَال: لصٌّ خاربٌ، ويُصَغَّرُ فيقالُ خَوَيْرِبٌ.
ورَوَى سَلمَة عَن الْفراء أَنه أنْشدهُ:
إِن بهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزَاما
خُوَيْرِبان ينْقُفَان الْهاما
قَالَ الْفراء: أَو هَا هُنَا بِمَعْنى واوِ الْعَطف أَرَادَ: إِنَّ بهَا أَكْتَلَ ورِزاماً، وهما خاربان.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الكَتَالُ: القُوَّةُ، والكَتَالُ: اللَّحْم، والكَتَالُ: الحاجةُ تقضيها، والكَتالُ: كل مَا أصلحت من طعامٍ أَو كسوةٍ، وَألقى عَلَيْهِ كتالَه، أَي ثِقْلَه. وَأنْشد غَيره:
ولستُ براحلٍ أبدا إِلَيْهِم
وَلَو عالجتُ من وَبَدٍ كَتاَلاَ
أَي مؤونة وثقلا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَرّ فلانٌ يتكَرَّى ويتكَتَّلُ، ويتقلّى إِذا مَرْ مرّاً سَرِيعا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّأس المُكَتَّلُ: المجمَّعُ المُدَوَّرُ.
وَيُقَال: رجلٌ مُكَتَّلُ الخَلْقِ إِذا كانَ مُداخَلَ الْبدن إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ، وفلانٌ يَتَكَتّلُ فِي مشيهِ إِذا قاربَ خطوَه كَأَنَّهُ يتدحرجُ.
والمِكْتَلُ: الزَّبِيلُ يحمل فِيهِ التَّمْر وَغَيره.

(10/79)


وَفِي حَدِيث سعد: (مِكتَلُ عُرَّةٍ: مِكتَل بُرَ) .
(ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو) : الكَتِيلةُ بلغَة طَيِّىءٍ: النخلةُ الَّتِي فَاتَت الْيَد، وَجَمعهَا كَتَائلُ. وَأنْشد:
قد أبصرَتْ سلمى بهَا كَتائِلي
مثلَ العذارَى الحُسَّر العطابلِ
طويلةَ الأقْنَاءِ والعَثاكل
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَتِيلةُ: النَّخْلَة الطَّوِيلَة، وَهِي العُلْبَة، والعَوَانَةُ، والقِرْوَاحُ.
وَقَالَ النَّضر: كُتُولُ الأرْضِ: فنَاديرُها وَهِي مَا أشرف مِنْهَا. وَأنْشد:
وتَيْماء تمسى الرِّيح فِيهَا رَدِيّةً
مريضةَ لون الأَرْض طُلسْاً كُتولُها
وَيُقَال: كَتِنَتْ جحافلُ الخيلِ من العشبِ وكَتِلَتْ بالنُّون وَاللَّام إِذا لزِجتْ ولَكِدَ بِهَا ماؤُهُ فتلبد.
وَقَالَ ابْن مقبل:
والعَيْرُ يَنْفُخُ فِي المَكْنَانِ قد كَتِنَتْ
مِنْهُ جَحافِلُهُ والعِضْرِسِ الثَّجِرِ
وَيُقَال للحمار إِذا تمرَّغ فلزق بِهِ التُّرَاب: قد كَتِلَ جلدُه. وَقَالَ الراجز:
تشربُ منهُ نَهَلاتٍ وتعِلْ
وَفِي مراغٍ جلْدُها مِنْهُ كَتِلْ
وَمن الْعَرَب من يَقُول: كاتَلَهُ اللَّهُ بِمَعْنى قاتلهُ اللَّهُ.
كلت: قَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الثَّعْلَبِيّ يَقُول: فَرَسٌ فُلَّتٌ كُلَّتٌ. وفُلَتٌ كُلَتٌ إِذا كَانَ سَرِيعا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : إِنَّهُ لكُلَتَةٌ فُلَتَةٌ كُفَتَةٌ أَي يثبُ جَمِيعًا فَلَا يُستمكنُ مِنْهُ لِاجْتِمَاع وثبتِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثعلبٍ عَن سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: خذْ هَذَا الإِناءَ فاقْمَعْهُ فِي فَمه ثمَّ اكلِته فِي فيهِ فَإِنَّهُ يكْتَلِتُهُ، وَذَلِكَ أَنه وصف رجلا بشرْبِ النَّبِيذ يكلِته كلْتاً ويكْتَلِتهُ، والكالتُ: الصابُّ، والمُكْتَلِتُ: الشَّاربُ.
وَسمعت أَعرابيّاً يَقُول: أَخذتُ قَدَحاً مِنْ لبنٍ فكلتُّه فِي قَدَح آخر.
قَالَ ثعلبٌ: وأنشدنا ابْن الْأَعرَابِي:
وصاحبٍ صاحَبْتهُ زِمِّيتِ
مُنْصَلِتٍ بالقَوْم كالكلِّيتِ
قَالَ: الكِلِّيتُ: حجر مستطيلٌ كالبِرْطيِل يسترُ بِهِ وجارُ الضَّبع.
قَالَ: والكُلْتَةُ: النَّصِيب مِن الطَّعَام وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو محجن وَغَيره من الْأَعْرَاب: صَلَتُّ الفَرَسَ وكلَتُّه إِذا رَكضته.
قَالَ: وصببتهُ: مِثله، ورجلٌ مِصْلَتٌ مِكلَتٌ إِذا كَانَ مَاضِيا فِي الْأُمُور.

(10/80)


تكل: (ابْن السّكيت) : رجل وُكلَةٌ تكلَةٌ إِذا كَانَ عَاجِزا يكلُ أمره إِلَى غَيره ويتكلُ (قلت) : وَالتَّاء فِي تكلة أَصْلهَا: الواوُ قلبت تَاء، وَكَذَلِكَ التُّكلان أَصْلهُ: وُكْلاَنٌ وَكَذَلِكَ تُراثٌ أَصلهُ: وُرَاتٌ.
ك ت ن
كتن، كنت، نكت، نتك، (تكن) : (مستعملة) .
كتن: قَالَ اللَّيْث: الكَتَنُ: لَطْخُ الدُّخانِ بِالْبَيْتِ، والسَّوادِ بالشَّفة وَنَحْوه.
وَيُقَال للدَّابة إِذا أكلتِ الدَّرِينَ الأسودَ: قد كتِنت جحافلها أَي اسْوَدَّت (قلت) : غلط اللَّيْث فِي قَوْله إِذا أكلت الدّرين لأنَّ الدرينَ مَا يبس مِن الْكلأ وأتى عَلَيْهِ حول فاسودَّ وَلَا لَزَج لَهُ حينئذٍ فيظهرُ لَونه فِي الجحافل، وَإِنَّمَا تكتَنُ الجحافلُ مِن رعْي العُشْبِ الغَضِّ يسيلُ ماؤهُ فيركب وَكَبُهُ ولَزَجُهُ عَلَى مَقامِّ الشَّاءِ، ومشافرِ الْإِبِل، وجحافل الحافرِ، وَإِنَّمَا يَعرِفُ هَذَا مَن شاهدهُ وثافنهُ. فَأَما مَن يعتبرُ الألفاظَ وَلَا مُشاهدةَ لَهُ وَلَا سَماع صَحِيح من الْأَعْرَاب فإنهُ يخطىءُ مِن حَيْثُ لَا يعلم.
وَبَيت ابْن مقبلٍ الَّذِي فسرتهُ فِي بَاب الكتل يبين لَك مَا قلته، وَذَلِكَ أنَّ المَكْنان والعِضْرِسَ بقْلتانِ غضَّتانِ رقيقتانِ وهما مِن أَحْرَار العشب وَإِذا يبستا فتنَاثرَ ورقهمَا اخْتَلَط بقميم العُشْبِ فَلم يتميزا مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكتَنُ فِي شعر الْأَعْشَى: الكتَّان حيثُ يَقُول:
هُوَ الواهبُ المسمعات الشَّرُو
بَ بينَ الْحَرِير وَبَين الكَتنْ
وَيُقَال: لبس الماءُ كَتَّانَه إِذا طَحْلَب واخضرّ رأْسُهُ. وَقَالَ ابْن مُقبلٍ:
أسَفْنَ المسافِرَ كَتَّانَهُ
فأمْرَرْنه مستدِرّاً فَجالا
أَسَفْنَ يَعْنِي الْإِبِل أَي أَشممن مشافرَهنَّ كتّان المَاء وَهُوَ طُحلبهُ. وَيُقَال: أَرَادَ بكتانه غُثاءَه.
وَيُقَال أَرَادَ زَبَدَ الماءِ، فأمررْنه أَي شربنهِ مِن الْمُرُور، مستدرّاً أَي أَنه استدرَّ إِلَى حلوقها فَجرى فِيهَا، وَقَوله فجالا أَي جال إِليها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الكَتَنُ: ترابُ أصلِ النَّخْلَة، والكتَنُ: التزاقُ العَلفِ بفَيْدَىْ جحفلتي الْفرس، وهما صِمغاها.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَتِنُ بِكَسْر التَّاء: القَدَحُ.
كنت: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَنَتَ فلانٌ فِي خَلْقه وكَانَ فِي خُلُقِه، فَهُوَ كَنتي وكِانِيٌّ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: الكُنْتِيُّ: القويُّ الشديدُ.
وَأنْشد:
إِذا مَا كنتَ مُلتمساً لقُوتٍ
فَلَا نصرُخْ بكنتي كبيرِ

(10/81)


وَقَالَ عديُّ بن زيدٍ:
فاكتَنِتْ لاتكُ عبدا طائراً
واحذرِ الأقتالَ منا والثُّؤَرْ
قَالَ أَبُو نصر: قَوْله: فاكتنت أَي أرضَ بِمَا أَنت فِيهِ:
وَقَالَ غَيره: الاكتناتُ: الخُضوعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد:
مسُتَضْرِعٌ مادَنَا منهنَّ مُكْتَنِتٌ
للعظم مُجْتَلمٌ مَا فوقَه فَنَعُ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: لَا يُقَال: فعلتُني إِلَّا مِن الْفِعْل الَّذِي يتعدَّى إِلَى مفعولين مثل ظننتُني ورأيتُني، ومحالٌ أَنْ تَقول: ضربتُني وصبرتُني، لِأَنَّهُ يشبه إِضَافَة الْفِعْل إِلَى (ني) ولكنْ تَقول: صبرتُ نَفسِي وضربتُ، وَلَيْسَ يضافُ مِن الْفِعْل إِلَى (ني) إلاّ حرفٌ واحدٌ وَهُوَ قَوْلهم: كُنْتِيٌّ وكُنْتُنِيٌّ. وَأنْشد:
وَمَا كنتُ كنتيّاً وَلَا كنتُ عاجناً
وشرّ الرِّجالِ الكنتنيُّ وعاجِنُ
فَجمع كنتيّاً وكنتنيّاً فِي الْبَيْت.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قيلَ لصبيّةٍ مِن العربِ: مَا بلغ الكِبَرُ من أَبِيك.
فَقَالَت: قد عجن وخبز، وثنّى وثلّث، وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ، وكَانَ وكَنَتَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، وَأَخْبرنِي سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: الكُنْتيُّ فِي الجسمِ، والكانيُّ فِي الخُلقِ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِذا قَالَ: كنتُ شابّاً وشجاعاً فَهُوَ كُنتيٌّ، وإِذا قَالَ: كانَ لِي مالٌ فكُنْتُ أُعْطي منْهُ فهوَ كانِيٌّ.
وَقَالَ ابْن هانىء فِي (بابِ الْمَجْمُوع مثلثاً) رجلٌ كِنْتَأْوٌ، ورجلانِ كِنْتأْوَان، ورجالٌ كِنْتَأْوُونَ، وَهُوَ الكثيرُ شَعرِ اللّحيةِ الْكَثُّهَا، وَمثله: جَملٌ سِنْدأْوٌ، وجملانِ سِنْدَأْوَانِ، وجمالٌ سِنْدَأْوُون، وَهُوَ الفسيحُ من الإبلِ فِي مشيتهِ، ورجلٌ قِندأْوٌ، ورَجُلانِ قِنَدْأْوَانِ، ورجالٌ قِندَأْوُون، مهموزاتٌ.
وروى شمر عَن أَحْمد بن حَرِيش عَن يزِيد بن هَارُون عَن المَسْعُودِيّ عَن عَمْرو بن مُرَّةَ عَن عبد الله بن الْحَارِث، قَالَ: دخل عبد الله بن مَسْعُود المسجدَ، وعامَة أَهله الكُنْتِيُّونَ، فَقلت: مَا الكُنْتِيُّونَ؟ فَقَالَ: الشُّيُوخ الَّذين يَقُولُونَ: كَانَ كَذَا، وَكُنَّا وَكنت. فَقَالَ عبد الله: دارت رَحا الْإِسْلَام على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ، ولأَنَّ يَمُوت أهلُ دَاري أحبُّ إليَّ من عدتهمْ من الذِّبَّانِ والجِعْلانِ.
قَالَ شمر، قَالَ الْفراء: تَقول: كَأَنَّك قد مُتَّ، وصرت إِلَى كَانَ، وكأنكما مُتُّما وصرتما إِلَى كَانَا وَالثَّلَاثَة: كَانُوا: الْمَعْنى صرت إِلَى أَن يُقَال: كَانَ، وَأَنت ميت لَا وَأَنت حَيّ.
قَالَ: وَالْمعْنَى على الْحِكَايَة على كنت،

(10/82)


مرَّةً للمواجهة، وَمرَّة للْغَائِب، كَمَا قَالَ: عز وَجل: {قل للَّذين كفرُوا سيغلبون وسَتُغْلَبُونَ} (آل عمرَان: 12) ، هَذَا على معنى كنت وَكنت، وَمِنْه قَوْله:
وكلُّ امرىءٍ يَوْمًا يصير إِلَى كَانَا
وَتقول للرجل: كَأَنِّي بك وَقد صرت كانيّاً، أَي يُقَال: كَانَ، وللمرأة: كانيَّة، وَإِن أردْت أَنك صرت من الْهَرم إِلَى أَن يُقَال كنت مرّة، وَكنت مرّة قيل: أَصبَحت كنْتِيّاً، وكُنتنُيّاً، وَإِنَّمَا قَالَ: كنْتُنِيّاً لِأَنَّهُ أَحْدَث نوناً مَعَ الْيَاء فِي النِّسْبَة ليتبيّنَ الرفعُ، كَمَا أَرَادوا تبيُّنَ النصب فِي ضَرَبَنِي.
نكت: قَالَ الليثُ: النّكْتُ أَن تَنْكُتَ بِقَضيبٍ فِي الأرضِ فَتُؤثرَ بطرَفِهِ فيهَا، والنُّكْتةُ: شبْهُ وَقَرةٍ فِي العينِ، والنُّكْتةُ أَيْضا: شبه وسخٍ فِي المرآةِ، ونكْتَةُ سوادٍ فِي شيءٍ صافٍ، والظَّلِفَةُ المنْتَكِتَةُ هِيَ طرفُ الحِنْوِ من القَتَبِ والإكَافِ إِذا كانَتْ قَصيرَةً، فَنَكَتَتْ جنْبَ البعيرِ إِذا عقرتْهُ.
(أَبُو عبيد عَن العَدَبَّس الكنانيّ) : النّاكِتُ: أنْ ينحرفَ المِرْفَقُ حَتَّى يقعَ فِي الجنبِ فيحُزَّ فيهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: إِذا أثَّرَ فِيهِ قيلَ: بهِ ناكِتٌ، فَإِذا حزَّ فيهِ، قيلَ: بِهِ حازٌّ.
وَقَالَ الليثُ: النّاكِتُ بالبعير: شبهُ النّاحِزِ وَهُوَ أَن ينكُثَ مرفقُهُ حرْفَ كِرْكِرَتِهِ، تَقول: بِهِ ناكِتٌ.
وَقَالَ غيرهُ: النَّكّات: الطعّانُ فِي الناسِ مثلُ النزّاكِ والنّكّازِ وَاحِد، قَالَ: والنّكِيتُ: المطعونُ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : طعنهُ فنَكَتَهُ إِذا أَلقاهُ على رأسهِ. وَأنْشد:
مُنتكِتُ الرأسِ فِيهِ جائفةٌ
جياشَةٌ لَا تردُّها الفُتُلُ
وَيُقَال للعظم الْمَطْبُوخ فِيهِ المخُّ فيضربُ بطرَفِهِ رَغيفٌ أَو شيءٌ ليخرُجَ مخُّهُ: قد نُكِتَ فَهُوَ منكوتٌ.
نتك: قَالَ الليثُ: النَّتْكُ: جَذْبُ الشَّيْء تقبضُ عَلَيْهِ ثمَّ تكسرهُ إِليكَ بجفوةٍ.
(قلتُ) : وَهُوَ النَّتْرُ أَيْضا بالراء؛ يُقَال: نَتَر ذَكَرَهُ ونَتَكهُ: إِذا استبرأَ على أَثر البولِ، ونفضَ ذكَرَهُ حَتَّى يَنْقَى ممّا فيهِ.
تكن: وَأما تُكْنَى من أسماءِ النِّسَاء فِي قولِ العجاج:
خيالُ تُكْنَى وخيالُ تُكْتَما
فَإِنِّي أَحْسبهُ من قَوْلك كُنِيَت تُكْنَى وَكُتِمَتْ تُكْتَمُ.
ك ت ف
كتف، كفت، فتك: مستعملة.
كتف: قَالَ الليثُ: الكَتِفُ: عظمٌ عريضٌ خلفَ المنكِبِ، تُؤَنّثُ، والكِتْفُ: شَدُّك

(10/83)


الْيَدَيْنِ من خلفُ؛ والكَتَفُ: مصدر الأكْتَفِ، وَهُوَ الَّذِي انضمت كتفاهُ عَلَى وسَطِ كَاهِله خلقَة قبيحةً.
والكِتَاف: مصدرُ المِكتَافِ منَ الدوابِّ وَهُوَ الَّذِي يعقِرُ السرجُ كَتِفَه. والكِتَافُ: وثاقٌ فِي الرَّحْل والقتبِ وَهُوَ أَسْرِ حِنْوَين أَو عودين يُشدُّ أَحدهمَا إِلَى الآخر.
والكِتَافُ: الحبلُ الَّذِي يُكْتَفُ بِهِ الْإِنْسَان، والكَتيفةُ: حديدةٌ عريضةٌ طَوِيلَة، وَرُبمَا كَانَت صفيحة.
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبَة: كَتِيفُة الرحْل: واحدةُ الكَتَائِفِ وَهِي حديدةٌ يُكتفُ بهَا الرَّحْلُ.
قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أُخِذَ المكتوفُ من هَذَا لِأَنَّهُ جمعَ يَدَيْهِ.
(أَبُو عبيد) : الكَتيِفُ: الضَّبّةُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
... وداني صُدُوعَهُ بالكَتيفِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكَتِيفةُ: الضبَّةُ من الْحَدِيد.
قَالَ: والكَتيِفَةُ: الجماعةُ من الْحَدِيد، والكتيفةُ: الحِقد، وَيجمع كُله الكَتِيف، وَيجمع الحقدُ على الكتائف أَيْضا.
قَالَ القَطامِيُّ:
وترفَضُّ عِنْد المُحْفِظاتِ الكتائِفُ
وَقَالَ شمر: يُقَال للسيف الصفيح: كتيفٌ وَقَالَ أَبُو دواد:
فَوَدِدْتُ لَو أنِّي لقيتُك خَالِيا
أَمْشِي بِكفِّي صَعْدةٌ وكتيفُ
أَرَادَ سَيْفا صفيحاً فسمّاه كتيفاً.
(أَبُو عبيد) : يكونُ الجَرادُ بعدَ الغوغاء كُتفَاناً واحدته: كتْفانةٌ.
(قلت) : وسَماعِي من الْعَرَب فِي الكتفان أَنه الْجَرادُ الَّتِي ظهرتْ أَجْنِحَتهَا وَلما تَطِرْ بعدُ فَهِيَ تَنْقُزُ من الأَرْض نَقَزَاناً مثلَ المكتوفِ الَّذِي يستعينُ بيدَيْهِ إِذا مَشى. وَيُقَال للشَّيْء إِذا كثُرَ: مثلُ الدّبَا والكتفانُ، والغوغاء من الجَراد: مَا قد طَار ونبتت أجنحته.
وَقَالَ اللَّيْث: الكتَفَانُ: ضرب من الطيران كأنهُ يضمُّ جناحيه من خلف شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكَتْفُ: المشيُ الرُّوَيدُ وَقَالَ لبيد:
قَرِيحُ سلاحٍ يَكتِفُ المْشيَ فاتِرُ
قَالَ وَقَوْلهمْ: مَشَتْ فكتَفَتْ أَي حَرّكَتْ كتِفيْهَا يَعْنِي الفَرَس.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أَكْتَفُ وَهُوَ الَّذِي فِي فُرِوعِ كَتفيْهِ انفرَاجٌ فِي غَرَاضِيفهَا مَّمِا يَلِي الكاهِلَ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بالْبعيرِ كَتَفٌ شديدٌ إِذا اشْتكى كَتِفَهُ.
ورجلٌ أَكْتَفُ: عَظِيم الكتِفِ، كَمَا يُقَال: رجلٌ أَرْأَسُ، وَأَعْنَقُ، والأكْتَفُ من الرِّجَال: الَّذِي يَشْتكي كَتِفَهُ.

(10/84)


(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : إِذا قَطَّعْتَ اللحمَ صِغاراً قلتَ كَتَّفْتُهُ تَكْتيفاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا اسْتَبان حجمُ أَجْنِحةِ الجَرادِ فَهِيَ كُتْفَانٌ وَإِذا احمرَّ الجَرادُ فانْسَلَخَ من الألوَانِ كلِّها فَهِيَ الغَوْغاءُ.
كفت: قَالَ الله جلّ وَعز: { (لِّلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الاَْرْضَ} {كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْواتاً} (المرسلات: 25، 26) .
قَالَ الفراءُ: يريدُ تَكفِتُهمْ أَحْياءً على ظَهْرِها فِي دُورهْم ومَنازِلهمْ، وتَكفِتُهُمْ أَمواتاً فِي بَطنها أَي تحفَظهُمْ وتحْرِزُهمْ.
قَالَ: ونَصْبهُ أَحياءً وأَمواتاً بِوقُوعِ الكِفاتِ عليهِ كأنَّكَ قلتَ: أَلمْ نجعلِ الأَرضَ كِفَاتَ أَحياءٍ وأَمْواتٍ فَإِذا نَوَّنْتَ نَصَبْتَ.
قَالَ وَيُقَال: وقعَ فِي النَّاس كَفْتٌ أَي مَوْتٌ.
وَيُقَال: كفتَهُ الله أَي قبَضهُ الله.
وَقَالَ: هَذَا جِرَابٌ كفيتٌ إِذا كَانَ لَا يُضيِّع شَيْئا مِما يَجْعَل فيهِ.
وجِرَابٌ كِفْتٌ مثله، ورجلٌ كَفيتٌ قَبيصٌ أَي خفيفٌ سريعٌ، وتَكفّتَ ثوبي إِذا تَشَمَّرَ وقلص.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اكفِتُوا صِبيَانَكم) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي ضُمُّوهمْ إِليكُمْ وَاحْبِسُوهم فِي البيوتِ، وَكلُّ شيءٍ ضَمَمْتَهُ إِليكَ فقد كفتهُ. وَقَالَ زُهَيرٌ:
ومُفاضَةٍ كالنِّهْيِ تَنْسُجُهُ الصَّبَا
بَيْضاءَ كَفَّتَ فَضْلَها بمُهنّدِ
يَصفُ دِرْعاً عَلّقَ لابسُهَا فُضولَ أَسافلها فَضَمّها إليهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَفْتُ: صَرْفُكَ الشيءَ عَن وجههِ تكفِتُهُ فَينْكفِتُ أَي يرجع رَاجعا، والكِفاتُ من العَدْوِ والطَّيرانِ كَالْحَيَدانِ فِي شدَّةِ.
والمكفِّتُ: الَّذِي يَلْبَسُ دِرعَينِ بَينهمَا ثوبٌ.
(قلت) : المكفِّتُ الَّذِي يلبس دِرعاً طَوِيلَة فَيضمُّ ذَيلهاَ بمعاليقَ إِلَى عُراً فِي وَسطها لتَشَمَّرَ عَن لَابسهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: والكَفْتُ: تَقليبُ الشيءِ ظهرا لِبَطْن وبَطناً لظهرٍ، وانكَفَتَ القومُ إِلَى مَنازِلهم أَي انقلَبُوا.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (حُبِّبَ إِلَيّ النساءُ والطّيبُ ورُزقْتُ الكَفِيتَ) أَي مَا أَكْفِتُ بِهِ مَعِيشَتيِ أَي أَضمُّها.
وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (ورُزِقْتُ الكَفِيتَ) أَي القُوّةَ فِي الْجِمَاع.
(قلت) : وَقَالَ بعضهمُ فِي قَوْله: رُزقْت الكفِيتَ، إِنَّهَا قِدْرٌ أُنْزِلْتُ لَهُ من السماءِ فأكلَ مِنْهَا وقويَ على الجماعِ بِمَا أَكل مِنْهَا.

(10/85)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَبي الْهَيْثَم فِي (الأمثالِ) لأبي عبيد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من أمثالهم فيمنْ يَظلمُ إنْسَانا ويحمِّلهُ مَكروهاً ثمَّ يزِيدهُ (كفْتٌ إِلَى وَئيّةٍ) ، والكِفْتُ فِي الأَصْل هِيَ القِدْرُ الصَّغِيرَة بِكَسْر الْكَاف، والوَئِيَّةِ هِيَ الْكَبِيرَة من القُدورِ.
(قلت) : هَكَذَا رَوَاهُ: كِفتٌ بِكسْرِ الكافِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: كَفْتٌ بالفتحِ للقدرِ.
(قلت) : وهما لُغتانِ كَفْتٌ، وَكِفْتٌ، وفرسٌ كَفِيتٌ وقبِيضٌ، وعَدْوٌ كَفِيتٌ أَي سريعٌ.
وَقَالَ رؤبة:
تَكادُ أَيديها تَهادَى فِي الزّهَقْ
مِنْ كَفْتِها شدّاً كإضْرَامِ الْحَرَق
والكَفْتُ فِي عَدْوِ ذِي الحافرِ: سُرْعةُ قَبْضِ اليَدِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ إِنَّه ليَكْفِتُني عَن حَاجَتي ويَعْفِتُنِي عَنْهَا أَي يحبِسُني عَنْهَا.
وَقَالَ شمر: عَدْوٌ كَفِيتٌ وكفَاتٌ: سَريع.
فتك: فِي الحَدِيث أَن رجلا أَتى الزُّبيرَ فَقَالَ لَهُ: أَلاَ أَقْتُلُ لَك عَليّاً. قَالَ: وكيفَ تَقتلهُ. قَالَ أَفتِكُ بهِ، فَقَالَ: سمعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (قيَّدَ الإِيمانُ الفَتْكَ، لَا يَفْتِكُ مؤمنٌ) .
قَالَ أَبو عبيد: الفَتْكُ، أَن يأتيَ الرجلُ صاحبَه وَهُوَ غافلٌ حَتَّى يشدَّ عَلَيْهِ فيقتلَه وإِن لم يكن أَعْطاهُ أَماناً قبل ذَلِك، وَلَكِن يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعلمهُ ذَلِك، وكلَّ من قتل رجلا غارّاً فَهُوَ فاتِكٌ.
وَقَالَ المُخبَّلُ السعديُّ:
وإِذ فَتَكَ النُّعمْانُ بالنَّاس مُحْرِماً
فَمُلِّىءَ من عَوْف بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
وَكَانَ النُّعْمَان بعث إِلَى بني عَوْف بن كَعْب جيْشاً فِي الشهرِ الحرامِ وهم آمِنون غارُّون فَقَتلَ فيهم وَسَبَى.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الفرّاء: الفَتْكُ، والفُتْكُ للرجل يَفْتِكُ بالرّجل: يَقْتلهُ مُجاهَرةً. وَقَالَ بَعضهم: الفِتْكُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء أَيْضا: فَتَكَ بِهِ وأَفْتَكَ وَذكر عَنهُ اللُّغَات الثَّلَاث.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: تَفَتَّكَ فُلانٌ بأمرهِ أَي مَضى عَلَيْهِ لَا يُؤامِرُ أَحداً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفَاتكُ: الجريءُ الصَّدْر. وَقَالَ فِي قَول رُؤْبة:
لَيْسَ امْرؤٌ يمْضِي بِهِ مَضَاؤُهُ
إِلاَّ امْرُؤٌ من فَتْكِهِ دَهَاؤُهُ
أَي مَعَ فَتْكهِ كَقَوْلِه: (الحَيَاء مِنَ الإيمَانِ) أَيْ هُوَ معهُ لَا يُفارِقهُ.
قَالَ: ومضاؤُه: نفَاذُهُ وذهابُهُ.
وَفِي (النَّوادر) : فَاتَكْتُ فلَانا مُفاتَكةً أَي دَاوَمتُه وَاسْتأْكلته، وإِبلٌ مُفاتِكَةٌ للحَمْض

(10/86)


ِ إِذا داوَمتْ عَلَيْهِ مُستأْكِلةً مُسْتمرِئَةً.
أَخبرني المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: فاتَكَ فُلانٌ فلَانا إِذا أَعْطاه مَا اسْتامَ بِبيْعِهِ، وفاتحهُ إِذا ساوَمَهُ وَلم يُعْطه شَيْئا.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أصل الفَتْكِ فِي اللغةِ: مَا ذكره أَبُو عبيد ثمَّ جَعَلوا كلّ من هَجَم على الْأُمُور العِظامِ فاتِكاً. قَالَ خَوَّاتُ بن جُبَيرٍ:
عَلَى سَمْنِها وَالْفَتْكُ مِنْ فَعَلاتِي
والغِيلة: أَن تخدَعَ الرّجل حَتَّى تخرجَه إِلَى مَوضِع يخفَى فِيهِ أَمره ثمَّ تَقتُله، وَفِي مثل: (لَا تَنفعْ حِيلة من غِيلة) .
ك ت ب
كتب، كبت، بتك، بَكت، تبك: مُستعملةٌ.
كتب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} (النُّور: 33) معنى الْكتاب وَالْمُكَاتبَة أَن يُكَاتب الرجل عَبده أَو أمته على مَال ينجمه عَلَيْهِ، ويكتبَ عَلَيْهِ أَنّه إِذا أدَّى نجومه وكل نجم كَذَا وَكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَإِذا وَفَّرَ على مَوْلَاهُ جَمِيع نجومه الَّتِي كَاتبه عَلَيْهِ عَتَقَ وَولاؤُه لمولاهُ الَّذِي كَاتبه، وَذَلِكَ أنَّ مَوْلَاهُ سَوَّغَه كَسْبَه الَّذِي هُوَ فِي الأصْلِ لِسَيده، فالسّيِّدُ: مُكاتِبٌ، والْعبد: مُكاتَب، إِذا تَفَرّقا عَن تراضٍ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي اتَّفَقَا عَلَيْهَا، سُمِّيت مُكاتبةً لما يُكتَبُ للْعَبد على السَّيد من العِتْق إِذا أدَّى مَا فُورقَ عَلَيْهِ، وَلما يُكتَبُ للسَّيِّد على العبْد من النُّجُوم الَّتِي يؤدِّيها وَقتَ حلولها، وأنَّ لَهُ تعجيزَه إِذا عَجَزَ عَن أَداءِ نَجْمٍ يحلُّ عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كَتَبْتُ السِّقاءَ أكْتُبُه كَتْباً إِذا خرزتَه، وكتبْتُ البَغلةَ أَكْتُبهَا كَتْباً إِذا خزمْتَ حَياءَهَا بحلقةٍ حديدٍ أَوْ صُفْرٍ تضمُّ شَفْريْ حيائِها، وَكَتَّبْتُ النَّاقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْت أَخْلافَها، وكَتَّبْتُ الكَتائِبَ إِذا عَبّأْتَهَا.
وَقَالَ شمر: كلُّ مَا ذكرَ أَبو زيدٍ فِي الكتْبِ: قريبٌ بعضُه من بَعْضٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جمعُكَ بَين الشيئيْنِ.
قَالَ: اكْتُبْ بَغْلتَكَ وَهُوَ أَنْ يضمَّ شَفْريْها بحلقةٍ، وَمن ذَلِك سُمِّيت الكتيبَةُ لِأَنَّهَا تَكتّبتْ فاجتمعت، وَمِنْه قيل: كَتَبْتُ الكتابَ لِأَنَّهُ يُجمعُ حرفا إِلَى حرْف.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : أَكْتَبْتُ القِرْبةَ وكَمْتَرْتها إِذا شددْتها بالْوِكاء.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي الإِكْتاب مثله.
(اللِّحْياني) : كتَّبْتُ الغلامَ تَكتِيباً، وأكْتَبْتهُ إِكْتاباً إِذا علَّمتَهُ الكتابَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُتّابُ: اسْم المكتَبِ الَّذِي يعلّمُ فِيهِ الصِّبيان.
وَقَالَ المَبّردُ المكتَبُ: مَوضِع التّعليم،

(10/87)


والمُكْتِبُ: المعَلِّم، والكُتَّاب: الصِّبيان.
قَالَ: وَمن جَعَلَ الموضعَ الكتابَ فقدْ أَخْطأَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال لصبْيانِ المَكْتَبِ: الفُرقان أَيْضا.
وَسمعت أَعرابيّاً يَقُول أَكْتبْتُ فَمَ السِّقاء فلمْ يَسْتكْتِبْ أَي لم يَستَوْكِ بجفَائهِ وَغلَظِه.
(اللَّيْث) : الكُتْبةُ: الخُرْزَةُ المضمومَةُ بالسّير، وجمعُها: كُتَبٌ، والنَّاقة إِذا ظُئِرَتْ على وَلَدِ غَيرهَا كُتِبَ مَنْخِراهَا بخيطٍ قبلَ حلِّ الدُّرْجَةِ عَنْهَا ليَكون أَرْأَمَ لَهَا.
وَكَتبْتُ الكتَابَ كَتْباً وكِتاباً، فالكتابُ: اسمٌ لما كُتِبَ مجموعاً، والكتابُ: مَصْدرٌ، والكتَابَةُ لمنْ تكون لَهُ صناعَةً كالصِّياغةِ والخياطَةِ، وَالكِتْبَةُ: اكْتتابُكَ كِتاباً تنْسَخُه، والكتِيبَةُ: جماعةٌ مُستحِيزةٌ فِي حيِّزٍ على حدةٍ.
وَالكِتْبَةُ: الاكْتِتابُ فِي الفَرْضِ والرِّزقِ.
وَيُقَال: اكْتتَبَ فلَان أَي كَتَبَ اسْمه فِي الفَرْضِ.
وَقَالَ ابْن عمرَ: منِ اكْتَتَبَ ضَمِناً بعثهُ الله ضَمِناً يومَ القيامةِ وهوَ الرّجُلُ مِنْ أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ لَهُ فِي الديوانِ فرضٌ فلمَّا نُدبَ للجهَادِ ذَكَرَ أَنَّه من الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنىَ وَهُوَ غيرُ ضَمِنٍ.
وَيُقَال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلَانا إِذا سَأَلهُ أَنْ يَكتُبَ لَهُ كتابا فِي حاجةٍ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الْفرْقَان: 5) ، أَي اسْتَكْتَبهَا.
وَالكِتَابُ يُوضَعُ مَوْضعَ الفَرْضِ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (الْبَقَرَة: 178) و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (الْبَقَرَة: 183) أَي فُرضَ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ} ، أَي فرضنَا.
وَمن هَذَا قَول النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجلينِ احتكمَا إِليه: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنكمَا بِكتَابِ الله) ، أَي بفرضِ الله تَنزيلاً أوْ أَمراً بيَّنهُ عَلَى لِسَانِ رسولهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجمعُ الكاتبِ: كُتَّابٌ وَكَتَبَةٌ، وقولُ الله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ} (النِّسَاء: 24) ، مصدرٌ أريدَ بهِ الفعلُ أَي كَتَبَ الله عَلَيْكُم، وهوَ قولُ حذَّاقِ النَّحْويينَ.
كبت: قَالَ الله جلَّ وعزّ: {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} (آل عمرَان: 127) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن} (المجادلة: 5) .
وروى الأثرمُ عَن أبي عُبيدة أَنه قَالَ: كَبَتَهُ الله لوجههِ أَي صرعَه لوجههِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الليثُ.
وَقَالَ: الكَبْثُ: صَرْعُ الرّجُلِ لوَجْههِ.

(10/88)


وَقَالَ أَبُو إسحاقَ الزجاجُ فِي قَوْله: {وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن} (المجادلة: 5) معنى كُبِتُوا: أُذِلُّوا وأُخِذُوا بالعذَابِ بأنْ غُلبوا كَمَا نزلَ بمنْ قبلهُمْ ممّنْ حادّ الله.
(سَلمَة عَن الفرّاء) : فِي قولهِ كُبِتوا أَي غِيظُوا وأُحِزنوا يومَ الخَنْدَقِ كَمَا كُبِتَ مَنْ قاتلَ الأنبياءَ قَبْلَهُمْ.
(قلت) : وَقَالَ بعض من يحتجُّ لقولِ الفرّاءِ: أَصلُ الكَبْتُ: الكَبْدُ فقلبتِ الدّالُ تَاء، أُخِذَ ذَلِك من الكَبِد وهوَ موضعُ الغَيْظِ والحقْدِ، فكأنّ الغَيْظَ لما بلغَ منهمْ مبلغَ المَشَقة أَصابَ أكْبَادهم فأَحْرَقهَا. ولذلكَ يقالُ لِلأَعدَاء سُودُ الأكْبَادِ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِيمَا روى أَبُو عبيدٍ عَنهُ: الكَبْتُ والوَقْمُ: كسْرُ الرجُلِ وإِخزَاؤُهُ.
بَكت: (أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : التَّبْكيتُ والبَكْعُ: أَن تستقبِلَ الرُّجلَ بِمَا يكرَهُ.
وَقَالَ الليثُ: بكَّتَهُ بالعصا تبكيتاً، وبالسيفِ ونحوهِ.
وَقَالَ غيرهُ: بَكَّتَهُ تبكيتاً إِذا قَرّعهُ بالعَذْلِ تقريعاً.
وَقَالَ بَعضهم فِي تَفْسِير قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِذا الموءودة سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} (التكوير: 8، 9) سُؤالُهَا تَبْكيتٌ لوائدِهَا.
بتك: البَتْكُ: القطعُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلَيُبَتِّكُنَّءَاذَانَ الاَْنْعَامِ} (النِّسَاء: 119) .
قَالَ أَبُو العبّاس: أيْ فَليقَطِّعُنَّ.
(قلتُ) : كأنَّهُ أَراد وَالله أعلمُ تبحيرَ أهلِ الجاهليَّةِ آذانَ أَنعامهمْ وقطعهم إيّاها.
وَقَالَ الليثُ: البَتْكُ: قطعُ الأذنِ مِنْ أَصلهَا.
قَالَ: والبَتْكُ: أَن تقبضَ عَلَى شعرٍ أَوْ ريشٍ أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ تجذبُهُ إِليك فينبِتكُ من أَصله أَي ينتَتِفُ، وكلُّ طاقةٍ من ذَلِك صَارَت فِي يدكَ فاسمُهَا بِتْكَةٌ.
وَمِنْه قَول زهيرٍ:
طارتْ وَفِي كفّهِ من ريشهَا بِتَكُ
وَقَالَ غَيره: سيفٌ باتكٌ أَي قاطعٌ، وسيوفٌ بواتكُ.
(أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيُّ) : بَتَكْتُ الشَّيْء أَي قطعتهُ.
تبك: قَالَ اللَّيثُ: تَبُوكُ: اسمُ أرضٍ.
(قلت) : إِن كَانَت التَّاء أَصليةً فِي تَبُوكَ فَهِيَ فعولٌ من تَبَكَ وَلَا أَعرفُهُ فِي كلامِ العربِ، وَإِن كانَتِ التّاء تاءَ الاستقبَالِ فَهِيَ من بَاكَتْ تَبُوكُ، وَقد فُسِّرَ فِي بَابه.
ك ت م
كتم، كمت، متك، مكت، تمك، تكم: مستعملة.

(10/89)


كتم: قَالَ اللّيثُ: الكَتَمُ: نباتٌ يخلطُ بالوسْمَة للخضَابِ الأسْوَدِ.
(قلت) : الكَتَم: نبتٌ فِيهِ حمرةٌ، ورويَ عَن أبي بكرٍ أنّهُ كانَ يَخْتَضِبُ بالحِنَّاءِ والكَتَمِ.
وَقَالَ أميّة ابْن أبي الصَّلْت:
وشَوَّذَتْ شمسُهُمْ إِذا طلعتْ
بالْجُلبِ هِفًّا كأنّهُ كَتَمُ
وَقَالَ بعض الهذليينَ:
ثُمّ يَنُوشُ إِذا آدَ النهارَ لَهُ
على الترقُّب من نِبمٍ وَمن كَتَمِ
وَقَالَ اللّيثُ: الكِتمانُ: نَقيضُ الإعلانِ، وناقةٌ كَتُومٌ وَهِي الَّتِي لَا ترغو إِذا رُكِبتْ.
وَقَالَ الْأَعْشَى أَو غَيره:
كَتومُ الهَوَاجرِ مَا تَنْبَسُ
وَقَالَ الطرماحُ:
قد تجاوزتُ بهِلْواعَةٍ
عُبرِ أَسفارٍ كَتُومِ البُغَامِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من القِسيّ: الكتومُ وَهِي الَّتِي لَا شقَّ فيهَا. وَقَالَ أَوْس ابْن حجرٍ يصفُ قوساً:
كَتُومٌ طلاعُ الكفّ لَا دونَ مِلئها
وَلَا عَجْسهَا عَن موضعِ الكفّ أَفضلاَ
وَقَالَ اللّيثُ: الكاتمُ منْ القسيّ: الَّتِي لَا تُرِنُّ إِذا أُنبضَتْ وربَّما جاءَت فِي الشعرِ كاتِمة.
(قلت) : والصوابُ مَا قَالَ الأصمعيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كتمَتِ المَزَادةُ تَكتم كُتُوماً إِذا ذهبَ مرَحُهَا وسيلانُ الماءِ من مَخَارزهَا أَولَ مَا تشَرَّبُ، وَهِي مزادةٌ كتوم.
قَالَ: وكَتَمَتِ الناقةُ فَهِيَ كَتُومٌ ومِكْتامٌ إِذا كَانَت لَا تشُولُ بذنبهَا وَهِي لاقحٌ.
وأنشدني فِي صفةِ فحلٍ منْ فُحولِ الإِبل:
فهْوَ لجَوْلانِ القِلاص شَمّامْ
إِذا سمَا فوقَ جَموحٍ مكْتامْ
جولانُ القلاص: صغارُها. وكتمانَ: اسمُ بلد فِي بِلَاد قيسٍ.
(ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ) : الكَتِيمُ: الْجمل الَّذِي لَا يَرغو، والكَتِيمُ: الْقوس الَّتِي لَا تَنشقُّ.
كمت: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكمِيت الطَّوِيل التَّامُّ من الشهورِ والأعْوام.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُميْتُ: لونٌ لَيْسَ بأَشقَرَ وَلَا أَدهمَ، وَكَذَلِكَ الكُميْتُ من أَسمَاء الْخمر فِيهَا حُمرة وسوادٌ، والمصدرُ: الكُمتَةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرقُ مَا بَين الكميْتِ والأشْقر فِي الْخَيل بالعُرْف والذَّنَبِ فَإِن كانَا أَحمريْن فَهُوَ أَشْقَرُ، وَإِن كَانَا أَسْودين فَهُوَ كميْتٌ.
قَالَ والوردُ بَينهمَا، والكُميْتُ للذَّكَرِ

(10/90)


وَالْأُنْثَى سَوَاء.
يُقَال: مُهْرةٌ كميْتٌ، جاءَ عَن الْعَرَب مُصغَّراً كَمَا ترى.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي ألوانِ الإِبلِ: بَعيرٌ أَحمر إِذا لم يُخالطْ حُمرته شيءٌ، فَإِن خالط حُمرته قُنُوءٌ فَهُوَ كميْتٌ، وناقةٌ كميْتٌ، فَإِن اشْتدَّتِ الكُمتَةُ حَتَّى يدخلهَا سوادٌ فَتلك الرُّمكَةُ، وبعيرٌ أَرَمكُ، فَإِن كَانَ شَدِيد الحمرةِ يخلِطُ حُمرته سوادٌ لَيْسَ بخالصٍ فتلْك الكُلْفَة وَهُوَ أَكْلَفُ، وناقةٌ كلْفَاءُ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: تمرةٌ كميْتٌ فِي لَوْنهَا وَهِي من أَصلَبِ التُمرَانِ لحِاءً وأَطيَبها ممَضَغةً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
بكلُّ كميْتٍ جَلدةٍ لم تُوَسَّفِ
متك: قرأَ أَبُو رَجَاء العُطارديُّ فِيمَا يرْوى عَن الأعمشِ عَنهُ {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) على فُعْلٍ.
وروى سَلمَة عَن الْفراء فِي تفسيرِه: وَاحِدَة المُتْكِ، مُتْكَةٌ، وَهِي الأُتْرجة.
وروى أَبُو روقٍ عَن الضحاكِ أَنه قرأَ (مُتْكاً) ، وَفَسرهُ بزماوَرْد.
وحَدثني الْمُنْذِرِيّ عَن عثمانَ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن فضيْلٍ عَن حصينٍ عَن مجاهدٍ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) .
قَالَ الأُترُجُّ (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ المُتْك: طَرَفُ الزُّبِّ من كل شَيْء، وَالْمَرْأَة المتكاءُ: البَظْراءُ.
وَقَالَ غَيره: المَتْكُ والبَتْكُ: القَطْع، وسمِّيتِ الأترجة مُتْكاً لِأَنَّهَا تُقطع.
وَقَالَ اللَّيْث: المُتْك: أنف الذبابِ.
قَالَ والمُتْكُ من الْإِنْسَان: وَتَرَتُه أَمامَ الإحْلِيل، وَمن الْمَرْأَة: عِرْقُ بَظْرها، وَلذَلِك قيل فِي السَّبِّ ياابْنَ المَتْكَاء، أَي عظيمةِ ذَلِك.
القتيبي: المَتْكاء: الَّتِي لَا تحبس بولها، وَقيل: هِيَ الَّتِي لم تُخْفَضْ.
(عَمْرو عَن أَبيه) : المُتْكُ: الأُتْرُجُّ، والمُتكُ: الزَّمَاوَرْدُ، والمُتْكُ: عِرْقٌ فِي غُرْمُولِ الرَّجُل.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: زَعَمُوا أنّه مَخْرَجُ المَنِيِّ.

(10/91)


مكت: أهمله اللَّيْث.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ يُقَال: اسْتَمْكَتَ العُدُّ فافْتَحْهُ، والعُدُّ: البثْرَةُ، واستِمكاتُها: أَن تمتلىءَ قَيْحاً، وفتحُها: فضخُها عَن قَيْحِها.
تمك: قَالَ اللَّيْث: تَمَكَ السَّنامُ تُموكاً إِذا تَرَّ واكتَنز.
(أَبُو عبيد) : التَّامِكُ: السَّنَام، وَيُقَال: بِناءٌ تامِكٌ أَي مُرْتفع.
تكم: قَالَ اللَّيْث. تُكْمَةُ: بنتُ مُرَ. قلت: وَلَا أَدري ممَّ اشْتُقَّ.

(أَبْوَاب) الْكَاف والظاء)
ك ظ ذ ك ظ ث: أهملت.
ك ظ ر
كظر: (مستعملة) .
كظر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي سِيَةِ القَوْس: الكُظْرُ وَهُوَ الفَرْضُ الَّذِي فِيهِ الوَتَر.
وَقَالَ اللَّيْث: وجمعُه: الكِظَارُ، يُقَال: كظَرها كَظْراً.
قَالَ: والكُظْرةُ أَيْضا: الشَّحمة الَّتِي قد اقتمَّت الكُلْية فَإِذا انتُزعَت الكُلْية كَانَ موضعُها كُظْراً، وهما الكُظران.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ والشَّيْبَانيُّ: الكُظر: جانبُ الفَرْج، وَجمعه: أَكْظارٌ: وأَنشد:
واكْتَشَفَتْ لناشِىءٍ دَمَكْمَكِ
عَن وَارِمٍ أَكظَارُه عَضَنَّكِ
وَيُقَال: اكظُرْ زَنْدَتَك أَي حُزَّ فِيهَا فُرْضةً.
ك ظ ل: مهمل.
ك ظ ن
نكظ، كنظ: (مستعملان) .
نكظ: (أَبُو زيد) : نَكِظَ الرَّحِيلُ نَكَظاً إِذا أَزِفَ، وَقد نَكِظْتُ لِلْخُرُوجِ، وَأَفِدْتُ لَهُ نَكَظاً وأَفَداً.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّكَظَةُ من العَجَلة.
وَأنْشد:
قد تجاوَزْتُها عَلَى نَكَظِ المَيْ
طِ إِذا خَبَّ لامعاتُ الآلِ
وَقَالَ الأصمعيُّ: أَنْكَظتُه إنْكَاظاً إِذا أَعْجَلْتَه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: إِذا اشتدَّ على الرجل السفَر وبَعُد، قيل: قد تنكَّظَ، فَإِذا التَوى عَلَيْهِ أَمرُه فقد تعكَّظَ.
كنظ: قَالَ اللَّيْث: الكَنْظُ: بُلُوغ المشقَّة من الْإِنْسَان، يُقَال: إِنّهُ لمكنُوظٌ مُغْنوظٌ وَقد كَنظَه الْأَمر يَكنِظُه كَنظاً.
وَقَالَ النضْر: غنَظه وكَنظه يَكنِظُه وَهُوَ الكرب الشَّديد الَّذِي يُشفِي مِنْهُ على الْمَوْت.

(10/92)


وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت أَبا مِحْجَنٍ يَقُول: غَنَظه وكَنَظه إِذا ملأَهُ وغمَّه.
ك ظ ف: مهملٌ.
ك ظ ب
كظب: (مُسْتَعْمل) .
كظب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: حَظَب يَحظِبُ حُظوباً، وكَظب يَكظب كُظوباً إِذا امْتَلَأَ سِمَناً.
ك ظ م
اسْتعْمل من وجوهه: كظم.
كظم: قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ} (آل عمرَان: 134) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي أُعدَّت الْجنَّة للَّذين جرَى ذِكرهم وللَّذِينَ يكظِمون غيظَهم.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا من جُرْعةٍ يتجرّعها الْإِنْسَان أعظمَ أَجْراً من جُرعة غيْظٍ مخافةَ الله) .
وَيُقَال: كظمْتُ الغيظ أكظِمُه كَظْماً إِذا أَمْسكتَ على مَا فِي نفسِكَ مِنْهُ.
وَيُقَال: كَظَم البعيرُ على جِرَّتِه إِذا ردَّدها فِي حَلْقه، وكظَم البعيرُ إِذا لم يَجْتَرَّ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فأَفَضْنَ بَعد كُظومهنَّ بجِرَّةٍ
مِن ذِي الأبارِق إذْ رَعَيْنَ حقِيلا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكِظَامةُ: العَقَبُ الَّذِي على رُؤوس القُذَذِ مِمَّا يَلِي حَقْو السهْم وَهُوَ مُستدقُّه مِمَّا يَلِي الرِّيش.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَى كِظَامةَ قومٍ فتوضّأَ فِيهِ وَمسح على خُفّيْه) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن الكِظَامةِ وغيرَه من أهل الْعلم فَقَالُوا: هِيَ آبار تُخْفَرُ ويُباعَدُ مَا بَينهَا ثمَّ يُخْرَق مَا بَين كل بئرَين بقناةٍ تؤدِّي الماءَ من الأولى إِلَى الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يجْتَمع المَاء إِلَى آخِرهِنَّ. وإنَّما ذَلِك من عَوَز المَاء ليبقى فِي كل بِئْر مَا يحتاجُ إِلَيْهِ أهلُها للشربِ وسَقْي الأرضِ ثمَّ يخرج فضلُها إِلَى الَّتِي تَلِيها، فَهَذَا معروفٌ عِنْد أهل الْحجاز.
وَفِي حَدِيث آخر: (إِذا رَأَيْتَ مَكةَ قدْ بُعِجَتْ كظَائمَ وسَاوَى بِنَاؤُها رُؤوسَ الجِبَالِ فاعْلمْ أنَّ الأمرَ قَدْ أَظَلَّكَ) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هِيَ الكَظِيمةُ، والكِظَامةُ.
وكاظِمَةُ: جَوٌّ عَلَى سِيفِ الْبَحْر مِن البَصرة على مرحلَتَيْنِ، وفيهَا رَكايَا كثيرةٌ، وماؤها شَرُوبٌ، وأنشدني أَعْرَابِي من بني كُلَيْبِ بن يَرْبُوع:
ضَمِنْتُ لَكُنَّ أَن تَهْجُرْنَ نَجْداً
وأَنْ تَسْكُنَّ كاظِمَةَ البُحُورِ
وَقَالَ اللَّيْث: كظمَ الرجلُ غيظَه إِذا اجْترَعَه، وكظَمَ البعيرُ جِرَّتَه إِذا ازْدَرَدَها وكَفَّ عَنْهَا وناقةٌ كظُومٌ، ونُوق كُظومٌ إِذا

(10/93)


لم تجترَّ، والكظَمُ: مَخْرَج النَفس، يُقَال: كظَمَني فلَان، وَأخذ بكظَمِي.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أخذتُ بكِظَامِ الْأَمر أَي بالثقة.

(أَبْوَاب الْكَاف والذال)
ك ذ ث: مهمل.
ك ذ ر
اسْتعْمل من وجوهه: ذكر.
ذكر: (الْحَرَّانِي) ، عَن ابْن السّكيت: عَن أبي عُبَيْدَة: يُقَال: مَا زالَ ذَاك مِنِّي على ذِكْر وذُكْرٍ.
وَقَالَ الْفراء: الذِّكْرُ: مَا ذكرْتَه بلسانك وأظهرْتَه.
قَالَ: والذُّكْرُ بِالْقَلْبِ.
يُقَال: مَا زالَ منِّي عَلَى ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الذِّكْرُ: الحفظُ للشَّيْء تَذكُرُه، والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيءِ على لسَانك.
قَالَ: والذِّكْرُ: ذِكر الشّرف، والصوتُ قَالَ الله تَعَالَى: {مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} (الزخرف: 44) والذِّكْر: الكتابُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيل الدِّين، وكلُّ كتابٍ من كُتبِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ذِكْرٌ، والذِّكْرُ: الصَّلَاة لله تَعَالَى، والدعاءُ والثناءُ.
وَفِي الحَدِيث: (كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام إِذا حَزَبَهم أمرٌ فزِعوا إِلَى الذِّكر أَي إِلَى الصَّلَاة يقومُونَ فيُصلونَ، وَذكر الحقِّ هُوَ الصَّكُّ وجمعُه: ذُكُور حقوقٍ) .
ويُقال: ذُكورُ حقَ، والذِّكْرى: اسْم للتذكِرة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الذكْرُ: الصَّلاةُ، والذكْرُ قِرَاءَة الْقُرْآن، والذِّكْرُ: التسبيحُ، والذِّكر: الدُّعَاء، والذكرُ: الشُّكْرُ، والذَّكْرُ: الطَّاعَة.
قَالَ: وَمعنى قَوْله جلّ وَعز: {الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ} (العنكبوت: 45) فِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن ذِكْرَ الله إِذا ذَكَره العبدُ خير للْعَبد مِن ذكر العَبْد للْعَبد.
وَالْوَجْه الآخر: أَن ذكرَ الله يَنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر أكبرَ مِمَّا تنْهى الصَّلَاة.
وَقَول الله تَعَالَى: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الْأَنْبِيَاء: 60) .
قَالَ الْفراء فِيهِ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: {أَهَاذَا الَّذِى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} (الْأَنْبِيَاء: 36) .
قَالَ: يُرِيد: يِعيب آلِهَتكُم.
قَالَ: وَأَنت قائلٌ للرجل: لَئِن ذكَرْتني لتَندَمنّ، وَأَتَتْ تريدُ: بسوءٍ فَيجوز ذَلِك.
قَالَ عنترة:
لَا تَذْكُرِي فَرَسي ومَا أَطْعَمْتُه
فَيَكونَ جِلْدُكِ مِثلَ جِلْدِ الأجْربَ
أَي لَا تعيبي مُهري، فَجعل الذِّكْرَ عَيْبا.

(10/94)


(قلت) : وَقد أنكر بعضُهم أَن يكون الذِّكْرُ عَيْبا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول عنترة:
لَا تَذْكُرِي فَرَسي ...
مَعْنَاهُ: لَا تُولَعِي بِذكرِهِ، وذِكْرِ إِيثارِي إِياه باللَّبنِ على الْعِيَال.
وَقَالَ الزّجاج نَحوا من قَول الْفراء.
وَقَالَ: يُقَال: فلانٌ يذكُر الناسَ أَي يغتابُهم وَيذكر عيوبَهم، وفلانٌ يذكُر اللَّهَ أَي يصِفه بالعظمة ويُثني عَلَيْهِ ويوحِّدُه، وَإِنَّمَا يحدف مَعَ الذِّكر مَا عُقِل مَعْنَاهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الذَّكَرُ: مَعْرُوف وجمعُه: الذِّكَرَة، وَمن أَجله يُسمى مَا يَلِيهِ المَذَاكِيرُ، وَلَا يفرَدُ، وإنْ أُفرِدَ فَمُذْكِرٌ، مِثل: مُقْدِم ومقاديم.
والذَّكَرُ: خلاف الْأُنْثَى، وَيجمع الذُّكُورَ، والذُّكُورَةَ، والذِّكارَةَ، والذُّكْرَان.
وَقَالَ: الذَّكَرُ من الْحَدِيد: أَيبسهُ وأشدُّه، وَلذَلِك سُمِّيَ السيفُ مُذَكّراً ويذكَّرُ بِهِ القَدُومُ والفأسُ وَنَحْوه أعْنِي بالذَّكَرِ من الْحَدِيد، وامرأةٌ مُذَكَّرَةٌ، وناقةٌ مُذَكَّرةٌ إِذا كَانَت تُشْبِه فِي خِلقتها الذكَرَ أَو فِي شمائلها الرجلَ أَعْنِي الْمَرْأَة.
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا ولدت ذَكَراً قد أَذَكَرَت فَهِيَ مُذْكِرٌ، فَإِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن تَلِدَ الذُّكورَ فَهِيَ مِذْكارٌ، والرجلُ أَيْضا مِذْكارٌ.
وَيُقَال للحُبْلَى، على الدعاءِ: أيْسَرْتِ وأَذْكَرْتِ.
والاستذكارُ: الدِّراسَةُ للْحِفْظ، والتَّذَكُّرُ، تذكُّرُ مَا أُنْسِيتَهُ.
وَقَالَ كَعْب:
وعرفتُ أنِّي مُصْبِحٌ بمَضِيعَةٍ
غَبْرَاءَ تعزِفُ جِنُّها مِذْكارِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَلاَةٌ مِذْكار: ذاتُ أهوالٍ، وَقَالَ مَرَّةً: لَا يسلكها إِلَّا الذَّكَرُ من الرِّجال، ويومٌ مُذَكّر إِذا وُصِفَ بالشدةِ والصعوبة وَكَثْرَة الْقَتْل. وَقَالَ لبيد:
فإِن كنتِ تَنْعَيْنَ الكرامَ فأَعْوِلِي
أَبَا حازمٍ فِي كلِّ يَوْم مُذكَّرِ
وطريقٌ مُذْكِرٌ: مَخُوفٌ صعبٌ، وفلاة مُذْكِرٌ: تُنبت ذكورَ البُقول، وذُكُورُه: مَا خشُنَ مِنْهُ وغَلُطَ، وأَحْرَارُ البُقُول: مَا رقَّ مِنْهُ وَطَالَ، وداهيةٌ مُذكِرٌ: شَدِيدَة.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وداهيةٍ عمياءَ صمَّاء مُذكِرِ
تَدُرُّ بِسَمَ فِي دَمٍ يتحلَّب
ورجلٌ ذَكَر إِذا كَانَ قويّاً شجاعاً أَنِفاً أَبِيّاً، ومَطر ذكرٌ: شديدٌ وابلٌ.
قَالَ الفرزدق:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبلاليقِ قد رعتْ
بِمُسْتَنِّ أَغْيَاثٍ بُعَاقٍ ذكورها
وَقَول ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِينٌ، وشِعْر ذكَرٌ: فَحْلٌ.

(10/95)


(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المُذَكَّرَةُ وَهِي سيوف شَفَراتُها حَدِيد ذكَرٌ، ومُتونها: أَنيثٌ، يقولُ النَّاس إِنَّهَا من عمل الْجِنّ.
(أَبُو زيد) : ذهبتْ ذُكْرَةُ السَّيْفِ والرجلِ، أَي حِدته.
وَقَالَ الْفراء: يكون الذِّكْرَى بِمَعْنى الذِّكْر، وَيكون بِمَعْنى التَّذكير فِي قَوْله: {) وَالاَْبْصَارِ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} (ص: 46) .
ك ذ ل
كلذ: (اسْتعْمل مِنْهُ) :
كلذ: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكِلْوَاذُ: تَابوتُ التَّوْراة.
وكلْوَاذَي: قَرْيَة أسفلَ بَغْدَاد.
ك ذ ن
كذن: (اسْتعْمل مِنْهُ) :
كذن: قَالَ اللَّيْث: الكَذَّانَةٌ: حِجَارَة كَأَنَّهَا المَدَرُ فِيهَا رَخاوةٌ، وَرُبمَا كَانَت نَخِرَةً وجمعُها: الكَذَّانُ.
يُقَال: إِنَّهَا فَعْلانَةٌ، وَيُقَال: فَعَّالَةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَذّانُ: الْحِجَارَة الَّتِي لَيست بصُلْبةٍ.
ك ذ ف: مهمل.
ك ذ ب
كذب، ذكب: (مستعملان) .
كذب ذكب: قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) وقرىء ( ... لَا يُكْذِبونَكَ) قَالَ معنى التَّخْفِيف وَالله أعلم لَا يجعلونك كذَّاباً، وأنَّ مَا جِئْت بِهِ بَاطِل لأَنهم لم يجربوا عَلَيْهِ كَذِباً فَيُكْذِبوه، إِنَّمَا أكذبوه، أَي قَالُوا إِنَّمَا جِئْت بِهِ كَذِبٌ لَا يعرفونه من النُّبُوَّةِ.
وَقَالَ الزّجاج: معنى كذّبْتُهُ: قلت لَهُ كذبْتُ، وَمعنى أكذبْتُهُ: أَرَيْتُهُ أَن مَا أتَى بِهِ كذِب.
قَالَ وَتَفْسِير قَوْله: { ... لاَ يُكَذِّبُونَكَ} لَا يقْدِرُون أَن يَقُولُوا لَك فِيمَا أَنبَأت بِهِ مِمَّا فِي كُتبهم كذبْتَ.
قَالَ وَوجه آخر { ... لاَ يُكَذِّبُونَكَ} بقلوبهم أَي يعلمُونَ أَنَّك صَادِق.
قَالَ وجائزٌ أَن يكون: فَإِنَّهُم لَا يكذِّبونك أَي أَنْت عِنْدهم صَدُوقٌ، وَلَكنهُمْ جَحَدُوا بألسنتهم مَا تشهد قُلُوبهم بكذبهم فِيهِ، وَقَوله جلّ وعزّ: {وَجَآءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} (يُوسُف: 18) .
جَاءَ فِي التَّفْسِير أنَّ إِخوةَ يوسفَ لما طرحوه فِي الْجُبِّ أخذُوا قَمِيصه وذبحوا جَدْياً فلَطَّخُوا الْقَمِيص بدمِ الجَدْي، فَلَمَّا رأى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام الْقَمِيص قَالَ: كَذبْتُمْ لَو أكله الذئبُ لخرَّقَ قَمِيصه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: (بِدَمِ كذِبٍ) ،

(10/96)


مَعْنَاهُ: مَكْذُوب.
قَالَ وَالْعرب تَقول للكذِبِ: مَكْذُوب وللضعفِ مضعوف، وللجَلد مجلود، وَلَيْسَ لَهُ مَعْقودُ رأيٍ يُرِيدُونَ عَقْد رأيٍ فيجعلون المصادر فِي كثيرٍ من كَلَامهم مَفْعُولا.
وَحكي عَن أبي ثَرْوَان أَنه قَالَ: إنَّ بني نُميرٍ لَيْسَ لِحِدِّهم مَكذُوَبةٌ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: بِدَمٍ كَذِبٍ فَجعل الدَّمَ كذبا لِأَنَّهُ كُذِبَ فِيهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ} (الْبَقَرَة: 16) .
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هُوَ مصدر فِي معنى مفعول، أَرَادَ بدمٍ مَكذُوب.
وَقَالَ الزّجاج: بدمٍ كَذِبٍ أَي ذِي كَذبٍ، وَالْمعْنَى: مكذوبٌ فِيهِ.
ابْن الأنباريِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) .
قَالَ سألَ سَائل: كيفَ خَبَّرَ عَنْهُم أَنهم لَا يكذِّبون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَقد كَانُوا يظهرون تَكْذِيبه ويخفونه.
قَالَ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحدهَا: فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك بقلوبهم بل يكذبُونَك بألسنتهم.
وَالثَّانِي: قراءةُ نافعٍ والكسائيّ ورُوِيت عَن عليّ صلوَات الله عَلَيْهِ (فَإِنَّهُم لَا يُكذِبُونَك) بِضَم الْيَاء وتسكين الْكَاف على معنى لَا يُكْذِبُونَ الَّذِي جِئْت بِهِ إِنَّمَا يجحدونَ آيَات الله ويتعرَّضون لعقوبته، وَكَانَ الكسائيُّ يحتجُّ لهَذِهِ الْقِرَاءَة بِأَن الْعَرَب تَقول: كذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلَى الْكَذِب، وأكذبته إِذا أخْبَرْتَ أنَّ الَّذِي يحَدِّثُ بِهِ كذب.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَيُمكن أَن يكونَ {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) أَن يكونَ بِمَعْنى لَا يجدونك كذّاباً عِنْد الْبَحْث والتَّدَبُّر والتفتيش.
وَالثَّالِث: أَنهم لَا يكذّبونك فِيمَا يجدونه مُوَافقا فِي كِتَابهمْ لِأَن ذَلِك من أعظم الْحجَج عَلَيْهِم.
وَقَالَ جلّ وَعز: (حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كُذِّبوا) (يُوسُف: 110) قرأهُ أهل الْمَدِينَة وَهِي قراءةُ عَائِشَة بِالتَّشْدِيدِ وضمِّ الْكَاف.
رَوَى عبد الرَّزَّاق عَن مَعْمَرٍ عَن الزُّهرِيّ عَن عُروَةَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كذَّبهم من قَومهمْ أَن يصدِّقوهم، وظنت الرُّسل أَن مَنْ قد آمنَ من قَومهمْ قد كذبوهم جَاءَهُم نصر الله، وَكَانَت تقرؤه بِالتَّشْدِيدِ، وَهِي قِرَاءَة نَافِع وَابْن كثيرٍ وَأبي عَمْرو وَابْن عامرٍ، وقرأَ عَاصِم وَحَمْزَة والكسائيّ (كُذبوا) بِالتَّخْفِيفِ.
ورَوَى حَجَّاجٌ عَن ابْن جُرَيْجٍ عَن ابْن أبي مُلَيْكة عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: (كُذِبُوا)

(10/97)


بِالتَّخْفِيفِ وَضم الْكَاف.
وَقَالَ: كَانُوا بشرا يَعْنِي الرُّسل يذهبُ إِلَى أَن الرُّسلَ ضَعُفوا فظنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا.
(قلت) : إنْ صَحَّ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس فَوجْهُهُ عِندي وَالله أعلم أَن الرُّسُلَ خَطَرَ فِي أَوهامِهم مَا يخطُرُ فِي أَوْهامِ البَشَرِ من غير أَن حَقَّقوا تِلْكَ الخواطرَ وَلَا رَكَنُوا إِلَيْهَا وَلَا كَانَ ظنُّهمْ ظَنّاً اطْمأْنُّوا إليهِ، وَلكنه كَانَ خاطراً يَغْلِبهُ اليَقينُ، وَقد رَويْنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تجَاوز اللَّهُ عَن أُمَّتي مَا حَدَّثَتْ بهِ نَفسهَا مَا لم يَنطِقْ بِهِ لِسانٌ أَو تَعْملْهُ يَد) فَهَذَا وجهُ مَا روى ابْن أَبي مُليكة عَن ابْن عباسٍ.
وَقد رُوِيَ عَنهُ فِي تفسيرهَا غَيره.
روى سُفيانُ الثّوري عَن حُصْين بن عمرَان بن الْحَارِث عَن ابْن عَبَّاس أَنه قرأَ (حَتَّى إِذا اسْتيأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمِهم الإجابةَ وظَنَّ قَوْمُهُمْ أَن الرُّسُلَ قد كَذبتْهُمُ الوعيدَ) .
(قلت) : وَهَذِه الروايةُ أَسلم، وبالظاهِر أَشْبَهُ، وممَّا يُحقِّقُها مَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَيرٍ أَنه قَالَ: (اسْتيْأسَ الرُّسُلُ من قَومهمْ وظنَّ قَومُهمْ أنَّ الرُّسُلَ قد كُذِبُوا جاءَهم نَصْرُنَا) .
وَسَعِيد بن جُبيرٍ أَخذَ التَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس، وقرأَ بَعضهم: (وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبُوا) أَي ظَنَّ قَوْمُهمْ أَنَّ الرسُلَ قد كَذَبُوهمْ.
(قلت) : وأَصَحَّ الأقاويلِ مَا رَوَينَا عَن عائشةَ، وبقرَاءتها قرأَ أهلُ الْحَرَمَيْنِ وأهلُ البَصْرَةِ وأَهلُ الشامِ.
وَقَول الله جلّ وَعز: {الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (الْوَاقِعَة: 2) .
قَالَ الزجاجُ أَي لَيْسَ يَرُدُّها شيءٌ كَمَا تَقول: حَمْلةُ فلانٍ لَا تَكْذِبْ أَي لَا يَرُدُّ حَمْلتَهُ شيءٌ.
قَالَ: وكاذبةٌ مَصدَرٌ كقولكَ: عافاهُ الله عافِيةً، وكذلكَ كَذَبَ كاذِبةً، وهذهِ أَسماءٌ وُضعَتْ مَواضعِ المصادِر.
وَقَالَ الْفراء: فِي قولهِ: {الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (الْوَاقِعَة: 2) .
يَقُول: لَيْسَ لَهَا مَرْدُودٌ وَلا رَدٌّ فالكاذبةُ هَا هُنَا مَصْدرٌ.
يُقَال: حَمَلَ فَمَا كذَبَ، وَقَول الله جلّ وعزّ: {أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (النَّجْم: 11) يَقُول: مَا كَذبَ فُؤَادُ مُحمدٍ مَا رَأَى، يَقُول: قد صَدقَة فؤادُه الَّذِي رَأَى، وقُرىء (مَا كَذَّبُ الفؤادُ مَا رَأَى) وَهَذَا كلَّهُ قَول الفراءِ.
وروى المنذريُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قولهِ: {أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (النَّجْم: 11) أَي لم يَكذِبِ الفؤادُ رُؤيتَهُ، وَمَا رأَى بِمَعْنى الرؤيةِ كقولكَ: مَا أنْكرتُ

(10/98)


مَا قَالَ زيدٌ أَي قَول زيدٍ.
وَيُقَال: كذَبني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْنِي فَقَالَ لي الكذِبَ.
وَأنْشد قَول الأخْطَلِ:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رأَيتَ بِواسِط
غَلَسَ الظَّلاَمِ من الرَّياب خَيَالاَ
مَعْنَاهُ أوْهمتكَ عَينُكَ أَنَّهَا رأتْ وَلم ترَ، يَقُول مَا أَوْهَمهُ الفؤادُ أَنه رأى وَلم يرَ، بل صَدَقه الفؤادُ رؤيتَهُ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً} (النبأ: 28) .
وَقَالَ: { (دِهَاقاً لاَّ يَسْمَعُونَ} (النبأ: 35) .
قَالَ الفراءُ: خَفَّفهُمَا عَليّ ابْن أبي طالِبٍ جَمِيعًا كِذَاباً، كِذَاباً.
قَالَ وثقَّلَهمَا عاصمٌ وأهلُ الْمَدِينَة، وَهِي لُغةٌ يمَانية فصيحةٌ، يقولُون: كذَّبتُ بِهِ كِذَّاباً، وخَرّقْتُ القَميصَ خِرّاقاً، وكلُّ (فَعّلْتُ) فمصْدَرَه (فِعَّالٌ) فِي لُغتهمْ مُشَدّدَةً.
وَقَالَ لي أعرابيٌّ مَرّةً على المَرْوَة يَسْتفْتيني آلْحَلْقُ أَحَبُّ إليكَ أم القِصَّارُ؟ وأنشدني بعضُ بَنِي كلابٍ:
لقد طالما ثَبّطْتِني عَن صَحَابتي
وعَن حِوجٍ قِصَّاؤهَا من شِفَائيَا
وَقَالَ الفراءُ: كَانَ الْكسَائي يُخفّفُ (لَا يَسْمعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَاباً) لِأَنَّهَا لَيست مُقَيّدَة بِفعل يُصَيِّرها مصدرا ويُشَدِّد {حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً} (النبأ: 28) لِأَن كَذّبُوا يُقيِّدُ الكِذّابَ، وَالَّذِي قَالَ حَسَنٌ، وَمعناه لَا يَسمعونَ فِيهَا لَغواً أَي بَاطِلا، وَلَا كِذّاباً لَا يُكَذِّبُ بَعضهمْ بَعْضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن نجدةَ عَن أبي زيد) قَالَ: الكذوبُ والكذوبة: من أسماءِ النفْس.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: (كَذَبَ عَلَيْكُم الحجُّ والعُمْرَة والجهادُ، ثَلَاثَة أسْفار كذبنَ عَليكم) .
وَرُوِيَ عَنهُ أنَّ رجلا شكا إليهِ النّقْرِسَ فَقَالَ: كَذبَ عَلَيْك الظَهائر.
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: معنى كَذَبَ عَلَيْكُم: معنى الإغراءِ، أَي عَلَيْكُم بهِ، وَكَانَ الأصلُ فِي هَذَا أَن يكون نَصْباً ولكنّه جَاء عَنْهُم بالرَّفع شَاذّاً على غيْرِ قِيَاسٍ.
قَالَ: وَممّا يُحقِّقُ ذَلِك أنّه مرفوعٌ قَوْلُ الشاعِر:
كَذَبْتُ عليْك لَا تَزَالُ تَقُوفُني
كَمَا قَافَ آثَارَ الوسِيقَةِ قَائف
فَقَوله: كَذَبْتُ عَلَيْك إنمَا أَغْرَاه بنفْسِه أَي عليْكَ بِي فَجَعَل نفسهُ فِي مَوضِع رَفْعٍ ألاَ

(10/99)


تراهُ قد جَاءَ بالتَّاءِ فَجَعَلها اسمهُ، قَالَ مُعَقِّرُ بن حِمَار البَارقيُّ:
وذُبْيَانيَّةٍ وَصَّتْ بَنيها
بأَنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أَسْمَع فِي هَذَا حَرْفاً مَنْصوباً إلاَّ فِي شيءٍ كَانَ أبوعبيدة يَحْكِيه عَن أَعرابي نظر إِلَى ناقةٍ نِضْوٍ لرجلٍ فَقَالَ: كَذَب عَلَيْك البَزْرَ والنَّوى.
وَقَالَ ابْن السكيتِ: تَقول للرَّجلِ إِذا أمرتَهُ بالشَّيءْ وأَغْرَيته: كَذَبَ عليكَ كَذَا وَكَذَا أَي عليكَ بِهِ، وَهِي كَلمةٌ نادِرَةٌ.
قَالَ: وأَنشدني ابْن الأعرابيّ لخداشِ بن زُهَيرٍ:
كَذَبْتُ عليكُم أَوْعِدوني وعَلّلُوا
بيَ الأرْضَ والأقْوَامَ قِردانَ مَوْظبَا
أَي عَلَيْكُم بِي وبِهِجَائي إِذا كُنْتم فِي سَفَرٍ واقطعوا بذكرِى الأَرْض وأنْشِدوا القَوْم هِجَائي يَا قِردان موظَبَ.
وَقَالَ الفرّاء: كَذَبَ عَلَيْك الحَجُّ أَي وَجَبَ، وَهُوَ الكذْبُ فِي الأَصْل إِنَّمَا هُوَ أنْ قيل: لَا حَجَّ فَهُوَ كَذِبٌ. وَقَالَ عَنْترة:
كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنَ بارِدٍ
إِن كُنتِ سائلتي غَبُوقاً فاذْهَبي
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِيرُ: معنى قَوْله: كَذَبَ عليكَ الحجُّ أنّه حضٌّ على الحجّ. وَقَالَ: إِن الحجَّ ظَنَّ بكْم حِرصاً عَلَيْهِ ورغْبةً فِيهِ فَكَذَب ظَنُّه لقلَّة رغبَتكم فِيهِ.
قَالَ وقولُه:
كَذَبْتُ عليْكَ لَا تزَالُ تَقُوفُني
أَي ظننْتُ أنَّكَ لَا تنام عَن وِتْري فكَذَبْتُ عليكَ فأَذَلَّه بِهَذَا الشِّعرِ وأَخْمَل ذِكْرَه، وَقَالَ فِي قَوْله:
بِأنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوفُ
قَالَ: القَراطف: أكْسَيةٌ حُمرٌ، وَهَذِه امرأةٌ كَانَ لَهَا بَنُونَ يركبون فِي شارةٍ حَسَنةٍ وهم فُقَرَاء لَا يملكونَ وراءَ ذَلِك شَيْئا فَسَاءَ ذَلِك أُمَّهم لأنْ رأَتهم فُقَراءَ، فَقَالَت: كَذَب القرَاطِفُ أَي زِينتهم هَذِه كاذبةٌ لَيْسَ وراءَهَا عندهمْ شيءٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تَقول العَرَب لِلْكَذَّاب فُلان لَا يُؤَالَفُ خَيْلاَهُ، وَلاَ تُسَايَرُ خَيْلاه كَذِباً.
قَالَ اللحيانيُّ: يقالُ للكذَّابِ إِنَّه لَكَيْذُبَانٌ، وكُذُبْذُبٌ وكُذُّبْذُبٌ وَأنْشد:
وَإِذا سَمِعتَ بأنَّني قد بِعْتكم
بوصالِ غانيةٍ فقُلْ كذُّبْذُبُ
وَيُقَال لِلكَذِبِ: كِذَّابٌ، قَالَ الله تَعَالَى: { (دِهَاقاً لاَّ يَسْمَعُونَ} (النبأ: 35) أَي كَذِباً، وَأنْشد أَحْمد بن يحيى قَول أبي دُوادٍ الإِياديِّ:
قُلتُ لمَّا نَصَلاَ منْ قُنَّةٍ
كَذَبَ العَيْرُ وَإِن كَانَ برحْ
قَالَ مَعْنَاهُ: كَذَبَ العَيْرُ أَن ينجوَ منِّي أيَّ طريقٍ أَخذ سَانحاً أوْ بَارِحاً.

(10/100)


قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: هَذَا إغراءٌ أَيْضا.
وَيُقَال: كَذَبَ لبنُ النَّاقةِ: أَي ذهب، وكَذَبَ البَعيرُ فِي سَيْرِهِ إِذا سَاءَ سَيرهُ.
قَالَ الْأَعْشَى:
جُمَاليَّة تَغْتَليِ بالرِّدافْ
إِذا كَذَبَ الآثماتُ الهجيرا
وَمن أمثالهم: (لَيْسَ لمكْذُوبٍ رأْي) وَمِنْهَا (المعاذِر مَكاذِبُ) .
وَمن أمثالهم: (إنّ الكَذُوب قد يَصدُقُ) ، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: (مَعَ الخواطِىء سهمٌ صائب) .
وَقَالَ اللحياني: رجل تِكذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكذِبُ ويَصْدُقُ.
وَقَالَ النّضر: يُقَال للنّاقةِ الَّتِي يضربُها الفحْل فتشولُ ثمَّ ترجع حَائِلا مُكَذِّبٌ، وكاذِبٌ، وَقد كَذَبَتْ وكذَّبَتْ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للرجل يُصاح بِهِ وَهُوَ ساكِتٌ يُرى أنّه نَائِم: قد أكْذَب وَهُوَ الإكْذَابُ.
وَفِي حَدِيث الزبير أنّه حَمَل يَوْم اليَرمُوك على الرُّوم، وَقَالَ للْمُسلمين إِن شددتُ عَلَيْهِم فَلَا تُكَذِّبوا.
قَالَ شمر: يُقَال للرجل إِذا حَمَل ثمَّ ولَّى وَلم يمضِ: قد كَذَّبَ تَكذِيباً، وَقد كَذّب عَن قِرْنه، وَقَالَ زُهَيْر:
ليثٌ بِعَثّرَ يصطادُ الرجالَ إِذا
مَا الليثُ كَذَّب عَن أَقْرانه صَدَقَا
وَيُقَال: حَمَل فَمَا كَذّب أَي مَا جُبنَ وَمَا رَجَعَ، وَكَذَلِكَ حَمل فمَا هَلّل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المَكْذُوْبةُ من النِّساء: الضعيفة.
قَالَ: المَذْكوَبة: المرأةُ الصالحةُ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: كَذَبَك الحجُّ أَي أمكنك فَحُج، وكَذَبك الصَّيْدُ أَي أمكنك فَارْمِهِ.
ك ذ م: مهمل.

(أَبْوَاب الْكَاف والثاء)
ك ث ر
استُعمل من وجوهه: كثر، كرث.
كرث: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَا كَرَثَني هَذَا الأمرُ أَي مَا بَلغ مني مَشقّةً، وَالْفِعْل المجاوزُ أَن تَقول: كَرثْته أكْرثهُ كَرْثاً وَقد اكْتَرَثَ هُوَ اكْتراثاً. وَهَذَا فعل لازمٌ، والكْرَّاثُ: بقلةٌ.
(قلتُ) : والكَرَاثُ بِفَتْح الْكَاف وتخفيفُ الراءِ: بقلةٌ أخرَى، الواحِدةً كَرَاثةٌ.
قَالَ أَبُو ذَرَّة الْهُذلِيّ:
إنَّ حبيبَ بنَ اليَمان قد نَشِبْ
فِي حصدٍ من الكَرَاثِ والكَنِبْ
إنْ يَنتَسِبْ يُنْسَبْ إِلَى عرقٍ وَرِبْ
أهْلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجٍ صخِبْ
وعازبٍ أَقْلَحَ فوهُ كالخَرِبْ

(10/101)


قَالَ: الكَرَاثُ والكَنَبُ: شجرتَانِ. وَأَرَادَ بالعازب مَالا عزبَ عَن أَهْلهِ، أَقْلَح: اصفرَّ أسنانُه من الهرمِ.
وَيُقَال: بُسرٌ قَريثَاءُ وكَرِيثَاء لضربٍ منَ التمرِ معروفٍ.
(الأصمعيُّ) : كَرَثَنِي الأمرُ وقَرَثنِي: إِذا غمَّهُ وأَثقلَهُ.
كثر: قَالَ اللَّيْث: الكَثْرَةُ نماءُ العدَدِ، تَقول: كَثُرَ الشيءُ يَكْثرُ كَثْرَةً فَهُوَ كَثِيرٌ.
وَتقول: كَاثَرْنَاهُمْ فكَثرْنَاهُمْ، وكُثْرُ الشَّيْء: أَكْثرُهُ، وقُلُّهُ: أَقَلُّه.
وأنشدَ ابْن السّكيت:
فإنَّ الكُثْرَ أَعْيَانِي قَدِيما
وَلم أُقْتِرْ لدُنْ أَنَّي غلامُ
ورجلٌ مُكْثرٌ: كثيرُ المالِ، ورجلٌ مِكْثَارٌ وامرأةٌ مِكْثَارٌ إِذا كَانَا كثِيرَيِ الكلامِ، ورجلٌ مَكْثورٌ عَلَيْهِ إِذا كَثُرَ من يطلبُ إليهِ المعروفَ.
وَفِي الحديثِ المرفوعِ: (لاَ قَطْعَ فِي ثمرٍ ولاَ كَثرٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عبيدةَ: الكَثرُ: جُمَّارُ النَّخْل فِي كلامِ الأنصارِ، وَهُوَ الجَذَبُ أَيْضا.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَول الله تَعَالَى: {} {التَّكَّاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ} (التكاثر: 1، 2) نَزَلتْ فِي حَيّيْنِ تفاخَرَا أَيُّهُمَا أَكْثرُ عددا، وهمَا بنُو عبدِ منافٍ، وبنُو سهمٍ فكَثرَتْ بنُو عبدِ منافِ بني سهمٍ، فقالتْ بَنو سهمِ: إنَّ البغيَ أَهْلَكَنَا فِي الْجَاهِلِيَّة فعادُّونا بالأحياء والأمواتِ فكَثَرَتهُمْ بنُو سهمٍ فأَنزَلَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {} حَتَّى ذكرْتُمْ الأمواتَ.
وَقَالَ غيرُ الفراءِ: أَلْهاكُم التّفاخرُ بِكَثْرَة العددَ والمالِ حَتَّى زرتُم المقابرَ أيْ حَتَّى مُتمْ. وَمِنْه قولُ جريرَ فِي الأخطلِ حينَ ماتَ:
زارَ القُبورَ أَبو مالكٍ
فأَصبحَ أَلأَمَ زُوَّارِها
فجعلَ زيارةَ القَبْرِ بِالْمَوْتِ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {} (الْكَوْثَر: 1) .
قَالَ الْفراء، قَالَ ابْن عَبَّاس: الْكَوْثَر هُوَ الْخَيْر الْكثير.
(قلت) : وَقد روى ابْن عمر وَأنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الكَوْثرُ: نهرٌ فِي الجنةِ أَشدُّ بَيَاضًا من اللبَن وأَحْلَى من العسلِ على حافتيْهِ قِبابُ الدُّرِّ المجوَّفِ) والكوثرُ فوعلٌ من الكثرةِ، ومعناهُ الخَيرُ الكثيرُ، وجاءَ فِي التَّفْسِير أَن الكوثرَ الإِسلامُ والنُّبُوّةُ، وجميعُ مَا جاءَ فِي تَفْسِير الكوْثرِ قد أعطي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطيَ النبوَّةَ وإظهارَ الدّين الَّذِي بعثَ بهِ عَلَى كل دينٍ، والنصرَ على أعدائهِ،

(10/102)


والشفاعة لأمتِهِ وَمَا لَا يُحصىَ من الخيرِ وَقد أعطيَ من الجنةِ على قدرِ فَضله على أهلِ الجنةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكوْثرُ: الرجلُ الكثيرُ العطاءِ والخيرِ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وأنتَ كثيرٌ يَا ابْن مروانَ طيبٌ
وكانَ أَبوك ابْن العقائلِ كوْثرَا
والكوْثرُ: السيدُ، قَالَ لبيدٌ:
وعندَ الرِّداعِ بَيْتُ آخرَ كوْثَرُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ عبد الْكَرِيم أَبُو أُميَّة قَالَت عجوزٌ: قدمَ فلانٌ بكوثرٍ كثيرٍ، وَهُوَ فوعلٌ من الكثرةِ، وَيُقَال للغبار إِذا سطعَ وكثرَ: كَوثرٌ. وَقَالَ الهذليُّ:
بحَامِي الْحقيق إِذا مَا احْتدَمْنَ
حَمْحَمَ فِي كَوثرٍ كَالجِلالْ
أَرادَ فِي غُبَار كأنهُ جلالُ السفينةِ يصفُ حمارا وَعَانثهُ.
(أَبُو عبيد) : شيءٌ كثيرٌ وكُثارٌ مثلُ طَويلٍ وطُوالٍ.
والكثر والكوثر: وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: يُقَال للْكثير كَيْثَرٌ وكَوثرٌ، وأَنشد:
هلِ العزُّ إِلَّا الُّلهى والثرَا
ءُ والعددُ الكيثَرُ الْأَعْظَم
(ابْن شُمَيْل عَن يُونُس) : رجال كثيرٌ ونساءٌ كثير ورجالٌ كثيرةٌ، ونساءٌ كثيرةٌ، زعم، وكثّرَتُ الشيءَ: جعلته كثيرا زَعم، وَرجل مُكثِرُ: كثيرُ المالِ.
ك ث ل
اسْتعْمل من وجوهه: لكث، ثكل، كثل.
كثل: أَمَّا كثل فأصلُ بِنَاء الكَوْثلِ وَهُوَ فَوْعَلٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكوْثَلُ: مُؤخّر السَّفِينَة، وَفِي الكوثَلِ يكون الملاّحونَ وأداتهم، وَأنْشد:
حَملْتُ فِي كوْثَلِها عُوَيفَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المرْنَحةُ: صدرُ السفينةِ، والدَّوْطِيرَةُ: كوثَلُهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخَيْزرانةُ: السُّكّانُ وَهُوَ الكَوْثَلُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
من الْخَوْف كوثلُها يُلتزمْ
لكث: (ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: اللَّكاثِيُّ من الرجالِ: الشَّديد البَيَاض، مأخوذٌ من اللُّكاث وَهُوَ الحجرُ البَرَّاقُ الأملس يكون فِي الجِصِّ.
وَقَالَ اللحياني: اللكاث، والنُّكاثُ: داءٌ يَأْخُذُ الإِبلَ وَهُوَ شبْه البَثْر يَأْخُذهَا فِي أفواهِها:
(عَمْرو عَن أَبِيه) : اللُّكَّاثُ: الجَصَّاصون. الصُّناعُ مِنْهُم لَا التُّجّارُ.
ثكل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: ثَكِلَتْه أُمُّه تثكلهُ، فَهِيَ بِهِ ثَكْلى، وَقد أُثكِلَتْ وَلَدهَا فَهِيَ

(10/103)


مُثْكلةٌ بِوَلَدِهَا، والجميع: مثاكيلُ.
وَقَالَ غَيره: امرأةٌ مُثْكِلٌ بِغَيْر هَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الثّكُولُ: المرأةُ الفاقِدُ.
وَقَالَ غَيره: فَلاَةٌ ثَكُولٌ: مَن سَلَكها فُقِدَ، وثُكلَ، وَمِنْه قَول الجُمَيح:
إِذا ذَاتُ أَهْوَالٍ ثَكُولٌ تَغَوَّلَتْ
بهَا الرُّبْدُ فَوْضَى والنّعَامُ السَّوَارِحُ
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّكْلُ: فِقْدَانُ الحبيب، وأكثرُ مَا يسْتَعْمل فِي فِقدان الْمَرْأَة زوجَها، وامرأةٌ ثَكلَى، ونسوة ثَكالى.
قَالَ ابْن السّكيت، قَالَ الْأَصْمَعِي: الإثكالُ، والأثْكولُ: الشِّمْراخُ لعِذْق النَّخْل.
ك ن ث
كنث، نكث، ثكن: (مستعملة) .
كنث: قَالَ اللَّيْث: الكنْثَة: نَوَرْدَجةٌ تُتخذ مِن آسٍ وأغصانِ خلافٍ، تُبسط وتُنضد عَلَيْهَا الرياحين ثمَّ تطوى.
قَالَ: وَإِعْرَابه: كُنْثَجَةٌ، وبالنبطة: كُنْثَا.
نكث: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} (النَّحْل: 92) وَاحِد الأنكاث: نِكْثٌ، وَهُوَ الْغَزل من الصُّوف، والشّعر يُبرمُ ويُنسج أكْسية وأَخبيةً، فَإِذا أَخلقَتْ قطِّعَتْ قطعا صغَارًا، ونُكِثتْ خيوطها المبرمة وخُلطت بالصوفِ الْجَدِيد، ومِيشتْ بِهِ فِي المَاء، فَإِذا جفَّت ضُربتْ بالمطارقِ حَتَّى تختلط بهَا، وغُزلتْ ثَانِيَة واستُعملت، وَالَّذِي يَنكُثها يقالُ لَهُ النّكاثُ، وَمن هَذَا: نكَث العهدَ، وَهُوَ نقضُه بعد إحكامه كَمَا تُنكثُ خيط النَّسَائج بعد إبرامها.
وَقَالَ ابْن السّكيت: النّكْثُ: الْمصدر، والنِّكث: أَن تُنقْضَ أَخلاقُ الأخْبية فتغزلَ ثَانِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: النّكيثة: النَّفس، يُقَال: بُلغتْ نكيثتُه إِذا جُهد قوَّته، ونكائثُ الْإِبِل: قواها. وَقَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
تُمْسِي إِذا العِيسُ أدْرَكْنا نكائثَها
خَرْقاءَ يَعْتَادُها الطُّوفَانُ والزُّؤُدُ
وَمِنْه قَول طرفَة:
مَتَى يَكُ أَمْرٌ للّنكيثَةِ أَشْهَدِ
يَقُول: مَتى ينزلْ بالحيِّ أمرٌ شَدِيد يبلغُ النكيثَة، وَهِي النفْس ويجهدُها فَإِنِّي أشهدُه واضطلع بِهِ. وَقَالَ أَبُو نُخَيْلَة:
إِذا ذَكَرْنَا والأُمورُ تذكَرُ
واسْتَوعَبَ النّكَائِثَ التّفَكرُ
قْلنَا أَمِيرُ المؤْمِنينَ مُعْذِرُ
يَقُول: استوْعَبَ الفكرُ أَنْفُسنَا كلهَا وجَهدها.
(اللحياني) : النُّكافُ والنُّكاثُ: داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل، وَيُقَال لَهُ: اللُّكاثُ أَيْضا، وَيُقَال: بعير مُنتِكثٌ إِذا كَانَ سميناً فَهُزل. وَقَالَ الشَّاعِر:

(10/104)


ومُنَتكِثٍ عَالَلْتُ بالسَّوطِ رَأْسَه
وَقد كَفَرَ الليلُ الخَرُوْقُ المَوامِيا
(قلت) : وسميَتِ النْفسُ نُكيثةً لأنَّ تكاليف مَا هِيَ مضطرة إِلَيْهِ تَنكُث قواها والكِبَرُ يفْنيها، فَهِيَ مَنكوثةُ القوَى بالتَّعَب والفناء، ودخلتِ الهاءُ فِي النّكِيثَة لِأَنَّهَا جعِلت اسْما.
ثكن: (ابْن شُمَيْل) : فِيمَا روى عَنهُ أَبُو دَاوُد المصاحفيُّ فِي قَوْله: (يُحشرُ الناسُ عَلَى ثكْنِهم) أَي على مَا مَاتُوا عَلَيْهِ فأُدخلِوُا قبورَهم.
قَالَ: والثُّكنة: حفرَة على قدْر مَا يواريه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الثَّكنة: الْجَمَاعَة من النَّاس والبهائم، والثُّكنةُ: القِلادة، والثكنَةُ: الإرَة وَهِي بِئْر النَّار، والثكْنة: الْقَبْر، والثكنَة: المحجَّة، والثكنة: الرَّاية وَمِنْه الحَدِيث: (يُحشَرُ النّاسُ عَلَى ثكنهِمْ) أَي على مزاياتهم فِي الْخَيْر وَالشَّر وَالدّين. وَقَالَ طرفَة:
وهَانِئاً هَاِنئاً فِي الحيِّ مُومِسَة
ناطَتْ سِخَاباً ونَاطتْ فوْقَه ثُكَنَا
وَيُقَال للعُهُون الَّتِي تعَلّق فِي أَعْنَاق الْإِبِل: ثُكَنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّكَنُ: مراكِزُ الأجناد على راياتهم ومجتمَعهم على لِوَاء صَاحبهمْ وعَلَمِهم، وَإِن لم يكن هُنَاكَ لواءٌ وَلَا علم، واحدتها: ثُكْنَةٌ.
والأثْكُونُ، والأثْكُولُ: العُرجُون. وَقَالَ الْأَعْشَى:
لِيُدْرِكَها فِي حَمَامٍ ثُكَنْ
أَي فِي حَمَامٍ مجتمعة.
ك ث ف
كثف: قَالَ اللَّيْث: الكثافة: الْكَثْرَة والالتِفاف، والفِعل كثُف يكثف كثَافة، والكثف اسْم كثرته، يُوصف بِهِ الْعَسْكَر وَالْمَاء والسحاب، وَأنْشد:
وتحْتَ كثِيف المَاءِ فِي بَاطِن الثّرَى
مَلاِئكة تَنْحَطُّ فِيهِ وتَصعَدُ
وَيُقَال: استَكثَفَ الشيءُ اسْتكثافاً، وَقد كثّفْته أَنا تكثيفاً.
ك ث ب
كثب، كبث: (مستعملان) .
كبث: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَرِيرُ: ثمَرُ الأراكِ، والغَضُّ مِنْهُ: المَرْدُ، والنَّضيجُ: الكَبَاثُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكَبِيثُ: اللَّحْمُ الّذِي قد غُمّ، وَقد كَبَثْتُهُ فهوَ مَكْبُوثٌ وكَبيثٌ، وَأنْشد:
أَصْبَحَ عمارٌ نشيطاً أَبِثَا
يَأَكلُ لَحْمًا بَائتاً قد كَبِثَا
كثب: فِي حَدِيث ماعزِ بنِ مالكٍ أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمَرَ بِرَجْمِهِ، حينَ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا ثُمَّ قَالَ: يَعْمِدُ أَحدُهمْ إِلَى المَرْأَةِ

(10/105)


المُغِيبَةِ فَيَخْدَعَهَا بالكُثْبَةِ، لاَ أُوتي بأَحَدٍ مِنْكْم فعلَ ذلكَ إلاّ جَعَلْتُهُ نَكَالاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ شُعبَةُ: سأَلْتُ سِمَاكاً عَن الكُثْبةِ فقالَ: القليلُ من اللَّبن.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وهوَ كذلكَ فِي غيرِ اللبنِ وكلُّ مَا جمعتَهُ من طعامٍ أَو غيرِه بعدَ أَن يكونَ قَلِيلا فهوَ كُثْبَةٌ، وجمعُهَا: كُثَبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يذكرُ أبعارَ البقَرِ:
مَيْلاَءَ منْ مَعْدِنِ الصّيرَانِ قاصيَةً
أَبْعَارُهُنَّ عَلَى أَهْدَافِهَا كُثَبُ
وَيُقَال: كَثَبْتُ الشيءَ أكثِبُه كثْباً إِذا جمعتَه.
وَقَالَ أوسُ بن حجرٍ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاق الحَصَى
مكانَ النَّبِيّ مِنَ الكَاثِبِ
قَالَ يريدُ بالنَّبِّي: مَا نَبَا من الحَصى إِذا دُقّ فَنَدَرَ، والكَاثِبُ: الجامعُ لمَا ندرَ منهُ، وَيُقَال: هما موضعانِ.
أَبُو حَاتِم: احْتَلَبُوا كُثَباً أَي من كل شاةٍ شَيْئا قَلِيلا، وَقد كثَبَ لبَنُها إِذا قَلَّ، إِمَّا عِنْد غَزَارَةٍ، وإمَّا عندَ قلّة كَلأ.
وَقَالَ الليثُ: يقالُ للتّمْرِ أَو البُرِّ ونحوِه إِذا كَانَ مصبُوباً فِي مواضعَ، فكلُّ صُوبةٍ مِنْهَا: كُثْبَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للرَّجلِ إِذا جَاءَ يطلبُ القِرَى بِعِلّةِ الخِطبَةِ: إنهُ ليخْطُبُ كُثْبَةً، وأَنشَد:
بَرَّحَ بالعيْنَيْنِ خَطَّابُ الكُثَبْ
يقولُ إِنِّي خَاطِبٌ وقدْ كذَبْ
وإنَّمَا يَخْطُبُ عُسًّا من حلبْ
وَقَالَ الفراءُ فِي قَول الله عز وَجل: {وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً} (المزمل: 14) الكَثِيبُ: الرَّمل، والمَهِيلُ: الَّذِي يُحرَّكُ أَسفله فينهَالُ عليكَ منْ أَعلاهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَثِيبُ: القطعةُ من الرَّمْلِ تنقادُ مُحْدَوْدِبَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: كثَبْتُ التُّرَابَ فَانكَثَبَ إِذا نَثَرْتَ بعضهُ فوقَ بعضٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَثَبْتُ الطعامَ أَكْثُبُهُ كثْباً ونثَرْتُه نَثراً، وهما واحدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَاثِبَةُ: مَا ارتفعَ من مَنْسِجِ الفرسِ، والجميعُ: الكَوَاثِبُ، والأكْثَابُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكُثابُ: سهمٌ لَا نصْلَ لَهُ وَلَا ريش يلعبُ بِهِ الصبيانُ.
وَقَالَ الراجزُ يصفُ حَيَّة:
كأنَّ قَرْصاً من طَحين مُعْتَلثْ
هامتُهُ فِي مِثْل كثَّابِ العَبِثْ
(ابْن السّكيت) : أَكثَبَكَ الصيدُ فارمِهِ أَي أَمكنكَ ودنا مِنْكَ، وفلانٌ يرمِي من كثَبٍ وَمن كثمٍ أَي من قُرْبٍ وتمكُّنٍ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ. أَكثَب فلانٌ إِلَى القومِ أَي دنا مِنْهُم، وأكثبَ إِلَى الْجَبَل أَي دنا

(10/106)


مِنْهُ، وكَاثَبْتُ القومَ: أَي دنوتُ مِنْهُم، وَيُقَال: كثَبَ القومُ إِذا اجتمعُوا فهمْ كَاثِبُونَ.
ك ث م
كثم، مكث، ثكم: (مستعملة) .
كثم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكثَمَةُ: الْمَرْأَة الرَّيّا من شرابٍ أَو غَيره.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَطْبٌ أكثمُ أَي مملُوءٌ وَأنْشد:
مُذَممةٌ يُمْسِي ويُصبحُ وَطبُهَا
حَرَامًا عَلَى مُعْتَرِّها وَهُوَ أَكثمُ
وَقَالَ الْفراء: هُوَ يَرْمِي من كثمٍ أَي من قُربٍ، وكمَأَةٌ كَاثمةٌ أَي غليظةٌ.
وأَكثمُ: من أسماءِ الْعَرَب.
ثكم: أهمله اللَّيْث.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الثُّكمةُ: المَحَجَّةُ.
وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قالتْ لعثمانَ رضيَ الله عَنهُ: (تَوَخَّ حيثُ تَوَخّى صاحبَاكَ فإنهُما ثَكَمَا لكَ الحقَّ ثَكْماً) أَي بيَّنا وأَوضحنا حَتَّى تبيّن كأنَّه مَحَجةٌ ظاهرةٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : ثَكِمَ بالمكَانِ يَثْكُم إِذا أقامَ بِهِ، وثُكَامةُ: اسمُ بلدٍ.
مكث: قَالَ اللَّيْث: المُكْثُ: من الِانْتِظَار، ورجلٌ مَكِيثٌ، وَقد مكثَ مَكَاثةً، وَهُوَ الرَّزِينُ الَّذِي لَا يَعجَلُ فِي أمرِه، وهم المُكثَاءُ، والمَكيثُونَ، والماكثُ: المنتظرُ وَإِن لم يكنْ مكيثاً فِي الرَّزَانةِ. وَقَالَ الله: {مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} (النَّمْل: 22) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا الناسُ بالضمِّ، وَقرأَهَا عاصمٌ بِالْفَتْح (فمكثَ) .
قَالَ: وَمعنى غيرَ بعيد: أَي غير طَوِيل من الْإِقَامَة.
(قلت) : اللُّغَة العاليةُ: مكُثَ بالضمِّ جاءَ نادِراً، ومكَثَ: لُغةٌ ليستْ بالكثيرة وَهِي القياسُ.
وَيُقَال: تَمكّثَ: إِذا انتظرَ أمرا أَو أقامَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتمكِّثٌ ومُنتظرٌ.
قَالَ الأزهريُّ: يُقَال: مَكُثَ ومكَثَ بالمكَان إِذا لبِثَ، وأجوَدُهما: مكُثَ.

(أَبْوَاب الْكَاف وَالرَّاء)
ك ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: ركل.
ركل: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْلُ: الضَّرْب برجْلٍ وَاحِدَة، والمرْكلانِ من الدَّابةِ هما موْضِعا القُصْريَيْنِ منَ الجَنْبين، وَلذَلِك يُقَال: فرسٌ نهدُ المَرَاكلِ، والمركلُ: الرِّجْلُ منَ الراكبِ.
قَالَ: والتركُّلُ كَمَا يَحفِرُ الحافرُ بالمسِحاةَ إِذْ تركَّلَ عَلَيْهَا برِجْله.
وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:

(10/107)


رَبَتْ وَربا فِي كَرْمها ابنُ مَدِينَةٍ
يَظَلُّ على مِسحاتِهِ يَتَركلُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الرَّكلُ: الطِّيطَانُ، وَهُوَ الكرَّاثُ، وبائعه: رَكالٌ.
ك ر ن
كنر، كرن، نكر، ركن، رنك.
كرن: قَالَ اللَّيْث: الكَرِينَةُ: الضاربة بالصَّنْج، والكِرَانُ: الصَّنْج.
قَالَ لبيد:
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ
وكَأَنَّ جُؤْجُؤه صَفِيحُ كِران
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَرِينَةُ المُغَنِّيَةُ.
كنر: قَالَ اللَّيْث: الكِنَّارَةُ: الشقة من ثيابُ الكتَّان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل مثله.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنزلَ الحقَّ ليُذهبَ الباطلَ واللَّعِبَ والزَّمَّارَات والكنّارات) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكِنَّاراتُ، اخْتلف فِيهَا فَيُقَال: إِنَّهَا العيدان الَّتِي يضْرب بهَا، وَيُقَال: هِيَ الدُّفوف.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَنانيرُ: وَاحِدهَا كنَّارةٌ.
قَالَ قومٌ: هِيَ العيدان، وَيُقَال: هِيَ الطنَابير. وَيُقَال: الطُّبول.
ركن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَرْكَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (هود: 113) قَرَأَهُ القرّاء بِفَتْح الْكَاف من ركِن يركَنُ رُكوناً إِذا مَال إِلَى الشَّيْء واطمأنَّ إِلَيْهِ، ولغة أُخْرَى: رَكَن يركنُ، وَلَيْسَت بفصيحة.
وَقَالَ اللَّيْث: رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا إِذا مَال إِلَيْهَا.
وَكَانَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ يُجيزُ: ركَنَ يركَنُ بِفَتْح الْكَاف من الْمَاضِي والغابر، وَهُوَ خلاف مَا عَلَيْهِ أبنيَةُ الْأَفْعَال فِي السَّالِم.
وَقَول الله جلّ وعزّ {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود: 80) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الرُّكنُ: العشيِرَة.
قَالَ: والرُّكنُ: رُكْنُ الْجَبَل وَهُوَ جَانِبه.
قَالَ: والرُّكْنُ: الأمرُ العظيمُ فِي بَيت النَّابِغَة:
لَا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لَا كفاءَ لَهُ
وَلَو تَأَثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} إنَّ الرُّكنَ: الْقُوَّة، وَيُقَال للرجلِ الْكثير العددِ: إِنَّه ليأوِي إِلَى ركن شَدِيد، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ سَاكِنا وقوراً: إِنَّه لرَكينٌ، وَقد رَكُنَ رَكَانَةً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الرُّكَيْنُ الجُرَذَ، وَقَالَ اللَّيْث مثله.

(10/108)


والمرْكَنُ: شبهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ أَو شِبهُ لَقْنٍ، وناقه مُرَكَّنَةُ الضَّرْعِ، وضَرْعٌ مُرَكَّنٌ وَهُوَ الَّذِي قد انتفخ فِي مَوْضِعه حَتَّى مَلأَ الأرْفاغ وَلَيْسَ بحدًّ طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِرْكَنُ: الإجَّانَةُ الَّتِي يُغسلُ فِيهَا الثيابُ وَنَحْوهَا.
وَمِنْه حَدِيث حَمْنَةَ أَنَّهَا كَانَت تجلسُ فِي مِرْكنٍ لأخْتها زَيْنَب وَهِي مُسْتَحَاضَةٌ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه دخل الشَّام فأتاهُ أُرْكُونُ قريةٍ فَقَالَ: قد صَنَعْتُ لَك طَعَاما.
رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نافعٍ عَن أسلم.
قَالَ شمر: أُرْكُونُ القريةِ: رئيسها، وفلانٌ ركنٌ من أَرْكَان قومه أَي شرِيف من أَشْرَافهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال للعظيم من الدَّهاقِينِ: أُرْكُونٌ.
نكر: قَالَ اللَّيْث: النُّكْرُ: الدَّهاءُ، والنُّكْرُ: نعت لِلْأَمْرِ الشَّديد، والرجلِ الدَّاهي، تَقول: فَعَلَه من نُكْرِه ونَكارَته، والنَّكِرَةُ: إنكارُكَ الشيءَ وَهُوَ نقيضُ الْمعرفَة.
وَيُقَال: أَنْكرْتُ الشيءَ وأَنا أُنْكِرُهُ إنكاراً ونكِرْتُه: مثله. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ
من الحوادثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} (هود: 70) .
قَالَ اللَّيْث: وَلَا يسْتَعْمل نَكِرَ فِي غابرٍ وَلَا أمْرٍ وَلَا نهيٍ.
قَالَ: والاستنكارُ: استفهامُك أمرا تُنْكرُه، وَاللَّازِم من فِعل النُّكْرِ المُنْكَرِ نَكرَ نَكارَةً.
قَالَ: وامرأَةٌ نكْراءُ، ورجلٌ مُنْكَرٌ: داهٍ، وَلَا يُقَال للرجلِ: أَنكرُ بِهَذَا المعْنَى.
(قلت) : وَيُقَال: فلانٌ ذُو نَكْرَاءَ إِذا كَانَ داهياً عَاقِلا.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنَكُّرُ: التّغَيُّر عَن حالٍ تَسُرُّكَ إِلَى حالٍ تكْرَهُها، والنَّكيرُ: اسمٌ للإنكار الَّذِي مَعْنَاهُ التَّغْيِير.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} (الْملك: 18) أَي إنكاري.
قَالَ: والنَّكرَةُ اسمٌ لما خرج من الحُوَلاءِ، وَهُوَ الخُرَاجُ من قَيْحٍ ودَمٍ كالصَّديد وَكَذَلِكَ من الزّجير.
يُقَال: أسْهِلَ فلانٌ نكرَةً ودماً. وَلَيْسَ لَهُ فعلٌ مشتقٌّ، وجماعةُ الْمُنكر من الرِّجال: مُنكرُونَ وَمن غير ذَلِك يجمع أَيْضا بِالْمَنَاكِيرِ.
وَقَالَ الأُقَيْبِل القَيْني:
مُسْتَقْبلا صُحُفاً تَدْمِي طوابِعها
وَفِي الصَّحائِف حَيّاتٌ مَنَاكيرُ
وَقَالَ غَيره: المُناكرَة: الْمُحَاربَة، وَيُقَال: فلانٌ يناكرُ فلَانا، وَبَينهمَا مُناكرةٌ أَي

(10/109)


معاداةٌ وقِتالٌ.
وَقَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب: إنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يناكرْ أحدا إِلَّا كَانَت مَعَه الأهوالُ أَرَادَ أَنه كَانَ منصوراً بالرُّعب.
حَدثنَا عبد الْملك عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق عَن معَاذ بن هاني عَن شُعْبَة عَن أبان بن ثَعْلَب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ} (لُقْمَان: 19) قَالَ: أقبح الْأَصْوَات.
رنك: قَالَ: الرَّانِكيَّةُ: نسبةٌ إِلَى الرَّانِكِ، قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلَا أعرف مَا الرانِك.
ك ر ف
كرف، كفر، فرك، فكر، ركف: (مستعملة) .
كرف: قَالَ اللَّيْث: كرَفَ الحمارُ والبِرْذَوْن يكرِفُ كرفاً وَهُوَ شَمُّه الْبَوْل وَرَفعه رَأسه حَتَّى تقْلص شفتاه. وَأنْشد:
مشاخساً طَوْراً وطوْراً كارفا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكرْفىءُ واحدتها: كرْفئةٌ وَهِي قطعٌ متراكمةٌ من السَّحَاب وَهِي الكرْثىءُ أَيْضا بالثاء.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: الكرْفِىءُ من الْبَيْضَة قِشْرُها الْأَعْلَى الَّذِي يُقَال لَهُ: القيض.
كفر: قَالَ اللَّيْث: الْكفْر: نقِيض الْإِيمَان آمَنّا بِاللَّه وكفرْنا بالطاغُوتِ وَيُقَال لأهل دَارِ الْحَرْب: قد كفَرُوا أَي عَصوْا وامتنعوا.
قَالَ: وَالْكفْر: كُفرُ النِّعْمَة، وَهُوَ نقيضُ الشُّكْر.
قَالَ: وَإِذا ألجأت مُطيعَك إِلَى أَن يَعْصيكَ فقد أكفَرْتَه.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قتالُ الْمُسلم كُفرٌ، وسِبابُه فِسْقٌ) .
قَالَ شمر: قَالَ بعضُ أهلِ الْعلم: الْكفْر على أَرْبَعَة أنحاء: كفر إنكارٍ، وكفرُ جُحودٍ، وَكفر مُعاندةٍ. وَكفر نفاقٍ. وَمن لِقي رَبَّهُ بِشَيْء من ذَلِك لم يغْفر لَهُ ويغفرُ مَا دونَ ذَلِك لمن يَشَاء، فأَما كُفرُ الإنكارِ فَهُوَ أَن يَكفُرَ بقلْبه ولسانِه وَلَا يَعْرفُ مَا يُذكَر لَهُ من التَّوْحِيد.
وَكَذَلِكَ رُوي فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وَعز: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (الْبَقَرَة: 6) ، أَي الَّذين كفرُوا بتوحيد الله.
وَأما كُفرُ الجُحُودِ فأَنْ يعرِفَ بِقَلْبِه وَلَا يُقِرَّ بِلِسَانِهِ، فَهَذَا كافرٌ جاحِدٌ ككُفر إبليسَ، وَكفر أُمَيَّةَ ابْن أَبي الصَّلْت.
وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ: {فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} (الْبَقَرَة: 89) يَعْنِي كُفر الجُحود.

(10/110)


وَأما كُفْرُ المعاندة فَهُوَ أَنْ يَعرف بِقَلْبِه ويَقِرَّ بِلِسَانِهِ، ويأْبَى أَنْ يَقبَل ككفْر أَبي طَالب حيثُ يَقُول:
وَلَقَد عَلِمْتُ بأَنَّ ديِنَ محمدٍ
مِن خيرِ أَدْيان البَرِيَّة دينَا
لوْلا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ
لوَجَدْتَنِي سمْحاً بذاكَ مُبينَا
وَأما كُفر النِّفاق فأَن يَكفر بِقَلْبِه ويقِرَّ بِلِسَانِهِ.
وَقَالَ شمر: وَيكون الْكفْر أَيْضا بِمَعْنى البراءَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن الشَّيْطَان فِي خَطيئته إِذا دخل النَّار {إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} (إِبْرَاهِيم: 22) أَي تبرَّأْتُ.
ورُوي عَن عبد الْملك أنَّهُ كَتب إِلَى سعيد بن جُبَيْرٍ يسأَلُه عَن الكُفْرِ، فَقَالَ: الْكفْر عَلَى وُجوه، فكفْرٌ هُوَ شِرْكٌ يَتَّخِذُ مَعَ الله إِلَهًا آخرَ، وكفرٌ بِكِتَاب الله وَرَسُوله، وَكفر بادِّعاء وَلَدٍ لله، وكفرُ مُدَّعِي الْإِسْلَام، وَهُوَ أَنْ يعملَ أعمالاً بِغَيْر مَا أنزل الله: يَسْعَى فِي الأرضِ فَسَادًا ويقتُل نفسا محرَّمةً بِغَيْر حقَ، ثمَّ نَحْو ذَلِك من الْأَعْمَال.
وكفران أَحدهمَا يَكفر بنعمةِ الله، وَالْآخر التَّكْذِيب بِاللَّه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (النِّسَاء: 137) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج: قيل فِيهِ غيرُ قَوْلٍ، قَالَ بَعضهم: يَعْنِي بِهِ اليهودَ لأَنهم آمنُوا بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمّ كفرُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمّ ازدَادُوا كفرا بِكفرِهم بمحمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وجائزٌ أنْ يَكونَ مُحاربٌ آمن ثمّ كَفَرَ ثمّ آمنَ ثمّ كَفَرَ.
وَقيل جائزٌ أنْ يَكون منافقٌ أَظْهَر الإيمانَ وأَبطَنَ الكفرَ ثمّ آمن بَعْدُ ثمّ كفر وازداد كفرا بإقامتِه عَلَى الكُفْرِ.
قَالَ فَإِن قَالَ قائلٌ: إِن الله جلّ وعزّ: لَا يَغْفِرُ كفرَ مرّةٍ واحدةٍ، فلِمَ قيل هَا هُنَا فِيمَن آمنَ ثمَّ كفر ثمّ آمن ثمَّ كفر: {لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} وَمَا الفائدةُ فِي هَذَا؟ فَالْجَوَاب فِي هَذَا وَالله أعلم أَن اللَّهَ يغْفر للْكَافِرِ إِذا آمَنَ بَعْدَ كفرِه، فإِن كَفَرَ بعد إيمَانه لمْ يَغفر الله لَهُ الْكفْر الأوَّل، لأنّ اللَّه جلّ وعزّ يَقبل التَّوبة، فَإِذا كفر بَعْد إيمانٍ قبلَه كفر فَهُوَ مُطالَبٌ بِجَمِيعِ كفرِه، وَلَا يجوزُ أنْ يكونَ إِذا آمنَ بعد ذَلِك لَا يُغفَر لَهُ، لأنّ الله يَغفرُ لكلِّ مُؤمن بعد كفره.
وَالدَّلِيل على ذَلِك قولُه تَعَالَى: {الصُّدُورِ وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (الشورى: 25) وَهَذَا سيئةٌ بِالْإِجْمَاع.
وَقَوله جلّ وَعز: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ

(10/111)


اللَّهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (الْمَائِدَة: 44) مَعْنَاهُ أَنّ مَن زَعَم أَنّ حُكْماً من أَحْكَام اللَّهِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ الأنبياءُ باطلٌ فَهُوَ كافرٌ.
وَقد أَجَمع الفقهاءُ أَنّ من قالَ: إنّ المُحصَنَيْنِ لَا يجبُ أَن يُرْجَما إِذا زَنَيَا وكانَا حُرَّيْنِ كافرٌ، وَإِنَّمَا كُفِّرَ مَنْ رَدَّ حُكماً من أَحْكَام النبيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ مُكذِّبٌ لَهُ.
وَمن كذّبَ النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فَهُوَ كافرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنّه سُمِّيَ الكافرُ كافرّاً لأنَّ الكُفْر غطّى قَلْبَه كلَّه.
قَالَ: والكافرُ من الأَرْض: مَا بَعُدَ عَن النَّاس لَا يكادُ يَنْزِلُه أَحدٌ وَلَا يَمرُّ بِهِ أَحدٌ.
وَأنْشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَزِّ عِكرِشَةٍ
فِي كافرٍ مَا بِهِ أَمْتٌ وَلَا عِوَجُ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الْكَافِر: الْحَائِط الواطىء. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
(قلت) : وَمعنى قَول اللَّيْث: قيل لَهُ كافرٌ لأنّ الْكفْر غطَّى قلبَه، يحْتَاج إِلَى بيانٍ يَدلُّ عَلَيْهِ، وإيضاحه أنّ الْكفْر فِي اللُّغَة مَعْنَاهُ التَّغْطيةُ، والكافرُ ذُو كفرٍ أَي ذُو تغطيةٍ لِقَلْبِهِ بكفرِه كَمَا يُقَال للابِس السِّلاح: كافرٌ وَهُوَ الَّذِي غطّاه السلاحُ.
وَمثله: رجلٌ كاسٍ: ذُو كسوةٍ، وماءٌ دافقٌ: ذُو دَفْقٍ.
وَفِيه قولٌ آخرُ: وَهُوَ أَحسنُ مِمَّا ذهب إِلَيْهِ اللَّيْث. وَذَلِكَ أَنّ الكافرَ لمّا دَعَاهُ الله جلّ وعزّ إِلَى توحيدِه فقد دَعَاهُ إِلَى نعمةٍ يُنعِم بهَا عَلَيْهِ إِذا قَبِلها، فلمَّا رَدَّ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ من توحيده كَانَ كَافِرًا نعمةَ الله أَي مُغَطِّياً لَهَا بِإبائِه حاجباً لَهَا عَنهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: إِذا لبس الرجل فَوق دِرْعِه ثوبا فَهُوَ كافرٌ، وَقد كَفَرَ فَوق دِرْعِه.
قَالَ: وكل مَا غَطّى شَيْئا فقد كَفَره.
وَمِنْه قيل لِليْل: كافرٌ لِأَنَّهُ ستَر بظلمته كل شَيْء وغطَّاه.
وَأنْشد لثَعْلَبَة بن صُعَيْرٍ الْمَازِني يصف الظليم والنعامة ورواحهما إِلَى بيضهما عِنْد إياب الشَّمْس فَقَالَ:
فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَمَا
ألْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينهَا فِي كافرِ
وذُكاءُ: اسمٌ للشمس وَهِي معرفةٌ لَا تُصْرَفُ، أَلْقَت يَمِينهَا فِي كَافِر أَي بَدَأتْ فِي المغيب.
قَالَ: وَمِنْه سُمِّي الكافرُ كَافِرًا لِأَنَّهُ ستَر نعمَ الله.
(قلت) : ونعمُ اللَّهِ جلّ وَعز: آياتُهُ الدَّالةُ على تَوْحيده.
حَدثنَا السَّعْدِي، قَالَ: حَدثنَا الرَّمادِيّ قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن أَيُّوب عَن ابْن سيِرِينَ عَن

(10/112)


عبد الرحمان بن أبي بَكْرَةَ عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله فِي حَجَّةِ الوَدَاع: (ألاَ لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض) .
قَالَ أَبُو مَنْصُور: فِي قَوْله كُفَّاراً قولانِ أَحدهمَا: لابسينَ السِّلاحَ متهيئينَ للقتالِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يُكَفِّرُ الناسَ فيكفُرُ كَمَا تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيكفِّروهم وَهُوَ كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام: (مَنْ قالَ لأخِيه يَا كافرُ. فقد بَاءَ بِهِ أَحُدُهما) .
وَيُقَال: رَمَادٌ مَكْفُورٌ أَي سَفَتْ عَلَيْهِ الرِّياحْ التُّراب حَتَّى وارَتْه. قَالَ الراجز:
قدْ دَرَسَتْ غَيْرَ رمادٍ مَكْفُورْ
مُكتئبِ اللونِ مَرُوحٍ مَمْطور
وَقَالَ الآخر:
فَوَرَدتْ قبلَ انبلاجِ الفَجْرِ
وابنُ ذُكاءٍ كامنٌ فِي كَفْرِ
ويروى فِي كِفْرٍ، وهما لُغَتَانِ، وابنُ ذكاءَ يَعْنِي الصبحَ.
ويروى فِي كَفْرٍ أَي فِيمَا يواريه من سَواد اللَّيْل، وَقد كَفَرَ الرَّجلُ متاعهُ أَي أوعاهُ فِي وعاءٍ.
(قلت) : ومَا قَالَه ابْن السّكيت، فَهُوَ بَيِّنٌ صَحِيح، والنِّعَمُ الَّتِي سترهَا الكافُر هِيَ الآياتُ الَّتِي أبانت لِذَوي التَّمْيِيز أنَّ خَالِقهَا وَاحد لَا شريكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إرسالُه الرسلَ بِالْآيَاتِ المعجزة، والكتب الْمنزلَة، والبَراهِينِ الْوَاضِحَة: نِعَمٌ مِنْهُ جلّ اسمُه بينةٌ، وَمن لم يصدِّقْ بهَا وردّها فقد كَفَرَ نعْمَة الله أَي سَتَرها وحَجَبَها عَن نَفسه.
وَالْعرب تَقول للزارع: كافرٌ لِأَنَّهُ يَكْفُرُ البَذْرَ المبذورَ فِي الأَرْض بِتُرَاب الأَرْض الَّتِي أثارها ثمَّ أمَرَّ عَلَيْهَا مالَقَه.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز {وَالاَْوْلْادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} (الْحَدِيد: 20) ، أَي أعجب الزُّرَّاعَ نباتُه مَعَ علمهمْ بِهِ فَهُوَ غايةُ مَا يُسْتَحْسَنُ، والغيثُ هَا هُنَا: المطرُ، وَالله أعلم.
وَقد قيل: الكفَّارُ فِي هَذِه الْآيَة: الكفارُ باللَّهِ، وهم أَشد إعجاباً بزينة الدُّنْيَا وحَرْثِها من الْمُؤمنِينَ.
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (لَيُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرْض) قيل وَمَا ذَلِك السُنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمَي جُذَامٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله كَفْراً كَفْراً يَعْنِي قَرْيةً قَرْيَة، وأَكْثرُ من يتَكَلَّم بِهَذِهِ الْكَلِمَة أهلُ الشَّام، يُسَمُّونَ القريةَ: الكَفْرَ.
وَلِهَذَا قَالُوا كَفْرُ تُوثا، وكَفْرُ يعْقابَ وكَفْرُ

(10/113)


بيا. وَإِنَّمَا هِيَ قرى نسبت إِلَى رجالٍ.
وَقد رُوِيَ عَن مُعَاوِيَة أَنه قَالَ: (أهْلُ الكُفُور هم أهلُ القُبور) .
(قلت) : أَرَادَ بالكفور الْقرى النائية عَن الْأَمْصَار ومجتمع أهل الْعلم وَالْمُسْلِمين، فالجهل عَلَيْهِم أغلب، وهم إِلَى البِدع والأهواء المضِلة أسْرع.
وَيُقَال: كافَرَني فلانٌ حَقي إِذا جَحده حقَّه والكفَّارَاتُ سمِّيت كفاراتٍ لِأَنَّهَا تُكفِّرُ الذنوبَ أَي تستُرها مِثل كَفَّارَة الْأَيْمَان، وَكَفَّارَة الظِّهَارِ، والقَتل الْخَطَأ، قد بَينهَا الله جلّ وَعز فِي كِتَابه وَأمر بهَا عباده.
وَأما الحُدودُ فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أدْري: الحدودُ كفاراتٌ لأَهْلهَا أمْ لَا) .
وَرُوِيَ غير ذَلِك، وكافُورُ الطَّلعةِ:
وِعاؤها الَّذِي يَنشَقُّ عَنْهَا، سمي كافوراً لِأَنَّهُ قد كفرها أَي غَطَّاها.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الكافُور: وِعاء طَلْعِ النّخْل.
قَالَ وَيُقَال لَهُ: قَفُورٌ.
قَالَ: وَهُوَ الكفُرَّى، والجُفُرَّى.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الكفِرُ: العظيمُ من الجِبال، وَأنْشد:
تَطلّعَ رَيَّاهُ من الكفِرَاتِ
وَقَالَ أبوعبيد: التكفيرُ: أنْ يضعَ الرجلُ يَديهِ على صَدْره وَأنْشد قَول جرير:
وَإِذا سمعتَ بحرْبِ قَيسٍ بعْدَها
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّروا تكْفيرا
واخْضُعوا وانقَادُوا.
حدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الحَرشيُّ الْبَصْرِيّ قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو الصَّهْبَاء عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي سعيد الخُدْري، رفَعه قَالَ: (إِذا أصبح ابنُ آدمَ فَإِن الْأَعْضَاء تكَفِّرُ كلهَا للسانِ، تَقول: اتقِ الله فِينَا، فَإِن استقمتَ استقمنا، وَإِن اعوجَجْت اعوجَجْنا) ، وَقَوله تكفِّر كلهَا للسان أَي تذلُّ وتقرّ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وتخضع لأَمره، والتكفير أَيْضا: أَن يتكفر المحاربُ فِي سلاحه، وَمِنْه قَول الفرزدق:
حَرْبٌ تردّدُ بَينهَا بتشاجُرٍ
قد كفّرَتْ آباؤها أبناؤها
رفع أبناؤها بقوله: تَرَدّدُ، وَرفع قَوْله: آباؤها. بقوله قد كَفّرَتْ أَي كفرت آباؤها فِي السِّلَاح.

(10/114)


وَقَالَ اللَّيْث: التكفيرُ: إِيمَاء الذمِّي برأْسِه، لَا يُقَال: سَجدَ فلانٌ لفلانٍ وَإِنَّمَا كَفّرَ لَهُ تكفيراً.
قَالَ: والتكفيرُ: تَتويج الْملك بتاج إِذا رؤى كُفِّرَ لَهُ وَأنْشد:
ملكٌ يُلاثُ برأسِهِ تكفيرُ
قَالَ: جعل التَّاج نَفسه هَا هُنَا تكفيراً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : اكْتَفَرَ فلانٌ إِذا لزمَ الكُفورَ. وَقَالَ العجاج:
كالكرْمِ إذْ نادَى من الكافورِ
وكافور الكرمِ: الورقَ المغطِّي لما فِي جَوْفهِ من العُنقودِ، شبّهَه بكافورِ الطّلع لِأَنَّهُ ينفرجُ عَمَّا فِيهِ أَيْضا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز { (وَسَعِيراً إِنَّ الاَْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ} (الْإِنْسَان: 5) قَالَ الْفراء يُقَال: إِنَّهَا عَينٌ تُسَمَّى الكافورَ، وَقد يكون: كَانَ مِزَاجُهَا كالكافورِ لطيب رِيحه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجوز فِي اللغةِ أَن يكون طعمُ الطّيب فِيهَا والكافور، وجائزٌ أَن تمْزَجَ بالكافورِ، وَلَا يكون فِي ذَلِك ضَرَرٌ، لأنّ أهلَ الْجنَّة لَا يَمسهمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَلَا نَصَبٌ ولاَ وَصَبٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكافور: نَبَاتٌ لَهُ نَوْرٌ أَبيض كنورِ الأقحوان، والكافور: عَيْن مَاء فِي الجنةِ طيبِ الرّيح، والكافور: من أخلاط الطّيب، والكافور: وعَاء الطّلع. وَمِنْهُم من يَقُول: هَذِه كفرّاة وَاحِدَة، وَهَذَا كفرّي وَاحِد.
قَالَ: والكَفْرُ: اسمٌ للعصا القصيرة، وَهِي الَّتِي تقطع من سَعفِ النّخل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَفْرُ: الخشَبَةُ الغليظة القصيرة، والكَفْرُ: تَعْظيم الفَارسيِّ لمِلكِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل كفرِّين عفرِّين أَي عفريت خَبِيث، وَرجل مُكَفَّرٌ وَهُوَ المحسان الَّذِي لَا يُشْكر على إحْسانِه.
وكلمةٌ يلهجون بهَا لمن يُؤمر بأمرٍ فَيعْمل على غير مَا أُمر بِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مكْفُورٌ بكَ يَا فلَان عَنَّيْت وآذَيْتَ.
وَيُقَال: كَفَرَ نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْرَاناً وكُفُوراً.
وَالْكَافِر: البَحر، وَيجمع الكافِرُ: كِفَاراً.
وَأنْشد اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفَرَاعنةُ الكِفَارُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الكافرتانِ والكافِلَتانِ: الألْيَتانِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القِيرُ: ثَلَاثَة أَضْرُبٍ الكُفْرُ، والقِير، والزِّفت، فالكُفر يُطلى بِهِ السُّفنُ، والزِّفت يَجْعَل فِي الزِّقاق والكُفْر

(10/115)


ُ يُذاب ثمَّ يُطلى بِهِ السُّفن، وَيُقَال: كافرٌ وكُفَّارٌ، وكَفَرَةٌ.
فكر: قَالَ اللَّيْث: التَّفَكُّرُ: اسْم للتَّفكير، وَيَقُولُونَ: فكّرَ فِي أمره، وتفكَّرَ، وَرجل فِكِّيٌ ر: كثير الإقبال على التّفكُّرِ والفِكْرَة، وكلُّ ذَلِك مَعْنَاهُ وَاحِد.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: الفِكرُ للفكرة والفِكرى على فعْلى: اسْم وَهِي قليلةٌ.
فرك: قَالَ اللَّيْث: الفَرْك: دَلكك شَيْئا حَتَّى يتقّلعَ قشرهُ عَن لُبِّه كاللَّوْز.
والفَرِكُ: المُتفرِّكْ قشره.
وَتقول: قد أَفرَكَ البُرُّ إِذا اشْتَدَّ فِي سُنْبله وبُرٌّ فَرِيكٌ، وَهُوَ الَّذِي فُرِك ونُقِّيَ، والفِرْك: بُغضُ المَرْأَةِ زَوجهَا، وَهِي امرأةٌ فَرُوكٌ، وفارِكٌ، وَجَمعهَا فَوَارِكُ، وَرجل مُفَرَّك: يُبْغضه النِّساء.
قَالَ: وَيُقَال للرجل أَيْضا: فَرَكَها فَرْكاً أَي أَبْغَضها. قَالَ رُؤبة:
وَلم يُضِعها بَين فِرْكٍ وعَشَقْ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي تزوَّجت امْرَأَة شَابة أَخَاف أَن تَفْرَكَني. فَقَالَ عبد الله: إنّ الحبَّ من الله والفِرْك من الشّيطان فَإِذا دخَلتْ عَلَيْك فَصَلِّ ركْعتْين ثمَّ ادْعُ بكَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِرْك: أَن تُبغِضَ الْمَرْأَة زَوجهَا، وَهِي امرأةٌ فَرُوك، وَهَذَا حرف مَخْصُوص بِهِ الْمَرْأَة وَالزَّوْج.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف إبِلا:
إِذا اللْيل عنْ نَشْزٍ تجلى رَمَيْنه
بأَمثال أَبصارِالنِّساءِ الفَوَارِك
يصف إِبلاً شبَّهها بالنِّساءِ الفَوَاركِ لأنّهُنَّ يطمحنَ إِلَى الرِّجال ولَسْن بقاصراتِ الطّرْف على الأَزْوَاج.
يَقُول: فَهَذِهِ الإبلُ تصبح وَقد أسْأَدَتِ الليْلَ كلّه فَكلّمَا أشرف لَهَا نَشْزٌ رميْنه بأبصارِهنَّ من النّشاط، والقوَّة على السَّير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: إِذا أبغضَتِ الْمَرْأَة زَوجهَا قيل: قد فركَتْهُ تفْرَكُه فِرْكاً وفُروكاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أولادُ الفِرْك فيهم نجابةٌ لأَنهم أشبَه بآبائهم، وَذَلِكَ أنّه إِذا وَاقَعَ امرأتَه وَهِي فارِكٌ لم يُشبهها وَلدُه مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: فارَكَ فلانٌ صاحبَه مُفاركةً، وتارَكهُ مُتارَكةً بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو بكر عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: المُفَرَّك: الْمَتْرُوك المبْغَضُ.
يُقَال: فارك فلانٌ فلَانا إِذا تَاركه، فَإِذا أبْغض الزوجُ الْمَرْأَة، قيل: صَلَفها، وصلِفَت عِنْده، وَإِذا أبغضته هِيَ. قيل: فَرِكَتْه، تَفْرَكُه.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أبي عَن أبي هِفّان عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ: خرج أعرابيّ، وَكَانَت امرأتُه

(10/116)


تَفْرَكه، وَكَانَ يَصْلِفها فأتبعَتْه نواةً وَقَالَت: شَطّتْ نواكَ، ثمَّ أتبعَتْه رَوْثة وَقَالَت: رثَيْتُكَ ورَاثَ خبَرُك، ثمَّ أتبعته حَصاة. وَقَالَت: حاصَ رزْقُكَ، وحُصَّ أثرُك، وَأنْشد:
وَقَدْ أُخبِرْتُ أنّكِ تَفْرَكِينِي
وأصلِفُكِ الغَدَاةَ فَلَا أُبَالِي
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا زالتِ الوابلة من العَضُدِ عَن صدفةِ الكتِفِ فاسترخى المَنكب قيل: قد انفرك مَنْكِبُه، وانفركت وابِلَتُه، وَإِن كَانَ مثل ذَلِك فِي وابلةِ الفَخِذ، والورك لَا يُقَال: انفرَك وَلَكِن يُقَال: حُرقَ فَهُوَ محروق.
(أَبُو عُبَيْدَة) : الفَرَك: استرخاءٌ فِي الأذُن.
يُقَال: أذنٌ فركاءُ، وَقد فَرِكَتْ فَرَكاً.
وَقَالَ: هِيَ أشدَّ أصلا من الخذْوَاء.
وَقَالَ النضرُ: بعيرٌ مفروك وَهُوَ الأفَكُّ الَّذِي ينخرم منكِبهُ وتنفكُّ الْعصبَة الَّتِي فِي جَوف الأَخرم.
ركف: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ شمر: ارتكفَ الثلجُ إِذا وَقع فَثَبت على الأَرْض.
ك ر ب
كرب، كبر، ركب، رَبك، برك، بكر: مستعملات.
كرب: قَالَ اللَّيْث: الكربُ مجزومٌ هُوَ الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ، يُقَال: كربه الْغم، وَإنَّهُ لمكروب النَّفس، والكربة: الِاسْم، والكريب: المكروب، وأمرٌ كارب، والكُرُوبُ: مصدر كَرَب يكرُب، وكل شَيْء دنا فقد كرَب.
يُقَال: كرَبت الشَّمْس أَن تغيبَ وكرَبت الجاريةُ أَن تُدرِك.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا اسْتَغْنى أَو كرَبَ اسْتَعَفَّ) . قَالَ أَبُو عبيد: كرب أَي دنا من ذَلِك وقرُب، وكل دانٍ قريب فَهُوَ كارب.
وَقَالَ عبد قيس بن خفَافٍ البُرْجُمِي:
أَبُنيَّ إنَّ أباكَ كارِبُ يَوْمِه
فَإِذا دُعيتَ إِلَى المكارِم فاعْجَلِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : قَالَ: أصُول السَّعَفِ الغِلاَظُ هِيَ الكرَانيف، واحدُها: كِرْنافة، والعريضة الَّتِي تيبسُ فتصيرُ مثل الكتِف هِيَ الكَرَبة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سمِّيَ كَرَبُ النّخل كرَباً لِأَنَّهُ استغنيَ عَنهُ، وكَرَبَ أَن يُقطعَ ودنا من ذَلِك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكرَابة: التَّمْر يُلقَط من الكَرَبَ بعد الصِّرام.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: تكرَّبْتُ الكرَابة إِذا تلقّطتها من الكرَب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكرَابُ: واحدتها: كرَبة، وَهِي مَجَاري المَاء.

(10/117)


وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ صُدورُ الأودية.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف النَّحْل:
جَوَارِسُهَا تَأرِي الشُّعُوفَ دوائباً
وتَنْصَبُّ أَلْهَاباً مَصِيفاً كِرَابُها
الشعوفُ: رُؤُوس الْجبَال، ألهاباً: شُقُوقاً فِي الْجبَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَيْضا: الكربُ: أَن يُشدّ الْحَبل فِي الْعِرَاقِيّ، ثمَّ يثّنى ثمَّ يثَلث، يُقَال مِنْهُ: أكْربْتُ الدَّلوَ فهيَ مُكرَبةٌ.
قَالَ الحطيئة:
قَوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجَارِهِمُ
شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فَوْقَهُ الكَرَبا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: دلوٌ مُكربة: ذَات كرَبٍ، وَقيد مكروبٌ إِذا ضُيِّقَ، وَأنْشد غَيره:
إذَنْ يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مكْرُوبُ
(أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي) : أكربتُ السِّقاء إكرَاباً إِذا ملأته، وَأنْشد:
بَجَّ المزَادَ مُكْرَباً تَوْكيرَا
ورَوى أَبُو الرّبيع، عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ: الكَرُوبِيُّونَ: سادةُ الْمَلَائِكَة. مِنْهُم: جِبريل، وميكائيلُ، وإسرافيلُ.
وَأنْشد شمرٌ لأمية بن أبي الصَّلْت:
كَرُوبيَّةٌ مِنْهُم رُكوعٌ وسُجَّدُ
(اللَّيْث) : يُقَال لكلِّ شيءٍ من الْحَيَوَان إِذا كَانَ وَثِيقَ المفاصل: إِنَّه لمُكْرَبُ المفاصل.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَكرَبَ الرّجلُ إكراباً إِذا أَحضرَ وعَداً، وإنّه لَمُكْرَبُ الخَلْق إِذا كَانَ شديدَ الأسْر.
وَالْعرب تَقول: خُذْ رِجْلَك بإِكْرابٍ أَي أعْجَلْ وأَسْرعْ.
قَالَ اللَّيْث: وَمن الْعَرَب مَن يَقُول: أكربَ الرجل إِذا أَخذ رجلَيْهِ بإكرابٍ، وقلَّما يُقَال.
قَالَ: والكِرَابُ: كَرْبُكَ الأرضَ حَتَّى تقْلبَها، وَهِي مَكروبةٌ مُثارَةٌ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: (الكِرَابُ على البَقر) أَي لَا تُكْرَبُ الأرضُ إِلَّا عَلَى البقَر.
قَالَ: وَمِنْهُم مَن يَقُول: (الكلابَ على الْبَقر) بالنَّصْب أَي أَوْسِدِ الكِلابَ عَلَى الْبَقر الوَحْشيّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَوْلُ هُوَ الأوَّل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبو عَمْرو: المُكْرَباتُ: الْإِبِل الَّتِي إِذا اشتدَّ البرْد عَلَيْهَا جَاءُوا بهَا على أَبْوَاب بُيُوتهم حَتَّى يُصيبَها الدُّخَانُ فتَدْفأَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكرِيبُ: الشَّوَبقُ وَهُوَ الفَيْلَكونُ. وَأنْشد:
لَا يَستوي الصَّوْتَانِ حِين تَجَاوَبَا
صوتُ الكَرِيبِ وصَوْتُ ذِئبٍ مُقْفِرِ
قَالَ: والكَرْبُ: القُرْب، وَالْمَلَائِكَة

(10/118)


الكَرُوِبيُّونَ: أقرب الْمَلَائِكَة إِلَى حَمَلةِ الْعَرْش، والكَرَب: الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ على الدلْو بَعْد المَنِينِ وَهُوَ الحَبْل الأول فإِذا انْقَطع المَنِينُ بَقي الكرَبُ.
والتكريب: أَنْ تَزرعَ فِي الكَرِيب الجادِس، والكريبُ: القَرَاح، والجادِسُ: الَّذِي لم يُزْرَعْ قطُّ.
كبر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النُّور: 11) .
قَالَ الفراءُ: أَجمع القُرَّاء على كَسر الْكَاف، وَقرأَهَا حُمَيْدٌ الأعرجُ وَحْدَه (كُبْرَهُ) وَهُوَ وَجهٌ جيِّدٌ فِي النَّحْو، لِأَن الْعَرَب تَقول: فلانٌ تولَّى عُظْمَ الْأَمر يُرِيدُونَ أكثَره (قلت) : قاسَ الفرَّاء الكُبْرَ على العُظْم، وكلامُ العرَب على غَيره.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّانيِّ عَن ابْن السّكيت أنّه قَالَ: كِبْرُ الشَّيْء: مُعظُمه بالكسْر. وَأنْشد قولَ قيس بن الخَطِيم:
تنام عَن كِبْرِ شَأْنهَا فإِذا
قامتْ رُوَيْداً تكادُ تَنْغَرِفُ
وَمن أمثالهم: (كِبْرُ سياسة النَّاس فِي المَال) .
قَالَ: والكِبْر من التكبُّر أَيْضا، فأَما الكُبْر بالضمّ فَهُوَ أكبر وَلد الرجل.
وَيُقَال: الوَلاء للكُبْر.
أَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ، يُقَال: هَذَا كِبْرَةُ وَلَدِ أَبيه للذَّكر وَالْأُنْثَى، وَكَذَلِكَ: هَذَا عِجزةُ وَلَدِ أَبِيه للذّكر وَالْأُنْثَى، وَهُوَ آخرُ وَلد الرَّجل، ثمَّ قَالَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبيه بِمَعْنى عِجْزَة، وَفِي (الْمُؤلف) للكسائي فلَان عجزةُ وَلَد أَبِيه: آخرُهم وَكَذَلِكَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبِيه.
قَالَ: والمذكَّر والمؤنَّث فِي ذَلِك سواءٌ: بِالْهَاءِ، ذهب شمرٌ إِلَى أنّ كِبْرَة: مَعْنَاهُ عِجْزَة، وَجعله الكسائيّ مِثله فِي اللَّفْظ لَا فِي الْمَعْنى.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله: {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ} (النُّور: 11) بِكَسْر الْكَاف هَكَذَا سمعناه، وَقد كَانَ بَعضهم يَرفع الْكَاف، وأظنها لُغة.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : قَالَ: إِذا كَانَ أقْعَدَهم فِي النَّسَب قيل: هُوَ كُبْر قومه، وإكْبِرَّةُ قومه فِي وَزْن إفْعِلّة، والمرأَة فِي ذَلِك كالرَّجل.
(ابْن السّكيت عَن أبي زيد) : يُقَال: هُوَ صِغْرَةُ ولد أَبِيه وِكبرتهم أَي أكبرهم، وَفُلَان كبرة القومِ، وصغرة الْقَوْم إِذا كَانَ أَصْغَرهم وأكبرهم.
وَقَول الله جلّ وَعز: {سَأَصْرِفُ عَنْءَايَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146) .
قَالَ الزَّجّاج: أَي أجعَل جزاءهم الإضلال عَن هِدَايَة آياتي.

(10/119)


قَالَ: وَمعنى يتكَبرون أَي أَنهم يرَوْنَ أَنهم أفضلُ الْخلق، وأنَّ لَهُم مِن الحقِّ مَا لَيْسَ لغَيرهم.
وَهَذِه الصّفة لَا تكونُ إِلَّا للَّهِ خَاصَّة، لِأَن الله جلّ وَعز هُوَ الَّذِي لَهُ القدرةُ والفضلُ الَّذِي لَيْسَ لأحدٍ مِثله، وَذَلِكَ الَّذِي يستحقُّ أَن يقالَ لَهُ المتكبِّر، وَلَيْسَ لأحدٍ أَن يتكبَّر لأنَّ النَّاس فِي الحقوقِ سواءٌ، فَلَيْسَ لأحد مَا لَيْسَ لغيره، فَالله المتكَبرُ جلّ وَعز، وأَعلم الله أنَّ هَؤُلَاءِ يتكبَّرُونَ فِي الأَرْض بِغَيْر حقَ أَي هَؤُلَاءِ هَذِه صفتُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: فِي قَوْله: {يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146) مِن الكِبَرِ لَا مِن الكِبْرِ أَي يتفضلون ويرون أَنهم أفضلُ من غَيرهم.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وَعز: {قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنَّ أَبَاكُمْ} (يُوسُف: 80) أَي أعْلَمُهُمْ كأنَّه كَانَ رئيسَهمْ، وأمَّا أكْبَرُهم فِي السِّنِّ فرُوبيلُ.
قَالَ: والرئيسُ: شَمعونُ.
وَقَالَ الْكسَائي فِي رِوَايَته: كبيرُهم: يَهُوذَا.
وَقَوله جلّ وَعز: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِى عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} (طه: 71) أَي معلمكم ورئيسكم، والصبيُّ بالحجاز إِذا جَاءَ مِن عِنْد معلمه قَالَ: جِئْت مِن عِنْد كَبيري، والكَبيرُ فِي صفة اللَّهِ تَعَالَى الْعَظِيم الْجَلِيل، المتكبر: الَّذِي تكبر عَن ظلم عباده، وَالله أعلم.
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} (يُوسُف: 31) فأكثرُ المفسِّرينَ يقولونَ: أَعْظَمْنَه.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: أكبَرْنه: حِضْنَ، وَلَيْسَ ذَلِك بِالْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَة.
وَأنْشد بَعضهم:
نأتِي النِّسَاء على أَطْهَارِهنَّ وَلَا
نأتِي النِّساءَ إِذا أكبَرْنَ إكبْارا
(قلت) : وَإِن صحت هَذِه اللَّفْظَة بِمَعْنى الْحيض فلهَا مخرجٌ حسنٌ، وَذَلِكَ أنَّ المرأةَ إِذا حاضتْ أوَّل مَا تحيض فقد خَرجَتْ من حدِّ الصِّغَرِ إِلَى حدِّ الكِبَر. فَقيل لَهَا: أَكبَرتْ أَي حَاضَت فَدخلت فِي حدِّ الكبَر الموجبِ عَلَيْهَا الأمرَ والنّهْيَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سأَلت رجلا من طيىءٍ.
فَقلت لَهُ: يَا أَخا طيىءٍ: ألكَ زَوْجةٌ؟
قَالَ: لَا وَالله مَا تزَوَّجت، وَقد وُعِدْتُ فِي بنتِ عمَ لي.
قلت: وَمَا سِنُّها؟
قَالَ: قد أكْبرَتْ أَو كَرَبَتْ.
فَقلت: مَا أكْبرَتْ؟
فَقَالَ: حاضَتْ.

(10/120)


(قلت) أَنا: فَلُغَة الطَّائِيِّ تصحح أنَّ إِكْبَارَ المرْأَة أوَّلُ حَيْضهَا إلاَّ أنَّ هَاءَ الكِنَاية فِي قولِ الله {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} يَنْفِي هَذَا الْمَعْنى، فالصَّحيح أنَّهُنَّ لما رأين يوسفَ رَاعَهُنَّ جماله فأعظمنه.
وحَدثني الْمُنْذِرِيّ عَن عُثْمَان بن سعيد عَن أبي هِشَام الرِّفاعيِّ، قَالَ: حَدثنَا جَمِيع عَن أبي رَوْقٍ عَن الضَّحَّاكِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} (يُوسُف: 31) قَالَ: حِضْنَ.
(قلت) : فإِنْ صحَّتْ هَذِه الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس سلمنَا لَهُ، وَجَعَلنَا الهاءَ فِي قَوْله أكْبرْنه هاءَ وقفةٍ لَا هاءَ كنايةٍ، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ. وَيُقَال: رجلٌ كَبِير وكُبَارٌ وكُبَّار.
قَالَ الله جلّ وَعز: {خَسَاراً وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً} (نوح: 22) .
والكبِرِياء: عَظمَة الله جاءتْ على فعلياء.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الْكِبْرِيَاء: المْلك فِي قَوْله تَعَالَى: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِى الاَْرْضِ} (يُونُس: 78) .
والاستكْبارُ: الِامْتِنَاع عَن قبولِ الحقِّ معاندةً وتكَبُّراً.
والأكابر: أحياءٌ من بكرِ بن وائلٍ، وهم: شَيبَان، وعامِر، وجليحةُ من بني تيم بن ثَعْلَبَة بن عُكَابةَ، أصابتهمْ سَنَةٌ فانتجعوا بِلَاد تيم، وضبةَ، ونزلوا عَلَى بدرِ بن حَمْرَاء الضَّبِّي فأَجارهم وَوَفَى لَهُم.
فَقَالَ بدر فِي ذَلِك:
وفيتُ وَفَاء لم يَرَ النَّاسُ مِثله
بتِعْشارَ إِذْ تحبو إليّ الأكابرُ
قَالَ: والكُبْر فِي الرِّفعة والشرف.
قَالَ المرّارُ:
وَلِيَ الْأَعْظَم من سُلاَّفها
ولي الهامةُ فِيهَا والكُبرْ
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الكابرُ: السَّيِّد، والكابر: الجَدُّ الأكُبر.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زيد الَّذِي أُري الْأَذَان: (أنهُ أخَذَ عُوداً فِي مَنَامه ليتَّخذ مِنْهُ كَبَراً) رَوَاهُ شمر فِي كِتَابه.
قَالَ شمر: والكَبَر: الطَّبْل فِيمَا بلغنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبَر: الطَّبْل الَّذِي لَهُ وجهٌ واحدٌ بلغَة أهلِ الْكُوفَة.
(ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي) : الكَبَر: الطَّبْل، وَجمعه: كِبار مِثل جملٍ وجمالٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِبْر: الْإِثْم، جعل من أَسمَاء الكبيرةِ كالخِطْءِ من الْخَطِيئَة.
والكِبَر: مصدرُ الْكَبِير فِي السِّنِّ من النَّاس والدّوَابِّ، وَقد كبِرَ كِبَراً، وَإِذا أَردْتَ عظمَ الشِّيءِ والأمْرِ قلتَ: كَبُرَ يكبُر كِبَرا

(10/121)


ً أَيْضا، كَمَا تَقول: عظَمَ يعظُم عِظَماً.
وَتقول: كبُر الأمْرُ يكبُر كَبَارَةً.
وَيُقَال: ورثوا المجدَ كَابِرًا عَن كابرٍ أَي عَظِيما وكبيراً عنْ كبيرٍ فِي الشّرَف والعز.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : قَالَ: الكابر: السّيِّد والكابر: الجَدُّ الْأَكْبَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُلُوك الأكابرُ: جماعةُ أكبرَ، وَلَا تَجوزُ النَّكرةُ فَلَا تَقول: ملوكٌ أَكابرُ، وَلَا رِجالٌ أكَابِر، لِأَنَّهُ لَيْسَ بنعْتٍ إِنَّمَا هُوَ تعجُّبٌ، وَقَول المصلِّي: الله أكبرُ، وَكَذَلِكَ قَول المؤَذِّن، فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أنَّ مَعْنَاهُ: الله كبيرٌ، كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ} أَي هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ. ومِثلُه قَول مَعْنِ بن أَوْسٍ:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
مَعْنَاهُ: وإنِّي لوَجِلٌ، والقولُ الآخر أنَّ فِيهِ ضميراً، الْمَعْنى: الله أكبرُ كبيرٍ وَكَذَلِكَ: الله الأعزُّ أَي أَعَزُّ عزيزٍ. قَالَ الفرزدق:
إنَّ الَّذِي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا
بَيتاً دعائمُه أَعَزُّ وأطوَلُ
مَعْنَاهُ: أعَزُّ عزيزٍ، وأطول طَوِيل.
أخبرنَا ابْن مَنِيعٍ، قَالَ: أخبرنَا عليُّ بن الجَعْد عَن شُعبةَ عَن عَمْرو بن مُرَّة، قَالَ: سمعتُ عَاصِمًا العَنَزِي يحدِّثُ عَن ابْن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عَن أَبِيه أَنَّهُ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يُصَلِّي قَالَ: فكبَّرَ، وَقَالَ: الله أكبر كَبيراً ثلاثَ مراتٍ، ثمَّ ذَكر الحَدِيث بِطُولِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: نصب كَبِيرا لِأَنَّهُ أَقامه مُقَام المصْدر لِأَن معنى قَوْله: الله أكبرُ: أُكبِّرُ الله كَبِيرا بِمَعْنى تَكْبِيرا، يدلُّ على ذَلِك مَا رَوَى سعيد عَن قَتادةَ عَن الْحسن أنُّ نبيَّ الله عَلَيْهِ السلامُ كَانَ إِذا قَامَ إِلَى صلَاته من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلهَ إلاَّ الله، الله أكبرُ كَبِيرا ثَلَاث مرّاتٍ، فقولُه: كَبِيرا بِمَعْنى: تَكْبِيرا فَأَقَامَ الاسمَ مُقَام الْمصدر الْحَقِيقِيّ.
وَقَوله: الْحَمد لله كثيرا، أَي أحمدُ اللَّهَ حَمْداً كثيرا.
وَيُقَال للشَّيخ: قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ، وعلاه المَكْبَرُ إِذا أَسَنَّ.
وَيُقَال للسيف والنَّصْل العَتِيق الَّذِي قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَةٌ. وَمِنْه قَوْله:
سَلاَجِمُ يَثْرِبَ الَّلاتي عَلَتهَا
بِيَثْرِبَ كَبْرَةٌ بعد المرُونِ
(شمرٌ) : يُقَال: أَتَانِي فلانٌ أَكبرَ النَّهَار وشَبَابَ النَّهَار أَي حِين ارْتَفَعَ النهارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَاعَة أكبرَ النَّهَارُ كَمَا
شَدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إعْتَاماً
يَقُول: قتَلناهم أوَّلَ النَّهَار فِي ساعةٍ قَدْرَ مَا يشدُّ المحيلُ أَخْلافَ إِبِلهِ لِئَلَّا يَرضَعها الفُصْلاَنُ.

(10/122)


ركب: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: رَكِبَ فلانٌ فلَانا يَركبُه رَكْباً إِذا قَبَضَ على فَوْدَيْ شَعْره ثمَّ ضَرب جَبْهتَه بركبتَيْه.
قَالَ: ورُكْبةُ البَعيرِ فِي يَده، وَقد يُقَال لذوات الْأَرْبَع كلِّها من الدَّوابِّ: رُكَبٌ، ورُكْبتَا يدَيِ الْبَعِير: المَفْصِلانِ الَّلذانِ يليَانِ البَطْنَ إِذا برَك، وأمَّا المَفْصِلان الناتِئَانِ من خلْف فهما العُرْقوبان.
وَيُقَال: للمُصَلِّي الَّذِي أثَّرَ السُّجودُ فِي جَبْهَتِه: بيْن عَيْنَيْهِ مِثلُ رُكبةِ العَنْز، وَيُقَال لكلِّ شَيْئَيْنِ يستويان ويتكافآن: هُما كركبَتَي العَنْزِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَقعان مَعًا إِلَى الأَرْض مِنْهَا إِذا رَبَضَتْ.
وَيُقَال من الرُّكُوبِ: رَكِبَ يَرْكَبُ رُكوباً، والرَّكْبةُ: مرَّةٌ وَاحِدَة، والرِّكبةُ: ضربٌ من الرُّكوب، يُقَال: حَسنُ الرِّكْبة، وركبَ فلانٌ فلَانا بأَمْرٍ، وارْتكبَه، وكلُّ شَيْء علا شَيْئا فقد رَكبَهُ، وركبَه الدَّيْنُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا سافرتم فِي الخِصْب فأعطوا الرُّكُبَ أَسنَّتَهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: الرُّكُبُ: جمع الرِّكاب، والركابُ: الْإِبِل الَّتِي يسَار عَلَيْهَا، ثمَّ يجمع الركابُ رُكباً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرُّكُبُ لَا يَكون جمع رِكاب.
وَقَالَ غَيره: بعيرٌ رَكُوبٌ، وَجمعه: رُكُب، وَجمع الركاب: ركائب وروَاكِبُ الشَّحْم: طرائقُ بَعْضهَا فَوق بعض فِي مقَدَّمِ السَّنَام، فأمَّا الَّتِي فِي المؤخَّر: فهِي الرَّوَادِف.
والرِّكابةُ: شِبْهُ فَسِيلةٍ فِي أَعْلى النَّخْلَة عِنْد قِمّتِهَا، ربَّما حملتْ مَعَ أُمِّهَا، وَإِذا قُلِعَتْ كَانَ أَفْضل للأمِّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الأصمعيَّ يَقُول: إِذا كَانَت الفَسِيلةُ فِي الجِذْع وَلم تكُنْ مُستأْرِضةً فَهِيَ من خَسِيسِ النّخل، وَالْعرب تسَمِّيها الراكِب.
وَقَالَ شمر: هِيَ الرَّاكوبُ أَيْضا، وَجَمعهَا: رَوَاكيبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: العربُ تسمِّي من يركب السفينةَ: رُكّابَ السفينةِ، وأمَّا الرُّكْبَانُ الأرْكوبُ، والرَّكْب فراكبو الدَّوَابِّ، يُقَال: مَرُّوا بِنَا رُكوبا (قُلت) : وَقد جَعل ابْن أحْمَرَ ركابَ السَّفِينَة رُكباناً فَقَالَ:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكبانُهَا
كَمَا يُهِلُّ الراكبُ المعْتَمِر
يَعْنِي قوما ركبُوا سفينة فغمَّت السماءُ وَلم يَهتدُوا، فَلَمَّا طلع الفرْقدُ كبَّروا لأَنهم اهتدوْا للسَّمْتِ الَّذِي يَؤُمُّونه.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : تَقول: مَرَّ بِنَا راكبٌ إِذا كَانَ على بعيرٍ، والرَّكْب: أَصْحَاب الإبلِ، وهم: العَشَرَة فَمَا فَوْقهَا، والأُركوبُ: أَكثر من الرَّكْبِ، والرَّكَبَةُ أقلُّ من الرَّكْبِ، والرِّكاب: الْإِبِل، واحدتها: راحلةٌ، وَلَا وَاحدَ لَهَا من لفَظِها.

(10/123)


وَمِنْه قيل: زَيْتٌ رِكَابيٌّ أَي يُحمَل على ظُهُور الْإِبِل، فَإِذا كَان الرَّكْبُ على حافرٍ بِرْذَوْناً كَان أَو فرَساً أَو بغلاً أَو حِماراً قلتَ: مرَّ بِنَا فارِس عَلَى حِمار، ومرّ بِنَا فارسٌ على بَغل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : راكِبٌ ورِكابٌ، وَهُوَ نادِرٌ.
قَالَ: والراكِبُ أَيْضا: رأسُ الْجَبَل، والرَّاكِبُ: النخلُ الصِّغار يخرُج فِي أصُول النّخل الكِبار.
والرُّكْبَةُ: أصل الصِّلِّيَانة إِذا قُطعت.
وَقَالَ ابْن شُميلٍ فِي كتاب (الْإِبِل) : الْإِبِل الَّتِي تُخرَج ليُجاءَ عَلَيْهَا بِالطَّعَامِ: تسمى رِكاباً حِين تَخرُج وَبَعْدَمَا تجيءُ، وَتسَمى عِيراً على هَاتين المنزلتين، وَالَّتِي يُسافَرُ عَلَيْهَا إِلَى مَكَّة أَيْضا رِكابٌ يحمَلُ عَلَيْهَا المحامل، وَالَّتِي يُكْرُون ويُحمَل عَلَيْهَا مَتَاع التُّجّار وطعامهم كلُّها ركابٌ، وَلَا تسمى عِيراً، وَإِن كَانَ عَلَيْهَا طعامٌ إِذا كَانت مُؤاجَرة بكرَاء، وليسَ العيرُ الَّتِي تَأتي أهلَها بِالطَّعَامِ وَلكنهَا رِكَابٌ. وَلَا تسمى عِيراً، وَالْجَمَاعَة: الرِّكَائب والرِّكاباتُ إِذا كَانت ركَابٌ لي، وركَاب لكَ وركابٌ لهَذَا، جِئْنَا فِي ركاباتِنا، وَهِي ركابٌ وَإِن كَانَت مرعِيّة: تَقول: تردُ علينا اللَّيْلَة ركابُنا، وَإِنَّمَا تسمى رِكاباً إِذا كَانَ يحدِّث نَفسه بِأَن يبعثَ بهَا أَو ينحدِرَ عَلَيْهَا، وَإِن كَانَت لم تُرْكَبْ قطّ. هَذِه رِكابُ بني فلانٍ.
وَفِي حَدِيث حُذَيفَة: (إنَّما تَهلِكونَ إِذا صرْتُم تَمْشُون الرَّكَباتِ كأنكم يَعَاقِيبُ الحَجَل، لَا تَعْرِفونَ مَعرُوفاً، وَلَا تُنْكِرُونَ مُنكراً) مَعْنَاهُ أَنكُمْ تركبونَ رُؤوسكم فِي الباطلِ والفِتَنِ يَتبعُ بَعْضكُم بَعْضًا بِلَا رَوِيَّةِ.
وأَركَبَ المُهْرُ إِذا حَان رُكوبُه، فَهُوَ مُرْكِبٌ، وتراكَبَ السحابُ وترَاكَم: صَار بعضُه فَوق بعض. وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيب.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} (يس: 72) .
قَالَ الْفراء: اجتمعَ الْقُرَّاء على فتح الرَّاء لِأَن الْمَعْنى فَمِنْهَا يركبون، ويُقوِّي ذَلِك أَن عَائِشَة قرأتْ (فَمِنها رَكُوبتهمْ)
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الرَّكوبة: مَا يركبون.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكوبُ: كل دَابَّة يُركَب، والرَّكوبة: اسمٌ لجَمِيع مَا يُركبُ، اسمٌ للواحدِ والجميع.
قَالَ: والركابُ: الإبلُ الَّتِي تحمل الْقَوْم وَهِي رِكابُ الْقَوْم إِذا حَمَلتْ أَو أريدَ الحملُ عَلَيْهَا، وَهُوَ اسمُ جمَاعَة لَا يُفرد والرِّياحُ: رِكابُ السَّحَاب. قَالَ أُميَّة:
تردَّدُ والرِّياحُ لَهَا رِكابُ
قَالَ: والرَّكِيبُ: مَا بَين نهرَيِ الكَرْم،

(10/124)


والركيبُ يكونُ اسْما للمرَكَّب فِي الشَّيْء مثل الفَصِّ وَنَحْوه، لِأَن المفعَّلُ والمفْعَلَ كلٌّ يردُّ إِلَى فَعيل، وثوبٌ مجدَّد: جديدٌ، ورجلٌ مُطْلقٌ: طليقٌ.
والمرْكَبُ: الدَّابَّة، تقولُ: هَذَا مَرْكَبي، والجميعُ: المراكب.
والمرْكبُ: المصدَرُ، تَقول: ركبْتُ مَرْكباً أَي ركوباً، والمرْكَبُ: الموْضعُ.
والمرْكبُ: الَّذِي يَغْزُو على فرَس غَيره.
وَتقول: هَذَا الرَّجُل كريمُ المركَّب أَي كريمُ الأَصْل.
والرَّكَبُ: رَكبُ المرأةِ. معرُوف، والجميعُ: الأَركابُ، وَلَا يُقَال: رَكبُ الرَّجُل
(قلت) : وغيرُه يجيزُ أَن يُقَال: رَكَب الرجل، وَأنْشد الْفراء:
لَا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ
وَلَا الوشَاحانِ وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دون أَنْ تلتقيَ الأركابُ
ويَقْعُدَ الأيرُ لَهُ لُعابُ
وَقَالَ اللَّيْث: رِكابُ السَّرْج، والجميع: الرُّكُبُ.
قَالَ: والأرْكبُ: العظيمُ الرُّكْبةِ، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ، وَيُقَال: طَرِيق رَكُوبٌ أَي موْطوءٌ مَلْحُوبٌ، وبَعير رَكُوب، بِهِ آثارُ الدَّبَر والقَتَب.
(ابْن شُمَيْل عَن الجعديِّ) : رُكْبانُ السُّنْبُل: سوابقُ السنبُل الَّتِي تخرج فِي أوَّله.
يُقال: قد خرَجت فِي الحَبِّ رُكْبانُ السنبُل.
ورَكُوبة: اسْم ثَنيَّةٍ بحذاء العَرْج سلكها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُهاجَره إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي الحَدِيث: (بَشِّرْ رِكيبَ السُّعاة بقِطْعٍ منْ جَهنمَ مثل قُور حِسْمَي) ، الرَّكيبُ بِمَعْنى الرَّاكب، كَأَنَّهُ أَرَادَ الَّذِي يرْكبُ السُّعاة فيظلمُهمْ ويكتبُ عَلَيْهِم أَكثر ممَّا قبَضوا، ويرفعُه إِلَى مَنْ فَوْقهم، والسُّعاة: الَّذين يقبِضون الصَّدقَات.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: رَكِيب من نخل وَهُوَ مَا غُرسَ سطراً على جَدْوَل أَو غير جدول.
وَقَالَ: يُقَال للقَرَاح الَّذِي يُزرعُ فِيهِ: رَكِيب. قَالَ: تأَبط شرّاً:
وَيوْماً عَلَى أَهلِ الموَاشِي وَتارةً
لأهلِ ركيبٍ ذِي ثَميلٍ وسُنْبُلِ
الثميل: بَقِيَّة مَاء بعد نضوب الْمِيَاه، قَالَ: أهل الركيب: هم الحُضّار.
رَبك: (أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الرَّبِيكةُ: شيءٌ يطْبَخ من بُرَ وتمرٍ.
يُقَال: مِنْهُ: رَبَكْتُه أرْبُكهُ رَبْكاً، وَمن أمثالهم: (غَرْثَانُ فارْبُكُوا لَهُ) وَأَصله أنَّ

(10/125)


رجلا قدِمَ من سفرٍ وَهُوَ جَائِع، وَقد ولدتِ امرأَتهُ لَهُ غُلَاما فَبُشّرَ بِهِ فَقَالَ: مَا أَصنعُ بِهِ أَآكلُه أَمْ أشربُهُ، ففطنت لَهُ امْرَأَته فَقَالَت: (غَرْثانُ فارْبكُوا لَهُ) أَي أَنه جائعٌ فسَوُّوا لَهُ طَعَاما يهجأ غَرَثَه ففَعَلوا فلمَّا شبع قَالَ: كَيفَ الطَّلاَ وأُمُّهُ؟
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّبْكُ: إصلاحُ الثَريدِ وخلطُهُ بِغَيْرِهِ.
والرَّبكُ: أَنْ تُلقَى إِنساناً فِي وَحْلٍ فَيَرْتَبِكَ فِيهِ، وَلَا يُمكنهُ الخروجُ مِنْهُ، والصيدُ يَرْتَبِكُ فِي الحِبالة إِذا نشِبَ فِيهَا، وإِذا تَتعْتَعَ الرَّجلُ فِي كلامِهِ قيل: قد ارْتَبَكَ فِي منطقِه.
وَيُقَال: ارْتَبَكَ الأمرُ، والْتَبَكَ بِمَعْنى وَاحِد إِذا اخْتَلَطَ.
فِي الحَدِيث عَن أبي أمامةَ فِي صفة أهل الْجنَّة: (إِنَّهُم يَركَبونَ المَيَاثِرَ على النُّوقِ الرُّبْكِ، عَلَيْهَا الحَشَايَا) .
قَالَ شمرٌ: الرُّبكُ، والرُّمْكُ: واحدٌ وَالْمِيم أعرفُ.
قَالَ: والأرْمَكُ والأرْبكُ منَ الْإِبِل: الأسودُ، وَهُوَ فِي ذَاك مُشربٌ كُدْرَةً، وَهُوَ شديدُ سوادِ الأذُنْينِ، والدُّفوفِ، وَمَا عدا أذنيِ الأرْمَكِ، ودُفوفَه مشربٌ كُدْرةً.
بكر: قَالَ اللَّيْث: البَكْرُ من الْإِبِل: مَا لم يَبْزُلْ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ، فَإِذا بزَلاَ فجمَلٌ وناقةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: البَكْرُ: ابْن المخاضِ، وَابْن الَّلبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فَإِذا أثنى فَهُوَ جملٌ وَهُوَ جِلَّةٌ، وَهُوَ بعيرٌ حَتَّى يبزُلَ وَلَيْسَ بعدَ البازلِ سنٌّ يُسمى، وَلَا قبل الثّنِيّ سنٌّ يسمَّى.
(قلت) : وَمَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي صحيحٌ، وَعَلِيهِ كَلَام من شاهدتُ من الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: البَكْرَةُ، والبَكَرَةُ: لُغتان للَّتِي يستقى عَلَيْهَا، وَهِي خشبةٌ مستديرةٌ فِي وَسطهَا مَحَزٌّ للحبلِ، وَفِي جوفها مِحْورٌ تَدور عَلَيْهِ.
قَالَ: والحَلَقُ الَّتِي فِي حلية السَّيْف هِيَ البَكَرَاتُ، كَأَنَّهَا فتوخُ النساءِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قولهمْ: جَاءُوا على بَكْرَةِ أَبيهم.
قَالَ قَالَ الأصمعيُّ: يَعْنِي جاءُوا على طريقةٍ واحدةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: معناهُ جَاءُوا بأَجمعهم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ جَاءُوا بَعضهم فِي إثرِ بعضٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ بَكْرَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البُكَيرةُ: تصغيرُ البَكْرَةِ وَهِي جماعةُ الناسِ.
يُقَال: جَاءُوا على بَكْرَتهمْ، وعَلى بكْرَة أُمّهمْ أَي بأَجمعهمْ، وليسَ ثَمَّ بكْرَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَل.
وَقَول الله جلّ وَعز: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذالِكَ} (الْبَقَرَة: 68) .

(10/126)


قالَ أَبُو إِسْحَاق: أيْ ليستْ بِصغيرةٍ وَلَا كبيرَة، وَمعنى (بَين ذَلِك) بَين البِكْرِ والفارضِ.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: البِكْرُ: الجاريةُ الَّتِي لم تقتضَّ، وجمعُها: أبكارٌ، والبِكْرُ: النَّاقة الَّتِي حملتْ بَطنا وَاحِدًا، وبِكْرُهَا: وَلَدهَا، والبَكْرُ: الفَتيُّ من الْإِبِل وَجمعه: بِكارٌ، وبِكَارةٌ.
وَقَالَ أَبُو الهيثمِ: العربُ تسمِّي الَّتِي ولدت بَطنا وَاحِدًا بِكْراً بولدِها الَّذِي تَبتكِرُ بِهِ.
وَيُقَال لَهَا أَيْضا بِكْرٌ مَا لم تَلد، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الأصمعيُّ: إِذا كَانَ أولَ ولد ولدتهُ الناقةُ فَهِيَ بكْرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِكْرُ من النِّسَاء: الَّتِي لم تمسَّ، والبِكْرُ من الرِّجَال: الَّذِي لم يقرب النِّسَاء بعْدُ، والبِكْرُ: أوَّلُ وَلدِ الرجل غُلَاما كَانَ أَو جَارِيَة.
وَيُقَال: أشدَّ الرِّجَال بِكْرٌ ابنُ بِكْرَينِ، وبقرةٌ بِكْرٌ: فتيَّةٌ لم تحمِل، وبِكْرُ كلِّ شَيْء: أولهُ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيّ) : هَذَا بكْر أَبويهِ وَهُوَ أَوَّلُ ولدٍ يولدُ لَهما، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة بِغَيْر هَاء، والجميعُ مِنْهُمَا: أبكارٌ، وبِكْرةُ ولدِ أَبويه: أَكْبرهمْ.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: مَا هَذَا الأمرُ منكَ بِكْراً وَلَا ثِنْياً على معنى: مَا هُوَ بأَول وَلَا ثَان. قَالَ ذُو الرمة:
وقُوفاً لَدَى الأبوابِ طَلاَّبَ حاجةٍ
عوَانٍ من الحاجَاتِ أَو حَاجَةً بِكْرَا
وَبَنُو بكرٍ فِي العرَب: قبيلتانِ: إِحْدَاهمَا: بَنو بكر بن عبد مَناةَ بنِ كِنانةَ.
والأخرَى: بكرُ بن وَائِل فِي ربيعَة، وَإِذا نُسِبَ إِلَيْهِمَا قَالُوا بَكْريٌّ، وَأما بَنو بكر بنِ كِلابٍ فالنسبةُ إِلَيْهِم بَكْرَاوِيٌّ، والبُكْرَةُ من الغَدَاة تُجمع بُكراً وأبكاراً.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَنُذُرِ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} (الْقَمَر: 38) بكرَة وغدوة إِذا كَانَتَا نكرتين أُنثتا وصُرِفتا، وَإِذا أَرَادوا بهما بكرةَ يومِك؛ وغداةَ يَوْمك لم تصرفهما فبكرة هَا هُنَا نكرَة.
والبُكورُ، والتبكيرُ: الْخُرُوج فِي ذَلِك الْوَقْت.
والإبكارُ: الدُّخول فِي ذَلِك الْوَقْت، وَيُقَال: باكَرْتُ الشَّيْء إِذا بكَّرْتَ لَهُ. وَقَالَ لبيد:
بَاكَرْتُ حاجَتَها الدّجَاجَ بسُحْرَةٍ
لأعِلَّ مِنْهَا حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا
أَي بادرْتُ صقيعَ الدِّيكِ سَحَراً إِلَى حَاجَتي.
والباكورُ من كل شَيْء هُوَ المبَكِّرُ السَّرِيع الْإِدْرَاك، والأُنثى: باكورَةٌ، وغيثٌ بَكورٌ، وَهُوَ المبَكِّرُ فِي أوّل الوَسْمِيِّ وَيُقَال أَيْضا: هُوَ الساري فِي آخر اللَّيْل وَأول النَّهَار،

(10/127)


وَأنْشد:
جَرَّرَ السيْلُ بهَا عُثْنُونَه
وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكرْ
وسحابةٌ مِدْلاجٌ: بَكُورٌ.
وَيُقَال: أتيتُهُ باكِراً. فَمن جعل الباكِرَ نعتاً قَالَ للأُنثى: باكِرَة وَقَوله:
... أَوْ أَبكارُ كَرْمٍ تُقَطّفُ
واحِدُها: بِكْرٌ، وهوَ الكَرْمُ الَّذِي حملَ أول حملِه.
وعَسَلٌ أبكارٌ: يُعَسِّلهُ أبكارُ النَّحْل أَي أَفتاؤُها، وَيُقَال: بل أبكار الجوارِي يلينَه.
وكتبَ الحجَّاجُ إِلَى عَامل لَهُ: ابعثْ إليَّ بعَسَل من الدَّسْتَفْشارِ، الَّذِي لم تمَسَّهُ النارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَنَحَّلَها مِن بِكارِ القِطافِ
أُزَيرِقُ آمِنُ إكْسادِها
بِكارُ القطاف جمع باكر كَمَا يُقَال: صَاحب وصِحاب، وَهُوَ أول مَا يُدْرِكُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: نَارٌ بِكْرٌ: لم تُقْتَبَسْ من نارٍ، وحاجةٌ بكْر: طُلِبت حَدِيثا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يزَالُ النَّاس بخيْرٍ مَا بَكَّرُوا بصلاةِ المَغْرِب) مَعْنَاهُ: مَا صَلّوْها فِي أول وَقتهَا.
وَفِي حَدِيث آخر: (مَنْ بَكَّرَ يوْمَ الجُمَعةِ وابتَكر فلهُ كذَا) فَمَعْنَى بَكَّرَ: خرج إِلَى الْمَسْجِد باكِراً، وَمعنى ابتَكرَ: أَدركَ أول الخُطبة.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: من بكر وابتكر إِلَى الْجُمُعَة، تَفْسِيره عندنَا: من بكر إِلَى الْجُمُعَة قبل الْأَذَان، وَإِن لم يأتها باكراً فقد بكَّر، وَأما ابتكارها فَأن تدركَ أول وَقتهَا، وَأَصله من ابتكار الْجَارِيَة، وَهُوَ أَخذ عُذْرتها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَت النخلةُ تُدرِكُ فِي أوّل النّخل، فهيَ البَكورُ، وهنّ البُكُر. وَقَالَ المُتَنَخِّلُ الْهُذلِيّ:
ذلكَ مَا دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ
أحْمَالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: البَكِيرةُ: مِثلُ البَكُور.
(أَبُو زيد) : أبكَرْتُ الوِرْدَ إبكاراً وأبكَرْتُ الغداءَ إبكاراً، وبكَرْتُ على الْحَاجة بكوراً، وغدوْت عَلَيْهَا غُدُوّاً، مثل البُكور، وأبكرْتُ الرّجلَ على صاحبهِ إبكاراً حَتَّى بَكر إِلَيْهِ بُكوراً.
(ابْن شُمَيْل) قَالَ: قَالَ أَبُو البَيْداء: ابتكرَتِ الحاملُ إِذا ولَدَت بِكرَها، وأثنتْ

(10/128)


فِي الثَّانِي، وثلَّثتْ فِي الثَّالِث: ورَبَّعتْ وخَمَّستْ وعشّرتْ.
وَقَالَ بَعضهم: أَسْبَعتْ وأعْشرتْ وأَثمنتْ فِي الثَّامِن وَالسَّابِع والعاشر.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : ابتَكرَتِ المرأةُ ولدا إِذا كانَ أولُ ولدِها ذكرا، وأثْتَنَتْ إِذا جاءتْ بولدٍ ثِني، واثْتلثَتْ ولدَها الثَّالِث، وابتكرْتُ أَنا واثْتنيْت، واثتلثتُ.
برك: قَالَ اللَّيْث: البَرْكُ: الْإِبِل البُرُوك اسمٌ لجماعتها. قَالَ طرَفة:
وبَرْكٍ هُجودٍ قدْ أَثارَتْ مخافتي
نوَاديها أَمْشى بعَضْبٍ مُجَرّدِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : البَرْك: جماعةُ الْإِبِل البُرُوك.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البِرْكة: أَن يَدُرّ لَبنُ النَّاقة بارِكةً فيُقيمَها ويحلُبَها. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وحَلَبْتُ بِرْكَتَها اللَّبُو
نَ لبُونُ جودِك غيرَ ماصِرْ
وَقَالَ اللَّيْث: البِرْكةُ: مَا وَلِيَ الأَرْض من جلدِ بطن البَعير وَمَا يَلِيهِ من الصدْر، واشتِقَاقُه من مَبْرَك الْبَعِير.
والبَرْك: كَلْكَلُ الْبَعِير وصدرُه الَّذِي يَدُوك بِهِ الشَّيْء تَحْتَهُ، يقالُ: حكَّه ودكَّه وداكهُ ببَركه ودلَكه، وَأنْشد فِي صفةِ الحَرْبِ وشدَّتِها:
فأَقعَصتهمْ وحكَّت برْكها بهمُ
وأَعْطتْ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بيَّانِ
قَالَ: والبِرْكة: شِبْه حوْض يُحفرُ فِي الأَرْض، وَلَا يُجعَل لَهُ أعضاد فَوق صَعيد الأَرْض، وَهُوَ البِرْك أَيْضا؛ وَأنْشد:
وأَنتِ الَّتِي كلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأَوْرَدتِنيهِ فانظري أَيّ مَوْرِد
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البِرْكة تطفح مثل الزَّلف، والزلف: وَجه المِرْآة.
(قلت أَنا) : والعرَب تُسمِّي الصهاريجَ الَّتِي سُوِّيتْ بالآجر، وصُرِّجتْ بالنّورة فِي طَرِيق مَكَّة ومناهلِها: بِرَكا، واحدتها: بِرْكة، ورُبَّ بِركةٍ تكون أَلفَ ذِرَاع وَأكْثر وأقلَّ، وَأما الحياضُ الَّتِي تحتفر وتسوّى لماء السَّمَاء وَلَا تُطوَى بالآجرِّ فَهِيَ الأصْناع وَاحِدهَا: صِنْعٌ عِنْدهم.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَرُوكُ من النّسَاءِ: الَّتِي تتزوَّجُ وَلها ولدٌ كبيرٌ واسمُ ذَلِك الْوَلَد: الجَرَنْبَذُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الخَبِيصُ يُقَال لَهُ: البُرُوكَ ليسَ الرُّبُوكُ.
قَالَ وَقَالَ رجلٌ من الأعرابِ لامْرَأَته: هَل لكِ فِي البُرُوكِ؟ فأجابتهُ: إنَّ البُرُوكَ عملُ الملوكِ، والاسمُ مِنْهُ البَرِيكةُ، فأمَّا الرَّبِيكةُ فالحَيْسُ.
وَفِي كتاب شمرٍ، قَالَ: رَوى إِبْرَاهِيم عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لمَالِك بن الرّيْبِ:

(10/129)


إِنَّا وَجدنَا طَرَدَ الهوامِلِ
والمَشْيَ فِي البِرْكةِ والمراجل
قَالَ: البِرْكةُ: جنس من برُودِ الْيمن، وَكَذَلِكَ المَرَاجِلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرَكُ: واحدتها: بُرْكَةٌ وَهُوَ من طيرِ المَاء أَبيضُ. قَالَ زهيرٌ:
ثمَّ اسْتَغَاثَت بماءٍ لاَ رِشَاءَ لَهُ
من الأبَاطِح فِي حَافاتِهِ البُرَكُ
وَيُقَال: ابتَرَكَ الرجلُ فِي عِرْضِ أخيهِ يَقْصِبُه إِذا اجتهدَ فِي ذمه، وَكَذَلِكَ الابِتَراكُ فِي الْعَدو: الاجْتهاد فِيهِ. وَقَالَ زُهَيْر:
مَرًّا كِفَاتاً إِذا مَا الماءُ أَسْهَلهَا
حتَّى إِذا ضَرِبتْ بالسَّوْط تَبْتَرِكُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وهُنَّ يَعْدُونَ بنَا بُرُوكَا
أَي تجتهدُ فِي عدوها.
قَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ القومُ فِي الْحَرْب إِذا جَثَوْا على الرُّكبِ ثمَّ اقتتلُوا ابتراكاً، والبَرَاكاءُ: مُبَاحَتَهُ القتالِ. قَالَ بشرٌ:
وَلَا يُنجِي منَ الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتَالِ أَو الفرارُ
وَقَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ السَّحَابُ إِذا أَلَحَّ بالمطر.
والبِرْكانُ: من دِقِّ الشَّجَر، الواحدةُ: بِرْكانَةٌ. وَقَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى غَدَا خَرِصاً طَلاَّ فرائصُهُ
يَرْعَى شَقائقَ من عَلْقَى وبِركَانِ
وأَخبرني المنذريُّ عَن أبي العبَّاس أنهُ سئلَ عَن تَفْسِير (تَبَارَكَ الله) فَقَالَ: ارتفعَ والمُتَبَارِكُ: المرتفعُ.
وَقَالَ الزَّجاجُ: تَبَارَكَ: تفَاعل منَ البَرَكةِ، كَذَلِك يقولُ أهل اللغةِ.
وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عباسٍ، وَمعنى البَرَكةِ: الكثرةُ فِي كلِّ خيرٍ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: تَبَارَكَ: تَعَالَى، وتعَاظَمَ.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: تَبَارَكَ الله أَي يُتَبَرَّكُ باسمهِ فِي كلِّ أمرٍ.
وَقَالَ الليثُ فِي تَفْسِير: (تَبَارَك اللَّهُ) : تمجيدٌ وتعظيمٌ.
وَقَالَ أَبُو بكر: معنى تبَارك: تقدّسَ أَي تطهر، والمقدّسَ: المطهَّرَ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} (الْأَنْعَام: 155) .
قَالَ: المُبَارَك: مَا يَأْتِي من قبله الخيرُ الكثيرُ، وَهُوَ من نعت كتاب.
وَمن قَالَ: أَنزَلْنَاهُ مُبَاركاً: جَازَ فِي الْقِرَاءَة.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بَارَكْتُ على التِّجَارَة وَغَيرهَا أَي وَاظبتُ عَلَيْهَا.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ

(10/130)


وَمَنْ} (النَّمْل: 8) .
قَالَ: النَّارُ: نورُ الرَّحمن، والنورُ هُوَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى، ومَنْ حوْلها: موسَى والمَلاَئكةُ.
وروَى شَرِيكٌ عَن عَطاء عَن سعيدِ بن جُبيرٍ عَن ابْن عَبَّاس: {نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى} (النَّمْل: 8) ، قَالَ الله تَعَالَى ومَنْ حَوْلهَا: المَلاَئكةُ.
(سلمةُ عَن الفرَّاء) أَنه قَالَ فِي حرف أبَيَ (أَنْ بُورِكَتِ النارُ، ومَنْ حولهَا) .
قَالَ: والعربُ تَقول: بَارَكك اللَّهُ وبَارَكَ فيكَ.
(قلتُ) : وَمعنى بَرَكةِ الله: علوٌّ على كل حالٍ، وأصل البَرَكة: الزِّيَادَة والنماءُ.
والتَّبْرِيكُ: الدعاءُ للإنسانِ وَغَيره بالبَرَكةِ.
يُقَال: بَرَّكْتُ عَلَيْهِ تَبْرِيكاً أَي قلتُ: بَارَكَ الله عليكَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ} (هود: 73) قَالَ: البَرَكاتُ: السَّعَادَة.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَكَذَلِكَ قولُه فِي التَّشَهُّد: (السَّلَام عَلَيْك أَيها النَّبِي ورحمةُ الله وبركاتُه) ، لأنّ منْ أَسْعَدَه الله بِمَا أسعدَ بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَآله فقد نَالَ السَّعَادَة، الْمُبَارَكَة الدائمة.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : بُرَكُ: اسمُ ذِي الحِجَّة، قَالَ: والبُرَك والبَارُوكُ: الكابوسُ وَهُوَ النَّيْدُلاَنُ.
وَقَالَ الْفراء، يُقَال: كِساءٌ بَرَّكانيٌّ وَلَا تقلُ: برْنَكَانيٌّ.
وبَرْكُ الشتاءِ: صدرهُ، وَقَالَ الكميتُ:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشتاءِ منزلهُ
وباتَ شيخُ العيالٍ يصطلبُ
قَالَ: أَرَادَ وَقت طلوعِ العَقْرَبِ، وَهُوَ اسمٌ لعدةِ نجومٍ، مِنْهَا الزُّبانَى والإكليلُ والقَلْبُ، والشَّوْلة وَهِي تَطلعُ فِي شدّةِ البردِ.
وَيُقَال لَهَا: البُرُوك، والجُثُوم، يَعْنِي الْعَقْرَب.
وَيُقَال: للجماعةِ يَتَحَّملون حَمالةً: بُرْكة وجَمَّةٌ، والحَمالةُ نفسُهَا تسمَّى بُرْكةً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : البَرِيكُ: الزُّبدُ بالرُّطَبِ.
ويقالُ: أَبْرَكْتُ النَّاقَةَ فَبَركَت بُرُوكاً.
والتَّبرَاكُ بِفَتْح: التَّاء البُرُوكُ. وَقَالَ جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغانغُ رُكْبَتيْهَا
من التّبْرَاكِ ليسَ من الصَّلاةِ
وأمَّا تِبْرَاكُ بِكَسْر التَّاء فَهُوَ موضعٌ، وَلَا ينصرفُ.

(10/131)


ك ر م
كرم، كمر، ركم، رمك، مكر: مستعملات.
كرم: الكَرِيمُ: من صفاتِ الله عز وَجل وأسمائه، وَهُوَ الكثيرُ الخيرِ الجوادُ المنعمُ المفضِلُ.
وَقَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الاَْرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} (الشُّعَرَاء: 7) .
معنى الزَّوْجِ: النَّوْعُ، والكَرِيمُ: الْمَحْمُود فِيمَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِيهِ، الْمَعْنى من كل نوع نَافِع لَا يُثبتهُ إِلَّا رب الْعَالمين.
وَقَالَ جلّ وَعز: {الْمَلأُ إِنَّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ} (النَّمْل: 29) .
قَالَ بعضهُم: مَعْنَاهُ: حسنٌ مَا فِيهِ، ثمَّ بَينَتْ مَا فِيهِ فَقَالَت: {إنَّهُ منْ سَلَيمانَ وإنَّه بسمِ اللَّهِ الرحمان الرحيمِ أَن لَا تَعْلُوا عليَّ وأْتُوني مسلِمينَ} (النَّمْل: 30، 31) .
وَقيل: {ألقيَ إليَّ كِتاب كريمٍ} (النَّمْل: 29) ، عَنَت أَنه جاءَ من عِنْد رجل كريمٍ.
وَقيل: كتابٌ كرِيمٌ أَي مَخْتومٌ، وَقَوله تَعَالَى: {)) يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) .
قَالَ الْفراء: العرَبُ تَجعل الكَريم تَابعا لكُلِّ شَيْء نَفَتْ عَنهُ فِعْلاً تنْوي بِهِ الذَّمَّ.
يُقَال: أَسَمِينُ هَذَا؟ .
فَيُقَال: مَا هُوَ بسمينٍ وَلَا كَريم، وَمَا هَذِه الدَّارُ بواسعة وَلَا كَريمةٍ.
والكريم: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ مَا يُحمدُ. فَالله كريمٌ حميدُ الفعال.
وَقَالَ: {عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ} {كَرِيمٌ فِى كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} (الْوَاقِعَة: 77، 78) أَي قُرْآن يحمد مَا فِيهِ من الهدْي وَالْبَيَان والعِلم وَالْحكمَة.
وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} أَي سهلاً لينًا، {وَرب الْعَرْش الْكَرِيم الْعَظِيم.
وَقَوله: أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا} (الْإِسْرَاء: 23) أَي كثيرا.
وروينا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإنَّمَا الكَرْمُ الرَّجُلُ المسْلمُ) :
رَوَاهُ أَبُو الزِّناد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله.
وتأويله وَالله أعلم أَن الْكَرم: صفةٌ محمودة، والكريمُ من صِفَات الله جلّ ذِكْرُه. ومَنْ آمن بِاللَّه فَهُوَ كريمٌ، والكَرَم: مصدر يقامُ مُقَامَ الموصُوفِ.
فَيُقَال: رَجْلٌ كَرَمٌ. ورجُلانِ كَرَمٌ، ورجالٌ كَرَمٌ، وامرأةٌ كَرَمٌ، لَا يثنى وَلَا يجمعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لأنَّ معنى قَوْلك: رَجل كَرَمٍ أَي ذُو كرم. وَلذَلِك أُقيم مُقامَ المنعوتِ فُخفِّفَ، والكرْمُ سُمِّي كَرْماً لأنهُ وصف بكَرَمِ شجرته وثمرته.

(10/132)


وَقيل: كرمٌ بسكُونِ الرَّاء لأنَّهُ خُفِّف عَن لَفْظَة كَرَمٍ لما كثر فِي الْكَلَام. فَقيل: كَرْمٌ كَمَا قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
نَزَلْتُ عَلَى عمْرِو بْنِ دَرْعَاءَ بُلْطَةً
فَيَا كَرْمَ مَا جارٍ وَيَا كَرْمَ مَا محلْ
أَرَادَ: يَا كَرَم جارٍ، وَمَا صِلةٌ.
وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَسْمِيَته بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ يُعتْصرُ مِنْهُ المسكِر المنْهيُّ عَن شُرْبه وَأَنه يُغير عَقْلَ شَاربه، ويوقعْ بَين شَرْبه العداوةَ والبغْضَاءَ.
فَقَالَ: الرجُلُ الْمُسلم أَحقُّ بِهَذِهِ الصِّفة من هَذِه الشَّجَرَة الَّتِي يُؤَدِّي مَا يُعْتَصر من ثَمَرهَا إِلَى الأخْلاق الذَّميمة اللئيمة.
قَالَ أَبُو بكر: يُسمى الكَرْمُ كرْماً لِأَن الْخمر الْمُتَّخذ مِنْهُ يحث على السخاء وَالْكَرم وَيَأْمُر بمكارم الْأَخْلَاق فاشتقوا لَهُ اسْما من الْكَرم للكرم الَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ فكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله أَن يُسمى أصل الْخمر باسم مَأْخُوذ من الْكَرم، وَجعل الْمَرْء الْمُؤمن أولى بِهَذَا الِاسْم الْحسن، وَأنْشد:
والخَمْرُ مشتقَّة الْمَعْنى من الكرَمِ
وَلذَلِك سموا الْخمر رَاحا لِأَن شاربها يرتاح للعطاء أَي يخف.
قَالَ: وَيُقَال للكرم: الجَفْنَة والحَبَلة، والزَّرَجُون.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: رَجلٌ كريمٌ، وَقوم كرم كَمَا قَالُوا: أَدِيم وأَدَم وعمود وعمَدٌ، وَأنْشد:
وأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الجَواري
فتنبوا العيْنُ عَن كرمٍ عِجافِ
(قلت) : والنحويون يأبون مَا قَالَ اللَّيْث.
وَيَقُولُونَ: رجلٌ كَرِيمٌ وقومٌ كِرامٌ.
كَمَا يُقَال: صغيرٌ وصِغَارٌ، وكبيرٌ وكِبارٌ.
وَلَكِن يُقَال: رَجُلٌ كَرَمٌ، ورِجَالٌ كَرمٌ أَي ذَوُو كَرَم، ونساءٌ كَرَم أَي ذَوَات كَرَمٍ.
كَمَا يُقالُ: رجُلٌ عَدْلٌ، وقومٌ عدلٌ، ورَجْلٌ حَرَضٌ، وقومٌ حرضٌ، ورَجلٌ دَنَفٌ وقومٌ دنفٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَابْن السّكيت وَهُوَ قَول الْفراء: رجلٌ كَرِيمٌ، وكُرَامٌ، وكُرَّامٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالُوا: وكُرَامٌ: أبلغُ فِي الوصفِ من كريمٍ، وكُرَّامٌ بِالتَّشْدِيدِ، أبلغ من كُرَامٍ.
وَكَذَلِكَ: رجلٌ كبيرٌ وكبَارٌ وكُبَّارٌ وظريفٌ وظُراف وظُرَّافٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال: تكرَّمَ فلانٌ عَمَّا يشينه إِذا تَنَزَّه، وأكرَمَ نَفسه عَن الشَّائِنَات والكَرَامةُ: اسمٌ يوضعُ مَوضِع الإكرامِ، كَمَا وُضعت الطاعةُ مَوضِع الإطاعة، والغارةُ موضعَ الإغارة.
والكَرْمَةُ: الطاقةُ الْوَاحِدَة من الكَرْم.

(10/133)


ويقالُ: هَذِه البقعةُ إِنَّمَا هِيَ كرمةٌ ونَخلةٌ، يُعنى بذلكَ الكَثرَةُ.
وَالْعرب تَقول: هِيَ أكْثرُ الأرضِ سَمْنَة وعَسَلةً.
وَإِذا جاءتِ السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَتْ تَكْرِيماً.
قَالَ اللَّيْث: والمُكْرَمُ: الرجُلُ الكَرِيُم على كلِّ أحد.
وَيُقَال: كَرُمَ الشيءُ الكَرِيمُ كَرَماً، وكَرُمَ فلَان علينا كَرَامة.
والكَرَمُ: أرضٌ مُثارة مُنَقّاة من الحجارةِ.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: للبُقْعَة الطَّيِّبِة التُّربةِ العَذاةِ المنبتِ: هَذِه بقعةٌ مكْرُمةٌ وَيَقُولُونَ للرَّجُل الكَرِيم: مكْرَمَانٌ إِذا وُصف بالسخاءِ وسَعةِ الصدرِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكُرُومُ: القلائدُ، وَاحِدهَا كرْمٌ، وَأنْشد:
تَبَاهَى بصَوْغٍ من كُرُومٍ وفِضَّةٍ
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَجُلاً أهْدى إِلَيْهِ راويةَ خمرٍ فَقَالَ: (إنَّ الله حَرَّمَها، فَقَالَ الرجل: أَفَلا أُكَارِمُ بهَا يَهودَ؟ فَقَالَ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَها حَرَّم أنْ يكَارَمَ بهَا) أَرَادَ بقوله أكَارِمُ بهَا يهودَ أَي أُهديها إِلَيْهِم، فَيُثيبوني عَلَيْهَا.
وَمِنْه قَول دُكَيْن:
يَا عُمَرَ الخَيْراتِ والمَكَارِم
إنِي امْرُؤٌ من قَطَنِ بنِ دَارِم
أَطْلَبُ دَيْني من أخٍ مُكارِمٍ
أَي من أخٍ يْكافِئُني على مدحي إِيَّاه، يَقُول: لَا أطلب جائزتهُ بِغَيْر وسيلةٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أفعلُ ذَلِك وكرْمَة لَك وكُرْمَى لَك، وكَرَامَةً لَك، وكُرْماً لَك، وَكُرْمَةَ عَيْنٍ، ونَعيمَ عينٍ ونُعمْة عينٍ، ونُعْمَ عينٍ، ونُعَامى عَيْنٍ ونَعام عينٍ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب فِي الكُرْمِ:
وأَيْقَنْتُ أَنِّ الجُود منكَ سَجِيَّة
وَمَا عِشْتَ عْيشاً مِثْلَ عْيشِك بالكُرْم
أَراد بالكُرْمِ: الكَرَامَةَ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: يُقَال: كَرُمَتْ أرضُ فلَان العامَ، وَذَلِكَ إِذا دَمَلها فزَكا نَبْتُها، قَالَ: وَلَا يَكْرُمُ الحَبُّ حَتَّى يكونَ كَثير العَصْفِ يَعْنِي التِّبْنَ وَالْوَرق.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : يُقَال لطبق الْقدر والحُبِّ: الْكَرَامَة.
وَقَالَ الْكسَائي: لم يجىء عَن الْعَرَب مَفْعُلٌ مصدرا بِغَيْر هَاء إِلَّا حرفان: مَكْرُمٌ ومعْونٌ.
وَأنْشد فِي المكْرُمِ:
لِيَوْمِ رَوْعٍ أَوْ فَعَالِ مَكْرُمِ
وَقَالَ:
بُثَيْنَ الْزَمِي (لَا) إنَّ (لَا) إِنْ لَزِمْتِهِ
على كَثْرَة الواشينَ أيُّ مَعُونِ

(10/134)


وَقَالَ الْفراء: مَكْرُمٌ: جَمْعُ مَكْرُمَة وَكَذَلِكَ مَعُونٌ: جَمْعُ مَعُونَةٍ، وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يَقُول: إِذا أَنا أَخَذْتُ من عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وَهُوَ بهما ضَنِينٌ فصَبَرَ لي لم أرْضَ لَهُ بِهمَا ثَوَاباً دُونَ الجَنَّةِ) . وَرَوَاهُ بَعضهم: إِذا أَخذْتُ من عَبدِي كَرِيمَتَهُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ إِسْحَاق بنُ مَنْصُورٍ: قَالَ بَعضهم: يُرِيدُ أَهله، وبعضُهم يَقُول: عَيْنَه، قَالَ: وَمن رواهُ كَرِيمَتَيْهِ فهما: العينانِ.
قَالَ شمر: كلُّ شَيْءٍ يَكْرُمُ عَلَيْك فَهُوَ كَرِيمُكَ وكَرِيمَتُكَ، قَالَ: والكَرِيمَةُ: الرجُلُ الحَسيبُ، تَقول: هُوَ كَرِيمَة قَوْمِهِ. وَأنْشد:
وأَرَى كَرِيمَكَ لَا كُرِيمةَ دُونَهُ
وأَرَى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوَادِ
أَرَادَ من يَكْرُمُ عَلَيْك لَا تَدَّخِرُ عَنهُ شَيْئا يَكْرُمُ عَلَيْك.
وَفِي حَدِيث آخِره: (إِذا أَتَاكُمْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ) أَي كرِيمُ قومٍ. وَقَالَ صَخْرُ بنُ عَمْرو:
أَبَى الفَحْرَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي
وأَنْ ليسَ إِهْدَاءُ الخَنَا من شِمَالِيَا
يَعْنِي بقوله كَرِيمَتِي: أخَاه مُعَاوِيَة بن عَمْرو وَأما الحديثُ الآخرُ (خيْرُ الناسِ يَوْمَئذٍ مُؤمِنٌ بَيْنَ كَرِيمْينِ) فإنَّ بَعضهم قَالَ هما الحَجُّ والجِهَادُ، وَقيل أَرَادَ بَين فَرَسَيْنِ يَغْزُو عَلَيْهِمَا.
وَقيل بَين أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ كَرِيميْنِ.
وَيُقَال: هَذَا رجُلٌ كَرَمٌ أَبوهُ وكرمٌ آباؤُهُ، وَقَول الله جلّ وَعز: {وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} (النِّسَاء: 31) قَالُوا حَسَناً وَهُوَ الجَنَّةُ، وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (الْإِسْرَاء: 23) أَي لينًا سهلاً إِكْرَاما لَهما، وَقَوله: {هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ} (الْإِسْرَاء: 62) أَي فضَّلتَ، وَقَوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (الْمُؤْمِنُونَ: 116) أَي الْعَظِيم.
وَقَوله: {كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ} (النَّمْل: 40) أَي عَظِيم مفضل وَقَوله: {أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا} (الْأَحْزَاب: 31) أَي كثيرا.
مكر: قَالَ اللَّيْث: المكْرُ: احتيالٌ فِي خُفْيَة، قَالَ: وَسَمعنَا أنَّ الكَيْدَ فِي الحربِ حلالٌ، والمَكْرُ فِي كلِّ حالٍ حرامٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لله (لَصَادِقُونَ وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (النَّمْل: 50) .
قَالَ غير واحدٍ من أهلِ الْعلم بالتأويلِ: المَكْرُ من الله: جَزَاءٌ، سُمِّيَ باسم مَكْرِ المُجَازَى كَمَا قَالَ: {يَنتَصِرُونَ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا} (الشورى: 40) ، فالثانية ليستْ بسيّئة فِي الْحَقِيقَة، وَلكنهَا سمّيت سَيِّئة للجَزَاء، وَكَذَلِكَ قَوْله جلّ وَعز: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: 194) ، فَالْأول: ظلمٌ

(10/135)


وَالثَّانِي: لَيْسَ بظُلْم، ولكنَّه سُمِّيَ باسم الذَّنب ليُعْلَمَ أَنه عِقابٌ عَلَيْهِ. وجَزَاءٌ بِهِ، ويَجْرِي مَجْرى هَذَا القَوْل قَول الله جلّ وَعز: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النِّسَاء: 142) و {اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (الْبَقَرَة: 15) من هَذَا الضَّرب.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَكْرُ: الغْرَةُ. وَقَالَ القَطَامِيُّ:
بِضَرْبٍ تَهْلِكُ الأبطالُ فِيهِ
وتَمْتَكِرُ اللِّحَى مِنْهُ امْتِكارَا
أَي تَخْتِضِبُ، وَيُقَال لِلأَسدِ: كَأَنَّهُ مُكِرَ بالمَكْرِ أَي طُلِيَ بالمغْرَةِ، والمَكرُ: نَبْتٌ وَجمعه: مُكُورٌ. قَالَ العجاج:
تَظَلُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
النَّضْرُ عَن الجعْدِيِّ قَالَ: المَكْرُ: سَقْيُ الأَرْض، يُقَال: امْكُرُوا الأرضَ فَإِنَّها صُلبةٌ ثمَّ احْرُثُوهَا يُرِيد: اسْقُوهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: المكْرُ: ضرْبٌ من النّباتِ، الواحِدةُ: مَكْرَةٌ، سُمِّيت مَكْرَةً لارْتوائِها، وأمّا مُكُورُ الأغْصَانِ فَهِيَ شَجَرَة على حِدَةٍ.
قَالَ: وضروبٌ من الشجرِ تُسَمَّى المكُورَ مثل الرُّغْل وَنَحْوه.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الممْكُورَةُ من النِّساء: المَطْوِيَّةُ الخَلْقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَكْرُ: حُسْنُ خَدَالةِ السَّاقِ.
يُقَال: هِيَ مَمْكُورَةٌ: مُرْتَوِيَة السَّاقِ خَدْلةٌ، شُبِّهَت بالمَكْرِ من النَّباتِ.
قَالَ: ومَكْوَرَّى: نَعْتٌ للرجُل، يُقَال: هُوَ القصيرُ اللئيمُ الخِلْقَةِ.
وَيُقَال فِي الشَّتِيمةِ: ابْن مَكْوَرَّى، وَهُوَ فِي هَذَا القَوْل: قَذْف، كأنَّها توصفُ بزِنْيةٍ.
قلت: هَذَا حرف لَا أَحْفَظُه لغير اللَّيْث، وَلَا أَدْري أَعَرَبٌ يٌّ هُوَ أَو أَعْجَمِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَكْرَةُ: الرُّطَبة الْفَاسِدَة.
والمكْرةُ: التَّدبِيرُ والحِيلة فِي الْحَرْب.
والمكْرةُ: الساقُ الغليظةُ الحَسْنَاءُ.
والمكْرةُ: السَّقْيَةُ للزَّرْع.
يُقَال: مَرَرْت بزَرْعٍ مَمْكُورٍ أَي مَسْقِيَ.
والمكْرةُ: شجرةٌ، وَجَمعهَا: مُكُورٌ.
ركم: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْمُ: جمعُكَ شَيْئا فَوق شيءٍ حَتَّى تجعلَه رُكاماً مَرْكوماً، كرُكامِ الرَّمْل والسَّحابِ وَنَحْو ذَلِك من الشَّيْء المرْتَكِمِ بعضُه على بعْضٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّكَمُ: السحابُ المُتَرَاكِمُ.
كمر: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المكْمُورُ من الرِّجَال: الَّذِي أَصَاب الخاتنُ كمَرَتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمَرُ: جمع الكَمَرَةِ.
وَقَالَ: رجلٌ كِمِرَّى إِذا كَانَ ضَخْمَ الكَمَرَةِ.

(10/136)


رمك: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَكَةُ: هِيَ الفَرَسُ. والبِرْذَوْنَةُ الَّتِي تتَّخذ للنسل، والجميعُ: الأرْماكُ، وأَمَّا قَول رؤبة:
لَا تَعْدِليِني بالرُّذالاَتِ الحَمَكْ
وَلاَ شَظٍ فَدْمً وَلَا عَبْدٍ فَلِكْ
يَربِضُ فِي الرَّوْثِ كَبِرْذَوْنِ الرَّمَكْ
فإنَّ أَبا عَمْرو زَعمَ أنَّ الرَّمَكَ فِي بَيت رؤبةَ أَصله بالفارسيَّةِ: رَمَهْ.
قَالَ: وقولُ الناسِ: رَمَكَةٌ: خطأٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَمَكَ الرَّجلُ إِذا أَوْطَنَ البَلَد فَلم يَبْرَحْ، ورَمَكَ فِي الطَّعَام رُمُوكاً، ورَجَنَ فِيهِ يَرْجُنُ رجوناً إِذا لم يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وروى أَبُو عبيد عَنهُ: رَمَكْتُ بالمكانِ. وأَرْمَكْتُ غَيْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَمَك بِالْمَكَانِ ودَمَكَ ومَكَدَ إِذا أَقام فِيهِ.
وَقَالَ الْكسَائي: رَمَكَ بِالْمَكَانِ رُمُوكاً، ورَجَنَ رُجوناً.
والرامِكُ: المُقيمُ، بكسرِ الْمِيم.
والرامِكُ بالكسْرِ: الَّذِي يُسَمِّيهِ الناسُ الرَّامَك وَهُوَ شَيْء، يُصَيَّرُ فِي الطَّيبِ.
اللَّيْث: الرامَكُ: شيءٌ أسودُ كالقَارِ يخلط بالمِسْكِ فَيجْعَل سُكًّا، والرَّامَكُ تَتَضَيَّقُ بِهِ المَرْأَةُ.
ابْن السّكيت عَن الْفراء قَالَ: هُوَ الرامِك والرامَكُ، فِي بَاب مَا يُفْتَحُ ويُكْسَرُ.
غَيره: اسْتَرْمَكَ القومُ استرماكاً إِذا اسْتَهْجَنُوا فِي أَحسابِهِم، ورجلٌ رمَكَةٌ إِذا كَانَ ضَعِيفا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اشتدّتْ كُمْتَةُ الْبَعِير حَتَّى يَدخُلَهَا سوادٌ فَتلك الرُّمْكةُ، وبعيرٌ أَرْمَكُ.
ابْن الْأَعرَابِي قَالَ حُنَيْفُ الحَنَاتمِ وَكَانَ من آبَلِ العربِ الرَّمْكاءُ من النُّوقِ: بُهْيَا والحَمْرَاءُ: صُبْرَى والخَوَّارةُ: غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ: سُرْعَى.

(أَبْوَاب الْكَاف وَاللَّام)
ك ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لَكِن، نكل، نلك.
نكل: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ) قيل وَمَا النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قَالَ: (الرَّجلُ القويُّ المُجرَّبُ المُبْدِىءُ المعيدُ على الفَرَسُ المجرَّبِ المبْدِىء المِعيدِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: رجلٌ نَكَلٌ، ونِكْلٌ، ومعناهُ قريبٌ من التَّفْسيرِ الَّذِي فِي الحَدِيث.
قَالَ وَيُقَال: رجلٌ بَدَلٌ وبِدْلٌ، ومَثلٌ ومِثْلٌ وشَبهٌ وشِبهٌ.
قَالَ: وَلم نسْمع فِي (فَعَلٍ وفعْلٍ) بِمَعْنى وَاحِد غيرَ هَذِه الْأَرْبَعَة الأحْرُفِ.

(10/137)


وَأما قَول الله جلّ وَعز: {قَلِيلاً إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً} (المزمل: 12) فَإِن التَّفْسِير جَاءَ فِي الأنكَال أَنَّهَا هَاهُنَا: قُيُودٌ من نَار، واحِدُهَا: نِكْلٌ.
وَقَالَ شمر: النِّكْلُ: الَّذِي يَغلِبُ قِرْنَه، والنِّكْلُ: القَيْدُ، والنِّكْل: اللّجَامُ، وفلانٌ نِكْلُ شَرَ أَي قويٌّ عَلَيْهِ، ويكونُ: نِكلُ شرَ أَي يُنكِّلُ فِي الشَّرِّ، ورَجلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ إِذا نُكِّلَ بِهِ أَعداؤه أَي دُفِعُوا وأُذِلُّوا، والنِّكْلُ: لِجَامُ البريدِ، وَقيل لَهُ نِكْلٌ لِأَنَّهُ يُنكلُ بِهِ المُلْجَمُ أَي يُدفَعُ كَمَا سمّيت حَكمةُ الدابَّةِ حَكمةً لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة عَن الصعوبة.
وَيُقَال: نَكَلَ الرجلُ عَن الأمْر يَنْكُلُ نكولاً إِذا جَبُن عَنهُ، ولُغَة أُخرى: نَكِلَ يَنْكَلُ، وَالْأولَى: أَجودُ.
وَقَالَ اللَّيْث: النّكالُ: اسمٌ لما جَعلْتَهُ نَكالاً لغيره إِذا رَآهُ خافَ أَن يَعمَلَ عَملَه.
قَالَ: والمَنْكَلُ: اسمٌ للصَّخْرِ، (هُذَليةٌ) .
وَقَالَ غَيره: نكَّلْتُ بفلانٍ إِذا عَاقَبْتَه فِي جُرْمٍ أَجْرَمَه عُقُوبةً تُنَكِّلُ غيرَه عَن ارتكابِ مثله، وأَنْكَلْتُ الرجلَ عَن حاجَتِهِ إنْكالاً إِذا دَفَعْتَهُ عَنْهَا، وأَنكَلْتُ الحجَرَ عَن مكانهِ إِذا دَفَعْتَهُ عَنهُ.
وَمِنْه الحديثُ (مُضَرُ صَخْرَةُ الله الَّتِي لَا تُنْكَلُ) أَي لَا تُدْفَعُ عَمَّا سُلِّطَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} (الْبَقَرَة: 66) أَي جعلنَا هَذِه الفَعْلَة عِبْرةً يَنْكُلُ أَن يَفعلَ مثلهَا فَاعِلٌ فينالَه مثلُ الَّذِي نالَ اليهودَ والمعتدينَ فِي السَّبْتِ.
نلك: قَالَ اللَّيْث: النُّلْكُ: شَجَرةُ الدُّبِّ، الواحدةُ: نُلْكةٌ، وَهِي شجرةٌ حَمْلُها زُعْرُورٌ أَصْفَرُ. قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي النُّلْكِ إنَّه الزُّعْرُورُ.
لَكِن: قَالَ اللَّيْث: الألْكَنُ: الَّذِي لَا يقيمُ عَرَبِيَّتَه، وَذَلِكَ لعُجْمةٍ غالبةٍ على لسانهِ.
يُقَال: لُكْنةٌ شديدةٌ، ولُكُونةٌ، وأَخبرني المنذريُّ عَن المُبَرَّدِ أَنه قَالَ: اللُّكْنة: أَن تعترض على كَلَام الْمُتَكَلّم اللغةُ الأعَجِميَّةُ.
يُقَال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً أَو حَبشِيَّةً أَو سندية، أَو مَا كَانَت من لُغاتِ العَجَمِ.
سَلمَة عَن الفراءِ أنَّهُ قَالَ: للْعَرَب فِي لاكِنْ وكُتِبَتْ فِي المَصَاحِفِ بِغَيْر أَلفٍ لَكِن لُغَتَانِ تَشْدِيد النُّونِ مَفْتُوحَة، وإسْكَانُها خَفيفةً، فمَنْ شَدَّدها نَصبَ بهَا الأَسماءَ، ولمُ يَلِهَا (فَعَلَ، وَلَا يَفْعَلُ) وَمن خَفَّفَ نُونَها وأَسْكنها لمْ يُعْمِلْها فِي شيْءٍ: اسْمٍ وَلَا فِعْلٍ، وَكَانَ الَّذِي يعْمَلُ فِي الاسْم الَّذِي بعْدهَا مَا مَعَه مِمَّا يَنْصِبُه أَوْ يرفعهُ أَو يخفِضهُ، من ذَلِك قولُ الله: {وَلَاكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (يُونُس: 44) و {وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (الْأَنْفَال: 17) {وَلَاكِنَّ الشَّيْاطِينَ

(10/138)


كَفَرُواْ} (الْبَقَرَة: 102) رُفعتْ هَذِه الأحْرُفُ بالأفَاعِيل الَّتِي بعْدهَا وَأما قولُهُ جَلَّ وعَزَّ: {بِاللَّهِ حَسِيباً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (يُونُس: 37) فإِنك أَضْمَرْتَ كانَ بعد: (ولَكنْ) فنصبتَ بهَا وَلَو رفعْتَه على أَن تُضمر (هُوَ) فتريد وَلَكِن هُوَ رَسُول الله، كَانَ صَوَابا. وَمثله (وَمَا كَانَ هَذَا القرآنُ أَن يُفترَى من دون الله، ولكنْ تصديقُ) و {تَصْدِيقَ} (يُونُس: 37) وَإِذا أَلْقَيْتَ من (لَكِن) الواوَ الَّتِي فِي أَوَّلها آثرَتِ العربُ تخفِيفَ نونها، وَإِذا أَدخَلوا الواوَ آثروا تشديدها، وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك لِأَنَّهَا رُجُوعٌ عماأَصابَ أوَّل الْكَلَام فشُبِّهَتْ ببلْ إِذْ كَانَت رُجُوعا مِثلَها، ألاَ ترى أَنَّك تَقول: لم يَقمْ أخوكَ بل أَبوك ثمَّ تقولُ: لم يقم أخوكَ لكِن أَبوك فتراهما فِي معنى وَاحِد، وَالْوَاو لَا تَصْلح فِي بل فَإِذا قَالُوا: ولكِنْ فادخلُوا الْوَاو تباعَدت من بل إِذْ لم تصلح فِي بل الواوُ فآثروا فِيهَا تشديدَ النونِ، وَجعلُوا الواوَ كَأَنَّهَا دخلت لعَطفٍ لَا بِمَعْنى بلْ.
وَإِنَّمَا نصبتِ الْعَرَب بهَا إِذا شدَّدتْ نونها لأنَّ أَصلها إنَّ عبد الله قائمٌ زيدت على إنَّ لامٌ وكافٌ فصارتا جَمِيعًا حرفا وَاحِدًا.
أَلا ترى أَن الشَّاعِر قَالَ:
وَلَكِننِي مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ
فَلم يُدخل اللامَ إِلَّا أنَّ مَعْنَاهَا إِن.
وَلَا تجوز الإمالة فِي لَكِن، وَصُورَة اللَّفْظ بهَا لَا كن، وكتبت فِي الْمَصَاحِف بِغَيْر ألف، وألفها غير ممالة.
وَقَالَ الكسائيُّ: حرْفان من الِاسْتِثْنَاء لَا يقعان أَكثر مَا يقعان إِلَّا مَعَ الْجحْد، وهما: بل وَلَكِن.
قَالَ: والعربُ تجعلهما مثل وَاو النَّسَق.
ك ل ف
كلف، كفل، فلك، فَكل، لفك: مستعملات.
كلف: قَالَ اللَّيْث: كَلِفَ وجهُهُ يَكْلَفُ كَلَفاً، وبَعِيرٌ أكْلَفُ، وَبِه كُلْفَةٌ كل هَذَا فِي الْوَجْه خَاصَّة، وَهُوَ لونٌ يَعْلُو الجلدَ فيغيِّرُ بشرتَه.
وَيُقَال للبَهَقِ: الكَلَفُ وَالْبَعِير الأَكْلَفُ يكون فِي خدَّيه سوادٌ خفِيٌّ.
قَالَ: وخَدٌّ أَكْلَفُ أَي أَسْفَعُ.
وَقَالَ العجَّاج:
عَنْ حَرْفِ حَيْشُومٍ وخَدَ أَكْلَفَا
يصف الثور.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا كَانَ البعيرُ شديدَ الحمرَة يخلِط حُمرَته سوادٌ لَيْسَ بخالصٍ فتلكَ الكُلْفَةُ، وَهُوَ أَكْلَفُ، وناقة كَلفَاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلِفْتُ هَذَا الأمرَ وتكلَّفتُه.

(10/139)


قَالَ: والكُلْفَة: مَا تكلّفْتَ من أمرٍ فِي نائبةٍ أَو حقَ، والجميعُ: الكُلَفُ.
وَيُقَال: فلانٌ يتكلَّفُ لإخوانه الكُلَفَ، والتكاليفَ.
والمُكَلَّفُ: الوقَّاعُ فِيمَا لَا يعنيه.
وذُو كُلاَفٍ: اسمُ وادٍ فِي شِعْر ابْن مُقبل.
وَقَالَ شمر وَغَيره: من أَسمَاء الْخمر: الكَلْفَاء والعَذْرَاء.
أَبُو زيد: كَلِفْتُ مِنْك أمرا كَلَفاً، وكَلِفْتُ بهَا أشدَّ الكَلَفِ إِذا أَحبها، ورجلٌ مِكْلافٌ: مُحبٌّ للنِّسَاء، وَرجل كَلِفٌ بِالنسَاء: مِثلُه.
كفل: قَالَ الله جلّ وَعز: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا} (النِّسَاء: 85) .
قَالَ الفرّاء: الكِفْلُ: الحظُّ، وَمِنْه قَول الله: {بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن} (الْحَدِيد: 28) مَعْنَاهُ: حظّين.
وَقَالَ الزجَّاج: الكِفْلُ فِي اللُّغَة: النَّصِيب أُخذ من قَوْلهم: اكتَفلْتُ البعيرَ إِذا أدرتَ عَلَى سَنَامه أَو على مَوضِع من ظهرهِ كسَاء وركبْتَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قيل لَهُ كِفْل وَقيل: اكتَفلَ البعيرَ لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل الظَّهرَ كلّه إِنَّمَا اسْتعْمل نَصِيبا من الظّهْر.
وَقَالَ ابْن الأنباريِّ فِي قَوْلهم: قد تكفّلْتُ بالشَّيْء مَعْنَاهُ قد ألزمْتهُ نَفسِي، وأزلْتُ عَنهُ الضَّيْعة والذّهاب وَهُوَ مَأْخُوذ من الكِفْل.
والكِفْلُ: مَا يحفظُ الرَّاكبَ من خَلفه، والكِفْلُ، النصيبُ: مَأْخُوذ من هَذَا، وَرجل كِفْل: لَا يثُبت على الْجمل: لَيْسَ من الأوَّل.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ: عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُمِّي ذَا الكِفْل لِأَنَّهُ كفَلَ بمئة ركعةٍ كلَّ يَوْم.
قَالَ: والكِفْلُ: الَّذِي لَا يثبُت على مَتْن الْفرس، وَجمعه: أكْفال، وَأنْشد:
مَا كُنْتَ تَلْقى فِي الحُروب فوَارسي
مِيلاً إِذا رَكِبُوا وَلَا أَكفَالا
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: إنَّ ذَا الكِفْل سُمِّي بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ تكفَّل بأَمر نبيَ فِي أُمته، فَقَامَ بِمَا يجبُ فيهم.
وَقيل: تكفّلَ بِعَمَل رجل صَالح فَقَامَ بِهِ.
ورُوي عَن إِبْرَاهِيم: أَنه كره الشُّربَ من ثُلمةِ القَدَح أَو العروة، وَيُقَال: إِنَّهَا كِفْلُ الشَّيْطَان.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ: الكِفْلُ: أَصله: المرْكَبُ، فَأَرَادَ أَن العُروةَ والثُّلمةَ: مركبُ الشْيطان.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والكِفْلُ أَيْضا: ضِعفُ الشيءِ.
وَيُقَال: إِنَّه النصيبُ.
النَّضْرُ عَن أبي الدُّقْيشِ: اكتَفَلْتُ بِكَذَا إِذا وَلَّيتَه كَفَلَك، قَالَ: وَهُوَ الافتعال،

(10/140)


وَأنْشد:
قدِ اكْتَفلَتْ بالحَزْن واعوَجَّ دُونَها
ضَوَارِبُ مِن خَفَّانَ مُجْتابةً سِدْرَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ أَنشده بيتَ خِدَاش بن زُهير:
إِذا مَا أَصَاب الغَيْثُ لم يَرْعَ غيثَهُمْ
من النَّاس إلاّ مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
قَالَ: والمُحْرِمُ: المُسالِم، والْمُكافِلُ: المُعَاقِدُ المحالِف، والكَفِيلُ: من هَذَا أُخِذ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكافِلُ: الَّذِي لَا يَأْكل، وَيُقَال للَّذي يَصل الصيامَ من النَّاس: كافِلٌ.
وَقَالَ القطاميُّ يصف إبِلا عِطاشاً:
يَلُذْنَ بِأَعْقَارِ الحِياض كأَنَّها
نِساءُ النصارَى أَصبحَتْ فهْيَ كُفَّلُ
قَالَ ابْن لأعرابي فِي قَوْله: وَهِي كفّلُ أَي ضَمِنَتِ الصَّوْم.
وروى أَبُو إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن أبي مُوسَى (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحمِته) قَالَ: ضِعفين، وَقيل: مِثْلين.
يُقَال: مَا لفُلَان كِفْلٌ: أَي مَاله مِثْلٌ.
قَالَ عَمْرو بن الْحَارِث:
يَعْلُو بهَا ظَهْرَ الْبَعِير وَلم
يوجَد لَهَا فِي قَومهَا كِفْلُ
كأَنّه بِمَعْنى مِثل، قَالَ الأزهريُّ: والضِّعْفُ يكون بِمَعْنى المِثل.
وَفِي حديثٍ آخر: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجُل: (لكَ كِفْلاَنِ من الأجْر) . أَي مِثلان، والكِفْلُ: النصِيب، والأجْر يُقَال: لَهُ كِفْلان أَي جزآن ونصيبان.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَكْفَلْتُ فلَانا المالَ إِكْفالاً إِذا ضمَّنْتَه إيَّاهُ، وكفَلَ هُوَ بِهِ كُفولاً وكَفْلاً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى} (ص: 23) .
قَالَ الزَّجَّاج: مَعْنَاهُ اجْعَلْني أَنا أَكفُلُهَا وانْزِلَ أَنتَ عَنْهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كَفِيلٌ وكَافِلٌ، وضَمِينٌ وضامِنٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وقرىءَ قولُ الله جلَّ وعزَّ: (وكَفَلَهَا زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) بِالتَّخْفِيفِ، وقُرِىءَ (وكَفَّلَهَا زكريَّاءَ) أَي وكفَّلَها اللَّهُ زكرياءَ أَي ضَمَّنَه إيَّاها حَتَّى تكَفَّل بحَضَانَتها، وَمن قرأَ (وكَفَلَها زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) فالفعلُ لزكرياء أَي ضَمِنَ القيامَ بأَمْرِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَفَلُ: رِدْفُ العَجُزِ، وَإِنَّهَا لَعَجْزاءُ الكفَل.
قَالَ: والكِفْلُ من الأَجْر والإثمِ: الضِّعْفُ.
يُقَال: لَهُ كِفْلاَن من الأجْرِ، وَلَا يُقَال: هَذَا كِفْلُ فلانٍ حَتَّى تكونَ قد هَيَّأْتَ لغيره مِثلَه كَالنَّصِيب، فَإِذا أَفردْتَ فَلَا يُقَال:

(10/141)


كِفْلٌ وَلَا نصيب.
قَالَ: والكِفْلُ من الرِّجال: الَّذِي يكون فِي مُؤخَّرِ الحَرْب، إِنَّمَا همَّتُه التأخُّر والفِرارُ وَهُوَ بَيِّنُ الكُفُولة.
قلتُ: الكِفْلُ من الرِّجَال: الَّذِي يكونُ فِي مؤخّر الْحَرْب لَا يَثْبُتُ عَلَى ظَهْر الدَّابة.
وَقَالَ اللَّيْث: الكفِيل: الضامِنُ للشيءِ.
يُقَال: كَفَلَ بِهِ يَكْفُلُ كَفَالةً، وأمّا الكَافلُ. فَهُوَ الَّذِي كَفَلَ إنْسَانا يَعُولُه ويُنْفِقُ عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (الرَّبِيبُ كَافِلٌ) وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ الْيَتِيم، كأَنّه كفَل نفقتَه.
لفك: عَمْرو عَن أَبِيه: العَفِيكُ واللَّفِيكُ: المُشْبَعُ حُمْقاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الألْفَكُ والألْفَتُ: الأَعْسَرُ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: الأَلْفَكُ: الأحمَقُ.
فلك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَفْلَكُ: الَّذِي يَدُور حَوْلَ الفَلَك، وَهُوَ التَّلُّ من الرّمل، حولَه فضاءٌ.
وَقَالَ الليثُ: الفَلَكُ جَاءَ فِي الحَدِيث أنّه دَوَرَانُ السماءِ وَهُوَ اسمٌ للدَّوَران خاصَّةً، وأمَّا المُنَجِّمُونَ فَيَقُولُونَ: سبعةُ أَطْوَاقٍ دُونَ السماءِ قد رُكِّبَتْ فِيهَا النجومُ السبعةُ، فِي كلِّ طَوْقٍ مِنْهَا: نجْمٌ، وَبَعضهَا أَرفعُ من بعض تَدُورُ فِيهَا بإِذن الله.
وَقَالَ الفرَّاء يُقَال: إنَّ الْفَلَكَ: مَوْجٌ مَكْفورٌ تجْرِي فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب.
وَقَالَ الكَلْبيُّ: الفَلَكُ: اسْتِدارةُ السماءِ.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَول الله: {سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى} (الْأَنْبِيَاء: 33) لكلَ مِنْهَا فَلَكٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفَلَكُ: قِطَعٌ من الأَرْض تستديرُ وترتفع عَمَّا حولهَا، والواحدة: فَلَكَةٌ، وَقَالَ الرَّاعِي:
إِذا خِفْنَ هَوْلَ بُصونِ البِلادِ
تَضَمَّنَهَا فَلَكٌ مُزْهِرُ
يَقُول: إِذا خافتِ الأدْغَالَ وبطونَ الأرضِ ظَهَرَتِ الفَلَكَ.
شمر عَن ابْن شميلٍ الفَلْكَةُ: أَصَاغِرُ الإكامِ وَإِنَّمَا فَلَّكَهَا اجْتماعُ رَأْسهَا كأَنها فَلْكةُ مِغْزَلٍ لَا تُنْبِتُ شَيْئا، والفَلْكَةُ: طويلةٌ قدرُ رُمْحَيْنِ أَو رُمْحٍ ونصفٍ، وَأنْشد:
يَظَلاَّنِ النَّهارَ برَأْسِ قُفَ
كُمَيْتِ اللَّوْنِ ذِي فَلكٍ رَفيعِ
وَقَالَ اللَّيْث: الفُلْكُ تُذَكَّرُ وتُؤنَّثُ وَهِي وَاحِدَة، وتكونُ جَمعاً، قَالَ الله تَعَالَى فِي التوحيدِ: {فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (يس: 41) فذكَّرَ الفُلكَ. وَقَالَ فِي الجمعِ {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} (يُونُس: 22) فأَنَّثَ وجَمعَ، ويجوزُ أَن يُؤنَّثَ واحدهُ كقولهِ تَعَالَى: {جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} (يُونُس: 22) فَقَالَ: جَاءَتْهَا فأَنَّثَ وَقَالَ: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ} فجمَعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَلَّكَتِ الجاريةُ تَفْليكاً إِذا

(10/142)


تَفلَّكَ ثَدْيُهَا أَي صَارَ كالفَلْكةِ وَأنْشد:
جَارِيَةٌ شَبَّتْ شَبَاباً هَبْرَكَا
لم يَعْدُ ثَدْيَا نَحْرِهَا أَنْ فَلَّكَا
مُسْتَنْكِرَانِ المَسَّ قد تَدَمْلَكَا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّفْليكُ: أَنْ يَجْعَلَ الرَّاعِي مِن الهُلْبَ مثلَ فَلْكةِ المِغْزَلِ ثمَّ يَثْقُبُ لِسانَ الفَصِيلِ فيَجْعَلهُ فِيهِ لِئلا يَرضَعَ ثدْي أُمِّهِ.
قَالَ ابنُ مُقبلٍ فِيهِ:
رُبَيِّبُ لمْ تُفَلِّكهُ الرِّعَاءُ وَلمْ
يَقْصُرْ بِحَوْمَلَ أَدْنَى شُرِبْهِ وَرَعُ
أَي كَفٌّ.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَّكتُ الجَدْيَ، وَهُوَ قضيبٌ يُدارُ عَلَى لسانهِ لِئَلاَّ يَرضَعَ.
قلت: والصوابُ فِي التَّفْليكِ مَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَجُلاً وَهُوَ جَالِسٌ عِندهُ فَقَالَ: إِنِّي تركْتُ فرسكَ كأَنَّهُ يَدُورُ فِي فَلَكٍ.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: فِي فَلَكٍ، فيهِ قولانِ: فأَمَّا الَّذِي تَعرفُهُ العامَّةُ شَبَّهَهُ بِفَلكِ السَّمَاء الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ النجومُ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: القُطْبُ، شُبِّهَ بقُطْبِ الرَّحَا.
قَالَ وَقَالَ بعضُ الْأَعْرَاب: الفَلَكُ: المَوْجُ إِذا ماج فِي البحْرِ فَاضْطربَ وَجَاء وَذهب، فَشبَّه الفرسَ فِي اضْطِرابهِ بذلك، وَإِنَّمَا كانتْ عَيْناً أَصَابتْهُ وَقَول رؤبة:
وَلاَ شَظٍ فَدْمٍ وَلاَ عَبْدٍ فَلِكْ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَلِكُ: العَبْدُ الَّذِي لَهُ أَلْيَةٌ على خِلْقةِ الفَلْكةِ، وأَليَاتُ الزِّنْجِ مُدَوَّرَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَيْلَكُونُ: الشُّوبَقُ.
(قلت) : وهما مُعَرَّبانِ مَعًا.
وَيُقَال فَلْكةٌ، وفَلَكةٌ لِفَلْكةِ المِغْزَلِ.
فَكل: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الأَفكَلُ: رِعْدةٌ تَعْلُو الإنسانَ، وَلا فِعْلَ لَهُ.
وَيُقَال: أَخذَ فُلاناً أَفْكَلٌ إِذا أَخذَتْهُ رعْدةٌ.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ مُوسَى لمَّا ضَربَ البَحْرَ بعَصَاهُ فانْفرقَ بَاتَ وَله أفْكَلٌ أَي رِعْدةٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: افْتَكَلَ فلانٌ فِي فعْلهِ افتكَالاً، واحْتفل احتفالاً بِمَعْنى واحدٍ.
ك ل ب
كلب، كبل، لبك، لكب، بلك، بِكُل: مستعملات.
أما بلك، ولكب فإنَّ اللَّيْث أهملها، وهما مستعملانِ.
لكب: روى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: المَلْكَبَةُ: الناقةُ الكثيرةُ الشَّحْم واللَّحْم.
قَالَ: والملكَبَةُ: القيادةُ.
بلك: ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: البُلْكُ. أَصْواتُ الأشْداق إِذا

(10/143)


حرَّكتْها الأصابعُ من الوَلَع.
كلب: قَالَ اللَّيْث: الكَلْب: وَاحِد الكِلاب. قَالَ: والكَلْبُ الكَلِبُ: الَّذِي يَكْلَبُ فِي أَكل لُحُوم النَّاس فيأْخذُه شِبْهُ جُنونٍ، فإِذا عَقَرَ إنْسَانا كَلِبَ المعقورُ وأصابه داءُ الكَلَب، يَعْوِي عُواءَ الكَلْب، ويمزِّق ثِيَابه عَن نَفسه. ويَعقِرُ مَنْ أصابَ ثمَّ يَصير آخر أمره إِلَى أَنْ يأخذَه العُطَاشُ فيموتَ من شدَّة العَطش وَلَا يشرب.
ورجُل كَلِبٌ، وَقد كَلِبَ كَلَباً إِذا اشتدَّ حِرْصُه على طلب شيءٍ.
وَقَالَ الحَسن: إنَّ الدُّنيا لمّا فُتِحتْ عَلَى أَهلهَا كَلِبوا عَلَيْهَا أَشدَّ الكَلَب، وعَدَا بعضُهم على بعض بِالسَّيْفِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَلْب: خَرْزُ السَّيْرِ بَين سَيْرَيْن، كلَبْتُه أَكلُبُه كَلْباً وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث. وَأنْشد:
سَيْرُ صَنَاعٍ فِي خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الكَلْبُ: مِسمارٌ يَكون فِي رَوافد السَّيْفِ يُجعلُ عَلَيْهِ الصُّفْنَةُ وَهِي السُّفرة الَّتِي تُجمَعُ بالخيط.
قَالَ: والكَلْبُ: أوَّلُ زيادةِ المَاء فِي الْوَادي.
والكَلْبُ: مِسْمارٌ على رَأس الرَّحْل يُعَلِّقُ عَلَيْهِ الراكبُ السَّطِيحَةَ.
والكَلْبُ مِسمارُ مَقْبِض السَّيْف، وَمَعَهُ آخرُ يُقَال لَهُ: العَجوزُ.
وَقَالَ: الكَلَبُ: القِيادةُ، والكَلَبُ: الأكلُ الكثيرُ بِلَا شِبَع، والكَلْبُ: القِدُّ، والكَلَبُ: وُقوعُ الحبْل بَين القَعْوِ والبَكْرَة، وَهُوَ المَرَسُ، والْحَضَبُ.
والكَلَبُ: أَنفُ الشِّتاء وحَدُّهُ. والكَلَبُ: صياحُ الَّذِي قد عضَّه الكلْب.
قَالَ: وَقَالَ المُفَضّل: أَصْلُ هَذَا أنَّ دَاء يقعُ على الزرْع فَلَا يَنْحَلُّ حَتَّى تطلُع عَلَيْهِ الشَّمْس فيذوبَ، فإِنْ أَكَلَ مِنْهُ المالُ قبلَ ذَلِك مَاتَ.
وَمِنْه مَا رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهَى عَن سَوْمِ اللَّيْل أَي عَن رَعْيِه، وَرُبمَا نَدَّ بعيرٌ فأَكل من هَذَا الزَّرْع قبْل طُلُوع الشَّمْس، فإِذا أَكله مَاتَ، فَيَأْتِي كلْبٌ فيأكلُ من لحمِه فيَكْلَبُ، فإِن عَضَّ إنْسَانا كَلِبَ المعضوضُ، فإِذا سَمع نُباحَ كلبٍ أَجَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: دَهْرٌ كَلِبٌ: قد أَلَحَّ عَلَى أَهْلِه بِمَا يَسُوءُهم. وَأنْشد:
مالِي أَرَى الناسَ لَا أَبَا لَهُمُ
قد أَكلوا لحمَ نَابِحٍ كَلِبِ
ويقالُ للشجرة العارِدَةِ الأغصان، والشَّوْكِ اليابِسِ المقْشَعِرَّةِ: كَلِبَةٌ. والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ: خشبةٌ فِي رَأسهَا عُقافَةٌ مِنْهَا أَو من حَدِيد، فأمّا الكلبتان: فالآلة الَّتِي تَكون مَعَ الحدَّادِين وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: وحَديدةٌ ذاتُ كَلْبَتيْن وحَدِيدتانِ ذَوَاتَا كَلْبتين وحَدَائدُ ذَوَات كَلْبتين فِي الْجمع.

(10/144)


وكَلاَلِيبُ البَازِي: مَخَالبُه.
قَالَ. والكَلْبُ: من النُّجُوم بحِذَاء الدلْو من أَسْفَل، وعَلى طَرِيقَته نَجْمٌ آخرُ يُقَال لَهُ: الرَّاعِي.
والكَلِيبُ: جماعةُ الكِلاب، والكَلاَّبٌّ، والْمُكَلَّبُ: الَّذِي يُعلَم الكلابَ أخْذَ الصَّيد.
وكَلْبٌ: وكُلَيْبٌ، وكِلاَبٌ: قَبائلُ مَعْرُوفَة.
والكُلْبَةُ: شِدَّةُ البرْد. وَأنْشد:
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ وكانَتْ
قد أقامَتْ بِكُلْبَةٍ وقِطَارِ
وَيُقَال: كَلِبَ عَلَيْهِ القِدُّ كَلَباً إِذا أُسِرَ بِهِ فيَبِسَ وعضَّه.
وأَسِيرٌ مُكَلَّب ومُكَبَّلٌ أَي مقيَّدٌ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ: مأْسُور بالقِدِّ.
وأرْضٌ كَلِبَةُ الشَّجَر إِذا لم يُصِبْها الرَّبيع.
اللحياني: اكْتَلَبَ الخارِزُ إِذا استَعمل الكُلْبَةَ، والكُلْبَةُ: السَّير وراءَ الطَّاقَة من اللِّيف، تسْتَعْمل كَمَا يسْتَعْمل الإِشْفَى الَّذِي فِي رَأسه جُحْرٌ يَدْخَلُ السيرُ أَو الخيْطُ فِي الكُلْبَة، وَهِي مَثْنِيَّة، فيُدخَل فِي مَوضِع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارزُ يَده فِي الإدَاوةِ، ثمَّ يَمُدُّ السيرَ أَو الخيطَ، والخارِزُ يُقَال لَهُ: مُكْتَلِبٌ.
ولِسَان الكَلْبِ: اسْم سيفٍ كَانَ لأوس بن حارثةَ بن لأْمٍ الطائيّ وَفِيه يَقُول:
فإنَّ لسَانَ الكَلْبِ مانعُ حَوْزَتي
إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفنَاءُ بُحْتُرِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الناسُ فِي كُلْبَةٍ أَي فِي قَحْطٍ وشدَّةٍ من الزَّمَان.
ورَأْسُ الكَلْبِ: اسمُ جَبلٍ مَعْرُوف.
أَبُو زيد: كُلْبَة الشتاءِ وهُلْبَتُه: شِدَّتُه.
وَقَالَ الْكسَائي: أَصَابَتْهُم كُلْبَةٌ من الزَّمَان فِي شدَّة حَالهم وعيشهم، وهُلبةٌ من الزَّمان.
قَالَ، وَيُقَال: هُلْبة، وهُلُبّةٌ من الحرّ وَمن القُرّ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل عَن أَبي خَيْرةَ: أرضٌ كَلِبَةٌ: أَي غليظةٌ قُفٌّ، لَا يكون فِيهَا شجرٌ وَلَا كلأٌ، وَلَا تكون جبلا.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: أَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجَرِ أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ لم يُصِبْها الربيعُ بعدُ، وَلم تَلِنْ.
كبل: قَالَ اللَّيْث: الكَبْلُ: قيد ضخمٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ القَيدُ: والكَبْلُ، والنِّكْلُ، والوَلْمُ، والقُرْزُلُ والمكْبولُ: المحبوسُ.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (إذَا وَقَعَتِ السُّهْمَانُ فَلَا مُكَابَلَةَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: تكون المكابلةُ بمعنيين، تكون من الحبْس، يَقُول: إِذا حُدَّت الحدُود فَلَا يحبسُ أحدٌ

(10/145)


عَن حقِّه، وَأَصله من الكَبْلِ، وَهُوَ القيدُ، وَجمعه: كُبولٌ، والمكْبول: المحبوسُ.
وأنشدني الأصمعيّ:
إِذا كنتَ فِي دارٍ يُهينُكَ أَهْلُهَا
وَلم تكُ مَكبولاً بهَا فتحوَّلِ
قَالَ الأصمعيُّ: وَالْوَجْه الآخر أَن تكونَ المكَابَلَةُ من الِاخْتِلَاط وَهُوَ مقلوبٌ من قَوْلك: لبَكْتُ الشيءَ، وبكَلْته إِذا خَلَطتَه.
يَقُول: فَإِذا حُدَّتِ الحدُودُ، فقد ذهبَ الاختلاطُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ الكَبْلُ وَمَعْنَاهُ الحبْس عَن حَقه، وَلم يذكر الوجهَ الآخر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصوابُ، وَالتَّفْسِير الآخر غلطٌ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ من بَكلْتُ لقَالَ: مُبَاكَلَةً.
وَقَالَ اللحياني فِي المُكَابَلَةِ، قَالَ بَعضُهم: هِيَ التَّأخِيرُ.
يُقَال: كَبَلْتُكَ دَيْنَكَ: أَخَّرْتُهُ عنكَ.
وَقَالَ بعضُهم: المُكَابَلَةُ: أَن تُبَاعَ الدارُ إِلَى جَنْبِ داركَ وَأَنت تُرِيدُهَا فَتُؤَخِّر ذَلِك حَتَّى يَسْتَوْجِبهَا المُشْتَرِي ثمَّ تأخذها بالشّفْعِةِ، وَهِي مَكرُوهَةٌ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ وَلَا يَكْتَبِلْ
مِنْهُ العَطَايَا طُولُ إِعْتَامِهَا
اعْتَامها: الإبْطَاءُ بهَا، لَا يَكْتَبِلْ: لَا يَحْتَبِسْ.
وَذُو الكَبْلَيْنِ: فَحْلٌ فِي الجاهليّة كَانَ ضَبَّاراً فِي قَيْدِه.
لبك: قَالَ اللَّيْث: اللَّبْكُ: جَمْعُكَ الثَّرِيدَ لِتَأْكُلَهُ.
والْتَبَكَ الأمرُ إِذا اخْتَلَطَ والْتبَسَ. قَالَ زُهَيْر:
إِلَى الظَّهِيرَةِ أَمْرٌ بَيْنَهُمْ لَبِكُ
أَي مُلْتَبِسٌ لَا يَسْتَقِيمُ رَأَيُهُمْ على شَيْء وَاحِدٍ.
وَيُقَال: مَا ذُقْتُ عِنْده عَبَكةٌ وَلَا لَبَكةٌ فالعَبَكَةُ: الحبّةُ من السَّويقِ وَنَحْوه، واللَّبَكَةُ: القِطْعَةُ من الثَّريدِ.
ابْن السّكيت عَن الْكلابِي قَالَ: أَقولُ: لَبِيكَةٌ من غنَمٍ. وَقد لَبَكُوا بَين الشَّاءِ أَي خَلَطُوا بَيْنَه.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيْت لُبَاكةً من النَّاس ولَبيكة أَي جمَاعَة.
بِكُل: أَبُو عبيد عَن الأمَوِيِّ: البَكْلُ: الأَقِطُ بالسَّمْنِ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَكِيلَةُ والبَكَالةُ جَمِيعًا: الدقيقُ يُخْلَطُ بالسوِيق ثمَّ تَبُلُّهُ بِمَاء أَو زيتٍ أَو سَمْنٍ، بَكلْتُهُ أَبْكُلَهُ بَكْلاً.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن الْكلابِي: البَكِيلَةُ: الجافُّ من الأقِطِ الَّذِي يُبْكَلُ بِهِ الرَّطْب.
يُقَال: (ابْكُلي واعْبِثي) وَيُقَال للغنمِ إِذا

(10/146)


لَقِيَتْ غَنَماً أُخرى فدخَلَتْ فِيهَا: ظَلَّتْ عَبِيثَةً وَاحِدَة، وبَكيلَةً وَاحِدَة أَي قد اخْتَلَط بَعْضها ببَعْضٍ، وَهُوَ مَثَلٌ، وَأَصله من الأقِط والدّقِيقِ يُبْكَلُ بالسّمْن فَيُؤْكَلُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ الطائيّ: البَكِيلَةُ: تَمْرٌ وطَحِينٌ يُخْلَطُ، يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ أَو الزَّيْت وَلَا يُطْبَخُ، وَمن أَمثالهم فِي الْتِبَاسِ الأمْرِ (بَكْلٌ مِنَ البَكْل) وَهُوَ اخْتِلَاط الرَّأْي فِيهِ وارْتِجَانُهُ.
أَبُو عبيد: التَّبَكُّلُ: الغنِيمَةُ. وَقَالَ أَوْسٌ:
عَلَى خَيْرِ مَا أَبْصَرْتُها من بِضَاعَةٍ
لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً لهَا أَو تَبَكُّلاَ
وَقَالَ اللَّيْث: الإنسانُ يَتَبَكَّلُ: أَي يَخْتالُ.
قَالَ: والبَكِيلُ: مَسُوطُ الأقِطِ.
وَفِي بعض اللُّغَات: إِنَّه لجَمِيلٌ بَكِيلٌ أَي مُتَنَوِّقٌ فِي لُبْسِهِ ومَشْيهِ.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيتُ لُبَاكَةً من النّاس وَلبِيكَةً أَي جمَاعَة.
ك ل م
كلم. كمل. لكم. لمك. ملك. مكل: مستعملات.
كلم: قَالَ اللَّيْث: الكَلْمُ: الجَرْحُ، والجميع: كُلُومٌ، وَتقول: كلَمْتُه وأَنا أَكْلِمُه كَلْماً وأَنا كالِمٌ، وَهُوَ مَكْلُومٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعَزَّ: {عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الاَْرْضِ} (النَّمْل: 82) .
قَالَ الفرَّاءُ: اجْتَمَعَ القُرَّاءُ على تَشْدِيد تُكَلِّمُهُم وَهُوَ من الكَلام وحَدَّثِني بعض المُحَدِّثِينَ أَنه قُرىءِ: تَكْلِمُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن اليزيدي: سَمِعَ أَبَا حَاتِم يَقُول: قَرَأَ بعضُهم: تَكْلِمُهُمْ، وفُسِّرَ: تَجْرَحُهُم، والكِلاَمُ: الجِرَاحُ، وَكَذَلِكَ إنْ شُدِّدَ: تُكلِّمُهُم فَذَلِك الْمَعْنى: تُجَرِّحُهُم، وفُسِّرَ فَقيل: تَسِمُهُمْ فِي وُجُوهِهِم، تَسِمُ المؤمنينَ بِنُقْطَةٍ بَيضاءَ، فَيَبْيَضُّ وجهُهُ، وتَسِمُ الكافرَ بنقطةٍ سوداءَ فَيَسْوَدُّ وَجهه.
وَقَالَ اللَّيْث: كَلِيمُكَ الَّذِي تُكَلِّمُهُ ويُكَلِّمُكَ، والكلامُ: مَعْرُوف، والكِلْمَةُ: لُغَةٌ تَمِيمِيّةٌ، والكلِمةُ: لُغة حِجَازيَّة، والجميعُ فِي لُغَة تَمِيم: الكِلَمُ، قَالَ رؤبة:
لَا يَسْمَعُ الرَّكْبُ بهَا رَجْعَ الكِلَمْ
وَقَالَ غَيره: الْكَلِمَة تقع على الْحَرْف الْوَاحِد من حُرُوف الهجاء، وَتَقَع على لَفْظَةٍ وَاحِدَة مُؤلَّفةٍ من جماعةِ حروفٍ لَهَا مَعْنى، وَتَقَع على قصيدة بكمالها وخُطْبَة بأسْرها.
يُقَال: قَالَ الشَّاعِر فِي كَلمته أَي فِي قصيدته، والقرآنُ كلاَمُ الله، وكَلِمُ الله، وكَلمَاتُ الله، وكلمةُ اللَّهُ، وَهُوَ كَيْفَمَا تَصَرَّفَ، مَتْلُوَّا، ومَحْفُوظَاً، ومَكْتُوباً: غيرُ مَخْلُوق، ورجلٌ تِكْلاَمَةٌ يُحْسِنُ الكَلاَمَ.

(10/147)


وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي قَول الله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (النِّسَاء: 164) لَو جَاءتْ: كلَّمَ الله مُوسَى مُجَرّداً لاحْتَمَلَ مَا قُلْنَا وَمَا قَالُوا يَعْني المُعْتَزِلةَ فلمَّا جَاءتْ: (تكليماً) خَرجَ الشَّكُّ الَّذِي كَانَ يدخلُ فِي الْكَلَام، وخَرجَ الاحْتمالُ للشَّيْئَيْنِ، وَالْعرب تَقول: إِذا وُكِّدَ الكلامُ لم يَجُزْ أَن يكونَ التوكيدُ لَغوا، والتَّوكيدُ بالمَصْدَرِ دَخَلَ لإخْرَاجِ الشّكِّ.
ابْن السّكيت يُقَال: كانَا مُتَهَاجِرَيْنِ، فَأصْبَحَا يَتَكَالَمَانِ، وَلَا تَقُلْ يَتَكَلَّمَانِ.
كمل: قَالَ اللَّيْث: كَمَلَ الشيءُ يَكْمُلُ كَمَالاً، ولُغةٌ أخْرَى: كَمُلَ يَكْمُلُ، فَهُوَ كَاملٌ فِي اللُّغتيْنِ، وأكملتُ الشيءَ أَي أَجْمَلْتُهُ وأَتْمَمْتُهُ.
والكمالُ: التَّمَامُ الَّذِي يُجَزَّأ مِنْهُ أَجْزاؤهُ.
يُقَال: لَكَ نِصْفُهُ، وبَعْضُه، وكمالهُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} (الْمَائِدَة: 3) الآيةَ، ومعنَاهُ واللَّهُ أَعْلَمُ الآنَ أكْمَلْتُ لكُمْ الدِّينَ بِأَن كَفَيْتُكُمْ خوْفً عَدُوِّكم، وأَظْهَرْتُكُمْ عَلَيْهِم، كَمَا تقولُ: الْآن كملَ لَنَا المُلكُ، وكملَ لنا مَا نريدُ، بأَنْ كُفِينَا من كُنَّا نَخَافهُ، وَقد قيل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (الْمَائِدَة: 3) أَي أكمْلتُ لكُمْ فَرق مَا تَحتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي دِيِنكم، وَذَلِكَ جائزٌ، فأَمَّا أَن يكون دِينُ اللَّهِ فِي وقْتٍ من الأوقاتِ غيرَ كاملٍ فَلَا.
قلت وَهَذَا كلُّهُ كلامُ أبي إِسْحَاق النَّحْويِّ وَهُوَ حَسنٌ.
وَقَالَ الليثُ: كاملٌ: اسمُ فَرَسٍ سَابِقٍ كَانَ لِبَنِي امرىءِ القَيسِ، وتقولُ: أَعْطَيْتُه هَذَا المَال كَمَلاً هَكَذَا يُتَكلمُ بِهِ، وَهُوَ فِي الْجَمِيع والوُحْدَانِ: سواءٌ، وَلَيْسَ بمصدرٍ وَلَا نَعْتٍ، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِك: أَعْطَيْتُهُ كلَّهُ، ويجوزُ للشاعر أَن يجعلَ الكامِلَ كمِيلاً.
وَأنْشد:
عَلَى أَنَّنِي بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى
ثَلاثُونَ للهَجْرِ حَوْلاً كمِيلا
ويقالُ: كَمَّلْتُ لَهُ عددَ حَقِّهِ تَكْمِيلاً وَتَكْمِلَةً، فَهُوَ مُكَمَّلٌ.
ويقالُ: هَذَا المُكَمِّلُ عِشرينَ، والمُكَمِّلُ مِئَةً، والمُكمِّلُ ألْفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
فكمَّلَتْ مِئَةً فِيهَا حَمَامَتُها
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلِك العَدَدِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المِكْمَلُ:
الرجلُ الكاملُ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ
والكامِلِيّةُ من الرَّوافِضِ، شَرُّ جِيل
لكم: قَالَ اللَّيْث: اللّكْمُ: اللّكْزُ فِي الصَّدْرِ.
يُقَال: لَكَمَهُ يَلْكُمُهُ لَكْماً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: وَقَالَ أعرابيٌّ: جَاءَ فُلانٌ فِي نِخَافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ أَي فِي خُفَّيْنِ مُرَقّعَيْنِ، والمُلَكَّمُ: الَّذِي فِي

(10/148)


جَوانِبه رِقاعٌ يَلْكُمْ بهَا الأرضَ.
لمك: قَالَ اللَّيْث: نُوحُ بْنُ لَمَكَ وَيُقَال: ابْن لاَمَكَ.
(ابْن السّكيت) يُقَال: مَا تَلَمَّجَ عندنَا بِلَمَاجٍ، وَلَا تَلَمّكَ عندنَا بلَمَاك، وَمَا ذاق لماكاً وَلَا لماجاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللّمَاكُ واللّمْكُ: الجِلاَءُ يُكحَلُ بِهِ العَيْنُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللِّمِيكُ: المكحُولُ العَيْنَيْنِ.
مكل: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) بِئْرٌ مكُولٌ. وَهِي الَّتِي يَقلُّ مَاؤُهَا فيَسْتَجمُّ حَتَّى يجتَمِعَ المَاء فِي أسْفلِها، واسْمُ ذَلِك المَاء: الْمُكْلَةُ.
وَقَالَ الكسائيُّ، يقالُ: مُكْلَةٌ، ومَكْلَةٌ لِجَمَّةِ البِئر.
(عَمْرو عَن أَبِيه) المَكْلُ: اجْتِماعُ المَاء فِي البِئْر.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَلَتِ البِئرُ إِذا اجْتَمع المَاء فِي وَسَطِها وكَثُرَ وَهِي: الْمُكْلَةُ وبئرٌ مَكُولٌ، وجمّةٌ مَكُولٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِمْكَلُ: الغديرُ القليلُ المَاء.
ملك: قرأَ ابنُ كثِيرٍ ونافِعٌ، وأَبو عَمْرٍ و، وابنُ عامرٍ، وحَمْزَةُ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بغيْر أَلفٍ، وقَرَأَ عاصمٌ والكسائيُّ ويعقوبُ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) بألفٍ.
ورَوَى عَبْد الوَارِث عَن أبي عَمْرٍ و: (مَلْكِ يَومَ الدِّينِ) وَهَذَا من اخْتِلاسِ أَبي عمرٍ و.
وأَخبرني المنْذِرِيُّ عَن أَبي الْعَبَّاس أَنَّه اخْتَارَ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) .
وكلُّ من يمْلِكُ فَهُوَ مالكٌ لِأَنَّهُ بتَأويل الفِعْل مالكُ الدّرَاهِم، ومالكُ الثَّوبِ، ومَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ يَمْلِكُ إِقامَةَ يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنْه قَوْلُه: (مَالِكَ الْمُلْكِ) .
قَالَ: وأَما (مَلِكُ النّاسِ، وسَيِّدُ النَّاس، ورَبُّ النَّاسِ) ، فَإِنَّهُ أَرادَ أَفْضَل من هَؤلاءِ، ولَمْ يُرِدْ أَنهُ يَمْلِكُ هَؤُلاءِ، وَقد قَالَ اللَّهُ جلّ وعزَّ: {مَالِكَ الْمُلْكِ} (الْفَاتِحَة: 4) أَلاَ ترى أَنه جعلهُ مَالِكاً لكلِّ شيءٍ، فَهَذَا يَدُلُّ على الفِعْلِ، ذكرَ هَذَا بِعَقِبِ قَول أبي عُبَيْدٍ واخْتِيَارِه.
وَقَالَ اللَّيْث: المَلِكُ هُوَ اللَّهُ، مَلكُ الملُوكِ، لهُ المُلكُ، وَهُوَ مالكُ يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ مَلِيكُ الْخلْقِ أَي رَبُّهمْ ومالِكُهُمْ، والملِكُ من مُلوكِ الأرْضِ، وَيُقَال لَهُ: مَلْكٌ بِالتَّخْفِيفِ، والجمعُ: ملوكٌ، وأملاكٌ، والمِلْكُ: مَا مَلَكَتِ اليَدُ من مالٍ وخَوَلٍ، والمَلَكةُ: مِلْكُكَ العَبْدَ، والمَمْلَكة: سُلْطَانُ الملِكِ فِي رَعِيَّتِهِ.
ويقالُ: طالتْ مَمْلَكَتُهُ، وساءتْ مملَكتُهُ،

(10/149)


وحَسُنَتْ مَملكَتُهُ، وعَظمَ مُلْكُهُ، وكَبُرَ مُلْكُهُ.
وَيُقَال: هم عَبيدُ مَملَكةٍ، وَهُوَ أَن يُغلَبَ عَلَيْهِم فيُسْتَعْبَدُوا وهُم أحرارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : يُقَال: هَذَا عَبْدُ مَملَكةٍ ومملُكَةٍ جَمِيعًا، وَهُوَ الَّذِي سُبِيَ وَلم يُملَكْ أَبَوَاهُ.
والعَبْدُ: القِنُّ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وأَبوَاهُ.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ الكسائيُّ: المَمْلكَةُ أَنْ يَغلِبَ عَلَيْهِم وهم أَحْرَارٌ فيستعبدَهم.
(اللِّحيَانيُّ) : مَلَكَ فلانٌ فَهُوَ يملِكُ مُلْكاً، ومِلْكاً، ومَلَكةً، ومَملَكةً، ومَملُكةً، ومَلْكاً، ورجُلٌ مَلِكٌ، وثلاثةُ أملاكٍ إِلَى العَشَرَةِ، فإِذا كَثُرُوا فهم مُلوكٌ.
وَيُقَال للملِكِ: مَليكٌ، ويُجْمَعُ مُلَكاءَ.
وَيُقَال: لَهُ مَلَكُوتُ العِرَاقِ وعِزُّهُ وسُلطَانُه ومُلْكُه.
وَيُقَال: مَلْكُوَةٌ.
وَيُقَال: طالتْ مَلَكةُ العَبْدِ، أَي: رِقُّهُ.
وَيُقَال: إِنهُ لَحسَنُ المَلكةِ والمِلْكِ.
وَيُقَال للرَّجُل إِذا تزوَّجَ: قد مَلَكَ فلانٌ يَملِكُ مَلْكاً، ومُلكاً، ومِلكاً، وَقد أُمْلِكَ فلانٌ يُملَكُ إملاكاً إِذا زُوِّجَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: يُقَال: شَهِدْنا إملاكَ فلانٍ، ومِلاكُه، ومَلاكَهُ، وَهَذَا مِلاكُ الأمْر ومَلاكُه، أَي صَلاحُه.
ويقالُ: خَلِّ عَن مِلْكِ الطريقِ، ومِلْك الوَادي، ومَلْكِه ومُلْكِه أَي حَدِّه ووسَطِه.
وَيُقَال: مالَهُ مُلْكٌ، ومَلْكٌ، ومِلكٌ أَي شيءٌ يملِكَه.
الكسائيُّ: ارحموا هَذَا الشيْخَ الَّذِي ليسَ لهُ مُلْكٌ وَلَا بَصَرٌ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء.
وَيُقَال: مَلَّكَ القوْمُ فلَانا، وأَملَكوهُ على أَنفُسهم، أَي صَيَّرُوهُ مَلِكاً.
ويقالُ: أُمْلِكَتْ فلانةُ أَمْرَها إِذا جُعِلَ أَمرُ طلاقِها بيَدِها.
(قلت) : ومُلِّكتْ أَمرَها أَكثر من أُملِكتْ، وَهُوَ التمليكُ.
ويقالُ: مَلِّكْ ذَا أَمرٍ أَمرَه، كَقَوْلِك: مَلِّكَ المالَ ربَّهُ وَإِن كَانَ أَحْمَقَ.
وَقَالَ الليثُ: مِلاكُ الْأَمر: الَّذِي يُعتمَدُ عَلَيْهِ، والقَلْبُ: مِلاكُ الجسدِ.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَمْلِكُوا العَجِينَ فَإِنَّهُ أَحَدُ الرّيعيْنِ) . قَالَ شمرٌ:
قَالَ الْفراء: يُقَال: عَجَنَتِ المرْأَةُ فأَمْلَكتْ إِذا بَلَغتْ مَلاَكتَهُ وأجادتْ عَجْنهُ، حَتَّى يأخُذَ بَعضُه بَعْضًا، وَقد مَلَكَتْه تَملِكُه مَلْكاً إِذا أَنعَمتْ عَجْنَهُ، وَنَحْو ذَلِك.
وَحكى أَبُو عبيدٍ عَن الأمويِّ، وَأنْشد غَيره لأوْس بن حجَرٍ يصفُ قوْساً:
فَمَلَّكَ باللِّيطِ الَّذِي تحْتَ قِشْرِها
كَغِرْقىءٍ بَيْضٍ كنَّهُ القَيْضُ مِنْ عَلُ

(10/150)


قَالَ: مَلَّكَ، شَدَّدَ كَمَا تمَلِّكُ المرأةُ العَجِينَ تَشُدُّ عَجْنَهُ، أَي تركَ من القِشر شَيْئا تتمالكُ القوْسُ بِهِ، يَكنُّها لئلاّ يَبْدُوَ قَلبُ القَوْسِ فتتشقَّقَ، وهم يجْعَلُونَ عَلَيْهَا عَقَباً، إِذا لم يكن عَلَيْهَا قِشْرٌ.
وَقَالَ قيسُ بن الخَطِيمِ يصف طَعْنةً شَدَّ بهَا كفَّه حِين طَعَنَ:
مَلَكْتُ بهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها
يَرَى قائمٌ مِنْ دونهَا مَا وَرَاءها
أيْ شَدَدْتُ بالطعنة كَفِّي.
(غيرُه) : مَا تَمالك فلانٌ أَن وقَعَ فِي كَذَا إِذا لم يسْتَطع أَن يَحبسَ نفْسَه. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَا تَمَالُكَ عَن أرْضٍ لَهَا عَمَدُوا
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : الماءُ مَلَكُ أَمْرِه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: مالَه مَلْكٌ وَلَا نَقْرٌ، أَي مَا لَه ماءٌ.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) أنَّه قَالَ: المَلْكُ: مَا مُلِكَ.
يُقَال: هَذَا مَلْكُ يَدِي، وَمَا لأحَدٍ فِي هَذَا مَلْكٌ غَيْرِي، ومِلْكٌ.
وَيُقَال: الماءُ مَلْكُ أَمْرِي إِذا كَانَ مَعَ الْقَوْم ماءٌ مَلَكُوا أَمرَهم.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْديُّ:
ولَمْ يَكُنْ مَلَكٌ لِلْقَوْمِ يُنْزِلُهُمْ
إِلاَّ صَلاصِلُ لَا تُلْوِي عَلَى حَسَبِ
(أَبُو عُبيد عَن الْأمَوِي) : من أمثالهم: (المَاء مَلك أَمْرِه أَي أَن المَاء ملاك الْأَشْيَاء يضْرب للشَّيْء الَّذِي بِهِ كَمَال الأمْرِ) .
والأمْلُوكُ: مَقَاوِلُ من حمِيرَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَى أُمْلُوكِ رَدْمَانَ، ورَدْمَانُ: مَوضِع بِالْيمن.
(ابْن بُزُرْجَ) : مِيَاهُنا: مُلوكُنَا، وَمَات فلَان عَن مُلوكٍ كَثِيرَة.
(الأصمعيُّ) : مالَه مَلاكٌ أَي لَا يَتماسَك، وَهَذَا مِلاَكُ الْأَمر، (وَلَا يَدخُلُ الْجنّة سَيِّىءُ الْمَلَكَة) مُتَحَرِّكٌ.
وَيُقَال: الْزَمْ مِلْكَ الطَّرِيق أَي وَسَطه، وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
رَثِيمَ الْحَصا مِن مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَبو مالكٍ كُنْيَةُ الكِبَرِ والسنِّ، كُنِيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَه وغَلَبَهُ وَأنْشد:
أَبَا مَالِكٍ إنَّ الْغَوَانِي هَجَرْنَنِي
أَبَا مالِكٍ إِنِّي أَظنُّكَ دَائِبَا
(أَبُو عبيد) : جَاءَنَا تقودُه مُلُكُهُ يَعني قوائمَه وهادِيَه، وقوائمُ كلِّ دابَّةٍ: مُلُكُهُ.
وَيُقَال: نفْسي لَا تُمَالِكُني لأنْ أَفعلَ كَذَا أَي لَا تُطَاوِعُنِي.
وَفِي حَدِيث أَنسٍ (البَصْرَةُ إِحْدَى

(10/151)


المُؤْتَفِكَاتِ فانْزِلْ فِي ضواحيها وإِيَّاكَ والمَمْلَكَةَ) .
قَالَ شمرٌ: أَرَادَ بالممْلَكةِ وَسَطها، ومَلْكُ الطَّرِيق: مُعْظمُه ووسَطُه.
(الفرّاء عَن الدُّبَيْرِيَّةِ) : يُقَال للعَجِينِ إِذا كَانَ مُتمَاسِكاً متِيناً: مَمْلوكٌ، ومُمَلَّكٌ.
وَقَالَ الليثُ: المَلَكُ: واحدُ المَلاَئِكةِ، إِنَّمَا هُوَ تخفيفُ الْمَلأَكِ، واجتمعوا على حَذْف همزِه، وَهُوَ مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وتمامُ تَفْسِيره فِي مُعْتَلاَّتِ حرف الْكَاف.

(أَبْوَاب الْكَاف وَالنُّون)
ك ن ف
كنف، كفن، نكف، فنك، فَكُن: مستعملات.
كنف: قَالَ اللَّيْث: الكَنَفَانِ: الجَناحان، وَأنْشد:
سِقْطَانِ مِن كَنَفَيْ نعَامٍ جافِلِ
وكَنَفَا الإنسانِ: جانباه، وناحِيَتَا كلِّ شيءٍ: كَنَفاه.
وقولُهم: فِي حِفظ الله وكَنَفه أَي فِي حِرزه وظلِّه، يَكْنُفُه بالكَلاءَة وحُسْنِ الْولَايَة.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر فِي النَّجوى: (يَدْنُو المؤمِنُ من رَبِّهِ يومَ القِيَامَةِ حتَّى يَضَعَ عَليه كَنَفَهُ) .
قَالَ ابنُ المبارَكِ: يَعني ستره.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: يَضعُ الله عَلَيْهِ كَنَفه أَي رَحمتَه وبِرِّه.
قَالَ: وكَنَفا الْإِنْسَان: ناحيَتاه عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله، وهُما حِضْناه. وفلانٌ يعيشُ فِي كَنَف فلانٍ أَي فِي ظلِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: أَكْنَفْتُ الرجلَ: حَفِظتُه وأعنتُه فَهُوَ مُكْنَف.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : أكْنَفتُ الرَّجلَ: حفِظْتُه وأعنتُه.
وكَنَفْتُ كَنِيفاً: عَمِلْتُه، وأَنا أَكْنُفُه كَنْفاً وكُنوفاً.
وَقَالَ غيرُه: الكَنِيفُ: الحَظيرَةُ تُحْظَرُ لِلْإِبِلِ والغنمِ من الشَّجَرِ تقِيها البَرْدَ والرِّيحَ.
وَقَالَ الراجز:
تبيت بَين الزَرْب والكثيف
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للإنسانِ لَا تَكْنُفُه من الله كَانِفَةٌ: أَي لَا تحجِزُه.
وتَكَنَّفوهُ من كل جانبٍ أَي احْتَوَشُوهُ.
والكِنْفُ: وعاءٌ يضعُ فِيهِ الصَّائغُ أداتَه.
وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُود: كُنَيْفٌ مُلِىءَ عِلْماً، أَرَادَ أَنه وعَاء للعلوم بِمَنْزِلَة الْوِعَاء الَّذِي يضع فِيهِ الرجل أداته، وتصغيرُه على جِهَة المَدْحِ لَهُ.
وناقةٌ كَنُوفٌ: وَهِي الَّتِي إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ اكْتَنَفَت فِي أكْنَافِ الإبلِ تَسْتَتِرُ بهَا من البردِ.
اللحياني: جَاءَ فلَان بِكِنْفٍ فِيهِ متاعٌ، وَهُوَ

(10/152)


مثلُ العَيْبة، وَبَنُو فلَان يكنفونَ بني فلَان أَي هم نزُول فِي ناحيتهم، وأَكْنَفْتُ فلَانا أَي أعنته، وَأَجَازَ بَعضهم كنفتهُ، واطلب ناقَتكَ كَنَفَ الْإِبِل وكَنَفَيْها أَي فِي ناحيتها، وناقة كَنُوفٌ تبرك فِي نَاحيَة الْإِبِل، وكَنَفْت الدارَ اكنُفُها اتِّخذت لَهَا كنيفاً.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) مُكْنِف من الْأَسْمَاء بِضَم الْمِيم وَكسر النُّون.
وأهلُ العراقِ يسمُّونَ مَا أَشرَعُوا أَعالي دُورهم كَنِيفاً.
قَالَ واشْتقاقُ اسْم الكَنِيفِ كأَنَّه كُنِفَ فِي أَسْتَرِ النَّوَاحي.
والحظيرةُ تسمَّى كَنِيفاً لِأَنَّهَا تَكْنُفُ الإبلَ من البردِ، فعيلٌ بِمَعْنى فَاعل.
وأَكْنافُ الجَبَلِ والوادي: نواحيهما حَيْثُ تنضم إِلَيْهِ، الواحدُ: كَنَفٌ.
وَقَالَ غَيره: الكَنِيفُ: التُّرْسُ: وكلُّ ساترٍ: كَنِيفٌ. وَقَالَ لبيد:
حَرِيما حِين لم يَمنَعْ حَرِيما
سيوفهُمُ وَلاَ الحَجَفُ الكَنِيفُ
أَي السَّاترُ.
(أَبُو عبيد) : كَنَفَ عَن الشَّيْء ونكَبَ أَي عدَلَ. قَالَ القُطَامِيُّ:
ليُعْلَمَ مَا فينَا عَن البيعِ كَانِفُ
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَنَفَه عَن الشيءِ أَي حجزه عَنهُ.
وَيُقَال: انهزمَ القومُ فَمَا كانَتْ لَهُم كَانِفَةٌ دونَ العَسْكَرِ: أَي حاجزٌ يحجزُ العدُوَّ عَنْهُم.
وكَنَفَ الكيالُ يَكْنُفُ كَنْفاً حَسَناً وَهُوَ أَن يَجْعَل يديهِ على رأسِ القَفيزِ يمسِكُ بهما الطَّعَامَ.
يُقَال: كِلْه كَيْلا غير مَكْنُوفٍ.
كفن: (اللَّيْث) : كَفَنَ الرَّجُلُ يَكْفِنُ أَي يغزلُ الصُّوف، كَقَوْل الشَّاعِر:
يَظَلُّ فِي الشَّاءِ يرعاهَا ويَعْمِتُهَا
ويَكْفِنُ الدَّهْرَ إلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِدُ
قَالَ: وخَالَف أَبُو الدُّقَيْشِ فِي هَذَا الْبَيْت بِعَيْنِه، فَقَالَ يَكْفِنُ يَخْتَلي الكَفْنَةَ للمراضيع من الشَّاء، والكَفْنَةُ من دِقّ الشَّجَرِ صغيرةٌ جعدةٌ إِذا يبسَت صَلُبَت عيدانُها كَأَنَّهَا قطعٌ شُقّقَتْ عَن القَنَا.
قَالَ: والكَفَنُ: معروفٌ، يُقَال ميّتٌ مكْفونٌ مُكَفَّنٌ. وأنشده أَبُو عَمْرو:
فظلَّ يَعْمِتُ فِي قَوْطٍ ورَاجِلَةٍ
يُكَفّتُ الدَّهرَ إلاَّ ريثَ يَهْتَبِدُ
وَيُقَال: يُكَفِّتُ: يَجمع ويَحْرِص إلاَّ سَاعَة يَقْعُدُ يَطبُخُ الهَبِيدَ.
والرّاجِلَةُ: كَبْشُ الرّاعِي يَحمِلُ عَلَيْهِ متاعَه وَهُوَ الكَرَّازُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ) : الكَفْنُ: التَّغْطِيَةُ.

(10/153)


(قلت) : وَمِنْه أُخذ كَفَنُ الميِّتِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُه.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عَلَى حَرَجٍ كَالْقَرِّ يَحْمِلُ أَكْفَانِي
أَرَادَ بأَكفانه ثيابَه الَّتِي تُوَارِيه. وكَفَنْتُ الخُبْزَةَ فِي المَلَّةِ إِذا وَاريتها بهَا.
نكف: قَالَ اللَّيْث: النَّكْفُ تَنْحِيَتُكَ الدُّموعَ عَن خدِّكَ بإصبَعِك، وَأنْشد:
فَبانُوا فَلَوْلاَ مَا تَذَكَّرُ مِنْهُمُ
مِن الْخُلْفِ لم يُنْكَفْ لعَيْنِكَ مَدْمَعُ
وسمِعتُ المُنْذِرِيّ يَقُول: سمِعْتُ أَبَا العبّاس، وسُئِل عَن الاستِنكَافِ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} (النِّسَاء: 172) ، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ: لَا، وَهُوَ من النَّكَفِ والوَكَفِ.
يُقَال: مَا عَلَيْهِ فِي ذَاك الْأَمر نَكَفٌ وَلَا وَكَفٌ، فالنكَفُ أَنْ يقالَ لَهُ سُوءٌ، واسْتَنكَفَ ونَكِفَ إِذا دفَعه وَقَالَ: لَا، والمفسِّرون يَقُولُونَ: الاستِنكافُ والاستِكْبَارُ وَاحِد.
والاستكبارُ: أَن يتكبَّرَ ويتعظَّمَ والاستنكافُ: مَا قُلْنَا.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} ، أيْ: لَيْسَ يَسْتنكف الَّذِي تَزْعمون أَنَّه إلاهٌ أَنْ يَكونَ عبدا لله وَلَا الملائكةُ المقَرّبُونَ وهم أَكْثَرُ من البَشَرِ.
قَالَ: وَمعنى لَنْ يَسْتَنْكِفَ: لن يأْنف، وأصلُه مُن نَكَفْتَ الدمْعَ إِذا نَحَّيْته بإِصبَعيكَ عَن خدِّك ثمَّ ذَكَر الْبَيْت.
قَالَ: فتأويلُ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ) لن يَنْقَبِضَ وَلنْ يَمتنِعَ من عُبُودَةِ الله.
قَالَ اللحياني: النَّكَفُ ذِرْبَةٌ تحتَ اللُّغْدَيْن مثل الغُدَدِ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) : النَّكْفُ: مَصْدَرُ نَكَفْتُ الغيْثَ أَنكفُهُ إِذا أَقْطَعْته.
وَيُقَال: هَذَا غيثٌ لَا يُنْكَفُ.
والنَّكَفُ: غُدَدَةٌ فِي أصل اللَّحْي بَين الرَّأْدِ وَشَحْم الأُذن.
وإبِلٌ مُنَكِّفةٌ، إِذا ظَهرت نَكَفَاتُها.
وَقَالَ أَيْضا: نَكَفْتُ أَثَرَه وانتَكَفْتُه إِذا اعْتَرَضْتَه أَنْكُفُهُ نَكْفاً، وَذَلِكَ إِذا علا ظَلَفاً من الأَرْض غليظاً لَا يُؤَدِّي الأثَرَ فاعْتَرَضْتَه فِي مكانٍ سَهْلٍ.
وَيُقَال: نَكِفْتُ من ذَلِك الأمْرِ أَنْكَفُ نَكَفاً إِذا اسْتَنْكَفْتَ مِنْهُ، حَكَاهَا أَبو عمرٍ وَعَن أبي حِزَامٍ العُكْلِيِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النَّكَفُ: اللُّغْدَانِ اللذانِ فِي الحَلْقِ وهُمَا جَانِبَا الْحُلقُوم.
وَأنْشد:

(10/154)


فَطَوَّحَتْ ببَضْعَةٍ والبَطْنُ خِفْ
فَقَذَفَتْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَنْقَذِفْ
فَحَرَفَتْها فَتَلَقَّاهَا النَّكَفْ
قَالَ: والمَنْكُوفُ: الَّذِي يشتكي نَكَفَتَه، وَهُوَ أَصْلُ اللِّهْزِمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَكَةُ: لغَةٌ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه: النُّكَافُ أَنْ تَدْرَأَ الغُدَّةَ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه عِنْده شجاعَةٌ لَا تُنْكَفُ وَلَا تُنْكَشُ أَي لَا تُدْرَكُ كُلُّها.
وَقَالَ بعضُهم: انْتَكَفْتُ لَهُ فَضَرَبْتُهُ انْتِكافاً أَي مِلْتُ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
لمَّا انْتَكَفْتُ لَهُ فَوَلَّى مُدْبِراً
كَرْنَفْتُهُ بهِرَاوَةٍ عَجْرَاء
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الْأَصْمَعِي: ماءٌ لاَ يُنْكَفُ وَلَا يُنْزَحُ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَكَفَ البِئْرَ ونَكَشَهَا أَي نَزَحَهَا.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: تَناكَفَ الرَّجُلاَنِ الكَلاَمَ إِذا تَعَاوَرَاهُ.
فَكُن: فِي الحَدِيث: (مَثَلُ العَالِم مَثَلُ الحَمَّةِ منَ المَاءِ يأْتِيهَا البُعَدَاءْ ويِتْرُكُهَا القُرَبَاءُ، حَتى إِذا غَاضَ ماؤُهَا بَقِي قَوْمٌ يَتَفكَّنُونُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَتَفَكَّنُونَ أَي يَتَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ اللحياني: أزْدُشَنُوءَةَ يقولونَ: يَتَفَكَّهُونَ، وتَمِيمٌ تقولُ: يَتَفَكَّنُونَ.
وَقَالَ مجاهدٌ فِي قَوْله: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الْوَاقِعَة: 65) أَي تَعَجَّبُونَ.
وَقَالَ عِكْرِمَة: تَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَفَكَّهْتُ وَتَفَكَّنْتُ أَي تَنَدَّمْتُ. وَقَالَ رؤبة:
أَمَا جَزَاءُ العَارِفِ المُسْتَيْقِنِ
عِنْدَكِ إلاَّ حَاجَةُ التَّفَكُّنِ
وَقَالَ الكسائيُّ وَأَبُو عمرٍ و: التَّفَكُّنُ: التَّلَهُّفُ على مَا فَاتَ. وَأنْشد:
وَلا خَائِبٌ إنْ فَاتَهُ زَادُ ضَيْفِهِ
يَعَضُّ على إبْهَامِه يَتَفَكَّنُ
وَقَالَ أَبو تُرَاب سَمِعْتُ مُزَاحِماً يَقُول: تَفَكَّنَ وتَفَكَّر: واحدٌ.
وروى أَبُو العَبَّاسِ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفُكْنَةُ: النَّدَامَةُ.
فنك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَنْكُ العَجَبُ، والفَنْكُ الكَذِبُ، والفَنْكُ التَّعَدِّي، والفَنْكُ اللَّجَاحُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عبيدةَ) : فَنَكَ فِي أَمْرِه أَي ابْتزّه وغَلَبَه. من قَول عبيدٍ:
إِذْ فَنَكَتْ فِي فَسَاد بَعْدَ إِصْلاحِ
قَالَ: والفَنَكَ: مِثْلُه سَوَاء.
قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: فَنَكَ بالمَكَانِ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إِذْ أَقَامَ.
(سَلَمَةُ عَن الْفراء) : قَالَ فَنَكْتَ فِي لَوْمِي

(10/155)


وأَفْنَكْتَ إِذَا مَهَرْتَ ذَاكَ وأَكْثَرْتَ فِيهِ، فَنَكْتَ تَفْنُكُ فَنْكاً وفُنُوكاً.
وَأنْشد:
لَمَّا رَأَيْتُ أَمْرَهَا فِي حُطِّي
وفَنَكَتْ فِي كَذبِي ولَطِّي
أَخَذْتُ مِنْهَا بقُرُونٍ شُمْطِ
وَقَالَ أَبُو طَالب: فَانَكَ فِي الكَذِبِ والشَّرّ، وفَنَكَ وفَنَّكَ، وَلَا يُقَال فِي الخَيْرِ ومعناهُ لَجَّ فِيهِ ومَحك وَهُوَ مثل التَّتَابُعِ لَا يَكونُ إلاّ فِي الشَّرِّ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الفَنِيكُ: طَرَفُ اللّحْيَيْنِ عندَ العَنْفَقَةِ، وَلم يَعْرِف الإفْنِيك.
وأَخْبَرَنِي الإيَادِيُّ عَن شمرٍ أنَّه قَالَ: الفَنِيكَانِ: طَرَفَا اللّحْيَيْنِ، العَظْمَانِ الدَّقِيقَان النَّاشِزَان أسْفَلَ من الأذُنَيْنِ بَيْنَ الصُّدْغِ والوَجْنَةِ، والصَّبِيّانِ: مُلْتَقَى اللَّحْيَيْنِ الأسْفَلَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَنِيكَانِ من لَحْي كُلِّ إِنْسَانِ: الطّرَفَان اللّذَان يتَحَرّكان مِنَ المَاضِغِ دُونَ الصُّدْغَينِ. ومَنْ جَعَلَ الفَنِيكَ وَاحِدًا فِي الإنْسَانِ فَهُوَ مَجمَعُ اللّحْيَينِ فِي وَسَطِ الذّقَنِ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ: (أَمَرَنِي جبريلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ أَتَعَاهَدَ فَنيكَيَّ بالمَاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ) .
وَقَالَ الفَنِيكانِ: عَظْمَانِ مُلزَقَان فِي الحَمَامَةِ إِذا كُسِرَا يَسْتمْسِكْ بيضُها فِي بَطْنها حتَّى تُخْدِجَهُ.
والفَنَكُ مُعَرَّب.
(عَمْرٌ وَعَن أَبيه) : الفَنِيكُ: عَجْبُ الذّنَبِ.
ك ن ب
كنب، كبن، نكب، نبك، بنك، بكن: مستعملات.
كنب: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : أكْنَبَتْ يَدُهُ فَهِيَ مُكْنِبَةٌ، وثَفِنتَ ثَفَناً: مِثْلُه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يَدَاكَ بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ البَانِ والمَضْنُونِ
وهَمَّتَا بالمَسِّ والمُرُونِ
والمضنون: جِنْس من الغالية.
وَقَالَ العجاج:
قَدْ أَكْنَبَتْ نُسُورهُ وأكْنَبَا
أَيْ: غَلَظَتْ وَعَسَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَنَبُ: غِلَظٌ يَعْلُو اليَدَ من العَمَلِ إِذا صَلُبَتْ.
(أَبُو عبيد عَن الأمَوي) : الكِنَابُ والعَاسِي: الشِّمْرَاخُ. وَقَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة:
وأَنْتَ امْرُؤٌ جَعْدُ القَفَا مُتَعَكِّسٌ
مِنَ الأقِطِ الْحَوْلِيِّ شَبْعَانُ كانِبُ
وَقَالَ أَبُو زيد: كَانِبٌ: كَانِزٌ. يُقَال: كَنَبَ فِي جِرَابِه شَيئاً إِذا كَنَزَه فِيهِ.

(10/156)


الكَنِبُ: شَجَرٌ، قَالَ الشَّاعِر:
فِي خَضَد من الكَرَاث والكَنِب
كبن: (أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء) : رَجُلٌ مَكْبُونُ الأصابِعِ: مِثْلُ الشَّثنِ.
(اللحياني عَن الْأَصْمَعِي) : كلُّ كَبْنٍ: كَفٌّ، يُقَال: كَبَنْتُ عنكَ لِسَاني أَي: كَفَفْتُه.
(ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ كُبنَّةٌ، وامرأةٌ كُبُنَّةٌ: الَّذِي فِيهِ انقباضٌ، وَأنْشد:
فِي القَوْمِ كل كَبُنَةٍ عُلْفُوفِ
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُبُنّةُ: الْخُبْزَةُ اليَابِسَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبْنُ: عَدْوٌ ليِّنٌ فِي اسْتِرْسَالٍ. وَأنْشد:
يَمُرُّ وهْوَ كَابِنٌ حَيِيُّ
والفِعْلُ كَبَنَ يَكْبِنُ كُبوناً وكَبْناً.
(قُلْتُ) : الكبْنُ فِي العَدْوِ: أَنْ يَكُفَّ بَعْضَ عَدْوِه وَلاَ يَجْهَدَ نَفْسَه والكُبُونُ: السُّكُونُ. وَمِنْه قَوْله:
وَاضِحَةُ الخَدِّ شَرُوبٌ لِلَّبَنْ
كَأَنَّها أُمُّ غَزَالٍ قَدْ كَبَنْ
أَي سَكَنَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَبْنُ: مَا ثُنِيَ مِنَ الجِلْدِ عندَ شَفَةِ الدَّلْوِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الكَبْنٌ والكَبْلُ، بالنُّونِ واللاَّم، حَكَاهُ عَن الْفراء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اكْبَأَنَّ اكْبئْناناً إِذا انْقَبَضَ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: الْمُكْبِئنُّ الَّذِي قد احْتَبَى وأَدخَلَ مِرْفَقَيْهِ فِي حُبْوَتِه ثمَّ خَضَعَ بَرقَبته ورَأْسِه على يَدَيْهِ.
قَالَ: والْمُكْبَئِنُّ والمُقْبَئِنُّ: الْمُنْقَبِضُ المُنْخَنِسُ.
وَقَالَ غَيره: الكُبْنَةُ: لُعْبَةٌ للأعْرَابِ، تُجْمَعُ كُبَناً. وَأنْشد:
تَدَكّلَتْ بَعْدِي وأَلْهَتْها الكُبَنْ
(أَبُو عُبَيْدَة) : فَرَسٌ مَكْبُونٌ، والأُنْثى: مَكْبُونَةٌ، والجميعُ: المكَابِينُ، وَهُوَ القَصِيرُ القَوَائِمِ، الرَّحيبُ الجَوْفِ، الشّخْتُ العِظَامِ.
قَالَ: ولاَ يكُونُ المكْبُونُ أَقْعَسَ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : فَرَسٌ فِيهِ كُبْنَةٌ وَكَبَنٌ إِذا كَانَ لَيْسَ بالعَظِيمِ وَلَا القَمِىءِ.
قَالَ: والكُبَانُ: دَاءٌ يأْخُذُ الإبِلَ، يُقَال مِنْهُ: بَعِيرٌ مَكْبُونٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المكْبُونَةٌ: المرْأَةُ العَجِلَةُ.
والمكْبُونَةُ: الذّلِيلةُ.
بكن: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَبْكونَةُ المرأَةُ الذَّلِيلَةُ.
نكب: قَالَ اللَّيْث: النَّكَبُ: شِبْهُ مَيَلٍ فِي المَشْيِ. وأنْشَدَ:
... عَنِ الحَقِّ أَنْكَبُ

(10/157)


أَي مائلٌ عَنهُ، وإِنه لَمِنْكَابٌ عَن الحَقِّ.
والأنْكَبُ من الْإِبِل كأنَّما يَمْشي فِي شِقَ.
وَأنْشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ وَمَا فِيهِ نَكَبْ
والعربُ تقولُ: نَكَبَ الدَّليلُ عَن صَوْبِه يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عَنهُ، ونَكَّبَ عَنهُ تَنْكِيباً: مثلُه، ونَكَّبَ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ عَن عمرَ أَنه قَالَ لِهُنيَ مَولاهُ: (نكِّبْ عَنَّا ابنَ أُمِّ عَبْدٍ) ، أَي نَحِّهِ عَنَّا.
وتَنَكّب فلانٌ عنّا تَنَكُّباً أَي مالَ عنّا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجلُ يَنْتَكِبُ كِنانَتَهُ ويَتَنَكَّبُها إِذا أَلْقَاهَا فِي مَنْكِبِه.
ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ: مَجْمَعُ عظْم العَضُدِ والكتِفِ وحَبْل العَاتِقِ مِنَ الإنسانِ والطّائرِ، وكلِّ شيءٍ.
وقولُ الله جلَّ وعزَّ: {ذَلُولاً فَامْشُواْ فِى} (الْملك: 15) .
قَالَ الْفراء: يُريدُ فِي جَوَانبها.
وَقَالَ الزّجاج: معناهُ فِي جِبَالها، وَقيل فِي طُرُقِهَا.
وأَشْبَهُ التفسيرِ واللَّهُ أعلَمُ تَفسيرُ من قَالَ فِي جِبَالها، لأنَّ قَوْله: {الْخَبِيرُ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ} (الْملك: 15) مَعْنَاهُ: سَهَّلَ لكم السُّلُوكَ فِيهَا فأمْكَنَكُمُ السُّلُوكُ فِي جبالها، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّذْليلِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِلْمَنْكبِ نَكَبَ: عَلَيْهِم فَهُوَ يَنْكُبُ نِكابَةً.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: المَنْكِبُ: عَوْنُ العَرِيفِ.
وَقَالَ اللَّيْث: مَنْكِبُ القومِ: رأسُ العُرَفَاءِ، على كذَا وكذَا عرِيفاً: مَنْكِبٌ.
وَيُقَال: لهُ النِّكابَةُ فِي قوْمِهِ.
قَالَ: والنَّكْبُ: أنْ يَنْكُبَ الحَجَرُ ظَفْراً أَو حافراً أَو مَنْسِماً.
يُقَال: مَنْسِمٌ مَنْكُوبٌ ونَكِبٌ.
وَقَالَ لبيد:
وتَصُكُّ المَرْوَ لَمَّا هَجَّرَتْ
بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأظَلّ
وَيُقَال: نكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْرِ، وأَصابَتْهُ نَكْبةٌ ونَكبَاتٌ ونُكُوبٌ كَثِيرَة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: كلُّ رِيحٍ من الرِّياحِ تَحَرَّفَتْ فَوقَعَتْ بَين رِيحيْنِ فهيَ نَكْبَاءُ، وقَدْ نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً.
وَقَالَ أَبُو زيد: النِّكْبَاءُ: الَّتِي تَهُبُّ بَين الصَّبَا والشَّمالِ، والجِرْبيَاءُ: الَّتِي بَين الجَنُوبِ والصَّبَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النُّكْبُ من الرِّياحِ أَرْبعٌ: فَنَكْبَاءُ الصَّبَا والجَنوب: مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيبَاسٌ للبَقْلِ، وَهِي الَّتِي تَجِيءُ بَين الرِّيحيْنِ. ونَكْبَاءُ الشَّمالِ: مِعْجَاج مِصْرَادُ لَا مطر فِيهَا وَلَا خَيرَ، وَهِي قَرَّةٌ، وَرُبمَا كَانَ مَعهَا مطرٌ قليلٌ.

(10/158)


ونكباءُ الدَّبُورِ والجَنوب حارَّةٌ.
قَالَ: والدبورُ: ريحُ من رِياحِ القَيْظِ، لَا تكونُ إِلَّا فِيهِ وَهِي مِهْيَافُ.
والجنُوبُ تَهُبُّ فِي كلِّ وقتٍ.
قَالَ ابْن كُنَاسَةَ: مَخْرَجُ النَّكْبَاء: مَا بَين مَطْلَع الذّراعِ إِلَى القُطْبِ، وَهُوَ مطلع الْكَوَاكِب الشامية، وجعلَ مَا بَين القُطْب إِلَى مَسْقَط الذِّرَاع مَخْرَجَ الشّمال، وَهُوَ مسْقط كل نجم طلع من مَخْرَج النكباء من اليمَانيَةِ، واليَمانِيَةُ لَا تنزل فِيهَا شمسٌ وَلَا قمرٌ، إِنَّمَا يُهْتَدَى بهَا فِي البَرِّ والبَحْرِ، فَهِيَ شامية.
وَقَالَ غيرُه: قامَةٌ نكْبَاءُ: مائلَةٌ وقِيمٌ نُكْبٌ والقامةُ: البَكْرَةُ. ونَكَبَ فلانٌ كنانتَه إِذا كبَّها ليُخرجَ مَا فِيهَا من السِّهامِ نَكْباً.
ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشتَكى مَنْكِبَهِ.
وَقَالَ شمرٌ: لكلِّ ريحٍ من الرِّيَاح الأربعِ: نكباءُ تُنْسَبُ إِلَيْهَا، فالنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الصَّبَا: هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الشّمال، وَهِي تشبهها فِي اللِّينِ، وَلها أَحْيَانًا عُرَامٌ وَهُوَ قَلِيل، إِنَّمَا يكون فِي الدَّهْر مرَّةً، والنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الشّمَال، وَهِي الَّتِي بَينهَا وَبَين الدّبُور، وَهِي تشبهها فِي البَرْدِ.
وَيُقَال لهَذِهِ الشمالِ: الشاميَّة، كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عِنْد الْعَرَب: شاميةٌ، والنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الدَّبُورِ هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الجَنُوب، تَجِيء من مَغِيبِ سُهيْلٍ، وَهِي تُشبهُ الدبورَ فِي شِدَّتها وعَجَاجِها، والنكباء الَّتِي تنْسب إِلَى الْجنُوب: هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الصَّبَا، وَهِي أشبهُ الرِّيَاح بهَا فِي دفئها ولينها فِي الشتَاء.
نبك: شمرٌ فِيمَا أَلَّفَ بخطِّهِ: النَّبَكُ: هِيَ رَوَابٍ من طينٍ، واحدتُها: نَبَكَةٌ.
قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّبْكَةُ مِثل الفَلْكةِ غيرَ أنَّ الفلكةَ أَعْلَاهَا مُدَوَّرٌ مجتمِعٌ، والنّبْكَةُ رَأسهَا مُحَدَّدٌ كَأَنَّهُ سِنَانُ رُمْحٍ وهما مصعّدتان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النّبْك: مَا ارتفَع من الأَرْض.
وَقَالَ طرفَة:
تَتَّقِي الأرضَ برُحَ وُقَّحٍ
وُرُقٍ تَقْعَرُ أَنْباكَ الأكَمْ
(قلت) : وَالَّذِي شاهدتُ الْعَرَب عَلَيْهِ فِي النِّبَاكِ أَنَّهَا رَوَابِي الرِّمال فِي الْجرْعاوَاتِ اللَّيِّنة، الواحدةُ: نَبَكَةٌ.
بنك: قَالَ اللَّيْث: تقولُ العربُ: كلمة كَأَنَّهَا دَخِيلٌ تَقول: ردَّهُ إِلَى بُنْكهِ الخَبيث تريدُ أَصْلَه.
وَيُقَال: تَبَنّك فلانٌ فِي عِزَ راتِبٍ.
(قلت) : البُنْكُ: أَصْلُه فارسيَّةٌ مَعْنَاهُ: الأصلُ.
وأَنشد ابنُ بُزُرْجَ:

(10/159)


وصاحبٍ صاحَبْتُهُ ذِي مأْفَكَهْ
يَمْشِي الدَّوَالَيْكَ ويَعْدُو البُنَّكَهْ
قَالَ: البُنَّكَةَ يَعْنِي ثِقْلَه إِذا عَدا، والدَّوَالِيكُ: التَّحَفُّزُ فِي مَشْيه إِذا حَاكَ.
ك ن م
كمن، كنم، مكن، نكم: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: نكم، وكنم.
(نكم كنم) : وَقد رَوَى أَبُو عُمَر، عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ: النَّكْمَةُ: المصيبةُ الفادحة، والكَنْمةُ: الْجِراحة.
كمن: قَالَ اللَّيْث: كَمَنَ فلَان يَكْمُنُ كُموناً إِذا اسْتَخْفَى فِي مَكْمَنٍ لَا يُفْطَنُ لَهُ.
ولكلِّ حرفٍ مَكْمَنٌ إِذا مرَّ بِهِ الصّوت أَثَارَه.
والكَمِينُ فِي الحَرْبِ: معروفٌ.
وَتقول: هَذَا أَمْرٌ فِيهِ كَمِينٌ أَي فِيهِ دَغَلٌ لَا يُفْطَنُ لَهُ.
(قلت) : كمينٌ بِمَعْنى كامِن مثلُ علِيمٍ وعالمٍ وقديرٍ وقادرٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ كَمُونٌ، وَهِي الكَتُومُ لِلِّقَاحِ إِذا لَقِحَتْ لم تبشِّرْ بذنَبها وَلم تَشُلْ، وَإِنَّمَا يُعرفُ حَمْلُها بِشوَلاَنِ ذَنَبِها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقةٌ كَمُونٌ إِذا كَانَت فِي مُنْيَتِهَا وزادت عَلَى عَشْر ليالٍ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ ويُستَيْقَنُ لِقَاحُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمُّونُ: معروفٌ. وأَنشدَ:
فأصْبَحْتُ كالكمُّونِ ماتَتْ عُروقُهُ
وأغْصانُه مِمَا يُمنُّونه خُضْرُ
قَالَ: والكُمْنةُ: جَرَبٌ وحُمْرَةٌ تَبقَى فِي العَين من رَمَدٍ يُساءُ علاجه فتُكْمَنُ: وَهِي مَكْمُونة. وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
سِلاحُها مُقْلةٌ تَرَقْرَقُ لَمْ
تَحْذَلْ بهَا كُمْنَةٌ وَلَا رَمَدُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكُمْنَةُ فِي العَين: وَرَمٌ فِي الأجفان وغِلَظٌ وأُكَالٌ يَأْخذُ فِي الْعين فتَحْمَرُّ لَهُ.
يُقَال: كَمِنَتْ عَينُهُ تَكْمَنُ كُمْنَةً شَدِيدَة.
وَقَالَ الطرماح:
بِمُكْتَمِنٍ مِنْ لاعِجِ الْحُزْنِ وَاتِنِ
المكْتَمِن: الخافي الْمُضْمَرُ.
وروى شمرٌ عَن إسحاقَ بنِ منصورٍ عَن سعيدِ بنِ سليمانَ، عَن فرج بن فُضَالَة عَن ابْن عامرٍ عَن أبي أمامةَ الباهليِّ قَالَ: نَهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ عَوَامِرِ الْبيُوت إلاّ مَا كَانَ مِن ذِي الطُّفْيَتَيْنِ، والأبْتَرِ، فَإِنَّهُمَا يُكمِنَانِ الأبصارَ أَو يُكْمِهَان وتُخْدِجُ مِنْهُ النِّسَاء.
قَالَ شمرٌ: الكُمْنَةَ: وَرَمٌ فِي الأجْفَانِ،

(10/160)


وَقيل: قَرْحٌ فِي المآقِي.
وَيُقَال: حِكَّةٌ ويُبْسٌ وَحُمْرَةٌ. قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
تَأَوَّبَنِي الدَّاءُ الَّذِي أَنَا حَاذِرُهْ
كَمَا اعْتَادَ مَكْمُوناً مِن اللَّيْلِ عَاثِرُهْ
ومَن رَوَاهُ بالهاءِ: يُكْمِهَانِ، فَمَعْنَاه يُعْمِيَانِ، من الأكْمَهِ، وَهُوَ الأعمَى.
قَالَ حدّثنا عبدُ الله بن عمرَ عَن حَجَّاج عَن عَطاء بن عمرَ أَنه قَالَ: الأكْمَهُ: الممْسُوحُ العَيْنِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ، وَلَا يُبْصِرُ باللَّيْل.
مكن: (أَبُو زيد) يُقَال: امْشِ على مَكِينَتِكَ ومكَانتِكَ وهِينَتِك.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَنِيرِ: يُقَال: فلانٌ يَعمَلُ على مَكينَتِه أَي على اتِّئَادِه.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} (الْأَنْعَام: 135) أَي: على حِيالِكُمْ ونَاحِيَتِكُمْ.
وأَخبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن الغَسَّاني عَن سَلَمَة عَن أبي عبيدةَ مِثْلُه.
وَقَالَ سَلمَة: قَالَ الْفراء: لَهُ فِي قَلْبي مكانَةٌ ومَوْقِعَةٌ ومَحِلَّةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : فلانٌ مَكينٌ عِنْد فلانٍ بَيِّنُ المكانَةِ يَعْنِي المنزِلَة، قَالَ: والمَكَانَةُ: التؤدَةُ أَيْضا.
وَقَالَ الليثُ: المَكْنِ بَيْضُ الضَّبِّ وَنَحْوه، ضَبَّة مكُونٌ، والوَاحِدَة: مَكْنَةٌ. قَالَ: وكلُّ ذِي رِيشٍ وكلُّ أَجْرَدَ يَبِيضُ، وَمَا سواهُما يَلِدُ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: ضَبَّةٌ مَكُونٌ، وضِبَابٌ مِكَانٌ. وَأنْشد:
وقالَ تَعْلّمْ أنَّها صَفَرِيَّةٌ
مِكَانٌ نمَا فِيهَا الدَّبَا وجَنَادِبُه
قَالَ: ومَكِنَتِ الضَّبَّةُ وأَمْكَنَتْ إِذا جَمَعَتْ البيْضَ فِي جَوْفِها.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الضَّبَّةُ المَكُونُ: الَّتِي قد جَمَعَتْ بَيْضها فِي بَطْنِهَا، يُقَال مِنْهُ: قَدْ أَمْكَنَتْ فَهِيَ مُمْكِنٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد مثلَه، قَالَ: والجَرَادَةُ مِثْلُها، واسمُ البَيْض: المِكْنُ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي مَكُنَاتِهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: سألتُ عِدَّةً من الْأَعْرَاب عَنهُ فَقَالُوا: لَا نَعْرِفُ للطّيْرِ مَكِناتٍ إِنَّمَا المكِنَاتُ بَيْضُ الضِّبَابِ، واحدتها: مكِنَة، وَقد مَكِنَتِ الضَّبّةُ وأَمْكَنَتْ، فَهِيَ ضَبّةٌ مَكُونٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وجائزٌ فِي كَلَام العربِ: أَن يُسْتَعَارَ مَكْنُ الضِّبابِ فيُجْعَلَ للطّيْرِ كَمَا قَالُوا: مَشَافِرُ الْحَبَشِ، وإنّما المشَافِرُ للإبلِ.
قَالَ: وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ

(10/161)


على مَكِناتِها) (يُرِيد على أَمْكِنَتها) ومعناهُ: الطّيْرُ الَّتِي يُزْجَرُ بهَا.
يقولُ: لَا تزْجُرُوا الطّيْرَ وَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا أَقِرُّوها على مَوَاضِعها الَّتِي جعلهَا اللَّهُ بهَا أَي أَنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ.
وَقَالَ شمرٌ: الصَّحِيحُ من قَوْله: (أَقِرُّوا الطيْرَ على مَكِنَاتِها) أَنَّهَا جَمْعُ المَكِنَة، والمكِنَةُ: التَّمكُّنُ، تَقول العربُ: إنَّ بَنِي فُلانٍ لَذُو مَكِنَةٍ منَ السُّلطانِ أَي ذُو تمكُّنٍ، فيقولُ: أَقِرُّوا الطّيْرَ على مكِنَةٍ ترَوْنها عَلَيْهَا ودَعُوا التَّطيُّرَ مِنْهَا، قَالَ: وَهِي مِثْلُ التَّبِعَةِ من التَّتَبُّع والطَّلِبَةِ منَ التَّطَلُّبِ.
قَالَ: وَقَول الله: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} (الْأَنْعَام: 135) أَي: على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ مُسْتَمْكِنُون.
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الناسُ على سَكِنَاتِهمْ، ونَزِلاتهمْ، ومَكِنَاتِهم.
وَقَالَ الشافعيُّ فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِها) مَعْنَاهُ: أَن أهلَ الجاهليةِ كَانَ الرجلُ يخْرُجُ من بيْتِه فِي حاجَتِهِ فإِنْ رأَى طيراً فِي طريقِه طيَّرَه فَإِن أخذَ ذاتَ اليمينِ ذهب فِي حاجتِه، وَإِن أَخَذ ذاتَ الشِّمالِ لم يَذهب.
(قلتُ) : وَهَذَا هُوَ الصحيحُ، وَكَانَ ابنُ عُيَيْنَة يذهبُ إِلَيْهِ، والمكِنَاتُ بِمَعْنى الأمكِنةِ على تأوِيلِها.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَان فِي أَصْلِ تَقْدِير الْفِعْل (مَفْعَل) لِأَنَّهُ موضعٌ لِكَيْنُونَة الشَّيْء فِيهِ غيرَ أَنه لما كثُرَ أَجْرَوْهُ فِي التصْريف مجْرى (فَعَال) فَقَالُوا: مكَّنَّا لَهُ وَقد تَمَكَّنَ وَلَيْسَ هَذَا بأَعْجَبَ من تَمْسكنَ من المسكِين، قَالَ: والدليلُ على أَن مَكَان (مفعل) أَن العربَ لَا تقولُ: هُوَ مِنِّي مكَانَ كَذَا وَكَذَا بالنّصْبِ.
وَقَالَ غَيره: أمكنني الأمرُ يُمْكِنُني فَهُوَ أَمْرٌ مُمكِنٌ: وَلَا يقالُ: أَنا أُمكِنُه بِمَعْنى أَسْتطيعُه، ويقالُ لَا يُمكِنُكَ الصُّعُودُ إِلَى هَذَا الْجَبَل، وَلَا يقالُ: أنتَ تُمكِنُ الصُّعُودَ إِلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المَكْنَانُ: نَبْتٌ.
(قلت) : وَهُوَ من بُقُولِ الرَّبيعِ (الوَاحِدَةُ: مَكْنَانة) .
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَبِالرَّوْضِ مَكْنَانٌ كأَنَّ حَدِيقَهُ
زَرَابِيُّ وَشَّتْها أكُفُّ الصَّوَانِع
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فِي قَول الشَّاعِر، رواهُ عَنهُ أحمدُ بن يحيى:
ومجَرَّ مُنْتَحَرِ الطَّلِيِّ تَنَاوَحَتْ
فِيهِ الظِّبَاءُ بِبَطنِ وَادٍ مُمْكِنِ
قَالَ: مُمكِن: يُنبِتُ المكْنَانَ.
ك ف ب ك ف م: أهملت وجوهها.

(10/162)


(بَاب الْكَاف وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ك ب م
بكم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للرَّجُل إِذا امْتنع مِنَ الكَلاَمِ جَهْلاً أَو تَعَمُّداً: بَكِمَ عَنِ الكَلاَمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (النَّوَادِر) : رَجُلٌ أَبْكَمُ وَهُوَ العَيُّ الْمُفْحَمُ، وَقد بَكِمَ بَكَماً وبَكَامَةً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: الأبْكَمُ: الأقْطَعُ اللِّسَانِ، وَهُوَ العَيُّ بالجوابِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ قَالَ: الأبكَمُ: الَّذِي لَا يعْقِلْ الجوابَ.
وَقَالَ الله تَعَالَى فِي صفةِ الكُفَّار: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ} (الْبَقَرَة: 18) وَكَانُوا يَسْمَعُونَ وينْطِقُونَ ويُبْصِرُونَ ولكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعُونَ مَا أَنْزَلَ الله وَلَا يَتَكَلَّمونَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ، فَهُمْ بمنزلةِ الصُّمِّ البُكْمِ العُمْيِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: (بُكْمٌ) إنَّهُمْ بمنْزلةِ مَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ.
وَيُقَال: الأبْكَمُ: المسْلُوبُ الفُؤَادِ.
(قلت) : وبَيْنَ الأخْرَسِ والأبْكَمِ فَرْقٌ فِي كَلَام العَربِ، فالأخْرَسُ: الَّذِي خُلِقَ وَلَا نُطْقَ لَهُ كالبَهِيمَةِ العَجْمَاءِ، والأبكَمُ: الَّذِي لِلسَانِه نُطْقٌ وهُوَ لَا يعقِلُ الجوابَ وَلَا يحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ، وجَمْعُ الأبكَمِ: بُكْمٌ وبُكْمَانٌ، وجَمْعْ الأصَمِّ: صُمٌّ وصُمَّانٌ.

(10/163)


أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الْكَاف
ك ج (وايء)
كيج: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كَاجَ الرَّجُلُ إذَا زَادَ حُمْقُه.
قَالَ: والكِيَاج: الفَدَامَة والحَمَاقَةُ.
ك ش (وايء)
كوش، كيش، كشي، شوك، شكا، وَشك، شكأ، كشأ: (مستعملة) .
شكا: فِي حديثِ خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا) ، قَوْله: مَا أَشْكانَا أَي مَا أَذِنَ لنا فِي التَّخَلُّفِ عَن صَلاة الظُّهْرِ وَلَا أَخَّرَها عَن وَقْتِهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد، قَالَ أَبُو عبيدةَ: أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ إِذا أَتَيْتُ إِلَيْهِ مَا يَشْكُونِي.
قَالَ: وأَشْكَيْتُهُ إِذا شكَا إليكَ فَرَجَعْتَ لَهُ مِنْ شِكايَتِهِ إيَّاكَ إِلَى مَا يحِبُّ.
وَقَالَ الراجزُ يصِفُ إبِلا:
تمُدُّ بالأعْنَاقِ أَوْ تَثْنِيهَا
وتَشْتَكِي لَوْ أَنَّنَا نُشْكِيهَا
(قلت) : وللإشْكَاء: مَعْنيَانِ آخَرَانِ.
قَالَ أَبُو زيد: شَكاني فلانٌ فأشْكَيتُه إِذا شكاكَ فَزِدْتُه أَذًى وشَكْوَى.
وَقَالَ الْفراء: أَشْكَى إِذا صادفَ حَبِيبَه يَشْكُو.
وروى بَعضهم قَول ذِي الرمة يَصِفُ الرَّبْعَ ووقُوفَه عَلَيْهِ:
وأُشْكِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أبثّهُ
تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ ومَلاَعِبُهْ
قَالُوا: مَعْنَاهُ أبِثُّه شَكْوَايَ وَمَا أكابدُه من الشَّوقِ إِلَى مَنْ ظَعَنَ عَن الرَّبْع حِينَ شَوَّقَتْنِي مَعَاهِدُهُمْ فِيهِ إِلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّكْوُ. والاشتِكاءُ، تقولُ: شَكا يَشْكُو شكاةً.
قَالَ: ويُسْتَعْمَلُ فِي المَوْجِدَةِ والمرَضِ.
وَيُقَال: هُو شاكٍ: مريضٌ، وَقد تَشَكَّى واشْتَكَى.
(قلت) : والشَّكَاةُ تُوضَعُ موضِعَ العَيْبِ أَيْضا.

(10/164)


وعَيَّرَ رَجُلٌ عبدَ الله بن الزُّبيرِ بأُمِّه فَقَالَ: يَا ابْنَ ذَات النِّطَاقَيْنِ، فتمثل بقول الهُذْلِيِّ:
وتِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُها
أَرَادَ أَنَّ تعييرِه إيَّاه بأنَّ أُمَّه كَانَت ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ لَيْسَ بعَارٍ، وَمعنى قَوْله: (ظَاهِرٌ عَنْك عَارُهَا) أَي نابٍ، أَرَادَ أنَّ هَذَا لَيْسَ بعَارٍ يُتَعَيَّرُ مِنْهُ ويُنْتَفى لأنَّه مَنْقَبَةٌ لَهَا، أنَّها إنَّما سُمِّيت ذَات النِّطَاقينِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَحْمِلُ فِي أحَدِهمَا الزَّادَ إِلَى أَبِيهَا وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغَارِ وَكَانَت تَنْتَطِقُ بالنِّطَاقِ الآخرِ، وَهِي أَسْماءُ بنت أَبي بكر الصِّدِّيقِ رَضِي الله عَنهُ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة قَالَ: بِهِ شَكَأٌ شَدِيد: تَقَشُّرٌ، وَقد شَكِئَتْ أصابعُه، وَهُوَ التقشر بَين اللَّحْم والأظفار شَبيه بالتشقق.
وَيُقَال: للبعير إِذا أتْعَبَهُ السَّيْرُ فمدَّ عُنُقَه وكَثُرَ نَحِيطُه: قد شكَا. وَمِنْه قَالَ الراجز:
شَكَا إلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى
صَبْراً جُمَيْلُ فكِلاَنَا مُبْتَلَى
وَيُقَال: شَكَا يَشْكُو شَكْواً، على (فَعْلاً) وشَكْوَى، عَلَى (فَعْلَى) .
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّكْوُ: المرضُ نفسهُ. وأَنشد:
أَخ إنْ تَشَكَّى مِنْ أَذًى كُنْتَ طِبَّهُ
وإِنْ كَانَ ذَاكَ الشَّكْوُ بِي فَأَخِي طِبِّي
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِمِسْكِ السَّخْلَةِ، مَا دَامَتْ تَرْضَعُ: الشَّكْوَةُ، فإذَا فُطِمَ فَمَسْكُهُ: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فَمَسْكُهُ: السِّقَاءُ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى بنُ كُنَاسَةَ: تقولُ العربُ فِي طُلُوع الثُّرَيَّا بالغَدَوَاتِ فِي أول القَيْظ:
طَلَعَ النَّجْمُ غُدَيَّهْ
ابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ
والشُّكَيَّةُ: تَصْغِيرُ الشَّكْوَةِ وذلكَ أَن الثُّريَّا إِذا طلعتْ هَذَا الوَقْتَ من الزمانِ هَبتِ البَوَارِحُ ورَمِضَتِ الأرْضُ وعَطِشَ الرُّعْيَانُ فاحْتَاجُوا إِلَى شِكَاءٍ يَسْتَقُونَ فِيهَا لِشِفَاهِهِمِ ويَحْقِنُونَ اللَّبَنَ فِي بَعْضِهَا لِيَشْرَبُوهُ بارِداً قَارِصاً.
يُقَال: شَكّى الرَّاعِي وتَشَكّى إِذا اتّخَذَ الشَّكْوَةَ.
وَقَالَ الشَّاعِر فِي شَكّى الرَّاعِي مِنَ الشَّكْوَة:
وحَتّى رَأَيْتُ العَنْزَ تَشْرَى وشكَّت ال
أَيَّامى وأضحى الرِّئمُ بالدَّوّ طاويا
وشَكّتِ الأيَامى إذَا كَثُرَ الرِّسْل حَتَّى صارتِ الأيِّمُ يَفْضُلُ لَهَا لَبَنٌ تَحْقِنُهُ فِي شَكوتِهَا.
ابْن السّكيت: فلانٌ يُشْكَى بِكَذَا وَكَذَا أَي يُزَنُّ ويُتَّهَمُ. وَأنْشد:
قالتْ لَهَا بَيْضَاءُ من أَهْلِ مَلَلْ
رَقْرَاقَةُ العَيْنَيْنِ تُشْكَى بالغَزَلْ

(10/165)


والشّكِيُّ أَيْضا: المُوجِعُ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ بن عَدِيَ:
أَنَا الطِّرِمَّاحُ وعَمِّي حَاتِمُ
وَسْمِي شَكِيٌّ ولِسَاني عَارِمُ
كالبَحْرِ حِينَ تَنْكَدُّ الهَزَائِمُ
الهَزَائِمُ: بِئَارٌ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَسْمِي شَكِيٌّ أَي مَشْكُوٌّ لَذْعُهُ وإحْرَاقُهُ.
وقولُهُ جَلَّ وعَزَّ: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (النُّور: 35) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: هِيَ الكَوَّةُ.
وقِيلَ: هِيَ بلُغَةِ الحَبَشِ.
قَالَ: والمِشْكَاةُ من كلامِ العربِ.
قَالَ: ومِثْلُهَا وإنْ كَانَ لِغَيْرِ الكَوَّة الشَّكْوَةُ وَهِي مَعْرُوفَة، وَهِي الزُّقَيْقُ الصغِيرُ أَوَّلَ مَا يُعْمَلُ مِثْلُه.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ واللَّهُ أعلم بالمِشْكَاةِ قَصَبَةَ القِنْدِيل من الزُّجَاجِ الَّذِي يُسْتَصْبَحُ فِيهِ، وَهِي موضعُ الفَتِيلَةِ فِي وَسَط الزّجَاجَة شُبِّهَتْ بالمِشْكَاةِ وَهِي الكَوَّةُ الَّتِي لَيست بِنَافِذَةٍ.
والعربُ تقولُ: سَلِّ شاكِيَ فُلاَنٍ أَي طَيِّبْ نَفْسَه وَعَزِّهِ عَمَّا عَرَاهُ.
وَيُقَال: سَلّيْتُ شَاكِيَ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا أَيْ تَرَكْتُها فَلَمْ أَقْرَبُهَا، وكُلُّ شيءٍ كَفَفْتَ عَنهُ فقَدْ سَلَّيْتَ شَاكِيَهُ.
(شكأ) : وروى أَبُو العبَّاس عنِ ابنِ الْأَعرَابِي، يُقَالُ: شَكَأ فلانٌ إِذا تَشَقَّقَتْ أَظْفَارُه.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ: قَالَ الأصمعيُّ: شَقَأَ نابُ البَعِيرِ وشَكَأَ إِذا طَلَعَ فَشَقَّ اللَّحْمَ.
وقِيلَ فِي قولِ ذِي الرمة:
عَلَى مُسْتَظِلاَّتِ العُيُونِ سَوَاهِمٍ
شُوَيْكِئَةٍ يَكْسُو بُرَاهَا لُغَامُهَا
أَرادَ شُوَيْقِئَةً فَقَلَبَ القَافَ كَافاً مِنْ شَقَأَ نَابُهُ إِذا طَلَعَ كَمَا قيل: كُشِطَ عَن الفَرس الْجُلُّ وَقُشِطَ بِمَعْنى واحدٍ، وَقيل شُوَيْكِيَةٌ بِغَيْر هَمْزٍ: إِبْلٌ مَنْسُوبَةٌ.
وتَشَكَّى فلانٌ واشْتَكَى بِمَعْنى واحدٍ.
قَالَ أَبُو بكر: الشَكَأُ فِي الْأَظْفَار: شبيهٌ بالتشقق مَهْمُوز مَقْصُور.
شوك: قَالَ اللَّيْث: الشَّوْكَةُ، والجميعُ: الشَّوْكُ، وشجرةٌ شائِكة: ذاتُ شَوْكٍ، ومُشِيكةٌ: مِثلُها، والشَّوْكُ الَّذِي ينبُتُ فِي الأَرْض، الْوَاحِدَة مِنْهَا: شَوْكة، وَقد شاكتْ إصْبَعَه شوكةٌ إِذا دخلَتْ فِيهَا، وشِكْتُ الشَّوْكَ أَشَاكُه، فَإِذا أردْتَ أَنّه أصابكَ: قلْتَ: شَاكَنِي الشَّوْكُ يَشُوكُني شَوْكاً.
قَالَ: وَتقول: مَا أَشَكْتُه أَنا شَوْكةً، وَلَا شُكْتُه بهَا، وَهَذَا مَعْنَاهُ أَي لم أُوذِهِ بهَا.
قَالَ:

(10/166)


لَا تَنْقُشَنَّ بِرِجْلِ غَيْرِكَ شَوْكةً
فَتَقِي بِرِجْلِكَ رِجْلَ مَن قد شَاكَها
شَاكَها مِنْ شِكْتُ الشَّوْكَ أشاكه، بِرَجُل غَيْرك أَي من رجل غَيْرك.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : شَاكَتْنِي الشوكةُ تَشُوكُنِي إِذا دخَلَتْ فِي جسَدِه، وقَدْ شِكْتُ أَنَا أَشَاكُ إِذا وَقَعَ فِي الشَّوك.
قَالَ وَقَالَ الكسائيُّ: شُكْتُ الرجلَ إِذا أَدْخَلْتَ الشَّوكةَ فِي رِجْلِه.
(قلت) : أَرَاهُ جَعَله متَعَدِّياً إِلى مَفْعُولَيْنِ كَمَا قَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
شَاكَتْ رُغَامَى قَذُوفِ الطَّرْفِ خَائِفَةٍ
هَوْلَ الجَنانِ ومَا هَمَّتْ بإِدْلاجِ
حرَّى مُوَقَّعةً مَاجَ البَنانُ بهَا
عَلَى خِضَمَ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ
يَصِفُ قَوْساً رَمَى عَنْهَا فشَاكَتِ القوسُ رُغَامَى الطائرِ مِرْماةً حَرَّى مَسْنونةً، والرُّغامَى: زِيادةُ الكَبِدِ؛ والحَرَّى هِيَ المِرْماةُ العَطْشَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: شَوّكْتُ الحائطَ: جعلتُ عَلَيْهِ الشَّوْكَ.
وشَوّكَ لَحْيَا البَعيرِ إِذا طالتْ أَنْيَابُه.
(أَبُو عبيد) : الشّاكِي، والشائكُ جَمِيعًا: ذُو الشَّوك والحدِّ فِي سلاحه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ شَاك فِي السِّلاح، وشائكٌ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَال: شَاك إِذا أَردت معنَى (فَاعِلٍ) ، فَإِذا أَرَدْتَ معنى (فَعِلٍ) قلتُ هُوَ شاكُ السلاحِ.
وَقيل: رجُلٌ شاكي السِّلَاح: حديدُ السِّنَانِ والنَّصْلِ، وَنَحْوهمَا.
وَقَالَ الفرّاء: رجُلٌ شَاكُ السِّلاح، وشاكِي السِّلَاح مثلُ جُرُفٍ هارٍ، وهَارٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الشاكي من السِّلاح، أَصْلُه: شَائِكٌ من الشَّوْكِ، ثمَّ يُقْلَبُ فيُجْعَلُ من بنَات الْأَرْبَعَة، فيُقال: هُوَ شَاكٍ.
ومَنْ قَالَ: شاكُ السِّلاح بحذفِ الْيَاء، فَهُوَ كَمَا يُقَال: رَجُلٌ مالٌ، ونالٌ منَ المَال وَالنَّوَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ مائلٌ ونائلٌ.
وَقَالَ غيرُه: شَاك ثَدْيَا المرأةِ، وشَوّكَ ثدْيَاهَا إِذا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ.
وحُلَّةٌ شَوْكَاءُ.
قَالَ الأصمعيُّ: مَا أَدْرِي مَا يُعْنَى بهَا، وَقَالَ غيرُه: هِيَ الْخَشِنَةُ من الْجِدَّةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْكَةُ: الْحُمْرَةُ تَظْهَرُ فِي الوجْه وغيرِه من الجَسد، فَتُسَكَّنُ فِي الرُّقَى، ورجُلٌ مَشُوكٌ، وَقد شِيكَ إِذا أصابَتْهُ هَذِه العِلّةُ.
والشّوْكةُ: طِينةٌ تُدَوَّرُ رَطْبَةً، ثمَّ تُغْمَزُ حَتَّى تنبسِطَ، ثمَّ يُغْرَزُ فِيهَا سُلاَّءٌ للنَّخل، يُخَلَّص بهَا الكتَّانُ، تُسَمَّى شَوكةَ الكَتَّانِ.
وَيُقَال: شَوَّكَ الفَرْخُ تَشْوِيكاً، وَهُوَ أَوَّلُ

(10/167)


نبَاتِ رِيشِه.
وشَوْكَةُ المُقاتِل: شِدَّةُ بأْسِه، هُوَ شديدُ الشَّوْكة.
وَشك: قَالَ اللَّيْث: أَوْشَكَ فلَان خُروجاً، وتقولُ: لَوَشْكانَ ذَا خُرُوجاً، وَلَسُرْعان ذَا خُروجاً. وَأنْشد:
أَتَقْتُلُهُمْ طَوْراً وتَنكِحُ فِيهِمُ
لَوَشْكَانَ هَذَا والدِّماءُ تَصَبَّبُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول: يُوشِك أَن يكون كَذَا؛ وَكَذَا، وَلَا تَقُلْ: يُوشَكُ.
وَمن أمثالِهم: (لَوَشْكَانَ ذَا إهَالةً) يُضربُ مثلا للشيءِ يَأْتِي قَبلَ حِينه، وَوَشْكَانَ: مَصدَرٌ فِي هَذَا الْموضع، والوَشِيكُ: السَّرِيع، ووَشْكُ البَيْنِ: سُرْعةُ الفِراق.
(أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي) : يُقَال: وَشْكَانَ مَا يكُونُ، ووِشْكَانَ، ووُشْكَانَ، والنُّونُ مفتوحةٌ فِي كلِّ وَجهٍ.
وَكَذَلِكَ: سَرْعَانَ مَا يكونُ ذَاك، وسُرْعَانَ، وسِرْعانَ.
(أَبُو عُبَيْدَة) : فرسٌ مُوَاشِكٌ، والأُنثى: مُوَاشِكَةٌ، والمُوَاشَكةُ: سُرْعةُ النّجَاءِ والخِفّة.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمَةَ يرثِي بِسْطامَ بنَ قَيْسٍ:
حَقِيبَةُ سَرْجِه بَدَنٌ ودِرْعٌ
وتَحمِلُه مُوَاشِكَةٌ دَؤُولُ
كشي: أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الصَّيْداوِيِّ عَن الرِّياشِيِّ قَالَ: الكُشْيَةُ: شحْمٌ يَكونُ فِي بَطْن الضّبِّ.
وَأنْشد:
فلَو كَانَ هَذَا الضَّبُّ لَا ذَنَبٌ لَهُ
وَلَا كُشْيَةٌ مَا مَسَّهُ الدَّهْرَ لامِسُ
ولكنَّه مِن أَجْلِ طيبِ ذُنَيْبِهِ
وكُشْيَتِهِ دَبّتْ إِلَيْهِ الدَّهَارِسُ
وَيُقَال: كُشَّةٌ، وكُشْيَةٌ بِمَعْنًى وَاحِد.
(كشأ) : ومِنْ مهْمُوزه: مَا روى أَبُو عبيدٍ لأبي عمرٍ و: إِذا شَوَيْتَ اللَّحْم حَتَّى يبِس فَهُوَ كَشِىءٌ مَهْمُوزٌ، وَقد كَشَأْتُهُ، وَمثله: وزَأْتُ اللَّحْم إِذا أَيْبَسْتَهُ.
وَقَالَ الأمَويٌّ: أكْشَأْتُهُ بالألِف.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: كَشِئْتُ الطَّعامَ كَشْأً إِذا أكلْتَهُ حتَّى تمتلىءَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: كَشَأتُ الطَّعامَ كشْأً إِذا أكلْتَهُ كَمَا تأكلُ القِثَّاءَ وَنَحْوه.
قَالَ: وكَشَأْتُ وسطَه بالسَّيْف كشْأً إِذا قَطعْتَهُ.
وَيُقَال: تكَشّأَ الأديمُ تكشُّؤاً إِذا تَقَسَّمَ؟ .
وَقَالَ الفراءُ: كَشَأْتُهُ، ولفَأْتُهُ أَي قشرتُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَشَأَ يَكْشَأُ إِذا أكل قِطْعَة من الكَشِىءِ وَهُوَ الشِّوَاءُ المُنْضَجُ، وأَكْشَأَ إِذا أكَلَ الكَشِىءَ.
ابْن شُمَيْل: رَجُل كَشِىءٌ: مُمْتَلِىءٌ مِن

(10/168)


َ الطّعَامِ، وكَشَأْتُ اللَّحْمَ وكَشّأْتُه إِذا أكلتَه، وَلَا يُقَال فِي غير اللَّحْمِ.
كوش كيش: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كاش يكُوشُ كَوْشاً إِذا فَزِعَ فَزَعاً شَدِيدا، وكاش جِارِيتَه يكُوشُهَا إِذا مَسَحَهَا.
أَبُو الْهَيْثَم لِابْنِ بُزُرْجَ: ثَوْبٌ أكْيَاشٌ، وجبّةٌ أَسْنَادٌ، وثَوْبٌ أَفْوافٌ.
قَالَ: والأكْيَاشُ مِنْ بُرُودِ اليَمنِ.
ك ض (وايء)
استُعْمِلَ من جَمِيع وجوهه مَا روى أَبُو عبيد عَن أبي زيد.
ضوك ضيك: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: الضّيَكَانُ والحَيَكان: مِنْ مَشْيِ الْإِنْسَان: أَنْ يُحَرِّكَ فِيهِ مَنْكِبَيْه، وجَسَدَهُ حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لَحْمٍ.
وَقَالَ اللحياني عَن أبي زِيَاد: تَضّوّكَ فلَان فِي رجيعه تضوُّكاً إِذا تلطَّخ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: تَصَوَّكَ فِيهِ بالصَّاد غير مُعْجمَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم الْعقيلِيّ: تورَّك فِيهِ تورُّكاً إِذا تلطّخ.
وروى أَبُو ترابٍ عَن عرَّامٍ: يُقَال: رَأَيْتُ ضُوَاكَةً من النَّاس، وضَوِيكَةً أَي جمَاعَة من سَائِر الْحَيَوَان.
ويقالُ: اضْطَوَكُوا على الشَّيْء واعْتَلَجُوا وادَّوَسُوا إِذا تنازعُوا بِشدَّة.
ك ص (وايء)
صوك، صأك، كيص، كصا، صكا: (مستعملة) .
صوك صأك: قَالَ اللَّيْث: الصَّأْكةُ، مَجْزُومةٌ: ريحٌ يجدُها الإنسانُ من عَرقٍ أَو خَشَبٍ أصابهُ ندًى فتغيرت ريحُهُ، والصَّائكُ: الوَاكِفُ إِذا كَانَت فِيهِ تِلْكَ الرِّيحُ، والفِعْلُ: صَئِكَتِ الخَشبةُ تصأَك صَأَكاً.
وَقَالَ الْأَعْشَى: فَتَرَكَ فِيهِ الهَمْزَ، وخَفّفه فَقَالَ: صَاك:
وَمِثْلُكِ مُعْجَبَةٍ بالشّبِا
ب صاكَ العبيرُ بأَثْوَابها
أَرَادَ: صَئِك. قَالَ: والصَّائكُ: الدَّمُ اللاَّزقُ.
ويقالُ: الصَّائكُ: دَمُ الْجَوفِ. وَقَالَ الشَّاعِر، فجَعَلهُ يصُوكُ:
سَقَى اللَّهُ خَوْداً طَفْلةً ذاتَ بَهْجَةٍ
يَصُوكُ بكفّيها الخِضابُ ويَلْبَقُ
يصوكُ يلْزَقُ.
وروى عمرٌ وَعَن أَبِيه قَالَ: الصَّائكُ: اللازقُ، وَقد صاك يصِيكُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: صَئِك الرَّجلُ يَصْأَك صَأَكاً إِذا عَرِقَ فهاجتْ ريحٌ مُنْتِنَةٌ من ذَفَرٍ أَو غير

(10/169)


ذَلِك.
وَفِي (النوادِرِ) : رَجُلٌ صَئِكٌ. وَهُوَ الشديدُ من الرِّجال.
وظلَّ يُصايكُني منذُ الْيَوْم ويُحايكُني.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَصَوَّك فلانٌ فِي رَجِيعِه تَصَوُّكاً إِذا تَلَطّخَ بِهِ. وتقولُ مِثلهُ بالضَّادِ.
كيص: وَقَالَ الليثُ: الكِيصُ من الرِّجال: القصيرُ التّارُّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَيْصُ: البُخْلُ التَّامُّ ورجلٌ كِيصٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: رَجُلٌ كِيصًى يَا هَذَا بِالتَّنْوِينِ: ينزل وحدَه. وَيَأْكُل وَحده، وَقد كاصَ طَعَامَه إِذا أكله وَحده.
(ابنُ بُزُرْج) : كاصَ فلانٌ من الطَّعَام وَالشرَاب إِذا أَكثر مِنْهُ.
وفلانٌ كاصٌ أَي صَبُورٌ باقٍ على الْأكل وَالشرب.
كصا: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَصَا إِذا خَسّ بعد رِفعة.
صكا: وصَكَا إِذا لَزِمَ الشَّيْء.
ك س (وايء)
كسا، كوس، كيس، كأس، وكس، أسك، سوك. سكا: (مستعملة) .
كسا سكا: قَالَ اللَّيْث: الكِسْوَةُ، والكُسْوَة: اللّبَاسُ، وَلها معانٍ مُخْتَلِفَةٌ.
تقولُ: كَسَوْتُ فُلاَناً أَكْسُوهُ. إِذا أَلْبَسْتَهُ ثَوْباً أَو ثِيَاباً.
واكْتَسَى فلانٌ إِذا لَبِسَ الكِسْوَةَ.
وَقَالَ رؤبةُ يَصِفُ الثَّوْرَ والكِلاَبَ:
وَقَدْ كَسَا فِيهِنَّ صِبْغاً مُرْدَعَا
يَعْنِي: كَسَاهُنَّ دَماً طَرِيّاً.
وَقَالَ أَيْضا يَصِفُ العَيْرَ وأُتُنَهُ:
يَكْسُوهُ رَهْبَاهَا إِذا تَرَهَّبَا
على اضْطِرَامِ اللُّوحِ بَوْلاً زَغْرَبَا
يَكْسُوهُ رَهْبَاهَا أَي يَبُلْنَ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: اكْتَسَتِ الأرضُ بالنَّبَاتِ إِذا تَغَطَّت بِهِ. والكِسَاءُ: اسمٌ موضوعٌ.
وَيُقَال: كِسَاءٌ، وكِسَاءانِ وكِسَاوَانِ، والنّسْبَةُ إِلَيْهِ: كِسَائيٌّ، وكسَاوِيٌّ، والكُسَى: جمعُ الكُسْوَةِ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ يُقَال: جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْر، وعَلى دُبْرِهِ، وكُسْأَهُ، وأَكْسَاءَهُ وجِئْتُكَ على كُسْئه وَفِي كُسْئه أَي بعد مَا مضى الشَّهْرُ كلُّه. وَأنْشد أَبُو عبيد:
كلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقاً يَمَانِيَةً
إذَا الحُدَاةُ على أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَي على أَدْبَارِهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كاسَأَهُ إِذا فَاخَرَهُ.
قَالَ: وساكاه إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فِي المعامَلَةِ.
وَسَكَا إِذا صَغُرَ جسْمُهُ.
أَبُو بكر: الكَسَاءُ بِفَتْح الْكَاف مَمْدُود:

(10/170)


الْمجد والشرف والرفعة، حَكَاهُ أَبُو مُوسَى هَارُون بن الْحَارِث.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ غَرِيب.
وَيُقَال: كَسِيَ فلانٌ يَكْسَى فَهُوَ كاسٍ إِذا اكْتَسَى، وَمِنْه قَوْله:
يَكْسَى وَلَا يَغْرَثُ مَمْلُوكُهَا
إِذا تَهَرَّتْ عَبْدَهَا الهارِيَهْ
وقولُ الحطيئة:
وَاقْعُدْ فَأَنْتَ لَعَمْرِي الطَّاعِمُ الكَاسِي
أَي المُكْتَسِي.
أَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: فلانٌ أكْسَى من بَصَلَةٍ إِذا لَبِس الثِّيَاب الْكَثِيرَة.
قَالَ: وَهَذَا من النَّوَادِر أَن يُقَال للمكتسي: كاسٍ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ: وَيُقَال: فلانٌ أكْسَى من فلَان أَي أكثرُ إِعْطَاء للكُسْوَةِ، من كسَوْتُه أكْسُوهُ، وفلانٌ أكسى من فلَان أَي أَكثر اكتساء مِنْهُ، وَقَالَ فِي قَوْله:
فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي
أَي المكتسي، هَكَذَا أملاه علينا.
كوس: (ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ) : الكَوْسُ: مَشيُ النَّاقَةِ على ثَلاَثٍ.
والكُوسُ: جمْعُ أكوَسَ، وكَوْسَاءَ.
وَفِي حَدِيث عبدِ الله بن عبدِ الله بن عُمَرَ أَنَّه كَانَ عندَ الحجَّاجِ فَقَالَ: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيءٍ نَدَمِي عَلَى أَن لَا أكُونَ قَتَلْتُ ابنَ عُمَرَ، فَقَالَ عبدُ الله: أَمَا وَالله لَو فَعَلْتَ ذَلِك لكَوَّسَكَ اللَّهُ فِي النَّارِ.
قَالَ أَبُو عُبيْدٍ: معناهُ لَكَبَّكَ الله.
يقالُ: كوَّسْتهُ على رأسِهِ تَكْوِيساً، وَقد كاسَ يكُوسُ إِذا فعلَ ذَلِك.
وقالتْ عَمْرَةُ بِنْتُ مِرْدَاسٍ، أَخْتُ العبَّاس بن مِرْدَاسٍ، تَذْكُرُ أَخَاهَا أَنَّه كَانَ يَعْقِرُ الإبلَ:
فَظَلّتْ تكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ
ثَلاَثٍ وغَادَرْتَ أُخْرَى خَصيبَا
يَعْنِي القائِمةَ الَّتِي عَرْقَبَها فَهِيَ مُخَضّبَةٌ بالدّمَاءِ.
وَقَالَ الليثُ: الكُوسُ: خَشبَةٌ مُثَلّثَةٌ تكونُ مَعَ النَّجَّارِينَ يقيسُونَ بهَا تَرْبيعِ الخشبِ، وَهِي كلمةٌ فارِسِيَّةٌ، والكوسُ أَيْضا كأَنّها عَجَمِيَّةٌ، والعربُ تكلّمَتْ بهَا وَذَلِكَ إِذا أَصَابَ النَّاسَ خَبٌّ فِي البحرِ فخافُوا الغرقَ، قَالُوا: خافُوا الكُوسَ.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: الكُوسِيُّ من الْخَيل: القصيرُ الدَّوَارِجِ، وَلَا تراهُ إلاَّ مُنَكّساً إِذا جرى؛ وَالْأُنْثَى: كُوسِيَّةٌ.

(10/171)


وَقَالَ غيرُه: هُوَ القصيرُ اليَدَيْنِ، وكَاسَتِ الحَيَّة إِذا تَحَوَّتْ فِي مَكاسِهَا، وتكَاوَسَ النَّبْتُ إِذا الْتَفَّ؛ وسَقَط بعضُه على بَعْضٍ، فَهُوَ مُتَكاوِسٌ.
وَفِي (النَّوَادِرِ) : اكْتَاسنِي فلانٌ عَن حَاجَتِي وارْتَكَسَنِي أَي حَبَسَنِي.
كيس: وَمن ذَوَاتِ الياءِ، رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ) أَرادَ أَنّ العاقلَ منْ حَاسَبَ نفْسَهُ.
وَيُقَال: كَاسَ يَكِيسُ كَيْساً، فَهُوَ كَيّسٌ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الكَيْسُ: العقلُ، والكَيْسُ: الجِماعُ وطلَبُ الوَلَدِ فِي قولِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا قَدِمْتُمْ عَلَى أَهَالِيكُم فالكَيْسَ الكَيْسَ) : أَي جَامِعُوهنّ طالبينَ الولَدَ.
وَقَالَ الليثُ: جمعُ الكَيّسَ: كَيَسَةٌ.
قَالَ: ويقالُ: هَذَا الأكْيَسُ، وَهِي الكوسَى، وهُنَّ الكُوسُ، والكُوسَيَاتُ للنّساءِ خَاصَّة. وقولُ الشَّاعِر:
فَمَا أَدْرِي أَجُبْناً كَانَ دَهْرِي
أَمِ الكُوسى إِذا جَدَّ العَزِيمُ
أَرَادَ الكَيْسَ، بنَاهُ على فُعْلَى، فَصَارَت الياءُ واواً، كَمَا قَالُوا: طُوبى من الطِّيبِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الكَيِّسُ: الْعَاقِل، والكَيْسُ: الْعقل.
وَأنْشد:
فَلَو كُنْتُم لكيّسَةٍ أكاسَتْ
وكيْسُ الْأُم أكيَسُ للبَنينا
وَقَالَ الآخر:
فَكُن أكيَسَ الكَيْسَى إِذا مَا لقيتهم
وَكن جَاهِلا إمَّا لقيتَ ذَوي الْجَهْل
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: أَكاسَ الرَّجُلَ إِذا أخذَ بِنَاصيتِهِ، وأكاسَتِ المرأَةُ إِذا جَاءَت بولَدٍ كَيّسٍ، فَهِيَ مُكِيسَةٌ ومُكْيسَةٌ.
ويقالُ: كايَسْتُ فُلاناً فَكِسْتهُ أكِيسُهُ إِذا غلبتَهُ بِالكَيْسِ.
وَفِي حَدِيث جابرٍ: (أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتُرَانِي إنّمَا كِسْتُك لآخُذَ جَمَلكَ) .
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: كَيْسَانُ: اسْم للغَدْرِ.
وَأنْشد:
إِذا مَا دَعَوْا كيْسَانَ كَانَت كُهُولُهُم
إِلَى الغَدْرِ أَسْعى منْ شبَابهمِ المُرْدِ
وَيُقَال لما يكونُ فِيهِ الولَدُ: الكِيسُ، شُبِّه بالكيسِ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ النَّفقَةُ.
(كأس) : قَالَ الله تَعَالَى: {سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ} (الصافات: 45) .
قَالَ الزّجاج: الكأس: الْإِنَاء إِذا كَانَ فِيهِ خمرٌ، فَهُوَ كأس، ويقَعُ الكأس لكل إناءٍ مَعَ شَرَابِه.
قَالَ الْأَزْهَرِي: والكأسُ مهموزٌ وَجمعه كؤوسٌ.

(10/172)


وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: كاص فلَان من الطعامِ والشرابِ إِذا أَكثر مِنْهُ.
وَتقول: وجدت فلَانا كُؤَصاً كُعَصاً أَي صبوراً بَاقِيا على شربه وَأكله.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وأحْسِبُ الكأْسَ مأخوذاً مِنْهُ؛ لِأَن الصَّاد وَالسِّين يتعاقبان فِي حُرُوف كَثِيرَة لقرب مخرجيهما.
(ابْن السّكيت) : هِيَ الكأسُ والفأسُ، والرأسُ: مهموزاتٌ، وَهُوَ رابط الجأْشِ.
أسك: قَالَ أبُو الهيثمِ: قَالَ نُصَيرٌ: الإسْكَتَانِ: ناحِيَتَا الفَرْجِ، وطرَفاهُ: الشَّفْرانِ.
وَقَالَ شمرٌ: الإسْكُ: جانبُ الاسْتِ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: امْرَأَةٌ ماسُوكةٌ إِذا أَخطأَت خافِضتُها فأصابَت شَيْئا مِنْ إسْكتَيْها.
وآسَكُ: موضعٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
قبحَ الْإِلَه وَلَا أقبِّح غيرَهُم
إسْكَ الإماءِ بَني الأسَكّ مُكَدَّمِ
قَالَ: الإسْكُ: جَانب الاست، شبههم بِهِ لنَتْنهم.
يُقَال للْإنْسَان إِذا وصف بالنَّتْنِ: إِنَّمَا هُوَ إسْكُ أمَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَطِينةٌ.
وكس: قَالَ اللَّيْث: الوَكْسُ فِي البَيْع: اتِّضَاعُ الثَّمَنِ.
يقالُ: لاَ تَكِسْ يَا فلانُ، وإنَّهُ لَيُوضَعُ ويُوكَسُ، وقَدْ وُضِعَ، وَوُكِسَ.
قَالَ: والوَكْسُ: دخولُ القَمَرِ فِي نَجْمٍ يُكْرَهُ.
وَأنْشد أَبُو عَمْرٍ و:
هَيَّجَهَا قَبْلَ ليَالِي الوَكْسِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أنَّ معاويةَ كتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ بن عَلِيَ: (إنِّي لَمْ أَكِسْكَ، ولَمْ أَخِسْكَ) .
قَالَ ابْن الأعرابيّ: لَمْ أَكِسْكَ: لَمْ أَنْقُصْكَ، ولَمْ أَخِسْكَ: لَمْ أُبَاعِدْكَ مِمَّا تُحِبُّ، والأوَّلُ مِنْ وَكَسَ يَكِسُ، والثّاني مِنْ خَاسَ بِهِ يَخِيسُ بِهِ.
(عَمْرٌ وَعَن أبِيهِ) قَالَ: الوَكْسُ: مَنْزِلُ القَمَر الَّذِي يُكْسَفُ فِيهِ.
سوك: قَالَ اللَّيْث: السَّوْكُ: فِعْلُكَ بالسِّوَاكِ، والمِسْوَاكِ.
يقالُ: ساكَ فَاهُ يَسُوكُهُ سَوْكاً، فَإِذا قُلْتَ: اسْتَاكَ فَلاَ تَذْكر الفَمَ.
قَالَ عَدِيُّ بنُ الرِّقَاع:
وكأَنَّ طَعْمَ الزَّنجَبِيلِ ولَذَّةً
صَهْباءَ ساكَ بهَا المُسَحِّرُ فَاهَا
ساك وسوّكَ: وَاحِد، والمسحر: الَّذِي يَأْتِيهَا بسَحُورها، قَالَ: والسِّواكُ تُؤَنِّثُه العربُ.
وَفِي الحَدِيث: (السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ) أَي

(10/173)


يُطهِّرُ الفمَ.
(قلت) : مَا عَلِمْتُ أَحَداً من اللغَوِيِّينَ جَعلَ السِّواكَ مُؤَنَّثاً، وَهُوَ مُذَكَّرٌ عِنْدِي.
وقولُه: مَطْهَرَةٌ كقولِهم: الوَلَدُ مَجْبنَةٌ مَجْهَلَةٌ. وكقولهم:
والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنفْسِ الْمُنْعِمِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَاءَت الإبلُ تَسَاوَكُ، أَي مَا تُحَرِّكُ رُؤوسَها.
(قلت) العربُ تقولُ: جاءتِ الغَنَمُ هَزْلَى تَسَاوَكُ، أَي تَتَمَايَلُ مِنَ الهُزَالِ والضّعْفِ.
وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبَدٍ (أَنَّ زَوْجَها أَبَا مَعْبَدٍ جَاءَ يَسُوقُ أَعْنُزاً عِجَافاً تَسَاوَكُ هَزْلاً) .
وأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ لعُبَيْدِ الله بن الحُرِّ الجُعْفِيِّ:
إِلَى الله نَشْكُو مَا نَرَى بِجِيَادِنَا
تَسَاوَكُ هَزْلاً مُخُّهُنَّ قَلِيلُ
قَالَ أَبُو زيد: يُجْمَعُ السِّوَاكُ: سُوُكاً على فُعُلٍ.
قَالَ: وأَنشدني الخليلُ بنُ أحمدَ:
أَغَرُّ الثَّنَايَا أَحَمُّ اللِّثا
تِ تَمْنَحُهُ سُوُكَ الأسْحِلِ
قَالَ: ورَجُلٌ قَؤُولٌ من قَوْمٍ قُوُلٍ، وقُوْلٍ مثلُ سُوُكٍ، وسُوْكٍ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: تَسَاوَكَتْ فِي المشْي، وتَسَرْوَكْت، وهما رَدَاءَةُ المشْيِ، والبُطْءُ فِيهِ من عجفٍ وإِعياءٍ.
ك ز (وايء)
كوز، كزا، زوك، زكأ، زكا، زأك، وكز، وزك: (مستعملة) .
كزا: أهمله اللَّيْث، وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنَّه قَالَ: كَزَا إذَا أَفْضَلَ عَلَى مُعْتِفِيهِ.
زوك: أهمله الليثُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الزَّوْكُ: مِشْيَةُ الغُرَابِ، وَهُوَ الخَطْوُ المُتَقَارِبُ فِي تَحَرُّكِ جَسَدِ الماشِي.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: زَاكَ يَزُوكُ زَوْكاً إِذا مَشى فَحَرَّكَ جسدَهُ وأَلْيَتَيْهِ، وفَرّجَ مَا بَين رِجْلَيْهِ، وَهُوَ الزَّوَنَّكُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الزَّوْكُ: مِشْيةٌ فِي تقارُبٍ وفَحَجٍ، وَأنْشد:
رَأَيْتُ رِجَالاً حِينَ يَمشُون فَحّجُوا
وزَاكُوا وَمَا كانُوا يزُوكُونَ من قبلُ
وزك: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الفراءُ: رَأَيتُها مُوزِكَةً، وَقد أَوْزَكَتْ، وَهُوَ مشْيٌ قبيحٌ من مشْيِ القصيرةِ.
زأك: بِالْهَمْز، أهمله اللَّيْث، وأقرأني المنذريُّ فِي المَنْبُورَةِ لأبي حِزَامٍ:
تَزَاءَكَ مُضْطَنِىءٌ آرمٌ
إِذا ائْتَبّهُ الأدُّ لاَ يَفْطَؤُهْ
قَالَ ابْن السّكيت: التَّزَاؤكُ: الاستحياءُ،

(10/174)


والمُضْطَنِىءُ: المستحي.
قَالَ: والآرِمُ: المُوَاصِلُ، ائتَبَّهُ: تَهَيأَ لَهُ، لَا يَفْطَؤُهُ: لَا يقهَرُهُ.
كوز: يُقَال: كازَ يَكُوزُ، واكْتَازَ يَكْتَازُ إِذا شرب بالكُوزِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: كاب يكُوبُ إِذا شَرِبَ بالكُوبِ، وَهُوَ الكُوزُ بِلَا عُرْوَةٍ، فَإِذا كَانَ بعُرْوَةٍ فَهُوَ كُوزٌ.
يُقَال: رَأَيْته يَكُوزُ ويكْتَازُ، ويكُوبُ ويكْتَابُ، وَجمع الكُوز: كيزَانٌ.
ابْن دُرَيْد: كُزْتُ الشَّيْء أكوزُه كَوْزاً إِذا جمعتَه.
وبنُو الكُوزِ: بطن من الْعَرَب.
وسمَّت الْعَرَب مَكوزَة ومِكْوَازاً.
وَقَالَ غيرُه: مَكْوَزَةُ من أَسمَاء الْعَرَب.
زكا: قَالَ اللَّيْث: الزَّكَاةُ: زَكاةُ المَال، وَهُوَ تطهيرُه، والفعلُ مِنْهُ: زَكَّى يُزَكّي تَزْكِيةً، والزَّكاةُ: الصَّلاَح.
يُقَال: رجلٌ تقيٌّ زَكيٌّ، ورجالٌ أتقيٍ اءُ أَزْكِياءُ، والزَّرْعُ يزْكُو زَكاءً، ممدودٌ، وكلُّ شيءٍ يَزْدَادُ ويسمَنُ فَهُوَ يَزْكُو زَكاءً.
وتقولُ: هَذَا الأمرُ لَا يَزْكُو بفُلانٍ أَي لَا يليقُ بِهِ.
وَأنْشد:
والمالُ يَزْكُو بكَ مُسْتَكْبِراً
يَخْتَالُ قَدْ أَشْرَفَ لِلنَّاظِرِ
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً} (مَرْيَم: 13) مَعْنَاهُ: وَفعلنَا ذَلِك رَحْمَة لِأَبَوَيْهِ وتزكيةً لَهُ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أَقَامَ الِاسْم مُقامَ الْمصدر الْحَقِيقِيّ.
وَقَالَ جلّ وَعز: {) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَواةِ فَاعِلُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 4) .
قَالَ بعضُهم: الَّذين هم للزَّكاةِ أَي العملِ الصَّالحِ فاعِلُونَ.
وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {خَيْراً مِّنْهُ زَكَواةً} (الْكَهْف: 81) أَي خيرا مِنْهُ عملا صَالحا.
وَقَالَ الْفراء: زَكَاة: صلاحاً.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً} قَالَ: صَلاَحاً.
(ابْن اليزيديّ عَن أبي زيدٍ النَّحوي) فِي قَوْله جلَّ وَعز: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً} (النُّور: 21) وقرىءَ (مَا زكَّى) فَمن قَرَأَ: (مَا زَكا) فمعناهُ: مَا صَلَحَ، وَمن قرأَ (مَا زكَّى) فمعناهُ: مَا أَصْلَحَ {وَلَاكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ} (النُّور: 21) أَي يصلحُ.
وَقَالَ غيرُه: قيلَ لما يُخْرَجُ من المالِ للمساكينِ من حقوقهمْ: زَكَاةٌ لأنَّه تطهيرٌ لِلْمَالِ وتثميرٌ وإصلاحٌ ونماءٌ، كلُّ ذَلِك قد قيلَ.

(10/175)


والعربُ تقولُ لِلْفَرْد: خَساً، وللزَّوْجَين اثْنَينِ: زَكاً، وقِيلَ لَهما: زَكاً، لأنَّ اثْنَينِ أَزْكَى منَ الوَاحِدِ. وَقَالَ العجاج:
عَنْ قَبْضِ مَنْ لاَقى أَخَاسٍ أَمْ زَكا
وَقَالَ ابنُ السّكيت: الأخَاسِي: جمْعُ خَساً، وَهُوَ الفَرْدُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: زَكِيَ الرّجُلُ يَزْكَى، وزَكا يَزْكو زُكُوّاً، وزكاءً، وَقد زَكَوْتُ وزَكِيتُ أَي صِرْتُ زَاكياً.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الزَّكاءُ: الزِّيَادَة من قَوْلك: زكا يزكو زكاءً، وَهَذَا: مَمْدُود، وزكاً مَقْصُور: الزَّوْحَانِ، وَيجوز خَساً وزَكاً بالإجراء، وَمن لم يجرهما جَعلهمَا (بِمَنْزِلَة مَثْنَى وثُلاَثَ ورُبَاعَ، وَمن أجراهما جَعلهمَا) نكرتين.
وَقَالَ أَحْمد بن عبيد: خَسَا وَزَكَا لَا يُنَوَّنانِ، وَلَا تدخلهما الْألف وَاللَّام، لِأَنَّهُمَا على مَذْهَب (فَعَلَ) مثل: وَهِي وَعَفا، وَأنْشد للكميت:
لأدْنَى خَسَا أَو زكا من سِنِيك
إِلَى أَربَعٍ فَيَقُول انتظارا
وَقَالَ الْفراء: يكْتب خَسَا بِالْألف لِأَنَّهُ من خَسَأَ مَهْمُوز وزكا يكْتب بِالْألف لِأَنَّهُ من يزكو.
(سَلمة عَن الْفراء) : العربُ تقولُ للزَّوْج: زَكاً، وللفَرْدِ: خَساً فَتُلْحِقُهُ بِبَابِ قَناً، وَمِنْهُم مَنْ يقولُ: زَكَى، وخَسى.
قَالَ: ويُلْحِقُه ببَابِ زُفَرَ.
وَيُقَال: هُوَ يُخَسِّي ويُزَكِّي إِذا قَبَضَ على شيءٍ فِي كَفِّهِ وَقَالَ: أَزَكاً أَمْ خَساً. وأنشدَ:
يَعْدُو على خَمْسٍ قَوَائِمُه زَكا
زكأ: ومِنْ مَهْمُوزِه.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ زُكَأَةٌ أَي مُوسِرٌ.
وروى اللِّحْيَانيُّ عَنهُ: إِنَّه لَملِيءٌ زُكَأَةٌ أيْ حَاضِرُ النَّقْد عَاجِلُهُ.
ويقالُ: قد زَكَأَهُ أَي: عَجَّلَ نَقدَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: زَكَأَتِ النَّاقَةُ بِوَلدِها حِينَ ترْمِي بهِ عِنْدَ الطَّلْقِ، والمَصْدَرُ: الزِّكْءُ على فَعْلٍ مَهْموزٌ، ويُقالُ: قَبَحَ اللَّهُ أُمّاً زَكَأَتْ بِهِ، ولَكأَتْ بهِ أيْ: وَلدَتْهُ.
وكز: قَالَ اللَّيْث: الوكْزُ: الطَّعْنُ، يقالُ: وَكَزَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ.
(أَبُو عُبيدٍ عَن الْكسَائي) : وكَزْتُه، ونَكَزْتُه، ونهَزتُهُ، ولهَزْتُهُ، وثَفَنْتُهُ بمعْنًى وَاحِد.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى} (الْقَصَص: 15) .
قَالَ: الوَكْزُ: أَنْ يَضرِبَ بجُمعِ كَفِّهِ.
وَقيل: وَكَزَهُ بالْعَصَا.
وروى أَبُو ترابٍ لبَعض العربِ: رُمْحٌ مَرْكُوزٌ، وموْكُوزٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد:

(10/176)


وَالشَّوْكُ فِي أَخْمَصِ الرِّجْلَيْنِ مَوْكُوزُ
(ك ط (وَا يء) : مهمل)
ك د (وَا يء)
كدا، كدأ، كأد، كود، كيد، وكد، أكد، ودك، دوك، دكأ، ديك، دكا: (مستعملة) .
كدا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أعْطى قَلِيلا وأكدى} (النَّجْم: 24) قَالَ الْفراء: أَكْدَى: أَمْسَكَ عَن العَطِيّةِ وقَطَع.
وَقَالَ الزجاجُ: معنى أَكْدَى: أَمْسَكَ من العطيّة وقطَع، وأَصْلُه من الحَفْرِ فِي الْبِئْر.
يُقَال للحافر إذَا حَفَرَ البئرَ فبَلغَ إِلَى حَجَر لَا يمكِنُهُ مَعَه الحَفْرُ: قد بَلغَ الكُدْية وَعند ذَلِك يَقطعُ الحَفْرَ.
وَقَالَ الليثُ: الكُدْيةُ: صلابةٌ تكونُ فِي الأَرْض.
وَيُقَال: إنَّ فلَانا قد بَلغَ النَّاسُ كُدْيتَهُ أَي: كَانَ يُعْطِي ثمَّ أَمْسَكَ.
قَالَ: ويقالُ: أَكْدَى أَيْ: أَلحَّ فِي المسألةِ وَأنْشد:
تَضِنُّ فنُعْفِيها إِن الدارُ سَاعَفَتْ
فَلاَ نَحْنُ نُكْدِيها وَلَا هِيَ تَبْذُلُ
وتقولُ: لَا يُكْدِيكَ سُؤالي أَي: لَا يُلِحُّ عليكَ وَقَوله: فَلَا نَحْنُ نُكْدِيها أَي فَلَا نحنُ نلِحُّ عَلَيْهَا.
وَقَالَت خنسَاءُ:
فتَى الفِتْيَانِ مَا بَلَغُوا مَدَاهُ
وَلَا يُكْدِي إِذا بَلغَتْ كُدَاها
أَي: لَا يَقْطَعُ عَطاءَهُ، وَلَا يُمسِكُ عَنهُ إِذا قَطَعَ غيرُه وأَمسكَ.
وَقَالَ: الكِدَاءُ بِكَسْر الْكَاف: القَطْعُ من قَوْلك: أَعْطَى قَلِيلا وأَكْدَى أَي: قطع.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : أَكْدَى: مَنَعَ، وأكدَى: قطَعَ؛ وأكْدَى إِذا انْقَطع، وأكدَى النبْتُ إِذا قصُرَ منَ البرْد، وأكْدَى العامُ إِذا أجدَبَ، وأكْدَى إِذا بلغَ الكُدَا وَهُوَ الصَّحْراءُ، وأكْدَى إِذا حفَرَ فبلغَ الكُدَى وَهِي الصُّخُورُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أكدى: افتقَرَ بَعْدَ غِنًى، وأكدَى: قَمِىءَ خَلْقُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: أَصابَ الزَّرْعَ بردٌ فكدَاهُ أَي: رَدَّهُ فِي الأَرْض.
وَيُقَال أَيْضا: أَصابَتهمْ كُدْيةٌ، وكاديةٌ منَ البَرْدِ.
ويقالُ: كَدَأَ النبتُ بِالْهَمْز منَ البَرْدِ.
وكُدَيٌّ، وكَدَاءٌ: جَبَلانِ بِمكَّةَ.
وَقَالَ ابنُ رُقَيَّاتٍ:
أَنْتَ ابنُ مُعْتَلجِ البِطَا
حِ كُدَيِّها فكَدَائها

(10/177)


ومِسكٌ كَدٍ: لَا رِيحَ لَهُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كَدَتَ الأَرْض تكدُو كَدْواً فَهِيَ كاديةٌ إِذا أبطأَ نباتُها.
وكَدِيَ الجِرْوُ يَكْدَى كَدًى وَهُوَ داءٌ يَأْخُذُ الجِرَاءِ خاصَّةً يُصيبها مِنْهُ قيءٌ وسعالٌ حَتَّى يُكْوَى مَا بَين عينيها.
قَالَ: والكُدْيةُ: الارتفاعُ من الأرضِ.
(شمرٌ) : كَدِيَ الكلْبُ كَدًى إِذا نَشِبَ العظمُ فِي حلقِهِ.
وَيُقَال: كَدِيَ بالعظْمِ إِذا غصَّ بِهِ، قَالَه ابْن شمَيلٍ.
كدأ: (أَبُو زيد) : كَدَأَ النَّبْتُ يَكْدَأُ كُدُوأً إِذا أصابهُ البَرْدُ فَلَبَّدَهُ فِي الأرْضِ، أَو عَطِشَ فأَبْطَأَ نَبَاتُهُ، وإِبلٌ كادِيةٌ الأوْبَارِ قليلَتُهَا، وَقد كَدِئَتْ تَكْدَأُ كَدَأً.
وَأنْشد:
كَوَادِىءُ الأوْبَارِ تَشْكُو الدَّلَجَا
وكَدِىءَ الغُرَابُ فِي شَحيجِه يَكْدَأُ كَدَأً.
دكأ: أَبُو زيد: دَاكَأْتُ القَوْمَ مُدَاكَأَةً إِذا زَاحَمْتَهُمْ.
وَقَالَ غَيره: تَدَاكَأَ القَوْمُ عَلَيْهِ إِذا تزاحَمُوا.
قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
وقَرَّبُوا كُلَّ صِهْميمٍ مَنَاكِبُهُ
إِذا تَدَاكَأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصِّهْميمُ مِنَ الرِّجَالَ والجِمالِ إِذا كانَ حَمِيَّ الأنْفِ أبِيّاً شَدِيدَ النَّفْسِ، بطِيءَ الانْكِسَارِ.
قَالَ: وتَدَاكَأَ: تَدَافَعَ، ودَفْعُهُ: سَيْرُه.
كأد: قَالَ اللَّيْث: عَقَبَةٌ كَأَدَاءُ: ذَاتُ مَشَقَّةٍ، وَهِي الكَؤُودُ أَيْضاً.
تكاءدتْهُ الأمورُ إِذا شَقَّتْ عَلَيْهِ.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكأدَاءُ: الشِّدَّةُ والخَوْفُ، والحِذَارُ، ويقالُ الهَوْلُ واللَّيْلُ، المظْلمُ.
(أَبُو زيد) : تَكَاءدْتُ الذَّهابَ إِلَى فلَان تكَاؤُداً إِذا ذهبتَ إِلَيْهِ على مَشَقَّةٍ.
وَيُقَال: تَكأَّدني الذَّهَابُ إِلَيْك تكَؤُّداً إِذا مَا شَقَّ عَلَيْك.
وَأنْشد:
وَلَمْ تكَأَّد رِحْلَتي كأدَاؤُهُ
وَيُقَال: هِيَ الكُؤَدَاءُ، والصُّعَدَاءُ، والكَؤُودُ: المرْتقَى الصَّعْبُ، وَهِي الصَّعُودُ.
كود كيد: قَالَ اللَّيْث: الكَوْدُ: مصدرُ كادَ يكُودُ كوْداً، ومَكَادَة، تَقول لمن يطلُبُ إليكَ شَيْئا وَلَا تريدُ أَن تعطيه: لَا وَلَا مكادَةً وَلَا مَهَمَّةً، وَلَا كَوْداً، وَلَا همّاً، وَلَا مَكاداً، وَلَا مهمّاً.
قَالَ: ولُغَةُ بنِي عَدِيَ: كُدْتُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يقالُ: لاَ ولاَ كَيْداً لَك وَلَا همّاً.

(10/178)


وَبَعض العربِ يَقُول: وَلَا كَوْداً بالوَاوِ.
قَالَ: وَقَالَت العوَامُّ كادَ زَيدٌ أَن يَمُوت وأنْ لَا تدْخلُ مَعَ كَاد. وَلَا مَعَ مَا تصرَّفَ مِنْهَا.
قَالَ اللَّهُ: {وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى} ، وَكَذَلِكَ جميعُ مَا فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَيْدُ من المَكِيدَةِ، وَقد كادَهُ مَكِيدَةً، ورأيتُ فلَانا يَكيدُ بنفسِهِ أَي يَسُوقُ سِيَاقاً.
(ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ) قَالَ: الكَيْدُ: صِيَاحُ الغُرَابِ بِجَهْدٍ، والكَيْدُ: إخْرَاجُ الزَّنْدِ النارَ، والكَيْدُ: القَيءُ.
وَقَالَ الحسنُ: (إِذا غَلَبَ الصائمَ الكَيْدُ أَفْطَرَ) والكَيْدُ: التَّدْبِيرُ بباطلٍ أَو حقَ، والكَيْدُ: الحَيْضُ.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (أَنَّهُ نَظَر إِلَى جَوَارٍ وَقد كِدْنَ فِي الطريقِ فأَمر أَنْ يُنَحّيْنَ) والكيد: الحرْبُ: (غَزَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرَ كَيْداً) .
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: { (بِالْهَزْلِ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} {كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً} (الطارق: 15، 16) .
قَالَ الزَّجَّاج: يَعني بِهِ الكُفّارَ أَنهم يَخَاتِلُونَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويُظْهِرون مَا هُمْ عَلَى خِلافه.
وأكِيدُ كَيْداً، قَالَ: كَيدُ الله لَهُم: اسْتِدْرَاجُهم من حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ.
وَقَالَ الله: {إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (النُّور: 40) .
قَالَ الزجاجُ فِي قَوْله: (لَمْ يَكَدْ) .
قَالَ بَعضهم رَآها مِنْ بَعْدِ أَنْ لَمْ يَكَدْ يَرَاها من شدَّة الظُّلْمَةِ.
وَيُقَال مَعْنَاهُ: لمْ يَرَها وَلم يَكَدْ، وَهَذَا القولُ أشبهُ بِهَذَا الْمَعْنى، لأنَّ فِي دُون هَذِه الظُّلمَاتِ لَا تُرَى الكَفُّ.
وَقَالَ الفرّاء: العربُ تقولُ: مَا كِدْتُ أَبْلُغُ إليكَ وأَنتَ قد بَلَغْتَ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ العربيَّة.
وَمن العربَ من يُدْخِلُ كادَ، ويَكَادُ فِي الْيَقِين، وَهُوَ بِمَنْزِلَة الظّنِّ، أصْلُهُ: الشَّكُّ ثمَّ يُجْعَلُ يَقيناً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي العبَّاس قَالَ:
قَالَ الأخفَشُ فِي قَوْله: {إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (النُّور: 40) حُمِلَ على الْمَعْنى وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرَاهَا، وَذَلِكَ أنّكَ إِذا قُلت: كَاد يَفعلْ إِنَّمَا تَعْنِي قاربَ الفعلَ وَلم يفعلْ، عَلَى صحَّةِ الْكَلَام، وَهَذَا معنى هَذِه الْآيَة، إلاَّ أنَّ اللُّغَةَ قد أجازَتْ لم يَكَد يَفعلُ. وَقد فعل بعد شِدَّةٍ؛ وَلَيْسَ هَذَا صحّةَ الْكَلَام لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: كَاد يفعلُ فَإِنَّمَا يَعْنِي قاربَ الْفِعْل.
وَإِذا قَالَ: لم يَكَدْ يفعل، يَقُول: لم يُقَارِبِ الفعلَ، إلاّ أنَّ اللُّغة جَاءَت على مَا فَسَّرْتُ لَك، وَلَيْسَ هُوَ على صحةِ الكلمةِ.

(10/179)


وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الفرّاء كلَّما أَخْرَجَ يَده لم يَكد يَراها من شِدّةِ الظَّلْمَةِ، لأنّ أقلَّ من هَذِه الظُّلْمَةِ لَا تُرَى اليدُ فِيهِ، وأمَّا لمْ يكد يَقُومُ فقد قَامَ، هَذَا أكثرُ اللُّغة فَكَأَن الأخفشَ جاءَ بِالْمَعْنَى، وَذهب الفرّاءُ إِلَى لفظ اللُّغَة.
وَقَالَ ابْن الأنباريِّ: قَالَ اللُّغَوِيون: كِدْتُ أفعلُ. مَعْنَاهُ عِنْد الْعَرَب قَارَبْتُ الفِعلَ ولَمْ أفعل، وَمَا كِدْتُ أَفْعَلُ، مَعْنَاهُ: فَعَلْتُ بعد إِبْطَاءٍ، وشَاهِدُه قولُ الله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} (الْبَقَرَة: 71) ، معناهُ: فَعَلوا بعدَ إِبْطَاءٍ، لِتَعَذّرِ وِجْدانِ البَقَرَةِ عَلَيْهِم، وَقد يكونُ: مَا كِدْتُ أَفْعَلُ بِمَعْنى: مَا فَعَلْتُ وَلاَ قَارَبْتُ إِذا أُكّدَ الكلامُ بأَكَادُ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: يُقَال: مِن كادَ يَكادُ: هُمَا يَتَكاوَدَانِ.
وأصحابُ النَّحْوِ يقولونَ: يَتَكَاوَدَانِ، وَهُوَ خطأٌ لأَنهم يَقُولُونَ: إِذا حُمِلَ أَحدُهُمْ على مَا يكْرَهُ: لَا وَالله وَلاَ كيْداً، وَلاَ همًّا، يريدونَ: لاَ أَكَادُ وَلا أَهُمُّ.
وكد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَكَّدْتُ العَقْدَ أَي: أوْثَقْتُه، وَكَذَلِكَ: أَكَّدْتُهُ.
ويقالُ: وكَّدْتُ اليمينَ، والهمزُ فِي العَقْدِ: أَجْوَدُ.
قَالَ: والسُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بهَا القَرَبُوسُ تسمَّى المَكَايِيدَ، وَلاَ تُسَمَّى التَّوَاكِيدَ.
وتقولُ: إِذا عقَدْتَ فَأكِّدْ، وإذَا حَلفْتَ فَوَكِّدْ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّوْكِيدُ: دخلَ فِي الكلامِ لإخرَاج الشّكّ، وَفِي الأعدادِ لإحاطَةِ الأجزاءِ.
وَمن ذَلِك أَن تقولَ: كلَّمنَي أخُوكَ فيجوزُ أَن يكونَ كلَّمَك هُوَ أَوْ أمرَ غُلاَمَهُ بِأَنْ يكلّمكَ، فَإِذا قلتَ: كَلَّمنِي أَخوكَ تَكْلِيماً لَمْ يَجُزْ أَن يكونَ المكلّم لَك إلاَّ هُوَ.
وَيُقَال: وكَدَ فلانٌ أَمْرَهُ يكِدُهُ وَكْداً إِذا مارَسه وقصدَه.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ونُبّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَهُ
قُفَيْرَةَ أُمَّ السَّوْءِ أَنْ لَمْ يكِدْ وَكْدِي
معناهُ: أَنْ لم يَعْمَلْ عَمَلي، وَلم يقْصِدْ قَصْدِي، ولمْ يُغْنِ غَنَائي.
ويقالُ: مَا زالَ ذاكَ وُكْدِي، بضمِّ الْوَاو، أَي فِعْلي ودَأْبي، فكأَنَّ الوُكْدَ: اسمٌ، والوَكْدَ: مصدرٌ.
وَقَالَ ابْن دريدٍ: الوَكائِدُ: السُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بهَا القَرَبُوسُ إِلَى دَفّتَي السَّرْجِ، الواحدُ: وِكَادٌ وإكَادٌ.
قَالَ: ووكَدَ بالمكانِ يكِدُ وُكُوداً إِذا أقامَ بِهِ.
قَالَ: والكوْدُ: كلُّ شيءٍ جَمعْتَهُ كُثَباً من ترابٍ أَو طعامٍ، وجمعهُ: أكوادٌ، وَلم

(10/180)


أَسمَعْ هذينِ الحرْفَيْنِ لغير ابْن دريدٍ.
وَقَالُوا أَيْضا: كَدَوْتُ وجهَ الرّجُل أكْدُوهُ كَدْواً إِذا خَدَشْتَهُ.
أكد: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : دُسْتُ الحِنْطَة ودَرَسْتها، وأكَدْتُها.
وَيُقَال: ظلَّ مُتَوكّداً بِأَمْر كَذَا، ومُتَوكزاً، ومُتَحَرِّكاً، أَي: قَائِما مُستعِدّاً.
وَيُقَال: وكَدَه يكِدُه وكْداً أَي أصابَهُ.
دوك: قَالَ اللَّيْث: الدَّوْكُ: دَقُّ الشيءِ وسَحْقُه وطحنُه، كَمَا يَدُوكُ البعيرُ الشيءَ بكَلْكلهِ، والمَدَاكُ: صَلاَيةُ العِطْرِ يُدَاكُ عَلَيْهِ الطِّيبُ دَوْكاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِخَيْبَرَ: (لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غَداً رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ فِيمَنْ يَدْفَعُهَا إلَيه) .
قولُه: يدوكون أَي يَخُوضون ويختلفون فِيهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : بَات القومُ يَدُوكون دَوْكاً أيْ باتُوا فِي اختلاطٍ، ودَوَران.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: وَقَعُوا فِي دَوْكَةٍ، وبُوحٍ أَي وَقَعُوا فِي اختلاطٍ، وَفِيه لُغتان: دَوْكَةٌ، ودُوكَةٌ، وجمعُ الدَّوْكَةِ: دِوَكٌ ودِيَكٌ، وَمن قَالَ: دُوكةٌ، قَالَ: دُوَكٌ فِي الجَمْع.
(أَبُو عمرٍ و) : داك الرَّجلُ المرأَة يدوكُها دَوْكاً، وباكَها بَوْكاً إِذا جامَعَهَا.
وَأنْشد:
فدَاكَها دَوْكاً على الصِّراطِ
لَيْسَ كدَوكِ زَوجِهَا الوَطْوَاطِ
وَقَالَ أَبُو ترابٍ قَالَ أَبُو الرَّبيع البَكراوِيُّ: داكَ القومُ إِذا مَرِضوا، وهم فِي دَوْكَةٍ أَي مَرَضٍ.
ودك: (سلمةُ، عَن الفرّاء) : لَقِيتُ مِنْهُ بَنَاتِ أَوْدَكَ، وَبَناتِ بَرْحٍ وبَنات بِئْسَ يَعْنِي الدّوَاهِي.
وَقَالَ الليثُ: الوَدَكُ: معروفٌ، والفِعْلُ: ودَّكْتُه تَوْدِيكاً، وَذَلِكَ إِذا جَعَلْتَهُ فِي شيءٍ وَهُوَ من الشَّحْم أَو حُلاَبةِ اللَّحْمِ، وشيءٌ وَدِكٌ، ووَدِيكٌ، ودَجاجةٌ وَدِيكةٌ: ذاتُ وَدَكٍ، ووَدِيكٌ: جائزٌ.
والدِّكَةُ: اسمٌ من الوَدَكِ وَقَالَت امرأةٌ من العربِ: كنتُ وَحْمَى للدِّكَةِ أَي كنتُ مُشْتَهِيَةً لِلْوَدَكِ.
ديك: وَقَالَ اللَّيْث: الدِّيكُ: معروفٌ، وجمعُه دِيَكَةٌ، وأَرْضٌ مَداكةٌ ومَدْيَكةٌ: كثيرَةُ الدِّيَكةِ.
وَقَالَ المؤرِّجُ: الدِّيكُ فِي كَلَام أَهل الْيمن: الرَّجلُ الْمُشْفِقُ، الرَّؤُومُ، وَمِنْه سُمِّيَ الديكُ دِيكاً.
قَالَ: والدِّيكُ: الرَّبيعُ فِي كلامِهم.

(10/181)


والدِّيكُ: الأثَافِي، الواحدُ والجميعُ سَوَاءٌ.
دكا: أهمله اللَّيْث: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَكَا إِذا سَمِنَ وكدا إِذا قَطَعَ.
ك ت (وَا يء)
كتأ، كتا، وكت، كَيْت، تكأ، وتك، (أوتكى) .
كتأ: قَالَ اللَّيْث: الكتْأَةُ بِوَزْنِ فَعْلَةٍ مَهموزٌ: نباتٌ كالجِرْجِيرِ، يُطْبَخُ فيؤكَلُ.
(قلت) : هِيَ الكَثْأَةُ بالثاء منقوطةٌ بثَلاَثٍ، وتُسَمَّى النَّهَقَ.
قَالَ ذَلِك أَبُو مالِكٍ وغيرُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَكْتَى إِذا غَلاَ على عَدُوِّه.
كتا: وَقَالَ اللَّيْث: اكْتَوَتَى الرّجلُ، فَهُوَ يَكتَوتِي إِذا بَالغ فِي صفةِ نفسِه من غير فِعْلٍ، وَعند العمَلِ يَكْتَوتي كَأَنَّهُ يَنْقَمِعُ.
قَالَ: والكوتِيُّ: القَصِير.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عُبَيدةَ فِي الكوتِيِّ مثلَهُ: أَنَّهُ القَصِيرُ.
تكأ: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) .
قَالَ الزجاجُ: هُوَ مَا يُتَّكَأُ عليهِ لطعامٍ أَو شرابٍ أَو حَدِيثٍ.
قَالَ: وَيُقَال: تَكِىءَ الرجُلُ يَتْككأُ تكأً، والتُّكأَةُ: أَصْلُهُ وَكَأَةٌ، وَإِنَّمَا مُتَّكأٌ أَصْلُهُ مُوْتَكأٌ، مِثْلُ مُتَّقٌ مُوْتَفِقٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: تُكَأَةٌ بوزنِ فُعَلَةٍ، قَالَ: وأصلُهُ وُكَأَةٌ، فَقُلِبَتِ الْوَاو تَاء، كَمَا قَالُوا تُرَاثٌ، وأَصلُهُ: وُرَاثٌ واتّكأْتُ اتِّكاءً أَصلُهُ أوْتَكَيْت فأُدْغِمَتِ الْوَاو فِي التَّاء، وشُدِّدَتْ، وأَصْلُ الْحَرفِ: وكَّأَ يُوَكِّىءُ تَوْكِئَةً.
ويقالُ: طَعَنَهُ فأَتْكَأَهُ إِذا أَلْقَاهُ على هَيئَةِ المُتّكىءِ.
وَقَالَ المُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) ، قَالُوا: طَعَاما، وقِيلَ للطعامِ مُتّكأً لأنَّ القومَ إِذا قَعَدُوا على الطعامِ اتكئوا.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمَّا أَنَا فآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ وَلَا آكُلُ مُتَّكِئاً) .
كَيْت: قَالَ اللَّيْث: كَانَ من الأمْرِ كَيْتَ وكَيْتَ وَهَذِه التاءُ فِي الأصْلِ: هاءٌ، مثل: ذَيْتَ وذَيْتَ، وأصلهما: كَيَّهْ وذَيَّهْ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: التَّكييِتُ: تَيْسِيرُ الجِهَازِ، يُقَالُ: كَيِّت جِهَازَكَ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كَيِّت جِهَازَكَ إمَّا كُنْتَ مُرْتَحِلاً
إِنِّي أَخَافُ على أَذْوَادِكَ السَّبْعَا
وَفِي (النَّوَادِر) : كَيَّتَ الوِعاءَ تَكييتاً وحَشَاهُ بِمَعْنى واحِدٍ.
وكت: قَالَ اللَّيْث: الوَكْتةُ: شِبْهُ النُّقْطَةِ فِي

(10/182)


العَيْنِ، وعَيْنٌ مَوْكُوتَةٌ إِذا كَانَ فِي سَوَادِهَا نُقْطَةُ بَيَاضٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تكُونُ نُقْطَةً حَمْرَاءَ فِي البَيَاضِ، فإنْ غُفِلَ عَنْهَا صارتْ وَدْقَةً.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا بَدَأَ فِي الرُّطَبِ نُقَطٌ من الإرْطَابِ قِيلَ: قد وَكَّتَ، وَهِي بُسْرَةٌ مُوَكِّتَةٌ، فَإِذا أَتاهَا التَّوْكِيتُ من قِبَلِ ذَنَبِها فَهِيَ مُذَنِّبَةٌ.
وَقَالَ شمرٌ: الوَكْتُ فِي المَشْي هُوَ القَرْمَطَةُ، والشَّيْءُ اليَسِيرُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) وَكَتَ القَدَحَ ووَكَّتَهُ وزكَتَهُ، وزكَّتَهُ إِذا مَلأَهُ، وكلُّ نُقْطَة سَوَادٍ فِي بَيَاضٍ فَهِيَ: وَكْتَةٌ.
وتك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الأوْتَكى: السِّهْرِيزُ قَالَ: وَهُوَ القُطَيْعَاء.
(قلت) : والبَحْرَانِيُّونَ يُسَمُّونَه أَوْتَكى، وَقَالَ الشَّاعِر:
تُدِيمُ لَهُ فِي كلِّ يَوْمٍ إِذا شَتَا
ورَاحَ عِشَارُ الحَيّ مِنْ بَرْدِهَا صُعْرا
مُصَلِّبَةً مِنْ أَوْتَكى القَاعِ كلَّمَا
زَهَتْهَا النُّعَامَى خِلْتَ مِنْ لَيِّنٍ صَخْرا
وَإِذا بَلَغَ الرُّطَبُ اليُبْسَ فَذَلِك التَّصْلِيبُ. وَقد صَلَّبَ فَهُوَ مُصَلِّبٌ، وصَلَبَتْهُ الشَّمْسُ تَصْلِبُه فَهُوَ مَصْلوبٌ.
وَأَوْتَكى: مِيزَانه أَجْفَلَى.

(بَاب الْكَاف والظاء)
ك ظ (وَا يء)
وكظ، كظا: (مستعملان) .
(كظا) : (أَبُو عبيد عَن الْفراء) : خَظَا بَظَا كَظَا بِغَيْر هَمْزٍ يَعْنِي اكْتَنَزَ، وَمثله يَخْظُو ويَبْظُو ويكظو.
وَقَالَ اللحياني: خَظَا بَظَا كَظَا إِذا كَانَ صُلْباً مُكْتنِزاً.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: كَظَا: تَابِعٌ لخظَا.
وكظ: (أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : الواكِظُ: الدَّافِعُ، وَقد وكَظْتُهُ أكِظُه وَكْظاً. فَهُوَ مَوْكُوظٌ.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فلَان مُوَاكِظٌ على كَذَا، وواكِظٌ، ومواظب وَوَاظِبٌ ومُوَاكِبٌ، ووَاكِبٌ أَي مثابر.
ك ذ (وَا يء)
كَذَا، كوذ، ذكا: (مستعملة) .
كَذَا: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أكْذَى الشَّيْء إِذا احْمَرَّ، وأكْذَى الرَّجُلُ إِذا احمرّ لَوْنُه من خجلٍ أَو فزعٍ، ورأَيْتُه كاذِياً كذْياً أَي أَحْمَرَ، قَالَ: والكَاذِي والْجِرْيالُ: البَقَّمُ.
وَقَالَ غيرُه: الكَاذِيّ: ضرب من الأدهان مَعْرُوف.

(10/183)


كوذ: قَالَ اللَّيْث: الكَاذَتَان منْ فَخِذَي الحِمَارِ فِي أَعْلاَهُما، وهُما فِي مَوْضع الكَيِّ، من جاعِرَتي الحمَارِ: لَحْمَتَانِ هُنَاكَ مُكْتنِزَتانِ بَين الفَخِذَيْنِ والوَرِكِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الكاذَتَانِ: لَحْمَتا الفَخِذَيْنِ من بَاطِنهما، الواحدةُ: كاذَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرَّبْلَةُ: لحمُ باطنِ الفَخِذِ، والكَاذةُ: لحمُ ظاهرِ الفَخِذِ، والحَاذُ: لحم باطنِ الفَخِذِ. وَأنْشد:
فاسْتَكْمَشَتْ وانتهزْتُ الحَاذَتَيْنِ معَا
وَقَالَ: هما أسْفَلَ الجاعِرَتَيْنِ.
وروى ابْن الْأَعرَابِي فِي الكاذَتَيْنِ نَحْواً مِمَّا قَالَ أَبُو الهَيْثَمِ، وَيُقَال للإزَارِ الَّذِي لَا يَبْلُغ إلاَّ الكَاذَةَ: مُكَوِّذٌ، وَقد كَوَّذَ تكويذاً.
وَقَالَ اللَّيْث: كَذا وكَذا، الكافُ فيهمَا: كَافُ التَّشْبِيه، وذَا: إشارةٌ، وتفسيرُه فِي بَاب الذَّال.
ذكا: قَالَ اللَّيْث: الذكِيُّ من قَوْلك: قَلْبٌ ذَكِيٌّ، وصَبِيٌّ ذَكِيٌّ إِذا كَانَ سَرِيعَ الفِطْنَةِ، والفِعْلُ: ذَكِيَ يَذْكَى ذَكَاءً، وَيُقَال: ذكَا يَذْكُو ذكاءً، وأَذْكَيْتُ الحربَ إِذا أَوْقَدْتَهَا، وَقَالَ الراجز:
إنّا إِذا مُذكي الحُرُوب أَرَّجَا
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (الْمَائِدَة: 3) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معناهُ إلاَّ مَا أَدْرَكْتُمْ ذكاتَه من هَذِه الَّتِي وصَفْنَا.
قَالَ: وكلُّ ذَبْحٍ: ذَكاةٌ، وَمعنى التَّذْكِية: أَنْ يُدْرِكَهَا وفيهَا بَقِيَّةٌ تَشْخُبُ مَعهَا الأوْدَاجُ، وتَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ المَذْبُوحِ الَّذِي أَدْرَكت ذَكَاتَه.
قَالَ. وأَهْلُ العلْم يقولونَ: إنْ أَخْرَجَ السَّبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَعَ الجَوْفَ قَطْعاً تَخْرُج مَعَه الحشوةُ فَلَا ذَكاةَ لذَلِك، وتأْوِيلُه أنْ يَصيرَ فِي حالةِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي حَيَاته الذَّبْحُ، قَالَ: وأَصْلُ الذكاةِ فِي اللُّغَة كلهَا: تَمَامُ الشّيءِ، فَمن ذَلِك: الذَّكَاةُ فِي السِّنِّ والفَهْمِ، وَهُوَ تَمَامُ السِّنِّ.
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الذَّكَاةُ فِي السِّنِّ أَن يأتِيَ على قُرُوحِه سَنَةٌ، وَذَلِكَ تَمَامُ استِتْمَامِ القُوَّة قَالَ زُهَيْر:
يُفَضِّلُه إِذا اجْتَهَدُوا عَلَيْهِ
تَمَامُ السِّنِّ مِنْهُ والذَّكاءُ
وَمن أمثالهم: جَرْيُ المُذَكِّيَاتِ غِلاَبٌ.
أَي جَرْيُ المَسَانِّ القُرَّحِ من الخَيْلِ أَنْ تُغَالِبَ الجَرْيَ غِلاَباً، وتَأْوِيلُ تَمَامِ السِّنِّ: النِّهَايةُ فِي الشبابِ، فَإِذا نَقَصَ عَن ذَلِك أَو زَادَ فَلَا يُقَال لَهُ: الذكاءُ، والذّكاءُ فِي الفَهْمِ: أَنْ يكونَ فَهْماً تَامّاً سَرِيعَ القَبُولِ، وذَكَّيْتُ النَّارَ، وتَأوِيلُه أَتْمَمْتُ إشْعَالها، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (الْمَائِدَة: 3) ذَبْحُه على التَّمَامِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: ذُكَاءُ: اسْمٌ للشمسِ معرفَة لَا تَنْصَرِف وَهِي مُشْتَقّةٌ من ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو.

(10/184)


وَيُقَال للصُّبْحِ: ابنُ ذكاءَ لأنَّه من ضَوْئِهَا، وَأنْشد:
فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلاَجِ الفَجْرِ
وابْنُ ذُكاءٍ كَامِنٌ فِي كَفْر
وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بنُ صُعَيْرٍ:
فَتَذَكّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَمَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينَها فِي كَافِرِ
وَيُقَال: ذَكُوَ قَلْبُهُ يَذْكُو إِذا حَيَّ بعد بَلاَدَةٍ، فَهُوَ ذَكِيٌّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الذَّكْوَانُ: شجرٌ، الواحدةُ ذَكْوَانَةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : ذَكّيْتُ النّارَ تذكِيَةً إِذا رَفَعْتَها؛ واسمُ ذَلِك الشيءِ الَّذِي تُلْقِيهِ عَلَيْهَا من حَطَبٍ أَو بَعْرٍ: الذُّكْيَةُ.
ك ث (وَا يء)
كثأ، كوث، (كوثى) ، وكث: (مستعملة) .
وكث: قَالَ اللَّيْث: الوِكَاثُ: مَا يُسْتَعْجَلُ بِهِ للغَدَاءِ، تقولُ: اسْتَوْكَثْنَا أَي أَكَلْنَا شَيْئا نتَبَلّغُ بِهِ إِلَى وَقت الغَدَاءِ.
(قلت) : لم أسمعْ لغير اللَّيْث فِي الوِكاثِ شَيْئا، وأَرْجُو أَنْ يكونَ أَخَذَه عَن الثِّقَاتِ.
كثأ: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : كَثَأَ اللَّبَنُ وكَثَعَ إِذا خَثَرَ وَعَلاَهُ دَسَمُهُ وَهُوَ الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَثَأَتِ القِدْرُ إِذا أَزْبَدَتْ للغَلْيِ.
وَقَالَ الأمويّ: كَثَأَ النَّبْتُ والوَبَرُ فَهُوَ كاثىءٌ إِذا طَلَع.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الكَثَاةُ بِلَا هَمْزٍ، وكَثاً كثيرٌ، وَهُوَ الأيْهُقَانُ والنَّهَقُ، كُلُّه واحدٌ.
كوث: قَالَ النَّضْرُ: كَوَّثَ الزَّرْعُ تَكْوِيثاً إِذا صارَ أَرْبَعَ ورَقَاتٍ وخَمْسَ ورَقَاتٍ، وَهُوَ الكَوْثُ.
(قلت) : وأَرَى المَقْطُوعَ الَّذِي يُلْبَسُ القَدَمَ سُمِّيَ كَوْثاً تَشْبِيها بكَوْثِ الزَّرْعِ، وَيُقَال لَهُ: القَفْشُ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ.
وأَمَّا كُوثَى الَّتِي بالسَّوَادِ فَهِيَ قَرْيَةٌ.
حدثَنَا محمدُ بنُ إسحاقَ السَّعْدِيُّ عَن الرَّمَادِيِّ عَن عبد الرزاقِ عَن مَعْمَرٍ عَن أَيُّوبَ عَن محمدِ بنِ سِيرِينَ: قَالَ سَمِعت عُبَيْدَة يَقُول: سَمعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: من كَانَ سَائِلًا عَن نِسْبَتِنَا فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثى.
ورُوِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: سألَ رَجْلٌ عَلِيّاً: أَخْبِرنِي يَا أمِيرَ المُؤْمِنينَ عَن أَصْلِكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ فَقَالَ: نحنُ قَوْمٌ من كُوثَى.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: واخْتَلَفَ الناسُ فِي: نَحن من كُوثى. فَقَالَ قومٌ: أَرَادَ: كُوثى: السَّوَاد الَّتِي وُلِدَ بهَا إبراهيمُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَ عليّ بقوله كُوثى: مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّ محلَّةِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُقَال

(10/185)


لَهَا: كُوثى، فَأَرَادَ عليّ أَنّا مَكِّيُّونَ أُمِّيُّونَ من أُمِّ القُرَى وَأنْشد:
لَعَنَ اللَّهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثى
ورمَاه بالفَقْرِ والإمْعَارِ
لَيْسَ كُوثَى العِرَاقِ أَعْني ولكنْ
كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ
(قلت) : والقَوْلُ: هُوَ الأوَّلُ، لقَوْل عليّ رَضِي الله عَنهُ: فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثَى، وَلَو أرادَ كُوثَى مكَّةَ لما قَالَ: نَبَطٌ، وكوثَى العِرَاقِ هِيَ سُرَّةُ السَّوَادِ، وأرادَ على أَنَّ أَبَانَا إبراهيمَ كانَ من نَبَطِ كُوثى وأنَّ نَسَبنَا إِلَيْهِ.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: نَحْنُ مَعَاشِرَ قُرَيْش حَيٌّ من النَّبَطِ من أَهْل كُوثى.
(قلت) : وَهَذَا من عليَ وَابْن عَبَّاس رحمهمَا الله تَبَرُّؤٌ من الفَخْرِ بالأنْسَابِ ورَدْعٌ عَن الطَّعْنِ فِيهَا وتَحْقِيقٌ لقَوْل الله جلّ وعزّ: {لِتَعَارَفُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ} (الحجرات: 13) .
ك (وَا يء)
كري، كرا، كور، كير، ركا، (راك) ، ورك، وكر، أرك، أكر: (مستعملة) .
كرا: قَالَ اللَّيْث: كَرَوْتُ البِئرَ كرْواً إِذا طَوَيْتَها.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عمرٍ و، وَأَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيِّ: كَرَا الغُلاَمُ يَكْرُو كَرْواً إِذا لَعِبَ بالكُرَةِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: كَرَوْتُ بالكُرَةِ إِذا ضَرَبْتَ بهَا.
وَقَالَ المُسَيَّبُ بن عَلَسٍ:
مَرِحَتْ يَدَاهَا للنَّجَاءِ كَأَنَّمَا
تَكْرُو بكَفَّيْ لاَعِبٍ فِي صَاعِ
قَالَ: والصَّاعُ: المُطْمَئِنُّ من الأرْضِ كالْحُفْرَةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَرْوَاءُ: المَرْأَةُ الدَّقِيقَةُ السَّاقَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرَا: الذَّكَرُ من الكَرَوَانِ.
وَيُقَال: الكَرَوَانَةُ، الْوَاحِدَة، والجَميعُ: الكِرْوَانُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكَرَوَانُ: طائرٌ، وجمعُه: كِرْوَانٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي (كتاب الطَّيْرِ) : الكَرَوَانُ: القَبْجُ، وجَمْعُه: كِرْوَانٌ، وَمن أَمثالهم: (أَطْرِقْ كَرَا إنَّ النَّعَامَ بالقُرَى) ، يُضرَبُ مثلا للرَّجُلِ يُخْدَعُ بِكَلَام يُلَطَّفُ لَهُ، ويُرَادُ بِهِ الغَائِلَةُ.
وأَخبرَني المنذِرِيُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُمِّيَ الكَرَوَانُ كَرَوَاناً بِضِدّهِ لِأَنَّهُ لَا ينامُ بِاللَّيْلِ.
وَقيل: الكَرَوَانُ: طائرٌ يُشبهُ البَطَّ.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: أَطْرِقْ كَرَا، رَخَّمَ الكَرَوَانَ وَهُوَ نَكِرَةٌ.

(10/186)


كَمَا قَالَ بَعضهم: قُنْفُ، يُرِيدُ يَا قُنْفُذُ.
قَالَ: وإنَّما يُرَخَّمُ فِي الدُّعاءِ المعَارِفُ نَحْو مالكٍ وعامرٍ وَلَا تُرَخَّمُ النكرةُ نَحْو غُلَام، فرُخِّمَ كَرَوَانٌ وَهُوَ نكرَة، وجُعِلَ الواوُ ألِفاً فجَاء نادِراً.
كري: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَرَى النّهْرَ يَكْرِيهِ.
وَقَالَ غَيره: كَرَيْتُ النَّهْرَ كَرْياً: إِذا حَفَرْتَه.
وكَرِيَ يَكْرَى كَرًى إِذا نامَ، والكَرَى: النَّوْمُ.
(والكُرَةُ الَّتِي يُلعبُ بهَا أَصلها: كُرْوَةٌ فحُذِفَتِ الواوُ كَمَا قَالُوا: قُلَةٌ للَّتِي يُلْعبُ بهَا، والأصلُ: قُلْوَةٌ، وَجمع الكُرَةِ: كُرَاتٌ وكُرُونَ) .
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أكْرَيْنَا فِي الحَدِيث اللَّيْلةَ أَي أَطَلْنَاه.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : أَكْرَى الكَرِيُّ ظَهْرَه يُكْرِيهِ إكْرَاءً.
وَيُقَال: أَعْطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَهُ، حَكَاهَا أَبُو زيد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إِذا نَقَصَ، وأَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إِذا زادَ، وَهُوَ من الأضداد، وَقد أكْرَى زادُه إِذا نَقَصَ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
كَذِي زَادٍ مَتى مَا يُكْرِ منهُ
فَلَيْسَ وَراءَه ثِقَةٌ بزَادِ
وَقَالَ غَيره:
تُقَسِّمُ مَا فِيهَا فَإِن هِيَ قَسَّمَتْ
فَذَاك، وَإِن أكْرَت فَعَن أَهْلِها تكْرِي
أَراد إِن نَقَصَت فَعَن أَهلهَا تَنْقُصُ، يَعْنِي القِدْرَ. وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
وتَوَاهَقَتْ أَخْفَافُها طَبَقاً
والظِّلُّ لم يَفْضُلْ ولَمْ يُكْرِي
أَي وَلم يَنْقُصْ، وَذَلِكَ عندَ انتِصَافِ النَّهَار، وَقد أكْرَيْتُ أَي أخّرْتُ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة بَيت الحطيئة:
وأَكْرَيْتُ العَشَاءَ إِلَى سُهَيْلٍ
أَو الشِّعْرَى فطالَ بِي الأناءُ
وَقَالَ فقيهُ الْعَرَب: مَنْ سرَّهُ النَّسَاءُ وَلاَ نَساءُ، فَلْيُكْرِ العَشاءَ، ولْيُبَاكِرِ الغَدَاءَ، ولْيُخَفِّفِ الرِّدَاءَ، ولْيُقِلَّ غِشْيانَ النِّسَاءِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَكْرَى الرَّجُل: سَهِرَ فِي طاعةِ الله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُكَرِّي: السَّيْرُ اللَّينُ البَطِيءُ وَأنْشد:
مِنْهَا المكَرِّي وَمِنْهَا اللَّيِّنِ السّادِي
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هَذِه دَابّةٌ تُكَرِّي تكْرِيةً: إِذا كَانَ كأَنّه يَتَلَقّفُ بيَده إِذا مَشَى.

(10/187)


قَالَ: والكَرِيُّ: الرجُلُ الَّذِي أكْرَيْته بعيركَ، ويكونُ الكَرِيُّ الَّذِي يُكْرِيكَ بَعيرَه، فأَنا كَرِيُّكَ، وأَنت كَريّي.
وَقَالَ الراجز:
كَرِيُّهُ مَا يُطْعِمُ الكَرِيَّا
بِاللَّيْلِ إلاَّ جِرْجِراً مَقْلِيّاً
والكَرِيُّ: نَبْتٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الكَرِيَّةُ: شجرةٌ تنْبُتُ فِي الرَّمْلِ فِي الخِصْبِ بنَجْدٍ ظَاهِرَة نِبْتَةَ الجَعْدَةِ. وَقَالَ العجاج:
حَتَّى غَدَا واقْتَادَهُ الكَرِيُّ
وشَرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَضْرِيُّ
وَهَذِه نُبُوتٌ غَضَّةٌ، وَقَوله: واقْتَاده أَي دَعَاهُ كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
... ... . يَدْعُو أَنْفَه الرّبَبُ
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : هُوَ الكِرَاءُ ممدودٌ لِأَنَّهُ مصدر كارَيْتُ، والدليلُ على ذَلِك قولُك: رجُلٌ مُكَارٍ (مفَاعِلٌ) ، وَهُوَ من ذَوَاتِ الواوِ لِأَنَّهُ يُقَال: أَعْطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَه.
وَيُقَال: اكْتَرَيْتُ مِنْهُ دابَّةً واستَكْرَيتُها فأكْرَانِيها إكْرَاءً.
وَيُقَال للأجْرَةِ نَفسهَا: كِرَاءٌ أَيْضا.
كور كير: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَتَعَوَّذُ مِن الْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ.
قَالَ أَبُو عبيد: الحَوْرُ: النُّقْصَانُ، والكَوْرُ: الزِّيَادَةُ، أُخِذَ من كَوْرِ العِمامة.
يَقُول: قد تغيَّرَتْ حالُه وانتقضت كَمَا يَنْتَقِضُ كوْرُ العِمامة بعدَ الشدِّ، وكلُّ هَذَا قريبٌ بعضُه من بعض.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: الكِيرُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ الحَدَّادُ، والكُورُ: كُورُ الحدَّاد الَّذِي توقَدُ فِيهِ النَّار.
وَيُقَال: هُوَ الزِّقُّ أَيضاً.
والكُورُ: الرَّحْلُ، والكُورُ: بِنَاءُ الزَّنَابِيرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْرُ: لَوْثُ العِمامِة وَهُوَ إدَارَتُهَا على الرَّأْسِ، وَقد كَوّرْتُها تكْويراً.
والْكِوَارَةُ: لَوْثٌ تلْتَاثُهُ المرأَةَ بِخِمَارِها وَهُوَ ضَرْبٌ من الْخِمْرَةِ وَقَالَ الشَّاعِر:
عَسْرَاءُ حِينَ تَرَدَّى مِن تَفَجُّسِهَا
وَفِي كِوَارَتِهَا من بَغْيِها مَيَل
والكِوارُ، والكِوَارَةُ: يُتَّخَذُ من قُضْبَانٍ ضَيِّقُ الرَّأْسِ للنَّحْل.
وَقَالَ النَّضْرُ: كلُّ دَارَةٍ من العِمامةِ: كَوْرٌ.
والكِوَارةُ: خِرْقةٌ تجعلها المرأَةُ على رَأْسِهَا.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زيد) : الكوْرُ: الإبِلُ الكثيرةُ الْعَظِيمَة.
وَقَالَ ابْن حبيب: كَوْرٌ: أَرْضٌ بالْيَمَامةِ.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للكَوْرِ وَهُوَ الرَّحْلُ: المَكْوَرُ إِذا فَتَحْتَ الميمَ خَفَّفْتَ الرّاءَ.
وَأنْشد:

(10/188)


قِلاَص يَمَانٍ حَطَّ عَنْهُنَّ مَكْوَرَا
فَخَفَّفَ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي للحِمَّانيِّ:
كأَنَّ فِي الحَبْلَيْنِ مِنْ مُكوَرِّهِ
مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ لَضَرِّهِ
وقولُ الله: {بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى} أَي يُدْخِلُ هَذَا على هَذَا، وأَصْلُه من تَكْوِير العِمامةِ، وَهُوَ لَفُّهَا وجمعُها.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قولِ الله: {} (الزمر: 5) : أَي جُمِعَ ضوءُها ولُفَّ كَمَا تلَفُّ العِمامةَ.
يُقَال: كُرْتُ العِمامةَ عَلَى رأْسِي أَكُورُها كوْراً، وكَوَّرْتُها أكَوِّرُهَا إِذا لَفَفْتَهَا.
وَقَالَ الأخْفَشُ: تُلَفُّ فَتُمْحَى.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كُوِّرَتْ كَمَا تُكوَّرُ العِمامةُ.
وَقَالَ قَتَادةُ: كُوِّرَتْ: ذهب ضوءها، وَهُوَ قَول الفرّاء.
وَقَالَ عِكرِمَةُ: نُزِعَ ضَوْءُها.
وَقَالَ مُجَاهِد: كُوِّرَت: دُهْوِرَت.
وَقَالَ الرّبيعُ بن خَيْثَم: كُوِّرَتْ: رُمِيَ بهَا.
وَيُقَال: دَهْوَرْتُ الحَائِطَ إِذا طَرَحْتَه حَتَّى يَسقُطَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : طَعَنَهُ فكَوَّرَه وجَوّرَه إِذا صَرَعَه. قَالَ أَبُو كَبِير:
مُتَكوِّرِينَ عَلَى المَعَاري بَينهم
ضَرْبٌ كَتعْطَاطِ المَزَادِ الأَثْجَلِ
وَقَالَ اللَّيْث: سُمِّيَتِ الكارَةُ الَّتِي للقصَّار لِأَنَّهُ يجمع ثِيَابه فِي ثَوبٍ واحدٍ، يُكوِّرُ بَعْضهَا على بعض.
وَيُقَال: والاكتيارُ فِي الصِّرَاع: أَنْ يُصْرَعَ بعضُه على بعض.
والكُورَةُ: من كُوَرِ البُلْدَان.
والكِيرُ: كِيرُ الحَدَّادِ، وجمعُه: كِيرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمرٍ و: الكُورُ: مَوضِع النَّار الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ الحَدَّاد.
وكَوَّرَ المَتَاعَ: ألْقَى بعضَهُ على بعض.
وَيُقَال: جاءَ الفَرَسُ مُكْتاراً إِذا جاءَ مادّاً ذَنَبَهُ تحتَ عَجُزِه.
وَقَالَ الكُمَيتُ يصفُ ثَوراً:
كأَنَّهُ مُرْتَدٍ قُبْطِيَّةً لَهِقاً
بالأتحَمِيّةِ مُكْتَارٌ ومُنْتَقِبُ
قَالُوا: هُوَ من اكْتَارَ الرّجُلُ اكتِيَاراً إِذا تَعَمَّمَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اكْتَارت النّاقةُ اكتِيَاراً إِذا شالَتْ بذَنَبها بعد اللِّقَاحِ، واكْتَارَ الرّجلُ للرّجُلِ إِذا تَهَيَّأَ لِسبَابِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَكَرْتُ على الرَّجُلِ أُكِيرَ إِكَارَةً إِذا اسْتَذْلَلْتَه واسْتَضْعَفْتَه، وأَحَلْت عَلَيْهِ إحَالَة نحْوٌ مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِوَارَةُ، والمِكْوَرَةُ: العِمَامَةُ.

(10/189)


أكر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الأُكَرُ: الحُفَرُ فِي الأرْضِ، واحدتُها: أُكْرَةٌ.
وَمِنْه قيل لِلْحَرَّاثِ: أَكَّارٌ قَالَ العجاج:
من سَهْلهِ ويَتَأَكَّرْنَ الأكَرْ
وَقَالَ الْفراء: يُقَال للَّذي يُلْعَبُ بِهِ: الكُرَةُ، وَلَا تَقُلْ: الأكْرَةُ، وَقَالَ غَيره: الأكْرَةُ: لُغَةٌ لَيْسَت بجيِّدة، وَقَالَ:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ:
الكِيَارُ: رَفْعُ الفَرَسِ ذَنَبَه فِي حُضْرِه، والكَيَّرُ: الفَرَسُ إِذا فَعَلَ ذَلِك.
وَقَالَ بُزْرُج: أَكَارَ عَلَيْهِ يَضْرِبُه، وهما يَتَكايَرَانِ.
ركا: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : رَكَاهُ: إِذا أَخَّرَه، ورَكَاهُ: إِذا جاوَبَ رَوْكه، وَهُوَ صَوْتُ الصَّدَى من الجَبَل والحَمَّام.
قَالَ: وَفِي الحَدِيث (يُغْفَرُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ لكُلِّ مُسْلِمْ إلاَّ للمُتَشَاحِنَيْنِ، أُرْكُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا) رواهُ بضَمِّ الألِفِ.
وروى مالكٌ عَن مُسْلِمِ بنِ أبي مَرْيمَ عَن أَبِي صالِحٍ السَّمّانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَنّه قَالَ: (تُعرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كل جُمُعَةٍ مَرَّتَيْن، يَوْمَ الاثْنَين ويومَ الْخَمِيس فَيُغْفُر لكُلِّ عبَدٍ مُؤْمنٍ إلاَّ عَبداً كَانَت بَيْنَه وبَين أَخِيهِ شَحنَاءُ، فيُقَالُ أُرْكُوا هذَين حَتَّى يَفِيئا) . ومعنَى قَوْله: اُرْكُوا أَيْ أَخِّرُوا وَفِيه لُغَةٌ أُخْرَى.
أخبرِني المنذِرِيُّ عَن سلمةَ عَن الْفراء أَنَّه قَالَ: أَرْكَيْت عَلَيَّ دَيناً، وَرَكَوْته.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: رَكَوْتُ عَلَيَّ الأمرَ أَي ورَّكْتُه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: رَكَوْتُ الحَوْضَ أَي سَوَّيْتُه.
وروى أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرٍ و: المَرْكُوُّ: الحَوْضُ الكَبيرُ.
(قلت) : وَالَّذِي سَمِعْتُه من غيرِ واحدٍ من الْعَرَب فِي المَرْكوِّ أَنَّه الحَوْضُ الصَّغيرُ الَّذِي يُسَوِّيه الرّجُل بيَدَيْهِ على رَأْسِ البِئْرِ إِذا أَعْوَزَهُ إنَاءٌ يَسْقِي فِيهِ بعيره فيَصُبُّ فِيهِ دَلْواً أَو دَلْوَيْن من ماءٍ أَو قَدْرَ مَا يُرْوِي ظَهْرَهُ.
يُقَال للرَّجُلِ: أُرْكُ مَرْكُوّاً تَسْقَى فِيهِ بعيرك، وأَمّا الحوضُ الْكَبِير الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الماءُ للإبلِ الكثيرةِ فَلَا يُسَمَّى مَرْكُوّاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرْكَيْتُ لَبنِي فلانٍ جُنْداً أَي هَيَّأْتُه لَهُم، وأَرْكَيْتَ عَلَيَّ ذَنْباً لم أَجْنِهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عُبَيْدَةَ) : أَرْكَيْتُ فِي الْأَمر: تأخَّرْتُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرْكَيْتُ إِلَى فلانٍ اعْتَزَيْتُ إِلَيْهِ، وَأنْشد:
إِلَى أَيِّمَا الْحَيّينِ تُرْكَوْا فَأنتُمُ
ثِفَالُ الرَّحَى مِنْ تَحْتها لَا يَرِيمُهَا

(10/190)


وأَمّا قَوْلُ الشَّاعِر:
فَأَمْرَكَ إلاَّ تَرْكُهُ مُتَفَاقِمُ
فَمَعْنَاه إلاَّ تُصْلِحُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكْوُ: أَنْ تَحْفِرَ حوضاً مستطيلاً وَهُوَ المَرْكُوُّ.
والرَّكِيَّةُ: بِئرٌ تُحْفَرُ، فَإِذا قُلْتَ الرَّكِيّ فقد جَمَعْتَ، وَإِذا قَصَدْتَ إِلَى جمع الرَّكِيّةِ قلت: الرَّكَايَا.
قَالَ وَيُقَال: أَرْكَى عَلَيْهِ كَذَا وكَذَا أَي ركَّهُ فِي عُنُقِه أَي جَعَلَه.
والرَّكْوَةُ: شِبْهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ، وجَمْعُها: الرِّكَاءُ.
وَقَالَ: ابْن الأعرابيّ: رَكْوَةُ المرأَةِ: فَلْهَمُهَا، وجمعُها: الرُّكَى.
وكر: قَالَ اللَّيْث: الوَكْرُ والوَكْرَةُ: موضعُ الطائرِ الَّذِي يبيضُ فِيهِ ويُفْرِخُ، وَهِي الْخُرُوقُ فِي الحيطانِ والشجرِ، وجمعُه: وكورٌ وأَوْكَارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الوَكْرُ والوَكْنُ: الْمَكَان الَّذِي يَدْخُل فِيهِ الطَّائِر، وَقد وَكَنَ يَكِنُ وَكناً.
قَالَ: وَوَكّرْتُ الإنَاءَ تَوْكِيراً إِذا ملأتَه.
وَقَالَ الليثُ: تَوَكَّرَ الطائرُ إِذا مَلأ حَوصْلَتَه، وَكَذَلِكَ: وَكّرَ فلانٌ بَطْنَه.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَكَرْتُ السِّقَاءَ أكِرُه وَكْراً إِذا ملأتَه.
وَقَالَ: وَقَالَ الأحْمَرُ: وَكَرْتُه، ووَرَكْتَه وَرْكاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الوَكِيرَةُ: الطعامُ الَّذِي يُصنعُ عِنْد البِناءِ، يَبْنِيهِ الرّجُلُ فِي دَارِه، وَقد وكّرْتُ توكيراً.
(سَلمَة عَن الْفراء) : الوَكِيرَةُ تَعْمَلُها المَرْأَةُ فِي الجِهَازِ، قَالَ: ورُبَّما سَمِعَتهم يَقولُونَ: التَّوْكِير فِي الدَّارِ.
(أَبُو عبيد) : هُوَ يَعْدُو الوكَرَى أَي يُسْرِعُ.
وَأنْشد غَيره لحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:
إِذا المَحمَلُ الرِّبْعِيِّ عَارَضَ أُمَّه
عَدَت وَكَرَى حَتَّى تَحِنَّ الفراقِدُ
ورك: قَالَ اللَّيْث: الوَرِكَانِ: هما فَوْقَ الفخذْيْنِ، كالكتِفيْنِ فَوْقَ العَضُدَيْنِ.
والتَوْرِيكُ: تَوْرِيكُ الرّجُل ذَنْبَه غَيرَ كأَنَّهُ يُلْزِمُه إيَّاه، وفلانٌ ورَّكَ على دابّتِهِ وتَورّكَ عَلَيْهَا إِذا وضع وَرْكُه فنزَلَ، بجزم الرَّاءِ.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال مِنْهُ وَرَكْتُ أرِكُ، وَهَذِه نَعْلٌ مَوْرِكَةٌ، ومَوْرِكٌ إِذا كَانَت من الوَرِك.
ووَرَّكْتُ الجَبَلَ تَوْرِيكاً إِذا جاوَزْتَه.
(أَبُو عبيد عَنهُ) : وَفِي حَدِيث عُمَرَ أَنَّه كَانَ يَنْهَى أَنْ يُجْعَل فِي ورَاكٍ صَلِيبٌ، رواهُ شمر بإسْنَادٍ لَهُ، قَالَ شمرٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوِرَاكُ: رَقْمٌ يُعْلَى المَوْرِكَةَ، وَلها ذُؤَابةُ عُهُونٍ، وَقَالَ: المَوْرِكَةُ حَيْثُ يَتَوَرَّكُ الرَّاكِبُ على تِيكَ اليت كأَنَّها رِفَادَةٌ من

(10/191)


أَدَمٍ، يُقَال لَهَا: مَوْرِكة ومَوْرِك.
وَجمع الوِرَاكِ: وُرُكٌ، وَأنْشد:
إلاَّ القُتُودَ على الأكْوارِ والوُرُكِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الوِرَاكُ: ثَوبٌ يُحَفُّ بِهِ الرَّحْلُ.
قَالَ: والميرَكَةُ: تكُونُ بَين يَدَي الرَّحْلِ يَضَعَ الرَّجُلُ رِجْلَه عَلَيْهَا إِذا أَعْيَا، وَهِي المَوْرِكةُ، وجَمْعُها: المَوَارِك، وَأنْشد:
إِذا حَرَّدَ الأكْتَافَ مَوْرُ المَوَارِكِ
قَالَ أَبُو زيد: الوِرَاكُ: الَّذِي يُلْبَسُ المَوْرِكَ.
وَيُقَال: هِيَ خِرْقَةٌ مُزَيَّنَةٌ صَغِيرَة تُغَطِّي المَوْرِكَةَ، وَيُقَال: وَرَكَ الرّجُلُ على المَوْرِكَةِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَا أَحْسَنَ رِكَتَهُ ووُرْكَهُ من التَّورُّكِ.
وَيُقَال: وَرَكْتُ على السَّرْجِ والرَّحْلِ وَرْكاً وَوَرَّكْتُ تَوْرِيكاً.
وثَنَى وَرْكَهُ فنَزَلَ بِجَزْمِ الرَّاءِ.
وَقَالَ غيرُه: وَرَّكَ فلانٌ ذَنْبَهُ على غَيره توريكاً إِذا أضافَهُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ إبراهيمُ النَّخَعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُسْتَخْلِفُ قَالَ: إنْ كَانَ مَظْلُوما فَوَرَّكَ إِلَى شيءٍ جَزَى عَنهُ التّوْرِيكُ، وَإِن كَانَ ظَالِما لم يَجْزِ عَنهُ التَّوْرِيكُ، وكأنَّ التَّوْرِيكَ، فِي اليَمِينِ نِيَّةٌ يَنْوِيها الخالفُ غير مَا نَوَاها مُسْتَحْلِفُه.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أنَّه كَانَ لَا يرَى بَأْسا أَن يَتَورك الرَّجُلُ على رِجْلِه اليُمْنَى فِي الأرضِ المُسْتَحيلةِ فِي الصَّلَاة.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: التَّوَرُّكُ على اليُمنَى: وَضْعُ الوَرِكَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ فِي حَدِيث إبراهيمَ: (أنَّه كَانَ يَكْرَهُ التَّوَرُّكَ فِي الصَّلاةِ) أَي وضعَ الألْيَتَيْنِ أَو إحداهُمَا على الأرضِ.
(قلت أَنا) : التَّوَرُّكُ فِي الصَّلاَةِ: ضربانِ، أحدُهُمَا سُنَّةٌ، والآخَرُ مكْرُوهٌ، فَأَما السُّنَّةُ فأَنْ يُنْحِّي المُصَلِّي رجْليهِ فِي التشَهُّدِ الْأَخير، ويلزقَ مَقْعَدَتَه بالأرْض كَمَا جَاءَ فِي الخَبَرِ.
وَأما التّوَرُّكَ المكْرُوهُ فأنْ يضعَ المصلّي يدَيْهِ على وَرِكَيْهِ فِي الصلاةِ قَائِما أَو قَاعِدا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم، يُقَال: ثَنَى وَرِكهُ فنَزَلَ، وَلَا يجوزُ وَرْكهُ فِي ذَا المَعْنى، إِنَّمَا هُوَ مصدرُ وَرَكَ وَرْكاً، ويسمَّى ذَلِك الموضعُ من الرَّحْلِ المَوْرِكةَ، لأنَّ الرَّاكبَ يَثْنِي عَلَيْهِ رِجْلَه ثَنْياً كأنّه يَتَرَبّعُ ويضعُ رجلا على رجْلٍ، وَأما الوَرِكُ نَفسها فَلَا تُثْنَى، وَفِي الوَرِكِ: لغاتٌ، وَرِكٌ ووَرْكٌ ووِرْكٌ.
أرك: قَالَ اللَّيْث: الأرَاكُ: شجرٌ معروفٌ، وَهُوَ شجر السِّوَاكِ، والإبلُ الأوَارِكُ: الَّتِي اعَتَادَتْ أكلَ الأرَاكِ، والفعلُ: أرَكَتْ تَأْرُكُ أركاً، وإبلٌ أَوَارِكُ، وَقد أَرَكَتْ

(10/192)


أُرُوكاً إِذا لزِمَتْ مكانَها فَلم تَبْرَحْ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) : الإبلُ الأوَارِكُ: المقِيماتُ فِي الحَمْضِ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ البعيرُ يأكلُ الأرَاكَ، قيل: آرِكٌ.
وَيُقَال: أَطْيَبُ الألْبَانِ: ألْبَانُ الأوَارِكِ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيّ) : أرَكَ فلانٌ بِالْمَكَانِ يَأْرُكُ إِذا أقامَ بِهِ.
قَالَ: وأَرِكَتِ الإبلُ أرَكاً إِذا اشْتَكَتْ من أَكلِ الأرَاكِ، وَهِي إبلٌ أَرَاكَى؛ وأرِكَةٌ، وَكَذَلِكَ: طَلاَحَى وطِلحةٌ وقَتَادة وقَتِدَةٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فِى ظِلَالٍ عَلَى} (يس: 56) .
قَالَ المفسِّرُونَ: الأرَائِكُ: السُّرُرُ فِي الحِجَالِ، واحدتُها: أرِيكةٌ.
وروى أَبُو ترابٍ للأصمعي: هُوَ آرَضُهُمْ أَنْ يفعلَ ذَاكَ، وآركُهُمُ أَنْ يفعلَهُ أَي أخَلَقُهُمْ.
قَالَ: وَلم يَبْلُغنِي ذَلِك عَن غَيره.
(شمر عَن ابْن شُمَيْل) : الأرَاكُ: شجرةٌ طويلةٌ خضراءُ ناعمةٌ كثيرةُ الوَرَقِ والأغصانِ خوّارَةُ العُودِ، تنبُتُ بالغوْرِ، يُتّخذُ مِنْهَا المَسَاويكُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : إِذا صَلَحَ الجرحُ وتماثلَ قيل: أَرَكَ يأْرُكُ أُرُوكاً.
وَقَالَ شمرٌ: يأْرِكُ: لُغَة.
ك ل (وَا يء)
كول، كيل، كلي، كلأ، كلاّ، أكل، أَلَك، لكأ، وكل، لكَي، (لوك: مستعملة) .
كول كيل: تَكَوَّلَ القومُ عَلَيْهِ تكَوُّلاً، وتثَوَّلُوا عَلَيْهِ تَثَوُّلاً إِذا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ يَضْرِبونَه، فَلَا يُقْلِعُونَ عَن ضربِه وشَتْمه، وهم قاهرونَ لَهُ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: انكَالُوا عَلَيْهِ، وانْثَالُوا بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْلاَنُ: نباتٌ ينْبُت فِي المَاء مثل البرْديّ يُشْبِهُ ورقهُ وساقهُ السعْدَ إِلَّا أَنَّه أغْلظُ وأعظمُ، وأصلُه مثل أَصْلِه، يُجْعلُ فِي الدَّواءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اكْوَألّ الرَّجُلُ، فَهُوَ مكْوِئلُّ إِذا قصُرَ، وَهُوَ الكَوَأْلَلُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ فِيهِ قصرٌ وغلظٌ من شِدَّةٍ قيل: رجُلٌ كَوَأْللٌ، وكُلْكُلٌ، وكُلاكِلٌ.
وَمن ذَوَاتِ اليَاءِ، قَالَ اللَّيْث: الكَيْلُ: كَيْلُ البُرِّ ونَحْوه، تَقول: كالَ يكِيلُ كيْلاً، وبُرٌّ مكِيلٌ، ويجوزُ فِي القياسِ: مكْيُولٌ، ولُغةُ بني أَسدٍ مكُولٌ ولغةٌ رَدِيَّةٌ: مُكَالٌ.
(قلتُ) : أَمَّا مُكَالٌ فَمن لُغةِ المُولَّدِين وَأما مَكُولٌ فمنْ لغةٍ رَدِيَّةٍ، واللغةُ الفصيحةُ: مَكِيلٌ ثمَّ يَليهَا فِي الجودَةِ: مكْيُولٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِكْيَالُ: مَا يكالُ بِهِ،

(10/193)


حديداً كَانَ أَو خشباً، واكْتَلْتُ من فلانٍ، واكْتَلْتُ عَلَيْهِ.
وَمِنْه قَول الله: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ} (المطففين: 2) ، أَي: اكْتَالُوا مِنْهُم لأنفُسِهمْ، وكِلْتُ فلَانا طَعَاما، أَي: كِلْتُ لَهُ.
قَالَ الله: {يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 3) أَي كَالُوا لهمْ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: المِكْيَالُ: مكيالُ أَهْلِ المدينةِ، وَالْمِيزَان: ميزانُ أهل مكةَ.
قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: إنَّ هَذَا الحديثَ أصْلٌ لكلِّ شيءٍ من الكيْلِ والوَزْنِ، إنَّمَا يَأْتَمُّ الناسُ فيهمَا بِأَهْل مَكَّة، وَأهل المدينةِ، وَإِن تغيَّر ذَلِك فِي سَائِر الأمصارِ، ألاَ ترَى أَن أصلَ التَّمْر بِالْمَدِينَةِ: كَيْلٌ، وَهُوَ يُوزنُ فِي كثيرٍ من الأمصارِ، وأنَّ السمنَ عِنْدهم: وَزْنٌ، وَهُوَ كَيْلٌ فِي كثيرٍ من الأمصارِ، وَالَّذِي يعرفُ بِهِ أصْلُ الكَيْلِ والوزنِ أنَّ كلَّ مَا لَزِمَهُ اسمُ المَخْتُومِ والقَفِيز، والمكُّوك، والمُدِّ، والصَّاعِ فَهُوَ كَيْلٌ وكلّ مَا لَزِمَهُ اسمُ الأرْطَالِ، والأوَاقيّ والأمْنَاءِ فَهُوَ وَزْنٌ.
(قلت) : فالتَّمْرُ أَصْلُه الْكَيْل، فَلَا يجوزُ أَن يباعَ مِنْهُ رطلٌ برطل، وَلَا وزنٌ بوزنٍ، لأنَّه إِذا رُدَّ بعد الوزنِ أَن الكَيْلِ تفَاضَل وإنَّمَا يُباعُ كَيْلا بكَيْلٍ سَوَاء بسواءٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ أصلُه مَوْزُونا فإنَّه لَا يجوزُ أَن يباعَ مِنْهُ كَيْلٌ بكَيْلٍ، لأنَّه إِذا رُدَّ إِلَى الوزنِ لم يُؤْمَنْ فِيهِ التفاضلُ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا الحَدِيث لهَذَا الْمَعْنى، وَلِئَلَّا يتهافت النّاسُ فِي الرِّبَا المنهيّ عَنهُ.
وَفِي حَدِيث آخرَ: أَن رجُلاً أَتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقاتلُ العَدُوَّ، فَسَأَلَهُ سَيْفا يقاتلُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: فلَعَلّكَ إنْ أعْطَيْتُك أَن تقومَ بِهِ فِي الكَيُّولِ، فَقَالَ: لَا، فأَعطاهُ سَيْفا فجعلَ يقاتِلُ بِهِ وَهُوَ يَقُول:
إنّي امرؤٌ عاهَدَنِي خَلِيلِي
أَنْ لَا أَقُومَ الدّهرَ فِي الكَيُّولِ
أضْرِبْ بِسَيْفِ الله والرَّسُولِ
فَلم يزلْ يقاتلُ بِهِ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه فِي الكَيُّولِ: هُوَ مُؤَخَّرُ الصفوفِ، وَلم أسمَعْ هَذَا الحرفَ إِلَّا فِي الحَدِيث.
(قلت) : والكَيُّولُ فِي كَلَام الْعَرَب: فيْعُولٌ من كَالَ الزّنْدُ يكِيلُ كَيْلاً إِذا كبا وَلم يُخْرِجْ نَارا فشُبّهِ مُؤَخَّرُ صُفُوف الحربِ بِهِ، لِأَن مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يكَادُ يقاتلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرَسُ يكَايِلُ الفَرَسَ فِي الجري إِذا عارضَه وبَارَاه، كأَنَّهُ يكِيلُ لَهُ من جَرْيهِ مثل مَا يكِيلُ لَهُ الآخَرُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المُكايلَةُ: أَنْ يتَشَاتمَ رَجُلاَن فَيُربِي أحدُهَما على الآخرِ.

(10/194)


قَالَ: والمُوَاكلَةُ: أَنْ يُهدِيَ المُدَانُ لِلْمُدينِ ليُؤخّرَ قضاءَهُ.
وَقَالَ غيرُه: كِلْتُ فلَانا بفُلاَنٍ أَي: قستُه بِهِ، وَإِذا أَرَدْتَ عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بِغَيْرِهِ؛ وكلِ الفَرَسَ بغيرِه أَي قسهُ بِهِ فِي الجري.
وَقَالَ الأخطل:
فَقَدَ كِلْتُمُوني بالسَّوَابِقِ قَبَلَها
فَبَرَّزتُ مِنْهَا ثَانِياً من عَنَانيَا
أَي سبقتها وبعضُ عناني مكفوف، وَقَالَ آخر فجعلَ الكَيلَ وزنا:
قارُورَةٌ ذاتُ مِسكٍ عندَ ذِي لَطَفٍ
من الدّنانِيرِ كالُوها بمثقَالِ
قَالَ يُقَال: كل هَذَا الدِّرْهَم أَي زِنْهُ، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي هَذَا الْبَيْت.
وَفِي (نوادِرِ الأعرابِ) : الأكَاوِلُ: نشُوزٌ من الأرضِ أشباهُ الجِبالِ، واحدُها: أكْوَل.
كلي: قَالَ اللَّيْث: الكُلْيَةُ للإنسانِ وكل حيوَان، وهما لَحْمتَانِ مُنتَبِرَتانِ حَمْرَاوَانَ لازقتَانِ بعَظْم الصُّلْبِ عِنْد الخاصِرَتينِ فِي كُظْرين من الشَّحمِ، وهما منبتُ بيتِ الزّرْع، هَكَذَا يُسمَّيَانِ فِي كتبِ الطِّبِّ، يرادُ بِهِ زَرْعُ الولَدِ.
وكُلْيَةُ المزَادةِ: رقعةٌ مستديرةٌ تُخْرزُ تَحت العُرْوَةِ على أديمِ المزَادةِ، وَجَمعهَا: الكُلَى، وَأنْشد:
كأنَّهُ منْ كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الكُلْوَةُ: لغةٌ فِي الكلْيَةِ، لأهل اليمنِ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يُقَال: كلَيْتُ فلَانا فَهُوَ مكلْيٌّ إِذا أَصبْتَ كُلْيَتُه.
قَالَ حُمَيْدٌ الأرْقَطُ:
مِنْ عَلَقِ المكْلِيِّ والمَوْتُونِ
وَإِذا أُصيبَ كِبدُه فَهُوَ مكْبُودٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الهيثمِ أَنه قَالَ: العربُ إِذا أَضافَتْ (كُلاَّ) إِلَى اثْنَيْنِ ليَّنَتْ لامَهَا، وجعلَتْ مَعهَا ألف التَّثنيةِ، ثمَّ سوتْ بَينهَا فِي الرفعِ والنصبِ والخفضِ فَجعلت إعرابها بِالْألف، وأضافتَها إِلَى اثْنَيْنِ، وأَخْبرَتْ عَن واحدٍ، فَقَالَت: كِلاَ أخَوَيْكَ كَانَ قَائِما، وَلم يَقُولُوا: كانَا قائِميْنِ، وكلا عمَّيْكَ كَانَ فَقِيهاً، وكلْتَا المَرْأتين كَانَت جميلَة، لَا يَقُولُونَ: كانَتَا جَمِيلَتَيْنِ.
قَالَ الله جلّ وَعز: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} (الْكَهْف: 33) وَلم يقل: آتتا.
وَتقول: مَرَرْت بِكلاَ الرَّجُلين، وَجَاءَنِي كِلاَ الرَّجُلَين، فيسْتَوِي فِي كلا إِذا أضفتها إِلَى ظاهرَيْنِ الرفعُ، والنصبُ، والخفضُ، فَإِذا كنَوْا عَن مَخْفوضِها أجرَوها بِمَا يُصيبُها من الْإِعْرَاب.
فَقَالُوا: أَخَوَاكَ مررتُ بكلَيْهِما، فجُعلوا نَصْبَها وخفضها بِالْيَاءِ.

(10/195)


وَقَالُوا: أَخَوَايَ جاءاني كلاهُمَا جعلُوا رفعَ الْإِثْنَيْنِ بِالْألف.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي مَوضِع الرَّفعِ:
كِلاَ أَبَوَيكُمْ كانَ فَرْعاً دِعَامةً
يريدُ كل واحدٍ مِنْهُمَا كَانَ فرعا، وَكَذَلِكَ قَالَ لبيد:
فَعَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه
مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها
عَدَتْ يَعْنِي بقرة وحشيةً، وكلاَ الفَرْجين أَرَادَ كِلاَ فرجَيْها، فأقامَ الألفَ وَاللَّام مُقام الكِنايَة.
ثمَّ قَالَ: تحسب يَعْنِي الْبَقَرَة، أَنه وَلم يقل: أَنَّهُما مَوْلى المخافة أَي وليُّ مخافتِها، ثمَّ ترجمَ عَن قَوْله كِلاَ الفَرْجينِ فَقَالَ: خلفُها وأمامُها.
وَكَذَلِكَ تقولُ: كِلاَ الرَّجُلين قائمٌ، وكلتا المرأتينِ قائمةٌ.
وَأنْشد:
كِلاَ الرَّجُلَيْنِ أَفّاكٌ أثِيمُ
وَقد مر تفسيرُ (كلّ) فِي بَاب المضاعف، فكرهتُ إِعَادَته.
كلأ: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَانِ} (الْأَنْبِيَاء: 42) .
قَالَ الْفراء: هِيَ مَهْمُوزَة، وَلَو تَركْتَ هَمْز مثله فِي غير الْقُرْآن لقلتَ يَكْلُوكم بواوٍ سَاكِنة، ويكلاَكُم بِأَلف سَاكِنة، مثل يَخْشَاكُمْ، فَمن جعلهَا واواً سَاكِنة، وَقَالَ: كلاَتُ بِأَلف يتْرك النَّبرَة مِنْهَا، وَمن قَالَ: يَكَلاكُم قَالَ: كلَيْتُ مثل قَضَيْت، وَهِي من لُغَة قُرَيْش، وكلٌّ حسنٌ، إِلَّا أنَّهم يقولونَ فِي الْوَجْهَيْنِ: مكْلُوَّة ومكْلُوٌّ أكْثرَ مِمَّا يقولُونَ: مكْليٌّ.
وَلَو قيل: مكْليٌّ فِي الَّذين يقولُون: كلَيْتُ كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وسمعتُ بعض الْعَرَب ينشد:
مَا خَاصم الأقوامَ من ذِي خصومَةٍ
كَوَرْهَاءَ مَشْنِيَ إِلَيْهَا حَليلُها
فَبَنَى على شَنَيْت بتركِ النَّبْرةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلأكَ اللَّهُ كَلاءَةً أَي حفظِكَ وحَرَسكَ، وَالْمَفْعُول بِهِ: مكلوءٌ، وَأنْشد:
إنَّ سُلَيمَى، وَالله يكْلَؤُها
ضَنَّتْ بزادٍ مَا كَانَ يَرَزَؤُها
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه نهَى عَن الكالِىء بالكالىء) .
قَالَ أَبُو عبيدةَ: هُوَ النّسيئةُ بالنّسيئةِ.
وَيُقَال: تكلأَّتُ كلاءةً إِذا استَنْسأتَ نَسِيئَة، والنَّسِيئةُ: التّأخيرُ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وتفسيرُه أَن يسلم الرَّجُلُ إِلَى الرجل مِئةَ درهمٍ إِلَى سنةٍ فِي كُرِّ طعامٍ، فَإِذا انقضتِ السنةُ وحلَّ الطعامُ عَلَيْهِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطعامُ للدّافع: ليسَ

(10/196)


عِنْدِي طعامٌ وَلَكِن بِعْني هَذَا الكُرَّ بمئتي دِرْهَم إِلَى شهرٍ، فَهَذِهِ نَسيئةٌ انْتَقَلت إِلَى نَسِيئَة، وكلُّ مَا أشبهَ هَذَا هَكَذَا، وَلَو قبضَ الطعامَ مِنْهُ ثمَّ بَاعه مِنْهُ أَو من غَيره بنسيئة لم يكن كالِئاً بكالىء.
وَقَالَ أَبُو زيد: كلَّأْتُ فِي الطعامِ تكلِيئاً، وأكلأْتُ فِيهِ إكلاءً إِذا سلَّفْتَ فِيهِ، وَمَا أعطيتَ فِي الطَّعَام من الدَّرَاهِم، نَسِيئَة، فَهِيَ الكُلأةُ.
قَالَ وَيُقَال: كلأَ القومُ سفِينتَهُم تكليئاً إِذا مَا حبسوها.
ويقالُ: بَلَغَ الله بكَ أَكْلأ العُمُرِ، يَعْنِي آخِرَه وأَبْعدَه.
وَقَالَ غيرُه: الكَلاَّء والمُكَلَّأُ، والأوَّلُ ممْدُودٌ، وَالثَّانِي مَهْمُوز مَقْصورٌ: مكانٌ يُرْفأُ فِيهِ السُّفُنُ، وَهُوَ ساحلُ كلِّ نَهْرٍ، وَجَاء فِي بعض الأخْبَارِ (مَن عَرَّضَ عرَّضْنَا لَهُ. ومَنْ مشَى على الكَلاَّءِ ألْقَيْناهُ فِي البَحْرِ) ومَعْنَاهُ أنَّ مَنْ عرَّض بالقَذْفِ، وَلم يُصَرّحُ عُرِّضَ لَهُ بضرْبٍ خَفِيف تأْديباً، وَلم يُضْرَبِ الحدَّ كَامِلا، ومَنْ صَرَّحَ بالقَذْفِ ألقيناه فِي نَهَرِ الحَدِّ فحدَدْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الكَلاَّءَ: مَرْفأُ السُّفُنِ عِنْد السّاحِلِ فِي الماءِ، ويُثَنَّى الكَلاَّءُ فيقالُ: كَلاّءانِ، ويُجْمَعُ فَيُقَال: كَلاّءونَ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
, تَرَى بكَلاَّوَيْهِ مِنْهُ عَسْكَرَا
قَوْماً يدُقُّون الصَّفَا المكَسَّرَا
وصَفَ الهَنِىءَ والمَرِىءَ، وهما نهرانِ حفرهُما هِشَام بن عبد الْملك يَقُول: ترى بكَلاَّوَيْ هَذَا النهْرِ من الحَفرَةِ قَوْماً يَحْفِرُون ويدُقونَ حِجَارةً موضعَ الحَفْرِ مِنْهُ ويُكَسّرُونَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: اكْتَلأتُ مِنَ الرَّجُلِ اكْتِلاَءً إِذا مَا احْتَرَسْتَ مِنْهُ.
وَيُقَال اكتلأَتْ عَيْنِي اكتِلاءً إِذا حَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ لَهُ وَلم تَنَمْ.
وقَالَ غيرُه: كَلأتُه مِئةَ سَوْطٍ كَلأً إِذا ضَرَبْتَه.
ويُقَالُ: كَلأتُ إِلَيْهِ تكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ.
وأنْشد الْفراء فِي لُغَة مَنْ لَا يَهْمِزُ:
فَمَنْ يُحْسِنْ إليْهِمْ لَا يُكلِّي
إِلَى جازٍ بذَاكَ وَلَا شَكُورِ
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
فإنْ تبدَّلْتَ أَو كلَّأتَ فِي رجُلٍ
فَلَا يغُرَّنْكَ ذُو ألْفَينِ مغمورُ
قَالُوا أرادَ بذِي ألْفَينِ: من لَهُ ألْفان من المالِ.
أخبرنَي المُنْذِريُّ عَن الحَرَّانِيِّ عَن ابْن السّكيت أَنّه قَالَ: الكَلاّءُ: مُجْتَمَعُ السُّفُنِ، وَمن هَذَا سُمِّي كلاءُ البَصْرَةِ كلاّءً لاجْتِماع سُفُنِه.

(10/197)


قَالَ: والتَّكْلِئةٌ: التَّقَدُّمُ إِلَى المكانِ، والوقوفُ بِهِ، وَمن هَذَا يُقَال كلّأتُ إِلَى فلانٍ فِي الأمْرِ أَي تقدّمْتُ إِلَيْهِ.
وَيُقَال: كلّأتُ فِي أَمْرِكَ تكلِيئاً أَي تأمَّلْتُ ونَظَرْتُ فِيهِ، وكلّأتُ فِي فلانٍ أَي نَظَرْتُ إِلَيْهِ متأمِّلاً فأعْجَبَنِي.
وَيُقَال: عَينٌ كَلُوءٌ إِذا كَانَت ساهرةً، ورجُلٌ كَلُوءُ العَينِ، وَقَالَ الأخطل:
ومَهْمَهٍ مُقْفِرِ تُخْشَى غَوَائِلُه
قطعْتُهُ بكلُوءِ العَيْنِ مِسْفَارِ
والكَلأُ مَهْمُوزٌ: مَا يُرْعَى، وأَرضٌ مُكْلِئَةٌ، وَقد أَكْلأت إكْلاءً.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبيدةَ) : كَلأَتِ النَّاقَةُ وأَكْلأَت إذَا أَكَلَتِ الْكلأ.
وَقَالَ أَبُو نَصرٍ: كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكلِيَةً، وَهُوَ أَن يَأْتِيَ مَكَانا فِيهِ مُستَتَرٌ، جَاءَ بِهِ غيرَ مهموزٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَلأُ: العشْبُ رطَبُه ويَبْسُهُ، قَالَ: وأَرْضٌ مُكْلِئةٌ ومِكْلاءٌ: كثِيرَةُ الْكلأ، والكَلأُ: اسْمٌ لجماعةٍ لَا يُفْرَدُ.
(قلت) : الْكلأ: اسْمٌ واحدٌ يدخُلُ فِيهِ النَّصِيُّ والصِّلِّيان، والحَلَمةُ والشِّيحُ والعَرْفجُ، وضُرُوبُ العُرَا كلُّها دَاخِلةٌ فِي الْكلأ، وَكَذَلِكَ: العُشْبُ والبَقْلُ، وكُلُّ مَا يرعاهُ المَال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كلأتُ الرَّجُلَ كلْأً، وسَلأْتُه سَلأً بالسّوطِ.
وَقَالَ النَّضْرُ: أرضٌ مُكْلِئةٌ وَهِي الَّتِي قد شبعَ إبلُهَا، وَمَا لم تَشْبَعِ الإبلُ لم يَعُدُّوهُ إعْشَاباً وَلَا إكْلاءً وإنْ شَبِعَتِ الغَنَمُ، والمُكِلئةُ والكَلِئةُ: واحدٌ.
قَالَ: والكَلأُ: البَقْلُ والشجرُ.
(تَفْسِير كلاَّ)
(كلاَّ) : سَلمَة عَن الْفراء. قَالَ: قَالَ الْكسَائي: (لَا) تَنْفِي حَسْبُ و (كَلاَّ) تَنْفِي شَيْئا وتُوجِبُ غَيْرَه، من ذَلِك قَوْلك لرَجُلٍ قَالَ لَك: أَكلْتَ شَيْئاً فقلتَ أَنْتَ: لَا، وَيَقُول الآخَرُ: أكَلْتُ تَمْراً، فَتَقول أَنْتَ: كلاَّ، أَرَدْتَ أَنَّكَ أكَلْتَ عَسَلاً لَا تَمْراً، قَالَ: وتَأْتِي كلاَّ بمعنَى قَوْلهم: حَقّاً.
ورواهُ أَبُو عُمَرَ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة.
وَقَالَ ابْن الأنْبَارِيِّ فِي تَفْسِير كلاَّ: هِيَ عِنْد الْفراء تكونُ صِلَةً لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا، وتكونُ حرْفَ ردَ بمنْزِلة نَعَمْ وَلَا فِي الاكتِفَاءِ، فَإِذا جَعلتهَا صِلَةً لِمَا بعدَها لم تَقِفْ عَلَيْهَا، كَقَوْلِك: كلاَّ وربِّ الكعبةِ، لَا تَقَفُ على كلاَّ لأنَّها بِمَنْزِلَة إِي وَالله، قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ} (المدثر: 22) الوَقْفُ على كلا قبيحٌ، لِأَنَّهَا صِلةٌ لليَمِينِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَخْفَش: معنى كلاَّ: الرَّدْعُ والزّجْرُ.
(قلت) : وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل، وَإِلَيْهِ ذهب الزّجاجُ فِي جَمِيع القُرْآنِ.

(10/198)


وَقَالَ ابْن الأنْبَاريِّ: قَالَ المفسِّرُونَ: معنى كلاَّ: حقّاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَاتِم: جَاءَت كلاَّ فِي القرآنِ على وجهَيْن، فَهِيَ فِي موضعٍ بِمَعْنى لَا، وَهُوَ رَدٌّ للأوَّلِ كَمَا قَالَ العجاج:
قَدْ طَلَبَتْ شَيْبانُ أَنْ يُصَاكِمُوا
كَلاّ ولمَّا تَصْطَفِقْ مَآتِمُ
قَالَ: وتَجيءُ كلا بِمَعْنى أَلاَ الَّتِي للتّنْبِيه كَقَوْلِه: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} (هود: 5) وَهِي زائدةٌ، لَوْ لمْ تَأْتِ كَانَ الكلامُ تامّاً مفهوماً، قَالَ وَمِنْه المَثَلُ: (كلاَّ زَعمْتَ العِيَرُ لَا تُقَاتَل) وَقَالَ الْأَعْشَى:
كلا زَعمْتُمْ بِأنَّا لَا نُقَاتِلُكُمْ
إنَّا لأمْثَالِكُمْ يَا قَوْمَنَا قُتُلُ
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا غلطٌ، معنى كلاَّ فِي المَثَلِ والبَيْتِ: لَا، لَيْسَ الأمْرُ على مَا يقولونَ، قَالَ: وَسمعت أَبَا الْعَبَّاس، يَقُول: لَا يُوقَفُ على كلاَّ فِي جَمِيع القُرَآن، لِأَنَّهَا جوابٌ، والفائدة تَقَعُ فِيمَا بَعْدَهَا، قَالَ: واحْتَجَّ السِّجِسْتَانيُّ فِي أَنّ كلاَّ بِمَعْنى ألاَ بقوله جلَّ وعزَّ: {يَعْلَمْ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} (العلق: 6) قَالَ: فمعناهُ: ألاَ، قَالَ أَبُو بكر: ويجوزُ أنْ يكون بِمَعْنى حقّاً إنّ الْإِنْسَان ليطْغى، ويجوزُ أنْ يكونَ رَدّاً كَأَنَّهُ قَالَ: لَا، لَيْسَ الأمْرُ على مَا تظُنُّونَ.
وروى ابْن شُمَيْل عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ: كلُّ شَيْء فِي الْقُرْآن كلاّ: رَدٌّ يَرُدُّ شَيْئا، ويُثْبِتُ آخر.
قَالَ أَبُو زيد: وسمعتُ العربَ تَقول: كلاَّكَ وَالله، وبلاك وَالله بِمَعْنى كلاَّ وَالله، وبَلَى وَالله.
(قلت) : وَالْكَاف لَا مَوضِع لَهَا.
أكل: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : أكلْتُ أُكْلَةً أَي لُقْمَةً، وأكلْتُ أَكْلَةً إِذا أكلَ حَتَّى يَشْبَعَ، وَإنَّهُ لذُو أُكلة للنَّاس وإكلةٍ إِذا كَانَ ذَا غِيبة يَغْتَابُهُمْ.
وَفِي أَسْنَانِه أَكَلٌ أَي أَنّها مُؤْتكِلةٌ.
وإنّه لعظيمُ الأكْلِ فِي الدُّنْيَا أَي عَظِيم الرزْقِ، وَمِنْه قيل للمَيِّتِ: انقطعَ أُكْلُهُ.
ورجُلٌ ذُو أُكْلٍ إِذا كَانَ ذَا رأْيٍ وعَقْلٍ.
وتَوْبٌ ذُو أُكْلٍ إِذا كَانَ صفِيقاً، قَوِيّاً.
وَقَالَ أعرابيٌّ: أُريدُ ثَوْباً لَهُ أكْلٌ أَي نفْسٌ وقُوَّةٌ.
(الْأَصْمَعِي وَالْكسَائِيّ) : وجَدْتُ فِي جَسَدِي أُكَالاً أَي حِكّةً.
وَقَالَ غيرُه: أكَلَتِ النَّارُ الحَطَبَ، وآكَلْتُها إيّاه أَي أَطْعَمْتُها، وَكَذَلِكَ: كلُّ شَيْء أَطْعَمْتَه شَيْئا.
وَيُقَال: آكَلْتُ الرَّجُلَ، وواكلتُه فَهُوَ أكِيلِي، والهمزةُ فِي آكَلْتُ: أكْثَرُ وأَجْوَدُ.
قَالَ: وواكَلَتِ الدابَّةُ وِكَالاً إِذا أساءتِ

(10/199)


السَّيْرَ، وَمَا ذُقْتُ أَكَالاً أَي مَا يُؤْكلُ.
وَيُقَال: أَكِلَتِ الناقةُ تأكَلُ أكَلاً إِذا نَبَتَ وَبَرُ جَنِينِهَا فِي بَطْنِها فوجَدَتْ لذَلِك حِكَّةً وأَذىً.
وسمعتُ بعضَ العَرَبِ يَقُول: جِلْدِي يأْكُلُنِي إِذا وَجَدَ حِكَّةً، وَلَا يقُولُ: جِلْدِي يَحُكُّنِي.
وَقَالَ أَبُو نصرٍ فِي قَول الأعْشَى:
أَبَا ثُبَيْتٍ أَمَا تَنْفَكُّ تَأْتَكِلُ
قَالَ: مَعْنَاهُ أَمَا تَرَاكَ تَأْكُلُ لحُومنَا وتَغْتَابُنَا، وَهُوَ تَفْتَعِلُ من الأكْلِ.
ورَجلٌ أَكُولٌ أَي كثيرُ الأكْلِ.
وفلانٌ أَكِيلِي، وَهُوَ الَّذِي يأْكُلُ مَعَكَ.
وَيُقَال لما أُكِلَ: مأْكولٌ وأَكِيلٌ.
وتَأَكَّلَ السّيفُ تأكُّلاً إِذا مَا تَوَهَّجَ من الحِدَّةِ.
وَقَالَ أوسُ بن حجرٍ:
وأبْيَضَ صُوليّاً كأَنَّ غِرَارَهْ
تَلألُؤُ بَرْقٍ فِي حَبِيَ تأكَّلا
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَيَضْرِبَنَّ أحَدُكم أخاهُ بمِثْلِ آكِلَةِ اللّحْمِ ثمَّ يَرَى أَنَّي لَا أُقِيدُه، وَالله لأُقِيدَنَّهُ مِنْهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الْحجَّاج: أَرَادَ بِآكِلَةِ اللّحْمِ عَصاً مُحَدَّدةً.
قَالَ: وَقَالَ الأمَوِيُّ: الأصلُ فِي هَذَا أَنَّهَا السِّكِّينُ، وَإِنَّمَا شُبِّهَتِ الْعَصَا المحدَّدة بهَا.
وَقَالَ شمر: قِيلَ فِي آكِلَةِ اللّحم: إِنَّهَا السِّيَاطُ، شَبَّهَهَا بالنَّار لأنَّ آثارَها كآثارِها.
وَيُقَال: أكلَتْهُ العَقْرَبُ، وأكلَ فلانٌ عُمْرهُ إِذا أَفْنَاهُ، والنّارُ تأكلُ الحَطَبَ.
وَفِي حديثٍ آخرَ لعمرَ أَنه قَالَ لِسَاعٍ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً: (دَعِ الرُّبَّى والمَاخِضَ والأَكُولَةَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأكُولَةُ الَّتِي تُسَمَّنُ للأكْلِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ غَيره: أَكُولَةُ غَنَمِ الرَّجُلِ: الْخَصِيُّ والهَرِمَةُ والعَاقِرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أكُولَةُ الحيِّ: الَّتِي يَجْلُبُونَ لِلْبَيْع يَأْكُلُون ثَمَنها: التَّيْسُ والجَزْرَةُ، والكَبْشُ العظيمُ الَّتِي لَيست بِقُنْوَةٍ، والْهَرِمَةُ والشارِفُ الَّتِي لَيست من جَوَارِح المَالِ.
قَالَ: وَقد تكُونُ أكُولَةُ الحَيِّ أَكِيلَةً، فِيمَا زعم يُونُس فَيُقَال: هَلْ فِي غَنَمِكَ أكُولةٌ؟ فَيُقَال: لَا إِلاَّ شَاةٌ واحدةٌ.
يقالُ هَذَا من الأكُولة، وَلَا يُقَال للواحدة هَذِه أكولة.
وَيُقَال: مَا عِنْدَهُ مِئَةُ أكَائِلَ، وعندَه مِئَةُ أكولة.
وَقَالَ الفرّاء: هِيَ أكولةُ الرّاعِي، وأكِيلةُ السَّبُعِ.
قَالَ: وأَكِيلَةُ السَّبُعِ: الَّتِي يأكلُ مِنْهَا، وتُسْتَنْقَذُ مِنْهُ.

(10/200)


وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ أَكِيلَةُ الذِّئْبِ، وَهِي فَرِيستُه.
قَالَ: والأكُولةُ من الغَنَم خَاصَّة وَهِي الواحدةُ إِلَى مَا بَلَغَتْ وَهِي القَواصِي، وَهِي العاقرُ، والهَرِمُ والْخَصِيُّ من الذِّكَارَةِ، صغَاراً أَو كِبَاراً، وجمعُها: الأكَائِلُ.
(اللحياني) : إِنَّهُ لَيَجِدُ أَكِلَةً، عَلَى فَعِلَةٍ، وأَكْلَةً، وأُكَالاً أَي حِكَّةً.
قَالَ: وَيُقَال: كَثُرَتِ الآكِلَةُ فِي أرضِ بني فلانٍ، أَي كثُرَ مَن يَرْعَى، وناقةٌ أكِلةٌ على فَعِلَةٍ إِذا وَجَدَتْ أَلَماً فِي بطْنِهَا من نَبَاتِ وَبَرِ جَنِينِها.
والإكْلَةُ: الحالُ الَّتِي يأكلُ عَلَيْهَا مُتَّكئاً أَو قاعِداً.
والتأكُّلُ: شِدَّةُ بَرِيقِ الكُحْلِ إِذا كُسِرَ، والفِضَّةِ أَو الصَّبرِ.
وَيُقَال: فلانةُ أكِيلَتي للمرأةِ الَّتِي تُؤَاكِلُكَ.
وإنَّهُ لَعَظِيمُ الأكْلِ من الدُّنْيَا أَيْ عظيمُ الرِّزْقِ.
والأكْلُ: الطُّعْمَةُ: يُقَال: جَعَلْتُه لَهُ أُكْلاً أَي طُعْمَةً.
وَيُقَال: مَا هُمْ إِلَّا أَكَلَةُ رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ مَا يُشْبِعُهم رَأْسٌ.
والأكولةُ: الشَّاةُ تُنْصَبُ للأسَد أَو الذِّئْب أَو الضّبُع يُصَادُ بهَا.
وَأما الَّتِي يَفْرِسُها الأسدُ فَهِيَ أَكِيلةٌ.
وَيُقَال: أكَّلْتَنِي مَا لمْ آكُلْ، وآكلْتَنِي مَا لمْ آكُلْ.
وَيُقَال: أَلَيْسَ قَبِيحاً أَنْ تُؤَكِّلَنِي مَا لمْ آكُلْ؟
وَيُقَال: قد أَكَّلَ فلانٌ غَنمِي وشَرَّبَها.
ويقالُ: ظَلّ مالِي يُؤَكَّلُ ويُشَرَّبُ.
ورَجُلٌ أُكَلَةٌ: كثيرُ الْأكل.
وَيُقَال: أُكُلُ بُسْتَانِكَ دائمٌ، وأُكُلْهُ: ثَمَرُه.
وَيُقَال: شاةٌ مَأْكلَةٌ، ومَأكُلَةٌ.
والمِئْكَلَةُ: ضَرْبٌ من البِرَامِ، وضَرْبٌ من الأقْدَاحِ، وكلُّ مَا أُكِلَ فِيهِ فَهُوَ المِئكَلَة، والجميعُ: المآكِلُ.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: الْحَمد لله الَّذِي أَغنانا بالرِّسْلِ عَن الْمَأكَلَةِ.
قَالَ: وَهِي المِيرَةُ، وَإِنَّمَا يَمْتَارُونَ فِي الجَدْبِ.
وَقَالَ الليثُ: الآكالُ: جماعةُ الآكِلِ. والأكْلُ: مَا جَعَلَهُ الملُوكُ مأكَلَةً، والأكْلُ: الرِّعْيُ أَيْضا.
قَالَ: وأَكُولَةُ الرّاعي الَّتِي يُكْرَهُ للمُصَدِّقِ أَنْ يأخذَها، هِيَ الَّتِي يُسَمِّنُها الرّاعِي.
والْمَأكلَةُ: مَا جُعِلَ للْإنْسَان لَا يحاسَبُ عَلَيْهِ.
قَالَ: والنارُ إِذا اشتَدّ التِهابُها كأَنَّها تأكلُ

(10/201)


بعضَها. يُقَال: ائْتَكَلَتِ النَّارُ، والرَّجُلُ إِذا اشْتَدَّ غضبُهُ يأتَكِلُ، واحتَجَّ بقول الأعْشَى. والرجُلُ يَسْتَأكِلُ قوما أَي يأكلُ أَمْوالهم من الإسْنَاتِ.
والْمُؤْكِلُ: الْمُطْعِمُ، وَفِي الحَدِيث: (لُعِنَ آكِلُ الرِّبَا ومُؤْكِلُهُ) .
والآكالُ: مَآكِلُ المُلوكِ.
(أَبُو سَعِيدٍ) : رجُلٌ مُوكَلٌ أَي مرزوقٌ، وأنشدَ:
مُنْهَرِتِ الأشْدَاقِ عَضْبٍ مُؤْكَلِ
فِي الآهِلِينَ واخْتِرَامِ السُّبَّلِ
آكَلْتُ بينَ القومِ أَي حرَّشْتُ وأَفْسَدْتُ.
وأكلَ فلانٌ عُمْرَهُ إِذا أَفْنَاهُ، وَقَالَ الجعديُّ:
سَأَلَتْنِي عَن أُنَاسٍ هَلَكُوا
شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِم وأَكَلْ
قَالَ أَبُو عمرٍ وَيَقُول: مَرَّ عَلَيْهِم، وَهُوَ مَثَلٌ.
وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ شَرِبَ النّاسُ بعدَهمُ وأكَلُوا.
أَلَك: قَالَ اللَّيْث الألُوكُ: الرِّسالةُ، وَهِي المأْلُكَةُ، على مَفْعُلَةٍ سُمِّيَتْ ألُوكاً لأنّه يُؤْلَكَ فِي الفَمِ، مُشْتَقٌّ من قولِ الْعَرَب: الفرسُ يألُكّ اللِّجَامَ، والمعروفُ: يَلُوكُ أَو يَعْلُكُ أَي يَمْضَغُ.
وَقَالَ غيرُه: جاءَ فلانٌ وَقد اسْتَالَكَ مالُكَتَه أَي حَمَلَ رسالَتَه.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : هِيَ المأْلُكَةُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت مِثْلَه، قَالَ: والمَلأكَةُ على القَلْبِ.
والمَلاَئِكَةُ: جَمْعُ مَلأَكَةٍ ومَلأَكٍ، ثُمّ تُرِكَ الهَمْزُ، فقيلَ: مَلَك فِي الوُحْدَانِ، وأَصْلُه مَلأَكٌ كَمَا ترى، وَأنْشد:
فَلَسْتَ لإنْسِيَ ولكِنْ لِمَلأكٍ
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ
لكَي: (أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرٍ و) : لَكِيَ بِهِ لكًى، مَقْصُوراً إِذا لَزِمَهُ.
وَقَالَ شمرٌ: لَكِيَ بِهِ إِذا أُولِعَ بِهِ.
وَقَالَ رؤبةُ:
والمِلْغُ يَلْكَى بالكلامِ الأمْلَغِ
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : لَكِئْتُ بِهِ: لَزِمْتُه، جَاءَ بِهِ مهموزاً.
لكأ: وَقَالَ اللَّيْث: لكَأْتُهُ بالسَّوْطِ لكْأً إِذا ضربْتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: تلَكَّأتُ عَلَيْهِ تلكُّؤاً إِذا اعْتَلَلْت عَلَيْهِ وامْتَنعت.
وكل: قَالَ ابْن الأنباريّ فِي قَوْلهم: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمرَان: 173) يَقُول كافِينَا الله وَنعم الكافِي، كَقَوْلِك: رَازِقُنا اللَّهُ ونِعْمَ الرَّازِقُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْل الله {أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً} (الْإِسْرَاء: 2) .

(10/202)


قَالَ، يُقَال: ربّاً، وَيُقَال: كافِياً.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وقيلَ: الوكِيلُ: الحافِظُ، وقيلَ: الوَكيلُ: الكَفيلُ، فَنِعْمَ الكفيلُ اللَّهُ بأرْزَاقِنا.
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ: الوكيلُ فِي صِفةِ الله جلّ وعزّ: الَّذِي توكَّل بالقِيَامِ بِجَمِيعِ مَا خَلَق.
وَقَالَ اللحْياني: رجُلٌ وَكَلٌ إِذا كانَ ضَعيفاً ليْس بنَافِذٍ.
وَيُقَال: رَجُلٌ مُوَاكِلٌ أَي لَا تَجِدُهُ خَفيفاً، بِغَيْر هَمْزٍ.
وَيُقَال: فِيهِ وَكَالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادَةٌ.
وَيُقَال: قدِ اتَّكلَ فُلانٌ عَلَيْكَ، وأَوْكَل عليكَ فلانٌ بمعْنًى واحدٍ.
ويقالُ: قَدْ أوْكلْتَ على أخِيكَ العَمَلَ: خلَّيْتَه كلَّهُ عَلَيْهِ.
ورجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كَانَ يَكِلُ أمْرَه إِلَى النّاسِ.
ورجُلٌ تُكَلَة إِذا كانَ يَتَّكِلُ على غيرِه.
وَقَالَ غَيره: المتوَكِّلُ على الله: الَّذِي يعلمُ أَن الله كافِلُ رزْقِهِ وأَمْرِه فاطْمَأنَّ قلْبُه على ذَلِك، وَلم يَتَوَكلْ على غَيره.
وغُرْفةُ مَوْكَل: موضعٌ باليَمَنِ ذَكَرَه لبيد فَقَالَ:
وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الَّذِي أَلْفَيْنَهُ
قد كَانَ خُلِّدَ فَوْق غُرْفَةِ مَوْكَلِ
وجاءَ مَوْكَلٌ على مَفْعَلٍ نَادِراً فِي بابِه، والقياسُ: مَوْكِلٌ.
(أَبُو عبيد) : وَاكَلَتِ الدَّابَّةُ وِكالاً إِذا أساءَت السَّيْرَ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المُوَاكِلُ من الخَيْلِ: الَّذِي يَتَّكلُ على صاحبِهِ فِي العَدْوِ.
وَكِيلُ الرَّجُل: الَّذِي يقومُ بأمْره، سُمِّيَ وَكِيلاً، لأنَّ مُوَكِّلَه بِهِ قد وَكلَ إِلَيْهِ القِيَامَ بأمْرِه فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأمْرُ، والوَكِيلُ على هَذَا المعْنَى: فَعيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ.
ويُقالُ: اللَّهُمَّ لَا تكِلْنَا إِلَى أنفُسنَا طرْفَةَ عيْنٍ.
وقيلَ: الوَكِيلُ: رَبُّ الإبِل.
لوك: (شمرٌ) : مَا ذُقْتُ عِنْده لَوَاكاً أَي مَضَاغاً، مِنْ لاكَ يَلُوكُ إِذا مَضغَ.
وَقَالَ الليثُ: اللَّوْكُ: المَضْغُ للشَّيْء الصُّلْبِ المَمْضَغةِ، وإدَارَتُه فِي الفَم: لَوْكٌ، وَأنْشد:
ولَوْكُهُمُ جَذْلَ الحصَى بِشِفَاهِهِم
كَأنَّ على أكْتَافِهِمْ فِلَقاً صَخْرَا
ك ن (وَا يء)
كُنَّا، كَون، كين، كَأَن، وَكن، أَنَّك، نكأ، (نكي) ، نوك، نيك، أكن: (مستعملة) .
كُنَّا: قَالَ اللَّيْث: كنَى فُلانٌ عَن الكلمَة المُستَفْحَشَةِ يَكني إِذا تكلّمَ بغَيْرهَا مِمَّا

(10/203)


يُسْتَدلُّ بِهِ عَلَيْهَا، نَحْو الرّفَثِ والغائِط وَنَحْوه.
وَفِي الحَدِيث (مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجاهِليّة فَأَعِضُّوهُ بأيْرِ أبِيهِ وَلَا تَكْنُوا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد يُقالُ: كَنَيْت الرَّجُلَ، وكَنَوْتُه: لُغتان. وأنشدني أَبُو زِيَادٍ:
وإِنِّي لأكْنِي عَنْ قَذُورَ بغَيْرهَا
وأُعْرِبُ أَحْيَاناً بهَا وأُصَارِحُ
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ أَهْل البَصْرَة: فلانٌ يُكْنَى بِأبي عَبْد الله.
وَقد قَالَ غَيْرُهُمْ: فلانٌ يُكْنَى بِعَبْد الله.
وروى أَبُو العَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنّه قَالَ: أَفْصحُ اللُّغاتِ أَنْ تَقول: كُنِّيَ أَخُوكَ بعَمرٍ و، والثَّانيَةُ: كُنِّيَ أَخُوكَ بأَبِي عمرٍ و، الثالثةُ: كُنِّيَ أَخُوكَ أَبا عَمْرٍ و.
قَالَ: وَيُقَال: كَنَيْتُه وكَنَوْتُه، وأكْنَيْتُه، وكَنَّيْتُه، وكَنَيْتُ عَن اللَّفْظِ القَبِيح بلَفْظٍ أَحْسَنَ مِنْهُ.
وتُكْنَى: من أَسْمَاءَ النِّسَاءِ وَقَالَ الرَّاجزُ:
خيَالُ تُكْنَى، وخَيَالُ تُكْتَمَا
وَقَالَ غيرُه: الكُنْيَةُ على ثَلَاثَة أَوْجُهٍ، أحدُهَا: أَنْ يُكْنَى عَن الشيءِ الَّذِي يُسْتَفْحَشُ ذِكْرُه كالنَّيْكِ يُكْنَى عَنهُ بالنِّكَاحِ والجِمَاِع، والبِضَاع، وَمَا أَشْبَهَها، وَالثَّانِي: أَنْ يُكْنَى الرّجُلُ باسْمٍ، توْقِيراً وتَعْظِيماً، والثالثُ: أَنْ تقومَ الكُنْيَةُ مقامَ الاسْمِ، فيُعْرَفَ صَاحِبُها بهَا كَمَا يُعْرَفُ باسْمِه كأَبِي لَهَبٍ، اسْمُه: عَبْدُ العُزَّى، وعُرِفَ بكُنْيَتِه فسَمَّاهُ اللَّهُ بهَا.
كَون كين: قَالَ الْفراء، يُقَال: باتَ فلانٌ بِكينَةِ سَوْءٍ وبحِيبَةِ سَوْءٍ أَي بحالِ سَوْءٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : كأَنْتُ: اشْتَدَدْتُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: أَكَانَهُ اللَّهُ يُكِينُه إكانةً أَي أَخْضَعَه حَتَّى اسْتَكَانَ، وَقد أَدْخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ مَا أَكانَه، وَأنْشد:
لَعَمْرُكَ مَا تَشْفِي جِرَاحٌ تُكِينُه
ولكِنْ شِفَائِي أَنْ تَئِيمَ حَلاَئِلُهْ
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 76) من هَذَا أَي مَا خَضَعُوا لربّهم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: استكانَ فلانٌ إِذا خضع، فِيهِ قَوْلاَنِ، أحدُهُما أَنَّه من السّكِينَةِ، وكانَ فِي الأصْلِ: اسْتَكَنَ. وَهُوَ افْتِعَالٌ من سَكَنَ فَمَدَّوا اسْتَكَنَ لمَّا انْفَتَحَ الكَافُ مِنْهُ بألِفٍ، كَمَا يَمُدُّونَ الضَّمَّةَ بالواوِ، والكسرةَ بالياءِ، كَقَوْلِه
(فأنْظُورُ) أَي فانْظُرُ وَكَقَوْلِه: شِيمَالٌ فِي مَوضِع الشِّمَالِ، وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه استفعال من كانَ يَكونُ.
(قلت) : وَالَّذِي قَالَه أَبُو سعيد حَسَنٌ كأَنَّ الأصْلَ فِيهِ: الكِينَةُ، وَهِي الشِّدَّةُ والمَذَلَّةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَيْنَة: النَّبِقَةُ، والكَيْنَةُ: الكَفَالةُ.

(10/204)


وَقَالَ اللحياني: كَيْنُ المرْأَةِ: بُظَارَتُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَيْنُ، وجمْعه: الكُيُونُ: غُدَدٌ دَاخِلَ قُبُلِ المرأَةِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُكْتَانُ: الكَفيلُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: اكْتَنْتُ بِهِ اكْتِياناً، والاسمُ مِنْهُ: الكِيَانَةُ، وكُنْتُ عَلَيْهِم أكُونُ كَوْناً: مِثْله من الكَفَالة أَيْضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : التَّكَوّنُ: التَّحَرُّكُ، تقولُ العربُ لِمَنْ تَشْنَؤُهُ: لَا كانَ ولاَ تَكَوَّنَ، لَا كانَ: لَا خُلِقَ، وَلَا تكَوَّنَ: لَا تَحَرَّكَ أَي ماتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْنُ: الحَدَثُ، يكونُ من النّاس، وَقد يكونُ مصدرا من كانَ يكُونُ، كَقَوْلِهِم: نَعُوذُ بِاللَّه من الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ أَي نَعُوذُ بِاللَّه مِن رُجُوعٍ بَعْدَ أَن كَانَ؛ ومِنْ نَقْصٍ بعد كَوْنٍ قَالَ: والكائنة أَيْضا: الأمْرُ الحادِثُ.
قَالَ: والكَيْنُونَةُ: فِي مصدر كَانَ يكونَ: أَحْسَنُ.
وَقَالَ الفرّاء: العربُ تَقول فِي ذَوَات اليَاءِ مِمَّا يُشْبِهُ: زِغْتُ، وسِرْتُ وطِرْتُ طَيْرُورةً، وحِدْتُ حَيْدُودةً، فِيمَا لَا يُحْصَى من هَذَا الضَّرْبِ، فأَمّا ذَوَاتُ الواوِ مثل: قُلْتُ، ورُضْتُ، فَإِنَّهُم لَا يقولونَ ذَلِك، وَقد جاءَ عَنْهُم فِي أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، مِنْهَا: الكَيْنُونَةُ من كُنْتُ، والدَّيْمُومَةُ من دُمْتُ، والهَيعُوعَةُ من الهُوَاعِ، والسَّيْدُودَةِ من سُدْتُ، وكانَ يَنْبَغِي أَن يكونَ، كَوْنُونةً، وَلكنهَا لما قَلّتْ فِي مصَادر الْوَاو، وَكَثُرت فِي مصَادر اليَاءِ ألحقوها بِالَّذِي هُوَ أَكثر مجيئاً مِنْهَا إِذا كَانَت الْوَاو وَالْيَاء متقارِبَي المَخْرَجِ، قَالَ: كانَ الْخَلِيل يقولُ: كَيْنُونَةٌ: فَيْعُولةٌ، هِيَ فِي الأصْلِ: كَيْوَنُونَةٌ، الْتَقَتْ مِنْهَا ياءٌ وَوَاوٌ، وَالْأولَى مِنْهُمَا ساكِنَةٌ فَصُيِّرَتَا يَاء مُشَدَّدَةً، مثل مَا قالُوا الهَيِّنُ من هُنْتُ ثمَّ خَفَّفُوها فقالُوا: كَيْنُونة، كَمَا قَالُوا هَيْنٌ لين.
قَالَ الْفراء، وَقد ذهب مَذْهَباً، إلاَّ أَنَّ القولَ عِنْدِي هُوَ الأولُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كانَ إِذا كَفَلَ، وكانَ يَدُلُّ على خَبَرٍ ماضٍ فِي وسطِ الْكَلَام وآخرِه، وَلَا يكون صِلَةً فِي أوَّلِه، لأنّ الصّلَةَ تابعةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ؛ وكانَ فِي معنى جاءَ كَقَوْل الشَّاعِر:
إذَا كانَ الشِّتَاءُ فأَدْفِئونِي
فإنَّ الشَّيْخَ يَهْدِمُهُ الشِّتَاءُ
وكانَ تأتِي باسْمِ وَخبر؛ وَتَأْتِي باسمٍ واحدٍ وَهُوَ خَبَرُها؛ كَقَوْلِك: كانَ الأمْرُ. وكانتِ القِصَّةُ؛ أَي وَقَعَ الأمْرُ؛ ووَقَعَتِ القِصَّةُ، وَهَذِه تُسَمَّى التَّامَّةَ المكْتفيَة، وَكَانَ يكونُ جَزَاءً.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتَلَفَ النّاسُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَان

(10/205)


َ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً} (مَرْيَم: 29) .
فَقَالَ بَعضهم: كانَ هَاهُنَا صِلة، ومعناهُ: كيفَ نُكلِّمُ مَنْ هُوَ فِي المهْدِ صبيّاً.
قَالَ وَقَالَ الْفراء: كَانَ هَاهُنا شَرْط، وَفِي الْكَلَام تعَجُّبٌ وَمَعْنَاهُ: من يَكُنْ فِي المهْدِ صبيّاً، فكيْفَ يُكلَّمُ؟ .
وأَمَّا قولُ الله جلَّ وعزَّ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (النِّسَاء: 96) وَمَا أَشْبَههُ فإنّ أَبَا إسحاقَ الزّجاج قَالَ: اختَلف الناسُ فِي كَانَ.
فَقَالَ الحسنُ البصْرِيُّ: كَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً لعبَادِهِ وَعَن عِبَادِه، قبل أَنْ يَخْلُقَهُمْ.
وَقَالَ النحويونَ البصريون: كأنَّ الْقَوْم شاهدُوا من الله رَحمَةً، فأُعْلِمُوا أَن ذَلِك لَيْسَ بحادث، وأَنَّ الله لم يَزْلَ كَذَلِك.
وَقَالَ قومٌ من النَّحْوِيين: كانَ وفَعلَ من الله جلّ وعزّ بمنْزِلَةِ مَا فِي الْحَال فَالْمَعْنى وَالله أعلم وَالله عَفُوٌّ غَفُورٌ.
قَالَ أَبُو إسحاقَ: وَالَّذِي قَالَ الحَسَنُ وَغَيره أَدْخَلَ فِي العربيَّة وأَشْبَه بِكَلَام الْعَرَب، وَأما القولُ الثَّالِث فَمَعْنَاه يؤُولُ إِلَى مَا قَالَه الْحسن وسيبويه، إلاَّ أَن كَون الْمَاضِي بِمَعْنى الْحَال يقلُّ، وصاحبُ هَذَا القَوْل لَهُ من الحُجَّةِ: قولُنَا: غفرَ الله لفلانٍ، بِمَعْنى ليَغْفِرَ الله لَهُ، فلمّا كَانَ فِي الْحَال دليلٌ على الاستقبَالِ، وقَعَ الْمَاضِي مُؤدّياً عَنْهَا اسْتِخْفَافاً لِأَن اخْتِلاَفَ ألْفاظ الأفعَالِ إنّما وقعَ لاختلافِ الأوقاتِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمرَان: 110) أَي أنْتُمْ خَيْرُ.
قَالَ وَيُقَال: معناهُ: كنْتُم خَيْرَ أُمَّةٍ فِي علم الله.
وَقَالَ اللَّيْث: المكانُ، اشْتِقَاقُه من كَانَ يكون، وَلكنه لما كثُر فِي الْكَلَام صَارَت الْمِيم كَأَنَّهَا أصليّةٌ.
قَالَ: والكانُونُ، إِن جعلْتَه منَ الكِنّ فَهُوَ (فاعُولٌ) ، وَإِن جعلْتَهُ (فَعَلُولاً) على تقديرِ قَرَبُوسٍ فالألف فِيهِ أصليَّةٌ، وَهُوَ من الواوِ. وسُمِّيَ بِهِ مَوْقِدُ النارِ.
وَقد مرَّ تفسيرُ الكانُونِ وَمَا قِيلَ فِيهِ فِي (بَاب كَنَّ يكِنُّ) من مضاعَفِ الْكَاف.
كأنَّ: قَالَ النحويون: (كأَنَّ) أصلُها (أَنَّ) أُدْخِلَ عَلَيْهَا كافُ التَّشْبِيه وَهُوَ حرف تَشْبِيه وَالْعرب تنصبُ بِهِ الاسمَ، وترفَعُ خبرَه، وَقد قَالَ الْكسَائي: تكونُ (كأَنَّ) بِمَعْنى الجحْدِ كَقَوْلِك: كأَنَّكَ أمِيرُنا فتأْمُرَنَا، معناهُ لست أميرنَا.
قَالَ: وكأنَّ أُخرى بِمَعْنى التَمني كَقَوْلِك كأنّك بِي قَدْ قلتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معناهُ: لَيْتَنِي قد قلت الشِّعْرَ فأُجِيدَه، وَلذَلِك نُصبَ فأُجِيدَه.
وَقَالَ غَيره: تَجيءُ بِمَعْنى العِلْم والظّنِّ

(10/206)


كَقَوْلِك: كأنَّ الله يَفْعَلُ مَا يشاءُ، وكأنّكَ خارجٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن المبَرَّدِ عَن الرياشيّ عَن أبي زيدٍ أَنه قَالَ: سَمِعت الْعَرَب تُنشِدُ هَذَا الْبَيْت:
ويَوْمٍ تُوَافِينَا بوجْهٍ مقسَّمٍ
كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى نَاضِرِ السَّلَمْ
ورُوِي: كأَنْ ظَبيَةٍ، وكأَنْ ظَبيَةٌ، قَالَ: فَمن رواهُ: كأَنْ ظبيَةً أَرَادَ كأَنَّ ظبيَةً فخفَّفَ وأَعْمَلَ.
وَمن رواهُ: كأَنْ ظبيةٍ، أرادَ: كظَبيَةٍ.
وَمن رواهُ كأَنْ ظَبْيَةٌ أرادَ كأَنها ظَبيَةٌ فَخَفَّفَ وأَعْمَل مَعَ الكِنَايةِ.
(الخزَّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أنهُ أنْشد:
كَأَمَّا يَحْتَطِبْنَ عَلَى قَتَادٍ
ويَسْتَضْحكْنَ عَن حَبِّ الغمامِ
قَالَ يريدُ: كأَنَّمَا فَقَالَ: كأَمّا.
وَكن أكن: شمرٌ عَن أبي عَمْرو: الواكِنُ من الطيْرِ: الواقعُ حَيْثُمَا وَقع: على حَائِط أَو عودٍ أَو شجرٍ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الوكْنَةُ: موضعٌ يقعُ عَلَيْهِ الطائرُ للراحةِ، وَلَا يبيتُ فِيهِ.
قَالَ: والتوكُّنُ: حُسْنُ الاتّكَاءِ فِي الْمجْلس. وَأنْشد غَيره:
قلتُ لَها إيّاكِ أَنْ تَوَكَّنِي
فِي جِلْسَةٍ عِنْدِيَ أَو تَلَبَّنِي
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَوْقِعَةُ الطَّائِر: أُقْنَتُهُ، وَجَمعهَا: أُقَنٌ، وأُكْنتُه: موضعُ عُشِّه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ الوُكْنَةُ، والأُكْنَةُ، والوُقْنَةُ، والأُقْنَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَكَنَ الطَّائرُ يكنُ وكُوناً إِذا حَضَنَ على بيضته، فَهُوَ واكِنٌ، والجميعُ وكُونٌ، وَأنْشد:
يذكّرُني سَلْمَى، وَقد حيلَ دُونَهَا
حمامٌ على بَيْضاتِهِنّ وُكُونُ
والمَوْكِنُ: هُوَ الموضِع الَّذِي تكنُ فِيهِ على البَيْضِ، والوُكْنَةُ: اسمٌ لكل وَكْرٍ وعُشَ والجميعُ: الوُكُناتُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الوَكْر، والوَكْنُ جَمِيعًا: المكانُ الَّذِي يدخُلُ فِيهِ الطائرُ، وَقد وَكَنَ يكِنُ وَكْناً.
(قلت) : وَقد يُقَال لمَوْقِعَةِ الطائرِ وَمِنْه قولُ الراجز:
تَرَاهُ كَالبَازِي انْتَمى فِي المَوْكِنِ
(أَبُو عبيد عَن الأمويّ) : أَنه أنْشدهُ:
إنّي سَأُودِيكَ بسَيْرٍ وكْنِ
وَهُوَ الشديدُ.
وَقَالَ شمرٌ: لَا أَعرفه.
أَنَّك: فِي الحَدِيث: (مَنِ اسْتَمَعَ لحَدِيثِ قَوْمٍ هُمْ لَهُ كَارهُونَ صُبَّ فِي أُذُنيْهِ الآنُكُ يَوْمَ

(10/207)


القِيَامَةِ) .
قَالَ القُتَيْبيُّ: الآنُكُ: الأسْرُبُّ.
(قلت) : وأحسِبُهُ معَرَّباً، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر العربيّ:
... . . بأرْطَال آنُكِ
والقِطْعةُ الواحدةُ: آنكَةٌ.
قَالَ رؤبة:
فِي جِسْمِ خَدْلٍ صَلْهَبِيّ عَمَمُهْ
يأنك عَن تفئيمه مُفَأَّمُهْ
قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أَدْرِي مَا يأنك.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يأنك: يعظم.
نكأ نكي: قَالَ اللَّيْث: نكأتُ الجِرَاحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها بَعْدَمَا كادتْ تَبْرَأُ ونكَأْتُ فِي العَدُوَّ نَكْأً.
قَالَ: ولُغَة أُخَرى: نَكَيْتُ فِي العَدُوِّ نِكَايةً.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي تُهْمَزُ فَيكون لَهَا معنى، وَلَا تهمَزُ فَيكون لَهَا معنى آخر: نَكَأْتُ القُرْحَةَ أَنْكَؤُهَا نَكْأً إِذا قَرَفْتَها.
وَقد نكَيْتُ فِي العدُوِّ أَنْكِي نِكَاية إِذا هزَمْتَهُ وغَلَبْتَه، فَنَكِيَ يَنْكَى نَكىً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال فِي الدعاءِ للرّجُلِ: هَنِئْتَ وَلَا تُنْكَهْ، أَي أَصَبْتَ خيرا، وَلَا أصابكَ الضُّرُّ، يدْعُو لَهُ.
قَالَ أَبُو الهَيْثَمِ، يُقَال فِي المثلِ: لَا تَنْكَهْ؛ وَلاَ تُنْكَهْ جَمِيعًا.
فَمن قَالَ: لَا تَنْكَهْ، فالأصلُ: لَا تَنْكَ بِغَيْر هاءٍ، فَإِذا وُقِفَ على الكافِ اجْتمع ساكنان فحُرِّك الكافُ، وزيدَتِ الهاءُ بِسُكُون عَلَيْهَا.
قَالَ: وقولُهم: هَنِئْتَ أَي ظفِرْتَ، بِمَعْنى الدعاءِ لَهُ.
وَقَوْلهمْ: لَا تُنْكَ، أَي لَا نكِيتَ، أَي لَا جعلكَ اللَّهُ مَنكِياً مُنْهزماً مَغْلُوبًا.
(ابْن شُمَيْل) : نَكَأْتُه حَقَّه نَكْأً أَي قَضَيتُه، وازْدَكأْتُ مِنْهُ حَقّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه.
ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً: يَقْضى مَا عَلَيْهِ.
نوك: قَالَ اللَّيْث: النُّوكُ: الحُمْق، والأنْوَكُ: الأحمَقُ، وَجمعه: النَّوْكَى.
قَالَ: ويجوزُ فِي الشّعْر: قومٌ نُوكٌ، والنَّوَاكَةُ: الحماقةُ، واسْتَنْوَكْتُه: اسْتَحمَقْتُه.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: فلانٌ أَنْوَكُ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الأنْوَكُ. الْعَاجِز الجاهلُ.
قَالَ: والنُّوكُ عِنْد الْعَرَب: العجزُ، وَالْجهل.
وَأنْشد:
واسْتَنْوَكَتْ وللشَّبَابِ نُوكُ
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: الأنْوَكُ: العَيِيُّ فِي كلامِه.
وَأنْشد:

(10/208)


فَكُنْ أَنْوَكَ النّوْكَى إِذا مَا لقِيتَهُمْ
نيك: قَالَ اللَّيْث: النَّيْكُ: معروفٌ، والفاعلُ: نائكٌ، وَالْمَفْعُول بِهِ: مَنِيكٌ ومَنْيوكٌ، وَالْأُنْثَى: منيُوكةٌ.
ك ف (وايء)
كفي، كفأ، كوف، كَيفَ، وكف، أفك، أكف.
كفي: قَالَ اللَّيْث: كَفَى يَكْفِي كِفَايةً إِذا قامَ بالأمْرِ، واسْتَكْفَيْتُه أَمْراً فكفَانِيهِ، وَيُقَال: كفاكَ هَذَا الأمرُ أَي حَسْبُكَ، وكفاكَ هَذَا الشيءُ، وتقولُ: رأيْتُ رَجُلاً كافِيَكَ مِنْ رَجُلٍ، وَرَأَيْت رَجُلَيْنِ كافِيَيْكَ مِنْ رجُلَيْنِ، ورأيتُ رِجَالاً كافِيكَ من رِجَالٍ، معناهُ: كفاكَ بِهِ رجُلاً.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً} (النِّسَاء: 45) وَمَا أَشْبَهَه فِي الْقُرْآن، معنى البَاءِ: التوكيد، والمعْنَى: كَفَى اللَّهُ، إلاَّ أَنَّ البَاءَ دَخَلَتْ فِي اسْمِ الْفَاعِل، لأنَّ معنى الكلامِ الأمْرُ، المعنَى: اكْتفَوا بِاللَّه وَلِياً، قَالَ: وَوَلِيّاً، مَنْصُوبٌ على الحَالِ، وقِيلَ على التَّمْييز.
وَقَالَ فِي قَوْله: {الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ} (فصلت: 53) معناهُ: أَو لَمْ يَكْفِ ربَّكَ، أولَمْ تَكْفِهِمُ شَهادَةُ رَبِّكَ، ومعنَى الكِفَايَةِ هاهُنَا: أنَّه قد بَيّنَ لَهُم مَا فِيهِ كفايَةٌ فِي الدّلالةِ على توحيده.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : هَذَا رَجُلٌ كافِيكَ من رَجُلٍ وناهِيكَ مِنْ رجُلٍ، وجازِيكَ مِنْ رَجُلٍ، وشَرْعُكَ مِنْ رَجُلٍ، كلُّه بِمَعْنى وَاحِدٍ.
(اللَّيْث) : الكِفْيُ: بَطْنُ الوَادِي، والجميعُ: الأكْفَاءُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكُفَى: الأقْوَاتُ، وَاحِدَتُها: كُفْيَةٌ.
وَيُقَال: فلانٌ لَا يَمْلِكُ كُفَى يَوْمِه، على مِيزَانِ هُدًى أَي قُوتَ يَوْمِه، وَأنْشد:
ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ مِنْ دُونِنَا كُفًى
كفأ: (ابْن هانىء عَن أبي زيد) : سمعْتُ امْرَأَةً من عُقَيْلٍ وَزَوْجَهَا يَقْرءان (لم يلد وَلم يُولد، وَلم يكن لَهُ كُفىً أحد) (الْإِخْلَاص: 3، 4) فألْقَى الهَمْزَةَ وحَوَّلَ حَرَكَتها على الفَاءِ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: (وَلم يكن لَهُ كُفؤًا أحد) (الْإِخْلَاص: 3) ، فِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، القِراءَةُ مِنْهَا بثلاثةٍ، (كُفُؤاً) ، بِضَم الكافِ والفاءِ، (كُفْؤاً) ، بِضَم الْكَاف وسكونِ الفاءِ، وَ (كِفْأً) بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون الفاءِ، ويجوزُ: (كِفَاءً) بكسرِ الْكَاف والمَدِّ، وَلم يُقْرَأ بهَا، ومَعْناهُ: وَلم يكنْ أحَدٌ مِثلاً لله جلّ وعزَّ، وَيُقَال: فلانٌ كَفِيءُ فلانٍ وكُفُؤُ فلانٍ، وَقَرَأَ ابنُ كثيرٍ، وابنُ عامرٍ وَأَبُو عمرٍ و، وَالْكسَائِيّ وَعَاصِم (كُفُؤاً) مُثقَّلاً مهموزاً وَقَرَأَ حَمْزَة. (كُفْؤاً) ، بِسُكُون الفاءِ مَهْمُوزاً، وَإِذا وَقَفَ قَرَأَ:

(10/209)


(كُفَى) بِغَيْر همزٍ، وَاخْتلف عَن نَافِع، فرُوِيَ عَنهُ (كُفُؤاً) مثل أبي عمرٍ وورُوِي (كُفْؤاً) مثل حَمْزَة.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِمَاؤهُمْ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُرِيدُ: تَتَسَاوَى فِي الدِّيَاتِ والقِصَاصِ فَلَيْسَ لشريفٍ على وضيعٍ فَضْلٌ فِي ذَلِك، وَفِي حديثٍ آخر فِي العَقيقَةِ (عَنِ الغُلاَمِ شَاتَانِ مُتَكافِئَتَانِ) يريدُ: مُتَساوِيَتَانِ، وكلُّ شيءٍ ساوَى شَيْئا حَتَّى يكونَ مثلَه فَهُوَ مُكَافِىءٌ لَهُ، والمُكَافَأَةُ بَيْنَ النَّاسِ من هَذَا، يقالُ: كافأْتُ الرجُلٍ أَي فعلتُ بِهِ مِثْلَ مَا فعلَ بِي، وَمِنْه: الكُفء من الرِّجَالِ للمَرْأَةِ، يقولُ: إنَّهُ مِثْلُها فِي حَسبها، وأَمَّا قَوْله عَلَيْهِ السَّلامُ: (لَا تَسْأَلِ المرأةُ طَلاَقَ أُخْتَها لِتَكْتفِىءَ مَا فِي صَحْفَتها، فإنَّمَا لَهَا مَا كُتِبَ لَهَا فإنّ معنى قَوْله: لتكْتفىءَ تَفْتعِلُ من كفَأْتُ القِدْرَ وغيرَها إِذا كبَبْتَها لِتُفْرِغَ مَا فِيهَا، والصَّحْفَةُ: القَصْعَةُ، وَهَذَا مَثَلٌ لإمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتِها من زَوْجِها إِلَى نَفْسِها لِيَصِيرَ حقُّ الأخْرى كلُّه من زوجِهَا لَهَا.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : كَفَأْتُ الإناءَ إِذا كبَبْتَهُ، وأَكْفَأْتُ الشيءَ إِذا أَمَلْتَه، وَلِهَذَا قيلَ أَكْفَأتُ القوسَ إِذا أمَلْتَ رأسَهَا وَلم تَنْصِبْها نَصْباً حَتَّى تَرْمِي عَنْهَا، وَأنْشد:
قطَعْتُ بهَا أرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِها
إذَا مَا عَلَوْهَا مُكْفَأً غَيْرَ ساجعِ
أَي مُمَالاً غير مستقيمٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَفَأْتُ الإناءَ كَفْأً إِذا قلبْتَهُ، وأكْفَأْتُ فِي مَسِيرِي إِذا مَا جُرْتَ عَن القَصْدِ، وَقَالَ فِي قَوْله:
... مُكْفَأً غير سَاجِعِ
السّاجِعُ: القاصدُ، والمُكْفَأُ: الجائرُ.
قَالَ: وأكْفَأْتُ الشِّعْرَ إكْفَاءً إِذا خالفْتَ بقوافِيه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة عَن أبي عَمْرو بن العلاءِ) قَالَ: والإكْفَاءُ: اختلافُ إعرابِ القوافِي.
(أَبُو زيد) : اسْتَكْفَأَ زيدٌ عمرا ناقَتَه سأَلَه أَنْ يهَبَهَا لَهُ، وَوَلَدَها وَوَبَرَها سنَةً.
وكَفَأْتُ القومَ كَفْأً إِذا مَا أَرَادُوا وَجْهاً فَصَرَفْتَهُم عَنهُ إِلَى غَيره.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة وَالْكسَائِيّ) : أَكْفَأْتُ إبِلي فلَانا إِذا جَعَلْتَ لَهُ أَوْبَارَها وأَلْبَانَها. وأَكْفَأْتُ إِبِلِي أَيْضا كَفْأَتَيْنِ، وبعضُهُم يقولُ: كُفْأَتَيْن، وَهُوَ أَنْ تجْعَلَ نِصْفَيْنِ، يَنْتِجُ كلَّ عامٍ نِصْفاً كَمَا يَصْنَعُ بالأرضِ بالزّراعة.
(ابْن السّكيت عَن أبي عمرٍ و) : يُقَال: نَتَج فلَان إبِلَهُ كفأَةً، وكُفأَةً، وَهُوَ أَنْ يُفَرِّقَ إِبِلَهُ، فَيُضْرِبُ الفَحْلَ العامَ إحْدَى الفِرْقَتَيْنِ ويَدَع الأخْرَى، فَإِذا كَانَ العامُ المُقْبِلُ أَرْسَلَ الفَحْلَ فِي الفِرْقَةِ الَّتِي لم تكن أَضْرَبَها الفَحْلَ فِي الْعَام الْمَاضِي، وتَرَكَ

(10/210)


الَّتِي كانَ أَضْرَبَها الفَحْلَ فِي الْعَام الآخَرِ؛ لِأَن أفضلَ النِّتاج أَن يُحْمَل على الإبِلِ الفَحْلُ عَاما وَأنْشد قولَ ذِي الرمةِ فِي ذَلِك:
تَرَى كَفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ وَلم يَحِدْ
لَهُ ثِيلَ سَقْبٍ فِي النِّتَاجَيْنِ لامِسُ
يَعْنِي أَنها نُتِجَتْ إِنَاثًا كلُّها.
وَأنْشد لكعب بن زُهَيْر:
إِذا مَا نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كُفْأَةٍ
بَغَاهَا خَنَاسِيراً فأهْلَكَ أَرْبَعا
قَالَ: وكَفَأتُ الإناءَ بِغَيْر ألِفٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أكْفَأْتُ: لُغَةٌ. قَالَ: وكَفَيْتُه مَا أَهَمَّه.
قَالَ: وأَكْفَأْتُ البَيْتَ فَهُوَ مُكْفَأٌ إِذا عَمِلْتَ لَهُ كِفَاءً، وكِفَاءُ البَيْتِ: مُؤَخَّرُهُ.
ورَوَى حَمَّادُ بن سَلَمَة عَن سِمَاكِ بن حَرْبٍ عَن الحارثِ بن أبي الْحَارِث الأزْدِي من أهل نَصِيبِينَ أنّ أَبَاهُ اشتَرَى مَعْدِناً بمئةِ شاةٍ مُتْبِعٍ فأَتَى أمه فاستأْمَرَهَا فَقَالَت: إنّكَ اشْتَرَيْته بثلاثمئةِ شَاة أُمُّها: مئةٌ وأولادُها: مئةُ شاةٍ، وكُفْأَتُها: مئةُ شاةٍ فنَدِمَ فاسْتَقَالَ صاحبَه فأَبَى أَن يُقِيلَهُ، فقَبَضَ المَعْدِنَ فأذابَه وأَخْرج مِنْهُ ثمَنَ أَلْفَيْ شَاة. فَأتى بِهِ صاحبُه إِلَى عليَ رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا الْحَارِث أصابَ رِكَازاً، فَسَأَلَهُ عليّ فأخبَرَهُ أَنه اشتراهُ بمئةِ شاةٍ مُتُبِعٍ، فَقَالَ عليّ: مَا أرى الخُمْسَ إِلَّا عَلَى البَائِع. فأخَذَ الخُمْسَ من الغَنَمِ.
أَرَادَ بالمُتْبِعِ الَّتِي يَتْبَعُها أولادُها.
وَقَوله: أثى بِهِ أَي وَشَى بِهِ وسَعَى بِهِ يأثُو أَثْواً.
والكُفْأَةُ: أَصْلُها فِي الْإِبِل كَمَا قَالَ أَبُو عمرٍ و، وَالْكسَائِيّ، وَأَبُو عبيدةَ، وَهُوَ أنْ تُجْعَلَ الإبلُ قِطعتين، يُرَاوَحُ بينَهما فِي النِّتَاجِ.
وَأنْشد شمر:
قَطَعْتُ إِبِلِي كُفْأَتَينِ ثِنْتَيْن
قَسمْتُها بِقِطعَتَيْنِ نِصْفَيْنِ
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهمَا فِي عامَيْن
أَنْتِجُ عَاما ذِي وهذِي يُعْفَيْنْ
وأَنتِجُ المُعْفَى من القَطِيعَيْن
مِن عامِنا الجَائِي، وتِيكَ يَبْقَيْن
(قلت) : لم يَزِدْ شمرٌ على هَذَا التَّفْسِير والمعنَى أَنَّ أَمَّ الرَّجُل جَعَلَتْ كُفْأَةَ مئةِ شاةٍ، كلّ نِتَاجِ: مئةً، وَلَو كَانَت إبِلا كَانَ كُفْأَةُ مئةٍ من الْإِبِل خمسينَ، لأنَّ الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فِيهَا وَقْتَ ضِرَابِهَا أَجمَع، وليستْ كَالْإِبِلِ يُحمَلُ الفحْلُ عَلَيْهَا سَنةً، وسَنَةً لَا.

(10/211)


وأَرادت أُمُّ الرَّجُلِ تكْثِيرَ مَا اشتَرَى بِهِ ابنُهَا، وإعْلاَمَهُ أَنه مَغْبُونٌ فِيمَا ابتَاعَ، ففَطَّنَتْهُ أَنَّه كأَنّه اشْترى المَعدِنَ بثلاثمئة شاةٍ فنَدِمَ ابنُها، واستقال بائعَه فأَبَى، وبارَك اللَّهُ لَهُ فِي المعدِنِ فحسده البائعُ على كثرةِ الرِّبح، وسَعَى بِهِ إِلَى عليّ رَضِي اللَّهُ عَنهُ، ليأْخُذَ مِنْهُ الْخُمسَ، فألْزَمَ الخُمْسَ البائعَ، وأَضَرَّ السَّاعِي بنفْسه.
(أَبُو نصر) : يُقَال: مالِي بِهِ قِبَلٌ وَلَا كِفَاءٌ أَي طاقةٌ على أَنْ أُكَافِئَه.
وَأنْشد:
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ بعضُهم: الإكْفَاءُ فِي الشِّعر هُوَ المُعاقَبةُ بَين الرَّاء واللاّم، أَو النُّون والميمِ.
(قلت) : والقَولُ فِيهِ مَا قَالَ أَبُو عمرٍ و.
وَقَالَ اللَّيْث: ورأيتُ فلَانا مُكْفَأَ الْوَجْه إِذا رأيتَهُ كاسف اللَّونِ ساهِماً.
وَيُقَال: كَانَ الناسُ مُجتمِعين فانكفَأُوا وانْكَفَتُوا إِذا انْهَزَمُوا.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: اسْتَكْفَأْتُ فلَانا نَخْلَة إِذا سأَلْتَهُ ثمرَها سنَةً، فجَعَل للنَّخْل كَفْأَةً، وَهُوَ ثمرُ سَنَتها، شُبِّهَتْ بكَفْأَة الْإِبِل.
وَأنْشد:
غُلْبٌ مَجَالِيحُ عِنْد المَحْلِ كُفْأَتُها
أَشْطَانُها فِي عِذَاب البحْرِ تَستَبِقُ
أَرَادَ بِهِ النَّخْلَ، وَأَرَادَ بأشطانِها: عُروقَها.
وَفِي صِفَةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنّه كَان إِذا مَشَى تَكَفَّأَ تَكفُّؤاً) .
فالتَّكفُّؤُ: التَّمايُلُ كَمَا تتكفَّأُ السَّفينةُ فِي المَاء يَمِينا وَشمَالًا، وكلّ شَيْء أَمَلْتَهُ فقد كَفَأْتَه.
وَيُقَال: أصبح فلانٌ كَفِيءَ اللّون: مُتَغَيِّره كأنّه كُفِىءَ، فَهُوَ مَكفوءٌ وكَفِىءٌ.
وَقَالَ دريدُ بن الصِّمَّةِ:
وأَسْمَرَ مِن قِدَاحِ النَّبْعِ فَرْعٍ
كَفِيءِ اللّوْن من مَسَ وضَرْسِ
أَي مُتَغيِّرِ اللَّون من كثرةِ مَا مُسِحَ وعُضَّ.
وَيُقَال: كافَأَ الرجلُ بينَ فارسَينِ برُمحِه إِذا وَالَى بَينهمَا، فطَعَنَ هَذَا ثمَّ هَذَا.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
نَحْرَ الْمُكافِىءِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
والْمَكْثُورُ: الَّذِي غلبَه الأقرانُ بكثرتهم، يَهتَبِلُ: يَحْتالُ للخلاص.
وَيُقَال: بنى فلَان ظُلَّةً يُكافىء بهَا عينَ الشَّمْس لِيتَّقِيَ حرّها.
وَقَالَ أَبُو ذَر: (لنا عَبَاءَتَان نُكافىءُ بهما عَنَّا عين الشَّمْس أَي نقابل بهما الشَّمْس، وَإِنِّي لأخشى فضل الْحساب) .
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سَنَامٌ أَكْفَأ: وَهُوَ الَّذِي مالَ عَلَى أَحد جنبَي البعيرِ، وناقةٌ كَفَآء وجملٌ أَكْفَأُ، وَهُوَ من أَهْون عيوبِ

(10/212)


البعيرِ، لِأَنَّهُ إِذا سَمِنَ استقام سنَامُه.
كوف كَيفَ: قَالَ اللَّيْث: كُوفانُ: اسمُ أرضٍ، وَبهَا سُمِّيَتِ الكُوفَةُ.
(اللحياني عَن الْكسَائي) : كَانَت الْكُوفَة تُدْعَى كُوفانَ.
قَالَ: والناسُ فِي كُوفانٍ من أمرهِم، وَفِي كَوَّفَانٍ، وكَوْفانٍ أَي فِي اختلاطٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : إنّه لَفِي كُوفَانٍ أَي فِي حِرْزٍ ومنَعَةٍ.
(ثَعْلَب عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه) : قَالَ: الكوفانُ: الشَّرُّ الشديدُ:
والكُوفَانُ: الدَّغَلُ من القَصَب والخَشب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكافُ: ألِفُها وَاوٌ، فَإِن استُعملَتْ فِعلاً، قلتَ: كَوَّفْتُ كافاً حسَناً أَي كَتبْتُ كافاً، وَكَذَلِكَ قَالَ اللِّحيانيُّ وغيرُه.
قَالَ: وَيُقَال: كَيَّفْتُ الأديمَ، وكَوَّفْتُه إِذا قطَعتَه.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: يُقَال للخِرْقةِ الَّتِي يُرقَعُ بهَا ذَيْلُ الْقَمِيص القُدَّام: كِيفَةٌ، وَالَّتِي يُرْقَعُ بهَا ذيلُ الْقَمِيص الخَلْف: حِيفةٌ.
وَيُقَال: لَيست عَلَيْهِ تُوفَةٌ وَلَا كُوفةٌ، وَهُوَ مِثْلُ المَرْزِية، وَقد تَاف وكَافَ.
(تَفْسِير كَيفَ)
حَرْفُ أَداةٍ، ونُصِبَ الفاءُ فِرَاراً من التقاء الساكنين فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قولِ الله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا} (الْبَقَرَة: 18) الْآيَة، تأْوِيلُ كيفَ استفهامٌ فِي معنى التعجُّب، وَهَذَا التَّعجُّبُ إِنَّمَا هُوَ للخَلْقِ وَلِلْمُؤْمنِينَ أَي اعْجَبُوا من هَؤُلَاءِ كَيفَ يَكْفرون، وَقد ثَبَتَتْ حُجَّةُ الله عَلَيْهِم.
وَقيل فِي مصدر كَيفَ: الكَيْفِيَّةُ.
وكف أكف: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خِيارُ الشُّهَدَاءِ عِنْد الله: أصحابُ الوكَفِ) قيل: يَا رسولَ الله ومَن أصحابُ الوَكَفِ؟ قَالَ: (قومٌ تُكَفَّأ عَلَيْهِم مَراكِبُهم فِي الْبَحْر) .
قَالَ شمر: الوَكَفُ قد جَاءَ مُفسَّراً فِي الحَدِيث.
قَالَ: وأصلُ الوَكَفِ: الجَورُ والْمَيْل.
يُقَال: إنِّي لأخْشَى وَكَفَ فلانٍ أَي جورَه ومَيْلَه.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِكَ نَعْتَلِي وكفَ الأمو
رِ ويَحْمِلُ الأثقالَ حامِلْ
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الوَكَفُ: الثِّقْلُ، والشِّدَّةُ.
وَقَالَت الكِلابيَّةُ: يُقَال: فلانٌ على وَكَفٍ من حاجتِهِ إِذا كَانَ لَا يَدْرِي على مَا هُوَ مِنْهَا، وكل هَذَا لَيْسَ بخارِجٍ مِمَّا جَاءَ مُفَسَّراً فِي الحَدِيث، لأنّ التَّكفِّي هُوَ

(10/213)


المَيْلُ، والوَكَفُ: مَا انْهَبَطَ من الأرضِ.
وَقَالَ العجاجُ يصف ثوراً:
يَعْلُو الدّكاديكَ ويَعْلُو الوَكَفَا
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : وَكِفَ الرَّجُلُ يَوْكَفُ وكَفاً إِذا أثِمَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَكَفُ الإثْمُ.
يُقَال: مَا عَلَيْك فِي هَذَا وَكَفَ، والوَكفُ: العيبُ أَيْضا. وَأنْشد:
الحافِظُو عَوْرَةِ العَشِير وَلاَ
يَأْتِيِهِمُ مِنْ وَرَائِهِم وَكَفُ
قَالَ: والوَكْفُ: النِّطْعُ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ومُدَّعسٍ فيهِ الأنيضُ اخْتَفَيتُه
بجَرْدَاءَ مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرَابُها
بجَرْدَاءَ يَعْني أَرضًا ملساءَ لَا تُنْبِتُ شَيْئا، يكْبُو غُرَابُ الفَأسِ عَنْهَا لصلابتها إِذا حُفِرَت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوكْفُ من الأرضٍ: الفِنْعُ يَتَّسِعُ، وَهُوَ جَلَدٌ، طِينٌ وحَصًى، وجمعُه: أوْكافٌ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَنْ مَنَحَ مِنْحَةً وَكُوفاً فَلهُ كَذَا وكَذا) .
قَالَ أَبُو عبيد: الوَكُوفُ هِيَ الغَزِيرَةُ الكثيرةُ الدَّرِّ وَمن هَذَا قيلَ: وَكَفَ البَيْتُ بالمطرِ، ووَكَفَتِ العَيْنُ بالدمْعِ.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوَكُوفُ: الَّتِي لَا يَنْقطِعُ لبنُها سَنَتَها جَمعَاءَ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : وَكَفَ البيتُ، وأَوْكَفَ، ومصدرُ وَكَفَ: الوَكْفُ والوَكِيفُ.
وَفِي حَدِيث آخر: (أَهْلُ القُبُورِ يَتَوكَّفُونَ الأخْبَارَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: معنى يَتَوَكَّفُونَ: يَتَوقَّعُونَ.
يقالُ: هُوَ يتَوَكَّفُ خَبَراً يَرِدُ عَلَيْهِ أَي يتوقَّعهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَكْفُ: وَكْفُ البَيْتِ، مثل الجَنَاحِ يكون على الكَنِيفِ.
وَقَالَ اللحياني: وكَفَتِ العَيْنُ تَكِفُ وَكْفاً وَوَكِيفاً، ووُكُوفاً، ووَكَفَاناً، قالَ: وسحابٌ وَكُوفٌ إِذا كانَ يسيلُ قَلِيلا قَلِيلا.
وجاءَ فِي حَدِيث مَرْفُوعٍ (أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأَ فاسْتَوْكَفَ ثَلاَثاً) .
قَالَ غيرُ واحدٍ: مَعْنَاهُ أنّه غسلَ يَدَيْهِ حتّى وكَفَ الماءُ من يَدَيْهِ أَي قَطَرَ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثوْرٍ يصفُ الْخمر:
إذَا اسْتُوكِفَتْ باتَ الغويُّ يشُمُّهَا
كَمَا جَسَّ أَحْشَاءَ السَّقِيمِ طَبِيبُ
أرادَ إِذا اسْتُقْطِرَتْ.
وَقَالَ اللحياني: أوْكَفْتُ البَغْلَ أُوكِفهُ إيكافاً، وَهِي لُغَة أهل الْحجاز.
وتميمٌ تقولُ: آكَفْتُهُ أوكفه إيكافاً، وَهِي لُغَة أَهْلِ ذَلِك الشِّقِّ.

(10/214)


وَقَالَ بعضُهُم: وكَّفْته توْكِيفاً، وأكَّفْتُه تأكِيفاً، والاسْمُ: الوِكافُ، والإكافُ.
وَيُقَال: هُوَ يَتَوكَّفُ عِيالَهُ وحشَمَه أَي يَتَعَهَّدُهُم ويَنْظُرُ فِي أُمورِهم.
وَيُقَال: واكَّفْتُ الرّجُلَ مواكفةً فِي الحربِ وغيرِها إِذا واجهتُه وعارضته.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
مَتَى مَا يُوَاكِفْهَا ابْنُ أُنْثَى رَمَتْ بِهِ
مَعَ الجَيْشِ يَبْغِيْهَا المَغَانِم يَثْكَلِ
أفك: قَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} (الذاريات: 9) .
قَالَ الْفراء يَقُول: يُصْرَفُ عَنِ الإيمَانِ مَنْ صُرِفَ، كَمَا قَالَ: {قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ} (الْأَحْقَاف: 32) يَقُول لتَصْرِفَنَا وتَصُدَّنَا.
وقولُ الله: {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (التَّوْبَة: 7) .
قَالَ الزّجاج: المُؤْتَفِكَاتُ: جمعُ مُؤْتَفِكَةٍ، ائْتَفَكَتْ بهِمُ الأرضُ أَي انقلبت.
يُقَال: إنّهم قومُ لُوطٍ، وَيُقَال: إنَّهم جميعُ مَنْ أُهلِكَ، كَمَا يُقَال للهالك: قَدِ انقلبتْ عَلَيْهِ الدّنيا.
وروى النَّضْرُ بن أَنَسٍ عَن أبِيهِ أَنه قَالَ: (أَي بُنَيَّ لَا تَنْزِلَنَّ البَصْرَة فَإِنَّهَا إحْدَى المُؤْتَفِكَاتِ قد ائْتَفَكتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَيْنِ، وَهِي مُؤْتَفِكَةٌ بهم الثَّالِثَة) .
قَالَ شمرٌ يَعْنِي بالمؤتفكة أَنَّهَا قد غَرِقَت مَرَّتَينٍ، قَالَ: والائتفاكُ عِنْد أهل الْعَرَبيَّة: الانْقِلابُ كَقَرْيَاتِ قومِ لُوط الَّتِي ائتفكت بِأَهْلِهَا أَي انقلبت. وَقَالَ فِي قَول رؤبة:
وجَوْزِ خَرْقٍ بالرِّيَاحِ مُؤْتَفِكْ
أَي اخْتلفت عَلَيْهِ الأرْوَاحُ مِن كلِّ وَجْهٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَفَكَ يَأْفِكُ، وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كذبَ، والإفْكُ: الإثْمُ، والإفْكُ: الكَذِبُ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : تقولُ العربُ: يَا لِلأفِيكَةِ، وَيَا لَلإفِيكَةِ بِكَسْر اللامِ وفَتْحِها؛ فمَنْ فَتَحَ اللَّام فَهِيَ لامُ الاستغاثةِ، وَمن كسرهَا فَهِيَ تَعَجُّبٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: يأيُّهَا الرّجُلُ اعْجَبْ لهَذِهِ الأفِيكَةِ، وَهِي: الكِذْبَةُ الْعَظِيمَة، وأرضٌ مأفُوكةٌ، وَهِي الَّتِي لم يُصِبْهَا المطرُ فأمْحَلَتْ. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
كأنّهَا وَهْيَ تَهَاوى تَهْتَلِكْ
شمْسٌ بِظِلِّ ذَا بِهَذَا يأْتَفِكْ
قَالَ يَصِفُ قَطَاةً باطِنُ جَناحِها أسودُ، وظاهِرُه أبيضُ، فشبّه السوادَ بالظُّلْمَة، وَشبه البياضَ بالشّمْسِ، ويأتفِكُ أَي ينْقِلبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأفِيكُ الَّذِي لَا حَزْمَ لَهُ وَلَا حِيلة، وَقَالَ الراجزُ:
مَالِي أَرَاكَ عاجِزاً أَفِيكَا
والأفَّاكَ: الَّذِي يَأفِكُ النّاسَ أَي يصُدُّهُمْ

(10/215)


عَن الحقِّ بباطله.
والمأفوكُ: الَّذِي لَا زَوْرُ لَهُ.
(شمرٌ) : أُفِكَ الرجُلُ عَن الخيْرِ أَي قُلِبَ عَنهُ وصُرِفَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ائْتفكَتْ تِلْكَ الأرْضُ أَي احترقت من الجَدْبِ.
ك ب (وَا يء)
كبا، كأب، كوب، وكب، بكا، بكأ، بوك، كَوْكَب: (مستعملة) .
كبا: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَا أَحَدٌ عَرَضْتُ عَلَيْهِ الإسْلاَمَ إِلَّا كَانَت لَهُ عِنْده كَبْوَةٌ غَيْرَ أبي بَكْرٍ فإنّه لم يَتَلَعْثَم) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكَبْوَةُ: مثل الوَقْفَةِ تكُونُ عِنْد الشَّيْء يكرهُه الإنسانُ يُدْعَى إِلَيْهِ أَو يُرَادُ مِنْهُ، وَمِنْه قيل: كَبَا الزَّنْدُ فَهُوَ يَكْبُو إِذا لم يُخْرِجْ شَيْئا.
والكَبْوَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: السُّقوطُ للوجْهِ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصفُ ثوراً رُمِيَ فَسقط:
فكَبَا كَمَا يَكْبُوا فَنِيقٌ تارِزٌ
بالخَبْتِ إِلَّا أنّه هُوَ أبْرعُ
(أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي) : كَبَا يَكْبُو كَبْوَةً إِذا عَثَر.
وكَبَا الفرسُ يَكْبُو إِذا ربَا وانتفخ من فَرَقٍ أَو عَدْوٍ. وَقَالَ العجاج:
جَرَى ابنُ لَيْلَى جِريةَ السَّبُوحِ
جِرْيةَ لَا كابٍ وَلَا أنُوحِ
وَيُقَال: فلانٌ كابِي الرّمادِ أَي عظيمُه مُنتفِخُه أَي أنّه صاحبُ إطْعَامٍ كثير.
وَيُقَال: أكْبَى الرجلُ إِذا لم تَخرجْ نَارُ زَنْدِه.
وَيُقَال للكُناسة تُلْقَى بفِنَاءِ الْبَيْت: كباً مقصورٌ، والأكْبَاءُ للْجَمِيع، وأمّا الكِبَاءُ مَمْدُود فَهُوَ البَخُورُ.
يُقَال: كَبَّى ثَوْبه تكْبِيةً إِذا بخَّرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الفرسُ الكابِي: الَّذِي إِذا أَعْيا قَامَ فلمْ يَتَحرَّكْ من الإعياء، وَالتُّرَاب الكابي: الَّذِي لَا يَستقرُّ على وَجه الأرضِ.
وَقَالَ غيرُه: نارٌ كابِيَةٌ إِذا غَطّاها الرّمادُ والجمرُ تحتهَا.
وعُلْبةٌ كَابِيةٌ: فِيهَا لَبنٌ عَلَيْهَا رَغْوَة.
ورَجلٌ كابِي اللَّوْنِ: عَلَتْهُ غَبْرَةٌ.
وكَبَا الغُبارُ إِذا لم يَطِرْ وَلم يتحرَّكْ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يقالُ فِي مثل: (الهابِي شرٌّ من الكابي) .
قَالَ: والكابي: الفَحْمُ الَّذِي قد خمَدت نارُه فكَبا، أَي خلا من النَّار، كَمَا يُقَال: كَبَا الزَّنْدُ إِذا لم تَخرجْ مِنْهُ نارٌ، وكَبا الفرسُ إِذا حُنِذ بالجِلالَ فَلم يَعْرَقْ.
والهابي: الرّمادُ الَّذِي تَرَفَّتَ وهَبا، وَهُوَ قبْلَ أَن يَكون هباءً كَابٍ.
ورَوَى إسماعيلُ بن خَالِد عَن يزيدَ بنِ أَبي

(10/216)


زِيَاد عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفل عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أنّه قَالَ: قلتُ يَا رسولَ الله: إِن قُريشاً جَلَسُوا فتذاكروا أحسابَهم فَجعلُوا مَثَلَكَ مَثَلَ نخلةٍ فِي كَبْوةٍ من الأَرْض، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنَّ الله خَلَقَ الخلقَ فجعلنِي فِي خَيرهمْ، ثمَّ حِين فرَّقهم جعلني فِي خيرِ الْفَرِيقَيْنِ، ثمَّ جعلهم بُيُوتًا فجعلني فِي خير بُيُوتهم، فأَنَا خَيْرُكُم نَفْساً، وخَيْرُكُم بَيْتا) .
قَالَ شمر: قولُه: فِي كَبْوة، لم نَسْمَع فِيهَا من عُلَمَائِنَا شَيْئا، وَلَكنَّا سمِعنا الكِبَا، والكُبَةَ، وَهُوَ الكُناسةُ والتّراب الَّذِي يُكْنَسُ.
وَقَالَ خالدٌ: الكُبِين: السَّرْجينُ، الْوَاحِدَة: كُبَةٌ.
(قلت) : الكُبَةُ: الكُنَاسة، من الْأَسْمَاء النَّاقِصَة، أصْلُها: كُبوْةٌ، بِضَم الْكَاف، مثل القلَة، أصلُها: قُلْوَةٌ، والثُّبَةُ أَصلُها: ثُبْوَةٌ، وكأنَّ المحدِّثَ لم يَضْبِطْه فَجعله كَبْوَةً.
وَمِنْه يُقَال: كَبَا الفرسُ إِذا رَبًّا وانتفخَ.
وَيُقَال: اكْتَبى إِذا تَبَخَّرَ بالعُودِ.
وَقَالَ أَبو دُوَادٍ:
تَكْتَبِينَ الْيَنْجُوجَ فِي كُبَةِ المَشْ
تَى وبُلْهٌ أَحْلامُهنَّ وِسامُ
قولُه: بُلْهٌ أحلامُهنَّ وسام، أَرَادَ أنَّهنَّ غافلاتٌ عَن الخَنَا والخِبِّ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وبالعَذَوَاتِ مَنْبِتُنا نُضَارٌ
ونَبْعٌ لَا فَصَافِصُ فِي كُبِينَا
أرادَ أنّا عربٌ نشأنا فِي نُزْهِ الْبِلَاد، ولسنا بحاضرةٍ نشأوا فِي القُرَى.
كأب: وَقَالَ اللَّيْث: كَئِبَ يَكأَبُ كآبةً، وكأْبةً وكأْباً، فَهُوَ كَئِبٌ وكَئيبٌ، واكْتَأَبَ اكتئاباً.
وَيُقَال: مَا الَّذِي أكأبَك؟ .
والكَأْباءُ: الحُزن الشديدُ على فَعْلاَءَ.
كوب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ} (الزخرف: 71) .
قَالَ الْفراء: الكُوبُ الْكوز المستديرُ الرّأْسِ الَّذِي لَا أُذنَ لَهُ. وَقَالَ عديُّ بن زيد:
مُتَّكِئاً تُصْفَقُ أبوابُه
يَسْعَى عَلَيْهِ العبْدُ بالكوبِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَابَ يَكُوبُ إِذا شَرِب بالكُوبِ.
قَالَ: والكَوَبُ: دِقّةُ الْعُنُق وعِظَمُ الرّأْسِ.
وكب (كَوْكَب) : وَقَالَ اللَّيْث: الوَكَبُ: سوادُ اللّوْنِ من عِنَبٍ أَو غير ذَلِك إِذا نَضِج.
وَقد وكّبَ العِنبُ تَوْكِيباً إِذا أخَذ فِيهِ تكوينُ السّواد، واسمُه فِي تِلْكَ الْحَال: مُوَكِّبٌ.
(قلت) : الَّذِي نَعرفُه فِي أَلْوان الأعْناب والأرْطَاب إِذا ظَهر فِيهِ أَدنى سوَادٍ أَو

(10/217)


صُفْرةٍ: التَّوْكِيتُ، وبُسْرٌ موكِّتُ، وَهَذَا معروفٌ عِنْد أَصْحَاب النخيل فِي القُرَى العربيَّة.
وأمّا الوَكَبُ بِالْبَاء فَإِن أَبَا الْعَبَّاس روى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الوَكَبُ: الوَسَخُ.
يُقَال: وَكِبَ الشيءُ يَوْكَبُ وكَباً، ووَسِبَ وَسَباً، وحَشِنَ حشناً إِذا رَكبه الوسَخُ والدَّرَنُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَكَبانُ: مِشْيةٌ فِي دَرَجَانٍ.
تَقول: ظَبْيَةٌ وكُوبٌ، وعَنْزٌ وكُوبٌ، وَقد وَكَبَتْ تَكِبُ وُكوباً.
وَمِنْه: اشتُقَّ اسمُ المُوْكِب.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لَهَا أُمٌّ مُوَقّفَةٌ وكُوبٌ
بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَرِيرُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَوْكَبَ البعيرُ إِذا لَزِم الموكِبَ.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: أَوْكَبَ الطائرُ إِذا نَهَضَ للطَيران.
وَأنْشد:
أَوْكَبَ ثمَّ طارا
وناقةٌ مُواكِبَةٌ: تُسايرُ الموكبَ، والتّوْكيبُ: المقاربة فِي الصِّرَار.
وَقَالَ اللّحياني، يُقَال: فلَان مُواكِبٌ عَلَى أمره، ووَاكِبٌ، ومُواصِبٌ ووَاصب، بِمَعْنى المثابِر المواظِب وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ: وَذكر اللَّيْث: الكَوْكَبَ فِي بَاب الرُّباعيّ، ذهب إِلَى أنّ الْوَاو أصليَّةٌ، وَهُوَ عِنْد حُذّاق النحويِّين كَوْكَب من بَاب وكب، صُدِّرَ بكافٍ زَائِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الكَوْكَبُ: البياضُ فِي سوادِ الْعين، ذَهب البصرُ لَهُ أَو لم يذهب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْكَبُ مَعْرُوف من كواكب السّماءِ، ويُشبَّه بِهِ النَّوْرُ فيسمّى كوكَباً. وَقَالَ الْأَعْشَى:
يُضَاحِكُ الشَّمسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ
مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وَيُقَال لقَطرات الجليد الَّتِي تقعُ عَلَى البَقْل بِاللَّيْلِ: كوكبٌ أَيْضا، والكوكبُ: شِدَّةُ الحرِّ ومُعْظمُه. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَيَوْم يَظَلُّ الفرْخُ فِي بيتِ غَيْرِه
لَهُ كوكبٌ فَوقَ الحِدَابِ الظواهرِ
وَيُقَال للأمْعَزِ إِذا توقَّدَ حَصاَه ضَحاءً: مُوْكِبٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
تَقْطَعُ الأمْعَزَ المُكوكِبَ وَخْداً
بِنَواجٍ سريعةِ الإيغالِ
وكَوكبُ كلِّ شيءٍ: معظمُه، مثلُ كَوْكَب العُشْبِ، وكوكبِ المَاء، وكَوكبِ الجَيش: وَقَالَ الشَّاعِر يصفُ كَتِيبَةً:
ومَلْمُومَةٍ لَا يَخْرِقُ الطّرْفُ عَرْضَها

(10/218)


لَهَا كَوكَبٌ فَخْمٌ شديدٌ وُضوحُها
ويومٌ ذُو كَواكبَ إِذا وُصف بالشدّة كَأَنَّهُ أَظْلَمَ بِمَا فِيهِ من الشدائدِ حَتَّى رُؤِي كواكِبُ السَّمَاء. وَمِنْه قولُ طرفَة:
وتُرِيه النَّجْمَ يَجري بالظُّهُرْ
وَقَالَ: تُرِيه الكواكِب كفرا وبِيضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : غلامٌ كَوكبٌ إِذا تَرَعْرع وحَسُنَ وجْهُه.
وَقَالَ المؤرِّجُ: الكوكبُ: الماءُ، والكَوكبُ: السّيفُ، والكوكَبُ: سيِّدُ الْقَوْم.
(قلت) : وسمعْتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب يَقُول: الزُّهرَةُ من بينِ الْكَوَاكِب: الكوكَبَةُ يُؤَنِّثونَها، وَسَائِر الْكَوَاكِب تُذكَّرُ، فَيُقَال: هَذَا كوكبٌ قد طلَع.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً} (الْأَنْعَام: 76) .
ومِثْلُ الْكَوْكَب: القَوْقَلُ، والشَّوْشَبُ، وأمَّا شَوْزَبٌ فَهُوَ (فَوْعَلٌ) من شَزَبَ.
بكا: البُكَا يُقْصَرُ ويمَدُّ، قَالَ ذَلِك الفرّاء وغيرُه وَأنْشد:
بكَتْ عَيْنِي وحُقَّ لَهَا بُكَاها
وَمَا يُغْنِي البُكَاءُ وَلَا العَويلُ
وَقد بَكَى الرجلُ يَبْكِي، فَهُوَ باكٍ. وباكَيْتُ فلَانا فبكَيْتُه إِذا كنتَ أكْثَر بُكَاءً مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زيد) قَالَا: بَكَيْتُ الميِّتَ وبكَّيْتُه كِلَاهُمَا إِذا بَكَيْتَ عَلَيْهِ، وأَبكَيْتُه إِذا صنَعْتَ بِهِ مَا يَحمِلُه عَلَى الْبكاء.
بكأ: الْأَصْمَعِي: بَكُؤَتِ الناقةُ والشّاةُ تَبْكُؤُ بَكَاءً إِذا قَلَّ لبنُها، وناقةٌ بَكِيئَةٌ وَهِي القليلةُ اللّبَنِ. وَأنْشد أَبُو عبيد:
ولَيَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقَاحُه
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّهُ بسَمَارِ
هَكَذَا سمِعنا فِي كتاب (غَرِيب الحَدِيث) بَكُؤَتْ تبكُؤُ، وأقرأنا الإياديُّ فِي كتاب (المصنَّف) لشمرٍ عَن أبي عبيد عَن أبي عمرٍ و: بَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ إِذا قلَّ لبنُها.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي تَفْسِير حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نحنُ مَعَاشِرَ الأنْبِياءِ فِينَا بكْءٌ) قَالَ: مَعْنَاهُ فِينا قِلّةُ كلامٍ إلاَّ فِيمَا نحتاجُ إِلَيْهِ، مثل بَكْءِ الناقةِ إِذا قَلَّ لبنُها) .
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: بكَأَتِ النّاقةُ تَبْكَأُ، وبكُؤَتْ تَبْكُؤُ بَكَاءٍ وبَكْأً، كلُّ ذَلِك مهموزٌ، وجمعُ البَكِيئَةِ من النُّوقِ: بَكَايَا.
بوك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البَوْكُ: سِفَاد الحِمَارِ، والبَوْكُ: تَثْوِيرُ الماءِ.
يُقَال: باكَ العَيْنُ يَبُوكُهَا، وَفِي الحَدِيث (أَنَّ بَعْضَ المُنَافِقِينَ باكَ عَيْناً كانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ وَضَعَ فِيهَا سَهْماً) .
والبَوْكُ: البَيْعُ، وَحكي عَن أَعْرابيَ أنّه قَالَ: (مَعِي دِرْهَمٌ بَهْرَجٌ لَا يُبَاكُ بِهِ شيءٌ)

(10/219)


أَي لَا يُبَاعُ.
قَالَ: وباكَ إِذا اشْتَرَى، وَبَاكٍ إِذا باعَ وباكَ إِذا جَامع.
وَيُقَال: لَقِيتُه أَوَّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ أَي أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَه الأصمعيّ وَأَبُو زيد.
وَقَالَ: هُوَ كَقَوْلِك: لَقِيتُه أَوّل ذاتِ يَدَيْنِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ المُسْلِمينَ بَاتُوا يَبُوكُونَ حِسْيَ تَبُوكَ بِقدْحٍ) ، فَلذَلِك سميت: تَبُوكَ، أَي يُحَرِكُونَه ويُدْخِلُونَ فِيهِ القِدْحَ، وَهُوَ السّهْمُ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الماءُ، وَمِنْه يُقَال: باكَ الحِمَارُ الأتانَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البائِكُ والفَاثِجُ: النَّاقة الْعَظِيمَة السَّنَامِ، والجميع البَوَائِكُ.
وَقَالَ النَّضْرُ بن شُمَيْل: بَوَائكُ الإبلِ: كِرَامُها وخِيَارُها.
ك م (وَا ي ى)
كمى، كمأ، (كمؤ) ، كوم، وَكم، أكم، مكا، ومك.
كمى: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتلف الناسُ فِي الكَمِيِّ من أَيِّ شيءٍ أُخِذَ؟ .
فَقَالَ طائفةٌ: سُمِّيَ كمِيّاً لِأَنَّهُ يَكْمِي شجاعَتَه لوَقْتِ حَاجته إِلَيْهَا، وَلَا يُظْهِرُها مُتَكَثِّراً بهَا، ولكنّه إِذا احتاجَ إِلَيْهَا أَظْهَرَها.
وَقَالَ بعضُهم إِنَّمَا سُمِّيَ كَمِيّاً لأنَّه لَا يَقْتُلُ إلاَّ كَمِيّاً، وَذَلِكَ أَن العربَ تأْنفُ من قَتْلِ الأخِسَّاء.
والعربُ تقولُ: القومُ قد تُكمُّوا، وقَدْ تشُرِّفُوا وتُزُوِّرُوا إِذا قُتِلَ كمِيُّهُمْ وشَرِيفُهُمْ وزَوَيْرُهُم، وَمِنْه قولُه:
بَلْ لَوْ شَهِدْتَ القَوْمَ إِذا تُكُمُّوا
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: رَجُلٌ كَمِيٌّ بَيِّنُ الكِمَايَةِ.
وَقَالَ: والكَمِيُّ على وَجْهَيْنِ: الكَمِيُّ فِي سِلاَحِهِ، والكَمِيُّ: الحافظُ لِسِرِّه.
قَالَ: والكامِي للشَّهَادَة: الَّذِي يَكْتُمُهَا.
وَيُقَال: مَا فلانٌ بِكَمِيَ وَلَا نَكِيَ أَي لَا يَكْمِي سرَّهُ، وَلَا يَنْكِي عدُوَّه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كلَّ مَنْ تَعَمَّدْتَه فقد تكَمَّيْتَه، وَسمي الكَمِيُّ كَمِيّاً لأنَّه يتَكَمَّى الأقْرَانَ أَي يَتَعَمَّدُهُم.
وَقَالَ: وأَكْمَى: كَتَمَ شَهَادَتَه، وأَكْمَى: سَتَر مَنْزلَه مِنَ العُيُون.
وأَكْمَى: قَتَل كَمِيَّ العَسْكَرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَكَمَّتْهُمُ الفِتْنَةُ إِذا غَشِيَتْهُم، وتَكَمَّى فِي سِلاَحِهِ إِذا تَغَطَّى بِهِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه مَرَّ على أبْوَابِ دُورِ مُسْتَفِلةٍ. فَقَالَ: اكْمُوهَا أَي اسْتُرُوهَا لِئَلاَّ تقعَ عيونُ الناسِ عَلَيْهَا.
كوم: ورُوي من وَجه آخر ... أكِيمُوها) أَي ارْفَعُوهَا لِئَلاَّ يَهْجُمُ السَّيْلُ عَلَيْهَا، مأخوذٌ من الكَوْمَةِ وَهِي الرَّمْلَةُ المُشْرِفَةُ، وَمن النَّاقةِ الكَوْمَاءِ، وَهِي الطَّوِيلَة السَّنَامِ،

(10/220)


والكَوَمُ: عِظَمٌ فِي السَّنَامِ.
وَيُقَال لِلْفَرسِ فِي السِّفَادِ: كامَ يكُومُ كَوْماً، وَكَذَلِكَ كلّ ذِي حافرٍ من بَغْلٍ أَو حِمَارٍ.
وَيُقَال للعقربِ أَيْضا: كامَ يكُومُ كَوْماً، وَأنْشد أَبُو عبيد:
كأنّ مَرْعَى أُمَّكُمْ إذْ غَدَتْ
عَقْرَبَةٌ يكُومُهَا عُقْرُبَان
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال للحمار باكَهَا، وللفرس: كامَها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كامَ الحِمَارُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: الكُومَةُ: تُرَاب مجتمعٌ طُولُه فِي السَّمَاء ذرَاعَانِ وثُلُثٌ، ويكونُ من الْحِجَارَة والرّمْلِ، والجميع: الكُومُ.
وَقد كَوَّمَ الرّجُلُ ثِيَابَه فِي ثَوْبٍ واحدٍ إِذا جمعهَا فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى فِي نَعَمِ الصَّدَقَةِ نَاقَة كَوْمَاءَ) وَهِي الضَّخْمَةُ السّنَامِ، وبَعيرٌ أكْوَمُ، والجميعُ: كُومٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خاظِيَاتٌ
وأَسْتَاهٌ على الأكْوَارِ كُومُ
والاكْتِيامُ: القُعُودُ على أَطْرَافِ الْأَصَابِع، تَقول: اكْتَمْتُ لَهُ، وتَطَالَلْتُ لَهُ، ورَأَيْتُه مُكْتَاماً على أَطْرَافِ أَصَابِع رِجْلِه.
كمأ: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : كَمِىءَ الرَّجُلُ يَكْمَأَ كَمَأً، مَهْمُوزاً إِذا حَفِيَ وَعَلِيهِ نَعْلٌ، وَأنْشد شمرٌ:
وأَنْشُدُ بِاللَّه مِنَ النَّعْلَيْنِهْ
نِشْدَةَ شَيْخٍ كَمِىءِ الرِّجْلَيْنِهْ
وَقَالَ الْكسَائي أَيْضا فِيمَا رَوَى أَبُو عبيد عَنهُ: فَإِن جَهِلَ الرَّجُلُ الخَبرَ قَالَ: كَمِئْتُ الأخبارَ أَكْمأُ عَنْهَا، وغَبِيتُ عَنْهَا: مثلُها.
(شمرٌ) : الكَمَّاءُ الَّذِي يتَّبعُ الكَمْأَةَ، وسمعتُ أعرابيّاً يَقُول: بَنو فلانٍ يَقْتلُونَ الكَمّاءَ والضَّعِيفَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الكَمْأةُ: هِيَ الَّتِي إِلَى الغُبْرَةِ والسّوادِ، والجَبْأَة إِلَى الحُمْرة، والفِقَعَةُ: البِيضُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم كَمْءٌ للْوَاحِد، وجمْعُه: كَمْأةٌ، وَلَا يُجْمعُ على فَعْلَة إلاَّ كمْءٌ وكَمْاةٌ، ورَجْلٌ ورَجْلَة.
وَيُقَال: خرجَ المُتَكَمِّئُونَ، وهم الَّذين يطلُبَون الكَمْأةَ، وأكْمأتِ الأرضُ فَهِيَ مُكْمِئَةٌ إِذا كَثُر كَمْأتُها.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يجمعُ كَمْءٌ: أكْمُؤاً، وَجمع أَكْمُؤ: كَمْأةٌ.
وَقَالَ غَيره يُقَال للواحدةِ: كمأةٌ.
وَحكى شمرٌ عَن زَيدِ بن كَثْوَةَ مثلَ مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تلَمَّعَتْ عَلَيْهِ الأرْضُ، وتكَمَّأَت عَلَيْهِ إذَا غَيَّبَتْه

(10/221)


وَذَهَبت بِهِ.
أكم: قَالَ اللَّيْث: الأكَمَةُ: تَلٌّ منَ القُفِّ، والجميعُ: الأكَمُ والإكَامُ والأكُمُ، والآكامُ، وَهُوَ حَجَرٌ واحِدٌ.
والمأْكَمَتانِ: لَحْمَنَانِ بَين العَجُزِ والمَتْنَيْنِ والجميعُ: المآكِمُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأكَمةُ: قُفٌّ غيرَ أنّ الأكمَة أَطْوَلُ فِي السَماءِ وأَعْظمُ.
وَيُقَال: الأكَمُ: أَشْرَافٌ فِي الأرضِ كالرَّوَابِي.
يُقَال: هُوَ مَا اجتمعَ من الْحِجَارَة فِي مكانٍ وَاحِد، فرُبَّما غَلُظَ، وَرُبمَا لم يغلُظُ.
وَيُقَال: الأكمَةُ: مَا ارْتَفع على القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعِّدٌ فِي السّماءِ، كثيرُ الْحِجَارَة.
وَيُقَال: أُكْمٌ لجَمِيع الأكمَةِ.
وروى ابنُ هانىءٍ عَن زَيْد بن كَثْوَة أَنَّه قَالَ: من أَمْثَالِهِم (حَبَسْتُمُوني ووَرَاءَ الأكمَةِ مَا ورَاءَهَا) قالتْها امرأةٌ كَانَت واعَدَت تبَعاً لَهَا أَنْ تأْتِيَهُ ورَاءَ الأكمَةِ إِذا جَنَّ رُؤيٌ رُؤْياً فَبَيْنَمَا هِيَ مُعِيرَةٌ فِي مَهْنَةِ أَهلهَا إِذْ مَسَّهَا شَوقٌ إِلَى موعدها، وَطَالَ عَلَيْهَا المُكْتُ وصَخِبَتْ فَخَرَجَ مِنْهَا الَّذِي كَانَت لَا تُريدُ إظْهَارَه.
وَقَالَت: (حبَسْتُمُونِي ووَرَاءَ الأكمَةِ مَا ورَاءَهَا) .
يُقَال ذَلِك عِنْد الهزء بكُلِّ مَنْ أَخْبر عَن نفْسِه ساقِطاً مّا لَا يُريدُ إظْهارَهُ رؤيٌ رُؤْياً: شخْصٌ شخْصاً.
مكا: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) .
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحَرَّانِيِّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: المُكاءُ: الصَّفيرُ.
قَالَ: والأصْواتُ مضْمُومَةٌ إلاَّ حَرْفَينِ، النِّداءُ والغِنَاءُ، وَقَالَ حسان:
صَلاَتُهُمُ التَّصَدِّي والمُكَاءُ
وَقَالَ الليثُ: كَانُوا يطوفونَ بالبَيْتِ عُراةً يصْفِرونَ بأفْوَاهِهم، ويُصَفِّقُونَ بأيْدِيهم.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) قَالَ: إِذا كَانَت اسْتُه مَكْشُوفَة مَفْتُوحَة قيل: مَكَت استه تمْكو مُكَاءً.
وَيُقَال للطعنة إِذا فَهَقَتْ فَاها: مَكَتْ تَمْكو، وَقَالَ عنترة:
تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأعْلَمِ
والمكَّاء: طائِرٌ يأْلفُ الرِّيف، وجَمْعُه: المكَاكِيُّ، وَهُوَ: فُعَّالٌ من مَكَا إِذا صَفَر.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لجُحْرِ الثَّعْلَب والأرْنب: مَكَاً ومكْوٌ، وجمعُه أَمْكَاءٌ، ويُثَنَّى مَكاً: مَكَوانِ. وَقَالَ الشَّاعِر:
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بَعْدَ صَيْدَنِ
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : تَمَكَّى الغلامُ إِذا تطهَّرَ

(10/222)


للصَّلَاة، وَكَذَلِكَ: تَطَهّرَ وتكَرَّع.
وَأنْشد:
كالمُتَمكِّي بدَمِ القَتِيل
(أَبُو عُبَيْدَة) : تمكَّى الفرسُ تمكِّياً إِذا ابتَلَّ بالعرَق. وَأنْشد:
والقَوْدُ بَعْدَ القَوْدِ قد تَمَكيْن
أَي ضَمَرْنَ بِمَا سالَ من عَرَقهنَّ.
وَيُقَال: مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكاً شَدِيدا إِذا غلظَتْ.
وَكم ومك: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الْمَوْكُومُ: المَوْقُومُ: الشديدُ الحُزْن، وَقد وَكَمَهُ الأمْرُ، ووَقَمه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الوَكْمةُ: الغَيْظَةُ المُشْبَعةُ، والوَمْكَةُ: الفَسْخةُ.
(كمى) : وأمّا قولُهم: كمَا، فَهِيَ فِي الأصْل مَا أُدْخِلَ عَلَيْهَا كافُ التَّشبيه، وَهَذَا أكْثرُ الْكَلَام.
وَقد قَالَ بعضُهم: إنَّ العربَ تَحْذِفُ الياءَ من كَيْمَا فتجعلُه كَمَا، وَيَقُول الرَّجُلُ لصَاحبه: اسْمَعْ كَمَا أُحَدِّثُك مَعْنَاهُ كَيْمَا أُحَدثك ويَرْفَعون بهَا الفعلَ ويَنْصُبون.
قَالَ عديّ بن زيد:
اسمَعْ حَدِيثا كَمَا يَوْمًا تحدِّثُه
عَن ظَهْرِ غَيْبٍ إِذا مَا سائلٌ سَأَلَا
مَنْ نصبَ فبمعنى كَيْ، وَمن رفعَ فَلِأَنَّهُ على غَيْرِ لَفْظِ كَيْمَا.
بَاب اللفيف من حرف الْكَاف
كوي، كاء، أكّ، أيك، وكي، وكك، (وكوك) ، (وكا) ، كي، كيك، كيا، كأي، أكي، كوك.
كوي: قَالَ اللَّيْث: كَوَى البَيْطَارُ وغيرُه الدَّابَّة وغيرَهَا بالمِكْوَاةِ يكْوِيها كيّاً وكَيَّةً.
والمِكْوَاةُ: الحديدة المُحْمَاةُ الَّتِي يكْوَى بهَا.
والكَوَاءُ: فَعَّالٌ من الكَاوِي.
واكْتَوَى يكْتَوِي اكْتِواءً، فَهُوَ مُكْتَوٍ.
وَفِي الحَدِيث: (إنّي لأغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ ثمَّ أَتَكَوَّى بجارِيَتِي) أَي اسْتَدْفِىءُ بمُبَاشَرَتَها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوُّ، والكَوَّةُ: تأْسِيسُ بِنَائِهَا مِنْ كافٍ وواوَيْنِ، ومنهمْ من يقولُ: تأسِيسُ بِنَائِها من كافٍ وَوَاوٍ وياءٍ، كأنَّ أَصْلهَا كَوْيٌ ثُم أُدْغِمَتِ الواوُ فِي الْيَاء، فجُعِلَتْ واواً مُشَدَّدَةً.
وَيُقَال: كَوَّيْتُ فِي الْبَيْت كَوَّةً.
والرجُلُ يَسْتَكْوِي: إِذا طَلَبَ أَنْ يُكْوَى.
ويُجْمَعُ الكَوَّةُ: كُوًى، كَمَا يُقَال: قَرْيةٌ وقُرًى.
وَيُقَال: كِوًى، وكِوَاءٌ.
كاء: قَالَ أَبُو زيد: كِئْتُ عَن الأمْرِ كَيْأَةً إِذا مَا هِبْتَه.

(10/223)


وَيُقَال للرجُلِ الجبانِ: كَيْءٌ، وَأنْشد شمرٌ:
وإنّي لَكَيْءٌ عَن الموئِبَاتْ
إِذا مَا الرَّطيءُ انمأَى مَرْثَؤُه
وأَكَأْتُ الرَّجُلَ إكاءةً وإكاءً إِذا مَا أرادَ أمرا ففاجأته على تَئِفَّةِ ذَلِك فهابَك ورَجَعَ عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجُل كَيْأَةٌ، وَهُوَ الجبانُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكأْكأَةُ: النُّكوصُ، وَقد تَكَأْكأَ إِذا انْقَدَعَ.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) قَالَ: الكَأْكَاءُ: الجُبْنُ الهالع.
قَالَ: والكأْكَاءُ: عَدْوُ اللِّصَّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَكَأْكَأَ الرجُلُ إِذا مَا عَيَّ بالْكلَام فَلم يقدِرْ على أَن يتكلَّمَ.
أك: قَالَ الْأَصْمَعِي: الأكَّةُ: الحَرُّ المُحْتَدِمُ.
يُقَال: أصابتْنَا أَكَّةٌ شديدةٌ، ويومٌ ذُو أَكِّ، وَذُو أكَّةٍ، وَقد ائتَكَّ يَوْمُنَا، وَهُوَ يومٌ مُؤْتَكٌّ، وَكَذَلِكَ: العَكُّ فِي وجُوهِهِ.
وَيُقَال: إنَّ فِي نفْسِهِ عليَّ لأكَّةً، أَي حِقْداً.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَعاهُ الله بالأكَّةِ، أَي بالموْتِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأكَّةُ: الشِّدَّةُ من شدائدِ الدَّهْرِ، وائتَكَّ فلانٌ من أَمْرٍ أَقْلَقه وأَذْلَقَه.
أيك: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} (الشُّعَرَاء: 176) ، وقرىء: (أصحابُ لَيْكةَ) .
وَجَاء فِي التَّفْسِير: أَنّ اسمَ المدينةِ كَانَ لَيْكةَ، واختارَ أَبُو عبيد هَذِه الْقِرَاءَة وجعلَ لَيْكةَ غير منصرفَةٍ.
ومَنْ قرأَ: (أصحابُ الأيْكَةِ) فإنَّ الأيكةَ والأيْكَ: الشَّجَرُ الملتفُّ.
وَجَاء فِي التَّفْسِير أَنَّ شجرَهم كَانَ الدَّوْمَ، وَهُوَ شجرُ المَقْلِ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: أيكةٌ مِنْ أَثْلٍ، ورَهْطٌ مِنْ عُشَر، وقَصِيمةٌ من الغَضَا.
وَقَالَ الزجاجُ، فِي سُورَة الشُّعَرَاء: يجوزُ وَهُوَ حسنٌ جدّاً (كَذَّبَ أصحابُ لَيْكةِ المُرْسَلِينَ) (الشُّعَرَاء: 176) بِغَيْر ألفٍ على الْكسر، على أَنَّ الأصلَ: الأيكَةِ، فأُلْقيَتِ الهمزةُ فَقيل الْيكَة، ثمَّ حُذِفَت الألفُ فَقيل: لَيْكَةِ.
قَالَ: والعربُ، تَقول: الأحْمَرُ قد جَاءَنِي.
وَتقول إِذا أَلْقَتِ الهمزةَ: الَحمرُ قد جَاءَنِي بِفَتْح اللَّام، واثبات ألف الوصلِ.
وَيَقُولُونَ أَيْضا: لَحمرَ جَاءَنِي يُرِيدُونَ: الأحمَر.
قَالَ: وإثباتُ الألِف وَاللَّام فِيهَا فِي سَائِر القُرآن يدلُّ على أنّ حذفَ الْهمزَة مِنْهَا الَّتِي هِيَ ألف الْوَصْل بِمَنْزِلَة قَوْلهم: لحمَر.

(10/224)


وكي: الوكَاءِ: كلُّ سَيرٍ أَو خَيطٍ يُشَدُّ بِهِ السِّقَاءُ أَو الوِعاءُ؛ وَقد أوْكيتُه بالوِكَاءِ إيكاءً إِذا شددته.
وَفِي حَدِيث الزُّبير بن الْعَوام، أَنه كَانَ يُوكِي بَين الصَّفا والمَرْوَةِ سَعياً.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ عِنْدِي من الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام، كَأَنَّهُ يُوكِي فَاهُ فَلَا يتكلَّمُ.
ويُرْوَى عَن أَعْرَابِي أَنه سَمِع رَجلاً يتكلّمُ فَقَالَ: أوْكِ حَلْقَكَ أَي شُدَّ فمكَ واسْكُتْ.
(قلت) : وَفِيه وجهٌ آخرُ هُوَ أَصَحُّ عِنْدِي مِمَّا ذهب إِلَيْهِ أَبُو عبيد، وَذَلِكَ أَنَّ الإيكاءَ فِي كلامِ العربِ يَكونُ بِمَعْنى السَّعْيِ الشَّديد.
والدليلُ على ذَلِك قَوْله فِي الحَدِيث: أَنه كَانَ يُوكِي مَا بَينهمَا سَعْياً.
وَفِي (نَوَادِر الأعرابِ) المحفوظةِ عَنْهُم: المُوكِي: الَّذِي يَتَشَدَّدُ فِي مشيِهِ، فَمَعْنَى الإيكاءِ: الاشتدادُ فِي الْمَشْي.
وَيُقَال: فلانٌ مُوكِي الغُلْمَةِ، ومُزِكُّ الغُلْمَةِ، ومُشِطُّ الغُلْمة إِذا كَانَت بِهِ حاجةٌ شديدةٌ إِلَى الخِلاَطِ.
(قلت) : وَإِنَّمَا قيل لِلّذِي يَشْتَدُّ عَدْوُه: مُوكٍ، لِأَنَّهُ كأنّه مَلأ هَوَاء مَا بَيْنَ رِجْليه عَدْواً وأَوْكَى عَلَيْهِ.
والعربُ تقولُ: مَلأ الفرسُ فُرُوجَ دَوَارِجِه عَدْواً إِذا اشتدَّ حُضْرُه، والسِّقَاءُ إِنَّمَا يُوكَى عَلَى امْتِلاَئِه.
وَقَالَ اللَّيْث: تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وَهُوَ تَصَلُّقَها عِنْد مَخاضِها.
والتَّوكُّؤُ: التحامُلُ على الْعَصَا فِي المَشْيِ.
يُقَال: هُوَ يَتَوكَّأُ علَى عصاهُ، ويتَّكِىءُ.
قَالَ: والعربُ تَقول: أوكَأْتُ فلَانا إِذا نَصَبْتَ لَهُ متَّكَأ، وأتْكَأْتُه إِذا حَمَلْته على الإتِّكَاءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتْكَأْت الرَّجُلَ إتْكَاءً إِذا وسَّدْتَهُ حَتَّى يتَّكِىءَ.
وَيُقَال: اسْتَوْكَتِ الإبلُ اسْتِيكَاءً إِذا امْتَلأَتْ سِمَناً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اسْتَوْكَى بطن الإنْسَانِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ نَجْوُه، وَيُقَال للسِّقَاءِ وَنَحْوه إِذا امْتَلَأَ: قد اسْتَوْكَى، وَإِذا كانَ فَمُ السِّقَاءِ غَلِيظَ الأدِيمِ قيل: هُوَ لَا يَسْتَوْكِي، وَلَا يَسْتَكْتِبُ.
وكك: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الوَكُّ: الدَّفْعُ، والكَوُّ: الكِنُّ.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: يُقَال: ائْتَزَرَ فلانٌ إزْرَةَ عَكَّ وَكَّ، وَهُوَ أَنْ يُسْبِلَ طَرَفَيْ إزَارِه، وَأنْشد:
إِن زُرْتَهُ تَجِدْهُ عَكَّ وَكَّا
مِشْيتُه فِي الدَّارِ هَاكَ رَكَّا
قَالَ: وهَاكَ رَكَّا: حِكَايَةٌ لِتَبَخْتُرِه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رَجُلٌ وَكْوَاكٌ إِذا كَانَ كأنّما يتدحْرَجُ مِنْ قِصَرِه، وَقد تَوَكْوَكَ إِذا

(10/225)


مَشى كَذَلِك.
كيك: (سَلمَة عَن الْفراء واللِّحياني عَن الرُّؤَاسِيِّ) قَالَا يُقَال: للبَيْضَةِ: كَيْكَةٌ، قَالَا: وجَمْعُها: الكَيَاكِي.
قَالَ الْفراء: الكَيْكَةُ: البَيْضَةُ، أَصْلها: الكَيْكِيَةُ ونظيرها: اللَّيْلَة، أصلُها: لَيْلِيَةٌ، وَلذَلِك صُغِّرَتْ لُيَيْلِيَةٌ، وجُمِعَت اللَّيْلَةُ: ليَالِيَ.
كيا: وَقَالَ اللَّيْث: كِيَا هُوَ عِلْكٌ رُوميٌّ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: المُصْطَكَى، وَلَيْسَ كِيَا عَربِياً مَحْضاً.
كي: كي: من حروفِ الْمعَانِي يُنصَبُ بهَا الفعلُ الغَابرُ.
يُقَال: أدِّبْهُ كي يَرْتَدِعَ عمَّا ارتَكَبه من السُّوءِ، ورُبَّما أُدْخِلَتِ اللَّام عَلَيْهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {يَسِيرٌ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (الْحَدِيد: 13) ورُبَّما حَذَفُوا كي، واكْتَفَوْا بِاللَّامِ، وَقد تُوصَلُ كيْ بِلاَ وبِمَا، فَيُقَال تَحَرَّزْ كَيْلا يُصيبَكَ مَا تكْرَهُ، وخرجَ فلانٌ كَيْمَا يُصَلِّيَ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَآءِ} (الْحَشْر: 7) .
كأي: (أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَأَي إِذا أَوْجَعَ بالْكلَام.
أكي: وأَكَى: إِذا اسْتَوْثَقَ من غريمِه بالشُّهُودِ عَلَيْهِ.
كوك: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَيْكَاءُ، والمُكَوْكِي هما الشَّرَطَانِ أَي مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ من الرِّجَال.
وَقَالَ شمرٌ: رَجُلٌ كَوْكاةٌ: وَهُوَ القصيرُ.
قَالَ: ورأيتُ فلَانا مكَوْكِياً وَذَلِكَ إِذا اهْتَزَّ فِي مَشْيه وأسرعَ، وَهُوَ من عَدْوِ القصَارِ وَأنْشد:
دعوتُ كَوْكَاةً بِغَرْبٍ مِرْجَسِ
فجاءَ يَسْعَى حاسِراً لم يَلْبَسِ

(10/226)


أَبْوَاب الرباعي من حرف الْكَاف

(بَاب الْكَاف وَالْجِيم)
(ك ج)
كنفج: قَالَ اللَّيْث: الكُنَافِجُ: الكثيرُ من كل شيءٍ.
(قلت) : وأنشدني أَعْرَابِي بالصَّمَّانِ، وَنحن فِي رياضَها:
تَرْعَى مِنَ الصَّمَّانِ رَوْضاً آرِجَا
ورُغُلاً باتَتْ بِهِ لَوَاهِجَا
والرِّمْثَ فِي أَلْواذِه الكنَافِجَا
وَقَالَ شمرٌ: الكُنَافِجُ: السمينُ المُمتلِىءُ وسُنْبُلٌ كنَافِجٌ: مُكْتنِزٌ. وَأنْشد:
يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنَافِجِ
كربج: وَيُقَال للحانوتِ: كُرْبَجٌ، وكُرْبَقٌ.
كسبج: والكُسْبَجُ: الكُسْبُ، مُعرب.

(بَاب الْكَاف والشين)
(ك ش)
كنفش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَنْفَشَةُ: أَنْ يجيءَ الرَّجُلُ، وَقد لَفَّ عِمَامَتَه عِشْرِينَ كَوْراً.
قَالَ: والكَنْفَشَةُ: السِّلْعَةُ تكونُ فِي لَحْيي البَعير، وَهِي النَّوْطَةُ.
والكَنْفَشَةُ: الجلوسُ فِي البيتِ أيامَ الفِتَنِ.
وَأنْشد:
لمّا رَأَيْتُ فِتْنَةً فِيهَا عشَا
كُنْتُ امْرَءاً كنْفَش فيمَن كَنْفَشَا
والكَنْفَشَةُ: الرَّوَغَانُ فِي الحربِ.
كرشف: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الكَرْشَفَةُ: الأرضُ الغليظةُ، وَهِي: الخَرْشَفَة.
وَيُقَال: كِرْشِفَةٌ وخِرْشِفَةٌ، وَأنْشد:
هيَّجَهَا من أَجْلَبِ الكِرْشَافِ
ورُطُبٍ من كلأ مُجْتافِ
أَسْمَرَ للوَغْدِ الضَّعِيفِ نافِ
جَرَاشِعٌ جَبَاجِبُ الأجْوَافِ
حُمْرُ الذُّرَى مُشْرِفَةُ الأفْوَافِ
(قلت) : وبالبَيْضاءِ منْ بلاَد بني جَذيمَة على سِيفِ الخَطِّ: بَلَدٌ. يُقَال لَهُ: خِرْشافٌ فِي رمالٍ وَعْثَةٍ تحتهَا أَحْسَاءٌ عَذْبةُ المَاء، عَلَيْهَا نَخْلٌ بَعْلٌ عروقهُ راسخةٌ فِي تِلْكَ الأحْسَاءِ.
كرشم: قَالَ أَبُو عمرٍ وَيُقَال: قَبَحَ اللَّهُ كَرْشَمَتَه يعنونَ وجْهَه.
كرشب: قَالَ الْأَصْمَعِي: الكِرْشَبُّ: المُسِنُّ الجافي.

(10/227)


قرشب: قَالَ: والقِرْشَبُّ: الأكُولُ.
كنبش: قَالَ: وتكَنْبَشَ القومُ إِذا اخْتَلَطُوا.

(بَاب الْكَاف وَالضَّاد)
(ك ض)
ضبرك: (اللَّيْث) : يُقَال للرجل الضَّخْم الطويلِ: ضُبَارِكٌ، وضِبْرَاكٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال للأسد: ضُبَارِمٌ وضُبَارِكٌ، وهما من الرّجالِ: الشّجاعُ.
(كندش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أَخبرني المَفضَّلُ أَنَّه يُقَال: هُوَ أَخْبَثُ من كِنْدِشٍ، وَهُوَ العَقْعَقُ.
وَأنْشد:
مُنِيتُ بزَمَّرْدَةٍ كالعَصَا
ألَصَّ وأَخْبَثَ مِنْ كِنْدِشِ)

(بَاب الْكَاف وَالصَّاد)
صملك: وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمَلَّكُ: الرَّجُلُ الشديدُ القوَّةِ والبَضْعةِ، والجميعُ: الصَّمالِكُ.
صمك: وَقَالَ ابْن السّكيت: اصْمَأَكّ الرّجُلُ، وازْمَأَكَّ إِذا غضِبَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اصْمَأكَّتِ الأرضُ، فَهِيَ مُصْمَئِكَّةٌ، وَهِي النَّدِيَةُ الممْطورَةُ.
وحكِيَ عَن أبي الهُذَيْلِ: السماءُ مُصمَئِكَّةٌ أَي مستويةٌ خَلِيقَةٌ للْمَطَرِ.
(قلت) : وأَصلُ هَذِه الْكَلِمَة وَمَا أَشبَهَها ثلاثيٌّ، والهمزة فِيهَا مُجتَلَبَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: اصْمَأَكَّ اللَّبَنُ إِذا خَثَرَ جِدّاً حَتَّى يصير فِي حَدِّ الغِلَظِ.
(ضبك: وروى أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: اضبَأَكَّتِ الأرضُ، واضمَأَكَّتْ إِذا خرَجَ نبتُها، بالضَّادِ) .
مصطك: (اللَّيْث) : المُصْطَكَى: عِلْكٌ رُومِيٌّ، وَهُوَ دَخِيلٌ.
ودوَاءٌ مُمَصْطَكٌ قد جُعِلَ فِيهِ المُصْطَكَى.

(بَاب الْكَاف وَالسِّين)
(ك س)
كردس: فِي صفةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه كَانَ ضَخْمَ الكَرَادِيسِ) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ وَغَيره: الكَرَادِيسُ: رُؤُوسُ العظامِ، وَاحدُها: كرْدُوسٌ.
قَالَ: والكَرادِيسُ: كتائبُ الخيلِ، واحدُها: كُرْدُوسٌ، شُبِّهَتْ برُؤُوسِ العظامِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُرْدُوسُ: فِقْرَةٌ من فِقَرِ

(10/228)


الكَاهِلِ، فكلُّ عظمٍ عظُمَتْ نَحْضَتُه فَهُوَ كُرْدُوسٌ.
وَيُقَال لرأْس كَسْرِ الفَخِذِ: كُرْدُوسٌ.
وَقَالَ شمرٌ: التَّكَرْدُسُ: التّجمُّعُ والتَّقَبُّضُ. قَالَ العجاج:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً وَمَا تَكَرْدَسَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التكَرْدُسُ: أَن يجمعَ بَين كَرَادِيسِه من بَرْدٍ أَو جُوع.
وكَرْدَسَه إِذا أَوْثَقَه وجَمَع كَرَادِيسَه.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيِّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة الْقِيَامَة، وجَوَازِ النَّاس على الصِّرَاط (فَمنهمْ مُسَلَّمٌ ومخْدُوشٌ، وَمِنْهُم مُكَرْدَسٌ فِي نَار جَهَنَّمَ) أَرَادَ بالمُكَرْدَسِ المُوثَق المُلْقى فِيهَا.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَرْدَسَه إِذا صَرَعَه.
قَالَ: وكلُّ عظمٍ تامَ ضخْمٍ. فَهُوَ كُرْدُوسُ.
وَقَالَ المُفَضَّلُ: فَرْدَسَهُ وكَرْدَسَه إِذا أَوْثَقَه، وَأنْشد:
فَباتَ على خَدَ أَحَمَّ ومَنْكِبٍ
وضِجْعَتُهُ مِثْلُ الأسِيرِ المُكَرْدَسِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَرَاديسُ: دَأَيَاتُ الظَّهْرِ.
دسكر: اللَّيْث: الدسْكَرَةُ: بِنَاءٌ شِبْهُ قَصْرٍ حولَهُ بيوتٌ، وَجمعه: الدّساكِرُ، تَكُونُ للمُلوكِ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ مُعَرَّب.
كرفس: قَالَ: والكَرْفَسَةُ: مِشْيَةُ المُقيّدِ.
وَقَالَ غَيره: تَكَرْفسَ الرّجُلُ إِذا دخلَ بعضُه فِي بعضٍ.
والكَرَفْسُ من البُقُولِ، معروفٌ، وأَحْسبِهُ دَخِيلاً.
فرسك: والفِرْسِكُ: مِثْلُ الخَوْجِ فِي القَدْرِ إلاَّ أنَّه أَجْرَدُ أمْلَسُ، أَحْمَرُ أَو أَصْفَرُ.
وَقَالَ شمرٌ: سَمِعْتُ حِمْيَرِيَّةٌ فَصِيحَةً سألْتُها عَن بَلَدِها، فَقَالَت: النَّخْلُ قُلٌّ، وَلَكِن عَيْشُنَا أم قَمْحُ، أمْ فِرْسِكُ، أمْ عِنَبُ، أم حَمَاطُ، طُوبٌ أَي طَيِّبٌ.
(قلت) : لَهَا مَا الفِرْسِكُ؛ فَقَالَت: هُوَ مثلُ أمْ تِينِ عِنْدَكم.
وَقَالَ الأغْلَبُ:
كَمُزْلَغِبِّ الفِرْسِكِ المُهالِبِ
والفِرْسِكُ: الخَوْخُ.
كُرْسُف: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكُرْسُفُ: القُطْنُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : هُوَ الكُرْسُفُ، والكُرْسُوفُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) قَالَ: المُكَرْسَفُ: الجَمَلُ المُعَرْقَبُ.
كربس: وَقَالَ اللَّيْث: الكِرْبَاسُ: فارِسِيٌّ

(10/229)


يُنْسَبُ إِلَيْهِ بَيَّاعُه فَيُقَال: كَرَابِيسِيٌّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الظّرِبَانُ: دابّةٌ صغِيرُ القوائِمِ يَكُونُ طُولُ قوائِمه قَدْرَ نِصْفِ أصْبَعٍ، وَهُوَ عَرِيضٌ يَكُونُ عَرْضُه شِبْراً وفِتْراً، وطُولُه مِقْدَارُ ذِرَاعٍ، وَهُوَ مُكَرْبَسُ الرَّأْسِ أَي مُجْتَمِعهُ.
قَالَ: وأُذْنَاهُ كَأذُني السّنَّوْرِ، وجَمْعُه: الظَّرَابِيُّ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: ظَرِبَانٌ للواحِد، وجَمْعُه ظِرْبانٌ.
سبكر: (أَبُو عبيد عَن أبي زِياد الكِلاَبِيِّ) قَالَ: المُسْبَكِرُّ: الشَّابَّ المُعْتَدِلُ التامُّ، وأنشدَ قولَه:
إِذا مَا اسْبَكَرَّثْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ
وكل شيءٍ امتدَّ وطالَ فَهُوَ مُسْبَكِرٌّ مثلُ الشَّعْرَ وَغَيره.
بلكس: قَالَ أَبُو سعيد: سَمِعْتُ أَعْرابياً يَقُول بحَضْرَةِ أبي العَمَيْثَلِ: يُسَمَّى هَذَا النَّبْت الَّذِي يَلْزَقُ بالثِّيَاب، وَلَا يكادُ يتَخَلَّصُ مِنْهَا: البَلْكَسَاءَ، فكتبَه أَبُو العَمَيْثَلِ، وَجعله بَيْتاً من شِعرِه ليَحْفَظَه:
تُخبّرُنَا بِأنَّكَ أَحْوَزِيٌّ
وأنتَ البَلْكَسَاءُ بِنَا لُصُوقَا
قسطل كسطل: (أَبُو عَمْرو) يُقَال للغُبَارِ: قَسْطَلٌ وكَسْطَلٌ وكَسْطَنٌ، وقَسْطَانٌ، وكَسْطَانٌ. وَأنْشد:
حتَّى إِذا مَا الشَّمْسُ هَمَّتْ بعَرَجْ
أَهَابَ رَاعِيَها فَثَارَتْ برَهَجْ
ثُثِيرُ كَسْطَانَ غُبَارٍ ذِي وَهَجْ
(قلت) : جعل أَبُو عَمْرو: قَسْطَانَ وكَسْطَانَ بِفَتْح الْقَاف فَعْلاَناً لَا فَعْلاَلاً، وَلم يُجِزْ قَسْطالاً وَلَا كَسْطَالاً، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فَعْلاَلٌ من غير حدِّ المضاعف إلاَّ حَرْفٌ واحدٌ جَاءَ نَادرا، وَهُوَ قولُهم: ناقةٌ بهَا خَزْعَالٌ، هَكَذَا قَالَ الْفراء.
كلمس كلسم: وَقَالَ اللَّيْث: الكَلْمَسَةُ: الذَّهابُ، تَقول: كَلْمَسَ الرَّجلُ، وكلْسَمَ إِذا ذهب.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) يُقَال: كَلْسَمَ فلانٌ إِذا تَمَادَى كَسَلاً عَن قَضَاء الْحُقُوق.
سكرك: (أَبُو عبيد) : ومنَ الأشْرِبةِ: السُّكُرْكَةُ.
قَالَ: ورُوِي عَن أبي مُوسَى الأشعريِّ أَنه قَالَ: هُوَ خَمْرُ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ من الذُّرَةِ يُسكِرُ.
فسكل: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الفِسْكِلُ: الَّذِي يجيءُ فِي الْحَلْبَةِ آخِرَ الْخَيل.
وَقَالَ شمرٌ: الفِسْكِلُ، والمُفَسْكَلُ هُوَ المؤخَّرُ البَطيءُ.
وَقَالَ الأخْطَلُ:
أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عَبْداً تابِعاً
فبَقِيتَ أنتَ المُفْحَمُ المَكْعُومُ

(10/230)


وَيُقَال: رَجُلٌ فِسْكَوْلٌ وفُسْكُولٌ، وَقد فسْكِلْتَ أَي أُخِّرْتَ.
مسكن: وَجَاء فِي الخَبرِ: (أنّهُ نَهَى عَن بَيْعِ المُسْكَانِ) ، فرُوِيَ عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه أنَّهُ قَالَ: المساكينُ: العَرَابِينُ، واحدُها: مُسْكَانٌ:
قَالَ: والمساكينُ: الأذِلاَّءُ المَقْهورُونَ، وَإِن كَانُوا أَغنياءَ.
سنبك: ورُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (لَتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ كَفْراً كفرا إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأرْضِ) . قيل: وَمَا ذَاك السُّنْبُكُ؟ قَالَ: (حِسْمَى جُذَامٍ) :
قَالَ أَبُو عبيد: شَبَّه الأرضَ الَّتِي يُخْرَجون إِلَيْهَا بسُنْبُكِ الدَّابة فِي غِلَظِها.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سُنْبُكُ كلِّ شيءٍ: أَوَّلُهُ.
يُقَال: كَانَ ذَلِك على سُنْبُكِ فلانٍ أَي على عَهْدِ وِلاَيَتِه، وأَوَّلِها، وأصابنا سُنْبُكُ السماءِ: أولُ غَيْثِها:
وَقَالَ الأسْودُ بنُ يَعْفُرَ:
ولَقَدْ أُرجِّلُ لِمَّتي بِعَشِيَّةٍ
للشَّرْبِ قَبلَ سَنابِكِ المُرْتَادِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ) قَالَ: السُّنبُكُ: الخَرَاجُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّنْبُكُ: طرَفُ الحافرِ وجانِبَاهُ من قُدمٍ، وجمعُه: سَنابكُ.
وسُنْبكُ السَّيفِ: طرَفُ نَعْلِه.

(بَاب الْكَاف وَالزَّاي)
ك ز
كرزم كرزن: (اللَّيْث) : الكَرْزَمُ: فأْسٌ مَفْلُولةُ الحَدِّ، والجميعُ: الكَرَازِمُ:
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) قَالَ: هُوَ الكَرْزَنُ.
قَالَ: وأَحْسِبُنِي قد سَمعْتُ بالكسرِ: كِرْزِنٌ.
وَقَالَ الأحمرُ: الكِرْزِينُ: فأسٌ لَهَا حدٌّ نَحْو المِطرَقَةِ، والكِرْتِيمُ: نَحوه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للفأْسِ: كَرْزَمٌ وكَرْزَنٌ.
وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب، يَقُول للرَّجُل القصيرِ: كَرْزَمٌ، ويُصَغَّرُ كُرَيْزِماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرَازِيمُ: شدائدُ الدّهْر الواحدُ: كِرْزِيمٌ.
وَأنْشد:
مَاذَا يَرِيبُكَ من خِلْمٍ عَلِقْتُ بِهِ
إنَّ الدُّهُورَ علينا ذاتُ كِرْزِيمِ
قَالَ: والكَرْزَمَةُ: أَكْلةُ نصفِ النَّهَارِ.
(قلت) : وَهَذَا مُنكَرٌ لم يقلهُ غيرُ اللَّيْث.
وروى أَبُو الْأَحْوَص، عَن مُحَمَّد ابْن أبي يحيى الأسلم عَن الْعَبَّاس بن سهل عَن أَبِيه قَالَ: كنتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله يَوْم الخَنْدَق فَأخذ الكِرْزِينَ يحفِر فِي حَجَرٍ فضحِكَ، فَسُئِلَ مَا أَضْحَكَ؟

(10/231)


فَقَالَ: (من ناسٍ يُؤْتَى بهم مِن قِبَلِ المشرِقِ فِي الكُبُول يُسَاقون إِلَى الجنَّةِ وهُم كارِهُونَ) .
قَالَ الفرّاء: يُقَال للفأس: كَرْزَم وكَرْزَن.
وَأنْشد:
فَقَدْ جَعَلْتَ أَكْبَادُنا تَجْتَوِيكُمُ
كَمَا تَجْتَوِي سوقُ العضاه الكَرَازِنَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ لَهَا حَدٌّ واحدٌ فَهِيَ فأْسٌ وكَرْزَن، وكِرْزِن.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَحْمَر) : الكِرْزِينُ: فأسٌ لَهَا حَدٌّ.
وَقَالَ غيرُه: الكَرَازِنُ: مَا تحتَ مِيرَكَةِ الرَّحْلِ.
وَقَالَ الرَّاجز:
وَقَفْتُ فِيهِ ذاتَ وَجه سَاهِمٍ
تُنْبِي الكَرَازِينَ بصُلبٍ زَاهِمِ
وَقَالَ جرير فِي الكرازِم: الفُؤُوس، يهجو الفرزدق:
عَنِيفٌ بِهَزِّ السَّيفِ قَيْنُ مُجاشِعٍ
رَفِيقٌ بِأَخْرَاتِ الفُؤُوسِ الكَرَازِمِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الكرزم: الكثيرُ الأكْلِ.
زنكل: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الزَّوَنْكَلُ: القَصيرُ.
زرنك: وَقَالَ غَيره: الزُّرْنوكُ: الخَشَبَةُ الَّتِي يَقْبِضُ عَلَيْهَا الطَّاحِنُ إذَا أَدَارَ الرَّحَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وكأَنَّ رُمْحَكَ إذْ طَعَنتَ بِهِ العِدَا
زُرْنُوكُ خَادِمَةٍ تَسُوقُ حِمَارا
كربز: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: القَثْوُ: أكلُ القَثَدِ، والكِرْبِزِ، فَأَما القَثَدُ فَهُوَ الخِيَارُ، وَأما الكِرْبزُ فالقِثَّاءُ الكِبَارُ.

(بَاب الْكَاف والطاء)
ك ط
بطرك: قَالَ الْأَصْمَعِي فِي قولِ الرَّاعي يصفُ حِمَاراً وَحْشيّاً:
يَعْلُو الظَّوَاهِرَ فَرْداً لَا ألِيفَ لَهُ
مَشْيَ البِطَرْكِ عَلَيْهِ رَهْطُ كَتَّانِ
قَالَ البِطَرْكِ هُوَ البِطْرِيقُ.
وَقَالَ غَيره: البِطَرْكُ هُوَ السَّيِّدُ مِنْ سادةِ المَجُوسِ.
(قلت) : وَهُوَ دخيلٌ، وَلَيْسَ بعربي.

(بَاب الْكَاف وَالدَّال)
ك د
كندر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ الرجُلُ فِيهِ قِصَرٌ وغِلَظٌ مَعَ شدَّةٍ فَهُوَ كُنْدُرٌ، وكُنَادِرٌ وكُنَيْدِرٌ.
وروى شمرٌ لِابْنِ شميلٍ: كُنَيْدرٌ على فُعَيْلل، وكُنَيْدِرٌ: تصغيرُ كُنْدُرٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُنْدُرُ: اسمٌ للعِلْكِ.
قَالَ: وَيُقَال: حِمارٌ كُنْدُرٌ وكُنَادِرٌ، وَهُوَ

(10/232)


الغليظُ، وَأنْشد:
كأَنَّ تحتِي كُنْدُراً كُنادِرَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إنَّه لَذُو كِنْدِيرَةٍ. وَأنْشد:
يَتْبَعْنَ ذَا كِنْدِيرَةٍ عَجَنَّسَا
إذَا الغَرَابانِ بِهِ تَمَرَّسَا
لم يجِدَا إِلَّا أَدِيماً أَمْلَسَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكُنْدُرُ: الشَّدِيدُ الخَلْقِ، وفِتْيَانٌ كَنَادِرةٌ.
درنك: وَقَالَ أَبُو عُبيدةَ: الدُّرْنُوكُ: البِسَاطُ، وجمعُه: دَرَانِكُ.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الطّنْفسةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرْنُوكُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ لَهُ خَمْلٌ قصيرٌ كخَمْلِ المنَاديلِ، وَبِه شُبِّه فَرْوَةُ البعيرِ. وَأنْشد:
عَنْ ذِي دَرَانِيكَ ولِبْداً أَهْدَبَا
كردم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَرْدَمُ: الشجاعُ، وَأنْشد:
ولَوْ رَآهُ كَرْدَمٌ لكَرْدَمَا
أَي لهربَ.
وَقَالَ الليثُ: الكَرْدَمُ: الرّجُلُ القَصِيرُ.
وَقَالَ غَيره: كَرْدَمْتُ القومَ إِذا جَمَعْتهم وعَبَّأتَهُم، فهم مكَرْدَمُونَ، وَأنْشد:
إِذا فَزِعُوا يَسْعَى إِلَى الرَّوْعِ مِنْهُمُ
بجُرْدِ القَنَا سَبْعُون ألْفاً مَكَرْدَمَا
وكرْدَمَ الرجُلُ إِذا عَدَا فأمْعَنَ، وَهِي الكردمة.
قَالَ: والكَرْمَحَةُ، والكَرْبَحَةُ دُونَ الكَرْدَمَةِ فِي العَدْوِ.
درمك: (اللَّيْث) : الدَّرْمَكُ: الدَّقِيقُ الحُوَّارى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرْمَكُ: النَّقِيُّ الْحُوَّارَى.
قَالَ: وخطبَ بعضُ الحَمْقى إِلَى بعض الرُّؤسَاءِ حريمةً لَهُ فَرَدَّه، وَقَالَ:
امسح من الدَّرْمَكِ عِنْدِي فاكَا
إنّي أَراكَ خاطِباً كَذَاكَا
قَالَ: والعربُ تَقول: فلانٌ كَذَاكَ أَي سَفِلَة من النَّاس.
وَفِي الحَدِيث: (تُرَابُ الجنَّة دَرْمَكةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ) .
قَالَ شمر قَالَ خَالِد: الدَّرْمَكُ: الَّذِي يُدَرْمَكُ حَتَّى يكونَ دُقَاقاً من كل شَيْء، الدقيقُ، والكُحْلُ، وَغَيرهمَا وَكَذَلِكَ: الترابُ الدَّقِيق: دَرْمَكٌ.
كندد: (اللَّيْث) : كَنْدَدَةُ الْبَازِي: مَجْثمٌ يُهَيّأُ لَهُ من خشبٍ أَو مَدَرٍ، وَهُوَ دخيلٌ، لَيْسَ بعربي، وبيانُ ذَلِك أنّه لَا يَلْتَقي فِي كلمة عَرَبِيَّة حرفان مِثْلانِ فِي حَشْوِ الْكَلِمَة إلاَّ بفصلٍ لازمٍ كالعَقَنْقَلِ، والخَفَيْفَدِ وَنَحْوه.
قَالَ الأزهريُّ: قد التقى حرفان مِثْلاَنٍ بِلَا فصلٍ بَينهمَا فِي حُرُوف كَثِيرَة مِنْهَا: السُّقْدُدُ، والقُنْدَدُ، والخَفَيْدَدُ، والعُنْدُدُ.
قَالَ المبرَّدُ: مَا كَانَ من حرفين من جنسٍ

(10/233)


واحدٍ فَلَا إدغام فِيهَا إِذا كَانَت فِي مُلحقاتِ الْأَسْمَاء لِأَنَّهَا تنقُص عَن مقادير مَا أُلْحِقَت بِهِ.
وَذَلِكَ قَوْلهم: قَرْدَدٌ، ومهدَدٌ، لأنَّه مُلحَقٌ بجعفرٍ، وَكَذَلِكَ الْجمع نَحْو قَرَادِدَ، ومَهَادِدَ ليكونَ مثل جَعَافِر، فَإِن لم يكن مُلْحَقاً لَزِمَه الإدغامُ، مثل: رجُلٌ أَكَدَّ.
بندك: (أَبُو عبيد) : البنَادِكُ: مثلُ البَنَائِق، وَهِي لَبِنَةُ القَمِيص.
قَالَ ابنُ الرِّقَاع:
كَأَن زُرُور القُبْطُرِيَّةِ عُلقت
بَنَادِكُها منهُ بجِذْعٍ مُقَوَّمِ
كلند: (أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : المكْلَنْدِدُ: الشديدُ الخَلْقِ العظيمُ.
وَقَالَ اللحياني: اكْلَنْدَى الرجُلُ، واكلَنْدَدَ إِذا اشْتَدَّ.
دملك: (اللَّيْث) : الدُّمْلُوكُ: الحجرُ المُدَمْلَكُ المُدَمْلَقٌ، وَقد تَدَمْلَكَ ثديُها، وَلَا يُقَال: تَدَمْلَقَ، وَأنْشد:
لم يَعْدُ ثَدْيَاها عَن أَن تَفَلّكَا
مُستَنْكِرَانِ المَسَّ قد تَدَمْلَكَا
كردن: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضربَ كَرْدَنَه أَي عُنُقَه.
وَبَعْضهمْ يَقُول: ضربَ قَرْدَنَه، وَيُقَال للعُنُقِ: الكَرْدُ والقَرْدُ.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
يَا رَبِّ بَدِّل قُرْبَهُ ببُعْدِهِ
واضْرِبْ بحَدِّ السَّيف عَظْمَ كَرْدِهِ
دبكل: وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَبْكَلْتُ المَال دَبْكَلَةً: وحَبْكَرْتُه حَبْكَرَةً وكَمهلْتُه كمهَلةً، وكَرْكَرتْهُ كَرْكَرَةً: إِذا جمعته.

(بَاب الْكَاف وَالتَّاء)
(ك ت)
كمتر: الكَمْتَرَةُ: من عدْوِ القصيرِ المتقارب الخَطْوِ المُجتهدِ فِي عَدْوِه.
وَنَحْو ذَلِك روى أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي، وَأنْشد:
حَيثُ ترى الكوَأْلل الكُماتِرا
كالهُبَعِ الصِّيفِيِّ يَكْبُو عَاثِرَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَمْتَرْتُ السِّقَاءَ وقَمْطَرْتُه إِذا مَلأْتَه.
كرتم: قَالَ: والكِرْتِيمُ: الفأْسُ.
وَقَالَ غَيره: الكُرْتُومُ: الصَّفَا من الْحِجَارَة، وحَرَّةُ بني عُذُرَةَ تدعَى كُرْتُومَ.
وَقَالَ الراجز:
أَسْقَاكِ كلُّ رائحٍ هَزِيمِ
يَتْرُكُ سَيْلاً جَارحَ الكُلومِ
ونَاقِعاً بالصَّفْصَفِ الكُرْتُومِ
برتك: وَفِي (النَّوَادِر) : بَرْتكْتُ الشَّيْء برتكةً وفَرْتَكْتُه فرتكةً، وكرْنَفْتُه كرَنَفَةً إِذا قطَّعته مثل الذَّرِّ.

(10/234)


ورُوي عَن أبي عمرٍ والشيبانيّ نحوٌ من هَذَا.
كلتب: (ثَعْلَب عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: الكَلْتَبَانُ: مأخوذٌ من الكَلَب وَهُوَ القيادة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الكَلْتَبَةُ: القِيَادَةُ.
كَبرت: وَقَالَ اللَّيْث: الكِبْرِيتُ: عَيْنٌ تَجْرِي. فَإِذا جَمَدَ ماؤُهَا صَار كبْرِيتاً أَبْيَضَ، وأَصْفَرَ، وأَكْدَرَ.
قَالَ: والكِبْريتُ الأحْمَرُ؛ يُقَال هُوَ من الجَوْهَرِ، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّت، وَادي النَّمْلِ الَّذِي مَرَّ بِهِ سليمانُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.
وَيُقَال: فِي كل شيءٍ كِبْرِيتٌ وَهُوَ يُبْسُه مَا خلا الذَهَبَ والفِضَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْكَسِرُ، فَإِذا صُعِّدَ أَي أُذِيبَ ذَهَبَ كِبْرِيتُه.
وَقَالَ فِي قَول رؤبة:
هلْ يَعْصَمَنِّي حَلِفٌ سِخْتيتُ
أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ
قَالَ: هُوَ الذهبُ الأحمرُ فِي قَوْله:
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ظن رؤبةُ أَن الكِبْرِيتَ ذَهَبٌ.
وسمعْتُ أَعْرابيّاً يقولُ: كَبْرَتَ فلانٌ بَعِيرَهُ إِذا طلاهُ بالكِبْرِيتِ والْخَضْخَاضِ.
كمتل: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجُلٌ كَمْتَلٌ وكُمَاتِلٌ، وكَمْتَرٌ وكُمَاتِرٌ: صُلْبٌ شديدٌ.
(قلت) : وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: ناقةٌ مُكَمْتَلَة الْخلق إِذا كَانَت مُدَاخَلَة مجتمعة.

(بَاب الْكَاف والثاء)
ك ث
كنبث: قَالَ ابْن دُرَيْد: رَجُلٌ كُنْبُثٌ، وكُنَابِثٌ: مُنْقَبِضٌ بَخِيلٌ.
قَالَ: وتكنبث الرجُلُ إِذا تَقَبَّضَ، ورَجُلٌ كُنْبُثٌ وَهُوَ الصُّلْبُ الشَّديد.
كلثم: وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَةٌ مكَلْثَمةٌ: ذاتُ وَجْنَتَيْنِ حَسَنَةُ دَوَائِرِ الوَجْهِ فَاتَتْها سُهُولةُ الخَدِّ، وَلم تَلْزَمْهَا جُهُومَةُ القُبْحِ، والمصدرُ: الكَلْثَمَة.
قَالَ شمر قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه لم يَكُنْ بالمُكَلْثَمِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: معناهُ: لم يَكُنْ مُسْتَدِيرَ الوَجْهِ، ولكِنَّه كانَ أَسِيلاً.
وَقَالَ شمرٌ: المُكَلْثَمُ من الْوُجُوه: القَصيرُ الحَنْكِ، الداني الجَبْهَةِ المُسْتَدِيرُ الوَجْهِ.
قَالَ: وَلَا تكونُ الكَلْثَمَةُ إلاَّ مَعَ كثرةِ اللحْمِ.
وأَخْلاَفٌ مُكَلْثَمَةٌ أَي غليظةٌ.
قَالَ شَبيبُ بنُ البَرْصَاء يصف أَخْلاَف نَاقَة:
وأخْلافٌ مُكَلْثَمَةٌ وشجرٌ
صيَّر أَخْلافَها مُكَلْثَمَة لغلظها وعظمها.

(10/235)


(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الكُلْثُومُ: الفيلُ، وَهُوَ الزَّنْدَبِيلُ.
كلبث: قَالَ ابْن دُرَيْد: كَلْبَثٌ، وكُلابثٌ، وَهُوَ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ.
كنثب: (ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِنْثَابُ: الرَّمْلُ المُنْهَالُ.
كمثر: (اللَّيْث) : الكُمَّثْرَاةُ: مَعْرُوفةٌ.
(قلت) : وسأَلْتُ جمَاعَة من الْأَعْرَاب عَن الكُمَّثراة فَلم يَعْرِفُوها.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الكَمْثَرَةُ: تداخلُ الشَّيْء بعضِه فِي بعض، واجتماعهُ، فَإِن يكنِ الكُمَّثرى عَرَبيا فَمِنْهُ اشتقاقه.

(بَاب الْكَاف وَالرَّاء)
(ك ر)
كرتب: قَالَ ابْن دُرَيْد: وَيُقَال: تَكَرْتَبَ بِالتَّاءِ فلانٌ علينا أَي تغلَّب.
كنبذ: قَالَ: ورجُلٌ كُنَابِذٌ: غليظ الوَجْهِ جهمٌ.
كنثر: قَالَ: ورجلٌ كُنْثَرٌ وكُناثِرٌ، وَهُوَ المجتمعُ الخَلْقِ.
دركل: وقرأت بِخَط شمر قَالَ: قُرىء على أبي عبيد، وَأَنا شاهدٌ فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه مرَّ على أَصْحَاب الدِّرْكِلة فَقَالَ: خُذُوا يَا بني أَرْفَدَة حَتَّى تعلم اليهودُ أَن فِي ديننَا فُسحةً) .
قَالَ شمر قَالَ أَبُو عدنان أنشدت أَعْرَابِيًا من بكر بن وَائِل:
أسْقى الإلهُ صدى لَيْلَى ودر كَلَها
إنَّ الدَّرَاكِلَ كالْحَلفَاء فِي الأجَمِ
فَقَالَ: إنَّ الدَّرْكَلةً وحْياً فانظُرْ مَا هِيَ، قَالَ ثُمَّ أنْشَدْتُ جَابر بن الأزْرَقِ الكلابيَّ كَمَا أنْشَدْتُ هَذَا الأعرابيَّ.
فَقَالَ: الدرْقلُ: لُغةُ قوم لستُ أَعْرِفُهم، وأَزْعُمُ أَن دَرَاقِلَهَا: أَوْلادُها.
قَالَ فقلتُ كلاَّ إِنَّه قد قَالَ:
لَوْ دَرْقَلَ الفِيلُ مَا انْفَكَّتْ فَرِيصَتُه
تَنْزُو ويَحْبِقُ من ذُعْرٍ وَمن أَلَمِ
قَالَ فَمَا يُشَرِّدُه لَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ، قلت وَقَالَ آخر:
لَوْ دَرْكَلَ اللَّيْثُ لم يَشْعُرْ بِهِ أَحدٌ
حتَّى يَخِرَّ على لَحْيَيْهِ فِي طَرَقِ
فَقَالَ: أَبْعَدَه الله اللَّهُمَّ لَا تَسْمَعْ لأصْحَابِ هَذَا القَوْلِ، هَؤُلَاءِ لعَّابُونَ أَجْمَعُونَ، غُوَاةٌ يَرْكَبُ أحدُهم مِذْرَوَيْهِ، لَهِجَ برويَ يُضْحِكُ بِهِ، قُلتُ فَمَا معناهُ؟
قَالَ: لَا أَدْرِي.
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: قَدِمَ فِتْيَةٌ من الحبشةِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُدَرْقِلُون.
قَالَ: والدَّرْقَلَةُ: الرَّقصُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الدَّرْكَلَةُ: لُعْبَةٌ للصبْيَانِ،

(10/236)


أَحْسِبُهَا حبشيَّةً مُعَرَّبةً.
كرشم: قَالَ: والكُرْشُومُ: القبيحُ الْوَجْه.
كلذم: والكَلْذَمُ: الصُّلْبُ.
كركدن: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكَرْكَدَّنُ: دابَّةٌ عَظِيمَةٌ الخَلْقِ، يُقَال: إنَّها تَحْمِلُ الفِيلَ على قَرْنِها، ثُقِّل دالُ كَرْكَدَّنَ.
كربل: وَقَالَ اللَّيْث: الكَرْبَلةُ: رخاوةُ القَدَمَيْنِ، يُقَال: جَاءَ يَمْشِي مُكَرْبِلاً.
وكَرْبَلاَءُ: اسمُ موضعٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كَرْبلْتُ الطَّعَام كَرْبلةً: هذَّبْتُه ونَقَّيْتُه، وَأنْشد فِي صفه حنطةٍ:
يَحْمِلْنَ حَمْرَاءَ رَسُوباً للثَّقَلْ
قَدْ غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ مِنَ القَصَلْ
وكَرْبَلٌ: اسمُ نَبْتٍ، وقيلَ هُوَ الحُمَّاضُ، وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ يَصِفُ عُهُونَ الهَوْدَجِ:
وثَامِرُ كَرْبَلٍ وعَمِيمُ دِفْلَى
عَلَيْهَا والنَّدَى سَبِطٌ يَمُورُ
كرنف: وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكَرَانيفُ: أُصُولُ السَّعَفِ الغِلاَظُ الوَاحِدَةُ: كِرْنافةٌ، وَقَالَ غيرُه: المُكَرْنِفُ: الَّذِي يلْقُطُ التَّمْرَ من أُصُولِ كَرَانِيفِ النَّخْلِ. وَقَالَ الرَّاجزُ:
قَدْ تَخِذَتْ لَيْلَى بِقَرْنٍ حَائِطا
واسْتَأجَرَتْ مُكَرْنِفاً ولاقِطَا
وكَرْنَفَه بِالسَّيْفِ إِذا قطَّعه، وكَرْنَفه بالعَصَا إِذا ضَرَبه بهَا.
قَالَ اللَّيْث: الكَرْنَفَةُ من قَول الشَّاعِر:
كَرْنَفْتُه بهِرَاوَةٍ عَجْرَاءِ
إِذا دققته.
كرنب: (عمرٌ وَعَن أَبِيه) الكُرْنُبُ: بَقْلةٌ. والكَرْنِيبُ والكُرنَابُ: التَّمرُ باللَّبن.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَرْنِيبُ: المَجِيعُ، وَهُوَ الكُدَيْرَاءُ، يُقَال: كَرْنِبُوا لضَيْفِكُمْ فإنَّه لَتْحَانُ أَي جائِعٌ.
كركم: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُرْكُبُ، والكُرْكُمُ: نَبْتٌ، وَقَالَ: ثوبٌ مُكَرْكَمٌ: مصبوغٌ بالكُرْكُمِ، وَهُوَ شبيهٌ بالوَرْسِ، قَالَ والكُرْكُمُ تُسَمِّيه العربُ الزَّعْفَرانَ، وَأنْشد:
قامَ على المَرْكُوِّ ساقٍ يُفْعِمُهْ
يَرُدُّ فِيهِ سُؤْرهُ وَيَثْلِمُهْ
مُخْتَلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ
فَرِيحُه يَدْعُو على مَنْ يَظْلِمُهْ
يصف عَرُوساً ضَعُفَ عَن السَّقْي فاستعان بعرسه، وَفِي الحَدِيث (فعَادَ لَوْنُهُ كأنَّه كُرْكُمةٌ) .
قَالَ اللَّيْث: هُوَ الزعْفَرَانُ.
قَالَ: والكُرْكُمَانِيُّ: دَوَاءٌ منسوبٌ إِلَى الكُرْكُم، وَهُوَ نَبْتٌ شبيهٌ بالكَمُّون يُخْلَطُ بالأدْوِيَةِ، وتوَهَّمَ الشَّاعِر: أَنه الكمونُ فَقَالَ:

(10/237)


غَيْباً أُرجِّيهِ ظُنُونَ الأظْنُنِ
أَمَاني الكُرْكُم إِذْ قَالَ اسْقِنِي
وَهَذَا كَمَا يُقَال: أَمَانيُّ الكمون.

(بَاب الْكَاف وَاللَّام)
(ك ل)
كنفل: وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ كَنْفَلِيلُ اللِّحْيَةِ، ولحيَةٌ كَنْفَلِيلةٌ: ضَخْمَةٌ جافِيَةٌ.
دمك: وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّمَكْمَكُ: الشَّدِيدُ من الرِّجال.

وَمن خماسي الْكَاف
كنفرش: قَالَ شمرٌ: الكَنْفَرِشُ: الضَّخْمُ من الكَمَرِ، وَأنْشد:
كَنْفَرِشٌ فِي رَأْسِهَا انقِلاَبُ
كبرتل: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال لذَكَرِ الخُنْفُسَاءِ: الكَبَرْتَلُ وَهُوَ المُقَرَّضُ والحوَّازُ، والمُدَحْرِجُ والجُعَلُ.
برنكان: وبَرْنَكانُ: معربٌ والصوابُ: البرَّكانُ، قَالَه الْفراء.
شبكر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّبْكَرَةُ: العشا وَهُوَ معربٌ.
آخر (كتاب الْكَاف) من (تَهْذِيب اللُّغَة) وَالْحَمْد لله وَحده.

(10/238)


كتاب الْجِيم من كتاب تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف من حرف الْجِيم

(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش
جش، شج: مستعملان.
جش: قَالَ أَبُو عبيد: أَجْشَشْتُ الحبَّ إجْشَاشاً بالألِفِ.
وَقَالَ غيرُه: جَشَشْتُ الحبَّ، لغةٌ.
وَفِي الحَدِيث أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِه بجَشِيشَةٍ) .
قَالَ شمرٌ: الجشيشُ: أَنْ يُطْحَنَ طَحْناً جَلِيلاً ثمَّ يُنصب بِهِ القِدْرُ ويُلْقَى فِيهِ لَحْمٌ أَو تمرٌ فيُطْبَخ، فَهَذِهِ الجشيشةُ.
وَقد جَشَشْبُ الحِنْطَةَ.
قَالَ: والجَرِيشُ: مثلُ الجشيشِ.
وَقَالَ رؤبة:
لَا يُتَّقى بالذَّرَقِ المَجْرُوشِ
مُرُّ الزُّوَانِ مَطحَنُ الجَشيشِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجشُّ: طَحْنُ السّويقِ والبُرِّ إِذا لم يُجْعَلْ دَقِيقًا.
والمِجَشَّةُ: رَحا صغيرةٌ يُجَشُّ بهَا الجشيشةُ من البُرِّ وَغَيره، وَلَا يُقَال للسَّويقِ: جشيشةٌ. وَلَكِن يُقَال: جَذِيذَةٌ.
قَالَ: والجَشَّةُ، والجُشَّةُ: لُغتان، وهم جماعةٌ من النَّاس يُقْبِلُون مَعًا فِي نَهْضَهٍ وثَوْرَة.
(ابنُ هانىءٍ عَن أبي مَالك) قَالَ: الجشَّةُ: النَّهْضَةُ.
وَيُقَال: هَل شَهِدْتَ جشَّتَهُمْ؟ أَي نَهْضَتُهُم.
وَجَاءَت جَشَّةٌ من النَّاس أَي جماعةٌ، وَقَالَ العجاج:
بجَشَّةٍ جشُّوا بهَا مِمَّنْ نَفَرْ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجُشُّ: الموضعُ الخَشِنُ الْحِجَارَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَشّهُ بالعصا: وجثَّه جشّاً وجثًّا إِذا ضربه بهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجشَّتِ الأرضُ وأبشَّتْ إِذا التفَّ نَبْتُها.

(10/239)


وَقَالَ أَبُو عبيد من السّحابِ الأجشّ الشّديد الصّوْتِ صَوْت الرَّعْدِ، وفَرَسٌ أَجَشُّ الصّوْتِ.
وَقَالَ لبيد:
بِأَجَشِّ الصَّوْتِ يعُبُوبٍ إِذا
طَرَقَ الحيُّ مِنَ الغَزْوِ صَهَلْ
وَقَالَ الليثُ: كانَ الخليلُ يَقُول: الأصْوَاتُ الَّتِي تُصَاغُ مِنْهَا الألْحَانُ: ثَلاَثَةٌ، فَمِنْهَا: الأجَشُّ، هُوَ صوتٌ من الرَّأْسِ يَخْرُجُ مِنَ الخَيَاشِيمِ، فِيهِ غِلَظٌ وبُحَّةٌ، فيُتْبَعُ بحَدْرٍ مَوْضُوع على ذَلِك الصَّوْت بِعَيْنِه، ثمَّ يُتْبَعُ بوَشْيٍ مِثْلِ الأوّل، فَهِيَ صيَاغَتُه، فَهَذَا الصَّوْتُ الأجشُّ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : جَشَشْتُ البِئْرَ أَي كَنَسْتُها.
وَقَالَ أَبُو ذؤيبٍ:
يقُولُون لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ أَوْرِدُوا
ولَيْسَ بهَا أَدْنَى ذُفَافٍ لوَارِدِ
والجُشُّ: شِبْهُ النَّجفَةِ فِيهِ غِلَظٌ وارْتِفَاعٌ، والجشّاءُ: أرضٌ سَهْلَةٌ ذاتُ حَصْبَاءَ تُسْتَصْلَحُ لغَرْسِ النَّخْلِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ جاشَتْ بجُمَّتِها
جشَّاء خالَطَتِ البَطْحَاءَ والجَبَلاَ
وجُشُّ أعْيَارٍ. مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي البَادِيةِ.
(قلت) : والخَشَّاءُ بالخاءِ: أَرْضٌ فِيهَا رَمْلٌ.
يُقَال: أَنْبَطَ فِي خَشَّاءَ.
شج: قَالَ الليثُ: الشَّجُّ: كسرُ الرَّأسِ.
يُقَال شَجَّه يَشُجُّهُ شَجّاً، وَكَانَ مِنْهُم شِجَاجٌ إِذا شَجَّ بَعْضُهُم بَعْضًا، والشَّجَجُ: أَثَرُ شَجَّةٍ فِي الجبين، والنَّعْتُ مِنْهُ: أشَجُّ.
قَالَ: وشجَجْتُ المَفَازَةَ شَجّا أَي قَطَعْتُها وشجَجْتُ الشَّرَابَ بالمِزَاجِ، وشَجَّتِ السَّفينَةُ البحرَ، وَمن أَمثالهم: (فلانٌ يَشُجُّ بيدٍ ويأْسُو بأخْرَى) إِذا أَصْلَحَ مَرَّةً وأَفْسَدَ مرَّةً.
وَأَخْبرنِي المُنْذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: الشَّجُّ: أَنْ يَعْلُوَ رأْسَ الشّيء بالضَّرْبِ، كَمَا يُشَجُّ رأْسُ الرّجُلِ، وَلَا يكونُ الشّجُّ إلاَّ فِي الرّأْسِ، والخَمْرُ يُشَجُّ بِالْمَاءِ.
وَقَالَ زُهَيْر يصفُ عَيْراً وأُتُنَه:
يَشُجُّ بهَا الأمَاعِزَ وَهِي تَهوِي
هُوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَها الرِّشاءُ
أَي يَعْلُو بالأتُنِ الأماعِزَ، والوَتِدُ يُسمَّى شجِيجاً، وجَمْعُ الشَّجَّةِ: شِجاجٌ.

(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض
جض، ضج: (مستعملات) .
جض: أهمل اللَّيْث جض:
روى أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَالْكسَائِيّ:

(10/240)


جضَّضْتُ عَلَيْهِ السَّيْف إِذا حَمَلْتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَضَّضَ إِذا حَمَلَ على عَدُوِّه بالسّيفِ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَضَّ إِذا مَشى الجِيَضَّى، وَهِي مِشْيَةٌ فِيهَا تَبَخْتُرٌ.
ضج: قَالَ اللَّيْث: ضَجَّ يضِجُّ ضجاً، وضَجَاجاً وضَجِيجاً، وضجّ البعيرُ ضَجِيجًا وضج القومُ ضَجاجاً، وَقَالَ العجاج:
وأَعْشَبَ النَّاسَ الضَّجَاجَ الأضْجَحَا
قَالَ: أَظْهَرَ الْحَرْفَيْنِ، وَبنى مِنْهُ أفعل لحاجتِه إِلَى القافية.
(الحَرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أضَجَّ القومُ إضْجَاجاً إِذا صاحُوا وجلَّبُوا، فَإِذا جزعُوا من شَيْء وغُلِبُوا قيل: ضَجُّوا يضِجُّون.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ضجَّ إِذا صاحَ مستغيثاً.
وروى أَبُو عبيد عَن الأمَوِيِّ نَحْواً ممَّا قَالَ ابْن السّكيت.
قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ الأصمعيُّ: الضَّجَاجُ: المُشَاغَبَةُ والمشاقَّةُ، وَهُوَ اسمٌ من ضاجَجْتُ وَلَيْسَ بمصدر وَأنْشد:
إنِّي إِذا مَا زَبَّبَ الأشْدَاقُ
وكَثُرَ الضَّجَاجُ واللَّقْلاَقُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الضَّجَاج: صَمْغٌ يؤكلُ رَطْباً فَإِذا جفَّ سُحِقَ ثمَّ كُتِّلَ وقُوِّيَ بالقِلى ثمَّ غُسِلَ بِهِ الثوبُ فيُنَقِّى تنقيَةَ الصابون.
وَقَالَ غَيره: الضَّجَاجُ: العَاجُ، وَهُوَ مثلُ السِّوارِ للمَرْأةِ، قَالَ الْأَعْشَى:
وتَرُدُّ مَعْطوف الضَّجَاجِ على
غَيْلٍ كأنَّ الوَشْمَ فِيهِ خِلَلْ
ومعْطوفُهُ: مَا عُطِفَ من طَرَفَيْهِ.

(بَاب الْجِيم وَالصَّاد)
ج ص
جص صج.
صج: أهمل اللَّيثُ صجَّ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنَّه قَالَ: صَجَّ إِذا ضربَ حديداً على حَدِيدٍ فصَوَّتا، والصّججُ: صَوْتُ الحَدِيد بَعْضِهِ على بعضٍ.
جص: قَالَ اللَّيْث: الجَصُّ: معروفٌ، وَهُوَ من كَلَام العَجَمِ، قَالَ: ولغةُ أهلِ الْحجاز فِي الجصِّ: القَصُّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الجَصُّ، وَلَا تقل: الجِصّ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جصَّص فلانٌ إناءهُ إِذا مَلأهُ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيدٍ وَالْفراء) : فَقَحَ الجِرْوُ وجَصَّصَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عمرٍ و، قالَ: ويصَّصَ: مِثْله.

(بَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س
جس سج.
جس: قَالَ اللَّيْث: الْجَسُّ: اللَّمْسُ بِالْيَدِ

(10/241)


لَتَنْظُرِ ممَسَّة مَا تمَسُّ.
والْجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، وَمِنْه: التَّجَسُّسُ قَالَ: والجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأخبارَ ثمَّ يَأْتِي بهَا.
قَالَ: والجَسَّاسَةُ دابّةٌ فِي جَزَائِرِ البَحْرِ تتجَسَّسُ الْأَخْبَار، وَتَأْتِي بهَا الدَّجَّال.
والمَجَسُّ والمَجَسَّةُ: ممسّةُ مَا جَسَسْته بِيَدِك.
قَالَ: والجواسُّ من الْإِنْسَان: خمسٌ، اليَدَانِ، والعَيْنَانِ، والفَمُ، والشَّمُّ، والسَّمْعُ، الْوَاحِد: جاسّةٌ، وَيُقَال بِالْحَاء: حاسّةٌ، والجميعُ: الحواسُّ.
وَيُقَال: تَجَسَّسْتُ الخَبَرَ، وتَحَسّسْتُهُ بِمَعْنى واحدٍ.
والعربُ تَقول: فلانٌ ضَيِّقُ المَجَسِّ إِذا لم يَكُنْ وَاسع السَّرْبِ، وفلانٌ واسعُ المَجَسِّ إِذا كَانَ واسعَ السَّرْبِ، رَحِيبَ الصَّدْرِ.
وَيُقَال: إنَّ فِي مَجَسِّكَ لَضِيقاً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : جَسَّ إِذا اخْتَبَرَ، وسَجَّ إِذا صَلَعَ.
سج: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سجَّ سَطْحَهُ يسُجُّهُ سَجّاً إِذا طيَّنَهُ.
والسُّجُجُ: الطَّايَاتُ المُمَدَّرَةُ:
قَالَ: والسُّجُجُ أَيْضا: النُّفُوسُ الطِّيَّبَةُ.
وَيُقَال للمَالَجِ: مِسَجَّةٌ، ومِمْلقَ، ومِمْدَرٌ، ومِمْلَطٌ ومِلْطَاطٌ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : إِذا جعل الرَّجُلُ اللَّبن أرقَّ مَا يكونُ بِالْمَاءِ فَهُوَ السَّجَاجُ، وَأنْشد:
يَشْرَبُه مَذْقاً ويَسْقِي عِيَالَه
سَجَاجاً كأقْرَابِ الثعالِبِ أَوْرَقا
ويقالُ: هُوَ يسُجُّ، ويسُكُّ سكاً إِذا رقَّ مَا يجيءُ مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال: سَجَّ بسَلْحِه وهكَّ بِهِ، وتَرَّ بِهِ إِذا حذف بِهِ.
وَفِي الحَدِيث (إنَّ الله قَدْ أَرَاحَكُمْ من السَّجَّةِ والبَجَّةِ) .
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ بعضُهُم: كَانَت آلِهَةً يَعْبُدُونَها، وَأنكر أَبُو سعيدٍ الضَّريرُ قَوْله، وزَعَمَ أَن السَّجَّة: اللَّبَنَةُ الَّتِي رُقِّقتْ بالماءِ، وَهِي السَّجَاجُ.
قَالَ: والبَجَّةُ: الدَّمُ الفَصِيدُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّة يَتَبَلَّغُونَ بهما فِي المَجَاعَاتِ، وَفِي حديثٍ آخر: (أَرض الجَنَّةِ سَجْسَجٌ) ، لَا حَرَّ فِيهَا وَلَا بَرْدَ، وكلُّ هواءٍ معتدلٍ: سَجْسَجٌ.
أَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس، يُقَال لَهُ: السَّجْسَجُ، قَالَ: وَمن الزَّوَالِ إِلَى العَصْرِ، يُقَال لَهُ: الهَجِيرُ، والهَاجِرَةُ، وَمن غُرُوبِ الشَّمْس إِلَى وَقت اللَّيْل: الجِنْحُ، ثمَّ السَّدَفُ، والمَلْثُ، والمَلْسُ.

(10/242)


سجس: (أَبُو عبيد عَن طَيْبَةَ الْأَعرَابِي) : السَّجَسُ: المَاء المُتَغَيِّرُ وَقد سَجِسَ الماءُ.
قَالَ: وَقَالَ الأحْمَرُ: لَا آتِيكَ سَجِيسَ الأوْجَسِ، ومِثْلُه: لَا آتِيكَ سجيس عُجَيْسٍ.
قَالَ: ومعناهُمَا: الدَّهْر وَأنْشد:
فأقْسَمْتُ لَا آتِي ابْنَ ضَمْرَةَ طَائِعا
سَجِيسَ عُجَيْسٍ مَا أَبَانَ لِسَانِي
قَالَ: وَيُقَال: كَبْشٌ ساجسِيٌّ إِذا كانَ أبْيَضَ الصُّوفِ فحيلاً كَرِيمًا، وَأنْشد:
كأنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَدْبَسَا
بَيْنَ صَبَّيْ لَحْيِهِ مجَرْفَسَا

(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز
جز، زج.
جز: قَالَ اللَّيْث: الجِزَزُ: الصُّوفُ الَّذِي لم يُسْتَعْمَلْ بَعْدَمَا جُزَّ، تَقول: صُوفٌ جِزَزٌ.
وَيُقَال: هَذِه جِزَّةُ هَذِه الشّاةِ أَي صوفُها المَجْزُوزُ عَنْهَا، وجمعُها: جِزَزٌ.
وَيُقَال للرَّجُلِ الضّخْمِ اللِّحْيَةِ كأنّه عاضٌّ على جِزَّةٍ أَي على صوف شاةٍ جُزَّتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزُّ: جَزُّ الشِّعْرِ وَالصُّوف والحَشِيشِ وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه: الجَزَاجِزُ: خُصَلُ العِهْنِ والصُّوفِ المصبوغةُ تُعَلَّقُ على هوادجِ الظّعائِنِ يَوْم الظَّعْنِ، وَهِي الثُّكَنُ والجَزَائِزُ، قَالَ الشماخُ:
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الجَزائزُ
وَقيل: الجَزِيزُ: ضَرْبٌ من الخرَزِ يُزَيَّنُ بِهِ جَوارِي الأعرابِ.
وَقَالَ النَّابِغَة: يصفُ نسَاء شَمَّرْنَ عَن أَسْوُقِهِنَّ حَتَّى بَدَت خلاخيلُهُنَّ:
خَرَزُ الجِزِيزِ من الخِدَامِ خَوَارِجٌ
مِنْ فَرْجِ كُلِّ وَصِيلَةٍ وإزَارِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزَازُ كالحصَادِ واقعٌ على الحينِ والأوَانِ يُقَال: أَجَزَّ النَّخْلُ كَمَا يُقَال: أَحْصَدَ البُرُّ.
وَقَالَ الْفراء: جَاءَنَا وقتُ الجِزَازِ، والجَزَازِ حِين يُجَزُّ الْغَنَمُ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أجَزَّ النخْلُ: حانَ لَهُ أنْ يُجَزَّ أَي يُصْرَمَ.
قَالَ: وَحكى لنا أَبُو عمرٍ و: قد جَزَّ التمرُ إِذا يَبِسَ يَجِزُّ جُزوزاً، وتمرٌ فِيهِ جُزُوزٌ.
وَيُقَال: قد جَزَزْتُ الكَبْشُ والنّعجة.
وَيُقَال فِي العَنْزِ والتَّيْسِ: حَلَقْتُهُمَا، وَلَا يُقَال: جَزَزْتُهما.
(أَبُو عبيد عَن اليزيديِّ) : أَجَزَّ القومُ، من الجَزَاز فِي الْغنم إِذا حَان أَنْ تُجَزَّ غَنَمُهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: جَزَّةُ: اسمُ أرضٍ مِنْهَا يخرجُ الدَّجَّال فِيمَا رُوي.
قَالَ: والجُزازُ: مَا فَضَلَ من الْأَدِيم إِذا قُطِعَ، الواحدةُ: جُزَازةٌ.

(10/243)


زج: قَالَ اللَّيْث: الزُّجُّ: زُجُّ الرُّمْح، والسَّهْم، والجميعُ: الزِّجَاجُ.
(قلت) : زُجُّ الرمْح: الحديدةُ الَّتِي تُرَكَّبُ سافلة الرُّمح، والسِّنَانُ: الَّتِي تُرَكَّبُ عاليتَه، والزُّجُّ يُرْكَزُ بِهِ الرمحُ فِي الأَرْض، والسِّنَانُ يُطْعن بِهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن اليزيديِّ) : أَزْجَجْتُ الرُّمَّحَ: جعلْتُ فِيهِ الزُّجَّ إزْجَاجاً، وزَجَجْتُ الرّجُلَ وَغَيره إِذا طعنته بالزُّجِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَزْجَجْتُ الرُّمحَ: جعلتُ لَهُ زُجّاً، وأنْصَلْتُه: نَزَعتُ نصله، وَلَا يُقَال: أَزْججْتُه إِذا نَزَعْتُ زُجَّه.
وَيُقَال لنصل السّهم: زُجٌّ.
وَقَالَ زُهَيْر:
ومَنْ يَعْصِ أطرافَ الزِّجَاجِ فإنّه
يُطيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ
قَالَ ابْن السّكيت: يقولُ: مَنْ عصى الأمرَ الصغيرَ صَار إِلَى الْأَمر الْكَبِير.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هَذَا مَثَلٌ، يَقُول. إنَّ الزُّجَّ لَيْسَ يُطعَنُ بِهِ، إنّما الطَّعْنُ بالسِّنَانِ، فَمن أَبى الصُّلحَ وَهُوَ الزُّجُّ الَّذِي لَا طَعْنَ بِهِ، أُعْطِي العَوَالِي، وَهِي الَّتِي بهَا الطَّعنُ.
قَالَ: ومثلٌ للْعَرَب (الطَّعْنُ يَظْأَرُ) أَي يعطِفُ على الصُّلح.
وَقَالَ خالدُ بن كُلْثُوم: كَانُوا يستقبلون أعداءهم إِذا أَرَادوا الصُّلحَ بأزِجّةِ الرِّماح، فَإِن أجابوا إِلَى الصُّلح وإلاَّ قلبوا الأسِنَّةَ وقاتَلُوهم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : إِذا طَعَن بالعَجَلَة.
قَالَ: والزُّجُجُ: الحِرابُ المنصَّلة، والزُّجُجُ أَيْضا: الحَميرُ المُقْتَتِلةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِزَجُّ: رُمحٌ قصير فِي أَسْفَله زُجٌّ.
والزَّجُّ: رَمْيُكَ بالشَّيْء تَزُجُّ بِهِ عَن نَفسك.
وَيُقَال للظَّلِيمِ إِذا عدا: زَجَّ برجليه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الزُّجُّ: طرَفُ المِرْفَقِ المحدَّدُ وإبْرَةُ الذِّراع: الَّتِي يَذْرَع الذارِعُ من عِنْدهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: زِجَاجُ الفَحْلِ: أَنْيَابُه.
وَأنْشد:
لَهَا زِجَاجٌ ولهَاةٌ فَارِضُ
قَالَ: والزَّجَجُ: دِقّةُ الحواجب، واسْتِقْواسُها، وزَجَّجَتِ المرأةُ حاجبَها بالمِزَجِّ.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
إِذا مَا الغَانِياتُ بَرَزْنَ يَوْماً
وزجَّجْنَ الحواجبَ والعُيونا
وَقَالَ اللَّيْث: الأزجُّ من النَّعام: الَّذِي فَوق عينِه ريشٌ أبيضُ، والجميع: زُجٌّ.

(10/244)


وَقَالَ غَيره: زَجَجُ النّعامة: طولُ رِجْلَيْهَا، قَالَه ابْن شُمَيْل.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) قَالَ: هُوَ الزُّجاج، والزَّجاج والزِّجاجُ للقَوارِيرِ، وأقلُّها الكَسْرُ.
وَقَالَ الليثُ: الزُّجَاجةُ فِي قَول الله: القِنْدِيلُ.
وأَجْمَادُ الزِّجَاجِ بالصَّمَّانِ، ذكرهُ ذُو الرمة:
فَظَلَّتْ بأَجْمَادِ الزِّجاجِ سَواخِطاً
صِيَاماً تغنِّي تَحْتَهُنَّ الصفائحُ
يَعْنِي الحَميرَ سَخِطَتْ على مَرْتَعِها ليُبْسه.
ج ط: مهمل

(بَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د
جد دج: مستعملان.
جد: تَقول العربُ: سُعِيَ بجَدِّ فلانٍ، وعُدِيَ بجَدِّه وأُدْرِكَ بجَدِّه إِذا كَانَ جدُّه جيِّداً.
والجَدُّ على وُجوهٍ، قَالَ الله تَعَالَى: {أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً} (الْجِنّ: 3) .
قَالَ الْفراء: حدَّثَني أَبُو إسرائيلَ عَن الحكم عَن مجاهدٍ أَنه قَالَ: جَدُّ رَبِّنا: جلالُ ربِّنَا.
وَقَالَ بعضُهم: عظمَةُ رَبِّنا، وهما قريبان من السَّواءِ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: (لَوْ عَلِمَتِ الجِنُّ أَنَّ فِي الإنْسِ جَدّاً مَا قَالَت: تَعَالَى جَدُّ ربّنَا، معناهُ أَنَّ الجِنَّ لَو علمت أَنَّ أَبَا الأبِ فِي الإنْسِ يُدْعى جدّاً مَا قَالَت الَّذِي أَخْبَرَ الله عَنهُ فِي هَذِه السُّورَةِ عَنْهَا) .
وَفِي الحَدِيث (كَانَ الرَّجُلُ إِذا قَرَأَ سُورة البَقَرَةِ، وَسورَة آل عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا) أَي جَلَّ قَدْرُه وعظُمَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقد رُوِيَ عَن الْحسن وعِكْرِمَةَ فِي قَوْله: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ} قَالَ أحدُهُما: غِنَاهُ، وَقَالَ الآخَرُ: عظمَتُه.
وَأما قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد تَسْلِيمه من الصَّلاة المكْتُوبةِ: (اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجدِّ مِنْكَ الجدُّ) ، فإنَّ أَبَا عبيدٍ قَالَ: الجَدُّ بِفَتْح الْجِيم لَا غَيْرُ، وَهُوَ الغِنَى والحظُّ فِي الرّزْقِ.
وَمِنْه قيل: لفلانٍ فِي هَذَا الأمْرِ جَدٌّ إِذا كَانَ مرزوقاً مِنْهُ، فتأْوِيلُ قَوْله: لَا يَنْفَعُ ذَا الجِدّ مِنْك الجدُّ أَي لَا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُه العملُ بطاعتِكَ.
قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِه: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} {إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشُّعَرَاء: 88، 89) .
وَكَقَوْلِه: {لاَ يَعْلَمُونَ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْءَامَنَ وَعَمِلَ} (سبأ: 37) ، الْآيَة.

(10/245)


ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (قُمْتُ على بابِ الجنَّةِ فَإِذا عامَّةُ مَنْ يَدْخُلُها الفُقَرَاءُ، وَإِذا أَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ) ، يَعْنِي ذَوِي الحظِّ والغِنَى فِي الدُّنْيَا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقد زَعَمَ بعضُ النَّاس أنَّمَا هُوَ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجِدِّ مِنْكَ الجِدُّ، بِكَسْر الْجِيم، والجِدُّ إِنَّمَا هُوَ الاجتهادُ فِي الْعَمَل.
قَالَ: وَهَذَا التأويلُ خلافُ مَا دَعَا الله إِلَيْهِ المؤمنينَ، وَوَصَفَهُمْ بِهِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه: {ياأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً} (الْمُؤْمِنُونَ: 51) ، فقد أَمرهم بالجِدّ وَالْعَمَل الصَّالح، وحَمِدَهُمْ عَلَيْهِ، فَكيف يَحْمَدُهم عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَنْفَعُهُم.
(قلت) : وقولُ الْعَرَب: فلانٌ صاعدُ الجَدَّ، معناهُ: البَخْتُ والحَظُّ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رَجُلٌ جَدِيدٌ إِذا كَانَ ذَا حَظَ من الرِّزْقِ، ورجُلٌ مَجْدُودٌ: مثلُه، وفلانٌ أجدُّ من فلانٍ، وأحَظُّ مِنْهُ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ أَنه قَالَ: رَجُلٌ جُدٌّ بضمِّ الْجِيم أَي مَجْدُودٌ، وقومٌ جُدُّونَ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ يُقَال: هم يَجَدُّونَ بهم ويَحَظُّونَ بهمْ، وَقد جدِدْتَ وحَظِظْتَ تَجَدُّ وتحَظُّ، أَي: صِرْتَ ذَا حَظَ وغِنًى.
والجَدُّ: أَبُ الأبِ مَعْرُوف، وَجمعه: جُدُودٌ، وجُدُودَةٌ وأَجْدَادٌ.
وأُمُّ الأمِّ، وأُمُّ الأبِ يُقَال لَهَا: جَدَّةٌ، وجمعُها: جَدَّاتٌ.
والجدُّ: مصدرُ جَدَّ التَّمرَةَ يَجُدُّها جَدّاً وَنهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جَدَادِ اللَّيْلِ.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ أَنْ يَجُدَّ النَّخْلَ لَيْلاً، والجَدَادُ: الصَّرَامُ.
يُقَال: إنَّه إنَّما نهى عَن ذَلِك لَيْلًا لمَكَان الْمَسَاكِين أنهُم كانُوا يَحْضُرُونَهُ فيتصَدَّقُ عَلَيْهِم مِنْهُ لقَوْله جلّ وعزّ: {وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام: 141) ، وَإِذا فعل ذَلِك لَيْلًا فَإِنَّمَا هُوَ فارٌّ من الصَّدَقَةِ.
قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ الْكسَائي: هُوَ الجِدَادُ والجَدَادُ، والحِصَادُ، والحَصَادُ، والقَطَافُ والقِطَافُ، والصَّرَامُ، والصِّرَامُ.
وَفِي حَدِيث أبي بكرٍ، أَنه قَالَ لابنته عَائِشَة عِنْد مَوته: (إنّي كُنْتُ نَحْلْتُكِ جادَّ عِشْرِينَ وَسْقاً من النَّخْلِ وبُودّي أنكِ كنت حُزْتيه فأمَّا الْيَوْم فَهُوَ مالُ الوَارِثِ) وتأويلُه أنَّه كَانَ نَحَلَها فِي صحّتِه نَخْلاً كَانَ يُجَدُّ مِنْهُ فِي كل سنةٍ عِشْرُون وَسْقاً، وَلم يكُنْ أقْبَضَها مَا نَحَلَها بِلِسَانِهِ، فلمّا مرض رأى النَّخْلَ وَهُوَ غيرُ مقبوضٍ غيرَ جائزٍ لَهَا فأَعْلَمها أَنه لم يصحّ لَهَا، وأنّ سائرَ الوَرَثَةِ شُرَكَاؤُها فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: لفلانٍ أرضٌ جادُّ مئةِ وَسْقٍ أَي تُخْرجُ مئَةَ وَسْقٍ إِذا زُرِعَتْ، وَهُوَ كلامٌ عربيٌّ فصيحٌ.

(10/246)


وَأما قَول الله جلّ وَعز: {مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} (فاطر: 27) فإنّ الْفراء قَالَ: الجُدَدُ: الخُطَطُ والطُّرُقُ تكونُ فِي الجبالِ، خُطَطٌ بيضٌ وسودٌ وحمرٌ، كالطُّرُقِ تكونُ فِي الْجبَال، واحدُها: جُدّةٌ.
وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
كأنّ سَرَاتَهْ وَجُدَّة مَتْنِه
كَنَائنُ يَجْرِي فوْقهُنَّ دليصُ
قَالَ: والجُدَّةُ: الخُطَّةُ السوداءُ فِي مَتْنِ الحمارِ، والدّليصُ: الَّذِي يَبْرُقُ.
وَقَالَ الزجاجُ: كلَّ طريقةٍ: جُدّةٌ، وجادّةٌ.
(قلت) : وجادّةُ الطريقِ: سُمِّيتْ جادّةً لِأَنَّهَا خُطَّةٌ مستقيمةٌ مَلْحُوبةٌ وجمعُها: الجوَادُّ بتَشْديد الدَّال.
وَقَالَ اللَّيْث فِي كِتَابه: الجادّةُ تخُفَّفَ وتُثَقَّلُ، أما المُخفَّفُ فاشتقاقه من الجَوَادِ إِذا أَخْرَجَه على فعله.
قَالَ: والمُشَدَّدُ: مَخْرَجُهُ من الطَّرِيق الجَدَدِ الْوَاضِح.
(قلت) : وَقد غلط اللَّيْث فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا، أما التَّخْفِيف فِي الجَادَةِ فَمَا علمت أحدا من أئمةِ اللُّغَة أجَازه، وَلَا يجوزُ أَن يكون فعلةً من الجَوَادِ بِمَعْنى السَّخِيِّ.
وَأما قَوْله: إِنَّه إِذا شُدّدَ فَهُوَ من الأَرْض الجَدَد فَغير صَحِيح، إِنَّمَا سُمِّيت المحجة المَسْلُوكةُ جادّةً لِأَنَّهَا ذاتُ جُدَّةٍ، وجُدّةٍ وَهِي طرقاتُها، وشَرَكُها المُخطَّطَةُ فِي الأَرْض، كَذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ فِي قَول الرَّاعِي:
فأصْبَحَت الصَّهْبُ العِتاقُ وَقد بدا
لهُنّ المَنارُ والجوادُ اللَّوائحُ
أَخطَأ الرَّاعِي حِين خفف الجوادّ وَهُوَ جمع الجادَّة من الطُّرُق الَّتِي بهَا جُدَدٌ.
والجُدّةُ أَيْضا: شاطىءُ النَّهر، إِذا حذفوا الْهَاء كسروا الْجِيم فَقَالُوا: جِدٌّ، وجُدّةٌ وَمِنْه: الجُدّة: سَاحل الْبَحْر بحذاء مكَّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: كُنَّا عِنْدَ جِدَّةِ النَّهْرِ بِالْهَاءِ، وأَصْلُهُ نَبَطِيٌّ: كِدٌّ فأُعْرِبَ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عمرٍ وكُنَّا عِنْد أَمِير، فَقَالَ جَبَلَةُ بنُ مَخْرَمَة: كُنَّا عِنْدَ جِدِّ النَّهْرِ، فقلتُ: جِدَّةُ النَّهْرِ، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فيهِ.
والجِدُّ بِلَا هاءٍ: البِئْرُ الجيِّدَةُ الموضعِ مِنَ الكَلأ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للْأَرْض المُسْتَويةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رَمْلٌ وَلَا اختلاَفٌ: جَدَدٌ.
(قلت) : والعربُ تَقول: هَذَا طَرِيقٌ جَدَدٌ إِذا كَانَ مستوياً، لَا حدَبَ فِيهِ وَلَا وُعُوثَة.
وَهَذَا الطريقُ أَجدُّ الطريقينِ أَي أَوْطؤُهُمَا وأشدُّهُما اسْتِوَاء، وأقَلُّهُما عُدَوَاءَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجَدَّ الرَّجُلُ فِي أَمْرِه يُجِدُّ إذَا بلغَ فِيهِ جِدَّه، وجدَّ: لُغَةٌ، وَمِنْه

(10/247)


يُقَال: جادٌّ مُجِدٌّ أَي مُجْتَهِدٌ، وَقد أجدَّ يُجِدُّ إِذا صارَ ذَا جِدَ واجتهادٍ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: لم يَجُدَّ.
(الْأَصْمَعِي) : الجُدَّادُ فِي قَول المُسَيَّبِ بن عَلَسٍ:
فِعْلَ السَّريعةِ بَادَرَتْ جُدَّادَهَا
قَبْلَ المَسَاءِ تَهُمُّ بالإسْرَاعِ
وَقَوله:
واللَّيْلُ غَامِرُ جُدَّادِهَا
قَالَ أَبُو نصر: سَمِعْتُ غيرَه يقُولُ: الجُدَّادُ: خُيُوطُ المِظَلَّةِ، قَالَ وَقَوله:
واللَّيْلُ غَامِرُ جُدَّادِها
كَانَت فِي الخُيُوطِ ألْوَانٌ فغمرها الليلُ بسوادِه فصارتْ على لونٍ واحدٍ، قَالَ: والسَّرِيعَةُ: المَرْأَةُ الَّتِي تسْرِعُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) قَالَ: الجُدَّادُ بالنَّبَطِيَّةِ: الخُيُوطُ المُعَقَّدَةُ، يُقَال: كُدَادٌ بالنَّبَطِيَّةِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يقالُ: جُدَّتْ أَخْلاَفُ النَّاقة إِذا أصابَها شيءٌ يَقْطَعُ أَخْلاَفَها، وناقةٌ جَدُودٌ وَهِي الَّتِي انْقَطع لبنُها.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ) : نَعْجَةٌ جَدُودٌ إِذا ذهب لبنُها إِلَّا قَلِيلا، وجمعُها: جَدَائِدُ، قَالَ: فَإِذا يَبِسَ ضرعُهَا فَهِيَ جدّاءُ.
والجدُودُ مِنَ الأُتُنِ: الَّتِي قد انْقَطع لبنُها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَدَّاءُ: الناقةُ الَّتِي قد انْقَطع لبنُها.
قَالَ: والمُجَدَّدَةُ: المصَرَّمَةُ الأطْبَاء، وأصلُ الجدِّ: القَطْعُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَدُودُ: النَّعْجَةُ الَّتِي قلَّ لبنُها مِنْ غَيْرِ بَأْس.
وَيُقَال لِلْعَنْزِ: مَصُورٌ وَلَا يقالُ: جَدُودٌ.
والجدَّاءُ: الَّتِي ذهب لبنُها من غير عَيْبٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يقالُ جُدَّ ثَدْيُ أُمِّهِ، وَذَلِكَ إِذا دُعِيَ عَلَيْهِ بالقَطِيعة.
وَقَالَ الهُذَلِيُّ:
رُوَيْدَ عليّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمِّهمْ
إلَيْنَا ولكِنْ وُدُّهُمْ مُتَمَايَنُ
(قلت) : وتَفْسِيرُ البيْتِ: أَنَّ عَلِيّاً: قبيلَةٌ من كنَانةَ، كأَنَّه قَالَ: رُوَيْدَك عَلِيّاً أَيْ أَرْوِد بهم، وارْفُقْ بهم، ثمَّ قالَ: جُدَّ ثَدْيُ أُمِّهمْ إلَيْنَا، أَي بَيْنَنَا وبَيْنهم خُؤُولةُ رَحِمٍ وقَرَابَةٌ من قِبلِ أُمِّهم، فهم مُنْقَطِعُونَ إِلَيْنَا بهَا، وَإِن كَانَ فِي ودّهم مَيْنٌ أَي كَذِبٌ ومَلَقٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للناقة: إِنَّهَا لَمَجَدَّةٌ بالرحْلِ إِذا كَانَت جادَّةً فِي السَّيْرِ.
(قلت) : لَا أَدْرِي قَالَ: مَجِدَّةٌ أَو مُجِدَّةٌ؟ فَمَنْ قَالَ: مَجِدَّةٌ فَهِيَ مِنْ جَدَّ يَجِدُ، وَمن قَالَ: مُجِدَّةٌ فَهِيَ مِنْ أَجَدَّتْ.
وِكِسَاءٌ مُجَدَّدٌ: فِيهِ خيوطٌ مختلفةٌ، وَيُقَال: كَبِرَ فلانٌ ثمَّ أصَاب فَرْحَةً وسروراً فَجَدَّ جِدَّةً كَأَنَّهُ صَار جَدِيدا.

(10/248)


والعربُ تقولُ: مُلاَءةٌ جديدٌ بِغَيْر هاءٍ لِأَنَّهَا بِمَعْنى مَجْدُودَةٌ أَي مقطوعةٌ، وثوبٌ جديدٌ: جُدَّ حَدِيثا أَي قُطِعَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجَدَّ فلانٌ أَمْرَهُ بِذَاكَ أَي أحكمهُ وَأنْشد:
أَجَدَّ بهَا أَمْراً وأَيْقَنَ أَنَّهُ
لَهَا أوْ لأخْرَى كالطَّحِينِ تُرَابُها
قَالَ أَبُو نصر: حُكيَ لي عَنهُ أنَّه قَالَ: أَجَدَّ بهَا أَمْراً معناهُ: أَجَدَّ أَمْرَه بهَا، والأوَّلُ: سَمَاعِي مِنْهُ.
قَالَ وَيُقَال للرجُلِ إِذا لبسَ ثوبا جَدِيدا: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسي.
ويقالُ: بَلِيَ بيتُ فلانٍ ثمَّ أَجَدَّ بَيْتا.
وَقَالَ لبيد:
تَحَمَّلَ أهْلَهَا وأَجَدَّ فِيهَا
نِعَاجُ الصَّيْفِ أَخْبِيَةَ الظِّلاَلِ
وأَجَدَّ الطريقُ إِذا صَار جدداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِدُّ: نقيضُ الهَزْلِ. يُقَال: جَدَّ فلانٌ فِي أمرِه إِذا كَانَ ذَا حقيقةٍ ومضاء.
وأجدَّ فلانٌ السَّيْرَ إِذا انْكَمَشَ فِيهِ.
والجِدَّةُ: مصدرُ الْجَدِيد.
وأجَدَّ ثوبا واسْتَجَدَّهُ.
قَالَ: وُجدَّةُ النَّهْرِ مَا قرب من الأَرْض مِنْهُ. وجديدُ الأَرْض: وَجْهُهَا. وَقَالَ الراجز:
حتَّى إِذا مَا خَرَّ لم يُوسَّدِ
إلاّ جديدَ الأرضِ أَو ظَهْرَ اليدِ
والجَدِيدَانِ، والأجَدَّانِ: الليلُ وَالنَّهَار، رواهُ أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ.
وتجمعُ الجُدودُ من الأتُنِ: جِدَاداً.
قَالَ الشماخ:
مِنَ الحُقْبِ لاحَتْهُ الجِدَادُ الغَوَارِزُ
وجَدُودٌ: موضعٌ بِعَيْنِه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : أجِدَّك، وأجَدَّك مَعْنَاهَا: مَالك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجِدَّك معناهُ: أبجِدَ هَذَا منكَ؟
وَقَالَ اللَّيْث: من قَالَ: أجِدَّك فَإِنَّهُ يستحلفهُ بِجِدّه وَحَقِيقَته، وَإِذا فتح الْجِيم استحلفَه بجدِّه وَهُوَ بَخْتهُ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقَالَ بعض النَّحْوِيين: معنى أجدَّكَ: أتجِدُّ جِدَّك؟ وَهُوَ ضدُّ اللَّعِب، وَلذَلِك نَصبه.
(شمرٌ عَن الْأَصْمَعِي) : الجَدْجَدُ: الأرضُ الغليظةُ.
قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَدَدُ: مَا اسْتَوَى من الأَرْض وأَصْحَرَ.
قَالَ: والصحراءُ: جَدَدٌ، والفضاءُ: جَدَدٌ لَا وعْثَ فِيهِ وَلَا جَبَل وَلَا أكَمة، ويكونُ وَاسِعًا، وقليلَ السعةِ، وَهِي أَجْدَادُ الأَرْض.

(10/249)


(أَبُو عَمْرو) : الجَدْجَدُ. الفَيْفُ الأمْلَسُ وَأنْشد:
كفَيْضِ الآتيّ على الجَدْجَدِ
قَالَ: والجُدْجُدُ: الَّذِي يَصِرُّ بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ العَدَبَّسُ: هُوَ الصّدى والجُنْدَبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُدْجُدُ: دُوَيْبَّةٌ على خلقَة الجُنْدُبِ إِلَّا أَنَّهَا سُوَيْدَاءُ قصيرةٌ، وَمِنْهَا مَا يضربُ إِلَى الْبيَاض، ويُسَمَّى أَيْضا صُرْصُراً.
قَالَ: والجدَّاءُ: المَفَازَةُ اليابسةُ، وَكَذَلِكَ السَّنةُ الجدَّاءُ، وَلَا يُقَال: عَام أَجَدُّ.
قَالَ: والجَدَّاءُ: الشاةُ المقطوعةُ الأذُنِ. وَفِي كتاب اللَّيْث: الجدّادُ: صَاحب الحانوتِ الَّذِي يبيعُ الخمرَ.
(قلت) : وَهَذَا حاقُّ التَّصْحِيف الَّذِي يَسْتَحِيي مِنْ مثله من ضعفت مَعْرِفَتُه فَكيف الَّذِي يدَّعي الْمعرفَة الثاقبة، وَصَوَابه: الحدَّادُ بِالْحَاء، وَقد مرَّ تفسيرُه فِي مضاعف الْحَاء.
وَيُقَال: رَكِبَ فلانٌ جُدَّةً من الْأَمر. أَي طَريقَة ورأياً رَآهُ.
والجُدَّةُ: الطريقةُ فِي السَّمَاء والجبل.
وَقَالَ اللَّيْث: جُدّادُ الطَّلْح: صِغَارُه، وَمِنْه قَول الطرماح:
تَجْتَنِي ثامر جُدّادِه
مِنْ فُرادَى بَرَمٍ أَو تَوْأَمِ
(عمروٌ عَن أَبِيه) : الجُدْجُدُ: بَثْرَةٌ تَخْرُجُ فِي وسطِ الحدَقةِ.
والجُدْجُدُ: الأرضُ الصُّلْبَةُ.
والجُدْجُدُ والصُّرْصُرُ: صيَّاحُ اللَّيْل.
قَالَ وَيُقَال: صَرَّحَتْ جِدَّاءُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ، وصَرَّحتْ بجِدَّى غَيْرَ مُنْصَرِفٍ، وبجِدَّ غير مُنْصَرِفٍ؟ وبجِدَّانَ، وبجِذَّانَ، وبقِدَّانَ، وبقِذَّانَ، وبقِرْدَحْمَةَ وبقِذَّحْمَةَ،، وأَخْرَجَ اللَّبَنُ أزْغِدَتَهُ، كل هَذَا فِي الشَّيْء إِذا وَضَحَ بعد التباسه.
وَقَالَ شمرٌ: الجدّاءُ: الشّاة الَّتِي انْقَطع أَخْلاَفُهَا.
وَقَالَ هِيَ المقطوعةُ الضّرْع، وَقيل: هِيَ اليابسةُ الأخْلاَفِ، إِذا كَانَ الصِّرَارُ قد أضَرَّ بهَا.
(سلمةُ عَن الْفراء) : الأجَدَّانِ، والأحَدَّانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَار.
قَالَ أَبُو عبيد: جَاءَ فِي الحَدِيث (فأَتَيْنَا على جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجُدْجُدُ لَا يُعْرَفُ إِنَّمَا الْمَعْرُوف: الجُدُّ، وَهِي البِئْرُ الجيِّدَةُ الموضعِ من الكَلإِ.
وروى غيرُه عَن اليزيديِّ أَنه قَالَ: الجُدْجُدُ: البئْرُ الكثيرةُ المَاء.
قَالَ الْأَزْهَرِي: ونَظِيرُه: الكُمْكُمَةُ للكُمَّةِ، والرَّفْرَفُ للرَّفِّ.

(10/250)


دج: (عمرٌ وَعَن أَبِيه) : دَجَّ إِذا أسْرع، يَدِجُّ.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ودَجَّ البيتُ إِذا وَكَفَ.
وَفِي حَدِيث ابنِ عُمرَ (هَؤُلَاءِ الدّاجُّ، ولَيْسُوا بالحاجّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الدّاجُّ: الذينَ يكونونَ مَعَ الحاجّ مثل الأُجَرَاءِ والجمّالِينَ والخدمِ وأشباهِهِم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنّما قيل لَهُم: داجٌّ لأَنهم يَدِجُّونَ على الأَرْض.
والدَّجَجَانُ هُوَ الدَّبِيبُ فِي السَّيْر. وأنشدنا:
بَاتَتْ تُدَاعِي قِرَباً أَفَايِجا
تَدْعُو بِذَاكَ الدَّجَجَان الدَّارِجَا
قَالَ أَبُو عبيد: أرادَ ابنُ عُمَرَ أَنْ هؤلاءِ لَيْسَ عِنْدهم شيءٌ إلاّ أنّهم يَسِيرُونَ ويَدِجُّونَ وَلَا حَجَّ لَهُم.
وَقَالَ غيرُه: دَجَّ يَدِجُّ، ودَبَّ يَدِبُّ بِمَعْنَى.
وَقَالَ ابْن مُقْبِلٍ:
إذَا سَدّ بالمَحَلِ آفاقَها
جَهَامٌ يَدِجُّ دَجِيجَ الظّعَنْ
وَقَالَ الأصمعيّ: دَجَجْتُ السِّتْرَ دجّاً إِذا أَرْخَيْته، فَهُوَ مدجوجٌ.
ودَجُوجٌ: اسمُ جَبَلٍ فِي بِلَاد قَيْس.
(أَبُو عبيد عَن الأمويِّ) : دَجَّجَتِ السماءُ إِذا تَغَيّمَتْ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّجُجُ: الجبالُ السّودُ، والدُّجُحُ أَيْضا: تَرَاكُمُ الظلام.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدّاجُّ: التُّبَّاعُ والجمَّالُون، والحاجُّ: أصحابُ النِّيَّات، والنَّاج: المُراؤُون.
وَقَالَ الْكسَائي: دَجْدَجْتُ بالدّجَاجَةِ، وكَرْكَرْت بهَا إِذا صِحْتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّجَّةُ: شدّةُ الظلمَة، وَمِنْه اشتقاقُ الدَّيْجوجِ يَعْنِي الظلام، وليلٌ دجُوجِيُّ، وشعرٌ دجوجيٌّ، وسوادٌ دجوجيٌّ.
وتَدَجْدَجَ الليلُ، فَهِيَ دَجْدَاجَةٌ.
وَأنْشد:
إذَا رِدَاءُ لَيْلَةٍ تَدَجْدَجَا
(أَبُو عبيد) : المُدَجَّجُ: اللاّبسُ السِّلاَحِ التَّامّ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: مُدَجِّجٌ، ومُدَجَّجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُدَجَّجُ: الفارسُ الَّذِي قد تَدَجّجَ فِي شِكّتِه.
والمُدَجَّجُ: الدُّلْدُلُ من القنافذ، وإيَّاهُ عَنى القائلُ:
ومُدَجَّجٍ يعدُو بشِكَّتِه
مُحْمَرَّةٍ عيْنَاهُ كالكلْبِ
وَقَالَ: الدَّجَاجَةُ: لُغَةٌ فِي الدِّجَاجَةِ.
قَالَ: والدَّجَاجَةُ: جَسْتَقَةٌ من الغَزْلِ وَأنْشد

(10/251)


قَول الخُزَاعِيِّ:
وعجُوزاً رَأَيْتُ باعَتْ دَجَاجاً
لم يُفَرِّخْنَ قد رَأَيْتُ عُضَالا
ودَجَاجَة: اسمُ امْرَأةٍ.
وقِيلَ فِي قَول لبيد:
بَاكَرْتُ حَاجَتَها الدَّجَاجَ بسُحْرَةٍ
إِنَّه أَرَادَ بالدَّجاج: الدِّيكَ، وصَقِيعَهُ فِي سَحَرِهِ.
وجَمْعُ الدَّجَاجِ: دُجُجٌ.

(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت
جت، تج: أهملهما اللَّيْث.
جت: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الجتُّ: الجسُّ للكَبْشِ ليُنْظَرَ أسمينٌ أم لَا، جَتَّهُ، وجَسَّه، وغَبَطَه.

(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ
جظ، ظج: أهملهما اللَّيْث.
جظ: وَفِي حديثٍ رواهُ مجاهدٌ عَن أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ألاَ أُنْبِئُكَ بأَهْل النَّار، كُلُّ جظَ جَعْظٍ مُسْتَكْبِرٍ منَّاعٍ) ، قلتُ: مَا الجَظُّ؟ قَالَ: الضَّخْمُ، قُلْتُ: مَا الجعْظُ؟ قَالَ: العَظِيمُ فِي نَفْسِهِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جظَّ إِذا سَمِنَ مَعَ قِصَرٍ.
وَقَالَ بعضُهُم: الجظُّ: الرَّجُلُ الضّخْمُ الكثيرُ اللَّحْمِ.
وَفِي (نوادِرِ الأعرابِ) يُقَال: جَظَّهُ، وشَظَّه، وأرَّهُ إِذا طَرَدَهُ، قَالَ: ومَرَّ بِي فلانٌ يجُظُّ، ويَعُظُّ، ويَلْعَظُ، كُلُّه فِي العَدْوِ.
ظج: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : ظجَّ إِذا صَاح فِي الْحَرْب صِياحَ المستغيث.
(قلت) : الأَصْل فِيهِ ضَجَّ، ثمَّ جُعل: ضَجَّ فِي غير الحَرْبِ، وظج فِي الْحَرْب.

(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ
جذ. ذج: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث (ذج) .
ذج: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه قَالَ: ذَجَّ الرَّجُلُ إِذا قدِمَ من سَفَرٍ، فَهُوَ ذَاجٌّ.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه أنّه قَالَ: ذَجَّ إِذا شَرِبَ.
جذ: قَالَ اللَّيْث: الجَذُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِلُ الوَحِيُّ، والكَسْرُ للشَّيْء الصُّلْبِ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ} (الْأَنْبِيَاء:

(10/252)


58 -) قَرَأَهَا الناسُ: جُذَاذاً، وَقرأَهَا يحيى بنُ وثَّابٍ: (جِذاذاً) فَمن قَرَأَ: جُذَاذاً، فَهُوَ مِثْلُ الحُطام والرُّفَاتِ، وَمن قَرَأَ: (جِذَاذاً) فَهُوَ جمع جَذِيذٍ، مثلُ خفيفٍ، وخِفاف.
وَرُوِيَ عَن أَنَسٍ (أَنه كَانَ يأكُلُ جذِيذَةً قبل أَنْ يغْدُوَ فِي حاجتِه) أرادَ بالجذيذَةِ: شَرْبةً من سويقٍ، سُمِّيَتْ جَذِيذَةً لِأَنَّهَا تُجَذُّ أَي تُكسر، وتُجشُّ إِذا طُحِنَتْ.
وَيُقَال: لحِجارةِ الذّهَبِ: جُذَاذٌ، لأنّها تُكسرُ، وتُسْحَلُ.
وَأنْشد:
كَمَا صَرَفَتْ فَوْقَ الجُذَاذِ المَسَاحِنُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُذَاذُ: قِطَعُ مَا كُسرَ، الواحدةُ: جُذَاذَةٌ.
قَالَ: وقطَعُ الفضّةِ الصِّغَارُ: جُذَاذٌ.
والسّويقُ الجَذِيذُ: الكثيرُ الجُذاذِ.
والجَذيذَةُ: الجَشيشَةُ تُتَّخَذُ سويقاً غليظاً.
قَالَ: وجَذذْتُ الحَبْل جذّاً: قَطَعْتُه فانجذَّ أَي انْقَطع.
قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى ابْن الفَرجِ: الجذّانُ والكذّانُ: حجارةٌ رخْوةٌ، الواحدةُ: جَذّانةٌ، وكذّانةٌ، وَمن أَمْثَالِهِم السَّائرة فِي الَّذِي يُقْدِمُ على الْيَمين الكاذبة (جذّها جذَّ الْبَعِير الصِّلِّيانَةَ) أَرَادوا أنّه أسْرع إِلَيْهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَذُّ: طرفُ المِرْوَدِ، وَهُوَ الميلُ وَأنْشد:
قالَتْ وقَدْ سَافَ مَجِذَّ المِرْوَدِ
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أنَّ الحسْناء إِذا اكْتَحَلتْ مسَحَت بطرَفِ الْميل شفتَيْها لتَزْداد حُمَّةً أَي سواداً، وساف أَي شمَّ.

(بَاب الْجِيم والثاء)
ج ث
جث ثج: مستعملان.
جث: قَالَ اللَّيْث: الجثُّ: قَطْعُك الشَّيْء من أصْلِه، والاجْتِثَاثُ: أَوْحَى مِنْهُ، يُقَال: جَثَثْتُهُ، واجْتَثَثْتُه فانْجَثَّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي الشَّجرَةِ الخَبِيثةِ: {اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاَْرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} (إِبْرَاهِيم: 26) .
وَقَالَ الزجاجُ أَي استُؤْصِلتْ من الأَرْض وَمعنى اجْتُثَّ الشيءُ فِي اللُّغَة: أُخِذتْ جُثَّتُه بكمالها:
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَثَّ المُشْتَارُ إِذا أَخذ العسلَ بجثّه ومَحَارِينِه وَهُوَ مَا مَاتَ من النَّحْل فِي الْعَسَل.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّجَرَةُ المُجتَثَّةُ: الَّتِي لَا أَصْل لَهَا.
وَقَالَ ساعِدَةُ الهُذَلِيُّ يذكُرُ المُشْتَارَ:
فَمَا بَرِحَ الأسْبَاب حَتَّى وضَعْنَهُ
لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جثَّها ويَؤُومُهَا
يؤومُها: يُدَخِّنُ عَلَيْهَا من الإيام.

(10/253)


(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يقولُ فِي صغَار النخْلِ أوَّلَ مَا يُقْلَعُ مِنْهَا شيءٌ من أُمِّهِ فَهُوَ: الجَثيثُ والوديُّ والهِرَاءُ والفَسِيلُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَثِيثَةُ: النَّخْلةُ الَّتِي كَانَت نواةً فحُفِرَ لَهَا وحُمِلَتْ بجُرْثُومَتِها، وَقد جُثَّتْ جثّاً.
(النضرُ عَن أبي الخطَّاب) قَالَ: الجثيثَةُ: مَا تساقَطَ من أُصول النخْلِ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : جُئث الرَّجُلُ جأْثاً، وجُثَّ جثا، فَهُوَ مَجْؤُوثٌ، ومَجْثُوث إِذا فزع وَخَافَ.
ثج: سُئلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحجّ فَقَالَ: (هُوَ العَجُّ والثَّجُّ) فَأَما العَجُّ فرَفْعُ الصَّوْت بالتَّلْبِيَةِ، وَأما الثَّجُ فَإِن أَبَا عبيدٍ زعم أَنه سيلانُ دِمَاء الهَدْي، وذَكَرَ حَدِيث المُسْتَحَاضَةِ أَن النبيَّ عَلَيْهِ السلامُ قَالَ لَهَا: (احتشي كُرْسُفاً) ، فَقَالَت: إِنَّه أكثرُ من ذَلِك إنّي أثُجُّه ثجّاً، فَقَالَ: (تَلَجَّمي واسْتَثْفِرِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ من المَاء الثَّجَّاج السَّائِل.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: ثَجَجْتُ المَاء ثَجًّا أثُجُّه، وَقد ثَجَّ يثِجُّ ثُجُوجاً، ويجوزُ: أثْجَجْتُه بِمَعْنى ثَجَجْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: مطرٌ ثجَّاجٌ: شديدُ الانصباب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الثّجَّةُ: الرَّوْضَةُ إِذا كَانَ فِيهَا حياضٌ للْمَاء، تصوب فِي الأَرْض، لَا تُدْعَى ثجّةً مَا لم يكنْ فِيهَا حياضٌ، وَجَمعهَا: ثَجّاتٌ.
وثَجَّ الماءُ يَثِجُّ إِذا انْصبَّ.
ورجلٌ مِثَجٌّ: إِذا كَانَ خَطِيبًا مُفوَّهاً.

(بَاب الْجِيم وَالرَّاء)
ج ر
جر، رج، جرج: مستعملة.
جر: قَالَ اللَّيْث: الجَرُّ: آنِيَةٌ من خَزَفٍ، الْوَاحِدَة: جَرَّةٌ، والجميع: جِرَارٌ.
وَفِي الحَدِيث: (النّهْيُ عَن شُرْب نَبِيذ الجرِّ) : أَرَادَ مَا يُنْبَذُ فِي الجِرَارِ الضّارِية يدخُلُ فِيهَا الحَنَاتِمُ وغيرُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرَارَةُ: حِرْفةُ الجرَّار.
والجرَّارَةُ: عُقَيْرِبَةٌ صفراءُ كأنّها تِبْنَةٌ.
(قلت) : سُمِّيَتْ جرَّارةً لجِرَّها ذَنَبَها، وَهِي مِنْ أخبثِ العقاربِ وأَقْتَلها لِمنْ تَلْدَغُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَارُورُ: نَهْرٌ يَشُقُّهُ السَّيْلُ فيجُرّه.
والجَرُورُ من الركايا: البعيدةُ القَعْرِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بِئرٌ جَرُورٌ وَهِي الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا على بعيرٍ.
وَقَالَ ابْن بُزُرجَ: مَا كَانَت جَرُوراً، وَلَقَد أَجرَّتْ، وَلَا جُدَّاً وَلَقَد أَجَدَّتْ، وَلَا عِدّاً، وَلَقَد أَعدَّت.

(10/254)


(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَرُّ فِي الْإِبِل أَنْ تَجُرّ الناقةُ وَلَدهَا بعد تَمام السّنة شهرا أَو شَهْرَيْن.
قَالَ: والسُّودُ من الْإِبِل: أغلظُ جُلوداً وأضْيَقُ أجوافاً من غَيرهَا، وَلَا يكادُ شيءٌ منْهنّ يجُرُّ، وأطْولُهُنّ جراً: الحُمْرُ والصُّهْبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرُورُ من الْحَوَامِل: الَّتِي تجُرُّ وَلَدهَا إِلَى أقْصَى الْغَايَة، أَو تجاوزُ وَأنْشد:
جرّتْ تَمامًا لم تُخنِّقْ جَهْضَا
وَأما الإبلُ الجارَّةُ فَهِيَ العَوَامِلُ الَّتِي تُجَرُّ بالأزِمَّةِ، وَهِي فاعلةٌ بِمَعْنى مفعولةٌ، ويجوزُ أَنْ تكونَ جارّةً فِي سَيرهَا، وجرُّها أَنْ تُبْطِىءَ وتَرْتَعَ.
والجَرُّ: سَفْحُ الْجَبَل، ويُجْمعُ جِراراً.
وفلانٌ يَجُرُّ الْإِبِل أَي يسوقُها سوقاً رُوَيْداً.
قَالَ ابنُ لَجَأ:
تَجُرَّ بالأهْوَنِ مِنْ أدْنَائِها
جَرَّ العَجُوزِ الثِّنْيَ من جفَائِهَا
وَقَالَ:
إِنْ كُنْتَ يَا رَبَّ الجِمَالِ حُرَّا
فارْفَعْ إِذا مَا لم تَجِدْ مَجَرَّا
يُقَال: جُرَّهَا على أفواهها، أَي سُقْها وَهِي تَرْتَعُ وتُصِيبُ من الْكلأ.
وَقَوله: ارفَعْ إِذا لم تَجِدْ مجرَّا، يقولُ: إِذا لم تَجِدِ الإبلُ مرْتَعاً فارْفَعْ فِي سَيرهَا، وَهَذَا كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سافرْتُمْ فِي الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا) .
وَقَالَ الراجز:
أَطْلَقَهَا نِضْوَ بَلِيَ طِلْحِ
جرّاً على أَفْوَاهِهنَّ السُّجْح
أَرَادَ أَنَّهَا طِوَالُ الخَرَاطِيمِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَرَّ يجُرُّ إِذا جَنَى جِنايةً.
وجَرَّ يجُرُّ: إِذا ركبَ نَاقَة وَتركهَا ترعى.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمَرَ: (أنّه شهد فَتح مكّة، وَمَعَهُ فرسٌ حَرُونٌ، وجملٌ جرُورٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجملُ الجَرُورُ: الَّذِي لَا ينقادُ، وَلَا يكادُ يتْبَعُ صَاحبه.
(قلت) : وَهُوَ فَعُولٌ بِمَعْنى مفعولٍ، ويجوزُ أَن يكون بِمَعْنى فَاعل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الجَرُورُ من الْخَيل: البطيء، ورُبّما كَانَ من قِطَافٍ.
وَأنْشد:
جرُورُ الضُّحَى مِنْ نَهْكَةٍ وسآمِ
وجمعُه: جُرُرٌ، وَأنْشد:
جُرُرُ القِيادِ وَفِي الطِّرادِ كأنّها
عِقْبانُ يومِ تَغَيُّمٍ وطِلاَلِ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي قَول مُزَاحِمٍ العُقَيْلِيِّ:
أَخَادِيدُ جَرَّتْهَا السّنَابِكُ غادَرَتْ
بهَا كلَّ مشْقُوقِ القَميصِ مُجَدَّلِ

(10/255)


(قلت) : للأصمعي: جرّتْهَا السّنَابِكُ من الجَرِيرَةِ. قَالَ: لَا وَلَكِن من الجَرِّ فِي الأَرْض والتَّأْثِير فِيهَا كَقَوْلِه:
مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمينَ وخُيَّبِ
وَقَالَ شمرٌ: امرأةٌ جرُورٌ: مُقْعَدَةٌ.
وركِيَّةٌ جرُورٌ: بعيدةُ القَعْرِ.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أَجْرَرْتُ الفَصِيلَ إِذا شققْتَ لسانهُ لئلاَّ يرْضعَ.
وَقَالَ عَمْرو بنُ مَعْدِي كَرِبَ:
فَلَو أَنَّ قومِي أَنْطَقَتْني رِماحُهُمْ
نَطَقْتُ ولكنّ الرِّماح أَجَرَّتِ
أَي لَو قاتلُوا وأَبلَوْا لذكَرْتُ ذَلِك، ولكنَّ رماحَهُم أجرَّتْنِي أَي قطعتْ لساني عَن الْكَلَام أرادَ أَنَّهُم لم يقاتِلُوا: / /
وَيُقَال: قد أجرّه الرُّمحَ إِذا طعنه وتَرَكَ الرمْح فِيهِ.
قَالَ الشَّاعِر:
ونَجُرُّ فِي الهَيْجَا الرّماح ونَدّعِي
وَيُقَال: قد أَجْرَرْتُه رسَنه إِذا مَا تَرَكْتَه يصنعُ مَا يشاءُ.
وَقد جَرَرْتُ الشَّيْء جرّاً أجُرُّهُ.
وجرَّتِ الناقةُ تجُرُّ جرّاً إِذا أتَتْ على مَضْرِبها ثمَّ جاوزتْهُ بأيّامٍ وَلم تُنْتجْ.
وَقد جَرّ عَلَيْهِ يجُرُّ جرِيرَةً إِذا جنَى.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ الْمُنْذِرِيّ: من أمثالهم (هُوَ كالباحث عَن الجُرّةِ) .
قَالَ: وَهِي عَصا تُرْبَطُ إِلَى حِبَالَةٍ تُغيَّبُ فِي التُّرَابِ للظَّبْي يُصطادُ بهَا، فِيهَا وتَرٌ، فَإِذا دَخَلَتْ يَدُهُ فِي الحِبَالَةِ انْعقدت الأوْتَارُ فِي يَدَيْهِ، فَإِذا وثبَ ليُفْلِتَ فمدَّ يدَهُ ضَرَبَ بتلكَ الْعَصَا يَدَهُ الْأُخْرَى ورِجْلَهُ فَكَسرهَا، فَتلك العَصَا هِيَ الجُرَّةُ.
قَالَ: وَمن أمْثَالِهم فِيهَا (نَاوَصَ الجُرَّةَ ثُمَّ سَالَمَها) يُضربُ مثلا لمن يقعُ فِي أمْرٍ فيَضْطَرِبُ فِيهِ ثُمَّ يسْكُنُ.
قَالَ: والمناوصَةُ: أَن يَضْطَرِبَ فَإِذا أعياهُ الخلاصُ سَكَنَ.
قَالَ: والجُرَّةُ: خشبةٌ قَدْرُ ذِراعٍ تُنْصَبُ فِي رَأسهَا كُفَّةٌ، وَفِي وَسطهَا حبلٌ يُحْبَلُ للظَّبْي فَإِذا وَقع فِيهَا مارسها لِيَنْفَلِتَ فَإِذا أَعْيَتْهُ سكن.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سُئِلَ ابْن لسانِ الحُمَّرَةِ عَن الضَّأْنِ فَقَالَ: مالُ صِدْقٍ، قَرْيَةٌ لَا حِمَى لَهَا إِذا أَفْلَتَتْ من جُرَّتَيْها يَعْنِي بجُرَّتَيْها المَجَرَ فِي الدَّهْر الشَّديد، والنَّشَرَ، وَهُوَ أَن تَنْتَشِرَ بِاللَّيْلِ فَيَأْتِي عَلَيْهَا السِّباعُ.
(قلت) : جَعَلَ المَجَرَ والنَّشَرَ لَهَا جُرَّتَيْنِ أَي حبالَتَيْنِ تقعُ فيهمَا فتهلكُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجُرُّ: جمع الجُرَّةِ وَهِي المكُّوكُ الَّذِي ثُقبَ أَسْفَله يكونُ فِيهِ البَذْرُ فيَمْشي بِهِ الأكَّار

(10/256)


ُ والفَدَّانُ، وَهُوَ يَنْهَالُ فِي الأرضِ.
قَالَ: والجَرُّ: الزَّبِيلُ، والجَرُّ: أَصْلُ الجَبَلِ، والجَرُّ: أَنْ تَزِيدَ الناقةُ على عَدَدِ شهورها، والجرُّ: الجَرِيرَةُ، والجَرُّ: أَن تسير الناقةُ وترعى وراكبُها عَلَيْهَا وَهُوَ الانْجِرَارُ، وَأنْشد:
إنِّي على أوْنِيَ وانْجِرَارِي
أؤُمُ بالمَنْزِلِ والدَّرَارِي
أَرَادَ بالمَنْزِلِ: الثُّرَيَّا.
وَقَالَ الليثُ، يُقَال: جُرَّ الفصيلُ فَهُوَ مجرورٌ، وأُجِرَّ فَهُوَ مُجَرٌّ، وَأنْشد:
وإنِّي غَيْرُ مجرُورِ اللِّسَانِ
قَالَ: والمَجَرَّةُ: شَرَجُ السَّمَاء.
والمَجَرُّ: المَجَرَّةُ، وَمن أمثالهم (سِطِي مَجَرّ تُرطِبْ هَجَرْ) يُرِيدُ: توسَّطي يَا مَجَرَّةُ كَبِدَ السَّمَاء، فإنَّ ذَلِك وقتُ إرْطَابِ النَّخِيلِ بهَجَرَ.
وَيُقَال: كَانَ عَاما أَوَّلَ كَذَا، وَكَذَا فهَلُمَّ جَرًّا إِلَى الْيَوْم أَي امْتَدَّ ذَاك إِلَى الْيَوْم.
وسَمِعْتُ المُنْذِريَّ، يَقُول: سمعتُ المُفَضَّلَ بن سَلَمَةَ فِي قَوْلهم: هَلُمَّ جرًّا أَي تعالَوْا على هِينَتِكُمْ، كَمَا يَسْهَلُ عَلَيْكُم من غير شِدَّةٍ وَلَا صُعوبةٍ، وأصلُ ذَلِك من الجَرِّ فِي السَّوْقِ، وَهُوَ أَن تُتْرَكَ الإبلُ والغنمُ تَرْعَى فِي مَسِيرِهَا، وَأنْشد:
لطالما جَرَرْتُكُنَّ جرَّا
حَتَّى نوى الأعْجَفُ واسْتَمَرَّا
فاليَوْمَ لَا آلُوا الرِّكاب شَرَّا
وتقولُ: فعلتُ ذَلِك مِنْ جَرَّاكَ، ومِنْ جَرِيرَتِكَ أَي من أَجْلِكَ.
قَالَ أَبُو النَّجْم:
فاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنْ جرَّاها
واهاً لِرَيَّا ثُمَّ واهاً واها
والجِرَّةُ: جِرَّةُ البَعِيرِ حِين يَجْتَرُّها فيَقْرِضُها ثمَّ يَكْظِمُهَا، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: أصلُ الجَرْجَرَةِ: الصوتُ: وَمِنْه قيل للبعير إِذا صوَّت: هُوَ يُجَرْجِرُ.
وَقَالَ الأغْلَبُ يصفُ فَحْلاً:
وهْوَ إذَا جَرْجَرَ بَعْدَ الهَبِّ
جَرْجَرَ فِي حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ
(قلت) : أَرَادَ بقوله: يُجَرْجِرُ فِي جَوْفه نارَ جَهَنَّم أَي يَحْدُرُ فِيهِ نَار جَهَنَّم إِذا شرب من آنِيةِ الذَّهَبِ فَجعل شُرْبَ المَاء، وجَرْعَهُ جَرْجَرَةً، لصوتِ وُقُوع المَاء فِي الْجوف عِنْد شِدَّةِ الشّرْب، وَهَذَا كقولِ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً} (النِّسَاء: 10) فَجعل أكل مَال اليتيمِ مثل أكل النارِ، لِأَن ذَلِك يُؤدِّي إِلَى النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْجَارُ: نَبَاتٌ، والجِرْجِيرُ: نَبْتٌ آخَرُ معروفٌ.
وَقَالَ غَيره: يقالُ للحُلُوقِ: الجَرَاجِرُ لما

(10/257)


يُسْمَعُ من صَوت وُقُوع المَاء فِيهَا، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
لهامِيمُ يَسْتَلْهُونَها فِي الجَرَاجِرِ
(أَبُو عبيد) : الجَرَاجرُ، والجَرَاجبُ: العظامُ من الْإِبِل، الواحدُ: جُرْجُورٌ، يُقَال: إبل جُرْجُورٌ: عظامُ الأجواف.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْجِرُ: القُولُ، فِي كَلَام أهل الْعرَاق:
والجَرْجَرُ: مَا يُدَاسُ بِهِ الكُدْسُ من حديدٍ.
والتّجَرْجُرُ: صبُّك المَاء فِي حَلْقِكَ.
(ابنُ نَجْدة) : هِيَ القِرَّيَّةُ والجرِّيَّةُ للْحَوْصَلَة.
وَقَالَ غيرُهُ: الجرِّيُّ: لغةٌ فِي الجرِّيث من السَّمكِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للمطر الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئا إلاَّ أسَالَهُ وجرَّهُ: جَاءَنَا جارُّ الضَّبُعَ، وَلَا يجُرُّ الضبع إِلَّا سَيْلٌ غالبٌ، وأصابتْنَا السَّمَاء بجارِّ الضبعِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: غنَّاهُ فأَجَرَّه أغانيَّ كَثِيرَة إجْرَاراً إِذا أَتْبعهُ صَوتا بعد صوتٍ، وَأنْشد:
فَلَمَّا قَضَى مِنِّي القَضَاءَ أَجَرَّنِي
أَغَانِيَّ لَا يَعْيَا بهَا المُتَرَنِّمُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَقْتُ حَمْلِ الفَرَسِ مِنْ لَدُنْ أَنْ يقطعُوا عَنْهَا السِّفَادَ إِلَى أنْ تَضعهُ أحَدَ عَشَرَ شهرا، فَإِن زَادَت عَلَيْهَا شَيْئا قَالُوا جرّتْ، وكُلَّما جرّتْ كَانَ أقوى لولدها، وأكثرُ مَا تَجُرُّ بعد أَحَدَ عشر شهرا خَمْسَ عَشْرَة لَيْلَة، فَهُوَ أكثرُ أوقاتِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرِيرُ: حَبْلُ الزِّمَامِ.
وَقَالَ غيرُه: الجَرِيرُ حَبْلٌ من أَدَمٍ يُخْطَمُ بِهِ البعيرُ، وَفِي حَدِيث ابنِ عُمرَ (مَنْ أَصْبَحَ على غير وِتْرٍ أصْبَحَ، وعَلى رأْسِهِ جريرٌ سَبْعُونَ ذِرَاعا) .
قَالَ شمرٌ: الجَرِيرُ: الحَبْلُ، وَجمعه: أجَرّةٌ، وَزِمَامُ النَّاقة أَيْضا: جَرِيرٌ.
وَقَالَ زُهيرُ بنُ جنابٍ فِي الجَرِيرِ فَجعله حبلاً:
فَلِكُلِّهِمْ أعْدَدْتُ تيَّاحاً تُغَارُ لَهُ الأجرّهْ
وَقَالَ الهوازنيُّ: الجَرِيرُ من أَدَمٍ مُلَيَّنٍ يُثْنَى على أنْفِ النَّجِيبةِ والفَرَسِ.
وَقَالَ سمْعَان أَوْرَطْتُ الجَرِيرَ فِي عنقِ الْبَعِير إِذا جعلتَ طرفه فِي حَلْقَتِهِ، وَهُوَ فِي عُنُقه ثُمّ جذبْتَه، وَهُوَ حينئذٍ يَخْنُقُ الْبَعِير، وَأنْشد:
حتَّى تَرَاها فِي الجَرِيرِ المُورَطِ
سَرْحَ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهَبُّطِ
قَالَ شمرٌ: وحديثُ ابنِ عُمر هَذَا يُفَسِّرهُ مَا روى الأعمشُ عَن أبي سُفيان عَن جابرٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من عبدٍ ينامُ باللَّيْل إلاَّ على رأْسِهِ جَريرٌ مَعْقُودٌ،

(10/258)


فإنْ هُوَ تَعَارَّ وَذكر الله حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِن هُوَ قَامَ فَتَوَضَّأ وصلّى حُلّتْ عُقْدةٌ وأصْبَح نشيطاً قد أصَاب خيرا، وَإِن هُوَ لم يذكر الله حَتَّى يُصْبِحَ بَال الشّيْطانُ فِي أُذُنيْهِ) .
وَقَالَ شمرٌ: سمعتُ ابْن الأعرابيِّ يقولُ: جئْتُك فِي مثل مَجَرِّ الضّبُع، يُريدُ السّيْل قد خرق الأَرْض فكأنّ الضَّبُعَ جرَّتْ فِيهِ.
قَالَ: وأصابهُمْ غيْثٌ جِوَرٌّ أَي يجُرُّ كلَّ شيءٍ، وَيُقَال: غيثٌ جِوَرٌّ إِذا طَال نبْتُه وارتفع.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: غَرْبٌ جِوَرٌّ: فارضٌ ثقيلٌ.
وَقَالَ غيرُه: جَمَلٌ جِوَرٌّ أَي ضخمٌ، ونَعْجةٌ جِوَرَّةٌ، وَأنْشد:
فاعْتَام مِنْهَا نَعْجةً جِوَرَّهْ
كأنّ صَوْتَ شَخْبِهَا للدِّرَّهْ
هَرْهَرَةُ الهِرِّ دَنَا لِلْهِرَّهْ
وَقَالَ الْفراء: (جِوَرٌّ) إِن شِئْت جعلت الْوَاو فِيهِ زَائِدَة من جَرَرْتُ، وَإِن شِئْت جعلته (فِعَلاًّ) من الجَوْرِ، ويصيرُ التّشْديدُ فِي الرّاء زِيَادَة كَمَا شدّدُوا: حَمَارّة الصّيْفِ.
(الْأَصْمَعِي) : كتيبةٌ جرّارةٌ لَا تقْدِرُ على السّير إِلَّا رُوَيداً من كثرتها.
رج: قَالَ الله جلّ وعزّ: {) رَّافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ} (الْوَاقِعَة: 4) معنى رُجَّت: حُرِّكَتْ حَرَكَة شَدِيدَة وزُلْزِلَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الارْتِجَاجُ: مطاوعةُ الرَّجِّ.
قَالَ: وارْتَجَّ الكلامُ إِذا الْتَبَسَ.
قَالَ: والرَّجُّ: تَحْرِيكُكَ شَيْئا كحائطٍ إِذا زكَكْتَه، وَمِنْه: الرَّجْرَجَةُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : كَتِيبَةٌ رَجْرَاجَةٌ إِذا كَانَت تمخَّضُ لَا تكادُ تسيرُ، وكتيبَةٌ جرَّارَةٌ: لَا تسيرُ إلاَّ رُوَيْداً مِنْ كَثْرَتِها.
(اللَّيْث) : امرأةٌ رَجْرَاجَةٌ: يترجرجُ كَفَلُهَا ولحمُها.
قَالَ: والرَّجْرَجُ: نعتُ الشَّيْء الَّذِي يترجرجُ، وَأنْشد:
وكَسَتِ المِرْطَ قطاةً رَجْرَجَا
والرَّجْرَجُ: الثَّرِيدُ المُلَبَّقُ المُكْتَنِزُ.
والرَّجْرَاجُ: شيءٌ من الأدْوِيَةِ.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ: (لَا تقُومُ السَّاعةُ إلاَّ على شِرَار النَّاسِ كَرِجْرَاجَةِ المَاء الْخَبيث الَّتِي لَا تَطَّعِمُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: أَمَّا كلامُ العربِ فرِجْرِجَةٌ، وَهِي بقيّةُ المَاء فِي الحَوْضِ الكَدِرَةُ المُخْتَلِطَةُ بالطين لَا يُمكنُ شُربُها وَلَا يُنْتَفعُ بهَا، وَإِنَّمَا تقولُ العربُ: الرَّجْرَاجَةُ: الكَتِيبَةُ الَّتِي تَمُوجُ من كثْرَتِها.
وَمِنْه قيل: امرأةٌ رَجْرَاجَةٌ لَتَحرُّكِ جسدِهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الرِّجْرِجَةِ فِي شيءٍ.
وَفِي حَدِيث الحسنِ: أنَّه ذَكَرَ يَزِيدَ بْنَ المُهَلَّبِ قَالَ: (فاتَّبَعَهُ رِجْرِجَةٌ من النّاس) .

(10/259)


قَالَ شمرٌ: يَعْنِي رُذَالَ النّاس، ويقالُ: رِجْرَاجَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ الكلابيُّ: الرِّجْرِجَةُ من الْقَوْم: الَّذِي لَا عقلَ لَهُم.
وَيُقَال للأحْمَقِ: إنَّ قلْبَكَ لكثيرُ الرِّجْرِجَةِ.
وفلانٌ كثيرُ الرِّجْرِجَة: أَي كثيرُ البُزَاقِ.
والرِّجْرِجَةُ: الجماعةُ الكثيرةُ فِي الْحَرْب.
وَفِي (النَّوادر) : رَجَجْتُ البابَ، ورَدَمْتُهُ أَي ثنَيْتُه.
وإبلٌ رجاجٌ، وناسٌ رجاجٌ: ضَعْفَى لَا عقول لَهُم، قَالَه الْأَصْمَعِي وَغَيره.
جرج: (أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيدٍ) : رَكِبَ فلانٌ الجَادّةَ والجَرجَةَ والمحجَّةَ، كلَّه: وسطُ الطَّرِيق.
(شمرٌ عَن الرياشي عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: خَرَجَةُ الطَّرِيق بالخَاءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَرَجَة.
قَالَ الرياشيّ: والصوابُ عندنَا مَا قَالَ الأصمعيّ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَرِجَ الخاتَمُ فِي يَدي إِذا قَلِقَ.
وجرجَ الرَّجُلُ إِذا مَشى فِي الجَرَجَةِ وَهِي المحجّةُ فَوَافَقَ أَبَا زيدٍ.
(قلت) : وهما لُغتانِ، الخَرَجَةُ والجَرَجَةُ فِي الطَّرِيق.
وَقَالَ ابْن المُسْتَنِيرِ: الجُرْجَةُ: وعاءٌ من أَوْعِيَةِ النِّسَاء، والجُرْجَةُ: خَريطَةٌ من أدَمٍ، واسِعَةُ الأسْفَلِ ضيقةُ الرَّأْس، يُحملُ فِيهَا الزّادُ.
قَالَ أَوْسٌ:
ثلاثةُ أَبْرَادٍ جِيادٍ وجُرْجَةٌ
وأدكَنُ من أَرْيِ الدَّبُورِ مُعَسَّلُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سِكّينٌ جرجُ النّصَابِ: قَلِقُهُ.
وَأنْشد:
إنّي لأهْوَى طِفْلَةً فِيهَا غُنُجْ
خَلْخَالُها فِي سَاقهَا غيرُ جَرِجْ

(بَاب الْجِيم وَاللَّام)
ج ل
جلّ، لج، جلج، جلجل: (مستعملة) .
جلّ: قَالَ اللَّيْث: جلَّ جلالُ الله، وَهُوَ الجَليلُ، ذُو الْجلَال والإكْرَامِ.
يُقَال: جَلَّ فلانٌ فِي عَيْني أَي عظُمَ، وأجْلَلْتُه أَي رأيتُه جَليلاً نبيلاً، وأجلَلْتُه أَي عَظَّمْتُه.
وكل شَيْء يَدِقُّ، فجُلالُه خلافُ دُقاقِهِ.
وجُلُّ كل شيءٍ: عُظْمُهُ.
وَيُقَال: مَالَهُ دِقٌّ وَلا جلٌّ.
وَيُقَال: جِلَّةٌ جريمٌ للعظَامِ الأجْرَامِ.
قَالَ: والجِلُّ: سُوقُ الزَّرْعِ إِذا حُصِدَ عَنهُ السُّنْبُلُ.

(10/260)


(ابْن السّكيت) : يُقَال: مَالَه دقيقةٌ وَلَا جَلِيلَةٌ أَي مَاله شاةٌ وَلَا ناقةٌ.
وأتيتُ فُلاناً فَمَا أجلَّنِي وَلَا أحْشاني أَي مَا أَعْطانِي جليلةً وَلَا حَاشِيَة.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه نَهى عَن أكْلِ الجلاَّلَةِ) .
والجلاَّلَةُ: الَّتِي تأْكُلُ الجِلَّةَ، والجِلَّةُ: البَعْرُ فاستعير وَوُضع موضعَ العَذِرَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَلَّ يجُلُّ جلاَّ إِذا الْتقط البَعْرَ، واجتَلَّة: مثلُه.
قَالَ ابنُ لَجَأ:
تُحْسِبُ مُجْتَلَّ الْإِمَاء الخُدَّمِ
من هَدَبِ الضَّمْرَانِ لم يُخَطَّمِ
يصفُ إبِلا يَكْفِي بَعْرُها من وقُودٍ يُسْتَوْقَدُ بِهِ من أغصانِ الضَّمْرَانِ.
وَيُقَال: خرج الإماءُ يَجْتَلْلن أَي يَلْتَقِطْنَ البَعْرَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : الجَلَلُ فِي كَلَام الْعَرَب من الأضداد.
يُقَال للكبير جَلَلٌ، والصغيرُ: جَلَلٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
أَلا كلُّ شيءٍ سِوَاهُ جلَلْ
أَي يسيرٌ هينٌ.
وَأنْشد أَبُو زيد لأبي الأخْوَصِ الرِّياحيّ:
وَلَو أدْرَكَتْهُ الخَيْلُ، والخيلُ تُدَّعَى
بِذِي نَجَبٍ مَا أَقْرَنَتْ وأجلَّتِ
قَالَ: أجَلّتْ: دخلت فِي الجَلَلِ، وَهُوَ الأمرُ الصغيرُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ذاكَ الْأَمر جَلَلٌ فِي جَنْب هَذَا الأمْرِ أَي صغيرٌ يسيرٌ.
قَالَ والجَلَلُ: العظيمُ أَيْضا، فَأَما الجَلِيلُ فَلَا يكون إلاَّ الْعَظِيم.
وَيُقَال: فعلتُ ذَلِك من جَلَلِ كَذَا وَكَذَا أَي من عظمه فِي صدْرِه.
وَأنْشد:
رَسْمِ دارٍ وَقَفْتُ فِي طَلَلِهْ
كِدْتُ أَقْضِي الغَدَاةَ من جَلَلِهْ
قَالَ: ومشْيَخَةٌ جِلَّةٌ أَي مَسَانُّ، وَالْوَاحد مِنْهُم: جليلٌ.
والجُلَّى: الأمْرُ العظيمُ. قَالَ طرفةُ:
وَإِن أُدْعَ للجُلّى أكُنْ من حُماتها
قَالَ ابنُ الأنباريّ: من ضمّ الْجِيم من الجُلّى قصر، وَمن فتح الْجِيم مدَّ، فَقَالَ: الجلاّءُ: الخصلةُ العظيمةُ.
وَأنْشد:
كميشُ الْإِزَار خارجٌ نصفُ سَاقه
صبُورٌ على الجلاّءِ طلاّعُ أَنْجُدِ
قَالَ: وَلَا يُقَال: الجلالُ إلاَّ لله تبَارك وَتَعَالَى.
والجليلُ من صِفَات الله، وَقد يُوصَفُ بِهِ الأمْرُ العظيمُ، والرَّجُلُ ذُو القَدْرِ الخطيرِ.
وَيُقَال: جَلَّ الرَّجُلُ عَنْ وَطَنِهِ يَجُلُّ

(10/261)


جُلُولاً، وجَلاَ يَجْلُو جلاءً وأجْلَى يُجْلِي إِجْلاءً إِذا أَخَلَّ بوطَنِهِ.
وَمِنْه يُقَال: اسْتُعْمِلَ فُلانٌ على الجاليَةِ والجالَّةِ وهُمْ أَهْلُ الذَّمِّةِ، وإنَّما لزِمَهُمْ هَذَا الاسمُ لأنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجْلَى بعْضَ اليَهُود من المَدِينَةِ، وأَمَرَ بإِجْلاَءِ مِنْ بَقِي مِنْهُم بجزِيرَةِ العَرَبِ فأجْلاهُمُ عمر بن الْخطاب فسُمُّوا جاليةً للُزُومِ الِاسْم لهُمْ وإنْ كَانُوا مُقِيمين بالبلاد الَّتِي أوْطَنُوها.
وَيُقَال: تَجَلَّلِ الدَّراهِم أَي خُذْ جْلالها، وتَجَلَّلَ فُلانٌ بَعيرَه إِذا علا ظَهْره.
والجَليلُ: والثَّمامُ، الوَاحِدَةُ: جليلةٌ، وَهَذِه ناقةٌ قد جَلَّتْ أَي أسَنّتْ.
والمَجَلةُ: صحيفَةٌ يُكْتَبُ فِيهَا وَقَالَ النابغةُ:
مَجَلَّتُهُمْ ذَاتُ الْإِلَه ودِينُهم
قَوِيمٌ فَمَا يَرْجُونَ غَيْرَ العَواقِبِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلَّةُ تُتَّخَذُ من الخُوص، وعاءٌ للتَّمْرِ يُكْنَزُ فِيهَا، وجَمْعُها: جلالٌ، وجِلاَلُ كُلِّ شيءٍ: غِطَاؤُه، نَحْو الحَجَلةِ وَمَا أَشْبَهها.
(أَبُو عبيد) : الجُلُولُ: شِرَاعُ السَّفِينَةَ، الواحدُ: جُلٌّ.
قَالَ القُطاميُّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ ساكِنُهُ
إِذا الصَّرَارِيُّ مِنْ أَهْوَالِه ارْتَسَّما
الصَّرَارِيُّ: الملاّحُ، والارْتِسامُ: التَّكْبيرُ. وتجَالَلْتُ الشَّيْء تجَالاًّ، وتجَلَّلْتُ إِذا أَخَذْتَ جُلاله، وتَدَاقَقْتُه إِذا أَخَذْتَ دُقاقَه.
(ابنُ السّكيت) : الجُلُّ: جُلُّ الدَّابَّةِ، وجُلُّ كلِّ شيءٍ: مُعْظَمُه، والجِلُّ: قَصَبُ الزَّرْع إِذا حُصِدَ.
وجَلُّ بنُ عديَ: رجُلٌ من العَرَبِ. وَذُو الجَليلِ: وادٍ لبني تَميمٍ، يُنْبتُ الثُّمامَ، وَهُوَ الجَلِيلُ.
وجِلٌّ، وجلاَّنُ: حيّانِ من الْعَرَب.
وَهَذِه ناقةٌ تَجِلُّ عَن الكَلاَلِ أَي هِيَ أجَلُّ من أَنْ تكلَّ لصَلابتِها.
وناقةٌ جُلاَلةٌ: ضَخْمةٌ.
وبعيرٌ جلالٌ: مُخْرَجٌ من جليلٍ.
وَيُقَال: أَنْتَ جَلَلْتَ هَذَا على نَفْسِكَ، وأَنْتَ جَرَرْتَه أَي جَنَيْتَه.
وفَعَلْتُ ذاكَ مِنْ جَرَّاكَ وَمن جَلَلكَ، وجَلاَلِكَ أَي من أجْلِكَ.
جلجل: قَالَ ابْن شُميل: جَلْجَلْتُ الشَّيْء جَلْجلةً إِذا حركته حتَّى يكون للحركة صَوْتٌ، وكلُّ شيءٍ تحرَّك فقد تَجْلجَل، وسَمِعْنا جَلْجَلَة السّبُع وَهِي حركَتُه.
وتَجْلجل القومُ للسّفر أَي تحركُوا لهُ.
والمُجَلْجِلُ: السحابُ ذُو الرَّعد. وخِمْسٌ جَلْجَالٌ: شديدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث التَّجلْجُلُ: السُّووخُ فِي

(10/262)


الأَرْض والتَّحرُّكُ والجَوَلانُ، وَقد تَجَلْجَلَ الرِّيحُ تَجَلْجُلاً.
وحِمَارٌ جُلاجِلٌ: صافي النّهيق.
والجَلْجَلةُ: تحرِيكُ الجُلْجُلِ، والجَلْجَلَةُ: صَوْتُ الرَّعْد وَمَا أشبهه، والمُجَلْجِلُ: السَّيِّدُ القويُّ وَإِن لم يكُنْ لَهُ حسبٌ وَلَا شرفٌ، وَهُوَ الجريءُ الشَّديدُ الدَّفعَ وَاللِّسَان.
وَقَالَ شمرٌ: هُوَ السيدُ البعيدُ الصّوتِ.
وَأنْشد ابْن شُمَيْل:
مُجَلْجِلٌ سِنُّكَ خَيْرُ الأسْنَانْ
لَا ضَرَعُ السِّنِّ وَلَا قَحْمٌ فَانْ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم، من أمثالهم فِي الرَّجُلِ الجريء (إنّهُ ليُعَلِّقُ الجُلْجُلَ) .
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
إِلَّا امْرءاً يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ
يُريدُ الجريء الَّذِي يُخَاطِرُ بِنَفسِهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَلْجَلَ الرّجُلُ إِذا ذهب وَجَاء، وغُلامٌ جُلْجُلٌ، وجُلاَجِلٌ: خَفِيفُ الرُّوحِ نشيطٌ فِي عمله. وجُلاَجِل: حَبْلٌ من حبال الدَّهْنَاء.
وَمِنْه قولُ ذِي الرُّمَّةِ:
أيَا ظَبْيَة الوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبَيْنَ النَّقَا آأَنْتِ أُمُّ سالِمِ
وَقَالَ شمرٌ: المُجَلْجَلُ: المَنْخُولُ المُغَرْبَلُ، قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
حَتَّى أجَالَتْهُ حَصى مُجَلْجَلاَ
أَي لم يُتْرَكْ فِيهِ إِلَّا الْحَصَا، والمُجَلْجَلُ: الخالصُ النَّسَبِ.
(ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي) : الجُلْجُلانُ: السِّمْسِمُ.
(أَبُو زيد) يُقَال: أَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِه، وجُلْجُلانَ قلبه، وحَمَاطَةَ قلبه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَيُقَال لما فِي جَوْفِ التّين من الحَبِّ: الجُلْجلاَنُ، وَأنْشد غَيره لوضَّاحِ اليمانِيِّ:
ضَحِكَ النَّاسُ وَقَالُوا
شِعْرُ وضَّاحِ اليَمَانِي
إنّما شِعْرِيَ مِلْحٌ
قَدْ خُلِطْ بجُلْجُلاَنِ
جلج: وَفِي الْحَدِيد أنَّه قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت {} {مُّبِيناً لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ} (الْفَتْح: 1، 2) الْآيَة: هَذَا لَكَ يَا رسُولَ الله وبَقِينَا نحنُ فِي جَلَجٍ لَا نَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِنَا.
قَالَ أَبُو حاتمٍ: سألْتُ الأصمعيَّ عَنْه فَلم يَعْرِفْهُ.
قَالَ: وأَنَا لَا أَعْرِفُه.
(قلت) : وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعَن عَمْرو عَن أَبِيه: أنَّهُمَا قَالَا: الجِلاَجُ: رُؤُوسُ النَّاس، واحِدَتُها: جَلَجَةٌ.

(10/263)


(قلت) : فَالْمَعْنى: إنَّا بَقِينَا فِي عدد رُؤوسٍ كثيرةٍ من المُسْلِمين، وَكتب عُمرُ إِلَى عَامله على مِصْرَ: خُذْ من كُلِّ جَلْجَةٍ من القِبْط كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ بعضُهُم: الجَلَجُ جَمَاجِمُ النَّاس.
لج: قَالَ اللَّيْث: لجّ فلانٌ يَلِجُّ، ويَلَجُّ، لُغَتَانِ، وَأنْشد:
وقَدْ لَجِجْنَا فِي هواكِ لججَا
قَالَ: أَرَادَ لجَاجا فَقَصره، وَأنْشد:
وَمَا العَفْوُ إلاَّ لامْرِىءٍ ذِي حَفِيظَةٍ
مَتَى تَعْفُ عَنْ ذَنْبِ امْرِىء السَّوْء يَلْجَجِ
(سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: لَجِجْتُ، ولَجَجْتُ لَجَاجَةً ولَجَجاً.
وَقَالَ غيرُه: لُجَّةُ البَحْرِ حَيْثُ لَا يُدْرَكُ قَعْرُه.
ولجَّجَ القَوْمُ: وقعُوا فِي اللُّجَّة وَقَالَ الله {فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ} (النُّور: 40) .
قَالَ الْفراء يُقَال: بَحْرٌ لُجِّيٌّ، ولِجِّيٌّ، كَمَا يُقَال: سُخريُّ وسِخْرِيُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: بَحْرٌ لُجِّيٌّ ولَجَّاجٌ: واسِعُ اللُّجَّةِ.
والتجَّ الظَّلامُ إِذا اخْتَلَطَ، والتَجَّتِ الأصواتُ إِذا ارْتَفَعَت فاخْتَلطت، وَفِي حَدِيث طَلْحة بن عبيد الله (أَدْخَلُونِي الحُش فوضَعُوا اللُّجَّ على قَفَيَّ) .
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيُّ: عَنَى باللُّجِّ: السَّيف.
قَالَ: ونُرَى أَن اللُّجَّ اسمٌ سُمِّي بِهِ السّيْفُ، كَمَا قالُوا: الصَّمْصَامَةُ، وذُو الفَقَارِ وَنَحْوه.
قَالَ: وَفِيه قَوْلٌ آخَرُ أنّه شبهه بلُجَّةِ البَحْرِ فِي هَوْلِه.
وَيُقَال: هَذَا لُجُّ البَحْرِ، وَهَذِه لُجَّةُ البَحْرِ.
وَقَالَ شمرٌ قَالَ بعْضُهُم: اللُّجُّ السَّيْفُ بلُغة هذيلٍ، وطَوَائِفَ من اليَمَنِ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: اللُّجُّ: السَّيْفُ.
وَقَالَ ابنُ الكلْبِيِّ: كَانَ للأشْتَرِ سَيْفٌ يُسَمِّيهِ اللُّجَّ، واليمَّ، وَأنْشد لَهُ:
مَا خانَنِي اليمُّ فِي مأْقِطٍ
وَلَا مَشْهَدٍ مُذْ شَدَدْتُ الإزارا
ويُرْوَى:
مَا خَانَنِي اللُّجُّ فِي مَأْقطٍ
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ بعضُهُم: اللُّجَّةُ: الجماعةُ الكثيرةُ كلُجَّةِ الْبَحْر، وَهِي اللُّجُّ.
قَالَ: ولُجُّ الْوَادي: جانِبهُ، ولُجُّ الْبَحْر: عُرْضُه.
قَالَ: ولُجُّ البَحْرِ: المَاء الكثيرُ الَّذِي لَا يُرى طرفاهُ، ولُجُّ اللّيْلِ: شدّةُ ظُلْمَته وسَواده.
وعَيْنٌ مُلْتجّة، وكأنّ عَيْنَه لُجَّةٌ أَي شديدةُ السَّوادِ.
وَقَالَ العجَّاجُ يصفُ اللَّيْل:

(10/264)


ومُخْدِرُ الأبْصَارِ أخْدَرِيُّ
لُجٌّ كأنَّ ثِنْيَهُ مَثْنِيُّ
أَي كأنَّ عِطْفَ اللّيل معطوفٌ مرَّةً أُخرى، فاشتَدَّ سوادُ ظُلْمتهِ.
واللَّجّةُ: الصّوْتُ.
وَأنْشد:
فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فلَانا عَن فُلِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأننا والقِنَانَ القَودَ يَحْمِلُنَا
مَوْجُ الفُرات إِذا الْتَجَّ الدَّيَامِيمُ
قَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو حَاتِم: الْتَجَّ: صَار لَهُ كاللُّجّ من الشَّراب.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا اسْتَلَجَّ أحدُكم بِيَمِينِهِ فإنّه آثمٌ لَهُ عِنْد الله من الْكَفَّارَة) .
قَالَ شمرٌ: مَعْنَاهُ أَنْ يَلِجَّ فِيهَا وَلَا يُكَفِّرها، ويزْعم أَنه صادقٌ فِيهَا.
وَيُقَال: هُوَ أَنْ يَحلِفَ. وَيرى أَنَّ غَيرهَا خيرٌ مِنْهَا فيُقِيم على البِرِّ فِيهَا، وترْكِ الكفَّارَةِ فإنّ ذَلِك آثَمُ لَهُ من التَّكْفِير والحِنْث، وإتْيَانِ مَا هُوَ خيرٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُلْتَجَّةُ: الأرضُ الشديدةُ الخُضْرَةِ الْتَفَّتْ أَو لم تَلْتَفَّ، أرْضٌ بقْلُها مُلْتَجٌّ.
وَيُقَال: عَيْنٌ مُلْتجّةٌ أَي شديدةُ السّواد، وإنّه لشديد الْتِجَاج الْعين إِذا اشتدَّ سوادُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: الحقُّ أبلَجُ، والباطلُ لَجْلَجٌ.
قَالَ: واللَّجْلَجُ: المُختَلِطُ الَّذِي لَيْسَ بمستقيمٍ، والأبْلَجُ: الْمُضِيءُ المُستقيمُ.
قَالَ: واللَّجْلاَجُ: الَّذِي سَجِيَّةُ لِسَانه ثِقَلُ الْكَلَام ونَقْصُه.
وَقَالَ اللَّيْث: اللّجْلَجَةُ: أَن يتكلّم الرَّجُلُ بلسانٍ غيرِ بيِّنٍ.
ومَنْطِقٍ بلسانٍ غيرِ لَجْلاَجِ
قَالَ: وربَّما لَجْلَجَ الرجُلُ اللُّقْمَة فِي الْفَم من غير مَضْغٍ.
وَقَالَ زُهَيْر:
يُلَجْلِجُ مُضْغَةً فِيهَا أنِيضٌ
أَصَلَّتْ فَهِيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ
وَقَالَ ابنُ السكِّيت: قَالَ الأصمعيُّ: يَقُول: أَخَذْتَ هَذَا المَال فَأَنت لَا ترُدُّه وَلَا تأخُذُه، كَمَا يُلَجْلِجُ الرجُلُ اللُّقْمَة فَلَا يَبْتَلِعها وَلَا يُلْقِيَها، والأنِيضُ: اللّحْمُ الَّذِي لم يَنْضَجْ.
(ابْن شُمَيْل) : اسْتَلَجَّ فلانٌ مَتَاع فلَان، وتَلَجَّجهُ إِذا ادَّعاهُ.

(بَاب الْجِيم وَالنُّون)
ج ن
جن، نج، جنجن، نجنج.
جن: قَالَ الليثُ: الجِنُّ: جماعةُ ولد الجانّ، وجَمْعُهُم: الجِنَّةُ، والجانُّ، وَإِنَّمَا

(10/265)


سُمُّوا جناً لأنّهُمُ اسْتَجنُّوا من النَّاس، فَلَا يُرَوْنَ، والجانُّ هُوَ أَبُو الجِنِّ خُلِقَ من نارٍ ثمَّ خُلِق مِنْهُ نَسْلُه.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الله: {رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّى} ، الجانُّ: حيَّة بيضاءُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجانُّ: الحيَّةُ، وجمعُها: جوانُّ.
وَقَالَ الزجَّاج: الْمَعْنى أنّ الْعَصَا صَارَت تَتَحَرَّكُ كَمَا يتحرَّكُ الجانُّ حَرَكَة خَفِيفَة.
قَالَ: وَكَانَت فِي صُورَة ثُعْبَانٍ، وَهُوَ العظيمُ من الحيَّات. وَنَحْو ذَلِك، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس.
قَالَ: شبَّهَها فِي عِظَمِهَا بالثُّعْبان، وَفِي خفّتِها بالجانِّ.
وَلذَلِك قَالَ الله مرَّةً: {فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ} (الْأَعْرَاف: 107) ومرَّةً {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا} (الشُّعَرَاء: 34) .
وَقَوله جلَّ وعزَّ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (النَّاس: 6) .
قَالَ الزَّجَّاج: التَّأْويلُ عِنْدِي: (قُلّ أعُوذُ بربِّ النَّاسِ، من شَرّ الوسواس، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس من الجِنَّةِ الَّذِي هُوَ من الجنِّ) وَالنَّاس معطوفٌ على الوَسْوَاسِ، الْمَعْنى: من شرِّ الوَسْوَاسِ، وَمن شَرّ النَّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: الجنّةُ: الْجُنونُ أَيْضا.
وَيُقَال: بِهِ جُنُونٌ، وجِنَّةٌ، ومَجَنَّةٌ.
وَأنْشد:
من الدَّارِمِيِّين الَّذين دماؤُهُمْ
شِفَاءٌ من الدّاءِ المجنَّةِ والخبلِ
قَالَ: وأَرْضٌ مجَنَّةٌ: كثيرةُ الجِنِّ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجانُّ من الجنِّ، وجَمْعُه جِنَّانٌ.
وَقَالَ الْفراء: الجُنُنُ: الجُنُونُ. وَأنْشد:
مِثلَ النَّعَامَةِ كَانَت وَهِي سالمةٌ
أذْنَاء حَتَّى زَهَاها الحَينُ والجُنُنُ
وَقَوله جلَّ وعزَّ: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (الْكَهْف: 50) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي سِيَاق الْآيَة دليلٌ على أَن إبْلِيسَ أُمِرَ بالسُّجود مَعَ الْمَلَائِكَة.
قَالَ: وأكثرُ مَا جَاءَ فِي التَّفْسِير أنّ إبليسَ من غير الْمَلَائِكَة، وَقد ذَكَر الله ذَلِك فَقَالَ: (كَانَ من الجِنِّ) .
وَقيل أَيْضا: إنَّ إبْلِيسَ من الجِنِّ بِمَنْزِلَةِ آدَمَ من الإنْسِ.
وَقد قيل: إنَّ الجِنَّ: ضَرْبٌ من الْمَلَائِكَة كانُوا خُزّانَ الأَرْض.
وَقيل: خزّان الْجنان، فَإِن قَالَ قائلٌ: كَيْفَ اسْتُثْنِيَ مَعَ ذِكْرِ الْمَلَائِكَة؟ فَقَالَ: {فَسَجَدُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} (الْكَهْف: 50) فَكيف وَقع الاستِثْنَاءُ وَهُوَ لَيْسَ من الأوَّلِ؟ فالجوابُ فِي هَذَا أنَّهُ أُمِرَ مَعَهم بالسُّجُود، فاسْتُثْنِيَ من أنّه لم يَسْجُدْ، والدليلُ على

(10/266)


ذَلِك أَنَّك تقولُ: أمَرْتُ عَبْدِي وإخْوَتِي فأطاعُوني إلاّ عَبْدي.
وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: 77) فربّ الْعَالمين لَيْسَ من الأوَّلِ، لَا يَقْدِرُ أحدٌ أَنْ يعرف من معنى الْكَلَام غير هَذَا.
وقولُه جلَّ وعزَّ: {نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ} (الصافات: 158) .
قَالُوا: الجِنَّةُ: الملائكةُ هاهُنا عَبَدَهُمْ قومٌ من الْعَرَب.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} (الصافات: 158) .
يُقَال: الجِنَّةُ هاهُنا الملائكةُ، يَقُول: جعلُوا بَين الله وَبَين خَلْقِهِ نسبا. فَقَالُوا: الملائكةُ بناتُ الله، ولقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ أنَّ الَّذين قالُوا هَذَا القَوْل مُحْضَرُون فِي النَّار.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا علَيَّ جَنَنٌ إِلَّا مَا ترى أَي مَا عَلَيَّ شيءٌ يُوارِيني.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للنَّخْلِ الْمُرْتَفع طُولاً: مَجْنُونٌ، وللنّبْتِ الملَتَفّ الكثيف الَّذِي قَدْ تأزَّرَ بعضُهُ فِي بَعْضٍ: مَجْنُونٌ.
وَقَالَ الْفراء: جُنَّتِ الأرضُ إِذا قاءَتْ بشيءٍ مُعْجِبٍ من النَّبْتِ.
وَقَالَ الهُذَليُّ:
ألمّا يَسْلَم الجيرَانُ مِنْهُمْ
وقَدْ جُنَّ العِضَاهُ من العَمِيمِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الأرضُ المَجْنُونَةُ: المُعْشِبَةُ الَّتِي لم يَرْعَها أحدٌ، وأتَيْتُ على أَرض هادِرَةٍ مُتَجَنّنَةٍ، وَهِي الَّتِي تُهالُ من عُشبها وَقد ذهب عُشْبُها كلَّ مَذْهَبٍ.
وَقَالَ شمرٌ: المجنُّ: التُّرْسُ، والمِجَنُّ: الوشاحُ.
قَالَ: وسُمّيَ القَلْبُ جَناناً لِأَن الصَّدرَ أجَنَّةُ.
وَأنْشد لعديَ:
كلُّ حيَ تقُودُهُ كفُّ هادٍ
جِنَّ عَيْنٍ تُعْشيه مَا هُوَ لاقي
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: جِنَّ عَيْنٍ أَي مَا جُنَّ من العَيْنِ فَلم ترَهُ.
يَقُول: المنيّةُ مسْتُورةٌ عَنهُ حتَّى يَقع فِيهَا.
(قلت أَنا) : الْهَادِي: القَدَرُ هاهُنَا جعله هادياً لأنّه تقدّمَ المَنِيةَ وسبقها، وَنصب: جِنَّ عَيْن، بِفِعْلِهِ أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
وَلَا جِنَّ بالبَغْضَاء والنَّظَرِ الشَّزْرِ
ويروَى: وَلَا جَنَّ، ومعناهُما: وَلَا سَتْرَ، وَالْهَادِي: المتقَدِّمُ، أَرَادَ أنّ القَدَرَ سابقٌ للمنِيَّةِ المُقَدّرَةِ.
وَقَالَ شمرٌ: الجَنَانُ: الأمرُ الخفِيُّ،

(10/267)


وَأنْشد:
الله يَعْلَمُ أَصْحَابي وقَوْلُهمُ
إذْ يرَكَبُونَ جَنَاناً مُسْهَباً وَرِبَا
أَي يركبُون مُلْتَبِساً فَاسِدا.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
جَنَانُ المسلِمينَ أَوَدُّ مَسًّا
وَإِن لاقَيْتَ أَسْلَمَ أوْ غِفَارَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جَنَانُهُمْ: جمَاعَتُهُم وسَوَادُهُمْ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَنَانُهُم: مَا سَتَرَكَ من شيءٍ، يَقُول: أكُونُ بَين المُسْلِمينَ خيرٌ لي، قَالَ: وأَسْلَمُ وغفارٌ خيرُ النَّاس جِوَاراً.
وَقَالَ الرِّياشيُّ فِي معنى بَيت ابْن أَحْمَرَ، قَالَ قولُه: أوَدُّ مَساً أَي أسهلُ لَك.
يَقُول: إِذا نزلتَ الْمَدِينَة فَهُوَ خيرٌ لَك من جِوَارِ أقاربِكَ.
وَقَالَ الرَّاعِي يصفُ العَيْرَ:
وهَابَ جَنَان مَسْحُورٍ تَرَدَّى
بِهِ الحلفاءُ وائْتَزَرَ ائْتِزَارَا
قَالَ: جَنَانُه: غَيْبُه وَمَا وَارَاهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَنَانُ: رُوعُ القلبِ.
يُقَال: مَا يستقِرُّ جَنَانُه من الفَزعِ.
قَالَ: والجَنِينُ: الولدُ فِي الرَّحِمِ والجميع: الأجِنّةُ.
وَيُقَال: أجَنّتِ الحاملُ ولدا.
وَقد جنَّ الولدُ وَهُوَ يَجِنُّ فِيهَا جَنّاً.
وَقَول الله جلّ وَعز: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً} (الْأَنْعَام: 76) .
يُقَال: جنَّ عَلَيْهِ الليلُ، وأجنَّهُ اللَّيْلُ إِذا أظْلَم حَتَّى يَسْتُرَه بظلمته.
وَيُقَال: لكلِّ مَا سَتَرَ قَدْ جنَّ، وَقد أجنَّ.
وَيُقَال: جَنّه الليلُ، والاختيارُ: جنّ عَلَيْهِ الليلُ، وأجنَّه الليلُ، قَالَ ذَلِك أَبُو إِسْحَاق.
واستَجَنّ فلانٌ إِذا اسْتَتَر بشيءٍ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عُبَيْدَة) : جَنَنْتُه فِي القبْرِ وأجنَنْتُه.
وَقَالَ غيرُه: الجَنَنُ: القبرُ، وَقد أجنّهُ إِذا قَبَرَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
وهَالِكُ أهلٍ يُجِنُّونَهُ
كآخَرَ فِي أهلهِ لم يُجَنْ
وَقَالَ آخَرُ:
وَمَا أُبَالِي إِذا مَا مُتُّ مَا فَعَلُوا
أأَحْسَنُوا جَنَنِي أمْ لم يُجِنُّونِي
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَنَنُ: الكَفَنُ.
وَيُقَال: كَانَ ذَلِك فِي جِنّ صِبَاهُ أَي: فِي حدَاثَته، وَكَذَلِكَ جِنُّ كلِّ شيءٍ: أوّلُ ابتدَائِه.
وَيُقَال: خُذِ الأمرَ بجِنّهِ. واتّقِ النَّاقة فَإِنَّهَا بجِنّ ضراسَها أَي بحِدْثَانِ نِتَاجِها.

(10/268)


وَيُقَال: جُنَّتِ الرِّيَاضُ جُنُوناً إِذا اعْتَمَّ نَبتُها.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
وجُنَّ الخَازِبازِ بِهِ جُنُونَا
قَالَ بَعضهم: الخَازِبَازِ: نبتٌ، وَقيل: هُوَ ذُبَابٌ، وجُنُونُه: كَثْرَةُ ترنُّمِه فِي طيرانه، وجُنُونُ النَّبْتُ: التِفَافُه.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للنَّخْلِ الْمُرْتَفع طُولاً: مَجْنُونٌ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وطَالَ جِنّيُّ السَّنَامِ الأمْيَلِ
أرادَ تمُوكَ السَّنَامِ وطولَهُ.
والجِنِّيَّةُ: ثيابٌ معروفةٌ.
وَقَالَت امرأةُ عبد الله بن مسعودٍ لَهُ: أجَنَّكَ مِنْ أصْحَابِ رسُولِ الله.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الكسائيُّ وَغَيره: معنى قَوْلهَا لَهُ: أجَنَّكَ: مِنْ أَجْلِ أنَّكَ، فتركَتْ مِنْ.
كَمَا يُقَال: فَعَلْتُ ذاكَ أجْلِكَ بِمَعْنى من أجْلِكَ، وقولُها: أجنَّكَ فحذَفَتْ الألِفَ وَاللَّام.
كَمَا قَالَ الله: {لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّى} (الْكَهْف: 38) .
يقالُ معناهُ: (لكنْ أنَا هُوَ الله) ، فحُذفت الألفُ والتقى نُونَانِ فجَاء التَّشْدِيد، كَمَا قَالَ الشَّاعِر، أنْشدهُ الْكسَائي:
لِهَنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لوَسِيمَةٌ
على هَنَواتٍ كاذبٍ من يَقُولُها
أَرَادَ لله إنَّكَ لوسيمةٌ فَحذف إِحْدَى اللامين من لله، وَحذف الْألف من إنَّكِ، كَذَلِك حُذِفت اللامُ من أجْلِ، والهمزةُ من إنَّ.
وَيُقَال: جُنَّ فلانٌ فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَقد أَجَنَّهُ الله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَات فلانٌ ضَيْفَ جِنَ أَي بمكانٍ خالٍ لَا أنيس بِهِ.
وَقَالَ الأخطل:
وبِتْنَا كأنَّا ضيفُ جِنَ بلَيْلَةٍ
(جنجن) : وَقَالَ اللَّيْث: الجَنَاجِنُ: أطرافُ الأضلاع مِمَّا يَلِي قصَّ الصَّدْرِ وعَظْمِ الصُّلْبِ، وَاحِدهَا: جَنْجَنٌ، وجِنْجِنٌ.
والجَنَّةُ: الحديقةُ وجمعُها: جِنَانٌ، وَيُقَال: للنَّخِيلِ وَغَيرهَا.
نج نجنج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا سَالَ الجُرْحُ بِمَا فِيهِ، قيل: نَجَّ يَنِجُّ نَجِيجاً.
وَأنْشد:
فَإنْ تَكُ قُرْحَةٌ خَبُثَتْ ونجَّتْ
فإنَّ الله يَفْعَلُ مَا يشاءُ
وَيُقَال: جَاءَ بأَدْبَرَ ينِجُّ ظَهْرُه.
ونَجْنَجَ إبلَهُ نَجْنَجَةً: إِذا ردَّها عَن المَاء.
ونَجْنَجَ أَمْرَه إِذا ردَّدَ أمرَه ولَمْ يُنْفِذْهُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:

(10/269)


حتَّى إِذا لم يَجِدْ وَغْلاً ونَجْنجها
مَخَافَة الرَّمْي حتّى كلُّها هيمُ
والنّجْنَجَةُ: التحريكُ والتقْلِيبُ.
يُقَال: نَجْنِجْ أمْرَكَ فلَعَلّكَ تَجِدُ إِلَى الْخُرُوج مِنْهُ سَبِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: النّجْنَجَةُ: الجَوْلَةُ عندَ الفَزْعَةِ.
قَالَ العجاج:
ونَجْنَجَتْ بالخَوْفِ مَنْ تَنَجْنَجَا
(أَبُو تُرَاب) : قَالَ بعضُ غَنِيَ: يُقَال: لَجْلَجْتُ المُضْغَةَ ونَجْنَجْتُها إِذا حَركْتَها فِي فِيك ورَدَّدْتها فلَمْ تَبْتَلِعْهَا.
(أَبُو عبيد) : نَجْنَجْتُ الرَّجُل: حرَّكْتُه.

(بَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف
جف، فج: مستعملان.
جف: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) يُقَال: جَفِفْتَ تَجَفُّ، وجَفَفْتَ تَجِفُّ، وَقَالَ ذَلِك الْفراء والأصمعي، وكلُّهم يَخْتَارُ يَجِفُ على يَجَفُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُفّةُ: ضربٌ مِنَ الدِّلاء.
يُقَال: هُوَ الَّذِي يكونُ مَعَ السَّقَّائِينَ يَمْلَؤُونَ بِهِ المَزَايدَ. وَأنْشد:
كلُّ عَجُوزٍ رَأْسُها كالقُفّهْ
تَسْعَى بجُفَ مَعهَا هِرْشَفَّهْ
وَقَالَ غيرُه: الجُفُّ: قِيقَاءةُ الطَّلْعِ. وَهُوَ الغِشَاءُ الَّذِي على الوليع وَأنْشد:
وتَبِسمُ عَن نَيِّرٍ كالوَلي
ع شقّقَ عَنهُ الرُّقَاةُ الجفُوفَا
الوَلِيعُ: الطَّلْعُ مَا دامَ طريًّا حِين يَنْشَقُّ عَنهُ الكافورُ، وَقَوله عَن نَيِّرٍ أَي عَن ثَغْرٍ مُضِيءٍ حسنٍ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه جُعِلَ سِحْرُهُ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ودُفِنَ تَحْتَ راعُوفَةِ البِئرِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: جُفُّ الطَّلْعَةِ: وعَاؤُهَا الَّذِي تكُونُ فِيهِ.
قَالَ: والجُفُّ أَيْضا فِي غيْرِ هَذَا: شيءٌ من جُلُودٍ كالإناء، يُؤْخَذُ فِيهِ ماءُ السَّمَاء إِذا جَاءَ المطرُ يسعُ نِصْفَ قِرْبَةٍ أَو نَحوه.
قَالَ: والجُفّ أَيْضا فِي غير هذَيْنِ: جماعةُ النَّاس، وَقَالَ النَّابِغَة:
فِي جُفِّ تَغْلِبَ وَارِدِي الأمْرَارِ
والجفَّةُ: مِثْلُ الجُفِّ، وَفِي الحَدِيث (لَا نَفَلَ فِي غَنِيمَةٍ حَتَّى تُقْسَمَ جُفَّةً) أَي كلّها.
وَقَالَ الْكسَائي: الجفَّةُ، والضَّفَّةُ والقِمَّةُ: جماعةُ القَوْمِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُفُّ: الكثيرُ من النَّاس.
قَالَ: والجُفُّ فِي غير هَذَا شيءٌ يُنْقَرُ من جُذُوع النَّخْلِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّجْفَافُ: معرُوفٌ. وجمْعُه: التَّجَافيفُ.

(10/270)


والتَّجْفَافُ بِفَتْح التَّاء: مثلُ التَّجْفِيفِ. جَفَّفْتُه تجْفِيفاً وتَجْفَافاً.
قَالَ: والجَفْجَفُ: القَاعُ المُسْتَدِيرُ الواسعُ، وَأنْشد قَوْله:
يَطْوِي الفَيَافي جَفْجَفاً فَجَفْجَفا
والجُفَافُ: مَا جَفَّ من الشَّيْء الَّذِي تجِفِّفُه، تَقول: اعزِلْ جُفَافَه عَن رَطْبِه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجُفَّانِ: بَكْرٌ وتَمِيمٌ.
وجُفَافٌ: اسمُ وادٍ معروفٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الجُفَافَةُ: الَّذِي يَنْتَثِرُ من القَتِّ.
وَيُقَال للثَّوْبِ إِذا ابْتَلَّ ثمَّ جفَّ وَفِيه نَدًى: قد تَجَفْجَفَ، فَإِذا يَبِسَ كلَّ اليُبْسِ قيل: قَفَّ.
(الْأَصْمَعِي) الجَفْجَفُ: الأرضُ المُرْتَفِعَةُ وَلَيْسَت بالغليظة وَلَا اللَّيِّنة.
فج: قَالَ اللَّيْث: الفَجُّ: الطريقُ الواسعُ بَين الجَبَلَيْنِ، وجمعُهُ: فِجَاجٌ، وَقَوله تَعَالَى: {مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ} (الْحَج: 28) .
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الفَجُّ: طريقٌ فِي الْجَبَل واسعٌ، يُقَال: فَجٌّ وأفُجٌّ وفِجَاجٌ.
قَالَ: وكُلُّ طريقٍ بعُدَ فَهُوَ فَجٌّ.
والفَجُّ فِي كَلَام العَرَب: تَفْرِيجُكَ بَين الشَّيْئَيْنِ، يقالُ: فَاجَّ الرَّجُلُ يُفَاجُّ فِجَاجاً ومُفَاجَّةً إِذا باعَدَ إِحْدَى رِجْلَيْه من الْأُخْرَى ليَبُولَ، وَأنْشد:
لَا يَمْلأ الحَوْضَ فِجاجٌ دُونَهُ
إلاَّ سجالٌ رُذُمٌ يَعْلُونَهُ
وقَدْ فَجَجْتُ رِجْلَيَّ أَفُجُّهُمَا فجّاً، وفَجَوْتُهُمَا أَفْجُوهُما أَي وسَّعْتُ بيْنَهُما.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَجَجُ أقْبَحُ من الفحَج.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الأفَجُّ والفَنْجَلُ: المُتَباعِدُ الفَخِذَيْنِ الشديدُ الفَجَجِ، ومثلُه: الأفْجَى وَأنْشد:
الله أعْطَانِيك غيْرَ أحْدَلا
وَلَا أَصَكَّ أَوْ أَفَجَّ فَنْجَلا
وَقَالَ اللَّيْث: النَّعَامةُ تَفِجُّ إِذا رَمَتْ بصَوْمِها.
وَقَالَ ابنُ القِرِّيَّة: أفَجَّ إفْجَاجَ النعامة، وأَجْفَلَ إجْفَالَ الظّليم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَجَّ قَوْسَه وَهُوَ يفُجُّها فجّاً إِذا رفع وَتَرَها من كبِدِها، وَكَذَلِكَ فجا قَوْسَه يَفْجُوها.
وَيُقَال: افْتَجَّ فلانٌ افْتِجَاجاً إِذا سَلَكَ الفِجَاج.
قَالَ: والإفْجِيجُ: الْوَادي الواسعُ. وَهُوَ بِمَعْنى الفَجِّ.
ورجلٌ فُجَافجٌ: كثيرُ الْكَلَام والصِّياح والجَلَبة.
وبِطِّيخٌ فجٌّ إِذا كَانَ صُلْباً غيرَ نَضِيجٍ.
والثّمارُ كلُّها تكونُ فِجَّةً فِي الرّبيع حِين تَنْعَقِدُ حَتَّى يُنْضِجَها حَرُّ القَيْظِ أَي تكون

(10/271)


ُ نِيَّةً، والفِجُّ النِّيُّ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الفَجُّ كأنّهُ طريقٌ وربَّما كَانَ طَرِيقا بَيْنَ حرفين مُشْرِفَيْنِ عَلَيْهِ، إِنَّمَا هُوَ طريقٌ عريضٌ وَرُبمَا كَانَ ضيّقاً بَين جبليْنِ أَو فأوَيْنِ، وينْقادُ ذَلِك يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة، إِذا كَانَ طَرِيقا أَو غير طريقٍ: وَإِذا لم يكن طَرِيقا فَهُوَ أريضٌ كثيرُ العُشبِ والكَلأ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الفُجُجُ: الثُّقَلاءُ من النَّاس.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من الْقيَاس: الفَجَّاءُ والْمُنْفَجَّةُ والفَجْواءُ، والفارج، والفُرُجُ، كلُّ ذَلِك: القَوْسُ الَّتِي يبينُ وَتَرُها عَن كَبِدِهَا.

(بَاب الْجِيم وَالْبَاء)
ج ب
جب، بج: (مستعملان) .
جبّ: قَالَ اللَّيْث: الجَبُّ: اسْتِئْصَالُ السَّنَامِ من أَصله، وبعيرٌ أجَبُّ وَأنْشد:
ونأْخُذْ بَعْدَهُ بذِنَابِ عَيْشٍ
أجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وَقَالَ غيرُه: المَجْبُوبُ: الخِصيُّ الَّذِي قد اسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وخُصْيَاهُ، وَقد جُبَّ جبا.
والْجَبُوبِ: وَجْهُ الأرْضِ.
ويقالُ: للْمَدَرَةِ الغليظَةِ تُقلَعُ من وجْهِ الأَرْض: جَبُوبَةٌ، وَفِي الحَدِيث (أَنَّ رجُلاً مَرَّ بجَبُوبِ بدرٍ فَإِذا رجُلٌ أَبْيَضُ رَضْرَاضٌ) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الجَبوبُ: الأرضُ الغليظةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَبوبُ: الأرضُ الصُّلْبَةُ، والجبَوبُ: المدَرُ المُفَتَّتُ.
والجُبَابُ: شبهُ الزُّبْدِ يَعْلُو ألْبَانَ الإبلِ إِذا مَخَضَ البَعِيرُ السِّقَاء، وَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ فيَجْتَمِعُ عِنْد فَمِ السِّقاءِ، وَلَيْسَ لألبَانِ الْإِبِل زُبْدٌ، إِنَّمَا هُوَ شيءٌ يُشْبِهُ الزُّبْدَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجُبَّةُ: مَا دخل فِيهِ الرُّمْحُ من السِّنَانِ.
والثَّعْلبُ: مَا دخل من الرُّمْحِ فِي السِّنانِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبَّةُ: بياضٌ يطأُ فِيهِ الدَّابَّةُ بحافره حَتَّى يبلغ الأشاعرَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجبَّبُ: الفرسُ الَّذِي يبلُغُ تحْجيلُه إِلَى رُكْبَتَيْهِ. [
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: إِذا ارْتَفع البياضُ إِلَى رُكْبَتَيْه فَهُوَ مُجَبَّبٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ: الجُبُّ: البِئرُ الَّتِي لم تُطْوَ.
وَقَالَ الزجاجُ نَحوه، قَالَ: وسُمِّيَتْ جُبّاً لأنّها قُطِعَتْ قطعا، وَلم يحدث فِيهَا غيرُ القطعِ من طيَ وَمَا أشْبَهه، وجَمْعُ الجُبِّ: أجْبَابٌ.

(10/272)


وَقَالَ اللَّيْث: الجُبُّ: البِئرُ غيرُ البَعيدةِ، والجميعُ: جِبَابٌ، وأجْبَابٌ وجِبَبَةٌ.
(أَبُو عبيد) : جَبَّبَ الرَّجُلُ تَجْبيباً، فَهُوَ مُجَبَّبٌ إِذا فَرَّ وعَرَّدَ.
وَقَالَ الحطيئة:
ونَحْنُ إِذا جَبَّبْتُمُ عَن نِسَائِكُم
كَمَا جَبَّبَتْ من عِنْدَ أَوْلاَدِها الحُمْرُ
ويُقالُ: جبَّتِ المَرْأةُ نساءهَا بحُسْنِهَا إِذا غَلَبَتْهُنَّ.
وَقَالَ الراجز:
جَبَّتْ نِسَاءَ وائلٍ وعبْسِ
(شمر عَن الباهليِّ) : فرشَ لنا فِي جُبَّةِ الدَّارِ أَي فِي وَسطهَا.
وجُبَّةُ العَيْنِ: حجاجُها.
وجُبَّةُ الرُّمْحِ: مَا دخل من السِّنَانِ فِيهِ.
والجُبَّةُ: الَّتِي تلْبَسُ، وجمْعُها: جِبَابٌ.
والجُبَّةُ: من أَسمَاء الدُّرُوعِ، وجمعُها: جُبَبٌ. وَقَالَ الرَّاعِي:
لنا جُبَبٌ وأرْماحٌ طِوَالٌ
بِهِنَّ نُمَارِسُ الحرْبَ الشَّطُونا
وَفِي حَدِيث عَائِشَة (أنَّ دَفِينَ سِحْرِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُعِلَ فِي جُبِّ طلعةٍ) بِالْبَاء.
قَالَ شمرٌ: أَرَادَ داخِلَهَا إِذا أُخْرِجَ مِنْهَا الجُفُرَّى كَمَا يُقَال لداخل الرَّكِيّةِ من أَسْفَلهَا إِلَى أَعْلاَها: جُبٌّ، يقالُ: إنّها لواسعةُ الجُبِّ، مطويّةً كَانَت أَو غير مطويّةٍ.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: بِئرٌ مُجَبّبةُ الجوفِ إِذا كَانَ وَسَطُها أَوْسَعَ شيءٍ مِنْهَا مُقَبّبةً.
وَقَالَت الكلابِيّةُ: الجُبُّ: القَلِيبُ الواسِعَةُ الشَّحْوَةِ.
وَقَالَ ابْن حبيبٍ: الجُبُّ: ركيّةٌ تُجَابُ فِي الصَّفا.
وَقَالَ مشيِّعٌ: الجُبُّ: جُبُّ الرّكيّة قبل أَن تُطْوَى.
وَقَالَ زيدُ بنُ كَثْوَةَ: جُبُّ الرّكيَّة: جِرَابُها.
وجُبُّ القَرْنِ: الَّذِي فِيهِ المشَاشَةُ.
وَقَالَ أَوْس:
لَهَا ثُنَنٌ أرْسَاغُها مُطْمَئِنّةٌ
على جُبَبٍ خُضْرٍ حُذِين جَنَادلا
يُقَال: هِيَ لينَة ليْسَتْ بجاسِيَةٍ، والجُبَبُ: جمع جُبَّةٍ، وَهُوَ وِعَاءُ الْحَافِر. خُضْر: سُود، شبَّه حَوَافِرِهِ بِالْحِجَارَةِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَبَابُ: القحْطُ الشَّديدُ، وروى أَحْمد بن حنبلٍ عَن مُحَمَّد بن بكرٍ عَن قطنٍ قَالَ: حدّثْتَنِي أُمُّ عُتْبَةَ عَن ابْن عباسٍ أَنه قَالَ: نهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الجُبِّ قُلْتُ: وَمَا الجُبُّ؟ فَقَالَت امْرَأةٌ عِنْده: هُوَ المَزَادَةُ يُخَيّطُ بعضُها إِلَى بعض.
(قلت) : كَانُوا يَنْتَبِدُون فِيهَا حَتَّى ضَرِيَتْ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : رَكِبَ فلانٌ

(10/273)


المجبَّةَ، وَهِي الجادّةُ.
قَالَ: والجُبْجُبَةُ زَيِيلٌ من جلودٍ يُنقلُ فِيهِ التُّرابُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُبْجُبَةُ: الكَرِشُ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّحْمُ ويُسَمّى الخلْعَ، وَأنْشد:
أَفِي أَنْ سرى كلْبٌ فبَيّتَ جُلَّةً
وجُبْجُبَةً للوطْبِ، سلمى تُطَلّقُ؟
وأمّا قولُ الشَّاعِر:
فَلَا تَهْدِمَنْهَا واتّشِقْ وتَجَبْجَبِ
فَإِن أَبَا زيدٍ قَالَ: التّجَبْجُبُ: أَن يَجْعَل خَلْعاً فِي الجبْجُبَةِ، ورجلٌ جُبَاجبٌ ومُجَبْجَبٌ إِذا كَانَ ضَخْمَ الجنْبَيْنِ، ونوقٌ جباجِبُ.
وَقَالَ الراجز:
جرَاشِعٌ جَباجِبُ الأجْوَافِ
حُمّ الذُّرَا مُشْرِفَةُ الأنْوَافِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا لقّحَ الناسُ النّخِيلَ قيل: قَدْ جبُّوا، وَقد أَتَانَا زَمَنُ الجِبابِ.
(أَبُو عَمْرو) : جملٌ جُباجِبٌ، وبُجَابجٌ: ضَخْمٌ.
وَقد جبجَ إِذا عظُمَ جِسْمُه بعد ضعفٍ، وجَبْجَبَ إِذا سَمِنَ، وجَبْجَبَ إِذا تَجَر فِي الجَبَاجِبِ.
وجابَّتِ المرأةُ صاحِبَتَهَا فجبَّتْها حُسْناً أَي فاقَتْها، وَأنْشد:
مَنْ رَوَّلَ اليَوْمَ لنا فَقَدْ غَلَبْ
خُبْزاً بسَمْنٍ فَهْوَ عِنْد النَّاسِ جبّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جُبَّةَ الفَرَسِ: مُلْتَقى الوظيف فِي أَعلَى الحَوْشَبِ.
وَقَالَ مرَّةً: هُوَ مُلْتَقى ساقَيْهِ ووظِيفَيْ رجلَيْهِ، ومُلْتَقى كلِّ عَظْمَيْنِ إلاَّ عظمَ الظَّهْرِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُبْجُبَةُ: أتانُ الضّحْلِ، وَهُوَ صخْرَةُ المَاء.
بج: (الْأَصْمَعِي) : بَجَّ الجُرْحَ يَبُجُّهُ بَجًّا إِذا شقَّهُ.
ويقالُ: انْبَجَّتْ ماشِيَتُك من الْكلأ إِذا فتَقَها البَقْلُ فأوسع خواصرها وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي: لجُبَيْهاء الْأَسْلَمِيّ:
لجاءتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بجَّهَا
عساليجُهُ والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَجُّ: الطعْنُ يُخالِطُ الجَوْف وَلَا يَنْفُذُ، وَقد بجَجْتُهُ أبُجُّهُ بجّاً وَأنْشد:
نَقْخاً على الهامِ وبَجّاً وخْضَا
وفُلانٌ أبَجُّ العَيْنِ إِذا كَانَ واسِعَ مشَقِّ العَيْنِ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
ومُخْتَلِقٌ لِلْمُلكِ أبْيَضَ فدْغَمٌ
أشَم أَبَجُّ العَيْنِ كالقَمَرِ البَدْرِ

(10/274)


ورجُلٌ بَجْبَاجٌ إِذا كَانَ بادِناً.
ورَمْلٌ بَجْبَاجٌ: مُجْتَمِعٌ ضَخْمٌ.
قَالَ الرَّاعِي:
كَأَن مِنْطَقَهَا لِيثَتْ معَاقِدُه
بِعَانِكٍ من ذُرَى الأنْقَاء بَجْبَاجِ
وجارِيَةٌ بَجْبَاجَةٌ: سَمِينَةٌ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
دارٌ لبَيْضَاء حَصَانِ السِّتْرِ
بَجْبَاجَةِ البَدْنِ هَضِيمِ الخَصْرِ
وَقَالَ المُفَضَّلُ: برْذَوْنٌ بَجْبَاجٌ وَهُوَ الضَّعيفُ السَّريعُ العَرَقِ.
وَأنْشد:
فَلَيْسَ بالكابِي وَلاَ البَجْبَاجِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البُجُجُ: الزِّقاقُ المُشَقَّقَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَجْبَجَةُ: مُناغاةُ الصَّبِيِّ بالفَمِ.

(بَاب الْجِيم وَالْمِيم)
ج م
جم، مج: (مستعملان) .
جم: (أَبُو نصرٍ عَن الْأَصْمَعِي) : جمَّت البِئرُ فَهِيَ تجُمُّ جُمُوماً إِذا كثُرَ ماؤُها واجْتَمَعَ.
وَيُقَال: جِئْتُها وَقد اجْتَمَعَتْ جمَّنُها وجَمُّها أَي مَا جمَّ وارتفع.
وجمَّ الفَرسُ يجُمُّ جَمَاماً إِذا ذهب إعْيَاؤُه.
وشاةٌ جمَّاءُ إِذا لم تكُنْ ذَات قَرْنٍ.
وَيُقَال: أعْطِهِ جُمامَ المَكُّوك أَي مَكوكاً بِغَيْر رَأْسٍ، واشْتُقَّ ذَلِك من الشَّاة الجمَّاءِ.
وَيُقَال: جاءُوا جمّاً غفيراً، وجمّاءَ أَي بجماعتهم.
وَقيل: جاءُوا بجمَّاءِ الغَفِير أَيْضا.
وَيُقَال: فِي الأرْضِ جميمٌ حسنٌ، لنبتٍ قد غطَّى الأَرْض وَلم يتمَّ بعد.
وَيُقَال أجمَّت الْحَاجة إِذا دَنَتْ وحانَتْ تُجِمُّ إجماماً.
وَيُقَال: أجْمِمْ نفْسَكَ يَوْماً أَو يَوْمَين أَي أرِحْها.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ فِي جُمَّةٍ عظيمةٍ أَي فِي جماعةٍ يَسْألون فِي جَمَالَةٍ.
ومالٌ جَمٌّ أَي كثيرٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : هُمُ الجُمَّةُ والبُرْكةُ وَأنْشد.
وجُمَّةٍ تَسْألُني أعْطَيْتُ
قَالَ: وجُمَّ إِذا مُلِىء. وجَمَّ إِذا علا.
قَالَ: والجِمُّ: الشَّياطينُ.
قَالَ: والجِمُّ: الغَوْغَاءُ والسِّفَلُ.
(أَبُو عبيد) : فرسٌ جَمُومٌ وَهُوَ الَّذِي كلما

(10/275)


ذهب مِنْهُ إحضارٌ جَاءَهُ إحضارٌ.
قَالَ، وَقَالَ الْكسَائي: إناءُ جمّانُ إِذا بلغ الكَيْلُ جُمامَهُ، وَقد أَجْمَمْتُ الْإِنَاء بِالْألف.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الْإِنَاء جِمَامُه وجمَمُهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جِمامُ الْإِنَاء، وجُمامُهُ، وطُفافُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي كتاب (الفصيحِ) : عندَهُ جِمامُ القَدَحِ مَاء، وجُمام المكوك، بالرّفع، دَقِيقًا.
وَقَالَ اللَّيْث: جَمّ الشيءُ واسْتجَمَّ أَي كئُر.
قَالَ: وجَمَمْتُ المِكْيالَ جمّاً.
والجَمامُ والجُمامُ: الكَيْلُ إِلَى رَأس المِكيال.
والجُمَّةُ: الشَّعَرُ، والجميعُ: الجَمَمُ.
والجَمَمُ: مصدَرُ الشّاةِ الأجَمِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ.
وَيُقَال للرَّجُلِ الَّذِي لَا رُمْحَ لَهُ: أَجَمُّ، قَالَه أَبُو زيد.
وَقَالَ عنترة:
ألَمْ تَعْلَمْ لَحَاكَ الله أنِّي
أجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوي الرِّماحِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَمْجَمَةُ أَلا تُبينَ كلامك من عِيَ. وَأنْشد:
لَعَمْرِي لقد طَالَمَا جَمْجَمُوا
فمَا أخّرُوهُ وَمَا قَدّمُوا
والجُمْجُمَةُ: القِحْفُ وَمَا تعَلّقَ بِهِ من العِظامِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : الجُمْجُمَةُ: البِئْرُ تُحفرُ فِي السّبَخَةِ.
(ابْن السّكيت) : أجَمَّ الفراقُ إِذا دنا.
وَأنْشد:
حيِّيَا ذَلِك الغَزَالَ الأحمّا
إنْ يَكُنْ ذَلِك الفِرَاقُ أجَمّا
وَفِي حَدِيث ابْن عبَّاس: (أمِرْنَا أنْ نَبْنِيَ المَدَائن شُرَفاً والمساجدَ جُمّاً) فالشُّرَفُ: الَّتِي لَهَا شُرُفاتٌ، والجُمُّ: الَّتِي لَا شرف لَهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : فلانٌ واسعُ المَجَمِّ إِذا كَانَ وَاسع الصَّدْرِ رَحْبَ الذِّرَاعِ.
وَأنْشد:
رُبّ ابنِ عَمَ لَيْسَ بابْنِ عَمِّ
بَادِي الضَّغِينِ ضَيِّقِ المَجَمِّ
(ابْن شُمَيْل) : جمَّمَتِ الأرضُ تَجْمِيماً إِذا وفى جميمُها.
وجمَّم النَّصيُّ والصِّلِّيّانُ إِذا صَارَ لَهما جُمَّةٌ.
والأجَمُّ: الكَعْثَبُ.
وَأنْشد:

(10/276)


جاريةٌ أعَظَمُها أجَمُّها
بائِنَةُ الرِّجْلِ فَمَا تضُمُّها
والجَمَاجِمُ: موضعٌ بَين الدَّهنَاء ومُتَالِعٍ فِي دِيارِ بني تَمِيمٍ.
ويَوْمُ الجماجِمِ: يومٌ من وَقَائِعِ الْعَرَب فِي الْإِسْلَام مَعْرُوفٌ.
وجَماجِمُ الْعَرَب: رُؤساؤُهُمْ، وكلُّ بني أبٍ، لَهّمْ عِزٌ وشَرَفٌ فَهُمْ جُمْجُمَةٌ.
وَقَالَ أنسٌ (تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والوحيُ أجَمُّ مَا كَانَ لم يَفْتُرْ عَنهُ) .
قَالَ شمرٌ: أجَمُّ مَا كَانَ: أكْثَرُ مَا كَانَ.
جَمَّ الشَّيْءُ يَجُمُّ جمُوماً، يقالُ ذَلِك فِي المَاء والسّيْرِ. وَقَالَ امرؤُ الْقَيْس:
يَجِمُّ على السّاقَيْنِ بعد كَلاَلِه
جُمُومَ عُيُونِ الحِسْيِ بعد المَخِيضِ
قَالَ أَبُو عمرٍ و: يَجُمُّ ويَجِمُّ أَي يَكْثُر.
ومَجَمُّ البِئرِ حَيْثُ يُبْلُغُ الماءُ وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ.
ورجُلٌ رَحْبُ المَجَمِّ: واسعُ الصّدْرِ.
مج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا بَدَأَ الفرسُ يعْدو قبل أَن يضطرم جريُه. قيل: أَمَجَّ إمْجَاجاً، فَإِذا اضْطَرَم عدْوُه قيل: أهْذَبِ إهْذَاباً.
وَيُقَال: مَجَّ رِيقَهُ يمُجُّه إِذا لَفظه، ومُجاجُ فمِ الْجَارِيَة: رِيقُهَا.
ومُجَاجُ العِنَبِ: مَا سَالَ من عصيره، وَيُقَال: لما سَالَ من أفْوَاهِ الدَّبَا: مُجاجٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَذَ من الدَّلْوِ حَسْوةَ مَاء فمجَّهَا فِي بِئْرٍ ففاضَتْ بِالْمَاءِ الرَّواءَ) .
قَالَ شمرٌ: مجَّ المَاء من الفَمِ إِذا صبَّه.
وَقَالَ خَالِد بن جَنَبَةَ: لَا يكون مُجاجاً حَتَّى يُبَاعِدَ بِهِ شِبْهَ النَّفْخِ.
وَقَالَ أصحابُه: إِذا صبَّه من فِيهِ قَرِيبا أَو بعِيداً فَقَدْ مَجَّهُ، وَكَذَلِكَ إِذا مجَّ لُعَابه، والأرضُ إِذا كَانَت ريَّا منَ النَّدَى فَهِيَ تمُجُّ الماءَ مجّاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجُجُ: السُّكارى.
والمُجُجُ: النَّحْلُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : المَجَجُ: بُلُوغُ العِنَبِ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تَبِعِ العِنَبَ حتَّى يَظْهَرَ مَجَجُهُ) .
وَيُقَال لما يَسيلُ من أفْوَاهِ الدَّبَا: مُجاجٌ. قَالَ الشَّاعِر:
وماءٍ قديمٍ عهْدُهُ وكأنَّهُ
مُجاجُ الدَّبَا لاقَتْ بهاجِرَةٍ دبَا
والماجُّ: الأحْمَقُ الَّذِي يسيلُ لُعَابُهُ.
والمَاجُّ: البعيرُ الَّذِي أَسَنَّ وسال لُعَابُه.
وَقيل الأذُن مُجَّاجَةٌ، وللنّفْسِ حَمْضَةٌ، معناهُ أنَّ للنَّفْسِ شَهْوَةً فِي اسْتِماعِ العِلْمِ، والأذُنُ لَا تَعِي مَا تسمع، ولكنَّها تُلْقِيهِ نِسْيَاناً كَمَا يمُجُّ الشيءُ من الفَمِ.

(10/277)


(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مَجَّ ونجَّ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَوْسٌ:
أُحَاذِرُ نجَّ الخَيْلِ فَوْقَ سرَاتِهَا
وربًّا غَيُوراً وَجْهُهُ يتَمَعّرُ
قَالَ: نجُّها إلقاؤُها زَوَالها عَن ظُهورِها.
(اللَّيْث) المُجُّ: حبٌّ كالعَدَسِ إلاَّ أنهُ أشَدُّ اسْتِدَارَةً مِنْهُ.
(قلت) هَذِه الحَبّةُ يقالُ لَهَا: الماشُ، والعربُ تُسَمِّيها الخُلَّرَ، والزِّنّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَجْمَجَةُ: تَخْلِيطُ الكتابَةِ وإفسادُها بالقَلَم.
وكَفَلٌ مُمَجْمَجٌ إِذا كَانَ يَرْتجُّ من النَّعْمَةِ.
وَأنْشد:
وكَفَلاً رَيَّانَ قد تَمَجْمجَا
ويُقال للرّجُلِ إِذا كَانَ مُسْتَرْخِياً رَهِلاً: مَجْمَاجٌ.
وَقَالَ أَبُو وجْزَةَ:
طَالَتْ عَلَيْهِنَّ طُولاً غَيْرَ مَجْمَاجِ
وَقَالَ شُجاعٌ السُّلميُّ: يُقَال: مَجْمَج بِي ونَجْنَجَ بِي إِذا ذَهَبَ بك فِي الكَلاَمِ مذهبا على غَيْرِ الاسْتِقامةِ، ورَدَّكَ من حالٍ إِلَى حالٍ.

(10/278)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْجِيم

(أَبْوَاب الْجِيم والشين)
ج ش ض ج ش ص ج ش س
ج ش ز ج ش ط ج ش د
ج ش ت ج ش ظ.
أُهْمِلَتْ جَمِيع وُجُوهها.
ج ش ذ
شجذ: أهمله اللَّيْث، وَقد اسْتَعْمَله العربُ، مِنْهُ الإشْجَاذُ.
قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال: أشْجذَ عَنّا المطَرُ مُنْذُ حينٍ أَي نأى عنَّا وبعُدَ، وأشْجَذَ المطرُ إِذا أقْلعَ بَعْدَ إثْجَامِهِ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فَتَرَى الودّ إِذا مَا أشْجَذَتْ
وتُوَاريه إِذا مَا تَعْتَكِرْ
يقولُ: إِذا أقْلَعَتْ هَذِه الدِّيمَةُ ظَهَرَ الوتِدُ، وَإِذا عادَتْ ماصرةً وارَتْهُ.
ويقالُ: أشْجذَتِ الحُمَّى إشجاذاً إِذا أقْلَعَتْ.
ج ش ث: مُهْمَلٌ.
ج ش ر
جشر، جرش، شجر، شرج: مستعملة.
جشر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بَعِيرٌ مَجْشُورٌ: بِهِ سُعَالٌ جافٌّ.
وَقَالَ غيرُه: جُشِرَ فَهُوَ مَجْشُورٌ، وجَشِرَ يَجْشَرُ جَشَراً، وَهِي الجُشْرَةُ.
قَالَ حُجْرٌ:
رُبَّ همَ جَشِمْتُه فِي هواكُمْ
وبَعِيرٍ مُنَفَّهٍ مَجْشُورِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : جَشَرَ الصُّبْحُ يجْشُرُ جُشُوراً إِذا انْفَلَقَ.
قَالَ: واصْطَبحْتُ الجاشِرِيّةَ وَهِي الشَّرْبةُ الَّتِي مَعَ الصُّبْح.
وَفِي حَدِيث عُثْمان أنّه قَالَ: (لَا يغُرَّنَّكُم جَشَرُكُم مِنْ صَلاتِكُم فإنّما يَقْصُرُ الصَّلاَةَ مَنْ كَانَ شَاخِصاً أَو بحَضْرةِ عدُوَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجَشَرُ: القَوْمُ الَّذين يخرُجُونَ بدَوَابِّهِمْ إِلَى المَرْعى.
وَقَالَ الأخطلُ يذكر قَتْل عميْرِ بن

(10/279)


الحُبابِ:
يَسْألُهُ الصُّبْرُ من غسّانَ إِذا حضَرُوا
والحَزْنُ كَيفَ قرَاهُ الغِلْمَةُ الجَشَرُ
يُعرِّفُونَكَ رَأس ابنِ الحُبَابِ وقَدْ
أمْسَى وللسَّيْفِ فِي خَيْشُومِهِ أثَرُ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بنُو فلانٍ جَشَرٌ إِذا كانُوا يَبِيتُون مكانَهُم لَا يأْوُونَ بُيُوتَهُمْ، وَكَذَلِكَ: مَالٌ جَشَرٌ: يَرْعَى مَكَانَهُ، لَا يأْوِي إِلَى أَهْلِه.
وجَشَرْنَا دَوَابَّنَا: أَخْرَجْنَاها إِلَى الرِّعْيِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المُجَشَّرُ: الَّذِي لَا يَرْعَى قُرْبَ المَاء، والمُنَدَّى: الَّذِي يَرْعَى قُرْبَ المَاء.
وَيُقَال: قَوْمٌ جَشْرٌ وجَشَرٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجَشْرُ حِجَارَةٌ تَنْبُتُ فِي البُحُورِ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: مكانٌ جشرٌ أَي كثيرُ الجَشَرِ بتَحْرِيكِ الشِّينِ.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: الجَشَرُ: حجارَةٌ فِي البَحْرِ خَشِنَةٌ.
وَقَالَ أبُو نَصْرٍ: جَشِرَ السَّاحِلُ يَجْشَرُ جشَرَاً.
والجاشِرِيَّةُ: قَبِيلَةٌ فِي رَبِيعَةَ.
ورجُلٌ مَجْشُورٌ: بِهِ سُعَالٌ، وَأنْشد:
وسَاعِلٍ كَسَعَلِ المَجْشُورِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الجُشْرَةُ والجَشَرُ: بَحَحٌ فِي الصَّوْتِ.
قَالَ: والجُشَّةُ والجَشَشُ: انْتِشَارُ الصَّوْتِ فِي بُحَّةٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجُشْرَةُ: الزُّكَاُم.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرٍ و) : الجَشِيرُ: الجُوَالِقُ الضَّخْمُ، وجَمْعُه: أَجْشِرَةٌ وجُشُرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَشَرُ: مَا يكونُ فِي سواحِلِ البَحْرِ وقَرَارِه مِنَ الحَصَا والأصْدَافِ يَلْزَمُ بَعْضُهَا ببَعْضٍ فَتَصِيرُ حَجَراً تُنْحَتُ مِنهُ الأرْحِيَة بالبَصْرَةِ، لَا تَصْلُحُ للطَّحِينِ، ولكِنَّهَا تُسَوَّى لِرُؤُوسِ البَلاَليع.
جرش: قَالَ اللَّيْث: الجَرْشُ: حَكُّ شَيْءٍ خَشِنٍ بشيءٍ مِثْلِه، كَمَا تَجْرُشُ الأفْعَى أَثْنَاءَهَا إِذا احْتَكَّتْ أَطْوَاؤُهَا، تَسْمَعُ لذَلِك جَرْشاً وصَوْتاً.
والمِلْحُ الجَرِيشُ: المَجْرُوشُ كَأَنَّهُ قَدْ حَكَّ بَعْضُهُ بعْضاً فتَفَتَّتَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عمرٍ و) : الجِرِشَّى: النَّفْسُ وَأنْشد:
بَكَى جَزَعاً مِنْ أَنْ يَمُوتَ وَأَجْهَشت
إِليه الجِرشَّى وارْمَعَلَّ خَنِينُهَا
وَقَالَ اللحياني: مضى جَرْشٌ من اللَّيْلِ وجَوْشٌ، وجُشٌّ، وجُؤْشُوشٌ أَي ساعةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المُجْرَئِشُّ: الغَلِيظُ

(10/280)


الجَنْبِ.
وَقَالَ النَّضْرُ قَالَ أَبُو الهُذَيْلِ: اجْرَأَشَّ إِذا ثابَ جِسْمُه بعْدَ هُزَالٍ وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: هُوَ الَّذِي هُزِلَ وظَهَرَتْ عِظَامُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجْرَئِشُّ: المُجْتَمعُ الجَنْبِ وَقَالَ اللَّيْث: هوالمُنْتَفِخُ الوَسَطِ من ظاهِرٍ وباطنٍ.
قَالَ: ومنَ العُنُوقِ: حَمْراءٌ جُرَشِيَّةٌ، ومنَ العِنَبِ: عِنَبٌ جُرَشِيٌّ جَيِّدٌ بالغٌ يُنْسَبُ إِلَى جُرَش.
قَالَ: والجَرْشُ: الأكْلُ.
(قلت) : الصَّوابُ الجَرْسُ بالسِّينِ: الأكْلُ، وسَتَراهُ فِي بَابِه مُفَسَّراً إنْ شَاءَ اللَّهُ.
والجُرَاشَةُ: مِثْلُ المُشَاطَةِ، والنُّحَاتَةِ.
والجَرِيشُ: دَقِيقٌ فِيهِ غِلَظٌ، يَصْلُحُ لِلْخَبيصِ المُرَمَّلِ.
شجر: الشَّجَرَةُ: الواحِدةُ تُجْمَعُ على الشَّجَرِ والشّجَرَاتِ وَالْأَشْجَار.
والمُجْتِمعُ الكَثيرُ مِنْهُ فِي مَنْبَتِهِ: شَجْرَاءٌ.
وأَمَّا المَشْجَرَةُ فهيَ أرضٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ الكَثيرَ.
وأرضٌ شَجِيرَةٌ، ووادٍ شَجيرٌ: ذُو شَجَرٍ كَثيرٍ.
قَالَ: والشَّجَرُ: أصنافٌ، فأَمَّا جِلُّ الشّجَرِ فعِظَامُه الَّتِي تَبْقَى على الشِّتَاءِ، وأَمَّا دَقُّ الشَجَرِ فصِنْفَانِ: أَحَدُهُمَا تَبْقَى لَهُ أَرُومَةٌ فِي الأرضِ فِي الشِّتَاءِ، ويَنْبُتُ فِي الربيعِ، وَمِنْه مَا يَنْبُتُ مِنَ الحِبَّةِ كَمَا تَنْبُتُ البُقُولُ، وفَرْقُ مَا بَيْنَ دِقِّ الشّجَرِ والبَقْلِ، أَنَّ الشّجَرَ تَبْقَى لَهُ أَرُومَةٌ على الشِّتَاءِ، وَلَا يَبْقَى لِلبَقْلِ شَيْءٌ.
وأَهْلُ الحِجَازِ يَقُولُونَ هَذهِ الشّجَرُ، وهذِه البُرُّ، وَهِي الشِّعِيرُ وَهِي التَّمْرُ، ويَقُولُونَ هِيَ الذَّهَبُ، لأنَّ القِطْعَةَ مِنهُ ذَهَبَةٌ، وبِلُغَتِهِمْ نَزَلَ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا} (التَّوْبَة: 34) فأنّثَ.
قَالَ: والمُشَجَّرُ منَ التَّصَاويرِ: مَا يُصَوَّرُ على صِيغَةِ الشّجَرِ.
وَقَالَ الله جلّ وعَزَّ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النِّسَاء: 6) .
قَالَ الزّجاج أَي فِيمَا وقعَ مِنْ الاخْتِلاَفِ من الخصوماتِ حتَّى اشْتَجَرُوا وتشَاجَرُوا أَي تَشَابَكُوا مُخْتَلِفِينَ، وَيُقَال: الْتَقَى فِئَتَانِ فَتَشَاجَرُوا بِرمَاحِهِم أَيْ تَشَابَكُوا، واشْتَجَرُوا بِرِمَاحِهِم كَذَلِك، وكُلُّ شيءٍ خالفَ بَعْضُه بَعْضاً فقَدِ اشْتَبَكَ واشْتَجَرَ، وسُمِّيَ الشّجَرُ شَجرا لدخولِ بعضِ أَغْصَانِه فِي بعضٍ، ومِنْ هَذَا قِيلَ لمِرَاكِبِ النِّساءِ: مَشَاجِرُ، لِتَشَابُكِ عِيدَانِ الهَوْدَجِ، بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ، وَاحِدُهَا: مِشْجَرٌ، وشِجَارٌ قالَه الْأَصْمَعِي.

(10/281)


قَالَ: والشِّجَارُ أَيْضا: الخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ خَلْفَ البَابِ يُقَالُ لَهَا بالفارسيَّةِ: المَتْرَسُ، وَكَذَلِكَ الخشَبَةُ الَّتِي يُضَبَّبُ بهَا السَّرِيرُ مِنْ تَحْتُ هِيَ الشِّجَارُ.
وَأنْشد:
لَوْلاَ طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرَائِرُ
وفَاءَ والمُعْتَقُ شَيءٌ بائِرُ
غُلَيِّمٌ رِطْلٌ وشَيْخٌ دَامِرُ
كَأَنَّمَا عِظَامُنَا المَشَاجِرُ
والمِشْجَرُ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ، وَمِنْه قَول لبيد:
وأَرْبَدُ فَارِسُ الهَيْجَا إِذا مَا
تَقَعَّرَتِ المَشَاجِرُ بالفِئَامِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الشَّجْرُ: مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ.
وَقَالَ غيرُه: باتَ فلانٌ مُشْتَجِراً إِذا اعْتَمَدَ بِشّجْرِه على كَفِّهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الشَّجِيرُ: الغَرِيبُ.
قَالَ: والسَّجِيرُ بالسِّينِ: الصَّدِيقُ.
وَيُقَال: نَزَلَ فلانٌ شَجِيراً فِي بَنِي فلانٍ أَي غَرِيباً.
وَقَالَ المُنَخَّلُ:
وإِذَا الرِّيَاحُ تَكَمَّشَتْ
بجَوَانِبِ البَيْتِ الْكَبِير
أَلْفَيْتَنِيِ هَشَّ النَّدَى
بِشَرِيجِ قِدْحِي أَو شَجِيرِي
فالقِدْحُ الشَّجِيرُ هُوَ المُسْتَعَارُ الَّذِي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِه، والشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ.
يقالُ: هَذَا شَرِيجُ هَذَا وشَرْجُه أَي مِثْلُهُ:
(الحَرَّانِيُّ عنِ ابْن السِّكِّيت) : شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ فلَمْ يُبْقِ مِنْهُمَا شَيْئا فَصارَ إِلَى الشَّجَرِ يَرْعَاهُ.
قَالَ الراجزُ يصفُ إبِلا:
تَعْرِفُ فِي أَوْجُهِها البَشَائِرِ
آسَانَ كُلِّ آفِقٍ مُشَاجِرِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّجَارُ: خَشَبُ الهَوْدَج، فَإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صارَ هَوْدَجاً.
قَالَ: وإِذا تَدَلَّتْ أَغْصَانُ شَجَرٍ أَو ثَوْبٍ فَرَفَعْتَهُ وأَجْفَيْتَهُ قُلْتَ: شَجَرْتُه، فَهُوَ مَشْجُورُ.
وَقَالَ العجاج:
رَفَّعَ مِنْ جِلاَلِهِ المَشجُورِ
والشَّجْرُ: مَفْرَجُ الفَم.
وَفِي حَدِيث الْعَبَّاس، قَالَ كُنتُ آخُذُ بَحكَمَةِ بغلَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد شَجَرتُها أَي ضربت لِجَامَها أكفُّها حَتَّى فَتَحَت فاها.
وَفِي حَدِيث سعد (أنَّ أمَّه قَالَت لَهُ: لَا أَطْعَمُ طَعَاماً وَلَا أشربُ شَرَاباً أَو تكفُرَ بمحمَّدٍ) .
قَالَ: فَكَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يُطعِموها (أَو

(10/282)


يسُقوها) شَجَرُوا فَاهَا أَي أدخلُوا فِيهِ عُوداً فَفَتَحُوهُ.
وكل شَيْء عَمَدْتَهُ بِعِمَادٍ فقد شَجَرْتَه.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : شَجَرْتُ فلَانا أشجرُه شَجْراً إِذا صَرَفْتَه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كل شَيْء اجْتمع ثمَّ فرَّق بَينه شَيْء فانفرق، يُقَال لَهُ: شجر.
وَفِي الحَدِيث ذكر فتْنَةٍ (يَشْتَجِرُونَ فِيهَا اشتجَارَ أطْباقِ الرَّأسِ) أَي يَخْتَلِفُونَ كَمَا تَشْتَجِرُ الْأَصَابِع إِذا دخل بعضُها فِي بعضٍ.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
طَاف الخَيَالُ بِنَا وَهنا فأرَّقَنا
من آل سُعدى فَبَاتَ النَّوم مُشْتَجِرَا
معنى اشتجار النّوم تجافيه عنهُ، وَكَأَنَّهُ من الشَّجير وَهُوَ الغريبُ، وَمِنْه: شَجَر الشيءَ إِذا نحَّاه.
قَالَ العجاج:
وَشَجَرَ الهُدَّاب عَنْهُ فَجَفَا
أَي جافاه عَنهُ فَتَجَافَى، وَإِذا تجافى قيل: انْشَجَرَ واشْتَجَرَ.
وَيُقَال: فلَان من شَجَرَةٍ مباركةٍ أَي من أصْلٍ مبارك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الاشْتِجَارُ والانْشِجَارُ: النَّجَاءُ.
وَقَالَ عَوِيجٌ:
عَمْداً تعدَّيناك واشْتَجَرْتَ بِنَا
طوالُ الهوادي مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ
ويُروى: وانشَجَرَتْ بِنَا.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) شَجَرَ: طَعَنَ بالرُّمْحِ، وشَجَرَ إِذا كَثُرَ جَمْعُه.
(أَبُو زيد) أَرض شَجِيْرَةٌ: كَثِيرَة الشجَرِ، وَأَرْض عَشِيبةٌ: كثيرةُ العُشْبِ، وَبقِيْلةٌ، وعاشبةٌ، وَبقِلَةٌ، وَثَمِيْرَةٌ إِذا كثر ثَمَرَتُهَا، وَأَرْض مُبْقِلَةٌ ومُعْشِبَةٌ.
(ابْن الْأَعرَابِي) الشَّجَرَةُ: النقطة الصَّغِيرَة فِي ذَقَنِ الغُلامِ.
قَالَ: والشِّجَارُ: المُتَرَّسُ.
والشِّجَارُ: الهَوْدَجُ الصَّغِير الَّذِي يَكْفِي وَاحِدًا حَسْبُ.
والشِّجارُ عُودٌ يُجْعَلُ فِي فمِ الجدْي لِئَلَّا يرضعَ أمَّه.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن ثعلبٍ عَن الْفراء أَنه أنْشدهُ لِلْقِتَالِ:
إِذا لاقيت منا ذَا ثَنَايَا
قَالَ: الشِّجَارُ: خشبتان على القَليْبِ فِي هَذَا الْموضع.
وَقَالَ: الشِّجُارُ: عمودٌ من أعمدةِ الْبَيْت.
شرج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : شَرَجَ إِذا سَمِنَ سِمَناً حَسناً. وشَرِجَ إِذا فَهِم.
وَفِي حَدِيث الزبير: (أنّهُ خاصَم رجلا من الأنصَارِ فِي سُيُولِ شرَاجِ الحَرَّة إِلَى

(10/283)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا زُبَيُر: احبِسِ الماءَ حَتَّى يبلُغَ الجُدُر) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الشِّرَاجُ: مجارِي الماءِ من الحِرارِ إِلَى السَّهلِ، وَاحِدهَا: شَرجٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عمرٍ و.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمن أمثالهم (أشبَهُ شَرْجٌ شَرْجاً لَو أنّ أُسَيْمِراً) .
قَالَ: وَكَانَ المفضَّلُ يحدِّثُ أنَّ صَاحب المَثَل لُقَيمُ بن لُقمان، وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ قد نزلا منزِلاً يُقَال لَهُ: شَرْجٌ، فَذهب لُقَيمٌ يُعشِّي إبِله، وَقد كَانَ لُقمان حَسَدَ لُقيماً فَأَرَادَ هَلَاكه واحتَفَر لَهُ خَنْدقاً وَقطع كل مَا هُنَالك من السَّمُرِ ثمَّ مَلأ بِهِ الخَندقَ، وأوقَدَ عَلَيْهِ ليَقَع فِيهِ لُقيم، فَلَمَّا أقبل عرف المكانِ، وَأنكر ذهَاب السَّمُر، فَعندهَا قَالَ: (أشْبَهَ شَرْجٌ شرجاً لَو أَن أُسَيْمِراً) ، فَذهب مثلا.
وَقَالَ ابْن السّكيت، يُقَال: هما شَرْجٌ واحدٌ أَي ضَرْبٌ واحدٌ، ساكِنةٌ الرَّاء.
وشَرْج أَيْضا: ماءٌ لبني عبسٍ. قَالَ: وَهُوَ شَرَجُ العيبة بِفَتْح الرَّاء.
قَالَ: والشَّرَج فِي الدَّابة مفتوحُ الرَّاء أَن تكونَ إِحْدَى خُصيَيْه أعظَمَ من الْأُخْرَى.
يُقَال: دابَّةٌ أشرَج.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأشرج: الَّذِي لَهُ خصيَةٌ وَاحِدَة من الدَّوابِّ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : شرَجَ، وبَشَكَ، وَخَدَب، كلُّه إِذا كَذَب.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّدَّاج، والسَّرَّاج: الكذَّاب بالسِّين، وَقد سَدَج وسَرَج إِذا كذَبَ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : من القِسِيِّ: الشَّرِيجُ، وَهِي الَّتِي تُشَقُّ من العُود فِلقتَيَنِ، وَهِي القَوسُ الفِلْقُ أَيْضا.
وَيُقَال: هَذَا شَرِيجُ هَذَا وشَرجُه أَي مثله.
وكل مُخْتَلِطَينِ: شريجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّريجةُ: جَدِيلةٌ من قَصَبٍ للحَمَام.
والشَّريجَان: لونان مُختلفانِ.
وَيُقَال لِخَطَّي نيرَي البُردِ: شَريجَانِ، أحدُهَما أخضرُ والآخَرُ أبيضُ أَو أحمرَ.
والشَّريجُ: العَقَبُ، تقولُ أَعْطِنِي شَرِيجَةً مِنْهُ.
وَقَالَ فِي صِفَة القَطَا:
سَبُقت بوِرْدِهِ فُرَّاط شِربٍ
شَرَائِجُ بَين كُدريَ وجُونِ
وَقَالَ:
شَرِيجَانِ من لَوْنَينِ خِلطَان مِنْهُمَا
سَواءٌ وَمِنْه واضحُ اللَّون مُغرِبُ
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) أخرَطتُ الخَرِيطة، وشرَّجتها، وأشرَجْتُها، وَشَرَجْتُها:

(10/284)


شَدَدتُها.
وَفِي الحَدِيث: (أصبح الناسُ شَرْجَينِ فِي السّفَر) يَعْنِي نِصْفَيْنِ، نصفٌ صِيَامٌ، ونصفَ مَفَاطيرُ.
وَيُقَال: مَرَرْتُ بفتياتٍ مُشَارِجَاتٍ أَي أترابٍ مِتساوياتٍ فِي السِّنِّ.
وَقَالَ الأسودُ بن يَعْفُرَ:
فَشَوى لنا الوَحَدَ المُدِلُّ بحُضْرِهِ
بِشَريج بَين الشدِّ والإِرْوَادِ
أَي بَعِدْوٍ خِلْطٍ من شدَ شديدٍ، وشدَ فِيهِ إرواد.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الشارج: الشّريكُ.
وَيُقَال: شَرَجْتُ العَسَل وغيرَه بِالْمَاءِ إِذا مَزَجْتَهُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يَصِفُ عَسَلاً:
فَشرّجها من نُطْفَةٍ رَجَبِيَّةٍ
سُلاَسِلةٍ من ماءِ لِصبٍ سُلاسلِ
قَالَ المُؤَرِّجُ: الشَّرجَةُ: حُفْرةٌ تُحفرُ ثمَّ تُبسَطُ فِيهَا سُفرةٌ، وَيُصَبُّ المَاء عَلَيْهَا فتشرَبُه الْإِبِل.
وَأنْشد فِي صفة إِبِلٍ عِطَاشٍ سُقِيَتْ:
سَقَيْنَا صواديها على مَتْنِ شَرْجَةٍ
أضَامِيمَ شتَّى من حِيَالٍ ولُقّح
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الشريجةُ: العَقَبةُ الَّتِي يُلصق بهَا ريشُ السَّهم، فَإِن رِيْشَ بالغِرَاء، فالغِراءُ: الرُّوْمةُ.
ويُرْوَى عَن يوسفَ بنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: أَنا شَرِيجُ الْحجَّاج بن يُوسُف، يُرِيد أَنا مثله فِي السِّنِّ.
ج ش ل
مهمل الْوُجُوه.
ج ش ن
جشن، جنش، شجن، شنج، نجش نشج: مستعملة:
جشن: قَالَ اللَّيْث: جَوْشَنُ الجَرَادةِ: صدرُها.
والجَوْشَنُ: مَا عُرضَ من وَسَط الصَّدر.
والجَوشَنُ: اسمُ الْحَدِيد الَّذِي يُلبَسُ من السِّلاح.
وَقَالَ ذُو الرِّمَّة يصف ثوراً طَعَن كلاباً بروْقَيْه فِي صدرها:
فكرَّ يمشُقُ طَعنا فِي جَوَاشِنِهَا
كأنهُ الأجرَ فِي الإقبالِ يَحْتَسِبُ
أَي فِي صدورها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المَجْشُونةُ: الْمَرْأَة الكثيرةُ الْعَمَل النشيطةُ.
جنش: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَنْشُ: نزحُ الْبِئْر.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعت السُّلَمِيَّ يَقُول: جَنَشَ القومُ للْقَوْم وَجَمَشُوا لَهُم أَي أقبَلُوا

(10/285)


إِلَيْهِم.
وَأنْشد:
أقُولُ لعبَّاسٍ وَقد جَنَشَتْ لنا
حُيَيٌّ وأفْلَتْنَا فُوَيْتَ الأظافِرِ
وَفِي (النَّوَادِر) : الجنش: الغلظ، وَقَالُوا:
يَوْمًا مُرَا مِرَاتٍ يَومَا الجَنَشِ
(قلت) : هُوَ عيِدٌ لَهُم، ويقالُ: جَنَشَ فلَان إليَّ، وجاشَ، وهاشَ، وتحوَّر، وأَرَزَ بِمَعْنى واحدٍ.
شجن: قَالَ اللَّيْث: الشَّجَنُ: الهمُّ والحُزنُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : الشَّجَنُ: الحاجةُ حَيْثُ كَانَت، وَقد شَجَنَتْني الْحَاجة حَيْثُ كَانَت تَشْجُنُنِي شَجْناً إِذا حَبَسَتْكَ.
وَقَالَ الْكسَائي مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: أشْجنَني الأمرُ فَشَجُنْتُ أشجُنُ شُجُوناً.
والحمامة تَشْجُنُ شُجُوناً إِذا نَاحَتْ وتحزَّنتْ.
وَفِي الحَدِيث: (الرَّحِمُ شِجْنَةٌ من الله) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يَعْنِي قرَابَة مُشْتَبِكَة كاشتباكِ العُرُوقِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَأن قَوْلهم: (الحديثُ ذُو شُجُونٍ) مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ تَمَسُّكُ بعضهِ ببعضٍ، قَالَ: وفيهَا لغتانِ: شِجْنَةٌ وشَجنَةٌ، وَبِه سمِّيَ الرجل: شِجْنَة.
(أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي) : (الحَدِيث ذُو شُجُون) يُرَاد أنَّ الحَدِيث يتَفَرَّقُ بالإنسانِ شُعَبُهُ ووجُوهُهُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْلهم (الحديثُ ذُو شُجُونٍ) أَي ذُو فُنُونٍ وتشبُّثٍ بعضه بِبَعْض.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُضربُ مثلا للْحَدِيث يُستذكَرُ بِهِ حديثٌ غَيره.
قَالَ: وَكَانَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْمثل عَن ضَبَّةَ بن أُدَ حِين رأى مَعَ الحارثِ بن كعبٍ سيفَ ابنِهِ سعيدٍ فَعرفهُ فَأَخذه وَقتل بِهِ الحارثَ بنَ كعبٍ، وَقَالَ: (الحَدِيث ذُو شُجُون) وَفِيه يَقُول الفرزدق:
فَلَا تَأمَنَنَّ الحربَ إِن استِعَارَهَا
كَضَبَّة إِذْ قَالَ: الحديثُ شُجُونُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الشجوُنُ: أعالي الْوَادي، وَاحِدهَا: شَجْنٌ، وَهِي الشّوَاجِنُ، وَاحِدهَا: شَاجِنَةٌ.
(قلت) : فِي ديار ضَبَّةَ: وادٍ يُقَال لَهُ: الشَّوَاجِنُ، فِي بَطْنه أطوَاءٌ كثيرةٌ، مِنْهَا: لَصَافِ واللِّهَابَةُ، وثَبْرَةُ، ومياهها عَذْبَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث، يُقَال: شَجِنْتُ أشجُنُ شَجَناً أَي صَار الشَّجَنُ فيَّ، وَأما تشجَّنتُ فَكَأَنَّهُ بِمَعْنى تذكرتُ، وَهُوَ كَقَوْلِك: فطُنْتُ فَطَنا، وفَطِنْتُ للشَّيْء فِطْنةً وفَطَناً، وَأنْشد:
هيَّجْنَ أشجاناً لِمَنْ تَشَجَّنا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال شُجَنَةٌ وشُجنٌ للغُصن، وشُجنةٌ وشُجَنٌ، وشِجنَةٌ وشِجَنٌ،

(10/286)


وشِجْنَةٌ وشِجْنٌ، وشُجْنَةٌ وشُجُناتٌ وشُجناتٌ.
قَالَ: والشجَنُ: الحَزَنُ، والشجَن: هَوى النَّفس، والشجَنُ: الحاجَةُ، والجمعْ: أشجانٌ.
نشج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَشَجَ الباكي يَنْشِجُ نشَيجاً ونَشْجاً وَهُوَ إِذا غصّ البكاءُ فِي حَلقِهِ عِنْد الفَزعَةِ.
والطعنة تَنْشِجُ عِنْد خروجِ الدَّم: تسمُعُ لَهَا صَوتا فِي جوفها.
والقِدْرُ تَنْشِجُ عِنْد الغَلَيانِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الأنشاجُ: مجارِي الماءِ، واحدُهَا: نَشَجٌ، وَأنْشد شمر:
تأبَّدَ لأيٌ منهُمُ فعُتائِدُه
فذو سَلَمٍ، أنشاجُهُ فسواعِدُه
وَفِي حَدِيث عمر (أَنه قَرَأَ سُورَة يُوسُف فِي صَلَاة الْفجْر فسُمع نشيجُهُ خلف الصُّفوفِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: النَّشيجُ: مثلُ بكاء الصَّبِي إِذا ضُرب فَلم يُخرِجْ بُكاءَه، وردَّدَهُ فِي صَدْره، وَلذَلِك قيل لصوتِ الحمارِ: نَشِيجٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : النَّشِيجُ من الْفَم، والخَنِينُ من الْأنف، وَكَذَلِكَ: النَّخِيرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النشيج: صَوت المَاء يَنْشجُ، ونُشُوجُه فِي الأَرْض أَن يَقُول: أُش، يُسمع لَهُ صَوت، وَقَالَ هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحَوَائِجَا
وَمَلأَتْ حُلاّبُهَا الخَلانِجَا
مِنْهَا وثَمُّوا الأوطُبَ النواشِجَا
قَالَ أَبُو عبيد: النَّوَاشِجُ: المُمْتلئة.
شنج: قَالَ اللَّيْث: الشَّنَجُ: تَشَنُّجُ الجِلدِ والأصابعِ كلِّها، وَأنْشد:
قَامَ إِلَيْهَا مُشْنِجُ الأنَامل
أغثَى خَبيثُ الرِّيحِ بالأصَائِلِ
قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا: شَنِجٌ أشْنَجُ، وَشَنِجٌ مُشَنَّجٌ، والمشنَّج: أشدُّ تشنُّجاً، وَإِذا كَانَت الدَّابَّة شَنِجَ النَّسَا فَهُوَ أقوى لَهَا، وأشدَّ لرجلَيْها.
وَقَالَ غَيره: من الْحَيَوَان: ضروب توصفُ بشنَجِ النَّسَا، وَهِي لَا تسمحُ بالمشيِ، مِنْهَا: الظَّبيُ.
وَقَالَ أَبُو دُوادٍ الإياديُّ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا
ءِ نبَّاحٍ من الشُّعب
وَمِنْهَا: الذِّئْب، وَهُوَ أقْزَلُ إِذا طُرِدَ فَكَأَنَّهُ يتوجَّى.
وَمِنْهَا: الغُرابُ وَهُوَ يَحْجِلُ كَأَنَّهُ مقيَّد.
وَقَالَ الطِّرمَّاح يذكر الْغُرَاب:
شَنِجُ النَّسَا حَرِقُ الجَنَاح كَأَنَّهُ
فِي الدَّار إِثْر الظَّاعنِين مقيَّد

(10/287)


وَشَنجُ النَّسَا يُستحب فِي العتاقِ خَاصَّة، وَلَا يُستحبُّ فِي الهَمَاليجِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول هُذيل: غَنَجٌ على شَنَجٍ أَي رَجُلٌ على جَمَلٍ، فالغَنَحُ هُوَ الرجل، والشنجُ: الْجمل، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ ابْن دُرَيْد.
نجش: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّجشِ، وَقَالَ: (لَا تَنَاجَشُوا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ أَن يزيدَ الرجلُ فِي ثمنِ السِّلعة وَهُوَ لَا يرُيدُ شِرَاءَهَا، وَلَكِن لِيَسْمَعَهُ غيرُه فيزيدَ بِزِيَادَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُروى فِيهِ عَن ابْن أوفى أَنه قَالَ: (النَّاجِشُ آكل رَبًّا خَائنٌ) .
قَالَ: والنّجاشيُّ هُوَ الناجِشُ الَّذِي يَنجُشُ الشيءُ نَجشاً فيَسْتَخرِجَهُ.
والنجْشُ: استثارة الشَّيْء.
وَقَالَ شمر: أصل النّجْشِ: الْبَحْث وَهُوَ اسْتِخْرَاج الشَّيْء.
قَالَ رؤبة:
فالخُسُر قَول الكَذِبِ المنجُوش
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَنْجُوشٌ: مُفْتَعَلٌ مكذُوبٌ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: النجَّاش: الَّذِي يَسُوق الدوابّ والرِّكابَ فِي السُّوق يسْتَخْرج مَا عِنْدهَا من السَّيرِ، وَأنْشد:
غير السُّرَى وسائِقٍ نَجّاشِ
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو سعيد: فِي التّناجُشِ شَيْء آخر مُبَاحٌ وَهُوَ المرأةُ الَّتِي تزوّجَتْ وطُلِّقَتْ مرّة بعد أُخْرَى، أَو السِّلعةُ الَّتِي اشتُريَت مرّة بعد مرّة ثمَّ بيْعَتْ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النجْشُ أَن تمدحَ سِلعَةَ غَيْرك ليبيعها أَو تذمَّها لِئَلَّا تنفُقَ، عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي الْخطاب.
والنَّاجشُ: الَّذِي يثيرُ الصيدَ لِيَمُرَّ على الصّيَّادِ.
ج ش ف
فشج، فجش، جفش.
فشج: روى أَبُو عبيد حَدِيثا بِإِسْنَاد لَهُ (أَن أَعْرَابِيًا دخل الْمَسْجِد فَفَشَجَ فَبَال) ، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم فَشَّج بتَشْديد الشين قَالَ: والفَشْحُ دون التّفَاجّ، والتّفشيجُ: أَشد من الفُشْحِ وَهُوَ تفريج مَا بَين الرِّجْلَينِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التّفشِيجُ: التّفَحُّجُ على النَّار، قَالَ: وَتَفَشّجَتِ النَّاقة إِذا تَفَرشَحَتْ لِتَبُول أَو لِتُحْلَبَ.
(جفش) : قَالَ ابْن دُرَيْد: جَفَشَ الشَّيْء إِذا جمعه (قلت) : لم أسمعهُ لغيره.
(فجش) : قَالَ ابْن دُرَيْد: الفَجْشُ: الشّدخُ، فَجَشْتُ الشَّيْء بيَدي إِذا شَدَخْتَهُ، وَلَا أعرف الحرفين لغيره.
ج ش ب
جشب، شجب، جبش.
جشب: قَالَ اللَّيْث: طَعَام جَشِبٌ: لَيْسَ مَعَه

(10/288)


أُدم.
وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يُبَالي مَا أكل وَلم ينل أُدُماً: إِنَّه لَجَشبُ المأكَلِ، وَقد جَشُبَ جُشُوبَةً.
وَقَالَ شمر: طَعَامٌ جَشِبٌ: غليظٌ خَشِنٌ، وَقد جَشُبَ جُشُوبَةً، وطعامٌ جَشْبٌ.
والجَشَّابُ من الندى: الَّذِي لَا يزَال يقعُ على البقْلِ.
وَقَالَ رؤبة:
روضاً بجشَّاب الندىَ مأدُومَا
(أَبُو عبيد) : المِجْشَابُ: الْبدن الغليظ.
قَالَ أَبُو زبيد:
تُوْلِيكَ كَشْحاً لطيفاً لَيْسَ مِجْشَابَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: جَمَلٌ جَشِبٌ: ضخمٌ شديدٌ.
وَأنْشد:
بِجَشِبٍ أتلَعَ فِي إصغَائِهِ
وَيُقَال للطعام: جَشِبٌ وَجَشْبٌ وَجَشِيبٌ.
وَقَالَ شمر: رَجُلٌ مُجَشَّبٌ: خَشِنُ المعيشةِ.
قَالَ رؤبة:
وَمن صَبَاحٍ رامياً مُجَشَّبَا
وَسِقَاءٌ جَشِيبٌ: غليظٌ خَلَقٌ.
(شمر) : طعامٌ مَجْشُوبٌ، وَقد جَشَبْتُه، وأقرأنا ابْن الْأَعرَابِي:
لَا يَأكُلونَ زادَهُمُ مَجْشُوبَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِجْشَبُ: الضخم الشُّجَاعُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: أهل الْيمن يُسَمُّون قُشورَ الرُّمَّانِ: الجُشْبَ.
شجب: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: (الْمجَالِس ثَلَاثَة: فَسَالِمٌ وغانِمٌ وشاجِبٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الشَّاجِبَ: الآثمُ الهالكُ.
يُقَال مِنْهُ: رجلٌ شاجِبٌ وشَجِبٌ.
قَالَ: وشَجَبَ الرجُلُ يشْجُبُ شجُوباً إِذا عَطِبَ وهلكَ فِي دِيْنٍ أَو دُنيا.
وَفِيه لُغَة: شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً، وَهُوَ أجودُ اللغتين، قَالَه الْكسَائي.
وَأنْشد للكميت:
ليلك ذَا ليلك الطَّوِيل كَمَا
عَالجَ تبريح غُلِّه الشَّجِب
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّك لتشجُبنُي عَن حَاجَتي أَي تجذبُني عَنْهَا.
وَمِنْه يُقَال: هُوَ يشجُبُ اللِّجامَ أَي يجذِبُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّجَبُ: الهمُّ والحَزَنُ، وَقد أشجبك هَذَا الْأَمر فشَجِبْتَ شَجَباً، وغُرَابٌ شاجبٌ يَشجُبُ شجيباً، وَهُوَ الشَّديد النعيق الَّذِي يَتَفَجَّعُ من غِربَان البَينِ.
وَأنْشد:
ذكّرنَ أشْجاباً لمنْ تَشَجَّبَا
وهِجْنَ إعجاباً لمن تَعَجَّبَا

(10/289)


والمِشْجَبُ: خَشَباتٌ موثَّقَةٌ تُنصَبُ فيُنشَرُ عَلَيْهَا الثِّيَاب.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (أَنه بَات عِنْد خَالَته ميمونَةَ. قَالَ: فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شَجْبٍ فاصطَبَّ مِنْهُ المَاء وَتَوَضَّأ) .
سَمِعت أَعرابياً من بني سُلَيم، يَقُول: الشَّجبُ من الأساقِي: مَا تشنَّن وأخلقَ.
قَالَ: وَرُبمَا قُطِعَ فَم الشَّجبِ وجُعِلَ فِيهِ الرُّطَبُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّجَبُ: تداخُلُ الشَّيْء بعضِه فِي بعضٍ.
قَالَ: والشجْبُ والشِّجابُ: المِشْجَبُ.
وَقَالَ غَيره: سقاءٌ شاجِبٌ: يابسٌ.
وَأنْشد:
لَو أنَّ سَلمى سَاوَقَتْ ركائِبي
وَشَرِبَت من ماءِ شَنَ شَاجِبِ
(أَبُو عبيد) : الشُّجُوبُ: أعمدة من أعمدة الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو وعَّاسٍ الهُذُلي:
وهُنَّ مَعًا قيامٌ كالشُّجُوبِ
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المِشْجَبُ: أَعْوَاد تُربَطُ توضعُ عَلَيْهَا الثيابُ.
(الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت) : يُقَال:
شَجَبَهُ يشجُبُهُ شَجْباً إِذا شَغَلَهُ، وشَجَبَهُ إِذا حَزَنَهُ، وشَجِبَ إِذا حَزِنَ.
وَمَاله شَجَبَهُ الله أَي أهلَكَهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَجْبُ الرجل: حَاجته وهمه.
وَامْرَأَة شَجُوبٌ: ذَات همَ قلبُها متعلّقٌ بِهِ.
جبش: قَالَ المُفَضَّل: الجَبيشُ والجَميشُ: الركَبُ المحلوقُ.
ج ش م
جشم، جمش، شمج، مشج، شجم: مستعملة.
جشم: قَالَ اللَّيْث: جَشِمْتُ الأمرَ أجشَمُهُ جَشْماً أَي تَكَلّفْتُه، وتَجَشَّمْتُهُ: مِثْلُه، وجشَّمَنِي فُلانٌ أمرا، وأجشَمَني أَي كلَّفني.
وجُشَمُ الْبَعِير: صدرُه وَمَا يَغْشَى بِهِ القِرْنَ من خَلْقِهِ.
يُقَال: غتَّه بجُشَمِهِ: أَي أُلقِيَ صَدْرَهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا جشمْتُ الْيَوْم ظِلْفاً، يَقُوله القانِصُ إِذا لم يَصِد وَرجع خائباً.
وَيُقَال: مَا جَشَمتُ اليومَ طَعَاما: أَي مَا أكلتُ.
قَالَ: وَيُقَال ذَلِك عِنْد خَيْبَة كلِّ طالبٍ، فَيُقَال: مَا جَشَمْتُ الْيَوْم شَيْئا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجُشُمُ: السِّمانُ من الرِّجَالِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَشَمُ: السِّمَنُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعت أَبَا مِحْجَن

(10/290)


ٍ وباهلياً يَقُولَانِ: تجشَّمتُ الْأَمر وتجسَّمتُه إِذا حملتَ نَفسك عَلَيْهِ.
قَالَ عَمْرو بن جميل:
تَجَشُّمَ القُرقُور موجَ الآذي
وَقَالَ أَبُو عبيد: تجشَّمْتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي اختَرْتُهُ.
وَأنْشد:
تجشَّمْتُهُ من بينهنِّ بمُرْهِفٍ
لَهُ جالِبٌ فَوْقَ الرِّصَافِ عَلِيلُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: تجشَّمْتُ الْأَمر إِذا رَكِبْتَ أَجْشَمَهُ، وتجشَّمتُه إِذا تكلَّفْتَه وتجشَّمتُ الأرضَ إِذا أخذتَ نَحْوهَا تُريدُها وتجشَّمْتُ الرملَ إِذا ركبتَ أعظمَهُ.
وَقَالَ النضرُ: تجشَّمْتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي قصدتُ قَصْدَه.
وَأنْشد:
وبَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنَا بِهِ
على جَفَاه وعَلى أنْقَابِهِ
شجم: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشُّجُمُ: الطِّوَالُ الأعفَارُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : قَالَ: الشُّجَمُ: الهلاَكُ.
جمش: قَالَ اللَّيْث: الجَمْشُ: حَلْقُ النُّورَةِ، وَأنْشد:
حَلْقاً كَحَلْقِ النُّورَةِ الجَمِيشِ
وَرَكَبٌ جَمِيشٌ: مَحلُوقٌ، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
إِذا مَا أقبلَتْ أحوى جَمِيشاً
أتيت على حِيالك فانْثَنَيْنَا
قَالَ: والجَمْشُ أَيْضا: ضربٌ من الحَلْبِ بأطرَاف الْأَصَابِع كلهَا.
والجَمْشُ: المُغَازلةُ، وَهُوَ يَجْمِشُها: أَي يَقْرِصُها ويُلاعِبُها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الجَمِيشُ: الزَّرَدَانُ المحلوقُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قيل للرّجُلِ: جمَّاشٌ لِأَنَّهُ يطْلب الرَكَبَ الجَمِيشَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قيل للمُغازلة: تجميشٌ من الجَمْشِ وَهُوَ الكَلاَمُ الخفيُّ، وَهُوَ أَن يَقُول لهواه: هَيْ هَيْ.
وَرُوِيَ عَن أبي عمرٍ وَأَنه قَالَ: الجُمَاشُ: مَا يُجعل بَين الطيِّ والجَال فِي القليبِ إِذا طُويَتْ بالحِجَارَةِ، وَقد جَمَشَ يَجْمِشُ.
(قلت) : وَقَالَ غيرُه: هِيَ النِّخَاسُ والأعقَابُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يَحِلُّ لأحدكم من مَالِ أَخِيه شَيءٌ إِلَّا بِطِيْبَةِ نَفسه، فَقَالَ عَمْرو بن يَثْرِبِيِّ يَا رَسُول الله أرأيتَ إِن لقيتُ غَنَمَ ابْن أخي أأجتَزِرُ مِنْهَا شَاة؟ فَقَالَ: إِن لقيتَها نَعْجَةً تحمل شَفْرَةً وزناداً، بِخَبْتِ الجَمِيشِ فَلَا تَهِجْهَا) .
يُقَال: إنَّ خَبْتَ الجَمِيشِ: صحراءُ لَا

(10/291)


نباتَ بهَا، فالإنسان بهَا أشَدُّ حَاجَة إِلَى مَا يُؤْكَل، فَيَقُول: إِن لقيتها فِي هَذَا الْموضع على هَذِه الْحَال فَلَا تَهجْها.
شمج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: شَمَجُوا من الشعيرِ والآرُز وَنَحْوه إِذا اخْتَبَزُوا مِنْهُ شِبْه قِرْصَةٍ غَلاِظٍ.
يُقَال: مَا أكلتُ خبْزًا وَلَا شَمَاجاً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : مَا ذقتُ أكَالاً وَلَا لَمَاجاً وَلَا شَمَاجاً، أَي مَا أكلت شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: إِذا خاط الخَيَّاطُ الثَّوبَ خياطَة متباعدةً قَالَ: شَمَجتُه أشمُجُهُ شَمجاً، وشَمْرَجْتُه شَمْرَجَةً.
قَالَ وَقَالَ الأُموي: ناقةٌ شَمَجَى إِذا كَانَت سريعةً.
وَأنْشد:
بِشَمَجى الْمَشْي عَجُولِ الوَثْبِ
حَتَّى أَتَى أُزبِيُّها بالأدبِ
(أَبُو عمرٍ و) : شَمَجَ إِذا استعجل.
مشج: قَالَ الله جلّ وَعز: {مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} (الْإِنْسَان: 2) .
قَالَ الْفراء: أمشاجٍ: هِيَ: الأخلاطُ، ماءُ المرأةِ، وماءُ الرجلِ، والدَّمُ والعَلَقَةُ.
وَيُقَال للشَّيْء من هَذَا إِذا خُلِطَ: مَشِيجٌ، كَقَوْلِك: خَلِيطٌ، وممشُوجٌ، كَقَوْلِك: مخلُوطٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : واحِدُ الأمشَاجِ: مَشَجٌ، وَيُقَال: مَشْجٌ.
وَقَالَ الشماخ:
طَوَت أحشَاءَ مُرتِجَةٌ لِوَقْتٍ
على مَشَجٍ سُلاَلَتُهُ مَهِينُ
وَقَالَ آخر:
فَهُنَّ يقذِفْنَ من الأمشَاجِ
مثل بُرُودِ اليُمْنَةِ الْحجَّاج
قَالَ: والمَشْجُ: شيئانِ مَخْلُوطِانِ.
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ: أمْشَاجٌ: أخلاطٌ من منيّ وَدَمٍ، ثمَّ ينْقل من حالٍ إِلَى حالٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أمشَاجٌ وأوشَاجٌ: غُزُولٌ داخلٌ بعضُها فِي بعضٍ.
وَقيل: الأمشَاجُ: أخلاطُ الكَيمُوساتِ الْأَرْبَع، وَهِي المِرَارُ الأحمَرُ، والمِرارُ الأسودُ والدَّمُ والمنيُّ.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض ص، ج ض س، ج ض ز،
ج ض ط: (مهملات) .
ج ض د
أهمله اللَّيْث.
جضد: وروى أَبُو تُرَاب للفراء: رَجُلُ جَلْدٌ، ويُبْدِلُوْن اللَّام ضاداً: رجل جَضْدٌ.

(10/292)


ج ض ت ج ض ظ ج ض ذ
ج ض ث: مهملات.
ج ض ر
ضرج، جرض، ضجر: مستعملة.
ضرج: قَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
وأكِسيَةُ الإضْرِيجِ فوقَ المَشَاجِبِ
قَالَ: أكسِيَةُ الإضرِيج: أكسِيَةُ خزَ حُمْرٌ.
والإضرِيجُ: صِبْغٌ أَحْمَرُ.
وثوبٌ مضرَّجٌ من هَذَا.
قَالَ: وَلَا يَكُونُ الإضرِيجُ إِلَّا من خزَ، قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي.
وَقَالَ اللَّيْث: الإضرِيجُ: أكسِيَةٌ تُتخَذُ من المِرْعِزَّى من أَجْوَدِه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الإضِريْجُ من الخَيْل الجَوَادُ الكثيرُ العَرَقِ.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ:
ولَقَدْ أَغْتَدِي يُدَافِعُ رُكْنِي
أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ إضْرِيجُ
وَقيل: الإضْرِيجُ: الواسِعُ اللَّبَان.
وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شَديدٌ.
وكلُّ شيءٍ تَلَطخَ بِدَمٍ أَو غيرِه فقَدْ تَضَرَّجَ.
وَقد ضُرِّجَتْ أثوابُه بِدَمِ النجيعِ وَأنْشد:
فِي قَرْقَر بلُعاب الشِّمْسِ مَضْرُوج
يَصِفُ السرابَ على وَجهِ الأرضِ، ومضْرُوج من نَعْتِ القَرقر. وَإِذا بدَتْ ثمَارُ البُقُول من أكمَامَها قيل: انضَرَجَتْ عَنْهَا لَفَائِفُها أَيِ انْفَتَحَتْ.
والضَّرجُ: الشقُّ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصِفُ نِسَاءً:
ضَرَجْنَ البُرُودَ عَنْ تَرَائِب حُرَّةٍ
أَي شَقَقْنَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عينٌ مَضرُوجةٌ: واسعةٌ نَجْلاَءُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
تَبَسَّمْنَ عَنْ نَوْرالأقَاحِيِّ فِي الثرَى
وفَتَّرن عَن أبْصَارِ مَضْرُوجةٍ نُجْلِ
وَيُقَال: انْضَرَجَ البَازِي على الصَّيْدِ إِذا انْقَضَّ عَلَيْهِ.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كتَيْسِ الظِّبَاءِ الأعْفَرِ انْضَرَجَتْ لَهُ
عُقَابٌ تَدَلَّتْ منْ شَمَاريخِ ثَهْلاَنِ
وَقيل: انْضَرَجَتْ لَهُ: انْبَرَتْ لَهُ.
وَقيل: أَخَذَتْ فِي شِقَ، وانضرَجَ الثَّوبُ إِذا انْشَقَّ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: تَضْرِيجُ الْكَلَام من المَعَاذِيرِ وَهُوَ تَزْوِيقُهُ وتَحْسِينُه.
وَيُقَال: خير مَا ضُرِّج بِهِ الصدْق، وشَرُّ مَا ضُرِّجَ بِهِ الكذِبُ.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَضْرَجَتِ الْمَرْأَة جَيْبَها إِذا أَرْخَتْهُ.
وضَرَجْنَا الإبلَ أَي ركَضْنَاها فِي الغارةِ.

(10/293)


وضَرَجَتِ الناقةُ بجِرَّتِهَا وجَرَضَتْ.
جرض: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : هُوَ يَجْرَضُ نفسَهُ أَي كادَ يَقضِي، وَمِنْه قيل: أَفْلَتَ جَرِيضاً.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: القَرِيضُ والجريضُ يحدُثانِ بالإنسانِ عِنْد الموتِ، فالجَرِيضُ: تبلُّعُ الرِّيقِ، والقَرِيضُ صَوْتُ الْأَسْنَان.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرِيضُ: المُفْلِتُ بعدَ شَرَ.
يُقَال: إِنَّه ليَجْرِضْ الريقَ عَلَى هَمَ وحَزَنٍ، ويَجْرِضْ الرِّيقَ غَيْظاً، أَي يَبْتَلِعُه.
وَفِي قَوْلهم: (حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ) .
قَالَ أبوُ الدُّقَيْشِ: الجَرِيضُ: الغُصَّةُ، والقَرِيضُ: الجِرَّةُ.
قَالَ: وماتَ فلانٌ جَرِيْضاً أَي مَرِيضاً مَغمُوماً، وقَدْ جَرِضَ يَجْرَضُ جَرَضاً شَدِيداً، قَالَ رؤبة:
مَاتُوا جَوًى والمُفْلِتُونَ جَرْضَى
أَي حَزِنينَ.
قَالَ: والجرِياضُ: الرجُلُ الجرِيضُ الشدِيدُ الغَمِّ.
وَأنْشد:
وخَانِقٍ ذِي غُصَّةٍ جِرْيَاضِ
خَانِقٍ: مَخْنُوقٍ ذِي خَنْقٍ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الذِّفِرُّ: العظيمُ من الإبلِ، والجُرَائِضُ: مثله.
قَالَ: وناقةٌ جُراضٌ وَهِي اللطِيفةُ بِوَلَدِهَا، نعتٌ لَهَا خاصَّةً دون الذَّكَرِ.
وَأنْشد:
والمَرَضِيعُ دَائبَاتٌ تُرَبّى
لِلْمنَايَا سَلِيلَ كلِّ جُرَاضِ
وجملٌ جُرائضٌ، وَهُوَ الأكُولُ الشديدُ القصلِ بأنيَابه للشَّجَرِ.
قَالَ: وبعيرٌ جِرْوَاضٌ: ذُو عُنُقٍ جِرْوَاض أَي غَلِيظ شَدِيد.
وَقَالَ الراجز:
بهِ نَدُقُّ القَصَرَ الجِرْوَاضَا
وَقَالَ غيرُه: دلوٌ جِرْوَاضٌ وجُرَاضٌ: عظيمةٌ، وَأنْشد:
إنَّ لهَا سَانِيَةً نَهَّاضَا
ومَسْكَ ثَوْرٍ سَحْبَلاً جُرَاضَا
(اللحياني) : نعجةٌ جُرَائِضَةٌ، وجُرَئِضَةٌ إِذا كَانَت ضخمةً.
(ابْن هانىءٍ عَن زيد بن كَثْوَة) فِي قَوْلهم: (حالَ الجَرِيضُ دونَ القَرِيضِ) ، يُقَال عِنْد كلِّ أمرٍ كَانَ مقدُوراً عَلَيْهِ فحيلَ دُونَه، وأولُ من قَالَه عبيدُ بن الأبرص.
ضجر: قَالَ اللَّيْث: الضَّجَرُ: اغْتِمامٌ فِيهِ كلامٌ وتَضَجُّرٌ.
ورجلٌ ضَجِرٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ من أمثالهم فِي البخيلِ يُستَخرَجُ مِنْهُ المالُ عَلَى بُخْلِهِ (إِن الضَّجُورَ

(10/294)


كَانَ مَنوعاً قد تُحلبُ العُلْبَةُ) أَي أنَّ هَذَا الْبَخِيل وَإِن فقد يُنَالُ مِنْهُ الشَّيءُ بعد الشَّيءِ كَمَا أنَّ النَّاقةَ الضَّجُور قد يُنَالُ منْ لبنهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن يَعْقُوب قَالَ: نَاقَة ضَجُور وَهِي الَّتِي ترغو عِنْد الْحَلب.
وَقَوْلهمْ: فلانٌ ضَجِرٌ.
قَالَ أَبُو بكر: معناهُ ضيِّقُ النَّفسِ من قَول العربِ: مكانٌ ضَجِرٌ إِذا كانَ ضَيِّقاً.
وَأنْشد لِدُرَيْدٍ:
فإمَّا تُمْسِ فِي جَدَث مُقِيماً
بمَسْهَكَةٍ منَ الأرْوَاحِ ضَجْرِ
أَي ضيّق.
عمروٌ عَن أَبِيه: مكانٌ ضَجِرٌ وضَجْرٌ أَي ضيقٌ، والضَّجرُ: الاسمُ، والضَّجَرُ: المصدرُ.
قَالَ والغَلَقُ والضّجَرُ: واحدٌ ومَكانٌ غَلِقٌ: ضَجِرٌ.
ج ض ل: مهمل.
خَ ض ن
اسْتعْمل مِنْهُ: نضج، ضجن.
ضجن: أما ضجن فَلم أسمع فِيهِ شَيْئا مُسْتَعْملا غير جَبَل بناحِيةِ تِهَامَةَ، يُقالُ لَهُ: ضَجْنَانُ.
ورُوِيَ فِي حَدِيث عمرَ، ولستُ أدْرِي مِمَّ أُخِذَ.
نضج: يُقَال: نَضِجَ العنبُ والثمرُ واللحمُ، قَدِيرًا، وشِوَاءً يَنْضَج نَضْجاً ونُضْجاً، والنُّضْج: الاسمُ.
يُقَال: جَادَ نُضْجُ هَذَا اللّحم، وَقد أنْضَجه الطّاهي، وَهُوَ نَضِيج مُنْضَجٌ.
ورَجُلٌ نَضِيجُ الرأيِ إِذا كَانَ مُحكَمَ الرأيِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: إِذا حَمَلتِ الناقةُ فجَازَتِ السَّنةَ من يَوْم لَقِحَتْ قيل: أدْرَجَتْ ونضَّجَت، وَقد جَازت الحَقَّ، وحَقُّها: الوقتُ الَّذِي ضُرِبَتْ فِيهِ، وَيُقَال لَهَا مِدْرَاجٌ، ومُنَضِّجٌ.
وَأنْشد المَبردُ للطِّرِمَّاح:
سوفَ تُدْنِيكَ مِن لَمِيسَ سَبَنْدَا
ةٌ أَمَارَتْ بالبَوْلِ مَاءَ الكِرَاضِ
أَنضَجَتْهُ عِشرين يَوْمًا وَنِيلَتْ
حِينَ نِيْلَتْ يَعَارَةً فِي عِرَاضِ
قَالَ: أَنضجَتْهُ عشْرين يَوْمًا إِنَّمَا يريدُ بَعْدَ الحَول من يومِ حَمَلَتْ فَلَا يَخرج الولَدُ إِلَّا مُحْكَماً، كَمَا قَالَ الآخرُ وَهُوَ الحُطيئة:
لأدْمَاءَ مِنْهَا كالسَّفِينةِ نَضَّجَتْ
بِهِ الحَوْلَ حتّى زادَ شَهْراً عَدِيدُها
(قلتُ أنَا) : أمَّا بيتُ الحُطيئةِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ منَ التَّنْضِيج فَهُوَ كَمَا فسَّرَه المُبَرَّدُ.
وَأما بيتُ الطِّرمَّاحِ فَمَعْنَاه غيرُ مَا ذهب

(10/295)


إِلَيْهِ، لأنّ مَعْنَاهُ فِي بيتِه صِفة النّاقة نفسِها بالقوّة، لَا قوَّةَ وَلدِها، أَرَادَ أنّ الْفَحْل ضَرَبَها يَعارَةً، لأنَّها كَانَتْ نَجِيبة، فضنَّ بهَا صاحبُها لنجابتها عَن ضِرَاب الْفَحْل إِيَّاهَا، فعارضها فحلٌ فضرَبَها فأَرْتَجَتْ على مَائه عشْرين يَوْمًا ثمَّ ألقَتْ ذَلِك الماءَ، قبلَ أنْ يُثقِلَها الحَمْلُ فتذهبَ مُنَّتُها.
ورَوَى الرواةُ البيتَ: أضمرتْهُ عِشرين يَوْمًا لَا أنضَجَتْهُ، فَإِن رُوِي أنضجَتْهُ فمعناهُ أَن مَاء الفحْل نَضِج فِي رَحِمِها عشرِين يَوْمًا ثمَّ رمت بِهِ كَمَا تَرْمِي بِوَلَدِهَا التَّام الخَلْقِ، وَبَقِي لَهَا مُنَّتُها وَلها طِرْقها.
ج ض ف
استُعمل من وجوهه: فَضَجَّ:
فَضَجَّ: قَالَ اللَّيْث: تفضَّج جَسَدُهُ بالشَّحم، وَهُوَ أَن يَأْخُذ مأخَذَه فتنْشَقَّ عُروقُ اللّحم فِي مَداخِل الشَّحْم بَين المَضائغِ. يُقَال: قد تَفَضَّجَ عَرقاً.
وَقَالَ العجاج:
يَعدُو إِذا مَا بُدْنُه تَفضّجَا
وَقَالَ شمر، يُقَال: انْفضَجَتِ الدَّلوُ، بالجيمِ إِذا سَالَ مَا فِيهَا من الماءِ.
وانفضَج فلانٌ بالعَرَق إِذا سَالَ بِهِ.
قَالَ ابنُ مُقْبِل، يَذكرُ الخيلَ:
مُتَفَضِّجاتٍ بالحَميمِ كأنّما
نُضِجَت لُبُودُ سُرُوجِها بذِنَابِ
قَالَ، ويقالُ: انفضَخَت بالخاءِ أَيْضا يَعْنِي الدَّلوَ بِمَعْنى انفضَجَتْ.
وَيُقَال: انْفَضَجتْ سُرَّتُه بالجيمِ إِذا انْفَتَحَت.
وكلُّ شيءٍ تَوَسَّعَ فقد تفَضّج.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
يَنْفَضِج الجُودُ من يَدْيه كَما
يَنفضِج الجَوْدُ حِينَ ينسكبُ
وَقَالَ ابْن أحمرَ:
ألمُّ تَسْألْ بِفَاضجَةِ الدِّيارا
أَي بحيثُ انفَضَج واتَّسَع.
قَالَ: وَقَالَ ابنُ شميلٍ: انْفضَج الأفُقُ، بِالْجِيم إِذا تبين.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رَجلٌ عِفْضَاج ومِفْضَاج وَهُوَ العظيمُ البطْن المسْتَرخِيهِ.
وَفِي حَدِيث عَمرِو بن الْعَاصِ أنهُ قَالَ لِمُعاويةَ: (لقَدْ تَلافَيْتُ أمْرَكَ وَهُوَ أشَدُّ انْفِضَاجاً من حُقِّ الكَهُولِ) أيْ أشَدُّ اسْتِرْخَاءً مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ.
ج ض ب
مهمل:
ج ض م
ضجم، ضمج، جضم: مستعملة.
ضجم: قَالَ اللَّيْث: الضَّجَمُ: عِوَجٌ فِي

(10/296)


الأنفِ يَميلُ إِلَى أحدِ شِقّيهِ، والضَّجَمُ فِي خَطْمِ الظَّليمِ: عِوَجٌ كذلكَ، ورُبَّما كَانَ معَ الأنفِ أَيْضا فِي الفَمِ، وَفِي العُنُقِ مَيَلٌ يسَمَّى ضجماً، والنَّعْتُ أَضجَمُ وضَجْمَاءُ.
(قلت) : وضُبَيْعَةُ أَضْجَمَ: قبيلةٌ فِي ربيعَةَ مَعْرُوفَةٌ.
وقَلِيبٌ أضجمُ إِذا كانَ فِي جالهَا عِوَجٌ.
وَقَالَ العَجَّاجُ يصفُ الجِرَاحاتِ:
عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
شَبَّهَهَا فِي سَعَتِها بالآبارِ المُعْوَجَّةِ الجِيلاَنِ.
ضمج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الضَّمَجُ: هَيَجانُ الخَيْعَامَةِ وَهُوَ المَجْبُوسُ المأبُونُ، وَقد ضَمِجَ ضَمَجاً.
وَيُقَال: ضَمَجَه إِذا لَطَخَه، وَقَالَ هِمْيَان:
أَنْعَتُ قَرْماً بالهدِيرِ عَاجِجَا
ضُبَاضِبَ الخَلْقِ وَأَى دُهَامِجَا
يُعْطِي الزِّمَامَ عَنَقاً عُمَالِجَا
كأنَّ حِنَّاءَ عَلَيْهِ ضَامِجَا
أَي لاصقاً، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ضَمِجَ بِالْأَرْضِ إِذا لصق بهَا.
وضَمَّجَهُ إِذا لطَّخَه.
وَقَالَ أَعْرَابِي من بني تميمٍ يذكرُ دَوَابَّ الأَرْض، وَكَانَ من بادية الشَّام:
وَفِي الأَرْض أحْنَاشٌ وسَبْعٌ وخَارِبٌ
ونَحْنُ أَسَارَى وسْطَهْم نَتَقَلَّبُ
رُتَيْلاَ وطَبُّوعٌ وشِبْثَانُ ظُلْمَةٍ
وأرْقَطُ حَرْقُوصٌ وضَمْجٌ وعَنْكَبُ
والضَّمْجُ من ذَوَاتِ السُّمُومِ، والطَّبُّوعُ من جنس القُرَادِ.
جضم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجُضُمُ من الرِّجَالِ: الكثيرُوا الأكلِ، وهُمُ الجَرَاضِمَة أَيْضا.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالصَّاد)
ج ص س ج ص ز ج ص ط
ج ص ت ج ص ظ ج ص ذ
ج ص ث مهملات.
ج ص ر
صرج، جرص (مستعملان) .
صرج: قَالَ اللَّيْث: الصَّارُوجُ: النُّورَةُ وأَخْلاَطُها الَّتِي يُصرَّجُ بهَا البِرَك وغيْرُها.
جرص: قَالَ ابنُ الأنبارِيِّ: الجُراصِيَةُ: الرجُلُ العظيمُ، وَأنْشد:
يَا رَبَّنَا لاَ تُبْقِيَنَّ عَاصِيَه
فِي كلِّ يَوْمٍ هيَ لِي مُنَاصِيَه
تُسَامِرُ الحَيَّ وتُضْحِي شَاصِيَهْ
مِثْلَ الهجِينِ الأحَمِر الجُرَاصِيَهْ
ج ص ل
صلج: سَمعتُ غيرَ واحدٍ من أعرابِ قيسٍ وتميمٍ يَقولُ للأصمِّ: أصلجُ بالجيمِ، وفيهَا لُغةٌ أُخرَى لِبَنِي أسَدٍ، وَمن جَاوَرَهُمْ

(10/297)


يقولونَ: أصلخُ بالخاءِ للأصمِّ، وَقد مَرَّ تفسِيرُه مُشبَعاً فِي (كِتَابِ الخَاءِ) وأمَّا الصَّلَجُ بِمَعْنى الصَّمَمِ فَهُوَ صَحِيح.
وُفلاَنٌ يَتَصَالجُ عَلَيْنا أيْ يَتَصَامَمُ، وَلَا شكّ فِي صِحَّته.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلَّجَةُ: فِيلَجَةٌ وَاحِدٌ ة من القَزِّ.
والصَّولجَ: الفِضَّةُ الجَيِّدَةُ، يُقالُ: هَذه فِضَّةٌ صَوْلَجٌ وصَولَجَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الصُّلُجُ: الدَّرَاهِمُ الصِّحَاحُ.
وَقَالَ غيرُه: الصَّوْلَجَانُ: عَصاً يُعطَفُ طَرَفُها يُضرَبُ بهَا الكُرَةُ عَلَى الدَّوابِّ، فَأَما الْعَصَا الَّتِي اعوَجَّ طرُفها خِلْقَةً فِي شَجَرَتها فَهِيَ محِجَنٌ.
(قلت) : والصَّوْلَجَانُ والصَّوْلَجُ، والصُّلَّجَةُ كلهَا معرَّبةٌ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الصَّلِيجَةُ، والنَّسِيكَةُ، والسَّبِيكَةُ: الفِضَّةُ المُصَفّاةُ، وَمِنْه أُخِذَ النُّسْكُ لأنهُ صُفِّيَ من الرِّياءِ.
ج ص ن
استُعمِلَ من وُجُوهِه: جنص، صنج.
صنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الصُّنُجُ: الشِّيزَةُ.
وَقَالَ غيرُه: الصَّنْجُ ذُو الأوتَارِ: الَّذِي يُلعبُ بِهِ، واللاَّعِبُ بِهِ يُقالُ لَهُ: صَانجٌ وصَنّاجٌ وصَنّاجَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّنْجُ العربيُّ: هُوَ الَّذِي يكون فِي الدُّفُوفِ وَنَحْوه فأمَّا ذُو الأوتَارِ فَهُوَ دخيلٌ معَرَّبٌ.
قَالَ: والأُصْنُوجَةُ: الدُّوَالِقَةُ من العَجِيَن.
جنص: (أَبُو مَالك واللَّحيانيُّ وَابْن الأعرابيِّ) : جَنَّصَ الرَّجُلُ إِذا مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَنِيصُ: المَيِّتُ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الإجْنِيصُ: العَيُّ الفَدْمُ الَّذِي لَا يَضرُّ وَلَا يَنفعُ.
قَالَ: وَجَنَّصَ بَصَرهَ إِذا حَدّدَه.
(سَلمةُ عَن الفراءِ) : جَنَّصَ إِذا هربَ من الفزعِ، وجنّصَ: فتح عَيْنَيهِ فَزعًا.
وَقَالَ أَبُو مالكٍ: ضَرَبه حَتَّى جنّصَ بِسلاحهِ أَي رمى بِهِ.
أخْبَرَني المُنْذِري عَن الطُّوسيِّ عَن الحرّاني عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التجنيصُ: تَحْدِيْدُ النظَرِ.
والإجنِيصُ من الرِّجالِ: الَّذِي لَا يَبْرَحُ موضعَهُ كسَلاً، وَهُوَ الكَهَام الكَليلُ النوَّام:
ج ص ف: مهمل.
ج ص ب: مهمل.
ج ص م
صمج: (عَمْرو عَن أَبِيه) قَالَ: الصّمَجُ: القَنَادِيُل قَالَ الشماخ:

(10/298)


. بالصَّمَج الرُّوْمِيَّات
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : لَيْلَة قَمْراءُ صَنَّاجةٌ، وصمَّاجَة إِذا كَانَت مُضيئةً. قَالُوا: وصَنَّج فلَان بفلان تصنيجاً إِذا صرعه.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س ز: مهمل.
ج س ط
اسْتعْمل من وجوهه: (طسوج)
طسوج: لواحِدِ طَسَاسِيجِ السَّوَادِ.
وَكَذَلِكَ الطّسُّوجُ لمقدارٍ من الوزْنِ كَقَوْلِه: فَرْبَيُون بطَسُّوج، وكِلاَهُمَا معربٌ.
ج س د
جَسَد، جدس، سجد، سدج، دسج: مستعملة.
جدس: قَالَ اللَّيْث: جَدِيسٌ: حَيٌّ من عَرَبِ عادٍ الأولى، وهم إخْوَةُ طَسْمٍ، وَكَانَت مَنازِلُهُمْ اليمامَةَ، وَفِيهِمْ يَقُولُ رُؤبَةُ:
بَوَارُ طَسْمٍ بِيَدَيْ جَدِيسِ
وروِي عَن مُعَاذِ بنِ جَبَل أَنه قَالَ: (منْ كانَتْ لَهُ أرضٌ جادِسَةٌ قد عُرفتْ لهُ فِي الجاهِلِيَّةِ حَتى أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأرضُ الجادِسَةُ: الَّتِي لم تُعمَرْ وَلم تُحْرثْ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَوَادِسُ: البِقاعُ الَّتِي لم تُزْرَعْ قَطُّ.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : جَدَسَ الأثرُ وطلق، ودمَسَ، ودَسمَ إِذا دَرَسَ.
جَسَد: قَالَ الله جلّ وَعز: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ} (طه: 88) .
قَالَ أَبُو إسحاقَ: الجَسَدُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُميّزُ، إِنَّمَا معنى الجَسَدِ معنى الجُثَّة فقَطْ.
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وَعز: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} (الْأَنْبِيَاء: 8) .
قَالَ: جَسَدٌ واحدٌ ينبىءُ عَن جماعةٍ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: وَمَا جعلناهم جَسَداً إِلَّا لِيَأكلوا الطعامَ، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: {مَا لِهَاذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} (الْفرْقَان: 7) فأُعْلِمُوا أنَّ الرُّسُلَ أجَمعِينَ يَأْكلُونَ الطّعامَ، وأَنّهُمْ يَمُوتُونَ.
وروى أَبُو عُمر عَن أبي العبَّاس ثعلبٍ، وَأبي العبَّاس المبَرَّدِ أنّهُمَا قَالَا: العَرَبُ إِذا جاءَتْ بَين الكَلاَمَيْنِ بجَحْدَيْنَ كَانَ الكلامُ إِخْبَاراً، قَالَا: وَمعنى الْآيَة: إِنَّمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لِيَأكلوا الطَّعَام.
قَالَا: ومثلُه فِي الْكَلَام: مَا سمِعتُ منكَ، وَلا أَقْبَلَ منكَ، مَعْنَاهُ: إِنَّمَا سمِعْتُ منكَ لأقبلَ منكَ.
قَالَا: وَإِذا كَانَ الجَحْدُ فِي أول الْكَلَام كَانَ الكلامُ مَجْحُوداً جَحْداً حقيقيّاً، قَالَا: وَهُوَ كقولكَ: مَا زَيْدٌ بخَارِجٍ.
وَقَالَ الليثُ: الجَسَدُ: جَسَد الْإِنْسَان، وَلَا

(10/299)


يُقَال لغير الْإِنْسَان جَسَدٌ منْ خَلْقِ الأرضِ.
قَالَ: وكُلُّ خلق لَا يَأكُلُ وَلا يَشْرَبُ من نَحْوِ الملاِئكةِ والجِن مِمَّا يعقل فَهُوَ جَسَدٌ.
(قلت) : جَعَل اللَّيْث قولَ الله جلّ وَعز: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} كالملائكة وَهُوَ غلطٌ، وَمَعْنَاهُ الإخبَار كَمَا قَالَ النحويُّون: أَي جَعَلنَاهُمْ جَسَداً لِيَأكلوا الطعَامَ، وَهَذَا يدل على أنَّ ذَوي الأجساد يَأْكُلُون الطعامَ، وأنَّ الملائكةَ رُوحانِيُّونَ لَا يأكلونَ الطعامَ، وَلَيْسوا جَسَداً.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَول الله: {سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ} (ص: 34) ، قَالَ الشَّيْطَان، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْحسن.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَسَدُ من الدَّمَاء: مَا قدْ يَبِسَ، فَهُوَ جَسَدٌ جَاسِدٌ.
وَقَالَ الطرماح يصف سهاماً بِنِصَالِهَا:
فِرَاغٌ عَوَارِي اللّيطِ تُكْسَى ظُباتُهَا
سَبَائِبَ، مِنْها جَاسِدٌ ونَجِيْعُ
قَالَ اللَّيْث: فالجَسَدُ: الدمُ نفسُهُ والجاسِدُ: اليابِسُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المجَاسدُ: جمعُ المجْسَد، وَهُوَ القَميصُ الَّذِي يَلِي البَدنَ.
والمجَاسِدُ: جمع مِجْسَدٍ وَهُوَ الْقَمِيص المُشْبَعُ بالزعفران.
وَقَالَ الْفراء: المُجسَدُ، والمِجْسَدُ: واحدٌ وَهُوَ من أُجْسِدَ أَي أُلزِق بالجَسَد، إِلَّا أنَّهُمُ استَثْقَلُوا الضَّم فكَسرُوا المِيمَ، كَمَا قَالُوا لِلمُطْرَفِ: مِطْرَفٌ، وللمُصْحَف: مِصْحَفٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَسَدُ: الزَّعفَرَانُ، وَهُوَ قيل لِلَّثوب: مُجْسَدٌ إِذا صُبِغَ بالزَّعفَرَان.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للزَّعفَرَان: الرَّيْهُقَانُ، والجَادِي، والجِسَادُ، بكَسرِ الجِيمِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابنُ السّكيت.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِسَادُ: الزَّعْفَرَان ونحوُه من الصُّبغِ الأحمَر، والأصفَرِ الشَّدِيدِ الصُّفْرَةِ، وَأنْشد:
جِسَادَيْنِ مِنْ لَوْنَيْنِ وَرْسٍ وعَنْدَمِ
وَقَالَ: والثَّوْبُ المُجْسَدُ هُوَ المُشْبَعُ عُصْفُراً أَو زَعْفَرَاناً.
قَالَ: والجُسَادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطن يُسمى: بجَيدقٍ.
قَالَ: وَقَالَ الخليلُ: صوتٌ مَجَسَّدٌ أَي مَرقومٌ على محنةٍ وَنَغَمَاتٍ.
سجد: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : أسْجَدَ الرجلُ إِذا طَأطَأ رأسَهُ وانحَنى، وسَجَدَ إِذا وضعَ جَبهتَهَ بِالْأَرْضِ.

(10/300)


وَقَالَ حُمَيد:
فُضُولَ أزمَّتهَا أَسْجَدَتْ
سُجُودَ النَّصَارَى لأرْبابِهَا
قَالَ: وأنشدني أَعْرَابِي من بني أَسد:
وقُلْنَ لَهُ أَسْجِدْ لِلَيْلَى فَأَسْجَدَا
يَعْنِي بَعِيرهَا أنَّه طأطَأ رأسَهُ لِتَرْكَبَهُ.
وَقَالَ ابْن السكَّيتِ نَحوا مِنْهُ، قَالَ: والإسْجَادُ أَيْضا: فُتُورُ الطَّرْفِ.
وَقَالَ كُثيِّرٌ:
أَغَرَّكِ مِنَّا أَنَّ دَلَّكِ عندنَا
وإسْجَادَ عَيْنَيْكِ الصَّيُودَيْنِ رابحُ
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو) : الإسْجَادُ: إدامةُ النَّظرِ مَعَ سكونٍ.
وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الإسْجَادُ بِكَسْر الْهمزَة: اليَهُودُ.
وَأنْشد:
وَافَى بهَا لِدَرَاهِمِ الإسْجَادِ
وروى ابنُ هاني لأبي عبيدةَ أَنه قَالَ: يُقَال: أعْطَونا إسجاداً أَي الجِزْيَةَ.
وَرُوِيَ بَيت الأسودِ بِالْفَتْح:
وَافَى بهَا لِدَراهِمِ الأسْجادِ
وَقَالَ: عَنَى دَرَاهِمَ الجزيةِ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قولِ الله: {صَعَداً وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (الْجِنّ: 18) .
قَالَ: السُّجُودُ مواضعُهُ من الجَسَدِ، وَالْأَرْض: مَسَاجِدُ، وَاحِدهَا: مَسْجَدٌ.
قَالَ: والمَسْجِدُ: اسمٌ جامعٌ حيثُ يُسجَدُ عَلَيْهِ، وَفِيه، وحيثُ لَا يُسجَدُ بعد أَن يكون اتُّخِذَ لذَلِك، فأمّا المَسْجَدُ منَ الأَرْض فموضعُ السُّجْودِ نفسُه.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مَسْجَدٌ بِفَتْح الْجِيم: مِحْرَابُ الْبيُوت، ومُصَلّى الجماعاتِ: مَسْجِدٌ بِكَسْر الجيمِ، والمَسَاجِدُ: جَمعُهُما.
والمَسَاجِدُ أَيْضا: الآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا.
وَيُقَال: سَجَدَ سَجْدَةً.
وَمَا أَحسنَ سِجْدَتَهُ، أَي: هَيْئَةَ سُجوُدِهِ.
وَقَالَ الزّجاج: قيل المَسَاجِدُ: مواضعُ السُّجُودِ من الإنسانِ. الجَبْهةُ، والأنفُ، واليَدانِ، والركْبَتانِ والرِّجْلانِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء وَقَالَ غيْرُهما فِي قَوْله {صَعَداً وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (الْجِنّ: 18) : أَراد: وأنَّ السُّجودَ لله، وَهُوَ جَمعُ مَسْجِدٍ، كَقَوْلِك: ضَرَبْتُ فِي الأَرْض مَضْرَباً.
وَقَوله جلّ وَعز: {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا وَقَالَ ياأَبَتِ هَاذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (يُوسُف: 100) .
قَالَ الزّجاج: قيل: إنهُ كَانَ من سُنَّةِ التعظيمِ فِي ذَلِك الوقتِ أَن يُسجَدَ للمعظَّمِ فِي ذَلِك الوقتِ.
قَالَ: وَقيل: (خَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أَي خَرُّوا لله سُجَّداً.
(قلت) : وَهَذَا قولُ الحَسن، والأشبهُ

(10/301)


بِظَاهِر الكِتاب أَنهم سَجَدوا ليُوسُفَ، دَلَّ عَلَيْهِ رُؤياهُ الَّتِي رَآهَا حِين قَالَ: {إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} (يُوسُف: 4) . فظاهِرُ التلاوةِ أنَّهم سَجدُوا ليوسُفَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غير أنْ أشْرَكُوا بِاللَّه شَيْئا، وكأنَّهُمْ لم يَكونوا نُهُوا عَن السُّجُود لغير الله فِي شريعتهم.
فَأمَّا أمة محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نهَاهُمُ الله عَن السُّجودِ لغيرِ الله جلّ وعزّ.
وَفِيه وَجْهٌ آخرُ لأهلِ العَربيَّةِ، وَهُوَ أَن تُجعَلَ اللامُ فِي قَوْله: {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا} . وَفِي قَوْله: {رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} (يُوسُف: 4) لاَمَ من أَجْل الْمَعْنى: وَخَرُّوا من أَجْلِه سُجَّدا لله تَشَكُّراً لِمَا أنْعَمَ الله عَلَيْهِم بيوسفَ عَلَيْهِ السلامُ، وَهَذَا كقولِكَ: فَعلْتُ ذَلِك لِعُيون النَّاس أَي مِن أَجْلِ عُيونهم.
وَقَالَ العجَّاجُ:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ إِذا اسْتُحِيرَا
لِلْمَاءِ فِي أجْوَافِها خَرِيرَا
من أجْل الجَرْعِ، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّاجِدُ فِي لُغةِ طَيِّىءٍ: المُنْتَصِبُ.
قلت: وَلَا أحفظه لغيره.
حَدثنَا الْحُسَيْن، عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الله جلّ وَعز: {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} قَالَ: بَاب ضيق، وَقَالَ: (سجدا) أَي ركَّعاً. وَفِي نَوَادِر أبي عَمْرو: الساجد فِي لُغَة طيىء المنتصب.
وروى ابنُ هانىء لأبي عبيدةَ أَنه قَالَ: عَيْنٌ ساجدةٌ إِذا كَانَت فاترةً، ونَخْلَةٌ ساجدةٌ إِذا أَمالها حِمْلُها.
قَالَ لبيد:
غُلبٌ سَواجِدُ لمْ يَدْخُلْ بهَا الحَصَرُ
وكل مَن ذَلَّ وخضَعَ لمِا أُمِرَ بِهِ فقد سَجَدَ.
وَمِنْه قَول الله {شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ} (النَّحْل: 48) أَي خُضَّعاً متسخِّرة لما سُخِّرتْ لَهُ.
وَسُجُود المَوَاتِ كلُّه فِي الْقُرْآن: طاعتُه لِمَا سُخِّرَ لَهُ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ} إِلَى قَوْله {وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} (الْحَج: 18) وَلَيْسَ سُجُودُ المَوَاتِ لله بأَعْجَبَ مِنْ هُبُوطِ الحِجَارَةِ من خَشْيَةِ الله، وعلينَا التَّسْلِيمُ لله، والإيمانُ بمَا أنْزَلَ منْ غَيْرِ تَطَلُّبِ

(10/302)


كَيْفِيَّةِ ذلكَ السُّجُودِ وَفِقْهِه، لأنَّ الله جلَّ وعزَّ لمْ يُفَقّهْنَاهُ، وَنَحْو ذَلِك: تَسْبِيحُ المَوَاتِ منَ الجبالِ وَغَيرهَا من الطيورِ والدوابِّ يلزمُنَا الإيمانُ بِهِ، والاعترافُ بقصورِ أفْهَامِنَا عَنْ فِقْهِه. كَمَا قَالَ الله: {وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (الْإِسْرَاء: 44) .
سدج: قَالَ اللَّيْث: السَّدْجُ، والتَّسَدُّجُ: تَقَوُّلَ الأباطِيلِ وتألِيفُهَا.
وَأنْشد:
فِينَا أَقَاوِيلُ امْرِىءٍ تَسَدَّجَا
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السّدَّاجُ والسَّرَّاجُ، بِالدَّال وَالرَّاء: الكَذَّابُ.
قَالَ رؤبةُ:
شَيْطَانَ كلِّ مُتْرَفٍ سَدّاجِ
دسج: المُدْسِجُ، لم يذكُرِ الأزهريُّ من هَذَا شَيْئا.
وبخط غَيره: المُدْسِجُ: دُوَيْبَّةٌ تَنْسِجُ كالعَنْكَبُوتِ.
ج س ت
ستج: قَالَ اللَّيْث: الإِسْتَاجُ والإسْتِيجُ: لُغتانِ من كَلَام أهل العراقِ، وَهُوَ الَّذِي يُلَفُّ عَلَيْهِ الغزلُ بالأصابع لِيُنسَجَ، تُسَمّيه العَجمُ: اسْتُوجَةً وأُسْجوتَةً.
(قلت) : وَهما مُعَرَّبَان، وَالْبَاب مهملٌ.
ج س ظ: مهمل.
ج س ذ
اسْتعْمل مِنْهُ: السَّاذَجُ، وَهُوَ مهملٌ.
ج س ث: مهمل.
ج س ر
جسر، جرس، سرج، سجر، رِجْس: مستعملة.
جسر: قَالَ اللَّيْث: الجَسْرُ، والجِسْرُ: لُغتانِ وَهُوَ القَنْطَرَةُ ونحوُه مِمَّا يُعْبَرُ عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ جَسْرٌ إِذا كانَ طَوِيلاً ضَخماً، ومنهُ قيلَ للنَّاقَةِ: جَسْرَةٌ، وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
هَوْجَاءُ مَوْضِعُ رَحْلِها جَسْرُ
أَي ضَخْمٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ جسرةٌ إِذا كَانَت ماضِيَةً، قلّما يقالُ جَمَلٌ جسرٌ.
ورجلٌ جَسْرٌ: جَسيمٌ جَسُورٌ شُجاعٌ.
وإنَّ فُلاناً ليُجسِّرُ فُلاناً أيْ يُشَجِّعُهُ.
(ابْن السّكيت) جَسَرَ الفَحلُ وفَدَرَ وجَفَرَ إِذا تَرَكَ الضِّرَابَ، قَالَ الرَّاعِي:
تَرَى الطَّرِفَاِت العِيطَ مِنْ بَكَرَاتِهَا
يَرعْنَ إلَى أَلْوَاحِ أَعْيَسَ جَاسِرِ
وَفِي قُضَاعَةَ: جَسْرٌ مِن بَني عِمْرَانَ بنِ الحَافِ.
وَفِي قَيْسٍ: جَسْرٌ آخرُ، وهوَ جَسرُ بن

(10/303)


مُحَارِبِ بن خَصَفَةَ، وذَكَرَهُمَا الكُمَيْتُ فَقَالَ:
تَقَصَّفَ أَوْبَاشُ الزَّعَانِفِ حَوْلَنَا
قَصِيفاً كَأَنَّا مِنْ جُهَيْنَة أَوْ جَسْرِ
وَمَا جَسْرَ قَيسٍ قَيْسِ عَيْلانَ أبْتَغِي
وَلكِنْ أَبَا القَيْنِ اعتدلنا إِلَى الجَسْرِ
وجَاريَةٌ جَسْرَة السَّوَاعِدِ أَي مُمْتَلِئَتهُمَا، وَأنْشد:
دَارٌ لِخَوْدٍ جَسْرَةِ المُخَدَّمِ
(شمرٌ) : نَاقةٌ جَسْرةٌ: مَاضِيَةٌ، وَتَجَاسَرَ القَوْمُ فِي سَيْرهْمِ، وَأنْشد:
بَكَرَتْ تجاسَرُ عَنْ بُطُونِ عُنَيْزَةٍ
أَي تسيرُ، وَقَالَ جرير:
وأَجْدَرُ إنْ تَجَاسَرَ ثمَّ نَادَى
بِدَعْوَى يَالَ خِنْدِفَ أنْ يُجَابَا
قَالَ: تَجَاسَرَ: تَطَاوَلَ، ثمَّ رَفعَ رَأَسَهُ، وَفِي (النَّوادرُ) : تَجَاسَرَ فُلانٌ لِفُلانٍ بالعَصَا إِذا تَحَرَّكَ لهُ بهَا.
سجر: قَالَ اللَّيْث: السَّجْرُ: إيقَادكَ فِي التنُّورِ تَسْجُرُه بالوَقُودِ سَجْراً.
والسَّجُورُ: اسْمُ الحَطَبِ.
والمِسْجَرَةُ: الخَشَبَةُ الَّتِي يُسَاطُ بهَا السَّجُورُ فِي التّنُّورِ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} (الطّور: 6) وَفِي قَوْله: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} (التكوير: 6) كَانَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ الله عَنهُ يقولُ: مَسْجُورٌ بالنّارِ أَيْ مَمْلُوءٌ.
وَقَالَ الْفراء: المَسْجُورُ فِي كلامِ العَرَبِ: المَمْلُوءُ، وَقد سَجَرْتُ الإنَاءَ وسَكَرْتُهُ إِذا ملأتَهُ، وَقَالَ لبيدٌ:
مَسْجُورَةً متجاوراً أقلامُهَا
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} أَي أفضَى بعْضُها إِلَى بَعضٍ فَصَارَ بَحْراً وَاحِداً.
وَقَالَ الربيعُ بن خَيثَمٍ: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} (التكوير: 6) : فَاضَتْ وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَهَبَ مَاؤُها.
وَقَالَ كَعْبٌ: الْبَحْر: هُوَ جَهَنَّمُ يُسْجَرُ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِىء سُجِّرت، وسُجِرَتْ ومَعنَى سُجِّرتْ: فُجِّرتْ، وَمعنى سُجِرَتْ: مُلِئَتْ.
وَقيل: جُعلت مياهُهَا نِيرَاناً بهَا يعذبُ أَهْلُ النارِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الساجِرُ: السيلُ الَّذِي يَملأُ كلَّ شيءٍ.
قَالَ: والسَّجَرُ والسُّجرَةُ: حُمْرَةٌ فِي العَينِ فِي بياضهَا، وبعضُهم يقولُ: إِذا خالَطتِ الحُمرَةُ الزُّرقَةَ فهيَ أيْضاً سَجْرَاء.
(أَبُو عبيدٍ) : المسْجُورُ: السَّاكِنُ، والمُمْتَلِىءُ مَعاً.
وَقَالَ الليثُ: المُسَجَّرُ: الشَّعرُ المرسَلُ، وأَنشد:

(10/304)


إِذا تَثَنّى فَرْعُهَا المُسَجَّرُ
(أَبُو عبيد وَابْن السّكيت) : السَّجِيرُ: الصَّديقُ، وجَمعهُ: سُجَرَاءُ.
وَقَالَ الفراءُ: المسجورُ: اللبنُ الَّذِي ماؤهُ أكثرُ مِنْ لَبَنِه.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: المَسجُورُ يكونُ المَملُوءَ، ويكونُ الَّذِي ليسَ فِيهِ شيءٌ.
ولؤْلؤَة مسجورةٌ إِذا كانتْ كثيرةَ الماءِ.
وكلبٌ مَسْجُورٌ: فِي عنقِهِ ساجورٌ.
(سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: السَّجوريُّ: الأحمقُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا حنَّت النَّاقة فطرَّبتْ فِي إثرِ وَلدهَا قيلَ: سَجَرتْ تسجُرُ سَجْراً.
وَقَالَ أَبُو زُبَيدٍ:
حَنَّتْ إِلَى برقٍ فقلتُ لَهَا قِرِي
بعضَ الحَنِينِ فإنَّ سَجْرَكِ شَائِقِي
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: كَتَبَ الحجاجُ إِلَى عاملٍ لَهُ: أنِ ابعثْ إليّ فُلاناً مُسَمَّعاً مُسوجَراً، أَي مُقيداً مغلُولاً.
وشَعْرٌ منسجرٌ أَي مُسْتَرْسِلٌ.
ولؤلؤٌ مَسجورٌ إِذا انتَثرَ منْ نِظَامِهِ، وَأنْشد:
كَالُّلؤلؤ المسجورِ أُغفِلَ فِي
سِلْكِ النِّظَامِ فَخَانَهُ النَّظْمُ
وسَجَرتُ الماءَ فِي حَلقِهِ: صببتُه.
قَالَ مُزاحِمٌ:
كمَا سَجَرتْ ذَا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ
بِيُمْنَى يَدَيْهَا من قَدِيَ مُعَسَّلِ
القَديُّ: الطيبُ الطعمِ من الشرابِ والطعامِ.
ويُقالُ: وَرَدْنَا مَاء سَاجِراً. إِذا مَلأَ السَّيْل، وَقَالَ الشماخ:
وَأَحْمَى عَلَيْهَا ابْنَا يزيدَ بنِ مُسْهرٍ
بِبَطْنِ المَرَاضِ كُلَّ حِسْيٍ وسَاجِرِ
وَقَالَ أَبُو العبَّاسِ: اختلُفوا فِي السَّجَرِ فِي العينِ فَقَالَ بَعضهم: هُوَ الحُمرَةُ فِي سوادِ العينِ، وَقيل: هُوَ البياضُ الخَفِيفُ فِي سوادِ العينِ، وَقيل: هِيَ كُدرَةٌ فِي بَيَاضِ العينِ منْ تَرْكِ الكُحْلِ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: بحرٌ مسجورٌ ومَفْجُورٌ.
ويقالُ: سَجِّرْ هَذَا الماءَ: أَي فَجِّرْهُ حيثُ تُرِيدُ.
جرس: قَالَ الليثُ: الجرسُ: مصدرُ الصوتِ المجروسِ، والجرسُ: الصوتُ نفسُه، وجرستُ الكلامَ أَي تَكلَّمتُ بهِ، وجرْسُ الحَرْفِ: نغمتُهُ، والحروفُ الثَّلاثةُ الجوفُ لَا جُرُوس لهَا، وَهِي الياءُ والألِفُ والواوُ، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ.
(ابْن السّكيت عَن الأصمعيّ) قَالَ: الجَرْسُ، والجِرْسُ: الصَّوْتُ.
يقالُ: قد أجرَسَ الطائرُ إِذا سُمعَ صوتُ مَرِّهِ.

(10/305)


وأَجْرَسنيِ السَّبُعُ إِذا سمِعَ صَوْتِي.
وأجرَسَ الحَيُّ إِذا سَمِعْتَ صَوتَ جَرْسِ شيءٍ، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا أجرَسَ كلُّ طائرِ
قامَتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحَاضِرِ
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دَخَلَ بيتَ بعضِ نسائِهِ فَسَقَتْهُ عسَلاً، فَتَواطأتْ ثِنتانِ منْ نِسَائِهِ أَن تقولَ لهُ أَيَّتُهُمَا دخَلَ عليْهَا: أأكلتَ مَغَافيرَ؟ فإنْ قَالَ: لَا قالتْ لَهُ: فَشَرِبْتَ إِذن عَسَلاً جَرَسَتْ نَحْلهُ العُرْفُطَ) ، أَي: أَكَلتْ ورَعَتْ.
ونَحْلٌ جَوَارِسُ: تأكُلُ ثَمَرَ الشجَرِ، وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصفُ النحْلَ:
يَظَلُّ على الثَّمراءِ مِنْهَا جَوَارس
مراضيعُ صُهْبُ الريشِ زُغبٌ رقابها
صُهْبُ الريشِ: صُفْرُ الأجنحةِ، والمراضيعُ: الَّتِي مَعهَا أولادُها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الجَرْسُ: الأكلُ، وَقد جَرَسَ يجرِسُ.
(ابْن السّكيت) : الجَرَسُ: الَّذِي يُضرب.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفقةً فِيهَا جَرَسٌ) .
وَقَالَ اللَّيْث: النَّحْل تجرُسُ العَسَلَ جَرساً، وتجرِسُ النَّورَ جَرساً، وَهُوَ لحسُها إِيَّاه ثمَّ تعسيلُهُ.
وأجرَسَ الحلىَ إِذا صوَّت كصوت الجَرَس.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
تَسمَعُ للحَلي إِذا مَا وَسْوَسَا
وارتَجَّ فِي أجيادِها وأجرَسَا
زَفْزَفَةَ الريحِ الحَصَادَ اليَبَسَا
وَيُقَال: فلانٌ مَجْرَسٌ لفُلَان إِذا كَانَ يأنس بِكَلَامِهِ.
وَأنْشد:
أَنْت لي مجرُسٌ إِذا
مَا نبا كلُّ مجرَسِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رجُلٌ مجرَّسٌ منجَّذٌ إِذا جرَّبَ الأمورَ وَعرفهَا، وَقد جرَّسَتُه الأمورُ.
وَأنْشد:
مجرّساتٍ غرَّةَ الغَريرِ
بالرَّيمِ والرَّيمُ على المزجُورِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجارُوسُ: الكثيرُ الأكلِ.
والجِرسُ: الأصلُ.
والجَرسُ، والجِرسُ: الصَّوتُ.
(أَبُو سعيد) : اجْتَرَسْتُ، واجْتَرَشْتُ أَي كسبتُ.
رِجْس: قَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنصَابُ وَالاَْزْلاَمُ رِجْسٌ} (الْمَائِدَة: 90) .
قَالَ الزّجاج: الرِّجسُ فِي اللُّغَة: اسمٌ لكل مَا استُقذِرَ من عَمَلٍ، فبالغَ الله فِي ذمِّ هَذِه

(10/306)


الْأَشْيَاء وسمَّاها رِجْساً.
وَيُقَال: رَجُسَ الرَّجُلُ رَجْساً، وَرَجِسَ يَرْجَسُ إِذا عَمِلَ عَمَلاً قبيحاً.
والرَّجسُ بِفَتْح الرَّاء: شدَّة الصَّوْت، فَكَأَن الرِّجسَ: العملُ الَّذِي يقبُحُ ذِكْرُهُ ويرتفعُ فِي القُبْحِ.
وَرَعْدٌ رَجَّاسٌ: شديدُ الصَّوْت، وَأنْشد:
وكلُّ رجَّاسٍ يسوقُ الرُّجَّسا
قَالَ: وَأما الرِّجزُ بالزاي فالعذاب، أَو العَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّجْسُ: مَصْدَرُ صوتِ الرَّعدِ وتمخُّضُه.
قَالَ: والرِّجسُ: الشيءُ القَذِرُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِرْجَاسُ: حَجَرٌ يُلقى فِي جَوف الْبِئْر ليُعلَمَ بِصَوْتِهِ قَدْرُ قَعْرِ المَاء وعمقِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُسَ الرجل يرجُسُ رَجَاسَةً، وَإنَّهُ لَرِجْسٌ مَرْجُوسٌ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: يُقَال: هم فِي مَرْجُوسَةٍ من أَمرهم، وَفِي مَرجُوسَاء أَي فِي التباسٍ.
وَأنْشد أَبُو الجَدَلِ الْأَعرَابِي:
نحنُ صَبَحْنَا عَسْكَرَ المَرْجُوسِ
بدارِ حالٍ ليلةَ الخميسِ
قَالَ: المَرجوسُ: الملعونُ، وَأَرَادَ مَزوَزَ بن مُحَمَّد، أَخذه من الرِّجْسِ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ) : هم فِي مَرجُوسةٍ من أَمرهم، أَي فِي اخْتِلَاط ودَوَرانٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: بعيرٌ رجَّاسٌ ومِرجَسٌ أَي شديِدُ الهَدِيرِ.
قَالَ: والرِّجسُ فِي الْقُرْآن: العذابُ كالرِّجز، وكل قَذَرٍ: رِجْسٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مر بِنَا جماعةٌ رَجِسُونَ نَجِسُونَ نَضِفُونَ وَجِرُونَ صقَّارونَ أَي كُفَّارٌ.
وأرْجَسَ الرجل إِذا قدَّر المَاء بالمِرجَاسِ.
وَقيل: الرِّجْسُ: المَأْثَمُ.
وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} (الْأَنْعَام: 145) الرِّجس: المأثَمُ.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله: {كَذاَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ} (الْأَنْعَام: 125) ، قَالَ: مَا لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر فِي قَوْله: {اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ} (الْأَحْزَاب: 33) .
قَالَ: الرِّجس: الشَّك.
وَقَالَ ابْن الكلبيِّ فِي قَوْله: {إِنَّمَا الأنصاب والأزلام رِجْس} (الْمَائِدَة: 90) أَي مَأْثَمٌ.
سرج: قَالَ اللَّيْث: السَّرجُ: رِحَالَةُ الدابَّةِ.
يُقَال: أسرَجتُه إسراجاً.

(10/307)


ومُتَّخِذُهُ: سرَّاجٌ.
وحِرْفَتُهُ: السِّراجَةُ.
والسِّراجُ: الزَّاهِرُ الَّذِي يَزْهَرُ بِاللَّيْلِ.
وَقد أسرَجْتُ السِّرَاجَ إسراجاً.
والمَسْرَجَةُ: الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا المِسْرَجَةُ.
والمِسْرَجَةُ: الَّتِي تُوضَع فِيهَا الفتيلة.
والشَّمسُ: سِرَاجُ النَّهَار، والهُدى: سِرَاجُ الْمُؤمنِينَ.
وَيُقَال: سرَّج الله وَجهه وبهَّجَهُ أَي حسَّنه:
وَأنْشد قولَهُ:
وفاحماً ومَرْسِناً مسرَّجا
قَالَ: عَنى بِهِ الحُسْنَ والبهجةَ، وَلم يعنِ أَنه أفطَسُ مسرَّجُ الوَسَطِ.
وَقَالَ غَيره: شَبَّهَ أَنْفَهُ وامتِدَادَهُ بالسَّيْفِ السُّرَيجيِّ، وَهُوَ ضربٌ من السيوفِ الَّتِي تعرف بالسُّرَيجيَّاتِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سرَّج الله وَجهه أَي حسنه.
وقولُ الله: {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً} {) وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} (الْأَحْزَاب: 46) .
وَقَالَ الزّجاج: أَرَادَ بقوله: {اللَّهِ بِإِذْنِهِ} أَي وكتاباً بيِّناً.
الْمَعْنى: أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَذَا سِرَاجٍ مُنِير أَي وَذَا كتاب مُنِير: بيِّن، وَإِن شِئْتَ كَانَ سِرَاجًا مَنْصُوبًا على معنى، دَاعيا إِلَى الله، وتالياً كتابا بيِّناً.
(قلت) : وَإِن جعلتَ سِرَاجًا نعتاً للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حسنا، وَيكون مَعْنَاهُ هادياً كَأَنَّهُ سِرَاجٌ يُهتدى بِهِ فِي الظُّلم.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : إِنَّه لكريم السُّرجُوجَةِ، والسِّرجيجَةِ، أَي كريم الطبيعة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّرّاج: الْكذَّاب، وَقد سَرَجَ أَي كَذَب.
وَيُقَال: تكلّم بِكَلِمَة فَسَرَّجَ عَلَيْهَا بأُسْرُوجَةٍ:
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اسَتَوتْ أَخْلَاق الْقَوْم قيل: هُمْ على سُرجُوجَةٍ وَاحِدَة ومَرِنٍ ومَرِسٍ.
ج س ل
جلس، سجل، سلج: (مستعملة) .
جلس: قَالَ اللَّيْث: نَاقَة جَلْسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ: وَثيقٌ جَسِيمٌ:
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصله جَلزٌ فقُلِبَتْ الزايُ سِيْناً كَأَنَّهُ جُلِزَ جَلزاً أَي فُتل حَتَّى اكتنز وَاشْتَدَّ أَسْرُهُ.
وَقَالَت طَائِفَة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله وارتفاعه، والجَلْسُ: مَا ارْتَفع عَنِ الغَوْرِ فِي بِلَاد نَجْدٍ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: جَلَسَ الْقَوْم إِذا أَتَوْا نَجْداً وَهُوَ الجَلْسُ.
وَأنْشد:

(10/308)


شِمَالَ مَنْ غَارَ بِهِ مُفْرِعاً
وَعَن يَمينِ الجَالسِ المُنجِدِ
وَقَالَ:
قل للفَرَزدَقِ والسُّفَاهَةُ كاسمِهَا
إِن كُنتَ تَارِكَ مَا أَمَرتُكَ فاجلِسِ
أَي ائتِ نَجْداً.
وَجَبَلٌ جَلْسٌ إِذا كَانَ طَويلا، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
أوفى يَظَلُّ على أقذافِ شَاهِقَةٍ
جَلسٍ يزل بهَا الخُطَّافُ والحَجَلُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: الجِلْسُ بِكَسْر الْجِيم: الفَدْمُ.
والجَلْسُ: البَقِيَّةُ من العسلِ تبقى فِي الْإِنَاء. وَقَالَ الطرماح:
وَمَا جَلْسُ أبكارٍ أطاعَ لِسَرحِهَا
جَنَى ثَمَرٍ بالوادِيَيْنِ وُشُوعُ
وَيُقَال: فُلانٌ جَليسِي، وَأَنا جَليِسُهُ.
وَهُوَ حَسَنُ الجِلْسَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلَّسَانُ: دَخِيْلٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُلَّشانُ وَقَالَ الْأَعْشَى:
لنا جُلَّسَانٌ عِنْدهَا وَبَنَفْسَجٌ
وَسِيَنسَنْبرٌ والمَرزَجُوشُ مُنَمْنَمَا
سجل: (ابْن السّكيت) : السَّجلُ: ذكَرٌ، وَهُوَ الدَّلْو ملآن مَاء، وَلَا يُقَال لَهُ وَهُوَ فارغ: سَجْلٌ وَلَا ذَنوبٌ، وَأنْشد:
السَّجل والنُّطفَةُ والذَّنُوبُ
حَتَّى ترى مَركُوَّهَا يَثُوبُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أُرَجِّيّ نائلاً من سيب ربَ
لَهُ نُعمى وذمَّته سِجَالُ
قَالَ الذَّمَّة: الْبِئْر القليلة المَاء.
والسَّجْلُ: الدَّلْو الملآن، وَالْمعْنَى قَلِيله: كثير. وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي:
... ... . . وذمته سِجَالُ
أَي عَهْدُهُ مُحكمٌ، من قَوْلك: سجَّل القَاضِي لفُلَان مَاله أَي استَوْثَقَ لَهُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله: {حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} (الْحجر: 74) ، قَالَ النَّاس فِي (سجيل) أقوالاً.
وَفِي التَّفْسِير: أَنَّهَا من: جِلَ وطين، وَقيل من جِلَ وحجارة.
وَقَالَ أهل اللُّغَة هَذَا فارسيٌّ، وَالْعرب لَا تعرف هَذَا، وَالَّذِي عندنَا وَالله أعلم أَنه إِذا كَانَ التَّفْسِير صَحِيحا فَهُوَ فارسيٌّ أُعْرِبَ لِأَن الله قد ذكر هَذِه الْحِجَارَة فِي قصَّة قوم لوط فَقَالَ: {مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ} (الذاريات: 33) . فقد بيَّن للْعَرَب مَا عُنِيَ بسِجِّيلٍ.
وَمن كَلَام الْفرس مَا لَا يُحصى مِمَّا قد أَعْرَبَتْهُ العربُ نَحْو: جاموسٍ، وديباجٍ فَلَا أُنكر أَن يكون هَذَا مِمَّا أُعرب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: (من سِجِّيلٍ) تَأْوِيله:

(10/309)


كَثِيرَة شَدِيدَة.
وَقيل: إِن مثل ذَلِك قَول ابْن مُقبل:
وَرَجْلَةٍ يضرِبونَ البيَضَ عَن عُرُضٍ
ضَرْباً تواصَت بِهِ الأبطالُ سِجِّينا
قَالَ: وسِجِّينٌ وسجِّيلٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بَعضهم: سِجِّيلُ من سَجَلْتُه أَي أرسلتُه، فَكَأَنَّهَا مُرَسَلَةٌ عَلَيْهِم.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن عليَ أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {للهتُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ} (الرحمان: 60) . قَالَ هِيَ مُسْجَلَةٌ للبَرِّ والفاجر.
وَقَوله مُسْجَلَةٌ أَي مُرسَلةٌ لم يُشترطْ فِيهَا بَرٌّ وَلَا فَاجر.
يَقُول: فالإحسان إِلَى كلِّ أحدٍ جزاؤُه الإحسانُ، وَإِن كَانَ الَّذِي يصطَنِعُ إِلَيْهِ فَاجِرًا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ بَعضهم: سِجِّيل من أسجَلتُ إِذا أعطيتَ، وَجعله من السِّجْلِ.
وَأنْشد بَيت اللَّهبيِّ:
من يُسَاجِلْنِي يُسَاجِل ماجِداً
يَمْلأُ الدِّلوَ إِلَى عقدِ الكَرَب
وَقيل: من سِجِّيلٍ كَقَوْلِك: من سجلَ أَي مَا كُتب لَهُم.
وَهَذَا القَوْل إِذا فسِّر فَهُوَ أَبْيَنُها لِأَن فِي كتاب الله دَلِيلا عَلَيْهِ.
قَالَ الله: {الْعَالَمِينَ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى} {سِجِّينٍ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} {سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (المطففين: 7، 9) .
وسِجِّيلٌ فِي معنى سِجِّينٍ، الْمَعْنى أَنَّهَا حجارةٌ مِمَّا كتب الله أَنه يعذِّبهُم بهَا، وَهَذَا أحسن مَا مر فِيهَا عِنْدِي.
وَقَالَ غَيره: دَلْوٌ سَجِيْلَةٌ أَي ضَخْمَةٌ.
وَقَالَ الراجز:
خُذها وأعطِ عَمَّكَ السَّجيله
إِن لم يَكُن عَمُّك ذَا حَلِيلَهْ
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمر بصَبِّ سَجْلٍ على بَوْل أعرابيَ) . والسَّجْلُ: أعظمُ مَا يكون من الدِّلاءِ، وَجمعه: سِجَالٌ.
قَالَ لبيد:
يُحِيْلُونَ السِّجَالِ على السِّجَالِ
والمُسَاجَلَةُ: مأخوذةٌ من السَّجْلِ.
وَفِي حَدِيث أبي سُفْيَان: (أَن هِرَقْلاً سَأَلَهُ عَن الحربِ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: (الحربُ بَيْننَا سِجَالٌ) ، وَمَعْنَاهُ أَنا نُدالُ عَلَيْهِ مرّة، ويُدَالُ علينا أُخْرَى، وَأَصله أَن المُسْتَقِيَيْنِ بسَجْلَينِ من الْبِئْر يكونُ لكلِّ وَاحِد مِنْهُمَا سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأى مَاء) .
وَقَالَ اللَّيْث: السَّجيلُ من الضُّروع: الطَّوِيل.
والخُصيَةُ السَّجيلةُ: المسترخيةُ الصَّفَنِ.

(10/310)


وَقَالَ الله: {كَطَيِّ السّجل للْكتاب} (الْأَنْبِيَاء: 100) ، وقُرىء السِّجْلِ بِإِسْكَان الْجِيم وَتَخْفِيف اللَّام، وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن السِّجِلَّ: الصَّحِيفَة الَّتِي فِيهَا الْكتاب.
وحُكي عَن أبي زيد أَنه روى عَن بَعضهم أَنه قَرَأَهَا: (السِّجْلِ للْكتاب) بِسُكُون الْجِيم.
قَالَ: وَقَرَأَ بعض الْأَعْرَاب: (السَّجْل)
بِفَتْح السِّين.
وَقيل: السِّجِلُّ: مَلَكٌ.
وَقيل: السِّجِلُّ بلغَة الحَبَش: الرَّجُلُ.
وَعَن أبي الجوزاء: أَن السِّجِلَّ: كاتبٌ كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَمام الْكَلَام للْكتاب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ضَرْعٌ أَسْجَلُ وَهُوَ الْوَاسِع الرِّخوُ المضطَرِب الَّذِي يَضربُ رِجْلَيها من خلفِها، وَلَا يكون إِلَّا فِي ضُروع الشاءِ.
وانسَجلَ الماءُ انسِجالاً إِذا انصبَّ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وأردَفَتِ الذِّراعُ لَهَا بعينٍ
سَجُومِ الماءِ فانْسَجَلَ انسِجَالاَ
سلج: من أَمْثَال الْعَرَب: (الْأكل سَلَجَانٌ، وَالْقَضَاء ليّانٌ) .
(أَبُو عبيد) : عَن الْكسَائي: سُلِجْتُ الطعامَ سَلْجاً، وَسَرَطْتُهُ سَرْطاً إِذا ابتلعتَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَلِجَ يُسْلَجُ سَلْجاً وسَلَجَاناً.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّلَّجُ: نَبَاتٌ رِخْوٌ من دقِّ الشجَرِ.
والسُّلَّجَانُ: ضَرْبٌ مِنْهُ.
(أَبُو عبيد عَن الأمويِّ) : قَالَ: إِذا أكلتِ الْإِبِل السُّلّجَ فاستطلقت عَنهُ بطونُها قيل: سَلَجَتْ تسلُجُ.
وَقَالَ شمر: سَلِجَت تسلُجُ عِنْدِي أَجود.
قَالَ: والسُّلّجُ من الحَمْضِ لَا يزالُ أخضرَ فِي القيظ وَالربيع، وَهِي خوَّارة.
(قلت) : نَبْتٌ مَنْبِتُهُ القِيْعَانُ، وَله ثَمَرٌ، فِي أَطْرَافه حِدَّة، وَيكون أخضَرَ فِي الرّبيع ثمَّ يهيجُ فَيَصْفَرُّ وَلَا يُعدُّ من شجر الحَمْضِ.
وَقَالَ اللحياني يُقَال: تركته يتَزَلَّجُ النبيذَ ويستَلِجهُ أَي يُلحُّ فِي شربه.
قَالَ: وَيْستَلِجُهُ: يُدْخِلُهُ فِي سِلِّجَانه أَي فِي حلقومه.
وَيُقَال: رَمَاه الله فِي سِلِّجانهِ أَي فِي حلقومه.
قَالَ: وَقَوْلهمْ: (الْأَخْذ سَلَجَان، وَالْقَضَاء ليَّان) تَأْوِيله: تُحِبُّ أَن تأخُذَ وتكرَهُ أنْ تَرُدَّ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ بعض أعرابِ قَيْسٍ: سَلَجَ الفَصِيْلُ الناقةَ ومَلَجَها إِذا رضعها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّلاَلِيجُ: الدُّلْبُ الطوالُ.

(10/311)


وَيُقَال للسَّاجَةِ الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا البابُ: السَّلِيجَةُ.
والسِّلَّجْنُ: الكَعْكُ، وَأنْشد:
يأكلُ سِلَّجْناً بهَا وسُلَّجا
(قلت) : وَلم أسمع السِّلَّجن لغيره، وَكَأن الواجر أَرَادَ: يَأْكُل سِلَّجْناً، ويرعى سُلَّجا.
ج س ن
جنس، نجس، نسج، سجن، سنج.
جنس: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَنَسُ: جمود المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِنْسُ: كل ضَرْبٍ من الشَّيْء وَمن النَّاس وَالطير، وَمن حُدُودِ النَّحْو وَالْعرُوض والأشياء: جُمْلَةٌ، والجميعُ: الأجناسُ.
وَيُقَال: هَذَا يُجَانِسُ هَذَا أَي يشاكله، وَفُلَان يُجَانِسُ الْبَهَائِم، وَلَا يُجَانِسُ النَّاس إِذا لم يكن لَهُ تَمْيِيز وَلَا عقلٌ.
وَالْإِبِل: جِنْسٌ من الْبَهَائِم العُجْمِ، فَإِذا واليت سِناً من أَسْنَان الْإِبِل على حِدَةٍ فقد صنَّفتها تصنيفاً، كَأَنَّك جعلت بَنَات الْمَخَاض مِنْهَا صِنْفاً، وَبَنَات اللَّبون صنفا، والحِقَاقَ صنفا، وَكَذَلِكَ الجِذَاعُ، والثَّنِيُّ، والرُّبَعُ.
وَالْحَيَوَان: أَجْنَاسٌ، فَالنَّاس: جِنْسٌ وَالْإِبِل: جِنْسٌ، وَالْبَقر: جِنْسٌ، والشَّاءُ: جِنْسٌ.
سنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السُّنْجُ: العُنَّاب.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: السِّناجُ: أثر دُخان السِّراجِ فِي الْحَائِط وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث أَبُو عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: سَنْجَةُ الْمِيزَان وصَنْجَتُهُ، وَالسِّين أفْصح.
نسج: قَالَ اللَّيْث: النسجُ: مَعْرُوف، وعامِلُهُ: النَّسَّاج.
وَالرِّيح تَنْسِجُ التُّرَاب إِذا نَسَجَتِ المُورَ، والجَولَ على رُسُومِهَا، وَالرِّيح تَنْسِجُ المَاء إِذا ضربت متنَهُ فانْتَسَجَتْ لَهُ طرائق كالحُبُك، والشاعر يَنْسِجُ الشِّعر. والكذاب يَنْسِجُ الزُّور.
والمِنْسَجُ: الخشبُ والأداةُ الَّتِي يُمَدُّ عَلَيْهَا الثَّوْب للنَّسجِ، والمَنْسِجُ: لُغَة فِيهِ.
والمِنْسَجُ: المُنْتَبِرُ من كاثبة الدَّابَّة عِنْد مُنْتَهى منبت الْعرف تَحت القَرَبُوس الْمُقدم.
وناقة نُسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِجُ وَتَسِجُ فِي سَيرهَا، وَهُوَ سرعَة نقلهَا قوائِمَهَا.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : ومِنْسَجُ الْفرس بِكَسْر الْمِيم وَفتح السِّين، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الْأَصْمَعِي وَابْن شُمَيْل.
وَقَالَ شمر: قد قَالُوا: مَنْسِجٌ، قَالَ: وَيَقُولُونَ: مِنْسَجُ الثَّوْب، وَمْنسِجُهُ حَيْثُ

(10/312)


يُنْسَجُ.
وَقَالَ شمر: سمِّيَ مِنْسَجُ الْفرس لِأَن عصب الْعُنُق يَجِيء قِبَلَ الظّهْر، وَعصب الظّهْر يذهب قِبَلَ الْعُنُق فَيَنْسِجُ على الْكَتِفَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِنْسَجُ والحَارِكُ: مَا شخص من فروع الْكَتِفَيْنِ إِلَى أصل العُنُقِ إِلَى مستوى الظّهْر.
وَقَالَ أَبُو زيد: المِنْسَجُ: مَا بَين عُرف الدَّابَّة إِلَى مَوضِع اللِّبْدِ، قَالَ: والكاهل خلف المِنْسَجِ.
ومَنْسِجُ الثَّوْب حَيْثُ يَنْسِجُونَهُ.
والمِنْسَجُ: الَّذِي يُنسَجُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّسُوجُ من الْإِبِل: الَّتِي تُقدِّم جهازها إِلَى كاهلها لشدَّة سَيرهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : النُّسُجُ: السَّجَّادات.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا ذكرت عمر فَقَالَت: (كَانَ وَالله أحوذياً نَسِيجَ وَحده) ، أَرَادَت أَنه كَانَ مُنْقَطع القرين، وَأَصله أَن الثَّوْب إِذا كَانَ نفيساً لم يُنسج على منواله غَيره لدقته، وَإِذا لم يكن دَقِيقًا عُمل على منواله سدًى لعدة أَثوَاب، فضُرب ذَلِك مثلا لكل من بوُلغَ فِي مدحه، وَهَذَا كَقَوْلِك: فلَان وَاحِد عصره، وقريع قومه.
نجس: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الرّجس النَّجس، الْخَبيث المخبث) .
قَالَ أَبُو عبيد: زعم الْفراء أَنهم إِذا بدأوا بالنَّجَس، وَلم يذكرُوا الرجس فتحُوا النُّون وَالْجِيم، وَإِذا بدأوا بالرجس ثمَّ أتبعوه النَّجس كسروا النُّون.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجِسُ: الشَّيْء القَذِرُ من النَّاس وَمن كل شَيْء قذرته.
رجل نَجَسٌ، وَقوم أنجَاسٌ، ولغة أُخْرَى: رجل نَجَسٌ ورجلان نَجَسٌ، وَرِجَال نَجَسٌ، وَامْرَأَة نجس.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (التَّوْبَة: 28) .
وَقَالَ الْفراء: نَجَسٌ لَا يجمع وَلَا يؤنث.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (التَّوْبَة: 28) أَي أخباثٌ أنجاسٌ.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) أَنه قَالَ: إِذا قَالُوا: رِجْسٌ نِجْسٌ كَسَروا لِمَكانِ رِجْسٍ وثنَّوا، وجمعوا، كَمَا قَالُوا: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّم، فَإِذا أفردوا قَالُوا: جَاءَ بالطَّمِّ ففتحوا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: من المَعَاذَات: التميمة، والجُلْبَةُ والمُنَجَّسَةُ، وَيُقَال: للمُعَوِّذِ: مُنَجِّسٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: المعوَّذ لم قيل لَهُ: مُنَجَّسٌ، وَهُوَ مَأْخُوذ من النَّجَاسَةِ؟ فَقَالَ إِن للْعَرَب أفعالاً يُخَالف مَعَانِيهَا ألفاظها.

(10/313)


يُقَال: فلَان تنجَّس إِذا فعل فعلا يخرج بِهِ من النَّجاسة.
كَمَا قيل: يتأثم، ويتحرَّج ويتحنَّث إِذا فعل فعلا يخرج بِهِ من الْإِثْم والحرج والحنث.
وَقَالَ اللَّيْث: المنجَّس: الَّذِي يُعلَّق عَلَيْهِ عِظَام أَو خِرَقٌ.
وَيُقَال للمعوِّذ: مُنَجِّسٌ، وَأنْشد:
وجَارِيَةٍ مَلبُوبَةٍ ومُنَجِّسٍ
وطَارِقَةٍ فِي طَرقِهَا لم تُشدِّدِ
يصف أهل الْجَاهِلِيَّة أَنهم كَانُوا بَين كَاهِن ومُنَجِّسٍ.
وَقَالَ غَيره: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعلِّقون على الصّبيّ، وَمن يُخافُ عَلَيْهِ عيونُ الجِنِّ الأقذار من خِرَقِ الْمَحِيض.
وَيَقُولُونَ: الجِنُّ لَا تقرُبُهَا، ثمَّ قيل لِلمُعَوِّذِ: مُنَجِّسٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ دَاء لَا يُبرأ مِنْهُ فَهُوَ نَاجِسُ ونَجيسٌ، وعُقَامٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النُّجُسُ: المُعوِّذون، والجُنُسُ: الْمِيَاه الجامدة.
(سجن) : قَالَ الله جلّ وَعز: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ} (يُوسُف: 33) .
قَالَ الْفراء: وقرىء (السَّجْنُ) فَمن كسر السِّين فَهُوَ المَحْبِس، وَهُوَ اسْم، وَمن فتح السِّين فَهُوَ مصدر سَجَنْتُهُ سَجْناً.
وَفِي الحَدِيث: (مَا شَيْء أحقَّ بطول سَجْنٍ من اللِّسَان) .
وَقَول ابْن مقبل:
ضربا تواصَتْ بِهِ الأبطالُ سِجِّينا
قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّجِّين من النّخل: السِّلتِينُ بلغَة أهل الْبَحْرين.
يُقَال: سَجِّنْ جِذْعَكَ هَذَا إِذا أردْت أَن تَجْعَلهُ سِلتِيناً.
وَالْعرب تَقول: سِجِّينٌ مَكَان سِلتين، وسِلِتينٌ لَيْسَ بعربيَ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: السجين: الشَّديد.
وَقَالَ غَيره: هُوَ فِعّيل من السَّجن كَأَنَّهُ يُثبت من وَقع بِهِ فَلَا يبرح مَكَانَهُ.
وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي: سِخّيناً أَي سخناً يَعْنِي الضَّرْب.
وَرَوَاهُ ابْن المنخَّل عَن المؤرِّج قَالَ: سِجّيل وسِجّينٌ: دَائِم فِي قَول ابْن مقبل.
ج س ف
جفس، سجف، فجس، فسج: مستعملة.
جفس: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اتخم الرَّجُلُ قيل: جَفِسَ الرجل جَفَساً، فَهُوَ جَفِسٌ.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ جِفْسٌ، وجَفِسٌ، أَي ضَخْمٌ جَافٍ.
سجف: قَالَ اللَّيْث: السِّجفَانِ: سترا بَاب الحَجَلَةِ، وكل بَاب يَسْتُرُهُ سِتْرانِ مَشْقُوقٌ

(10/314)


بَينهمَا فَكل شقَ مِنْهُمَا: سَجْفٌ، وَكَذَلِكَ: سِجْفَا الخِبَاءِ.
والسَّجْفُ والتَّسْجيفُ: إرخاء السِّجَفين.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : السِّجفانِ: اللَّذَان على الْبَاب.
يُقَال مِنْهُ: بَيت مُسَجَّفٌ.
وَقَالَ الفرزدق:
رَقَدْنَ عليهنَّ الحِجَالُ المسجَّفُ
فجس: قَالَ اللَّيْث: الفَجْسُ، والتّفَجُّسُ: عَظمَة وتطاول، وَأنْشد:
عَسْرَاءُ حِين تَرَدّى من تَفَجُّسِهَا
وَفِي كِوَارَتِها من بَغْيِهَا مَيَلُ
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : فَجَسَ يَفْجُسُ فَجْساً، وتفجَّسَ تَفَجُّساً، وَهُوَ التّكَبُّرُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفجَسَ الرجُلُ إِذا افتخر بالبَاطِلِ.
فسج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الفَاسِجُ والفَاثِجُ: الْعَظِيمَة من الْإِبِل.
قَالَ: وَبَعض الْعَرَب يَقُول: هما الْحَامِل، وَأنْشد:
تخدي بِنَا كل خنوف فَاسِجِ
وَقَالَ النَّضر: الفَاسِجُ: الَّتِي حَمَلَتْ فزمَّت بأنفها واستكبرت.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: هِيَ السريعة الشَّابَّةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الَّتِي أعجَلَهَا الفَحْلُ فَضَرَبَها قبل وَقت المَضْرِبِ، وَقد فَسَجَتْ فُسُوجاً.
وَيُقَال فِي الشَّاء، وَهُوَ فِي النُّوق أعرفُ عِنْد الْعَرَب.
ج س ب
جبس، سبج، بجس: مستعملة.
جبس: قَالَ اللَّيْث: الجِبْسُ: الرَّدِيُّ الدَّنيُّ الجبان.
قَالَ الراجز:
خِمْسٌ إِذا سَار بِهِ الجِبْسُ بَكَى
وَيُقَال الجبس: ولد زِنْيَةٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المَجْبُوس والجَبيسُ: نعت سَوءٍ للرجل المَأْبُون.
قَالَ: والجِبْسُ: الجَامِدُ من كل شَيْء.
والجِبْسُ: الثقيلُ البَدَنِ، الثقيلُ الرّوح الفَاسِقُ.
(أَبُو عبيد) : تَجَبَّسَ فِي مَشيهِ تجبُّساً إِذا تَبَخْتَرَ.
قَالَ عمر بن لجأٍ:
تمشي إِلَى رِوَاءِ عَاطِنَاتِهَا
تَجَبُّسَ العَانِسِ فِي رَيْطَاتِهَا
سبج: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: السُّبجة، والسَّبيجةُ: كسَاء أسود.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبْجَةُ: ثوب يلْبسهُ الطَّيَّانُونَ لَهُ جيب، وَلَا يَدَانِ لَهُ، وَلَا فرجان.

(10/315)


ورُبَّما تَسَبَّجَ الإنسانُ بِكِسَاءٍ تَسَبُّجاً.
قَالَ العجاج:
كالحَبَشِيِّ التفَّ أَو تسبَّجا
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّبيج: بقيرة، وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ: شَبي.
وَفِي حَدِيث قَيْلَةُ أَنَّهَا حملت بنت أَخِيهَا وَعَلَيْهَا سُبَيِّجٌ من صوف، أَرَادَت تَصْغِير السَّبيجِ، وَهُوَ معرَّب.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبيجِيُّ، والجميع: السَّبابِجَةُ: قوم ذَوُو جلد من السِّند، يكونُونَ مَعَ استيام السَّفِينَة البحرية، وَهُوَ رَأس الملاَّحين.
والسَّبَجُ: خَرَزٌ أسوَدُ، وَهُوَ مُعرب، أَصله: سَبَه.
(أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء) . أَنه أنْشدهُ:
إنَّ سُلَيمَى وَاضِحٌ أبدانُها
ليِّنة الأطرَافِ من تَحت السَّبَجْ
قَالَ: السَّبَجُ من الْقَمِيص: لَبِنَتُهُ ودَخارِيصُهُ.
بجس: قَالَ اللَّيْث: البَجْس: انشقاقٌ فِي قِربةٍ أَو حجر أَو أَرض ينبُعُ مِنْهُ المَاء فَإِن لم يَنْبع فَلَيْسَ بانبجاس.
وَأنْشد:
وَكَيف غربى دالح تبجَّسا
قَالَ الله: {فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (الْأَعْرَاف: 160) .
والسَّحابُ يتبجَّسُ بالمَطَر.
والانبِجَاسُ عامٌّ، والنُّبُوعُ للعين خَاصَّة.
وبَجْسَةُ اسْم عَيْنٍ.
ج س م
جسم، جمس، سجم، سمج، مجس: مستعملة.
جسم: قَالَ اللَّيْث: الجِسمُ يَجْمَعُ البَدَنَ وأعضاءَهُ من النَّاس والإبلِ والدَّوابِّ وَنَحْو ذَلِك مِمَّا عَظُمَ من الخَلق الجسيم.
والفِعلُ: جَسُمَ يَجْسُمُ جَسَامَةً.
وَيُقَال: جُسَامٌ وجَسِيمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد:
أنعتُ عَيْراً سَهْوَقاً جُسَاما
قَالَ: والجُسْمَانُ: جسِمُ الرجُل، يُقَال: إِنَّه لَنَحيفُ الجُسمَانِ.
وَقَالَ غَيره: جُسْمَانُ الرَّجُلِ، وجُثْمَانُهُ: وَاحِد.
وَرَجُلٌ جُسْمَانِيٌ وجُثْمَانِيٌ إِذا كَانَ ضخم الجثة.
(أَبُو عُبَيْدَة) : تَجَسَّمتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي اخترته.
وَأنْشد:

(10/316)


تَجَسَّمَهُ من بينهنِّ بمُرهَفٍ
بِهِ جالِبٌ فَوق الرِّصافِ عَليلُ
المُرهَفُ: النّصلُ الرَّقيقُ، والجالِبُ: الَّذِي علته كالجُلبَة مِن الدَّمِ.
(ابْن السّكيت) : تَجَسَّمتُ الْأَمر إِذا ركبت أجسَمَهُ ومُعظَمَهُ وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو سعيد ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجُسُمُ: الأمُوُر العِظَامُ.
قَالَ: والجُسُمُ: الرِّجَالَ الْعُقَلَاء.
جمس: قَالَ اللَّيْث: الجَامُوسُ: دَخِيلٌ، ويُجمَعُ جَوَامِيسَ، تُسَمِّيهِ الفرسُ: كاوميش.
وَجَمَسَ الماءُ إِذا جَمُدَ، وسُئل ابْن عمر عَن فَأْرَة وَقعت فِي سمن فَقَالَ: إِن كَانَ جامساً ألقِي مَا حوله عَنهُ وَأكل وَإِن كَانَ مَائِعا أريق كُلُّهُ، أَرَادَ أَن السَّمْنَ إِن كَانَ جَامِدا أُخذ مِنْهُ مَا لَصِقَ الفأر بِهِ فرُمي، وَكَانَ بَاقِيه طَاهِرا، وَإِن كَانَ ذائباً حِين مَاتَ فِيهِ نَجِسَ كُلُّهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال للرُّطَبَةِ إِذا دَخَلَهَا كُلَّها الإرطَابُ وَهِي صُلبَةٌ لم تنهضم بعد فَهِيَ جُمْسَةٌ، وَجَمعهَا: جُمْسٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: هِيَ الجَمَامِيسٌ للِكَمْأة.
سجم: قَالَ اللَّيْث: سَجَمَتِ العَينُ تَسْجُمُ سُجُوماً، وَهُوَ قَطَرَانُ الدَّمعِ وسَيْلُهُ، قَلَّ أَو كَثُرَ، وَكَذَلِكَ السَّاجِمُ من المَطَرِ، وَتقول الْعَرَب: دَمْعٌ سَاجِمٌ، وَقد سَجَمَ سُجُوماً، ودَمعٌ مَسجُومٌ: سَجَمَتْهُ الْعين سَجْماً، وَأما قَول الهُذَليِّ:
[حَتَّى أتيح لَهُ رَامٍ بِمُحدَلةٍ
جَشءٍ وبِيضٍ نَوَاحِيهنَّ كالسَّجَمِ
فإنّ السَّجَمَ هَا هُنَا: ماءُ السَّمَاءِ، شَبَّهَ النِّصَال فِي بَيَاضِهَا بِهِ.
وَقيل السّجَمُ: نَبتٌ لَهُ وَرَقٌ مُؤَلّلُ الْأَطْرَاف.
وَيُقَال: انسَجَمَ الدَّمعُ وَالْمَاء فَهُوَ مُنْسَجِمٌ إِذا انصَبّ، وسَجّمَتِ السَّحَابَةُ مَطَرَهَا تَسجِيماً، وتَسْجاماً إِذا صَبَّته، قَالَ:
... . دَائِما تَسْجامُهَا
سمج: قَالَ اللَّيْث: سَمُجَ الشَّيْء يَسْمُجُ سَمَاجَةً، فَهُوَ سَمِجٌ إِذا لم يكن فِيهِ مَلاَحَةٌ.
وَقَالَ اللحياني: هُوَ سَمِيجٌ لَمِيجٌ، وسَمِجٌ لَمِجٌ.
وَقد سَمَّجَهُ تَسْمِيجاً إِذا جعله سَمِجاً.
مجس: فِي الحَدِيث: (كل مولودٍ يولدُ على الفِطرَةِ حَتَّى يكون أَبَواهُ يهوِّدانِهِ ويمجِّسَانِهِ) مَعْنَاهُ أنَّهُما يعلِّمانه دين المجوسِيَّةِ.
المَجُوسُ: جَمْعُ المَجُوسيِّ، وَهُوَ مُعرب، أَصله: مِنْج قُوش، وَكَانَ رجلا صَغِير

(10/317)


الْأُذُنَيْنِ، كَانَ أول من دَان بدين المَجُوسِ، ودعا النَّاس إِلَيْهِ، فعرَّبته الْعَرَب. فَقَالَت: مَجُوسٌ، وَنزل الْقُرْآن بِهِ وَالْعرب رُبمَا تركت صرف مَجُوس إِذا شُبّه بقبيلة من الْقَبَائِل، وَذَلِكَ أَنه اجْتمع فِيهِ العجمة والتأنيث.
وَمِنْه قَوْله:
كَنَارِ مَجُوس تَستَعِرُ اسْتِعَارا
وَقد تمجَّس الرَّجُلُ، وَمَجَّسَ غَيْرَه.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز ط ج ز د ج ز ت
ج ز ظ ج ز ث:
مهملات.
ج ز ر
جزر، جرز، زجر، زرج، رجز: مستعملة.
زجر: قَالَ اللَّيْث: زَجَرْتُ البعيرَ حَتَّى ثارَ وَمضى أزجُرُهُ زَجْراً، وزَجَرْتُ فلَانا عَن السُّوء فانزَجَرَ، وَهُوَ كالرَّدع للْإنْسَان، وَأما للبعير فَهُوَ كالحَثِّ بلفظٍ يكون زجْراً لَهُ.
قَالَ الزّجاج: الزَّجْرُ: النَّهْي، والزَّجْرُ للطير وَغَيرهَا: التَّيَمُّنُ بِسُنُوحِهَا، أَو التَّشَاؤُمُ بِبِرُوحِهَا وَإِنَّمَا سُمِّي الكاهنُ زاجراً لِأَنَّهُ إِذا رأى مَا يظنّ أَنه يتشاءم بِهِ زَجَرَ بِالنَّهْي عَن الْمُضِيّ فِي تِلْكَ الْحَاجة بِرَفْع صوتٍ وَشدَّة، وَكَذَلِكَ الزجرُ لِلْإِبِلِ، وَالدَّوَاب، وَالسِّبَاع.
وَيُقَال: زَجَرْتُهُ، وازدَجَرْتُهُ.
قَالَ الله تَعَالَى: {مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنُّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (الْقَمَر: 9، 10) .
وَقد يوضع الإزدجار مَوضِع الإنزِجَار فيكونُ لَازِما.
وازْدَجَرَ كَانَ فِي الأَصْل ازتجر فقُلبت التَّاء دَالا لقرب مَخْرَجَيْهما، واخْتِيَرت الدَّال لِأَنَّهَا أليق بالزاي من التَّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّجرُ: أَن يَزْجُرَ طائراً أَو ظَبْيًا سَانِحاً أَو بَارِحاً فَيَتَطَيَّرَ مِنْهُ، وَقد نُهي عَن الطِّيَرَةِ.
(قلت) : وزَجْرُ الْبَعِير أَن يَقُول لَهُ حَوْب، وللناقة: حَلْ، وأمَّا الْبَغْل فَزَجْرُهُ: عَدَسْ مجزومٌ، ويُزْجَرُ السَّبُعُ فَيُقَال لَهُ: هَجْ هَجْ، وَجَهْ جَهْ، وجَاه جَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّجْرُ: ضربٌ من السَّمَكِ عِظامٌ، والجميع: الزُّجُورُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للناقة العَلُوقِ: زَجُورٌ.
قَالَ الأخطل:
وَالْحَرب لاقِحَةٌ لَهُنَّ زَجُورُ
وَهِي الَّتِي تَرأَمُ بأنفها وتمنَعْ درَّها.
جزر: قَالَ اللَّيْث: الجَزْرُ مجزُومٌ: انقطاعُ الْمَدّ.

(10/318)


يُقَال: مَدَّ البَحْرُ أَو النَّهر فِي كَثْرَة المَاء، وَفِي الِانْقِطَاع: جَزَرَ جَزْراً، وهما يَجْزُرَان.
والجَزِيْرَةُ: أرضٌ فِي البَحْرِ يَنْفَرِجُ عَنْهَا مَاء الْبَحْر فتبدو، وَكَذَلِكَ الأَرْض الَّتِي لَا يعلوها السَّيْل، ويُحْدِقُ بهَا فَهِيَ جَزِيْرَةٌ.
والجَزِيْرَةُ أَيْضا: كُورةٌ تُتَاخِمُ كُوَرَ الشَّامِ وحُدُوَدَهَا.
والجَزِيرَة بالبَصْرَةِ: أَرض نَخْلٍ بَين الْبَصْرَة والأبُلَّة، خُصَّت بِهَذَا الِاسْم.
وجزيرة الْعَرَب: مَجَالها، سُمِّيت جَزِيرَة لِأَن الْبَحْرين بحرَ فَارِس، وبَحْرَ السُّودان أحاطا بجانِبَيْها، وأحاط بالجانب الشَّمالي: دجلةُ والفراتُ، وَهِي أَرض الْعَرَب ومَعدِنُها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: جَزِيرَة الْعَرَب: مَا بَين عَدَنِ أبيَنَ إِلَى أَطْرَاف الشَّام فِي الطول وَأما الْعرض فَمن جُدَّة وَمَا والاها من شط الْبَحْر إِلَى ريف الْعرَاق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ مَا بَين حَفَرِ أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى تِهَامَةَ فِي الطول. وَأما الْعرض فَمَا بَين رمل يَبْرِينَ إِلَى مُنْقَطع السَّمَاوَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزْرُ: نَحْرُ الجزَّار الجَزُورَ، وَالْفِعْل: جَزَرَ يَجْزُرُ.
والجُزَارَةُ: حق الجَزَّارِ.
وتُسَمَّى قَوَائِمُ الْبَعِير ورأسُهُ جُزَارَةً، لِأَنَّهَا كَانَت لَا تُقسَّم فِي المَيْسِرِ وتُعطى الجزَّار.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شَخْتُ الجُزَارَةُ مثل الْبَيْت سَائِرُهُ
من المُسُوح خِدَبٌّ شَوقَبٌ خَشِبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزُورُ إِذا أُفْرِدَ أُنّثَ، لِأَن أَكثر مَا يَنْحَرُونَ النُّوقَ.
وَقد اجتَزَرَ القومُ جَزُوراً إِذا جُزِرَ لَهُم.
وأجزرتُ فُلاناً جَزُوراً إِذا جَعلتهَا لَهُ، قَالَ: والجَزَرُ: كل شَيْء مُبَاح للذبح، والواحدة: جَزَرَةٌ وَإِذا قُلتَ: أعطيتُه جَزَرَةً فَهِيَ شاةٌ، ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، لِأَن الشَّاة لَيست إِلَّا للذبح خَاصَّة، وَلَا تقع الجَزَرَةُ على الناقةِ والجَملِ لِأَنَّهُمَا لسَائِر العَمَل.
ويقالُ: صارَ القومُ جزَراً لعدوهِمْ إِذا قتِلُوا.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يقالُ أجزرتهُ شَاة إِذا دفعتَ إِلَيْهِ شَاة يذبحُهَا، نعجةً أَو كَبْشًا أَو عَنْزًا، وَهِي الجَزَرَةُ إِذا كَانَت سَمِينَةً، والجميع: جَزَرٌ، وَلَا تكون الجَزَرَةُ إلاَّ مِن الغَنَمِ، وَلَا يقالُ: أجزرتُه ناقَةً.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : هُوَ الجِزَرُ، والجزرُ للَّذي يُؤْكَلُ، وَلَا يقالُ فِي الشاةِ إِلَّا الجَزَرُ.
وَقَالَ الليثُ: الجَزيرُ بلُغَة أهلِ السوادِ: رجلٌ يختارهُ أهلُ القريةِ لِمَا ينُوبهُمْ من نفقاتِ مَنْ يَنزلُ بهمْ من قِبَلِ السلطانِ،

(10/319)


وَأنْشد:
إذَا مَا رَأَونَا قَلَّسُوا مِنْ مَهَابَةٍ
ويَسْعَى عَلَيْنَا بِالطَّعَامِ جَزِيرُهَا
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : أجزرَ القومُ، من الجزَار، والجَزَار، وهُوَ وَقْتُ صِرَامِ النَّخْلِ، مِثْلُ الجَزَازِ.
يقالُ: جَزروا نخلهمْ إذَا صرموهُ، وأجزرَ النخلُ إِذا حانَ صرامُهُ.
وَيُقَال أجزرَ الرجُلُ إِذا أسَنَّ ودَنَا فناؤهُ كَمَا يُجْزِرُ النخلُ إِذا أَتَى صِرامُه.
وَيُقَال: جزرتُ العسلَ إِذا شُرْتَهُ واستخرجتَهُ من خليَّتِهِ.
وتوعَّدَ الحجاجُ بنُ يوسفَ أنسَ بنَ مالكٍ فقالَ: (لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضرَبِ) أَي لأستأصلنَّكَ، والعَسَلُ يُسَمَّى ضَرَباً إِذا غلُظَ، وَإِذا استضرَبَ: سَهُلَ اشتيارُه عَلَى العاسِلِ لأنَّهُ إِذا رَقَّ سالَ.
وَفِي حَدِيث عمر (اتَّقُوا هَذِه المَجَازِرَ فَإنَّ لَهَا ضراوةً كضراوةِ الخمرِ) أرادَ بالمجازرِ: مواضِعَ الجزَّارينَ الَّتِي تُنحَرُ فِيهَا الإبلُ وتُذبحُ البَقَرُ، ويُباعُ لُحْمَانُها، وواحدُ المجازِرِ: مَجْزَرَةٌ ومَجْزِرَةٌ، وإنَّمَا نَهاهُمْ عُمر عَن المجازر لِأَنَّهُ كَرِهَ لَهُم إدمانَ أَكْلِ اللحُومِ وجَعَلَ لَهَا ضَراوَة الخَمْرِ أَي عَادَة كعادتِها لأنَّ مَنِ اعتادَ أكلَ اللحومِ أسرفَ فِي النفقةِ، فجعلَ العادةَ فِي أكلِ اللحمِ كالعادةِ فِي شربِ الخمرِ لمِا فِي الدوَامِ عليهِما منْ صَرْفِ النَّفَقةِ والفَسادِ.
وَيُقَال: ضري فلَان فِي الصَّيْد وَفِي أكل اللَّحْم إِذا اعتادَه ضَراوة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : جَزَرَ النخلَ يَجْزِرُهُ ويَجْزُرُهُ إِذا صرمه ويَحْزِرُهُ، ويَحْزُرُهُ إِذا خَرَصَهُ.
قَالَ: وأجزَرَ الْقَوْم، من الجَزُورِ.
وَقَالَ الْكسَائي: أجْزَرَ النّخل وأصْرَمَ وأجدَّ بِمَعْنى وَاحِد.
زرج: قَالَ اللَّيْث الزَّرجُ فِي بعض: جَلَبَةُ الْخَيل وأصواتُها.
(قلت) : لَا أعرف الزَّرْجَ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الزَّرَجُونُ: الخمرُ.
وَيُقَال: شَجَرُها.
(شمر) : قَالَ ابْن شُمَيْل: الزَّرَجُونُ: شَجَرُ العِنَب، كل شَجَرَة: زَرَجُونَةٌ.
قَالَ شمر: أُراها فارسية معرَّبة ذَرْدَقُونَ.
قَالَ: وَلَيْسَت بمعروفة فِي أَسمَاء الْخمر.
وَقَالَ غَيره: زَرْكُون فصُيِّرتِ الكافُ جيماً، يُرِيدُونَ لونَ الذهبِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّرَجُونُ بلغَة أهل الطَّائِف وَأهل الغَوْرِ: قُضْبانُ الكَرْمِ.
وَأنْشد:

(10/320)


بُدِّلوا من منابت الشِّيحِ والإذ
خِرِ تيناً ويانعاً زَرَجُونا
جرز: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي والأصمعي) : أَرض مَجرُوزَة من الجُرُزِ وَهِي الَّتِي لم يُصِبْها المَطَرُ.
وَيُقَال: الَّتِي أُكل نباتها.
وَقَالَ الله: {أَفَلاَ يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الْمَآءَ إِلَى الاَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} (السَّجْدَة: 27) .
قَالَ الْفراء: الجُرُز: أَن تكون الأَرْض لَا نباتَ فِيهَا.
يُقَال: قد جُرِزَتِ الأَرْض، فَهِيَ مُجرَوزَةٌ، جَرَزَهَا الْجَرَاد أَو الشَّاء وَالْإِبِل وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق قَالَ: الجرُزُ: الأَرْض الَّتِي لَا تُنبِتُ كَأَنَّهَا تَأْكُل النبتَ أكلا.
يُقَال: أرضٌ جُرُزٌ، وأرَضُوُنَ أجْرازٌ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: سَنَةٌ جُرُزٌ إِذا كَانَت جَدْبةً.
وَقَالَ القتيبي: الجُرُزُ: الرَّغيبة الَّتِي تَنْشَفُ مَطَراً كثيرا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجوز: الجُرَزُ، والجَرَزُ، والجُرْزُ، كل ذَلِك قد حُكي.
قَالَ: وَقد جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّهَا أرضُ الْيمن.
وَيُقَال: امْرَأَة جَرُوزٌ إِذا كَانَت أكولاً.
وَيُقَال: سيف جُرَازٌ إِذا كَانَ مستأصِلاً.
قَالَ: فَمَنْ قَالَ: الجُرْزُ فَهُوَ تخفيفُ الجُرُزِ، وَمن قَالَ: الجَرَزُ والجَرْزُ فهما لُغَتَانِ، وَيجوز أَن يكون جَرْزٌ مصدرا وُصف بِهِ كَأَنَّهَا أَرض ذَات جَرْزٍ أَي ذَات أكل للنبات.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : أَرض جُرُزٌ: لَا نَبَات فِيهَا.
وأجْرَزَ الْقَوْم: وَقَعُوا فِي أَرض جُرُزٍ.
وَقَالَ الْفراء: نَاقَة جَرُوزٌ إِذا كَانَت تَأْكُل كل شَيْء.
وإنسان جَرُوزٌ إِذا كَانَ أكولاً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجُرَازُ من السيوف: الْمَاضِي النَّافِذ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَرَزُ: لحم ظهر الْجمل، وَجمعه: أجْرَازٌ، وَأنْشد فِي صِفَةِ جَمَلٍ كَانَ سميناً ففضخه الحِمْل فَقَالَ:
وانْهَمَّ هَامُومُ السَّدِيفِ الواري
من جَرَزٍ صُلْبٍ وجَرْزٍ عَارِي
قَالَ: والجَرْزُ: القَتْلُ.
قَالَ رؤبة:
حَتَّى وَقَمْنَا كَيْدَهُ بالرِّجزِ
والصَّقعِ من قَاذِفَةٍ وجرْزِ
قَالُوا: أَرَادَ بالجَرزِ: القَتلَ، كالسُّمِّ الجُرَازِ، والسيفِ الجُرَازِ.
يُقَال: رَمَاه الله بشَرْزَةٍ وَجَرْزَةٍ، يُرَاد بِهِ

(10/321)


الْهَلَاك.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : قَالَ: الجَارِزُ: السُّعَال.
وَقَالَ الشَّماخُ يصف حُمُرَ الْوَحْش:
لَهَا بالرُّغَامى والخَيَاشِيمِ جَارِزُ
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: جرزه بالشَّتم إِذا مَا رَمَاه بكلامٍ سوء.
قَالَ: التجارز بالْكلَام والفعال.
وَيُقَال: طوى فلَان أجْرَازَهُ إِذا انقَبَضَ وانضم بعضُهُ إِلَى بعض.
وَطوَى الحَيَّةُ أجرَازَهُ أَي ترحَّى، وأجْرَازُه جمع الجَرَزِ.
يُقَال: إِنَّه لذُو جَرَزٍ، أَي: ذُو خُلُقٍ شَدِيد.
وَقَالَ الراجز يصف حَيَّة:
إِذا طوى أجْرَازَهُ أَثلَاثًا
فَعَاد بعد طَرْقَةٍ ثَلَاثًا
أَي عَاد ثَلَاث طَرْقٍ بَعْدَمَا كَانَ طَرْقَةً وَاحِدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُرْزُ من لِبَاس النِّسَاء من الوَبَرِ، أَو مُسُوك الشَّاءِ، والجميع: الجُرُوزُ.
قَالَ: والجُرْزُ من السِّلَاح، والجميع: الجِرْزَةُ.
(قلت) : هُوَ عَمُود من حَدِيد.
قَالَ: الجُرْزَةُ: الحُزْمَةُ من قتَ وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال للناقة إِنَّهَا لجُرَازٌ للشجر، أَي تَأْكُله وتكسِرهُ.
رجز: قَالَ الله جلّ وَعز: { (فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 5) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قرىء: (والرِّجْزَ) (والرُّجْزَ) ، ومعناهما: وَاحِد: وَهُوَ الْعَمَل الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب.
قَالَ الله جلّ وَعز: {لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} (الْأَعْرَاف: 134) أَي كشفت عَنَّا الْعَذَاب.
قَالَ: وَيُقَال فِي قَوْله: { (فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} إِنَّه عبَادَة الْأَوْثَان.
قَالَ: وأصل الرِّجْزِ فِي اللُّغَة: تتَابع الحركات، وَمن ذَلِك: قَوْلهم: نَاقَة رَجْزَاءُ إِذا كَانَت قَوَائِمهَا ترتعد عِنْد قِيَامهَا، وَمن هَذَا: رَجَزُ الشّعْر لِأَنَّهُ أقصر أَبْيَات الشّعْر، فالانتقال من بَيت إِلَى بَيت سَرِيْعٌ، نَحْو قَوْله:
يَا لَيْتَني فِيهَا جَذَعْ
أخُبُّ فِيهَا وأضَعْ
وَنَحْو قَوْله:
صبرا بني عبد الدَّار
وَكَقَوْلِه:
مَا هاج أشجاناً وشجواً قد شجا

(10/322)


قَالَ: وَزعم الْخَلِيل أَن الرَّجَزَ لَيْسَ بِشِعْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْصَاف أَبْيَات وأثلاث، وَدَلِيل الْخَلِيل فِي ذَلِك مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله:
ستُبدي لَك الأيَّامُ مَا كنتَ جَاهِلا
ويأتيك من لم تُزَوَّدِ بالأخبار
قَالَ الْخَلِيل: لَو كَانَ نِصْفُ البيتِ شِعْراً مَا جرى على لِسَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:
ستبدي لَك الْأَيَّام مَا كنت جَاهِلا
وَجَاء بِالنِّصْفِ الثَّانِي على غير تأليف الشّعْر، لِأَن نصف الْبَيْت لَا يُقَال لَهُ شِعرٌ، وَلَا بيتٌ، وَلَا جَازَ أَن يُقَال لنصف الْبَيْت: شِعرٌ؛ لقيل لجُزْءٍ مِنْهُ شعر، وَجرى على لِسَانه فِيمَا يُروى:
أَنا النَّبِي لَا كذب
أَنا ابْن عبد الْمطلب
قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا هُوَ: لَا كَذبَ بِفَتْح الْبَاء فِي الوَصْل.
قَالَ الْخَلِيل: فَلَو كَانَ شِعْراً لم يَجْرِ على لِسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى: {أَفَلاَ يَعْقِلُونَ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ} (يس: 69) أَي وَمَا يتسَهَّل لَهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ الْأَخْفَش: قَول الْخَلِيل إِن هَذِه الْأَشْيَاء شِعْرٌ وَأَنا أَقُول: إِنَّهَا لَيست شِعْراً، وَذكر أَنه هُوَ ألزَمَ الْخَلِيل مَا ذكرنَا، وأنَّ الْخَلِيل اعتقده.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق، وَمعنى الرِّجْز فِي العَذَابِ هُوَ الْعَذَاب المقَلْقِل لِشِدَّتِهِ، قَلْقَلَةً شَدِيدَة متتابعة.
وَقَالَ اللَّيْث قَالَ الخليلُ: الرَّجَزُ المشطُورُ والمنهوكُ: ليَسا من الشّعْر كَقَوْلِه:
أَنا النَّبيُّ لَا كذب
والمُشْطُورُ: الأنصاف المسجَّعَةُ.
والرَّجَزُ: مصدر رَجَزَ يَرْجُزُ.
والأُرَجُوْزَةُ: الْوَاحِدَة، والجميع: الأَرَاجِيْزُ.
وارتَجَزَ الرَّجَّازُ ارتِجَازاً، وَهُوَ رَجَّازٌ، وَرَجَّاَزَةٌ، ورَاجِزٌ.
(أَبُو عبيد) : الرَّجَائِزُ: مراكبُ أَصْغَر من الهَوَادِجِ.
وَقَالَ الشماخ:
كَمَا جَلَّلَتْ نِضْوَ القِرَامِ الرَّجَائِزُ
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّجَازَةُ: شَيْء يُعدل بِهِ ميل الحِمْلِ، وَهُوَ شَيْء من وِسَادَةٍ أَو أَدمٍ إِذا مَال أحد الشِّقَّين وُضِع فِي الشِّقِّ الآخر ليستوي تُسَمَّى رجَازَةَ الْميل، قَالَ: وَوَسْوَاسُ الشَّيْطَان: رِجْزٌ.
(أَبُو عبيد عَن العَدَبَّس الكنائي) : قَالَ: الْبَعِير إِذا كَانَ يُصِيبهُ اضْطِرَاب فِي فَخذيهِ إِذا أَرَادَ الْقيام سَاعَة ثمَّ ينبسط فَهُوَ أَرْجَزُ، وَقد رَجِزَ رَجَزَاً.
قَالَ الرَّاعِي يصف الأثافي:

(10/323)


ثَلاَثٌ صَلَيَن النَّاَر شهرا وأرْزمَتَ
عليهنَّ رَجْزَاءُ القيامِ هَدُوجُ
يَعْنِي ريحًا تَهْدِجُ، لَهَا رَزَمَةٌ.
وَيُقَال: أَرَادَ برَجْزَاءِ الْقيام قِدْراً كَبِيرَة ثَقيلَة، هَدُوجٌ: سريعةُ الغَلَيَان.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم فِي صفة النَّاقة الرَّجْزَاء:
حَتَّى يقومَ تكلُّفَ الرَّجْزَاءِ
وَيُقَال للريح إِذا كَانَت دائمة: إِنَّهَا لرَجْزَاءُ، وَقد رَجَزَتْ رَجْزاً.
وارتَجَزَ الرَّعْد ارتِجَازاً إِذا سَمِعت لَهُ صَوتا مُتَتَابِعًا.
وَتَرَجَّزَ السَّحَاب أَي تحرّك تحركاً بطيئاً لِكَثْرَة مَائه.
قَالَ الرَّاعِي:
ورجَّافاً يَحِنّ المزنُ فِيهِ
تَرَجَّزَ من تِهَامة فاسْتَطَارا
أَرَادَ بالرَّجَّاف: السَّحَاب.
ج ز ل
جلز، جزل، زجل، زلج، لزج: مستعملة.
جزل: (الْأَصْمَعِي) : الجَزَلُ: أَن يُصيبَ الغارِبَ دبَرة فيخرُجَ مِنْهُ عَظْمٌ، ويُشد حَتَّى يُرى مَكَانَهُ مطمئناً، يُقَال مِنْهُ: جَزِل الْبَعِير يَجْزَلُ جَزَلاً.
وَأنْشد قَول أبي النَّجْم:
يُغَادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْرِ الأجزَلِ
وامرأةٌ جزلَةٌ إِذا كَانَت جيدةَ الرَّأْي، ورجلٌ جَزْلٌ، وَمَا أبينَ الجَزَالةَ فِيهِ أَي جودةَ الرَّأْي.
وَيُقَال: ضَرَبَ الصَّيدَ فَجَزَلَهُ جَزْلَتَين أَي قطعه قِطعتين.
والحَطَبُ الجَزْلُ: الغليظُ مِنْهُ.
وَيُقَال: جَاءَ زَمَنُ الجُزَالِ وَهُوَ زمن صِرَامِ النّخل.
وَقد أجْزَلَ لَهُ الْعَطاء إِذا أعَظَمَ.
وجَزَلَ يَجْزِلُ إِذا قَطَعَ، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا مَا حَان من جَزَالِهَا
وحطَّت الجُرَّام من جِلاَلِهَا
وَقَالَ اللَّيْث: عَطاء جَزْلٌ وجَزِيلٌ إِذا كَانَ كثيرا.
وَامْرَأَة جَزْلَةٌ: ذَات أرداف وثيرة.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَوْزَلُ: السُّمُّ.
وَقَالَ ابْن مقبل يصف نَاقَة:
سَقَتْهُنَّ كأساً من زُعَافٍ وجَوَزلاَ
قَالَ شمر: لم أسمع الجَوْزَلَ بِمَعْنى السمِّ لغير ابْن مقبل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الجَوْزَلُ: الفَرْخُ، وَجمعه: الجَوازِلُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
سوى مَا أصابَ الذئبُ مِنْهُ وسُرْبَةٌ
أطافت بِهِ من أُمَّهَات الجَوَازِلِ

(10/324)


(ابْن الْأَعرَابِي) : بَقِي فِي الْإِنَاء جَزْلة، وَفِي الجُلَّةُ جِزْلَةٌ، وَمن الرَّغِيف جِزْلَةٌ أَي قِطْعَة.
وَيُقَال: جُزِلَ غَارِبُ الْبَعِير فَهُوَ مَجْزُولٌ: مثل جَزِلَ.
وَقَالَ جرير:
مَنَعَ الأُخيطِلُ أَن يسامِيَ عِزَّنا
شَرَفٌ أجبُّ وغاربٌ مَجْزُولُ
جلز: قَالَ اللَّيْث: الجَلزُ: شدَّة عَصْبِ العَقَبِ، وكل شَيْء يُلوى على شىء فَفِعْلُهُ: الجَلْزُ، واسْمه: الجِلاَزُ.
وجَلائِزُ القوسِ: عَقَبٌ يُلوى عَلَيْهَا فِي مَوَاضِع، وكل وَاحِدَة مِنْهَا: جِلاَزَةٌ، والجِلاَزُ: أَعم، أَلا ترى أَن الْعِصَابَة: اسْم للَّتِي للرأس خَاصَّة.
وكل شَيْء يُعصَّب بِهِ فَهُوَ العِصَابُ.
وَإِذا كَانَ الرجل معصُوبَ الخَلْقِ واللحْم.
قلت: إِنَّه لَمَجلُوزُ اللَّحْم والخلق، وَمِنْه اشتُق: نَاقَة جَلْسٌ، بِالسِّين بَدَلٌ من الزَّاي، وَهِي الْوَثِيقَة الخَلْقِ.
والجِلْوَازُ: الشُّرَطِيُّ، وَجَلْوَزْتُهُ: خِفَّتُهُ فِي ذَهَابه ومجيئه بَين يَدي الْعَامِل.
وَقَالَ الفرّاء: الجِلئِزُ من النِّسَاء، بِالْهَمْز: القصيرة.
وَأنْشد أَبُو ثروان:
فَوق الطَّوِيلَة والقصيرة شَبْرُها
لَا جِلئِزٌ كُنُدٌ وَلَا قَيْدُودُ
قَالَ: وَهِي الفِنئِلُ أَيْضا.
وَيُقَال: جَلَّزَ فِي نَزْعِ الْقوس إِذا أَغْرقَ فِيهِ حَتَّى بلغ النَّصْلَ، وَقَالَ عدي:
أبلِغْ أَبَا قابوسَ إِذْ جلَّزَ النَّ
زعُ وَلم يُوْجَدْ كَظَبيٍ يُسُر
(ابْن السّكيت عَن أبي عمرٍ و) : التَّجْلِيزُ: الذّهاب، وَقد جلَّز فَذهب وَأنْشد:
ثمَّ سَعَى فِي إثْرهَا وجلَّزا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجِلَّوْزُ: البُنْدُقُ، والجِلَّوزُ: الضَّخْمُ الشُّجاع.
وَقَالَ النَّضر: جَلَزَ شَيْئا إِلَى شَيْء أَي ضمَّه إِلَيْهِ وَأنْشد:
قَضَيْتُ حُوَيْجَةً وَجَلَزْتُ أُخْرَى
كَمَا جَلَزَ الفُشَاغُ على الغصون
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ ابْن مِجْلَزٍ، والعامة تَقول: مَجْلِزْ، وَهُوَ مُشْتَقّ من جَلْزِ السَّوْط وَهُوَ أغلظه عِنْد مَقْبِضِهِ، وجَلْزُ الشَّيْء: أغلظه.
زجل: قَالَ اللَّيْث: الزَّجْلُ: الرَّمْي بالشَّيْء تأخُذُهُ بِيَدِك فترمي بِهِ.
والزَّجْلُ: إرْسَال الحَمَام الْهَادِي من مَزْجَلٍ بعيد. وَقد زَجَلَ بِهِ يَزْجُلُ.
والزَّجَلُ: رفع الصَّوْت الطَّرب.
يُقَال: حَادٍ زَجِلٌ، ومغنَ زَجِلٌ، وَقد زَجِلَ

(10/325)


يَزْجَلُ زَجَلاً، وَقَالَ فِي قَوْله:
وَهُوَ يغنِّيها غناء زَاجِلا
وَقَالَ:
يَا ليتنا كُنَّا حمامَيْ زَاجِل
قَالَ: والزَّاجِلُ: الْحلقَة من الخَشَبَةِ تكون مَعَ المُكاري فِي الحِزَامِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الزَّاجِلُ بِفَتْح الْجِيم: العُودُ الَّذِي يُشد بِهِ القِرْبَة، قَالَ: وَجمعه: زَوَاجِلُ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
فهان عَلَيْهِ أَن تَجِفَّ وِطَابُكم
إِذا حُنِيَتْ فِيمَا لَدَيْهِ الزَّوَاجِلُ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الزَّاجَلُ: مَنِيُّ الظليمِ.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَمَا بَيْضَاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفَ
سُقين بِزَاجِلٍ حَتَّى رَوِينا
(قلت) : سمعتهما مَعًا بِفَتْح الْجِيم بِغَيْر همز، والهمزُ فِيهَا لُغَة.
(أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي) : الزُّجْلَةُ: الْجَمَاعَة، وَجَمعهَا: زُجَل.
قَالَ لبيد:
كَحَزِيقِ الحَبَشِيِّيْنَ الزُّجَلْ
وَقَالَ غَيره: الزَّاجِلُ: سِمَةٌ يُوْسَمُ بهَا أعناقُ الْإِبِل.
قَالَ الراجز:
حمضيَّةٌ جَاءَت عَلَيْهَا الزَّاجَل
والمِزجالُ: شبه المزراقِ، وَهُوَ النَّيْزَكُ يُرمى بِهِ.
وَقد زَجَله زَجْلاً بالمِزْجَالِ قَالَ أَبُو النَّجْم:
وترتمي بالصخر زُجْلاً زَاجِلا
أَي رمياً شَدِيدا.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي بَيت ابْن أَحْمَر: كَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: الزَّاجَلُ: مَاء الظليم.
قَالَ: وَأَخْبرنِي من سمع الْعَرَب تَقول: إِن الزَّاجَلَ هَا هُنَا مُزَاجَلَة النعامة والهَيْقِ فِي أَيَّام حِضَانِهما، وَهُوَ التقليب، لِأَنَّهَا إِذا لم تُزاجل مَذِرَ الْبيض، فَهِيَ تُقلِّبه لِيَسْلَمَ من المَذَرِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الزِّئجيل، والزُّؤاجل: الضَّعِيف من الرِّجَال.
وَقَالَ الْأمَوِي: هُوَ الزِّنجيل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الزَّاجِلُ: الرَّامِي، والزّاجلُ: قَائِد العساكر.
(أَبُو عبيد) : زَجَلتُ بالشيءِ ونَجَلْتُ بِهِ إِذا رمَيْتَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الزُّجْلةُ: البِلَّةُ من الشَّيْء الهَنِيْهَةُ مِنْهُ.
يُقَال: زُجْلَةٌ من مَاء أَو بُرَدٍ أَو نَجْلٍ.
قَالَ: والجِلْدَةُ الَّتِي بَين الْعَينَيْنِ تسمى زُجْلَةً، قَالَه فِي قَوْله:
كأنَّ زُجلَةَ صَوْبٍ صَابَ من بَرَدٍ
شنَّت شآبِيبُهُ من رائِحٍ لَجِبِ

(10/326)


نَوَاصِحٌ بَين حَمَّاوَينِ أحْصَنَتَا
مُمَنَّعاً كهُمَامِ الثّلجِ بالضَّرَبِ
النَّوَاصِحُ: أَرَادَ بهَا الثنايا البيضَ، وَأَرَادَ بالحَمَّاوَينِ شَفَتَيْهَا.
لزج: قَالَ اللَّيْث: اللَّزَجُ: مصدر الشَّيْء اللَّزِجِ، وَقد لَزِجَ يَلْزَجُ لَزَجاً، وأكلتُ شَيْئا فَلَزِجَ بإصبعي أَي عَلِقَ بِهِ، وَزِبيبَةٌ لَزِجَةٌ.
قَالَ: والتَّلَزُّجُ: تتبُّع البُقُول والرِّعْي الْقَلِيل من أَوله أَو فِي آخر مَا يَبْقَى، وَقَالَ العجاج:
وفَرَغَا من رعْي مَا تَلَزَّجَا
وَقَالَ غَيره: تلزَّج البقل إِذا كَانَ لدْناً فَمَال بعضه على بعض.
زلج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزُّلُج: السِّراع من جَمِيع الْحَيَوَان.
والزُّلُجُ: الصخور المُلْسُ.
قَالَ: والزَّالجُ: الَّذِي يَشْرَبُ شُرباً شَدِيدا من كل شَيْء وَهُوَ الزابج، والزَّالِجُ: النَّاجِي من الغمرات، يُقَال: زَلَجَ يَزْلِجُ فيهمَا جَمِيعًا.
والزَّلِيجَةُ: النَّاقة السريعة.
وَأما قَول ذِي الرمة:
حَتَّى إِذا زَلَجَتْ من كُلِّ حنَجَرَةٍ
إِلَى الغليل وَلم يقصَعْنَه نُغَبُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ زَلَجَتْ نُغَبٌ من المَاء أَي جُرَع إِلَى غليلها أَي انحدرت فِي حناجرها مسرعة لِشِدَّةِ عَطَشِهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّلَجُ: سُرْعَةُ ذهَاب الْمَشْي ومُضِيِّه.
يُقَال: زَلَجَتِ النَّاقة تَزْلَجُ زَلْجاً إِذا مَضَت مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا لَا تُحَرِّك قوائِمَها من سُرْعتها.
والسهمُ يَزْلِجُ على وَجه الأَرْض ثمَّ يمْضِي مَضَاءً زَلْجاً وزَليجاً.
وَإِذا وَقع السهْم بأرضٍ، وَلم يقْصد إِلَى الرَّمِيَّة قلتَ أزلَجْت السهْم يَا هَذَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الزَّالِجُ من السِّهَام إِذا رَمَاه الرَّامِي فقصَّر عَن الهدف وَأصَاب صَخْرَة إِصَابَة صُلبة فاستقل من إِصَابَة الصَّخْرَة إِيَّاه فقوي وارتفع إِلَى القرطاس، وَهُوَ لَا يُعدُّ مُقَرطِساً، فَيُقَال لصَاحبه:
أَلحَثَنِي لَا خير فِي سَهْمٍ زَلَجْ
(اللِّحياني) : سِرنا عَقَبَةً زُلُوجاً، وزَلُوقاً أَي بعيدَة طَوِيلَة.
والزَّلَجَانُ: التَّقَدُّم فِي السُّرعَةِ، وَكَذَلِكَ: الزَّلَخان.
وَمَكَان زلجٌ وزَلْخٌ أَي دَحْضٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَلَجَتْ رِجْلُهُ، وزَلَخَتْ، وَأنْشد:
قَامَ على مَرْتَبَةٍ زَلجٍ فَزَل
وَأما السرعة فِي الْمَشْي فَيُقَال: زَلَجَ يَزْلجُ زَلْجاً، وَأنْشد:

(10/327)


وَكم هجَعَتْ وَمَا أطلقتُ عَنْهَا
وَكم زَلَجَت وظِلُّ اللَّيْل داني
والمُزَلَّجُ من الْعَيْش: المدافع بالبُلغة، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
عِتْقُ النجَار وعيشٌ فِيهِ تَزْلِيجُ
والمُزَلَّج: الدُّوُن من كل شَيْء.
وحُبٌّ مُزَلَّجٌ: فِيهِ تَغْرِيرٌ.
وَقَالَ مُلَيْح الهُذلي:
وَقَالَت أَلا قد طالما قد غررتَنا
بِخَدْعٍ وَهَذَا مِنْك حُبٌّ مُزَلَّجُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : المُزَلَّج من الرِّجَال: المُلصَقُ بالقوم.
وزلَّجَ فُلانٌ كلاَمَهُ تزليجاً: إِذا أخرجه وسيَّره.
وَقَالَ ابْن مُقبل:
وصَالَحَةِ العَهدِ زلَّجتُها
لِوَاعِي الْفُؤَاد حَفِيْظِ الأُذُنْ
يَعْنِي قصيدةً أَو خُطبةً.
وَقَالَ اللِّحياني: تركتُ فلَانا يتزلَّج النَّبِيذ تزلُّجاً أَي يُلح فِي شربه.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : أزلجتُ الْبَاب إزلاجاً إِذا أغلقته.
وَقَالَ اللَّيْث: المِزلاَج: كَهَيئَةِ المغلاق وَلَا ينغلق إِنَّمَا يُغلق بِهِ الْبَاب، وَهُوَ الزِّلاج أَيْضا.
يُقَال: أَزْلَجَ البابَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَزَالِيجُ أهل الْبَصْرَة إِذا خرجتِ الْمَرْأَة من بَيتهَا، وَلم يكن فِيهِ رَاقِبٌ تثق بِهِ، خرجَت فردَّت بَابهَا، وَلها مِفْتَاح أعقَفُ مثل مِفْتَاح المَزَالِيجِ من حَدِيد، وَفِي الْبَاب ثقبٌ فتُولِجُ فِيهِ المفتاحَ فتُغلِقُ بِهِ بابَها، وَقد زَلَجَتْ بَابهَا زَلْجاً إِذا أغلقته بالمِزْلاَجِ.
ج ز ن
جنز، زنج، نزج، نجز، جزن: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: نزج، وزنج وهما مستعملان.
نزج: روى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: نزج إِذا رقص.
وَقَالَ غَيره: النَّيْزَجُ: جَهَازُ الْمَرْأَة إِذا كَانَ نازِيَ البَظْرِ طَوِيْلَهُ، وَأنْشد ابْن السّكيت:
بِذَاكَ أشفي النَّيَزَجَ الحِجَامَا
(زنج) : (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: الزَّنجُ، والزِّنجُ: لُغَتَانِ، وهم جيل من السودَان، وَرُبمَا نادَوْ فَقَالُوا: يَا زَنَاجِ للزِّنجِيِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزَّنَجُ: شدَّة الْعَطش.
وَقد زَنِجَ زَنَجاً، وصَرّ صَرِيراً، وصَرِيَ، وصَدِيَ بِمَعْنى وَاحِد.
(عمروٌ عَن أَبِيه) : الزِّنَاجُ: الْمُكَافَأَة بِخَير

(10/328)


أَو شرَ.
وَقَالَ ابْن بُزُرجَ: الزَّنَجُ والحَجَزُ: وَاحِد، يُقَال: حَجِزَ الرجل أَو زَنِجَ وَهُوَ أَن يُقْبَضَ أمعاء الرجل ومصارينه من الظَمَأ فَلَا يستطيعُ أَن يُكثِرَ الشُّربَ أَو الطُّعْمَ.
جنز: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ: السرير، والجَنَازَةُ بِالْفَتْح: الميِّتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجنَازَةُ: الْإِنْسَان الميِّت.
وَالشَّيْء الَّذِي قد ثَقُلَ على قوم واغتَمَّوا بِهِ هُوَ أَيْضا: جَنَازة، وَأنْشد:
وَمَا كُنْتُ أخْشَى أَن أكون جَنَازَةً
عَلَيكِ وَمن يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ
قَالَ: إِذا مَاتَ الإنسانُ فَإِن الْعَرَب تَقول: رُمي فِي جِنَازَتهِ فَمَاتَ.
قَالَ اللَّيْث: وَقد جرى فِي أَفْوَاه النَّاس جَنَازة بِالْفَتْح، والنَّحَارِيرُ يُنكروُنه. وَيَقُولُونَ: جُنِزَ الشَّيْء فَهُوَ مَجْنُوزٌ إِذا جُمِعَ.
(أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي) : الجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ هُوَ الميِّت نفسُهُ، والعوام يتوهَّمُونَ أَنه السرير، تَقول الْعَرَب: تركتُه جَنَازَةً أَي مَيْتاً، وَقَالَ أَبُو دَاوُد المَصَاحِفيُّ قلت للنضر: الجَنَازَةُ هُوَ الرجل أَو السرير؟ فَقَالَ: السرير مَعَ الرجل، قَالَ: وَسمعت عبيد الله بن الْحسن يَقُول: سُمِّيَت الْجِنَازَة لِأَن الثِّيَاب تُجمع والرجُلُ على السرير.
قَالَ: وجُنِزوا أَي جُمِعُوا، وَقَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: ضُرب الرَّجُلُ حَتَّى تُرك جِنَازَةً.
وَقَالَ الْكُمَيْت يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيا وَمَيتًا:
كَانَ مَيتاً جِنَازَةً خير مَيْتٍ
غيَّبَتْهُ حفائِرُ الأقوامِ
قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِنَازَةُ الميِّت، يُقَال طُعِنَ فِي جِنَازَتِهِ إِذا مَاتَ، وَأنْشد:
كَأَنَّمَا القَومُ على صِفَاحِها
جَنَائِزٌ قَدْ بِنَّ من أرواحها
وَقَالَ شمر: يُقَال: جَنَازَةٌ وجِنَازَةٌ، ودجَاجةٌ ودِجَاجَةٌ.
جزن: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ المؤرج: حَطَبٌ جَزْنٌ وجَزلٌ، وَجمعه: أجزُنٌ وأجزُلٌ، وَهِي الْخشب الغِلاظ.
قَالَ جَزْءُ بن الْحَارِث:
حمى دونه بالشوك والتفَّ دونه
من السِّدر سُوقٌ ذاتُ هول وأجزُنِ
نجز: قَالَ اللَّيْث يُقَال: نَجَزَ الوَعْدُ يَنْجُزُ نَجْزاً، وأنجَزْتُهُ أَنا، ونَجَزتُ بِهِ وإنجازُكه: تَعْجِيلُكَه، ووفاؤك بِهِ، وَنَجَزَ هُوَ أَي وفى بِهِ، وَهُوَ مثل قَوْلك: حَضَرتِ الْمَائِدَة، وَإِنَّمَا أُحضِرَت، وَمن أمثالهم (نَاجِزٌ بِنَاجِزٍ) كَقَوْلِك: يدا بيد، وعاجلٌ بعاجلٍ.

(10/329)


وَأنْشد:
رَكْضَ الشَّموس نَاجِزاً بناجِزِ
والمُنَاجَزَةُ فِي الْحَرْب: أَن يتبارز الفارسان حَتَّى يُقتل أَحدهمَا.
وَأنْشد:
ووقفتُ إِذْ جبن المشيَّ
عُ موقف القِرن المُنَاجِزْ
قَالَ: وَهَذَا عَروض مُرَفَّل من ضرب الْكَامِل على أَرْبَعَة أَجزَاء مُتَفَاعِلُن وَفِي آخِره حرفان زِيَادَة، وَهُوَ مقيَّد لَا يُطلق، والتَّنَجُّزُ: طلب شَيْء قد وُعِدْتَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم: (إِن أردْت المُحَاجَزَةَ فَقَبْلَ المُنَاجَزَةِ) يُضربُ لِمَنْ يطْلب الصُّلحَ بعد الْقِتَال.
(أَبُو عبيد) : نَجَزَ الشَّيْء إِذا فني وَذهب فَهُوَ ناجز.
وَقَالَ النَّابِغَة:
فمُلكُ أبي قَابُوس أضحى وَقد نَجَزْ
وَنَجَزَتِ الْحَاجة إِذا قُضيت، وإنجَازُكَهَا: قَضَاؤُهَا.
(ابْن السّكيت) : نَجَزَ: فَنِيَ، وَنَجَزَ: قضى حَاجته.
وَقَالَ أَبُو الْمِقْدَام السُّلَمي: يُقَال: أنْجَزَ عَلَيْهِ وأوجَزَ وأجْهَزَ عَلَيْهِ بِمَعْنى وَاحِد.
ج ز ف
اسْتعْمل من وجوهه: (جزم)
جزف: قَالَ اللَّيْث: الجُزَافُ فِي البيع، وَالشِّرَاء: دخيل، وَهُوَ بالحَدْسِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، تَقول: بِعْتُهُ بالجُزَافِ، والجُزَافَة، وَالْقِيَاس: جِزَافٌ، واجتَزَفْتُ الشَّيْء اجتِزَافاً: إِذا اشْتَرَيْته جِزَافاً.
وَقَالَ صَخْر الغيِّ يصف السَّحاب:
فأقبَلَ مِنْهُ طِوَالَ الذّرَى
كأنَّ عليهنِّ بَيْعاً جَزِيفَا
أَي اشتُري جِزَافاً بِلَا كيل، وَيُقَال: تجزَّفْتُ فِي كَذَا تجزفاً أَي تنفَّذْتُ فِيهِ.
ج ز ب
جبز جزب بزج زبج: مستعملة.
زبج: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَابْن الْأَعرَابِي: أخذتُ الشَّيْء بزَأبَجِهِ، وبِزَأْمَجِهِ إِذا أَخَذته كُلَّهُ، والهمزة فيهمَا غير أَصْلِيَّة.
بزج: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البازِجُ: المُفَاخِرُ.
وَقَالَ أعرابيٌّ لرجُلٍ: أَعْطِنِي مَالا أُبَازِجُ بِهِ أَي أُفاخِرُ بِهِ.
وَأنْشد شمر:
فَإِن يَكُنْ ثوبُ الصِّبا تضرَّجا
فقد لَبِسْنَا وشْيَهُ المبزَّجا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُبَزَّجُ: المُحَسَّنُ المُزَيَّنُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نصر وَقَالَ شمر فِي كَلَامه: أَتَيْنَا فلَانا فَجعل يُبزِّج كَلَامه:

(10/330)


أَي يحسِّنه.
وَيُقَال: بازَجَ يُبازِجُ مُبَازَجَةً.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هُوَ يَبْزُجُ عليَّ فلَانا، وَيَمْزُجُهُ ويزمُكُهُ ويزُكُّهُ أَي يحرِّشُهَ.
وهما يَتَبَازَجَانِ وَيَتَمَازَجَانِ: أَي يَتَفَاخَرَانِ.
جزب: أهمله اللَّيْث.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجِزْبُ: النَّصيبُ، أعطِنِي جِزْبِي أَي نَصِيبي وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن المستنير.
وَقَالَ: الجِزْبُ: والجِزمُ للنصبيب.
قَالَ: والجُزب: العبيد.
وَبَنُو جُزَيبة: مَأْخُوذ من الجُزْبِ، وَأنْشد:
ودُودَانُ أجلَتْ عَن أبانين والحِمى
فِراراً وَقد كُنَّا اتخذناهُمُ جُزْبَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِجْزَبُ: الحَسَنُ السِبّرِ: الظاهِرُهُ.
جبز: قَالَ اللَّيْث: الجِبْزُ: اللَّئِيم الْبَخِيل.
(قلت) : وَقد ذكره رؤبة فِي زَائيَّتِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: أكلتُ خُبزاً جَبِيزاً: أَي يَابسا قفاراً.
ج ز م
جزم جمز مزج زمج زجم: مستعملة.
جزم: قَالَ اللَّيْث: الجَزْمُ: عزيمةٌ فِي النَّحْو فِي الْفِعْل، فالحرف المَجْزُوُم، آخِرُهُ لَا إِعْرَاب لَهُ.
والجَزْمُ: ضرب من الْكِتَابَة، وَهُوَ تَسْوِيَة الْحَرْف، وَقَلَمٌ جَزْمٌ: لَا حرف لَهُ. وَمن الْقِرَاءَة: أَن يُجْزَمَ الكلامُ جَزْماً، تُوضَع الْحُرُوف فِي مَوَاضِع فِي بيانٍ ومَهَلٍ.
والجَزْمُ: الْحَرْف إِذا سكن آخِره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس المُبَرَّد فِيمَا روى أَبُو عمر لَهُ: إِنَّمَا سمي الْجَزْم فِي النَّحْو جزما لِأَن الْجَزْم فِي كَلَام الْعَرَب: القَطْعُ.
يُقَال: أفْعَلُ ذَلِك جزما، فَكَأَنَّهُ قطع الإعرابَ عَن الحَرفِ.
وَرُوِيَ عَن النَّخَعي أَنه قَالَ: التَّكبير: جَزْمٌ، وَالتَّسْلِيم: جزم، أَرَادَ أَنَّهُمَا لَا يُمَدَّانِ، وَلَا يُعرب آخر حروفهما، وَلَكِن يسكَّن، فَيُقَال: الله أكبرْ إِذا وقف عَلَيْهِ، وَلَا يُقَال: الله أكبرُ فِي الْوَقْف.
وَيُقَال: جزمتُ مَا بيني وَبَينه، أَي قَطَعْتُهُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : جزمْتُ النّخل، وَجَرمْتُهَ إِذا خَرَصْتَه وحَزَرته.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: إِذا بَاعَ الثَّمَرَة فِي أكمامها بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِك الجَزْمُ، وَقد اجْتَزَمَ فلَان نخل فلَان فَأَجْزَمَهُ أَي ابتاعه مِنْهُ فَبَاعَهُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جَزَمتُ القِرْبَة: ملأتُها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَأنْشد:

(10/331)


فَلَمَّا جَزَمْتُ بِهِ قِربَتي
تيمَّمْتُ أطِرقَةً أَو خَلِيفَا
(أَبُو عبيد) : جزَّم القومُ إِذا عجزوا.
وبقيتُ مُجَزِّماً: أَي مُنْقَطِعًا بِي، وَأنْشد:
وَلَكِنِّي مَضَيْتُ وَلم أُجَزِّم
فَكَانَ الصَّبرُ عَادَة أوَّلينا
وَيُقَال: جزَّم الْبَعِير فَمَا يبرح.
وانْجَزَمَ الْعظم إِذا انْكَسَرَ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جَزَمَتِ الْإِبِل إِذا رويَتْ من المَاء.
وبعير جَازِمٌ، وإبلٌ جَوَازِمُ.
وَيُقَال للسِّقاء مِجْزَمٌ، وَجمعه: مَجَازِمُ.
زمج: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمَجَ القِرْبَةَ وجَزَمَها إِذا مَلأَها.
وَقَالَ اللحياني: وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمَجَ على الْقَوْم، ودَمَقَ ودَمَر بِمَعْنى وَاحِد.
وروى أَبُو تُراب عَن شمر: زَمَجَ بَين القومِ، وزَأجَ إِذا حرَّشَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَخذ الشَّيْء بزَأبَرِهِ، وبَزأمَجِهِ إِذا أَخذه كُله.
(اللَّيْث) : الزُّمَّج: طَائِر دون العُقاب، فِي قِمَّته حُمرة غالبَةٌ تُسَمّيهِ العَجَمُ دُبرَاذَ.
قَالَ: وترجمته أَنه إِذا عجز عَن صَيْده أَعَانَهُ أَخُوهُ على أَخذه.
مزج: قَالَ اللَّيْث: المَزْجُ: خلطُك المِزَاجَ بالشَّيْء.
ومِزَاجُ الجسمِ: مَا أُسِّس عَلَيْهِ البدنُ من الْمَرَّتَيْنِ، والدمِ والبَلْغَمِ.
وَيُقَال: قد مزَّج السُّنْبُلُ إِذا لوَّن من خُضْرةٍ إِلَى صُفْرةٍ.
والمَزْجُ: الشَّهدُ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فجَاء بِمَزجٍ لم ير الناسُ مثله
هُوَ الضَّحْكُ إِلَّا أَنه عَمَلُ النَّحْل
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَسأَلُ السَّائِلُ، فَيُقَال: مزِّجوه أَي أَعْطوهُ شَيْئا، وَأنْشد:
وأغْتَبِقُ الماءَ القَرَاحَ وأنطوي
إِذا المَاءُ أَمْسَى للممزَّجِ ذَا طعمِ
جمز: قَالَ اللَّيْث: جَمَزَ الإنسانُ والدابةُ وَالْبَعِير يَجْمِزُ جَمْزاً. وجَمَزَى وَهُوَ عَدْوٌ دون الحُضْرِ الشَّديد، قَالَ أُميَّة بن أبي عَائِذ الهُذلي:
كَأَنِّي ورحلي إِذا زُعتُها
على جَمَزَى جازىءٍ بالرِّحالِ
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : النَّاقة تعدو الجَمَزَى، والوَكَرَى. والوَلَقَى، وَقد جمَزَتْ، وَهُوَ العَدْوُ الَّذِي كَأَنَّهُ ينزُو.
وَقَالَ شمر: بَلغنِي أَن الْأَصْمَعِي قَالَ: قَول الهذليِّ.
جَمَزَى وحَيَدى بالرِّحال
خطأ لِأَن (فَعَلَى) لَا تكون إِلَّا للمؤنث.
قَالَ شمر: وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي: حيِّد

(10/332)


بالرِّحَالِ يُرِيد عَن الرِّحَالِ.
(قلت) : ومَخرَجُ من رَوَاهُ: على جَمَزَى على عيْر ذِي جَمَزَى أَي ذِي مِشْيَة جَمَزَى، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: نَاقَة وَكَرَى أَي ذَات مِشيةٍ وَكَرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمْزَانُ: ضرب من التَّمْر، وَالنَّخْل والجُمَّيز، وَمِنْهُم من يَقُول: الجُمَّيزى: شجر كالتين فِي الخِلقَةِ، ويعظُمُ عِظَمَ الفِرصَادِ، وورقُهُ أصغَرُ من ورق التِّين، وَيحمل تيناً صغَارًا من بَين أصفر وأسود، يكون بالغور، ويسمَّى التِّين الذَّكَرَ. ويُسَمِّي بعضُهم حَمْلَهُ الحُما، فالأصفر مِنْهُ حُلْوٌ، وَالْأسود يدمِّي.
والجُمْزَةُ كُتلة من تمر وأقط وَنَحْو ذَلِك.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه تَوَضَّأ فَضَاقَ عَن يَدَيْهِ كُمًّا جُمَّازة كَانَت عَلَيْهِ فأَخْرَجَ يَدَيْهِ من تَحْتِهَا) .
والجُمَّازة: مِدْرَعَةُ صُوفٍ ضيِّقةٌ الكُمَّيْن، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
بكفيك من طاقٍ كثير الْأَثْمَان
جُمَّازةٌ شُمِّر مِنْهَا الكُمَّان
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
دَلَنْظَى يَزِلُّ القَطْرُ عَن صَهَوَاتِهِ
هُوَ اللَّيْث فِي الجُمَّازَةِ المتورِّد
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَمْزُ: الاستهزاءُ.
زجم: قَالَ اللَّيْث: مَا تَكَلَّم بِزَجْمَةٍ، أَي مَا نَبَسَ بِكَلِمَة.
قَالَ: والزَّجُومُ من القسيِّ: الَّتِي لَيست بشديدة الإرَنانِ، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
فَظَلَّ يمطُو عُطُفاً زجوما
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : بعيرٌ أَزْيَمُ وأسجَمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يرغو.
قَالَ شمر: الَّذِي سَمِعت: بَعِيرٌ أزجَمُ بالزاي وَالْجِيم، وَلَيْسَ بَين الأزيَمِ والأزْجَم إِلَّا تَحْوِيلُ الياءِ جيماً، وأنشدنا أَبُو جَعْفَر الهُزيميُّ، وَكَانَ عَالما:
من كل أزجَمَ شَابِكٍ أنيَابُهُ
ومقصَّف بالهدل كَيفَ يَصُولُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تجْعَل الْجِيم مَكَان الزَّاي لِأَن مخرجهما من شَجْرِ الْفَم، وشَجْرُ الْفَم: الْهَوَاء، وخَرْقُ الْفَم الَّذِي بَين الحَنَكَيْنِ.
وَقَالَ غَيره: الزَّجُومُ: النَّاقَةُ السيِّئة الخُلُقِ الَّتِي لَا تكَاد تَرْأَمُ سَقْبَ غَيرهَا، ترتاب بشمِّه، وَأنْشد بَعضهم:
كَمَا ارتاب فِي أنف الزَّجُوم شميمها
وَرُبمَا أُكرهت حَتَّى ترأمه فتدر عَلَيْهِ.
قَالَ الْكُمَيْت:
وَلم أُحْلِلْ لصاعقةٍ وبرقٍ
كَمَا درَّت لِحَالِبِها الزَّجُومُ
لم أُحْلِل من قَوْلك: أحلَّت النَّاقة إِذا

(10/333)


أَصَابَت الرّبيع فأنزلت اللَّبن، يَقُول: لم أعطهم على الكُره مَا يُرِيدُونَ كَمَا تَدِرُّ الزَّجُومُ على الكُرهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الزَّجْمَةُ: الصَّوْت بِمَنْزِلَة النَّأمَةِ.
وَيُقَال: مَا عَصَيتُهُ زَجْمَةً وَلَا نَأْمَةً وَلَا زَأْمَةً وَلَا وَشْمَةً أَي مَا عَصَيْتُهُ فِي كَلِمَةً.

(أَبْوَاب الْجِيم والطاء)
قَالَ اللَّيْث: أُهْمِلتِ الجيمُ والطَّاءُ فِي الثُّلاثِيِّ الصَّحِيح.
(قلت) : وَقد وجَدْنا فِي هَذَا البابِ أَحْرُفاً مُسْتَعْملةً، بَعْضهَا: عربيَّةٌ، وبَعضُها: مُعَرَّبةٌ. فَمنَ المُعَرَّب.
(طنج) : قولهمْ: طَنْجَةُ: اسمُ بَلدٍ مَعْرُوفٍ.
(طجن) : وقَوْلهم: للطَّابِقَ الَّذِي يُقْلَى عَلَيْهِ اللَّحْمُ: الطَّاجِنُ.
وقَلِيّةٌ مُطَجَّنَةٌ، والعاَمَّةُ تَقول: مُطَنْجَنةٌ.
(جلط) : وَمن كلامِ العربِ الصَّحيح: الجَلْطُ.
رَوَى أَبُو العَبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَلَطَ الرَّجُلُ يَجْلِطُ إِذا كَذَبَ.
قَالَ: والجِلاَطُ: المُكاذَبةُ.
ويقالُ: جَلَطَ رَأْسَهُ يَجْلِطُه إِذا حَلَقَهُ.
(طنج) : وَفِي نَوَادِر الأعْرَابِ: تَنَوَّعَ فُلانٌ فِي الكلاَم تَنَوُّعاً، وتَطَنَّجَ، وتَفَنَّنَ إِذا أَخَذَ فِي فُنُونٍ شَتَّى.
(طبج) : وَمن العَرَبيَّ فِي هَذَا الْبَاب: مَا رَوى أَبُو العَبّاس عَن عَمْروٍ عَن أَبيهِ: طَبجَ يَطْبَجُ طَبجاً إِذا حَمُقَ، والطَّبجُ: اسْتِحكامُ الحمَاقَةِ.
قَالَ: ويقالُ لأُمِّ سُوَيْدٍ: الطِّبِّيجَةُ.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د ت ج د ظ ج د ذ:
(مهملات) .
ج د ث
استُعمل مِنْهُ: الجَدَثُ.
جدث: قَالَ ابْن السّكيت وَغَيره يُقَال للقبر: جَدَثٌ وَجَدَفٌ.
ج د ر
جدر، جرد، درج، دجر، ردج، رجد.
جدر: قَالَ اللَّيْث: الجَدْرُ: ضرب من النَّبَات، الْوَاحِدَة: جَدْرَةٌ.
قَالَ: وَمن شجر الدِّقِّ: ضروب تنْبت فِي القِفَافِ والصِّلابِ، فَإِذا أطلعَت رؤوسها فِي أول الرّبيع قيل: أجدَرَتِ الأرضُ، وأجدَرَ الشّجر، فَهُوَ جَدْرٌ حَتَّى يَطُولَ، فَإِذا طَال تفرَّقَت أسماؤه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الجَدَرَةُ: الْحبَّة من الطّلع.

(10/334)


والجَدْرُ، والجِدَارُ: معروفان.
(قلت) وَفِي حَدِيث الزبير حِين اخْتصم هُوَ والأنصاري إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سُيُولِ شِرَاجِ الحَرَّةِ، فَقَالَ للزبير: (اسقِ أرضَكَ حَتَّى يبلغ المَاء الجَدْرَ، ثمَّ أرسِلْهُ إِلَيْهِ) أَرَادَ بالجَدْرِ: مَا رُفِعَ من أعضَادِ المَزْرَعَةِ لتمسك المَاء كَالجِدَارِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدِيرُ: مَكَان قد بُني حَوَالَيهِ جِدارٌ مَجْدُورٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
ويبنون فِي كل وادٍ جَدِيراً
وَقَالَ رؤبة:
تشييد أعضاد الْبناء المُجْتَدَرْ
والجُدَريُّ: قُرُوحٌ تَنَفَّطُ عَن الجِلدِ ممتلئةٌ مَاء ثمَّ تقيَّح، وصاحِبُها: جَدِيرٌ مُجَدَّرٌ.
وَيُقَال: الجَدَرِيُّ بِفَتْح الْجِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدَرُ: انتبارٌ فِي عُنُقِ الحِمَارِ، وَرُبمَا كَانَ من آثَار الكَدْمِ.
يُقَال: جَدِرَت جَدَراً إِذا انْتَبَرتْ.
وَأنْشد لرؤبة:
أَو جَادرُ اللِّيتَيْن مطويُّ الحَنَق
وَفُلَان جديرٌ لذَلِك الْأَمر أَي خليق لَهُ، وَمَا كَانَ جَدِيرًا، وَلَقَد جَدُر جَدَارة.
وأجدِرْ بِهِ أَن يفعل ذَاك.
وَقَالَ اللحياني: إِنَّه لجَديرٌ أَن يفعل ذَاك، وإنهما لجديران، وَإِنَّهُم لجديرون.
وَقَالَ زُهَيْر:
جَدِيرُون يَوْمًا أَن ينالوا ويستعلوا
وَيُقَال للْمَرْأَة: إِنَّهَا لخليقةٌ وجديرةٌ أَن تفعل ذَاك، وإنهن لجَدِيراتٌ وجَدَائِرُ أَن يفعلن ذَاك.
(أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الطوسيِّ عَن الخرَّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أجدَرَ الشجرُ، وجدَّر إِذا أخرج ثمره كَأَنَّهُ الحِمَّص.
وَقَالَ الطِّرمَّاح:
وأجدَرَ من وَادي نَطَاةَ وَلِيعُ
نَطَاةٌ: عَيْنٌ بِخَيْبَرَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كنيفُ الْبَيْت مثل الحُجْرَةِ يُجمَعُ من الشّجر، وَهِي الحَظِيرةُ أَيْضا.
والحِظَارُ: مَا حُظِرَ على نباتٍ بِشَجَرٍ فَإِذا كَانَت الحظيرة من حِجَارَة فَهِيَ جَدِيرةٌ، فَإِن كَانَ من طين فَهُوَ جِدَارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الجيْدر: الْقصير.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للْمَرْأَة: جَيْدَرة.
قَالَ: والمُجَدَّرُ بِالدَّال: الْقصير أَيْضا.
وَيُقَال: جَدِرَ الكَرمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حبَّب وهمَّ بالإيراق.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَدَرَةُ: الوَرَمَةُ فِي أصل لحي الْبَعِير.
وَقَالَ النَّضر: الجَدَرَةُ: غُدَدَةٌ تكون فِي عُنُقِ الْبَعِير يسقيها عِرْقٌ فِي أَصْلهَا نَحْو

(10/335)


السِّلعة برأسِ الْإِنْسَان. وجَمَلٌ أجدَرُ، وناقة جَدْرَاءُ.
دجر: (أَبُو عبيد) : رجل دَجِرٌ وَدَجْرَان، وَهُوَ النشيط الأشِرُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَجَرَ الرجل دَجَراً وَهُوَ الأحمق الَّذِي يَذْهَبُ لغير وَجْهِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجَرُ: شبه الْحيرَة، وَقد دَجِرَ فَهُوَ دَجِرٌ ودَجْرَانُ أَي حَيْرَانُ فِي أمره.
قَالَ رؤبة:
دَجْرَانَ لم يَشْرَب هُنَاكَ الخَمْرَا
والجميع: الدَّجَارَى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّجْرُ: اللوبياء بِفَتْح الدَّال، وقرأته بِخَط شمر: الدُّجْر: اللوبياء.
(أَبُو عبيد) : لَيْلَة دَيْجُوجٌ وَدَيْجُورٌ: مظْلمَة.
وَقَالَ شمر: الدَّيجور: التُّرَاب نَفسه، والجميع: الدَّياجير.
يُقَال: تُرَابٌ دَيْجُورٌ، يَضْرِبُ إِلَى السوَاد كَلَوْنِ الرماد، وَإِذا كَثرَ يَبِيْسُ النباتِ فَهُوَ الدَّيجُورُ لسواده.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّيجُورُ: الْكثير من الكَلأ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجْرُ، والدِّجرُ لُغَتَانِ وَهِي الْخَشَبَة الَّتِي يُشد عَلَيْهَا حَدِيدَة الفدَّان، وَمِنْهُم من يَجعله دُجْرَينِ كَأَنَّهُمَا أذنان، الحديدة: اسْمهَا: السّنَّةُ، والفدَّان: اسْم لجَمِيع أدواته. والخشبة الَّتِي على عنق الثور هِيَ النِّير، والسَّميقَانِ: خشبتان قد شُدَّتا فِي الْعُنُق، والخشبة الَّتِي فِي وَسطه يُشد بهَا عِنَانُ الوَيْج وَهُوَ القُنّاحة والويج والمَيْسُ باليمانية: اسْم الْخَشَبَة الطَّوِيلَة بَين الثورين، والخشبة الَّتِي يُمسكها الحَرَّاثُ هِيَ المِقوَم.
قَالَ: والمِمْلَقَةُ: النمرز.
(قلت) : وَهَذِه حُرُوف صَحِيحَة قد ذكرهَا ابْن شُمَيْل فِي صِفَاته، وَذكر بَعْضهَا ابْن الْأَعرَابِي.
جرد: (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : الجَردُ: الثَّوْب الخلَقُ.
وَقَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: جَرْدُ حِبَرَةٍ للثوب الَّذِي قد ذهب زِئْبَرُهُ.
وَأنْشد:
أجَعَلتَ أسعد للرماح دَرِيئَةً
هَبِلَتْكَ أمك أيَّ جَردٍ تَرْقَعُ
قَالَ الْأَصْمَعِي فِي معنى قَوْله أيَّ جرد ترقع أَي ترقع الْأَخْلَاق، وتترُكُ أسْعَدَ قد خرَّقَتْهُ الرِّماح، فَأَي شيءٍ تُصلِحُ بعده.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ قَالَ أَخْبرنِي المبرَّد عَن الرِّياشيِّ قَالَ: أَنْشدني الْأَصْمَعِي فِي النُّون

(10/336)


مَعَ الْمِيم:
أَلا لَهَا الويل على مُبينِ
على مُبينٍ جَرَدِ القَصِيم
مُبين: اسْم بِئْر، والقَصِيم: نبت. قَالَ: والأجاردُ من الأَرْض: مَا لَا يُنبِتُ وأنشدني فِي مثل ذَلِك:
يَطْعَنُهَا بِخَنْجَرٍ من لَحْمِ
تَحت الذُّنابى فِي مَكَان سُخن
(أَبُو عبيد) : ثوب جَرْدٌ أَي خَلَقٌ.
وَإِذا أصَاب الجَرَادُ الزرعَ قيل: جُرِدَ الزَّرعُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَرَدُ: أَن يشْرَى جِلدُ الإنسانِ من أكل الجَرادِ.
وَقَالَ شمر: الجَرَدُ من الأَرْض: فضاءٌ لَا نباتَ فِيهِ، وَهَذَا الِاسْم للفَضَاء، فَإِذا نعتَّ بِهِ، قُلْتَ: أرضٌ جرداءُ، وَمَكَان أجرَدُ، وَقد جرِدَت جَرَداً، وجرَّدها القَحْطُ تجريداً.
ورجلٌ أجرَدُ: لَا شَعْرَ على جسدهِ وَفِي الحَدِيث: (أهل الجَنَّةِ جُردٌ مُردٌ) .
والأجرَدُ من الْخَيل كلهَا: الْقصير الشَّعر، حَتَّى يُقَال: إِنَّه لأجرَدُ القوائم، وَأنْشد:
كَأَن قُتودي والفِتَان هَوَت بِهِ
من الذَّرْوِ جرداءُ الْيَدَيْنِ وثيقُ
والجَرْدُ مُخَفَّفٌ: أخذُك الشَّيْء عَن الشَّيْء جَرْفاً، وسَحْفاً، فَلذَلِك يُسمَّى المشؤوم جاروداً، وَأنْشد:
لقد جَرَدَ الجَارُودُ بكر بن وَائِل
وَإِذا جدَّ الرجل فِي سَيْرِهِ فَمضى، يُقَال: انجرد فَذهب، وَإِذا أجدَّ فِي الْقيام بِأَمْر قيل: تجرَّد لأمر كَذَا وَكَذَا، وتجرَّد لِلْعِبَادَةِ.
وامرأةٌ بَضَّةُ المتجرَّد إِذا كَانَت بضة الْبشرَة إِذا جُرِّدت من ثوبها.
والجَريدة: سَعَفةٌ رَطْبَةٌ جُرِدَ عَنْهَا خُوصُها كَمَا يُقشَرُ الوَرقُ عَن القَضيبِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : هُوَ الجَريدُ عِنْد أهل الْحجاز، واحدَتُهِ: جَرِيدَة، وَهُوَ الخُوصُ.
والجُردانُ، والمُجَرَّدُ: من أَسمَاء الذَّكَرِ.
وجُرَادُ: اسْم رَمْلَةٍ فِي الْبَادِيَة.
والجَرَادُ، والجَرادَةُ: الْمَعْرُوفَة اللحّاسَةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: أرضٌ جَرِدَةٌ ومَجَرُودَةٌ قد لَحِسَهَا الجَرادُ.
والجَرَدُ: مَوضِع فِي ديار تَميمٍ، يُقَال لَهُ: جَرَدُ القصيم.
ولَبَنٌ أجَرَدُ: لَا رغَوةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
ضَمِنَت لنا أعجازَهُ أرمَاحُنَا
مِلء المَرَاجِلِ والصَّريَحَ الأجرَدَا
وأُجَارِدُ: اسْم موضعٍ بِعَيْنِه، وَمثله: أُبَاتِرُ.
وَيُقَال: نَدَبَ القائِدُ جَرِيدَة من الخَيْلِ إِذا

(10/337)


لم يُنهِضْ معَهُم رَاجلاً.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف عيرًا وأُتُنَه:
يقلِّب بالصَّمّان قُوداً جَرِيدَة
ترامى بِهِ قِيْعَانُهُ وأخاشِبُه
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجريدة: الَّتِي قد جَرَدَها من الصِّغار.
(أَبُو زيد) : يُقَال للرجل إِذا كَانَ مُخْتَتِياً وَلم يكن بالمُنْبَسِطِ فِي الظُّهُور مَا أَنْت بمنجرد السِّلك.
وَيُقَال: تنقَّ إبِلا: جَرِيدَةً أَي خياراً شداداً.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الجريدة الْجَمَاعَة من الْخَيل.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : يُقَال: مَا رَأَيْته مذ أجَردان وَجَريدَانِ، ومذ أبيضان يُرِيد مُنْذُ يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْن تامَّين.
وَكَانَ بِمَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة قَيْنَتَان يُقَال لَهما: الجَرَادَتَانِ.
وَجَرادَةُ العيّار: اسْم فَرَسٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الإجرِدُّ: بَقَلٌ كَأَنَّهُ الفُلْفُلُ، وَأنْشد غَيره:
مِنْ مَنْبِتِ الإجرِدِّ والقَصِيْصِ
وَرُوِيَ عَن عمر (تجرَّدوا بالحجِّ وَإِن لم تُحرموا) .
قَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور: قلت لِأَحْمَد: مَا قَوْله: تجرَّدوا بالحجِّ؟ فَقَالَ: يَعْنِي تشبهوا بالحاج.
قَالَ: وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم كَمَا قَالَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جرَّد فلَان الْحَج إِذا أفرد وَلم يَقْرِن.
ردج: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لكل ذِي حافر أول شَيْء يخرج من بَطْنه: الرَّدَجُ، وَذَلِكَ قبل أَن يَأْكُل شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّدَجُ: مَا يخرج من بطن السَّخْلَةِ أولَ مَا يَرْضَعُ، وَيُقَال للصَّبِيّ أَيْضا.
(قلت) : الردَجُ لَا يكون إِلَّا لذِي الحافِرِ كَمَا قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ جرير:
لَهَا رَدَجٌ فِي بَيتهَا تَستَعِدُّهُ
إِذا جاءها يَوْمًا من النَّاس خَاطِبُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نسَاء الْأَعْرَاب يَتَطرَّزْنَ بالرَّدَجِ.
رجد: (عَمْرو عَن أَبِيه) : أُرْجِدَ إِرْجَاداً، إِذا أُرْعِدَ، وَأنْشد:
أُرْجِدَ رَأس شيخةٍ عَيْصُومِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : رُجِدَ رأسُهُ وأُرْجِدَ، ورُجّد.
قَالَ: والرَّجْدُ: الارتعاش.
درج: قَالَ اللَّيْث: الدَّرَجَةُ: الرِّفْعَةُ فِي الْمنزلَة، ودرجات الجِنَانِ: منَازِل أَرْفَعُ

(10/338)


من منازلَ.
والدَّرَجان: مشْيَة الشَّيْخ وَالصَّبِيّ، وَقد دَرَجَ يَدْرُجُ دَرْجاً ودرَجَاناً.
قَالَ: وكل بُرجٍ من بروج السَّمَاء ثَلَاثُونَ دَرَجَة.
والمَدْرَجَةُ: ممرُّ الْأَشْيَاء على مَسْلَكِ الطَّرِيق وَغَيره.
وَقَالَ العجاج:
أَمْسَى لِعَافِى الرامِسَات مَدْرَجَا
وَيُقَال: درج قَرْنٌ بعد قَرْنٍ، أَي فَنُوا، وأدْرَجَهُم الله إدْراجاً.
وَيُقَال: أدرجتُ الْكتاب إدراجاً، وَفِي دَرْجِ الكتابِ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (والقلم: 44) .
قَالَ بَعضهم: سنأخذهم قَلِيلا قَلِيلا، وَلَا نُبَاغِتُهُم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: امْتنع فلَان من كَذَا وَكَذَا حَتَّى أَتَاهُ فلَان فاستدرجه أَي خدعه حَتَّى حمله على أَن درج فِي ذَلِك.
وَيُقَال للصَّبِيّ إِذا دَبَّ وَأخذ فِي الْحَرَكَة: دَرَجَ يَدْرُجُ دَرَجَاناً، فَهُوَ دَارِجٌ.
وَأنْشد:
يَا لَيْتَني قد زُرتُ غير خَارِجِ
أمَّ صبيَ قد حَبَا أَو دَارِجِ
والدَّرُوجُ من الرِّيَاح: الَّتِي تَدْرُجُ أَي تمر مرّاً لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَلَا الشَّديد، وَالرِّيح إِذا عصفت اسَتْدرَجَتْ الْحَصَى أَي صيَّرته إِلَى أَن يَدْرُجَ على وَجه الأَرْض من غير أَن ترفعه إِلَى الْهَوَاء، فَيُقَال: دَرَجَتْ بالحصى واسْتَدْرَجَتِ الْحَصَى، وَمَا دَرَجَتْ بِهِ فجرت عَلَيْهِ جَريا شَدِيدا دَرَجَتِ فِي جريها، ومااسْتَدرَجَتْه فصيَّرته بِجَرْيِهِ عَلَيْهَا إِلَى أَن دَرَجَ الْحَصَى هُوَ بِنَفسِهِ.
وَيُقَال: للطريق الَّذِي يَدْرُجُ فِيهِ الْغُلَام والريحُ وَغَيرهمَا: مَدْرَجٌ، ومَدْرَجَةٌ، ودَرَجٌ، وَجمعه: أدْرَاجٌ أَي ممر وَمذهب.
وَيُقَال لما طويته: أدرَجْتَهُ إدرَاجاً، لِأَنَّهُ يُطوى على وَجهه.
وَيُقَال: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحَالَ كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
صَرِيف المَحَالِ استَدَرَجَتْهَا المَحَاوِرُ
أَي صيرتها إِلَى أَن تدرج.
وَقَالَ غَيره: الإدراج: لَفُّ الشَّيْء فِي الشَّيْء.
وأَدْرَجَتِ المرأةُ صبيَّها فِي مَعَاوِزِهَا.
وأدَرَجَ الميتُ فِي أَكْفَانه.
وأدرَجْتُ الْكتاب فِي الْكتاب إِذا جعلته فِي دَرْجِهِ أَي فِي طيّه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: (أحسنُ من دَبَّ ودَرَجَ) فدبَّ:

(10/339)


مَشى، ودَرَجَ: مَاتَ، وَقَالَ الأخطل:
قبيلةٌ كَشِرَاكِ النَّعل دَارِجَةٌ
إِن يَهبِطُوا العَفْوَ لَا يُوجَد لَهُم أَثَرُ
قَالَ: ودَرَجَ فِي غير مثل هَذَا الْموضع مثل دَبَّ.
وَدَوارِجُ الدَّابَّة: قَوَائِمهَا، الْوَاحِدَة: دارجة.
وَمن أمثالهم: (لَيْسَ ذَا بعشّك فادرُجي) ، أَي: تحوَّلي وامضي واذهبي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبرَّد عَن التَّوَّزيّ قَالَ: كنت عِنْد أبي عُبَيْدَة فَجَاءَهُ رجل من أَصْحَاب الْأَخْفَش فَقَالَ لنا أَلَيْسَ هَذَا فلَانا؟ قُلْنَا بلَى، فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ الرجل قَالَ (لَيْسَ هَذَا بعشك فادرُجي) فَقُلْنَا يَا أَبَا عُبَيْدَة لمن يُضرب هَذَا الْمثل؟ قَالَ لمن يُرفع لَهُ بحبال أَو يُطرد، قَالَه المبرِّد.
وَيُقَال: خلِّ دَرَجَ الضَّبِّ، ودَرَجُهُ: طَرِيقه، أَي لَا تَعْرِضْ لَهُ.
وَيُقَال: اسْتمرّ فلَان دَرَجَهُ، وأدْرَاجُهُ، وَرجع فلَان دَرَجَهُ أَي رَجَعَ فِي طَرِيقه الَّذِي جَاءَ فِيهِ.
وَقَالَ سَلامَة بن جندل:
وكرُّنَا خَيْلَنَا أدرَاجَها رُجُعاً
كُسَّ السَّنَابِكِ من بَدءٍ وتعقيِبِ
وَيُقَال: استَدْرَجَتِ النَّاقة وَلَدهَا إِذا استَتْبَعَتْه بَعْدَمَا تُلقيه من بَطنهَا.
وناقةٌ مِدْرَاجٌ إِذا كَانَت تُؤخّر جَهَازَهَا، وَهِي ضِدُّ المِسْنَافِ.
وَقَالَ أَبُو طَالب: الإدرَاجُ: أَن يَضْمَرَ البعيرُ فيضطرب بِطَانُهُ حَتَّى يسْتَأْخر إِلَى الحَقَبِ، فيستأخر الحِمْلُ، وَإِنَّمَا يُسنَفُ بالسِّنَافِ مَخَافَةَ الإدراجِ.
وَيُقَال: فلَان دَرْجُ يَديك، وَبَنُو فَلَا دَرْجُ يَديك أَي لَا يعصونك، لَا يُثنَّى وَلَا يُجمع.
(أَبُو عمرٍ و) : أدْرَجْتُ الدَّلْو إدراجاً إِذا مَتَحْتَ بِهِ فِي رِفْقٍ وَأنْشد:
يَا صاحبيَّ أدرجَا إدرَاجَا
بالدلو لَا يَنْضَرِجُ انضِرَاجا
وَقَالَ:
وَلَا أُحِبُّ الساقِيَ المِدْرَاجَا
كَأَنَّهُ محتضن أَوْلَادًا
قَالَ: وَتسَمى الدَّال وَالْجِيم فِي القافية الْإِجَازَة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المِدْرَاجُ: النَّاقة الَّتِي تجر الْحمل إِذا أَتَت على مضربها.
قَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: اسَتْدرَجَهُ كَلَامي أَي أقْلَقَهُ حَتَّى تَركه يَدْرُجُ على الأَرْض، وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القُولُ حَتَّى تَهُرَّهُ
وَتعلم أنِّي مِنْك غير مَلْجَمِ

(10/340)


ويُروى: مُفْحَمِ.
وَيُقَال للخِرَقِ الَّتِي تُدرج إدراجاً وتُلف وَتجمع ثمَّ تُدَسُّ فِي حَيَاء النَّاقة الَّتِي يُرِيدُونَ ظَأرَهَا على وَلَدِ ناقةٍ أُخْرَى، فَإِذا نُزعت من حيائها حَسِبَتْ أَنَّهَا ولدت ولدا فيُدنى مِنْهَا وَلَدُ النَّاقة الْأُخْرَى فترأمُهُ، يُقَال لتِلْك اللَّفِيفَةِ: الدُّرجَةُ والجَزْمُ، والوَثيِغَةُ.
وَأما الدُّرَجَةُ بِفَتْح الرَّاء فَإِن ابْن السّكيت قَالَ: هُوَ طَائِر أسود بَاطِنُ الجَنَاحَينِ، وظاهِرُهُمُا أغبر، وَهِي على خِلْقَةِ القطاة إِلَّا أَنَّهَا أنطف.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرَّاج: من الطير بِمَنْزِلَة الحَيْقُطَانِ، وَهُوَ من طير الْعرَاق وَهُوَ أرقَطُ.
قَالَ: والدِّرِّيج: شَيْء يُضرب بِهِ ذُو أوتار كالطنبور.
وَيُقَال للدَّبَّابات الَّتِي تُسوَّى لِحَرْبِ الحِصار، يَدْخُلُ تحتهَا الرِّجالُ: الدَّبَّابات والدَّرّاجات.
والدرَّاجة: الَّتِي يَدْرَجُ عَلَيْهَا الصَّبِي أول مَا يمشي.
والدُّرْجُ: دُرْجُ الْمَرْأَة تضع فِيهِ طيبها وأداتها، وَهُوَ الحِفْشُ أَيْضا. والمَدَارِجُ: الثنايا الغِلاظُ بَين الْجبَال. وَمِنْه قَول المزنيِّ:
تعرَّضي مَدَارِجاً وسُومي
تعرُّض الجوزاء للنجوم
وَيُقَال: درَّجْتُ العليل تَدْريجاً إِذا أطعمته شَيْئا قَلِيلا من الطَّعَام. ثمَّ زِدْتَه عَلَيْهِ قَلِيلا، وَذَلِكَ إِذا نَقِهَ حَتَّى تدرَّج إِلَى غَايَة أكله كَانَ قبل العِلَّةِ دَرَجة فدرجةً.
وَقيل فِي قَوْله جلّ وَعز: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (الْأَعْرَاف: 183) سنأخُذُهم من حَيْثُ لَا يحتسبون، وَذَلِكَ أَن الله جلّ وَعز يفتح عَلَيْهِم من النَّعيم مَا يغتبطون بِهِ فيركنون إِلَيْهِ ويأنسون بِهِ وَلَا يذكرُونَ الْمَوْت، فيأخذهم على غرَّتهم أغفل مَا كَانُوا، وَلِهَذَا قَالَ عمر بن الْخطاب لما حُمل إِلَيْهِ كنوز كسْرَى: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أكون مُسْتَدْرَجَاً فَإِنِّي أسمعك تَقول: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (الْأَعْرَاف: 183)) .
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرْجُ: لَفُّ الشَّيْء.
يُقَال: دَرَجْتُهُ، وأدْرَجْتُهُ، ودرَّجتُهُ، والرُّباعي أفصَحُها، والدَّرَجُ: المَحاجُّ، والدَّرَجُ: الطَّرِيق.
يُقَال: رَجَعَ فلَان ذَرَجَهُ إِذا رَجَعَ فِي الْأَمر الَّذِي قد كَانَ ترك.
قَالَ: وَيُقَال: دَرِجَ إِذا صَعِدَ فِي الْمَرَاتِب.
وَدِرجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدّين.
كُله بِكَسْر الْعين من فَعِلَ.

(10/341)


وَقَالَ ابْن السّكيت: فِي قَوْلهم: (أكذب من دَبَّ ودَرَجَ) أَي أكذب الْأَحْيَاء والأموات.
يُقَال للْقَوْم إِذا انْقَرَضُوا: دَرَجُوا.
(قلت) : وأصل هَذَا مِنْ درَجْتُ الثَّوْب إِذا طويته، كَأَنَّهُمْ لما مَاتُوا وَلم يُخلِّفوا عَقِباً دَرَجُوا طَرِيق النَّسْل والبقاء أَي طوَوْه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للرجل إِذا طلب شَيْئا فَلم يقدر عَلَيْهِ: رَجَعَ على غُبَيْراءِ الظّهْر، وَرجع على أدراجه، وَرجع دَرَجَهُ الأولَ، وَمثله: رَجَعَ عَوْدَهُ على بَدْئِهِ، ونكَصَ على عَقِبِه، وَذَلِكَ إِذا رَجَعَ وَلم يُصب شَيْئا.
قَالَ: وَيُقَال: رَجَعَ فلَان على حَافِرَتِهِ وادِرَاجِهِ بِكَسْر الْألف، هَكَذَا أَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شمر: رَجَعَ على إدراجه إِذا رَجَعَ فِي طَرِيقه الأول.
أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: فلَان دَرْجُ يدك أَي لَا يعصيك.
وَيُقَال: مَا أَنا الأدْرَجُ يَدِكَ أَي مَا أعصيك؟ .

(بَاب الْجِيم وَالدَّال مَعَ اللَّام)
(ج د ل)
جدل، جلد، دجل، دلج: مستعملة.
جدل: الجَدْلُ: شِدَةُ الفَتْلِ.
يُقَال: إِنَّه لَحَسنُ الأَرْمِ وَحَسَنُ الجَدْل إِذا كَانَ حَسَنَ أسر الخَلْق.
وجَدَلْتُ الحَبْلَ جَدْلاً إِذا شَدَدتَ فتله، وَمِنْه قيل لِزِمَامِ النَّاقة: الجَدِيل.
(أَبُو عبيد) : الجَدْلاَءُ والمَجْدُولةُ من الدروع: نَحْو الموضونة، وَهِي المنسُوجةُ.
قَالَ الحطيئة:
جَدلاءَ مُحْكَمَةٍ من نَسجِ سلاَّمِ
قَالَ اللَّيْث: جمع الجَدلاءِ: جُدْلٌ، وَقد جُدِلَتْ الدروع إِذا أُحكمت.
وَيُقَال: إِنَّه لَجَدِلٌ إِذا كَانَ شَدِيد الْخِصَام، وَإنَّهُ لَمِجْدَلٌ، وَقد جادل فلَانا جِدالاً ومجادلة.
والجُدُول: الْأَعْضَاء، وَاحِدهَا: جَدْلٌ.
وَقَالَ شمر: سمِّيت الدروع جَدْلاَءَ ومَجْدُلَةً لإحكام حَلَقِها كَمَا يُقَال: حَبْلٌ مجدول: مفتول، ودجُدِلَتْ جَدْلاً أَي أُحكمَت إحكاماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدْلُ: الصَّرعُ.
يُقَال: جَدَلْتُهُ فانجدل صَرِيعاً، وَهُوَ مَجْدول، وَأكْثر مَا يُقَال: جدَّلته تجديلاً.
والجَدَالَةُ: اسْم للْأَرْض.
وَقيل للصَّريع: مُجَدَّل لِأَنَّهُ يُصْرَعُ بالجَدَالة.
وَقَالَ الراجز:
قد أركَبُ الْآلَة بعد الآله
وأترُكُ العاجِزَ بالجَدَاله

(10/342)


(قلت) : الْكَلَام الْمُعْتَمد: طعنه فجدَّله بِالتَّشْدِيدِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اخضرَّ حَبُّ طلع النّخل واستدار قبل أَن يشْتَد فَإِن أهل نجد يسمونه الجَدَالَ. وَأنْشد:
وسارت إِلَى يَبْرِينَ خمْسا فَأَصْبَحت
يخر على أَيدي السُّقَاة جَدَالُها
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للذّكر العَرْدِ: إِنَّه لجَدْلٌ خَدْلٌ.
قَالَ وجُدُول الْإِنْسَان: قَصَبُ الْيَدَيْنِ والرِّجلين، وَرجل مجدُولُ الْخلق: لطيف الْقصب.
قَالَ: والجَدِيْلةُ: شَرِيْجَةُ الحَمَامِ، وَنَحْوهَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال لصَاحب الجَدِيْلَةِ: جَدَّالٌ.
قَالَ: وَيُقَال: رجل جَدَّالٌ بدّالٌ: مَنْسُوب إِلَى الجَدِيلةِ الَّتِي فِيهَا الْحمام.
قَالَ: وَيُقَال: رجل جدَّال للَّذي يَأْتِي بِالرَّأْيِ السخيف، وَهَذَا رَأْي الجدّالين.
وَيُقَال: الْقَوْم على جَدِيلَةِ أَمرهم أَي على حَالهم الأول.
(سَلمَة عَن الفرّاء) فِي قَول الله جلّ وَعز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (الْإِسْرَاء: 84) فصحَّف بَعضهم وَقَالَ: (على حدَ يَلِيهِ) ، الشاكلة: النَّاحِيَة والطريقة والجديلة قَالَ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: (وَعبد الْملك إِذْ ذَاك على جَدِيَلَتِهِ، وَابْن الزبير على جَدِيْلَتِهِ) يُرِيد ناحيته، وَيُقَال: فلَان على جَدِيْلَتِهِ وجَدْلاَئِهِ كَقَوْلِك: على ناحيته، وَقَالَ شمر: مَا رَأَيْت تصحيفاً أشبه بِالصَّوَابِ مِمَّا قَرَأَهُ سُلَيْمَان بن مَالك فِي التَّفْسِير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله جلّ وَعز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} فصحَّف وَقَالَ: (على حدَ يَلِيهِ) وَإِنَّمَا هُوَ: على جَدِيْلَتِهِ أَي ناحيته، وَهُوَ قريب بعضه من بعض. وَقَالَ أَيْضا أَعنِي اللَّيْث: الجَدِيْلَةُ أَيْضا: الرَّهْط وَهِي من أَدَمٍ يأتزرُ بهَا الصّبيان، والحُيَّض من النِّسَاء.
وَقَالَ غَيره: جديلةُ طيِّيءٍ: قَبيلَة مِنْهُم، يُنسب إِلَيْهِم فَيُقَال: جَدَلِيٌّ، وَقَالَ اللَّيْث: وجَدَيِلَةُ أسَدٍ: قَبيلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأجدَلُ من صفة الصَّقر، قَالَ: وَرجل أجْدَلُ الْمنْكب: فِيهِ تطأطؤ، وَهُوَ خلاف الْأَشْرَف من المناكب:
(قلت) : هَذَا عِنْدِي خطأ، إِنَّمَا الصَّوَاب: رجل أحدلُ الْمنْكب، هَكَذَا رُوي لنا عَن أبي عبيد، عَن أبي عمرٍ وَقَالَ: الأجْدَلُ: الَّذِي فِي مَنْكِبَيْه ورقبته انكباب على صَدره وَقد مر فِي بَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا جعلت الأجْدَلَ نعتاً قلتَ: صقر أجْدَلُ، وصقور جُدْلٌ، وَإِذا تركته اسْما للصّقر قلتَ: هَذَا الأجْدَلُ،

(10/343)


وَهِي الأجادلُ، لِأَن الْأَسْمَاء الَّتِي على أفعَل تُجمع على فُعْل إِذا نُعت بهَا فَإِن جَعلتهَا أَسمَاء مَحْضَة جُمعت على أفَاعِل، وَأنْشد أَبُو عبيد:
يخُوتُون أُخْرَى القَوم خَوْتَ الأجَادِلِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) قَالَ: الأجَادِلُ: الصقور، وَاحِدهَا: أجْدَلُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قويَ الفصيل وَمَشى فَهُوَ راشحٌ فَإِذا ارْتَفع عَن الراشحِ فَهُوَ جَادِلٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدْوَلُ: نهر الْحَوْض وَنَحْو ذَلِك من الْأَنْهَار الصغار، يُقَال لَهَا: الجَدَاوِلُ.
والمِجْدَلُ: الْقصر المشرف، وَجمعه: مَجَادِلُ.
وَقَالَ غَيره: الجَدْلُ: أَن يُضْرَبَ عُرض الْحَدِيد حَتَّى يُدَمْلَجَ. وَهُوَ أَن يُضرب حُرُوفه حَتَّى يستدير.
وَيُقَال: جادلتُ الرجل فَجَدَلْتُهُ جَدْلاً إِذا غَلَبْتَهُ.
وَرجل جِدلٌ إِذا كَانَ ألوى فِي الخِصَامِ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَنا خَاتم النَّبِيين فِي أم الْكتاب وَإِن آدم لمُنْجَدِلٌ فِي طينته) .
قَالَ شمر: المُنْجَدِلُ: السَّاقِط.
والمُجَدَّلُ: الْملقى بالجدالة وَهِي الأَرْض، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
مُجَدَّلٌ يُتَكَسَّى جِلدُهُ دَمَهُ
كَمَا تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ
دجل: يُقَال: دَجَلَ وسَرَجَ إِذا كذب.
وَبينهمْ دَوْجَلَةٌ وهوجَلَةٌ، ودَوْجَرَةٌ وسَوْرَجَةٌ، وَهُوَ كَلَام يُتناقل، وناس مُخْتَلفُونَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الدَّاجِلُ: المُموِّهُ الْكذَّاب، وَبِه سُمِّي الدَّجَّال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: دَجَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَة وَدَجَاها إِذا جَامعهَا، وَهُوَ الدَّجْلُ، والدَّجْوُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجْلُ: شدَّة طليِ الجرب بالقَطْرانِ.
(أَبُو عبيد) : المُدَجَّل: الْبَعِير المهنوء بالقِطرَان.
ودِجْلَةُ: اسْم معرفَة لنهر الْعرَاق، ودُجَيْل: نهر صَغِير يَنْخَلِجُ من دجلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجَّالُ هُوَ الْمَسِيح الْكذَّاب، وَإِنَّمَا دَجْلُهُ، سِحْرُهُ وكَذِبُهُ لِأَنَّهُ يُدْجِلُ الْحق بباطله، وَيُقَال: إِنَّه رجل من الْيَهُود يخرج فِي آخر هَذِه الْأمة.
(قلت) : كل كَذَّابٍ فَهُوَ دجال، وَجمعه: دجَّالون، قيل للكذاب دَجَّالٌ لِأَنَّهُ يستر الْحق بكذبه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا هُنِىءَ الْبَعِير أَجمعَ

(10/344)


فَذَلِك التدجيل، وَقد دجَّلته، فَإِذا جعلته فِي المساعر فَذَلِك: الدَّسُّ.
قَالَ: والدّجَّالة: الرّفْقَة الْعَظِيمَة، وَأنْشد:
دجَّالة من أعظم الرِّفاق
وكل شَيْء موّهته بِمَاء ذهب وَغَيره فقد دجَّلته.
وَيُقَال لماء الذَّهَب: دَجَّالٌ، وَبِه شُبِّه الدّجّال لِأَنَّهُ يُظهر خلاف مَا يُضمر.
دلج: قَالَ ابْن السّكيت: أَدْلَجَ الْقَوْم إدلاجاً إِذا سَارُوا اللَّيْل كُله فهم مُدْلِجُونَ، وادّلجوا بتَشْديد الدَّال إِذا سَارُوا فِي آخر اللَّيْل، وَأنْشد:
إِن لَهَا لَسَائِقاً خَدَلَّجَا
لم يُدلِجِ اللَّيْلَة فِيمَن أدلجا
وَيُقَال: خرجنَا بِدَلْجَةٍ ودُلْجَةٍ إِذا خَرجُوا فِي آخر اللَّيْل.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الدَّلَجُ، والدُّلْجَةُ، وَالْفِعْل: الإدلاَجُ، والادِّلاَجُ.
والمُدْلِجُ: من أَسمَاء الْقُنْفُذ، سمي مُدْلجاً لِأَنَّهُ لَا يهدأ بِاللَّيْلِ سَعْياً، وَقَالَ عبدَةُ:
قَوْمٌ إِذا دَمَسَ الظلام عَلَيْهِم
حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنميمة تَمْزَعُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : المَدْلَجُ: مَا بَين الْحَوْض إِلَى الْبِئْر، والأصمعي مثله.
والدَّالِجُ. الَّذِي يتَرَدَّد بَين الْبِئْر والحوض بالدلو يُفرغها فِيهِ وَأنْشد:
بَانَتْ يَدَاهُ عَن مُشَاشِ والجِ
بَيْنُونَةَ السّلم بكف الدَّالجِ
وَقد دَلَجَ يَدْلُجُ دُلُوجاً.
وَيُقَال للَّذي ينْقل اللَّبن، إِذا حُلبت الْإِبِل، إِلَى الجِفَان: دَالِجٌ.
والعُلبة الْكَبِيرَة الَّتِي يُنقل فِيهَا اللَّبن هِيَ المِدلجَةُ.
والدَّوْلَجُ، والتَّوْلَجُ: الكِنَاس، الأَصْل: وَوْلَجٌ، فقُلبت الْوَاو تَاء ثمَّ قُلبت دَالا والتُّلَجُ: فرخ العُقابِ، أَصله: وُلَجٌ.
جلد: قَالَ اللَّيْث: الجِلدُ: غشاء جَسَد الْحَيَوَان، وَيُقَال جِلْدَةُ الْعين، وَقَالَ الله جلّ وَعز ذَاكِرًا أَصْحَاب النَّار حِين تشهد جَوارِحُهُم: {يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ} (فصلت: 21) قَالَ أهل التَّفْسِير وَقَالُوا لفروجهم فكنى بالجلود عَنْهَا، وَقَالَ الفرَّاء: الجِلْدُ هَا هُنَا: الذَّكَرُ كنى الله عَنهُ بِالْجلدِ كَمَا قَالَ: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ} (النِّسَاء: 43) وَالْغَائِط: الصَّحرَاء، وَالْمرَاد من ذَلِك: أَو قضى أحد مِنْكُم حَاجَة.
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: القُلْفة، والقَلَفَة، والرُّغْلة، والرَّغْلة،

(10/345)


والجُلدة، كُله: الغُرلة وَقَالَ الفرزدق:
من آل حَوْرَانَ لم تَمْسَسْ أُيُورَهُم
مُوسَى فَتَقْطَعَ عَنْهُم يَابِس الجُلَدِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَلْدُ: مصدر جَلَدَهُ يَجْلِدُهُ جَلْداً.
وَرجل جَلْدٌ وجليد بيِّن الجَلَدِ والجَلاَدَةِ.
وَالْجَلد أَيْضا: الْإِبِل الَّتِي لَا أَوْلَاد لَهَا، وَلَا ألبانَ بهَا.
والجَلَدُ: أَن يُسلخ جِلْدُ الحُوَارِ ثمَّ يحشى ثماماً أَو غَيره من الشّجر، وتُعطَفُ عَلَيْهِ أمُّه فترأمُهُ، قَالَ العجاج:
وَقد أرَانِي للغَوَانِي مَصْيَدَا
مُلاوَةً كَأَن فَوقِي جَلَدَا
أَي يَرْأَمْنَنِي ويعطفن عليَّ كَمَا ترأَمُ النَّاقة الجَلَدَ.
قَالَ: والجَلَدُ: الغليظ من الأَرْض، وَأنْشد:
والنَّؤْيُ كالحوض بالمظلومة الجَلَدِ
وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: الجِلْدُ، والجَلَدُ: وَاحِد، مثل شِبْهٍ، وشَبَهٍ.
قَالَ ابْن السّكيت: وَلَيْسَ بِمَعْرُوف مَا قَالَ.
قَالَ: والتجليد لِلْإِبِلِ بِمَنْزِلَة السَّلخِ للشاء، وَقد جلَّدْتُ النَّاقة إِذا سلختها.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه أَرض جلدَة، وَمَكَان جلد، والجميع: الجَلَدَاتُ.
وناقة جَلْدَةٌ، ونوق جَلَدَاتٌ، وَهِي القوية على الْعَمَل وَالسير.
وَيُقَال: جَلَدْتُهُ بِالسَّيْفِ جلدا إِذا ضَرَبْتَ جِلْدَهُ.
وجالدناهم بِالسُّيُوفِ جلاداً أَي ضاربناهم.
وجلدتُ بِهِ الأَرْض أَي صَرَعْتُهُ.
قَالَ: وَيُقَال للناقة النَّاجِية: جَلْدَةٌ، وَإِنَّهَا لذات مَجْلُودٍ أَي فِيهَا جلادة، وَأنْشد:
من اللواتي إِذا لانت عَرِيكَتُها
يبْقى لَهَا بعْدهَا آلٌ ومجلُودُ
قَالَ: مجْلُودُها: بقيةُ جَلَدِها، قالهُ أبُو الدُّقَيْشِ.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جُلِدَتِ الأرضُ من الجَلِيدِ، وأَجْلَدَ الناسُ، وَجَلِدَ البَقْلُ.
ويُقالُ فِي الصَّقيع والضَّريبِ: مِثلُهُ، ضُرِبَتِ الأرضُ، وَأَضْرَبْنا، وضَرِبَ البَقْلُ.
ويُقالُ لمِئْلاَةِ النَّائِحَةِ: مِجْلَدٌ، وجمعُهُ: مَجالِدُ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وَهِي خِرَقٌ تُمْسِكها النَّوَائِحُ إِذا نُحْنَ بأَيديهِنَّ.
وَقَالَ عديُّ بنُ زيدٍ:
إِذا مَا تكَرَّهْتَ الخَلِيقَةَ لامْرِىءٍ
فلاَ تَغْشَهَا وَاجْلِدْ سِوَاها بمجْلَدِ
أَي خذْ طَرِيقا غيْرَ طريقها، ومَذْهباً آخرَ

(10/346)


عَنْهَا، واضْرِبْ فِي الأرضِ لِسِوَاها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : أَحْرَجتُهُ إِلَى كَذَا وأَوْجَيْتُهُ، وأَجلَدْتهُ، وأَدْمَغْتُهُ، وأدْغَمتُهُ إِذا أَحْوَجْتَه إليْهِ.
(ابْن الْأَعرَابِي) : جَزَزْتُ الضأَنَ، وحَلَقْتُ المِعْزَى، وجَلْدْتُ الجَمَلَ، لَا تقولُ العرَبُ غيرَ ذلكَ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ) : الجَلَدُ من الإبِلِ: الكِبارُ الَّتِي لَا صِغارَ فِيهَا.
وأنشدنا:
تَوَاكَلَها الأزْمانُ حَتَّى أَجَأْنَهَا
إِلَى جَلَدٍ مِنها قليلِ الأسافِلِ
أسافلُها: صِغارُها.
وَقَالَ الفرَّاء: الجَلَدُ من الإبلِ: الَّتِي لَا أولادَ مَعها فتَصبر عَلَى الحرِّ والبرْدِ.
(قلت) : الجَلَدُ من الإبلِ: الَّتِي لَا ألبانَ لَهَا، وَقد وَلَّى عَنْهَا أولادُها.
ويَدخُلُ فِي الجَلَدِ: بَناتُ اللَّبُون فمَا فَوقها من السِّنِّ ويُجمعُ الجَلَدُ أجلاداً، وأجاليدَ.
ويدخلُ فِيهَا المخاضُ، والعِشارُ، والحيالُ، فَإِذا وضَعَتْ أولادَها زالَ عَنْهَا اسمُ الجَلَد، وقيلَ لَهَا: العِشارُ واللِّقَاحُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجلَدُ: أَن يُسلخَ جلدُ البعيرِ أَو غيرِه من الدَّوَابّ فيُلبَسَه غَيْرُه من الدوابِّ، وَقَالَ العجاج يصفُ الأسدَ:
كأنْهُ فِي جَلَدٍ مُرَفّلِ
(غَيْرُه) : تَمْرَةٌ جَلْدَةٌ صُلْبَةٌ مُكْتَنِزَةٌ.
وَأنْشد:
وكنتُ إِذا مَا قُرّب الزَّاد مُولَعاً
بِكُلِّ كُمَيْتٍ جَلَدَةٍ لَمْ تُوَسَّفِ
والمجلَّد: مِقْدَار من الحِمْلِ مَعْلوُمُ المَكِيلَةِ وَالْوَزْن.
وَيُقَال: فلَان عَظِيم الأجْلادِ والتَّجَالِيدِ إِذا كَانَ ضخماً قويَّ الْأَعْضَاء والجسم.
وَجمع الأجْلادِ: أجَالِدُ، وَهِي الْأَجْسَام.
وَفِي حَدِيث القَسَامَةِ: (رُدُّوا الْأَيْمَان على أجَالِدِهِم) أَي عَلَيْهِم أنفسهم، وَكَذَلِكَ: التجاليد. قَالَ الشَّاعِر:
يَبْنِي تجاليدي وأقتَادَهَا
نَاوٍ كرأس الفَدَنِ المُؤْيَدِ
وَجَلُودُ: قَرْيَة بأفريقية إِذا نُسب إِلَيْهَا قيل: جَلُوديٌّ بِفَتْح الْجِيم.
وَقَالَ أَبُو زيد: حملتُ الْإِنَاء فاجْتَلَدتُهُ واجتلدتُ مَا فِيهِ إِذا شَرِبْتَ كل مَا فِيهِ.
(قلت) : وَيُقَال: اجَتْلتُهُ. واجتلْتُ مَا فِيهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : إِذا ولَدَتِ الشَّاة فَمَاتَ وَلَدُهَا فَهِيَ شَاةٌ جَلَدٌ.
وَيُقَال لَهَا أَيْضا: جَلّدَةٌ.
وجِمَاعُ جَلَدَةٍ: جَلَدٌ، وجَلَدَاتٌ.

(10/347)


ج د ن
جدن، جند، دجن، دنج، نجد: مستعملة.
جدن: ذوجَدَنٍ: اسْم مَلِكٍ من مُلُوك حِمْيَرٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَنْشدني أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء:
لَو أنني كنت من عَادٍ وَمن إرَمٍ
غَذِيَّ بَهْمٍ ولقماناً وَذَا جَدَنِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أجْدَنَ الرجل إِذا اسْتغنى بعد فقر.
جند: قَالَ اللَّيْث: الجُنْدُ: مَعْرُوف.
وكل صنف من الْخلق: جندٌ على حِدَةٍ.
وَفِي الحَدِيث: (الأرواحُ جُنُودٌ مجنَّدةٌ فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف) .
والمجنَّدة: الْمَجْمُوعَة، وَهَذَا كَمَا يُقَال: ألف مؤلفة، وقناطير مقنطرة أَي مضعَّفة.
وَيُقَال: هَذَا جُنْدٌ قد أقبل، وَهَؤُلَاء جُنْدٌ قد أَقبلُوا.
قَالَ الله {الاَْسْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الاَْحَزَابِ} (ص: 11) فوحَّد النَّعْت لِأَن لفظ الْجند وَاحِد.
وَكَذَلِكَ: الْجَيْش والحزب.
وَقَالَ اللَّيْث: جَنَدق: مَوضِع بِالْيمن وَفُلَان الجَنَدِيُّ.
قَالَ: والجَنَدُ: أَيْضا حِجَارَة شبه الطين.
وجُنادةُ: حيٌّ من الْيمن.
وَيَوْم أجْنَادِينِ يَوْم مَعْرُوف كَانَ بِالشَّام أيَّام عمر.
وأجنَادُ الشَّام: خمس كُوَرٍ، وَمِنْهَا دمشق، وفلسطين، وحمص، والأردن، وقِنَّسرين.
دنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ الدُّنُجُ: العُقَلاء.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الدِّنَاجُ: إحكام الْأَمر وإتقانه.
(والدِّماجُ: الصُّلح على دَخَنٍ) .
دجن: قَالَ اللَّيْث: الدَّجْنُ: ظلّ الْغَيْم فِي الْيَوْم المطير.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : دَجَنَ يَوْمنَا وَدَغَنَ.
وَيَوْم ذُو دُجُنَّةٍ، ودُغُنَّةٍ.
قَالَ: وَيَوْم دَجْنٍ إِذا كَانَ ذَا مطر.
وَيَوْم دَغْنٍ إِذا كَانَ ذَا غيم بِلَا مطر.
وَقَالَ غَيره: دَجَنَ فلَان بِالْمَكَانِ دُجُوناً إِذا أَقَامَ بِهِ، وَكَذَلِكَ: رَجَنَ بِهِ.
وَيُقَال: دَجَنَ فِي بَيته إِذا لزمَه، وَبِه سُمِّيَت دَوَاجِنَ الْبيُوت، وَهِي مَا ألِفَ الْبَيْت من الشَّاء وَالطير وَغَيرهَا، الْوَاحِدَة: دَاجِنَةٌ.

(10/348)


وَقَالَ ابْن أم قعنب يهجو قوما:
رأسُ الخَنَا مِنْهُم، وَالْكفْر خامسُهُم
وحِشّوَةٌ مِنْهُم فِي اللؤم قد دَجَنُوا
وَقَالَ اللَّيْث: كلب دَاجِن: قد ألِفِ الْبَيْت.
والدَّجُونُ: الأَلَفَانُ.
قَالَ، وَيُقَال للناقة الَّتِي قد عُوِّدَت السِّناوة: مَدْجُونَةٌ أَي دُجِنت للسِّناوة، هَكَذَا: القَوْل فِيهَا.
قَالَ: والمُدَاجَنَةُ: حُسن المُخَالَطَةِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدَّجُونُ من الشَّاء: الَّتِي لَا تمنع ضرْعهَا سِخَالَ غَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّجُنَّة: الظلماء، وَالْفِعْل مِنْهَا: ادجوْجَن، وَأنْشد:
لِيَسْقِ ابْنة العَمْريِّ سلمى وَإِن نَأَتْ
كِثَافَ العُلى واهي الدُّجُنَّة رَائِحُ
وَيُقَال: أَدْجَنَ يَوْمنَا فَهُوَ مُدْجِنٌ إِذا أضبَّ فأظلم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَدْجَنَ أَقَامَ فِي بَيته.
(أَبُو زيد) : سَحَابَة دَاجِنَةٌ وَمُدْجِنَةٌ، وَقد دَجَنَتْ تدجُنُ، وأدجَنتْ.
قَالَ: والدُّجُنَّة من الْغَيْم: المطبِّق تطبيقاً، والرَّيَّان المظلم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مطر.
يُقَال: يَوْم دَجْنٌ، ويومٌ دُجُنَّة، ويومُ دَجْنٍ، وَيَوْم دُجُنَّة، وَكَذَلِكَ: اللَّيْلَة على وَجْهَيْن، بِالْوَصْفِ وَالْإِضَافَة، والدَّجْنُ: الْمَطَر الْكثير.
(اللَّيْث) : الدَّيْدَجَانَ: الْإِبِل تحمل التِّجارة.
نجد: قَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: النجد: قفاف الأَرْض وصلابتها، وَمَا غلُظ مِنْهَا وأشرف، وَالْجَمَاعَة: النِّجَادُ، وَلَا يكون إِلَّا قُفًّا أَو صلابة من الأَرْض فِي ارْتِفَاع مثل الْجَبَل مُعْتَرضًا بَين يَديك، يرُدُّ طرفك عمَّا وَرَاءه.
وَيُقَال: أعْلُ هاتيك النِّجَادِ، وَهَا ذَاك النِّجاد يوحَّد.
وَأنْشد:
رمَيْنَ بالطرف النِّجاد الأبعدا
قَالَ: وَلَيْسَ بالشديد الِارْتفَاع والحزيز نجاد.
قَالَ وَقَالَ أَبُو أسلم كَمَا قَالَ: النّجدُ والنِّجادُ: وَاحِد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ النُّجُودُ عدَّة، فَمِنْهَا نجد كَبْكَبٍ، ونجُد مَرِيعٍ، ونجدُ خَالٍ.
قَالَ: ونجد كَبْكَبٍ: طَرِيق كَبْكَبٍ وَهُوَ الجَبَل الْأَحْمَر الَّذِي تَجْعَلهُ فِي ظهرك إِذا وقفت بِعَرَفَة.
وَقَالَ: وَقَول الشماخ:
أَقُول وَأَهلي بالجَنَاب وَأَهْلهَا
بِنَجْدَين لَا تَبْعَدْ نَوَى أمِّ حَشْرَجِ

(10/349)


قَالَ: بِنَجْدِين: مَوضِع: يُقَال لَهُ نَجْدَا مَرِيع.
وَقَالَ: فلَان من أهل نجد قَالَ: وَفِي لُغَة هُذَيْل والحجاز: من أهل النُّجُدِ.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فِي عانة بجنوب السِّيِّ مَشْرَبُهَا
غُوْرٌ، ومصدرها عَن مَائِهَا نُجُدُ
قَالَ: وَمَا ارْتَفع عَن تِهَامَةَ فَهُوَ نَجْدٌ، فَهِيَ ترعى بنَجْدٍ، وتشرب بتهامة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الصيداويِّ عَن الرِّياشيِّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: سَمِعت الْأَعْرَاب يَقُولُونَ: إِذا خلّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً وعَجْلَزٌ فَوق القريتين فقد أنجدْتَ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: مَا ارْتَفع عَن بطن الرُّمَّة والرُّمَّة: وادٍ مَعْلُوم فَهُوَ نَجْدٌ إِلَى ثنايا ذَات عِرْق.
قَالَ وَسمعت الباهليَّ يَقُول: كل مَا وَرَاء الخَنْدَق الَّذِي خندقه كسْرَى على سَواد الْعرَاق فَهُوَ نَجْدٌ إِلَى أَن تميل إِلَى الحَرَّةِ، فَإِذا مِلْتَ إِلَيْهَا فأنتَ فِي الْحجاز.
وقرأْتُ بِخَط شمر قَالَ: يُقَال: النَّجْدُ إِذا جاوزتَ عُذَيْباً إِلَى أَن تُجاوز فَيْدَ، وَمَا يَليهَا.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} (الْبَلَد: 10) قَالَ: النجدان: سَبِيل الْخَيْر، وسبيل الشَّرّ.
قَالَ وحدَّث قيس عَن زِيَاد بن علاقَة؟ عَن أبي عُمارة عَن عليَ فِي قَوْله: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} قَالَ: الْخَيْر وَالشَّر.
وَقَالَ الزّجاج: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} أَي الطَّرِيقَيْنِ الواضحين.
والنجد: الْمُرْتَفع من الأَرْض، فَالْمَعْنى: ألم نُعرِّفْهُ طَرِيق الْخَيْر وَطَرِيق الشرِّ، بيِّنَين كبيان الطَّرِيقَيْنِ العاليين؟ .
وَقَالَ بَعضهم: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} قَالَ: الثديين.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : النَّجُودُ من الحُمُرِ: الَّتِي لَا تحمل، والعِائُط: مثلهَا.
وَقَالَ شمر: تَفْسِير الْأَصْمَعِي فِي النَّجُودِ أَنَّهَا لَا تحمل: مُنكر، وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ فِي أَبْوَاب الْأَجْنَاس: النَّجُودُ: الطَّوِيلَة من الحُمُر.
وَقَالَ شمر: قَالَ القزملي عَن الْأَصْمَعِي: أُخذَت النَّجُودُ من النَّجدِ أَي هِيَ مُرْتَفعَة عَظِيمَة.
قَالَ شمر والشيباني: النَّجُودُ: الْمُتَقَدّمَة، وَيُقَال للناقة إِذا كَانَت مَاضِيَة: نَجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَرَمَى فأنفَذَ من نَجُودٍ عِائِطِ
قَالَ شمر: وَهَذَا التَّفْسِير فِي النَّجُود صَحِيح، وَالَّذِي رَوَاهُ فِي بَاب حُمُر الوَحْش: وَهَمٌ.

(10/350)


(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ نَجْدٌ، ونَجُدٌ من شِدَّةِ الْبَأْس، وَقد نَجُدَ، وَالِاسْم النَّجْدَةُ، واستنجدني فلَان فأنجدته أَي أعَنْتُهُ.
وَقد نَجِدَ الرجل يَنْجَدُ إِذا عرِقَ من عملٍ أَو كَرْبٍ، وَقَالَ الْكسَائي مثله.
(سَلمَة عَن الفرَّاء) : رجل نَجِدٌ، ونَجْدٌ.
قَالَ: وَقد نُجِدَ عَرَقاً إِذا سَالَ، فَهُوَ مَنْجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَجَدْتُ الرجل أنجدُهُ أَي غَلَبْته.
قَالَ: وأنجَدتُهُ: أعنته.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: النِّجَادُ: حمائل السَّيْف.
والإنْجَادُ: الْأَخْذ فِي بِلَاد نَجْدٍ.
والنُّجُودُ: مَا يُنجَّدُ بِهِ الْبَيْت، وَاحِدهَا: نَجْدٌ.
وَبَيت منجَّد إِذا كَانَ مزيَّناً بالثياب والفرش.
وَقَالَ شمر: أغرَبُ مَا جَاءَ فِي النَّجُودِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيث الشورى: (وَكَانَت امْرَأَة نَجُوداً) يُرِيد: ذَات رَأْي.
قَالَ: وَرجل نَجِدٌ بيِّن النَّجَدِ، وَهُوَ الْبَأْس والنُّصْرة، وَكَذَلِكَ: النَّجْدَةُ.
قَالَ: وَيُقَال: نَجِدَ يَنْجَدُ إِذا بلَّد وأعيا، فَهُوَ ناجِدٌ وَمَنْجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
صادياً يستَغِيثُ غير مُغَاثٍ
وَلَقَد كَانَ عُصرَةَ المَنْجُودِ
يُرِيد: المغلوبَ المُعْيَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: النَّجَّاد: الَّذِي يُنَجّدُ الْبيُوت والفُرُشَ والبُسُطَ.
والنُّجُودُ هِيَ الثِّيَاب الَّتِي يُنجَّد بهَا الْبيُوت فتُلبس حيطانها وتُبسط كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
حَتَّى كأنَّ رياض القف ألبَسَهَا
مِنْ وَشْي عبقر تَجْلِيلٌ وتنجيدُ
ونجَّدْتُ الْبَيْت: بسطته بِثِيَاب مَوْشيَّة.
وَقَالَ أَبُو نصر: استَنْجَدَ الرجل استنجاداً إِذا قَوِيَ بعد ضعف أَو مرض.
وَرجل نَجُدٌ فِي الْحَاجة إِذا كَانَ ناجحاً فِيهَا ناجياً.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذكر الْإِبِل، ووطأَها يَوْم الْبَعْث صَاحبهَا الَّذِي لم يُؤدّ زَكَاتهَا، فَقَالَ: (إِلَّا: من أعْطى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَجْدَتُها: أَن تَكْثُرَ شُحُومُهَا حَتَّى يمْنَع ذَلِك صَاحبهَا أَن يَنْحَرَهَا نفاسة بهَا، صَار ذَلِك بِمَنْزِلَة السِّلَاح لَهَا تمْتَنع بِهِ من رَبهَا.
قَالَ: ورِسْلُهَا: أَن لَا يكون لَهَا سِمَنٌ، فيَهُون عَلَيْهِ إعطاؤها، فَهُوَ يُعطيها على رِسْلِهِ أَي مستهيناً بهَا، كأنَّ مَعْنَاهُ أَن

(10/351)


يُعْطِيهَا على مشقة من النْفسِ، وعَلى طِيْبٍ مِنْهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: إِلَّا مَنْ أعْطى فِي رِسْلِهَا أَي بِطيب نفس مِنْهُ.
(قلت) : كَأَن قَوْله: فِي نَجْدَتِهَا مَعْنَاهُ: ألاَّ تطيب نفسُه بإعطائها، ويشتدَّ عَلَيْهِ.
وَقَول ابْن الْأَعرَابِي يقرب من قَول أبي عُبَيْدَة.
وَقَالَ المرَّار يصف الْإِبِل:
لَهُم إبل لَا من دِيَاتٍ وَلم تكن
مُهُوراً وَلَا من مَكْسَبٍ غير طائل
مُخَيَّسَةٌ فِي كل رِسْلٍ ونجدة
وَقد عُرِفَت ألوانها فِي المَعَاقِلِ
(أَبُو عمرٍ و) : الرِّسْلِ: الخِصْبُ، والنجدة: الشِّدة، والمخيَّسة هِيَ المعقَّلة فِي معاقلها لتُنحَر وتُطعم.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير فِي قَوْله: إِلَّا مَن أعْطى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِها.
قَالَ: نَجْدَتُها: مَا يَنُوب أَهلهَا مِمَّا يُشُقُّ عَلَيْهِ من المَغَارِمِ والدِّيَات، فَهَذِهِ نَجْدَةٌ على صَاحبهَا، والرِّسْلُ: مَا دون ذَلِك من النجدَةِ، وَهُوَ أَن يُفقِرَ هَذَا، ويَمْنَحَ هَذَا، وَمَا أَشْبَهَهُ دون النَّجدة، وَأنْشد قَول طرفَة يصف جَارِيَة:
تَحْسِبُ الطَّرفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً
يَا لقَوْمِيْ للشباب المُسْبَكِرّ
قَالَ: الطّرف: النّظر، يَقُول: يَشُقُّ عَلَيْهَا النّظر وَهِي ساجية الطّرف.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن أبي الرّبيع الجُرجَاني عَن يزِيد بن هَارُون عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي عمر الغُدَانيِّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (مَا من صَاحبِ إبل لَا يُؤَدِّي حَقَّها فِي نَجْدَتِها ورِسْلِهَا) قَالَ وَقد قَالَ رَسُول الله: (نَجْدَتُهَا ورِسْلُهَا) : عُسرها ويُسرها (إِلَّا بَرَزَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تطؤه بأخفافها، كلما جَازَت عَلَيْهِ أخراها أُعيدت عَلَيْهِ أولاها فِي يومٍ كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة حَتَّى يُقضى بَين النَّاس) . فَقيل لأبي هُرَيْرَة فَمَا حق الْإِبِل؟ . قَالَ: تُعطي الْكَرِيمَة، وتمنح الغزيرة، وتُفقِر الظّهْر، وتُطرِق الْفَحْل) .
(قلت) : ورَوَيتُ هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ لتفسير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّجْدَةَ والرِّسْلَ، وَهُوَ قريب مِمَّا فسَّره أَبُو سعيد، وَالله أعلم.
وَفِي حَدِيث آخر: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة تَطوف بِالْبَيْتِ عَلَيْهَا مَنَاجِدُ من ذهب فَقَالَ: أَيَسُرُّك أَن يحلِّيَكِ الله مَنَاجِدَ من نَار؟ قَالَت: لَا، قَالَ فأدي زَكَاته) .
قَالَ أَبُو عبيد: أُراه أَرَادَ بالمناجد الْحلِيّ المكلَّل بالفصوص، وَأَصله من تنجيد الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المَنَاجِدُ: وَاحِدهَا:

(10/352)


مِنْجَدٌ، وَهِي قلائد من لُؤلُؤٍ وَذهب أَو قرنفل، وَيكون عرضهَا شبْرًا، تَأْخُذ مَا بَين الْعُنُق إِلَى أَسْفَل الثديين، سمِّيَت، مَنَاجِدَ لِأَنَّهَا تقع على مَوضِع نِجَادِ السَّيْف من الرجل، وَهُوَ حمائله.
وَقَالَ اللَّيْث: نَجَدَ الْأَمر نَجُوداً، فَهُوَ نَاجِدٌ إِذا وضح واستبان.
وَقَالَ أُميَّة:
ترى فِيهِ أنباء الْقُرُون الَّتِي مَضَت
وأخبارَ غَيبٍ فِي الْقِيَامَة تَنْجُدُ
أَي تظهر.
قَالَ: وناقة نَجُودٌ، وَهِي الَّتِي تُناجد الْإِبِل فَتَغْزُرُهُنَّ.
والنَّجَدَاتُ: قوم من الحَرُورّيَة يُنْسَبُونَ إِلَى نَجْدَةَ الحروريِّ.
يُقَال: هَؤُلَاءِ النَّجَدَاتُ، والنَّجْدِيَّةُ.
وَيُقَال: نَاجدْتُ فلَانا إِذا بارَزْتَهُ الْقِتَال.
قَالَ: والنَّاجود: هُوَ الراوُوقُ نَفْسُه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّاجودُ: كل إِنَاء يُجعل فِيهِ الشَّرَاب من جَفْنَةٍ أَو غَيرهَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو نصر: قَالَ الْأَصْمَعِي: النَّاجُودُ: الدَّم، والنَّاجُودُ: الْخمر، والنَّاجُودُ: الزَّعْفَرَان.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الناجود: الباطية.
وَقَالَ غَيره: النَّاجُودُ: الْخمر الجيِّد، وَهُوَ مُذَكّر، وَأنْشد:
تمشَّى بَيْننَا ناجُودُ خَمْرٍ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجُودُ من الْإِبِل: الَّتِي تَبْرُكُ على الْمَكَان الْمُرْتَفع.
وَقَالَ اللحياني: لَاقَى فلانٌ نَجْدَةً أَي شدَّة، قَالَ: وَلَيْسَ من شِدُّةِ النَّفس، وَلكنه من الْأَمر الشَّديد.
قَالَ: وَيُقَال للرجل إِذا ضرِيَ بِالرجلِ واجترأ عَلَيْهِ بعد هَيْبَة: قد استنجد عَلَيْهِ.
وَأنْجَدَ فلَان الدعْوَة إِذا أجَاب.
وَرجل مُنَجَّدٌ، ومنجَّذٌ بِالدَّال والذال، وَهُوَ الَّذِي قد جرَّب الْأُمُور وقاساها، وَقد نجَّدَته بعدِي أُمُور، وَقَالَ صَخْر الغيِّ:
لَو أَن قومِي من قُرَيمٍ رَجْلاَ
لمنعوني نَجَدَةً وَرِسْلاَ
لمنعوني بِأَمْر شَدِيد، وَأمر هيِّن.
ج د ف
جدف، فدج.
فدج: اللِّحياني: الفَوْدَجُ والهَوْدَجُ: وَاحِد، والجميع: الفَوَادِجُ، والهَوَادِجُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَرُبمَا قَالُوا للناقة الواسعة الأرفاغ: وَاسِعَة الفَوْدَجِ.
وفَوْدَجُ الْعَرُوس: مركبها.
(أَبُو عمرٍ و، والأصمعي) : فِي الفَوْدَج مثل مَا قَالَ اللحياني، وَقَالَ اليزيدي: الَفْوَدَجُ: شَيْء يَتَّخِذهُ أهل كرمان، وَالَّذِي يَتَّخِذهُ الْأَعْرَاب: هَوْدَجٌ.

(10/353)


جدف: فِي الحَدِيث (شَرّ الحَدِيث: التَّجْدِيفُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: التَّجْدِيفُ: كفر النِّعمة، واستقلال مَا أنعم الله عَلَيْك، وَأنْشد:
وَلَكِنِّي صبرتُ وَلم أُجدِّف
وَكَانَ الصَّبْر عَادَةَ أوَّلينا
وَفِي حَدِيث عمر (أَنه سَأَلَ رجلا استهوته الْجِنّ عَن طَعَام الْجِنّ وشرابهم) . فَقَالَ: كَانَ شرابهم الجَدَفَ.
قَالَ أَبُو عبيد: الجَدَفُ لم أسمعهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَمَا جَاءَ إِلَّا وَله أصل، وَلَكِن ذهب من كَانَ يعرفهُ، وَيتَكَلَّم بِهِ، كَمَا قد ذهب من كَلَامهم شَيْء كثير، ثمَّ رُوي عَن بَعضهم: أَنه قَالَ: الجَدَفُ: نَبَات يكون بِالْيمن، يَأْكُل الْآكِل، وَلَا يحْتَاج مَعَه إِلَى شرب مَاء، قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: أَن الجَدَفَ: مَا لَا يُغطَّى من الشَّرَاب.
وَقَالَ بَعضهم: أُخذ الجَدَفُ من الجَدْفِ، وَهُوَ الْقطع؛ كَأَنَّهُ أَرَادَ ايُرمى من الشَّرَاب من زَبَدٍ أَو رَغْوَةٍ، أَو قذًى، كَأَنَّهُ قُطع من الشَّرَاب فرُمي بِهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَدْفُ، والجَذفُ كِلَاهُمَا: القَطْعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لمُجَدَّفٌ عَلَيْهِ الْعَيْش أَي مضيَّق عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : جَدَفَ الطَّائِر يَجْدِفُ إِذا كَانَ مقصوصاً فرأيته إِذا طَار كَأَنَّهُ يَرُدُّ جناحيه إِلَى خَلفه، وَمِنْه سُمِّيَ مِجْدَافُ السَّفِينَة.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: مثله أَو نَحوه.
قَالَ وَيُقَال: جَذَفَ الرجل فِي مشيته إِذا أسْرع، هَذِه بِالذَّالِ، وَتلك بِالدَّال.
وَقَالَ الْكسَائي: الْمصدر من جَدَفَ الطَّائِر: الجُدُوفُ.
وَقَالَ غَيره: المِجْدَافُ: مِجْدَافُ السَّفِينَة.
قَالَ: والطائر إِذا طيَّر من جناحيه شَيْئا عِنْد الْفرق من الصَّقْر يُقَال: جَدَفَ.
وَأنْشد:
وَأَنت حُبَارَى خِيْفَةَ الصَّقْر تَجْدِفُ
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الجَدَافَاةُ: الْغَنِيمَة.
وَأنْشد:
لقد أَتَانِي رَامِعاً قِبِرَّاه
لَا يَعرِفُ الْحق وَلَا يهواه
فَكَانَ لي إِذْ جَاءَنِي جَدَافَاه
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : هِيَ الجُدَافَى، والغُنامى، والغُنْمَى، والهُبالة والأبالة، والحُواسة، والخُباسة.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَدَفَ الطَّائِر وجَدَفَ الملاّح بالمِجْدَافِ، وَهُوَ المُرديُّ، والمِقْذفُ، والمِقْذَافُ.
(أَبُو تُرَاب عَن أبي الْمِقْدَام السلميِّ) : جَدَفَتِ السَّمَاء بالثلج، وخَذَفَتْ تَجْدِفُ،

(10/354)


وتَخْذِفُ إِذا رَمَتْ بِهِ.
ج د ب
جَدب، بجد، دبج، دجب: مستعملة.
جَدب: قَالَ اللَّيْث: مَكَان جَدْبٌ، وَقد جَدُبَ جُدُوَبَةً.
وأجدبَتِ الأَرْض فَهِيَ مُجْدِبَةٌ، وأجدبَتِ السَّنة، وأجدَبَ الْقَوْم.
قَالَ: والجادِبُ: الْكَاذِب، وَلم أسمع لَهُ فِعْلاً.
(قلت) : هَذَا تَصْحِيف، والكاذب يُقَال لَهُ: الخَادِبُ بِالْخَاءِ، كَذَلِك أَقْرَأَنِيهِ الْإِيَادِي لشمر عَن أبي عبيد، قَالَ: قَالَ أَبُو زيد شَرَجَ، وخَدَبَ، وَبَشَكَ إِذا كذب.
(قلت) : والجادِبُ بِالْجِيم: العَائِبُ، وَمِنْه حَدِيث عمر (أَنه جَدَبَ السَّمَرَ بعد العَتَمَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: جَدَبَ السمر أَي عابه وذمَّه، وكل عائب فَهُوَ جَادِبٌ، وَقَالَ ذُو الرمة:
فيا لَك من خدَ أَسِيْلٍ ومنطق
رخيم، وَمن خَلْقٍ تعلَّل جَادِبُه
يَقُول: لم يجد فِيهِ مقَالا، فَهُوَ يتعلل بالشَّيْء، يَقُوله وَلَيْسَ بِعَيْب.
(ابْن السّكيت) : جَادَبَتِ الْإِبِل الْعَام مُجَادَبَةً، وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعَام مَحْلاً، فَصَارَت لَا تَأْكُل إِلَّا الدرين الْأسود، والثمام، فَيُقَال لَهَا حِينَئِذٍ: جَادَبَت.
وَقَالَ غَيره: نزلنَا بفلان فأجْدَبْنَاه إِذا لم يقرهم.
وروى شمر بِإِسْنَادِهِ عَن حُذيفة أَنه قَالَ: (جَدَبَ إِلَيْنَا عمر السمر) وَمَعْنَاهُ: جَدَبَ لنا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَدْبَةُ: الأَرْض الَّتِي لَيْسَ بهَا قَلِيل وَلَا كثير، وَلَا مرتع، وَلَا كلأ.
وَقَالَ الفرَّاء: أجدبَتِ الأَرْض، وجدُبَت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عامٌ جُدُوُبُ، وَأَرْض جُدُوبٌ.
بجد: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : بجَّدَ الرجل بِالْمَكَانِ وألحم إِذا أَقَامَ بِهِ تبجيداً، وَمِنْه يُقَال: أَنا ابْن بَجْدَتِهَا أَي الْعَالم بهَا أَي أقمتُ بالبلدة فخبرتُها، وعلمتُ علمهَا.
وَيُقَال: هُوَ عَالم بَبَجْدَةِ أمركَ، وبِبُجْدَةِ أَمرك: أَي عَالم بِدِخْلةِ أَمرك.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بَجْدٌ من النَّاس أَي جمَاعَة، وَجمعه: بُجُودٌ.
وَقَالَ كَعْب بن مَالك:
تلوذ البُجُودُ بأَذْرائِنَا
من الضّر فِي أَزَمَاتِ السِّنينا

(10/355)


وَيُقَال للرجل الْمُقِيم بالموضع: إِنَّه لَبَاجِدٌ، وَأنْشد:
فَكيف وَلم تُنْفَطْ عَنَاقٌ وَلم يُرَعْ
سَوَامٌ بِأَكْنَافِ الأحِزَّة بَاجِدُ
قَالَ أَبُو زيد: كل بِجادٍ: شقة من شقَاق بيُوت الْأَعْرَاب، وَجمعه: بُجُدٌ.
وَيُقَال للشقة من البُجُد: فليج، وَجمعه: فُلُجٌ.
قَالَ: ورفُّ الْبَيْت: أَن يَقْصُرَ الكِسْرُ عَن الأَرْض، فيوصَلَ بخِرْقَةٍ من البُجُد أَو غَيرهَا ليبلغ الأَرْض، وَجمعه: رُفُوفٌ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: رفائف الْبَيْت: أكسية تُعلَّق إِلَى الشقاق حَتَّى تلْحق بِالْأَرْضِ.
دبج: قَالَ اللَّيْث: الدِّيباجُ: أصوب من الدَّيبَاجِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عبيد فِي الدِيباج والدِيوان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدِّيْبَاجُ كَانَ فِي الأَصْل: الدِّبَّاجُ فقُلبت إِحْدَى الباءين يَاء، وَكَذَلِكَ: الدِّينَار، أَصله: الدنَّار، وَكَذَلِكَ قِيرَاط، أَصله: قِرَّاط، وَلذَلِك جُمع الدِّيْبَاج دَبَابِيجَ، وَمثله: ديوانٌ جُمع دواوين.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الدِّيبَاجَتَانِ: الخدَّان، وَيُقَال: هما اللَّيتان.
وَقَالَ ابْن مقبل:
يخدى بهَا بازل فُتْلٌ مَرَافِقُهُ
يجْرِي بِدِيْبَاجَتَيْهِ الرشح مُرتَدِعُ
وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ لَهُ طيلسان مُدَبَّجُ، قَالُوا: هُوَ الَّذِي زُيّن تطاريفه بالدِّيبَاجِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مدبَّج وَهُوَ الْقَبِيح الرَّأْس والخِلقة.
قَالَ: والمُدَبَّجُ: ضرب من الْهَام، وَضرب من طير المَاء، يُقَال لَهُ أغبر مُدَبَّج منتفخ الريش قَبِيح الهامة، يكون فِي المَاء مَعَ النُّحَامِ.
دجب: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّجُوبُ: جُوَالِقٌ يكون مَعَ الْمَرْأَة فِي السّفر خَفِيف، وَأنْشد:
هَل فِي دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيْطِ
وذيلة تشفي من الأطيط
قَالَ: والوَذْيِلَةُ: قِطْعَة من سَنَام تُشَقُّ طولا، والأطيط: عصافير الجُوعِ.
ج د م
جدم، جمد، دجم، دمج، مجد، مدج: مستعملة.
مدج: قَالَ اللَّيْث: مُدَّجٌ: اسْم سَمَكَة بجرية. وَأَحْسبهُ معرَّباً.
جدم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للْفرس: إجْدَم، وأقدِم إِذا هِيْجَ ليَمْضِيَ، وأقدِمْ: أجودهما.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَدَمَةُ: الْقصير، وجَمْعُها: جَدَمٌ. وَأنْشد أَبُو

(10/356)


الْهَيْثَم:
فَمَا ليلى من الهَيْقَاتِ طُولاً
وَمَا ليلى من الجَدَمِ القِصَارِ
والجُدَامُ: أصل السَّعُفِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ على تِلْكَ الدِّجْمَةِ والدِّمَجةِ أَي الطَّرِيقَة.
(ابْن الْأَعرَابِي) : نَخْلَة جُدَامِيَّةٌ: كَثِيرَة السعف.
وَفِي نَوَادِر الْأَعْرَاب: أجدَمَ النّخل، وزبَّب إِذا حَمَلَ حَمْلاً صِيْصَاء.
جمد: (اللَّيْث) : الجَمَدُ: المَاء الجامد، وَقد جَمَدَ يَجْمُدُ جُمُوداً.
وَيُقَال: لَك جامد هَذَا المَال وذائبه، أَي مَا جَمَدَ مِنْهُ، وَمَا ذاب.
ومُخَّةٌ جَامِدَةٌ أَي صُلبة، وَرجل جَامِدُ الْعين إِذا قلَّ دَمْعُهُ.
وَسنة جَمَادٌ: جَامِدَةٌ لَا كَلأَ فِيهَا وَلَا خِصْبَ وَلَا مَطَرَ.
وَأجْمَدَ الْقَوْم إِذا بَخِلُوا، وقلَّ خَيرهمْ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَمَدَ الرجل يَجْمُدُ فَهُوَ جَامِدٌ، إِذا بَخِلَ بِمَا يلْزمه من الْحق.
وَأَجْمَد يُجْمِدُ إجْمَاداً فَهُوَ مُجْمِدٌ إِذا كَانَ أَمينا بَين الْقَوْم.
قَالَ: والجامدُ: الْبَخِيل.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّد بن عمرَان التَّيْمِيّ: إِنَّا وَالله لَا نَجْمُدُ عِنْد الْحق، وَلَا نتدفق عِنْد الْبَاطِل.
واحتجَّ غَيره فِي المُجْمِدِ بقول طرفَة:
وأصفر مضبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ
على النَّار واستودعته كفَّ مُجْمِدِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المُجْمِدُ: الْأمين مَعَ شح لَا يخدع:
وَقَالَ خَالِد: رجل مُجْمِدٌ: بخيل شحيح.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: اسْتوْدعت هَذَا القِدْحَ رجلا يَأْخُذهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ فَلَا يخرج من يَدَيْهِ شَيْء.
(شمر) : قَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُمُدُ: مَكَان حَزْنٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع الغليظ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجُمُدُ: قارة لَيست بطويلة فِي السَّمَاء، وَهِي غَلِيظَة تَغْلُظُ مرّة، وتلين أُخْرَى، تُنبت الشّجر، وَلَا تكون إِلَّا فِي أَرض غَلِيظَة، سُمِّيَت جُمُداً من جُمُودها أَي يُبسها.
والجُمُدُ: أَصْغَر الآكام، يكون مستديراً، والقارة: مستديرة طَوِيلَة فِي السَّمَاء، وَلَا ينقادان فِي الأَرْض، وَكِلَاهُمَا غليظ الرَّأْس، ويسميان جَمِيعًا أكَمَةً.
قَالَ: وَجَمَاعَة الجُمُد: جِمَادٌ، يُنبت البَقْلَ وَالشَّجر.

(10/357)


قَالَ: وَأما الجُمُود فأسهل من الجُمُدِ، وأشدُّ مخالَطَةً للسُّهُول، وَتَكون الجُمُود فِي ناحيةِ القُفِّ، وناحيةِ السُّهول.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: وَأَرْض جَمَادٌ: جَامِدَةٌ لم يُصِبْها مَطَرٌ، وَلَا شَيْء فِيهَا.
وَقَالَ الكُمَيتُ:
أمرعَت فِي نداه إِذْ قحط القط
ر فأمسى جَمَادُها ممطورا
ويُجمع الجُمُد: أجْمَاداً أَيْضا.
قَالَ لبيد:
فأجمادَ ذِي رَقْدٍ فأكنافَ ثادِقٍ
والجَمَادُ: النَّاقة لَا لبن بهَا.
وَسنة جَمَادٌ: لَا مطر فِيهَا وَقَالَ الشَّاعِر:
وَفِي السَّنَةِ الجَمَادِ يكُونُ غَيْثاً
إِذا لم تُعط درَّتها العَصُوب
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَوَامِدُ: الأُرَفُ، وَهِي الْحُدُود بَين الْأَرْضين، وَاحِدهَا: جَامِدٌ.
قَالَ: وَفُلَان مُجَامِدِي إِذا كَانَ جَارك بَيْتَ بَيْتَ، وَكَذَلِكَ: مُصَاقِبي، ومُؤَارفي، ومُتَاخمي.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا وُضِعَتِ الجَوَامِدُ فَلَا شُفعة) .
(أَبُو عمرٍ و) : سَيْفٌ جَمَّادٌ: صَارِمٌ: وَأنْشد:
وَالله لَو كُنتمْ بِأَعْلَى تَلْعَةٍ
من رأسِ قُنْفُذ أَو رُؤُوسِ صِمَادِ
لَسمِعْتُمُ مِنْ حَرِّ وَقْعِ سُيُوفِنَا
ضَرْباً بكُلِّ مُهَنَّدٍ جَمَّادِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمَادَيَانِ: اسمان معرفَة لشهرين، فَإِذا أضفتَ قلتَ: شهرا جُمادى، وَشهر جُمادى.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم: جُمَادَى سِتَّة هِيَ جُمَادَى الْآخِرَة وَهِي تَمام سِتَّة أشهر من أول السّنة، ورَجَبَ هُوَ السَّابِع، وجُمادى خَمْسَة هِيَ جُمادى الأولى، وَهِي الْخَامِسَة من أول شهور السّنة، قَالَ لبيد:
حَتَّى إِذا سَلَخَا جُمادى سِتَّة
هِيَ جُمَادَى الْآخِرَة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الشتَاء عِنْد الْعَرَب: جُمَادَى، لجُمُود المَاء فِيهِ، وَأنْشد للطِّرِمَّاح:
لَيْلَة هَاجَت جُمادية
ذَات صرَ جِربِيَاء النّسام
أَي لَيْلَة شتوية، وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
إِذا جُمادى مَنَعَت قَطْرَهَا
زَان جنابي عطَنٌ مُغْضِفَ
(سَلمَة عَن الفرَّاء) : الجِمَاد: الْحِجَارَة، وَاحِدهَا: جُمُدٌ.
(الْكسَائي) : ظلَّت الْعين جُمَادَى أَي جَامِدَةٌ لَا تَدْمَعُ، وَأنْشد:
مَنْ يطعم النّوم أَو يبت جَذَلاً
فالعين منِّي للهَمِّ لم تَنَمِ

(10/358)


ترعَى جُمَادَى النَّهَار خاشِعَةً
وَاللَّيْل مِنْهَا بِوَاكِفِ سَجِمِ
أَي ترعى النَّهَار جَامِدَةً، فَإِذا جاءها اللَّيْل بَكت.
دمج: قَالَ الليثُ: دَمَجَتِ الأرنبُ تَدْمُجُ فِي عدوهَا، وَهُوَ سرعةُ تقاربِ قَوَائِمهَا فِي الأرضِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) دَمَجَ عَلَيْهِم وَدَمرَ، وادْرَمَّجَ، وتَعلَّى عَلَيْهِم، كلٌّ بمعنىَ واحدٍ.
وَقَالَ الليثُ: متنٌ مُدْمَجٌ، وَكَذَلِكَ الأعضاءُ المُدْمَجَةُ كَأَنَّهَا أدمجِتْ ومُلِّسَتْ كَمَا تُدِمجُ الماشطةُ مِشطَة المرأةِ إِذا ضفرَتْ ذوائِبَها.
وكُلُّ ضفيرةٍ مِنْهَا عَلَى حِيالها تُسمَّى دَمجاً وَاحداً.
قَالَ: والدُّمُوجُ: الدُّخُولُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ليلةٌ دامجةٌ، وليلٌ دامجٌ أَي مظلمٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَدَامَجَ القومُ عَلَى فلانٍ تَدَامُجاً إِذا تَضَافَرُوا عليهِ.
وصُلحٌ دُمَاجٌ أَي مُحْكَمٌ، وَقَالَ ذُو الرمةِ:
وإذْ نحنُ أسبابُ المَوَدَّةِ بَيْنَنَا
دُمَاجٌ قُوَاهَا لم يَخُنْهَا وصولُهَا
وادَّمجَ فِي الشيءِ إدِّماجاً، وانْدَمَجَ فِيهِ اندماجاً إِذا دخل فِيهِ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الدُّمَاجُ: الصُّلْح على دَخَنٍ.
مجد: قَالَ اللَّيْث: المَجْدُ: نيل الشّرف، وَقد مَجَدَ الرجل، ومَجُدَ: لُغَتَانِ، والمَجْدُ: كرم فعاله، وَالله تبَارك وَتَعَالَى هُوَ الْمجِيد، تَمَجَّدَ بفعاله، ومَجَّدَهُ خُلُقُهُ لِعَظَمَتِهِ، وَقَالَ جلّ وَعز: { (الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (البروج: 15) .
قَالَ الفرَّاء: خَفَضَهُ يحيى وَأَصْحَابه كَمَا قَالَ: {مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ} (البروج: 21) فوصف القرآنَ بالمجَادَةِ. وَقَالَ غَيره: يُقْرَأُ: (بل هُوَ قرآنُ مَجِيدٍ) وَالْقِرَاءَة: {هُوَ قُرْءَانٌ} ، وَمن قَرَأَ: (قرآنُ مجيدٍ) ، فَالْمَعْنى: بل هُوَ قُرْآن ربَ مَجِيدٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قرآنٌ مجيد، المَجيدُ: الرفيع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى المجيدِ: الكريمُ، فَمَعْنَى خفضَ المجيدِ فَمن صفة الْعَرْش، وَمن رفع فَمن صفة ذُو.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: مَجَدْتُ الدَّابَّة إِذا علفتها ملْء بَطنهَا مُخَفّفَة، وَأهل نجد يَقُولُونَ: مَجَّدتُها إِذا علفتها نصف بَطنهَا.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مَجَدَتِ الإبِلُ إِذا وقَعَتْ فِي مرعًى كثيرٍ واسعٍ.
وأمجَدَهَا المرعى، وأمجَدتُها أَنا، قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا شبعت الْغنم مَجَدَتِ

(10/359)


الْإِبِل تمجُدُ مَجْداً.
والمَجْدُ: نحوٌ من نصف الشِّبَع، وَقَالَ أَبُو حَيَّةَ فِي صفة امْرَأَة:
... ... . . وليسَتْ
بِمَاجِدَةٍ للطعام وَلَا الشرابِ
أَي لَيست بكثيرة الطَّعَام وَلَا الشَّرَاب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أمجَدْتُ الدَّابَّة علفاً: أكثرتُ لَهَا ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: مَجَدَتِ الْإِبِل مُجُوداً إِذا نَالَتْ من الْكلأ قَرِيبا من الشِّبَعِ، وعُرف ذَلِك فِي أجسامها، وأمْجَدَ الْقَوْم إِبلَهُم، وَذَلِكَ فِي أوَّلِ الرّبيع.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب (فِي كل الشّجر نَار، واستَمْجَدَ المَرخ والعَفَار) أَي استكثرا من النَّار فصلحا للاقتداحِ بهما.
يُقَال أمْجَدَ فلَان عطاءه، ومَجَّده إِذا كثَّره، قَالَ عديٌّ:
فاشتراني وَاصْطَفَانِي نِعْمَةً
مجَّد الهِنْءَ وَأَعْطَانِي الثّمن
ومَجْدُ: بنت تَمِيم الأدرم بن عَامر بن لؤيَ هِيَ أم كلاب وَكَعب وعامر، وكُلَيْبٍ بَنِي ربيعةَ بن عامرٍ، وَذكرهَا لبيدٌ ففخرَ بهَا:
سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وأَسْقَى
نُميراً والقبائلَ من هِلَال
دجم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّجُومُ واحدهُمْ: دِجْمٌ، وهم خاصةُ الخاصةِ، ومثلهُ: قِدرٌ وقدورٌ.
قَالَ اللَّيْث: ويقالُ: انْقَشَعَتْ دُجَمُ الأباطيلِ، وإنهُ لَفِي دُجَمِ الهوَى أَي فِي غمراتهِ وظُلَمِهِ، الواحدةُ: دُجْمَةٌ.
(قلت) : وَقَالَ غيرُهُ: دِجْمَةٌ ودِجَمٌ، وَهِي العاداتُ:
ودِجْمُ الرجُلِ: صاحِبُهُ وخليلهُ.
وفلانٌ مُداجِمٌ لفلانٍ، ومُدَامِجٌ لهُ، وَقَالَ رؤبة:
وكَلَّ مِنْ طُولِ النِّضَال أسْهُمُه
واعْتَلَّ إِذْ بَانَ الصِّبَا ودِجَمُهْ

(10/360)


(أَبْوَاب الْجِيم والتّاء)
ج ت ظ ج ت ذ ج ت ث: مهملات.
ج ت ر
ترج، تجر، رتج: مستعملات.
ترج: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: تَرِجَ الرجلُ على (فَعِلَ) ، إِذا أَشكَلَ عَلَيْهِ الشيءُ من عِلْمٍ أَو غَيره.
وتَرْجٌ، مَأْسَدَةٌ بِنَاحِيَة الغَوْر، والأُتْرُجُّ: مَعْرُوف، والعوام يَقُولُونَ: أُتْرُنْجٌ، وتُرُنْجٌ. وَالْأولَى كَلَام الفصحاء. عَمْرو عَن أَبِيه تَرَجَ: إِذا استتر، ورَتِجَ، إِذا أَغلق كلَاما أَو غَيره.
تجر: قَالَ اللّيث: التَّجْرُ: جَماعة التّاجر وهم التُّجَّار أَيْضا، وَقد تَجَرَ يَتْجَرُ تِجارَة، وَأَرْض مَتْجَرَةٌ: يُتْجَرُ إِلَيْهَا.
وَالْعرب تَقول: نَاقَة تاجِرَة، إِذا كَانَت تَنْفُقُ إِذا عُرِضت على البيع لِنجابَتها، ونُوقٌ تَواجر، وَأنْشد الأصمعيّ:
مَجَالِحٌ من سِرِّها التَّواجِرُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: تَقول الْعَرَب: إِنَّه لتاجر بذلك الْأَمر، أَي حاذق بِهِ، وَأنْشد:
لَيْسَتْ لقومي بالكَنيفِ تجارَةٌ
لكَنَّ قومِي بالطِّعانِ تِجَارُ
وَيُقَال: رَبِحَ فلَان فِي تِجَارَته، إِذا أَفضَلَ، وأربح، إِذا صَادف سُوقاً ذاتَ رِبحْ.
رتج: قَالَ شِمَر: فِي الحَدِيث: (مَنْ ركب الْبَحْر إِذا أَرْتَجَ فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة) . قلت: هَكَذَا قَيَّده شَمِر بخَطِّه، قَالَ: وَيُقَال: أَرْتَجَ البحرْ، إِذا هَاج.
قَالَ: وَقَالَ الغِتْريفيّ: أَرَتَجَ البحرُ، إِذا كَثُر ماؤُه فَغَمر كلَّ شَيْء، قَالَ: وَقَالَ أَخُوهُ: السَّنَةُ تُرْتِجُ، إِذا أَطْبَقَتْ بالجدْب،

(11/5)


ولَمْ يجِد الرجل مِنْهُ مَخْرجاً. وَكَذَلِكَ إرْتاجُ البحرِ: لَا يَجِدُ صاحِبُه مِنْهُ مخرجا.
وإرْتاجُ الثَّلْج: دَوامه وإطْباقُه، وإرْتاجُ الْبَاب مِنْهُ. قَالَ: والخِصْب إِذا عَمَّ الأَرْض فَلم يُغادِرْ مِنْهَا شَيْئا، فقد أَرْتَج، وَأنْشد:
فِي ظُلْمَةٍ من بعيدِ القَعْر مُرْتاجِ
سَلَمة، عَن الفرّاء، يُقال: بِعَلَ الرجل ورَتِجَ، ورَجِيَ، وغَزِلَ: كلُّ هَذَا إِذا أَرَادَ الْكَلَام فأُرْتِجَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: الرِّتاجُ: الْبَاب المُغْلَق، وَقد أَرْتَجَ البابَ: إِذا أَغلقه إغلاقاً وثيقاً وَأنْشد:
أَلَم تَرَنِي عاهدتُ ربِّي وإنني
لَبَيْنَ رِتاجٍ مُقْفَلٍ ومَقامِ
وَيُقَال: أَرْتِجَ على فلَان، إِذا أَرَادَ قولا أَو شعرًا فَلم يصل إِلَى تَمَامه، وَقَالَ: فِي كَلَامه رَتَجٌ أَي تَتَعْتُع.
وَقَالَ غَيره: أَرْتَجت الأتانُ: إِذا حَمَلَتْ، فَهِيَ مُرْتِج.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
كأنّا نَشُدُّ الْمَيْسَ فَوق مَراتِجٍ
من الحُقْبِ أَسْفَى حَزْنُها وسُهولُها
وناقةٌ رِتاجُ الصَّلا: إِذا كَانَت وَثيقَةً وَشِيجة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
رِتَاجُ الصَّلا مَكْنوزَةُ الْحاذِ يَسْتَوي
على مِثْلِ خَلْقاءِ الصَّفاةِ شَلِيلُها
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لأَنْفِ الْبَاب: الرِّتاجُ، ولِدَرَوَنْدِه: النِّجَافُ، والنَّجران، ولِمتْرَسِه: الْقُنّاحُ.
وَقَالَ شمر رَتِجَ فِي مَنْطِقه، وأُرْتِجَ عَلَيْهِ، إِذا استغلق عَلَيْهِ الْكَلَام، وَأَصله مَأْخُوذ من الرِّتاج، وَهُوَ الْبَاب، وأَرْتَجْتُ البابَ إِذا أَغْلَقْتَه.
وَقيل للحامل: مُرتِج؛ لِأَنَّهَا إِذا عَقَدَتْ على ماءِ الفَحل انسَدَّ بابُ رَحمهَا فَلم يدْخلهُ شَيْء، فَكَأَنَّهَا أَغْلقته على مَائه.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرّتَجُ: استغلاقُ الْقِرَاءَة على القارىء، يُقَال: أُرْتِجَ عَلَيْهِ واسْتُبهِمَ عَلَيْهِ.
وأرتجت الدجاجةُ: إِذا امْتلأَ ظهرهَا بَيْضاً، وأمكنت الضَّبَّةُ كَذَلِك.
ج ت ل
اسْتعْمل من وجوهه: تلج، جلت.
تلج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التُّلَجُ: فَرْخُ العُقاب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: التّوْلَج: الكِناس؛ وَأنْشد:
مُتَّخِذاً فِي صَفَوَاتٍ تَوْلَجا
وَيُقَال لَهُ: الدَّوْلَج، وَالْأَصْل وَوْلَج، فقلبت إِحْدَى الواوين تَاء.
جلت: يُقَال: جَلتُّهُ عشْرين سَوْطاً: أَي ضَربتَه. قلت: أَصله جَلَدْتُه، فأُدْغِمَت الدَّال فِي التّاء.
وجالوت: اسْم أَعْجَمِيّ لَا ينْصَرف.

(11/6)


قَالَ الله: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} (الْبَقَرَة: 251) .
وَيُقَال: اجْتَلَتُّه، واجتلدْتُه: أَي شربتُه أجمع.
ج ت ن
اسْتعْمل من وجوهه: نتج.
نتج: قَالَ اللَّيْث: النِّتاج: اسمٌ يجمَعُ وَضْعَ الغَنَم، والبهائم. وَإِذا وَلِيَ الرّجلُ نَاقَة ماخِضاً ونِتاجَها حَتَّى تضع، قيل: نَتَجها نَتْجاً، ونِتاجاً.
وَقد نُتِجَت النَّاقة، إِذا ولدت، وَلَا يُقَال نَتَجَت، وَلَا يُقَال: نُتِجَتْ الشاةُ إِلَّا أَن يكون إنسانٌ يَلِي نِتاجَها، وَلَكِن يُقَال: نتَجَ الْقَوْم، إِذا وضعت إبلُهم وشاؤُهم.
قَالَ، وَمِنْهُم من يَقُول: أَنْتَجت النَّاقة: أَي وَضعَت. قلت: هَذَا غلط، لَا يُقَال أَنْتجت النَّاقة بِمَعْنى وضعت.
وروى أَبُو عُبَيْد، عَن أبي زيد: أَنْتَجت الفَرس، فَهِيَ نَتوج، ومُنْتِج: إِذا دنا وِلادُها، وعَظم بَطنُها.
قَالَ: وَإِذا ولدت النّاقة من تِلْقَاء نَفسهَا، وَلم يل نِتاجها أَحدٌ قيل: قد أَنْتَجَت، وَقد نَتَجْتُ النَّاقة أنتِجُها، إِذا ولِيتَ نِتاجها، فَأَنا ناتج، وَهِي مَنْتوجة.
وَقَالَ ابْن حِلِّزَة:
لَا تكْسَع الشَّوْلَ بأَغْبارِها
إنَّك لَا تَدري مَنِ النّاتجُ
وَقد قَالَ الْكُمَيْت بَيْتا فِيهِ لفظٌ لَيْسَ بمستفيضٍ فِي كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ قَوْله:
لِيَنْتَتجُوها فِتْنةً بعد فتنَة
أَي لِيُولِّدوها، وَالْمَعْرُوف فِي كَلَامهم ليَنْتِجُوها.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: النِّتاج يكون لِلْإِبِلِ وَالْبَقر، وَلَا يُقَال للشاء. قَالَ: وَيُقَال للِّبأ اللِّبانُ أَيْضا. والمُفَصِّح: الَّذِي قد ذهب اللِّبَأُ عَنهُ، وَهُوَ الفِصْحُ والمُفْصِّح، لِأَن اللِّبأ خاثر مثل الصمغ فَإِذا ذهب اللِّبأُ عَنهُ خرج رَقِيقا طيِّباً.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّتُوج: الْحَامِل من الدَّواب، فرسٌ نَتُوجٌ، وأَتانٌ نَتُوجٌ: فِي بَطنهَا وَلَدٌ قد اسْتبان، وَبهَا نتاج، أَيْ حَمْلٌ.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول للنَّتوج من الدَّوَابّ: قد نَتَجَت، بِمَعْنى حَمَلت، وَلَيْسَ بعامّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت، قَالَ يُونُس: يُقَال للشاتَيْنِ إِذا كَانَا سِنّاً وَاحِدَة: هما نَتِيجةٌ، وَكَذَلِكَ غَنَمُ فلانٍ نَتَائِج، أَي فِي سِنَ وَاحِدَة ومَنْتِجُ النَّاقة: حَيْثُ تُنْتَجُ فِيهِ أَي تلدِ، أنْشد أَبُو الْهَيْثَم لذِي الرمة:
قد أنْتُتِجَتْ من جَانب من جُنوبها
عوانا وَمن جنب إِلَى جَنْبِ بَكْراً
قَالَ انْتُتِجت على (افْتُعِلَتْ) من نُتِجَتْ، فاستجاز ذُو الرمة (انْتُتِجَتْ) فِي معنى (نُتِجَتْ) لَا فِي معنى (انْتَتَجَتْ) . قَالَ: وانْتَتَجَت الناقةُ انْتِتاجاً إِذا ولدت، وَلَيْسَ قربهَا أحد.

(11/7)


ج ت ف
اسْتعْمل مِنْهُ: جَفتْ.
وَأما التَّجفاف فَهُوَ اسمٌ على (تِفْعَال) من المضاعفَ، من جَفّ يَجِفُّ وجفَّفَ، وَقد مرّ تَفْسِيره.
وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : اجْتَفتُّ المالَ، واكْتَفتُّه، وازْدَفَتُّه، وازْدَعَبْتُه، واكْتَلطْتُه، واكْتَدَرتُه إِذا استحبتَه أجمع. ازْدَفْتُّه افْتعلت من زَفَتُّ.
ج ت ب
اسْتعْمل من وجوهها: جبت، تجب.
جبت: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (النِّسَاء: 51) .
قَالَ الزّجاج، قَالَ أهل اللُّغَة: كلُّ معبود من دون الله جِبْتٌ وطاغوت.
قَالَ: وَقيل: الجِبْتُ والطَّاغوت: الكَهَنة وَالشَّيَاطِين. وَجَاء فِي التَّفْسِير الجبت والطَّاغُوت: حُيَيّ بن أخْطَب، وكعبُ بن الأشْرف اليهوديان.
قَالَ: وَهَذَا غير خَارج مِمَّا قَالَ أهْلُ اللُّغَة، لِأَنَّهُمَا إِذا اتبعُوا أَمرهمَا فقد أطاعوهما من دون الله.
قلت: وَقد رُوِي هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، من رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة.
قَالَ الطَّاغوت: كعبُ بنُ الأشْرف، والجِبْتُ حُيَيُّ بن أَخطب، وَقَالَهُ الضَّحاك.
وَأما الشعبيّ، وَعَطَاء، وَمُجاهد، وَأَبُو الْعَالِيَة، فقد اتَّفقُوا على أَن الجِبْت: السِّحر والطَّاغوت: الشَّيْطان.
وَنَحْو ذَلِك رُوي عَن عمر بن الْخطاب: حَدثنَا السعديُّ عَن عُثْمَان، عَن أبي عُمر الحوْضِيّ، عَن شُعْبه، عَن ابْن أبي إِسْحَاق، عَن حسان بن أبي قَائِد، عَن عمر، قَالَ: الجِبْتُ: السِّحر، والطاغوت: الشَّيْطَان.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِبْتُ: رَئِيس الْيَهُود، والطاغوت رَئِيس النَّصَارَى.
تجب: قَالَ اللَّيْث: التِّجابُ من حِجَارَة الفِضَّة: مَا أُذيب مَرَّة، وَقد بَقِيت فِيهَا فِضَّة، والواحدة تِجَابة.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّجْبابُ: الخَطُّ من الفِضَّة يكونُ فِي حَجَرِ الْمَعْدن، وتَجُوب: قَبيلَةٌ من قبائل الْيمن.
ج ت م
اسْتعْمل من وجوهها: متج.
متج: قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدَع يَقُول: سِرْنا عُقْبَةً مَتُوجاً. ومَتُوجاً أَي بَعِيدَةً، وَذكره فِي بَاب الْجِيم والحاء. وَيُقَال أَيْضا فِي بَاب الْجِيم وَالْخَاء.
سَمِعت أَبَا السميدع، ومُدْركاً، ومُبْتَكِراً

(11/8)


الجَعْفَرِ يَّيْن، يَقُولُونَ: سِرْنا عُقْبَةً مَتُوجاً ومَتُوخاً، أَي بَعيدة، فَإِذا هِيَ ثَلَاث لُغَات مَتُوحٌ، ومَتوخ، ومتُوج.

(أَبْوَاب الْجِيم والظّاء)
ج ظ ذ ج ظ ث ج ظ ر ج ظ ل ج ظ ن: مهملات.
ج ظ ف
اسْتعْمل مِنْهُ: جفظ.
جفظ: ثَعْلَب، عَن سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الجفيظ: المَقْتُول المُنْتَفخ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: المُجْفَئِظُّ: الْمَيِّت المُنْتَفخ.
أَبُو عَمْرو: المُجْفَئِظُّ: كل شَيْء يُصبح على شَفا الْمَوْت من مرضٍ أَو شَرَ أَصَابَهُ، تَقول أصبح مُجْفِئِظّاً.
قَالَ: والْمجفَئِظُّ: الْمَيِّت المنتفخ.
ج ظ ب ج ظ م
أهملت وُجُوههمَا.

(أَبْوَاب الْجِيم والذال)
ج ذ ث: مهمل
ج ذ ر
جذر، جرذ: مستعملان.
جذر: قَالَ اللَّيْث: الجَذْرُ: أَصْلُ اللِّسان، وأصل الذَّكَر، وأَصلُ كلِّ شيءْ، قَالَ: وأَصلُ الْحساب الَّذِي يُقال: عَشَرة فِي عشرَة أَو كَذا فِي كَذَا، نقُول: مَا جَذْرُه؟ أَي مَا مَبْلَغُ تمامِهِ فَتَقول: عَشَرة فِي عشرَة، مائَة. وَخَمْسَة فِي خَمْسَة، خَمْسَة وَعِشْرُونَ؛ فَجذْر مائَة عَشرة، وجَذْر خَمسةٍ وَعشْرين، خَمْسَة.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ بنِ الْيَمَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلتِ الأَمانَةُ فِي جَذْرِ قُلُوب الرّجال، ثمَّ نَزَلَ الْقُرْآن، فعلِموا من القُرآن، وَعَلمُوا من السّنة، ثمَّ حدَّثنا عَن رَفْع الْأَمَانَة فِي حَدِيث طَوِيل.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الْأَصْمَعِي، وَأَبُو عَمْرو الجَذْرُ: الأَصْل من كلِّ شَيْء.
وَقَالَ زُهَيْر يصف بقرة وحشية:
وسامِعَتَيْن تَعْرِفُ العِتْقَ فيهمَا
إِلَى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعوب مُحَدَّدِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الجِذْرُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: بالفَتح.
وَقَالَ ابْن جبلة: سَأَلت ابنَ الأعرابيّ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ جَذْرٌ وَلَا أَقولُ جِذْر بِالْكَسْرِ. قَالَ: والجَذْرُ: أصْلُ حِسَاب ونَسب، والجِذْرُ بِالْكَسْرِ: أصلُ شَجَرَة، وَنَحْو ذَلِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجَذَّرُ: القَصِيرُ من الرّجال.
أَبُو زيد: جَذَرْتُ الشّيء جَذْراً وَأَجْذَرْتُه إِذا اسْتَأْصلْتَه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَذَرْتُ الشيءَ

(11/9)


أجْذِرُه جَذْراً: إِذا قطعتَه.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال إِنَّه لَشديدُ جَذرِ اللّسان أَي أَصله، وشَديدُ جَذْر الذَّكَر: أَي أَصله.
قَالَ الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجلامِيدِ فُتِّحَتْ
أَحالِيلُها حَتَّى اسْمَأَدَّتْ جُذُورها
أَي أُصُولهَا.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الجَذْرُ: جَذْرُ الْكَلَام، وَهُوَ أَن يكونَ الرجلُ مُحْكماً لَا يَسْتعين بأَحد، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يُعاب. فَيُقَال: قاتلَه الله، كَيفَ يَجْذِرُ فِي المُجادلة؟
وقالَ أَسِيد: الجَذْرُ أَيْضا: الانْقطاع من الحَبْل والصَّاحب والرُّفقة وَمن كُلِّ شَيْء، وَأنْشد:
يَا طَيبَ حَالَ قَضَاهُ الله دونكم
واسْتحصَد الحبْلُ مِنْك اليومَ فانجذَرا
أَي انْقَطع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجِذْرُ بِكَسْر الْجِيم: الأَصل.
جرذ: أَبُو عُبيدة: الْجَرَذُ: كلُّ مَا حَدَثَ فِي عُرقوبِ الْفرس من تَزَيُّد أَو انْتفاخِ عَصَبِ، وَيكون فِي عُرضِ الكَعْب من ظاهِرٍ أَو بَاطِن، وقرأت فِي (كتاب الْخَيل) لِابْنِ شُمَيل، قَالَ: أمَّا الْجرَذُ بالذَّال فَوَرَمٌ يأخُذُ الفَرس فِي عُرض حافِره، وَفِي ثَفِنَتِهِ من رِجله حَتَّى يَعْقِرَه وَرَمٌ غَليظ يَتَعَقَّر، وَالْبَعِير يَأْخُذُه أَيْضا.
قَالَ: والجَرْدُ بِالدَّال بِلَا تعجيم: ورَمٌ فِي مُؤخَّر عُرقوب الفَرس، يَعظُم حَتَّى يمنعُه المشيَ والسَّعْي.
قلت: وَلم أسْمع الجَرَدَ بالدَّال فِي عُيوب الْخَيل لغير ابْن شُمَيْل، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُون، وَقد ذكرَ الجَرَدَ والجَرَذَ فِي عُيوب الْخَيل بمعنيين مُختلفين.
وَأما أَبُو عُبَيْدة فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الجردَ بِالدَّال، وَكَذَلِكَ الْأَصْمَعِي وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَرَذُ، بِالذَّالِ: داءٌ يأْخُذُ فِي قَوائم البِرْذَوْن. دَابَّةٌ جَرِذ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الجرَذ داءٌ يأْخذ فِي مَفْصِل العُرقوب، فيكوي مِنْهُ تمشيطاً فَيبْرأُ عُرقوبه آخِراً ضَخْماً غليظاً، فَيكون رديئاً فِي حمله ومشيه.
قَالَ: والجُرَذُ: اسمُ الذكرَ من الفار، وَجمعه جِرْذَان.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: جَرَّذَه الدَّهْر، ودَلَّكَه، وديَّثَه، ونَجَّذَه، وحَنَّكَه بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ المُجَرَّذُ والمُجَرَّسُ. روى ذَلِك أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: نَجَّذَه الدهرُ، وقلّحَهُ، وجرَّذَه إِذا أحكمه. قَالَ: وأجْرَذْت فلَانا من مَاله إِذا أخرجته من

(11/10)


مَاله. رَوَاهُ الإياديّ عَنهُ. أَبُو عبيد، عَن أبي عمرٍ و: المُجَرَّذُ، والمجرَّسُ والمُضَرَّسُ، والمُقَتَّلُ؛ كُله الَّذِي قد جرّب الْأُمُور.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجّرَذْتُه إِلَى كَذَا وَكَذَا، أَي اضْطَررته وَأنْشد:
كأَنَّ أوْبَ صَنْعَةِ الملاّذِ
يَسْتَهْيعُ المُراهِقَ المُحَاذِي
عافِيه سَهْواً غير مَا إجْراذِ
وعافيه: مَا جاءَ من عَدْوِه عفوا.
سَهْواً: عَفْواً سَهلاً، بِلَا حَثَ شَدِيد وَلَا إكْراه عَلَيْهِ.
جذل، جلذ، لجذ، ذجل، لذج، ذلج: مستعملة.
(ج ذ ل)
جذل: قَالَ اللَّيْث: الجَذْلُ: انتصابُ الحِمارِ الوحْشيّ وَنَحْوه ناصباً عُنُقَه.
وَالْفِعْل: جذَلَ يَجْذُلُ جُذُولاً.
قَالَ: وجَذِلَ يَجْذَلُ جَذَلاً، فَهُوَ جَذِلٌ، وجَذْلانٌ، وامرأةٌ جَذْلى، مثل فَرِح وفَرحان.
قلت وَقد أجَاز لبيد (جاذِلاً) بِمَعْنى (جَذِل) فِي قَوْله:
وعانٍ فَكَكْناه بِغَيْر سُوَامه
فأصْبح يَمشي فِي المَحلَّةِ جاذِلاً
أَي أصْبحَ فَرِحاً.
والجاذِل، والجاذي: المنْتَصِب، وَقد جَذا وجذَلَ يَجْذُو ويَجْذُلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْلُ: أصْل كلّ شَجرة حِين يذهب رَأسهَا، تَقول: صَار الشَّيْء إِلَى جِذْلِه أَي إِلَى أصْله.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لأصل الشَّيء جَذْلٌ وجِذْلٌ بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَكَذَلِكَ أصْل الشَّجَرة تَقْطَع، ورُبما جُعِلَ العُودُ جِذْلاً.
وَفِي الحَدِيث: كيفَ تُبْصِرُ القَذَاةَ فِي عين أخيكَ، وَلَا تُبْصِرُ الجِذْلَ فِي عَيْنك) .
جلذ: قَالَ اللَّيْث: الجُلْذِيُّ: الشَّديد من السّير.
قَالَ العجّاج يصفُ فلاة:
الخِمْسُ والْخِمسُ بهَا جُلْذِيّ
يَقُول: سَيْرُ خِمْس بهَا: شديدٌ.
الْأَصْمَعِي: ناقَةٌ جُلْذِيَّةِ: صُلْبةٌ شَدِيدَة. قَالَ: والجِلْذَاءَةُ: الأَرْض الغليظة، وَجَمعهَا جَلاَذِيّ، وَهِي الحِزْباءَة.
شَمِر، عَن ابْن شمَيْل: الجُلْذِيَّة: المكانُ الخَشِنُ الغليظُ من القُفّ، لَيْسَ بالمُرتفع جدا، يَقْطَع أخْفاف الْإِبِل، وقَلَّما يَنْقَادُ وَلَا يَنْبُتُ شَيْئا.
قَالَ اللَّيْث: والجُلْذِيَّةُ من الفَراسن أَيْضا: الغليظة الوكيعَةُ.
وسيْرٌ جُلْذِي وخمْسٌ جُلْذِيٌّ: شَدِيد.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي الاجْلِوَّاذُ، والاجْرِوَّاط فِي السّير: المضاءُ والسُّرعة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِلْذيَّةُ: النَّاقة

(11/11)


الغليظةُ الشَّدِيدَة شَبَّهها بِجِلْذَأَةِ الأَرْض وَهِي النَّشْر الغليظ.
واجْلَوَّذَ الْمَطَر: إِذا ذَهَب وقَلَّ، وَأَصله من الاجْلِوَّاذِ فِي السّير، وَهُوَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: والجَلاذِيُّ فِي شِعْر ابْن مُقْبل، جمع الجُلْذِيَّةِ، النَّاقة الصُّلبة. وَهُوَ:
صوتُ النَّواقيس فِيهِ مَا يُفرِّطُه
أيْدي الجَلاذِي وجُونٌ مَا يُعَفِّينا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَلاذِيّ: الصُّنَّاعُ، واحدهم جُلْذِيّ.
وَقَالَ غيرَة: الْجَلاذِيّ. خَدَمُ الْبيعَة؛ جَعَلهم جَلاذِيّ لِغِلَظِهِم.
ابْن الْأَعرَابِي: اجْلَوَّذ، إِذا أَسْرَع، وَمثله اجْرَهَدَّ، وَمثله قَوْله: واجْلَوَّذَ الْمَطَر.
ذجل: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الذَّاجِل: الظَّالم، وَقد ذَجَلَ إِذا ظلَمَ.
لجذ: أهمله اللَّيْث. ورَوى عَمْرو عَن أَبِيه: لجِذَ الكلبُ، ولَجَذَ، ولَجَنَ: إِذا وَلَغَ فِي الْإِنَاء. قَالَ: واللَّجْذُ: الْأكل بِطَرَفِ اللّسان، ونَبْتٌ مَلْجوذٌ: إِذا لم يتمكَّن مِنْهُ السِّن من قِصَرِه فَلَسَّتْه الْإِبِل.
قَالَ الراجز:
مثل الوَأَي المُبْتَقِلِ اللَّجَّاذِ
وَيُقَال للماشية إِذا أكلت الْكلأ، قد لُجِذَ الْكلأ، ولَجِذَ الكلبُ الْإِنَاء، إِذا لَحِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا سَأَلَك رجُلٌ فأعطيْتَه، ثمَّ سَأَلَك، قلت: لَجَذَني، يَلْجُذُني لجْذاً.
لذج ذلج: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْدِ: لَذَجَ الماءُ فِي حَلْقِهِ وذَلَجه بِمَعْنى وَاحِد.
ج ذ ن
استُعمِل من وجوهه: نجذ.
نجذ: قَالَ اللَّيْث: النَّجْذُ شِدَّةُ العَضِّ بالنَّاجِذ، وَهِي السِّنُّ، بَين النَّاب والأضْرَاس.
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: بَدَتْ نواجِذه، إِذا أظْهرها غَضَباً أَو ضَحِكاً.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل مُنَجَّذٌ، ومُنَجِّذٌ، وَهُوَ المجرَّب والمُجرِّب، وَهُوَ الَّذِي جرَّب الأمورَ وعَرفها، وَأنْشد:
أَخُو خَمْسين مُجْتمِعٌ أشُدِّي
ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُون
وَيُقَال للرجل إِذا بَلَغَ أشُدَّه: قد عَضَّ على ناجِذِه؛ وَذَلِكَ أنَّ الناجِذَ يَطلُعُ إِذا أسَنَّ، وَهُوَ أقْصَى الأضْراس.
وروى أَبُو عُمَر؛ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاس فِي النَّواجذ فِي الخَبَر الَّذِي جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه فَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّواجِذُ: أقْصى الأضْراس.

(11/12)


وَقَالَ غَيره: النَّواجِذ أدْنى الأضراس.
وَقَالَ غَيرهمَا: النَّواجِذ المضَاحِك.
قَالَ: وروى عبدُ خَيْرٍ، عَن عليّ أَنه قَالَ: إنَّ الملَكيْن قاعدان على ناجِذَي العَبد يِكْتُبان.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّواجِذُ فِي قَول عَلِيَ: الأَنْياب، وَهُوَ أَحْسنُ مَا قيل فِي النَّواجِذ، لأنّ الْخَبَر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جُلّ ضَحِكه تَبَسُّما.
ج ذ ف
أهمله اللَّيْث.
جذف: وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: جَذَفْتُ الشَّيْء: قطعْته بالذَّال.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
قاعِداً حوله الندامى فَمَا يَنْ
فَكُّ يُؤتَى بمُوكَرٍ مَجْذُوفِ
أَرادَ بالمُوكَر السِّقَاءُ الْمَلآنَ من الْخمر، والمجذوف: الَّذِي قُطِعَ قوائمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَذَفَه: قَطَعَه، قَالَ: والمجذُوف والمجدُوف: الْمَقْطُوع، وجَذَفَ الطائرُ إِذا كَانَ مقْصوصاً، وَقد مرَّ. أَبُو عَمْرو، وجَذَفَ الرَّجل فِي مَشْيه: إِذا أَسْرَع.
رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
ج ذ ب
جذب، جبذ، بذج: (مستعملة) .
جذب جبذ: قَالَ اللَّيْث: الجَذْبُ: مدُّك الشّيءَ. والجَبْذُ: لُغةُ تَمِيم:
قَالَ: وَإِذا خَطب الرجلُ امرأَةً فردَّته، قيل: جَذَبَتْه، وجَبَذَتْه.
قَالَ: وكأنَّه من قَوْلك جاذَبْته فجذَبْته، أَي غَلَبتْه، فَبَان مِنْهَا مَغلوباً.
قَالَ: وَيُقَال: انْجَذَبَ الرجل فِي سيره، وَقد انجذب بِهِ السّير.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَذَبَ الشَّهْرُ يَجْذِبُ جَذْباً، إِذا مضى عامَّتُه وَيُقَال للصبيِّ، أَو السَّخْلة إِذا فُصِل: قد جُذِب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
ثمَّ جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُه
وَيُقَال للناقة إِذا غَرَزَت وذَهب لبنُها: قد جَذَبَتْ، فَهِيَ جاذب والجمعُ: جَواذب.
قَالَ الْهُذلِيّ:
بِطَعْن كرَمْح الشَّوْل أَمْست غوارِزا
جواذبُها تأْبَى على المتَغَبِّر
وَيُقَال للرّجل إِذا كَرِعَ فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين: جَذَبَ نفسا أَو نفسين.
عَمْرو، عَن أَبِيه، يُقَال: مَا اَغنى عَنِّي جِذِبّاناً، وَهُوَ زِمامُ النَّعل وَلَا ضِمْناً، وَهُوَ الشِّسْع.
ابْن شُميل: بَيْننَا وَبَين بني فلَان نَبْذَةٌ وجَذْبَةٌ، أَي هُمْ مِنَّا قَريب.
والجَذْبُ: جُمَّارُ النّخل، والواحدة جَذَبة،

(11/13)


وَهِي الشَّحْمَةُ الَّتِي تكون فِي رَأس النَّخْلة، يُكْشَطُ عَنْهَا اللَّيفُ فتُؤكل، وَهُوَ الكَثْرُ.
وجَذَبَ فلانٌ حَبْلَ وِصاله وجَذَمَه: إِذا قَطَعَه.
وَقَالَ البعيث:
أَلاَ أَصْبَحَت خَنْساء جاذِمَة الْوَصْلِ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: ناقَةٌ جاذِبٌ: إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وَقْت مضْرِبها.
وَقَالَ النَّضر: يُقَال تَجَذَّبَ اللَّبَن: إِذا شَرِبَه.
وَقَالَ العُدَيْل:
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْل للظَّعن بَعْدَمَا
تَجَذَّبَ راعي الإبْلِ مَا قد تَحَلَّبا
بذج: رُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يُؤْتَى بابْنِ آدمَ يَوْم الْقِيَامَة كأَنَّه بذَجٌ من الذُّلِّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الفرّاء: البَذَجُ: ولد الضَّأْنِ، وَجمعه بِذْجَان، وَأنْشد:
قَدْ هَلكَتْ جارَتُنا من الْهَمَجَ
وَإِن تَجُعْ تأْكُلْ عَتُوداً أَوْ بَذَج
والعَتُودُ: من أَوْلاد المِعزَى.
ج ذ م
جذم: قَالَ الأصمعيّ: جِذْمُ الشَّجرة وجِذْيُها بِالْيَاءِ: أَصْلُها، وَكَذَلِكَ من كُلِّ شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْمَةَ: القِطعة من الشّيء، يُقْطَع طَرَفه وَيبقى جِذْمه، وجذْمُ الْقَوْم: أَصْلُهم، والجِذْمَةُ من السَّوْط: مَا تَقْطَّعَ طَرَفُه الدّقيق وبَقِيَ أَصله.
قَالَ لبيد:
صائِبُ الجِذْمَةِ فِي غَيْر فَشَلْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِذْمَةُ فِي بَيت لبيد الإسْراع، جَعله اسْما من الإِجْذام، وَجعله الأصمعيّ بَقِيِّة السَّوْط، وأَصْله.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الإِجْذامُ السُّرعة فِي السَّير، والإِجذام الإقلاع عَن الشَّيْء وجِذْمُ الْأَسْنَان: مَنابِتُها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
الْآن لما ابْيضَّ مَسْرَبَتِي
وعَضِضْتُ من نابِي على جِذْم
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زَيد: أَنَّه رأى فِي الْمَنَام كَأَنَّ رجُلاً نزل من السَّمَاء فَعلا جذْمَ حائِط، فأَذَّن. وجِذْمُ الْحَائِط: أَصْلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَذْم: سُرْعَةُ الْقطع، والجَذَمُ: مصدر الأجْذَم اليَد، وَهُوَ الَّذِي ذهبت أَصَابِع كَفَّيه. وَيُقَال مَا الَّذِي جَذَّمَ يَدَيْهِ؟ وَمَا الَّذِي أَجْذَمه حَتَّى جَذِم؟ والجاذِمُ: الَّذِي وَلِيَ جَذْمَه، والمُجْذَّمُ: الَّذِي يَنْزِل بِهِ ذَلِك، وَالِاسْم الْجُذام.
ورُوِيَ عَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: (من تعلَّم الْقُرْآن ثمَّ نَسِيَه لقى الله وَهُوَ أَجْذَم) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الأجْذم المقطوعُ الْيَد، يُقَال مِنْهُ: جَذِمَتْ يَده تَجْذَمُ جَذَماً، إِذا انْقطعت وَذَهَبت وَإِن قَطَعْتَها أَنْت، قلت: قد جَذَمْتُها، أَجْذِمُها جَذْماً.
قَالَ فِي حَدِيث عليّ: (من نَكَثَ بيعَته لَقِي

(11/14)


الله وَهُوَ أَجْذم، لَيست لَهُ يَد) ، فَهَذَا يُفسر لَك الأجْذم.
وَقَالَ المتَلمِّس:
وَهل كُنْتُ إِلَّا مثلَ قَاطع كَفِّه
بكفَ لَهُ أُخْرَى فأصبحَ أجذما؟
وَقَالَ غير أبي عُبَيْد: الأجْذم فِي هَذَا الحَدِيث: الَّذِي ذهبت أَعضاؤها كلُّها، قَالَ وَلَيْسَت يدُ النَّاسِي لِلْقُرْآنِ بالجَذَمِ أَوْلَى من سَائِر أَعْضَائِهِ، قَالَ: وَيُقَال: رجُلٌ أجْذَم ومَجْذوم ومُجَذَّم إِذا تهافتت أطْرافه من دَاء الْجُذَام.
وروى أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو، أَنه قَالَ: الأجْذَم: الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: والجَذْم والخَذْمُ كِلَاهُمَا الْقَطع.
والجَذْماء: امرأةٌ من بني شَيْبان كَانَت ضَرَّة للبَرشاء، وَهِي امْرَأَة أُخْرَى، فرمت الجَذْماءُ البَرْشَاءَ بنارٍ فأحرقتها، فسُميت البَرْشاء، فَوَثَبت عَلَيْهَا البرشاءُ فَقطعت يَدهَا، فسميت الجذماء.
وَبَنُو جَذِيمة: حيٌّ من عبد الْقَيْس، كَانُوا ينزلون الْبَحْرين ومنازلهم الْبَيْضَاء من نَاحيَة الخَط.
وروى عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (أربعٌ لَا يَجُزْنَ فِي البيع، وَلَا النِّكاح: الْمَجْنُونَة، والمَجْذومة، والبَرْصاء والعَفْلاء) : كَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس مَجْذومة، كَأَنَّهَا من جُذِمَتْ فَهِيَ مجذومة.
ورُوِي عَن عليَ أَنه قَالَ: إِذا تزوج الْمَجْنُونَة أَو المجذومة أَو العَفْلاء، فَإِن دخل بهَا جَازَت عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن دخل بهَا فُرِّق بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: القَوْل مَا قَالَ أَبُو عُبَيد فِي تَفْسِير الأجذم، وَأَنه الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: وَمعنى قَوْله: لَقِيَ الله وَهُوَ أجْذَم، لَا يَدَ لَهُ، أَي لَا حُجة لَهُ، وَالْيَد: يُراد بهَا الحُجة، أَلا ترى أَن الصَّحيح الْيَد وَالرجل يَقُول لصَاحبه: قَطَعْتَ يَدي ورِجْلي أَي أذْهَبْتَ حُجَّتي.

(أَبْوَاب) الْجِيم والثّاء)
ج ث ر
ثجر، جرث، جثر: (مستعملة) .
جثر: أهمله اللَّيثُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: مكانٌ جَثْرٌ: فِيهِ تُرابٌ يُخالِطه سَبَخ.
ثجر: قَالَ اللَّيْث: الثَّجير: مَا عُصِرَ من الْعِنَب فجرت سُلافته، وَبقيت عصارته فَهُوَ الثَّجير، وَيُقَال: الثَّجير: ثُفْلُ الْبُسْر يُخْلَطُ بِالتَّمْرِ فيُنْتَبَذُ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تَثْجُرُوا) .
وَقَالَ شَمِر، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثُّجْرَةُ: وَهْدَةٌ من الأرْض منخفضة.
قَالَ، وَقَالَ غَيره: ثُجْرَةُ الْوَادي: أولُ مَا تَنْفَرجُ عَنهُ المضايق قبل أَن يَنْبَسط فِي

(11/15)


السَّعة، ويُشَبَّه ذَلِك الموضعُ من الْإِنْسَان بثُجْرة الْوَادي.
وَقَالَ الأصمعيّ: الثُّجَر الأوساط، واحدتها ثُجْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: ثُجْرَةُ الحشا: مُجْتَمَعُ أَعلَى السَّحْر بقَصَبِ الرئة.
والثُّجَرَ: سِهَام غِلَاظ الْأُصُول عِراض.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَجَاوَبَ فِيهِ الخيزرانُ المُثَجَّرُ
والمثَجَّرُ: المعرَّض حوفه وَقد ثُجِّرَ تَثْجيراً.
وَأما قَول تَمِيم بن أُبيّ بن مقبل:
والعَيْرُ يَنْفُحُ فِي المكْتانِ قد كَتِنَتْ
مِنْهُ جحافِلُه والعَضْرَسِ الثَّجِرِ
ويروى: الثُّجَرِ. فَمن رَوَاهُ الثَّجِر: فَمَعْنَاه المُجْتَمِع، والعَضْرَسُ: نبت أَحْمَر النَّوْر.
وَمن روى الثُّجَرُ: فَهُوَ جمع ثُجْرَة، وَهُوَ مَا تَجَمَّعَ فِي نَبَاته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ثُجْرَةٌ من لَحْمٍ، أَي قِطْعَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثُّجَرُ: جماعات مُتَفرِّقَةٌ، والثَّجِر: العريض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: انْثَجَرَ الجُرح، وانْفَجَر: إِذا سَالَ مَا فِيهِ.
جرث: الجِرِّيثُ: من السّمك مَعْروف، وَيُقَال لَهُ: الجِرِّيُّ بِلَا ثَاء.
وروى سُفْيَان، عَن عبد الْكَرِيم الجَزَري: عَن عِكْرمة، عَن ابْن عَبَّاس: أنَّه سُئِلَ عَن الجِرِّيّ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شيءٌ حَرَّمه اليَهود.
وروى شَمِرَ، عَن أَحْمد بن الحَرِيش، عَن ابْن شُميل بإِسنادٍ لَهُ، عَن عمار، أَنه قَالَ: لَا تَأْكُلُوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلِيس.
قَالَ أَحْمد، قَالَ النَّضر: الصِّلَّوْرُ: الجِرِّيث، والأنْقَلِيس: المارْمَاهِي.
ج ث ل
جثل، ثلج، ثجل: مستعملة.
ثجل: أَبُو عُبَيد، عَن اليزيديّ: الأثْجَلُ: العظيمُ البَطْن.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الْعَثْجَلُ أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّجَلُ عِظَمُ الْبَطن، ورَجُل أَثْجَل، وامْرَأَةٌ ثَجْلاَء.
وَفِي حَدِيث أمِّ معبد فِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تُزْرِ بِهِ ثُجْلَة) أَي ضِخَمُ بَطن.
جثل: قَالَ اللَّيْث: الجَثْلُ من الشَّعر: أَشَدُّهُ سَواداً وأَغْلَظه.
وَقَالَ غَيره: الشَّعرُ الجَثْل: المُلْتَفّ، وَفِيه جُثُولةٌ وجَثَالَة. واجْثَأَلَّ النَّبْتُ: إِذا الْتَفَّ وَطَالَ وغَلُظ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُثَالُ: الْقُبَّر، واجْثَأَلَّ الْقُبَّرُ: إِذا انْتَفَشَتْ قُنْزُعَتُه، وَأنْشد:

(11/16)


جَاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ
قَالَ والجَثْلَةُ: النملةُ السَّوداء.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: تَقول الْعَرَب: ثَكِلَتْه الْجَثَل، وثَكِلَتْهُ الرّعيل أَي ثَكِلَتْهُ أمُّه.
ثلج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الثُّلُجُ: الْفَرِحون بالأخْبَار، والثُّلُجُ: البُلَداءُ من الرِّجال.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبي عَمْرو: ثَلَجَتْ نَفْسِي تَثْلِجُ: إِذا اطْمَأَنَّتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ثَلَجَتْ تَثْلَجُ، وثَلَجَتْ تثلُجُ. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّلْج: مَعرُوفٌ، وَقد ثُلِجْنَا أَي أَصَابَنَا ثَلْجٌ. وَيُقَال: ثَلِجَ الرجل، إِذا بَرَدَ قلبُه عَن شَيْء، وَإِذا فَرِحَ أَيْضا، فقد ثَلج.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت: ثَلِجْتُ بِمَا خَبَّرَني، أَي اشْتَفَيْتُ بِهِ وسَكَن قلبِي إِلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثُلِجَ قلبُه أَي بَلُدَ، وثَلِجَ بِهِ أَي سُرَّ بِهِ وَسكن إِلَيْهِ، وَأنْشد:
فَلَو كُنْتُ مَشْلُوجَ الفُؤادِ إِذا بَدَتْ
بلادُ الأعادِي لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي
أَي لَو كنتُ بَلِيدَ الفؤادِ، كنت لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي، أَي لَا آتِي بمُرَ وَلا حُلْوٍ من الفِعل.
غيرُه: حَضَرَ فأَثْلَجَ، إِذا بلغ الثَّرَى والنَّبَط.
وَيُقَال: قد أَثْلَجَ صدرِي خَبَرٌ وَارِدٌ، أَي شَفَانِي وَسَكَّنَني، فَثَلِجْتُ إِلَيْهِ.
وَنَصْلٌ ثُلاَجِيُّ، إِذا اشتَدَّ بياضُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي عَمْرو: إِذا انْتهى الحافرُ إِلَى الطين فِي الْبِئْر قَالَ: أَثْلَجْتُ.
وَقَالَ شَمِر: ثَلِج صَدْرِي لذَلِك الْأَمر، أَي انشرَحَ ونَقَعَ بِهِ، يَثْلَجُ ثلَجاً، وَقد ثَلَجْتُه، إِذا بَلَلْتَهُ وَنَقَعْتَه.
وَقَالَ عَبِيد:
فِي رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرَارَها
مَوْلِيَّةٍ لم يَسْتَطِعْهَا الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلِجٌ: بَارِد.
ج ث ن
جنث، نثج، نجث، ثجن: مستعملة.
جنث: قَالَ اللَّيْث: الْجِنْثُ: أَصْلُ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ العِرقُ المستقيمُ أرومَتُه فِي الأَرْض، وَيُقَال: بل هُوَ من ساقِ الشَّجرةِ مَا كَانَ فِي الأَرْض فَوق العُروق.
أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: جِنْثُ الْإِنْسَان: أَصْلُهُ، وَإنَّهُ ليرجعُ إِلَى جِنْثِ صِدْق.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّجَنُّثُ أَن يَدَّعيَ الرجلُ غَيْرَ أَصْلِهِ.
وَقَالَ ابنُ السّكّيت، قَالَ الأصمعيّ: سمِعتُ خَلَفاً يَقُول: سِمعْتُ الْعَرَب تُنْشِد بَيت لَبِيد:
أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ عَن عَوْراتها

(11/17)


كلَّ حِرْبَاءٍ إِذا أُكْرِه صَلّ
قَالَ: الجِنثِيّ: السَّيْف بِعَيْنِه، وَقَوله أَحْكَمَ: أَي رَدَّ. يَقُول: رَدَّ الحرباءُ وَهُوَ المسمار عَن عورتها السَّيْف، وَأنْشد خلف:
ولَيْست بأَسْواقٍ يكون بِياعُها
بِبَيْضٍ تُشَافُ بالجِيادِ المنَاقِلِ
وَلكنهَا سوقٌ يكون بِياعُها
بِجُنْثِيَّةٍ قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ
قَالَ: وَمن روى:
أَحكمَ الجِنْثيُّ من عوراتها
كلَّ حرباء ...
فَإِن الجِنْثِيّ: الحدّاد إِذا أحكم عَوْرات الدِّرْع؛ لم يَدَع فِيهَا فَتْقاً وَلَا مَكَانا ضَعِيفا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة الجِنْثى، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر: من أَجْوَد الْحَدِيد، هَذَا الَّذِي سمعناه من بني جَعْفَر.
وقا أَبُو عُبَيد: الجُنْثِيّ: الحدَّاد، وَيُقَال الزَّرّاد.
نثج: أَهْمله اللَّيث.
ثَعْلَب: عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْثَجَةُ: الاست، سُمِّيت مِنْثَجَة، لِأَنَّهَا تَنْثجُ، أَي تُخْرِجُ مَا فِي الْبَطن.
وَقَالَ غَيره: يُقال لأحد العِدْلَيْن إِذا اسْتَرْخَى: قد اسْتَنْثَج فَهُوَ مُسْتَنْثِج. قَالَ هِمْيان:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَهُ الضَّماعِجا
بصَفْنَةٍ تَزْقِي هَديراً ناثِجا
أَي مُسّتَرخِياً.
نجث: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: النَّجِيثُ: الهدَف، سُمِّي نَجِيثاً لانْتِصابه واسْتِقْباله.
والاسْتِنْجاث: التَّصَدِّي للشَّيْء، والإقبال عَلَيْهِ، والولُوع بِهِ.
أَبُو عبيدُ: خرج فلَان يَنْجُثُ بني فلَان، أَي يَسْتَغويهم ويستَغِيثُ بهم، وَيُقَال: يَسْتَعْوِيهم بِالْعينِ، وأتانا نَجِيثُ الْقَوْم، أَي أَمرهم الَّذِي كَانُوا يُسِرّونه.
قَالَ لَبِيد يذكر بقرة:
مَدَى الْعين مِنها أَن تُراعَ بنَجْوَةٍ
كَقَدْرِ النَّجيث مَا يَبُذُّ المُناضِلا
أَرَادَ أَن البقرةَ قريبةٌ من وَلَدِها، تُراعيه كَقدْر مَا بَين الرَّامِي والهدف.
الأصمعيّ: نَبَثوا عَن الْأَمر، ونَجَثُوا عَنهُ، وَبَحَثُوا عَنهُ، بِمَعْنى وَاحِد. وَرجل نجَّاث ونَجِثٌ يتَتبَّعُ الْأَخْبَار ويَسْتَخْرِجُها.
وَقَالَ الأصمعيّ:
لَيْسَ بِقَسَّاسٍ وَلَا نَمَ نَجِثْ
وَيُقَال: بُلِغَتْ نَجِيثَتُه ونكيثتُه: أَي بُلِغَ مَجْهوده.
والنُّجُثُ: غِلافُ الْقلب، وَجمعه أنجاث. وَأنْشد:

(11/18)


تَنْزُو قلوبُ القَوم من أَنْجاثِها
وَأنْشد شَمِر:
أَزْمانَ غَيُّ قلبِكَ المْسْتَنْجِثُ
بمَأْلَفٍ من جمعكم مُسْتَنبِثُ
قَالَ: المستَنْجِثُ: المُسْتَخْرِج. يُقَال: نَجَثَهُ أَي أَخْرَجَه. وَقيل: المستَنْجِث: مثل المُنْهَمِك.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: من أمثالهم فِي إعلان السِّرِّ، وإبدائه بعد كتْمانه، قَوْلهم: (بَدا نَجِيثُ الْقَوْمِ) أَي سِرُّهم الَّذِي كَانُوا يخفونه.
ثجن: أَهْمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الثَّجَنُ طَرِيق فِي غِلَظٍ من الأَرْض لغةٌ يمَانيَّة.
ج ث ف
فثج، ثفج: أهملهما اللَّيْث.
فثج: وروى عَمْرو عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: إِذا نَقَص فِي كلِّ شَيْء.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: عدا الرجل حَتَّى أَفْثَج، وأفْثَأَ، وَذَلِكَ إِذا أعيا وانبَهَر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عدا حَتَّى أَفْثَج، وأُفْثِج، وَيُقَال: فَثَجتُ الماءَ الحارّ بالبارد إِذا كَسرتَ حرّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: هَذَا ماءٌ لَا يُفْثَجُ وَلَا يُنْكشُ: أَي لَا يُنْزَح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: ماءٌ لَا يُفْثَجُ أَي لَا يُبْلَغُ غَوْرُه.
الأصمعيّ: الفاثجُ والفاسِجُ: النَّاقة الَّتِي لَقِحَتْ فَسَمِنَتْ، وَهِي فَتيَّة.
وَقَالَ هِمْيان:
والبَكِراتِ اللُّقحَ الْفَواثِجا
ثفج: أهمله اللَّيْث.
عَمْرو، عَن أَبِيه: ثَفَجَ ومَفَجَ: إِذا حَمُق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ ثَفَّاجَةُ مَفَّاجَة، وَهُوَ الأَحْمَق.
ج ث ب
استُعْمِل من وجوهه: ثبج.
ثبج: أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: الثَّبَجُ: مَا بَين الكاهِل إِلَى الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الثَّبَجُ: مَا بَين العَجُز إِلَى المَحْرَك.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثّبَجُ: مُسْتدارُ أعْلى الكاهِلِ إِلَى الصّدر، قَالَ: وَالدَّلِيل على أَن الثَّبَجَ من الصَّدْر أَيْضا، قَوْلهم: أَثْباجُ الْقَطَا.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الثَّبَجُ: نُتُوُّ الظَّهْر، والثَّبَجُ: عُلُوُّ وسط الْبَحْر إِذا تلاطمت أمواجه، والثَّبَجُ: اضْطِرَاب الْكَلَام وتفْنينُه، والثَّبَجُ: تَعْمِيَةُ الخَطِّ وتَرْكُ بيانِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّثْبيجُ: التَّخْليط.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الثَّبَجُ: من عَجْبِ الذَّنب إِلَى عُذْرَيْه.

(11/19)


وَقَالَت بنت القَتَّال الْكلابِي. ترثي أَبَاهَا:
كأَنَّ نَشِيجَنا بِذَوَات غِسْلٍ
نَهيمُ المنزلِ تُثْبُجُ بالرِّحالِ
أَي تُوضَعُ الرحالُ على أثْباجها، وكتابٌ مُثَبّجٌ، وَقد ثُبِّجَ تَثبيجاً.
وَأما قَول الْكُمَيْت يمدح زِيَاد بن مَعْقَلِ:
وَلم يُوايِم لَهُم فِي ذَبِّها ثَبَجاً
وَلم يكُنْ لَهُم فِيهَا أَبَا كَرِبِ
وثَبجٌ هَذَا رَجُلٌ من أهل الْيمن غَزاه ملِكٌ من الْمُلُوك فصالَحه عَن نَفسه وَأَهله وَولده، وَترك قومه فَلم يدخلهم فِي الصُّلْح، فغزا الملكُ قومه، فَصَارَ ثَبَجٌ مَثَلاً لمن لَا يَذُبُّ عَن قَوْمه، وأرادَ الْكُمَيْت أَنه لم يفْعَل فعل ثَبج، وَلَا فِعْل أبي كَرِب، وَلكنه ذَبَّ عَن قومه.
ج ث م
جثم، ثجم، مثج: (مستعملة) .
جثم: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (الْأَعْرَاف: 78) أَصَابَهُم البلاءُ فبركوا فِيهَا.
والجاثمُ: البارِكُ على رِجْلَيه، كَمَا يَجْثِمُ الطَّير، أَي أَصَابَهُم الْعَذَاب فماتوا جاثمين، أَي باركين.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المصْبُورة والمُجثَّمةُ.
قَالَ أَبُو عبيد: المُجَثَّمَةُ الَّتِي نهى عَنْهَا هِيَ المَصْبُورةُ؛ وَلكنهَا لَا تكونُ إِلَّا فِي الطَّير والأرانب، وأشْباهِها؛ لِأَن الطَّير تَجثِمُ بِالْأَرْضِ إِذا لَزِمتْها ولَبَدَت عَلَيْهَا، فإنْ حَبَسها إنْسانٌ قيل: قَدْ جُثِّمَتْ، فَهِيَ مُجثَّمَة إِذا فُعِلَ ذَلِك بهَا، وَهِي المحبوسَة، فَإِذا فعلت هِيَ من غيرِ فعْل أحد، قيل: جَثَمَت تَجْثِمُ جُثوماً، وَهِي جاثمة.
وَقَالَ شَمِر فِي تَفْسِير المجَثَّمَة: هِيَ الشَّاة الَّتِي تُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوت، ثمَّ تُؤُكل.
قَالَ والشَّاة لَا تَجْثِمُ؛ إِنَّمَا الجثومُ للطَّير، وَلكنه اسْتُعير.
قَالَ، ورُوِيَ عَن عِكْرِمةَ أَنه قَالَ: المُجَثَّمَةُ: الشَّاة، تُرْمَى بالنَّبْل حَتَّى تُقْتَل.
وَيُقَال: جَثَم فلَان بِالْأَرْضِ يَجْثِمُ جُثُوماً إِذا لَصِق بهَا ولَزِمَها، فَهُوَ جاثِم.
وَقَالَ النَّابِغَة يصفَ رَكَبَ امْرَأَة:
وإذَا لَمسْتَ لمسْتَ أجْثَمَ جاثماً
مُتَحَيِّزاً بمكانه مِلْءَ اليَد
قَالَ: وجَثَمت العُذُوق: إِذا عَظُمت، فلَزِمَتْ مَكَانهَا، وَقَوله:
وباتت بِجُثْمانِيَّةِ المَاء نِيبُها
إِذا ذَاتُ رَحْلِ كالمآتم حُسَّرا
جُثمانية المَاء: الماءُ نَفْسُه.
وَيُقَال جُثْمانيَّةُ المَاء: وسَطُه ومُجْتَمعه،

(11/20)


ومكانه وَالْبَيْت للفرزدق.
وَقَالَ رؤبة:
واعْطِفْ على بَازٍ تَرَاخَى مَجْثَمُه
قيل: تَراخى مَجْثَمُه، أَي بَعُدْ وكْرُه.
قَالَ: ويُقال للَّذي يَقَعُ على الْإِنْسَان وَهُوَ نائمٌ: جاثُومٌ وجُثَمٌ وجُثَمَة، ورازِمٌ، وركَّاب، وجثّامة.
قَالَ: وَهُوَ هَذَا النّجْثُ الَّذِي يَقع على النَّائم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاثُوم: هُوَ الكابوس، وَهُوَ الدَّيْثان.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاثِمُ: اللاَّزمُ مكانَه لَا يَبْرح.
وَيُقَال: إِن العَسلَ يَحثِمُ على المِعدة ثمَّ يَقْذِفُ بالدَّاء.
وَقَالَ غَيره: الجَثَّامَةُ: الرجل الَّذِي لَا يبْرَحُ بيتَه، وَهُوَ اللُّبَدُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُثمان بمنزله الجُسْمان، جامعٌ لِكلِّ شَيء، تُرِيدُ بِهِ جِسْمه وألْواحَه. والجَثَمةُ، والحَثَمة كِلَاهُمَا الأكمة، وَهِي الجَثوم.
قَالَ تأبط شرا:
نَهَضْتُ إِلَيْهَا من جَثُومٍ كأنَّها
عجوزٌ عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَل
الْأَصْمَعِي: جَثَمْتُ وجَثَوْتُ وَاحِد.
ثجم: قَالَ اللَّيْث: الثَّجْمُ مِثْلُ الصَّرف عَن الشّيء.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: أثجم الْمَطَر وأغْضَن، إِذا دَامَ أَيَّامًا لَا يُقْلِع.
مثج: يُقَال: مَثَج البِئْرَ، إِذا نَزَحَها.

(أَبْوَاب) الْجِيم والرّاء)
ج ر ل
استُعْمِلَ منْ وُجُوهِهِ: جرل، رجل.
جرل: قَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الجَرَاوِلُ: الحِجَارَةُ. واحِدَتُها جَرْوَلَةٌ.
ويُقالُ: منْهُ أَرْضٌ جَرِلَةٌ، وجَمْعُها أَجْرَالٌ.
وقالَ جَرير:
مِنْ كلِّ مُشْتَرِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى
ضَرِم الرِّقَاقِ مُنَاقِلِ الأَجْرَالِ
وقالَ غيرُه: الجَرَلُ: الخَشِنُ من الأرْض، الكثيرُ الحِجَارَة، ومكانٌ جَرِلٌ.
قَالَ: ومنهُ الجَرْوَلُ، وهوَ من الحَجَرِ مَا يُقِلُّهُ الرَّجُلُ ودونه، وفيهِ صَلاَبَة، وَأنْشد:
لَوْ هَبَطُوهُ جَرِلاً شَرَاساً
لَتَرَكُوهُ دَمِثاً دَهَاساً
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: أَمَّا الجَرْوَلُ فَزَعَمَ أَبُو خَيْرَةَ أنَّهُ مَا سالَ بِهِ الماءُ من الحِجَارَة حَتَّى ترَاهُ مُدَلَّكاً من سَيْلِ الماءِ بِهِ فِي بطْنِ الْوَادِي، وَأنْشد:
مُتَكَفِّتٌ ضَرِمُ السِّبا
ق إذَا تَعَرَّضَتِ الْجَرَاولْ

(11/21)


مُتَكَفِّتٌ: سَرِيعٌ، ضَرِمٌ: مُحْتَرِقٌ. والسِّياق: طَرْدُهُ إيَّاها إِلَى الماءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرْوَلُ اسمٌ لبَعْضِ السِّباع.
قُلْتُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئا من السِّباع يُدْعَى جَرْوَلاً.
واسْمُ الحُطَيْئَةِ جَرْوَل، سُمِّيَ بالحَجَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْيالُ لَوْنُ الحُمْرَة.
وَقَالَ غَيره: الْجِرْيالُ الْبَقَّمُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ النَّشَاسْتَج
وَقَالَ شَمِر: العَربُ تَجْعَلُ الْجِرْيالَ الخَمْر نَفسهَا، وَهِي الْجِرْياله.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كَأَنِّي أَخُو جِرْيالَةٍ بَابِلِيَّةٍ
كُمَيْتٍ تُمَشَّي فِي العِظامِ شَمُولَها
فَجَعَلَ الجِرْيالَة الخَمر بِعَيْنِها.
وَقيل: هُوَ لَوْنها الأَحْمَرُ أَو الأصْفَر.
وسُئِلَ الأعْشَى عَن قَوْله:
كدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
فَقَالَ: شَرِبْتُها حَمْراء. وبُلْتُها بَيْضاء.
سلَمة، عَن الْفَرَّاءِ، قَالَ: الجِرْيالُ: البَقَّم.
أَبُو تُراب عَن الكلابِيّ: وادٍ جَرِل، إذَا كانَ كثيرَ الجِرَفَةِ، والعَتَبُ والشَّجَر.
قَالَ: وَقَالَ حَتْرَشَ: مكانٌ جَرِلُ، فِيهِ تَعَادٍ واخْتِلاف.
قَالَ: وَقَالَ غيْرهُ من أَعراب قَيْس: أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفَةٌ، وقِدحٌ جَرِفٌ ورَجلٌ جَرِفٌ كَذَلِك.
رجل: قَالَ الليثُ: الرجلُ مَعْرُوف.
وَفِي معنى تَقُول: هَذَا رجلٌ كامِلٌ، وهذَا رَجُلٌ، أيْ فَوْقَ الغُلام.
وتَقُولُ: هذَا رَجُلٌ، أيْ راجِلٌ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنى للمرْأَةِ، هِيَ رَجُلَةٌ. أَيْ رَاجِلَةٌ، وَأنْشد:
وَإِنْ يَكُ قَوْلُهُمْ صادِقاً
فَسِيقَتْ نِسائي إليكمْ رِجالاً
أَيْ رَوَاجِل.
ويقالُ: هَذَا أَرْجَلُ الرَّجُلَيْن، أيّ فِيهِ رُجْلِيَّةٌ، لَيْسَتْ فِي الآخرَ.
والرَّجْلُ: جَماعَةُ الرّاجِل، وهُم الرَّجَّالة والرُّجَّال. وَأنْشد:
وظَهْرِ تَنُوفَةٍ حَدْباءَ يمْشي
بهَا الرُّجَّالُ خَائفَةً سِراعاً
وقدْ جاءَ فِي الشِّعر الرَّجْلَة.
وَقَالَ تميمُ بنُ أُبَيّ بن مُقْبِل:
ورَجْلَةٍ يضْرِبُونَ الّبيضَ عَن عُرُضٍ
ضرْباً تَواصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيناً
قَالَ أَبُو عَمرٍ و: الرَّجْلَةُ الرَّجَّالَةُ فِي هَذَا البَيْت؛ وليسَ فِي كلامِهم فَعْلَةٌ جاءَتْ جَمْعاً غَيرُ رَجْلَةٍ جَمْعُ رَاجل؛ وكَمأَة جَمْعُ كَمْء.
وَقَالَ الله: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا}

(11/22)


(الْبَقَرَة: 239) . أَي فصلُّوا رِجَالاً أَو رُكْبَاناً، جمعُ راجلٍ مثلُ صاحبٍ وصِحَابٍ، أَي إِن لم يُمْكِنْكُمْ أَن تقوموا قانِتينَ أَي عابدينَ مُوَفِّينَ الصَّلَاة حَقَّهَا لخوفٍ ينالكم فصلُّوا رُكْباناً.
وَقَالَ شَمِر: الرِّجَل مَسَايِلُ المَاء، واحِدُها رَجْلَة. قَالَ لَبِيد:
يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً فِي النَّدى
منْ مَرَابيعِ رِيَاضٍ ورِجَل
وَقَالَ الليثُ: الرِّجْلَةُ مَبِيتُ العَرْفَج الْكثير فِي رَوْضةٍ وَاحِدَة.
قَالَ: والتَّرَاجِيلُ: الكَرَفْسُ بلغَة الْعَجمِ، وَهُوَ اسمٌ سَوادي من بُقُول الْبَساتين.
والرِّجْل خِلافُ الْيَد، وَكَذَلِكَ رِجْلُ الْقَوْسِ وَهِي سِيَتُهَا السُّفْلَى، ويدُها سِيتُها الْعُلْيا.
وَيُقَال: فلانٌ قائمٌ على رِجل، إِذا أخَذَ فِي أمْرٍ حَزَبَه.
ثعلبُ عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقالُ: لي فِي مالكَ رِجْل أَي سَهْم.
والرِّجْل: الْقَدَم، والرِّجل: الْقطعةُ من الجَراد، والرِّجْلُ: السَّراويل الطاقُ، وَمِنْه الْخَبَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَرى رِجْل سَرَاوِيل، ثمّ قَالَ لِلْوَزَّانُ: (زِنْ وأرْجِحْ) .
والرِّجْل: الخَوْفُ والفزعُ من فَوْتِ الشيءِ، أَنَا من أمْرِي على رِجْلٍ أَي على خوْفٍ من فَوْته.
والرِّجْل، قَالَ أَبُو المكارمِ: تَجْتَمعُ الْقُطُر، فَيَقُول الجمَّال: لي الرِّجْل، أَي أنَا أتَقَدّم.
ويقولُ الآخر: لَا، بل الرِّجل لي. ويشَاحُّون على ذَلِك أَي يتضَايقُون.
والرِّجْلُ: الزَّمان، يُقَال: كل ذَلِك على رِجْل فلَان أَي فِي حَيَاته وزمانه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّجْلَة نجَابة الرَّجيل من الدَّواب والإبلِ، وَهُوَ الصَّبور على طول السَّير، وَلم أسْمَع مِنْهُ فِعلاً إِلَّا فِي النُّعوت، ناقةٌ رجيلةٌ، وحمارٌ رجيل، ورجلٌ رجيل: مَشَّاء.
شَمِر: الرُّجْلة: القُوَّة على الْمَشْي، يُقَال: رَجِلَ الرَّجُلُ يَرجَلُ رَجَلاً ورُجلَةً، إِذا كَانَ يمشي فِي السَّفر وَحده، وَلَا دابَّة لَهُ يَرْكبهَا.
ورجلٌ رُجْليّ، للَّذي يَغْزُو على رِجلَيْهِ، منْسُوبٌ إِلَى الرُّجلة، والرَّجيلُ: القويُّ على الْمَشْي، الصَّبُور عَلَيْهِ، وَأنْشد:
حَتَّى أُشِبَّ لَهَا وطالَ أيابُهَا
ذُو رُجلَةٍ شَثْنُ البراثِنِ جَحْنَبُ
وَامْرَأَة رجيلة: صبورٌ على الْمَشْي. وناقَةٌ رَجيلة.
أَبُو عُبَيد عَن الكِسائي: رَجلٌ بيِّنُ الرُّجولةِ، ورَاجلٌ بيِّنُ الرُّجْلَة.

(11/23)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ بيِّنُ الرُّجولة والرُّجوليَّة.
قَالَ: وقومٌ رجَّالةٌ، ورجَّالٌ ورجالَي ورُجلة ورُجَّال.
وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول للرَّاجل رَجَّالٌ، ويجْمع رجاجيل. والرَّجيل من الخَيْلِ الَّذِي لَا يَعرق. والرَّجيلُ من النَّاس: المشَّاءُ الجَيِّد الْمَشْي.
وَقَالَ اللَّيْث: ارْتَجَلَ الرَّجل إِذا ركب رِجلَيه فِي حَاجته وَمضى.
ويُقال: ارتَجِلْ مَا ارْتَجَلْتَ من الْأَمر، أَي ارْكَب مَا ركبْتَ من الْأَمر. وَارْتَجَلَ الرَّجل الزَّنْدَ، إِذا أَخذهَا تَحت رجله وتَرَجَّل الْقَوْم، أَي نزلُوا عَن دوابِّهم فِي الْحَرْب لِلْقِتَالِ.
ويُقَال: حَمَلَكَ اللَّهُ عَن الرُّجْلَةِ وَمِنَ الرُّجْلَة.
والرُّجْلَةُ هَاهُنَا: فِعْلُ الرَّجُلِ الَّذي لَا دَابَّةَ لَه. والرُّجْلَة أَيْضاً مَصْدَرُ الأَرْجَلِ من الدَّواب، وهُوَ الَّذي بإِحْدَى رِجْلَيْه بياضٌ لَا بَيَاضَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ غَير ذلَكَ.
قَالَ: وتَصْغِيرُ رَجُلٍ رُجَيْل، وعامَّتَهُمْ يَقُولون: رُوَيْجِلُ صِدْقٍ، ورُويْجِلُ سُوء، يَرْجِعُون إلَى الرَّاجِل، لأنَّ اشْتِقَاقَه مِنه. كَمَا أَنَّ العَجِلَ من الْعَاجِل، والحَذِرَ من الْحاذِر.
ويُقال: ارْتَجَلَ النَّهار وتَرَجَّلَ النَّهار أَي ارْتَفَعَ. وشَعْرٌ رَجِلٌ بَيِّنُ الرَّجَل، وحَرَّةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْمُسْتَوِيَةُ بالأَرض الْكَثيرَةُ الحِجَارَة.
وقالَ أَبُو الهَيْثَم فِي قَوْله: وحَرَّةٌ رَجْلاء؛ الحرَّةُ أرْضٌ حِجارتُها سُود، والرَّجْلاءُ الصُّلْبَة الخشْنة، لَا يَعْمَلُ فِيهَا خَيْلٌ وَلَا إبل، وَلَا يَسْلُكُها إلاَّ رَاجِل.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: الأرْجَلُ من الرِّجال، الْعظيمُ الرِّجْل قَالَ: والأَرْكَبُ، الْعظِيمُ الرُّكُبَة، والأَرأَس، الْعظيمُ الرَّأْس، والْعَرَبُ تَقول: تَرَجَّلْتُ الْبِئْرَ تَرَجُّلاً، إِذْ أنَزَلْتَها مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدَلَّى.
وَفِي الحَدِيث: (الْعَجْماءُ جَرْحُها جُبَار) .
ورَوَى بَعْضُهم: الرِّجْلُ جُبَار، وفَسَّرَهُ مَن ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَاكِبَ الدَّابَّة إذَا أَصَابَتْ وهُو راكِبُها إنْسَانا، أَو وَطِئَتْ شَيئاً، فضَمانُه على رَاكبها، وإِنْ أصابَتْه بِرِجْلها فَهُو جُبَار، أَي هَدَر، وَهَذَا إِذا أَصابَتْهُ وهِيَ تَسِير.
فَأَما أَنْ تُصيبَه وهِي واقِفَةٌ فِي الطَّريق فالرَّاكب ضامنٌ مَا أَصابَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْل. وَكَانَ الشَّافعيّ يَرَى الضَّمانَ واجِباً على راكبها على كُلِّ حَال، نَفَحَتْ (الدَّابةُ) بِرِجْلها، أَو خَبَطَتْ بِيَدها، سائِرَةً كانَتْ أوْ وَاقِفَة. والحديثُ الَّذي رَوَاهُ الكُوفيَّون أنَّ الرِّجْل جُبَار غَيرُ صَحيح عِنْد الحُفّاظ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: إِذا خَلَطَ الْفَرَسَ

(11/24)


الْعَنَقَ بالْهَمْلَجَة، قيل: ارْتَجَلَ ارْتِجالاً.
قَالَ: وقالَ أَبُو عُبَيْدة: ارْتَجلْتُ الكَلامَ ارْتِجالاً، واقْتَضَبتُهُ اقْتِضَاباً، مَعْنَاهُمَا: أَلاَّ يكونَ هَيَّأَه قَبْلَ ذَلِك.
وَقَالَ غَيره فِي بَيت الرَّاعي:
كَدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلَى تَلْعَةٍ
غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولاً
المُرْتَجِلُ: الَّذي أَخَذَ رِجْلاً مِن جَرَادٍ فَشَواها.
وَقيل: المُرتَجِلُ، الَّذي اقْتَدَحَ النَّارَ بِزَنْدَةٍ جَعَلَها بَيْن رِجْلَيْه وفَتَلَ فِي فُرْضَتِها بِيَده حَتَّى يُورِي.
وَقيل: المُرْتَجِلُ. الَّذي نصَبَ مِرْجَلاً يَطْبُخ فِيهِ طَعَاما. قَالَ المتنخل:
إِن يُمْسِ نشوان بمصْروفَةٍ
مِنْهَا بِريَ وعَلى مِرْجَلِ
لَا تَقِهِ الموتَ وقَيَّاتُه
خُطَّ لَهُ ذَلِك فِي المَحْبَلِ
نشوان: سَكرَان، بمصروفةٍ، أَي بِخَمْر صِرْفٍ، وعَلى مِرْجَلٍ، أَي على لحمٍ فِي قِدرٍ أَي وَإِن كَانَ هَذَا فَلَيْسَ يَقِيه من الْمَوْت، فِي المَحْبَل أَي حِين حَبَلَت بِهِ أمه، ويُروى المَحْبِل، أَي فِي الْكتاب، وكلٌّ رِوَايَة.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبِي زَيْد: نَعْجَةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْبَيْضَاءُ، إِحْدى الرِّجْلَين إِلَى الْخَاصِرَة وسائِرُها أَسْوَد.
وقَالَ الأُمَوِيّ: إِذَا وَلَدَت الْغَنَمُ بَعْضُها بَعْد بَعْض قيل: وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاَء، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً.
الْحَرَّانِيُّ، عَن ابْن السِّكِّيت: الرَّجَلُ، أَنْ تُرْسَلُ الْبَهْمةُ مَعَ أُمِّها تَرْضَعُها مَتى شَاءَت.
يُقَال: بَهْمَةٌ رَجَلُ، وبَهْمٌ رَجَلٌ، وَقد رَجَلَ أُمَّهُ يَرْجُلُها رَجْلاً إذَا رَضَعَها، وَقد أَرْجَلَها الرَّاعي مَعَ أمهاتها.
وأَنْشَدَ شمر:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِلَ حَتَّى فُطِمَا
وَفِي (النَّوادِر) : الرَّجْلُ النَّزْوُ؛ يُقَال: بَاتَ الحِصَانُ يَرْجُلُ الْخيْلَ، وأَرْجَلْتُ الحِصانَ فِي الْخَيل إِذا أرْسلت فِيهَا فَحْلاً. وطَرِيقٌ رَجِيلٌ إذَا كانَ غَلِيظاً وَعْراً فِي الْجَبَل.
والْعَربُ تَقُول: أَمْرُكَ مَا ارْتَجلْتَ، مَعْنَاهُ مَا اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْيِكَ فِيه.
قَالَ الْجَعْدِيّ:
وَما عَصَيْتُ أَمِيراً غَيْرَ مُتَّهتم
عِنْدي، ولكنَّ أَمْرَ الْمرْءِ مَا ارْتجلاَ
أَبُو عُبَيْد عَن الْفراء الجُلْدُ الْمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ رِجْلٍ واحِدَة.
قَالَ: والمنجُولُ الَّذي يُشَقُّ عُرْقوباه جَمِيعًا كَمَا يَسْلُخُ النَّاسُ الْيَوْم، والمُزَقَّقُ الَّذي يُسْلَخُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه.

(11/25)


وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله:
أَيَّامَ أَلْحَفُ مِئْزَرِي عَفَر الثَّرى
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
أَراد بالمُرْجَّل الزِّقَّ الْمَلآنَ مِنَ الْخمر، وغَضُّه: شُرْبُه.
قَالَ: والمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: قَالَ المُفَضَّلُ يَصِفُ شَعْره وحُسْنَه. وَقَوله: أَغُضُّن أَيْ أنْقُضُ مِنْهُ بالْمِقْراض لِيَسْتَوِي شَعثُه.
قَالَ: والمرَجَّلُ الشَّعْرُ المُسَرَّح، ويُقالُ للمُشْط مِرْجَل، ومِسْرَحٌ. رَيَّان: مَدْهُون. والْعَفَرُ: التُّراب.
وَقَالَ أَبُو العَبّاس: حَدَّثْتُ ابْنَ الأَعْرابيِّ بِقَوْل الأَصمَعيّ فاسْتَحسنه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: أرجُلُ القِسيّ إِذا وُترتْ أعاليها، قَالَ: وأيديها أسافلُها، قَالَ: وأرجلها أشدُّ من أيديها.
وَأنْشد:
لَيْت القسيَّ كلَّها من أرجُل
قَالَ: وطرفا القويس ظُفراها، وحزَّاها: فُرْضتاها، وعِطفاها، سِيتاهَا؛ وَبعد السِّيتين الطِّائِفان، وَبعد الطّائِفيْن الأَبْهَران وَمَا بَين الأَبْهَريْن كَبدُها وَهُوَ مَا بَين عَقْدي الْحمالَة، وعَقداها يسميان الكُليتين؛ وأوتارُها الَّتِي تُشد فِي يَدِها ورجلها تسمى الوُقوفَ وَهِي المضَائِغ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التَّرَجُّل إلاَّ غِيَّاً، وَمَعْنَاهُ أنَّهُ كَرِه كَثْرَةَ الادّهان، ومَشْط الشَّعر وتَسويته كلَّ يَوْم.
أَبُو عُبيد: رَجَلْتُ الشَّاةَ وارَتَجَلْتُها إِذا عَلَقْتَها برِجْلِها.
ورَوى عليُّ بنُ الخَليل عَن أبِيه أَنَّه قَالَ: يُقَال جاءَتْ رِجْلٌ دَفّاع، أَي جَيشٌ كَثِير، شُبِّهَ بِرِجْلِ الْجَرَاد.
والرِّجْلُ: القِرْطَاسُ الخَالي، والرِّجْلُ: البُؤْسُ والفَقْر، والرِّجْلُ القاذُورَةُ من الرِّجال، والرِّجْل: الرَّجُلُ النَّؤُوم، والرِّجْلَةُ: المَرْأَةُ النَّؤُومُ، كل هَذَا بِكَسْر الرّاء.
وَقَالَ: الرَّجُلُ فِي كلامِ أَهْلِ اليَمن: الكَثِيرُ المجامَعة، حَكَاهُ عَنْ خالٍ للفَرَزْدَق قَالَ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يقولُ ذَلِك. وزَعَمَ أَنَّ من الْعَرَب من يُسَمِّيهِ العُصْفُورِيّ، وأَنشد:
رَجُلاً كُنْتُ فِي زَمان غُرُورِي
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهُودُ
والمَراجِلُ: ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمن.
ويُقال لِلْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ رِجْلَة. يُقَال: فلانٌ أَحْمَقُ من رِجْلة، يعنون هذهِ الْبَقْلَة، لِأَنَّهَا أَكثر مَا تَنْبُتُ فِي المسايل، فَيَقْطَعُها ماءُ السَّيْل.

(11/26)


وَقَالَ أبُو عَمْرو: الرَّاجِلَةُ: كَبْشُ الرَّاعي الَّذي يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَتَاعَه. وأَنْشَدَ:
فَظَلَّ يَعْمِدُ فِي قَوْلٍ وَرَاجِلَةٍ
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ
يُكَفِّتُ: يَجْمَعُ، ويَهْتَبِدُ: يَطْبُخُ الْهَبِيدِ.
ج ر ن
جَرَنَ، رجن، رَنَجَ، نَجَرَ، نَرَجَ: مستعملة.
جرن: قالَ اللَّيْث: الْجِبرانُ: مُقَدَّمُ العُنُق مِنْ مَذْبَح الْبَعِيرِ إلَى مَنْحَرِه، فَإِذا بَرَكَ الْبَعِيرِ ومَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الأرْض، قيل: أَلْقَى جِرانه بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ غَيْرُه: سُمِّيَ جِرَانُ الْعَوْدِ جِرانَ الْعَوْدِ، بقَوْلِهِ يُخاطِبُ ضَرَّتَيْه:
خُذَا حَذَراً يَا جارَتَيّ فإنَّني
رَأَيْتُ جِرَان الْعَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ
أَراد بِجِرَانِ الْعَوْدِ سَوْطًا قَدَّهُ مِنْ جِرَانِ عَوْدٍ نَحَرَه، وَهُوَ أَصْلَبُ مَا يَكُون.
ورَأَيْتُ الْعَرَب تُسَوِّي سِيَاطَهَا من جُرُنِ الجِمال البُزْل لِصَلابَتِها، وإنَّما حَذَّرَ امْرَأَتَيْهِ سَوْطَه وكانتا نشزتا عَلَيْه.
والجَرِينُ: المَوْضِعُ الَّذي يُجْمَعُ فِيهِ التَّمْرُ إِذا صُرِمَ، وَهُوَ الْفَدَاءُ عِنْدَ أَهْلِ هَجَر.
وَقَالَ اللّيْثُ: الجَرِينُ مَوْضِعُ الْبَيْدَرِ بِلُغَةِ أَهْلِ اليَمن، قَالَ: وعامَّتُهُمْ بِكَسْرِ الجِيمِ، وجَمْعُه جُرُن.
والجَرْنُ: الطّحْنُ، بلُغَةِ هُذَيْل، وَقَالَ شاعِرُهم:
ولصوته زَجَلٌ، إِذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحَا بِجَرِينِها الْمَطْحُون
الْجَرين: مَا طَحَنْتَه، وقَدْ جُرِنَ الحَبُّ جَرْناً شَديداً.
وقالَ اللّيْث: الْجَارِنُ: مَا لاَنَ مِنْ أَوْلاَدِ الأفَاعِي. وأَدِيمٌ جَارِنٌ، وقَدْ جَرَنَ جُرُوناً، إِذا لانَ.
وَقَالَ لَبِيد يَصِفُ غَرْبَ السَّانية:
بِمُقَابِلٍ سرِبِ الْمَخارِزِ عِدْلُه
قَلِقُ الْمَحَالَةِ جارِنٌ مَسْلُومُ
قلت: وكُلُّ سِقاءٍ قَدْ أَخْلَقَ أَوْ ثَوْبٍ فقد جَرَنَ جُروناً فَهُوَ جارِن.
ويُقال: جَرَنَ فلَان على العَذْلِ، ومَرَنَ ومَرَدَ بمَعْنًى واحِد، قالَه الفَرَّاءُ وغيرُه.
وَقَالَ شَمِر: الجارِنَةُ اللَّيِّنَةُ من الدُّرُوع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرُو: الْجَارِنَةُ الْمَارِنَة، وكلّ مَا مَرَنَ فقد جَرَن. وَقَالَ لَبِيدٌ يذْكُر الدُّروع:
وجَوَارِن بِيضٌ وكُلُّ طِمِرَّةٍ
يَعْدو عَلَيْها القَرَّتَيْنِ غُلام
وَقَالَت عائِشَةُ فِي حَديثٍ رُوِيَ عَنْهَا أنَّها قَالَت: (حَتَّى ضَرَبَ الحَقُّ بِجِرَانِه) ، أَرَادَتْ أَنَّ الحَقَّ اسْتقامَ وقَرّ فِي قَرارِه، كَمَا أنَّ الْبَعيرَ إِذا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ جِرانَه عَلَى الأرْض.
اللحياني: أَلْقَى فلانٌ على فُلانٍ أَجْرامَه

(11/27)


وأَجْرانَه، وشَرَاشرَه، الواحِدُ جِرْمٌ وجِرْنٌ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدْ: الْجُرْنُ: المِهْرَاسُ الَّذي يُتَطَهَّرُ مِنه.
وَقَالَ الأصمَعيّ: إنَّمَا سَمِعْتُ فِي الْكلامِ أَلْقَى عَلَيْهِ جِرَانَه والجميعُ جُرُنٌ، وَهُوَ باطِنُ العُنُق.
رنج: الرَّانِجُ هُوَ الجَوْزُ الهِنْدِي، وَمَا أَرَاه عربيّاً، لِأَنَّهُ لَا ينْبت فِي بِلَاد الْعَرَب. وَقيل: إِنَّه ينْبت بعُمَانَ ونواحِيها.
رجن: أَبُو عُبَيد عَن الْكِسَائيّ: رَجَنَ الرَّجلُ بالمكانِ يَرْجُنُ رُجُوناً إِذا أَقامَ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجَنَ الرّجُلُ فِي الطَّعام وَرَمَكَ، إِذا لَمْ يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاجِنُ: الآلِفُ مِنَ الطَّيْرِ وغيرِه. قَالَ: ورَجَنَ فلانٌ دَابَّتَه رَجْناً فهيَ رَاجِنٌ ومَرْجُونَةٌ، إِذا أَسَاءَ عَلَفَها حَتى هُزِلَتْ.
أَبُو عبَيد عَن الأصمعيّ: ارْتَجَنَ عَلَيْهِم أمْرُهُم، أَي اخْتَلَطَ، أُخِذَ من ارْتِجَان الزُّبْد إِذا طُبِخَ فَلم يَصْفُ.
وَقَالَ بِشْر:
وكُنْتُم كَذاتِ القِدْرِ لمْ تَدر إِذْ غَلَتْ
أَتُنْزِلُها مذمومةً أَمْ تُذِيبُها
وَقَالَ أَبُو زَيد: رَجَّنْتُ الشَّاةَ فِي الْعَلَف تَرْجِيناً إذَا حَبسْتَها فِي الْمنزل على الْعَلَف؛ قَالَ وَإِذا حَبَسْتَها على المَرْعَى من غَيرِ عَلَف، قلت: رَجَّنْتُها رَجْناً؛ فَهِيَ مَرْجُونَة.
قَالَ: وَرَجِنْتُ الرَّجلَ أَرْجنَةُ رَجَناً، إِذا اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ، وَهَذَا من (نَوادِرِ أَبي زَيْد) .
وَقَالَ ابنُ شُميْل: رَجَن القومُ رِكَابَهم ورَجَنَ فلانٌ راجِلتَه رَجْناً شَدِيدا فِي الدَّار، وَهُوَ أَنْ يحْبِسَها مُنَاخَةً لَا يَعْلِفُها.
ورَجَنَ البعيرُ فِي النَّوى والبَزْرِ رُجوناً ورُجُونَة: اعتلافُه.
نرج: اللَّيثُ النَّيْرَجُ، والنَّوْرَجُ لُغَتَان. وأهْلُ الْيمن يَقُولُونَ: نُورَج، وَهُوَ الَّذي يُدَاسُ بِهِ الطَّعام من حَدِيدٍ كَانَ أَو من خَشَب.
قَالَ: وَيُقَال: أَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوَابُّ نَيْرَجاً؛ وعَدَتْ عَدْواً نَيْرَجاً، وَهُوَ سُرْعةٌ فِي تَرَدُّد.
وَقَالَ العجّاج:
ظَلَّ يُبارِيها وظَلَّتْ نَيْرَجَا
فِي (نَوادِر الأَعْراب) : النَّوْرَجُ السّراب؛ والنَّوْرَجُ سِكَّةُ الحرّاث.
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: النَّوْجَرُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُكْرَبُ بهَا الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيث: النِّيَرجُ أُخَدٌ كالسِّحْر، ولَيْسَ بِسِحْر، إنّما هُوَ تَشْبِيهٌ وتَلْبِيس.
نجر: قَالَ اللَّيثُ: النَّجْرُ: عَملُ النَّجار ونَحْتُه. والنَّجرانُ خَشبَةٌ يَدُورُ عَلَيْهَا رِجْلُ الْباب، وَأنْشد:
صَبَبْتُ البابَ فِي النَّجْرانِ حتّى
تَركْتُ البابَ لَيْسَ لَهُ صَرِيرُ

(11/28)


ثَعْلَب عَن ابْنُ الأَعْرابيّ: يُقالُ لأَنْفِ الْبَاب: الرِّنَاج ولدَرَوَنْدِه: النّجاف والنَّجران، ولمتْرسِه الْقُنّاح.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: نَجْرانُ الْبابِ: الْخَشَبَةُ الّتي يَدُورُ فِيهَا.
وَقَالَ اللّيث: النَّجيرة سَقِيفَةٌ من خَشَبٍ لَا يُخالِطُها الْقَصب وَلَا غَيْرُه.
وَقَالَ الرِّياشيّ فِيمَا أفادَنِي المُنْذِرِيّ عَن الصَّيْدَاوي عَنهُ: النَّجِيرَةُ بَيْنَ الْحسُوِّ وبَيْنَ الْعَصِيدَة.
قَالَ: وَيُقَال: انْجرِي لِصبْيانِكِ ورعائِك. وَيُقَال: ماءٌ مَنْجورٌ أَيْ مُسَخَّن.
وَقَالَ: وَيُقَال: شَهْرَا نَاجِرِ وآجِر، يَشْتَدُّ فِيهما الْحرّ، وأَنْشَدَ عُركُز الأَسَدِي:
تُبَرِّدُ ماءُ الشَّنِّ فِي لَيْلَةِ الصَّبا
وتَسْقِينِيَ الكُرْكُورَ فِي حَرِّ آجِرِه
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعْرابِيّ، قَالَ: هِيَ الْعَصِيدَةُ ثمَّ النَّجِيرَةُ ثمَّ الحرِيرَةُ ثمَّ الْحَسُوّ.
أَبُو الْحسن اللِّحْيانِي: نَجَرَ يَنْجُرُ نَجْراً، ومَجَرَ يَمْجُر مَجْراً، إذَا أَكْثَر من شُرْبِ الماءِ فَلم يَكَدْ يَرْوى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي النَّجَرِ مِثْلُه.
وَقَالَ اللَّيث: نَجَرْتُ فُلاناً بيَدي، وَهُوَ أنْ تَضُمَّ من كَفِّكَ بِرُجْمَةِ الأصْبُعِ الوُسْطَى ثمَّ تَضْرِب بهَا رَأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ.
قلت: لم أسمَعَ نَجَرتُ بِهَذَا الْمَعْنى لِغَيْر اللَّيث، والَّذي سَمِعْنَاه: نَحَزْتُه (بِالْحَاء وَالزَّاي) إِذا دَفَعْتَه ضَرْباً.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
يُنْحَزْنَ فِي جانِبَيْها وَهِي تَنْسَلِبُ
وأَصَلُ النَّحْزِ: الدَّقّ، ومِنْه قِيلَ للهاوُنِ مِنْحاز.
ابنُ السِّكِّيت عَن أَبِي عَمْرو: النَّجِيرَةُ: اللَّبَن الْحلِيبُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ سَمْن.
قَالَ: وقالَ الطَّائِيّ: النَّجِيرَةُ ماءٌ وطحِين يُطْبَخ.
سَلَمَةُ عَن الْفَراء، قَالَ المفضَّل: كَانَت الْعربُ تَقول فِي الجاهليّةِ للمحَرَّمِ مُؤتَمِر، ولِصَفَر ناجِر، ولِرَبيع الأَوَّل خَوَّان.
وقالَ اللَّيْثُ فِي (كِتَابه) : شَهْرٌ نَاجِرِ هُو رَجَب، قَالَ: وكلُّ شَهرٍ فِي صَميمِ الْحرِّ فاسْمهُ ناجِر، لأَنَّ الإبِلَ تَنْجُرُ فِيهِ، أيْ يَشْتَدُّ عَطَشُها حَتَّى تَيْبَسَ جُلودُها.
وقالَ غَيْرُه: شَهْرا نَاجِر، هما تَمُّوز وحَزِيرَان، وَكَانَ يُقالُ لصفَرَ فِي الْجاهِلِيّة: نَاجِر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْجَر: مِرْساةُ السَّفينة، وَهُوَ اسمٌ عِراقيّ، وَمن أمثالهم: فُلانٌ أَئْقَلُ من أَنْجَر، وَهُوَ أَن تُؤْخَذَ خَشَبَاتٌ

(11/29)


فيُخالَفُ بَين رُؤوسِها، وتُشَدُّ أَوْساطُها فِي مَوْضعٍ وَاحِد، ثمَّ يُفْرَغُ بَينهَا الرَّصاص المُذَاب، فيصيرُ كأَنّه صَخْرَةَ، ورُؤُوسُ الْخَشَب نائِيَةٌ يُشَدُّ بهَا الحِبال، ثمَّ تُرْسَلُ فِي المَاء، فَإِذا رَسَتْ، أَرْسَتْ السَّفِينَة فأَقَامَتْ.
قَالَ: والإنْجَارُ لغةٌ يمانيَّة فِي الإجِّار، وَهُوَ السَّطْح. أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأُمَويّ: النِّجار الأَصْل، وَيُقَال: اللَّون. وَقَالَ غَيره: النَّجْر: اللَّوْن، وأنْشَدَ:
نِجارُ كلِّ إبِلٍ نِجارُها
ونارُ إِبِلِ العالمينَ نارُها
هَذِه إبلٌ مَسروقةٌ من آبال شَتَّى، فَفِيهَا من كلِّ ضَرْبٍ وَلَوْن وسِمَة ضَرْبٌ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرُو: النّجْرُ: السَّوْقُ الشَّديد، وَقد نَجَر إبِلَه، وَأنْشد:
جَوَّاب لَيْلٍ مِنْجَرُ الْعَشِيّاتْ
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: النَّجْرُ شَكلُ الأسْنان، وهَيْئَتُه. وَقَالَ الأخطل:
وَبَيضَاءَ لاَ نَجْرُ النّجاشِيِّ نَجْرُها
إذَا الْتَهَبت مِنْهَا الْقَلاَئِدُ والنّجْرُ
والنَّجْرُ: الْقَطْعُ، وَمِنْه نَجْرُ النَّجار، وَقد نَجَرَ الْعُودَ نَجْراً، وَمِنْه قَوْله:
رَكبْتُ من قَصْدِ الطَّرِيقِ مَنْجَرَه
فَهُوَ الْمَقصَدُ الَّذِي لَا يَعْدِلُ وَلا يُجُورُ عَن الطَّريق.
ج ر ف
جرف، جفر، رجف، رفج، فجر، فرج: مستعملات.
جرف: قَالَ اللَّيْثُ: الجَرْفُ، اجْتِرَافُك الشَّيءَ عَن وَجْهِ الأَرْض، حَتَّى يُقَال: كَانَت الْمرْأَةُ ذَات لِثَةٍ فاجْتَرَفَها الطَّبيب، أَي اسْتَحاها عَن الأسْنَانِ قَطْعاً.
قَالَ: والطَّاعون الجارِفُ نزل بأَهْلِ العِراق ذَرِيعاً، فَسُمِّيَ جَارِفاً.
قَالَ: والجارِفُ شُؤْمٌ أَو بَلِيَّةٌ يجتَرِفُ مَالَ الْقَوْم، ورَجُلٌ مُجَرَّفٌ قد جَرَّفَهُ الدَّهرُ أَي اجْتاح مَاله وأَفْقَره.
وَرَجُلٌ جَرَّافٌ: وَهُوَ الأكُولُ لَا يُبْقِي شَيْئاً.
وجُرْف الْوادي وَنَحْوه من أَسْنادِ المسايِل إذَا نَجَخَ الماءُ فِي أَصْلِه فاحْتَفَره فَصَارَ كالدَّحْل وَأَشرَفَ أَعْلاه، فَإِذا انْصَدَعَ أَعْلاه، فَهُوَ هارٍ، وَقد جَرَّف السيلُ أَسنادَه. وَقَالَ الله: {أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (التَّوْبَة: 109) .
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الجُرْفُ عُرْضُ الْجَبَلِ الأمْلَس.
وَقَالَ شَمِر. يُقَال: جُرْفٌ وَأَجْرَافٌ وَجُرْفَة وَهِي الْمَهَواه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ: أَجْرَفَ الرَّجل إِذا رَعَى إبِلَه فِي الجَرْفِ، وَهُوَ الخِصْبُ والْكَلأُ المزْدَجُّ المُلتَفّ؛ وأَنشد:

(11/30)


فِي حِبّةٍ جَرْفٍ وَحِمْضٍ هَيْكَل
والإبِل تَسْمَنُ سِمَناً مُكْتَنِزاً؛ يَعْنِي على الحِبّة، وَهُوَ مَا تَناثَر من حُبوب الْبُقُول واجْتمعَ مَعهَا وَرَقُ يَبِيسِ البقل فَتَسْمَن الإبِلُ عَلَيْهَا.
وأَجْرَفَ الرجلُ، إِذا أَصَابه سَيْلٌ جُرافٌ.
أَبُو عبيد: الجُرفَةُ من سِماتِ الْإِبِل، أَنْ تُقْطَع جِلدةٌ من فَخِذِ الْبَعِير من غير بَيْنونَةٍ ثمَّ تُجْمَع، ومِثلُها فِي الأنْفِ القُرْمَة.
وَقَالَ بَعضهم: الجَوْرَفُ: الظَّلِيمُ؛ وَأنْشد لكعب بن زُهَيْر الْمُزَنيّ:
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقد لانَت عريكَتُها
كَسَوْتُهُ جَوْرَفاً أَقْرَابُه خَصِفَا
قلت: هَذَا تَصْحيف. وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الجَوْرَق بالْقافِ: الظليم.
قَالَ: وَمن قَالَه بِالْفَاءِ فقد صَحَّف.
أَبُو تُرَاب عَن اللِّحيانيّ: رجل مُجَارَفٌ: وَمُحَارَفٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِبُ خيرا.
ثَعْلَب عَن الأعرابيّ قَالَ: الْجَرْف: المالُ الكثيرِ من الصَّامِت والنَّاطق.
قَالَ ابنُ السِّكّيت: الْجُرافُ: مِكْيال ضَخْم، قَالَ: وَقَوله، الْجُرافُ الأكْبَرُ، يَقُول: كانِ لَهُم من الهوان مِكْيالٌ وَافٍ. وَسَيْلٌ جُرافٌ: يَجْرُف كلَّ شَيء.
رجف: قَالَ اللَّيث: رَجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً وَرَجَفَاناً، كَرَجَفَانِ البَعير تَحت الرَّحْل، وكما ترجُفُ الشَّجرة إِذا رَجَّفَتْهَا الرّيح، وكما يَرْجُف السِّنُّ إِذا نَفَضَ أَصْلُهَا، وَنَحْو ذَلِك رَجْفٌ كلّه. وَرَجَفَت الأرْضُ إِذا تَزَلْزَلَت، وَرَجَفَ الْقَوْم، إِذا تَهَيَّئُوا للحرب.
وَقَالَ الله: {أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} (النازعات: 6، 7) .
قَالَ الفرّاء: هِيَ النَّفْخَةُ الأولى، تَتْبَعُها الرَّادفة، وَهِي النَّفْخة الثَّانِيَة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الرَّاجِفَةُ الأرْض تَرْجُفُ تَتَحَرك حَرَكَة شَدِيدَة.
وَقَالَ مُجَاهِد: الرَّاجِفة: الزَّلْزَلة.
وَقَالَ اللَّيث: الرَّجْفَةُ فِي الْقُرْآن: كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قوما فَهُوَ رَجْفَةٌ وَصَيْحَةٌ. وصَاعِقَة.
والرّجْف: يرجُف رَجْفاً وَرَجِيفاً، وَذَلِكَ تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِهِ فِي السَّحَاب.
وَقَالَ غَيره: الرَّجْفَةُ الزَّلزَلَة مَعهَا الخَسْف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أَرْجَفَ الْبَلَدُ: إِذا تَزَلْزَل، وَقد رَجَفَت الأرْض وأَرْجَفت وأُرْجِفَتْ.
وَقَالَ غَيره: الرَّجَّافُ: الْبَحْر اسمٌ لَهُ، وَمِنْه قَوْله:
المُطعِمون الشَّحْمَ كُلَّ عَشِيَّةٍ
حَتَّى تَغيبَ الشمسُ فِي الرّجّاف

(11/31)


اللَّيْث: أَرْجَفَ القومُ، إِذا خَاضُوا فِي الأخْبار السَّيئة، وذِكْرِ الفِتَن.
قَالَ الله جلّ وعَزَّ: {قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ} (الْأَحْزَاب: 60) وهم الَّذين يُولِّدون الأخْبارَ الكاذِبة، الَّتِي يكونُ مَعهَا اضْطرابٌ فِي النّاس.
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: رَجَفَت الأرْض، إِذا تَزَلْزَلَتْ.
فرج: رُوِيَ فِي الحَدِيث: (وَلَا يُتْرَكُ فِي الإسْلام مُفْرَج) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ جابِرٌ الجُعْفيّ: الْمُفْرَجُ الرجل يكون فِي الْقوم من غَيْرهم، فحقٌّ عَلَيْهِم أَن يَعْقِلُوا عَنهُ.
قَالَ: وَسَمِعْت مُحمد بنَ الْحسن يَقُول: هُوَ يُرْوَى بالْحاءِ والْجيم، فَمن قَالَ مُفرَجٌ فَهُوَ الْقَتِيلُ بأَرْضٍ فَلاةٍ، وَلَا يكون عِنْد قَرْية يَقُول: فَهُوَ يُودَى من بَيْتِ المَال وَلَا يُبْطَلُ دَمه.
وَمن قَالَ: مُفْرَح: فَهُوَ الَّذِي أَثْقَلة الدَّين.
وَقَالَ أَبو عُبيد: قَالَ أَبو عُبيدة: المُفْرَجُ أَن يُسْلِمَ الرجل وَلَا يُوالِي أَحداً، فإِذا جَنى جِنايَةً، كَانَت جِنايَتُهُ على بَيت المَال؛ لِأَنَّهُ لَا عاقِلَة لَهُ، فَهُوَ مُفْرَجٌ بِالْجِيم.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الَّذي لَا دِيوَانَ لَهُ.
وأَخْبرني المُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: المُفرَحُ: المُثْقَلُ بِالدّينِ. والمُفْرَجُ: الَّذِي لَا عَشيرةَ لَهُ. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: المُفْرَحُ: الَّذِي لَا مَالَ لَهُ. والمُفْرَجُ: الَّذي لَا عَشِيرَةَ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفَرَجُ: ذَهَابُ الْغَمّ، وانكِشاف الكَرْب، يُقَال: فَرَجَه الله فانْفَرج، وفَرَّجَهُ تَفْرِيجاً.
وأَنْشد:
يَا فارِجَ الهَمِّ وكَشَّاف الكُرَبْ
قَالَ: والْفَرْجُ اسْم يَجْمع سَوْءات الرّجال والنساءِ والقُبْلانِ وَمَا حَواليهما، كُلُّه فَرْج، وَكَذَلِكَ من الدّواب وَنَحْوهَا من الخَلْق.
وكُلُّ فُرْجَةً بَين شَيْئين فَهُوَ فَرْج؛ كَقَوْلِه:
إلاَّ كُمَيْتاً بالْقَناةِ وضَابِئاً
بالفَرْج بَيْن لبانِه ويَدهِ
جعل مَا بَين يَدَيْهِ فَرْجاً. وَكَذَلِكَ قَول امرىء القَيس:
لَها ذَنَبٌ مثل ذَيلِ الْعَرُوس
تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها من دُبُرْ
أَرَادَ مَا بَين فَخِذيها ورِجْليها.
والفَرْجُ: الثَّغْرُ المخُوف، وَجمعه فُروج، سُمِّي فرْجاً؛ لأنَّه غيرُ مَسْدود.
وفَرُّوجَةُ الدَّجاجة تُجمع فَراريج.
وَفِي الحَدِيث أَن النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى وَعَلَيْه فَرُّوجٌ من حَرير.
قَالَ أَبُو عُبَيد: هُوَ الْقَباءُ الَّذِي فِيهِ شَقٌّ من خَلْفِه.

(11/32)


أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: رَجُلٌ أَفْرَجٌ، وامْرأة فَرْجاء: الْعَظِيمَة الأليتين لَا يَلْتقيان، وَهَذَا من الْحَبَش.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: الفُرُجُ بِضَم الْفَاء والراءِ: الَّذِي لَا يَكْتُمُ السِّرّ، والْفِرْجُ مِثْله.
قَالَ: والْفِرَجُ: الَّذِي لَا يزَال يَنْكَشِف فَرْجُه.
وَقَالَ الهُذَلِيّ يصف دُرَّة:
بكَفَّى رَقاحِيَ يُريدُ نَماءَها
فَيُتْرِزُها للْبيع وَهِي فَرِيجُ
مَعْنَاهُ: أَنه كُشِفَ عَن الدُّرة غطاؤُها لِيَراها النّاس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: فَتحاتُ الْأَصَابِع يُقال لَهَا التَّفاريجُ والحُلْفُقْ.
وَقَالَ النَّضْر: فَرْجُ الْوَادي: مَا بَين عُدْوَتَيْه، وَهُوَ بَطْنه. وفَرْجُ الطَّريق: مَتْنُه وفُوَّهَتُه. وفَرْج الجَبل: فَجُّه.
وَقَالَ القَطاميّ:
مُتَوَسِّدين زِمام كُلِّ نَجِيبَةٍ
ومُفَرَّجٍ عِرْقَ الْمَقَذِّ مُنَوَّقِ
أَرَادَ وزِمامُ كُلِّ مُفَرَّج وَهُوَ الوَسَاع.
وَيُقَال: المُفَرَّجُ: الَّذِي بَان مِرْفقُهُ عَن إِبطِهِ.
ويُقال: أَفْرجَ القومُ عَن قَتيل، إِذا انْكَشفوا، وأَفْرَجَ فلانٌ عَن مَكَان كَذَا وَكَذَا، إِذا أخَلَّ بِهِ وتَركه.
ويُقال: مَا لهَذَا الْغمّ من فُرْجَة وَلَا فَرْجَةٍ وَلَا فِرْجَة، وأَخْبرني المُنذريّ. عَن ابْن اليَزيديّ، عَن أبي ناجِية، عَن ابْن الأَعْرابيّ أَنَّه أَنْشد:
رُبّما تكْرَهُ النُّفوس من الأمْ
رِ لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العقَالِ
قَالَ: يُقَال فُرْجَةْ وفَرْجَةٌ فُرْجَةٌ اسْم، وفَرْجَةٌ مصدر، وفُروجُ الأَرْض نَواحيها.
اللِّحيانيّ: قَوْسٌ فَرِيجٌ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَهِي الفارِجُ أَيْضا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: هِيَ الفارِجُ والفُرُج، وَرَوَاهُ أَبُو عُبيدِ عَنهُ.
وَيُقَال: رَجُل أَفْرَجُ الثَّنايا، وأَفْلَجُ الثَّنايا، بِمَعْنى وَاحِد.
ابْن السِّكّيت: قَالَ الأصمعيّ: الفَرَجانُ: خُراسانُ وسِجِسْتَان، وأَنْشد قَول الغُدانِيّ:
على أَحَدِ الفَرْجَيْن كَانَ مُؤَمَّري
أَبُو زيد: يُقَال للمُشْط: النَّحِيتُ، والمُضَرِّجُ والمِرْجَلُ، وَأنْشد أَحْمد بن يحيى لبَعْضهِم:
فاتَه المَجْدُ والعلاءُ فأَضْحَى
يَنْفُضُ الْخِيسَ بالنَّخِيتِ المُفَرِّج
أَرَادَ بالْخِيس لَحْيَتَه، يَصِفُ رجلا كَانَ شاهِدَ زُور.
وَقَالَ أحمدُ بن عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد:

(11/33)


الْعَرَب تَقول: جرت الدابةُ مَلأى فُروجُها، وفُرُوجُها: مَا بَين قَوائِمها، فالفروج: رَفْعٌ بمَلأَى.
وَيُقَال فِي المذَكَّر: جَرَى الفَرسُ بملأَى فُروجه وَهِي مَا بَين قَوائمه، أَي من شِدَّة إِسْراعه فِي الجري امْتَلأ مَا بَين قوائمه بالغُبار والتُّراب.
وَالْعرب تُسَمِّي مَا بَين القوائم خَوَاء، وَكَذَلِكَ كل فُرْجَةٍ بَين شَيئين.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفَارِج: النَّاقَة الَّتِي انْفَرَجت عَن الْولادَة، فَهِيَ تُبْغِضُ الفَحْلَ وتَكْرَه قُرْبَه.
جفر: فِي حَديثِ عُمرَ أنَّه قَضَى فِي اليَرْبوع إِذا قَتَله المحْرِمُ بجِفْرَة.
أَبُو عبيد عَن أَبي زَيْد قَالَ: إِذا بَلغت أولادُ المِعْزَى أربعةَ أَشهر، وفُصِلَت عَن أُمهاتها فَهِيَ الجفار، واحِدها جَفْر، والأنْثى جَفْرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الجَفْرُ: الحَمَلُ الصَّغِير، والجَدْيُ بعد مَا يُفْطَم ابْن سِتّة أَشْهر. قَالَ: والغُلام جَفْر.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الجَفْرة: العَناقُ الَّتِي شَبِعت من الْبَقل والشَّجر، واسْتَغْنت عَن أمهَا، وَقد تجفَّرَت واسْتَجْفَرت: أَي عَظُمت وسَمِنَت.
وَيُقَال: قد تَراغَب هَذَا واستَجْفَر.
قَالَ: وَيُقَال: أُجفِرَ بَطْنُه، واستَجْفَرَ بطنُه، أَي عَظُم.
حكى ذَلِك كلّه عَنْهُم شِمرٌ فِي كِتابه، وَقَالَ:
جُفْرَةُ البَطْنِ بَاطِن الْمُجْرئِشّ
وَقَالَ غَيره: جُفْرَة كلِّ شَيْء وَسَطه ومُعْظمه.
أَبُو عبيد، عَن أَبي زيد: الجَفْرُ: البِئْر لَيست بمَطْوِيَّة.
وَقَالَ غَيره: الجُفْرةُ: حُفْرةٌ واسِعة من الأَرْض مُستديرة.
أَبُو عبيد، عَن الأَحْمر: الجَفيرُ والْجَشِيرُ مَعًا: الكِنانة وَهِي الجَعْبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَفير شِبْه الكِنانة إلاّ أنَّه أَوْسع، يُجْعَلُ فِيهِ نُشَّابٌ كَثير.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (صُوموا ووفِّروا أَشْعَارَكم، فَإِنَّهَا مَجفَرَةٌ) .
أَبُو عبيد: يَعْني مَقْطَعَةٌ للنِّكَاح، ونَقْصٌ للْمَاء.
وَيُقَال للبعير إِذا أكْثَر الضِّرابَ حَتَّى يَنْقَطع قد جَفَرَ يجْفُر جفوراً، فَهُوَ جافر.
وَقَالَ ذُو الرّمة فِي ذَلِك:
وَقد عارضَ الشِّعْري سُهَيلاً كأنّه
قريعُ هِجانٍ عارَضَ الشوك جافرُ
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مُجْفِر.
وَقد أَجفَرَ إِذا تَغَيَّرت رائحةُ جَسَدِه.
أَبُو عبيد، عَن الفَراء: كُنْتُ آتِيكم، فقد

(11/34)


أجْفَرْتكم، أَي تركتُ زِيارتكم وقَطَعتها.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرَّجل الَّذِي لَا عَقْل لَهُ: إنَّهُ لَمُنْهدِمُ الجال، ومُنْهدِم الجَفْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجُفَرِيُّ والكُفَرِي: وِعاءُ الطَّلْع. وإبلٌ جِفارٌ، إِذا كَانَت غِزَاراً، شُبِّهت بِجِفَار الرَّكايا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أجْفَرَ الرجل، وجَفَر وجَفَّر: إِذا انْقَطع عَن الجِماع، وَكَذَلِكَ اجتَفَرَ، وَإِذا ذَلَّ قيل: اجْتَفَر.
رفج: قَالَ اللَّيْث: الرُّفوجُ: أصْلُ كَرَبِ النَّخل؛ وَلَا أَدْرِي: أَعربِيٌ أمْ دَخيل.
فجر: قَالَ اللَّيْث: الفَجْرُ: ضَوْءُ الصُّبح، وَقد انْفَجر الصُّبح.
وَيُقَال للصُّبْح المُستطير فَجْرٌ، وَهُوَ الصَّادق. والمستطيل الكاذِب يُقَال لَهُ: فجر أَيْضا.
وَأما الصُّبْح فَلَا يكونُ إِلَّا الصَّادق.
والفَجْرُ: تفجيرُك المَاء. والمَفْجَرُ: الْموْضعُ الَّذِي يَفْجَرُ مِنه.
وَيُقَال: انْفجَرت عَلَيْهِم الدّواهي، إِذا جَاءَهُم الكثيرُ مِنْهَا بَغْتَه، وأيّام الفِجار: أَيّام وقائع كَانَت بعُكاظ، تفاخروا فِيهَا فاجْتَربوا واستَحَلُّوا الحُرُمات.
والفجور: الرِّيبة والكَذِب من الفُجور. وَقد رَكِبَ فلانٌ فَجْرةً وفَجار لَا يَجْرِيان إِذا فَجَرَ وكَذب، وَقَالَ النّابغة:
إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنَا بَيْننا
فَرحَلْتُ بَرّةَ، وارْتحلْتَ فجارِ
أَبُو عبيد: الفَجَرُ الجُودُ الْواسعُ، وَالْكَرم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أفْجر الرجل، إِذا جَاءَ بالْفَجَرِ، وَهُوَ المَال الْكثير، وأَفْجرَ إِذا كَذَب، وأفجر إِذا عَصَى بِفَرْجِه، وأُفجر إِذا كَفَر، ومثلُه فَجَرَ وفَجَّرَ.
قَالَ وَقَوله: ونَتْرُك من يَفْجُرُك، أَي من يَعْصيك، ومَنْ يُخَالفك.
وَقَالَ رجلٌ لعمر وَقد اسْتأذنه فِي الجِهاد فمنَعَه لضَعْف بَدَنه، فَقَالَ: إِن أطْلَقْتَني وإلاّ فَجَرْتُك، أَي عَصَيْتُك.
وأفْجَرَ: مَال مِنْ حَقَ إِلَى بَاطِل. وأفجَرَ يَنْبوعاً من مَاء، أَي أخْرجه.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الفَجور والفَاجِر: المخطِىء، والفُجورُ خِلاف البِرّ، والفاجِرُ المائِلُ، والسَّاقطُ على الطَّريق. وفَجَر أَي كَذَب، وَأنْشد:
قَتَلْتُمْ فَتًى لَا يَفْجُر الله عامِداً
وَلَا يَجْتَوِيه جارُهُ حِين يُمْحِلُ
أَي لَا يَفْجُرُ أمْر الله، أَي لَا يَميلُ عَنهُ وَلَا يَتْركه.
وَقَالَ شِمر: قَالَ الْهوازِنيّ: الافْتِجارُ فِي الْكَلَام اخْتِراقُه من غير أَن يَسْمَعه من أحد، أَو يَتَعَلَّمه، وَأنْشد:

(11/35)


نَازعِ القَومَ إِذا نازَعْتَهم
بأريبٍ أَو بَحَلاَّفٍ أبَلْ
يَفْتَجِرُ القولَ وَلم يَسْمَعْ بِهِ
وهُو إنْ قيلَ: اتّق الله، احْتَفَل
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جَلَّ وعَز: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . حدَّثني قيسٌ، عَن ابْن حُصَيْن، عَن سعيد بن جُبَيْر قَالَ: تَقول: سَوف أَتُوبُ، سَوف أَتُوب.
قَالَ: وَقَالَ الكَلْبِيّ: يُكْثِرُ الذُّنوبَ، ويُؤَخِّرُ التَّوْبة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ أَنه يُسَوِّفُ بالتَّوبة، ويُقَدِّمُ الأعمالَ السَّيِّئة. قَالَ: ويجوزُ وَالله أعلم أنَّه يكْفُر بِمَا قُدَّامَه من الْبَعْث.
وَقَالَ المؤرَّج: فَجر إِذا رَكِبَ رَأْسَه، فمضَى غيرَ مُكْتَرثٍ. قَالَ: وَقَوله: {الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ} ، ليمْضيَ رَاكِبًا رَأسه. قَالَ: وفَجرَ أخْطأَ فِي الْجَواب. وفجر من مَرضه، إِذا بَرَأَ. وفَجرَ، إِذا كلَّ بَصَرُه.
وَقَالَ ابْن شُميْل: الفُجورُ رُكوب مَا لَا يَحِلّ. وحَلَفَ فلَان على فَجْرة، واشْتَمَلَ على فجرة، أَي رَكِبَ أمْراً قبيحاً من يَمِين كاذِبة، أوْ زِنًى، أوكَذِب.
قلت: والفَجْرُ أصلهُ الشَّقّ، وَمِنْه أُخِذَ فجرُ السِّكْر، وَهُوَ بَثْقُه. وسُمِّيَ الفَجْر فجراً لانفِجَارِه، وَهُوَ انْصِداعُ الظُّلمة عَن نور الصُّبْح.
والفجورُ أصْلُه الميْلُ عَن القَصْد.
قَالَ لَبيد:
وإنْ أَخَّرتَ فالْكِفْلُ فاجِر
والكاذبُ فاجِر، والمكَذَّبُ بِالْحَقِّ فاجِر، والكافِرُ فاجِر، لميْلِهم عَن الصِّدْق والقَصْد.
وَقَول الأعرابيّ لعُمَر:
اغْفِرِ اللهمَّ إنْ كانَ فَجَرْ
أَي مالَ عَن الْحق.
وَقيل فِي قَول الله: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . أَي: ليُكَذِّب بِمَا أَمامه من البعْث، والحِساب والجَزاء، وَالله أعْلم.
ج ر ب
جرب، جبر، رَجَب، ربج، برج، بجر: مستعملات.
جرب: قَالَ اللَّيث: الجَربُ مَعْروف. والجَرْباءُ من السَّماء: النّاحِيَة الَّتِي لَا يَدور فِيهَا فَلَكُ الشَّمس وَالْقَمَر.
وأَخْبَرني المُنْذِرِيّ، عَن أَبي الهَيْثِمِ أَنه قَالَ: الْجَرْبَاءُ: السَّماءُ الدُّنيا، وَهِي الملْسَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْضٌ جَرْباءُ: إِذا كانَت مُمْحِلَةً لَا شيءَ فِيهَا.

(11/36)


وَقيل سُمِّيت السَّماء الدُّنيا جَرْباء، لما فِيهَا من الْكَوَاكِب. أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ، قَالَ: الْجِربياءُ من الرِّياح الشَّمالُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الْجِربِياءُ الرِّيحُ الَّتِي تَهُبُّ بَين الْجَنوبِ والصَّبا.
وَقَالَ اللَّيث: الْجِرْبياءُ شَمالٌ بارِدَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِنَّما جِرْبِياؤُها بَرْدُها، فَهَمَزَ.
ثعْلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الجَرْباءُ الْجَارِيَةُ المَلِيحَة، سُمِّيتْ جَرْباء لأنَّ النِّساء يَنْفِرْنَ عَنْها لتَقْبِيحِها بمَحاسِنها محاسِنَهُنّ. وَكَانَ لعَقِيل بن عُلَّفَة المُرِّي بِنْتٌ يُقال لَهَا الجَرْباء، وَكَانَت من أَحْسَن النِّساء.
وجَرِبَ البعيرُ يَجْرَبُ جَرَباً فَهُوَ جَرِب وأَجْرَب.
وَقَالَ: والجريبُ من الأَرْض نِصْفُ الفِنْجان، والجريب مِكْيالٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْفِزَة.
قلت: الْجَريبُ من الأرْض مِقدارٌ مَعْلوم الذرع والمساحة، وَهُوَ عَشَرةُ أَقْفِزَة، كلّ قِفيزٍ مِنْهَا عَشَرةُ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزْةٌ من مائَة جُزْءٍ من الْجَرِيب.
وَقَالَ اللَّيث: الْجَرِيبُ الْوادي وجَمْعُه أَجْرِبة، قَالَ: وجَريبُ الأَرْض جمعه جُرْبان، وَالْعدَد أَجْرِبة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجِرْبُ: القَرَاح، وجَمعه جِرَبَه، والجِربة: البُقْعَةُ الحَسَنَةُ النَّبات، وَجَمعهَا جِرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ أبُو عُبَيْدة الجِرْبَةُ المَزْرَعَة.
وَقَالَ بشر:
على جِرْبِةٍ يَعْلو الدِّيارَ غُرُوبها
وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: الْجَرَبُ العَيْب.
وَقَالَ غَيره: الجَرَبُ الصَّدَأُ يرْكَبُ السَّيف.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصْمعيّ: رَجُلٌ مُجَرِّبٌ ومُجَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي قد جَرَّبَ الأمُورَ وعَرفها. والمُجَرَّبُ أَيْضا: الَّذي جُرِّب فِي الْأُمُور وعُرِف مَا عِنْده.
أَبُو عُبيد، عَن الأَحْمر: جِرابُ البِئْر اتِّسَاعُها.
وَقَالَ غَيره: جِرابها مَا حَوْلَها. ويُقال: اطْوِ جِرَابَها بالحِجارة.
وَقَالَ اللَّيث: جِرابُ البِئْر جَوْفُها من أَوَّلِها إِلَى آخِرِها.
قَالَ: والجِرابُ وِعاءٌ من إِهابِ الشّاءِ، لَا يُوعَي فِيهِ إِلاَّ يَابِس، والجميع: الْجُرُب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عِيالٌ جَرَبَّةٌ: يَأكلون أَكْلاً شَديداً وَلَا ينْفعون. قَالَ: والجرَبَّةُ الحُمرُ الشِّداد الغِلاظ. والجرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجَة، يَكونون مُسْتَوِين.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصّلامَةَ من الرِّجال الَّذين لَا يُساء لَهُم، وهم مَعَ أمِّهم.

(11/37)


وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وحَيَ كِرامٍ قد هَنَأْنا جَرَبَّةٍ
ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قَالَ: جَرَبَّةٌ صِغارُهم وكِبارُهم. يَقُول: عَمَمْناهُمْ ولَم نخُصَّ كبارَهم دون صِغَارِهم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَربُّ من الرِّجال القَصيرُ الخَبُّ، وَأنْشد:
إنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبا
تَحْسِبُه، وَهُوَ مُخَنْذٍ، صَبَّا
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء، قَالَ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدهُ. وعَلى لَفْظِه جُرُبَّانُ القَمِيص.
شَمِر، عَن ابْن الأعْرابيّ: الجُرُبَّان قِرابُ السَّيْفِ الضَّخْم، يكون فِيهِ قَوْسُ الرَّجُل وسَوْطُه، وَمَا يَحْتاجُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
وعَلى الشَّمائِلِ أَن يُهاجَ بِنَا
جُرْبان كلِّ مُهَنَّد عَضْبِ
وَقيل: جُرُبَّان الْقَمِيص هُوَ بالْفارِسيَّة كَرِيبان، وَهُوَ الجَيْب.
وَقَالَ اللَّيث: الجَوْربُ لِفَافةٌ الرِّجْل.
ابنُ السِّكّيت: الأجرَبان عَبْسٌ وذُبْيان. وَأنْشد:
وَفِي عِضَادَته اليُمنى بَنو أَسَدٍ
والأجْرَبان: بَنو عبس وذُبْيانُ
والجريبُ: وادٍ مَعْروفٌ فِي بِلاد قَيْس، وحَرَّةُ النَّار بِحِذَائِهِ. أَبُو زيد: من أَمْثالهم: أَنت على المُجَرَّب، قالتها امرأَةٌ لِرَجُل سَأَلَهَا بَعْدَمَا قَعَدَ بَين رِجْليها، أَعَذْراءٌ أَمْ ثَيِّب؟ فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت: أَنْتَ على المُجَرَّب.
يُقالُ: عِنْد جَوَاب السَّائل عَمَّا أَشْفَى على عِلْمِه.
رَجَب: قَالَ اللَّيث: رَجَبُ شَهْر، تَقول: هَذَا رَجَبٌ، فَإِذا ضَمُّوا إِلَيْهِ شَعْبان فهما الرَّجَبان.
وَكَانَت الْعَرَب تُرَجِّبُ، وَكَانَ ذَلِك لَهُم نُسُكاً أَو ذَبائِح فِي رَجَب.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ وَالْفراء: رَجَبْتُ الرَّجُلَ رَجَباً، إِذا هِبْتَهُ وعَظَّمْتَه وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُ الشَّيءَ: هِبْتُه ورَجِبْتُه: عَظَّمتُه وَأنْشد:
أَحْمَدُ رَبِّي فَرَقاً وأَرْجبَه
قَالَ: أرْجَبَهُ، أَي أُعَظِّمهُ. ومِنه سُمِّي شهر رَجَبَ.
وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرو:
إِذَا العجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبها
وَلَا تَهَيَّبْها وَلَا تَرْجَبْها
وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُه عَظَّمْتُه.
أَبُو عَمْروٌ، عَن أَبيه: الرَّاجِبُ المُعظِّمُ لسَيِّده. وَيُقَال: رَجِبَه يَرْجَبُه رَجَباً، ورَجَبَهُ

(11/38)


يَرْجبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبَه تَرجِيباً، وأَرْجَبَه إِرْجَاباً.
ومِنه قَول الحُباب بن المُنْذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيقُها المرجَّب.
قلت: وَأما أَبو عُبَيْدة والأصْمَعيّ، فإنَّهما جَعَلا المُرَجَّبَ هَا هُنَا من الرُّجْبَة، لَا من التَّرْجِيب الَّذِي هُوَ من التَّعظيم.
قَالَا: والرُّجْبَة والرُّجْمَة بالْبَاء وَالْمِيم: أَن تُعْمَدَ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَة إِذا خِيفَ عَلَيْهَا أَنْ تقعَ لِطولها وكثْرَةِ حَمْلها بِبِناءٍ من حِجارَةٍ تُرَجَّبُ بِهِ أَي تُعْمَدُ بِهِ، ويكونُ تَرجيبُها أَن يَجْعَل حولهَا شوك إِذا وقرت، لِئَلَّا يَرْقأ فِيهَا راقٍ، فيجْنى ثَمَرهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرُّجْمَة بِالْمِيم البِناءُ من الصّخر تُعْمَدُ بِهِ النّخْلة، والرُّجْبَةُ أنْ تُعْمَدَ النَّخلةُ بخشَبَة ذاتِ شُعْبَتين.
أَبُو عُبَيْدَة: رَجبتُ فلَانا بقَوْلٍ سِّيء، ورجَمْتُه بِمَعْنى صَككْتُه.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وَقَالَ أَبُو العَميثل مِثْلَه.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الأرْجَابُ الأمْعاءِ، وَلم يَعْرِفْ واحِدَها.
ورَوى ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ، قَالَ: الرَّجْبُ المِعَى: قَالَ: والرَّاجِبَةُ البُقْعَةُ الملساءُ بَين البَراجِم. قَالَ: والبراجمُ المُشَنَّجاتُ فِي مَفَاصِل الأصَابع، وَفِي كلِّ إصْبَع ثلاثُ بُرْجُمات، إلاّ الإبْهام فلهَا بُرْجُمَتان.
وَقَالَ اللَّيْث: بُرْجُمَة الطَّائر. الإصْبَع الَّتِي تلِي الدّائرة من الجانِبين الوحْشِيّيْن من الرِّجلين.
قَالَ: ورجَّبتُ النّخْل تَرْجِيباً، وَهُوَ أَن تُوضَع عُذُوقُها على سَعفِها، ثمَّ تُنْضَدُ وتُشَدُّ بالخوص، لِئَلَّا يَنْفُضُها الرّيح، وَقد يُقَال أَيْضا: هُوَ أَن يُوضَعَ الشَّوك حَوْل العُذُوق لِئَلاَّ تُقْطَف. وَأنْشد أَبُو عبيد:
والعادِياتُ أسابِيُّ الدِّماء بهَا
كأَنَّ أعْناقَها أنْصابُ ترْجِيبِ
وَهَذَا الْبَيْت يَدُلُّ على صِحَّةِ قَول من جَعلَ الترجِيبَ دعْماً للنّخلة.
برج: قَالَ اللَّيْث: البُرْجُ واحِدٌ من بُرُوج الفَلَك، وَهِي اثْنَا عَشَر بُرْجاً، كلّ بُرْج مِنْهَا مَنزِلان، وثُلُثٌ مَنْزِلٌ للقمر، وَثَلَاثُونَ دَرجةً للشمس إِذا غَابَ مِنْهَا سِتّة ولكلّ بُرْج اسمٌ على حِدة فَأَوَّلها الحَمَلُ، وَأول الحَمل الشَّرَطان، وهما قَرْنا الحَمَل كَوْكَبان أَبيضان إِلى جَنْب السَمكة، وخَلْفَ الشَّرَطَيْن البُطَيْن، وَهِي ثَلاثةُ كَواكب، فهذان مَنْزِلان، وثُلثُ الثريا من بُرْج الْحمل.
وَقَالَ أَبو إسْحاق فِي قَول الله: {} (البروج: 1) قيل: ذَات البُروج، ذاتِ الْكَوَاكِب، وَقيل: ذاتِ القصُور، لِقُصُورٍ فِي السَّماء.

(11/39)


سَلَمة، عَن الْفراء: اخْتَلفوا فِي البُروج، فَقَالُوا: هِيَ النُّجوم، وَقَالُوا: هِيَ البُروجُ المعرُوفَة، اثْنا عَشَر بُرجاً، وَقَالُوا: هِيَ قُصورٌ فِي السَّمَاء.
وَالله أعلمُ بِمَا أَراد.
وَقَوله جَلَّ وعَزَّ: {وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) . البروج هَاهُنَا الحُصُون، واحدُها بُرْج.
وَقَالَ اللَّيث: بُرُوج سُورِ الْمَدِينَة والحصن: بُيوتٌ تُبْنَى على السّور، وَقد تُسمّي بيُوت تُبْنَى على نَواحِي أَركان الْقَصْر بُروجاً.
قَالَ: وثَوْبٌ مُبَرَّج، قَدْ صُوِّرَت فِيهِ تَصاوِيرُ كَبُروج السُّور.
قَالَ العجّاج:
وَقد لَبِسنَا وَشْيَه المبَرَّجا
وَقَالَ أَيْضا:
كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُبَرَّجا
شَبَّه سَنامها ببُرْج السُّور.
قَالَ: والبَرَجُ: سَعَةُ بَياضِ الْعين مَعَ حُسْن الْحَدَقَة. وإذَا أَبْدَت المرأَةُ محاسِنَ جِيدها وَوَجْهَها، قيل: تَبَرَّجَتْ وتُرِي مَعَ ذَلِك من عَيْنَيها حُسْنَ نَظر، كَقَوْل ابْن عِرس فِي الجُنَيْد بن عبد الرحمان يهجوه:
يُبْغَضُ من عَينيكَ تَبْرِيجُها
وصُورةٌ فِي جَسَدٍ فاسدٍ
قَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {جَعَلَ فِى السَّمَآءِ بُرُوجاً} (الْفرْقَان: 61) قَالَ: البروج الْكَوَاكِب الْعِظَام، قَالَ: والْبَرَجُ، تَباعُد مَا بَين الحاجبين. قَالَ: وكل ظَاهر مُرْتَفع فقد بَرَج، وَإِنَّمَا قيل لَهَا البروج لظهورها وبيانها وارتفاعها.
أَبُو عُبيد، عَن أَبي عَمْرو: البَرَجُ، أَن يكونَ بَياضُ الْعين مُحْدِقاً بالسَّواد كُلِّه، لَا يغيبُ من سَوادِها شَيْء.
قَالَ أَبُو زيد: البَرَجُ، نَجَلُ الْعين، وَهُوَ سَعَتها.
وَقيل: الَبَرجُ، سَعَةُ الْعين فِي شِدَّة بَيَاض بَياضِها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: بَرِجَ الرَّجُل إِذا اتَّسَعَ أَمْره فِي الأَكْل والشُّرب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ} (النُّور: 60) ، التَّبرُّحُ إظهارُ الزِّينة، وَمَا يُسْتَدْعَى بِهِ شهوَةُ الرَّجل.
وَقيل: إِنَّهن كُنَّ يتكَسَّرْن فِي مَشْيِهِنَّ ويَتَبَخْتَرْن.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ} (الْأَحْزَاب: 33) ذَلِك فِي زمن وُلِدَ فِيهِ إبراهيمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت المرأةُ إذْ ذَاك تلْبسُ الدِّرع من اللُّؤْلؤ غير مَخيط من الْجَانِبَيْنِ، وَيُقَال: كَانَت تَلبسُ الثِّيَاب تَبلغُ المالَ لَا تُواري جسدَها، فأُمِرْنَ أَلاَّ يفعلْنَ ذَلِك.

(11/40)


وَقَالَ اللَّيْث: حِسابُ البُرجان، هُوَ قَوْلك: مَا جُداءُ كَذَا فِي كَذَا، وَمَا جَذْر كَذَا فِي كَذَا، فجداؤه: مبلَغهُ، وجذرُه: أَصله الَّذِي يُضرَبُ بعضُه فِي بعض، وَجُمْلَته البُرجان.
يُقَال: مَا جَذْرُ مائَة؟
فَيُقَال: عشرَة.
وَيُقَال: مَا جُداء عشرَة فِي عشرَة؟
فَيُقَال: مائَة.
وَقَالَ شَمَر: بُرْجان: جِنْسٌ من الرُّوم ويُسَمَّوْنَ كَذَلِك.
قَالَ الْأَعْشَى:
وهِرَقْلٌ يَوْم ذِي ساتيدَمَا
مِنْ بني بُرْجَانَ فِي البَّأْسِ رُجُحْ
يَقُول: هُمْ رُجُحٌ على بني برجان أَي هُمْ أَرْجحُ فِي القِتال، وَشدَّة الْبَأْس مِنْهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أبْرَج الرجلُ إِذا جاءَ ببنينَ مِلاح.
قَالَ: والْبارِجُ المِلاّحُ الفَارِهُ.
أَبُو نصْر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَوَارِج السُّفُنُ الْكِبَار، واحدتها بارجةٌ، وَهِي القَوادِسُ والخلايا.
وَقَالَ اللَّيْث: البارجة السَّفينةُ من سُفن الْبَحْر تُتَّخَذُ لِلْقِتَالِ.
جبر: قَالَ الله جلّ وَعز: (إنَّ فِيهَا قَوماً جَبَّارين) .
قَالَ أَبُو الْحسن اللِّحيانيّ: أَرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَم، وَالله أعلمُ بذلك.
قلت: كأَنه ذَهبَ بِهِ إِلَى الجبَّارِ من النَّخيل، وَهُوَ الطَّوِيل الَّذِي فاتَ يَد المُتناوِل.
يُقَال: رجلٌ جبّار إِذا كَانَ طَويلا عَظِيما قويّاً، تَشْببها بالجبار من النَّخيل.
وأمل قَوْله جلّ وَعز: {للهوَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} (الشُّعَرَاء: 130) .
فإنَّ الجبارَ هاهُنا القَتَّالُ فِي غير حق، وَكَذَلِكَ قولُ الرجل لمُوسَى: (إنْ تُريدُ إلاَّ أَنْ تكونَ جبَّاراً فِي الأَرْض) . أَي قَتَّالاً فِي غيرِ حق.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: والجبَّار المُتَكبِّرُ عَن عبَادَة الله تَعَالَى، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} (مَرْيَم: 14) ، وَكَذَلِكَ قَول عِيسَى: {وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً} (مَرْيَم: 32) أَي مُتَكبِّراً عَن عبَادَة الله.
والجبار أَيْضا: القاهِرُ الْمُسَلَّط. قَالَ الله: {يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ} (ق: 45) ، أَي بمُسَلَّط فَتَقْهرهم على الْإِسْلَام.
والجبارُ: الله تبَارك وَتَعَالَى، القاهرُ خلْقَه على مَا أَرَادَ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: الجبارُ فِي صفةِ الله الَّذِي لَا ينَال، وَمِنْه قيل للنخلة إِذا فَاتَت يدَ المتناول: جبارَة. مأخوذٌ من جبَّارِ النَّخْل.

(11/41)


وَرَوى سلمةُ عَن الْفراء أَنه قَالَ: لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلاَّ فِي حرفين وهما: جبّار من أَجْبَرْتُ، وَدَرَّاك من أَدركتُ.
قلت: جعَلَ جبّاراً فِي صفَةِ الْعباد من الإجبارِ، وَهُوَ القَهّرُ والأكْراه لَا من (جَبَرَ) .
أبُو عُبيد، عَن الأَحمرِ: فِيه جَبَرِيَّةٌ وجَبَرُوَّةٌ، وجَبَروت وجُبُّورَةُ وجَبُّورَةٌ أَيْضاً، وأَنشَدَنا:
فإنَّك إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الْحصا
عَلَيْكَ، وذُو الْجَبُّورَةِ الْمتَغَترِفُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ امْرَأَة حَضَرت النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَمَرها بأَمْرٍ فتَأَبَّتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (دَعُوها فإِنَّها جَبَّارة) أَي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرة.
وَقَالَ اللَّيْت: قَلْبٌ جَبَّار، ذُو كِبْرٍ لَا يَقْبَلُ مَوْعِظَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال للْملك جَبْرٌ، وَقَالَ: والجَبْرُ الشُّجاع وَإِن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً. والْجَبْرُ: تَثْبيتُ وقّوع الْقَضَاءِ والْقَدَر.
أَبُو عُبَيد عَن أَبي عَمْرو: الْجَبْرُ الرَّجلُ.
وَقَالَ ابنُ أَحْمر:
وانْعَمْ صَباحاً أَيُّها الْجَبْرُ
قيل: أرادَ أَيهَا الرَّجُل، وَقيل: أرادَ أَيُّها المَلْكِ. والْجَبر أَنْ تُغْنِيَ الرَّجُلَ من الْفَقْرِ، أَوْ تَجْبُرَ عظْمَة من الكَسْر.
قَالَ: والإِجْبارُ فِي الحُكْم، يُقَال: أَجْبَرَ الْقاضِي الرَّجُلَ على الحُكْمِ إِذا أكْرَهَه عَلَيْهِ.
وأَخْبَرنِي الإياديّ عَن أَبِي الّهَيْثَم أَنَّه قَالَ: جَبَرْتُ فَاقَة الرَّجُلِ أَجْبُرُها، إِذا أَغَنَيْتَه.
قَالَ: والجَبُرُيَّة، الَّذين يَقُولون: أَجَبَر اللَّهُ الْعِبَادَ على الذُّنُوب أَيْ أَكْرَهَهُمْ ومَعاذَ اللَّهِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ على مَعْصَية ولكنَّه قد عَلِمَ مَا الْعِبادُ عامِلون، وَمَا هُمْ إِلَيْهِ صائِرُون.
قلت: وَهَذَا مَعْنى الْإِيمَان بالْقَضاء والْقَدر إنّما هُوَ عِلْمُ الله السَّابق فِي خَلْقِه، وَقد كَتَبه عَلَيْهِم، فهم صائرون إِلى مَا عَلِمه، وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ لَهُ.
وروى الأَعْمش عَن إِسْمَاعِيل بن رَجاءِ عَن عُمَيْر مَوْلى ابّن عبّاس، عَن ابنِ عبّاس فِي جِبْريل ومِيكائيل: كَقَوْلِك عبد الله، وعبدِ الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يعمر يَقرأ.
قَالَ أَبَو عُبيد قَالَ الأصمعيّ: معنى إيل الرُّبُوبِيَّة، فأُضِيفَ جَبْروميكا إِليه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَبْر هُوَ الرَّجُل.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَكأَنّ مَعناه عَبْد إيل، رَجُلُ إيل.
قَالَ: فَهَذَا تأْويل قَوْله: عبد الله، وَعبد الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يَعْمر يَقْرؤها (جَبْرِئلّ) ، وَيَقُول: جَبْرَ: عبْد، والّ: هُو الله.
قلت: وَفِي جِبْريل لغاتٌ كَثِيرَة، قد

(11/42)


حَصَّلْتُها لَك فِي رُباعيِّ الْجِيم.
وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال: أَجْبَرْتُ فلَانا على كَذا، أُجْبِره إجْباراً، فَهُوَ مُجْبَر، وَهُوَ كَلَام عامَّة الْعَرَب أَي أَكْرَهْتُه عَلَيْهِ.
وتَمِيمٌ تَقول: جَبَرْتُه على الأَمْرِ أَجُبُرُهُ جَبْراً وجُبُوراً بغَير ألف. قلت: وَهِي لُغَةٌ مَعْرُوفَة وَكثير من الحجازين يَقُولُونَهَا.
وَكَانَ الشّافعيّ يَقُول: جَبَرَه السُّلْطَان بِغَيْر ألفِ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ.
وَقيل لِلْجَبرِيَّة: جَبْرِيَّةٌ، لأَنَّهم نُسِبُوا إِلَى القَوْل بالْجَبْر، فهما لُغَتَانِ جَيِّدتان جَبَرتُه وأَجْبَرْتُه، غير أنَّ النَّحويين أسْتَحبوا أَنْ يَجْعلوا حَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْم بعد كَسْره وجَبْر الْفَقِير بعد فَاقَته، وأَن يكون الإِجْبارُ مَقَصوراً على الإكْراه، وَلذَلِك جعل الفَراء الجَبَّار من أَجْبَرْتُ، لَا من جَبَرْت، وَجَائِز أَن يكون الجبَّار فِي صِفَةِ الله، من جَبْرِه الْفَقير بالْغِنَى، وَهُوَ تبَارك وَتَعَالَى جابرُ كُلِّ كَسير وفَقير، وَهُوَ جَابر دِينه الَّذي ارْتَضاه كَمَا قَالَ العَجَّاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الألَهُ فَجَبَرْ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: جَبَرْتُ اليتيمَ والفَقير أَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً، فَجَبَرَ يَجْبُرُ جُبُوراً، وانْجَبَرَ انْجِباراً، واجْتَبَرَ اجْتِباراً، بِمَعْنى واحِد.
وَيُقَال أَيْضا: جَبَّرْتُ الكسيرَ أُجَبِّرُه تَجْبِيراً، وجَبَرْتُه جَبْراً، وأَنْشَد:
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ تَخُبُّ
وأُخْرى مَا يُسَتِّرها وَجَاحُ
وَيُقَال: تَجَبَّر فلَان: إِذا عَاد إِليه من مَاله بعضُ مَا كَانَ ذَهَب. وتَجَبَّر النَّبتُ وَالشَّجر، إِذا نَبَتَ فِي يابِسة الرَّطْب.
وَيُقَال: قد تَجَبَّر فلَان مَالاً، أَي أَصَاب، وَقَوله:
تَجَبَّرَ بَعْدِ الأَكْلِ فَهُوَ نَمِيصُ
فَمَعْنَاه: أَنَّه عَاد نَابتاً مُخَضَرّاً، بَعْدَمَا كَانَ رُعِيَ، يَعْنِي الرَّوض.
وَقَالَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْعَجْمَاءُ جُرْحُها جُبَار) ، والْمَعْدِنُ جُبَار، والبِئْرُ جُبَار وَقد مرّ تَفْسِير العجماء فِي كتاب (الْعين) . والجُبار: الهَدَر وَمَعْنَاهُ أَن تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ العجماءُ فَتُصيب فِي انفِلاتها إِنساناً أَوْ شَيئاً فجَرْحُها هَدَر، وَكَذَلِكَ البِئْر العادِيَّة يَسْقط فِيهَا الْإِنْسَان فَيَهْلِك، فدَمُه هَدَر والمعدن إِذا انهار على حَافره فَقتله فدمه هَدَر. قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا جَابر بن حَبّه: اسْم للخبز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْجَبائِرُ الأسْوِرَة، واحِدتها جِبَارَة وجَبِيرَة.
قَالَ الْأَعْشَى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً فِي الْخِضا
بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الْجِبَارَة
وَيُقَال للخشباتِ الَّتِي تُوضع على مَوْضع الْكسر لِيَنْجَبِر على اسْتِوَاء: جَبائِر، واحدتها جِبَارَة.

(11/43)


سَلمَة، عَن الْفراء قَالَ: قَالَ المُفَضَّل: الجُبَار: يَوم الثُّلَاثَاء. قَالَ: والجَبَارَةُ بِفَتْح الجِيم، فِناء الجَبَّان. والجِبَارُ: الْمُلُوك، واحِدُهم جَبْر.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرَ الْكافِر فِي النَّار، فَقَالَ: ضِرْسهُ مثلُ أُحُد، وكَثافَةُ جِلْدِه أَرْبَعُونَ ذِراعاً بِذِراع الجبَّار. قيل: الجَبَّارُ هَا هُنا المِلك. والجبَابِرَةُ: المُلوك. وَهَذَا كَمَا يُقَال: هُوَ كَذَا وَكَذَا ذِراعاً بِذراع المَلك، وأحسِبُه مَلِكاً من مُلوك العَجَم، نُسِبَ إِلَيْهِ هَذَا الذِّراع، وَالله أعلم.
بجر: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الباجِرُ: المُنْتَفِخُ الجَوْف. الْهِرْدَبَّةُ الْجَبان.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: الباحِر الأحمق بِالْحَاء قلت: وَهَذَا غَيْرُ الباجِر، ولكلَ مَعْنًى.
أَبُو عبيد، عَن الأصْمَعيّ، فِي بَاب إِسْرارِ الرَّجلِ إِلى أَخِيه مَا يَسْتُرُه عَن غَيره أخْبَرْتُه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَظْهَرتُه من ثِقَتِي بهِ على مَعايِبي، وَقد فَسَّرتُ العُجَرَ فِي بَابه. وأمَّا البُجَر: فالعُروقُ المُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْن خاصَّة.
ثَعْلَب، عَن ابنْ الأعرابيّ: العُجْرَةُ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْر، فَإِذا كَانَت فِي السُّرَّة فَهِيَ بُجْرَة.
قَالَ: ثمَّ تُنْتَقلان إِلَى الهُمومِ والأَحْزان.
قَالَ: ومَعْنى قَول عليّ رَضِي الله عَنهُ: إِلَى الله أَشكو عُجَرِي، وبُجَري، أَي هُمومي وأَحْزَانِي.
قَالَ: وأَبْجَرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَغْنَى غِنًى كادَ يُطْغِيه بعد فَقْرٍ كادَ يُكْفِرُه.
وأَخبرني المُنْذِريّ عَن السكُدَيْميّ، قَالَ: سأَلت الأصمعيّ فَقلت لَهُ: مَا عُجَرِي وبُجَرِي؟ فَقَالَ: هُمومِي وغُمومِي وأَحْزانِي.
أَبُو عبيد، عَن أبِي زيد: لَقِيتُ مِنْهُ البَجَارِيّ، واحِدها بُجْرِيّ، وَهُوَ السِّرّ والأَمْرُ الْعَظِيم. والْبُجْرُ: الْعَجَب. وَأنْشد أَبُو عبيد:
أَرْمي عَلَيْهَا وهِي شَيْءٌ بُجْرُ
والْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ
وأمَّا قولُ العَرب: عَيَّر بُجَيْرٌ بَجَرَة، ونَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَره؛ فقد حُكِيَ عَن المْفَضَّل أَنه قَالَ: بُجَيْرٌ وبَجَرَة كَانَا أَخَوين فِي الدَّهْر الْقَدِيم، وَذكر قِصَّةً لَهما، وَالَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ أهْلُ اللُّغة أَنهم قَالُوا البُجَيْرُ: تَصْغِير الأبْجَر، وَهُوَ النّاتِىء السُّرَّة، والمَصْدَرُ الْبَجَر، فَالْمَعْنى: أَنَّ ذَا بُجْرَةٍ فِي سُرَّته عَيَّرَ غَيْرَه بِمَا فِيهِ، كَمَا قيل فِي امْرَأَةٍ عَيَّرت أخْرى بِعَيْب فِيهَا: رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إنَّه لَيَجِيءُ بالأَباجِير، وَهِي الدَّوَاهي، قلت: وكأنَّها

(11/44)


جمع بُجْرٍ وأَبْجار، ثمَّ أباجير جمع الْجمع.
وَقَالَ الفرّاء: الْبَجَرُ والْبَجْرُ انْتِفَاخُ الْبَطن، رَوَاهُ عَنهُ سَلمة.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الْبَجِيرُ: المَال الكَثير.
وَفِي (نِوادِر الأَعْراب) : ابْجارَرتُ عَن هَذَا الْأَمر، وابْتَارَرْتُ، وابْتَاجَجْتُ أَي اسْتَرخَيْتُ وتَثَاقَلت، وَكَذَلِكَ نَجِرْتُ ومَجِرْتُ.
اللِّحيانيّ: يُقال للرَّجُل إِذا أَكثر من شُرب الْماء، وَلم يَكَدْ يَرْوَى: قد بَجِرَ بَجَراً، ومَجَرَ مَجَراً، وَهُوَ بَجِرٌ مَجِر، وَكَذَلِكَ الممتلىء من اللَّبن، ذكَر ذَلِك فِي بَاب الْبَاءِ وَالْمِيم. ومِثْلُه: نَجِرَ ومَجِرَ فِي بَاب النُّون والمِيم.
ربج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَبْرَجَ الرَّجلُ، إِذا جَاءَ بِبَنِين مِلاَح، وأَرْبَجَ، إِذا جَاءَ بِبَنِين قِصار.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّبْجُ الدِّرهم الصَّغيرُ الْخَفيف.
قلت: وسَمِعْتُ أَعرابياً يُنْشِد وَنحن يَوْمئِذٍ بالصَّمّان:
تَرْعَى من الصَّمّانِ رَوْضاً آرجا
مِنّ صِلِّيَانٍ ونَصِيّاً رابجا
ورُغْلاً باتت بِهِ لَواهِجا
فَسَأَلته عَن الرَّابج، فَقَالَ: هُوَ المُمتَلِىء الرَّيان.
وأَنْشَدَنيه أَعْرابيٌّ آخر فَقَالَ: (ونِصِيًّا رَابِجاً) ، وَهُوَ الكَثِيف المُمتَلىء، وَفِي هَذِه الأرْجوزَة:
وأَظْهَر الماءُ بِها روابجاً
يصف إبِلاً ورَدت مَاء عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَهَا، فَلَمَّا رَويت انْتَفَخَت خواصِرها وعَظُمت، وَهِي معنى قَوْله: (رَوابِجَا) .
ج ر م
جرم، جمر، رمج، رجم، مرج، مجر: مستعملة.
جرم: الحرَّاني، عَن ابْنِ السِّكِّيت: الْجَرْمُ: الْقَطْع، يُقَال: جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً إِذا قَطَعه. والْجِرْمُ: الْجَسَد، والجِرْمُ: الصَّوت.
قَالَ: وحَكَى لنا أَبُو عَمْرو: جِلَّةٌ جَرِيمٌ، أَي عِظَامُ الأجْرام، يَعْني الأجْسام.
ثعلبُ عَن عَمْرو، عَن أَبيه: الْجِرْمُ: البَدَن، والْجِرْمُ: اللَّون، والجِرم: الصَّوْت. وَيُقَال: جَرِمَ لَوْنُه إِذا صَفَا، وجَرِمَ إِذا عَظُمَ جِرْمُه، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأعرابيّ: وَقَالَ اللّيث: الجَرْمُ نَقيضُ الصَّرْد. وَيُقَال: هَذِه أَرض جَرْمٌ، وَهَذِه أرضٌ صَرْد، وهما دَخيلان مستعملان فِي الحَرّ والْبَرْد.
قَالَ: والْجُرمُ أَلْواحُ الْجَسَد وجُثْمانُه

(11/45)


ورَجلٌ جَرِيم، وامْرأة جَريمَةٌ: ذاتُ جِرْم وجِسْم.
قَالَ: وجِرْمُ الصَّوت: جَهَارَتُه، تَقول: مَا عَرَفتُه إِلَّا بِجِرْم صَوْته.
قَالَ: والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الَّذِي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً، وفلانٌ لَهُ جَرِيمَةٌ إليَّ: أَي جُرْمُ، وَقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً، إِذا أَذْنَب. والجارم: الْجانِي، والمجرمُ، والمذْنِب، وَقَالَ:
وَلَا الْجارِمُ الجانِي عَلَيْهِم بمُسْلَمِ
وَقَول الله جلّ وعزَّ: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ} (الْمَائِدَة: 2) .
قَالَ الفَراء: القُرّاء قَرءوا: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، وَقرأَهَا يَحيى بن وثّاب، والأعْمَش: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، من أَجْرَمْتُ، وَكَلَام الْعَرَب بفَتْح الْيَاء.
وَجَاء فِي التَّفْسير: وَلَا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.
قَالَ: وسَمِعْتُ العربَ تَقول: فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه، يُريدون كاسِبَهم، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه، أَي يكسِبهم، فَالْمَعْنى فِيهَا مُتَقارب لَا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يُقَال: أَجْرَمَني كَذَا، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بِمَعْنى وَاحَد.
وَقد قيل: لَا يُجْرِمَنَّكم: لَا يُدْخِلَنَّكُم فِي الجُرْم. كَمَا يُقَال: أَثَمْتُه، أَي أَدْخَلْتُه فِي الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: 2) أَي لَا يُحِقَّنَّ لكم لِأَن قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} (النَّحْل: 62) ، إنّما هُوَ حَقٌّ أَنَّ لَهُم النّار.
وَأنْشد:
جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا
يَقُول: حُقَّ لَهَا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أمّا قَوْله لَا يُحقَّنَّ لكم، فَإِنَّمَا أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا لم يَكُن حَقّاً، فَجَعَلته حَقّاً وإِنَّما معنى الْآيَة وَالله أعلم فِي التَّفسير: لَا يَحْمِلنّكم وَلَا يَكْسِبَنَّكُم.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن الحُسَين بنُ فهم عَن مُحمد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ، وأَنْشَد بيتَ أبي أَسمَاء.
وَأما قَوْلهم: لَا جَرَمَ، فَإِن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كَانَت فِي الأصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ، وَلَا مَحالة، فكَثُر اسْتِعمالها حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقّاً.
أَلا تَرى العربَ تَقول: لَا جَرَمَ لآتِينَّكَ، لَا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت، فتراها بمنزلَةِ الْيَمين، وَكَذَلِكَ فَسَّرها الْمُفَسِّرُونَ: حَقّاً إِنَّهُم فِي الْآخِرَة هُمُ الأَخْسرون. وَأَصلهَا من جَرَمْتُ، أَي كَسَبْتُ الذَّنْب.
قَالَ الْفراء: ولَيْس قولُ من قَالَ إِن جَرَمْتُ كَقَوْلِك حُقِقْتُ أَو حَقَقْت بِشيء، وَإِنَّمَا

(11/46)


لَبَّسَ عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر:
جَرَمت فَزارَةُ بعْدهَا أَنْ تَغْضَبا
فَرَفَعوا فَزَارة. وَقَالُوا: نَجْعَل العِفل لِفَزَارَة كأَنَّهُ بِمَنْزِلَة حقَّ لَهَا، أَو حُقَّ لَهَا أَنْ تَغْضَب.
قَالَ: وفَزارة مَنْصوبٌ فِي الْبَيْت، الْمَعْنى: جَرَمَتْهُم الطَّعْنَةُ الغَضَبَ، أَي كَسَبَتْهم.
وَقَالَ غير الفرّاء: حَقِيقَة معنى لَا جَرم، أَنَّ (لَا) نَفْيٌ هاهُنا لمَّا ظَنُّوا أنَّهُ يَنْفَعُهم، فَرُدَّ ذَلِك عَليهم، فَقيل: لَا يَنْفعُهم ذَلِك، ثمَّ ابْتَدأَ وَقَالَ: جَرَم أَنَّهُمْ فِي الآخِرة هُمُ الأخْسرون، أَي كَسب ذَلِك العملُ لَهُم الخُسْران، وَكَذَلِكَ قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، الْمَعْنى: لَا يَنْفَعُهم ذَلِك، ثمَّ ابتَدأ فَقَالَ: جرَمَ إِفْكُهُمْ وكَذِبُهم لَهُم عَذاب النَّار، أَي كَسَب لَهُم عَذابها، وَهَذَا من أَبْينَ مَا قِيلَ فِيهِ.
وَقَالَ الكسائيّ: من العَرَب من يَقُول: لاذَا جَرَم، وَلَا أَنْ ذَا جَرَم، وَلَا عَن ذَا جَرَمَ، وَلَا جَرَ، بِلَا مِيم، وَذَلِكَ أنهُ كَثر فِي كَلَامهم فَحُذِفَت الْمِيم، كَمَا قَالُوا: حاشَ للَّهِ وَهُوَ فِي الأَصْل (حاشى) . وكما قَالُوا: أيْش، وإِنما هُوَ أيّ شَيْء. وكما قَالُوا سَوْتَرى، وإنَّما هُوَ سَوْفَ تَرى.
قلت: وَقد قيل لَا صِلَةٌ فِي جَرَمَ، وَالْمعْنَى كَسَب لَهُم عَمَلُهم النَّدم.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه أنْشدهُ:
يَا أُمَّ عَمْرٍ وبَيِّنِي لَا أَوْ نَعمْ
إنّ تَصْرِمي فراحةٌ ممَّن صَرَم
أوْ تَصلِي الحَبْلَ فَقد رَثَّ ورَمّ
قلت لَهَا: بيني، فَقَالَت: لَا جَرَمَ
إنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظلمَ
قَالَ: وأخبرَني الطُّوسِيّ عَن الخَرَّازِ، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: لَا جَرَمَ، لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا، أَي حقّاً، وَلَا ذَا جَرَ، وَلَا ذَا جَرَم.
والعربُ تَصِلُ كلامَها بِذا، وذِي وذُو، فَيكون حَشْواً وَلَا يعْتد بهَا وَأنْشد:
إنَّ كِلاباً وَالِدِي لَا ذَا جَرَم
أَبُو عُبيد عَن الأصْمَعِيّ: الجُرامَةُ مَا الْتُقِطَ من التَّمر بَعْدَمَا يُصْرَم ويُلْقَطُ من الكَرَب.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَرِمَ الرّجل، إِذا صارَ يأْكل جُرَامةَ النّحْل بَين السَّعَف.
وَقَالَ اللَّيث: جَرْم قَبيلَةٌ من الْيمن، وأقَمْت عندَه حَوْلاً مُجَرَّماً.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيد قَالَ: الْعامُ الْمُجَرَّمُ الْماضي المُكَمَّل.
وروى ابنُ هانِي لأبي زيد: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ، وشَهْرٌ مُجْرَّمٌ، وكَريتٌ فيهمَا، ويَوْمُ مُجْرَّم، وكَرِيتٌ وَهُوَ التَّام.
وَقَالَ اللَّيْث: جَرَّمنا هَذِه السَّنَة، أَي خَرَجْنا مِنْها، وتَجَرَّمت السَّنة.

(11/47)


وَقَالَ لَبِيد:
دِمَنٌ تَجرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسها
حِجَجٌ خَلَوْنَ خَلالُها وحَرامُها
قلت: وَهَذَا كُله من الجَرْم، وَهُوَ الْقَطْع، كأَنَّ السَّنَةَ لما مَضَتْ، صارَت مَقْطوعة من السَّنَةِ المُسْتَقْبلة.
وَيُقَال: جَاءَ زَمن الْجِرَام والْجَرَام، أَي جَاءَ زمن صرام النَّخل، والجُرَّامُ الَّذين يَصْرِمون التَّمر المَجْرُوم، وفلانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَرِيمُهم.
وَقَالَ الهذليّ:
جَرِيمَةُ ناهِضٍ فِي رَأَسِ نيقٍ
ترى لعِظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا
يصف عُقَاباً تُطعمُ فَرْخَها النَّاهض مَا تَأْكله من صَيْدِ صَادَتْه لتأْكلَ لَحْمه وبَقِيَ عظامُه يسيلُ مِنْهَا الوَدَك.
والْجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وَكَذَلِكَ الْجَرِيمَة، وَقَالَ الشَّاعِر:
فإنَّ مَولاي ذُو يُعَيِّرُني
لَا إِحْنَةٌ عندَه وَلَا جَرِمَهْ
والمُدُّ يُدْعى بالحجاز جَرِيماً، يُقَال: أَعْطيتُه كَذا وَكَذَا جَرِيماً من الطَّعام.
وَقَالَ الشَّماخ:
مُفِجُّ الْحَوامِي عَن نسورٍ كأَنَّها
نَوًّى القَسْبِ تَرَّتْ عَن جَرِيمُ مُلَجْلَجِ
أرادَ بالْجَريم: النَّوى. وَقيل: الْجَريم: البُؤْرَةُ الَّتي يُرْضَخُ فِيهَا النَّوى.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الجُرامُ والْجَرِيمْ هما النَّوى وهما أَيْضا: التَّمْرُ الْيابِس.
ورُوِيَ عَن أَوْس بن حَارِثَة أَنه قَالَ: لَا وَالَّذِي أخرج العَذْقَ من الجريمة، وَالنَّار من الوثيمة، أَرَادَ بالجريمة النواة أخرج مِنْهَا النَّخْلَة، والوثيمةُ: الْحِجَارَة المكسورةُ. أَخْبرنِي بذلك المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابنُ الْأَعرَابِي، قَالَ: قَالَ أَوْس بن حَارِثَة، هَكَذَا رَوَاهُ الْعَذْق بِفَتْح الْعين.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة جَرَمتُ النَّخْلَ وجَزَمتُه، إِذا خَرَصْتَه وجَزَزْتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: الجُرْمُ التَّعَدِّي، والجُرْمُ الذَّنْب، والجِرْمُ: اللَّوْن، والْجِرْم الصَّوْت، والْجِرْمُ الْبَدَن.
رجم: الرَّجْمُ: الرَّمْيُ بالحِجارة، يُقَال: رَجَمْتُه فَهُوَ مَرْجوم أَي رَمَيْتُه، والرَّجْم: القَتْل، وَقد جاءَ فِي غير مَوْضع من كتاب الله وإنّما قيل للْقَتْل رجم، لأَنهم كَانُوا إِذا قتلوا رجلا رَمَوْه بِالْحجارة حَتَّى يَقْتُلوه، ثمَّ قيل لكل قَتْلٍ رَجْم، وَمِنْه رجمُ الثَّيِّبَيْن إِذَا زَنَيَا، والرَّجم: السَّبُّ والشَّتْم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن أبي إِبْرَاهِيم لِابْنِهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً} (مَرْيَم: 46) . أَي لأَسُبَّنَّكَ وأَشْتُمَنّكَ، والرَّجْم أيْضاً: اسْم لما يُرْجَمُ بِهِ الشّيْء

(11/48)


ُ المرجُومُ وَجمعه رُجُوم، قَالَ الله فِي الشُّهُب: {بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً} (الْملك: 5) . أَي جَعَلْناها مَرامِيَ لَهُم.
والرَّجْم: اللَّعْن، والشَّيطانُ الرّجيم، بِمَعْنى المَرْجُوم، وَهُوَ الملعون المُبْعَد.
والرّجْمُ: القَوْل بالظَّنِّ والحَدْس، وَمِنْه قَول الله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} (الْكَهْف: 22) . قَالَ الهُذَلِيّ:
إنَّ الْبَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ
مَا كَانَ من غَيْبٍ ورَجْم ظُنونِ
وَقَالَ زُهَيْر:
ومَا هُوَ عَنْها بالْحديثِ المُرَجَّمِ
والرَّجَمُ بفتْح الْجِيم: القَبْر، سُمِّي رَجَما لما يُجْمَعُ عَلَيْهِ من الأحْجار والرِّجام، وَمِنْه قَول كَعْب بن زُهير:
أَنا ابنُ الَّذي لم يُخْزُنِي فِي حَياتِه
وَلم أُخْزِه حَتَّى تَغَيَّبَ فِي الرَّجَمْ
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَول عبد الله بن مُغَفّل فِي وَصيته بنيه: لَا ترجُموا قبْري، مَعْنَاهُ لَا تنوحوا عِنْد قَبْرِي، أَي لَا تَقولُوا عِنْده كلَاما سَيِّئًا قبيحاً. قَالَ: والرجيم فِي نعت الشَّيْطَان المرجومُ بالنجوم. فَصُرفَ إِلَى فعيل من مفعول. قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى المشتوم المسبوب، من قَوْله: {لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ} (مَرْيَم: 46) أَي لأسبّنّك، قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى الملعون، وَهُوَ المطرود. قَالَ: وَهُوَ قَول أهل التَّفْسِير.
وَقَالَ اللَّيث: الرُّجْمَةُ: حِجَارَة مَجْمُوعَة كأَنَّها قُبور عَاد، وَتجمع رِجاماً.
وَقَالَ شَمِرَ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ الرُّجْمَةُ دون الرِّضَام. قَالَ: والرِّضام: صُخُورِ عِظَام تُجْمع فِي مَكان.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ: الْهِضاب واحدهما رُجْمَة. وَقَالَ لَبِيد:
بِمنًى تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجَاحُها
قَالَ: والرَّجَم والرِّجَام الحِجارة الْمَجْمُوعَة على الْقُبور، وَمِنْه قَول عبد الله بن المُغَفَّل المُزَني: لَا تَرْجُموا قَبْري، يَقُول: لَا تَجْعلوا عَلَيْهِ الرَّجَم.
أَرَادَ تَسْوِيَة الْقَبْر بِالْأَرْضِ، وَألا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً.
وَيُقَال: الرَّجَمُ الْقَبْرَ نَفْسُه. وَمِنْه قَوْله:
وَلم يُخْزني حَتَّى تغيَّب فِي الرَّجَمْ
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرِّجام حجر يُشَدُّ فِي طرف الحَبْل، ثمَّ يُدَلَّى فِي الْبِئر، فَتُخَضْخَضُ بِهِ الْحَمأَةُ حَتَّى تَثُور، ثمَّ يُسْتَقَى ذَلِك الماءُ فَتُسْتَنْقَى البِئر، قَالَ: هَذَا إِذا كَانَت البِئر بعيدَة القَعْر لَا يقدرُونَ على أَن ينزلُوا فِيهَا فَيُنَقُّوها، وأَنْشَد شَمِر لصخر الغيّ:
كأَنَّهما إِذا عَلَوَا وَجيناً
ومَقْطَعَ حَرَّةٍ بَعَثَا رِجَاما

(11/49)


يَصِفُ عيرًا وأَتَانا، يَقُول: كأنَّما بَعثَا حِجَارَة، قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ مَا يُبْنَى على الْبِئْر ثمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْخَشَبَةُ للدَّلْو، قَالَ الشَّماخ:
على رِجَامَيْن من خُطّافِ ماتِحَةٍ
تَهدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقيل
قَالَ: والرُّجُماتُ: الْمَنَار، وَهِي الحِجارة الَّتي تُجْمَعَ وَكَانَ يُطاف حَوْلها تُشَبَّهُ بالْبَيْت، وَأنْشد:
كَمَا طافَ بالرُّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
والرُّجْمَةُ هِيَ الرُّجْبَة الَّتِي تُرَجَّبُ النَّخْلَةُ الكريمةُ بهَا، ولِسانٌ مِرْجَمٌ إِذا كَانَ قَوَّالاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فَقَالَ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبِ مِزْحَم، ورُكْنٍ مِدْعَم، ولسانٍ مِرْجَم. والمِرْجامُ الَّذِي تُرْجَمُ بِهِ الحِجَارَة.
اللِّحيانيّ: يُقَال تَرجُمان وتُرجمان، وقَهرمان وقُهرُمان.
قَالَ: والرَّجْمُ الْهِجْران، والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْم اللَّعْن، والرَّجْمُ الظَّنُّ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ارْتَجَمَ الشَّيءوارْتَجَنَ إِذا ركب بعضُه بَعْضاً.
مرج: قَالَ اللَّيْث: الْمَرْجُ أَرْضٌ واسِعةٌ فِيهَا نَبْتٌ كَثير تَمْرَجُ فِيهَا الدَّواب وجمعُها مُروج.
وأَنْشد:
رَعَى بهَا مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرَجَاً
وَقَالَ الفَراءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {جَآءَهُمْ فَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَمْرٍ} (ق: 5) .
يَقُول: هُمْ فِي ضَلال.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق أَي فِي أَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عَلَيْهِم.
يَقُولُونَ للَّنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّةً شاعِرٌ، ومَرَّةً ساحِرٌ ومَرَّةً مُعَلِّمٌ مَجْنون، فَهَذَا الدليلُ أَن قَوْله مَريجٌ مُلْتَبِسٌ عَلَيْهِم.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كَيْف أَنتُم إِذا مَرِج الدِّين وظَهرت الرَّغْبَة، واخْتَلفَ الأخَوَان وحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟) .
وَفِي حديثٍ آخر أَنه قَالَ لعَبْد الله بن عَمْرو: (كَيفَ أَنْتَ إِذا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ من النَّاس، قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأَماناتُهم) وَمعنى قَوْله: مَرِجَ الدّين، أَي اضْطَرَب والْتَبس المخرَجُ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَرَجُ العهود: اضْطِرابُها، وقِلَّةُ الوفاءِ بهَا.
وأَصْلُ المرَج الْقَلقَ، يُقَال: مَرِج الخاتِمُ فِي يَدي مَرَجاً، إِذا قَلِقَ.
قَالَ الفَراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} (الرحمان: 19) يَقُول: أَرسلهما ثمَّ يَلتقيان بعد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرَّحْمَن: 19) قَالَ: خَلاَّهُما ثمَّ جَعَلَهما لَا يَلْتَبس

(11/50)


ُ ذَا بذَا، قَالَ: وَهُوَ كلامٌ لَا يَقُوله إِلَّا أَهْلُ تِهامة.
وأمّا النَّحْويون فَيَقُولُونَ: أَمْرَجْتَه، وأَمْرَجَ دابَّتَه.
وَقَالَ الزَّجَّاج: مَرَجَ خَلَطَ يَعْنِي الْبَحْر المِلح بالبحر العذب، وَمعنى: {بَرْزَخٌ لاَّ} (الرحمان: 20) : لَا يَبْغِي المِلح على العذب وَلَا العذبُ على الْملح.
وَقَالَ فِي قَوْله: { (كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن} (الرحمان: 15) .
قَالَ: المارجُ اللَّهَبُ المختلِطُ بسوَادِ النَّار.
وَقَالَ الفرَّاء: المارِجُ هَا هُنَا نارٌ دُون الحجابِ، مِنْهَا هَذِه الصَّوَاعِق، ويُرَى جِلْدُ السماءِ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: {الْجَآنَّ مِن} ، من خِلْطٍ من نارِ، والْمَرجان: صغارُ اللُّؤُلُؤْ فِي قَوْلهم جَمِيعًا.
قلت: وَلَا أَدْري أَرُباعيُّ هُوَ أم ثُلاثي.
وَقَالَ الليثُ: المارِجُ من النَّار الشُّعْلَةُ الساطعة ذاتُ اللَّهب الشّديد، وغُصْنٌ مَريجُ قد الْتَبَسَتْ شناغِيبُه وَقَالَ الْهُذَلِيّ:
فجَالَت فالْتَمَستُ بهَا حَشاها
فخرَّ كأَنَّه خُوطٌ مَرِيجُ
أَي غصْنٌ لَهُ شُعَبٌ قِصار قد الْتَبَستْ.
وَقَالَ القُتَيْبِيُّ: مَرَج دابَّتَه إِذا خَلاَّها، وأَمْرجها: رعاها.
قَالَ أَبُو الهيثمْ: اخْتلفُوا فِي المِرجانِ، فَقَالَ بَعضهم صغَار اللُّؤْلُؤ، وَقَالَ بَعضهم هُوَ الْبَسْتَذ، وَهُوَ جَوْهَر أَحْمَر، يُقَال إِن الْجِنّ تطرحة فِي الْبَحْر.
حَدثنَا عبد الله بن هاحَك عَن حَمْزَة، عَن عبد الرازق، عَن إِسْرَائِيل، عَن السُّدِّيّ عَن أبي ملك، عَن مَسْرُوق عَن عبد الله، قَالَ: المرجان: الخرز الْأَحْمَر، وَقَول الأخطل حجةُ من قَالَ هُوَ اللُّؤْلُؤ:
كأَنّما القَطْرُ مرجانٌ يساقطه
إِذا علا الرَّوْق والمتْنَيْن والكَفَلا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المرْجُ: الإِجْراءُ، وَمِنْه وَقَوله تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرحمان: 19) أَي أجْراهُما.
الْمرجُ: الْفِتْنةُ المُشكلة، والْمَرَجُ الْفساد.
وَقَالَ غَيره: إبلٌ مَرَجٌ، إِذا كَانَت لَا رَاعي لَهَا وَهِي تَرْعى، ودَابَّةٌ مَرَجٌ لَا يُثَنى وَلَا يُجْمع، وَأنْشد:
فِي رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَيَاصي
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَمْرَجَتِ النَّاقَةُ، إِذا أَلْقَتْ وَلَدهَا بَعْدَمَا يَصيرُ غِرْساً، وناقةٌ مِمْرَاج إِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا.
رمج: قَالَ اللَّيْث: الرَّامجُ الْمِلْواحُ الَّذي يُصادُ بِهِ الصُّقُورةُ وَنَحْوهَا من الجَوارِحِ. والتَّرْميج: إِفْسَاد السُّطور بعد كِتْبتها.
يُقَال: رَمَّج مَا كتَب بالتُّراب حَتَّى فَسد.

(11/51)


أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّمْجُ إلْقاءُ الطّائر سَجَّه، أَي ذَرْقَه.
جمر: قَالَ اللَّيْث: الجمْرُ النَّار المتَّقد، فَإِذا بَرَدَ فَهُوَ فَحْم.
قَالَ: والمِجْمَرُ قد تُؤَنث، وَهِي الَّتِي تُدَخَّن بهَا الثِّياب.
قلت: من أَنَّثَه ذَهبَ بِهِ إِلَى النَّار، وَمن ذكَّره عَنى بِهِ الْموضع وَأنْشد ابنُ السكِّيت:
لَا تَصطلي النارَ إِلَّا مِجْمَراً أرِجاً
قد كَسَّرتُ من يَلَيْجُوجٍ لَهُ وقَصا
أَرَادَ: إِلَّا عوداً أرجاً على النَّار، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صِفَةِ أهل الْجنَّة: (ومَجَامِرُهم الأَلُوّة) . أَرَادَ: وبُخُورهم العُودُ الهندِيّ غير مُطَرًّى.
وَقَالَ اللَّيْث: ثَوْبٌ مُجَمَّرُ، إِذا دُخِّنَ عَلَيْهِ، ورجلٌ جامِرٌ للَّذي يَلِي ذَلِك، وأَنشد:
وريحٌ يَلَنْجُوجٌ يُذَكِّيه جَامِرُه
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَا تُجَمِّروا الجيوشَ فَتَفْتِنوهم) . وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: جَمَرَ الأميرُ الْجَيْش، إِذا أطالَ حَبْسَهم بالثّغْر، وَلم يأذَنْ لَهُم فِي القَفَل إِلَى أَهَالِيهمْ، وَهُوَ التّجْمير.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن ابْن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أنّه أنْشدهُ:
وجَمّرْتَنا تَجْمَيرَ كسْرَى جُنودَه
ومَنيّتنا حَتَّى نَسِينَا الأمانِيَا
قَالَ الأصمعيّ: أَجْمرَ ثَوْبه إِذا بَخَّرَه، فَهُوَ مُجْمِر وأجمرَ الْبعيرُ إِجْماراً إِذا عدا.
وَقَالَ لبيد:
وَإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرت
أَوْ قِرابى عَدْوَجَوْنٍ قَدْ أبَلْ
وأجمرت الْمَرْأَة شعرهَا، وجَمَّرته، إِذا ضَفَرتْه جَمائر، وَاحِدهَا جَمِيرة، وَهِي الضّفائر والضّمائر والجمائر.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَمَرَ بَنو فلَان إِذا كَانُوا أَهْل منعةٍ وشِدّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَمْرَةُ كلُّ قوم يصبرون بِقِتَال من قَاتلهم، لَا يُحَالفون أحدا، وَلَا يَنْضَمُّون إِلَى أحد، تكون القَبيلةُ نفسُها جَمْرَة، تَصبِر لقراعِ الْقَبَائِل كَمَا صبرت عَبْسٌ لقبائل قَيْس.
وبلغنا أَن عمرَ بن الْخطاب سَأَلَ الْحُطيئة عَن ذَلِك، فَقَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ، كُنَّا ألْفَ فَارس، كأننا ذَهَبَةٌ حمراءُ لَا تَسْتَجْمِرُ وَلَا تُحالف.
قَالَ: وَبَعض النَّاس يَقُول: كَانَت الْقَبيلةُ إِذا اجْتَمع فِيهَا ثلثمِائة فَارس، فَهِيَ جَمْرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: جَمَرات الْعَربِ ثَلاث؛ فَعَبْس جَمْرَة، وبَلْحارث بن كَعْب جَمْرة، ونُمَيْرٌ جَمْرَة.

(11/52)


والجَمْرَة: اجْتماعُ الْقَبِيلَة الوَاحدة على من ناوأها من سائِر الْقَبَائِل، وَمن هَذَا قيل لمواضع الجِمار الَّتِي تُرْمى بمِنًى جمرات؛ لأنَّ كلَّ مُجْتَمعِ حَصًى مِنْهَا جَمْرَة، وَهِي ثلاثُ جَمَرات.
وتَجْمير الجيوش: حَبْسُهم أَجْمَعِينَ عَن أَهَالِيهمْ، وتجمير المَرأة شَعْرَها ضَفِيرةً: تَجْمِيعُه.
وَقَالَ عَمْرو بن بَحر: يُقَال لعبْسٍ وضَبَّةَ ونُمَيرِ الْجَمرات، ويُقال: كَانَ ذَلِك عِنْد سُقوط الْجَمْرَة. وفلانٌ لَا يعرف الْجَمْرَة من التّمرة، وَأنْشد لأبي حيَّةَ النُّميْريّ:
فهم جمرةٌ مَا يصطلي الناسُ نارهم
توقَّدُ لَا تَطفأ لرَيْبِ الدَّوابر
وَقَالَ آخر:
لنا جمرات لَيْسَ فِي الأَرْض مِثْلُها
كِرامٌ وَقد جَرَّبن كل التّجارب
نُمير وَعَبس يُتَّقَى نَفيانُهَا
وضَبَّةُ قَوْمٌ بأسهُمْ غير كَاذِب
أنْشد ابْن الْأَنْبَارِي:
وركوبُ الْخَيل تعدو المَرَطَى
قد عَلاها نَجَدٌ فِيهِ اجْمِرار
قَالَ: رَوَاهُ يَعْقُوب بالحاءِ أَي اخْتَلَط عرقُها بِالدَّمِ الَّذِي أَصَابَهَا فِي الْحَرْب، وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَر (فِيهِ اجمرار) بِالْجِيم؛ لِأَنَّهُ يصف تَجَعُّد عرقِها وتَجَمُّعه.
وَقَالَ الأصْمَعيّ: عَدَّ فلَان إبِلَه جَماراً إِذا عَدَّها ضَرْبةً وَاحِدَة، والْجَمار: الْجَماعة بفَتح الْجِيم، وَمِنْه قَول ابْن أَحْمَر:
وظَلَّ رِعاؤُها يَلْقَوْنَ مِنْهَا
إِذا عُدَّتْ نَظائِرَ أَو جَمَاراً
والنَّظائر أَن تُعَدّ مَثْنَى، والجَمار: أَن تُعَدَّ جَماعةَ.
وَقَالَ اللَّيث: الْجُمَّارُ شَحْمُ النَّحْل الَّذِي فِي قِمَّة رَأسه، تَقْطَعُ قِمَّتُهُ ثمَّ تُكْشَطُ من جُمَّارَةٍ فِي جوفها بَيْضَاء كَأَنَّهَا قطعةُ سَنامٍ ضخمَة، وَهِي رَخْصَةٌ تؤكَلُ بالعسل.
قَالَ: والكافورَ يَخْرُج من الجُمَّار بَيْنَ مَشَقّ السَّعْفَتَيْن وَهِي الكُفَرَّى.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعْرابيّ أنَّه سَأَلَ المفضّل عَن قَول الشَّاعِر:
ألَم تَر أَنَّني لاقَيْتُ يَوْمًا
مَعاشِر فيهمُ رَجُلٌ جَماراً
فَقِيرُ اللَّيْل تَلْقاهُ غَنِيّاً
إِذا مَا آنَسَ اللَّيْلُ النَّهارا
فَقَالَ: هَذَا مُقَدَّمٌ أريدَ بِهِ التَّأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لاقيتُ مَعاشِرَ جَماراً، أَي جمَاعَة فيهم رَجُلٌ فَقيرُ اللَّيل، إِذا لم تكن لَهُ إبِلٌ سود، وفلانٌ غَنِيُّ اللَّيْل إِذا كَانَت لَهُ إبل سُودٌ تُرَى باللَّيل.
وتَجَمَّرت القَبائلُ إِذا تَجَمَّعَت، وَأنْشد:
إِذا الجمارُ جَعَلتْ تَجَمَّرُ

(11/53)


وأخْبرني المُنْذريّ عَن أبي العبَّاس أنَّه سُئِلَ عَن الْجِمار الَّتي بِمنًى، فَقَالَ: أَصْلها من جَمَرْتُه وذَمَرْتُه إِذا نَحَّيْتَه.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: الجَمْرَةُ الظُّلمةُ الشَّديدة، والْجَمْرَةُ: الخُصْلَةُ من الشَّعر.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: الجِمارُ طُهَيَّةٌ وبَلَعْدَوِيَّة، وهم من بني يَرْبوع بن حَنْظَلة.
وَفِي حَدِيث النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا تَوَضَّأْتَ فَانْئِر، وَإِذا اسْتَجْمَرت فأَوْتِرْ.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ عبد الرحمان بن مَهديّ: فسَّر مَالك بن أنَس الاسْتِجْمار أنَّه الاسْتِنْجَاء.
قَالَ أَبُو عُبيد وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الاسْتِنْجَاءُ بالحِجارة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو والكِسائي: هُوَ الاسْتِنْجاء أَيْضا.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد، يُقَال: اسْتَجْمَرَ واسْتَنْجى واحِد، إِذا تَمَسَّحَ بالْحجارة.
عَمْرو عَن أَبِيه الْجَمِيرُ: اللَّيل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابنُ الأعرابيّ، أَنه قَالَ: ابنُ جَمِير هُوَ الهِلال وَقَالَ غَيره: ابنُ جَميرٍ أَظْلَمُ لَيْلَةٍ فِي الشُّهر.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقَال لِلَّيلة الَّتِي يَسْتَسِرُّ فِيهَا الْهلَال: قد أَجْمَرِت. قَالَ كَعْب:
وإنْ أَطافَ فَلم يَحلَ بِطائِلَةٍ
فِي لَيْلَة ابنْ جُمَيْر سَاوَرَ الْفُطُما
يصف ذئباً، يَقُول: إِذا لم يُصب شَاة ضَخْمَةً أَخذ فَطيماً.
وَالْعرب تَقول: لَا أَفْعل ذَلِك مَا أجْمَرَ ابنُ جَمِير، وَمَا سَمَرَ ابْنا سمير.
وَيُقَال لِلْخارِص: قد أَجْمَر النَّخْلَ إِجْماراً إِذا خَرَصَهَا ثمَّ حَسَبَ فَجمع خِرْصَها. وأَجْمَرْنَا الخَيْلَ إِذا ضَمَّرْناها وجَمَّعناها، وحافِرُ مُجْمَرٌ وقَاحٌ، والمُفِجُّ: المقَبَّبُ من الْحوافر وَهُوَ مَحْمود.
مجر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المَجْر.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ أَبُو زيد: المَجْرُ أنْ يُباع البَعير أَو غَيره بِمَا فِي بَطْن النَّاقة. يُقَال مِنْهُ: أَمْجَرْتُ فِي الْبَيع إِمْجاراً. وَكَانَ ابنُ قُتَيْبَة جَعَلَ هَذَا التَّفْسيرَ غَلَطاً، وذَهَب بالْمجَر إِلَى الولدَ يَعْظُم فِي بطن الشَّاة والصَّواب مَا فَسَّره أَبُو زيد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن الأثْرَم عَن أبي عُبَيدَة أَنه قَالَ: المَجْرُ مَا فِي بَطْن الشَّاة، قَالَ: والثَّاني حَبَلُ الْحَبَلَة والثَّالِث الغَمِيس.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَأَبُو عُبَيْدة ثِقَة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: المَجْرُ الوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْن الحامِل، قَالَ: والمجْرُ: الرِّبا، والمجْر الْقِمار. قَالَ:

(11/54)


والمحاقَلَة والمُزَابَنَة، يُقَال لَهما: مَجْر.
قلت: فَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة اجْتَمَعوا فِي تَفْسِير المَجْرِ بِسُكُون الْجِيم على شَيْءٍ واحدِ، إِلاَّ مَا زَاد ابْن الأعرابيّ على أنَّه وَافَقَهُم على أنَّ المجْر مَا فِي بَطْنِ الْإِبِل، وَزَاد عَلَيْهِم أَنْ المجْر الرِّبا.
وأَمَّا المَجَرُ بتحريك الْجِيم، فَإِن المنذِرِيّ أَخْبرني عَن أَبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
أَبْقَي لنا اللَّهُ وتَقْعيرُ المَجَرْ
قَالَ: والتَّقْعير أَنْ يَسْقطَ فَيَذْهَب.
قَالَ: والْمَجَرُ انْتِفَاخ البَطْن من حَبَلٍ أَو حَبَنٍ. يُقَال: مَجَرَ بطنُها، وأَمْجَر، فَهِيَ مَجِرَةٌ ومُمْجِر.
قَالَ: والإمْجار أنْ تَلْقَحَ النَّاقةُ أَو الشَّاة فَتَمْرَض، أَو تَحْدَب فَلَا تقدِرُ أَنْ تَمْشي، وَرُبمَا شُقَّ بَطْنُها فأُخْرِجَ مَا فِيهِ لِيُرَبُّوه. وأنشدَ:
تَعْوِي كلابُ الحيِّ من عُوَائها
وتحمِلُ الممْجِرَ فِي كِسائِها
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت قَالَ: الْمجَرُ أنْ يَعْظُمَ بَطْنُ الشّاة الحامِل فَتُهْزَل، يُقَال: شَاة مُمْجِرٌ، وغَنَم مَمَاجِر.
قلت: فقد صَحَّ أنَّ المجْرَ بِسُكُون الْجِيم شيءٌ على حِدَة، وأَنَّه يَدْخل فِي البُيوع الفاسِدَة، وأَن الْمجَرَ شَيءٌ آخر، وَهُوَ انْتِفاخ بَطْنِ النَّعْجة إِذا هُزِلَت.
وَقَالَ الأصْمعِيّ: المَجْرُ الجَيْش الْعَظيم المُجتمِع.
وَيُقَال: مَجَرَ ونَجِرَ إِذا عَطش فأَكْثَر من الشُّرب، وَلم يَرْوَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُمْجِر الشَّاة الَّتِي يُصيبها مَرَضٌ وهُزال، ويَعْسِر عَلَيْهَا الوِلادة.
قَالَ: وأَما المَجْرُ فَهُوَ بَيْع مَا فِي بَطْنها.
وَقَالَ ابنُ هانىء: ناقَةٌ مُمْجِرٌ إِذا جَازَت وَقْتَها فِي النِّتاج. وَأنْشد:
ونَتَجُوها بعد طُول إِمْجار

(أَبْوَاب) الْجِيم وَاللَّام)
ج ل ن
جلن، نجل، لجن، لنج: مستعملة.
جلن: قَالَ اللَّيث: جَلَنَ حِكاية صَوْب بابٍ ذيَ مصْراعين فَيُرَدُّ أَحدهمَا فَيَقُول: جَلَن، ويُرَدُّ الآخَر فَيَقُول: بَلَق. وَأنْشد:
وتَسْمَعُ فِي الحاليْن مِنْه جَلَنْ بَلَقْ
لنج: قَالَ اللَّيث: الألَنْجُوج، والْيَلَنْجُوج: عُودٌ جَيِّد.
وَقَالَ اللِّحْيانيّ: يُقَال عُودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنجُوج ويَلَنجِيج، وَهُوَ عودٌ طَيِّبُ الرِّيح. قَالَ: وعودٌ يَلَنجُوجِيُّ مِثْلُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: عود يَلَنْجُوج وأَلَنْجُوج هُوَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ.

(11/55)


لجن: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: تَلَجَّنَ رَأْسهُ، إِذا اتَّسَخَ وَتَلَزَّجَ، وَهُوَ من تَلجَّنَ وَرَقُ السِّدْرِ إِذا لَجَّن مَدْقُوقاً.
قَالَ الشَّمَّاخ:
وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أرْوَى
عَلَيْهِ الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجِين
وَهُوَ وَرَقُ الْخَطْمِيّ إِذا أوخِفَ.
قَالَ: وَمِنْه قيل: نَاقَة لَجونٌ، إِذا كَانَت ثَقيلة.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لَجَّنْتُ الخَطْمِيّ وأوْخَفْتُه، إِذا ضَرَبْتَه بيَدك.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّجين ورَقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثمَّ يُخْلَط بدقيق أَو شعير فَيُعْلَفُ لِلْإِبِلِ، وكلُّ ورَقٍ أَو نَحوه فَهُوَ لَجِينٌ مَلْجون حَتَّى آسُ الغِسْلَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: اللُّجون واللِّجان فِي كلِّ دَابَّة، والحِرَانُ فِي الحافِر خاصَّة، والخِلاَءُ فِي الْإِبِل. وَقد لَجَنَتْ تَلْجُنُ لُجوناً ولِجَاناً.
وَقَالَ اللُّجَين: الفِضَّة.
وَقَالَ غَيره: اللَّجِين: زَبَدُ أفْواه الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو وجْزَة:
كأنَّ النّاصِعات الغُرَّ مِنْهَا
إِذْ صَرَفُتْ وَقَطَّعَت اللَّجِينا
أرادَ بالناصعات الغر: أنْيابها، وشَبّه لُعَابهَا بلَجِين الخِطْمِيّ.
نجل: سلَمةُ عَن الفرّاء قَالَ: الْإِنْجِيل هُوَ مثل الإكليل والإخْريط من قَوْلك: هُوَ كريمُ النجْل، تريدُ: كريم الأصْل والطَّبع، وَهُوَ من الفِعل إفْعيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النجْلُ الولَد، وَقد نَجَلهُ أَبوهُ، وَأنْشد:
أنْجَبَ أيامَ والداه بِهِ
إذْ نَجَلاه فنعْمَ مَا نَجلا
عَمْرو: عَن أَبِيه: النّاجل: الْكَرِيم النّجل، وَهُوَ الْوَلَد وأنْشد الْبَيْت، وَقَالَ: أرادَ أنْجَبَ والداه بِهِ إِذْ نَجَلاه، وَالْكَلَام مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّر، قَالَ: والنَّجْلُ: الماءُ المسْتَنْقَع، والنّجلُ النّزّ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: النَّجْلُ ماءٌ يُسْتَنْجَلُ من الأَرْض أَي يُسْتَخرج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّجلُ الْجمع الْكثير من النّاس، والنّجل: المحجّة، والنّجل: سَلْخُ الجِلْدِ من قَفاه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: المنْجول الجِلْدُ الَّذِي يُشَقُّ من عُرْقُوبَيْه جَمِيعًا، كَمَا يَسْلُخُ النَّاس الْيَوْم.
أَبُو عَمْرو: النَّجْلُ إثارَةُ أخْفافِ الإبِل الكَمْأةَ وإظْهارُها. والنّجل: السَّير الشَّديد، وَيُقَال للجَمَّال إِذا كَانَ حَاذِقاً: مِنْجل، وَقَالَ لَبِيد:
بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظِّرَّانَ نَاجِيَةٍ
إِذا تَوَقَّدَ فِي الدّيمُومَةِ الظُّررُ

(11/56)


تَنْجلُ الظِّرَّان: تُثيرُها فَترمي بهَا. والنَّجْل: مَحْو الصّبِيِّ اللّوْح. يُقَال: نَجَلَ لوْحَه، إِذا مَحاه.
وَقَالَ اللَّيْث: فَحْلٌ نَاجِلٌ وَهُوَ الْكَرِيم الكثيرُ النَّجْلُ، وَأنْشد:
فَزَوّجوه مَاجداً أَعْراقُها
وانْتَجلوا من خير فحْلٍ يُنْتَجلْ
قَالَ: والنجْل رَمْيُكَ بالشَّيْء.
والمِنْجَلُ: مَا يُقْضَبُ بِهِ الْعود من الشَّجر فيُنْجلُ بِهِ أَي يُرْمى بِهِ، والنَّجَل: سَعَةُ الْعين مَعَ حُسن. يُقَال: رَجلٌ أَنْجلَ، وعَيْن نَجْلاءُ: والأسد أنجل، وطعنة نجلاء وَاسِعَة، وسنَانٌ مِنْجَلٌ، إِذا كَانَ يُوسِّعُ خَرْقَ الطَّعنة، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
سِنانُها مِثلُ القُدَامَى مِنْجَلُ
أَبُو عُبيد: الطَّعْنةُ النَّجْلاءُ الْوَاسِعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّجَلُ: نَقَّالُو الجَعْوِ فِي السَّابل، وَهُوَ مِحْمَلُ الطَّيانين إِلَى البَنّاء، قَالَ: والنَّجِيل ضَرْبٌ من الحَمْص مَعْروف.
ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو: النّواجلُ من الْإِبِل: الَّتِي تَرْعَى النجيل، وَهُوَ الهَرْمُ من الحمض.
ورُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: قَدِمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدينةَ، وَهِي أَوْبَأُ أَرض الله، وَكَانَ واديها نَجْلا يَجْرِي. أَرَادَت: أَنه كَانَ نَزّاً.
واسْتَنْجَلَ الْوَادي، إِذا ظهر نُزُوزُه.
وَقَالَ الأصمعيُ: لَيْلٌ أَنْجَلُ: واسعٌ قد علا كلَّ شَيْء وأَلبَسه، وليلةٌ نَجْلاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التّناجل تنازُع النَّاس، وَقد تَناجَلَ القومُ بَينهم، إِذا تنَازَعوا.
وانْتجل الأمرُ انْتجالاً، إِذا اسْتَبَان وَمضى، ونَجَلْتُ الأَرْض نجْلاً: شَقَقْتَها للزِّراعة.
اللِّحياني: المَرْجولُ والمَنْجُول الَّذِي يُسْلَخُ من رجلَيْهِ إِلَى رَأسه.
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدَع يَقُول: المَنْجُولُ الَّذي يُشَقُّ من رِجليه إِلَى مَذْبَحه، والمَرْجُول: الَّذِي يُشَقُّ من رجلَيْهِ ثمَّ يُقْلَبُ إهابه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْجَلُ: السَّائق الحاذق، والمِنْجَل: الَّذِي يمحو ألواحَ الصّبيان، والمِنْجَلُ: الزَّرع الملتَفّ المُزْدَجّ والمِنْجَلُ: الرَّجل الكثيرُ الأوْلاد، والمِنْجَلُ: البَعير الَّذِي ينْجُلُ الكمأة بخُفِّه.
ج ل ف
جلف، جفل، لجف، لفج، فلج. فجل: مستعْملات.
لفج: سُئِلَ الحَسنُ عَن الرَّجلُ يُدالِكُ أهْلَه، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذا كَانَ مُلْفَجاً.
أَبُو عَبيد عَن أبي عَمْرو: أَلفَجَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُلْفَجٌ، إِذا كَانَ ذَهَبَ مالُه.

(11/57)


وَقَالَ أَبُو عُبيد: المُلْفِجُ المُعْدِمُ الَّذي لَا شَيْء لَهُ، وَأنْشد:
أَحسابُكُم فِي العُسْرِ والألفاجِ
شِيَبتْ بَعذْبٍ طَيِّب المِزَاجِ
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر عَن ابْن الأعرابيّ والمنذريّ عَن ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: كلامُ الْعَرَب كُلّه على (أَفْعَل) ، وَهُوَ (مُفْعِل) إِلَّا فِي ثلاثةَ أحرف: ألْفَجَ فَهُوَ مُلْفَج، وأَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَن، وأَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَلْفَجَنِي إِلَى ذَلِك الاضْطِرار إلْفَاجاً، ورجُلٌ مُلْفَجٌ، تَضْطَره الحاجَةُ إِلَى من لَيْس لذَلِك بأَهْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّفْج الذُّلّ.
فجل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: الفاجل الْقَامِر.
وَقَالَ اللّيث: الفُجْلُ أَرُومَةُ نباتٍ، وإياه عَنَى بقوله: وَهُوَ مُجَهّز السَّفينة يهجو رَجلاً:
أَشْبَهُ شيءٍ بجُشَاءِ الفُجْلِ
ثِقْلاً على ثِقْلٍ وأيُّ ثِقْلِ
جلف: قَالَ اللَّيث: الجَلفُ أَخْفَى من الجَرْف وأَشَدُّ استِئصالاً، تَقول: جَلَفْتُ ظُفْرَه عَن إِصْبعه.
ورجُل مُجَلَّف، قد جَلَّفه الدّهر أَي أَتَى على مَاله، وَهُوَ أَيْضا مُجَرَّف، والجَلائِف السّنون، وَاحِدهَا جَليفة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَفَ الرّجل إِذا نَحَّى الْجُلافَ عَن رأْس الْجُنْبُخة، والجُلاف: الطّين.
الحرَّانِيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الْجَلْفُ مصْدر جَلَفْت أَي قَشَرْت، يُقَال: جَلفْتُ الطِّينَ عَن رَأْس الدَّنّ.
قَالَ: والجِلْف: الأعْرابيُّ الْجافي، والجِلْفُ: بَدَنُ الشَّاة بِلَا رَأْسٍ وَلَا قَوَائِم.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أَبي الهيثمْ، يُقَال للسَّنَةِ الشَّدِيدة الَّتِي تَضُرُّ بالأموال سَنَةٌ جالِفَة، وَقد جَلَفَتُهُم وزمان جالف وجارف.
قَالَ: والْجِلْفُ فِي كَلَام الْعَرَب: الدَّنُّ وَجمعه: جُلُوف. وَأنْشد:
بَيْتُ جُلُوفٍ طيِّبٌ ظِلُّهُ
فِيهِ ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ
الظّباء: جمع الظَّبْية، وَهِي الْجُرَيِّبُ الصَّغير يكون وعَاء للمسك والطِّيب.
قَالَ: وَيُقَال للرَّجُل إِذا جَفَا: فلانٌ جِلْفٌ جَافٍ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ المالُ لَا سِمَنَ لَهُ وَلَا ظَهْر وَلَا بَطْن يَحْمل، قيل: هُوَ كالجِلْف.
وَقَالَ غَيره: الجِلْفُ أَسْفَلُ الدَّنِّ إِذا انكَسر.

(11/58)


وَقَالَ اللَّيث: الجِلْفُ: فُحَّالُ النَّخْلِ الَّذِي يُلَقَّحُ بطَلَعة.
الأصمعيّ: طَعنَةُ جالفة إِذا قشرت الجِلْدَ وَلم تَدخُل الْجوف، وخُبْزٌ مَجْلوف، وَهُوَ الَّذِي أَحْرَقه التَّنُّور فلَزِقَ بِهِ قُشُوره.
وأمَّا قَول قَيْس بن الْخطيم يَصف امْرَأَة:
كأنَّ لَبَّاتِها تَبَدَّدَها
هَزْلَى جَرادٍ أَجْوافُه جُلُف
فَإِن شبَّه الحُلِيَّ الَّذِي على لبَّيتها، بجرادٍ لَا رُؤوس لَهَا، وَلَا قَوائم. وَقَالَ: الجُلُفُ جمع جَليف، وَهُوَ الَّذِي قُشِر.
وَذهب ابنُ السّكّيت إِلَى الْمَعْنى الأوَّل، قَالَ: وَيُقَال أصابَتْهُم جَليفَةٌ عَظِيمَة: إِذا اجْتَلَفَت أموالَهم، وهم قوم مُجْتَلِفون.
أَبُو عُبيد: الْمُجَلَّفُ: الَّذِي قد ذَهب مَاله، والْجَالِفَةُ: السّنة الَّتِي تَذهَبُ بِالْمَالِ، وَقَالَ الفَرزدق:
مِن الْمال إِلَّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّف
والجِلْف: الخُبز الْيَابِس بِلَا أُدْم.
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي طَالب قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطيالسيّ قَالَ: أخبرنَا حُرَيث بن السَّائب قَالَ: حَدثنَا الحسَن قَالَ: حَدثنَا حُمران بنُ أبان، عَن عُثْمَان بن عَفّان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ شَيْءٍ سوى جِلْفِ الطّعام، وظِلّ بَيت، وثَوب يَسْتُره فَضْل) :
قَالَ شمر، قَالَ ابنُ الأعرابيّ: الجِلْفَةُ والْقِرْفَةُ والجِلْفُ من الخُبْز: الغليظُ الْيَابِس الَّذِي لَيْسَ بمأْدوم وَلَا يابسِ لَيِّن كالْخَشب وَنَحْوه. وَأنْشد:
القَفْرُ خَيْرٌ من مَبِيتٍ بِتُّه
بجُنوب زَخَّةَ عِنْد آلِ مُعارِكِ
جَاءُوا بِجِلْفٍ من شعير يَابِس
بَيْني وَبَين غُلامهم ذِي الْحارِكِ
لجف: قَالَ اللَّيْث: اللَّجْفُ الحَفْرُ فِي جَنْب الكِناس وَنَحْوه، وَالِاسْم: اللَّجَف.
قَالَ: واللَّجَفُ أَيْضا: مَلْجأُ السَّيْل، وَهُوَ مَحْبِسُه.
قَالَ: واللِّجاف مَا أشْرَفَ على الْغار من صَخْرة أَو غير ذَلِك ناتٍ من الْجَبل، وَرُبمَا جُعِلَ كَذَلِك فَوق الْبَاب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التَّلَجُّفُ الْحفْرُ فِي نواحي الْبِئْر.
وَقَالَ العجاج:
إذَا انْتَحى مُعْتَقِماً أَو لَجَّفاً
قَالَ: واللَّجَيفُ من السِّهام الَّذِي نَصْلُه عَريض.
شكّ أَبُو عُبيد فِي اللَّجيف. قلت: وحُقَّ لَهُ أَن يَشُكَّ فِيهِ؛ لأنَّ الصَّوَاب فِيهِ (النَّجيفُ) بالنُّون، وَهُوَ من السِّهام العريض النّصْل، وجَمْعه نُجفُ. وَمِنْه قَول أبي كَبِير الهُذَلي:

(11/59)


نُجفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ ناهِضِ
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: اللَّجَفَ سُرَّةُ الْوادي، قَالَ وَيُقَال: بِئْرُ فلَان مُتَلّجِّفة.
وَأنْشد شمر:
لَو أَنَّ سَلْمَى وَرَدَتْ ذَاتَ اللَّجَافْ
لَقَصَّرَتْ ذناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ
وَقَالَ ابْن شُميل: أَلْجافُ الرَّكيَّة: مَا أَكل الماءُ من نواحي أَصْلها وَإِن لم يأْكلها وَكَانَت مُسْتَوية الأسْفل فَلَيْسَ لَهَا لِجْف.
وَقَالَ يُونُس: لَجَفَ.
وَيُقَال: اللَّجَفُ مَا حضر الماءُ من أَعلَى الرَّكيَّة وأَسْفِلها، فَصَارَ مثل الْغَار.
فلج: قَالَ اللَّيْث: الْفَلَجُ الماءُ الجارِي من العَين.
وَقَالَ العجاج:
تَذكَّرا عَيناً رَوَاءً فَلَجا
أَي جَارية، يُقَال: عَيْنٌ فَلَجٌ، وماءُ فَلَجٌ.
وأنشدهُ أَبُو نصر:
تذكرا عينا رِوى وفلجا
الروى: الْكثير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْفَلَجُ النَّهْر.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا فَلَجٌ يسْقى جَداولَ صَعْنَبَى
لَهُ مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلَى كلِّ مَوْردِ
وَفِي حَدِيث عُمَر: أنَّه بَعثَ حُذَيفَة، وعُثمان بن جُنيف، إِلَى السّواد، فَفَلجا الْجِزْيَة على أَهْله.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصْمَعيّ قَوْله: فَلَجا، يَعْنِي قَسَما الْجِزْيَة عَلَيْهِم.
قَالَ: وأَصْلُ ذَلِك من الفِلْج، وَهُوَ المكْيال الَّذِي يُقال لَهُ الْفالِج.
قَالَ: وأَصْلُه سُرْيانيُّ، يُقَال لَهُ بالسُّريانية: فَالغاء، فعرِّب، فَقيل: فالِجٌ وفلْجٌ.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الخَمر:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ من مسْك دا
رِينَ وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قَالَ: وإنَّما سمَّى القِسْمة بالْفِلْج؛ لأنَّ خراجَهم كَانَ طَعَاما.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا الْفِلْج، فَأَما الفُلْجُ بضَمِّ الْفَاء، فَهُوَ أَن يَفْلُجَ الرَّجلُ أَصْحابَه، يعلوهم ويفُوقُهُم، يُقَال مِنْهُ: فَلَجَ يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً.
والفَلَجُ: تبَاعد مَا بَين الأسْنان، وَرجل أَفْلجَ، إِذا كَانَ فِي أَسْنانه تَفَرُّق، وَهُوَ التَّفْلِيج أَيْضا.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: والأفْلَجُ الَّذِي اعْوِجاجه فِي يَدَيْهِ فَإِذا كَانَ فِي رِجْلَيه، فَهُوَ أَفْجَج، والفَلِيجَةُ: شُقَّةٌ من شُقَق الْخِباء. قَالَ الأصمعيّ: وَلَا أَدْري أيْن تكون؟

(11/60)


قَالَ عُمر بن لَجأ:
تَمَشَّى غير مُشْتَمِل بثوْبٍ
سِوَى خَلِّ الفَلِيجَة بالخِلالِ
وَقَالَ الأصمعيّ: فَلَجَ فلانٌ على فُلان، وَقد أَفْلَجَهُ الله عَلَيْهِ فُلْجاً وفُلوجاً، والمَفْلوجُ: صاحِبُ الفَالج، وَقد فُلِجَ.
وَقَالَ: الْفَلَج: الْفَحج فِي السَّاقين، والْفَلَجُ فِي الثَّنِيَّتَيْن.
قَالَ: وأَصْلُ الْفَلج النِّصْفُ من كُلِّ شَيْء، وَمِنْه يُقَال: ضَرَبه الفَالِج، وَمِنْه قَوْلهم: كُرٌّ بالفالج وَهُوَ نصْفُ الكُرِّ الْكَبِير.
والْفَالِج: الْجَمل ذُو السَّنامَيْن، والجميع الفَوَالج.
شَمِر: فَلَجْتُ المَال بَينهم، أَي قَسَمْته، وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
فَفَريق يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً
وفَريقٌ لطابخيه قُتَارُ
وَيُقَال: هُوَ يَفْلُجُ الْأَمر أَي يَنْظُر فِيهِ، ويَقْسِمُه ويُدَبِّرُه. وَقَالَ ابْن طُفيل:
تَوَضَّحْن فِي عَلياءِ قَفْرٍ كأَنَّها
مهارِيقُ فَلُّوجٍ يُعارِضْن تَاليا
قَالَ خالدُ بن جَنْبَةَ: الفَلُّوجُ الكاتِب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَج، وَهُوَ الفُلْجُ والفَلْجُ قَالَ: والفَلْجُ والْفُلْجُ: الْقَمَر والفَلْجُ. الْقَسْمُ. وفَلْج: اسْم بَلَد. قُلت: وَمِنْه قيل لِطَريقٍ يَأْخُذُ من طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى الْيَمَامَة، طريقُ بطن فَلْج، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَإِن الَّذِي حانَتْ بفلج دِماؤُهم
هُمُ الْقَومُ كُلُّ القومِ يَا أُمَّ خالِدِ
وَقَالَ اللَّيْث: فَلالِيج السَّوَاد قُراها، الْوَاحِدَة فَلُّوجة، قَالَ: وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: لَيْسَ بمُسْتَقيمٍ على جِهَته، والفَلَجُ: تبَاعُد مَا بَين الثَّنايا والرَّباعيات خِلْقَةً، فَإِن تُكُلِّفَ فَهُوَ التَّفْليج، قَالَ: والفَلَجُ: تباعُد الْقَدَمين أُخُراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا وَقَع فِي أَمْرٍ قد كَانَ عَنهُ بمَعزل: كنت عَن هَذَا الأمْر فَالِجَ بنَ خَلاَوة يَا فَتى.
أَبُو عُبيد: عَن الْأَصْمَعِي: أَنا مِنْهُ فالجُ ابْن خَلاَوة أَي أَنا بَرِيءٌ مِنْهُ، وَمثله لَا نَاقَةَ لي فِيهَا وَلَا جَمل وَقد قَالَه أَبُو زيد، رَوَاهُ شِمر لِابْنِ هانىء عَنهُ.
جفل: قَالَ اللَّيْث: الْجَفْلُ: السَّفينَةُ، والجُفول السُّفُن. قلت: لم أسمع الْجَفْل بِهَذَا المعْنى لِغَير اللَّيْث، والْجفْلُ: السَّحابُ الَّذِي قد هَراقَ ماءَه، فخفَّ رَوَاحه.
وَقَالَ اللَّيْث جَفَلَتُ اللَّحْمَ من الْعظم، والشَّحْمَ عَن الجلْد، والطِّينَ عَن الأَرْض.
قلت: وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى جَلَفْتُ، وكأَنَّ الْجَفلَ مَقْلوبٌ بِمَنْزِلَة جَذَبْتُ وجَبَذْتُ.

(11/61)


وَقَالَ اللَّيْث: الرِّيحُ يجفِلُ السَّحابَ الْخَفِيف من الْجَهام، أَي تَسْتَخفُّه فَتَمْضي بِهِ، وَاسم ذَلِك السَّحاب: الْجَفْلُ.
قَالَ وَيُقَال: إنِّي لآتي الْبَحْر فأَجده قد جَفَل سَمَكاً كثيرا، أَي ألقاهُ على السَّاحل.
وَفِي الحَدِيث أنَّ البَحر جَفَل سمكًا، أَي أَلْقَاهُ وَرمى بِهِ. وَقَالَ ابْن شُميل: جَفَلْتُ المتاعَ بعضَه على بعض، أَي رميته بعضه على بعض.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَحَيْتُ الطيرَ وجَفَلته إِذا جَرَفْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي قَتَادة: أَنه كانَ مَعَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَر، فَنَعَسَ على ظَهْر بَعيره حَتَّى كادَ يَنْجفل فدعَمتْه، معنى قَوْله: يَنْجَفل، أَي يَنْقَلب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف إبِلاً:
يَجْفِلُها كلُّ سنامٍ مِجْفَلِ
لَأْياً بِلَأْيٍ فِي الْمراغ الْمُسهِلِ
يُرِيد: يَقْلِبُها سَنامُها من ثِقلِه إِذا تمرَّغت، ثمَّ أَرادَت الاسْتوَاء، قَلَبَها ثِقْلُ أَسْنِمَتِها.
والجُفول: سُرْعَةُ الذَّهابِ والنُّدودُ فِي الأَرْض، يُقَال: جَفَلت الْإِبِل جُفولاً، إِذا شَرَدَت نادَّة، وجَفَلت النَّعامَةُ، ورجلٌ إجْفِيل، إِذا كَانَ نَفوراً جَبَانًا وجَفَّلَ الفزعُ الإبِلَ تجفيلاً، فجفلت جُفولاً. وَقَالَ: إِذا الحرُّ جَفَّلَ صِيرَانَها. وانْجَفَل الْقَوْم انجفالاً، إِذا هَربوا بسُرعة. وانْجَفَلت الشَّجرة، إِذا هَبَّت بهَا ريح شَديدة فَقَعَرتْها.
والْجُفَالُ من الشَّعْر: المجتمِعُ الكَثِير، وَقَالَ ذُو الرمة يصف شَعر امْرَأَة:
وأسْودَ كالأَسَاوِدِ مُسْبَكِرّاً
على الْمَتْنَيْن مُنْسَدِلاً جُفَالاً
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْجِفْلُ: تَصْليعُ الْفيل. وَقد قَالَه الكسائيّ، وَقد جَفَل الفيلُ يَجْفِلُ، إِذا رَاثَ، قَالَ: وشَعْرٌ جُفَالٌ أَي مُنْتَفِشٌ، وَيُقَال لِرَغْوة القِدر: جُفَال.
ورُوِي عَن رؤْبة أنَّه كَانَ يَقْرأ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
وَفِي كَلَام الْأَعْرَاب، فِيمَا حُكِيَ عَن الْبَهَائِم: أَن الضّائِنَةَ قَالَت: أُجَرُّ جُفَالاً، وأُحْلَبُ كُثَباً ثُفَالاً، وَلم تَرَ مِثْلي مَالا:
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِنه لجافِلُ الشَّعر، إِذا شَعِثَ وَتَنصَّبَ شَعْرُه تَنَصُّباً، قد جَفَلَ شَعْرُه يَجْفِلُ جُفُولاً.
وَقَالَ اللَّيْث: جَفَلَ الظَّليم، وأَجْفَل، إِذا شَرَدَ فَذَهَبَ، وَمَا أَدْري مَا الَّذي جَفَّلها؟ أَي نَفَّرها، قَالَ: والجَفَّالَةُ من النَّاس: جماعَةٌ ذَهَبوا وجاؤوا.
ج ل ب
جلب، جبل، لجب، لبج، بلج، بجل: مستعملات.
جلب: قَالَ اللَّيث: الْجَلَبُ مَا جَلَبَ القومُ

(11/62)


من غَنَمٍ أَو سَبْي، وَالْجمع أَجْلاب، والفِعْل يَجْلِبُون، وعَبْدٌ جَلِيبٌ، وعَبيدٌ جُلَبَاء، قَالَ: والْجَلَبُ: الْجَلَبَةُ فِي جَماعةِ النّاس، وَالْفِعْل أَجْلَبُوا وجَلَّبوا من الصّياح، والْجَلُوبَةُ: مَا جُلِبَ للْبيع، نحوِ النّاب والفَحْل والقَلُوص، فأَمَّا كِرامُ الْإِبِل والفُحولة الَّتِي تُنْتَسَل، فلَيْسَت من الْجَلُوبَة. يُقَال لصَاحب الْإِبِل: هَل فِي إِبِلِكَ جَلُوبة؟ يَعْني شَيْئاً جَلَبه للْبيع.
وَفِي الحَدِيث: (جَلَبَ وَلَا جَنَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الْجلَبُ يكون فِي شَيْئَين، يكونُ فِي سِبَاق الْخَيل، وَهُوَ أَن يَتْبَعَ الرجلُ فَرسَه فَيَزْجُرَه، ويُجَلِّبَ عَلَيْهِ، فَفِي ذَلِك مَعونةٌ للْفرس على الْجَرْي.
والوجْهُ الآخر فِي الصَّدَقة، أَنْ يَقْدُمَ المَصَدِّقُ فَيَنْزِلَ مَوْضِعاً، ثمَّ يُرْسِلَ إِلَى الْمِيَاه من يَجْلُبُ إِلَيْهِ أَغْنَامَ أَهْلِ الْمِيَاه فَيُصَدِّقَها، فَنُهِيَ عَن ذلكَ، وأُمِرَ بأَنْ يَصَّدَّقوا على مِيَاههمْ وبأَفْنِيَتِهم.
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت. قَالَ: يُقَال هم يُجْلِبون عَلَيْهِ، ويُحْلِبُون عَلَيْهِ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي يُعِينُون عَلَيْهِ.
روى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البخاريّ، عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن أبي عَاصِم، عَن حَنْظَلَة، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نَحْو الجُلاّب، فَأخذ بكفه، فَبَدَأَ بِشِقّ رَأسه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، فَقَالَ بهما على وَسَطِ رأسِه) . قلت: أرَاهُ أَرَادَ بالجُلابِ ماءَ الْورْد وَهُوَ فارسيّ مُعرب، والورد يُقَال لَهُ: جُلْ واب مَعْنَاهُ المَاء، فَهُوَ مَاء الْورْد، وَالله أعلم.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَبَ الرجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِالشَّرِّ، وجَمَعَ عَلَيْهِ الْجمع، بِالْجِيم.
قَالَ: وأَجْلَبَ الرَّجل إِذا نُتِجَتْ نَاقَته سَقْباً، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت إِبِلهُ تُنتجُ الذُّكور، فَقد أَجْلَبَ، وَإِذا كَانَت تُنتجُ الْإِنَاث، فقد أَجْلَب، ويَدعو الرجلُ على صاحبِه فَيَقُول: أَجْلَبْتَ وَلَا أَحْلَبتَ، أَي كَانَ نِتاجُ إبِلك ذُكُورا لَا إِنَاثًا لِيَذْهَبَ لَبَنُهُ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (الْإِسْرَاء: 64) أَي اجْمَع عَلَيْهِم وتَوَعَّدْهُم بالشّرّ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصْمَعيّ: إِذا عَلَتْ الْقَرْحَةَ جِلْدَةٌ لَلْبُرْء، قيل جَلَبَ يَجْلِبُ، ويَجْلُبُ، وأَجْلَبَ يُجْلِبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال قرحةٌ مُجْلِبَةٌ وجَالبة، وقروحٌ جوالب وجُلّب، وأَنشد:
عافاك ربِّي من قُروحٍ جُلَّبِ
بعد نُتُوضِ الْجلد والثّقَوُّبِ.
قَالَ أَبُو عُبيد، عَن أبي عمر: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه: عيدانُه وَأنْشد:

(11/63)


كأَنَّ أَعْلاقي وجِلْبَ كُوري
عَلَى سَراةِ رائحٍ فَطُور
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه أَحْنَاؤه قَالَ: الْجِلبُ من السّحاب، مَا ترَاهُ كَأَنَّه جبل، وَأنْشد:
ولستُ بِجِلْبٍ، جِلْبِ ريحٍ وقِرَّةٍ
وَلَا بِصَفَا صَلْدٍ عَن الخيْرِ مَعْزلِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الجُلْبَة الشِّدَّة والجَهْدُ والجوع، وأَنشد الرياشيّ:
كأَنَّما بَين لَحْيَيْه ولَبَّته
من جُلْبَة الْجُوع جَيَّارٌ وإرْزِيرُ
قَالَ: والْجُلْبَةُ الشِّدَّة، وأصابتهم جُلْبَةٌ، وَهِي السَّنة والشِّدَّة والمجاعة. والإرزيز: الطَّعنة. والْجَيَّار: حُرْقةٌ فِي الجَوْف.
رَأَيْت فِي نُسْخَة (ديوَان العجاج) فِي قصيدة لَهُ يذكر فِيهَا العَيْرَ وأُتُنَه:
تكسوه رَهْباها إِذا تَرَهَّبا
عَلَى اضْطِمار اللَّوْح بَوْلاً زَغْرَبَا
عُصارةَ الجُزْءِ الَّذِي تجلَّبا
فَأَصْبَحت مُلْساً وأضحى مُعْجَبَا
قَالَ: عُصارة الْجُزْء: مَا انْعصَر من بَوْلها، وَهِي جازئة.
قَالَ: والتَّجَلُّبُ التماسُ المرعى مَا كَانَ رَطْباً من الْكلأ. رَوَاهُ بِالْجِيم كَأَنَّهُ بِمَعْنى اجْتَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلْبَةُ: العُوذَةُ الَّتِي يُخْرز عَلَيْهَا الْجلد، وَجَمعهَا: الجُلَب.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ يصف فرسا:
بغَوْجٍ لبانُهُ يُتَمُّ بَرِيمُهُ
عَلَى نفْثِ راقٍ خَشْيَة الْعين مُجْلِبِ
الْغَوْجُ: الْوَاسِع جِلْد الصدْر. والبَرِيمُ خيْطٌ يُعْقَدُ عَلَيْهِ عُوذةٌ: يُتَمُّ بَرِيمه: أَي يُطالُ إطالةً لسعة صدْرِه.
والمُجْلِبُ: الَّذِي يجعلُ العوذةِ فِي جِلْبٍ ثمَّ يُخاط علَى الفَرَس عَن أبي عَمْرو وَقَالَ اللَّيْث: الْجُلْبَة: الحديدةُ يُرقع بهَا القَدَح، وَهِي حَدِيدَة صَغِيرَة، والجُلْبَة فِي الْجَبَل، إِذا تراكم بعض الصخر على بعض، فَلم يكن فِيهِ طَرِيق تَأْخذ فِيهِ الدّوابّ.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} (الْأَحْزَاب: 59) .
قَالَ ابْن السكّيت، قَالَت العامِريَّةِ: الجلْباب الخِمار. وَقيل: جلْباب الْمَرْأَة مُلاءَتُها الَّتِي تَشتَمِلُ بهَا، وَاحِدهَا جِلْبَاب، وَالْجَمَاعَة جلابيب.
وَقَالَ اللَّيْث: الجلباب: ثوبٌ أَوسعُ من الخِمار دون الرِّداء، تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وصدرَها، وَقد تجلببت، وَأنْشد:
والعَيْشُ داجٍ كنَفَاً جلْبابُه
وَقَالَ الآخر:
مُجَلْبَبٌ من سَواد اللَّيْل جلْبابا
وَفِي حَدِيث عَليّ: من أَحَبَّنا أَهْلَ الْبَيْت فَلْيُعِدَّ للفقر جلباباً أَو تَجفافاً.

(11/64)


قَالَ القُتَيبيُّ: معنى قَوْله فلْيُعِدّ للفقر جلباباً وتَجفافاً أَي لِيَرْفض الدُّنْيَا وليزهد فِيهَا، وليَصْبِرْ على الْفقر والتَّقَلُّل، وكنى عَن الصَّبْر بالجلباب والتَّجفاف لِأَنَّهُ يستر الْفقر كَمَا يستر الجلباب والتّجفاف الْبدن.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجِلْبابُ الْإِزَار. قَالَ: وَمعنى قَوْله (فلْيُعِدّ للفقر جلباباً) . يُرِيد لفقْرِ الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبيد قلت: وَمعنى قَول ابْن الأعرابيّ: الجلبابُ الْإِزَار، وَلم يرد بِهِ إِزَار الْحَقْو، وَلكنه أَرَادَ بِهِ الْإِزَار الَّذِي يستمل بِهِ فيُجَلِّلُ جَمِيع الْجَسَد، وَكَذَلِكَ إزارُ اللَّيْل هُوَ الثَّوْب السابغ الَّذِي يشتملُ بِهِ النَّائِم فيغطي جسده كلّه.
اللَّيْث: الجُلْبان المُلْكُ، الْوَاحِدَة جُلبانة، وَهُوَ حَبٌّ أَغبَرُ أكْدَرُ عَلَى لون الماشِ، إِلَّا أَنه أشَدّ كُدْرَةً مِنْهُ وأعظمُ جرْماً، يُطبخ.
حَدثنَا ابْن عُروة، عَن البُسْرِيّ، عَن غُنْدَر، عَن شُعْبة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: لما صالحَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين بِالْحُدَيْبِية، صَالحهمْ عَلَى أَن يَدخُلَ هُوَ وَأَصْحَابه من قابلٍ ثلاثةَ أَيَّام؛ وَلَا يُدخِلونها إلاَّ بجُلبَان السِّلَاح.
قَالَ: فَسَأَلته: مَا جُلبان السِّلَاح. قَالَ: القِرَاب بِمَا فِيهِ.
قلت: القِرابُ: هُوَ الغمدُ الَّذِي يُغمدُ فِيهِ السَّيْف، والجِلْبانُ: الجراب من الأدَم يوضع فِيهِ السَّيْف مغموداً، ويَطرح فِيهِ الراكبُ سوطَه وأداتَه ويُعلِّقُه من آخِرةِ الرّحْلِ أَو واسطِه.
وَقَالَ غَيره: امرأَةٌ جِلِبّانَةٌ وجُلُبَّانه وتِكِلاَّبةٌ، إِذا كَانَت سيِّئَة الخُلق، صَاحِبَة جَلَبَةٍ ومُكالبة.
وَقَالَ شَمر: الجُلُبّانة من النِّسَاء الجافيةُ الْغَلِيظة، كَأَن عَلَيْهَا جُلْبَة، أَي قَشْرَةٌ غَلِيظَة.
وَقَالَ حُمَيد بن ثَوْر:
جُلُبَّانَةٌ وَرْهاءُ تُخْصَى خِمارها
بفي من بَغَى خيرا لَدَيْهَا الجلامدُ
والأجلاب: أَن تأخذَ قطعةَ قِدَ فتُلبِسها رَأْسَ القَتَب، فَتَيْبَسُ عَلَيْهِ، وَهِي الْجُلْبةُ.
قَالَ الجعدِيّ:
كتَنْحِية الْقَتَب الْمُجْلَبِ
والتَّجْليبُ: أَن تُؤْخذ صُوفَةٌ، فَتلقى عَلَى خِلْفِ النَّاقة، ثمَّ تُطْلى بطينٍ أَو عجين، لِئَلَّا يَنْهَزَها الفصيل.
يُقَال: جلِّب ضَرْعَ حلوبَتِكَ، وَيُقَال: جَلَّبته عَن كَذَا وَكَذَا تَجْلِيباً وأَصفحتُه، إِذا منَعْتَه.
وَيُقَال: إِنَّه لفي جُلْبة صدْق، أَي فِي بُقْعة

(11/65)


صدق؛ وَهِي الجُلَب.
وَيُقَال: جَلَبْتُ الشَّيْء جَلَباً وجنبت الفرسَ جنبا؛ والمجلوبُ أَيْضا: جَلَبٌ، وَهَذَا كَمَا يُقَال لما نُفضَ من الشّجر نَفَضٌ؛ وللمعدودِ عدد وَجمعه أجْلاب.
وَفِي حديثِ الحُدَيْبِية أَلا يَدْخُلَ الْمُسلمُونَ مَكَّةَ إِلَّا بجُلُبَّان السِّلاح.
قَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: جُلُبَّانُ السِّلاح الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.
قَالَ شِمر: كأَنَّ اشتقاق الجُلُبّان من الجُلْبَة، وَهِي الجلْدة الَّتِي تُجعَلُ على القَتَب، والجلدةُ الَّتِي تُغَشِّي التميمه، لِأَنَّهُ كالغِشاء لِلقِراب، وَقَالَ جِران العَوْد:
نَظَرْتُ وَصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ
وجُلْبُ اللَّيْلِ يَطْرُده النّهارُ
أَرَادَ بجُلْبَ اللَّيل سَوادَه.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ. الجُلْبُ جمع جُلْبَة وَهِي السَّنَةُ الشبهاء والجُلْبُ: جمعِ جُلْبَة وَهِي بَقْلَة.
والجَلْبُ: الجِنايَة على الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ الأجْل.
وَقد جَلَبَ عَلَيْهِ، وأَجَلَ عَلَيْهِ: أَي جَنَى عَلَيْهِ.
جبل: قَالَ اللَّيْث: الْجَبَل اسمٌ لكلِّ وَتِد من أَوْتَاد الأرْض إِذا عَظُمَ وطالَ من الأعْلام والأطْوار، والشَّناخِيب والأنْضاد. فأمَّا مَا صَغُرَ وانْفَرد، فَإِنَّهَا من الآكام والقِيران.
قَالَ: وجَبْلَةُ الْجَبَل تَأْسيسُ خِلْقَتِهِ الَّتي جُبِلَ عَلَيْهَا.
وَيُقَال للثَّوْب الجيِّد النَّسج والغزل والفتل إنَّه لَجيِّدُ الْجَبْلَة. وجَبْلَةُ الْوَجْه بَشرَتُه. ورَجُلٌ جَبْلُ الْوَجْه: غَليظُ بَشَرة الْوَجهْ ورَجُلٌ جَبْلُ الرأْس: غليظُ جِلْدَةِ الرَّأس والْعِظام.
وَقَالَ الراجز:
إِذَا رَمَيْنا جَبْلَةَ الأشَدّ
بمُقْذَفٍ باقٍ على المرَدّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعيّ: الجُبْلُ الناسُ الْكثير، والْعُبْر مثْله.
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) قَالَ أَبُو إِسْحَاق تُقْرَأ. (جُبْلاً) و (جُبُلاٌ) و (جِبِلاً) ، وَيجوز أَيْضا جِبَلاًّ بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْبَاء، جمع جِبْلَة وجِبلَ، وَهُوَ فِي جَميع هَذِه الْأَوْجه خَلْقاً كثيرا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جُبْلٌ وجُبُلٌ، وجِبْلٌ وجِبِلٌ، وَلم يعرف جُبُلاً بالضمّ وتَشْديد اللاَّم.
قَالَ: وجَبِيلٌ وجَبِلَّةَ لُغَات كلهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ {وَالْجِبِلَّةَ الاَْوَّلِينَ} (الشُّعَرَاء: 184) .
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن ابْن جَابر، عَن أبي

(11/66)


عمر الدُّوريّ، عَن الكسائيّ، قَالَ: الجِبِلَّةُ والجُبُلَّةُ تكسر وتُرفع مُشَدّدة كُسِرَت أَو رفعت، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) كَمثل.
قَالَ: فَإِذا أَردت جِماع الْجَبِيل قلت: جُبُلاً، مثل قَبِيل وقُبُلٍ، كلٌّ قد قُرِيء قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة، وَالْكسَائِيّ، والحَضْرميّ: (جُبُلاً) بِضَمَّتَيْنِ، وَتَخْفِيف اللَّام. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَابْن عَامر: (جُبْلاً) بتسكين الْبَاء. وَقَرَأَ عاصمُ، وَنَافِع، (جِبِلاًّ) بِكَسْر الْجِيم وَالْبَاء وَتَشْديد اللَّام، وَلم يقْرَأ أحدٌ جُبُلاًّ.
قَالَ: وسمِعتُ أَبَا طَالب يَقُول فِي قَوْلهم: (أجَنَّ اللَّهُ جِباله) قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ أَجَنَّ الله جِبْلَتَه، أَي خِلْقَتَه.
وَقَالَ لَهُ غَيره: أجَنَّ اللَّهُ جبالَه، أَي الْجبَال الَّتِي يَسكنُها أَي أكْثَر الله فِيهَا الجِنَّ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
جِهاراً ويَسْتَمْتِعْنَ بالأنَسِ الجَبْلِ
أَي الْكثير.
سَلَمَةُ، عَن الْفراء: الجبَلُ سَيِّدُ الْقَوم وعالِمُهم فَمَعْنَى أَجَنَّ الله جباله، أَي سَادَات قومه، يُقَال: هَؤُلَاءِ جبال بني فلانِ، وَهَؤُلَاء أَنْيَاب بني فلَان أَي سادتهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِبِلُّ: الخلْق، جَبَلَهم الله فهم مَجْبُولون، وَأنْشد:
بحَيْثُ شَدَّ الجابِلُ المجابِلا
أَي حَيْثُ شَدَّ أَسْرَ خَلْقِهم، وكلُّ أمَّة مَضَتَ على حِدَةٍ فَهِيَ جِبِلِّة.
وجُبِلَ الإنسانُ على هَذَا الْأَمر، أَي طُبِعَ عَلَيْهِ، وأجْبلَ القومُ، أَي صَارُوا فِي الْجبَال، وتجبَّلوها، أَي دخلوها.
قَالَ: والجُبْل: الشجرُ الْيَابِس.
ابْن السكّيت: مالٌ جِبْلٌ، أَي كثير، وَأنْشد:
وحاجِبٍ كَرْدَسُه فِي الحَبْلِ
منا غلامٌ كَانَ غير وَغْلِ
حَتَّى اقْتَدَى مِنْهُ بمالٍ جِبْلِ
وَرُوِيَ بَيت أَبُو ذُؤَيْب: الجِبْل.
وَقَالَ: الأَنَسُ والإنْس والجِبْلُ: الْكثير، وَيُقَال: أَنْت جَبْلٌ وجَبِل، أَي قَبيح. والمُجْبَلُ فِي الْمَنْع.
وَفِي (النَّوادر) ، اجْتبلتُ فلَانا على أَمر وجَبَلْتُه، أَي أجبرْتُه.
ابْن بُزُرْج: قَالُوا لَا حَيَّا اللَّهُ جَبْلَته، وجَبْلَتُه غُرُّته.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْبَلَ، إِذا صادَفَ جبلا من الرَّمل، وَهُوَ العريض، الطَّوِيل وأَحبل: إِذا صَادف حبلاً من الرمل، وَهُوَ الدَّقِيق الطَّوِيل.
لجب: قَالَ اللَّيْث: اللَّجَب: صَوت الْعَسْكَر، يُقَال: عسكرٌ لَجِبٌ: ذُو لَجب. وسحابٌ لَجِب بالرَّعْد. ولَجَبُ الأمواج كَذَلِك.

(11/67)


أَبُو عُبَيْد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أَتَى على الشاةِ بعد نِتاجِها أَرْبَعَة أشهر، فخفّ لَبنهَا وقلَّ فَهِيَ لِجابٌ، الْوَاحِدَة لَجْبَة.
وَقَالَ أَبُو زيد اللَّجْبَةُ من المِعْزَى خَاصَّة.
رُوي لأبي ذُؤَيْب:
فجاءَ بهَا كالتّين فِي جَوف وَرْبَةٍ
مُلَمْلَمةٍ بيضاءَ فِيهَا لِجَابُها
قَالَ اللِّجابُ: الشمع يكون فِي الشُّهد، والوَرْبةُ مَا يُجعلُ فِيهِ الشُّهْد، والتِّين الزُّبد.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال مِنْهُ لجبتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَجُبتْ لُجوبةٌ. وشياه لَجْباتٌ، وَيجوز لَجَّبتْ.
لبج: أَبُو عُبيد: يُقَال لُبِجَ، بفلان، ولُبطَ بِهِ إِذا صُرعَ يُلْبَجُ لَبْجاً. وَيُقَال: لَبَج بِهِ الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّبَجَةُ: حديدةٌ ذَات شُعَبٍ، كَأَنَّهَا كفٌّ بأَصابعها، تنفرجُ فتوضع فِي وسَطها لحمةٌ، ثمَّ تُشَدُّ إِلَى وَتِدٍ، فَإِذا قبَضَ عَلَيْهَا الذِّئْبُ. الْتَبَجَتْ فِي خَطمِه فقبضت عَلَيْهِ فَصَرعَتْه، والجميع اللَّبَج.
بلج: ابْن شُمَيْل: بَلَجَ الرجلُ يَبْلَجُ بلَجاً، إِذا وضح مَا بَين عَيْنَيْهِ وَلم يكن مقرونَ الحواجب، فَهُوَ أبلَج.
ابْن السّكيت هِيَ البَلْجة والْبُلْجَةُ. قلت يَعْنِي مَا بَين الحاجبين المفروقين.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: هِيَ البُلْجَةُ والبُلْدَة، وَهُوَ الأبلجُ والأبلَد إِذا لم تكن أقْرن.
وَيُقَال هَذَا أمرٌ أَبْلَج، أَي واضحٌ وَقد أبلجه وأوْضحه، وَمِنْه قَوْله:
الحقُّ أبلجُ لَا تَخفَى مَعالمُه
كالشَّمس تظهرُ فِي نُورٍ وإِيلاجِ
قَالَ: والبَلجُ أَيْضا الفرحُ وَالسُّرُور، وَهُوَ بَلِجٌ فَرح، وَقد بَلِجت صدورُنا وفرِحَت.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ: بلِجَ بالشَّيْء، وثَلِجَ بِهِ، بِالْبَاء والثّاء، إِذا فَرح بِهِ، يَبلَجُ بَلَجاً، وَقد أبلجني وأثلجني، أَي سَرَّني.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الطّلْق الْوَجْه: أبلَجٌ وبَلْجٌ، وأبلجت الشمسُ، إِذا أَضَاءَت.
وَيُقَال: انبلج الصُّبحُ، إِذا أضاءَ.
أَبُو عُبيد: بلج الصُّبْح يبلَجُ، وَيُقَال: أَتَيْته ببُلْجَةٍ من اللَّيْل وبَلْجةٍ، وَذَلِكَ حِين ينْبَلِجُ الصُّبْح حَكَاهُ عَن الكسائيّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيُّ، قَالَ: البلْجُ النَّقِيُّو مَوَاضِع القَسماتِ من الشّعْر.
ورجلَ بلْجٌ: كَقَوْلِك طلق، وأَبلَجَ الحقُّ إِذا أَضَاء.
بجل: أَبُو عُبيد: يُقَال: بجلكَ درهمٌ وَقد أبجلني ذَاك، أَي كفاني.
وَقَالَ الْكُمَيْت:

(11/68)


ومِنْ عِندِه الصَّدَرُ المُبْجِلُ
وَقَالَ لبيد:
بَجلِي الْآن من العَيش بَجَلْ
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ مجزوم لاعتمادِه على حَرَكَة الْجِيم، وَلِأَنَّهُ لَا يَتمكَّن فِي التَّصريف.
وَفِي حَدِيث لُقمان بن عَاد، وَوَصفه إخْوَته لامرأةٍ كَانُوا خَطبوها فَقَالَ لُقْمَان فِي أحدهم: خُذِي منِّي أخي ذَا البَجَل.
قَالَ أَبُو عبيد: معنى البجَل: الْحسب، قَالَ: وَوَجهه أَنه ذَمَّ أَخَاهُ، وَأخْبر أَنه قصير الهِمَّة، لَا رغبةَ لَهُ فِي معالي الْأُمُور، وَهُوَ راضٍ بأَنْ يُكَفي الْأُمُور وَيكون كَلاًّ على غير، وَيَقُول: حَسْبي مَا أَنا فِيهِ.
قَالَ: وَأما قَوْله فِي أَخ آخر: خُذِي منِّي أخي ذَا الْبَجْلة، يَحْملُ ثِقْلِي وثِقْلَه، فإنَّ هَذَا مَدْحٌ لَيْسَ من الأوَّل.
يُقال: رَجُلٌ ذُو بَجْلَة، وذُو بَجَاله، وَهُوَ الرُّواء والحُسْن والنُّبل، وَبِه سُمِّي الرجل بَجَالة.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: رَجُلٌ بَجَالٌ كبيرٌ عَظِيم.
قَالَ شَمِر: الْبَجَالُ من الرجالِ: الَّذِي يُبَجِّلُه أَصْحَابه ويُسَوِّدونَه، والبَجيلُ: الأمرُ الْعَظِيم، وَإنَّهُ لذُو بَجْلَةٍ، أَي ذُو شارةٍ حسنَةٍ، وَرجل بجال: حسن الْوَجْه. قَالَ والبَجْلَةُ: الشيءُ إِذا فُرحَ بِهِ.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: حدَّثني أَبُو سُفْيَان، أَنه سَأَلَ الْأَصْمَعِي عَن قَوْله: خُذِي مِنّي أَخِي ذَا البَجَل، فَقَالَ: يُقَال: رَجلٌ بَجالٌ وبَجيلٌ، إِذا كَانَ ضَخْماً، وَأنْشد:
شَيْخاً بَجالاً وغُلاماً حَزْوَراً
وبَجَّلْتُ فلَانا: عَظَّمْتُه. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى القُبور، فَقَالَ: (السَّلَام عَلَيْكُم، أَصَبْتُم خَيْراً بجيلاً، وسَبَقْتُم سَبْقاً طَويلا) .
وَلم يُفَسِّر قَوْله: أَخي ذَا البَجْلَة، وكأَنَّه ذَهب إِلَى معنى البَجَل.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل بَجالٌ: ذُو بَجالةٍ وبَجْلة، وَهُوَ الكَهْلُ الَّذِي ترى لَهُ هَيْبَة، وتَبْجيلاً وسِنّاً.
وَأنْشد:
قامَتْ وَلَا تَنْهزُ حَظّاً واشِلاَ
قَيْسٌ تُعدُّ السَّادة البَجابلا
قَالَ: وَلَا يُقَال: امرأةٌ بَجالةَ ورَجل باجِلٌ، وَقد بَجَلَ يَبْجُلُ بُجولاً، وَهُوَ الْحسن الجَسيم، الخَصيبُ فِي جِسْمه.
وَأنْشد:
وَأَنت بِالْبَابِ سَمينٌ باجل
وبَجْلَة: حيٌّ من قيسِ عَيْلان، والنِّسْبة إِلَيْهِم: بَجْلِي.
وَقَالَ غَيره:

(11/69)


وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ
وبجيلة: حيُّ من الأزْد وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم: بَجَلِيّ، وإليهم نسب جَريرُ بن عبد الله البَجَليّ.
اللَّيْث: البُجُل البُهتان الْعَظِيم، يُقَال: رَمَيْتَه بِبُجلِ.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ الإياديّ:
امْرُؤُ القَيْسِ بن أَرْوَى مُولياً
إِن رَآني لأَبُوءَنْ بُسْبَدْ
قلتَ: بُجلاً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يَمنعني سَيْفي وَيَدْ
قلت: وغيرُ اللَّيْث يَقُول: رْمَيْته بِبُجْر بالراء، وَقد مر فِي بَاب الرَّاء وَالْجِيم من هَذَا الْكتاب، وَلم أسمعهُ بِاللَّامِ لغير اللَّيْث، وَأَرْجُو أَن تكونَ اللَّام لُغة.
فَإِن الرَّاء وَاللَّام متقاربا الْمخْرج، وَقد تعاقبا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأبْجل من الفَرس وَالْبَعِير بمنزل الأكحل من الْإِنْسَان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأبْجل والأكحل والصَّافِنُ عروق، تُفْصَد، وَهِي من الجداول لَا من الأوْردة وَقَالَ اللَّيْث: الأبْجلان العِرقان فِي الْيَدَيْنِ، وهما الأكحلان من لَدُن المنكبِ إِلَى الكفّ، وَأنْشد:
عارِي الأشاجِع لم يُبْجَل
أَي لم يُفْصَدْ أَبْجَلُه.
ج ل م
جلم، جمل، لجم، لمج، مجل، ملج: مستعملات.
جلم: قَالَ اللَّيْث: الجَلَمُ اسْم يَقع على الجَلَميْن. كَمَا يُقَال المِقْراضُ والمِقْراضان، والقلم والقلمان.
قَالَ: وجَلَمْتُ الصُّوفَ والشَّعر بالجَلَم، كَمَا تَقول: قَلَمْتُ الظُّفر بالقلم.
وَأنْشد:
لما أُتيتُم فَلم تنْجُوا بمَظْلمةٍ
قِيسَ القُلامَةِ مِمَّا جَزَّهُ الجَلَمُ
والقَلَم كلُّ يُرْوى.
وأَخبرني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمه، عَن الفرّاء، عَن الكسائيّ قَالَ: يُقَال للمِقراض المِقلام والقَلَمان والجَلَمانُ، هَكَذَا رَوَاهُ بِضَم النُّون، كَأَنَّهُ جعله نَعْتاً على (فَعلان) من القَلْم والجلْم وَجعله اسْما وَاحِدًا.
كَمَا يُقَال: رجلٌ صَحَيَان وأَبَيان. قَالَ: وشَحَذانُ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرانيّ عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجَلْمُ مصدر جَلَم الجزُورَ يَجْلِمُها جَلْماً، إِذا أخَذَ مَا على عظامها من اللَّحم.
يُقَال: خُذْ جَلْمَةَ الْجَزُور أَي لَحمهَا أجْمع.

(11/70)


وَيُقَال: قد أَخَذَ الشيءَ بِجَلْمَتِه، بِإِسْكَان اللَّام، إِذَا أخَذَه أجمع وَقد جَلَمَ صُوفَ الشَّاة، وَإِذا جَزَّه، والْجَلَمُ: الَّذِي يُجَرُّبه.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَخذ الشّيءَ بجَلْمَتِه، إِذا أخَذَه كُلَّه.
وَقَالَ أَبُو مَالك: جَلْمة مثل حَلْقَه، وَهُوَ أَن يُحْتَلَمَ مَا على الظَّهر من الشَّحم واللَّحم.
أَبُو حَاتِم: يُقال لِلْإِبِلِ الْكَثِيرَة: الجَلَمَة والعكَنَانُ.
وَقَالَ اللَّيْث: جَلْمَة الشَّاة وَالْجَزُور بِمَنْزِلَة المسْلوخة إِذا أُخِذ أكارِعُها وفُضولها.
قلتُ: وَهَذَا غير مَا روينَاهُ عَن الْعلمَاء، وَالصَّحِيح مَا قَالَ أَبُو زيد، وَأَبُو مَالك.
أَبُو عبيد: الجِلامُ الجدَاء.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَوَاهِمُ جُذْعانُها كالجِلا
مِ قد أَقْرَحَ القَوْدُ مِنْهَا النُّسُورا
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الجِلامُ شاءُ أهل مكَّة، وَاحِدهَا جَلمَة، وَأنْشد:
شَواسِفٌ مِثلُ الجِلامِ قُبُّ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجَلَمُ القَمر، واللُّجْمُ الشُّؤم، والجلاَّم الثُّيوس المَحْلُوقَة.
لجم: قَالَ اللَّيْث: اللِّجام لجامُ الدَّابة، واللِّجام ضربٌ من سِمات الْإِبِل، من الخَدَّيْن إِلَى صَفْقَتي العُنق، والجميعُ مِنْهُمَا اللُّجُم والْعَدَدُ أَلْجِمَة.
وَيُقَال: أَلْجَمْتُ الدّابة، وَالْقِيَاس على الآخر مَلْجُوم، وَلم أسمع بِهِ، وَأحسن مِنْهُ أَن تَقول: بِهِ سِمَةُ لِجامٍ، قَالَ: واللُّجَمُ دابَّةٌ أَصْغَرُ من العَظَايَة، وَأنْشد لِعَدِيّ بن زيد:
لَهُ سَبَّةٌ مِثْلُ جُحْر اللُّجَمْ
يصف فرسا.
وأمّا قَول الأخطل:
ومَرَّتْ عَلَى الأَلْجامِ ألْجامِ حَامِرٍ
يُثِرْنَ قَطاً لَوْلَا سُراهُّنَّ هُجَّدا
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالألجام جمع لُجْمةِ الْوَادي، وَهِي نَاحيَة مِنْهُ. وَقَالَ رؤبة:
إِذا ارْتَمَتْ أَصْحانُه ولُجَمُه
قَالَ ابْن الأعرابيّ: واحدتها لُجْمة؛ وَهِي نواحيه.
قَالَ النَّضر: اللجام سمةٌ تكون من الْجُنُون؛ تكون مُجْتَمع شِدْقيه؛ وتُمَدُّ حَتَّى تبلغ عَجْب الذَّنب من كلا الْجَانِبَيْنِ خَطّاً، وبعير ملجوم ومُلْجَمٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّجَم: الصَّمْد المرْتفع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللُّجْمة: الْجَبَل المسطّح لَيْسَ بالضّخْم. واللّجَم: مَا يُتَطَيّرُ مِنْهُ، واحدته لَجَمَه؛ وَقَالَ رؤبة:

(11/71)


وَلَا يخافُ اللُّجمَ العَواطسا
وتلجَّمَتْ المرأَة، إِذا اسْتنفرت لمحيضها.
ولُجْمَة الدَّابَّة: موقع اللِّجام من وَجْهها، وأَلْجَمَتُ الدَّابَّة، فَهِيَ مُلجَمة؛ وَالَّذِي يُلْجِمه مُلجِم.
لمج: أَبُو عبيد: لمجْتُ أَلْمُجُ لَمْجاً، إِذا أَكلت.
قَالَ لبيد يصِف عِيراً:
يَلْمُج البارِضَ لمجاً فِي النّدى
من مَرابيع رياضٍ ورِجَلْ
أول مَا يطلع من النّبات تَلْمَجه لمجاً، أَي تنْتِفه، والشّماج: الَّذِي لَا يُتنوَّقُ فِي مَضغه كَمَا يَشْمَج الْخياط.
وَقَالَ اللَّيْث: اللّمْج تنَاول الْحَشِيش بِأَدْنَى الْفَم.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَا ذُقْت لمَاجاً وَلَا شمَاجاً، قَالَ: وَأَصله الشَّيْء الْقَلِيل.
واللُّمْجَة: مَا يُتعلَّل بِهِ قبل الْغِذَاء، وَقد لَمَّجْتُه ولَهَّنْته بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللّميج الْكثير الْأكل، واللَّميج: الْكثير الجِماع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: لَمَجَ أُمَّه ومَلَجَها، إِذا رَضَعَها.
وَيُقَال: إِنَّه تسمِيج لَمِيج، وسَمِجٌ لَمِج وسَمْجٌ لَمْجٌ، كل ذَلِك حَكَاهُ اللحيانيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: اللاَّمج: الكثيرُ الجِماع، والمالج: الراضع.
قَالَ: وقَدَّمَ رجلٌ رجُلاً إِلَى السُّلْطَان، وادَّعَى عَلَيْهِ أَنه قَذَفه، وَقَالَ لَهُ: لَمَجْتَ أمَّك، فَقَالَ المدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّمَا قلتُ لَك: مَلَجْتَ أُمَّك، فخلَّى سَبيله.
ملج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تُحرِّمُ الإملاجةُ، وَلَا الإمْلاجتَان) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ وَأَبُو الجرَّاح: يَعْنِي المرأةَ تُرْضع الصبيَّ مرّة أَو مرَّتَيْنِ، مَصَّة أَو مَصَّتين. والمصُّ: الملْج. يُقَال: ملَجَ الصَّبيُّ أُمه يملُجُها ملْجاً، وملِج يملَجُ، وَمن هَذَا يُقَال: رجل مَصَّان وملْجان ومكَّانٌ، كلُّ هَذَا من الْمَصّ، يعنُونَ أَنه يَرْضَعُ الْغنم من اللُّؤم لَا يحتَلِبها فيُسمَعُ صوتُ الحلْب.
وَيُقَال: قد أملجت المرأةُ صبِيَّها إملاجاً. فَذَلِك قَوْله: الإملاجةُ والإملاجتان، يَعْنِي أَن تُمِصَّهُ هِيَ لبنَها.
الخرَّازُ عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: املاجَّتْ عَيناهُ إِذا رأيتهما كَأَنَّهُمَا شهلاوان من الكبَر، قَالَ: واملاجّ الصبيُّ واشهابّ إِذا طلع، مهموزاً وَغير مَهْمُوز.
قلت: هَكَذَا سَمِعت المنذريّ عَن الطوسيّ عَن الخراز عَنهُ بِالْجِيم وَيحْتَمل: املاحَّت بالحاءُ من الأملح، والأملح بالأشهب أشبه، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْكتب: الأملجُ من الألوان

(11/72)


بَين الْأسود والأبيض، وَمن النَّبَات بَين الْأَخْضَر والأبيض. قَالَ مُليج:
هملن بِهِ حَتَّى دنا الصَّيف وانقضى
ربيع وَحَتَّى صارعُ الْقلب أملَجُ
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلْج نَوَى المُقْل، وَجمعه أملاج.
وَفِي الحَدِيث: أَن قوما من أهل الْيمن وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَشكونَ الْقَحْط، فَقَالَ قَائِلهمْ: سقط الأُملوج، وَمَات العُسلوج، قلت: الأملوج عِنْدِي نَوَى المُقْل مثل المُلْج سَوَاء.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: الأمْلوجُ ورق كالعِيدان لَيْسَ بعرِيضٍ مثل وَرَق الطّرْفاء والسَّرْو، وَيكون لبَعض الشّجر، والجميع الأماليج. قلت: وَلَا أحفظ مَا قَالَ لغيره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: المُلْج نَواةُ المُقْلَة، قَالَ ومَلَجَ الرّجل: إِذا لاك الملْج.
قَالَ: والمُلْجُ: الجِدَاءُ الرُّضَّع.
والملْجُ السُّمْر من النَّاس، وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَسْوَدُ أَمْلَج، وَهُوَ اللَّعِس.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَليجُ الرَّضيع، والمَلِيجُ الْجَلِيل من النَّاس أَيْضا.
مجل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَجِلت يَده تَمَجَلُ، ومَجَلَتْ تَمْجُلُ، لُغَتَانِ، إِذا كَانَ بَين الْجلد واللّحْم مَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: مَجِلتْ يَده، إِذا مَرَنَتْ وصَلُبَتْ، وَكَذَلِكَ الرَّهْصَةُ تُصيبُ الدَّابَّة فِي حافرها، فيشتَدّ ويَصْلُب.
قَالَ رؤبة:
رَهْصاً ماجِلاً
قلت: وَالْقَوْل فِي مَجِلتْ يَده مَا قَالَ أَبُو زيد، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَيُقَال: جَاءَت إبلُ فلانٍ كَأَنَّهَا المَجلُ من الرِّيّ.
قَالَ: والمجْلُ أَن يُصيب الجِلدَ نارٌ أَو مشَقّة، فيَتَنَفَّطُ ويمتَلِىءُ مَاء، والرَّهْص الماجل الَّذِي فِيهِ مَاء فإِذَا بُزِغَ خرج مِنْهُ المَاء وَمن هَذَا قيل لمستنقع المَاء ماجِل. هَكَذَا رَوَاهُ بِكَسْر الْجِيم ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ غير مَهْموز.
وَأما أَبُو عبيد فَإِنَّهُ رَوَى عَن أبي عَمْرو: المأْجَلُ، بِفَتْح الْجِيم وهمزة قبلهَا، وَقَالَ: هُوَ مثل الْجَيْئَة، وَجمعه مآجِل.
وَقَالَ رؤبة:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمآجِلا
وَقد قَالَ أَبُو عُبيد: المَجْلُ أثرُ الْعَمَل فِي الكَفّ يُعالجُ بهَا الإنسانُ الشيءَ حَتَّى يَغلظَ جِلدُها، وَأنْشد غَيره:
قد مَجَلَتْ كفَّاه بَعْدَ لِينِ
وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرونِ

(11/73)


جمل: قَالَ اللَّيْث: الْجمل يستحِقُّ هَذَا الِاسْم إِذا بزَل.
وَقَالَ شمر: البَكْرُ والبَكْرَةُ بِمَنْزِلَة الْغُلَام وَالْجَارِيَة، والجملُ والنَّاقة بِمَنْزِلَة الرجل وَالْمَرْأَة. وَقَالَ الله: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (الْأَعْرَاف: 40) .
قَالَ الْفراء: الْجمل هُوَ زَوْجُ النَّاقة. وَقد ذكِرَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (الجُمَّل) ، يَعْنِي الجِمال الْمَجْمُوعَة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن أبي طَالب أَنه قَالَ: رَوَاهُ الْفراء الجُمَّل بتَشْديد الْمِيم، وَنحن نظن أَنه أَرَادَ التَّخْفِيف.
قَالَ أَبُو طَالب: وَهَذَا لِأَن الْأَسْمَاء إِنَّمَا تَأتي على (فُعَل) مُخفّف، وَالْجَمَاعَة تَجِيء على فُعَّل، مثل صُوَّم ونُوَّم.
وَقَالَ فِيمَا وجدتُ بخطِّ أبي الْهَيْثَم، قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْحسن وَهِي قراءةُ ابْن مَسْعُود: (حتَّى يَلجَ الجُمَل) ، مثل النُّغَر فِي التَّقْدِير.
قلت: الصَّحِيح لأبي عَمْرو (الْجَمَلُ) ، وَعَلِيهِ الْقُرَّاء، وَأَبُو الْهَيْثَم مَا أرَاهُ حفظ لأبي عَمْرو: (الجُمَل) . اتّفق قراء الأمْصارِ على الجَمَل وَهُوَ زوج النَّاقة.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: (الجُمَّلُ) ، بالتَّثْقيل وَالتَّخْفِيف أَيْضا، فَأَما الجُمَلُ بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الحبْلُ الغليظ، وَكَذَلِكَ الجُمَّلُ مشدَّد.
وَحكى عَن عبد الله وأُبَيّ: (حَتَّى يَلجَ الجُمَلُ) .
وَأما قَول الله جلَّ وعزَّ: {كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (المرسلات: 33) فَإِن سَلَمة رَوى عَن الْفراء أَنه قَالَ: قَرَأَ عبدُ الله وأَصحابه: (جِمَالةٌ) .
وروى عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ: (جِمالات) . قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إليَّ، لِأَن الجِمَال أكثرُ من الجِمالة فِي كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ يجوز، كَمَا يُقَال: حَجَرٌ وحِجارة، وذَكَرٌ وذِكارة، إلاَّ أَن الأول أَكثر، فَإِذا قلت: (جِمالات) : فواحدها جِمال، مثل مَا قَالُوا: رِجالٌ ورِجالات، وبيُوت وبيُوتات، وَقد يجوز أَن تجْعَل واحدَ الجِمالات جِمالة.
وَقد حكى عَن بعض القُراء: (جُمالات) بِرَفْع الْجِيم، فقد يكون من الشَّيْء. المُجْمَل، وَيكون الجُمالات جمعا من جمع الجِمال كَمَا قَالُوا: الرَّخِل والرُّخال، والرِّخال.
قلت: ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الجِمالات: حِبالُ السفن يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى تكون كأَوساط الرِّجَال، وَقَالَ مُجَاهِد: جِمالات حِبال الجُسور.
وَقَالَ الزجّاج: من قَرَأَ جُمالات فَهِيَ جمع جُمالة، وَهُوَ القَلس من قلوس سُفُن الْبَحْر أَو كالقَلْس من قلوس الجِسر،

(11/74)


وقرئت: (جُمالة صُفر) على هَذَا الْمَعْنى.
قلت: كَأَن الحبلَ الغليظ سُمِّي جُمالة، لِأَنَّهَا قُوى كَثِيرَة جُمِعت فأُجْمِلت جُمْلة، وَلَعَلَّ الجُملة أُخِذَت من جملَة الحبال.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمْلة جمَاعَة كُلِّ شَيْء بكمالة من الْحساب وَغَيره، يُقَال: أجملت لَهُ الحسابَ وَالْكَلَام.
وَقَالَ الله: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الْفرْقَان: 32) .
وَقَالَ اللَّيْث: حسابُ الجُمَّلُ: مَا قُطِعَ على حُرُوف أبي جاد.
وَفِي (نَوَادِر أبي عَمْرو) : الجميلةُ جميلَة الظِّباء والحمامِ وَهِي جماعتها. قلت: وَكَأن الجُملَةَ مأخوذةٌ من الجميلة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه قَالَ: الجامِلُ الجِمال.
وَقَالَ غَيره: الجامل قطيع من الْإِبِل، مَعهَا رُعْيانُها وأَرْبابها كالبَقَر والباقِر.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَعْرَابِي: الجامِلُ الحَيُّ الْعَظِيم، وأَنكَرَ أَن يكون الجامِلُ الجِمال، وَأنْشد:
وَجَامِلٍ حَوْمٍ يَروحُ عَكَرُه
إِذا دنا من جُنْح ليل مَقِصْرُه
يُقَرْقِرُ الْهَدْرَ وَلَا يُجرْجِرُه
قَالَ: وَلم يَضْع الأعرابيّ شَيْئا فِي إِنكاره أَن الجامِلَ الجِمال.
أَبُو زيد: جَمَّل الله عَلَيْك تجميلاً، إِذا دَعوْتَ لَهُ أَن يَجْعَلَه الله جميلاً حسنا.
وَأما قَول طرفَة:
وجَامِلٍ خَوَّعَ من نِيبه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيحْ
فَإِنَّهُ دلّ على أَن الجامِل يجمع الجِمال والنوّق، لِأَن النِّيب إناث وَاحِدهَا نَاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الجَمَلُ الكُبَعُ. قلت: أرادَ بالجَمْل والكُبَع، سمكةٌ بَحْرية تُدْعى الْجَمَل.
قَالَ رؤبة:
واعْتَلَجَتْ جِمالُه ولُخمُه
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَمَلُ سَمَكَة تكون فِي الْبَحْر، وَلَا تكون فِي العَذْب.
قَالَ: واللُّخْمُ الكَوْسَج، يُقَال: إِنَّه يَأْكُل النَّاس.
وروى سَلمَة، عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الجَملُ الكُبَع.
وَفِي حَدِيث المُلاعَنةِ أَنه قَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن جاءَت بِه أُمُّه أَوْرَقَ جَعْداً جُماليّاً فَهُوَ لِفلان) . والجمالَيّ: الضَّخْم الأعْضاء التّامّ الأوْصال، ونَاقَةٌ جُمالية كَأَنَّهَا جَمَلٌ عِظَماً.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
جُمَالِيَّةٌ تَغْتَلِي بالرِّدَافِ
إِذا كَذَّبَ الآثماتُ الْهَجِيرا

(11/75)


وَقَالَ اللَّيْث: طَائِر من الدَّخاخيل، يُقَال لَهُ: جُمَيلٌ وجُمْلانة. قلت: يُجمَعُ جُمَيْلُ جُملاناً.
وَمن أَمْثال الْعَرَب: اتَّخذ فلانُ اللَّيل جَملاً إِذا سرى اللَّيلَ كُلَّه.
والْجُميلُ: طَائِر شَبيه بالعصفور والقُنبر والغُرّ، وَقَالَ:
وصِدْتُ غُرَّا أَو جُمَيلاً آلِفَا
وبرْقشاً يَعْلُو على مَعالِفَا
والجَمِيلُ: الإهالةُ المُذَابة، وَاسم ذَلِك الذّائب: الجُمالة، والاجْتِمال: الادِّهانُ بِهِ، والاجْتِمالُ أَيْضا: أَنْ تَشْوِيَ لَحْماً، فكُلما وَكَفَتْ إِهالَته اسْتَودَقْتَه على خُبْز، ثمَّ أَعَدْتَهُ. والجمَال: مصدر الْجَمِيل، والفِعل مِنْهُ: جَمُلَ يَجْمُلُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النَّحْل: 6) . أَي بَهاءٌ وحُسْن.
وَيُقَال: جامَلْتُ فلَانا مُجاملةً، إِذا لم تُصْف لَهُ الموَدَّة وماسَحْتَه بالْجَميل، وَيُقَال: أَجْمَلْتُ فِي الطَّلب.
وَقَالَ غَيره: جَمَّلْتُ الْجَيْش تَجْميلاً، وجَمَّرته تَجْميراً، إِذا أَطَلْتَ حَبْسه.
وَقَالَ شَمِر، أَقْرَأَنِي ابْن الأعرابيّ:
فَأَنا وَجَدْنا النِّيبَ إذْ يَفْصدونها
يُعيشُ بَنِينَا وجَمُّها وجَميلُها
قَالَ: الْجَمِيلُ المرَقُ، وَمَا أُذيب من شَحْم أَو إهَالةٍ فَهُوَ جَميل. وَأنْشد:
ومَكنونةٍ عِنْد الْأَمِير عظيمةٍ
إِذا قَحطَ السُّيَّامُ فار جَميلُها
قَالَ: المكنونة الْقِدْرُ، والسُّيَّام الرُّعاه، والجمالةُ: الصُّهارة.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: جَمَلْتُ الشّحم أَجْمُلُه جَمْلاً، وَيُقَال: أَجْمَلْتُه، وجَمَلْت أَجْوَد، واجْتَمَلَ الرجل.
وَقَالَ لبيد:
فاشْتوى لَيْلَة رِيحٍ واجْتَمَلْ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: المُجامِل الَّذِي يَقْدر على جوابك فيتركه إبْقَاء على مَوَدَّتك. والمُجامل: الَّذي لَا يَقْدر على جوابك فيتركه ويَحقد عَلَيْك إِلَى وَقْتٍ مَا.
ابْن السِّكِّيت: استجمل البعيرُ إِذا صَار جَمَلاً، قَالَ: وَيُسمى جَمَلا إِذا أَرْبع، واسْتَقْرَم بكْرُ فلَان إِذا صَار قَرْماً.

(أَبْوَاب) الْجِيم وَالنُّون)
ج ن ف
جنف، جفن، نجف، نفج، فجن، فنج: مستعملة.
جنف: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) .
قَالَ اللَّيْث: الجَنَفُ الْميل فِي الْكَلَام، وَفِي الأُمور كلِّها، تَقول: جَنَفَ فلَان

(11/76)


ٌ علينا، وأَجْنَفَ فِي حُكمه، وَهُوَ شَبيهٌ بالْحَيْف، إلاَّ أنَّ الحَيف من الْحَاكِم خاصّة، والجَنَفُ عَام.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} (الْمَائِدَة: 3) أَي مُتَمَايل مُتَعَمِّد.
ورجلٌ أَجْنَف: فِي أَحَدِ شَقَّيْه مَيَلٌ على الآخر.
قلت: أمَّا قَوْله الحَيْفُ من الْحَاكِم خاصَّة، فَهُوَ خطأ، والحَيْفُ يكون مِن كل مَنْ حاف، أَي جارَ. وَمِنْه قَول بعض الْفُقَهَاء:
يُرَدَّ مِنْ حَيْف النَّاحِلِ مَا يُرَدُّ من جَنَفِ المُوصِي، والنّاحِل إِذا فَضَّل بعض أَوْلَاده على بعض بنُجْل فقد حافَ وَلَيْسَ بحاكم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الحِنَفُ: الميْلُ والجَوْر، جَنِف جَنَفاً.
قَالَ الْأَغْلَب:
غِرٌّ جُنَافِيُّ جَميلُ الزِّيِّ
والجُنافِيُّ: الَّذِي يَتَجانَف فِي مَشْيه اختِيالاً.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَجُلٌ جُنافِيُّ بِضَم الْجِيم مُخْتال فِيهِ مَيَل، قَالَ: وَلم أسْمع جُنَافِيّ إِلا فِي بَيْت الْأَغْلَب وقَيَّده شَمِر بخَطِّه بِضَم الْجِيم.
وَقَالَ الْفراء: الجَنَفُ الجَوْر.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) أَي مَيْلاً، أَو إِثْمًا، أَي قَصْدَ الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: لَجَّ فِي جِنافِ قَبيج، وجِنابٍ قَبِيح، إِذا لَجَّ فِي مجانَبَة أَهلِه.
جفن: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَفْنَةُ الأصْل من أُصولِ الكَرْم، وجمعهما الجَفْن، وَهِي الحبَلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجفْنُ ضَرْبٌ من العِنب، ويُقال: بل الجَفْنُ الكَرْمُ نفسُه، بلغَة أهل الْيمن، قَالَ: وَيُقَال: الجفْنُ والجفْنَةُ: قَضِيبٌ من الكَرْم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجَفْنُ الكَرْمُ، والْجَفْنُ جَفْنُ الْعَين، والجَفْنُ جَفْنُ السَّيف الَّذِي يُغْمَدُ فِيهِ، والْجَفْنَةُ مَعْرُوفَة، وَتجمع جفاناً، وَالْعدَد: الْجَفَنات.
وآلُ جَفْنَةَ ملوكٌ من أهل الْيمن كَانُوا استوطنوا الشَّام، وَقَالَ حسان يذكرهم:
أولادُ جَفْنَةَ عِنْد قَبْرِ أَبيهمُ
قَبرِ ابنِ مارِيَةَ الكَرِيم المُفْضِلِ
وَأَرَادَ بقوله: عِنْد قَبْرِ أَبيهم أَنهم فِي مسَاكِن آبَائِهِم ورِباعهم الَّتِي ورثوها عَنْهُم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَفْنُ ظَلْفُ النَّفْس عَن الشَّيْء الدّنيّ، يُقَال: جَفَنها جَفْنا، وَأنْشد:

(11/77)


وَفَّرَ مالَ الله عَمْداً وجَفَنْ
نَفْساً عَن الدُّنيا إِذْ الدُّنيازِيَنْ
وَقَالَ أَبُو سعيد: لَا أَعْرِفُ الجَفْنَ بِمَعْنى ظَلْفِ النَّفْس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّجفِين كثرةُ الجِماع.
قَالَ: وَقَالَ أَعْرَابِي: أَضْوَانِي دَوَامُ التَّجَفِين.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَنه انْكَسَرت قَلوصٌ من نَعَمِ الصَّدقة فَجَفَّنَها) معنى جَفَّنها، أَي نَحرَها وطَبَخَها، وأطعَم لَحمَها فِي الْجِفان، ودَعَا عَلَيْهَا النَّاس حَتَّى أكلوها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنُ قِشْرُ الْعِنَب الَّذِي فِيهِ المَاء، ويُسَمَّى الْخَمْر ماءَ الْجَفْنِ، والسَّحابُ جَفْن المَاء.
وَقَالَ الشَّاعِر يصفُ امْرَأَة شَبَّه طعْمَ رِيقهَا بِالْخمرِ:
تُحسِي الضَّجِيعَ مَاءَ جَفْنٍ شابَه
صَبِيحةَ الْبَارِقِ مَثْلوجٌ ثَلِجْ
قلت: أَرَادَ بِمَاء الْجَفْنِ الْخمر، والجَفْنُ: أَصل العِنَب، شيب أَي مُزِجَ بماءٍ بَارِد.
قَالَ الدينوَرى: وَمن الشّجر الطّيب الرّيح الجَفْنُ والغَارُ. وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:
آلَتْ إِلَى النِّصْف من كَلْفَاءَ أنْزَعَها
عِلْجٌ ولَثَّمها بالْجَفْنِ والغارِ
لَثَّمَها: عَصَبَ فمها بالجَفْن، قَالَ: والجفن أَيْضا جَفْنُ الكَرْمَ.
وَقَالَ اللحياني: لُبُّ الخُبْز مَا بَين جَفْنَيْه، وجَفْنَا الرَّغيف وَجْهاه من فوقٍ وَمن تَحت.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنَةُ الكَرْمَة، والْجَفْنَة الْخمر، والْجَفْنَةُ الرَّجُل الْكَرِيم، قَالَ: وأَجّفَن إِذا أَكثر الجِماعَ.
وَمن أمثالهم: وَعند جُفَيْنَةَ الْخَبَرُ اليَقِين.
قَالَ ابْن السّكيت: وَلَا تَقُل (جُهَيْنَة) وجُفَيْنَةُ: اسمُ رَجُلٍ فِي الْمثل.
فجن: قَالَ اللَّيْث: الفِجَّانة إناءٌ من صُفْر، وَجَمعهَا فجاجين. قَالَ: والفِجَّانُ مقدارٌ لأهل الشَّام فِي أَرَضِيهم.
قلتُ: هُوَ مِقدارٌ للْمَاء إِذا قُسمَ بالفِجَّانِ، وَهُوَ معرّب، وَمِنْهُم يَقُول فِنجان، وَالْأول أفصحَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَيْجنُ والفَيْجَلُ: السَّذَاب، وَقد أَفْجَن الرَّجلُ، إِذا أدام على أكْلِ السَّذاب.
نجف: قَالَ اللَّيْث: النَّجَفةُ تكون فِي بَطْنِ الْوَادي، شِبه جِدارٍ لَيْسَ بعريض، لَهُ طولٌ مُنْقادٌ من بَين مُعْوَجَ ومستقيم لَا يعلوها الماءُ، وَقد تكون فِي بطن الأَرْض.
وَقد يُقَال لإبِطِ الكثِيب نَجفَةٌ، وَهُوَ

(11/78)


الموضِعُ الَّذِي تُصَفِّقُه الرِّياحُ فَتَنْجُفُه، فيصيرُ كأَنه جُرُفٌ مَنْجُوف.
وقَبْرٌ مَنْجُوف وَهُوَ الَّذِي يُحْفَرُ فِي عُرْضَةٍ، وهوغير مَضْروح.
وغارٌ منجوف: مُوَسَّع، وَأنْشد:
يَفْضِي إِلَى جَدَثٍ كالغارِ مَنْجوفِ
وإناءٌ مَنْجُوف: واسِعُ الأسْفَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّجَفَةُ المُسَنَّاة والنَّجَفُ التَّلّ.
قلت: والنَّجفَةُ هِيَ الَّتِي بِظَاهِر الكُوفَة، وَهِي كالمُسَنَّاةِ تمنعُ ماءَ السَّيل أَن يَعْلُوَ منَازِل الكُوفة ومقابِرَها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النِّجَافُ هُوَ الدَّرَوَنْد والنَّجْران.
وَقَالَ ابنُ شُميل: النِّجاف الَّذِي يُقال لَهُ الدَّوَّارة، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقبِلُ البابَ من أَعْلَى الأُسْكُفَّة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النِّجافُ أَيْضا شِمال الشَّاة الَّذِي يُعَلِّقُ على ضَرْعِها، وَقد أَنْجَفَ الرجل إِذا علق على شَاته النِّجاف، والمِنْجَفُ الزَّبيل، والنَّجَفُ قُشور الصِّلِّيان، والنّجْفُ: الحَلَبُ الجَيِّد حَتَّى يُنْفِضَ الضَّرْعَ.
وَقَالَ الراجز يصف نَاقَة غَزِيرَة:
تَصُفُّ أَو تُرْمِي على الصِّفوفْ
إِذا أَتاها الحالِبُ النَّجوفْ
والنَّجيفُ: النَّصْل الْعريض، وَجمعه نُجُفٌ، وَقَالَ أَبُو كَبِير:
نُجُفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ طائرٍ
حَشْرِ القوادم كاللِّفاعِ الأَطْحَلِ
أَبُو عبيد، عَن الأمويّ: انتَجَفْتُ الشيءَ انتجافاً، وانتجثتُه انتجاثاً، إِذا استخرجته.
وَقَالَ الْفراء: نِجافُ الْإِنْسَان مَدْرَعَتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: نِجَافُ التَّيْس جِلْدٌ يُشَدُّ بَطنِه والقضِيب، فَلَا يقدر على السِّفاد، وَيُقَال تَيْس مَنْجُوف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِنْجَفُ الزَّبِيل، وهوالمِجْفَنُ والمِسْمَدُ، والخِرْص والمِنْثَلة.
نفج: قَالَ اللَّيْث: نَفَجَت الأَرْنَبُ تَنْفُجُ، وتَنفِجُ نُفُوجاً وانْتَفَجَت انْتِفاجاً، وَهُوَ أَوحَى عَدْوِها، وَقد أَنْفَجَها الصَّائِد إِذا أثارها من مَجْثَمِها.
وَرجل مُنْتَفِجُ الجَنْبين، وبَعيرٌ مُنْتَفِجُ، إِذا خرجت خَواصِرُه. وَرجل نَفَّاج ذُو نَفْج، يَقُول مَا لَا يَفعل، ويَفْتَخِرَ بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: النّافِجَةُ أوّلُ كُلَّ ريحٍ تَبْدأُ بِشدَّة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
حَفِيفُ نافِحَةٍ عُثْنُونُها حَصِبُ
ويروى: (نافِجةٍ) .

(11/79)


قَالَ الأصمعيّ: وَأرى فِيهَا بَرْداً.
وَقَالَ شَمَر: النّافِجَة من الرِّيَاح الَّتِي لَا تَشْعُر حَتَّى تَنْتَفِجُ عَلَيْك، وانتِفاجُها: خُروجُها عاصِفاً عَلَيْك وَأَنت غافل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو، قَالَ: النَّوافج بِالْجِيم مُؤخَّرات الضلوع، وَاحِدهَا نافِجٌ ونافِجَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّفاجَةُ رُقْعَة للقميص تَحت الكُمّ، وَهِي تِلْكَ المربّعة.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: تُسَمى الدَّخاريص التّنافيج، لِأَنَّهَا تَنفُجُ الثَّوْب فتوَسِّعه، وَيُقَال: مَا الَّذِي استَنْفَجَ غضبك؟ أَي أَظهره وأَخرجه. وامرأةٌ نُفُجُ الحقيبة، إِذا كَانَت ضخمةَ الأرداف والمآكم، وَأنْشد:
نُفُجُ الحقِيبَةِ بضَّةُ المَتَجرَّدِ
وَقَالَ الراجز:
تسمعُ للأعْبُد زَجراً نافجاً
من قِيلهِم أَيا هجَا أَيا هَجا
قَالَ بَعضهم: صوتٌ نافجٌ جَاف غليظ، وَقيل أَرَادَ بالزّجْر النافج: الَّذِي يَنْفُج الإبِلَ حَتَّى تتوسَّع فِي مَراعيها وَلَا تَجْتَمع.
وَكَانَت الْعَرَب تَقول للرّجل إِذا وُلدت لَهُ بنت: هَنِيئًا لَك النّافجة، يَعنُون أَنه يزَوِّجها بإِبل تُمْهَرها، فَينفجُ بهَا إبِلَهُ أَي يُكثِّرها.
وَيُقَال لِلْإِبِلِ الَّتِي يَرِثُها الدَّجل فيكثر بهَا إبِله: نافِجَةٌ أَيْضا.
وَفِي الحَدِيث: ذِكر فتْنَتَيْن فَقَالَ: (مَا الأولى عِنْد الْآخِرَة، إلاَّ كَنَفْجَةِ أَرْنَب) يَعْنِي فِي تقليل المُدَّة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَفْجَةُ الأَرْنَب وثْبته من مَجْثمِه.
ورُوي عَن أبي بكر، أَنه كَانَ يَجْلُبُ بَعِيرًا، فَقَالَ: (أأُنفِجَ أم أُلْبِد) ؟ وَمعنى الإنْفاج، إبَانَةُ الإناءِ من الضَّرْع عِنْد الحَلب، والإلباد، إِلْصَاقُ الإِناء بالضِّرع، ونَفَجت الفَرُّوجة من بَيْضَتها إِذا خَرجت.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّفيج، بِالْجِيم، الَّذِي يَجِيء أَجْنَبِيّا فيدخُل بَين الْقَوْم، ويسْمُل بَينهم، ويُصْلح أمرَهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّفيجُ: الَّذِي يَعْترض بَين الْقَوْم لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفْسد.
فنج: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُنُجُ: الثُّقلاءَ من النَّاس.
ج ن ب
جنب، جبن، نجب، نبج، بنج: مستعملات.
جنب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
سَلمة، عَن الفرّاء: الجَنْبُ: القُرْب، وَقَوله: {ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} . أَي

(11/80)


فِي قُرْبِ الله وجواره، قَالَ والجَنْبُ: معظمُ الشَّيْء وأكثرُه، وَمِنْه قَوْلهم: هَذَا قَلِيل فِي جَنْبِ مودَّتك.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} : فِي قُرْب الله، من الْجَنَبَةِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ عَلَى مَا فَرَّطَتْ فِي الطَّرِيق الَّذِي هُوَ طريقُ الله الَّذِي دَعاني إِلَيْهِ، وَهُوَ توحيدُ الله، وَالْإِقْرَار بنبوَّةِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} هُوَ الرَّفيق فِي السَّفر، {وَابْنِ السَّبِيلِ} (النِّسَاء: 36) : الضَّيْف، وَهُوَ قولُ عِكْرِمة ومُجاهد وَقَتَادَة.
وَيُقَال: اتَّقِ الله فِي جَنْب أَخيكَ، وَلَا تَقْدَح فِي شَأْنه، وَأنْشد اللَّيْث:
خلِيلَيَّ كُفَّا واذكرا الله فِي جنْبِيْ
أَي فِي الوَقِيعَةِ فيَّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} (الْمَائِدَة: 6) .
يُقَال للْوَاحِد: رجُلٌ جُنُبٌ، وامرأةٌ جُنُب، ورجلان جُنُبٌ، وقَوْمٌ جُنُبٌ، كَمَا يُقَال: رجلٌ رِضاً، وقومٌ رِضاً، وَإِنَّمَا هُوَ على تَأْوِيل ذوِي جُنب، فالمصْدَرُ يقومُ مقَام مَا أُضيف إِلَيْهِ. وَمن الْعَرَب من يُثَنِّي وَيجمع وَيجْعَل الْمصدر بمنزله اسمِ الْفَاعِل، وَإِذا جُمعَ جُنُب قيل فِي الرّجال: جُنُبُون، وَفِي النِّسَاء: جُنُبَات، وللاثنين: جُنُبَان.
سَلمَة عَن الفرّاء: يُقَال من الجنَابة أَجْنَبَ الرجل وجنِب، وجنَّب، وتَجَنَّب.
شمر: قَالَ الْفراء: أجنبت المرأةُ الرّجلَ إِذا ألْزَمهَا الْجَنَابَة، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يُجْنِب شَيْئا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْنَبَ: تَبَاعَدَ.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: الْإِنْسَان لَا يُجْنب، والثَّوْبُ لَا يُجنب، وَالْمَاء لَا يُجنب، وَالْأَرْض لَا تُجنب، وَتَفْسِيره: أَنَّ الجُنُب إِذا مَسَّ رَجُلاً لَا يُجْنِب، أَي لم يَنجُسَ بمُماسة الجُنب إِيَّاه، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ إِذا لَبِسَه الْجُنب لم يَنجس، وَالْأَرْض إِذا أَفضى إِلَيْهَا الجُنُب لم تَنجس، وَالْمَاء إِذا غَمَس الجُنُب فِيهِ يَده لم يَنجس.
وَقيل للجُنُب: جُنُب، لِأَنَّهُ نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصَّلَاة مَا لم يتطَهَّر فتجنَّبها وَأَجنب عَنْهَا، أَي بَعُدَ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا جَنَبَ، وَلَا جلب) .
وَهَذَا فِي سِباق الْخَيل والجَنبُ: أَن يَجْنبُ فَرساً عُرْياً إِلَى فَرسه الَّذِي يُسابق عَلَيْهِ؛ فَإِذا فَتَرَ المركوبُ تَحوَّل على المجْنوبُ.
وَقد مرَّ تَفْسِير قَوْله: (لَا جَلَب) فِي الْبَاب قبله.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الشّيخيّ عَن الرياشيّ فِي تَفْسِير قَوْله (لَا جَنب) . قَالَ: الجَنبُ أَن يكون الفرسُ قد أعْيا فَيُؤتى

(11/81)


بفرسٍ مُرَيَّح فَيجْرِي إِلَى جنبه ليجري الآخر بجريه كَأَنَّهُ يُنشِّطه.
وَيُقَال: جَنَبتُ الْفَرس أَجْنُبُه جَنباً إِذا قُدْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث خالدَ بن الْوَلِيد يَوْم الفَتح على المُجنِّبة الْيُمْنَى؛ والزُّبير على المُجَنِّبة الْيُسْرَى، وجعَلَ أَبَا عُبيدة الحُسَّر وهم البياذقة.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ الأعرابيّ، يُقَال: أَرْسَلوها مُجَنَّبين، أَي كتيبتين أَخذتا ناحِيَتي الطَّريق.
وَقَالَ غَيره: المُجَنِّبة الْيُمْنَى هِيَ: مَيْمَنَة العَسْكَر؛ والمُجنِّبة الْيُسْرَى. هِيَ الميْسرة، والحسَّرُ: الرَّجَّالة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: نَزَل فلانٌ جَنْبةً يَا هَذَا، أَي نَاحيَة.
وَقَالَ عمر فِي أَمْر النِّسَاء: (عَلَيْكُم بالجَنْبة، فَإِنَّهَا عفاف) .
وَقَالَ الرَّاعِي:
هَمّان باتا جَنْبةً ودَخِيلاً
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ ذُو جَنْبَة أَي ذُو عُزْلَة من النّاس.
وَقَالَ شَمِر: جَنَبَتَا الوادِي ناحِيتاه، وَكَذَلِكَ جِنَاباه وَضِيفاه. وَيُقَال: أَصابنا مَطرٌ نَبَتت عَنهُ الجَبَبَة.
قلت: والجَنْبَةُ اسمٌ وَاحِد لنُبُوتٍ كَثِيرَة، هِيَ كلُّها عُرْوَة، سُمِّيت جَنْبة لأنّها صَغُرت عَن الشّجر الْكِبَار، وَارْتَفَعت عَن الَّتِي لَا أَرومه لَهَا فِي الأَرْض، فَمن الجَنْبة: النَّصِيّ، والصِّلِّيان، والعَرْفج، والشّيح والمَكْر والجدَر وَمَا أشبههَا مِمَّا لَهُ أَرُومة تبقى فِي الْمحل، وتَعْصِمُ المَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَعْطني جَنْبة، فيعطيه جِلْداً فيتّخِذُه عُلْبَه.
والجَنْوب من الرِّياح: حارَّة، وَهِي تَهْبّ فِي كلِّ وَقت، ومَهَبُّها مَا بَين مَهَبّي الصَّبا والدَّبُّور، على صوب مَطْلعَ سُهَيل، وَجمع الجَنُوب: أَجْنُب، وَقد جَنَبَت الريحُ تَجْنُبُ جُنُوباً.
قَالَ ابْن بُزرْج: وَيُقَال: أَجْنبْت أَيْضا.
وَقَالَ الأصمعيّ: سَحابةٌ مَجْنوبَةُ: هبتَّ بهَا الجَنوب؛ وأَجْنَبْنَا منذُ أَيام، أَي دَخَلنا فِي الْجنُوب، وجُنِبْنا، أَي أَصابَتنا الجَنوب.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: قَالَ الأصمعيّ مَجيءُ الجَنوبُ مَا بَين مَطلَعَ سُهَيلٍ إِلَى مطلع الشَّمْس فِي الشّتاء.
قَالَ وَقَالَ عُمارة: مَهَبّ الْجنُوب مَا بَين مَطْلَع سُهَيل إِلَى مَغْرِبِه.
وَيُقَال: جُنِبَ فلَان؛ وَذَلِكَ إِذا مَا جُنبَ إِلَى دَابَّة والجَنببةُ: الدَّابةُ تُقاد، وَقد جَنِبَت الدابةُ جَنَباً، وفَرَسٌ طَوْعُ الجَنب والجِناب، وَهُوَ الَّذِي إِذا جُنب كَانَ سَهْلاً مُنقاداً وجَنب فلَان فِي بني فلَان، إِذا نَزل

(11/82)


فيهم غَرِيباً يَجنِب ويَجنُب.
وَمن ثَمَّ قيل: رجل جانِبٌ؛ أَي غَرِيب، والجميع جُنّابٌ، وَرجل جُنُب غَرِيب، والجميع أَجْناب.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْمُ هُمْ لِجارِ الجنَابَة، أَي لجارِ الغُرْبة.
وجَنِب البعيرُ جَنَباً إِذا طَلَعَ من جنْبه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الجَنب أَن يَعطَشَ البعيرُ عَطَشاً شَدِيدا حَتَّى تلتصق رِئته بجَنبه؛ وَقد جَنَب جنبا.
قَالَ ذُو الرمة:
كأَنهُ مُسْتَبان الشَّكِّ أَو جَنب
وجَنَّب بَنو فلَان؛ فهم مُجَنِّبون، إِذا لم يكن فِي إِبلهم لَبن.
وَقَالَ الْجُمَيح:
لما رَأَتْ إِبِلى قَلّتْ حَلوبتُها
وكلُّ عامٍ عَلَيْهَا عامُ تجَنيب
يَقُول: كلُّ عَام يمرُّ بهَا، فَهُوَ عَام قِلّةٍ من اللَّبن.
سَلمة؛ عَن الفرَّاء؛ قَالَ: الجَنابُ الجانِب، وَجمعه أجْنبه.
ابْن السِّكّيت: الجَنيبة صُوف الثَّنِيِّ والعقِيقةُ: صُوفُ الجذَع.
قَالَ: والجنيبة من الصُّوف أفضلُ من العَقيقة وَأكْثر.
قَالَ: والجَبَنية النَّاقَةُ يُعطيها الرَّجلُ القومَ يمتارون عَلَيْهَا لَهُ، وَهِي العَلِيقَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَجنَبُ الخيْرُ الْكثير.
يُقَال: خَيْرٌ مَجْنَبٌ.
وَقَالَ كثَيِّر:
وإذْ لَا ترى فِي النَّاس شَيْئاً يَفُوقُها
وفيهنّ حُسْنٌ لَو تَأَمَّلتَ مَجْنَبُ
قَالَ شمر: والمَجْنَبُ، يُقَال فِي الشَّر إِذا كَثُر، وَأنْشد:
وكُفْراً مَا يُقوَّجُ مَجْنَبَا
والمِجْنَبُ: التُّرْس، قَالَ سَاعِدَة:
صَب اللَّهِيفُ السُّبُوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبِي العُقاب كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهيف الْمُشْتار، وسُبُوبُه: حِبالُه الَّتِي يُدَلَّى بهَا إِلَى العَسَل، والطَّغْيَةُ: والصَّفَاةُ الْمَلْساء.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: المُجَنَّبُ من الْخَيل: الْبعيد مَا بَين الرجلَيْن من غير فَجج، وَهُوَ مَدْح.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: التّحْنِيبُ: أَن يُنَحِّي يَدَيْهِ فِي الرّفع والوَضْع. وَقَالَ الأصمعيّ: التَّجْنِيب بِالْجِيم فِي الرِّجْلين، والتَّحْنِيب بِالْحَاء فِي الصُّلْتِ وَالْيَدَيْنِ.
والجِنابُ: أَرْض معروفَةٌ بنَجْد.
وَيُقَال: لَجَّ فلَان فِي جِنابٍ قَبيح، أَي فِي مُجانَبَةِ أَهْلِه، وضَرَبه فَجَنَبَه، إِذا أَصابَ جَنْبَه.

(11/83)


وأخْصَبَ جَنابُ الْقَوْم بِفَتْح الْجِيم، وَهُوَ مَا حَوْلهم.
وَيُقَال: مَرُّوا يَسِيرُونَ جِنابَيْه، وجِنَابَتيْه، وَجَنَبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْه، وقَعَدَ فلَان إِلَى جَنْبِ فلَان؛ وَإِلَى جَانب فلَان.
ابْن الْأَعرَابِي: جَنِبْتُ إِلَى لقائك، وغَرِضْتُ إِلَى لِقائك جَنَباً، وغَرَضاً، أَي قَلِقْتُ من شدَّة الشَّوْق إلَيْك.
وذَاتُ الْجَنب: عِلَّةٌ صَعْبَةٌ، تأخُذُ فِي الجَنب.
وَقَالَ ابْن شُميل: ذاتُ الجَنْب هِيَ الدُّبَيْلة، وَهِي قَرْحَةٌ قبيحة تثقبُ الْبَطن، وَرُبمَا كَنَوْا عَنْهَا فَقَالُوا: ذاتُ الجَنْب، قَالَ: وجَنِبَت الدَّلْوُ تَجْنِبُ جَنَباً، إِذا انْقَطَعت مِنْهَا وَذَمَةٌ، أَوْ وَذَمتان فمالَت.
سَلمَة، عَن الْفراء: الجَناب الْجَانِب، وَجمعه أَجْنِبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل ليّن الْجَانِب والجَنْب، أَي سهل القُرْب، وَأنْشد:
الناسُ جَنْبٌ والأمير جَنب
كَأَنَّهُ عدلَه بِجَمِيعِ النَّاس. وَقَوله عزْ وجَلَّ مُخْبِراً عَن دُعَاء إِبْرَاهِيم إِيَّاه: {وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاَْصْنَامَ} (إِبْرَاهِيم: 35) أَي نَجِّني.
يُقَال: جَنَبتُه الشَّرَّ وأجْنَبتُه، وجَنَّبتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَه الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَأْنب بالْهمز، الرَّجل الْقَصِيرُ الجافي الخِلقة، وَرجل جأنب إِذا كَانَ كزّاً قَبيحاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلَا ذاتُ خَلْقٍ إنْ تأَمَّلتَ جَأَنب
قَالَ: والجُنابيَ، لُعْبةٌ لَهُم، يتَجانَب الغُلامان فَيعتَصِمُ كل وَاحِد من الآخر.
ورَجلٌ أَجْنب: وَهُوَ الْبَعيد مِنْك فِي القَرابة، وأَجْنبيُّ مثله، والجارُ الجُنب، هُوَ الَّذِي جاوَرَك ونَسَبُه فِي قومٍ آخَرين.
وَقَالَ عَلْقَمَة:
فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عَن جَنَابَةٍ
فَإِنِّي امرؤٌ وَسْط القِبابِ غَريبُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: (عَن جَنَابَةٍ) أَي بعد غُرْبَةٍ.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْم هم لِجَارِ الجَنَابَة، أَي لِجار الغُرْبَة، والجنَابة: ضِدُّ القَرابة.
وَفِي الحَدِيث: (المَجْنُوبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهيد) .
قيل: المجنُوبُ، الَّذِي بِهِ ذَات الجَنْب، يُقَال: جُنِبَ فَهُوَ مَجْنُوب، وصُدِرَ فَهُوَ مَصْدُور، وَيُقَال: جَنِبَ جَنَباً، إِذا اشْتَكَى جَنْبَه، فَهُوَ جَنِب.
كَمَا يُقَال: رجل فَقِرٌ وظَهِرٌ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره وفَقارَه.
جبن: فِي الحَدِيث: أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتضَنَ أَحَدَ ابْنَيْ بِنْتَه، وَهُوَ يَقُول: (إِنَّكُم

(11/84)


لَتُجِّبنُون، وتُبَخِّلون، وتُجَهِّلُون، وَإِنَّكُمْ لمن رَيْحان الله) .
يُقَال: جَبَّبْتُ الرّجل، وبَخَّلْتُه، وجَهَّلْتُه، إِذا نَسَبْته إِلَى الجُبن، والبُخل، وَالْجهل.
وأَجْبَنْتُه، وأَبُخَلْتُه، وأَجْهَلْتُه، إِذا وَجدْتَه جَباناً بَخيلاً جَاهِلا، يُرِيد: أَن الْوَلَد لما صَار سَببا لجُبن الْأَب عَن الْجِهَاد، وإنْفاق المَال، والافْتِتان بِهِ، كَانَ كأَنَّه نَسَبَه إِلَى هَذِه الْخلال، ورماه بهَا، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: (الْوَلَد مجْنَبَةٌ مَبْخَلَة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، عَن المُفَضَّل: الْعَرَب تَقول: فلانٌ جَبَان الْكَلْب، إِذا كَانَ نِهَايَة فِي السَّخاء، وَأنْشد:
وأَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ كَلْبُهُمْ
وإنْ قَذَفَتْهُ حَصَاةٌ أَضافا
قَذَفته: أَصَابَته. أضَاف: أَي فرّ وأَشْفَق.
أَبُو زيد: امرأةٌ جَبان وجَبانَة.
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ جَبان، وامرأَة جَبانة، وَرِجَال جُبناء، وَنسَاء جَبانات.
قَالَ: وأَجْبَنْتُه، حَسِبْتُه جَباناً.
والجبين: حرف الجَبْهة مَا بَين الصُّدْغَيْن، عِدَاءَ النّاصية، كل ذَلِك جبين وَاحِد.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول هما جَبينان.
قلت: وعَلى هَذَا كَلَام الْعَرَب، والجبهة بَين الجبينين.
وَقَالَ اللَّيْث: جَبّانَةٌ واحدةٌ، وجَبَابِينُ كَثِيرة.
وَقَالَ شِمر: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الجَبَّان مَا اسْتَوى من الأَرْض فِي ارْتِفَاع، ويكونُ كريمَ المَنْبِت.
وَقَالَ ابنُ شُميل: الجَبَّانَة مَا اسْتَوَى من الأَرْض ومَلُسَ وَلَا شَجَر فِيهِ، وَفِيه آكامٌ وجِلاهٌ، وَقد تكون مستويةٌ لَا آكامَ فِيهَا وَلَا جِلاه، وَلَا تكونُ الجَبَّانَةُ فِي الرَّمْل وَلَا فِي الْجَبَل، وَقد تكون فِي القِفاف والشَّقائق، وكل صحراءَ جَبَّانة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبُنُّ مُثَقَّل الَّذِي يُؤْكَل، الْوَاحِدَة جُبُنَّة، وَقد تَجَبَّنَ اللّبن، إِذا صارَ كالجُبُنِّ.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، أَنه قَالَ: كُلِ الْجُبُنَّ عُرْضاً، رَوَاهُ أَبُو عُبيد بتَشْديد النُّون، وَيُقَال: اجْتَبَنَ فلانٌ اللّبَن، إِذا اتَّخذهُ جُبُنّاً.
نجب: قَالَ اللَّيْث: النَّجَبُ قُشُورُ الشَّجر، وَلَا يُقال لما لاَنَ من قِشْرِ الأغْصَان نَجَب، وَلَا يُقال قِشْرُ العُروق، وَلَكِن يُقَال: نَجَبُ العُروق، والقِطعة مِنْهُ نَجَبَةٌ، وَقد نَجَّبْتُه تَنجيباً، وَذهب فلانٌ يَنْتَجِبُ أَي يَجْمَعُ النَّجَب.
قلت: النَّجب قشورُ السِّدْرِ يُصْبَغُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سِقَاءُ مَنْجُوب، أَي دُبِغَ بالنَّجَب، وَهُوَ قُشورُ، سُوقِ الطَّلْح، وسِقاء نجَبِيّ.

(11/85)


أَو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: المَنْجُوبُ الْجِلْدُ المدبوغُ بالنَّجَب وَهُوَ لحاءُ الشَّجر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْجَب الرجلُ جَاءَ بِولد نجيب، وأَنجب، إِذا جَاءَ بِولد نجيب، قَالَ: وَمن جَعَله ذَمّاً أخذَه من النَّجب، وَهُوَ قِشْرُ الشَّجر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: المِنْجابُ الرَّجل الضَّعيف وَجمعه مَناجِيب، وَأنْشد لعُرْوَة:
بَعَثْتُهُ فِي سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُنِي
إِذْ آثَرَ النَّومَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
وَقَالَ الأصمعيّ: المِنْجابُ من السِّهام مَا بُرِيَ وأُصْلِح، وَلم يُرَشْ وَلم يُنَصَّل.
وأَنجَبَت الْمَرْأَة، إِذا وَلَدتْ ولدا نجيباً، وامرأَةٌ مِنْجاب: ذَات أَوْلَاد نُجَباء، ونساءٌ مَناجِيب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجابَةُ مَصْدرِ النَّجِيب من الرِّجَال، وَهُوَ الكريمُ ذُو الحسَب إِذا خَرج خُروج أَبِيه فِي الْكَرم، وَالْفِعْل نَجُب يَنْجُب نجابَةً، وَكَذَلِكَ النَّجابَة فِي نَجَائِب الْإِبِل، وَهِي عِتاقها الَّتِي يُسابَقُ عَلَيْهَا، وَقد انْتَجب فلانٌ فلَانا، إِذا استخلَصَه واصطفاه على غَيره.
نبج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: رَجُلٌ نَبَّاجُ، ونَبَّاحُ: شَدِيد الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: هُوَ نَبيجُ الْكَلْب، ونَبُجُه، ونَبيحُه، ونَبْحُه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبْجُ ضَرب من الضُّرَاط قَالَ: وَنَبَجَتِ القَبَجةُ، إِذا خَرجت من جُحْرِها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَنْبجَ الرَّجُل، إِذا خَلَّطَ فِي كَلَامه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْبجُ حَمْلُ شَجَرَةٍ هِنْدِية، تُرَبَّب بالعَسَل على خِلْقة الخَوْخ، مُجَرَّفُ الرَّأْس، يُجْلب إِلَى العِراق وَفِي جَوْفِه نَواةٌ كنواة الخَوْخ، وَمِنْه اشتُقَّتْ الأَنْبجات الَّتِي تُرَبَّب بالعسل من الأَتْرُجِّ، والأَهْلِيلَجة وَنَحْوهَا.
اللّحيانيّ: يُقال للضَّخْم الصَّوْتِ من الْكلاب: إِنَّه لَنَبّاجٌ، ونُبَاجِيّ، وَإنَّهُ لَشَدِيدُ النُّباج والنِّباج.
وَقَالَ ابْن الْفرج: وَسَأَلت مُبْتكراً عَن النُّباج فَقَالَ: لَا أَعْرفُ النُّباجَ إِلَّا الضُّراط.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّابِجَةُ والنَّبيجُ كَانَ من أَطعمة العَرب فِي المجاعة، يُخاضُ اللَّبن فِي الْوَبرَ ويُجْدَح.
وَقَالَ الجعديّ يذكر نسَاء:
تَركْنَ بَطالَةً وأَخَذن جِذّاً
وأَلْقَيْنَ المكاحِلَ للنَّبِيج
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الجِذُّ والمِجَذُّ: طَرَفُ المِرْوَد.
وَمِنْه قَول الراجز:

(11/86)


قالَتْ وَقد سَافَ فَجَذُّ المِرْوَدِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْبَجَ الرَّجُلُ: جَلَس على النِّباج، وَهِي الآكام الْعَالِيَة.
قَالَ، وَقَالَ المفَضّل: الْعَرَب تَقول للمِخْوَض: المِجْدَحَ، والمِزْهَف، والنَّبَّاج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَبَجَ، إِذا قَعَدَ على النَّبَجة، وَهِي الأكمة. ونَبَجَ إِذا خَاضَ سَويقاً أَو غَيره. والنُّبُجُ: الغرائر السُّود، وَفِي بلادِ الْعَرَب نِباجان، أَحدهمَا على طَرِيق الْبَصْرَة، يُقَال لَهُ: نِبَاجُ بني عَامر، وَهُوَ بحذاء فَيْد، والنِّباج الآخر نِباجُ بني سَعْد بالقَرْيتين.
بنج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أَبنَجَ الرجل إِذا ادَّعى إِلَى أصل كريم، قَالَ: والبُنْجُ الأُصول.
وَقَالَ ابْن السِّكيت عَن الأصمعيّ: رَجَع فلَان إِلَى جِنْجِه، وبِنْجِه، أَي إِلَى أَصْلِه وعِرْقِه.
ج ن م
جنم، جمن، نجم، مجن، منج: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: جنم.
جنم: روى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْجَنْمَةُ جماعَةُ الشَّيْء.
قلت: أَصْلُه الجَلْمَه، فَصُيِّرت اللَّام نوناً، وَقد أَخَذ الشَّيْء بجَلْمَته وجَنْمته، إِذا أَخَذَه كلَّه.
جمن: قَالَ اللَّيْث: الجُمانُ من الفِضّة، يُتَّخَذُ أَمْثال اللُّؤْلُؤ.
وَقَالَ غَيره: توهَّمه لبيدُ لُؤْلُؤَ الصَّدف البَحريَّ فَقَالَ فِيهِ:
كَجُمانَةِ البَحْرِيّ سُلَّ نِظامُها
نجم: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {} (النَّجْم: 1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَقسم الله جلَّ وعزَّ بالنَّجم، وَجَاء فِي التَّفْسِير، أَنه الثريا، وَكَذَلِكَ سَمَّتها الْعَرَب.
وَمِنْه قَول ساجعهم: طَلَعَ النجْمُ غُدَيَّهْ، ابتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فباتَتْ تَعُدُّ النجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ
سَريعٍ بأَيدي الآكلين جُمودُها
أَرَادَ الثُّريا.
قَالَ: وَجَاء فِي التَّفْسِير أَيْضا، أَن النَّجم نزولُ القرآنِ نَجْماً بعد نجْم، وَكَانَ ينزل مِنْهُ الْآيَة والآيتان، وَكَانَ بَين أوَّل مَا نَزل مِنْهُ وَآخره عِشرون سنة.
قَالَ، وَقَالَ أهل اللُّغَة: النَّجْم بِمَعْنى النُّجُوم، وَأما قَوْله جلّ وَعز: {بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (الرحمان: 6) . فَإِن

(11/87)


أهل اللُّغَة وَأكْثر أهل التَّفْسِير قَالُوا: النَّجم: كل مَا نَبَتَ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ لَهُ سَاق، وَمعنى سجودهما: دَوَران الظِّلِّ مَعَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قد قيل إِن النَّجم يُرَاد بِهِ النُّجُوم، وَجَائِز أَن يكونَ النَّجْم هَا هُنَا، مَا نَبت على وَجه الأَرْض، وَمَا طلع من نُجُوم السَّمَاء، وَيُقَال لكلِّ مَا طلع: قد نجمَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} (الصافات: 88، 89) .
وأُثْبِتَ لنا عَن أَحْمد بن يحيى، أَنه قَالَ فِي قَوْله: (فَنظر نظرةً فِي النُّجوم) ، قَالَ: جمْعُ نجم، وَهُوَ مَا نَجم من كَلَامهم لمّا سأَلوه أَن يخرج مَعَهم إِلَى عِيدهم، قَالَ: ونَظَرَ هُنَا، تَفَكَّرَ لِيُدَبِّر حُجَّة، فَقَالَ: {النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} أَي سقيم من كفْرِكُم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (فَنظر نظرةً فِي النجومِ فَقَالَ إنِّي سقيم) . قَالَ لِقَوْمِهِ وَقد رأى نَجْماً: (إِنِّي سقيمُ) أَوْهمَهم أنَّ بِهِ طاعوناً {للهإِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ} (الصافات: 90) فِرَارًا من عَدْوى الطَّاعُون.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْإنْسَان إِذا تَفَكَّرَ فِي أَمر لينْظر كَيفَ يُدَبِّرُه: نظر فِي النُّجُوم.
وَقَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ عَن الْحسن فِي تَفْسِير قَوْله: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى} أَي تفكر مَا الَّذِي يصرفُهم عَنهُ إِذا كلَّفُوه الْخُرُوج مَعَهم.
قَالَ: والنجومُ تجمعُ الْكَوَاكِب كلَّها، قَالَ: والنجوم وظائف الْأَشْيَاء وكلُّ وظيفَة نجْم.
قَالَ: والنجوم مَا نجم من الْعُرُوق أَيَّام الرّبيع، ترى رؤوسَها أَمْثَال المسالِّ تَشُقُّ الأَرْض شَقّا.
ونجَم النَّبَات، إِذا طلع.
وَقَالَ غَيره: يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها.
قَالَ زهيرٌ يذكر دِياتٍ جُعلت نجوماً على الْعَاقِلَة:
يُنَجّمها قومٌ لقومِ غَرَامَة
وَلم يُهَرِيقُوا بَينهم ملْءُ مِحْجم
فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه، وكَتبوا فِي ذكر حُقُوقهم المؤجَّلة نجوماً،

(11/88)


وَقد جعل فلانٌ مَاله على فلَان نجوماً يُؤدِّي عِنْد انْقِضَاء كلِّ شهر مِنْهَا نجماً، فَهِيَ مُنَجَّمةٌ عَلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّجْمَةُ شَجَرَة، والنجمة الْكَلِمَة، والنجمةَ نَبْتَةٌ صَغِيرَة، وَجَمعهَا نَجْم.
قَالَ: فَمَا كَانَ لَهُ سَاق فَهُوَ شَجر، وَمَا لم يكن لَهُ سَاق فَهُوَ نَجْم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّرَاديخُ أَمَاكِن تنْبت النجمَةَ والنَّصِيّ.
قَالَ: والنجمَة تَنْبُتُ مُمْتَدَّة على وَجه الأَرْض.
وَقَالَ شمِر: النَّجَمَةُ هَا هُنَا بِالْفَتْح، وَقد رَأَيْتهَا بالبادية، وفَسَّرَها غيرُ واحدٍ مِنْهُم، وَهِي الثَّيِّلَةُ، وَهِي شُجَيُرَةٌ خضراء، كَأَنَّهَا أوّل بَذْر الحَبِّ حِين يخرج صِغاراً، قَالَ: وَأما النجمة، فَهُوَ شَيْء ينْبت فِي أصُول النّخْلة وَأنْشد:
أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظلَّ يَكْدِمُ نَجْمةً
أَتُؤْكَلُ جاراتي وجارك سالِمُ
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك، لِأَن الْحمار إِذا أرادَ أَن يَقْلَع النجمة، وكَدَمها ارْتَدّتْ خُصْياه إِلَى مُؤَخَّره.
قلت: النجمة لَهَا قَضْبَة تفترش الأَرْض افتراشاً.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَمَ المطرُ، إِذا أَقْلع، وَكَذَلِكَ أَقْصَم وأَقصى.
وَيُقَال: مَا نَجَم لَهُم مَنْجَمٌ مِمَّا يطْلبُونَ، أَي مَخرَج، لَيْسَ لهَذَا الأَمر نَجْمٌ، أَي أصل.
والمنجَم: الطَّريق الواضِح.
وَقَالَ البَعيثُ:
لَها فِي أَقَاصِي الأَرْض شَأْوٌ ومَنْجم
ومِنْجَما الرِّجل: كَعْباها.
وَقَالَ شمر فِي قَول ابْن لَجأ، قَالَ: وأنشده أَبُو حبيب الأعرابيّ:
فَصَجَّتْ وَالشَّمْس لم تُنعم
أَن تَبلُغَ الجُدَّةَ فَوق المَنْجَمِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لم تُردْ أَن تبلغ الجُدَّة، وَهِي جُدَّة الصُّبح؛ طَرِيقَته الْحَمْرَاء، والمَنْجَمُ: مَنْجَمُ النَّهَار حِين يَنْجُم.
منج: قَالَ اللَّيْث: المَنْجُ إِعراب المَنْك، دَخيل فِي الْعَرَبيَّة.
قَالَ: وَهُوَ حَبٌّ إِذَا أُكِل أَسْكَر آكِلَه، وغَيَّر عَقْلَه.
مجن: قَالَ اللَّيْث: الماجِنُ والماجِنَةُ معروفان، والمجَانة أَلا يُبالي مَا صَنَع وَمَا قِيل لَهُ، والفِعْل: مَجَن مُجُوناً.
قلت: وَسمعت أَعرابياً يَقُول لخادم لَهُ كَانَ يَعْذِلُه وَهُوَ لَا يَريعُ إِلَى قَوْله: أَراكَ قد مَجَنتَ عليّ الْكَلَام. أَرَادَ أَنه مرَن عَلَيْهِ، لَا يَعْبأ بِهِ، وَمثله: مَرد على الْكَلَام. قَالَ

(11/89)


الله تَعَالَى: {مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
والماجِنُ عِنْد الْعَرَب: الَّذِي يرْتكب المقابِحَ المُرْدِية، والفضائحَ المُخزية، وَلَا يمضُّه عَذْلُ العاذل، وتأنيبُ المُوبِّخ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المجْنُ خَلْطُ الجِدِّ بِالْهَزْلِ، يُقَال: قد مَجَنْتَ فاسْكُتْ، وَكَذَلِكَ المسْنُ، وَقد مسَنَ ومجَن بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: المَجَّانُ عطيةُ الشَّيْء بِلَا مِنَّةٍ وَلَا تَمَنّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: سَمِعت ابنَ الأعرابيّ يَقُول: المَجَّانُ عِنْد الْعَرَب الْبَاطِل، وَقَالُوا: ماءٌ مَجَّان.
قلت: وَالْعرب تضع المجّان مَوضِع الشَّيْء الْكَبِير الْكَافِي، يُقَال تمْرٌ مجان وماءٌ مجان، أَي كثير وَاسع، واستَطعَمني أعرابيٌّ تَمرا فأطعمته كُتْلة، واعتذرتُ إِلَيْهِ من قلَّته، فَقَالَ: هَذَا وَالله مَجّان، أَي كثيرٌ كافٍ.

(أَبْوَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف ب: مهمل)
ج ف م
مفج: سَلمَة عَن الْفراء: رجل نَفَّاجَةَ مَفَّاجة، إِذا كَانَ أَحمَق مائقاً، وَقد نَفَجَ ومَفَجَ.

(بَاب الْجِيم وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ج ب م
(بجم) : عَمْرو عَن أَبِيه: رَأَيْت نَجْماً من النَّاس، وَبَجْذاً، أَي جمَاعَة، قَالَ: والنَجْمُ الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة. وَقد بَجَّمَ الرّجل، إِذا سكت.

(11/90)


كتاب الثلاثي المعتل من حرف الْجِيم

(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش و (وَا يء)
جشو، جشأ، جاش، شجا، وشج، أشج.
شجا: أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: شجاني الحبُّ يشجوني شَجْواً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السكِّيت، أَنه قَالَ الشجْوُ الحزْن، يُقَال: شجاه شَجْواً، قَالَ: وأَشْجاه يُشجيه، إِذا أَغَصَّهُ، وَقد شَجِيَ يَشْجَى شَجًى.
ابْن شُميل: شَجَاه يَشْجُوه حَزَنَه، قَالَ: وأَشْجَيْتُ فُلاناً عَنِّي، إِمَّا غَرِيمٌ. وإمَّا رَجُلٌ سَأَلَكَ فأعْطَيتَه شَيْئاً أَرْضَيْتَه بِهِ، فَذهب، فقد أَشْجَيْتَه.
وَيُقَال للْغَرِيم: شَجًى عَنِّي يَشْجَى شَجًى، أَي ذهبَ.
أَبُو زيد: أَشْجَاني قِرْنِي إِشْجاءً، إِذا قهَرَك وغَلَبَكَ حَتَّى شَجِيتَ بِهِ شَجَّى، وَمثله: أَشجاني العُودُ فِي الحَلْق حَتَّى شَجِيتُ بِهِ شَجًى.
وَقَالَ أَبُو عبد الرحمان: أَشجاه العَظْمُ، إِذا اعترضَ فِي حَلْقه، وأَشْجَيْتُ الرَّجل إِذا أَوْقَعْتَه فِي حُزْن.
وَقَالَ غيرُه: شجَانِي تَذَكُّرُ إِلْفِي، أَي طَرَّبَنِي وهَيَّجَنِي، وأَشْجَانِي: حَزَنَنِي وأَغْضَبَنِي.
الحرانيّ، عَن ابْن السكّيت: الْعَرَب تَقول: وَيْلٌ للشَّجِي من الخَلِيّ، فالشّجي مَقْصور والخَلِيّ مَمْدُود.
وَقَالَ غَيره: الشَّجي الَّذِي شَجِيَ بعظمٍ فغَصَّ بِهِ حَلْقُه، يُقَال: شَجِيَ يَشْجَى شَجًى، فَهُوَ شَجٍ كَمَا ترى، وَكَذَلِكَ الَّذِي شَجِيَ بالهمِّ فَلم يجد مَخْرجاً مِنْهُ، وَالَّذِي شَجِيَ بِقِرْنِهِ فَلم يُقاوِمْه، وكلُّ ذَلِك مَقْصور.
قلت: وَهَذَا هُوَ الكلامُ الفصيح، فَإِن تجامَلَ إِنْسَان ومَدَّ الشَّجِيّ فَلهُ مَخَارِجُ فِي

(11/91)


الْعَرَبيَّة، تُسَوِّغُ لَهُ مذهَبه، وَهُوَ أَن تجعلَ الشَّجِيَّ بِمَعْنى المَشْجُوّ. (فعيلاً) من شَجَاه يَشْجُوه، فَهُوَ مَشْجُوٌ وشَجِيّ.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أنَّ الْعَرَب تَمُدُّ (فَعِلاً) بياء، فَتَقول: فلَان قَمِنٌ لذَلِك، وقمين، وسَمِج وسمِيج: وَفُلَان كَرَ وكَرِيّ للنائم، وَأنْشد ابنُ الأعرابيّ:
مَتَى تَبِتْ بِبَطْنِ وادٍ أَو تَقِل
تَتْرُكْ بهِ مِثْلَ الكَرِيِّ المُنْجَدِلْ
أَرَادَ بالكَرِيّ الناعس الَّذِي قد كَرِيَ. وَقَالَ المتنخل الهذليّ:
وَمَا إنْ صَوْتُ نَائِحَةٍ شَجِيُّ
فشدَّد الْيَاء، وَالْكَلَام صوتٌ شَجٍ.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن الْعَرَب تُوازي اللَّفظ بِاللَّفْظِ إِذا ازْدَوَجَا؛ كَقَوْلِهِم: إنِّي لآتية بالغَدايا والعَشايا، وَإِنَّمَا تُجْمَعُ الغدة غَدَوات، فَقَالُوا: غَدايا لازدواجه بالعشايا.
وَيُقَال: مَا ساءَه وناءَه، وَالْأَصْل: أَنَاءه وَكَذَلِكَ وازنوا الشَّجِيَّ بالخَلِيّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّجْوُ الْحَاجة، والشَّجْوُ الحُزْن، قَالَ: وشَجاه الغِنَاءُ، إِذا هَيَّجَ أَحْزَانَه وشَوَّقَه.
وَقَالَ اللَّيْث: شَجَاهُ الهَمُّ. وَفِي لغةٍ: أَشْجَاه، وَأنْشد:
إنِّي أَتَانِي خَبَرٌ فأَشجانْ
إنَّ الْغُواةَ قَتلُوا ابنَ عَفانْ
قَالَ: والشَّجا مَقْصُورٌ، مَا نَشَبَ فِي الحَلْق من غُصَّةِ هَمَ أَوْ عُودٍ، والفِعْلُ: شَجِيَ يَشْجَى، والشَّجَى: اسْم ذَلِك الشَّيء وَأنْشد:
ويَرانِي كالشَّجَا فِي حَلْقِهِ
عَسِراً مَخْرَجُه مَا يُنْتَزَعْ
قَالَ: مَفَازَةٌ شَجْوَاء: صَعْبَةُ المَسْلَك مُهِمَّةٌ.
وَيُقَال: بَكَى فلانٌ شَجَوَه، ودَعَتِ الحمامةُ شَجوها.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّجَوْجَى الطَّويل، وَقيل هُوَ الطَّوِيل الرِّجْلَين الْقَصيرُ الظَّهْر. وَيُقَال للعَقْعَق شَجَوْجَى، وَالْأُنْثَى شَجَوْجَاةٌ، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَمَّشَ فَتًى مِنَ الْعَرَب حَضَرِيَّةً، فتشاجَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: وَالله مالكِ مُلَاءَةُ الحُسنِ، وَلَا عَمُودُه وَلَا بُرْنُسُه، فَمَا هَذَا الِامْتِنَاع؟
قَالَ الأصمعيّ: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: مُلاءتُه بَياضه، وعَمُودُه طُولُه؛ وبُرْنُسه شَعْرُه، وَمعنى قَوْله: (فتشاجَتْ عَلَيْهِ) أَي تَمَنَّعَتْ وتحازَنَتْ، وَقَالَت: وَاحَزَناً حِين يَتَعرض جِلْفٌ لمثلي.
وشج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَشَجَتْ العُرُوقُ والأَغْصَانُ وكلُّ شيءٍ يَشْتَبِك؛ فَهُوَ واشِجٌ، وَقد وَشَجَ يَشِجُ وَشِيجاً، والوَشيج من القَنَا والقَصَبِ، مَا ثَبَتَ مِنْهُ مُعْتَرِضاً

(11/92)


مُلْتفّاً، دخل بعضُه فِي بعض؛ وَهُوَ من القَنا أَصْلَبُه.
وأنشَدَ اللّيث:
والقراباتُ بَيْنَنا واشِجاتٌ
مُحْكَمَاتُ القُوى بِعَقْدٍ شَدِيدِ
قَالَ: والوشِيجَةُ لِيفٌ يُفْتَل، ثمَّ يُشَدُّ بَين خَشَبَتَيْن يُنْقَلُ بِهِ البُرُّ المحصودُ وَمَا أشبهه من شُبَيْكةٍ بَين خَشبتيْن، فَهِيَ وَشِيجةٌ، مثل: الكَسِيح وَنَحْوه.
والمُوَشَّجُ: الأمْرُ الْمُداخَلُ بعضه فِي بعْض وأنشدَ:
حَالا بحالٍ يَصْرِفُ الْمُوَشَّجا
وَلَقَد وَشَجَتْ فِي قلبه أمورٌ وَهُموم.
أَبُو عُبيد: الواشِجَة الرَّحِمُ الْمُشْتَبِكةُ الْمُتَّصِلة.
وَقَالَ الكسائيّ: هُم وَشِيجةٌ فِي قَولهم وَوَلِيجَة، أَي حَشْوٌ.
وَقَالَ النَّضر: وَشَجَ فلانٌ مَحْمِلَهُ وَشْجا إِذا شَبَّكَه بِقِدَ أَو شَرِيطٍ لِئَلَّا يسقُط مِنْهُ شَيْء.
أشج: قَالَ اللَّيْث: الأَشَجُّ أكبر من الأَشقّ وهما مَعًا هَذَا الدَّوَاء.
جوش جَيش: قَالَ اللَّيث: الجَيْشُ، جُنْدٌ يَسِيرُونَ لحرْب أَو غَيرهَا، قَالَ: والجَيْش جَيَشانُ القِدْر، وكلُّ شَيء يَغْلِي، فَهُوَ يَجِيش، حَتَّى الهَمّ والغُصَّة فِي الصَّدر، والبَحرُ يَجيشُ، إِذَا هَاج.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: جاشَتْ نفسُه جَيْشاً، إِذا دَارَت للغَثَيان، وجَشَأَت، إِذا ارْتَفَعَتْ من حُزْنٍ أَو فَزع.
وَقَالَ اللَّيْث: جَأْشُ النَّفْس، رُوَاعُ القَلْبِ، إِذا اضطربَ عِنْد الفَزَع، يُقَال: إنَّه لَوَاهِي الجأْشِ، وإِذا ثَبَت قيل: إنَّه لَرابِطُ الجأْش.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الرابِطُ الجَأْشِ الَّذِي يَرْبِطُ نفسَه عَن الفِرار، يَكُفُّها لجُرْأَتِه وشَجاعَته.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {أَحَدٌ ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} {الْمُطْمَئِنَّةُ} (الْفجْر: 27، 28) ، هِيَ الَّتِي أَيْقَنَتْ أَنَّ اللَّهَ ربِّها، وَضربت لذَلِك جَأْشاً، أَي قَرَّتْ يَقيناً واطمَأنَّت، كَمَا يضربُ البعيرُ بصدرهِ الأرضَ إِذا بَرَكَ وسَكَن.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال رَبَطْتُ لذَلِك الأَمْرِ جَأْشاً بِالْهَمْز لَا غير.
وَقَالَ الْأَحْمَر: مَضَى جَوْشٌ من اللَّيل، وجَرْشٌ وجَرْسٌ، أَي هَزِيع.
وَقَالَ اللَّحْيانيّ: مَضَى جُؤْشُوشٌ من اللَّيل.
قَالَ أَبُو زيد: الجُؤْشوش الصَّدْر.
وَقَالَ أَبُو ناظرة: مَضَى جَوْشٌ من اللَّيل، من لَدُنْ رُبْع اللَّيْل إِلَى ثُلُثه.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
من اللَّيلِ جَوْشٌ واسْبَطَرَّتْ كواكبُه
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جاشَ يجُوش

(11/93)


جَوْشاً، إِذا سارَ الليلَ كلَّه، وجاش صدرُه يَجِيش جَيْشاً، إِذا غَلَى غَيْظاً ودَرَداً، وجاشت نَفْسُ الجبانِ وجَشَأَتْ، إِذا هَمَّ بالفرار.
(قلت: وصف القَوَسِ ب الأجَشُّ وَهُوَ الأبَحُّ فِي إرْنانه إِذا أنْبض) .
جشأ (جشو) : أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: جشأت نَفْسِي إِذا ارتَفَعَتْ من حُزْنٍ أَو فَزَع.
وَقَالَ ابْن شُميل: جَشَأَتْ إليَّ نَفْسِي أَي خَبُثَتْ من الوَجَعِ مِمَّا تَكْرَه تجْشأُ، وَأنْشد:
وقَولِي كُلَّما جَشَأَتْ لنَفْسي
مكانَكِ تُحْمَدِي أَو تَسْتَرِيحي
يُرِيد تَطَلَّعت ونَهَضَتْ جَزَعاً وكَراهَة.
قَالَ العجاج:
أجْراسُ نَاسٍ جَشَئُوا ومَلَّتِ
أَرضًا وأَهْوالُ الْجنان اهْوَلَّتِ
جشئوا: نهضوا من أَرض إِلَى أَرض، يَعْنِي النَّاس، وملَّتِ أَرضًا واهوَلَّت: اشتدّ هَولُها.
شَمِر، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الجَشْءُ: الْكثير، وَقد جَشأَ اللَّيلُ، وَجَشَأَ البَحرُ، إِذا أَظْلَمَ وأَشْرف عَلَيْك، وجُشَأُ اللَّيلِ والبَحْرِ دُفْعَتُه.
وَقَالَ شمِر: جَشَأَت نَفْسِي، وخَبُثَت، ولَقِسَتْ، وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: جَشَأَتِ الغَنم، وَهُوَ صَوْتٌ يخرج من حُلُوقِها.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لَهَا ثُغاءً
كأَنَّ الحيَّ صَبَّحَهم نَعِيُّ
قَالَ: وَمِنْه اشْتُقَّ تَجَشَّأْتُ، وَالِاسْم الجُشاء، وَهُوَ، تَنَفُّسُ المَعِدَةِ عِنْد الامتلاء.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: اجْتَشَأَتْني البِلادُ واجْتَشأْتُها، لم تُوافِقْني.
وَقَالَ شَمِر: أَحْسِبُ ذَلِك من جَشَأْتْ نَفسِي.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ قَالَ: الجَشْءُ: الْقوس الْخَفِيفَة. وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ ذَات الإرْنان فِي صَوتهَا، وقِسِيٌّ أجْشاء وجَشْآت.
وَأنْشد:
ونَميمَةً من قانصٍ مُتَلَبِّبٍ
فِي كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
ابْن شُمَيل: جَشَأ فلَان عَن الطِّعام، إِذا مَا اتَّخَم فكَرِه الطَّعامَ، وَقد جَشَأَتْ نَفْسُه فَمَا تَشتهِي طَعَاما تَجْشأ، والبَشَم: التُّخَمَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَوْشُ اللَّيل، جَوْزُه وَوَسَطُه.

(11/94)


(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض (وَا يء)
جَاضَ، ضاج: (مستعملان) .
جيض: قَالَ أَبُو عُبيد فِي حَدِيث رُوِيَ: فجاض الْمُسلمُونَ جَيْضَةً. يُقَال: جَاضَ يجِيضُ جَيْضَةً وحَاصَ يَحيصُ حَيْصَة، وهما الرَّوَغانُ والعُدُول عَن القَصْد، قَالَ ذَلِك الأصمعيّ.
وَقَالَ القُطامي:
وَتَرى لِجَيْضَتِهنَّ عِنْد رَحِيلنا
وَهَلاً كَأَنَّ بِهنَّ جِنَّةَ أَوْلَقِ
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِشْيَةُ الجِيَضُّ فِيهَا اختِيال.
ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ يمشي الجِيَضَّى بِفَتْح الْيَاء، وَهِي مِشْيَةٌ يختال صاحبُها.
قَالَ رؤبة:
مِن بَعْد جَذْبِي المِشْيَةَ الجِيضَيَّ
فقد أُفَدِّي مِرْجَماً مُنْقَضّاً
وَابْن السّكيت هَكَذَا قَالَه.
ضوج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الضَّوْجُ بِالْجِيم: جِزْعُ الوادِي، وَهُوَ مُنْعَرَجهُ حَيْثُ يَنعَطِف، وجَمْعُه: أَضْواج.
قَالَ رُؤبة:
خَوْقاءُ من تَراغُبِ الأضْواجِ
وتَراغبُها: اتِّساعُها.
اللَّيْث: الضَّوْجَان من الإبلِ والدَّواب كلُّ يابِسِ الصُّلْب، وَأنْشد:
فِي ضَبْرِ ضَوْجَانِ القَرَى لِلْمُمْتَطى
يصِف فَحْلاً.
قَالَ: ونَخْلَةٌ ضَوْجَانَةٌ، وَهِي اليابِسةُ الكَزَّةُ السَّعَف، قَالَ: والعصا والكَزّةُ ضَوْجانَة.
وروى أَبُو تُرَاب لبَعض الْأَعْرَاب: ضاجَ السَّهْمُ عَن الهَدف، إِذا مالَ عَنْه.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: ضاج الرجلُ عَن الْحق: مالَ عَنهُ.
الطُّوسِيّ، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: ضاجَ عَدَلَ ومالَ يَضِيجُ ضُيُوجاً، وضَيَجاناً وَأنْشد:
إِمَّا تَرَيْنِي كالْعريشِ المَفْرُوجْ
ضَاجَتْ عِظامِي عَن لَفِيءٍ مَضْرُوج
اللّفيءُ: عَضلُ لَحْمِه، مَضْرُوج: مَكْشوف وَقَالَ قَائِل من الْعَرَب: فَلَقِينا ضَوْجٌ من أَضْواجِ الأَوْدِيَةِ، فانْضَوَجَ فِيهِ، وانضَوَجْتُ على أَثَرِه.
ج ص: مهمل.
ج س (وَا يء)
جسأَ، جاس، وجس، سجا، سَاج، وسج: (مستعملة) .
جسأ: قَالَ اللَّيْث: جَسَأَ الشَّىءُ يَجْسَأُ جُسُوءاً وَهُوَ جَاسِيء، إِذا كَانَت فِيهِ صَلابة، وخُشُونة وجَبل جاسِيءٌ، وأَرض جاسِئَةٌ ودابَّة جاسِئَةُ القوائم. قلت: وتَرْكُ الْهَمْز فِي جَمِيع ذَلِك جَائِز.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: جَسَأَتْ يدُ الرجل

(11/95)


جُسُوءاً، إِذا يَبِسَتْ، وَكَذَلِكَ النَّبتُ إِذا يَبِسَ، فَهُوَ جاسِىء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جاسَى فلانٌ فلاتاً، إِذا عَادَاهُ، وسَاجاه، إِذا رَفَقَ بِهِ.
الكِسَائيّ: جُسِئت الأَرْض فَهِيَ مَجْسُوءَةٌ من الجَسْءِ، وَهُوَ الجِلْدُ الخشن الَّذِي يُشْبه الحَصى الصِّغار.
جوس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ} (الْإِسْرَاء: 5) .
سَلَمة، عَن الْفراء، يَقُول: قَتلوكُم بَين بُيُوتكم. قَالَ: وجاسُوا بِمَعْنى واحدٍ يذهبون ويَجيثُون.
وَقَالَ الزّجاج: {فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ} ، أَي فَطافُوا فِي خِلال الدِّيار ينظرُونَ هَل بَقِيَ أَحَدٌ لم يَقتلوه؟
قَالَ: والجَوْسُ طلَبُ الشَّيء باستِقْصاء.
المنذريّ عَن الحرَّاني، عَن ابْن السِّكّيت عَن الأصمعيّ قَالَ تركتُ فلَانا يُحوسُ بَني فُلان ويجوسهم، أَي يَدُوسهم، ويَطْلُبُ فيهم؛ وَأنْشد أَبُو عُبيد:
نَجُوسُ عِمَارَةً وَنَكُفُّ أُخْرى
لنا حتّى يجاوِزَها دَليلُ
قَالَ: نَجوّس. نَتَخَلَّل.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كلُّ مَوضِع خالَطْته وَوَطِئْتَه، فقد جُسْتَه وحُسْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجوسانُ التَّرَدُّدُ خلال الْبيُوت فِي الْغَارة، قَالَ: وجَيْسان اسْم.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، قَالَ: الجُوس الْجُوع، وَهُوَ الجودُ. يُقَال جُوساً لَهُ وجُوداً لَهُ وجُوعاً بِمَعْنى وَاحِد.
وجس: قَالَ الله تَعَالَى: {تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ} (الذاريات: 28) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق مَعْنَاهُ: فأَضْمَرَ مِنْهُم خَوْفاً، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: معنى أَوْجَس وَقع فِي نَفسه الْخَوْف.
وسُئِلَ الحسنُ عَن الرّجُلِ يُجامِع الْمَرْأَة وَالْأُخْرَى تَسمع، فَقَالَ: كَانُوا يَكرهون الوَجْس.
قَالَ أَبُو عُبيد: الوَجْس هُوَ الصَّوْتُ الخَفِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجْس فَزْعَةُ القَلب، يُقَال: أَوْجَسَ القَلب فَزَعاً، وتَوَجَّسَت الأُذن إِذا سَمِعَتْ فَزَعاً، قَالَ: والوَجْس الفَزَعُ يَقَع فِي القَلب، أَو فِي السَّمع من صَوْتٍ أَو غير ذَلِك.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: لَا أَفعل ذَلِك سَجِيسَ الأوْجَس، أَي لَا أَفْعله طُولَ الدَّهر.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَحْمَر، مثله، قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: مَا ذُقت عِنْده أَوْجَسَ يَعْنِي الطَّعام.
وَقَالَ شَمِر: لم أَسمعه لغيره، قلت: وَهُوَ حرفٌ صَحِيح. يُقَال: تَوَجَّسْتُ الطعامَ

(11/96)


والشّرابَ، إِذا تَذَوَّقتَه قَلِيلا قَلِيلا.
وَهُوَ مأخوذٌ من الأَوْجَسِ، وتوجَّستُ الصوتَ، إِذا سمعتَه وَأَنت خَائِف مِنْهُ، وَمِنْه قَوْله:
فَغَدَا صَبِيحَة صَوْتها مُتَوجِّساً
سجا: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} (الضُّحَى: 2) .
قَالَ اللَّيْث: إِذا أَظْلَمَ ورَكَدَ فِي طوله، كَمَا يُقَال: بَحْرٌ ساجٍ، ولَيْلٌ ساجٍ، إِذا رَكَدَ وأَظلم، وَمعنى رَكَدَ سَكَن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: سجا: سكن، وسجا: امتدّ بظلامه، وسجا: أظلم. حَمْزَة، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن مَعْمَر، عَن قَتَادَة: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} قَالَ: إِذا سكن بِالنَّاسِ. قَالَ حَمْزَة: وَحدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} قَالَ: إِذا ألبس الناسَ إِذا جَاءَ.
وَقَالَ الزّجاج، مَعْنَاهُ: إِذا سكن، وَأنْشد:
يَا حَبَّذا القَمْراءُ وَاللَّيْل السَّاجْ
وطُرُقٌ مِثْل مُلاءِ النّسَّاج
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: سَجا يَسْجو سَجْواً وسَجَّى يُسَجِّي، وأَسْجى يُسْجي، كلُّه إِذا غَطَّى شَيْئا مَا.
وَقَالَ اللَّيْث: عينٌ ساجِيةٌ، فاتِرَة النَّظَر يَعْتَرِي الحُسْنَ فِي النساءِ، وليلةٌ ساجِيَةٌ، إِذا كَانَت ساكِنَةَ الرِّيح غير مُظلمة، وسجا الْبَحْر، إِذا سَكَنت أمواجُه، والتّسْجيةُ: أَن يُسَجَّى الميتُ بثَوب، أَي يُغَطَّى بِهِ، وَأنْشد فِي صِفَةِ الرّيح:
وإِنْ سَجَتْ أَعْقَبَها صَباها
أَي سكنت.
أَبُو زيد: أَتانا بِطَعَام فَمَا ساجَيْناه، أَي مَا مَسَسْناه.
وَقَالَ أَبُو مَالك، يُقَال: هَل نُسَاجِي ضيْعةً، أَي هَل نُعالجها.
قَالَ ابْن بُزرج، قَالَ الأصمعيّ: سُجُوّ اللَّيْل: تغطيته النَّهَار مثل مَا يُسَجَّى الرجل بالنوب، وسجا البحرُ وأسْجى إِذا سكن. نَاقَة سَجْواء، إِذا حُلِبت سكنت. وَكَذَلِكَ السَّجو فِي النّظر والطرف، امْرَأَة سجواء الطّرف وساجية الطّرف، أَي فاتِرة الطّرف ساكنته، ابْن بزرج: مَا كَانَت الْبِئْر سَجُوّاً وَلَقَد أسْجتْ، وَكَذَلِكَ الناقةُ أسْجت فِي الغَزارة فِي اللَّبن، قَالَ: وسجا اللَّيْل سُجُوّاً، إِذا سكن، وَمَا كَانَت الْبِئْر عَضُوضاً وَلَقَد أَعَضَّتْ.
سوج سيج: قَالَ اللَّيْث: السِّيجانُ: الطّيالِسَة السُّود، وَاحِدهَا ساجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الطَّيْلَسان الضَّخْم الغَليظ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ساجَ يَسوج سَوْجاً وسُواجاً وسَوجَاناً، إِذا سارَ سَيْراً رُوَيْداً، وَأنْشد:

(11/97)


غَرَّاءُ لَيْسَتْ بالسَّؤوجِ الجِلْبح
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّوَجان الذَّهابُ والمجيء.
ابْن كيسَان: السِّيجان فِي الطيالسة السُّود كَمَا قَالَ ابْن الأعرابيّ، الْوَاحِد ساجٌ. يُقَال: حَظّرَ فلانٌ جِدَاره، بالسياج وَهُوَ أَن يُسَيِّجَ حَائِطه بالشّوْكِ لئلاّ يُتَسَوَّر.
اللَّيْث: الساجةُ، الخَشَبة الوَاحدة المشَرْجَعَةُ المُرَبّعة كَمَا جُلِبت من الهِنْد، وجَمْعها السَّاج.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال للسَّاجَة الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا الْبَاب: السَّلِيجَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوج مَوْضِع، وسُوَاجٌ اسْم جَبَل.
وَيُقَال: حَظَّرَ فُلانٌ كَرْمَه بالسِّياجِ، وَهُوَ أَنْ يُسَوِّجَ حائِطَهُ بالشَّوك يُتَسَوَّر.
وسج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الوَسْجُ والعَسْجُ ضَرْبَان من سَيْرِ الْإِبِل، وَقد وَسَجَ البعيرُ يَسِج وسْجاً ووَسِيجاً.
وَقَالَ النَّضْر: أَوّلُ السَّيْرِ الدَّبِيبُ، ثمَّ العَنَقُ، ثمَّ التَّزَيُّد، ثمَّ الذَّمِيلُ، ثمَّ العَسْج والوَسْج، ثمَّ الرَّنْك وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ، وَقَالَ اللَّيْث: وسَجَبَ النَّاقَةُ تَسِج وَسِيجاً، وهيَ وَسُوجٌ: وَهُوَ مَشْيٌ سَريع.

(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز (وَا يء)
جزا، جَزَأ، جَازَ، جئِز، وجز، زاج، زجا، أَزجّ.
جزى: سَمِعْتُ المُنذِريّ يَقُول: سَمِعْتُ أَبَا الهيْثَم يَقُول: الجزاءُ يكون ثَواباً، ويكونُ عِقاباً. قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {) قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ} {قَالُواْ جَزؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} (يُوسُف: 74، 75) .
قَالَ: مَعْنَاهُ، قَالُوا فَمَا عُقوبَتُه إنْ بانَ كَذِبُكم بأَنّه لم يَسْرِق، أَي مَا عُقُوبَةُ السّرِقِ عِنْدَكُم إِن ظهرَ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: جَزَاءُ السّرِقِ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ، أَي الموجُودُ فِي رَحْلِه، كأنّه قَالَ: جَزاءُ السَّارِق عندنَا استرقاقُ السارِق الَّذِي يُوجَدُ فِي رَحْله سَنَة؛ وَكَانَت سُنَّةُ آلِ يَعْقُوب، ثمَّ وَكَّدَه، فَقَالَ: فَهُوَ جَزَاؤُه.
قلت: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُه فِي الهاءات وغَيرها، قولُ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى، وَقَول أبي إِسْحَاق الزّجاج.
وَالْجَزَاء أَيْضا: الْقَضَاء. قَالَ الله جَلّ وعَزّ: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} (الْبَقَرَة: 48) .
قَالَ الْفراء: يَعودُ على الْيَوْم واللّيلة، ذكرهمَا مَرَّةً بِالْهَاءِ وحدَها، ومرَّةً بالصِّفَة، فَيجوزُ ذَلِك، كَقَوْلِه:

(11/98)


لَا تَجْزِيهِ نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً: وتُضْمِرُ الصفةَ، ثمَّ تظهرها فَتَقول: لَا تجزي فِيهِ نفسٌ عَن نفسٍ شَيْئا.
قَالَ: وَكَانَ الكسائيّ لَا يُجِيزُ إِضْمَار الصِّفَة فِي الصِّلات.
وسمعتُ المُنْذِريّ يَقُول: سَمِعت أَبا العبّاس، يَقُول: إِضْمَار الْهَاء والصِّفَة واحِدٌ عِنْد الفرّاء. تَجْزِي وتَجْزِي فِيه، إِذا كَانَ المَعْنَى واحِداً.
قَالَ: والكِسائِيّ يُضْمِرُ الْهَاء، والبَصْريونُ يُضْمرون الصِّفة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى {لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} (الْبَقَرَة: 48) أَي لَا تَجْزِي فِيهِ. وَقيل: لَا تَجْزِيهِ، وحَذْفُ (فِيهِ) هَا هُنا سائِغ، لأنَّ (فِي) مَعَ الظُّروف مَحْذوفَة، وَقد تَقول: أَتَيْتُكَ الْيَوْم، وأَتَيْتُكَ فِي الْيَوْم، فَإِذا أضْمَرْت، قلت: أَتيتك فِيهِ، ويجوزُ أَن تَقول: أَتَيْتَكَهُ، وَأنْشد:
ويَوْماً شَهِدْناهُ سُلَيماً وعَامِراً
قَلِيلاً سِوى الطّعْنِ النِّهال نَوَافِلُه
أرادَ شَهِدْنا فِيه.
قلت: وَمعنى قَوْله: {لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة، أَي لَا تَقْضِي فِيهِ نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيئاً.
يُقَال: جَزَيتُ فلَانا حَقَّه، أَي قَضَيْتُه، وأَمَرْتُ فلَانا يَتَجَازَى دَيْني، أَي يَتَقَاضَاه، وَمِنْه حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لأبي بُرْدَة بن نِيَار فِي الْجَذَعَةِ الَّتِي أَمَره أَن يُضَحِّي بهَا من المِعْزَى: (وَلَا تَجْزِي عَن أَحَدٍ بَعْدَك) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هُوَ مأْخوذٌ من قَوْلك: قد جَزَى عَنِّي هَذَا الأمْر، فَهُوَ يَجْزِي عَنِّي، وَلَا هَمْزَ فِيهِ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ لَا تَقْضِي عَن أَحَدٍ بَعْدك، وَلَيْسَ فِي هَذَا هَمْز.
وَيُقَال: جَزيت فلَانا بِمَا صَنَع جَزاءً.
وقضيتُ فلَانا قَرْضَه، وجزيته قرضه.
وَتقول: إِن وَضَعْتَ صدقَتَك فِي آلِ فلَان جَزَتْ عَنْك، وَهِي جازِيَةٌ عَنْك.
قلت: وبعضُ الْفُقَهَاء يَقُول: أَجْزَى عَنْك بِمَعْنى جَزَى أَي قَضَى. وَأهل اللُّغة يَقُولُونَ: أَجْزَأَ بِالْهَمْز، وَهُوَ عِنْدهم بِمَعْنى كَفَى.
قَالَ الأصمعيّ: أَجْزَأَنِي الشّيءُ إِجْزاءً مَهْمُوز، مَعْنَاهُ كفاني. وَأنْشد:
لَقد آلَيْتُ أغْذِرُ فِي جَدَاعٍ
وَإِن مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ فِي الأَقْوام عارٌ
وأنَّ المرْءَ يَجْزَأُ بالكُرَاعِ
قَوْله: يَجْزَأُ بالكراعِ، أَي يَكْتَفِي بهَا، وَمِنْه قَول النَّاس: اجتَزَأْتُ بكَذا وكَذا، وتَجَزَّأْتُ بِهِ، أَي اكْتَفَيْت بِهِ وأَجْزَأْتُ بِهَذَا الْمَعْنى.

(11/99)


وَمِنْه قَول الْعَرَب: جَزَأْت الماشيةُ تَجْزَأُ جَزْءاً إِذا اكتَفَتْ بالرّطْبِ عَن شرب الماءِ.
وَقَالَ لبيد:
جَزَأ فَطالَ صيامُه وصِيامُها
أَي اكْتَفَيا بالرّطب عَن شُربِ المَاء، يَعْني عَيْراً وأتانة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه أنْشدهُ لبَعض بني عَمْرو بن تَمِيم:
وَنحن قتلنَا بالْمَخَارِقِ فَارِسًا
جَزَاءَ العُطاسِ لَا يَمُوت المُعاقب
قَالَ: يَقُول: عَجَّلنا إِدراك الثأر كَقدْر مَا بَين التّشميت والعُطاس.
والمُعاقب: الَّذِي أدْرك ثَأْره لَا يَمُوت المُعاقِب أَي أَنه لَا يَمُوت ذكرُ ذَلِك بعد مَوته، قَالَ: وَمثله قَول مهلهل:
فقتلى بقتلانا وجَزٌّ بجَزِّنا
جَزَاء العُطاسِ لَا يموتُ مَن اتّأَرْ
أَي لَا يَمُوت ذكره.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُجزِىءُ قليلٌ من كثِير. ويُجْزِي هَذَا من هَذَا، أَي كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يَقُومُ مقَام صاحِبه.
وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن جَزَيْتُه وجازَيْته، فَقَالَ: قَالَ الْفراء: لَا يكون جَزَيتُه إِلَّا فِي الْخَبَر، وجازيته يكون فِي الخيْر والشّرّ.
قَالَ: وَغَيره يُجِيز جَزَيتُه فِي الْخَيْر والشّر، وجازيته فِي الشّر، وَيُقَال: اللّحم السّمين أَجْزَأَ من المهزول، وَمِنْه يُقَال: مَا يُجْزِئُني هَذَا الثَّوْب، أَي مَا يَكفيني.
وَيُقَال: هَذِه إبلٌ مَجازِيءٌ يَا هَذَا، أَيْ تَكْفِي الحِمْل، الواحدُ مُجْزِىءٌ، وَفُلَان بارع مُجزىءٌ لأَمره، أَي كافٍ أمْرَه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (لَمُنقَلِبُونَ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ} (الزخرف: 15) .
قَالَ أَبو إِسْحَاق: يَعْني بِهِ الَّذين جَعَلوا الملائِكة بَنَات الله، تَعالى اللَّهُ عَمَّا افتَرَوْا.
قَالَ: وَقد أُنْشِدْتُ لبَعض أهلِ اللُّغَة بَيتاً يَدُلُّ على أَنَّ معنى: جُزءٍ معنى الْإِنَاث وَلَا أَدْرِي البيتُ قَديمٌ أم مَصْنوع.
أنشدوني:
إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبٌ
لَا تُجزِيءُ الْحُرَّةُ المِذْكَارُ أَحْياناً
أَي إنْ آنَثَتْ، أَي وَلَدت أُنْثى.
قلت: وَاسْتدلَّ قَائِل هَذَا القَوْل بقوله جلّ وَعز: {مُبِينٍ وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} (الزخرف: 19) .
وأَنْشَد غَيره لبَعض الأَنْصار:
نَكَحْتُها من بَنَات الأوْس مُجْزِئَةً
للعَوْسَج اللَّدْنِ فِي أَبْياتِها زَجَلُ

(11/100)


يَعْنِي امْرَأَةً غَزَّالَةً بمغازِلَ سُوِّيَتْ من خَشَب العَوْسَج.
قلت: والجزْءُ فِي كَلَام الْعَرَب: النَّصِيب، وَجمعه أَجزَاء.
وَيُقَال: جَزَأْتُ الحالَ بَينهم، وجَزَّأْتَه إِذا قَسَّمْتَه، يُخَفَّف ويُنْقّل.
وكأنَّ الْمَعْنى فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {لَمُنقَلِبُونَ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ} (الزخرف: 15) .
أَي جَعَلوا نَصيبَ الله من الْوَلَد الإناثَ، دُون الذُّكُور، واسْتَأْثروا بالذكور.
قلت: وَلَا أَدْرِي مَا الْجُزْء بِمَعْنى الْإِنَاث، وَلم أَجِدْه فِي شِعْر قديم وَلَا رَوَاه عَن الْعَربِ الثّقاب. وَلَا يعبأ بِالْبَيْتِ الَّذِي ذكره لِأَنَّهُ مَصْنُوع.
وَقَالَ الأصمعيّ: اسمُ الرجل جَزْءٌ بِفَتْح الْجِيم، وكأَنَّهُ مَصدر جَزَأْتُ جَزْءاً.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبيدة، قَالَ: والجُزْأَةُ: نِصابُ السِّكين.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد أَجْزَأْتُها إجْزَاءً، وأَنْصَبتُها إنْصاباً، أَي جَعَلْتُ لَهَا نِصَابا، وجُزْأَةً، وهما عَجُزُ السِّكين.
قَالَ أَبُو زيد: والجُزأَةُ لَا تكون للسَّيْف وَلَا للخِنجَر، وَلَكِن للمِئثَرة الَّتِي تُوسَمُ بهَا أَخفافُ الإِبل، وللسكاكين، وَهِي المقْبضُ.
وَيُقَال: مَا لفُلَان جُزْءُ، وَمَاله أجْزاء، أَي مَاله كِفَاية.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَجْزَأْتُ عَنْك مُجْزَأَ فُلان، ومُجْزَأَتَه، ومَجْزَأ فُلان، ومَجْزَأَتَه، وَكَذَلِكَ أَغْنَيْتُ عَنْك مِثْلهُ فِي اللَّغات الأرْبع.
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا رَجُلٌ حَسْبُك من رَجُلِ، ونَاهِيك وكافيك وجَازِيكَ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ القُطامي:
وَمَا دَهرِي يُمنِّيني وَلَكِن
جَزَتْكُم يَا بني جُشَمَ الجوازِي
أَي جزتكم جوازيَ حقوقكم وذمامكم، وَلَا مِنَّة لي عَلَيْكُم.
والجزْية: جِزْيَة النَّاس الَّتِي تُؤْخَذ من أهل الذمّة، وَجَمعهَا: الْجِزَى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجِزَى الجوالي، والجالية الجِزيَةُ.
وَقَالَ أَبُو بكر: الْجِزْيَة فِي كَلَام الْعَرَب: الْخراج المَجعول على الذِّمِّيّ، سُمِّيت جِزْيَة لِأَنَّهَا قضاءٌ مِنْهُ لما عَلَيْهِ، أُخِذَ من قَوْلهم: جَزَى يَجْزِي، إِذا قضى.
وأَمَّا قَوْلهم: جَزَتكَ عَنِّي الجوازي، فَمَعْنَاه جَزَتكَ جوازي أفعالِكَ المحمودة؛ وحقوقِكَ الْوَاجِبَة، والجوازِي مَعْنَاهَا الجَزاءَ: جمع الجازِية مَصْدَر على (فاعِلة) كَقَوْلِك: سَمِعْت رَواغي الْإِبِل وثَواغِي الشّاه أَي سَمِعت رُغاءها وثُغاءها، وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {عَالِيَةٍ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا} (الغاشية: 11) أَي لَغْواً، وَجَمعهَا

(11/101)


اللَّواغِي. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليل مَخَانَةً
فَتِلْكَ الجوازِي عَقْبُها ونَصِيرُهَا
أَي جُزِيت كَمَا فعلت؛ وَذَلِكَ أَنه اتهَمَه فِي حيلته.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان ذُو جزاءٍ، وَذُو غَناءٍ، محدودان. قَالَ: والمجزوءُ من الشِّعرِ، إِذا ذَهَب فعلٌ وَاحِد من فواصله. كَقَوْلِه:
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ
ن أَنَّهما قد الْتَأَمَا
فإِنْ تَسْمَعْ بِلأْمِهِمَا
فإِنَّ الأمرَ قد فَقِما
وَمثله قَوْله:
أَصْبَحَ قلْبي صَرِداً
ذهب مِنْهُ الْجُزْء الثَّالِث من عَجزه.
جوز جيز جأز: الأصمعيّ: الجَأَز الْغَصَصُ، يُقَال: جَئِز يَجأَزُ جَأَزاً، إذَا غَصَّ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّ امرأَةً أَتَته، فَقَالَت: إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَام كأَنَّ جائِزَ بَيتي انْكسر، فَقَالَ: خير، يَرُدُّ اللَّهُ غَائِبَك، فَرجع زَوْجُها، ثمَّ غابَ، فرأَتْ مِثْلَ ذَلِك، فَلم تَجِد النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووجدَت أَبَا بكر، فَسَأَلته، فَقَالَ: يَمُوت زَوْجُك) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجائِزُ فِي كَلَامهم الْخَشبَةُ الَّتِي توضَعُ عَلَيْهَا أَطْرَاف الْخُشُب، وَهِي الَّتِي تُسمَّى بالفارِسيَّة التِّير.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: جَمع الجائِز أَجْوِزَةُ وجُوزَان.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نحوَه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الجائِزُ الَّذِي يُمرُّ على الْقَوْم، وَهُوَ عَطْشان سُقِيَ أَو لم يُسْق، فَهُوَ جَائِز، وَأنْشد:
مَنْ يَغْمس الجائِزَ غَمْسَ الوَذَمَهْ
خَيْر مَعَدَ حَسَباً وأكْرَمَه
وَقَالَ اللَّيْث: جَزْتُ الطَّريقَ جَوَازاً، ومَجَازاً وجُؤُوزاً، وَالْمجَاز: الْموضع، وَكَذَلِكَ الْمجَازَه.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: جُزْتُ الموضِع، سِرْتُ فِيهِ، وأَجَزْتُه: خَلَّفتُه وقَطَعْتُه، وأَجَزْتُه: أَنَقَذتُه.
هَكَذَا رَوَاهُ شَمِر لأبي عُبَيد بِالْقَافِ، وَمِنْه قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فلمَّا أَجَزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتَحَى
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
وَقَالَ أَوْس بن مَغراء:
حَتَّى يُقال أَجِيزوا آلَ صَفْوَانَا
أَي أَنفِذُوهم، يمْدحُهُم بأَنَّهُم يُجيزون الْحَاج.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاوزتُ الموضعَ جَوازاً، بِمَعْنى جُزْتُه؛ وتجاوَزْتُ عَن ذَنبه، أَي لم آخذْه بِهِ.

(11/102)


الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الْجَوَاز السَّقْيُ؛ يُقَال: أَجِيزونا أَي اسْقونا، والمسْتَجِير: المسْتَقِي.
قَالَ الراجز:
يَا صاحبَ الماءِ فَدتكَ نَفْسي
عَجِّل جوازِي وأَقِلَّ حَبْسِي
أَي عجل سَقْي.
وَقَالَ الْقطَامِي:
وقَالوا: فُقَيْمٌ فَيِّمُ الماءِ فاسْتَجزْ
عُبادَةَ إنَّ الْمسْتَجيزَ على قُتْرٍ
وَقَالَ: وَحكى ابنُ الأعْرابيَّ، عَن بعض الْأَعْرَاب: لِكُلِّ جابَةٍ جَوْزَة ثمَّ يُؤَذِّن، أَي لِكُلِّ من وَرَدَ عَلَيْنَا سَقْيَةٌ، ثمَّ يُمْنَعُ من المَاء. يُقَال: أَذَّنْتُه تَأْذِيناً، أَي رَدَدْتُه.
أَبُو بكر: أجَاز السلطانُ فلَانا بجائزة، وأصل الْجَائِزَة أَن يُعطىَ الرجلُ الرجلَ مَاء يُجيزه ليذهبَ لوجهه، فَيَقُول الرجلُ: إِذا وردَ مَاء لِقَيِّم المَاء أجزْني أَي أَعْطِنِي مَاء حَتَّى أذهب لوجهي، وأجوز عَنْك، ثمَّ كثر هَذَا حَتَّى سَمُّوْا العطيّة جَائِزَة.
وَقَالَ اللَّيْث: التّجوُّز فِي الدَّراهم أَنْ تُجَوِّزَها، قَالَ: والْمجَوَّزةُ من الغَنمَ الَّتي بِصَدْرِها تَجويز، وَهُوَ لَونٌ مُخَالف لِلَوْنها.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد فِي شِيات الضّأن، قَالَ: إِذا ابْيَض وَسَطُها، فَهِيَ جَوْزاء.
وَقَالَ غَيره: جَوْزُ كُلِّ شَيء وَسَطُه، وجَوْزُ الْفَلاة: وسَطُها، وجَوْزُ الْجراد: وَسَطُها.
وَقَالَ ابْن الْمُظَفَّر: الإجاز: ارْتفاق الْعَرَب. كَانَت الْعَرَب تَحْتَبِي وتَسْتَأجِزُ على وسادَة، وَلَا تَتَّكِىءُ على يَمين وَلَا على شمال أَي تَتَحَنَّى عَلَى وِسادة.
قلت: لم أسمع الإجازَ لغير اللّيث، وَلَعَلَّه قد حَفِظه.
ورُوِيَ عَن شُرَيْحٍ أَنه قَالَ: إِذا بَاعَ الْمُجِيزان فَالْبيع للأوّل، وَإِذا أَنْكَح الْمُجيزان فَالنِّكَاح للأَول، والمجيز: الوَليّ.
وَيُقَال: هَذِه امرأةٌ لَيْسَ لَهَا مُجيز، والمجيز: الوصِيّ، والمجيز: القَيِّم بأَمْر الْيَتِيم؛ والمجيزُ: العَبْد المأْذون لَهُ فِي التِّجارة.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ رجلا خَاصم إِلَى شُرَيح غُلاماً لزيادٍ فِي بِرْذَونةٍ بَاعهَا وكَفل لَهُ الغُلام، فَقَالَ لَهُ شُريح: إنْ كَانَ مُجِيزاً، وكفل لَك غَرِمَ، أَرَادَ، إنْ كَانَ مَأذوناً لَهُ فِي التِّجارة.
قلت: والْجِيزةُ من المَاء مِقْدَارُ مَا يَجُوز بِهِ المسافرِ من مَنْهلٍ إِلَى مَنهل. يُقَال: اسْقِني جِيزةً وجائِزةً وجَوْزَةً.
وَفِي الحَدِيث: الضِّيافَةُ ثلاثَةُ أَيَّام، وجائِزَتهُ يومٌ وَلَيْلَة، أَي يُعْطَى مَا يجوزُ بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة.
والتّجاويز: بُرودُ مَوْشِيَّةٌ من بُرودِ الْيمن،

(11/103)


وَاحِدهَا تِجْواز.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
حَتَّى كأَنَّ عِراصَ الدارِ أرْدِيةٌ
من التجاوِيزُ أَو كُرّاسُ أَسْفارِ
والْمجازَة: موسمٌ من المواسم. وذُو المجازة: مَنْزل من مَنازِل طَرِيق مَكَّة بَين ماوِيّة وينْسُوعَةَ على طَرِيق البَصْرَة.
والْجِيزة: النّاحية، وَجَمعهَا جِيزٌ، وَعِبْرُ النّهر: جِيزَتُه، وجِيزُ: قَرْيةٌ من قرى مصر، وإليها نسب الرّبيع بن سُلَيْمَان الجِيزيّ.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن يحيى، قَالَ: دَفَع إليّ الزبيرُ الإِجازةَ، وكتَب بخطِّه. وَكَذَلِكَ عبد الله بن شَبيب أجَاز إلَيَّ، فَقلت لَهما: أَيْش أقولُ فِيهِ؟ فَقَالَا: قل فِيهِ إِن شِئت: حَدَّثنا، وَإِن شِئْت أَخبرنا، وَإِن شِئْت كَتَبَ إلَيَّ.
أَزجّ: قَالَ ابنُ السّكّيت: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأُزُوجُ: سُرْعَةُ الشَّدّ، وفَرَسٌ أزُوج؛ وَأنْشد:
فَزَجَّ رَمْدَاءَ جواداً تَأْزِجُ
وَقَالَ النضْر: الأزَجُ مَعْروفٌ؛ يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (أُوسْتَان) .
وَقَالَ اللّيْث نحوَه، قَالَ والتَأْزِيجُ: الْفِعْل، وَهُوَ بَيْتٌ يبْنى طَويلا.
وجز: قَالَ اللَّيْث: الوجْزُ الوَحَاءُ، تَقول: أَوْجَزَ فلانٌ إيجازاً فِي كلِّ أَمر، وَقد أَوْجزَ الكلامَ والعِطيّة وَنَحْوهَا.
وَأنْشد:
مَا وَجْزُ مَعْرُوفِكَ بالرِّماقِ
وأَمْر وَجِيز، وكلامٌ وجِيز.
قَالَ رُؤْبة:
لَوْلاَ عَطاءٌ من كَريمٍ وَجْزِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الوَجْزُ السَّريعُ العَطاء، وَجَزَ فِي كَلَامه وأَوْجَزَ.
وَقَالَ رُؤْبة أَيْضا:
عَلَى حَزَابيَ جُلالٍ وَجْزِ
يَعْنِي بَعيراً سَريعاً.
زوج: قَالَ اللَّيْث: الزّاج، يُقَال لَهُ: الشَّبّ الْيَمانيّ، وَهُوَ من الأدْوية وَهُوَ من أَخلاط الحِبْر.
الحرّاني عَن ابْن السِّكّيت: يُقَال هُوَ زَوْجها وَهِي زَوْجه.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ} (الْأَحْزَاب: 37) .
وَقَالَ أَيْضا: {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ} (النِّسَاء: 20) أَي امْرأَةً مكانَ امْرَإِةٍ، والجميع الأزْوَاج.
وَقَالَ: {شَىْءٍ قَدِيراً ياأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَْزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} (الْأَحْزَاب: 28) . قَالَ: وَيُقَال: هِيَ زَوْجتُه.
وَأنْشد:
يَا صَاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوْجات كلِّهمُ
أَنْ لَيْسَ وصَلٌ إِذا انحلَّتْ عُرَا الذنَبِ

(11/104)


وَتقول الْعَرَب: زَوَّجته امْرأَةً، وتَزَوَّجت امرأَةً، وَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب. 0 تزوَّجتُ بامْرَأَةً، وَلَا زوَّجْت مِنْهُ امْرأَةً.
قَالَ: وَقَول الله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ} (الدُّخان: 54) أَي قَرَنَّاهم.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ لُغَةٌ فِي أَزْدِ شَنُوءة.
وَقَالَ أَبُو بكر: الْعَامَّة تخطيءُ فَتَظنّ أنّ الزّوجَ اثْنَان، وَلَيْسَ ذَلِك من مَذَاهِب الْعَرَب، إِذا كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ بِالزَّوْجِ موَحَّداً فِي مثل قَوْلهم: زوج حمام، وَلَكنهُمْ يُثنُّونَه فَيَقُولُونَ: عِنْدِي زوجان من الْحمام، يَعنون ذكرا وَأُنْثَى، وَعِنْدِي زوجان من الخِفاف، يعنون الْيَمين وَالشمَال. ويوقعون الزّوجين على الجنسين الْمُخْتَلِفين، نَحْو: الْأسود والأبيض، والحلو والحامض.
قَالَ الله: {وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ} (النَّجْم: 45) .
وَقَالَ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} (الْأَنْعَام: 143) أَرَادَ ثَمَانِيَة أَفْرَاد، دلَّ هَذَا على ذَلِك.
قَالَ: وَلَا تَقول للْوَاحِد من الطير زوجٌ كَمَا يَقُولُونَ للاثنين زوجان؛ بل يَقُولُونَ للذّكر فَرْدٌ، وللأُنْثى: فَردةٌ.
قَالَ الطرماح:
خرجنَ اثْنَتَيْنِ، واثنتين وفَرْدَةً
يُبادِرْنَ تَغليساً سِمالَ المداهنِ
وَتقول الْعَرَب فِي غير هَذَا: الرجل زوج الْمَرْأَة، وَالْمَرْأَة زوج الرجل وَزَوجته، وسمَّى الْعَرَب الِاثْنَيْنِ زَكاً، وَالْوَاحد: خَساً.
والافتعال من هَذَا الْبَاب ازدوَج الطيرُ ازدِواجاً فَهِيَ مزدَوِجةٌ.
قَالَ: وَتقول: عِنْدِي زَوْجا نِعالٍ وزَوجَا حَمام، وأنْتَ تَعْنِي ذَكراً وأُنثى.
قَالَ الله: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (الْمُؤمنِينَ: 27) .
وَيُقَال للنَّمَطِ زَوْجٌ، قَالَ لبيد:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرَامُهَا
وَقَالَ الله: {مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (ق: 7) . أَي من كلِّ ضَرْبِ من النَّبَات حَسَن، والزَّوج: اللَّوْن.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكلُّ زَوْجٍ من الدِّيباجِ يَلْبَسُه
أَبُو قُدامةَ مَخْبُوٌ بذَاك مَعا
وَكَانَ الحَسَن يَقُول فِي قَوْله: {الْمَاهِدُونَ وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا} (الذاريات: 49) . قَالَ: السَّماءُ زَوْجٌ، والأَرْضَ زَوْج والشِّتاء زَوْج، والصَّيْف زَوْج، واللَّيْلُ زَوْج، وَالنَّهَار زوج، ويُجْمَعُ الزَّوْجُ أَزْواجاً وأزَاوِيج، وَقد ازْدَوَجَتْ الطَّيْر، افْتِعالٌ مِنْهُ.

(11/105)


وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ، أنّه سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (منْ أَنْفَقَ زَوْجَيْن من مَاله فِي سَبِيلِ الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَةُ الجَنَّة. قَالَ: وَقلت: وَمَا زَوْجانِ من مَاله؟ قَالَ: عَبْدَان أَوْ فَرَسان أوْ بَعيران من إبِله) وَكَانَ الحَسَن يَقُول: دِيناران أَوْ دِرْهمان أَو عَبْدَان، وَاثْنَانِ من كلِّ شَيْءٍ زَوْجٌ.
إِسْحَاق، قلت لِأَحْمَد: مَا زوجان من مَاله؟ قَالَ: عَبْدَان. وَقَالَ: عجبت من امْرَأَة عجبت من امْرَأَة حَصَانٍ رَأَيْتهَا لَهَا ولَدٌ من زَوجهَا وَهِي عَاقِر. أَرَادَ من زوج حمام لَهَا، وَهِي، يَعْنِي الْمَرْأَة، عَاقِر.
فَقلت لَهَا: بُجْراً فَقَالَت مُجيبَتِي
أتعجب مِن هَذَا ولي زوجٌ آخَرُ
يَعْنِي زوجَ حمامٍ آخر.
قَالَ الزّجاج فِي قَول الله: {بِهِ تُكَذِّبُونَ احْشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ} (الصافات: 22) مَعْنَاهُ: ونظراءهم ضَرَبَاءَهم. تَقول: عِنْدِي من هَذَا أَزوَاج أَي أَمْثَال، وَكَذَلِكَ زوجان من الخِفافِ أَي كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا نَظِير صَاحبه، وَكَذَلِكَ الزّوج: الْمَرْأَة، والزوجُ: المرْء قد تنَاسبا بِعقد النِّكَاح. وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} (ص: 58) أَي أَنْوَاع.
وَقَالَ: فِي قَوْله: {الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (الشورى: 50) معنى يزوجهم: يَقْرِنُهم، وكل شَيْء اقْترن أَحدهمَا بِالْآخرِ فهما زوجان.
وَقَالَ الْفراء: يجعلُ بعضَهم بَنِينَ، وبعضَهم بَنَات؛ فَذَلِك التَّزْويج. قلت: أَرَادَ بِالتَّزْوِيجِ التَّصنيف؛ وَالزَّوْج: الصِّنْف، فالذكر صِنْف، وَالْأُنْثَى: صِنف.
قَالَ: وَكَانَ الأصمعيّ لَا يُجيزُ أَن يُقال لفَرْخَيْن من الْحمام وغَيره زَوْج. وَلَا للنّعْلين زَوْج. وَيُقَال فِي ذَلِك كلِّه: زَوْجان لكُلّ اثْنَين.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الزوْج اثْنَان؛ وكل اثْنَيْنِ زَوْجٌ، وَقَالَ: اشْتَرَيْت زَوْجَيْنِ من خِفاف، أَي أَرْبعة.
قلت: وأنكرَ النَّحويون مَا قَالَ ابْن شُمَيل. والزَّوْجُ: الْفَرْدُ عِنْدهم.
وَيُقَال للرّجل وَالْمَرْأَة: الزَّوجان.
وَقَالَ الله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} (الْأَنْعَام: 143) ، يُرِيد ثَمَانِيَة أَفراد.
وَقَالَ: {احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (هود: 40) وَهَذَا هُوَ الصَّواب.
وَيُقَال للْمَرْأَة: إنَّها لَكَثِيرَةُ الأَزْوَاج والزِّوَجةَ، وَيُقَال: زَوَّجْتُ الْمَرْأَةَ الرَّجُلَ، وَلَا يُقَال: زَوَّجْتُها مِنْه.
زجا: قَالَ اللَّيْث: التَّزْجيَةُ دَفْعُ الشَّيْء كَمَا تُزَجِّي البَصَرَةُ وَلَدَها، أَي تَسوقُه، وأَنْشَدَ:
وصَاحِبٍ ذِي غِمْرَةٍ داجيْتُه
زَجَّيْتُهُ بالْقَوْلِ وازْدجيْتُهُ

(11/106)


والرّيحُ تُزْجي السَّحاب: أَي تَسُوقُه سَوْقاً رَفِيقًا، والْمُزَجيَ الْقَليلُ.
وَقَالَ الله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} (يُوسُف: 88) أخبرنَا الْمُنْذِرِيّ، عَن الغسّانيّ، عَن سلمَة، عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ فِي قَوْله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} (يُوسُف: 88) أَي يَسيرَة قَليلة، وَأنْشد:
وحاجةٍ غَيْرِ مُزْجاةٍ من الْحَاجِ
وَيُقَال: أَزْجَيْتُ الشَّيءَ إِزْجاءً، أَي دَافَعْتُ بقَليله، وَهَذَا أمْرٌ قد زَجوْنا عَلَيْهِ نَزجُو.
وَيُقَال: أَزْجَيتُ أَيامى وزَجَّيتها، أَي دافعتها بقوتٍ قَلِيل.
قلت: وسَمعتُ أَعْرابياً من بَني فَزارة يَقُول: (أَنْتم مَعاشِرَ الحاضِرَةِ قبلتمْ دُنياكم بِقُبْلانٍ وَنحن نُزَجِّيها زجاةً) أَي نَتبلّغُ بقليلِ الْقُوت ونَجْتزِىءُ بِهِ.
ورُوِي عَن أَبي صَالح، أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} قَالَ: كَانَت حَبَّةَ الخضْراء والصّنوْبَر.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النّخَعي فِي قَوْله: (مُزْجاة) مَا أَراها إِلَّا القَليلة. وَقَلِيل كَانَت مَتَاع الْأَعْرَاب: الصُّوف، والسَّمن.
وَقَالَ سعيد بن جُبيْر: (بِضَاعَةٌ مُزْجاةٌ) دَراهمُ سَوْء.
وَقَالَ عِكْرِمة: هِيَ النَّاقِصة.
وَقَالَ اللَّيْث: زَجا الخَراجُ يَزْجُو: إِذا تَيسرتْ جِبَايَته.
ج ط (وَا يء)
مهمل.

(بَاب الحيم وَالدَّال)
ج د (وَا يء)
جاد، جدا، ودج، وجد، دجا، (داج) ، أجد.
جود جيد أجد: الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، يُقَال: هَذَا شَيْءٌ جيد، بَيِّنُ الجودَة من أَشْياء حَياد، وَهَذَا رَجلٌ جوادٌ من قَوْم أَجْوادٍ بيِّن الجَوْدَة، وَهَذَا فَرسٌ جَوادٌ من خيلِ جِيادٍ بَيِّنَةُ الجُودةِ، والجَودةِ، وَهَذَا مَطرٌ جَوْدٌ، بيِّن الْجَوْد، وَقد جِيدَت الأرْضُ، وَيُقَال: هاجَت بِنَا سماءٌ جَوْد، وَقد جادَ بنفْسهِ عندَ الْمَوْت يَجُودُ جؤوداً، وقَدْ جِيدَ فلانٌ من الْعَطش، يُجادَ جُوَاداً وجَوْدَةً.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
تُعاطِيه أَحْياناً إِذا جِيدَ جَودةً
رُضاباً كطعم الزَّنجبيلِ المُعَسَّلِ
أَي إِذا عَطِشَ عَطْشَةً.
وَقَالَ الْبَاهِلِيّ فِي الْجُواد:
ونَصْرُكَ خَاذِلٌ عَنِّي بَطيءٌ
كأَنَّ بكم إِلَى خَذْلِي جُوَاداً
أَبُو عبيد: الجُوَادُ الْجُوع.
وَقَالَ أَبُو فراس:

(11/107)


تكادُ يَداه تُسْلمان رِدَاءَه
من الجودِ لما اسْتَقَبَلَتْها الشَّمائل
يُرِيد جمع الشمَال.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: من الْجُود، أَي من السّخاء وَيُقَال للَّذي غَلَبَهُ النَّوم مَجُود، كأَنَّ النَّومَ جادَه، أَي مَطَره.
قَالَ لَبِيد:
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرى
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المبْتَذَلْ
وَيُقَال: جِيدَ فُلانٌ، إِذا أَشْرف على الهَلاك، كَأَن الْهَلَاك جادَة؛ وَأنْشد:
وقِرْنٍ قد تَرَكْتُ لَدى مِكَرَ
إِذَا مَا جادَهُ النَّزْفُ اسْتَدارا
وَيُقَال: إنِّي لأُجَادُ إِلَى لقائك، أَي أُسَاقُ إليْك، كأَنَّ هَواهُ جادَةُ الشَّوْقُ، أَيْ مَطَرَه، وإنَّه ليُجادُ إِلَى فلَان، وَإِلَى كلِّ شَيْء يَهْواه.
وَقَالَ الليْث مثل ذَلِك، وَقَالَ: هُوَ يجُودُ بنَفْسِه، ويَرِيقُ بنَفْسه ويَفُوق بهَا، إِذا كَانَ فِي السّياق. وَهُوَ يَسُوق نَفسه، ويغيظُ نَفسه بِلَا بَاء. وَقَالَ: وَهُوَ يجُودُ بنَفسه، مَعْنَاهُ يَسوقُ نَفسَه، من قَوْلهم: إنَّ فلَانا ليُجادُ إِلَى فلَان، وَإنَّهُ لَيُجاد إِلَى حَتْفِهِ، أَي يُساق إِلَيْهِ. وَقَول لبيد:
ومَجُودٍ من صُبابات الكَرى
مَعْنَاهُ سِيقُ إِلَى صُبَابات الكَرى.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَعْنَاهُ صُبَّت عَلَيْهِ صُبابات الكَرى صبًّا من جَوْد الْمَطَر وَهُوَ الْكثير مِنْهُ.
وَيُقَال: أَجادَ فلانٌ فِي عِلمه، وأَجْوَدَ وجَوَّدَ فِي عَدْوِه تجويداً. وعَدَا وعَدْواً جَوَاداً. وإنِّي لأجَادُ إِلَى الْقِتَال: أَي لأساق إِلَيْهِ.
والجيدُ: مُقَدَّمُ العنقُ، وَجمعه أَجياد وامْرأَةٌ جيْدَاء، إِذا كَانَت طَوِيلَة العنقَ، لَا يُنْعَت بِهِ الرُّجل. وَقَالَ العجاج:
تسمعُ للحَلْيِ إِذا مَا وَسْوسَا
وارتجَّ فِي أجيادِها وأَجْرَساً
جَمْعُ الْجيد بِمَا حَوْله. قَالَ: وامرأةٌ جيْد أَنه حَسَنةُ الْجيد.
أَبُو عبيد: أَجادَ الرَّجُل، إِذا كانَ ذَا دابَّةٍ جَوَادٍ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمِثْلُكِ قَدْ لَهَوْتِ بهَا وأَرْضٍ
مَهَامَه لَا يَقُودُ بهَا الْمُجِيدُ
ويُقال: أَجَاديه أَبَوَاه: إِذا وَلَدَهُ جَوَاداً.
وَقَالَ الفرزدق:
قَومٌ أَبُوهُمْ أَبُو العَاصِي أَجاد بهم
قَرْمٌ نجيبٌ لجَدَّاتٍ مَنَاجِيب
اللِّحياني: سرنا عُقْبَةً جواداً، وسِرْنا عُقْبَتَيْن جَوَادَيْن، وسِرْنا عُقُباً أَجْواداً إِذا كانَتْ بَعِيْدَةً.
وَيُقَال: جَاوَرْتُ فُلاناً فجدتُه أَجُودُه إِذا غَلَبْتَهُ فِي الْجُود.

(11/108)


وَقَالَ أَبُو سعيد: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: كنتُ أَجْلِسُ إِلَى الْقَوْم يَتجاوَبُون الحَدِيث، ويَتجاودُون، فَقلت لَهُ: مَا يَتجاوَدون؟
قَالَ: يَنْظرون أَيُّهُمْ أَجْوَد حُجَّةً.
وأَرْضٌ مَجُودَةٌ: أَصَابها مَطَرٌ جَوْدٌ.
وجَاد عملُه يَجُود جَوْدَةً، وَجَدْتُ لَهُ بالمالِ جُوداً، وقَوْمٌ أَجْوَادٌ وجُودٌ، ونِساءٌ جُودٌ.
قَالَ الأَخْطَل:
وَهُنَّ بالبَذلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
ابْن هانىء عَن أبي زيد: وَقَعَ النّاسُ فِي أَبي جادٍ أَي فِي باطلٍ.
جدا: قَالَ الأصمعيّ: الْجَداءُ الغَنَاءُ مَحدودٌ، يُقَال: فلانٌ قليلُ الجدَاء عَنْك: أَي قليلُ الغَنَاءِ، وَمِنْه يُقَال: قَلَّ مَا يُجْدِي فلانٌ عَنْك، أَي قلَّ مَا يُعْنِي.
والجَدَى من العَطِيّة مقصورٌ، يُقَال: فلانٌ قليلُ الجَدَى على قومه، وَيُقَال: مَا أَصَبْتُ من فلانٍ جَدْوَى قطُّ أَي عَطِيَّة، وَيُقَال: فلانٌ يَجْتَدِي فلَانا، ويجْدُوه أَي يسأَله، والسُّؤَّال: الطالبون، يُقَال لَهُم: الْمُجتَدُون.
وَيُقَال: أَصَابَنا مطَرٌ جدًى، أَي مطرٌ عَام.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَدَى علينا فلانٌ يجدو جَدْوَى، وأجدى فلَان أَي أَعْطَى، وَقَالَ: قومٌ جُداةٌ ومُجْتَدُون.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو، يُقَال: هَذِه بصيرةٌ من دَمٍ، وجَدِيَّةٌ من دمٍ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الجِدِيَّةُ مَا لَزِقَ بالجَسَد، والبَصِيرَةُ مَا كَانَ على الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدِيَّة هِيَ لونُ الْوَجْه. يُقَال: اصْفَرّتْ جَدِيَّةُ وجهِه، وَأنْشد:
تَخَالُ جَدِيَّةَ الأبطالِ فِيهَا
غداةَ الرَّوْع جادِيّاً مَدُوفاً
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الجَادِيُّ الزَّعْفَرَانُ، والجِسَادُ مثله.
جاديَّة: قَرْيَة بِالشَّام ينْبت بهَا الزَّعْفَرَان؛ فَلذَلِك قَالُوا جادِيّ.
وَقَالَ عَبَّاس بن مَرْداس:
سُيول الجَدِيّة جادتْ بهَا
مُراشاةُ كلِّ قتيلٍ قَتِيلا
سُلَيْمٌ وَمن ذَا الَّذِي مثلهم
إِذا مَا ذَوُو الْفضل عَدّوا الفضولا
أَرَادَ جَدِيَّة الدَّم.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الجَدَاية من أَوْلَاد الظِّبَاءِ الذّكر وَالْأُنْثَى مِنْهَا. قَالَ: والجَدْيُ الذّكر من أَوْلَاد المِعْزَى، وَإِذا أَجذَعَ الجَدْي والعَنَاقُ سُمِّيَ عريضاً وعَتُوداً. ويقالُ للجدْي: إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ، وهِلَّعٌ وهِلّعَةٌ، قَالَ: والعُطْعُطُ الجَدْي.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: من أداةِ الرَّحْلِ

(11/109)


الجَدْيَاتُ، واحدتُها جَدْيَةٌ بتَخْفِيف الْيَاء، وَهِي القِطَع من الأكْسِيَة المحشُوَّةِ، تُشَدُّ تَحت ظَلِفَات الرَّحْل. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي الجَدْية مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: فِي جَدْيات القَتَبِ مثله. وَقد جَدَّيْنَا قَتَبَنَا بجَديَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: جَدْيةُ السَّرْج الَّتِي يُسَمُّونها الْحَدِيدة، والجميع الجَدْياتُ.
وَيُقَال: إِنَّهَا لسماءٌ جَدًى مَا لَهَا خُلْفٌ، أَي واسعٌ عامٌ.
وَيُقَال للرجل: إنَّ خيْرَه لجَدًى على النّاس، أَي واسعٌ.
ابْن السكّيت: الجَدَي يُكتب بِالْألف وبالياء. ونجْمٌ فِي السَّماءِ، يُقَال لَهُ: الجَدْي قريبٌ من القُطْب.
وَأما الَّذِي يُقال لَهُ الجَدْي، فَهُوَ بِلِزْقِ الدَّلْوِ، وَهُوَ غيرُ جَدْي القُطْب. والجُدَاءُ محدودُ: مبلغُ حسابِ الضَّرْبِ، ثلاثةٌ فِي اثْنَيْنِ، جُدَاء ذَلِك ستّة.
وجد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: وَجَدْتُ على فلَان فأَنا أَجِدُ عَلَيْهِ مَوْجِدَةً وَذَلِكَ فِي الغَضب، ووجَدْتُ بفلان فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وَذَلِكَ فِي الحُزْن، وإنّه لَيَجِد بفلانة وجْداً شَدِيدا إِذا كَانَ يَهْواها، ووجدتُ فِي الغِنى واليَسَار وُجْداً ووِجداناً، وَمِنْه قَوْله: لَيُّ الواجِد يُحِلّ عِرْضَه وعقوبته.
قَالَ أَبُو عبيد: اللَّيُّ المَطْلُ، والواجِدُ: الَّذِي يَجد مَا يقْضِي بِهِ ديْنَه، وَمثله: مَطْلُ الغَنيّ ظُلْمٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزٌ: {أَجْراً أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلَاتِ حَمْلٍ} (الطَّلَاق: 6) . وقرِىء (من وِجْدِكم) .
يُقَال: وجدْتُ فِي المَال وُجداً ووِجْداً وجِدَةً، أَي صِرْتُ ذَا مَال، ووجدْت الضَّالَّةِ وِجداناً، وَقد يُسْتَعْملُ الوجدانُ فِي الوُجد؛ وَمِنْه قَول الْعَرَب: وِجدانُ الرَّقِين يُغَطِّي أَفَنَ الأفِين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: توجَّدَ فلانٌ أَمْرَ كَذَا أَي شكاه، وهُمْ لَا يتَوَجّدُون سهرَ لَيْلهِم، وَلَا يَشْكون مَا مَسّهم من مَشَقَّتِهِ.
ابْن السّكّيت، عَن الأصمعيّ: الحمدُ لله الَّذِي أَوْجَدَني بَعْدَمَا أَفْقَرَني أَي أَغْنَاني. والواجِدُ: الغَنِيّ، وأَنشد:
الحمدُ للَّهِ الغَنيِّ الواجِدِ
وَيُقَال: الحمدُ لله الَّذِي آجَدَنِي بعد ضعفٍ، أَي قَوّاني.
وناقَةٌ أُجُدٌ، أَي قويَّةٌ مُوثَّقَةُ الخَلْق.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَجْدُ اشتقَاقُه من الإجاد، والإِجادُ كالطّاق الْقصير. يُقَال: عَقْدٌ مُوَجَّدٌ، وبابٌ مُوَجَّدٌ. وناقَةٌ مُؤْجَدَة القَرَى، وناقةٌ أُجُدٌ، وَهِي الَّتِي فَقارُ ظَهْرِها مُتّصِلٌ كأَنَّه عَظمٌ وَاحِد.
ابْن السّكيت: بناءٌ مُؤَجّدٌ وثيقٌ مُحْكم.
ودج: قَالَ اللَّيْث: الوَدَجُ عِرْقٌ متصلٌ من

(11/110)


الرّأس إِلَى السَّحْر، والجميع الْأَوْدَاج، وَهِي عروقٌ تكْتَنِفُ الْحُلْقُوم، فَإِذا فُصِدَ قيل: وُدِّجَ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْوَدَجَان عِرْقَانِ غليظانِ عريضانِ عَن يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْر ويسارها، والوريدَانِ بجنْبِ الْوَدَجَين. فالودَجَان: من الْجَداول الَّتِي تجْرِي فِيهَا الدِّماء، والوريدان: للنّبْضِ والنَّفَس.
وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ ودَجِي إِلَيْك: أَي وسيلَتي وسبَبَي، والتَّوْدِيجُ فِي الدّوابّ كالفَصْدِ فِي النَّاس.
أَبُو عُبَيد: ودَجْتُ بيْنَ القَوْمَ أَدِجُ، وَدْجاً إِذا أَصْلَحْتَ.
أَبُو مَالك: يُقَال لْلأَخوين هُما وَدَجَان.
وَقَالَ زيد الْخَيل:
فقُبِّحْتُمَا من وافِدَيْنِ اصْطُفِيتُمَا
وَمن وَدَجَيْ حَرْبٍ تَلَقَّحُ حائلِ
أَرَادَ بوَدَجَيْ حَرْبٍ أخَوَا حرْب.
ابْن شُميل: المَوَادَجَةُ المسَالَمَةُ والمُلايَنَةُ، وحُسْنُ الخُلق، ولينُ الْجَانِب.
دجا: قَالَ اللَّيْث: الدُّجْوُ الظُّلْمَة، ولَيْلَةُ داجِيَةٌ مُدْجِيَةٌ، وَقد دَجَتْ تَدْجُو، وأَدْجَت تُدْجِي.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ دَجَا اللَّيْل يَدْجُو إِذَا ألْبَسَ كلَّ شَيْء، قَالَ: ولَيْسَ هُوَ من الظُّلْمَةِ قَالَ: وأَنْشَدني أَعْرَابي:
أَبَى مُذْدجَا الإسْلام لَا يَتَحنَّفُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: دَجَا الشَّيْءُ الشَّيْءَ، إذَا سَتَرَه. قَالَ: وَمعنى الْبَيْت يَقُول: لَجَّ هَذَا الكافِرُ أَنْ يُسْلِمَ بَعْدَمَا غَطَّى الإسْلامُ بِثَوْبِهِ كلَّ شَيْء.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، يُقَال: مَا كانَ ذَاكَ مُذْدَجَا الإسْلام، أَي أَلْبَسَ كُلَّ شَيْء، وَيُقَال: دَجَا شَعْرُ الماعِزَةِ، رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنَّهُ لَفِي عَيْشٍ دَاجٍ دجيِّ، وَأنْشد:
والْعَيْشُ دَاجٍ كَنَفاً جِلْبَابُه
قَالَ: وَيُقَال دَاجَيْتُ فُلاناً إِذَا ماسَحْتَهُ على مَا فِي قَلْبِهِ وجَامَلَته.
والْمُدَاجَاةُ: الْمُدَارَاةُ. والْمُداجاة: الْمُطَاوَلَة.
أَبُو عُبيد: دَاجَيْتُهُ وَوَالَيْتُه، وصَادَيْتُهُ، إِذَا دَارَيْتَه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الدُّجى: صِغَارُ النَّحْل، وَأنْشد:
دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيب الْمُعَسَّلِ
والدُّجّيَةُ: قُتْرَةُ الصَّائِدِ، وَجَمعهَا: الدُّجَى.
قَالَ الشّمّاخ:
عَلَيْهَا الدُّجَى الْمُسْتَنْشآتُ كَأَنَّها
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الْجَزَاجِزُ
والدجْيَةُ: الظُّلمَة، وجَمْعها: الدُّجَى.

(11/111)


أَبُو عَمْرو: الدَّجْوُ الْجِماعُ، وَأنْشد:
لَمَّا دجَاها بِمتَلَ كالصَّقَبْ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الدُّجَى الصُّوفُ الأَحْمر، وأَرَاد الشَّماخُ هَذَا بقوله: عَلَيْها الدُّجَى.
يُقَال: دِجًى ودُجًى.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأَعْرابي، قَالَ: مُحاجَاةٌ للأَعْراب، يَقُولون: ثَلاثُ دُجَهْ يَحْمِلْنَ دُجَهْ، إِلَى الُغَيْهَبَان، فالمِنْثَجَهْ. قَالَ: الدُّجَه: الأصَابِعُ الثَّلاثَ، والدُّجَةُ: اللُّقمَة، والْغَيْهَبَان: الْبَطْن، والمِنْثجة: الإسْت.
قَالَ: والدُّجَة زِرُّ الْقمِيص، يقَال: أَصْلحْ دُجَةَ قمِيصك، قَالَ: والدُّجَةُ على أَربع أَصَابِع من عُنْتُوتِ القَوْس؛ وَهُوَ الحَزّ الَّذِي تدخل فِيهِ الْغانَة والْغَانَةُ حلَقَةُ رأْسِ الْوتَر.
ديج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: داجَ الرجلُ يَدُوج دَوْجاً إِذا خَدَمَ. ودَاجَ يَدِيجُ دَيْجاً وَدَيَجاناً، إِذا مَشَى قَليلاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدَّاجَةُ تُباعُ الْعَسْكَر بالتَّخْفِيف.
وَقَالَ شَمِر: الدَّيِّجانُ الْحَوَاشي الصِّغَار، وأَنْشدَ:
باتَتْ تُداعى قَرَباً أفَايَجَا
بالْخَلِّ تَدْعُو الدَّيِّجَانَ الدَّاجِحَا
وَجَاء رَجلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَركْتُ من حاجَةِ وَلَا دَاجةٍ إِلاَّ أَتَيْتُ، أَرَادَ أَنه لم يَدَعْ شَيْئاً دَعَتْهُ إِلَيْهِ نَفْسُه من الْمعاصِي الشَّهوات إِلَّا أَتاها. قَالَ: ودَاجةُ إتباعٌ لحَاجَة كَمَا يُقَال: حَسَنٌ بَسَنٌ.
وَقيل الدّاجَةُ: مَا صَغُرَ من الحَوَائج، والْحاجَةُ: مَا عَظُمَ مِنْها.
جَيَد: الجِيد: العُنُق، وَامْرَأَة جَيْدَاء: طَوِيلَة الْعُنُق حَسنتُه، وأَجْياد: مَوضِع فِي مَكَّة مَعْرُوف.
أَبُو عبيد: عَن أبي عُبَيْدة، أَنه قَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
وَبَيْدَاءَ تَحْسِبُ آرامَها
رِجالَ جِيَادٍ بأَجْيَادِهَا
قَالَ: أَرادَ بالأَجْيَاد الْجُوذِيَاء، وَهُوَ الكِساءُ بالفارِسيَّة وأَنشدَ شَمِر لأَبي زُبَيْد الطَّائِي فِي صِفَةِ الأسَد:
حَتى إِذَا مَا رأَى الأبْصارَ قَدْ غَفَلَتْ
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُوذِيَّ سَمُّورِ
قَالَ: جُوذيَّ: بالنبطيّة جُّوذياء، أَرَادَ جُبّةَ سَمّور.

(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت (وَا يء)
جوت، تَاج، توج: (مستعملة) .
توج (تَاج) : قَالَ اللّيث: التّاج: جمعه التِّيجان، وَالْفِعْل التَّتْوِيج.

(11/112)


ابْن الأعرابيّ: الْعَرب تُسَمِّي العِمامة التَّاج، وَقد تَوَّجَهُ إِذا عَمَّمه، ويَكون تَوَّجَه بِمَعْنى سَوَّده، والمْتَوَّج: المُسَوَّد، وَكَذَلِكَ المُعَمَّم، والعمائمُ: تِيجانُ الْعَرَب، والأكاليل: تِيجانُ مُلوك الْعَجَم.
ويُقال للصَّلِيحَةِ من الفِضة تاجَة، وأَصْله تازَةُ بالْفارِسِيَّة لِلدِّرْهَم المَضْروبِ حَديثاً. وَقَول هِمْيان:
تَنَصَّفَ النَّاسُ الهمامَ التائجا
أرادَ مَلِكاً ذَا تَاج، وَهَذَا كَمَا يُقَال: رَجُلٌ دَارعٌ: ذُو دِرْعٍ.

وتَوَّجُ: اسْم مَوْضِع، وَهُوَ مَأْسَدَة، ذَكره مُلَيْح الهُذَليّ:
ومِنْ دُونِهِ أَثْباجُ فَلْجَ وَتَوَّجُ
جوت: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: يُقَال لِلْبعير إِذا دَعَوْتَهُ إِلَى المَاء، جَوْتَ جَوْتَ، وأَنْشَد:
كَمَا رُعْتَ بالْجَوْتِ الظِّمَاءَ الصَّوادِيا
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: يُقال للبعير: جَوْتَ جَوْتَ، فَإِذا أَدْخَلوا عَلَيْهِ الْألف واللاَّم تَرَكُوهُ على حَاله قبل دُخُولهما.
وكانَ أَبُو عَمْرو يكسر التَّاء من قَوْله: (كَمَا رُعْتَ بالْجَوْتِ) ؛ وَيَقُول: إِذا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام ذَهَبتْ مِنْهُ الحِكَاية، والأوّل قَوْلُ الفَرّاء وَالْكسَائِيّ وَكَانَ أَبُو الْهَيْثَم يُنكر النَّصب، وَيَقُول: إِذا دخل الألفُ أُعرب، وينشده: كَمَا رعتَ بالجَوْتِ.

(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ (وَا يء)
جوظ: روى أَبُو الْعَبَّاس، عَن سلَمة، عَن الفَرّاء: يُقَال للرّجُل الطّويل الْجِسم، الأكُول، الشّرُوب، البَطِر، الْكافِرِ: جَوّاظ، جَظٌّ، جِعْظار.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَوّاظَةُ الأكُول.
وَقَالَ النّضر: الْجَوّاظ الصَّيّاحُ. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَجُلٌ جَيّاظٌ سَمينٌ سَمِجُ المِشْيَة.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الْجُوَاظُ الضجَرُ، وقِلّة الصّبر على الْأُمُور، يُقَال: ارْفُقْ بجُواظِكَ، وَلَا يُغْنِي جُواظُكَ عَنْك شَيْئا.
وروى القُتَيبيُّ عَن أبي حَاتِم عَن أبي زيد، أَنه قَالَ: الجَوَّاظ الْكثير اللَّحْم، المختال فِي مِشْيته، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الأصمعيْ، وَأنْشد لرُؤبة:
يَعْلو بِهِ ذَا الْقَصَلِ الجوّاظا
قَالَ أَبُو زيد: والجَعْظَرِيُّ: الَّذِي ينتفخ بِمَا لَيْسَ عِنْده. وَهُوَ إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ.
وَحدثنَا السّعديّ قَالَ: حَدثنَا الصَّغَانيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو نُعَيم قَالَ: حَدثنَا سُفْين عَن معبد بن خَالِد قَالَ: سَمِعت حَارِثَة بن وهب الخزاعيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أَلا أُخبركم بأهلِ النَّار؟ كلُّ عُتُلَ جَوّاظٍ مُستكبر) .

(11/113)


(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ (وَا يء)
جذا، جاذ، ذيج، ذاج، وجذ: مستعملة.
جذا: فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَنَّه مَرّ بِقوم يَتَجاذَوْنَ حَجَراً، وَرَوَاهُ بَعضُهم يُجْذُونَ حَجَراً، فَقَالَ: عُمّالُ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ.
قَالَ أَبُو عبيد: الإجْذاءُ إشَالَةُ الحجَرِ لتُعرفَ بِهِ شِدّةُ الرّجل، يُقَال: هُمْ يُجْذَوْنَ حَجَراً وَيَتَجَاذَوْنَه، وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (مَثَلُ الّكافِرِ كَمَثَلِ الأَرَزَةِ المجْذِيَةِ حَتَّى يكون انجِعَافُها مَرّةً وَاحِدَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المجْذِيَةُ الثَّابِتَة على الأَرْض.
قلت: فالإِجْذَاءُ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَاقِعٌ مُتَعَدَ، وهُو فِي هَذَا الحَدِيث الْمَرْفُوع لازمٌ غيرُ واقِع. يُقَال: أجذَى الشْيءُ يُجْذِي إِجذاءً، وجَذا يَجذُو جُذُوًّا، إِذا انْتَصَبَ واسْتَقام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: واجْذَوْذَى اجْذِيذَاءً مثله، وَأنْشد:
أَلَسْتَ بِمُجْذَوْذٍ عَلَى الرّحْل دائِبِ
فَما لَكَ إلاّ مَا رُزِقْتَ نَصِيبُ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: أَجْذَى الشَّيْءُ، إِجْذَاءً، وجَذَا يَجْذُو إِذا ثَبت. لُغتان.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: إِذا حَمَل ولدُ النّاقَةِ فِي سنَامِهِ شَحْماً، فَهُوَ مُجْذٍ، وَقد أَجْذَى. وأمَّا قولُ الرّاعي يَصِفُ ناقَةً صُلْبَة:
وبازِلٍ كعلاةٍ القَيْنِ دوسَرَةٍ
لم يجذُ مِرْفَقُها فِي الدّفِّ من زَوَرِ
فإِنَّهُ أَراد أنّه لم يتباعد من جنْبَيْهِ مُنتصباً من زَوَر، وَكَانَ خلقَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الجوَّاذِيّ الإبلُ السِّرَاع اللَّاتِي لَا يَنْبسِطنَ فِي سَيْرهِنّ، وَلَكِن يَجذُون ويَنتَصِبن.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يصف جِمالاً:
على كل مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه
شَؤُوَ لأبْوَاعِ الجَوَاذِي الرَّواتِكُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الجاذي عَلَى قَدَمَيه، والجاثي على رُكْبَتَيْه.
وَأما الْفراء فإنّه جعلَهُما وَاحِدًا.
ابْن السِّكيت: جِذوةٌ من النَّار، وجِذَى: وَهُوَ العودُ الغليظ يُؤْخَذ فِيهِ نَار. قَالَ: ونبتٌ يُقَال لَهُ الجِذَاه، يُقَال: هَذِه حِذاه كَمَا ترى، فَإِن أَلْقيت مِنْهَا الهاءَ فَهُوَ مقصورٌ يكْتب بِالْيَاءِ لِأَن أَوله مكسور.
والحِجَى: الْعقل: يكْتب بِالْيَاءِ لِأَن أَوله مكسور. واللِّثَى: جمع لِثَةٍ، يكْتب بِالْيَاءِ. قَالَ: والقِضَةُ نبت، يجمع القِضِين. والقِضُون؛ فَإِذا جمعته على مثالِ البُرَى. قلت: القُضَى.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَثَوْتُ وجَذَوْتُ،

(11/114)


وَهُوَ القيامُ على أَطْرَاف الْأَصَابِع. وأنشدنا:
إِذا شِئْتُ غنّتْني دَهاقِينُ قَرْيَةٍ
وصَنّاجةٌ تَجذُو عَلَى كلِّ مَنْسِمٍ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَثَا وجَذَا لُغَتان.
قَالَ: والجاذِي الْقائِم على أَطْرَافه.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ يَصِفُ الْخَيْل:
جَاذِياتٌ على السَّنابِكَ قَدْ أَنْ
حَلَهُنَّ الإسْرَاجُ والإلجامُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله: {بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ} (الْقَصَص: 29) . الجِذوَةُ مثل الجِذمَة، وَهِي القِطعَة الغليظةُ من الخَشَب. لَيْس فِيهَا لَهب، والجميع جُذًى. وَأنْشد:
جَزْلَ الجِذَا غَيْرَ خَوَّارٍ وَلَا ذَعَرِ
وَقَالَ الْفراء: يُقَال جُذوَةٌ من النَّار. وجُثوَةٌ وجَذوةٌ وجَثوَةٌ. وكلٌّ يَقُول: جِذوَةٌ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: الجِذْوَةُ عُودٌ غَلِيظٌ، يكونُ أَحد رأسيْه جَمْرَة، والشّهاب دُونَها فِي الدِّقَّة؛ قَالَ: والشُّعلَةُ مَا كانَ فِي سِرَاجٍ أَوْ فَتِيلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ جاذٍ، وامْرَأَةٌ جاذِيَةٌ، بَيِّنُ الجُذُوِّ، وَهُوَ الْقَصِيرُ البَاع.
وأَنشد:
إنّ الْخِلاَفَةَ لَمْ تَكُنْ مَقْصُورَةً
أَبَداً على جَاذِي الْيَدَيْنِ مُجَذَّرِ
يُرِيد: قَصِير الْيَدَيْنِ المُوَرِّج.
يُقَال: لأصْل الشَّجرة: جِذْيَةٌ وَجِذْلَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: جِذْمُ كلِّ شَيْءٍ، وجِذْيُهُ: أَصْلُه.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: أَكلْنَا طَعاماً فَجاذَى بَيْنَنا، ووَالَى بَيْنَنا، وتابَع بَيْننا، أَي قَتَلَ بَعْضَنا على أَثَرِ بَعْض، وَيُقَال: جَذَبْتُه عَن كَذَا وَكَذَا، وأَجْذَبْتُه: إِذا مَنَعْتَه.
وَمِنْه قَول أبي النَّجْم يصف ظليماً:
وَمرَّة بالحَدِّ من مِجذَايِه
قَالَ: المِجذَى مِنقارُه، أَرَادَ أَنه ينْزع أصُول الْحَشِيش بمِنْقاره.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: المِجْذَى عودٌ يُضرَبُ بِهِ.
وَقَالَ الراجز:
ومَهْمَهٍ للركبِ ذِي انْجياذِ
وَذي تباريحَ وَذي اجْلوّاذِ
لَيْسَ بِذِي عِدَ وَلَا إِجَاذِ
غَلّسْتُ قَبلَ الأَعْقدِ الشَّمّاذِ
لَا أدْرِي انْجِياذٌ أم انْجِباذُ
أَزجّ: أَبُو عَمْرو: أَذَجْ، إِذا أَكْثَرَ من الشُّرْب، وذَأَجَ، إِذا شَرِبَ قَلِيلا.
رَوَاهُ عمر عَن أَبِيه.
جاذ: قَالَ اللّيث: الْجَائِذُ الْعَبّابُ فِي الشُّرْب، والفِعْل: جَأَذَ يَجْأَذُجَأَذَاً، إِذا شَرِبَ.

(11/115)


وَقَالَ أَبُو عَمْرو نَحوَه: جَأَذَ فلانٌ فِي القدَح، يَجأَذُ، إِذا عَبَّ. وَأنْشد:
مُلاَهِسُ القَوْمِ عَلَى الطَّعَامِ
وجَائِذٌ فِي قَرْقَفِ المُدَامِ
ذأج ذيج: أَبُو عبيد (عَن الْأمَوِي) : ذَأَجْتُ السِّقَاءَ نَفَخْتُه.
وَقَالَ شَمر: الذَّأْجُ الجَرْعُ الشَّدِيدُ، ذَأَجَ يَذأَجُ، إِذا أكثرَ من شُرْبِ المَاء. وَأنْشد:
حَوامِضاً يَشْرَبْنَ شُرْباً ذَأْجَا
لَا يَتَعَيَّضْنَ الأُجَاجَ المأْجَا
قَالَ: وذَأَجَهُ، إِذا ذبحه.
قَالَ شَمر: لَمْ أَسْمَعْه بِمَعْنى نَفَخَهُ لغيْر الأُمَوِيّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ذَأَجَ من الشَّرَابِ، ومِن اللّبَن، أَوْ مَا كانَ يَذْأَجُ ذَأَجاً، إِذا أكثرَ مِنْهُ.
أَبُو عُبيد: عَن الفَراء: ذَئِجَ يَذْأَجُ، وقَئِبَ يَقأَبُ، وصَئِبَ وصَئِمَ، إِذا أكثرَ من شُرْب المَاء.
وجذ: أَبُو عَمرو: الوَجْذُ النُّقْرَةُ يَسْتنقعُ فِيهَا المَاء، وَجمعه وِجَاذ وَكَذَلِكَ الوَقْطُ، وَجمعه وِقاطٌ.

(بَاب الْجِيم والثاء)
ج ث (وَا يء)
جوث، ثوج، جأث، جثا، ثأج، وثج، (ثجه) .
جوث جأث: قَالَ اللَّيْث: الجَوَثُ عَظمٌ فِي أَعْلى البَطْنُ كأَنَّهُ بَطنُ الحُبْلَى، والنّعْتُ: أَجوَثُ، وجَوْثَاء.
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: الجَوَثُ اسْتِرخاءُ البَطن.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَأْثُ ثِقَلُ المَشي، يُقَال: أَثقَلهُ الحِمْلُ حَتَّى جَأَثَ.
وَقَالَ غَيره: الجأَثَانُ: ضَرْبٌ من الْمَشْي.
وَأنْشد:
عَفَنْجَجٌ فِي أَهلِه جئَّاثُ
وجُوَاثي: قريةٌ بالبَحْرين مَعْرُوفة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جأَثَ البَعير جَأْثاً، وَهُوَ مِشيَتُه مُوقَراً حِمْلاً.
أَبُو عُبيد: جُئِثَ فَهُوَ مَجْؤُوثٌ، وجُثّ فَهُوَ مَجثُوثٌ، إِذا فَزِعَ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه رأَى جبْريل، قَالَ: فَجُئِثْتُ مِنْهُ فرَقاً) مَعْنَاهُ: ذُعِرْتُ.
ثَعْلَب عَن أبي نصر، عَن الأصمَعيّ: جَأَثَ يَجأَثُ جَأْثاً، إِذا ثَقلَ الْأَخْبَار.
وَأنْشد:
جآثُ أَخْبارٍ لَهَا نَبَّاثُ
ثوج ثأج: ابْن دُرَيْد: الثّوْجُ شَيْءٌ يُعْمَل من الخُوصِ نحْوَ جُوَالِقِ الجصّ، يُحْمَل فِيهِ التُّراب وَغَيره، قَالَ: وَهُوَ عَربيُّ صَحِيح.
أَبُو زيد: ثَأَجت الغَنَمُ تَثأَج ثُؤَاجاً، إِذا صاحَت، وَيُقَال: قَد ثَأَجوا كثُوَاجِ الغَنم.

(11/116)


وثاج: قَرْية فِي أَعراض البَحرين، فِيهَا نخَلٌ زَينٌ.
وَقَالَ أَبُو ترَاب: الثَّوْج: لُغةٌ فِي الفوْج.
وَأنْشد لجندل:
من الدَبا ذَا طَبَقٍ أَثَايِجِ
ويروى: أَفَاوِج، أَو فوْجاً فوْجاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ثاجَ يَثُوج ثَوْجاً، وثَجَا يَثجُو ثَجُواً، مثل حاثَ يَحُوث حَوْثاً، إِذا بَلبَلَ مَتاعَه وفَرَّقَه.
وثج (ثجة) : الحرّانيّ، عَن ابْن السِّكيت؛ عَن الأصمَعيّ: استَوثجَ فُلانٌ من المَال، واستَوثَن استِثيَاجاً، واستِيثاناً، إِذا استَكثرَ مِنْهُ.
والوَثِيجُ: الكثِيفُ من كلِّ شَيْء. واستَوثجَت المرْأَةُ، إِذا تمَّ خَلْقُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَثِيجَة الأَرْض الكثِيرة الشّجر المُلتَفّة، وَيُقَال: بَقلٌ وَثِيجٌ، وكلأٌ وَثِيجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: فرَسٌ وَثِيجٌ: قويّ وَقد وَثُجَ وَثاجةً، وَهُوَ اكتِنازُه.
وَقَالَ العجاج يَصِف جَيْشًا:
بِلَجِبٍ مثلِ الدَّبا أَوْ أَوثَجا
شِمر، عَن أبي عُبَيْدَة: الثَّجَة: الأقنَة، وَهِي حُفْرَةٌ يحتَفرُها ماءُ الْمَطَر. وَأنْشد:
فوَرَدَت صادِيةً حِرارَا
ثِجَاتِ ماءٍ حُفِرَتْ أُوَارَا
أَوقَاتَ أُقنٍ تَعتَلِي الْغِمارَا
وَقَالَ شمِر: والثَّجَّةُ بِفَتْح الثَّاء، وتشدِيد الْجِيم: الرّوضة الَّتِي حُفِرَت فِيهَا الحِياض، وَجَمعها ثجّات، سمِّيت بذلك لثجِّها الماءَ فِيهَا.
شمِر، عَن ابْن الأعرابيّ: مَكَان وَثيجٌ: كثير الْكلأ. وَيُقَال: أَوثِجْ لنا من هَذَا الطَّعام، أَيْ أكثِرْ.
شمِر: من الثِّياب الموْثُوج، وَهُوَ الرِّخو الغَزْل والنّسج، قَالَه رَجل من باهِلة.
جثا: الْفراء: جِثْوَةٌ من النَّار، وجِذْوَةٌ، وجُثْوَةٌ وجُذْوَةٌ.
قَالَ: والجُثَى تُرابٌ مَجْموعَة، واحدتها جُثْوَة.
وَفِي الحَدِيث: (فلانٌ من جُثَي جَهَنَّمْ) وَله مَعْنيان فِيمَا فَسَّر أَبُو عُبيد: أَحدُهما أَنَّه مِمَّن يَجْثُو على الرُّكَب فِيهَا، وَالْآخر أَنه من جماعات أَهْلِ جَهَنَّم، على رِوَايَة من رَوى جُثَى بالتَّخفيف، ومَنْ رَواه من جُثِيّ جَهَنَّم، بتَشْديد الْيَاء، فَهُوَ جَمْعُ الثَّاني.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً} (مَرْيَم: 68) .
وَقَالَ طَرَفَة فِي الجُثْوَةِ يصفُ قَبْرَيْ أَخَوين:
تَرَى جُثْوَ ثَيْنِ من تُرابٍ عَلَيْهِمَا
صَفائحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
وَيُقَال: جثا فُلانٌ على رُكْبَتَيْهِ، يَجْثُو جُثُوّاً

(11/117)


وجِثيّاً.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابنَ شُمَيْل يُقَال للرجل إِنَّه لَعَظِيمُ الجُثْوَةِ، والجُثَّةِ، وجثْوَةُ الرَّجل: جَسَدُه، والجميع الجُثَى.
وأَنشد:
يَوْمَ تَرَى جثْوَتَهُ فِي الأَقْبُرِ
قَالَ: والْقَبْرُ جُثْوَةٌ، وَمَا ارْتَفَعَ من الأرْض، نَحْو ارْتفاعِ الْقَبْر جُثْوَة.
وَقَالَ أَبُو عمر: والجُثْوَةُ التُّرابُ الْمجْتَمِع.

(بَاب الْجِيم وَالرَّاء)
ج ر (وَا يء)
جرى، جأر، جَار، جرو، راج، رجا، أرج، أجر، وجر، رجى.
جرى: فِي حديثِ عبدِ الله بن الشِّخِّير، أَنَّه قَالَ: (قَدِمْتُ الْمَدِينَة فِي رَهْطٍ من بني عَامِر، فسلَّمنا على النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قَائِل منا: أَنْتَ سَيِّدُنا، وأَنْتَ الجَفْنَةُ الغَرّاء، فَقَالَ: (قُولُوا بقَوْلكم، وَلَا يَسْتَجرِيَنَّكُمُ الشّيطان) . كَانَت العربُ تَدْعو السَّيد المِطْعام جَفْنَةً لإطْعامِهِ فِيهَا، وجعلوها غَرَّاء لما فِيهَا من وَضَحِ السَّنَام، وَقَوله: (وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ الشَّيْطَان) ، هُوَ من الجَرِيّ، وَهُوَ الوَكِيل، تَقول: جرَّيْتُ جَرِيّاً، واستجريتُ جَرِيّاً، أَي اتخذتُ وَكيلاً؛ يَقُول: تكلَّموا بِمَا يحضُركم من القَوْل، وَلَا تَتَنَطَّعُوا وَلَا تَسْجَعُوا كأَنما تنطقون على لِسان الشَّيْطَان، وَهَذَا قَول القُتَيْبيّ، وَلم أرَ القومَ سجعوا فِي كَلَامهم، فَينْهاهم عَنهُ، وَلَكنهُمْ مَدَحوا فَكَرِهَ لَهُم الْهَرْفَ فِي الْمَدْح، وَكَانَ فِي ذَلِك تأْدِيبٌ لَهُم ولغيرهم من الَّذين يمدحون النَّاس فِي وجُوههم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الجَرِيُّ الوَكيل. قَالَ: والجَرِيُّ الرَّسول، والجَرِيُّ الضامِن.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَيل تَجْرِي والرياح تجْرِي وَالشَّمْس تجْرِي جَرْياً إِلَّا المَاء فَإِنَّهُ يَجْرِي جِرْيَةً. والجِراءُ: للخيل خَاصَّة. وَأنْشد:
غَمْرُ الجِرَاءِ إِذا قَصَرْتَ عِنَانَه
وفرسٌ ذُو أَجَارِيّ، أَي ذُو فنونٍ من الجَرْي.
قَالَ أَبُو عُبيد: الإِجْرِيّاء الوَجهُ الَّذِي نأخُذُ فِيهِ.
قَالَ لبيد:
عَلَى كلِّ إجرِيّا يَشُقُّ الْخَمائِلاَ
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: جرَّيْتُ جِريّاً. أَي وَكَّلْتُ وَكيلاً، والجَرِيُّ: الرَّسُول.
قَالَ: وَقد جرَّأْتُكَ على فلَان حَتَّى اجتَرَأْتَ عَلَيْهِ جُرْأَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ جَرِيُّ المُقْدَمِ، وَقد جَرُؤَ يَجْرُؤُ جُرْأةً وجراءَةً وجرّأْتُه أَنا تَجْرِئَةً، وَجمع الجريءُ أَجرِئَاءُ بهمزتين، وَيجوز حذف إِحْدَى الهمزتين وَجمع الجَرِيّ

(11/118)


الوَكيل: أَجرِياء، بِمَدَّة فِيهَا همزَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَرُؤَ يَجْرُؤُ جَراءَةً وجَرَائِيَةً علَى فَعالِيَة.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: يُقَال: أَلْقِهِ فِي جَرِيَّتَكَ، وَهِي الحَوْصَلَة. أَبُو زيد: هِيَ القَرِيَّةُ والجَرِيَّةُ والنّوطَة لحَوْصَلَة الطَّائِر؛ هَكَذَا روَاه ثَعْلَب عَن ابْن نَجْدَة عَنهُ بِغَيْر همزٍ.
وَأما ابنُ هانىء فَإِنَّهُ رَوَى لأبي زيد: الجِرَّئَة بِالْهَمْز، والجِرْوُ: جرْوُ الْكَلْب.
وَجمعه جِرَاءٌ مَمْدُود. وَالْعدَد ثَلَاثَة أَجْرٍ؛ كَمَا ترى.
وَفِي الحَدِيث: (أَنه أُهْدِيَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجرٍ زُغْبٍ) والأجرى فِي هَذَا الحَدِيث أُرِيد بهَا صِغار القِثَّاء المزْغِّبَة شُبِّهت بأَجري السِّباع وَالْكلاب لرُطُوبتها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: إِذا أَخْرَجَ الْحَنْظَلُ ثمرَه، فصِغارُه الجِرَاءُ مَمْدُود، وَاحِدهَا جِرْو، ويُقال لِشَجَرَتِه قد أَجَرَت. وَيُقَال: كلْبَةً مُجْرِيَة.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لَهَا
لَحْمِي إِلَى أَجْرٍ حَوَاشِب
أَرَادَ بالمُجرِية هَا هُنَا ضَبُعاً ذَات أَوْلَاد صِغار، شبهها بالْكلْبة المُجْرِية. وَيُقَال للرجل إِذا وَطَّنَ نَفسه على أَمْر: قد ضربَ لَهُ جِرْوَتَه.
وَقَالَ الفرزدق:
فَضَرَبْتُ جِرْوَتَهَا وَقُلتُ لَهَا: اصْبِرِي
وشَدَدْتُ فِي ضيقِ المَقَام إِزَارِي
ثَعْلَب، عَن ابنِ الأعرابيّ: الْجِرْوَةُ النّفْس، وَهِي اللَّوَّامَة، قَالَ: والْجَارِية عَيْنُ كلِّ حَيَوان، والجارِيَة: النِّعمة مِن الله على عِباده.
وَقَالَ غَيره: الْجَارِيَة الشَّمْسُ فِي السَّماء، قَالَ الله: {هُم مُّظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (يس: 38) .
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال جَارِيةٌ بَيِّنَة الجَرَابَةِ والْجَرَاء، وجَرِيٌّ بَيِّنُ الْجَرايَة، وَأنْشد:
والْبيضُ قَدْ عَنَسَتْ وَطَالَ جَراؤُها
قَالَ: وَيُقَال ضَرَبْتُ جِرْوَتِي عَنهُ، وَضَرَبْتُ جِرْوِي عَلَيْه، أَي صَبَرْتُ عَنهُ، وصَبَرْتُ عَليه.
وَفِي الحَدِيث: (الأرْزاقُ جَارِيةً، والأُعْطِياتُ دَارَّة) .
قَالَ شمر: هُما وَاحِد، يَقُول: هُوَ دَائِم، يُقَال: جَرَى عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء ودَرَّ لَهُ بِمَعْنى دامَ لَهُ.
وَقَالَ بِشْر بن أبي خَازم يصف امْرَأَة:
غَذَاها قَارِصٌ يَجْرِي عَلَيْهَا
ومَخْضٌ حِين تُبْتَعّثُ العِشَارُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يجْرِي عَلَيْهَا، أيْ يَدُومُ لَهَا، من قَوْلك:
أَجْرَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، أَي أَدَمْتُ لَهُ،

(11/119)


والجاري لفُلان من الرزق كَذَا، أَي الدَّائم.
وَالْجَارِيَة: عين الشَّمْس فِي السَّمَاء. رُوِيَ لِابْنِ عبد الرحمان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انقطعَ عَنهُ عمله إِلَّا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة) .
جور (جَار) : قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 6) .
قَالَ الزّجاج: الْمَعْنى، إنْ طلب مِنْك أَحدٌ من أَهْل الْحَرْب أَنْ تُجيره من القَتْل إِلَى أَنْ يَسْمَع كَلَام الله فَأَجِرْه، أَي آمِنْه، وعَرَّفْه مَا يجب عَلَيْهِ أَن يَعْرفَه من أمْر الله الَّذِي يَتبَيّن فِي الْإِسْلَام، ثمَّ أَبْلِغْه مَأْمَنَه لِئَلَّا يُصاب بسوءٍ قبل انْتهائِه إِلَى مَأْمَنه.
ويُقال للَّذي يتجيرُ بك جَارٌ، وللَّذِي يُجيره جارٌ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنه قَالَ: الجارُ الَّذِي يجاوِرُك بَيتَ بَيتَ، والْجار النَّفيح: هُوَ الغَريب، والْجار الشَّرِيك فِي العَقار لم يُقاسم وَالْجَار: المُقاسم، والْجار: الحليف. وَالْجَار: النَّاصِر، وَالْجَار: الشَّرِيكُ فِي التِّجارة، فَوْضَى كَانَت التِّجارة أَو عِناناً، والجارة: امْرأَةُ الرجل، وَهُوَ جارها وَالْجَار: فَرْجُ المَرْأَة، والْجارة: الطِّبِّيخة، وَهِي الإِسْت، وَالْجَار: مَا قَرُبَ من المنازِل من السَّاحل، وَالْجَار: الصِّنَّارةُ السَّيِّءُ الجِوار، وَالْجَار: الدّمِثُ: الحَسن الْجوَار، وَالْجَار: اليَرْبُوعِيّ، وَالْجَار: الْمُنَافِق، وَالْجَار: الْبَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ فِي أَفْعاله، والجارُ الْحَسْدَلِيّ: الَّذِي عينُه تراك، وَقَلبه يرعاك.
قلت: وَلما كَانَ الْجَار فِي كَلَام الْعَرَب مُحتملاً لجَمِيع الْمعَانِي الَّتِي ذكرهَا ابْن الأعرابيّ لم يَجُزْ أَنْ تُفَسِّر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْجَار أَحَقُّ بِصَقَبه) ، أَنه الْجَار الملاصق إِلَّا بِدَلالَةِ تدلُّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ طلبُ الدّلالة على مَا أُريد بِهِ، فَقَامَتْ الدّلَالَة فِي سْنَنٍ أُخرى مُفَسِّرَةً أَنَّ المرادَ بالجارِ الشّريكِ الَّذِي لَا يُقاسم، وَلَا يجوزُ أَن يَجْعَل المقاسِمُ مثلَ الشَّرِيك.
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} {وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 48) . فَإِن الفرّاء قَالَ: هَذَا إبليسٌ تَمَثَّلَ فِي صُورَة رَجُلٍ من بني كِنانة، قَالَ: وقولهُ {إِنِّي جَار لكم يريدُ أُجِيركُمْ من قومِي فَلَا يَعْرِضون لكم، وأنْ يَكُونُوا مَعكُمْ على مُحَمَّد، فلمَّا عاين إِبْلِيس الْمَلَائِكَة عَرَفهم، فَنكَصَ هَارِبا، فَقَالَ لَهُ الحارِثُ بنُ هِشام: أَفِراراً من غَيْرِ قِتال؟ فَقَالَ: إِنِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ} (الْأَنْفَال: 48) الْآيَة.
وأَخْبَرَني المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم أَنه

(11/120)


قَالَ: الجارُ والمجِير والمعيذ وَاحِد. ومَن عاذَ بِاللَّه، أَي اسْتجار بِهِ أجاره، وَمن أجارهُ الله لم يُوصَلْ إِلَيْهِ، وَهُوَ يُجير وَلَا يُجار عليهِ أَي يُعيذ.
وَقَالَ اللَّهُ لنَبِيِّهِ: {رَشَداً قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ} (الْجِنّ: 22) . أَي لن يَمْنَعَني من الله أحَدٌ. والجارُ والمجيرُ هُوَ الذِي يَمنعُك ويُجِيرُك.
قَالَ: وَقَول الله حِكَايَة عَن إِبْلِيس {وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 48) أَي إِنِّي مُجِيركُم ومعيذُكم من قومِي بَني كنَانَة. قَالَ: وَكَانَ سَيِّدُ العشِيرة إذَا أجارَ عَلَيْهَا إنْسَانا لم يَخْفِرُوه.
وَقَول اللَّهِ جلّ وعزّ: {وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (النِّسَاء: 36) .
فالجار ذُو القربَى هُوَ نسيبُك النازِلُ مَعَك فِي الْجِواءِ، أَو يكون نازِلاً فِي بَلْدَةٍ وأنتَ فِي أُخْرَى فلهُ حُرْمَةُ جِوار الْقَرابة. وَالْجَار الجُنبِ: أَلا يكون لَهُ مناسباً فَيَجِيءُ إِلَيْهِ فيسأله أنْ يُجيرَه، أَي يَمنعَه، فَينزل مَعَه، فَهَذَا الْجَار الْجنب لَهُ حُرْمَة نُزُوله فِي جِوَارِه ومَنَعَتهِ وركونه إِلَى أَمَانَة وعَهْده، وَالْمَرْأَة جَارة زَوجهَا؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا وأُمِرَ بِأَن يُحسنَ إِلَيْهَا، وَأَن لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تمسكت بعَقْد حُرْمَة قَرابة الصِّهْر، وَصَارَ زَوْجُها جَارَها؛ لِأَنَّهُ يُجيرُها ويَمنعها وَلَا يَعتدِي عَلَيْهَا، وَقد سَمَّى الْأَعْشَى امرَأَته فِي الجاهليةِ جارَة، فَقَالَ:
أيَا جَارتا بِينِي فَإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ مَا دُمْتِ فِينَا وَوَامِقَهْ
يُقَال: أَجَارَ فُلانٌ مَتاعة فِي وِعائهِ وَقد أجاروه فِي أوعيتهم. وَقَالَ أَبُو المثلّم الْهُذلِيّ:
كلوا هَنِيئًا فَإِن أنفقتُمُ بكلا
مِمَّا تُجُير بني الرّمداء فابْتَكلوا
تجير: تَجْعَلهُ فِي الأوعية. وصُرِعَ رجل فَأَرَادَ صارعُه قتْله فَقَالَ: إِجْرِ عليّ إزَارِي فَإِنِّي لم أسْتعن، أَرَادَ دَفْعَ النَّاس من سَلبِي وتعزيتي.
وقالَ أَبُو زيد: يُقالُ جاوَرْتُ فِي بني فلَان، إِذَا جاوَرْتَهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال جُرْجُرْ إِذا أَمَرْته بالاستعداد لِلْعَدُوِّ، وَيُقَال: تجاوَرْنا واجتوَرْنا بِمَعْنى وَاحِد.
جأر جير جور: قَالَ قَتادة فِي قَول الله تَعَالَى: {إِذَا هُمْ يَجْئَرُونَ} (الْمُؤمنِينَ: 64) قَالَ: يَجْزَعون. وَقَالَ السُّدِّي: يَصِيحون. وَقَالَ مُجاهد: يَضْرَعُون دُعَاء.
الأصمعيّ: جَأَرَ الثَّوْرُ جُؤَاراً، وخَارَ خُوَاراً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال جأرت الْبَقرةُ جُؤَاراً، وَهُوَ رَفْعُ صَوْتها، وجأر القَوْمُ إِلَى اللَّهِ

(11/121)


جُؤاراً، وَهُوَ أَن يَرْفعوا أَصْواتهم إِلَى الله مُتَضَرِّعِين.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زِيادٍ الكِلابي والأصمعيّ: الجائِرُ حَزٌّ فِي الحَلْق هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبيد، وَقَالَ شمر: إِنَّمَا هُوَ حزّ فِي الْحلق.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن السَّبَخِيّ عَن الرّياشي، قَالَ: الجَيّارُ الَّذِي يجِدُ حَرّاً شَدِيدا فِي جوْفه وَأنْشد:
كَأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتِهِ
من جُلْبَةِ الجُوعِ جَيارٌ وَإرْزِيزُ
قَالَ: الإرْزيز الطَّعن، والصَّاروجُ أَيْضا يُقَال: لَهُ جَيَّار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جيَّرْتُ الحَوْضَ وأَنشد:
إِذا مَا شَتَتْ لمْ يَسْتَرِبْها، وإنْ تَقِظْ
تُباشِرْ بِصُبْحِ الْمَازِنِيِّ الْمُجَيَّرَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِذا خُلِطَ الرَّمَادُ بالنُّورَةِ والجِصّ فَهُوَ الجَيّار.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: يُقَال جَيْرِ لَا أَفْعَلُ ذاكَ، وَبَعْضهمْ يَقُول: جَيْرَ بالنَّصْب مَعْنَاهَا نَعَمْ وأَجَل، وَهِي خَفْضٌ بِغَيْر تَنوين. وَقَالَ الْكسَائي مثله: فِي الخَفْضِ بِلَا تَنْوِين.
وَقَالَ شَمِر: فِي قَوْلهم لَا جَيْرِ لَا حَقّاً، وَتقول: جَيْرِ لَا أَفْعَلُ ذَاك، وَلَا جَيْرِ لَا أَفُعَلُ ذَاك، وَهِي كَسْرَة لَا تَنْتَقل، وَأنْشد:
جَامِعُ قد أَسْمَعتَ مَنْ تَدْعُو جَيْرِ
وليْسَ يَدْعُو جَامِعٌ إِلَى جَيْرِ
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: جَيْرِ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْيَمين.
ابْن السّكيت: يُقَال: غَيْثٌ جِوَارٌّ، إِذا كَانَ غَزِيراً كَثيرَ المَطر. وَرَوَاهَا الأصمعيّ: غَيْثٌ جُؤَرٌّ بالهَمْز على فُعَلّ، أَي لَهُ صَوْت. وَأنْشد:
لَا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
قَالَ: وَجَأَرَ بالدُّعاءِ إِذا رَفَع صَوْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْرُ: نَقِيضُ العَدْل، والجور: تَرْكُ القَصْد فِي السَّيْر. قَالَ: والفِعْل مِنْهُمَا جَارَ يَجُورُ، وقَومٌ جَارَةٌ وَجَوَرَةٌ، أَي ظَلَمة، قَالَ: والجَوّارُ الَّذِي يَعْمَلُ لَك فِي كَرْمٍ أَو بُسْتَان أَكَّارا.
قلت: لَمْ أَسْمَع الجَوَّار بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللّيث.
وَقَالَ: الْجِوَارُ بالكسرِ: المُجاوَرَة، والْجُوَار: الاسْم، وَيجمع الْجَار أَجْوَاراً وجِيرةً وجيراناً، وَأنْشد:
وَرَسْمِ دارٍ دارِسِ الأجوارِ
ابْن الأعرابيّ: بَعِيرٌ جوَرٌّ: أَي ضَخْم، وأنشدَ:
بَيْنَ خَشَاشَي بَازِلٍ جِوَرِّ
والخِشَاشان: الْجُوَالِقان.
أَبُو عُبيد، عَن أَصْحَابه: طَعَنَه فَجَوَّرَهُ، وَقد تَجَوَّرَ إِذا سَقَط. وَمِنْه الْمثل السائر:

(11/122)


يَوْمٌ بِيَوْمِ الخَفَضِ المُجَوَّرِ
وَقد مر تَفْسِيره.
وَقَالَ غَيره: عُشْبٌ جَأْرٌ وغَمْرٌ، أَي كثير، وَأنْشد:
أَبْشِرْ فهذِي خُوصَةٌ وجَدْرُ
وعُشُبٌ إِذا أكَلْتَ جَأْرُ
وَقَالَ آخر:
وكُلِّلَتْ بالأُقحُوَانِ الْجَأْرِ
وَهُوَ الَّذِي طالَ واكْتَهَل.
أجر: قَالَ الله عزّ وجلّ: {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} (الْقَصَص: 27) .
قَالَ الفرّاء: يَقُول أَن تَجْعَلَ ثَوَابِي أَنْ تَرْعَى عَلَيَّ غنمي ثمانِيَ حِجج.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن حُسَيْن بن فَهْم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، عَن يُونُس، قَالَ: مَعْنَاهَا على أَنْ تُثِيبَنِي على الإجَارَة.
وَمن هَذَا قَول النَّاس: آجرَكَ اللَّهُ أَي أَثَابَكَ الله.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله: {الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ياأَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِىُّ الأَمِينُ} أَي اتَّخِذْهُ أَجيراً، {ياأَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ} أَي خَيْرَ من استَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ، وأَدَّى الامانةَ فِيهِ.
قَالَ: وَقَوله {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} أَي تكون أَجيراً لي ثَمانِيَ حِجَج.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: آجَرهُ الله يَأْجُرُه أَجْراً، وأَجرْتُ الْمَمْلُوك، فَهُوَ مَأْجُورٌ أَجراً، وأَجرْتُه أُوجرهُ إيجاراً، فَهُوَ مُؤْجَرٌ، وكُلٌّ حَسَنٌ من كَلَام الْعَرَب.
قَالَ الله تَعَالَى: {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} (الْقَصَص: 27) وَيُقَال: أَجَرَتْ يَدُ الرجل تَأجُرُ أَجْراً وأُجوراً، وَذَلِكَ إِذا جُبِرَتْ فَبَقِيَ لَهَا عَثْمٌ؛ وَهُوَ مَشَشٌ كَهَيْئَةِ الْوَرَم فِيهِ أَوَدٌ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَجَرَ الْكَسْرُ يَأْجُرُ أُجوراً، إِذا بَرَأَ على اعْوِجَاج، وآجرْتُهَا أَنَا إيجاراً.
وَقَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ الكسائيّ: الإجَارَةُ فِي قَول الخَليل أَن تكُون القافية طَاءً، وَالْأُخْرَى دَالاً، وَنَحْو ذَلِك.
قلت: وَهَذَا من أُجور الْكسر إِذا جبِرَ عَلَى غير اسْتِواء، وَهُوَ فِعالَه. مَنْ أَجَرَ يَأْجُرُ، وَهُوَ مَا أعْطَيْتَ من أَجرٍ فِي عَمَل.
قَالَ: وَالْأَجْر جزَاءُ الْعَمَل، والأَجَّار: سَطْحٌ ليْسَ حَوالَيْه سُتْرَة. وَجمعه أَجَاجِير.
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ باتَ على إجَّار لَيْسَ لَهُ مَا يَرُدُّ قَدَمَيْهِ فقد بَرِيَتْ مِنْهُ الذِّمَّة) أَي على سطح. قَالَه أَبُو عُبيد.
قَالَ: والإنْجارُ لُغة. والصَّواب: الإجَّار.
قَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال مَا زالَ ذَاك هِجِّيراه وإجِّيرَاه، أَي دَأْبَهُ وعادَتَه.
الأصمعيّ: قَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الأَجُرُ مُخَفَّفُ الرَّاء، وَهِي الآجُرَةُ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال آجُورٌ وآجُرٌّ، وَيُقَال لأم

(11/123)


إسماعيلَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاجَرَ وآجَر.
وَقَالَ الكسائيّ: الْعَرَب تَقول: آجُرَّةٌ وآجُرٌّ للْجَمِيع، وآجِرَة وَجَمعهَا آجُرٌ، وآجُرَةٌ وَجَمعهَا آجُرٌ، وأَجُورَةٌ وَجَمعهَا آجُورٌ.
وجر: قَالَ اللَّيْث: الْوَجْرُ أَن تُوجِرَ مَاء أَوْ دَواءً فِي وَسَطِ حَلق صَبيّ، والْميجَر: شِبْه مُسْعُطٍ يُوجَرُ بِهِ الصَّبيَّ الدَّواءُ فِي الْحلق، وَاسم ذَلِك الدَّواء: الوَجُور.
ابْن السِّكّيت وَغَيره: اللَّدودُ مَا كَانَ فِي أَحَد شِقَّي الْفَم، والوَجُورُ فِي أَيِّ الْفَم كانَ، والنَّشُوقُ فِي الأنْف.
وَقَالَ اللَّيْث: أَوْجَرْتُ فلَانا الرُّمحَ، إِذا طَعَنْتَه فِي صَدْره، وَأنْشد:
أَوْجَرتهُ الرُّمْحَ شَزْياً ثمَّ قلتُ لَهُ:
هَذي المرُوءةُ لَا لِعْبُ الزَّحَاليق
قَالَ: والْوَجرُ الخوفُ، يُقَال: إنِّي مِنْهُ لأَوْجر، وأَوْجل، وَوَجِرٌ وَوَجِلٌ، أَيْ خائِف.
والْوِجارُ: سَرَبُ الضَّبُع ونَحوهِ إِذا حَفَر فأَمعن، والجميع أَوْجِرَة.
وَيُقَال: تَوَجَّرْتُ الدَّواء، إِذا ابتلعْته شَيئاً بعدَ شَيْء.
أَبُو خيرة: إِذا شَرِب الرَّجل المَاء كارِهاً فَهُوَ التَّوَجُّر، والتَّكارُهُ، وَوَجرة: مَوضعٌ مَعروف.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْوَجُورُ وَسَطِ الْفَم، وَقد وَجرْتُه الوَجُورَ، وأَوُجرتُه، قَالَ: وأَوْجرتُه الرَّمحَ، لَا غير.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَوْجَرْتُه الماءَ، وأَوْجَرْتُه الرُّمح، وأَوْجرتُه غَيْظاً أَفْعَلْتُه فِي هَذَا كُلِّه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: وجرَته الدَّوَاء أَجرِهُ وَجْراً، إِذا جعَلْتَه فِي فِيهِ.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: يُقَال لجُحْرِ الضَّبَع وَالذِّئْب. وِجَار وَوَجار.
رجا: قَالَ اللَّيْث: الرَّجاءُ مَمْدُود وَهُوَ نقيض الْيَأْس، وَالْفِعْل مِنْهُ، رَجَا يَرْجُو، ورَجِيَ يَرْجَا، وارْتَجَى يَرْتَجِي، وتَرَجَّى وَيَتَرَجَّى.
قَالَ: ومَنْ قَالَ فعلتُ ذَاكَ رَجاةَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ خَطأ، إِنَّمَا يُقَال رَجاءً كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: والرَّجْوُ المُبالاةُ، يُقَال: مَا أَرْجُو، أَي مَا أُبالي.
قلت: أَما قَوْله: رَجِيَ يَرجَى، بِمَعْنى رَجَا. فَمَا سمعته لغير اللَّيْث. وَلَكِن يُقَال: رَجِيَ الرَّجُل يَرجَى إِذا دُهِشَ.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: يُقَال بَعِلَ، وبَقِرَ، ورَتِج، ورَجِيَ، وعَقِرَ، إِذا أرادَ الْكلامَ فأُرْتِجَ عَلَيْهِ.
وَأما قَوْله: الرَّجْوُ الْمَبالاة، فَهُوَ مُنْكَر، إِنَّمَا يُسْتعمل الرَّجاءُ فِي مَوضِع الْخَوْف إِذا كَانَ مَعَه حَرْفُ نَفْي.

(11/124)


وَمِنْه قولُ الله جلَّ وعزَّ: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: 13) الْمَعْنى: مَا لكُمْ لَا تَخافون لله عَظَمة، وَمِنْه قَول الرَّاجز. أنْشدهُ الْفراء:
لَا تَرْتَجِي حِين تُلاقِي الذَّائدَا
أَسَبْعَةٌ لاقَتْ مَعاً أَوْ وَاحداً
قَالَ الْفراء: وَقد قَالَ بعضُ المفَسِّرين فِي قَول الله: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} (النِّسَاء: 104) . إنَّ مَعْنَاهُ تخَافُون.
قَالَ الْفراء: وَلم نَجدْ مَعْنَى الْخوف يكونُ رَجاءً إِلَّا وَمَعَهُ جَحْد. فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ الخوفُ على جهةِ الرَّجا والْخوف، وَكَانَ الرَّجَا كَذلِكَ، كَقَوْل الله جلَّ وعزَّ: {يَتَفَكَّرُونَ قُل لِّلَّذِينَءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الجاثية: 14) هَذِه للَّذين لَا يَخافونَ أيامَ الله.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: 13) .
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
إِذا لسَعَتْهُ النحْل لم يَرْجُ لَسْعَتَها
وحَالَفها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوامِل
قَالَ: وَلَا يَجوزُ رَجوْتك وأنْتَ تُريدُ خِفتُكَ، وَلَا خِفتُكَ وَأَنت تريدُ رَجوْتُك.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّجا مَقصور: ناحيَةُ كلِّ شَيْء، والجميع: الأرْجاء. والاثنان: الرَّجَوَان، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ} (الحاقة: 17) أَي نواحِيها.
وَقَالَ ذُو الرمة:
بَيْنَ الرَّجا والرَّجا من جَيْبِ وَاصِيةٍ
يَهْماء خَابِطُها بالْخَوفِ مكعوم
والأرْجاءُ يُهْمزُ وَلَا يُهمز.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال أَرْجَأْتُ الْأَمر وأَرْجيته، إِذا أخَّرتَهُ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لاَْمْرِ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 106) . وقرىء: {مُرْجَوْنَ لاَْمْرِ اللَّهِ} . وقرىء: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} . وقرىء: (أَرْجِئْهُ وأَخَاه) .
قَالَ: وَيُقَال هَذَا رجلٌ مُرْجِيٌّ، وهم المُرْجِئَةُ، وَإِن شِئْت قلت: مُرْجٍ، وهُم الْمرجيَة.
قَالَ: وينسبون إِلَيْهِ فِي قَول مَنْ لَا يَهمِز مُرْجِيٌّ، وَمن قَالَ بِالْهَمْز قَالَ: مُرْجَائيَّ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيلَ لهَذِهِ العِصَابة مُرْجئة، لأنَّهم قَدَّموا القولَ. وأَرجئوا الْعَمل. أَي أَخَّرُوه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَرْجَأَت الْحامِلُ إِذا دَنَا أَن يَخْرُجَ وَلَدُهَا، فَهِيَ مُرْجيءٌ ومُرْجئةٌ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا أرْجَأَتْ ماتَتْ وَحَىَ سَلِيلُها
وَيُقَال: أرْجَتْ بِغَيْر همزٍ أَيْضا.
روج: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّوْجةُ الْعَجَلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول رَوَّجتُ لَهُ الدَّرَاهِم.

(11/125)


قَالَ: والأوَارِجةُ من كُتب أَصْحَاب الدَّواوين فِي الْخَراج وَغَيره.
يُقَال: هَذَا كتاب التّأْرِيج.
وَقَالَ غَيره: رَوَّجتُ الأمرَ فراجَ يَرُوجُ رَوْجاً إِذا أرَّجتَه.
أرج: قَالَ اللَّيْث: الأَرْجُ نَفحةُ الرِّيح الطَّيِّبَة.
تَقول: أرِجَ البيتُ يأْرَجُ أَرَجاً، فَهُوَ أَرِجٌ بريحٍ طَيِّبَة، والتَّأْرِيجُ شِبْهُ التّأْرِيشِ فِي الْحَرب. وَقَالَ العجاج:
إِنَّا إِذَا مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا
والأرِيجَةُ: الرائِحةُ الطَّيِّبة، وَجَمعهَا الأرَايِيج.
وَقَالَ غَيره: أَرَّثْتُ النارَ وأَرَّجتُها، إِذا شَعْلَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: اليارجان كَأَنَّهُ فارِسيَّة، وَهُوَ من حُلِيِّ الْيَدَيْنِ.
وَقَالَ غَيره: الأيَارِجة دَواء. وَهُوَ معرَّب.

(بَاب الْجِيم وَاللَّام)
ج ل (وَا يء)
جلا، (جلى) ، جال، لَجأ، ولج، وَجل، أجل، جلأ، جيل.
جلا: قَالَ اللّيث: يُقَال جَلا الصيْقَلُ السَّيفَ جِلاءً، واجتَلاه لِنَفسه.
قَالَ لَبِيد:
جُنوحُ الهالِكيِّ على يَدَيْه
مُكِبّاً يجتَلِي نُقَبَ النِّصَالِ
قَالَ: والماشِطَة تَجلُو الْعَرُوس جَلْوةً وجِلْوَة. وَقد جُلِيَتْ على زواجها. واجتلاَها زوْجُها، أَي نَظَر إِلَيْهَا. وأمْرٌ جَلِيٌّ: واضِحٌ.
وَتقول: أَجْلِ ليِ هَذَا الأمرَ، أَي أوْضِحْهُ.
وَقَالَ زُهَيْر:
وإنَّ الْحَقَّ مَقطعُه ثَلاثٌ
يمينٌ أوْ نِفَارٌ أَوْ جِلاَءُ
قَالَ: يُرِيد بالجِلاء الْبَيان، والنِّفار الْمحاكَمة، وَأَرَادَ بالجِلاء البينَة والشُّهود.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال مَا أقَمتُ عِنْدهم إلاَّ جِلاءً يومٍ وَاحِد، أَي بَياضَ يَوْمٍ وَاحِد.
وَقَالَ الراجز:
مَا ليَ إنْ أَقْصَيْتَنِي من مَقْعَدِ
وَلَا بِهَذِي الأرْض من تَجلُّدِ
إلاَّ جلاءَ الْيَوْم أَو ضُحَى الْغَدِ
وَيُقَال للْمَرِيض: جَلاَ اللَّهُ عَنهُ الْمَرَض، أَي كَشَفَه، وَالله يُجَلِّي السَّاعَة، أَي يُظْهِرُها.
قَالَ الله: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ} (الْأَعْرَاف: 187) .
والْبَازِي يُجَلِّي إِذا آنس الصَّيْد، فَرفع طَرْفَه ورأْسه، وتَجَلَّيْتُ الشَّيءَ، إِذا نَظَرْتَ إِلَيْهِ.
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} (الْأَعْرَاف: 143) .
حَدَّثني المنذريّ، عَن أبي بكر الخطّابيّ

(11/126)


عَن هُدْبَة، عَن حَمَّاد، عَن ثَابت، عَن أَنسَ، قَالَ: قَرَأَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} (الْأَعْرَاف: 143) قَالَ: وَضَعَ إبْهامَهُ على قَريبٍ من طَرَفِ أَنْمُلَةِ خِنْصَرِه، فَساخَ الجبَل.
قَالَ حمَّاد: قلت لثابِت: تَقول هَذَا؟ فَقَالَ: يَقُوله: رسولُ الله، ويقوله أَنَس، وأَنا أكتُمْه.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أيْ ظَهَرَ وَبَانَ، وَهُوَ قَول أَهْلِ السُّنَّة وَالْجَمَاعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ الْحسن: تَجَلَّى بَدَا لِلْجَبَلِ نُور العَرْش.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَلاهُ عَن وطَنِه، فَجَلا، أَي طَرَدَهُ فَهَرَبَ، قَالَ: وجَلاَ أَيْضا، إِذا عَلا، وجَلاَ، إِذا اكتَحَل، قَالَ: والجَلاَ. مَقصور، والجِلاَءُ مَمدود، والجِلاَ مَقصور: الأثمِد، وَأنْشد:
أَكحُلْكَ بالصَّابِ أَو بالجِلا
فَفَتِّحْ لذَلِك أَو غَمِّضِ
وَيُقَال: جَلاَ القَومُ عَن أَوْطَانِهم، يَجْلُون، وأَجْلَوْا ويُجلُون، وجَلَّوا يُجِلُّون، إِذا خَرجوا من بَلَدٍ إِلَى بَلد، وَمِنْه يُقَال: استُعمِلَ فلانٌ على الجَالِيةَ؛ والجَالَّةِ لُغَتان.
والجَلاءُ مَمْدُود مَصدَرُ جَلا عَن وَطَنه، وَيُقَال: أَجلاهم السُّلطان فأَجْلَوْا وجَلَوْا، أَي أخرَجَهم فَخَرجوا.
وَقيل لأهلِ الذِّمَّة: الجالِيَة؛ لأنَّ عمر بن الْخطاب أَجلاَهُم عَن جَزِيرَة الْعَرَب لِما تَقَدَّمَ من أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم؛ فسُمُّو جالِيَة. ولزمهم هَذَا الِاسْم أيْنَ حَلُّوا ثُمَّ لَزَمَ كُلَّ من لَزِمتَه الجِزية من أهلِ الْكتاب بكُلِّ بَلَد، وَإِن لم يُجلَوا عَن أَوطانهم.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: جَلَّى فلانٌ امرَأَتَه وَصيفاً حِين اجتَلاها، أَي أَعْطَاهَا وصيفاً عِندَ جَلْوَتِها. وَيُقَال: مَا جِلْوَتُها بِالْكَسْرِ. فيُقال: كَذَا وكَذَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال: جَلَوْتُ بَصَرِي بالْكُحْلِ جَلْواً. وَانجَلى الْفَمُّ انجلاءً. وجَلَوتُ عَنِّي هَمِّي جَلواً، إِذا أَذهَبتَه. وأَجْلَيتُ العمامَةَ عَن رَأْسي، إِذا رَفَعتها مَعَ طَيِّها عَن جَبِينك.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِذا انحسر الشّعرُ عَن جانِبي جَبْهَة الرّجُل، فَهُوَ أَنزَع، وَإِذا زَاد قَلِيلا فَهُوَ أجْلَح، فَإِذا بَلَغَ النِّصفَ وَنَحْوه فَهُوَ أَجلَى، ثمَّ هُوَ أَجْلَهُ، وأَنشد:
مَعَ الجَلاَ ولائِحِ القَتِيرِ
وَقد جَلَى يَجْلِي جَلًى، فَهُوَ أَجْلَى، وانْجَلى الظَّلامُ انْجِلاءً، إِذا انكَشَفَ، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ عَالي الشَّرف، لَا يَخْفَى مكانُه: هُوَ ابْنُ جَلاَ.
وَقَالَ القُلاخ:

(11/127)


أَنا الْقُلاَخُ بنُ قُلاخِ بنِ جلاَ
ابنُ جَتَاثِيْر أَقُودُ الْجَمَلا
وَقَالَ سُحَيْم بن وَثيل الرّياحي:
أَنا ابْنُ جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا
مَتَى أَضَعِ الْعِمامَةَ تَعْرِفوني
وَيُقَال: تَجلَّى فلانٌ مكانَ كَذا، إِذا علاهُ، والأَصْل: تَجَلَّله.
قَالَ ذُو الرمة:
فَلَمَّا تَجَلَّى قَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه
وبَانَ لَهُ وَسْطَ الأَشاءِ انْغِلالُها
قَالَ أَبُو نصر: التَّجَلِّي النَّظَر بالأشراف.
وَقَالَ غَيره: التَّجَلِّي التَّجَلُّل، أَي تَجَلَّلَ فَرْعُها سَمْعَه فِي الْقاع.
رَوَاهُ ابْن الأعرابيّ:
تَجَلَّى فَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه
وَقَالَ الله جَلَّ وعَزَّ: {تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} (الشَّمْس: 3) .
قَالَ الْفراء: إِذا جَلَّى الظُّلْمة، فجازت الكِنَايَة عَن الظّلْمة، وَلم تُذْكَر فِي أوّله: لأنَّ مَعْنَاهَا مَعْروف، أَلا تَرى أَنَّك تَقول: أصْبَحت بارِدَةً، وأَمْسَتْ عَرِيَّةِ؛ وهَبَّتْ شَمالاً، فكَنَّى عَن مُؤَنَّثات لم يَجْرِ لَهُنَّ ذِكْر لِأَن مَعناهُن مَعْروف.
وَقَالَ الزّجّاج: إِذا جَلاَّها إِذا بَيّنَ الشّمس؛ لأنَّها تَتَبين إِذا انْبسط النَّهَار.
وَقَالَ اللَّيْث: أَجْلَيْتُ عَنهُ الْهَمَّ إِذا فَرَّجت عَنهُ، وانْجلت عَنهُ الهموم، كَمَا تَنْجَلِي الظُّلمة.
وَيُقَال: أَخْبرني عَن جَلِيّةِ الأمْر، أَي حَقِيقَتِه.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وآبَ مُضِلُّوه بِعَيْنٍ جَلِيَّةٍ
وغُودِرَ بالجوْلاَنِ حَزْمٌ وناثِلُ
يَقُول: كذَّبُوا بخَبره أَول مَا جَاءَ. فجَاء دافِنوه بِخَبَر مَا عايَنُوه.
ابْن السِّكِّيت: قَالَ الكِسَائيّ: فعلت ذَاك من إجلاَك، وأَجلاَك، وَمن جلالِكَ، أَي فعلته من جَرَّاكَ.
جول جيل: قَالَ اللَّيْث: يُقال جالُوا فِي الْحَرْب جَوْلَةً، وجالوا فِي الطّوفان جَوَلاناً وجوَّلتُ البِلادَ تَجْويلاً، أَي جلْت فِيهَا كثيرا.
والْجَوْلاَنُ: التّراب الَّذِي تَجُولُ بِهِ الرّيح على وَجه الأَرْض.
قَالَ: والْجَوْلُ والْجُولُ، كُلٌّ لغاتٌ فِي الْجَوَلَان. قَالَ: وَيُقَال جَال التُّراب وانْجال. قَالَ: وانْجِياله انكِشاطُه. قَالَ: وَيُقَال للْقَوْم إِذا تركُوا الْقَصْدَ والهُدى: اجتالهم الشَّيْطَان أَي جالوا مَعَه فِي الضّلالة.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ الله جلَّ وعزَّ قَالَ: إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشّياطين)

(11/128)


أَي اسْتَخَفّتْهُم، فجالوا مَعهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: وِشَاحٌ جَايِلُ، وبطانٌ جَايِلُ وَهُوَ السَّلِس.
وَيُقَال: وِشَاحٌ جالٌ، كَمَا يُقال: كَبْشٌ صائِفٌ، وصَافٌ، وَرجل شائِكُ السِّلاح، وشَاكٌ. وَيُقَال: أَجَلْتُ السِّلاح بَين الْقَوْم إِذا حَرَّكْتَها ثمَّ أَفَضْتَ بهَا فِي القِسْمة، وَيُقَال: أَجالوا الرّأيَ فِيمَا بَينهم.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: اجْتَلْتُ مِنْهُم جَوْلاً، وانتضَلْتُ مِنْهُم نَضْلَةً مَعْنَاهُمَا الِاخْتِيَار.
أَبُو عبيد: الْجَالُ والْجولُ نواحي البِئر من أَسفلها إِلَى أَعْلَاهَا.
وَقَالَ أَبُو الهيثَم: يُقَال للرَّجل الَّذِي لَهُ رَأْي ومُسْكَة: رجلٌ لَهُ زَبْرٌ وجَولٌ، أَي تَماسُك لَا ينهدِمُ جُولُه، وَهُوَ مَزبُورٌ مَا فَوق الجُولِ مِنْهُ، وصُلْبٌ مَا تَحت الزَّبْرِ من الجُول.
وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا تماسُك لَهُ وَلَا حزْم: لَيْسَ لفُلَان جُولٌ أَي ينهدِم جُولُه، فَلَا يُؤْمَنُ أَن يكون الزَّبْرُ يسقُط أَيْضا.
وَقَالَ الرّاعي يمدح عبد الْملك:
فأَبوكَ أَحْزَمُهم، وَأَنت أَمِيرهمْ
وأشَدُّهمْ عِنْد العزائم جُولاً
وَيُقَال فِي مَثَل: لَيْسَ لفُلَان جُولٌ وَلَا جالٌ، أَي لَيْسَ لَهُ حزم.
شَمر، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الجولُ الصَّخْرَة الَّتِي فِي المَاء، يكون عَلَيْهَا الطَّيُّ، فإنْ زَالَت تِلْكَ الصَّخْرة، تهوّر الْبِئْر، فَهَذَا أصل الجُول، وَأنْشد:
أَوْفَى على رُكْنين فَوق مَثَابةٍ
عَن جُولِ نازحةِ الرِّشاءِ شَطُونِ
وَقَالَ اللَّيْث: جالاَ الْوَادي جَانبا مَائه، وجالا الْبَحْر شطّاه، والجميع الأجوال، وَأنْشد:
إِذا تنازعَ جالا مَجْهَلٍ قذَفٍ
أَبُو عُبَيْدَة، عَن الفرَّاء، قَالَ: جَوَلانُ المالِ: صغارُه ورديئُه، وجَوْلان: قريةٌ بِالشَّام.
وَقَالَ اللحيانيّ: يومٌ جولانيُّ، وجَيْلانيّ: كثيرُ التُّرَاب، والرِّيج.
ورُوِي عَن عَائِشَة، أنَّها قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل إِلَيْهَا، لبس مِجْوَلا.
قَالَ أَبُو العَبَّاس، قَالَ ابْن الأعرابيّ: المجْوَلُ الصُّدْرةُ، وَهُوَ الصِّدار، قَالَ: والمجوَلُ الدرهمُ الصَّحِيح، والمجوَلُ العُوذَةُ، والمجولُ: الْحمار الوحشيُّ، والمجوَلُ هلالٌ من فِضّةِ يكون وسطَ القلادة، والأجوليُّ من الْخَيل: الجَوَّالُ السَّرِيع.
جلأ: أَبُو زيد: جَلأْتُ بالرجلِ أَجَلأُ بِهِ جَلأً إِذا صَرَعَته، وجلأ بِثَوْبِهِ: رمى بِهِ.
أَبُو عُبيد: الاجئِلال بِوَزْن الافعِلال:

(11/129)


الفزَعُ والوَجل.
وَأنْشد:
للقَلْبِ من خوْفِهِ اجْئِلاَلُ
شَمر، عَن ابْن الأعرابيّ: اجئلال أَصله من الوجل؛ قلت: لَا يَسْتَقيم هَذَا القَوْل إِلَّا أَن يكون مقلوباً كَأَنَّهُ فِي الأَصْل إيجْلال، فأُخِّرت الياءُ والهمزة بعد الْجِيم. وَفِيه وجهٌ آخر.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ أَبُو زيد: من أَسمَاء الضِّباع. والجَيْأَل.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ الجَيْأَلة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم، قَالَ ابْن بُزُرْج، قَالُوا: فِي الجيأَل، وَهِي الضبُع، جأَلَت تجأَلُ، إِذا أَجمعت.
قَالَ:
وَكَانَ لَهَا جاران لَا يُخفرانها
أَبُو جَعْدَةَ العادي وعَرفاءُ جَيْأَل
أَبُو جَعْدَة: الذِّئْب، وعَرفاء: الضبع. وَإِذا اجْتمع الضبع فِي غنم منع كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْلهم: اللهُمّ ضبُعاً وذئباً أَي اجمعهما، وَإِذا اجْتمعَا سلمت الْغنم.
قَالَ: والجَأَثانُ مثلُ مَشي الظليم وَمَا أشبهه من مَشي النَّاس، وَقد جأثت جأَثاناً.
قلت: وَجَائِز أَن يكون اجْئِلال افعِلالاً من جَأَلَ يجأَلُ إِذا ذهب وَجَاء، كَمَا يُقَال: وجَف القلبُ إِذا اضْطَرَبَ.
وَجل: قَالَ اللَّيْث: الوجَل، الخوْف، وَأَنا وَجلٌ من هَذَا الْأَمر، وَقد وجِلْتَ، فَأَنت تَوجلَ، ولُغةٌ أُخْرَى تَيْجلُ، وَيُقَال تأجل، وَهُوَ وَجِلٌ وأوْجل، وَأنْشد:
لَعَمْرَكَ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لأَوْجلُ
عَلَى أَيِّنا تَعْدو المنيَّة أَوَّلُ
جيل: أخبرنَا ابنُ رزين، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن الشاه، عَن المؤرج فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} (الْأَعْرَاف: 27) أَي جِيلُه وَمَعْنَاهُ جِنسه.
وَقَالَ عَمْرو بن بجر: جَيْلانُ فَعَلَةُ الْمُلُوك. وَكَانُوا من أهل الجيل: وَأنْشد:
أتيح لهُ جَيلانُ عِنْد جِدَاره
وردَّد فِيهِ الطرفَ حَتَّى تحيَّرا
وَأنْشد الأصمعيّ:
أرسل جَيلانَ ينحِتون لَهُ
ساتيدَ مَا بالحديد فانصدَعا
وَقَالَ اللَّيْث: الجيلُ كلُّ صنف من النَّاس، التُّرك جيل؛ والصِّين جيل، والجميع أجيال، وجَيْلانُ: جيلٌ من الْمُشْركين خلف الدَّيلم، يُقَال لَهُم: جيلُ جيلان.
ولج: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : وَلَّجَ فلانٌ مَاله توْليجاً، إِذا جعله فِي حَيَاته لبَعض ولَدِه

(11/130)


فتسامَع الناسُ بذلك، فانَقَدَعُو عَن سُؤاله.
وَقَالَ اللَّيْث: الولُوج الدُّخول، قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} (التَّوْبَة: 16) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوليجةُ البطانَة، وَهِي مَأْخُوذَة من وَلَج يَلِجُ وُلوجاً، إِذا دخل، أَي يَتّخذوا بَينهم وَبَين الْكَافرين دخيلةَ مَوَدَّة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الغسّانيّ، عَن أبي عُبَيْدَة، أَنه قَالَ: وَلِيجَةُ، كلّ شيءٍ أدخلته فِي شيءٍ لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ وليجة، وَالرجل يكون فِي الْقَوْم وَلَيْسَ مِنْهُم فَهُوَ وليجةٌ فيهم. يَقُول: فَلَا تَتَّخِذُوا أَوْلِيَاء لَيْسُوا من الْمُسلمين دون الله وَرَسُوله. وَمِنْه قَوْله:
فإنَّ القوافي يَتَّلجْنَ مَوَالجاً
تضايَقَ عَنهُ أَن تَولّجهُ الأمرْ
وَقَالَ الْفراء: الوليجةُ البِطانةُ من الْمُشْركين.
والتَّوْلَجُ: كِنَاسُ الظِّباء وبَقَر الْوَحْش، وَأَصله (وَوْلَج) فَقُلِبَتْ إِحْدَى الواوين تَاء، وَقد اتَّلَجَ فِي تَوْلَجِه، وأَتْلَجُهُ الْحَرُّ فِيهِ، أَي أَوْلَجه.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فِي بعض الرُّقَى: أَعُوذُ باللَّهِ من كُلِّ نَافِثٍ ورَافثٍ، وشَرِّ كُلِّ تَالِجٍ وَوَالِج.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَوْلاَجُ الْوَادِي: مَعاطِفُه وزواياه، وَاحِدَتها وَلَجَة، وتُجْمَعُ: الْوُلُج، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَنْتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ الْبِطاحِ ولَمْ
تَعْطِفْ عَلَيْك الحُنِيُّ والْوُلُجُ
قَالَ: الْحُنِيُّ: الأَزِقَّةِ والوُلُجُ مثله، والْوُلُجُ: النَّواحي، والْوُلُج أَيْضا: مَغَارِف الْعَسَل. وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَلَجَةُ مكانٌ من الْوَادي دايعه فِيهَا شجر، وَأنْشد:
وَلم تُطرّق عَلَيْك الحنِيُّ والوَلَجُ
قَالَ: والوَلَج: جمع وَلَجةٍ.
لَجأ: أَبُو زيد: لَجأَتُ إِلَى الْمَكَان، فَأَنا أَلْجأُ إِلَيْهِ لُجوءًا وَلَجْأً. وأَلْجَأْتُ فُلاناً إِلَى الشَّيء إِلْجاءً إِذا اضْطَرَرْتَه، ولَجَأ: اسْم رجل.
يُقَال: أَلْجَأْتُ الشَّيء، إِذا حَصَّنْتَه فِي مَلْجأ ولجاء والْتَجأْتُ إِلَيْهِ الْتِجاءً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: التَّلجِئَةُ أَنْ يُلجئَكَ أَن تَأتِيَ أمرا باطنُه خلافُ ظَاهره، وَذَلِكَ مثلُ إشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهرٍ، وباطنه خلاف ذَلِك.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَلْجأتُه إِلَى كَذَا، أَي اضْطَررته، قَالَ ولجَّأ فلَان مَاله، والتَّلجئَةُ أَن يَجْعَلَهُ لبَعْضِ وَرَثَتِه دونَ بَعْض، كأَنَّه يَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ وارثهُ، قَالَ: وَلَا تَلجِئَةَ إلاَّ إِلَى وارِث. قَالَ ابْن الأنباريّ: اللَّجَأُ مَهْمُوز مَقْصُور: مَا لجأتَ إِلَيْهِ، واللجا مَقْصُور غير مَهْمُوز: جمع لجاةٍ. وَهِي الضِّفْدَعَةُ الْأُنْثَى، يُقَال لذكرها: لَجأَ.

(11/131)


قَالَ ابْن شُمَيْل: وَيُقَال: أَلَكَ لَجَأٌ يَا فلَان؟ واللَّجَأُ: الزّوجة. وَقَالَ اللِّحيانيّ: يُقَال: مَا لي فِيهِ حَوْجَاءُ وَلا لَوْجَاء، وَمَا لي فِيهِ حُوَيجاء، وَلَا لُوَيجاء كِلَاهُمَا بالمَدّ، أَي مَا لي فِيهِ حَاجَة.
وَقَالَ غَيره: يُقَال مَا لِيَ عَلَيْهِ عِوَجٌ وَلَا لِوَج.
أجل: قَالَ اللَّيْث: الأجَلُ غايةُ الوقْت فِي المَوت، ومَحَلُّ الدَّيْن وَنَحْوه.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: أَجَلْتُ عَلَيْهِم آجَلُ أَجْلاً: أَي جَرَرْتُ جَريرةً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو، وَيُقَال: جَلَبْتُ عَلَيْهِم، وجَرَرْتُ، وأَجَلتُ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي جَنَيْت. الْكسَائي: فعلت ذَاك من أَجْلاَك وإجْلاكَ وَمن جَلاَلِكَ بِمَعْنى وَاحِد.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت: فعلتُ ذَاك من أجْلكَ، وَإِذا اسْقَطْتَ (مِنْ) قلتَ: فعلتُ ذَاك أَجْلَكَ. هَذَا كلامُ الْعَرَب، وَمن أجل جَرَّاك، وَإِذا جِئْتَ ب (من) قلت: من أجلِكَ. وَتقول أجَلَ هَذَا الشَّيْء يأجِلُ فَهُوَ آجِل، وَهُوَ نَقيض الْعَاجل، قَالَ: والأجيلُ والْمُؤَجَّلُ إِلَى وَقْت، وَأنْشد:
وغَايَةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرَّدَى
الحَرانيّ عَن ابْن السّكيت: الأجْلُ: مَصْدَر أجَلَ عَلَيْهِم شَرّاً يَأجِلَهُ أجْلاً إِذا جَنَاه عَلَيْهِ.
وَقَالَ خَوَّاتُ بن جُبَيْر:
وأهْلِ خِبَاءٍ صَالحٍ ذاتُ بَينهم
قد احْتَرَبوا فِي عاجِلٍ أَنا آجِلُه
أَي جَانيه.
قَالَ: والأَجْلُ الْقَطيعُ من بَقَر الْوَحْش، وَجمعه الآجَال.
قَالَ: وحَكَى لنا الفَرَّاء: والإجْلُ وَجَعٌ فِي الْعُنق.
وَحكي عَن أبي الجرَّاحِ، أَنه قَالَ: بِي إجْلٌ فَأَجِّلوني، أَي دَاوُوني.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: هُوَ الأَجَلُ والأَدَل، وَهُوَ وَجَعُ العُنُق من تَعادِي الْوِسَاد.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ الْبَدَلُ أَيْضا، وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِسْرَاءِيلَ} (الْمَائِدَة: 32) . الأَلفُ مقطوعةٌ من جَرَّى ذَلِك وربَّما حَذَفَت الْعَرَب مِنْ فَقَالَت: فَعَلْتُ ذاكَ أجْلَ كَذَا. قَالَ عدِيّ:
أجْلَ أنَّ اللَّهَ قد فَضَّلَكُمْ
فَوق مَا أحكي بصُلْب وإزارِ
رَوَاهُ شَمِر: إجْلَ أَنَّ اللَّهَ قد فضَّلكم.
وَقَالَ اللَّيْث: الآجِلَة الآخِرة، والعاجِلَةُ الدُّنيا.
قلت: والأُصل فِي قَوْلهم فَعَلْتُه من أجلِكَ، من قَوْلهم أجَلَ عَلَيْهِ أجْلاً، أيْ

(11/132)


جَنَى وَجَرَّ. والمَأجَل: شِبْهُ حَوْضٍ واسعٍ يُؤْجَلُ فِيهِ ماءُ القَناة إِذا كَانَ قَلِيلا، أَي يجْمَعُ، ثمَّ يُفجَّر إِلَى المزرعة، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ طَرخَا.
وَقَالَ غير اللَّيْث: المأْجَلُ: الجِبَأةُ الَّتِي يجْتَمع فِيهَا مياه الأمطار من الدّور قلت: وأصلُ قَوْلهم: من أَجلك، مَأْخُوذ من قَوْلك: أجَلْتُ، أَي جَنيت، وَهُوَ كَقَوْلِك: فعلت من جرَّاك.
وَبَعْضهمْ لَا يهمِزُ المأْجَل، وبكسر الْجِيم، فَيَقُول الماجل، ويجعله من المَجْل، وَهُوَ المَاء يجْتَمع فِي النُّقطة تمتلىء مَاء من عَمَل أَو حَرَق.
وأَجَلْ: تَصْديقٌ لخبرٍ يُخْبِرُك بِهِ صاحِبُك، فَنَقُول: فَعل فلَان كَذَا وَكَذَا، فَتُصَدِّقه بقَولك لَهُ: أجَلْ، وأَمَّا نعم، فإنَّه جَوَاب المستَفْهِم بكلامٍ لَا جحَدْ فِيهِ، يَقُول لَك هَل صَلَّيْت، فَتَقول: نعم.

(بَاب الْجِيم وَالنُّون)
ج ن (وَا يء)
جنى، جنأ، وجن، نجا، نجأ، جون، ونج، نأج، أجن، نوج: (مستعملة) .
جنى: رُوِيَ عَن عليّ بنِ أبي طَالب رَضِيَ الله عَنهُ أنَّهُ دخَلَ بَيتَ المَال، فَقَالَ: يَا حَمْراءُ، ويَا بَيْضَاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي. وغُرِّي غَيْري.
هَذَا جَنَايَ وخِيَارُه فِيهِ
إذْ كلُّ جانٍ يَدُه إِلَى فِيهِ
قَالَ أَبو عبيد: يُضرَبُ هَذَا مثلا للرجل يُؤثِرُ صَاحبه بِخِيَار مَا عِنْده.
وَذكر ابْن الْكَلْبِيّ أنَّ الْمثل لعَمْرو بن عَدِيِّ اللّخْمِيّ ابْن أُخْت جَذِيمَة، وَأَن جذيمة نزل منزلا وأمَرَ الناسَ أَن يَجتنُوا لَهُ الْكَمْأَةَ، فَكَانَ بَعضهم يَستأثر بِخَير مَا يجد، فَعندهَا قَالَ عَمْرو:
هَذَا جَنَايَ وخِيارُه فِيه
إذْ كُلُّ جانٍ يَدهُ إِلَى فِيهِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جنى الرجل جِنَايَة، إِذْ جرّ جريرةً على نَفسه أَوْ على قَوْمه يجني، وتجنَّى فلانٌ على فلَان ذَنبا لم يَجْنِه، إِذا تَقَوَّله عَلَيْهِ وَهُوَ برىء.
والجَنَى: الرُّطَبُ.
وَأنْشد الْفراء فِيهِ:
هُزِّي إليْك الجِذعَ يَجنِيك الجَنَى
ويُقال للعسل إِذا اشْتِير: جَنًى، وكلُّ ثَمَرٍ يُجتَنَى، فَهُوَ جَنًى مَقْصُور.
والاجتِناء: أَخْذُكَ إيَّاه، وَهُوَ جنى مَا دَامَ طَرِيّاً، ويُقال لكل شَيْء أُخِذَ من شَجره قد جُنِيَ واجتُنِيَ.
وَقَالَ الراجز يذكر الكَمْأَة:
جنَيْتُهُ من مُجْتَنى عَويص
وَقَالَ آخر:
إنكَ لَا تَجْنِي من الشّوْكِ العِنَبْ
وَيُقَال للثّمر إِذا صُرِمَ: جَنِيّ. 

مجلد 8 من كتاب تهذيب اللغة 

8--وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال جنَيتُ فلَانا جَنًى أَي جنَيْتُه لَهُ، وَأنْشد:
ولَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً
وَلَقَد نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأوْبَرِ
وَقَالَ شمِر: جنيتُك جنَيْتُ لَكَ وَعَلَيْك، وَمِنْه قَوْلك:
جانِيكَ مَنْ يَجني عَلَيْك وقَدْ
تُعْدِي الصِّحاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُ
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْلهم: جانيكَ مَنْ يَجنِي عَلَيْك، يُضْرَب مَثلاً للرّجل يُعاقَب بِجِنَايَتِهِ، وَلَا يُؤخَذُ غَيره بذَنبه.
وَقيل مَعْنَاهُ: إِنَّمَا يَجنِكَ مَنْ جنايَتُه رَاجِعَة إِلَيْك، وَذَلِكَ أنَّ الْإِخْوَة يجنون على الرجل، يدل على ذَلِك قَوْله:
وَقد تُعْدِي الصِّحاحَ مَباركُ الجُرْبِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَمن أَمْثالهم (أَجنَاؤُها أَبْنَاؤها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الأَجناء، جَمْع الْجَانِي، وَالْأَبْنَاء جمع الْبَانِي، مثل: شَاهِد وأشْهاد، ونَاصِر وأَنصار، وَالْمعْنَى أنَّ الَّذِي جنى فَهَدم هُوَ الَّذِي بَنَى بغَيْر تَدْبير فَاحْتَاجَ إِلَى نقص مَا عَمل وإفساده.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فِي قَوْله: (جانيك مَن يجنى عَلَيْك) يُرَاد بِهِ الْجَانِي لَك الْخَيْر مَن يجني عَلَيْك الشرّ. وَأنْشد:
وَقد تُعدي الصِّحَاح مبارك الجُرْب
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ جنأ فِي عَدْوِه إِذا أَلَحَّ وأَكبّ وَأنْشد:
وَكَأَنَّهُ فَوْتَ الجوالب جانئاً
رِئمٌ يضايفه كلابٌ أخْضَعُ
يُضايفه: يُلحِيه رِئمٌ أخضع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَانِي اللَّقّاح.
قلت والجاني: الكاسب.
وَيُقَال: أَجنتِ الشَّجَرَة، إِذا صَار لَهَا جَنًى يُجنيَ فَيؤكل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَجنَى لَهُ باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
جنأ: أَبُو زيد جَنَأَ الرَّجُل يَجْنأُ جُنُوءًا على الشَّيْء، إِذا أكَبَّ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
أغَاضِرَ لَو شَهِدْتِ غَدَاةَ بِنْتُمْ
جُنُوءَ الْعَائِدَاتِ على وِسَادِي
قَالَ: وجَنيءَ الرجلُ يَجْنَأُ جَنَأَ، إِذا كَانَت فِيهِ خِلْقَةً.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرجل إذَا انْكَبَّ على فَرَسه، يَتَّقي الطَّعْن: قد جَنَأَ يَجْنَأ جُنُوءًا.
وَقَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَمَا مِلْتَ جَانئاً
ورُمْتَ حِياضَ الموتِ كلَّ مَرامِ
قَالَ فإِذا كَانَ مُسْتَقيم الظَّهر، ثمَّ أَصَابَهُ جَنَأ، قيل: جَنِىءَ يَجنَأ جَنأ، فَهُوَ أَجنَأَ، قَالَ: وَإِذا أكَبَّ الرجلُ على الرَّجلَ يَقِيه

(11/134)


شَيْئا، قيل: أَجنَأَ عَلَيْهِ إجناء.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ يهوديّاً زَنَى بِامْرَأَة، فأَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرْجِمهما، فَعَلِقَ الرَّجلُ يجانىءُ عَلَيْهَا يَقِيها الحِجَارَة) ، أَي يُكِبُّ عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجْنَأ التُّرْس. قَالَه أَبُو قيس:
وَمُجْنَإٍ اسْمَرَ قَرَّاعِ
قَالَ: والمُجْنَأ حُفْرَةُ الْقَبْر.
قَالَ الْهُذَلِيْ:
إِذَا مَا زَارَ مُجْنأةً عَلَيْهَا
ثِقال الصَّخْرِ والخشَبُ الْقَطِيلُ
وَقَالَ اللَّيْث: الأَجنأ الَّذِي فِي كَاهِله انْحنَاءٌ على صَدره، وَلَيْسَ بالأحْدَب.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: رَجلٌ أَجنَأ وأَدْنأ مهموزان، بِمَعْنى الأقْعَس، وَهُوَ الَّذِي فِي صَدره انْكبابٌ إِلَى ظَهْره.
وَقَالَ اللَّيْث: ظَليم أَجنَأ، ونَعَامَةٌ جَنْآء، وَمن حذف الْهَمْز قَالَ: جَنْواء، والمصدر: الجنَأ، وَأنْشد:
أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأذْنَيْن أَجنَا
قُلت: وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: أجنَى، صَار لَهُ التّنُّومُ والآءُ جَنًى يَأْكُلهُ، وَهُوَ أصَحّ.
نجا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال نَجَا الرَّجل من الشّر يَنْجو نَجْواً أَوْ نَجاةً، وَهُوَ يَنْجُو فِي السُّرعة نَجاءً مَمْدُود، فَهُوَ نَاجٍ سريعٌ، وناقةٌ ناجيَة ونجاةٌ، إِذا كَانَت سريعة.
سَلَمة، عَن الْفراء: الْعَرَب تَقول: النّجاءَ النّجاءَ. والنَّجا النَّجاءَ. (والنَّجاءَكَ النَّجاءَكَ) . والنجاكَ النَّجاكَ، وَأنْشد غَيره:
إنّا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنّجا النَّجا
وَقَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} (النِّسَاء: 114) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنى النَّجوى فِي الْكَلَام مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الجَماعَة والاثنان سِرّاً كَانَ أَو ظَاهرا. قَالَ: وَقَوله جلَّ وَعزَّ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) . قَالَ: هَذَا فِي معنى الْمصدر. وإذْ هم ذُوو نجوى.
والنَّجْوى: اسمٌ للصْدَر، قَالَ: وَمعنى نَجَوْتُ الشَّيْء فِي اللُّغَة: خَلُّصْتُه وأَلقَيتَه، وَيُقَال: نَجَوْتُ الشَّيْء أَنجوه إِذا ناجَيْتَه.
سَلَمة، عَن الفرّاء: نجوْتُ الدَّوَاءَ، إِذا شَرِبْتَه، وَقَالَ: إِنَّمَا كنت أسْمَع من الدَّوَاء مَا أَنْجَيتُه، ونجوْتُ الْجلد وأَنْجَيْتُه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجاني الدَّواء، أَي أقعَدَنِي.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَى فلانٌ إنْجاءاً إِذا جلس على الْغائِطِ فَتَغَوَّطَ، وَقد نجَا الغائِطُ نَفْسُه يَنْجُو.
قَالَ: وَقَالَ بعض الْعَرَب: اللَّحْمُ أَقَلُّ الطَّعَام نَجْواً، والنَّجْوُ: الْعَذِرَةُ نَفْسُها.
قَالَ: واسْتَنْجَيْتُ اسْتِنجاءً، إِذا لَقَطْتَها،

(11/135)


والنَّجو: السَّحابُ الذَّي هَراق ماءَه، وناقة نجاةٌ، أَي سَرِيعَةٌ، واسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ الْحِجَارَة، أَي تَطَهّرْتُ بهَا.
وَقَالَ الكسائيّ: جَلَسْتُ عَن الغائِط فَمَا أَنْجَيْتُ.
أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: أَنجَيْتُ قَضِيباً من الشَّجرةِ، إِذا قَطَعْتَه، واسْتَنْجَيْتُ الشَّجرةَ إِذا قَطَعْتَها من أَصْلِهَا.
وَقَالَ شَمِر: نَجَيْتُ غُصنَ الشَّجرة، واسْتَنْجَيْتُه، إِذا قَطَعْتَه.
قَالَ: وأَرَى الاسْتنجاءَ فِي الوضُوء من هَذِه القَطِعة القَذِرَة بِالْمَاءِ.
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: أَنجَى فلَان شَيْئا وَمَا نَجا شَيْئا منذُ أَيَّام، أَي لم يَأْتِ الْغَائِط.
وَقَالَ اللَّيْث: نَجا فلَان يَنْجو، إِذا أَحْدَثَ ذَنْباً، أَوْ غير ذَلِك ثمَّ يَنْجو. قَالَ: واسْتَنْجى اسْتَفْعل من النجَاة، والاسْتِنجاء هُوَ التَّنظيف بماءٍ أَوْ مَدَر، والنَّجاة: هِيَ النَّجوَةُ من الأَرْض لَا يعلوها السَّيْل، وَأنْشد:
فَأَصُونُ عِرضِي أَنْ ينَال ينَجْوَةٍ
إنَّ البَرىءَ من الْهَنَاتِ سَعِيدُ
وفلانٌ نَجِيُّ فلَان، أَي يُناجيه دون مَنْ سِواه.
وَقَالَ الله: {خَلَصُواْ نَجِيًّا} (يُوسُف: 80) مَعْنَاهُ: اعْتَزلوا النَّاس مُتَناجِين، تَقول: قَوْمٌ نَجِيٌّ وأنجِيَة، وَأنْشد:
إنِّي إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أنْجِيَهْ
واضْطَرَبْت أعْناقُهم كالأَرْشِيَهْ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَجِيٌّ لفظٌ وَاحِد فِي معنى جَميع، وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) ، وَيجوز: قَوْمٌ نَجِيٌّ، وقَوْمٌ أنْجِيَةٌ، وقَوْمٌ نَجْوَى.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجَى، إِذا عَرِق، وأنْجَى، إِذا سَلَحَ، وأنجَى، وَإِذا كشف الجُلَّ عَن ظَهْرِ فَرسه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: {وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا} (العنكبوت: 33) أَي نُخَلِّصَكَ من الْعَذَاب وَأهْلك.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: أنْشد الْفراء، وَذكر أَن الكسائيّ أنْشدهُ:
أقولُ لِصَاحِبَيَّ وقَدْ بَدَا لِي
مَعالِمُ منْهما وهما نَجِيّاً
قَالَ الكسائيّ: أَرَادَ نَجِيّان، فَحذف النُّون. وَقَالَ الْفراء: أَي هما بِموضع نَجْوَى، فنَصب نَجِيّاً على مَذْهب الصِّفة.
وَفِي حَدِيث النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سافرتم فِي الجَدْبِ فاسْتَنْجو) ، مَعْنَاهُ: أسْرِعوا السّير وانجُوا.
وَيُقَال للْقَوْم إِذا انهزَموا: اسْتَنْجُوا، وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد: أوَّلُنا إِذا غَدَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجيْنا) أَي هُوَ حامِيَتُنا، إِذا انهزمنا يَدْفع عَنَّا.

(11/136)


وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ نُلْقيكَ عُرياناً لتَكون لمن خَلْفك عِبْرة، وَقيل: نُلْقيكَ على نَجْوَةٍ من الأرْض.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَّجْوَةُ الْمَكَان الْمُرْتَفع الَّذِي تَظُنُّ أَنه نَجاؤك.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقال للوادي نَجْوَة، وللجَبْلِ نَجْوَة، وللجَبَلِ نجوة، فأمَّا نَجْوَةُ الْوَادي فَسَنَداه جَمِيعًا مُستقيماً؛ ومُسْتَلْقِيا، كُلُّ سَنَدٍ نَجْوة وَكَذَلِكَ هُوَ من الْجَبَل وَمن الأكمة، وكُلُّ سَنَد مُشْرِفٍ لَا يَعْلوه السَّيل فَهُوَ نَجوَةٌ من الأَرْض. وَهِي النجوَات. والرّمل كُله زعم نجوة؛ لأنَّه لَا يكون فِيهِ سَيْلٌ أبدا؛ ونَجْوَةُ الْجَبَل: مَنْبِتٌ للبقل، وَيُقَال: نَجَوْتُ الْجِلْدَ إِذا أَلْقَيْتَه عَن الْبَعِير وَغَيره. وَأنْشد:
فَقُلْتُ: انْجُوَا عَنْها نَجَا الْجِلْدِ إنَّه
سَيُرْضِيكُما مِنْهَا سَنَامٌ وغارِبُهْ
وَقد نَجَوْتُ فلَانا، إِذا اسْتَنْكَهْتَه، قَالَ الشَّاعِر:
نَجَوْتُ مُجَالِداً فوجدْتُ مِنْهُ
كَريحِ الكلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ
وَنَجَوْتُ الْوَتَر واسْتَنْجَيْتُه؛ إِذا خَلَّصْتَه وَأنْشد:
فَتَبازَتْ فتبازَخْتُ لَهَا
جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجِي الْوَتَر
وَقيل: أصل هَذَا كُله من النَّجْوَة، وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض؛ وَقيل: إِن الاسْتَنجاء من الحَدَثَ مأخوذٌ من هَذَا؛ لِأَنَّهُ إِذا أَرَادَ قَضاء الْحاجَة اسْتَتَر بنجْوَةٍ من الأَرْض.
وَقَالَ عَبِيد:
فَمن بِنَجْوَتِه كمنْ بعَقْوَتِهِ
والْمُستَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِفرْوَاحِ
نجأ: قَالَ اللّحيانيّ: يُقَال للرَّجل الشَّديد الإصَابَة بِالْعينِ: إنَّهُ لَنَجُؤُ الْعين، على فَعُل ونَجُوء الْعَين على فَعُول، ونَجِيءُ الْعين على فَعِلَ، ونَجِيءُ الْعين على فعيل. وَقد نَجأْتَه وتَنَجأْته، أَي أصَبْتَهُ. وَيُقَال ادْفع عَنْك نَجْأَةَ السَّائل، أَي أعْطه شَيْئا مِمَّا تأَكل لتدفع بِهِ عَنْك شِدَّةَ نَطَره، وأنشده:
أَلا بِكِ النَّجْأَةُ يَا ردَّادُ
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، والأمَوِيّ: نَجَأْتُ الدَّابَّةَ وَغَيرهَا، أَي أصَبْتُها بعيني، وَالِاسْم: النّجأَة.
ونج: قَالَ اللَّيْث: الْوَنَج ضَرْبٌ من الصَّنْجِ ذِي الأوْتار، وَقَالَ غَيره: الْوَنْجُ: مُعَرّب، وَأَصله: وَنَهْ، والعربُ قَالَت: الْوَنُّ بتَشْديد النُّون.
نأج: قَالَ اللَّيْث: نأَجَ الْبُومُ، يَنْأَجُ نَأْجاً، والإِنسانُ إِذا تَضَرّع فِي دُعَائِهِ نَأَجَ إِلَى الله، بَنْأَجُ، وَهُوَ أضْرعُ مَا يكون وأحْزَنُه، وَأنْشد:

(11/137)


فَلَا يَغرَّنَّكَ قولُ النُّؤَّجِ
الْخَالجِين القولَ كلُّ مَخْلَجِ
وَقَالَ العجاج فِي الْهَام:
واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا
وَقَالَ غَيره: النَّائِجاتُ الرِّياحُ الشَّديدةُ الْهُبوب، ونَأَجَت الإبِلُ فِي سَيرها، وَأنْشد ابْن السِّكّيت:
قَدْ عَلِمَ الأحْماءُ والأزَاوِيجْ
أنْ لَيْس عَنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤوج
قَالَ: والْمَنْؤوجُ الْمَعْطُوفُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: النَّؤوج الريحُ الشَّديد المرّ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: نَأَج الخبرُ: ذَهَب فِي الأرْض.
أجن: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أجِنَ المَاء يَأْجِنُ أُجُوناً، إِذا تَغير غير أَنه شَرُوب. وأسِنَ يأسَنْ أسَناً وأسُوناً، وَهُوَ الَّذِي لَا يَشْربه أحد من نَتْنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: أجُونُ المَاء، وَهُوَ أنْ يَغشاه الْعِرمِضُ والْوَرَقُ.
وَقَالَ العجاج:
عَلَيهِ من سَافِي الرِّياحِ الْخُطَّطِ
أَجْنٌ كِنِّي اللّحْم لم يُشَيَّطِ
قَالَ: ولغة أُخْرَى: أجِنَ يأجَنُ أجَناً.
سَلمَة، عَن الْفراء: يُقَال: إجَّانة وإنجانه وإلْجانَة، بِمَعْنى وَاحِد وأفصحُها إجَّانَة.
وجن: قَالَ اللَّيْث: الوَجْنَةُ مَا ارتفعَ من الخدَّين، الشِّدْق والمَحْجِر، والأَوْجَنُ من الجِمال، والْوَجْنَاءُ من النُّوق: ذَات الوَجْنَةِ الضَّخْمَة، وقَلَّما يُقَال: جَمَلٌ أَوْجَن، وَيُقَال: الوَجْنَةُ: الضخمة، شُبِّهَت بالوَجِين من الأَرْض، وَهُوَ مَتْنٌ ذُو حِجَارةٍ صَغِيرَة.
أبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الوَجِينُ: العارِضُ من الأَرْض يَنْقَادُ ويرتفعُ، وَهُوَ غَليظ.
شَمِر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الأوْجَنُ: الأفْعَلُ من الوَجِين، فِي قَول رُؤْبة:
أَعْيَسَ نَهَّاضٍ كَحَيْدِ الأَوْجَن
قَالَ: والأَوْجَن الجَبَلُ الغَليظ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَجِينُ قُبُلُ الجَبَلِ وسَنَدُه، وَلَا يكون الوَجِينُ إلاَّ لِوَادٍ وَطِىء، يُعَارِضُ فِيهِ الوادِي الدَّاخِل فِي الأَرْض الَّذِي لَهُ أَجْرافٌ كأَنَّها جُدُر، فَتلك الوُجُنُ والأسناد، قَالَ: والناقةُ الوَجْناء تُشَبَّهُ بالوَجِين، وَهِي الْعَظِيمَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِنَّمَا سُمِّيت الوَجْنَةُ وجْنَةً لِنُتُوئها وغِلَظِها.
ابْن السّكيت، عَن الْفراء: حكى الْكسَائي: وُجْنَةٌ وأجْنَةٌ وَوَجْنةٌ، قَالَ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: وِجْنَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا أَدْرِي أيُّ مَنْ وَجَّنَ الجِلدَ هُوَ؟ أيْ أيُّ النَّاس هُوَ؟

(11/138)


وَقَالَ اللِّحيانيّ: المِيَجَنة الَّتِي يُوجَّن بهَا الأدِيم، أَي يُدَقُّ لِيَلِين عِنْد دِباغِه، وَوَجَنَت الدَّابِغَةُ أدِيمَها، إِذا دَقَّته.
وَقَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:
وَلم أرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوَةً
أسَبَّ لأضْيافٍ وأقْبَحَ مَحْجِرا
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: المِيجَنة المِدَقَّة، وَجَمعهَا: مَوَاجِن، وأنشدنا عَن المفَضّل لعامر بن عُقيل السَّعديّ:
رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خَاطِئاتٌ
وأسْتَاهٌ على الأكْوارِ كُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: وَجَّنْتُ بِهِ الأرضَ، وعَدَّنْتُ ومَرَّنْتُ، إِذا ضَربتَ بِهِ الأَرْض.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّوَجُّن: الذُّلُّ والخُضوع، وَامْرَأَة مَوْجُونَة، وَهِي الخَجِلَةُ من كثْرةِ الذُّنوب.
ابْن السِّكيت: رَجُلٌ مُوَجَّن إِذا كَانَ عَظِيمَ الوَجَنَات.
جون: قَالَ اللَّيْث: الجَوْنُ الأسْوَدُ اليَحْمُومِيُّ، وَالْأُنْثَى جَوْنَة، والجميع جُون، وَيُقَال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ من بَعِيد، وكلّ حمارِ وَحْشٍ جَوْنٌ من بعيد، وعينُ الشَّمْس تُسَمّى جَوْنَة، وكلُّ لونِ سوادٍ مُشْربٍ حُمْرَة جَوْن، أَو سوادٍ مُخالِطُه حُمْرة كلَوْنِ القَطا.
ابْن السِّكيت: القطا ضَرْبَان: جُونيُّ وكُدْرِيُّ، أَخْرجُوهُ على فعْلِيّ؛ فالجُونيُّ والكُدْرِيُّ وَاحِد، والضَّربُ الثَّانِي: القَطاط.
قَالَ: والكُدْرِيُّ والجُونيُّ مَا كَانَ أكْدَر الظّهْر أسْود باطِنَ الْجنَاح مُصْفَرَّ الحَلْق قصير الرِّجْلين، فِي ذَنَبه رِيشَتان أطولْ من سَائِر الذَّنب.
قَالَ: والقَطاطُ مِنْهُ مَا كَانَ أسود بَاطِن أجنحته، وطالت أرْجُله، واغْبَرَّتْ ظُهُوره، غُبرة لَيست بالشديدة، وعظمت عُيونه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُونَةُ سُلَيْلَةٌ مستديرة مُغَشَّاةُ أَدَماً، تكون مَعَ العطَّارين، وَجَمعهَا جُوَنٌ وَمِنْهُم من يهمز الجُؤَن. وَقَالَ الْأَعْشَى:
إذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ
وَكَانَ المِصاعُ بِمَا فِي الجُوَنْ
يصف نسَاء تَصَدَّيْن للرِّجَال حاليات.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّجوُّنُ تَبْيِيض بَاب العَروس، والتَّجوُّنُ تَسْوِيدُ بَاب الميّت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَوْنُ الأسْودَ، والجَونُ الأبْيض. قَالَ وأتِيَ الحجاجُ بِدِرْعٍ وَكَانَت صافِية، فَجعل لَا يَرى صَفاءها، فَقَالَ لَهُ فلَان، وَكَانَ فَصيحاً: إِن الشَّمْس جَوْنَة، يَعْنِي أَنَّهَا شَدِيدَة البَرِيق، والصفاء فقد قَهَرَتْ لونَ الدِّرع، وَأنْشد الأصمعيّ:
غَيَّر يَا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْنِي
طولُ اللَّيالي واختلافَ الجَوْنِ
يريدُ النَّهار. وَقَالَ آخر:

(11/139)


يُبَادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا
وَقَالَ الفرزدق:
وجَوْنٍ عَلَيْهِ الجِصُّ فِيهِ مَرِيضةٌ
تَطَلَّعُ مِنْهَا النَّفْسُ والمَوْتُ حاضِرُهُ
قَالَ: والجَوْن هَا هُنَا: الْأَبْيَض، يصف قصراً أَبيض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الجَوْنَةُ الْعَجَمَة، قَالَ: وَيُقَال لِلْخابِية جَوَنة، وللدّلْو إِذا اسْوَدَّتْ جَوْنة، ولِلْعَرَق جَوْنٌ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لماتِحٍ، قَالَ لماتِحٍ فِي الْبِئْر:
إنْ كانَتِ أُمّاً امَّصَرت فَصُرَّها
إنَّ امِّصَارَ الدَّلو لَا يَضُرُّها
أَهيَ جُوَيْنٌ لاَقِها فبِرَّها
أَنْتَ بِخيْرٍ إِن وُقيتَ شَرَّها
فأَجابه:
وُدِّي أُوَقَّيَ خَيْرَها وشَرّهَا
قَالَ: مَعْنَاهُ: على وُدِّي فأَضْمر الصّفة، وأَعملها.
وَقَوله: أَهِيَ جُوَيْن، أَرادَ أَخِي كَانَ اسمُه جُوَيْنا، وكل أَخ يُقَال لَهُ: جُوَيْنٌ، وجَوْنٌ.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الجَوْنَان: طَرَفا القَوْس.
نوج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ناجَ يَنُوجُ، إِذا راءى بعَمَله، قَالَ: والنَّوْجَةُ، الزَّوْبَعَةُ من الرِّياح.

(بَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف (وَا يء)
جَفا، جفأ، جَاف، فجأ، وجف، فَوْج، (فاج) .
جَفا: عَمْرو، عَن أَبِيه: الْجُفايةُ السَّفِينَةُ الْفَارِغَة، فَإِذا كَانَت مَشْحونَةً فَهِيَ غامِدُ وآمِد، وَيُقَال أَيْضا: غامِدَةٌ وآمِدَةٌ، والْخِنُّ: الْفَارِغَةُ أيْضاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَفَا الشيْءُ يَجْفو جَفَاءً، ممدودٌ كالسَّرج، يَجْفو عَن الظّهر إِذا لم يَلْزَم، وكالْجَنْبِ يَجفو عَن الْفِراشِ، وتَجافَى مثله.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إنَّ جَنْبِي عَن الفِراشِ لَنَابٍ
كتَجافِي الأسَرِّ فَوق الظِّرابِ
والحُجةُ فِي أنَّ جَفا يكونُ لازِماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يَصفُ ثَوراً وَحْشِياً:
وَشَجَرَ الهُدَّابَ عَنهُ فَجَفَا
يَقُول: رفع هُدّاب الأَرْض بقَرْنه حَتَّى تجَافَى عَنهُ، وَيُقَال: جَافَيْتُ جَنبي عَن الْفراش فتجافِي، وأجْفَيْتُ الْقَتَبَ عَن ظَهْرِ الْبَعِير فَجفا.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: أجْفَيْتُ الماشيةَ فَهِيَ مُجْفَاةٌ، إِذا اتْعبْتَها وَلم تَدَعْها تَأْكُل، وَذَلِكَ إِذا سَاقهَا سَوْقاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَفَاءُ يُقْصَرُ ويمَدّ: نَقِيضُ

(11/140)


الصِّلَة. قلت: الْجَفاءُ مَمدود عِنْد النَّحْوِيين، وَمَا عَلِمْتُ أحدا أجَاز فِيهِ الْقَصْرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: والجَفْوَة ألْزمُ فِي تَرْك الصلّة من الْجفَاء، لأنّ الْجفَاء قد يكون فِي فَعَلاته إِذا لم يكن لَهُ مَلَقٌ وَلَا لَبَق.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عليّ بن حَرْب، قَالَ: حَدثنَا المحاربيّ عبد الرحمان بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحيَاء من الْإِيمَان، وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة، والبذَاء من الْجفَاء، والجفاءُ فِي النَّار) .
قلت: يُقَال جَفَوْتُه أجْفُوه جَفْوَةً، أَي مَرَّة وَاحِدَة، وجَفَاءً كثيرا، مصدر عَام، والجفاءُ يكون فِي الخِلْقَة والخُلُق، يُقَال: رجل جافِي الخِلْقَة، وجافِي الخُلُقِ، إِذا كَانَ كَزّاً غليظَ العِشْرة، وَيكون الْجفاء فِي سُوء الْعِشْرَة، والْخُرْق فِي الْمعاملة، والتَّحامل عِنْد الْغَضَب، والثَّوْرَة على الجليس.
ابْن السِّكّيت، يُقَال: جَفَوْتُه فَهُوَ مَجْفُوٌّ، وَجَاء فِي الشِّعْر مَجْفِيّ، وَأنْشد:
مَا أنَا بالجَافِي وَلَا الْمجْفِيُّ
بُنِيَ على جُفِي فَهُوَ: مَجْفِيّ. وَالْأَصْل مَجْفوّ.
جفأ: قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
قَالَ الْفراء: أَصله الْهَمْز، يُقَال: جَفَأَ الْوادِي غُثَاءَه جَفْأً، وَقيل الجُفَاء كَمَا يُقَال الغُثاء، وكلُّ مصدر اجتَمع بعضُه إِلَى بعض، مثل الْقُماش، والدُّقَاق، والحُطام، مصدرٌ يكونُ فِي مَذهبِ اسْم على هَذَا الْمَعْنى، كَمَا كانَ العَطاءُ اسْما للإعطاء، فَكَذَلِك القُماش، لَوْ أرَدْت مصدرا، قلت: قَمشْتُه قَمْشاً.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجُفَاء مَا جَفَأَةُ الوادِي إِذا رَمَى بِهِ، وَيُقَال: جَفَأَتِ القِدْر بزَبَدِها.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال جَفَأْتُ الغُثاءَ عَن الوَادي، وجَفَأْتُ القِدْرَ، أَي مَسَحْت زَبَدَها الَّذِي فوقَها من غَلْيها، فَإِذا أمَرْتَ قلت: اجفَأْهَا، وَيُقَال: أجفَأَت الْقِدْرُ، إِذا عَلا زَبَدُهَا. وَقَالَ غَيره: تَصْغِير الجُفَاء جُفَيْءٌ، وتصغير الغُثاء غُثَيُّ بِلَا هَمْز.
وَقَالَ الزّجاج: مَوضعُ قَوْله: {فَيذْهَبُ جُفَاءً نَصْبٌ على الْحَال. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال جَفَأْتُ الرَّجلَ، إذَا صَرَعْتَه، قَالَ: وأجفَأَت الْقدْرُ بزَبَدِها، إِذا ألْقَت زَبَدَها، من هَذَا اشْتقاقه.
وروى ابْن جبلة عَن شِمر عَن ابْن الأعرابيّ: تجَفَّأت الأرضُ: إِذا رُعِيَتْ.

(11/141)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جفأتُ النَّبْتَ واجتفأته، إِذا قلعته.
وَأَخْبرنِي عَن الطوسي عَن أَحْمد بن الْحَارِث عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: تَجفَّأت الأرضُ إِذا أكل نبتَها الجدْبُ.
قَالَ: وَقَالَ فِي قَوْله: وتجتفِئوا بَقْلاً. قَالَ: تصيبوا بقلا، وَأنْشد:
فَلَمَّا رَأَتْ أنَّ البلادَ ثجفَّأتْ
أَي أُكل نبتها.
وَقَالَ أَبُو عَوْن الحِرمازِيّ: أجفَأَتُ الْبابَ وجَفَأْتَه، إِذا فتَحْتَه، وَيُقَال: جَفَأتُ القِدْرَ جَفْأً، وكَفَأْتَها كَفْأً، إِذا قَلَبْتَها، فصَبَبْتَ مَا فِيهَا، حَكَاهُ النَّضر. وَأنْشد:
جَفْؤكَ ذَا قِدْرِكَ للضِّيفانِ
جَفْؤٌ على الرُّغفَانِ فِي الجفانِ
خَيرٌ من العَكِيسِ بالألبان
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النبيّ حَرَّمَ يَوْم خَيْبر الحُمُرَ الأهلِيَّة فَجفَئوا القدورَ) ويُروى: (فأَجفئوا) أَي قَلَبُوها وفرَّغُوها.
جَوف جيف: أَبُو عبيد عَن الأُمويّ: رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف: جَائِع، وَقد جُئِفَ.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ الْكسَائي: جُيفَ فلانٌ وجُيثَ، إِذا ذُعر فَهُوَ مجؤوف ومجئوث.
وَفِي حَدِيث المبعَثِ: (فجَثيت فَرَقاً حِين رَأَيْت جِبْرِيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاف ضرب من الْخَوْف والفزع.
وَقَالَ العجاج:
كَأَن تحتي ناشِطاً مُجافاً
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: انجأفت النَّخْلَة وانجأَثَتْ، إِذا تقَعَّرت وَسَقَطت.
قَالَ اللَّيْث: الجَوْفُ مَعْرُوف، وَجمعه أَجْوَاف، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف، والجَوْفُ خَلاَءُ الجَوْفِ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَوف الوادِي، يُقَال: جَوْفٌ لاَخٌّ، إِذا كَانَ عَميقاً، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ: واسعٌ، وجوف زَقَبٌ: ضَيِّق، وباليمين وادٍ يُقَال لَهُ: الْجَوْف، وَمِنْه قَول الراجز:
الْجَوْفُ خيرٌ لَك من أَغْوَاطِ
ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ
أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِياً بعَيْنِه أُضِيف إِلَى العَيْر، وعُرِفَ بِهِ.
أَبُو عبيد: رَجُلٌ مُجَوَّفٌ، جَبَانٌ لَا قَلْبَ لَهُ، وَمِنْه قولُ حَسّان:
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفيَانَ عَنِّي
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

(11/142)


أَي خَالِي الجوفِ من القَلْبِ.
وَيُقَال: جَافت الجيفة، واجْتَافَت، إِذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ، إِذا أَصَلَّتْ، وَجمع الجِيفة، وَهِي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه: جِيَف.
وَيُقَال: اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ، إِذا دَخل جَوْفَه، والْجُوَافُ: ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة. وَيُقَال: أَجَفْتُ البابَ فَهُوَ مُجَافٌ، إِذا رَدَدْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (أَجِيفوا الأبوابَ، واكْفِتُوا إِلَيْكُم صِبْيانِكم) .
وَيُقَال: طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه. وجافَه الدّواءُ فَهُوَ مَجُوفٌ، إِذا دخَل جَوفَه، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ: واسعُ الجَوف، قَالَ الشَّاعِر:
فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها
مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدتُه أجوَف.
عَمْرو، عَن أَبِيه: إِذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إِلَى حِقْوَيْهِ فَهُوَ مُجَوَّفٌ بَلَقاً، وأنشدَ:
ومُجَوَّفٍ بَلَقاً مَلكْتُ عنانه
يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا
أَرَادَ أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش، فيَصِيدُها، وقوائمه زَكاً، أَي ليْست خَمساً. وَلكنهَا أزوَاج، ملكْتُ عِنانه: أَي اشتريتُه وَلم أستعِرْه:
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أجوَف، وَهُوَ الْأَبْيَض الْبَطْن إِلَى منتهَى الجَنبَيْن، ولوْنُ سائِره مَا كَانَ، وَهُوَ المُجوَّف بالبَلَقِ، ومجوَّفٌ بَلَقاً، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة، وتِلاَعٌ جَوائف، وجوائفُ النّفس: مَا تَقَعّرَ من الْجوف، ومقارّ الرُّوح.
وَقَالَ الفرزدق:
ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه
زِياداً ورَدّ النفْسَ بَين الجَوائِفِ
وَفِي الحَدِيث: (لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ وَلَا جَيَّاف) . والجَيَّاف: النَّبَّاش، سُمِّيَ جَيَّافاً لِأَنَّهُ يَكْشِفُ الثيابَ عَن جِيَفِ الْمَوْتَى. قَالَ وَجَائِز أَن يكون سمي بِهِ لنتنِ فعله أَي لقبح فِعله.
ابْن شُمَيْل: الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار. وَكَانَت بَنو فَزَارَة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان. وَقَالَ سَالم بن دارة يهجو بني فَزَارَة:
أطعمتُمُ الضيفَ جُوفاناً مُخاتَلةً
فَلَا سقاكم إلاهي الخالقُ الْبَارِي
أَوله:
لَا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ
على قلوصِكَ واكتُبها بأَسْيار
لَا تأمنَنْه وَلَا تأمَن بَوائقَه
بعد الَّذِي امتلّ إير العَيْر فِي النَّار
وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي قَوْله: لَا تَنسَوا الجَوفَ وَمَا وَعَى، فِيهِ قَولَانِ، يُقَال: أَرادَ بالجَوفِ الْبَطْنَ والفَرْج، كَمَا قَالَ: إنَّ أَخْوَفَ مَا أخافُ عَلَيْكُم الأجْوفان،

(11/143)


وَقيل: أَرَادَ بالجوف القَلْب، وَمَا وَعَى، أَي حَفِظَ من مَعْرِفةِ الله.
فجأ: قَالَ اللَّيْث: فَجَأَه الأمْرُ يَفْجَؤُه، وفاجَأَه يُفاجِئُه، وفَجِئَه يفجؤُه فجأَة، وكلُّ مَا هَجَمَ عَلَيْك من أمْرٍ لَمْ تَحتَسِبْه فقد فَجِئَكَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْجَأَ، إِذا صادَفَ صديقه على فَضيحة، وأفْجَى: إِذا وَسَّعَ على عِيَاله فِي النَّفَقة، قَالَ: والأفْجَى المُتَبَاعِدِ الْفَخذَينِ الشَّديدُ الْفَجَجَ، وَهُوَ الأفْجَجُ.
الأصمعيّ: فَجَا قَوْسَه يفجُوها، وقَوْسٌ فَجْوَاءُ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَمن ثَمَّ قيل: وَسَطُ الدّار فَجْوَة، وَيُقَال: بفلان فَجاً شَدِيد، إِذا كَانَ فِي رِجْليه انتِفاخ، وَقد فَجِيَ يَفجَا فجاً.
ابْن الأنباريّ: فَجِئَت النَّاقة، إِذا عظم بَطنهَا. والمصدر الفَجَأ مَهْمُوز مَقْصُور.
وَقَالَ شمر: فجأ بَابه يفجؤه، إِذا فَتحه بلغةِ طَيء، قالهُ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ، وأنشدَ للطرماح:
كجُبَّةِ الساج فَجا بابَها
صُبْحٌ جَلا خُفْرَةَ أهدامها
قَالَ: قَوْله فجا بَابهَا، يَعْنِي الصُّبْح، وَأما أجاف الْبَاب، فَمَعْنَاه ردَّه، وهما ضِدّان، وانفجى الْقَوْم عَن فلَان: انفرجوا عَنهُ وانكشفوا. وَقَالَ:
لما انْفجى الخَيلان عَن مُصعَبٍ
أدّى إِلَيْهِ قرضَ صاعٍ بِصَاع
فَوْج: وَقَول الله تَعَالَى: النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ} (النَّصْر: 2) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي جماعاتٍ كَثِيرَة بعد أنْ كَانُوا يدْخلُونَ فِي الدِّين وَاحِدًا وَاحِدًا، واثنين اثْنَيْنِ، صَارَت الْقَبِيلَة بأَسرها تدخل فِي الْإِسْلَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الفوْج قطيعٌ من النَّاس، وَجمعه أَفواج، قَالَ: والفائجُ من قَوْلك مَرَّ بِنَا فائجُ وَليمةِ فلَان، أَي فَوْجٌ مِمَّن كَانَ فِي طَعامه، قَالَ: والْفائج من الفَيْج، كَأَنَّهُ مشتقٌّ من الفارسية وَهُوَ رَسُول السُّلْطَان على رِجْله، والفُيُوج: جمَاعَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الفَيْج الْجَمَاعَة من النَّاس.
قلت: وَأَصله فَيِّج من فاجَ يَفُوج، كَمَا يُقال: هَيِّن، من هَانَ يَهُون، ثمَّ يُخَفَّف فَيُقَال: هَيْنٌ. ويُجمع الفَوْج أَفاوِيج.
وَقَول عَدي:
أمْ كَيف جُزْتَ فُيُوجاً حَولهمْ حَرَسٌ
وَمُتْرَصاً بَابُه بالسَّكِّ صَرَّار
قيل: الفُيُوج الَّذين يدْخلُونَ السجْن وَيخرجُونَ يَحرسون.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الفوائج مُتَّسَعُ مَا بَين كلِّ مُرْتفعين من غِلَظٍ أَو رمل، واحدتها فائجة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفائج البِساطُ الْوَاسِع

(11/144)


من الأَرْض.
وَقَالَ حُميد الأرقط:
إلَيْكَ رَبَّ الناسِ ذَا المعارجِ
يَخْرُجْنَ من نَخْلة ذِي مَضَارجِ
فِي فائجٍ أفْيَجَ بعد فائجِ
وَقَالَ آخر:
باتَتْ تَدَاعَى قَرَباً أَفائجا
تَدْعو بذَاك الدّحَجانَ الدّارِجا
أفائج وأفاوج يجمع أفْواج، أَي باتَتْ تَقْرُب المَاء فَوْجاً بعد فَوْج، قد رَكِبَتْ رؤوسها لقرب المَاء، وَقَالَ العجاج يصف القمة:
وَيَأْمُر البعّال أَن يموجا
وجبل الأمرار أَن يفيجا
يفيج: يجْرِي.
فِي النّفْر حِين رِيعَ واستُفيجا
أَي استُجِفَّ ففاج يفيج.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: أفاجَ الرجلُ فِي الأَرْض، إِذا ذَهبَ فِيهَا.
وَأنْشد:
لَا تَسْبِق الشَّيْخَ إِذا أفَاجَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْفَائِجة، كَهَيئَةِ الْوَادي بَين الجبلين، أَو بَين الأبْرَقَين، كَهَيئة الخَليف إلاّ أَنَّهَا أوسع، وَجَمعهَا فوائِج.
وجف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} (النازعات: 8، 9) .
قَالَ الزّجاج: واجِفَة، شَدِيدَة الاضْطراب. وَقَالَ قَتادة: وَجَفتْ ممّا عَايَنتْ.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: واجِفَةٌ، خائِفَة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ} (الْحَشْر: 6) ، يَعْنِي مَا أفَاءَ اللَّهُ على رَسُوله من أمْوال بني النَّضِير، مِمَّا لم يُوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ خَيْلاً وَلَا ركاباً، والرِّكاب: الْإِبِل، والوَجيف: دُونَ التَّقريب من السَّير.
يُقَال: وَجَفَ الفَرَسُ وأوْجَفْتُه أَنا.
وَقَالَ اللّيث: الْوَجْفُ: سُرَعة السَّير.
يُقَال: وَجَفَ البعيرُ يَجِفُ وجِيفاً، وأوْجَفَهُ رَاكِبُه.
قَالَ: وَيُقَال: رَاكِبُ البَعيرِ يُوضِع، وراكبُ الْفرس يُوجِف.
قلت: الوَجِيفُ يصلُحُ للبعير وَالْفرس.
وَيُقَال: اسْتوجَفَ الحُبُّ فُؤادَه: إِذا ذَهَب بِهِ، وَأنْشد:
ولكِنَّ هذَا الْقَلبَ قَلْبٌ مُضَلَّلٌ
هَفَا هَفْوَةً فاسْتَوجَفَتْهُ المقادِرُ

(بَاب الْجِيم وَالْبَاء)
ج ب (وَا يء)
جبا، جاب، جأب، جبأ، باج، وَجب.
جبأ: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الْجَبا مَقْصُورٌ مَا حَوْلَ الْبِئْر، والجِبا بِكسر الْجِيم: مَا جَمَعت فِي الْحَوْض من المَاء، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: جُبْوَةٌ وجِباوَةٌ. قلت:

(11/145)


الجِبَى مَا جُمع فِي الْحَوْض من المَاء الَّذِي يستقى من الْبِئْر. قَالَ ابْن الأنباريّ وَهُوَ جمع جُبْيَة، قَالَ: والجَبَى مَا حول الْحَوْض يكْتب بِالْيَاءِ، والجَبَا: مَوضِع.
الكِسَائيّ: يُقَال مِنْهُ جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض أجبِيه جَبًى مَقْصُور. وَقَالَ شمر: جَبَيتُ أجِبي جَبْياً، وجَبَوْتُ أجْبُو جَبْواً وجِبَايَةً وجَبَاوةً، والْجَابِي: الْجَرادُ.
وَقَالَ الهُذَليّ:
صَابُوا بِسِتَّةِ أبْيَاتٍ وأرْبَعةٍ حَتَّى كأنّ عَلَيْهم جابياً لُبَدَاً
وهَمَزَ الأصمعيّ: الْجَابيءُ، الجَرادُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، الْعَرَب تَقول: إِذا جَاءَت السّنَةُ جَاءَ مَعهَا الْجَابي والْحَابي؛ فالجابي: الجرادُ، والحابي: الذِّئب وَلم يهمِزْهما قَالَ شمر: أَخْبرنِي يزِيد بن مُرة عَن أبي الْخطاب قَالَ: الاجباء: بيع الْحَرْث قبل صَلاحه. قلت: أَبُو الْخطاب هُوَ الْأَخْفَش الْكَبِير، وَهُوَ من الثِّقَات.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} (الْأَعْرَاف: 203) مَعْنَاهُ: هَلاّ اجتَبَيتَها، هلا اخْتلقتها وافْتَعَلَتها من قِبلَ نفسِك وَهُوَ فِي كَلَام الْعَرَب جَائِز أنْ تَقول: لقد اختارَ لَك الشيءَ واجْتبَاهُ وارْتَجَلَه.
وَقَالَ الله: {وَكَذالِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} (يُوسُف: 6) .
قَالَ الزّجّاج: مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ يَختارُك ويَصْطَفِيكَ، وَهُوَ مُشْتَقّ من: جَبَيْتُ الشَّيْء، إِذا حَصّلْتَه لنفسِك، وَمِنْه: جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض.
قلت: وجِبَايَةُ الخَرَاج جَمْعُه وتحْصِيلُه، مأخُوذة مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث وَائِل بن حجر أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتبَ لَهُ فِي كِتَابه: (وَمَنْ أَجْبَى فقَدْ أرْبَى) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الإجْبَاءُ بَيْعُ الحَرْثِ قبلَ أَن يَبْدُوَ صَلاحُه، وَقيل: (مَنْ أَجْبَى فقَدْ أَرْبَى) ، أَي من عَيَّنَ فقد أرْبَى.
أَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: (من أجْبَى فقد أربى) . فَقَالَ: لَا خِلافَ بَيْننَا، أنهُ من بَاعَ زَرْعاً قبل أَن يُدْرِك، كَذَا قَالَ أَبُو عبيد، فَقيل لَهُ: قَالَ بَعضهم: أَخطَأ أَبُو عُبيد فِي هَذَا، من أَيْن كَانَ زَرْعٌ أَيَّام النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَقَالَ: هَذَا أحْمق. أَبُو عبيد تَكَلّمَ بِهَذَا على رُؤُوس الخَلْق وَتكلم بعده الخلقُ من سنة ثمانَ عشْرَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا لم يُرَدّ عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الإجْبَاءُ أَن يُغَيِّبَ الرجلُ إبلَه عَن المُصَّدِّق، يُقَال: جَبَأَ عَن الشَّيْء، إِذا تَوَارَى عَنهُ، وأجبَأْتُه، إِذا

(11/146)


وَارَيْتَه، وجَبَأَ الضَّبُّ فِي جُحْره إِذا اسْتَخْفَى، ورَجُلُ جُبَّأٌ جَبَأٌ، وَأنْشد:
فَمَا أَنا من رَيْبِ الزَّمانِ بِجُّبَّأٍ
وَمَا أَنا مِنْ سَيْبِ الإلاه بآيِسِ
وَحدثنَا السَّعْدِيّ عَن عَليّ بن حَرْب، عَن مُحَمَّد بن حُجر، عَن عَمه سعيد، عَن أَبِيه، عَن أمه عَن وَائِل بن حُجر، قَالَ: كتب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا جَلَبَ وَلَا جَنَب وَلَا شِغار وَلَا رِواط، وَمن أجْبَى فقد أرْبَى) وفسّر من أجبى فقد أربى، أَي من عيَّن فقد أربى، وَهُوَ حسن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَأتُ عَلَيْهِ، خرجتُ عَلَيْهِ، وجَبأت عَنهُ، إِذا تواريت. أَخْبرنِي المنذرِيّ عَنهُ بِهِ.
أَبُو زيد: يُقَال: جَبأتُ عَن الرَّجل وَغَيره جُبُوءاً، إِذا خَنَسْتُ عَنهُ.
وَأنْشد:
وهلْ أَنا إلاّ مِثلُ سَيِّقَةِ العِدَا
إِن استَقْدَمتْ نحْرٌ وَإِن جبأَتْ عَقْرُ
وَيُقَال: جَبَأَتْ عَلَيَّ الضّبُعُ جُبُوءاً، إِذا خَرجتْ عَلَيْك مِنْ جُحْرِها.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت كريهة المَنظرِ لَا تُسْتَحلَى: إنْ العيْن لَتُجبَأُ عَنْهَا.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر الْهِلَالِي:
ليستْ إِذا سَمِنتْ بجابئةٍ
عَنْهَا العُيونَ كريهةَ المَسِّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجُبَّأُ مهموزٌ مَقْصُور: الجَبَان.
أَبُو عَمْرو: الجبّأ: النَّاجِي من الْأَمر الَّذِي انفلت مِنْهُ، وَأنْشد:
وَمَا أَنا من ريب الْمنون بجُبَّأ
وَيُقَال: جَبَأَ عَلَيْهِ الأسْوَدُ من جُحْرِه، إِذا خرج عَلَيْهِ، يَجبَأ جَبْأ وجُبُوءاً، وجَبَأْتُ عَن أَمر كَذَا وَكَذَا إِذا هِبتَهُ، وارْتَدعتَ عَنهُ. والجَبْأَةُ: خَشَبَةُ الحَذّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَقَالَ الجعديّ:
فِي مِرفَقيْهِ تَقارُبٌ وَله
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخزَمِ
والجَبْأ: حُفْرَةٌ يستنقعُ فِيهَا المَاء. وَيُقَال: الجَبْيُ للحفرة، وَيجمع جُبِيّاً.
قَالَ جندل:
مثل الجُبيّ فِي الصّفا الصهارج
أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ: من الكمأَة والجَبَأَة. قَالَ، وَقَالَ أَبُو زيد: الجِبَأَة) الحُمُرُ مِنْهَا، وَوَاحِد الجِبَأَة جَبْء، وَثَلَاثَة أجْبُؤ.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
إنْ أُحَيْحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ
ووُجْدَ فِي مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمض
عَسَاقِلٌ وجِبَأٌ فِيهَا فَضَضْ
عَسَاقِل: بِيض، وجِبَأ: سُود.

(11/147)


أَبُو زيد: أجبَأَتِ الأَرْض فَهِيَ مُجْبِئةٌ، إِذا كثُرَتِ جِبَأَتُهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجُبّاءُ من النِّسَاء بِوَزْن جُبّاع: الَّتِي لَا تَروعُ إِذا نظَرتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الَّتِي إِذا نَظَرت إِلَى الرّجال انْخَذَلَتْ راجِعَةً لِصِغَرِها.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وطَفْلَةٍ غيرِ جُبّاءٍ وَلَا نصفٍ
مِنْ دَلِّ أمثالِها بادٍ ومكتومُ
كأَنَّه قَالَ: لَيست بصغيرة وَلَا كَبِيرَة.
ويُروَى: غير جُبّاع، وَهِي القصيرة، وَقد مر تَفْسِيره شبَّهها بسَهمٍ قصير يَرمِي بِهِ الصبيانُ: يُقَال لَهُ: الجُبّاع. وَيُقَال: ناقةٌ بجَاوِيّةٌ، تُنسبُ إِلَى بجَاوَة، وَهِي أَرض النّوبَة، بهَا إبلٌ نجايب.
وَقَالَ الطرماح:
بَجَاوِيّةٍ لم تَسْتَدِرْ حولَ مَثْبِرٍ
ولَم يَتَخَوَّن دَرَّهاضَبُّ آفِن
وَفِي الحَدِيث: أَن وَفد ثَقِيف اشترطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألاّ يُعشَروا وَلَا يُحشَروا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا خيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ) .
قَالَ شِمر: معنى قَوْله ألاّ يُجَبُّوا، أَي أَلا يَركعوا فِي صلَاتهم وَلَا يسجدوا كَمَا يفعل الْمُسلمُونَ، والعَربُ تَقول: جَبَّى فُلان تَجْبِيَةً، إِذا أكَبَّ على وَجهه باركاً، أَي وَضَعَ يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ مُنْحَنياً، وَهُوَ قَائِم.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعود: أَنه ذكر الْقِيَامَة والنْفْخَ فِي الصُّور، قَالَ: فَيقومُونَ فَيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رَجلٍ وَاحِد قيَاما لرَبِّ الْعَالمين.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله يُجَبُّون، التجْبِيَة تكون فِي حَالين:
أَحدهمَا: أَن يضع يَديه على رُكبتَيه، وَهُوَ قَائِم، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فِي الحَدِيث، أَلا ترَاهُ قَالَ: (قِياماً لرب الْعَالمين) ؟
وَالْوَجْه الآخر: أَن يَنْكَبَ على وَجهه بارِكاً، وَهَذَا الْوَجْه الْمَعْرُوف عِنْد النَّاس وَقد حمله بعض النَّاس على قَوْله: (فَيخِرُّون سُجَّداً لربِّ الْعَالمين) . فَجعل السُّجُود هُوَ التّجْبِيَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَى المالَ يَجبِيهِ، وجَباهُ يَجْبَاه، قَالَ: وَهَذَا ممَّا جَاءَ نَادرا، مثل أبَى يَأبَى.
جوب جيب: قَالَ الله جلّ وَعز: {الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (الْفجْر: 9) .
قَالَ الْفراء: جابُوا: خرقوا الصّخْر، فاتخذوه بُيُوتًا فارِهين. وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الزَّجاج: واعتبره بقوله {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} (الشُّعَرَاء: 149) .
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْبُ قَطعك الشيءَ كَمَا يُجاب الْجَيبُ، يُقَال: جَيْبٌ مجوبٌ ومُجَوَّبٌ، قَالَ: وكل مُجَوَّفٍ وسطُه فَهُوَ

(11/148)


مَجُوبُ. وَقَالَ الراجز:
واجتَابَ قَيظاً يَلْتَظِي التظَاؤُها
اجْتَابَ لَبِسَ.
أَبُو عُبَيد، عَن اليزيدي: جُبْتُ الْقَمِيص، إِذا قَوَّرتَ جَيْبَه، وجَيَّبْتُهُ، إِذا عَمِلْتَ لَهُ جَيْباً.
شَمرٌ، سَمِعت سَلمَة يَقُول: جِبتُ القميصَ وجُبْتُهُ، وَأنْشد:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَجَ الظلامِ
جَيْبَ البَيَطْرِ مِدْرعَ الهُمامِ
ابْن بُزُرْج: جَيَّبتُ القميصَ، وجَوَّبْتُه.
أَبُو عُبيد: الْجَوبُ التَّرْسُ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الجوابُ رَدِيدُ الْكَلَام، وَالْفِعْل: أجَابَ يُجِيبُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: أساءَ سَمْعاً فأسَاءَ جابةً.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جابةٌ اسمٌ يقوم مقَام الْمصدر، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: المالُ عارةٌ، وأطعتُهُ طَاعَة، وَمَا أُطيق هَذَا الْأَمر طاقَةً، فالإجابة مصدرٌ حقيقيّ، والجابه اسمٌ، وَكَذَلِكَ الْجَواب، وَكِلَاهُمَا يقومان مقَامَ الْمصدر.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى} (الْبَقَرَة: 186) .
قَالَ الْفراء، يُقَال: إِنَّهَا التّلْبِية.
وَقَالَ الزَّجاج: أَي فَلْيُجِيبوني، وَأنْشد:
وداعٍ دَعَا منْ يْجِيبُ إِلَى النَّدى
فَلم يَستَجبهُ عِنْد ذَاك مُجِيب
أَي فَلم يجبهُ أحد.
وجَيْبُ اللَّيْل: الصُّبح. قَالَه شمر.
قَالَ العجاج:
حَتَّى إِذا ضوءُ الْقَمِيص جَوَّبا
لَيْلًا كأثناء السَّدوس غَيْهبا
جَوَّبَ: نَوَّر، وكشف، وجلى.
وروى خَالِد الحذَّاء عَن أبي قُلابَة عَن ابْن عمر أَن رجلا نَادَى: يَا رَسُول الله، أَي اللَّيْل أجوَبُ دَعْوَة؟ قَالَ: (جَوف اللَّيْل الغابر) .
قَالَ شمر: قَوْله أجوَبُه من الْإِجَابَة، أَي أسرعه إِجَابَة، كَمَا يُقَال أطوعُ من الطَّاعَة. قَالَ: وَالْأَصْل جاب يجوب، مثل طاع يطوع.
وَقَالَ الْفراء: قيل لأعرابي يَا مُصاب، فَقَالَ: أَنْت أصوبُ مني. قَالَ: وأصل الْإِصَابَة من صاب يَصُوب إِذا قَصَد.
وَيُقَال: جُبْتُ البلدَ أَجُوبُهُ جَوْباً، إِذا قطعْته، واجْتَبْتُه مثله، وَيُقَال: اجْتَاب فلانٌ ثوبا، إِذا لبسه. وَأنْشد:
تحسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهَا فأَنْسَلهَا
واجتاب أخْرَى جَدِيدا بَعْدَمَا ابْتقلا
واجتاب: احتفر، وَمِنْه قَول لبيد:

(11/149)


تجتابُ أَصْلاً قَائِما مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنقاءٍ يميلُ هيامُها
يصفُ بقرة احتفرت كِناساً تكْتَنُّ فِيهِ من الْمَطَر فِي أَصْلِ أرْطاةٍ، ورجلٌ جَوَّابٌ، إِذا كَانَ قَطَّاعاً للبلاد، سيَّاراً فِيهَا. وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد فِي أَخِيه:
جوَّاب ليلٍ سَرْمد
أَرَادَ أنَّه يَسْرِي ليله كُلَّه.
والجوْبةُ: شبْهٌ رَهْوَةٍ تكون بَين ظَهْرانَيْ دُور قوم يسيل إِلَيْهَا مَاء الْمَطَر، وكلُّ مُنْفَتقٍ يتَّسِع فَهُوَ جَوْبةٌ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْجَوْبةُ من الأَرْض الدَّارةُ من الْمَكَان المُنجَاب، الوطىء الْقَلِيل الشَّجر، سُمِّي جَوْبة لانجيَابِ الشَّجرِ عَنهُ، مثل الغائِط المستدير لَا يكونُ إِلَّا فِي جَلَدِ الأَرْض، والجميع جَوْبات وجُوب.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: جَابةُ المِدْرَى من الظِّبا، غير مَهْمُوز حِين طلع قرْنُه.
وَيُقَال: الملساءُ اللَّيِّنَة القَرْن.
وَقَالَ شمر: جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه، أَي حِين جاب قَرْنُها الجِلْدَ فطلع. وَهُوَ غير مَهْمُوز. والجوْبُ: التُّرس.
قَالَ لبيد:
فأجازني منهُ بطِرسٍ ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المِنْكبِ
يَعْنِي بِكُل حبشيّ جَوْبه فِي مَنْكِبه.
جأب: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَأَبَ وجَبَأَ، إِذا باعَ الجَأْبَ، وَهُوَ المَغْرَةُ.
قَالَ: والجأبُ: الكَسْب. وَقَالَ غَيره: الْجَأْبُ أَيْضا: السُّرّة.
أَبُو عُبيد: الجَأبُ الحمارُ الغليظ، وكاهلٌ جَأبٌ: غليظ، وخَلْقٌ جَأب: جافٍ غَليظ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فلمْ أَر إلاَّ آل كلِّ نجِيبةٍ
لَهَا كاهلٌ جَأبٌ وصلْبٌ مُكَدَّح
ابْن بزُرْج: جَأبةُ البَطْنِ، وجبْأتُهُ مَأنتُه وَيُقَال: هَل سمعتَ جائبةَ خبَر. وَقَالَ: يتنازعون جوائِب الْأَمْثَال، يَعْنِي سرائر تجوب الْبِلَاد. وَفُلَان فِيهِ جَوْبان من خُلَق، أَي ضَرْبان، لَا يثبت على خُلُق وَاحِد.
قَالَ ذُو الرّمة:
جُوبَينِ من هماهِمِ الأغْوال
أَي تسمع ضَرْبَيْنِ من أصوات الغيلان. وَفُلَان جَوَّاب جأَّب يجوب الْبِلَاد ويكسب المَال.
بوح بأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: باجَ الرّجُل يَبُوجُ بَوْجاً، إِذا أَسْفَرَ وَجهه بعد شُجوبِ السّفَر، وباجَ الْبَرْقُ يَبُوج بَوْجا

(11/150)


ً وبَوَجَاناً، إِذا بَرَقَ، وتَبَوّجَ تَبَوُّجاً: مِثْله.
ابنُ بُزُرْج: بَعِيرٌ بائج، إِذا أعْيَا، وَقد باج، وبُجْتُ أَنا: مَشَيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ، وَأنْشد:
قد كُنت حِيناً تَرْتجِي رِسْلَهَا
فاطّرَدَ الحائِلُ والبائج
يُريدُ الْمُخِفُّ والمُثْقَل.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال انْبَاجَ البَرْقُ انبِيَاجاً، إِذا تَكَشَّفَ، وانبَاجَتْ عَلَيْهِم بَوَائِجُ مُنْكَرَة، إِذا تَفَتّحَت عَلَيْهِم دوَاهي.
وَقَالَ الشَّماخُ يَرثي عمرَ رَضِي الله عَنهُ:
قَضَيْتَ أُمُوراً ثُمّ غَادَرْتَ بَعدَها
بِوائِجَ فِي أكْمَامِها لم تُفَتّقِ
والبائج عِرق فِي بَاطِن الفخِذ، قَالَ الراجز:
إِذا وَجَعْنَ أبْهَراً وبايجا
وَقَالَ جندل:
بالكاسِ والأَيدي دَمُ البوائج
يَعْنِي الْعُرُوق المُتَفَتِّقَة.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: جاءَ فلَان بالبائِجَة والفَلِيقَةِ، وَهِي من أسماءِ الدّاهِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الباجَةُ الاخْتِلاط.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: البَاجُ يُهْمَز وَلَا يُهْمَز، وَهُوَ الطَّرِيقَة من المَحَاجّ المُسْتَوِيَة، وَمِنْه قَول عُمر: (لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَاجاً وَاحِدًا أَي طَريقَة وَاحِدَة فِي الْعَطاء، ويجْمع بَأْج على أَبْؤُج.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: يُقَال: اجْعَلْ هَذَا الشَّيء بَأْجاً وَاحِدًا مهموزاً.
قَالَ: ويُقال أوَّل من تَكَلَّم بِهِ عُثْمَان، أيْ طَريقة وَاحِدَة، وَمثله: الْجَأْشُ، والْفَأْسُ، والرَّأْس.
وَجب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجْبُ والقَرْعُ: الَّذِي يوضع فِي النِّصال والرِّهان، فَمن سَبَق أخذَه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزَّ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا} (الْحَج: 36) . أَي سَقَطَتْ إِلَى الأَرْض جُنوبُها، فَكُلوا مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَال: وَجَبَ الْحَائِط يَجِب وَجْبَةً، أَي سَقَط، وَوَجَب القَلْب، يَجِبْ وَجِيباً: إِذا تَحَرَّكَ من فَزَع، ووجَب البيعُ وُجوباً وَجِبَةً، والمُسْتَقْبَلُ فِي كُلِّه يَجِبُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وجَبَ القَلْبُ وَجِيباً إِذا خفَق، وَوَجَبَت الشَّمْس تَجِبُ وجوبا إِذا سَقَطت، وَيُقَال للبَعير إِذا بَرك وَضرب بِنَفْسِهِ الأرْض، قد وَجَّبَ تَوْجِيباً، وأوْجَب فلانٌ البيعَ إِيجَابا، وَفُلَان يَأكل كل يَوْم وَجْبَةً، أَي مرّةً واحِدة، وَقد وَجَّبَ لِنَفْسِه تَوْجيباً.
وَفِي الحَدِيث: (من فَعل كَذَا وَكَذَا فَقَدْ أَوْجَبَ) ، أَي وَجبتَ لَهُ الجنَّة أَو النَّار. والمُوجِباتُ: الكبائِرُ من الذُّنُوب الّتي

(11/151)


أوْجَبَ الله بهَا النَّار.
حدَّثنا السعديُّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرَ: كنتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين وَجَبَت الشَّمْس. فَقَالَ: يَا أَبَا ذرّ، هَل تَدْرِي أَيْن ذَهَبَتْ؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد بَين يَدي رَبهَا تستأذن فِي الرُّجُوع لَهَا مَكَانهَا قد قيل لَهَا ارجعي من حَيْثُ جئتِ، فَتَطلع وَذَلِكَ مُسْتَقر لَهَا.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ أقْوَاماً أتَوا النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رسولَ الله، إنَّ صاحباً لَنَا أوْجَب، فَقَالَ: (مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبة) .
قَالَ هُدْبَة بن خَشْرَم:
فَقلت لَهُ لَا تَبْكِ عينُك إنّه
بكَفَّي مَا لاقيتُ إِذْ حانَ مَوْجِبي
أَرَادَ بالموجِبِ موتَه، يُقَال: وَجَبَ: إِذا مَاتَ مَوْجِباً. وَأنْشد الْفراء:
وَكَأن مُهرِي ظلّ محتفراً
بقفا الأسنة مَغْرَةَ الجَأْبِ
والجأْبُ: مَاء لبني الهُجَيم عِنْد مَغْرَة عِنْدهم. وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا قَرَأت لَهُ فِي بعض النّسخ: المُوَجَّبُ من الدَّوَابّ الَّذِي يفزع من كل شَيْء، قلت: وَلَا أعرفهُ. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أَن ابْن الأعرابيّ أنْشدهُ:
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ فِي الْفراش
ووَجَّابةٍ يَحْتَمِي أَن يُجيبا
وَلَا ذِي تلازم عِنْد الحِيَاضِ
إِذا مَا الشّريبُ أنابَ الشّريبا
قَالَ: وجّابةٌ: فرق، دُمَّيجة: يندمج فِي الْفراش.
ابْن السّكيت، عَن أبي عَمْرو: الْوَجِيبَة أنْ يُوجِبَ الرجلُ البَيْعَ على أنْ يأخُذَ مِنْهُ بَعْضًا فِي كلِّ يَوْم، فَإِذا فَرَغَ قيل: قَد اسْتَوْفَى وَجِيبَتَه.
أَبُو زَيد، يُقَال: وَجَّبَ فلَان عِيَالَه تَوْجِيباً إذَا جَعَلَ قُوْتَهُمْ كُلّ يَوْم وَجْبَة.
قَالَ شَمِر: وأقرأنا ابنُ الأعرابيّ لِرُؤْبَة:
فَجَاء عَوْدٌ حِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ
مُوَجَّبٌ عَاريّ الضُّلوعِ جِرْضِمُه
قَالَ: مَوَجَّبٌ أَي لَا يَأكل فِي النَّهَار إِلَّا أكْلة وَاحِدَة، جِرْضِمٌ: عَرِيضٌ ضَخْم.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاء يَعودُ عبدَ اللَّهِ بن ثَابت فوَجَدَه قد غُلِبَ، فاستَرْجَعَ، وَقَالَ: غُلِبْنَا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع، فَصاحَ النِّساءُ وَبَكَيْن، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنّ، فإِذا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ باكية، فَقَالُوا: ومَا الوُجُوب؟ قَالَ: إِذا مَاتَ) .
وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
أطاعَت بَنُو عَوْف أَمِيرا نَهَاهُم
عَن السِّلم حَتَّى كانَ أولَ واجِبِ

(11/152)


أَي أول مَيِّت.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال وَجَبتُه عَن كَذَا، ووَكَبتُهُ: إِذا رَدَدتَهُ عَنهُ، حتّى طَال وُجُوبُه ووُكُوبُه عَنهُ. قَالَ الدينوريّ فِي بَاب الْعَسَل: ويُوعَى العَسَلُ فِي الوِجَاب وَهِي أسقِيَةٌ عِظام، وَوَاحِد الوِجَاب وَجْبٌ.

(بَاب الْجِيم وَالْمِيم)
ج م (وَا يء)
جما، جِيم، وجم، مأج، أمج، أجم، موج، جوم.
جما: سَلَمة، عَن الفرّاء: جُمَاءُ كلِّ شيءٍ حَزْرُه وَمِقدارُه، مَمدود.
وقالَ ابْن دُرَيْد: جَمَاءُ كلِّ شيءٍ شَخصه، وَأنْشد:
وقُرْصَةٍ مِثلَ جَمَاءِ التُّرْسِ
ابْن السّكّيت: تَجَمَّى القَومُ، إِذا اجْتَمَع بَعضهم إِلَى بعض، وَقد تَجَمَّوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن بُزرج: جَمَاءُ كلِّ شَيْء اجتماعُه وحَركته، وَأَنشد:
وبَظْرٍ قد تَفَلَّقَ عَن شَفِيرٍ
كأَنَّ جَماءَهُ قَرْناً عَتُودِ
أَبُو بكر: يُقَال جَماءُ الترس وجُماؤه وَهُوَ اجتماعه ونتوّه، قَالَ: وجُماء الشَّيْء قدره. أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو الجُماء: شخص الشَّيْء ترَاهُ من تَحت الثَّوْب.
قَالَ الشَّاعِر:
فيا عجبا للحب دَاء فَلَا يُرى
لَهُ تَحت أَثوَاب المحبِّ جُماءُ
أَبُو عمر: التجمُّؤ: أَن ينحنِي على الشَّيْء تَحت ثَوْبه. الظليم يتجمَّا على بيضه.
جوم: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأَعرابيّ: الْجَامُ الفَاثُورُ من اللُّجيْن.
قَالَ: ويُجمع على أَجْؤُم. قَالَ: وجامَ يَجُومُ جَوماً، مثل حام يَحُومُ حَوماً، إِذا طلبَ شَيْئا خَيراً أَو شرَّاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْمُ كأَنَّها فارسية، وهم الرُّعَاةُ، أمْرُهُمْ وكلامُهُمْ ومَجْلِسُهُم واحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال يُجمع الجامُ جامَات، ومِنْهم مَنْ يَقُول، جُومٌ.
موج مأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: ماجَ فِي الأمرِ إِذا دارَ فِيهِ.
قَالَ: والْمَيْجُ الاخْتَلاط.
اللّيث: المَوْجُ: مَا ارتفَعَ من المَاء فوقَ المَاء، والفِعل: ماجَ الْمَوْجُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ماجَ يَمُوجُ إِذا اضْطرب وتَحيَّر، وماج البحرُ، وماجَ النَّاس إِذا دَخَلَ بَعضُهم فِي بعض.
والمُؤوجُ: مُؤُوج الدَّاغِصَة، ومُؤوج السِّلعة تَمَوُّرٌ بَين الجِلْدِ والعظم، وَمن مهموزه:
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الْمَأْجُ الماءُ

(11/153)


المِلح.
وَقَالَ ابْن هَرْمَة:
فإنَّكَ كالْقَرِيحَةِ عَام تُمْهَى
شُرُوبُ الماءِ ثمَّ تَعُودُ مأجَا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَؤُجَ الماءُ، يَمْؤُجُ مُؤُوجَةً فَهُوَ مَأجُ، وَأنْشد:
بأرْضٍ نَأَتْ عَلَيْهَا الْمُؤُوجَةُ والبَحْر
وجم: قَالَ اللَّيْث: الْوُجُوم السكوتُ على غَيْظ. يُقَال: رَأيْتُه وَاجماً.
أَبُو عُبيد: إِذا اشتدَّ حُزْنُه حَتَّى يُمْسِكَ عَن الْكَلَام، فَهُوَ الواجِم، وَقد وَجَمَ يَجِمُ.
قَالَ شَمِر، قَالَ أَبُو عُبيد: الْوَجَمُ جَبَلٌ صَغِير، مِثل الإرَمَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْوَجَمُ حِجَارَة مَرْكُومةٌ بَعْضهَا فَوق بعض على رُؤُوس القُورِ والإكام، وَهِي أغْلظ وأطول فِي السَّمَاء من الأُرومِ.
قَالَ: وحجارتها عِظامٌ كحجارة الصِّيَرةِ والأمَرَة، لَو اجْتمع على حجرٍ ألفُ رجل لم يُحَرِّكوه، وَهِي أَيْضا من صَنعة عَاد، وأصلُ الوَجَمِ مُستَدِيرٌ، وَأَعلاهُ مُحدَّد، وَالْجَمَاعَة الوُجُومُ.
وَقَالَ رؤبة:
وَهَامَةٌ كالصَّمِدْ بَيْنَ الأصْمَادْ
أوْ وَجَم العَادِيّ بَيْنَ الأجْمَادْ
قَالَ شَمِر، وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: بَيْتٌ وَجْمٌ وَوَجَمٌ، والأوْجامُ: الْبُيوت، وهيَ العِظَام مِنْهَا.
وَقَالَ رُؤْبة:
لَو كَانَ من دون رُكَامِ الْمُرتَكَم
وأرْمُلِ الدهْنَا وَصَمَّانِ الْوَجَم
قَالَ: الوَجَمُ الصَّمَّانُ نَفسُه، ويُجمع أوجاماً. قَالَ رؤبة:
كَأَنَّ أوجاماً وصَخْراً صَاخِراً
أجم: قَالَ اللَّيْث: يُقال أكَلْتُه حَتَّى أْجِمتُه.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي، وَأبي زيد: إذَا كَرِهَ الطعامَ فَهُوَ آجِم، على فَاعِل، وَقد أجَم يَأْجَمُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ماءُ آجِنٌ وآجِمٌ إِذا كَانَ مُتَغَيِّراً.
وَقَالَ ابنُ الخَرْعِ:
ونَشْرَبُ أسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُها
ولَو وَرَدَتْ مَاءَ المُرَيْرةِ آجِمَا
أَرَادَ آجِنَا.
وَقَالَ غَيره: آجِمٌ بِمَعْنى مأجومٌ، أَي تَأجِمُهُ وتَكرَهُه.
وَيُقَال: أجَمت الشيءإذا لم يُوافِقكَ فكرِهتَه.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: تَأَجَّمَ النّهار تأَجُّما إِذا اشتَدّ حَرُّه. والأَجَمةُ: مَنْبِتُ الشّجر، كالْغَيْضة، والجميع الآجام.
والأُجُم والأُطُم: الْقَصْر بلُغَة أهل

(11/154)


الْحجاز، وَهِي الآجام والآطام. قَالَ:
وَلَا أُجُماً إلاَّ مَشيداً بجَنْدَل
أمج: الأصمعيّ: الأَمَجُ تَوَهُّج الحَرِّ قَالَ العجاج وَأنْشد:
حَتَّى إِذا مَا الصَّيْفُ كَانَ أمَجَا
وَقَالَ اللَّيْث: أَمِجَت الْإِبِل تأْمَج، إِذا اشْتَدَّ بهَا حَرٌّ أَو عَطش.
عَمْرو، عَن أَبِيه: أَمَج، إِذا سَار سَيْراً شَدِيدا، بِالتَّخْفِيفِ.
جِيم: قَالَ اللَّيْث وَالْجِيم من الْحُرُوف تؤنث، وَيجوز تَذْكيرها، وَقد جَيَّمتُ جيماً إِذا كَتَبْتَها.
بَاب اللفيف من حرف الْجِيم
جو، جوى، جأى، أجا، جئاوة، جيأه، جا، أجّ، وجأ، وجّ، جؤجؤ، جأْجاء، أوجى، جيّا، يأجج، جاجه، يَأْجُوج، ويج.
جو: قَالَ اللَّيْث: الجَوُّ الْهَوَاء، وَكَانَت اليمامَةُ تُسَمَّى جَوّاً، وَأنْشد.
أخْلَقَ الدّهْرُ بِجَوّ طَلَلاَ
قلت: الجَوُّ مَا اتّسع من الأَرْض واطمأَنَّ وبرز، وَفِي بِلَاد الْعَرَب أَجوِيَةٌ كَثِيرَة يُعرف كل جو مِنْهَا بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ؛ فَمِنْهَا جوُّ غِطْرِيف وَهُوَ فِيمَا بَين السِّتار وَبَين الجماجم، وَمِنْهَا جوّ الخُزَامى، وَمِنْهَا جوّ الإحساء، وَمِنْهَا جوّ الْيَمَامَة، وَقَالَ طرفَة:
خَلاَ لَكِ الجَوُّ فبيضي واصْفِرِي
وَيُقَال: هَذَا جوٌّ مُكْلِىءٌ، أَي كَثير الْكَلأ، وَهَذَا جوٌّ مُمْرِعٌ. وجوُّ السَّمَاء: الهواءُ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ الله: {إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) .
ودَخَلتُ مَعَ أَعْرَابِي دَخْلاً بالخَلصاءِ، فَلَمَّا انتهينا إِلَى المَاء قَالَ: هَذَا جوٌّ من المَاء لَا يُوقف على أقصاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجَوُّ الآخرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجِوَاء مَوضع. قَالَ: والفُرْجَةُ الَّتِي بَين مَحَلَّةِ الْقَوْم وسْط الْبيُوت تُسَمَّى جِوَاءً، يُقَال: نَزَلْنا فِي جِوَاءِ بَني فلَان قلت: الجِوَاء جمع الجَوّ، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
عَفَا مِنْ آلِ فاطِمَةَ الجِوَاءُ
وَيُقَال: أَرَادَ بالجِوَاءِ موضعا بِعَيْنِه.
وَقَول اللَّيْث: الجِوَاءُ الفُرْجةُ وسْط الْبيُوت لَا أعرفهُ، ويُجمع الجوُّ جواءً وَهُوَ عِنْدِي تَصْحِيف وَصَوَابه الحِواء وَجمعه أحوية وَقد يجمع الجوُّ جِواءً، وَمِنْه قَوْله:
أيا أُمَّ عَمْرٍ وَمن يَكن عَقْرُ دَاره
جِواءَ عَدِيَ يَأْكُل الحشرات
الْبَيْت يُروى للنابغة ولأوس بن حجر.
ورُوِي عَن سَلمان، أَنه قَالَ: لكل أمرىء جَوّانيّاً وبَرّانيّاً، فَمن أصْلَحَ جوّانيَّهُ أصلَحَ

(11/155)


اللَّهُ بَرّانيَّة، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.
قَالَ شمر، قَالَ بَعْضهم: عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه، وبِبَرّانيِّة عَلاَنِيَّه.
قَالَ: وجوُّ كل شَيْء بَطْنُه وداخِله، وَهُوَ الجَوّه بِالْهَاءِ أَيْضا؛ وَأنْشد قَوْله:
يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن
ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ
قَالَ: جَوّتُه: بَطنُ ذَلِك الْموضع.
وَقَالَ آخر:
لَيست تَرَى حولهَا شخصا وَراكبُها
نَشْوانُ فِي جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ
قَالَ شمر، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْباغُوت مَوْضع، وجوَّتُه: دَاخِلُه، وَقَالَ قَتَادة فِي قَول الله: {فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) فِي كَبِدِ السَّمَاء، وَيُقَال كُبَيداء السَّمَاء.
جوى: قَالَ اللَّيْث: الجَوَى مَقْصُور، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ فِي الْبَاطِن لَا يُستَمرَأَ مَعَه الطَّعَام. يُقَال: رَجلٌ جَوٍ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كَمَا ترى، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه، وَصَارَ الاجتواء أَيْضا لما يُكرَهُ ويُبْغَض.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا الْمَدِينَة فاجتَوَوْها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: (اجَتَويت الْبِلَاد إِذا كَرِهْتها، وَإن كَانَت مُوافِقَةً لَك فِي بَدَنك، واسْتَوْبَلَتها إِذا لم تُوَافِقك فِي بدنك وَإِن كنتَ مُحِبّاً لَهَا.
قلت: قَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : الاجتِوَاء النزاعُ إِلَى الوَطن، وكراهَةُ الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ وَإِن كنتَ فِي نِعمة.
قَالَ: وَإِن لم تكُن نازِعاً إِلَى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أَيْضا.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد يكونُ الاجتَوَاءُ أَيْضا أَلا تَسْتمرىءَ الطعامَ بِالْأَرْضِ وَلَا الشَّراب، غير أَنَّك إِذا أحبَبْتَ المقامَ بهَا وَلم يُوافِقك طعامُها وَلَا شَرابُها، فأَنتَ مُسْتوبِل، ولستَ بمجتَوٍ.
قلت: جعل أَبُو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.
وَقَالَ ابْن بُزرْج: يُقَال للَّذي يجتَوِي الْبَلَد: بِهِ اجتِوَاء، وجوًى مَنْقوص، وَجِيةٌ.
قَالَ: وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.
حدَّثنا السعديُّ عَن الرماديّ عَن يزِيد بن هَارُون عَن الْعَوام بن حَوْشَبِ، عَن جَبَلةً بن صُحَيْم، عَن مُؤثر بن عفازة عَن عبد الله، قَالَ:
(لما كَانَت لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى، فتذاكروا السَّاعَة، ورَدّوا الحَدِيث إِلَى عِيسَى فَذكر الدَّجال وقتلَهُ إِيَّاه، وَخُرُوج يأجُوج ومأجُوج، وإفسادهم الأَرْض، ودعاءه عَلَيْهِم فيموتون، وتَجوى الأرضُ من

(11/156)


ريحهم) . ثمَّ ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ:
قَالَ أَبُو عُبيد: قولُه تجتَبىء الأرضُ مِنْهُم، أَي تُنِتن، وَهُوَ جَوٍ من أَي مُنْتِن؛ وَأنْشد:
ثمَّ كَانَ المِزاجُ ماءَ سَحَاب
لَا جَوٍ آجنٌ وَلَا مطروقٌ
قَالَ: الجَوِي المنْتنُ المتغيّر. وَقَالَ:
بَسَأْتَ بَنِيهَا؛ وجَوِيتَ عَنْهَا
وَعِنْدِي لَو أرَدْتَ لَهَا دَوَاء
جويت عَنْهَا: أَي لم تُوافقك فكرهتها.
أَبُو عبيد: الْجَوى الْهَوى الباطِن.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رَجُلٌ جَوِي الجَوْف: وامْرَأَةٌ جَوِيَة، أيْ دَوِي الْجَوف.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: جَوِيَتْ نفْسِي جَوًى، إِذا لم توافِقك البِلاد.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْجِواءُ الواسعُ من الأوْدِية، وَأنْشد:
يمْعَسُ بالماءِ الْجِوَاءُ مَعْساً
جأى: قَالَ اللَّيْث: الجُؤْوَةُ بِوَزْن الجُعْوَة: لَوْنُ الأجْأَى، وَهُوَ سوادٌ فِي غُبْرَةٍ وحُمْرَة.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: كَتِيبَةٌ جَأْوَاءُ إِذا كَانَت عليتها صَدَأُ الْحَدِيد. قَالَ: وَإِذا خَالَطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَأ الْحَدِيد، فَهُوَ الجُؤْوَة، وبَعيرٌ أَجأَى.
قَالَ، وَقَالَ الأُمويّ: الجُوَّةُ غير مَهْمُوز: الرُّقعة فِي السِّقاء.
يُقَال: جَوَّيتُ السِّقَاءَ: رَقَعْتُه.
وَقَالَ شمِر: هِيَ الجُؤْوَةُ، تَقديرُ الجُعْوَة.
يُقَال: مِقَاءٌ مُجْئِيٌّ، وَهُوَ أنْ يُقَابِلَ بَين الرُّقعتين على الوَهْيِ من ظَاهرٍ وباطن.
قَالَ شمر: وكلّ شيءٍ غَطَّيتَه أَو كَتَمْته، فقد جَأَيتَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: جَأَيت سِرَّه كَتَمته، وَمَا يَجأَى سِقاءُك شَيْئاً، أَي لَا يَحبِس المَاء، وَمَا يَجأَى الرَّاعي غَنَمه، إِذا لم يَحفَظها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: فلَان أحْمَق مَا يَجأَى مَرْغَه، أَي لَا يَسْتُر لُعَابَه.
قَالَ: وجأَى، إِذا مَنَعَ.
وَقَالَ شِمر: جَيَّأْتُ الْقِرْبةَ خِطتُها. وَأنْشد:
تخَرّقَ ثَفْرُها أَيَّام خُلَّتْ
على عَجَلٍ فَجِيبَ بهَا أَدِيمُ
فَجيَّأَها النساءُ فخان مِنْهَا
كَبَعْثَاةٌ ورَادِعَةٌ رَدُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، وَالْفراء: الْجِئَاوَةُ مثل فِعالة: الشيءُ الَّذِي يوضع عَلَيْهِ القِدْرُ إِن كَانَ جِلداً، أَو خَصَفَةً أَو غَيرهَا.
قَالَ، وَقَالَ الْأَحْمَر: هِيَ الْجِئَاءُ، والجِواءُ أَيْضا.
وَفِي حَدِيث عليّ: (لأنْ أَطَّلِيَ بجِواءِ جِلْدٍ أحَبّ إليّ من أَن أطَّلِيَ بزعْفَران) .

(11/157)


قَالَ: وجمْع الجِئَاء أَجِئيَة، وَجمع الجِوَاءَ أَجْوِية.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: جأَوْتُ البُرْمَةَ إِذا رَقعتها، وَكَذَلِكَ النّعل، وَقد جأَى على الشَّيْء إِذا عَضَّ عَلَيْهِ.
أَبُو عدنان، عَن أبي عُبيدة: أَجِيءْ هَذَا، أَي غَطّه.
قَالَ لبيد:
حَوَاسِرُ لَا يُجِئنَ عَلَى الْجِذَام
أَي لَا يَسْتُرْنَ. وَيُقَال: أحيءْ عَلَيْك ثَوْبك.
ابْن السّكّيت: امرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ، إِذا أُفضِيَتْ، فَإِذا جُومعَتْ أَحْدَثت، وَرجل مُجَيَّأ، إِذا جامعَ سلح.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} (مَرْيَم: 23) هُوَ من جِئْتُ، كَمَا تَقول: فجاءَ بهَا الْمَخَاض، فلمَّا أُلقِيَت الباءُ جُعل فِي الْفِعْل ألف، كَمَا تَقول: آتَيْتُكَ زَيْداً، تُرِيدُ أتَيْتُكَ بزيْد.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: شَرٌّ مَا أجَاءك فِي مُخَّةِ عُرْقوب، وَمِنْهُم من يَقُول: شَرٌّ مَا ألجَأَك. وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَتَمِيم تَقول: شَرٌّ مَا أشاءَك، وَأنْشد غَيره:
وشَدَدْنَا شَدَّةً صادقَة
فأجاءَتْكم إِلَى سَفْحِ الْجَبَل
وَقَالَ زُهَيْر:
وجارٍ سارَ مُعْتمداً إِلَيْنَا
أجاءَتْهُ المخافةُ والرّجاءُ
أَي ألجأتْه معنى قَوْله: إِلَى مُخَّةِ عُرقوب، أَن العرقوبَ لَا مُخَّ فِيهِ، فَلَا يحتاجُ إِلَيْهِ إِلَّا من لَا يقدر على شَيْء.
قَالَ أَبُو عبيد: ويُضرَبُ هَذَا لكلِّ مُضْطَر إِلَى مَا لَا خير فِيهِ وَلَا يَسُدُّ مَسَدّاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: جَايأَني الرجلُ من قُرْب، أَي قابلني، ومَرّ بِي مُجَايأَةً أَي مُقَابَلة.
قلت: هُوَ من جِئْتُهُ مَجيئاً ومَجِيئةً، فأَنَا جاءٍ وجِيءَ بِهِ يُجاء بِهِ، فَهُوَ مَجِيءٌ بِهِ.
أجأ: قَالَ اللَّيْث: أَجَأٌ وسَلْمَى جَبَلا طيِّء، وَإِذا نُسب إِلَى أجأ قلت: هَؤُلَاءِ أَجِئيُّون بِوَزْن أجَعِيُّون.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَجَأَ، إِذا قَرَّ.
جأي: قَالَ اللَّيْث: جِئاوَة اسمُ حَيَ من قيس، قد دَرَجُوا وَلَا يُعْرفون.
جيأ: والجَيْأة: مُجْتمَعُ ماءٍ فِي هَبْطةٍ حَوالي الْحُصُون.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، وَأبي عُبَيدة، والأمويّ: الجَيْأة الموضعُ الَّذِي يجْتَمع فِيهِ المَاء.
شمر، عَن أبي زيد: الجَيْأَةُ الحُفْرَةُ الْعَظِيمَة، يجْتَمع فِيهَا مَاء الْمَطَر، ويَشْرَعُ

(11/158)


الناسُ فِيهِ حُشُوشَهُم.
قَالَ الْكُمَيْت:
ضفادعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً
مُنَضِّبَةً ستَمْنَعُهَا وطيناً
وَقَالَ الفرّاء: جَاءَ فلانُ جَيْأَةً. قَالَ: وَأما الجِيَّةُ بِغَيْر همز، فَهُوَ الَّذِي يَسيل إِلَيْهِ الْمِيَاه.
وَقَالَ الهُذَليّ:
من فَوْقه شَعَفٌ قُرٌّ وأسْفَلُه
جِيءٌّ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ
وَقَالَ شمر: يُقَال لَهُ جِيَّةٌ وجَيأَةٌ، وكلٌّ من كَلَام الْعَرَب.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: قِيّةٌ من مَاء، وجِيّةٌ من مَاء، أَي ماءٌ ناقعٌ خَبيث، إمَّا مِلْحٌ، وَإِمَّا مَخْلوط بِبَول.
وَقَالَ اللَّيْث: الجائية مَا اجتمعَ فِي الخُراجِ من المِدَّة والقَيْح، يُقَال: جاءَتْ جائيَةُ الجِرَاح.
وَفِي حَدِيث: يَأْجوجَ ومأجُوج (فَتَجْوَى مِنْهُم الأَرْض) قَالَ أَبُو عُبيد: أيّ تُنْتِنُ، وَأنْشد:
ثمّ كانَ المِزَاجُ مَاء سحابٍ
لَا جَوٍ آجِنٌ وَلَا مطرُوقُ
قَالَ: والجَوِي المُنْتِن، والأجِنُ دونَه فِي التَّغيُّر.
أجج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجَّ فِي سيره، يَؤُجُّ أَجّاً، إِذا أسْرع وهَرْوَل، وَأنْشد:
يؤُجُّ كَمَا أجَّ الظَّليمُ المُنَفَّرُ
وَقَالَ اللَّيْث: أجَّت النارُ تَؤُجُّ أَجيجاً، وأجَّجْتها تأجِيجاً، وائتجَّ الحَرُّ ائتجاجاً. والأُجَاجُ: شِدَّةُ الحَرّ.
قَالَ رؤبة:
وحَرَّقَ الحَرُّ أجاجاً شاعلاً
قَالَ: والأُجاجُ الماءُ المُرَّ المِلْح، قَالَ الله تَعَالَى: {وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (الْفرْقَان: 53) وَهُوَ الشديدُ الملوحة والمرارةَ، مثل مَاء الْبَحْر.
وَيُقَال: جَاءَت أجَّةُ الصَّيف.
أَبُو عُبيد: الائتجاج: شدّة الحَرّ.
قَالَ ذُو الرمة:
بِأجةٍ نَشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطَبُ
يَأْجُوج: قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي (يَأْجُوج، وَمَأْجُوج) : هما قبيلان من خَلق الله، جَاءَت القراءةُ فيهمَا بهمزٍ وَبِغير همز.
قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: (أنَّ الخلقْ من النَّاس عشرَة أَجزَاء، تِسْعة مِنْهَا يأجُوج ومأجُوج) قَالَ: وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهمَا من كَلَام الْعَرَب يخرج من أَجَّتِ النَّار، وَمن الماءِ الأُجاج، وَهُوَ الشّديد الملوحة والمرارة، مثل مَاء الْبَحْر، المُحْرِق من مُلوحته، وَيكون التَّقْدِير فِي يَأْجُوج يَفْعُول، وَفِي مأجوج

(11/159)


مفعول.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون يَأْجوج فاعُولاً، وَكَذَلِكَ مأجوج.
قَالَ: وَهَذَا لَو كَانَ الاسمان عَرَبِيَّين لَكَانَ هَذَا اشتقاقُهما، فَأَما الأعجميَّة فَلَا تُشْتَقُّ من الْعَرَبيَّة.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَجَّجَ، إِذا حمل على العدوّ، وجَأَجَ، إِذا وقف جُنْباً.
ويج: قَالَ اللَّيْث: الوَيْجُ خَشبةُ الفَدَّان بلُغةِ عُمَان.
وجأ: فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: (من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الباءَة فَليَتَزَوَّج، ومنْ لم يستطِعْ فَعَلَيهِ بالصَّوْم فَإِنَّهُ لَهُ وِجاء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد يُقَال للفحل إذَا رُضَّت أُنثيَاه: قد وُجِيءَ وِجاءً مَمْدُود، فَهُوَ مَوجوءٌ، وَقد وَجَأتُه، فَأَرَادَ أنَّه يَقْطَعُ النِّكاح لأنَّ المَوْجوءَ لَا يَضْرِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجْءُ بِالْيَدِ، والسِّكين. يُقَال: أَجَأتُه أَجَؤُهُ وَجْأْ مَقْصُور.
وجا: وَأما الوَجا فَهُوَ شدَّة الحَفَا. يُقَال: وَجِيَت الدّابةُ تَوْجَى، وَجاً، مَقْصُور، وإنّهُ لَيَتَوَجَّى فِي مِشْيته، وَهُوَ وَجٍ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: أَنْ يشتكِي البعيرُ باطنَ خفِّه، والفرسُ بَاطِن حافرِه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الوَجَا: قبل الحَفا، والحفا قبل النَّقَب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِئَة البقَرة.
ابْن نَجدة، عَن أبي زيد: الوَجِيءُ: الخَصِيّ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: يُقَال وَجَأْتَه وَوَجَيْتُه وِجاءً.
قَالَ: والوِجاءُ فِي غيرِ هَذَا وِعاءٌ يُعمَلُ من جران الْإِبِل، تَجعلُ فِيهِ المرأةُ غِسْلَتَها، وقُماشَها، وَجمعه أَوجيَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: جاءَ فلانٌ مْوجًى، أَي مرْدُوداً عَن حاجَته وَقد أوْجَيْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الإيجاءُ أنْ تَزْجرَ الرجلَ عَن الْأَمر، تَقول: أوْجَيتُه فَرَجع.
قَالَ: والإيجاءُ إِن يَسأَلَ فَلَا يُعْطِي السائِلَ شَيئاً.
وَقَالَ رَبيعةُ بنُ مَقروم:
أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَر قَصْدَه
وكَوَيتُهُ فَوقَ النَّواظِر مِنْ عَلِ
وَقَالَ:
فإنْ تَكُ لَا تَصيدُ الْيَوْم شَيْئا
فآب قميصُها أوجى وخابا
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: أوْجيتُه أعطيتُه.
قَالَ شمِر: لَا أعْرِفه بِهَذَا الْمَعْنى، وأوْجيتُه: رَدَدتُه.
وَقَالَ غَيره: حَفَر فَأَوْجَى، إِذا انتَهى إِلَى صَلابَة وَلم يُنْبِط. قَالَ: وأوْجى الصَّائِدُ إذَا أخْفَقَ وَلم يَصِدْ، وأوْجأَتِ الكَرِبَّةُ

(11/160)


وأوْجتْ، إِذا لم يَكُن فِيهَا مَاء، وَكَذَلِكَ الصَّائد.
وأتينَاه فَوَجيْناه، أَي وَجَدْناه وَجِيئاً لَا خَيرَ عِنْده.
وَيُقَال: أوْجَتْ نَفسه عَن كَذَا، أَي أضْرَبت وانتزعتْ، فَهِيَ مُوجِيَة، وأوْجَيْتُ عَنْكُم ظُلْمَ فُلان، أَي دَفَعتُه. وَأنْشد:
كأَنَّ أبي أوْصَى بِكم أَن أضُمَّكم
إليَّ وأَوجِي عَنْكُمُ كلَّ ظَالِم
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أوْجَى، إِذا صَرَفَ صَدِيقَه بِغَيْر قَضاءٍ حاجتِه، وأوْجَى أَيْضا باعَ الأوْجِيَة، وَاحِدهَا وِجاء، وَهِي العُكُومُ الصِّغار، وَاحِدهَا عِكْم. وَأنْشد:
كَفَّاكَ غَيثَانِ عَليهم جُودَانْ
تُوجَى الأكُفُّ وهما يَزيدان
قَالَ: تُوجِي تَنقطع. وَيُقَال: ماءٌ يُوجِي، أَي يَنقطع.
وَيُقَال: رَمى الصَّيَد فَأَوْجَى، وسَأَلَ حَاجَةً فَأَوْجَى، أَي أخْفَق.
ابْن السّكيت: الوَجِيَئةُ، التَّمْر، يُدَقُّ حَتَّى يَخْرُجَ نَواه، ثمَّ يُبَلُّ بلَبَنٍ أَو سَمْن حَتَّى يَتَّدِنَ، أَي يَبْتَلَّ ويَلزمَ بعضُه بَعْضًا فيؤكل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِيئَةُ التَّمْر، يُوجَأُ ثمَّ يؤكلُ باللَّبن.
وجج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنّ آخِر وطأةٍ لله بِوَجّ) . وَجّ، هُوَ الطَّائِف.
وَأَرَادَ بالوطْأَةِ الغَزَاةَ هَا هُنَا، وَكَانَت غَزْوَة الطَّائف آخر غزواتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسمُها وَجّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجُّ عِيدانٌ يُتَدَاوَى بهَا. قلت: مَا أراهُ عَرَبيا مَحْضاً.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْوَجُّ السُّرْعة والوُجُجُ: النعام السريعة الْعَدو. وَقَالَ طرفَة:
ورِثَتْ فِي قيسَ مَلْقَى نُمْرُقٍ
ومَشَتْ بَين الحشايا مَشْيَ وَجْ
قيل: الوَجُّ السرعة، وَقيل: الوَجُّ: القُطَا.
جأجأ: عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الجَأجأُ الْهَزِيمَة، قَالَ: وتجأجأتُ عَنهُ، أَي هِبتُه، فلَان لَا يتجأجأُ عَن فلَان؛ أَي هُوَ جَرِيء عَلَيْهِ.
أَبُو عبيدٍ، عَن الأمويّ: جأجأتُ بِالْإِبِلِ، إِذا دَعَوْتها إِلَى الشُّرب، وهَأهأتُ بهَا للعَلَفِ، وَالِاسْم مِنْهُ الجِيءُ والهِيءُ. وَقَالَ مُعَاذ الهرّاء:
وَمَا كَانَ عَلَى الجِيءُ
وَلَا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وَقَالَ:
ذكّرها الوِرْدَ بقولِ جِيجا
فأقبلتْ أعناقُها الفَرُّوجا
يَعْنِي فروج الْحَوْض.
اللَّيْث، تجأجأتُ أَي كَفَفْتُ وانتهيت،

(11/161)


وَأنْشد:
سَأنزِعُ منكَ عِرْسَ أَبِيك إِنِّي
رأيتُكَ لَا تَجَأجأُ عَن حِمَاها
جي: اسْم مَدِينَة أصْبَهان، وَكَانَ ذُو الرمة وَرَدَها، فَقَالَ:
نَظَرتُ ورائي نَظرَةَ الشَّوق بَعْدَمَا
بَدَا الجَوُّ من جَيَ لنا والدَّسَاكِرُ
قَالَ:
جؤجؤ: عظامُ صَدْرِ الطَّائِر، والجُؤْجُؤْ: صَدْرُ السَّفينة، والجميع الجآجِيء.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: جايأتُ، إِذا وَافَقَتَ مَجِيئه، وَيُقَال لَو قدْ جاوزْتَ هَذَا المكانَ لجايأتَ الْغَيْثَ مُجَايأةً وجِيَاءً، أَي وَافَقْتَه.
وَقَالَ الأصمعِيّ: يَأجِجُ مهموزٌ، مكانٌ من مَكَّةَ على ثَمَانِيَة أمْيال، وَكَانَ من مَنَازل عبد الله بن الزبير، فَلَمَّا قَتَلَه الْحجَّاج أنزَله الْمُجَذَّمين، فَفِيهَا المجذَّمُون قد رأيْتُهُم وإيَّاها، أرادَ الشَّماخ بقوله:
كأَنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ أحقَبَ قَارحاً
من اللآءَ مَا بَين الجنابِ فَيَأحِجِ
جاج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاجةُ: جمعهَا جاج، وَهِي خَرَزَةٌ لَا تُساوِي فَلْساً، وَقَالَ غَيره: يُقَال: مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا جاجةٌ وَلَا عَاجةُ، وَأنْشد:
فجاءَتْ كخَاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجةً
وَلَا جَاجةٌ فِيهَا تَلُوحُ على وَشمِ
وَقَالَ أَبُو زَيْد: الجَاجةُ الخَرزَةُ الَّتِي لَا قيمَةَ لهَا ياجِ وأَياجِج من زجر الْإِبِل. قَالَ الراجز:
فَرَّجَ عَنهُ حَلَقَ الرَّتَايجِ
تَكَفْكُفُ الرَّسايِمِ الأوَاجِجِ
وَقيل: ياجٍ، وأيا جِجِ
عاتٍ عَن الزَّجْرِ، وَقيل: جاهِجِ

(11/162)


أَبْوَاب الرباعي من حرف الْجِيم

(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش
شرجب: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْجَبُ نَعْتُ الفَرس الجَوَاد الْكَرِيم، وَمن الرِّجال: الطَّويل.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّرْجَبُ الطَّوِيل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشُّرّجُبَانَةُ شَجرةٌ مُشْعانَّة طَوِيلة يَتَحلَّبُ مِنْهَا كالسُّمّ، وَلها أَغْصان.
جرشم: قَالَ اللَّيْث: جَرْشَمَ الرُّجل، إِذا كَانَ مَهْزولاً أَو مَرِيضاً ثمَّ اندمَلَ، وَبَعْضهمْ يَقُول: جَرْشَبَ.
جرشب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُرْشُبُ الْقصير السَّمين، قَالَ: والخُرْشُب بالخاءَ الطَّويل السَّمين.
وَقَالَ ابْن شُميل: جَرْشَبت المرأةُ إِذا وَلَّتْ وهَرِمَتْ، وامْرأةٌ جَرْشَبِيَّة.
شمرجة: قَالَ اللَّيْث: الشَّمْرَجةُ حُسْنُ قيام الحاضِنَةِ على الصَّبيّ، وَاسم الصَبيّ مُشَمْرَج من ذَلِك اشْتُقّ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد، قَالَ: إِذا خَاطَ الْخَيّاط الثوبَ خِياطة مُتباعِدةً، قَالَ: شَمَجتُه أَشْمُجُه شَمْجاً، وشَمْرَجْتُهُ شمرجَةً قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشُّمْرُج الرَّقِيق من الثِّيابِ وَغَيرهَا.
ابْن مُقبل:
غَداة الشَّمال الشُّمْرُجُ الْمتنَصَّحُ
يَعْنِي الْمخِيط.
فنجش: قَالَ ابْن دُريد: فَنْجَشٌ: واسِع، وَفَجشْتُ الشيءَ فَجْشاً، إِذا وَسَّعْتَه، وأَحْسِبُ اشْتقاق فَنْجَش مِنْه.

(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض
جرضم: قَالَ اللَّيْث: الجُراضم الأَكُولُ الْوَاسِع البَطْن؛ وَمثله الجِرْضِم، وَهُوَ الأكول جِدَّاذَا جِسْمٍ كَانَ أَو نحيفاً.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الجُرَاصِيَة الرَّجُل العظيمُ بالصَّاد وَأنْشد:
مِثْلُ الهجِينِ الأحْمَرِ الجُرَاصِيَهْ
وَقَالَ الفرزدق فِي الجُراضِم:
فَلَمَّا تَصَافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَت
إليَّ غُصونُ العَنْبَريِّ الجُراضِم
جرمض: وَقَالَ ابْن دُريد: رجُل جُرَامِضٌ وجُرَافِضٌ، وَهُوَ الثّقيل الوخِمُ.

(11/163)


ضربج: أَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
قَدْ كُنْتُ أَحْجُو أَبا عَمْرٍ وأَخَاثِقَةٍ
حَتَّى أَلمتْ بنَا يَوْماً مُلِمَّاتُ
فَقلت والمرءُ تُخطِيهِ مَنِيَّتُه
أَدْنَى عَطيَّاتِه إيَّايَ مئْيَاتُ
فَكانَ مَا جَادَ لي، لَا جَادَ من سَعَةٍ
دراهِم زَائِفات ضَرْ بَجِيَّاتُ
حجوته سَخِيّاً: أَي ظننته.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: دِرْهَم ضَرْبَجيُّ، أَي زَائِف، وَإِن شِئتَ. قلت: زَيْفٌ قَسِيّ، والقِسيّ: الَّذِي صَلُبَ قصبه من طول الخَبْء. قَالَ: ومئيات بِوَزْن مِعْيَات، الأَصْل فِي مِئَات، مِئْيَة بِوَزْن مِعْيَة، وَقَوله: كنت أحجو أَبا عَمْرو، أَي أَظُنُّه، وَقَوله: (لاَ جَادَ من سَعَةٍ) : دُعَاءٌ عَلَيْه.

(بَاب الْجِيم والصا)
ج ص
صملج: عَمْرو: عَن أَبِيه: الصَّمَلَّجُ الصُّلب من الخَيل وغيْرها.
جلبص: قَالَ ابْن السّكّيت: قَالَ أَبُو عَمْرو الجَلبَصَةُ الفِرَار، الصَّوَاب: الخَلْبَصَة بِالْخَاءِ وَأنْشد:
لمَّا رَآني بالبَرَازِ حَصْحَصَا
فِي الأرْض مِنِّي هَرَباً وخَلْبَصَا

(بَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س
جسرب: قَالَ اللَّيْث: الجَسْربُ: الطَّويل. وروى، أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي الجَسْرَبِ مثله.
جرفس: وَقَالَ اللَّيْث: الجَرَافِسُ والجِرْفَاسُ من الرِّجَال: الضَّخْم الشَّديد.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: جَمَلُ جِرْفَاسٌ، وجُرَافِسٌ: عَظِيم.
وَقَالَ غَيره: الجَرْفَسَةُ شِدَّةُ الْوَثَاق، وجرْفَاس من أسْماء الأسَد، وجَرْفَسه جَرْفَسَةً، إِذا صَرَعه.
وأَنشد ابْن الْأَعرَابِي:
كأَنّ كَبشاً سَاجِسيّاً أرْبَسَا
بَيْنَ صَبِيَّي لَحِيهِ مُجَرْفَسَا
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: جعل خبر كَأَنَّ فِي الظَّرف.
جرسم: جُرسُم: مَاله سقَاهُ الله الجرسمَ، قَالَ: والجرسمُ والحُمَةُ وَاحِد.
نرجس: والنَّرْجسُ: مَعْرُوف، وَهُوَ دَخِيل مُعرب. ونِرْجِسٌ أَحْسن إذَا أُعْرِب.
سمرج: وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَرَّجُ يَوْم جَبَابَة الْخَراج.
قَالَ العجاج:
عَكْفَ النّبيط يَلْعَبُونَ الفَنزَجا
يَوْم خَراجٍ يُخرِجُ السمَرَّجا

(11/164)


قَالَ ابنُ السِّكّيت: أصْلُه بالفارِسيّة: سَهْ مَرَّة، وَهُوَ استِخراجُ الخَراج فِي ثلاثِ مَرات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّمَرَّج يومٌ يُنتَقدُ فِيهِ دَرَاهِمُ الْخَراج.
يُقَال: سَمْرِجْ لَهُ، أَي أعْطِه.
سجلط: قَالَ اللَّيْث: السِّجِلاّطُ اليَاسِمين. عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للكساء الكُحَلِيِّ سِجِلاّطِيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: خَزٌّ سِجلاَّطِيٌّ إِذا كَانَ كُحْلِيّاً.
وَقَالَ الْفراء: السِّجِلاّط شَيْءٌ من صُوفٍ تُلقيه المرأةُ على هَوْدَجها.
وَقَالَ غَيره: هِيَ ثيابٌ كتانٌ مَوشيَّةٌ، كأنّ وَشْيَها خَاتَم وَهِي زَعموا بالرُّومِيّة.
وَقَالَ حُمَيد بن ثَور:
تَخَيَّرْنَ إمَّا أُرْجُوَاناً مُهَذَّباً
وَإِمَّا سِجِلاَّطَ العِراقِ المُخَتَّمَا
سفنج: قَالَ اللَّيْث: السَّفَنَّجُ الظَّليمُ الذّكر. وَقَالَ أَبُو عُبيد مِثله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمِّي سَفَنّجاً لسرعته.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: السَّفَنَّجُ من أَسمَاء الظَّليم فِي سُرْعته وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأعرابيّ مثله:
جَاءَتْ بِهِ من اسْتِهَا سَفَنَّجا
سودَاءُ لم تَخْطُط لَهُ نِينَيْلَجَا
أَي وَلدَتْهُ أَسْوَد.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ طائِر كثيرُ الاسْتِنان، وَيُقَال: سَفْنَجَ أَي أَسْرَع.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سَفْنَجَ فلانٌ لفُلَان النّقْدَ أَي عَجَّله، والسَّفَنَّجُ: السَّرِيع. وَأنْشد:
إِذا أخذتَ النَّهْبَ فالنَّجا النجا
إِنِّي أخافُ طَالبا سَفَنَّجا
وَقَالَ آخر:
يَا شيخُ لَا بُدَّ لنا أَن نَحْجُجا
قد حَجَّ فِي ذَا العامِ مَنْ تَحَوّجا
فابْتَعْ لنا جِمَال صِدْقٍ فالنَّجا
وعَجِّلِ النّقْدَ لَهُ وسَفْنِجَا
لَا تُعْطِه زَيْفاً وَلَا تُبَهْرِجا
قَالَ: عجِّل النّقد لَهُ، وَقَالَ: سَفْنِجاً أيْ وَجِّهْ وأَسْرِعْ لَهُ من السَّفَنَّج السَّرِيع.
سملج: عَمْرو عَن أَبِيه: السَّمَلَّجُ اللّبَنُ الحُلو.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: يُقَال: لِلَّبَن إِنَّه لَسَمْهَجُ سَمْلَجٌ إِذا كَانَ حُلواً دسماً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ اللَّبَن السُّمَالج. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الطَّيِّب الطّعم، وَقيل: الَّذِي لم يُطْعِم. وسِمِلاَّجٌ: عيدٌ من أَعْيادِ النّصَارى.
سلج: شمِر: السُّلَّجُ: نبت من الحَمْض.

(11/165)


سلجن: قَالَ: والسِّلَّجْنُ ضرب من الْأَطْعِمَة، وَأنْشد:
يَأْكُل سِلْجناً بهَا وسُلَّجَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السِّلَّجْنُ الكعك.
سلجم: ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: السَّلْجَمُ: الطَّويلُ من الرِّجال، والسَّلْجَمُ: الطويلُ من النِّصَال.
قَالَ: والمأكول يُقَال لَهُ سَلْجَمٌ أَيْضا، وَلَا يُقَال شَلْجَمٌ وَلَا ثَلْجَم.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للنِّصَالِ المُحَدَّدَة: سَلاَجِمُ وسَلاَمِج.
وَقَالَ الراجِز:
يَعْدُو بِكَلْبَيْنِ وقَوْسٍ فَارِج
وقَرَنٍ وصِيغَةٍ سَلاَمِج
قَالَ الْهُذلِيّ:
وبيضٌ كالسّلاجم مُرْهَفاتٌ
أَرَادَ: بيض سلاجم، وَالْكَاف زَائِدَة، والسَّلاجم: الطوَال.
سبرج: ابْن دُرَيْد: سَبْرَج فلانُ عليّ الأمْرَ، إِذا عَمّاه.
برجس: وَقَالَ شَمِر: البِرْجاسُ شِبْهُ الأَمَرَة تُنْصَبُ من الْحِجَارَة.
وَقَالَ ابْن الْفرج فِي بَاب الْمِيم وَالْبَاء المِرْجاس.
مرجاس: حجرٌ يُرْمَى بِهِ فِي البِئْر ليُطَيِّبَ ماءَها، ويَفْتَحَ عُيونَها، وَأنْشد:
إِذَا رَأَوْا كَرِيهةً يَرْمُونَ بِي
رَمْيَكَ بالمِرْجَاس فِي قَعْرِ الطَّوِي
قَالَ: ووجَدت هَذَا الشّعْر فِي أَشْعارِ الأَزْدِ (بالبِرْجَاسِ فِي قَعْرِ الطَّوِي) بالْباء. والشِّعرُ لسعد بن المُنْتَحِر البارِقيّ، وَهُوَ جاهليّ، رَواه المُوَرِّجُ لَهُ، وَهُوَ حجرُ يُرْمَى بِهِ فِي البِئر.
جرسم وجلسم: ابْن دُرَيْد: جِرْسامٌ وجِلْسام لِلَّذي يُسَمِّيه العامّة بِرْسَاما.
سنجل: وسِنْجالُ: قريةُ بأَرْمِينِيةً، ذكره الشماخ فِي شعره، فَقَالَ:
ألاَ يَا اصْبَحَاني قبْلَ غَارَةِ سِنْجَالِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَنْجَلَ، إِذا مَلأ حَوْضَه نشاطاً.
وجنفس: قَالَ: وجنْفَسٍ، إِذا اتَّخَمَ.
سجان: أَبُو مَالك: وَقَعَ فِي طعامٍ بَسَّجانٍ أيْ. كثير.

(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز
زنجر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال زَنْجَرَ فلانٌ لفُلَان: إِذا قَالَ بِظُفْرِ إبهامه ووضَعَها على ظُفْرِ سَبّابَتِهِ، ثمَّ قرع بَينهمَا فِي قَوْله: وَلَا مِثْلَ هَذَا. وَأنْشد:
فمَا جَادَتْ لنا سَلْمَى
بِزِنْجِيرٍ وَلَا فُوفَهْ
وَقيل: الزِّنجير: قُضبان الكرمِ الرطب.

(11/166)


ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الزِّنْجِيرَةُ مَا يأْخُذُ طَرَفُ الْإِبْهَام من رَأْسِ السِّنِّ، إِذا قَالَ: مَالك عِنْدِي شَيْءٌ وَلاَ ذِهْ.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال لِلبياضِ الَّذِي على أَظْفَارِ الأحْدَاثِ، الزِّنْجِيرُ والزِّنْجِيرَة والفُوفُ والوَبَشُ.
زرجن: وَقَالَ اللَّيْث: الزّرَجون قُضْبانُ الكَرْم بِلُغَةَ أهل الطَّائِف، ولُغة أهل الغَور.
وَقَالَ شَمِر: أَصله زَرَكُون، يُقَال ذَلِك لِلْخَمْر، ولِقُضْبان الكَرم وَقد مَرّ تَفْسِيره فِي ثلاثي الْجِيم.
زرنج: قَالَ اللَّيْث: زَرَنْج اسمُ كُورَة مَعْرُوفَة.
وَقَالَ ابْن الرُّقَيّات:
جَلَبوا الخَيْلَ من تهامةَ حتَّى
وَرَدَتْ خَيْلُهم قُصُورَ زَرَنْجِ
زبرج: وَقَالَ اللَّيْث: الزِّبْرجُ: الذَّهَبُ، والزِّبْرِجُ أيْضاً زينةُ السِّلاح، والزِّبِرْجُ: الوَشْي، والزِّبرجُ: السَّحابُ النَّمِرُ بسَوادٍ وحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ. وَقَالَ العجاج:
سَفْرَ الشَّمالِ الزِّبرِجَ المُزَبْرَجَا
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء: الزِّبْرِجُ والزَّعْبَجُ: السَّحاب الرّقيق.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّواب. والسحاب النّمِرُ المُخيِّلُ لِلْمَطر، والزِّبْرِجُ من السَّحاب: الرَّقيقُ الَّذِي لَا ماءَ فِيهِ، وزِبرِجُ الدُّنيا: زينتُها، وَهِي الزّبَارِيجْ.
زمجر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَّمَاجِيرُ زَمّاراتُ الرُّعْيان.
ورُوِي عَن عَمرو، عَن أَبِيه: الزَّمْخَرة بالْخَاء: الزّمّارة، والزّمجَر: السَّهم الدّقيق النّاقِر.
وروى أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عُبيدة، أنّه قَالَ: الزَّمْجَرَةُ الصّوتِ مِن الْجَوْف، والزَّمْخَرَة: الزّمّارة. قلت: وَالصَّوَاب الأوّل.
جرمز: أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: الجُرْموز الْحَوْضُ الصّغير، وَقَالَ ذُو الرمة:
ونَشَّتْ جَرَامِيزُ اللِّوَى والمَصانَعُ
أَبُو زَيد: رَمَى فلانٌ الأرضَ بجَرامِيْزِه وأَوْرَاقِه، إِذا رَمَى بنفْسه، وَيُقَال: جَمَع فلانٌ لفُلَان جَراميزَه إِذا استعَدّ لَهُ، وعَزَمَ عَلَى قَصْدِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُرْمُوزُ حَوْضٌ مُتَّخَذٌ فِي قاع أَو رَوْضة، مُرتفِعُ الأعْضَاد، فيَسِيلُ فِيهِ المَاء، ثمَّ يفَرَّغُ بعد ذَلِك. قَالَ والجَرْمَزَةُ: الانقِبَاضُ عَن الشِّيء، قَالَ: وَيُقَال: ضَمّ فلانٌ إِلَيْهِ جَراميزَه، إِذا رَفَعَ مَا انتشَرَ من ثِيابِه، ثمَّ مَضَى، وَإِذا قلت: الثَّوْرُ ضَمّ جَراميزَه، فَهِيَ قَوائَمه، وَالْفِعْل مِنْهُ: اجْرَمّزَ، إذَا انقَبض فِي الكِناس: وأَنشدَ:
مُجْرَمِّزاً كَضَجْعَةِ الْمَأْسُورِ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الْمُجْرَنْمِز والمُجْرَنْجِمُ: المُجْتَمِع.

(11/167)


قلت: وَإِذا أدْغَمْتَ النُّون فِي الْمِيم قلت: مُجْرَمِّز.
أَبُو عُبيد: قَالَ الأمويّ: تَجَرْمَزَ اللَّيْلُ تَجَرْمُزاً، إِذا ذهب.
قَالَ النّضر: قَالَ المُنْتَجِعُ يُعجبُهم كلُّ عامٍ مُجْرَمِّزِ الأول، أَي لَيْسَ فِي أَوله مَطَر. أَبُو دَاوُد عَنهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أخَذ الشيءَ بحذافيرِه وجَراميزِه، وجَذامِيرِه، إِذا أخَذَه كُلَّه.
سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: خُذْه بِجَذَامِيره، وجُذْمُورِه، وجِذْمَارِه، وَأنْشد:
لعلَّكَ إنْ أَدْرَرْتَ مِنْهَا خَلِيَّةً
بِجُذْمُورِ مَا أبقَى لكَ السَّيفُ تَغْضَبُ
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الزِّنجيلُ: الضّعيف بالنُّون. وَقَالَ شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: زِنجيل بالنُّون أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد عَن الفَرّاء: الزِّئْجِيلُ مَهْمُوز وَهُوَ الزُّؤَاجِلُ.
وَإِذا قَطَعْتَ سَعَفَة فبقِيَت مِنْهَا قطعةٌ فِي أصلِ السّعَفةِ؛ فَهُوَ جِذْمارٌ وجِذْمورٌ. قَالَه الأخفَشُ، رَوَاهُ شَمِر عَنهُ، وَمَا بَقِي من يَدٍ الأقطَعِ عِنْد رأْسِ الزَّنْدَيْنِ جُذْمور.
يُقَال: ضَرَبه بِجُذْمُوره، كَمَا يُقَال ضَرَبه بقَطَعَتِه. وَقَالَ الشَّاعِر:
بَنَانَتَانِ وَحُذْمُورٌ أَقِيمُ بِهِ
صَدْرَ القناةِ إِذا مَا صارِخٌ فَزِعَا
الصّارِخُ: المستغيث، فزِعَ: اسْتَغَاثَ.
جربذ: قَالَ أَبُو عُبيدة: الجَرْبَذَةُ مِن سَير الخَيل، وفَرَسٌ مُجَربِذ، وَهُوَ القريبُ القَدْر فِي تَنْكيس الرّأْس، وشَدّةُ الاخْتِلاَطِ مَعَ بُطْءِ إحَارَةِ يَدَيهِ ورِجْلَيْهِ.
قَالَ: وَقد يكونُ المُجَرْبِذُ أَيْضا فِي قُرْب السُّنْبُكِ من الأَرْض وارتفاعِه. وأنشدَ:
كُنتَ تَجرِي بالْبُهْرِ خِلْواً فلمَّا
كلَّفَتْكَ الجِيَادُ جَرْيَ الجِيادِ
جَرْبَذَتْ دونَها يَداكَ وأزري
بكَ لُؤمُ الآباءِ والأجدادِ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جرْبَذَت الفَرسُ جَرْبَذَةً وجِرْباذاً، وَهُوَ عَدْوٌ ثقيل. وفرَسٌ مُجَرْبِذٌ، إِذا كَانَ كَذَلِك.
ابْن الأنباريّ: البَرُوكُ من النِّسَاءِ الَّتِي تَتَزَوّجُ زَوْجاً وَلها ابنٌ مُدرِكٌ من زَوجٍ آخَر. وَيُقَال لابنها الْجَرَنْبَذ.
قلت: وَهُوَ مَأخُوذٌ من الْجَرَبَذَة.
جلفز: قَالَ اللَّيْث: نابٌ جَلْفَزِيز هَرِمَةٌ حمول عَمولُ وَيُقَال: داهِيَةٌ جلْفَزِيزُ. وَقَالَ:
إنِّي أرَى سَوداءَ جَلْفَزِيزَا
وَيُقَال: جعلهَا اللَّهُ الْجَلفَزيزَ، إِذا صَرَمَ أمره وقطعه.

(11/168)


وَأنْشد ابْن السكّيت لبَعض الشُّعَراء:
السِّنُّ من جلفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خَلَقٍ
والحِلْمُ حِلمُ صَبيَ يَحرُثُ الْوَدَعَة
يصف امْرَأَة أسَنَّتْ وَهِي مَعَ سِنِّها ضعيفَةُ العقْل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: ناقَةٌ جلفَزيزٌ صُلبةٌ غَلِيظة.
وَقَالَ اللَّيْث: عجوزٌ جَلفَزيزٌ متَشَنِّجةٌ وَهِي مَعَ ذَلِك عَمُول.
جلبز: ابْن دُرَيْد: رَجُلٌ جَلْبَزٌ وجُلابِزٌ: صُلبٌ شَدِيد.
فنزج: قَالَ: والفَنْزَجُ الدَّسْتَبَنْد، يَعْنِي بِهِ رقْصَ المَجُوس إِذا أخَذَ بعضُهم يَدَ بَعض، وهم يَرْقُصون، وَأنْشد قَول العجاج:
عَكْفَ النَّبيطِ يلْعَبُون الفَنْزَجا
وَقَالَ ابْن السّكّيت: الفَنْزَجُ لُعْبَةٌ لَهُم تُسَمَّى بنْجَكان بالفارِسِيَّة، فَعُرِّب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفنْزَجُ: لَعِبُ النَّبيط إِذا بَطِروا.
وَقَالَ شمر: يُقَال الفنْزَجُ: النَّزَوان، قَالَه الْأَصْمَعِي. قَالَ شمر: ويقالُ الفنزجُ خَراج يؤدِّيه الأنْباط فِي خَمْسَة أَيَّام بنَجْم. قلت: الْخراج يُقَال لَهُ السَّمَرَّجُ لَا الفنْزَجُ.
زنجب: عَمْرو، عَن أَبِيه: الزُّنْجَبُ: المِنْطَقَة، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الزَّنْجَبان: بِفَتْح الزَّاي المِنْطِقَة.
جربز: اللَّيْث: الجُرْبُز: دَخِيل، وَهُوَ الْخِبُّ من الرِّجَال.
جمزر: وَيُقَال: جَمْزَرْتَ يَا فلَان، أَي نَكَصْتَ وفَررت.
جرمز: وجَرْمَزْتَ: أَي أخْطَأت.
جلنز: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جمل جَلَنْزِيَ، وبَلْنزِيَ إِذا كَانَ غَليظاً شَدِيدا.
زنجل: أَبُو عُبَيْد: الأمويّ، قَالَ: الزِّنْجيلُ الضَّعيفُ من الرّجال.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الزّيجيل بِالْيَاءِ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب، قَالَ مُزَاحم: الزِّنجيلُ القَوِيُّ الضَّخم.
وروى شَمر بإسنادٍ لَهُ فِي كِتَابه عَن مُحَمَّد ابْن عليّ، قَالَ: كَانَت لعليّ بن حُسين سَبَنْجُونَةٌ من جُلُود الثَّعالب، وَكَانَ إِذا صَلَّى لم يَلْبَسْها.
قَالَ شمر: سألْت مُحَمَّد بن بَشّار عَن السَّبَنْجونَة، فَقَالَ: فَرْوةٌ من ثعالب، وسأَلْتُ أَبَا حاتِمٍ عَنْهَا، فَكَانَ يذهبُ إِلَى لون الخُضْرَةِ اسْمَانجُون وَنَحْوه.

(بَاب الْجِيم والطاء)
ج ط
جلفط: قَالَ اللَّيْث: الجِلْفاطُ: الَّذِي يَشُدُّ دُروزَ السُّفُن الجُدُدِ بالخُيُوطِ والخِرَقِ ثمَّ

(11/169)


يُقَيِّرها يُقَال: جَلْفَطهُ بالجِلْفاطِ، إِذا سَوّاهُ وقَيَّره.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ الَّذِي يُجَلْفِطُ السُّفُنَ، فَيُدْخِلُ بَين مسامير الألواح وحُزوزِها مُشاقَةَ الكَتَّان، ويمْسَحُه بالزِّفتِ والقار.
طثرج: عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الطَّثرج النَّمْل.
جلط: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَلمَطَ رَأسه وجَلَطَهُ، إِذا حَلَقَه.

(بَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د
جردب: أَبُو عبيد، عَن الْفراء، جَرْدَبْتُ الطَّعام وَهُوَ أَن يَضَعَ يَده على الشَّيءِ يكونُ بَين يَدَيه الخِوانِ كي لَا يَتَنَاولَهُ غيرُه. وأنشدنا:
إِذا مَا كُنتَ فِي قومٍ شَهادَى
فَلَا نجْعَلْ شِمالَك جرْدَبانا
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الجَرْدَبان الَّذِي يَأْكُل بِيَمِينِهِ، ويمْنَعُ بِشمَالِهِ. وَرَوَاهُ بَعضهم: (جُرْدُبانا) .
وَقَالَ شمر: يُقَال هُوَ يُجَرْدِمُ فِي الإناءِ أَي يأكُلُه ويُفنِيه.
وروى أَبُو تُرَاب، عَن الْفراء: جَردَبَ وجردَمَ بِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ. وأنشده الغَنَوِيّ:
فَلاَ تجْعَلْ شِمالَكَ جردَبيلا
وَزعم أَن مَعْنَاهُ أَن يَأْخُذ الكِسْرَةَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ويأكلَ باليمنى فَإِذا فنِيَ مَا بَين يَدي القَوْم أكل مَا فِي يَدِه اليُسْرى.
وَيُقَال: رجل جَرْدَبيلٌ، إِذا فعل ذَلِك.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: جردمْتُ السّتينَ، إِذا جُزْتَها. وجردَمَ مَا فِي الجَفنَةِ، إِذا أَتَى عَلَيْهِ. قَالَ: وزاحم السّتِّين وزاهمَها، إِذا بلغَهَا.
برجد: عَمْرو، عَن أَبِيه: البُرْجُد كِساءٌ من صُوفٍ أَحْمَر.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: البُرْجُد كِساءٌ ضَخْم فِيهِ خُطوط يَصلُح لِلخباء وَغَيره.
جردب: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِردَابُ وسَطُ البَحرِ.
بردج: وَأنْشد ابْن السّكيت قَول العجاج:
كَمَا رأَيتَ فِي المُلاَءِ البَرْدَجَا
قَالَ: البَرْدَجُ السَّبْي، وأصلُه بِالْفَارِسِيَّةِ (بَرْدَة) .
يرندج: وَقَالَ أَبُو عبيد: اليَرَنْدَجُ والأَرَنْدَج بِالْفَارِسِيَّةِ رَنْدَه؛ وَهُوَ جِلدٌ أسود، وَبَعْضهمْ يَقُول: إرَنْدَج. وَأنْشد:
عَلَيْهِ دَيَابُوذٌ تَسَربلَ تحتَهُ
أرَندَجَ إسكافٍ يُخالِطُ عِظْلِما
وَقَول ابْن أَحْمَر:
لم تَدر مَا نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قبلهَا
ودراس أعوصَ دارسٍ مُتَجَرِّد

(11/170)


وَقَالَ الأصمعيّ: اليَرندج جلد أسود. قَالَ: وَلم يدر ابنُ أَحْمَر مَا اليَرَندج، ظنّ أَنه يُنسَجُ، وَأَنه من عمل النَّاس.
وَقَالَ غَيره: أَرَادَ بقوله: (مَا نسج اليرندج) أَنه حدّثها بحَديثٍ ظَنَّت أَنه حَقٌ. وَلم تكن تعرف الْكَذِب قبل ذَلِك.
دردج: وَقَالَ اللَّيْث: الدّردَجةُ إِذا توافقَ اثْنَان بِمَوَدَّتِهما، قِيل: قد دَردَجَا، وَأنْشد:
حتّى إِذا مَا طَاوَعَا ودَردَجَا
وَقَالَ غَيره: الدَّرْدَجةُ: رِئمانُ النَّاقةِ وَلَدَها، يُقَال: قد دَرْدجَتْ تُدَرْدِجُ، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
وكُلُّهُنَّ رَائمٌ تُدَرْدِجُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَرْبجت النّاقةُ ودَرْدَجت ودَرْدَبَتْ إِذَا رَئِمَتْ وَلَدها.
جلندد: أَبُو عَمْرو: رَجُلٌ جَلَنْدَدٌ، أَي فاجِرٌ يَتَّبِع الفُجور، وَأنْشد:
قَامَتْ تُناجي عَامِراً فَأَشْهَدَا
وكَانَ قِدْماً نَاخِباً جَلَنْدَدَا
فَداسَها لَيْلَتَهُ حَتى اغْتَدى
النّاخبُ: النّاكح، وأشْهَدا، أَي أمْذَى.
جندل: شمر، قَالَ أَبُو خَيْرَة: الْجَنْدَلُ صَخْرَةٌ مِثلُ رأْس الْإِنْسَان وَجمعه جنادِل.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الجُنَدِل على مِثَال فُعَلِل: الموْضَعُ فِيهِ الْحِجارة.
جلمد: شَمِر عَن ابْن شُميل: الجُلمُودِ مِثلُ رَأس الجَدْي، وَدون ذَلِك، شَيْء تَحمِلُه بِيَدِك قَابِضا على عُرْضِه، وَلَا تَلتَقِي عَلَيْهِ كَفُّك وتَلتَقي عَلَيْهِ كَفاكَ جَمِيعًا تَدُقُّ بِه النَّوى، وَغَيره.
وَقَالَ الفرزدق:
فَجاءَ بِجلْمود لَهُ مثل رَأْسه
ليُسقَى عَلَيْهِ المَاء بَين الصَّرائم
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: الجَلْمَدُ والخِطْرُ، والعَكْنانُ: الإبلُ الْكَثِيرَة الْعَظِيمَة.
يُقَال: جُلْمُودٌ وجَلْمَدُ. وَأنْشد:
وَسْط رِجامِ الجَنْدل الجُلْمودِ
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الجُلْمود الصَّخْرة المستَديرة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل جَلْمَدُ وجلمَدَةٌ، وَهُوَ الشَّديد الصُّلب. قَالَ: والجُلمُودُ أَصغَر من الجَنْدَل قَدر مَا يُرْمَى بِهِ بالقُذَّاف.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الجَلمَدَةُ البَقرة، والجُنادِل: الشَّديد من كلِّ شَيْء، وَأَرْض جنْدَل: ذَات جنادِل.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الجِلْمَدُ أَتَانُ الضَّحْل، وَهِي الصَّخرة الَّتِي تكون فِي المَاء الْقَلِيل، وَهِي السَّهْوَة.
دملج: قَالَ اللَّيْث: الدُّمْلُجُ المِعضَدُ من الحُلِيّ.
قَالَ: والدَّمْلَجَةُ تَسْويةُ صَنعَةِ الشَّيء كَمَا يُدَملَجُ السِّوار.

(11/171)


أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّماليجُ الأَرضُون الصِّلاَب.
اللحيانيّ: دُمِلجَ جسمُهُ دَمْلَجَةً، أَي طُوِيَ طَيّاً حَتَّى اكْتَنَزَ لحْمُه.
أنْشد ابْن الأعرابيّ:
والبيضُ فِي أعضَادِها الدَّمالِيج
ومُعْطيات مَذَلٍ فِي تعويج
جمع الدَّملوج.
جندف: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنادِفُ الجافِي الجسِيمُ من النَّاس وَالْإِبِل: يُقَال ناقَةٌ جُنَادِفَةٌ وأَمَةٌ جنادِفَةٌ، وَلَا تُوصفُ بِهِ الْحُرَّة.
وَقَالَ الأصمعيّ: رَجلٌ جُنَادِفٌ غليظٌ قصير الرقَبَة، وَقَالَ الرَّاعِي:
جُنَادِفٌ لاحِقٌ بالرّاس مَنْكِبُه
كأَنَّه كَوْدَنٌ يُوشَى بَكُلاَّبِ
جُنْدُب: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنْدَبُ الذّكر من الجَراد.
أَبُو بكر: الجُندَبُ الصَّغِير من الْجَرَاد وَأنْشد:
يُغالين فِيهَا الجُزءَ لولاَ هَوَاجرٌ
جنادِبُها صَرْعى لَهُنَّ فَصِيصُ
أَي صَوت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العربُ تَقول وَقع الْقَوْم بأمِّ جُندُب، إذَا ظلمُوا وَقتلُوا غيرَ قَاتل صَاحبهمْ، وَأنْشد:
قتلنَا بِهِ القومَ الَّذين اصْطلوا بِهِ
جهاراً وَلم نَظلمْ بِهِ أمّ جُندَب
وَقَالَ عِكْرِمَة فِي قَول الله تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} (الْأَعْرَاف: 133) القُملُ: الجنادب، وَهِي الصغارُ من الْجَرَاد، واحدتها: قُمَّلَة.
وَقَالَ الْفراء: يجوز أَن يكون واحدُ القُمَّل قامِلاً، مثل رَاكِع ورُكَّع.
أَبُو عُبيد، عَن العَدَيَّس الكِنانيّ، قَالَ: الصَّدَى هُوَ الطَّائِر الَّذِي يَصِرُّ باللّيل، ويَقفز ويَطير؛ وَالنَّاس يَرونه الجندَب، وإنَّما هُوَ الصَّدَى. فأمَّا الجُندَب: فَهُوَ أصغَر من الصدى. يكون فِي البَراريّ. وإياه عَنى ذُو الرُّمة:
كأَنَّ رجلَيه رجلاَ مُقطِفٍ عَجلٍ
إذَا تَجَاوَبَ من بُردَيهِ تَرنِيم
قلت: والعربُ تَقول: (صَرَّ الجُندَبُ) يُضْرَبُ مَثَلاً للأَمر يَشْتَد حَتَّى يُقْلِقَ صاحِبَه. وَالْأَصْل فِيهِ أنَّ الجُندَبَ إِمَّا رَمَضَ فِي شِدّة الحرّ لمْ يَقرَّ على الأَرْض وطار، فَتَسْمعُ لرجلَيه صَرِيراً. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
قَطَعتُ إذَا سمعَ السامِعو
ن للجُندَب الجَوْنِ فِيهَا صَرِيرا
وَيُقَال: وَقع فلَان فِي أم جندَب، إِذا وَقع فِي داهية.

(11/172)


دمج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: دَمَجَ عَلَيْهِم، وادرَمَّجَ، ودَمَرَ، وتَعَلَّى عَلَيْهِم، وطَلَع عَلَيْهِم، كلّه بِمَعْنى وَاحِد.

(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت
فرتج: فِرتاج: موضعٌ فِي بِلَاد طَيِّء.
أَبُو عُبيد، عَن أَبي زيد: مِن سِماتِ الْإِبِل الفِرتَاج. وَلم يَحُدَّهُ.
تفرج: ابْن الأعرابيّ: التفاريج فُرَجُ الدّرَابزين. قَالَ: والتّفارِيجُ فَتَحات الْأَصَابِع وأَفواتُها. وَهِي وَتَايِرُها، وَاحِدهَا تِفرَاج.
جرفت: جِيرَفْت: كُورَةٌ من كُوَرِ فَارس.

(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ
جلنظى: اللحياني: اجلَنظَى الرجل على جنْبه واستَلقَى على قَفاه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُجلَنظِي: الَّذِي يَستَلقِي على ظَهره ويَرفع رجليْه.
وَفِي حَدِيث لُقْمَان بن عَاد: (إِذا اضطجَعتُ لَا أَجلنظِي، وَلَا تملأُ رئتي جَنْبي) .
قَالَ أَبُو عبيد: المُجلنظِي المسبَطِرّ فِي اضْطَجاعِه، يَقُول: فَلستُ كَذَلِك، وَمِنْهُم من يَهمز فَيَقُول: اجلنظأْتُ واجلنظيتُ.

(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ
جذمر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُذمُور بَقيَّةُ كلِّ شَيْء مَقطوع، وَمِنْه جُذمُور الكِباسة.
جربذ: الجربَذَةُ ثِقَلُ الدَّابَّة، وَهُوَ المجربِذُ، والمجربذ من الْخَيل الثقيل.
شمر: الدَّيدَجان الإبِلُ تَحملُ حمولة التُّجَّار، وَأنْشد:
إِذا حَدَوتُ الدَّيدَجانَ الدَّارِجا
رَأَيته فِي كلِّ بَهْوٍ دَامِجَا

(بَاب الْجِيم والثاء وَالْجِيم وَالرَّاء)
ج ث ج ر)
ثبجر: أَبُو زيد: اثْبَجَرَّ فِي أمرِه، إِذا لم يَصرِمه وضَعُف.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اثبَجَرَّ، إِذا رَجَع على ظَهْرِه، وَأنْشد:
إِذا اثْبَجَرَّا من سَوَادٍ حَدَجا
قَالَ الباهِليّ اثبجرّا، أَي قاما وتَقَبَّضا.
جرثم: وَقَالَ اللَّيْث الجرثُومُ: أَصلُ شَجَرَة يَجتمعُ إِلَيْهَا التُّراب.
قَالَ: وجُرْثُومة كلِّ شَيْء أَصله ومُجتَمَعه، واجرنثَم القومُ، إِذا اجْتَمعُوا ولَزِموا موضعا.
ابْن دُريد: تجَرْثم الرجلُ: سقط من عَلْو

(11/173)


إِلَى سُفْل.
وَقَالَ المفضَّل: الجُرْثومة وَهِي الْغَلْصَمَة، وتجَرْثم الشَّيْء، إِذا اجْتمع.
ورُوي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: أسدُ جُرْثومةُ الْعَرَب، فَمن أضلّ نسبه فلْيأتهم.
جنثر: عَمْرو، عَن أَبِيه، الجُنْثُر الجملُ الضخم.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الجناثِرِ، وَأنْشد:
كُومٌ إِذا مَا فَصَلَتْ جَنَاثِرُ
ثنجر أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الثِّنْجَارَةُ والثِّيجَارة: الحُفرة الَّتِي يحفرها ماءُ المِرْزاب.
جثأل: اللحيانيّ: اجْثَأَلَّ الطَّائِر، إِذا انْتَفَشَ للندى وَالْبرد، واجثأَلَّ للشر، إِذا تَهيّأ لَهُ، وَقَالَ الراجز:
جَاءَ الشتاءُ واجثأَلَّ القُبَّرُ
(ثبجر) أنْشد ابْن السّكيت:
إِذا اثْبَجَرَّا من سوادٍ حَدَجَا
اثْبَجَرَّا، أَي نَفرا وجَفَلا، وَهُوَ الاثْبِجْرَار.
قَالَ اللَّيْث: الاثْبِجْرارُ ارتداعُ فزعةٍ أَو تَرْدادُ القومِ فِي مسيرٍ إِذا ترادّوا.
جرثل: قَالَ ابْن دُرَيْد: جَرْثَلْتُ التُّرَاب، إِذا سَفَيْتَه بِيَدِك.
وَقَالَ أَبُو زيد: اجْثَأَلَّ النَّبتُ، فَهُوَ مُجْثَئِلُّ، إِذا مَا اهتزّ وَأمكن لِأَن يُقبَض عَلَيْهِ، والمجثَئِلُّ من الرِّجَال المُنْتَصِبُ قَائِما.
جذأر: قَالَ اللَّيْث: المَجذْئِرُّ المُنْتَصُّ للسِّباب.
وَقَالَ الطِّرمّاح:
تَبيتُ عَلَى أطرافها مُجْذَئِرَّةً
تُكابدُ هَمّاً مثل همِّ المُرَاهِن
والمُراهِنُ: المخاطِر.
(وَقَالَ ابْن بُزْرُج: المجْذَئِرُّ: المنتصبُ الَّذِي لَا يَبرح، والمجْذَئِرُّ من النَّبَات: الَّذِي نبتَ وَلم يَطُل، وَمن الْقُرُون حِين يُجاوزُ النُّجُوم وَلم يَغْلُظْ) .
جفأظ: قَالَ: والمُجْفَئِظُّ الَّذِي أصبح عَلَى شفَا الْمَوْت من مرضٍ أَو شَرَ أَصَابَهُ، يُقَال: أَصبح مُجْفَئِظّاً. قَالَ: والمجفئِظُّ المنتفِخ.

فَرجل: قَالَ اللَّيْث: الفَرْجلةُ التَّفَحُّج.
قَالَ الراجز:
تَقَحَّمَ الفيلِ إِذا مَا فَرْجَلا
يُمِرُّ أخفافاً تَهُضُّ الجَنْدَلا
فرجن: والفَرْجنة: فَرْجَنةُ الدّابة بالفِرْجون، وَهُوَ المِحَسّة.
فنجل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَنجَلةُ

(11/174)


أَن يمشي مُفَاجّاً، وَرجل فَنجَلٌ، وَهُوَ المتباعد الفخذين، الشَّديد الفَجَج، وَأنْشد:
اللَّهُ أَعطانيكَ غير أَجْدَلا
وَلَا أَصَكّ أَوْ أَفجَّ فَنجَلا
يُقَال: مرّ يُفَنجل فنجلةً.
مرجل: وَقَالَ اللَّيْث: المَرَاجلُ: ضرب من برود الْيمن، وأَنشد:
وأَبْصَرْتُ سلمى بَين بُرْدى مراجِلٍ
وأخْياش عَصْبٍ من مُهَلْهلةِ اليَمَن
وثوبٌ مُمَرْجلٌ على صنعةِ المراجل من البُرُود.
مرجن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تِكَذِّبَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} (الرحمان: 22) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: المرجانُ صغَار اللُّؤلؤ، واللؤلؤ: اسْم جامعَ للحَبِّ الَّذِي يخرُج من الصَّدَفة، والمرجانُ أشدُّ بَيَاضًا، وَلذَلِك خُصَّ الياقوتُ والمرجان فشَبَّه الْحور الْعين بهما.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: اخْتلفُوا فِي المرجان، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ صغَار اللُّؤْلُؤ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ البُسَّذ، وَهُوَ جَوْهَر أَحْمَر، يُقَال إِن الجِنّ تُلقيه فِي الْبَحْر، وَبَيت الأخطل حجَّة لِلْقَوْلِ الأول:
كَأَنَّمَا القَطْرُ مرجانٌ تُساقطُهُ
إِذا علا الرَّوْقَ والمَتْنيْنِ والكَفَلا
برجم: أَبُو عُبيد: الرّواجبُ والبراجمُ جَمِيعًا مفاصل الْأَصَابِع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: البراجم هِيَ المُشَنَّجاتُ فِي ظُهُور الْأَصَابِع والرواجبُ مَا بَينهمَا، وَفِي كلِّ إصْبَع بُرجُمَتان. قَالَ: والبَرَاجم فِي تَمِيم: عَمْرو، وَقيس، وغالبُ، وكُلْفَةَ، والظَّلَيْمُ، وهم بَنو حَنْظَلة بن مَالك بن زيد مَنَاة، تحالفوا على أَن يَكُونُوا كبراجم الْأَصَابِع فِي الِاجْتِمَاع، وَمن أمثالهم: إنَّ الشَّقِيّ راكبُ البَرَاجم. وَكَانَ عَمْرو بن هِنْد لَهُ أخٌ قَتله نفر من تَمِيم، فآلى أَن يقتل بِهِ مِنْهُم مائَة، فَقتل تسْعَةً وَتِسْعين، وَكَانَ نازلاً فِي ديار تَمِيم، فأَحْرَق الْقَتْلَى بالنَّار، فمرّ رجل من البَراجم وراحَ رَائِحَة حريق الْقَتْلَى فحسبه قُثار الشّواء، فَمَال إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ عَمْرو، قَالَ لَهُ: مِمّنْ أَنْت؟ قَالَ: رجلٌ من البراجم. فَقَالَ حينئذٍ: (إِن الشَّقِيّ راكبُ البَراجم) ، وَأمر بِهِ فقُتِل وأُلقِي فِي النَّار، وبَرّت بِهِ يَمِينه.
وَقَالَ ابْن دُريد: الْبَرجَمة: غِلَظُ الْكَلَام.
فرجن: وَقَالَ اللَّيْث: الفرجون: المِحَسَّةَ.
نفرج: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ورجلٌ نِفْرَجةٌ ونفْرَاجَةٌ إِذا كانَ جَبَاناً ضَعِيفا.
ابْن الأنباريّ: رجل نِفْرِجاء، وَهُوَ الجبان يكسر النُّون وَالرَّاء مَمْدُود.

(11/175)


جنبر: ثَعْلَب، عَن سَلمَة، عَن الْفراء: رجل جَنبرٌ قصير، وَكَذَلِكَ الجَنثَر.
وَقَالَ أَبُو عمر: والجنبرُ الجملُ الضَّخمُ.
جأنب: الأصمعيّ: رجل جأنَبٌ، قصيرٌ، بِهَمْزَة سَاكِنة.
اللَّيْث: يفَريْنَجُ، معربٌ لَيس من كَلَام العَرب.
فربج: قَالَ: وافْرَنَبَج جِلدُ الحَمَلِ، يَفْرِنْبِجُ، إِذا شُوِيَ فَيَبِسَ أَعاليه، وَكَذَلِكَ إِذا أَصابه ذَلِك من غير شَيْء. وَقَالَ الشَّاعِر يصف عَنَاقاً شواها وأَكل مِنْهَا:
فأَكلُ من مُفرَنبِجٍ بَين جلدهَا
نرجل: وَقَالَ اللَّيْث: النَّارجيلُ، هُوَ الجوزُ الهِنديّ، قَالَ: وعامَّة أَهل الْعرَاق لَا يَهمزُونه، وَهُوَ مَهموز.
قلت: وَهُوَ مُعرب دَخيل.
جنبل: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنْبلُ العُسُّ الضخمُ، وَأنْشد:
مَلمُومَةٌ لَمَّا كَظَهرِ الجُنْبُلِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجنْبلُ: القَدَحُ الضخم، وَهُوَ المِجْوَلُ أَيْضا.
منجنون: وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: الْمَنجَنُون هِيَ الَّتِي تَدور، جعلهَا مُؤَنّثَة.
وَأما قَول عَمْرو بن أَحْمَر:
ثَمِلٌ رَمَتْهُ الْمَنْجَنُونُ بِسَهْمِها
فإنَّ أَبَا الْفضل أَخبرني عَن شيخٍ من أهل الْأَدَب، سمع أَبَا سعيد المكفوف يَقُول: هُو الدَّهْر فِي بَيت ابْن أَحْمَر.
قَالَ أَبُو الْفضل: المنجنون الدُّولاب، وَأنْشد:
ومَنْجَنُونٌ كالأَتَانِ الْفَارِقِ
شفرج: أَبُو الْعَبَّاس؛ عَن ابْن الأعرابيّ:
الشُّفَارِجُ طرِّيَانٌ رَحْرَحَانِيّ، وَهُوَ الطَّبَق فِيهِ الْفَيْخَاتُ والسُّكرُّجَات.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: يُقَال هُوَ الشُّفارِج لهَذَا القار الَّذِي يُقَال لَهُ الشُّبارِج.
جنفر: عَمْرو، عَن أَبِيه: الجَنَافِيرُ الْقبُور العادِيَة، وَاحِدهَا جُنْفُور.
سليج: قَالَ: السَّلالِيْجُ: الدُّلْبُ الطِّوال.
فَرجل: وَقَالَ: فَرْجَلَ الرجلُ فَرْجَلَةً وَهُوَ أَن يَتَفَحَّجَ ويُسرع. وَأنْشد:
تَقَحُّمَ الفِيلِ إِذا مَا فَرْجَلاَ
يُمِرُّ أَخْفَافاً تَهُضُّ الْجَنْدَلاَ
دربج: وَيُقَال: هُوَ يُدْرِبِجُ فِي مشيتة، وَهِي مشْيَة سهلة، ورَجْلُ دُرَابِجٌ: يختال فِي مِشْيَته.
وَقَالَ غَيره دَرْبَجَ فِي مشيته ودَرْمَجَ، إِذا دَبَّ دَبِيباً، وَأنْشد:
ثُمّتَ يَمْشِي الْبَخْتَرَى دُرَابِجَا
إِذا مَشى فِي دَفِّهِ دُرَامِجَا

(11/176)


جرجم: وَقَالَ الأصمعيّ: جَرْجَمَه جَرْجَمَةً، إِذا صَرَعَه.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ جِبْرِيل أخَذَ بِعُرْوَتِها الْوُسْطَى، يَعْنِي مَدَائِن قوم لُوط، ثمَّ أَلْوَى بهَا فِي جَوِّ السّماء حَتَّى سَمِعَت الْمَلَائِكَة ضواغي كلابها، ثمَّ جَرْجَمَ بَعْضهَا على بَعض.
وَقَالَ العجاج:
كأَنَّهُ من قَائِظٍ مُجَرْجَمِ
جرجب: أَبُو عبيد: الْجَراجِبُ الإبلُ الْعِظام، والجَراجِرُ مثلهَا، وَأنْشد:
يَدْعو جَرَاجِيبَ مُصَوَّيَاتِ
وبَكَرَاتٍ كالمُعَنَّساتِ
لَقِحْنَ، لِلْفَنيق شَاتياتِ
قَالَ: والْمَصَوّيَات الْمُغَرِّزَات.
ينجلب: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: من خَرَزَاتِ الْأَعْرَاب الْيَنْجَلِب، وَهُوَ للرّجوع بعد الفِرار.
قَالَ: والكَرّارُ للْعَطْف بعد الْبُغْض. قَالَ: وَتقول الْمَرْأَة:
أُعِيذُه باليَنْجَلِبْ
إنْ يُقِمْ وإنْ يَغِبْ
وَقَالَ اللحياني: قَالَت امْرَأَة:
أَخذتُه باليَنْجَلِبْ
فَلَا يَرِمْ ولاَ يَغِبْ
وَلَا يَزَلْ عِنْد الطُّنُبْ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جُلَنْداء اسْم ملك يُمد ويُقْصر، ذكره الْأَعْشَى فِي شعره.
جلنب: نَاقَة جلَنْبَاةٌ: سَمِينَة صُلْبة، وَأنْشد شمر للطرماح:
كأَنْ لم تَجِد بالوَصْل يَا هِنْدُ بَيْنَنَا
جَلَبْنَاةُ أَسفَارٍ كَجَنْدَلَةِ الصَّمْد
جلنف: وَقَالَ اللَّيْث: طَعَامٌ جَلنفَاةٌ، وَهُوَ الْقَفَارُ الَّذِي لَا أُدْمَ فِيهِ.
بَاب الخماسي من حرف الْجِيم
زنجبيل: ذكر الله جلَّ وعزَّ الزَّنجبيل فِي كِتَابه، فَقَالَ فِي خمر الْجنَّة: {كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا} {زَنجَبِيلاً عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} (الْإِنْسَان: 17، 18) .
وَالْعرب تَصِف الزَّنْجَبيل بالطّيب، وَهُوَ مُسْتطاب عِنْدهم جدا.
وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر طعم رِيقِ جارِية:
كأَنَّ الْقَرْنفُلَ والزَّنجبي
لَ بَاتَا بِفِيها وأَرْياً مَشُورا
فَجَائِز أَن يكون الزَّنجبيل فِي خمر الْجنَّة، وَجَائِز أَن يكون مِزَاجها وَلَا غَائِلَة لَهُ، وَجَائِز أَن يكون اسْماً للعين الَّتِي يُؤْخَذ مِنْهَا هَذَا الْخمر، واسْمه الزَّنجبِيل، واسْمه السَّلْسَبِيل أَيضاً.
جرنفش: أَبُو عُبيد، قَالَ: الجَرَنْفَش: الْعَظِيم من الرِّجال.

(11/177)


مجرئش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الْمُجْرَئِشُّ: الغليظ الجنَبين الجافي، وَأنْشد:
جَافٍ عَرِيضٌ مُجْرَئِشُّ الجنْبِ
سفرجل: والسَّفَرْجَلُ: مَعْرُوف، الْوَاحِدَة سَفَرْجَلَة، ويُصَغَّر: سُفَيرِجاً وسُفَيْجلاَ.
سجنجل: والسَّجَنْجلُ المِرْآة وَقَالَ بَعضهم، يُقَال: زَجَنْجَل، وَقيل هِيَ رُومِيّة دخلت فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَالَ:
تَرَائِبُها مَصْقولَةٌ كالسَّجنْجلِ
زبرجد: قَالَ اللَّيْث: الزَّبَرْجَد، هُوَ الزَّمُرُّد، وَأنْشد:
تأْوِي إِلَى مِثْل الْغَزالِ الأغْيَدِ
خَمْصَانَةٌ كالرَّشَاءِ المُقَلَّد
دُرّاً مَعَ الْيَاقُوت والزَّبَرْجدِ
أَحْصَنَها فِي يَافِعِ مُمَرَّدِ
أَرَادَ بالْيَافِع حِصْناً طَوِيلاً.
جرنشم: أَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت أَنه أَنشده لِابْنِ الرِّقاع:
مُجْرَنْشِماً لِعَماءٍ باتٍ يَضْرِبهُ
مِنْه الرُّضَابُ وَمِنْه المسْبِلُ الْهَطِفُ
قَالَ مُجْرَنْشِم: مُجتمعٌ مُتَقَبِّض، رَوَاهُ لنا بِالْجِيم، قَالَ: والرُّضاب قِطَعُ النَّدى، وَكَذَلِكَ رُضَابُ الرِّيق، والْهَطِفُ الْغَزِير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ؛ أَيْضا عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ فِي (النَّوَادِر) : (اخْرَنْشَمَ) الرَّجل: تَقَبَّضَ وتَقَارَبَ خَلْقُ بَعْضِه إِلَى بَعْض، وَأنْشد:
وفَخذٍ طَالَتْ ولَمْ تَخْرَنْشَمِ
وأنشدنيه بِالْخَاءِ فِي نَوَادِر ابْن الأعرابيّ.
وأقرأني الأيادي لِشمّر، عَن الْفراء، أَنه قَالَ: المخَرنْشَمَ هُوَ المتعظِّم فِي نَفسه المتكبِّر، والمخرَنشمُ أَيْضا المَتَغيِّر اللَّوْن، الذّاهبِ اللَّحْم.
هَكَذَا رَوَاهُ شمِر بِالْخَاءِ، وَأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْف.
وَقد جَاءَت حُرُوف تعاقب فِيهَا الْخَاء وَالْجِيم، كالزَّلخَان و (الزَّلجان) .
وانْتجبْتُ الشَّيء وانْتَخَبْتُه، إِذا اخْتَرته.
وَكَذَلِكَ (الجشيبُ) والخشِيبُ: الغليظ من الطَّعَام والنبات.
آخر كتاب الْجِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.

(11/178)


هَذَا كتاب الشين من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب مضاعف من حرف الشين
ش ض
مهمل.

(بَاب الشين وَالصَّاد)
ش ص
اسْتعْمل مِنْهُ: شصّ.
شص: قَالَ اللّيث بن المظفر: الشَّصُّ والشِّصُّ لُغتان، وَهُوَ شَيءٌ يُصاد بِهِ السَّمك، وَيُقَال لِلصِّ الَّذِي لَا يَرى شَيْئا إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ: إنَّه لَشَصٌّ من الشُّصوص.
قَالَ: ويُقال: شَصَّتْ معيشَتُهم شُصُوصاً، وإنّهم لفي شَصَاصَاء، أَي فِي شِدّة.
أَبُو نصر، عَن الأصمعيّ: أَصَابَتْهُم لأْوَاءُ ولَوْلاَءُ، وشَصَاصَاء، إِذا أَصَابتْهم سَنَةٌ وشِدَّة.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال أَتَيْتُهُ على شَصَاصَاءَ، وعَلى أوْفَازٍ وأَوْفاضٍ، أَي على عَجَلة.
وَقَالَ الْمفضل: الشَّصَاصَاء مَرْكَبُ السُّوء.
وَقَالَ اللّيث: شَصَّ الْإِنْسَان يَشِصُّ شَصّاً، إِذا عَضَّ نواجذَه على شيءِ صَبْراً، وَيُقَال: نَفَى الله عَنْك الشَّصَائِصَ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّصُوصُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا لَبن لَهَا.
وَيُقَال: قد أَشَصَّتْ فَهِيَ شَصُوصُ؛ وَهَذَا شَاذٌ على غير قِيَاس.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ شَصَّتْ بِغَيْر أَلِف.
وَقَالَ اللْيث شَصَّتْ تَشِصُّ شِصَاصاً. إِذا قَلَّ لَبنهَا.
قلت وَجمع الشَّصُوصِ من النُّوق شَصَائِص

(11/179)


وأَنشد أَبُو عُبيد:
أفرَحُ أَن أُزْرَأَ الكِرَامَ وأَنْ
أورَثَ ذَوْداً شَصَائِصاً نَبَلاَ
ابْن بُزْرُج: لَقيته على شَصَاصَاءَ، وَهِي الْحَاجة الَّتِي لَا تَسْتَطِيع تَركها، وَأنْشد:
على شَصَاصَاءِ وأَمْرٍ أَزْوَرِ

(بَاب الشين وَالسِّين)
ش س
اسْتَعمِلَ من وجهيه: شَسَّ.
شس: قَالَ اللَّيث: الشسُّ الأَرْض الصُّلْبة الَّتِي كَأَنَّهَا حجر وَاحِد، والجميع شِساسٌ وشُسُوس، وَأنْشد لِلْمَرَّار بن مُنْقِذ:
أَعَرَفْتَ الدَّارَ أَمْ أَنْكَرْتَها
بَين تِبْرَاكٍ فَشِسَّيْ عَبْقُرِ

(بَاب الشين وَالزَّاي)
ش ز
اسْتعْمل مِنْهَا: شَزّ.
شز: قَالَ اللَّيْث: الشَّزَازَةُ الْيُبْس الشَّديد الَّذِي لَا يَنْقادُ للتَّثقِيف، يُقَال: شَزَّ يَشِزُ شَزِيزاً.

(بَاب الشين والطاء)
ش ط
شَطّ، طَشّ: (مستعملان) .
شط: قَالَ اللَّيْث: الشَّطُّ شَطُّ النَّهر، وَهُوَ جَانِبه، والشَّطُّ: شِقُّ السَّنام، ولكلِّ سَنَام شَطَّان، وناقَةٌ شَطُوط، وَهِي الضَّخْمَةُ الشَّطّيْن.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الضَّخْمَةُ السَّنَام، وَجَمعهَا شَطَائِط.
وَقَالَ الرّاجز يصف إِبِلاً وراعيها:
قد طَلَّحَتْهُ جِلَّةٌ شَطَائِطُ
فَهْوَ لَهُنَّ خَائِلٌ وفارِطُ
طَلَّحَتْهُ: جعلته كالأَخَايلِ رَاعٍ، شطائط: جمع شَطوط.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (الْكَهْف: 14) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق، يَقُول: لَقَدْ قُلْنَا إِذا جَوْراً وشَطَطَاً. وَهُوَ مَنْصُوب على الصَّدْر الْمَعْنى: لقد قُلْنا إِذا قَوْلاً شَطَطا.
يُقَال: شَطَّ الرجل، وأَشَطَّ، إِذا جَارَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّطَطُ مُجَاوَزَةُ القَدْرِ فِي كلّ شَيْء.
يُقَال: أَعطيته ثمنا لَا شَطَطاً وَلَا وَكْساً، وأَشطّ الرجل، إِذا مَا جَار فِي قَضِيَّته، وشَطَّ: بَعُدَ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلَّ وعَزَّ: {بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ} (ص: 22) . قَالَ: قُرىءَ (وَلَا تشْطِطُ) قَالَ: وَيجوز فِي الْعَرَبيَّة وَلَا تَشْطَطُ، فَمن قَرأَ {لَا تُشْطِطْ} بضَمّ التَّاء، وَكسر الطَّاء، فَمَعْنَاه لَا تَبْعُدْ عَن

(11/180)


الحَقّ، وَكَذَلِكَ لَا تَشْطِط كمعنى الأُولى. وَكَذَلِكَ (لَا تَشْطَط) بِفَتْح الطَّاء كمعناهما. وَأنْشد:
تَشَطُّ غَداً دارُ جِيرَانِنَا
ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبعَدُ
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن أبي عُبَيدة: شَطَطْتُ أَشْطُطُ، وأَشْطَطْتُ أُشِطّ، وأَنشدنيه المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس:
تَشُطُّ غَداً دَارُ جيرَانِنَا
وَفِي حَدِيث تَمِيم الداريّ: (أنّ رجلا كلّمه فِي كَثْرَة العِبادة، فَقَالَ: أَرَأَيتَ إِن كنتُ أنَا مُؤمنا ضَعِيفاً، وَأَنت مُؤمنٌ قوِيّ أنَّك لَشَاطِّيّ حَتَّى أحمل قُوّتك على ضَعْفي فَلَا أسْتَطيع فَأَنْبَتَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ من الشّطَط، وَهُوَ الجَوْرُ فِي الحُكْم، يَقُول: إِذا كَلْفْتَني مثلَ عَملك، وَأَنت قَوِيٌّ وَأَنا ضَعِيف، فَهُوَ جَوْرٌ مِنْك عَلَيّ. قلت: جعل قَوْله شَاطِّيّ بِمَعْنى: ظَالمي، وَهُوَ مُتَعَدَ.
وَقَالَ أَبُو زيد. وَأَبُو مَالك: شَطَّنِي فلانُ فَهُوَ يَشِطّي شَطّاً وشُطُوطاً، إِذا شَقّ عَلَيْك.
قلت: أَرَادَ تميمٌ بقوله (شاطِّيّ) هَذَا الْمَعْنى الَّذِي قَالَه أَبُو زيد.
وَيُقَال: أشَطَّ القومُ فِي طَلبنا إشطَاطاً، إِذا طَلَبُوهم رُكْبَاناً ومُشَاة.
وَقَالَ اللّيث: أشَطَّ القومُ فِي طَلَبِهِ، إِذا أمْعَنوا فِي المفَازَة.
قَالَ: واشْتَطّ الرجل فِيمَا يَطْلب، أَو فِيمَا يَحْتكُم، إِذا لمْ يَقْتَصِد.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكّيت: جَارِيَةٌ شَاطّةٌ بَيِّنَةُ الشَّطَاط والشطَاط، لُغَتَانِ، وهما الاعْتِدال فِي الْقَامَة. وَأنْشد غَيره للهذلي.
وَإذْ أَنَا فِي المخِيلَةِ والشَّطَاطِ
طش: أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: طَشَّت السَّماء، وأطَشَّت، ورَشَّت وأرَشَّت، بِمَعْنى، وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: مَطَرٌ طَشٌّ وطَشِيشٌ.
وَقَالَ رؤبة:
وَلَا جَدَا نَيْلِكَ بالطَّشِيشِ
أَي بالنَّيْل الْقَليل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ هِيَ أرْضٌ مَطْشوشَة ومَطلُولَة. وَمن الرّذَاذِ: أرْضٌ مُرَذَّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا يُقَال مُرَذَّة وَلَا مَرْذُوذَة، وَلَكِن يُقَال: أرْضٌ مُرَذٌّ عَلَيْها.
وَقَالَ غَيره: الطَّشاشُ: داءٌ من الأدْواء. يُقَال: طُشَّ فَهُوَ مَطْشُوش كأَنَّهُ زُرَكَم. وَالْمَعْرُوف طَشِيءَ، فَهُوَ مَطْشُوء.

(11/181)


(بَاب الشين وَالدَّال)
ش د
شدَّ، دَشَّ: (مستعملان) .
شدّ: قَالَ ابْن المظَفَّر: الشَّدُّ الْحَمْلُ. تَقول: شَدَّ عَلَيْهِ فِي الْقِتَال.
قَالَ: والشَّدُّ الحُضْرُ، والفِعل اشْتَدَّ.
قَالَ: والشِّدَّةُ: الصَّلاَبَة. والشِّدَّة النَّجْدَةُ، وثَباتُ الْقَلْب، والشِّدَّةُ: المَجاعَة. وَرجل شَديد: شُجَاع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزَّ:
{لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات: 8) أَي لَبَخيل. أَي وإنَّه من أجْلِ حُبِّ الخَيْر لَبَخيل.
وَقَالَ طَرَفة:
أَرَى الموتَ يَعْتامُ الكريمَ ويَصْطَفِي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحِش المتشَدِّدِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّدائدُ الهَزاهِز. قَالَ: والأَشُدُّ: مَبْلغُ الرَّجل الحُنْكَةَ والمعْرِفَة.
وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (الْإِسْرَاء: 34) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قالَ الفرّاء الأشُدُّ واحدِها شَدٌّ فِي الْقيَاس، ولمَ أسْمَع لَهَا بوَاحد. وَأنْشد:
قَدْ سَادَ وهْو فَتًى حَتَّى إِذا بَلَغتْ
أشُدُّهُ وَعلاَ فِي الأمْر واجْتمعا
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: وَاحَدةُ الأنعُمِ نِعْمَة، وواحدةُ الأشُدِّ شِدَّة. قَالَ: والشِّدَّةُ القُوَّةُ والجَلادَة. قَالَ: والشَّديد الرّجُل الْقَوِيّ. قَالَ: وكأَنّ الْهَاءَ فِي النِّعْمة والشِّدَّة لم تَكُنْ فِي الْحَرْف، إذْ كَانَت زَائِدَة، وكأَنَّ الأَصْل نِعْمٌ وشِدٌّ، فجمعا على أَفْعُل، كَمَا قَالُوا: رِجْلٌ وأرْجُل، وقِدْحٌ وأقْدُح، وضِرْسٌ وأضْرُس.
قلت: والأشُدُّ فِي كتاب الله جلَّ وعزَّ جَاءَ فِي ثَلاثة مَواضِع بمعانٍ يَقْرُبُ اخْتِلافها فأمّا قَول الله جلَّ وعزّ فِي قِصة يُوسف {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (يُوسُف: 22) فَمَعْنَاه الْإِدْرَاك والبلُوغ، فحينئذٍ راودَتْه امرأةُ الْعَزِيز عَن نَفسه، وَكَذَلِكَ قَوْله جلَّ وعزّ: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (الْإِسْرَاء: 34) .
فَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ، احْفَظوا عَلَيْهِ مَالَه حَتَّى يبلُغ أشُدَّه فَإِذا بلغ أشُدّه فادفعوا إِلَيْهِ مَاله. قَالَ: وبُلُوغه أشدّه أَن يُؤنَسَ مِنْهُ الرُّشد مَعَ أَن يكونَ بَالغا. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} حَتَّى يبلغ ثَمَانِي عشرَة سَنة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: لست أعرف مَا وجهُ ذَلِك، لِأَنَّهُ إِن أدْرك قبل ثَمَانِي عشرَة سنة وَقد أُونِسَ مِنْهُ الرُّشد، فَطلب دفْعَ مالِه إِلَيْهِ، وَجب لَهُ ذَلِك.

(11/182)


قلت: وَهَذَا صَحِيح، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَول أَكثر أَهْلَ الْعلم. أما قَول الله جلّ وعزَّ فِي قصَّة مُوسَى: {لاَ يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءَاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} (الْقَصَص: 14) . فَإِنَّهُ قرنَ بُلوغ الأشُدّ بالاستواء، وَهُوَ أَن يجْتَمع أمره، وقُوَّته، ويَكْتَهل، وَيَنْتَهِي شبابه، وَذَلِكَ مَا بَين ثَمَانِي وَعشْرين سنة إِلَى ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ سنة، وحينئذٍ يَنْتهي شَبَابُه.
وَأما قَول الله جَلَّ وعزْ فِي سُورَة الْأَحْقَاف: {شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ} (الْأَحْقَاف: 15) ، فَهُوَ أقْصَى بُلُوغ الأشُدّ، وَعند تَمامهَا بُعِثَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِيّاً؛ وَقد اجْتمعت حُنْكَتُهُ وَتَمام عَقْلِه؛ فبلوغ الأشُدّ محْصُور الأوّلِ، مَحْصُور النِّهَايَة، غيرُ محصورٍ مَا بَين ذَلِك. وَالله أعلم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: شَدّ الرجل يَشِدُّ شَدّةً، إِذا كَانَ قَوياً، وَيَقُول الرجل إِذا كُلِّفَ عملا: مَا أَمْلِكُ شَدّاً وَلَا إرخاءً، لَا أَقْدِرُ على شَيْء، وَيُقَال: شَدَدْتُ عَلَى الْقَوْم أشُدُّ عَلَيْهِم، وشَدَدْتُ الشيءَ أشُدُّه شَدّاً، إِذا أوْثَقْتَه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ} (مُحَمَّد: 4) ، وَقَالَ: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (طه: 31) .
سَلمَة، عَن الفرّاء، قَالَ: مَا كَانَ من المُضاعف على (فَعَلْتُ) غير وَاقع؛ فَإِن (يَفْعِل) مِنْهُ مكسور، مثل: عَفَّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ، وَمَا أشبهه. وَمَا كَانَ وَاقعا مثل: مَدَدْتُ، وعَدَدْتُ فَإِن (يَفْعُل) مِنْهُ مضموم إِلا ثَلَاثَة أحْرف: شَدَّهُ يَشُدُّهُ، ويَشِدُّه وعَلَّهُ يَعُلَّهُ، ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، فَإِن جَاءَ مثله، فَهُوَ قَلِيل، وأصْلُه الضّم.
وَقَالَ غَيره: اشْتَدَّ فلَان فِي حُضْره، وتَشَدَّدَت الْقَيْنَةُ، إِذا جَهَدَتْ نَفسهَا عِنْد رفع الصَّوْت بالْغِناء، وَمثله قَول طرفَة:
إِذا نَحْنُ قُلْنا أَسمِعينا انْبَرتْ لنا
على رِسْلها مَطْرُوقَةً لم تَشَدَّدِ
وَيُقَال: شَدَّ فلَان على العَدُوّ شَدّةً وَاحِدَة، وشَدَّ شَدَّاتٍ كَثيرةً.
وَقَالَ أَبُو زيْد: خِفْتُ شدَّى زَيْدٍ، أَي شِدَّتَه، وَأنْشد:
فإنِّي لَا ألِينُ لِقَوْلِ شُدَّى
وَلَو كانَتْ أشَدَّ من الحَدِيدِ
وَيُقَال: أَصَابَتني شَدَّى بَعْدَك، أَي الشِّدةُ، مَدَّه ابنُ هانىء.
دش: قَالَ اللَّيْث: الدَّشُّ اتِّخاذُ الدَّشِيشَةِ، وَهِي لُغَة فِي الجَشِيشَة وَهِي حَسْوٌ يُتَّخَذُ من بُرِّ مَرْضُوض، قلت: لَيْست الدَّشِيشَةُ بِلُغَةٍ، وَلكنهَا لُكْنَة. وَقد جَاءَت فِي حَدِيث مَرْفُوع دلَّ على أَنَّهَا لُغة.
حَدثنَا مُحمد بن إِسْحَاق السَّعديّ، قَالَ: حَدثنَا الرَّمادِيّ، عَن أبي دَاوُد الطّيالسيّ،

(11/183)


عَن هِشَام، عَن يحيى بن يعِيش بن الْوَلِيد ابْن قيس بن طَخْفَة الغِفَارِيّ، قَالَ: وَكَانَ أبي من أصْحاب الصُّفَّة، وَكَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأْمرالرجلَ يأْخُذُ بيد الرّجل، والرّجلَ يأْخُذ بيد الرجلَيْن، حَتَّى بَقيتُ خامِسَ خَمْسَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (انْطَلِقوا، فانطَلَقنا مَعَه إِلَى بَيت عائِشَة، فَقَالَ: يَا عائِشَة، أطْعمينَا. فجاءَت بِدَشِيشَة فأكَلنا، ثمَّ جَاءَت بِحَيْسَةٍ مثل القَطاة فأكَلنا، ثمَّ بِعُسَ عَظِيم فَشَرِبنا، ثمَّ انطَلقنا إِلَى المسْجد) .
قَالَ الأزهريّ: ودَلَّ هَذَا الحَدِيث أنَّ الدشِيشَة لُغَةٌ فِي الجَشِيشَة.

(بَاب الشين وَالتَّاء)
ش ت)
شت: قَالَ الله: {لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} (الزلزلة: 6) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي يصدرُون مُتَفَرِّقين، مِنْهُم من عَمِلَ صَالحا، وَمِنْهُم من عَمِل شرّاً، قلت: وَاحِد الأشتاتِ شَتٌّ. قَالَه ابْن السِّكّيت وَقَالَ: جَاءُوا أشتَاتاً، أَي مُتَفَرِّقين. قَالَ: وَحكى لنا أَبُو عَمرو عَن بعض الْأَعْرَاب: الْحَمْدُ للَّهِ الّذي جَمَعنَا من شَتّ.
وَقَالَ اللّيث: شَتَّ شَعبُهم شَتّاً وشَتَاتاً، أَي تَفَرّق جَمعُهم.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
شَتَّ شَعْبُ الحَيِّ بَعدَ التِئَامِ
وشَجَاكَ الرَّبْعُ رَبْعُ المقَامِ
وَقَالَ الأصمعيّ: شَتَّ بقلبي كَذَا وَكَذَا أَي فَرَّقَه.
وَيُقَال: شَتَّ بِي قَوْمي، أَي فرَّقوا أمْرِي.
وَيُقَال: شَتُّوا أمْرَهُمْ، أَي فَرَّقُوه. وَقد اسْتَثَتَّ الأمْرُ وتَشَتَّتَ إِذا انتشرَ، وَيُقَال: جاءَ الْقَوْم أَشْتَاتاً، وشَتَاتَ شَتَاتَ.
قَالَ، وَيُقَال: وقَعُوا فِي أَمْرِ شَتَ وشَتَّى، وَيُقَال: إنِّي أخافُ عَلَيْكُم الشَّتَاتَ، أَي الفُرْقة. وَيُقَال: شَتّانَ مَا هُما.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أَقُولُ شَتَّانَ مَا بَينهمَا، وَأنْشد للأعشى:
شَتَّانَ مَا يَوْمِي على كُورِهَا
ويَوْمُ حَيَّان أَخِي جَابِرِ
مَعْنَاهُ: تَبَاعَد مَا بينَهما.
وشَتان: مَصروفَةُ عَن شَتُتَ؛ فالفتحة الَّتِي فِي النُّون هِيَ الفتحة الَّتِي كَانَت فِي التَّاء وَتلك الفتحة تَدُلُّ على أَنه مصروفٌ عَن الْفِعْل الْمَاضِي. وَكَذَلِكَ وَشْكان وسَرْعان تَقول: وَشْكانَ ذَا خُروجاً، وسَرْعَانَ ذَا خُرجاً، أَصله: وَشُكَ ذَا خُروجاً، وسَرُعَ ذَا خُرُوجًا.
روى ذَلِك كُله ابْن السِّكيت عَن الأصمعيّ، وَقَالَ، يُقَال: شَتَّان ماهُما،

(11/184)


وشَتانَ مَا عَمْرو وأَخُوه، وَلَا يُقال: شَتانَ مَا بَينهما، وَقَالَ فِي قَوْله:
لَشَتَّانَ مَا بَين اليَزِيدَيْن فِي النَّدى
يَزيدِ سُلَيمٍ والأغرِّ ابنِ حاتِم
إنّه لَيْسَ بحُجة، إِنَّمَا هُوَ مُوَلَّد. والحجةُ قَول الْأَعْشَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: شتانَ مَنصوبٌ على كلِّ حالٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِد، وَقَالَ فِي قَول الشَّاعِر:
شَتانَ بَيْنهُما فِي كُلِّ منزِلة
هَذَا يُخافُ وَهَذَا يُرتَجَى أبَداً
فَرَفَع البَيْنَ لِأَن الْمَعْنى وَقَع لَهُ.
قَالَ: وَمن العَرَب من يَنْصِبُ بَيْنَهما فِي مثل هَذَا المَوْضع، فَيَقُول: شَتَّانَ بَيْنَهما ويُضْمِرُ (مَا) ، كَأَنَّهُ يَقُول: شَتَّ الَّذِي بَيْنَهما كَقَوْل الله جلَّ وعزَّ {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (الْأَنْعَام: 94) .
وَقَالَ اللَّيْث: ثَغْرٌ شَتِيتٌ، أَي مُفَلَّج.
وَقَالَ طَرَفة:
عَنْ شَتِيتٍ كَأَقَاحِ الرَّمْلِ غُرّ

(بَاب الشين والظاء)
(ش ظ)
شظ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال شَظَظْتُ الْغِرَارَتَيْن بِشِظَاظٍ، وَهُوَ عُودٌ يُجعل فِي عُرْوَتَي الْجُوَالِقَيْن إِذا عُكِمَا على الْبَعِير، وهما شِظَاظَان.
أَبُو عُبَيد: شَظَظَتُ الْوِعَاءَ وأَشظَظْتُه من الشِّظَاظ.
وَقَالَ غَيره: أَشَظَّ الغُلامُ إِذا أَنْعَظَ، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
أَشَظَّ كأَنَّهُ مَسَدٌ مُعَارُ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّظْشَظَةُ فِعْلُ زُبِّ الْغُلامُ عِنْد الْبَوْل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد، يُقَال: إِنَّه لأَلَصُّ من شِظاظ. قَالَ: وَهُوَ رجل من ضَبَّةَ، كَانَ لِصّاً مُغيراً، فَصَارَ مَثَلاً.
وَقَالَ غَيره: أَشْظَظْتُ الْقَوْمَ إشْظَاظاً، وشَظَّظْتُهم تَشْظِيظاً، وشَظَظْتُهم شَظّاً، إِذا فرَّقْتَهم.
وَقَالَ البعيث:
إذَا مَا زَعانِيفُ الرِّباب أَشَظَّها
ثِقالُ الْمَرَادِي والذُّرَا والْجماجِم
وَيُقَال: طَارُوا شَظَاظاً، أَي تَفَرَّقُوا.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ: طارَ القَوْمُ شَظَاظاً وشَعَاعاً.
وَأنْشد لرويشد الطائيّ، يصف الضَّأْن:
طِرْنَ شَظَاظاً بَين أَطْرَافِ السَّنَدْ
لَا تَرْعَوِي أُمٌّ بِها عَلَى وَلَدْ
كَأَنَّما هَايَجَهُنَّ ذُو ولِبَدْ
سَلمَة، عَن الْفراء: الشَّظِيظُ الْعودُ المشَقَّقُ، والشَّظِيظُ الجَوالِق المشدود.

(11/185)


(بَاب الشين والذال)
ش ذ
شَذَّ: قَالَ اللَّيث: شَذَّ الرجل، إِذا انْفَرَدَ عَن أَصْحابه، وَكَذَلِكَ كل شَيء مُنْفَرد، فَهُوَ شَاذّ وكَلمَةٌ شَاذَّة.
وشُذَّادُ النَّاس: الَّذين لَيْسُوا فِي قَبائِلهم وَلَا مَنازِلهم، وشُذَّاذُ النَّاس. مُتَفَرِّقُوهم، وَكَذَلِكَ شُذَّان الْحَصا. وَقَالَ رؤبة:
يَتْرُكُ شُذَّانَ الْحَصَا قَنَابِلاَ
وَيُقَال: أَشَذَذْتَ يَا رجل، إِذْ، جاءَ بقَوْلٍ شاذَ نَادِر.

(بَاب الشين والثاء)
(ش ث)
شثّ: قَالَ اللَّيْث: الشَّثُّ شَجَرٌ طَيِّبُ الرّيح مُرُّ الطَّعْم.
قَالَ أَبُو الدُّقيْش: ويَنْبُتُ فِي جِبالِ الْغَوْرِ وتِهامَة، وَأنْشد لشاعرٍ وصف طَبَقَات النِّساء:
فَمِنْهُنَّ مِثلُ الشَّثِّ يُعْجِبُ رِيحُهُ
وَفِي عَيْنِهِ سُوءُ الْمَذاقَةِ والطَّعْم
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: الشَّثّ: من شَجَرِ الْجِبال.
وَأنْشد غَيره:
كَأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه
أَو أمَّ خِشْفٍ بِذِي شَتَ وطُبَّاقِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّثّ الدَّبْرُ، وَهُوَ النَّحْل. وَأنْشد للراجز:
حَديثُها إذْ طَالَ فبِها النَّثّ
أَطْيَبُ من ذَوْبٍ مَذَاه الشَّثُّ
والذَّوْب: الْعَسَل، مَذَاهُ مَجَّةُ النَّحْل كَمَا يَمْذِي الرَّجُلُ مَذِيَّه.

(بَاب الشين وَالرَّاء)
(ش ر)
شَرّ، رَشّ: (مستعملان) .
الشَّرّ: قَالَ اللَّيْث: الشّرُّ السُّوءِ، والفِعْل للرَّجل الشِّرِّير، والْمَصْدَر الشَّرارَة، والفِعل: شَرَّ يَشِرُّ، وقَوْمٌ أشرارُ: ضِدّ الأَخْيار، والشَّرُّ: بَسْطُكَ الشّيءَ فِي الشّمْسِ من الثِّيَاب وَغَيره.
ثَوْبٌ على قَامَةٍ سَحْلٌ تَعَاوَرَهُ
أَيْدِيَ الْغَواسِلِ للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحيانيّ: شَرَّرْتُ الثّوب واللّحم، وأَشرَرْتُ وشَرَرْتُ خَفِيف. وَيُقَال: إشْرَارة من قَدِيد، وَأنْشد:
لَهَا أَشَارِيرُ من لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ
مِن الثَّعَالِي وَوَخْزٌ من أَرَانِيها
أَي مُقَدَّدة. قَالَ: والْوَخْزُ الْخَطِيئَةُ بعد الْخَطِيئَة. وَقَالَ الْكُمَيْت:
كَأَنَّ الرَّذَاذّ الضَّحْلَ حَوْلَ كِنَاسِه
أَشَارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوَامِسا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الإشْرَارَةُ:

(11/186)


صَفِيحَةُ يُجَفَّف عَلَيْهَا القَدِيد، وَجَمعهَا الأشَارِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الإِشْرارُ شَيءٌ يُبْسَطُ للشّيءِ يُجَفَّف عَلَيْهِ من أَقِطٍ وبُرّ، قلت: اتَّفَقَا على أنّ الإشرارَ مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الشَّيء لِيَجِفّ، فصَحَّ أَنه يكون مَا يُشَرَّرُ من أقِطٍ وَغَيره، وَيكون مَا يُشَرَّرُ عَلَيْهِ.
اللَّيْث: الشَّرارَةُ، والشَّرَرُ والشَّرَارُ مَا تطاير مِنْهُ النّار، قَالَ الله جَلَّ وعزّ: {إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ} (المرسلات: 32) .
وَقَالَ فِي الشَّرار:
أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبها الْ
قَيْنُ على كلِّ وِجْهَة تَثِبُ
قَالَ: والشَّرَّانُ على تَقْدِير فَعْلاَن من كَلَام أَهْلِ السَّوَاد، وَهُوَ شَيءٌ تسميه الْعَرَب الأذَى شبه الْبَعُوضِ يغشى وجهَ الْإِنْسَان وَلَا يَعَضّ، والواحِدَة شَرَّانَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشُّرَّى: الْعَيَّابَة من النِّسَاء، قَالَ: وَيُقَال مَا رددت هَذَا عَلَيْك من شُرَ بِهِ، أَي من عَيْبٍ بِهِ، وَلَكِنِّي آثَرْتُك بِهِ، وَأنْشد:
عَيْنُ الدَّليلِ البُرْتِ من ذِي شُرِّهِ
أَي من ذِي عَيْبَة، أَي من عَيْبِ الدّليل، لأنّه لَيْسَ يحسن أَن يسير فِيهِ حَيْرَةً.
وَقَالَ اللّحيانيّ: عَيْنٌ شُرَّى، إِذا نَظَرت إِلَيْك بالبغضاء.
وَحكى عَن امْرأة من بني عَامر، قَالَت فِي رُقْية: أَرْقِيكَ بِاللَّه من نَفْسٍ حَرَّى، وعَيْنِ شُرَّى.
والشِّرَّةُ: النَّشَاط، وَيُقَال: فلَان يُشَارُّ فُلاناً ويُمارُّهُ ويُزَارُّه، أَي يُعادِيه. وَقَوله:
وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأكُفِّ المصاحِفِ
أَي نُشِرَتْ وأظْهِرَت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشُّرْشُور طائِرٌ صَغِير مثل الْعُصفور قَالَ: ويُسَمِّيه أهلُ الْحجاز الشُّرشور، وتسميه الْأَعْرَاب. والْبِرْقِش. وَقَالَ الأصمعيّ أَيْضا: الشَّراشِرُ النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جَمِيعًا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَمِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْها الشَّرَاشِرُ
وَقَالَ الآخر:
وتُلْقَى عَلَيْهِ كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ
شَراشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وألْبُبُ
وَيُقَال: أَلْقَى عَلَيْهِ شَراشِرَه، أَي ألْقى نَفْسَه عَلَيْهِ مَحَبَّةً لَهُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّراشِرُ النّفْس، وَيُقَال: الْمَحَبَّة. وَأنْشد:
وَمَا يَدْرِي الْحَرِيصُ عَلامَ يُلقِي
شَراشِرَه أيُخطيءُ أم يُصيبُ
وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء: أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْرِيَ بِهِ، قَالَ: (فأتَيْتُ على رجل مُسْتَلْقٍ وَإِذا بِرَجُل قَائِم عَلَيْهِ بكَلُّوب، وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحَدَ شِقَّى وَجهِه، فَيُشَرْشِرُ شِدْقه إِلَى قَفَاه) .

(11/187)


قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي يُشَقِّقُه ويُقَطِّعُه. وَقَالَ أَبُو زبيد يصف الْأسد:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ
رُفاتُ عِظامٍ أَو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال فِي مَثَلٍ: كُلَّما تَكْبَرُ تَشِرُّ.
وَقَالَ ابْن شُميل: من أَمْثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنّ. وَقد أَشَرَّ بَنو فُلانٍ فُلاناً، أَي انْتَقَذُوه وأَوْحَدُوه، وَيُقَال: هُوَ شَرُّهُم، وَهِي شَرُّهُنَّ، وَلَا يُقَال: هُوَ أشَرُّهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: وَمن الْبُقُول الشِّرْشِرِ، قَالَ: وَقيل لبَعض الْعَرَب: مَا شَجرةُ أبِيك؟ فَقَالَ قُطَبٌ وشِرْشِرٌ وَوَطْبٌ جَشِرٌ.
قَالَ: والشّرْشِرُ خير من الإسْليح والْعَرْفَج. قَالَ: وشَرَّ يَشَرُّ، زادَ شَرُّه، وشَرَّهُ شَيْئاً يَشُرُّهُ شَرّاً، إِذا بَسطه لِيجِفَّ، وشَرَّ إنْسَانا يَشُرُّهُ إِذا عابَه.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الشِّرَارُ صفائِحُ بِيضُ يُجَفَّف عَلَيْهَا الكَرِيصُ. قَالَ اليزيدي يُقَال: شَرَّرَنِي فِي النّاس، وشَهَّرَنِي فيهم بِمَعْنى وَاحِد.
شَمِر، قَالَ أَبُو عَمْرو: الأَشِرَّةُ وَاحِدهَا شَرِيرُ، وَهُوَ مَا قَرُبَ من الْبَحر، وَقيل: الشَّرِير شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْر، وَقيل: الأشِرَّةُ: الْبُحُور.
قَالَ الْكُمَيْت:
إذَا هُوَ أَمْسَى فِي عُبَابيْ أَشِرَّةٍ
مُنيفاً على الْعَبْرَيْن بِالْمَاءِ أكْبَدَا
وَقَالَ الْجَعْدِي:
سَقَى بِشَرِيرِ الْبَحْرِ حَوْلاً تَمُدُّهُ
حَلاَئِبُ قُرْحٌ ثمَّ أَصْبَحَ غَادِيَا
أَرَادَ بالْحلائِبِ السَّحائب، وَهِي الْقُرْح. وَيُقَال: شارَّاه وشَارَّه.
رش: قَالَ اللَّيث: الرَّشُّ رَشُّكَ البيتَ بِالْمَاءِ، وَتقول رَشَّتْنا السماءُ رشّاً، وأرَشَّتِ الطَّعنة تُرِشُّ، ورَشاشها: دَمُها، وَكَذَلِكَ رشاش الدَّمع.
وَقَالَ أَبُو كَبِير:
مُسْتَنَّةٍ سَنَنَ الْغُلُوِّ مُرِشَّةٍ
تَنْفِي التُّرابَ بِقَاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
يصف طعْنةً تُرِشُّ الدَّمَ إرْشاشا.
ابْن الأعرابيّ: شِوَاءٌ رَشْرَاشٌ: يقطُر دَسَمُه.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد يصف فرسا:
طَوَاهُ القَنِيصُ وتَعْدَاؤُهُ
وإرْشَاشُ عِطْفَيْه حتَّى شَسَبْ
أَرَادَ تَعْرِيقَهُ إيَّاه حَتَّى ضَمَرَ، واشْتَدَّ لحمُه بعد رَهَلِه.

(11/188)


(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ل
شلّ، لشّ: (مستعملان) .
شل: قَالَ اللَّيْث: الشَلُّ الطَّرْدُ.
أَبُو عبيدٍ: شَلَلتُه شَلاًّ طَرَدْتُه، وانشَلَّ هُوَ. وذَهَب القومُ شِلَالاً، أَي انشَلُّوا مَطْرودين.
الأصمعيّ، وَالْفراء، يُقَال: شَلَّتْ يَدُه تَشَلُّ شَلَلاً، فَهُوَ أَشَلّ، وَلَا يُقال: شُلَّتْ يَدُه، وَإِنَّمَا يُقال: أَشَلَّها اللَّهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشلَلُ ذَهَابُ الْيَدِ، وَيُقَال: لاَ شَلَلِ، فِي معنى لَا تَشَللْ لأنَّه وَقع موقع الأمْر، فَشُبِّه بِهِ وجُرَّ، وَلَو كَانَ نَعْتاً لنُصب، وَأنْشد:
ضَرْباً على الْهامَاتِ لَا شَلَلِ
قَالَ: وَقَالَ نَصْر بن سيّار:
إنِّي أَقُولُ لِمنْ جَدّتْ صَرِيمتُه
يَوْماً لِغَانِيَةٍ: تَصْرِمْ وَلَا شَلَلِ
قلت: هَذَا الْحَرْف هَكَذَا قرأته فِي عِدة نسخ من كتاب اللَّيْث: لَا شَلَلِ بِالْكَسْرِ قُيِّدَ كَذَلِك، وَلم أَسْمَعْه لغيره: وَسمعت الْعَرَب تَقول للرجل يُمارِسُ عملا، وَهُوَ ذُو حِذْق بِعَمَلَه: لَا قَطْعاً وَلَا شَلَلاً، أَي لَا شَلِلْتَ، على الدُّعَاء، وَهُوَ مَصْدر.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
مُهْرَ أبي الحَبْحَابِ لَا تَشَلِّي
بَارك فيكِ اللَّهُ من ذِي ألِّ
قلت: مَعْنَاهُ لَا شَلِلت، كَقَوْلِه:
ألَيْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيرِي
إذَا أَنْتِ انقضَيتِ فَلَا تَحُورِي
أَي لَا حُرْتِ.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: شُلَّ يَدُ فلَان بِمَعْنى قُطِعتْ. وَلم أسمعهُ من غَيره.
وَقَالَ ثَعْلَب: شَلَّتْ يَدُه لغةٌ فَصِيحَة، وشُلَّت يَدُه لغةٌ رَدِيئة قَالَ: وَيُقَال أُشِلَّتْ يَدُه.
ورَوى أَبُو عَمْرو، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَلَّ يَشُلُّ، إِذا طَرَدَ، وشَلَّ يَشِلُّ، إِذا اعْوَجَّتْ يَده بالكسْر. قَالَ: والأشَلُّ المْعوَجُّ المِعْصَم الْمَتَعطِّل الكَفّ.
قلت: وَالْمَعْرُوف فِي كَلَامهم شَلَّتْ يدُه، تَشَلُّ، بِفَتْح الشين، فَهِيَ شَلاّء.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: الشلَلُ فِي الثوْب أنْ يُصيبَه سوادٌ أَو غَيره، فَإِذا غُسِلَ لم يَذْهَب.
وَقَالَ الأصمعيّ: تَشَلْشَلَ الماءُ، إِذا اتّصَلَ قَطْرُ سَيَلانِه، وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَهَا
مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتْه بَينهَا الْكُتَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال للصَّبِيّ هُوَ يُشَلْشِل بَبَوْلِه.

(11/189)


ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ؛ يقالُ للغلام الحارِّ الرَّأس الْخَفِيف الرّوح النْشيط فِي عمله، شُلْشُلٌ وشُنشُنٌ وسَلْسُلٌ، ولُسْلُسٌ وشُعْشُعٌ وجُلْجُلٌ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشلٌ شَوِلُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشُّلْشُل الزِّقُّ السّائِل.
وَقَالَ اللّحيانيّ: شَلّت العينُ دَمْعَها، وشَنّتْ وسَنّتْ، إِذا أرْسَلْته.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شَلَلتُ الثوْبَ أَشُلُّهُ شَلاًّ: إِذا خِطْتَه خِياطَةً خَفِيفَةً، فَهُوَ ثوب مَشلُولُ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: الشَّلِيل الْغِلاَلَةُ الَّتِي تَحت الدِّرْع من ثوب أَو غَيره، قَالَ: وربَّما كَانَت دِرْعاً صَغِيرَة تَحت الْعليا.
والشَّليل من الْوَادي أَيْضا: وَسَطُه حَيْثُ يَسيلُ مُعظم المَاء، والشَّلِيلُ: الكساءُ الَّذِي يُجْعَلُ تَحت الرَّحْلِ.
وَقَالَ النَّضر: عَيْنٌ شَلاَّءُ، للَّتي قد ذَهب بَصَرُها، قَالَ: وَفِي الْعين عِرْقٌ إِذا قُطع ذَهبَ بَصَرُها، أَو أَشَلَّها.
وَقَالَ شمِر: انْسَلَّ السَّيْلُ وانْشَلَّ، وَذَلِكَ أولَ مَا يَبْتَدىء حِين يَسِيلُ قبل أَن يَشْتَدّ.
وَقَالَ ابْن شُميل: شَلَّ الدِّرْعَ يَشُلُّها شَلاًّ، إِذا لَبِسَها، وشَلَّها عَلَيْهِ، ويُقال للدِّرع نَفْسها: شَلِيلٌ.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المُشَلِّلُ الْحمار، النِّهايَةُ فِي الْعِناية بِأُتُنِهِ، يُقَال: إنّه لَمُشِلٌّ مِشَلٌّ مُشَلِّلٌ لِعانَتِهِ، ثمَّ يُنْقَلُ فيضربُ مثلا لِلْكَاتِبِ النِّحْرِير الكافِي.
يُقَال: إنّهُ لَمِشَلُّ عُونٍ.
سلَمة، عَن الْفراء: الشُّلةُ النِّيَّةُ فِي السَّفر، يُقَال: أَيْن شُلَّتُهم؟ أَي نِيَّتُهم.
والشُّلَّةُ: الدِّرعُ، والشُّلّة: الطّرْدَة، قَالَ: والشُّلّي النِّيَّةُ فِي السَّفر والصَّوم وَالْحَرب، يُقَال: أَيْن شُلاّهُمْ؟
لش: قَالَ اللَّيْث: اللَّشْلَشَةُ كثرَةُ التَّرَدُّدِ عِنْد الفَزَع، واضْطِرابُ الأحشاءِ فِي مَوضِع بعد مَوْضع، يُقَال: جَبَانٌ لَشْلاَشٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّشُّ: الطّرْدُ.

(بَاب الشين وَالنُّون)
ش ن
شَنَّ، نَشَّ: (مستعملان) .
شن: الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت، قَالَ الأصمعيّ: شَنّ عَلَيْهِم الْغَارة، أَي فَرَّقها وَقد شَنَّ المَاء على شَرَابِه، أَي فَرَّقَه عَلَيْهِ، وشَنَّ عَلَيْهِ دِرْعَه، إِذا صَبَّها، وَلَا يُقال سَنّها، وَكَذَلِكَ شَنَّ الماءَ على وَجْهه، أَي صَبَّه عَلَيْهِ صَبّاً سَهْلاً.
وَفِي الحَدِيث: (إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَرَ بِالْمَاءِ فَقُرِّسَ فِي الشِّنان) .

(11/190)


قَالَ أَبُو عُبيد: الشِّنانُ الأَسْقِيَةُ، والْقِرَبُ الخُلْقَان، يُقَال للسِّقَاءِ شَنٌّ، ولِلقرْبَة شَنٌّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الشِّنانُ دُونَ الجُدُدِ لِأَنَّهَا أشَدُّ تَبْريداً للْمَاء، والتَّقْريسُ: التبْرِيد.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَنه ذَكَرَ القُرآن فَقَالَ: (لَا يَتْفَهُ وَلَا يَتَشَانّ) مَعْنَاهُ أَنه لَا يَخْلَقُ على كَثرَة القِراءَةِ والتَّرْدَاد، وَهُوَ مَأْخوذٌ من الشَّنّ أَيْضا.
وَقد اسْتَشَنَّ السِّقَاءُ إِذا صَار شَنّاً خَلقاً، وشَنَّنَ السِّقاء أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنِينُ قَطَرانُ الماءِ من الشَّنّةِ شَيْءٌ بعد شَيْءٍ.
وأَنْشد:
يَا مَنْ لِدَمْعٍ دَائم الشَّنِين
وَكَذَلِكَ التّشْنَانُ والتَّشْنِينُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
عَيْنَيَّ جَودَا بالدُّموع التّوَائِم
سِجَاماً كتَشْنانِ الشَّنَانِ الهزَائم
قَالَ: والتّشنُّنُ فِي جلد الْإِنْسَان التَّشَنُّجُ عِنْد الْهَرمِ.
وَأنْشد:
بَعْدَ اقْوِرَارِ الْجِلْدِ والتَّشَنُّنِ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعي: الشُّنَانُ: الماءُ البَارِد.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
بمَاءٍ شُنانٍ زَعْزَعَتْ مَتْنَهُ الصَّبا
وجادَتْ عَلَيْهِ دِيمَةٌ بَعْدَ وابِل
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الجَبِينِ الشّانّان، النُّون الأولى ثَقيلَة وَلَا همز فِيهِ، وهما عِرْقانِ يَنْحدِران من الرّأس إِلَى الحاجِبَيْن ثمَّ العَينين.
وَقَالَ ابْن السّكيت نَحوه.
وأَخبرني المنذريّ، عَن الحَرْبِيّ، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: هما الشَّأْنان بالْهَمْزْ، وهما عرقان؛ وَاحْتج بقوله:
كأنَّ شَأْنَيْهما شَعِيبُ
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول الْعَرَب: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَة، قَالَ: هُوَ شَنُّ بنُ أَفْصَى بن عبد الْقَيْس بن أَفْصَى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلَة بن أَسد بن رَبيعة بن نِزار، وطَبَقٌ: حَيٌّ من إِيَاد، وَكَانَت شَنُّ لَا يُقامُ لَهَا فَوَاقَعَتْها طَبَقٌ فانتَصَفَتْ مِنْهَا، فَقيل: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة، ووافَقه فاعْتَنَقَه.
وَأنْشد:
لَقِيَتْ شَنٌّ إِيَاداً بالْقَنَا
طَبَقاً، وَافَقَ شَنٌّ طَبَقهْ
وأَخبرني المنذريّ، عَن الحَرْبيّ، قَالَ: قَالَ الأصمعيّ: كَانَ قَوْمٌ لَهُم وِعَاءٌ من أَدَم فَتَشَنَّنَ عَلَيْهِم فَجَعَلُوا لهُ طبَقاً فوافَقه، فَقيل: (وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه) .
وَيُقَال: شَنَّ الجَمَلُ من الْعَطش يَشِنُّ: إِذا يَبِسَ، وشَنَّت الْقِرْبةُ تَشِنُّ: يَبِسَتْ.

(11/191)


ورُوي عَن عمر أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس فِي شَيْء شاوَرَه فِيهِ، فأَعْجَبه كَلَامه، فَقَالَ: (نِشْنِشَةٌ أَعْرِفُها من أَخْشَن) .
قَالَ أَبُو عُبيد: هَكَذَا حَدَّث بِهِ سُفْيان، وأَمَّا أهل الْعَرَبيَّة فَيَقُولُونَ غَيره.
قَالَ الأصمَعِيّ: إِنَّمَا هُوَ شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها من أَخْزَم. قَالَ: وَهَذَا بَيت رَجز تمثَّل بِهِ.
قَالَ: والشِّنشِنَةُ قد تكون كالْمُضْغَة أَو القِطعَة تُقْطَع من اللّحم، قَالَ: وَقَالَ غيرُ وَاحِد: بل الشِّنشِنَةُ مِثلُ الطّبيعة والسَّجِيَّة، فَأَرَادَ عُمر أنِّي أعرِفُ فِيك مَشَابِهَ من أَبِيكَ فِي رَأْيِه وعَقْلِه. وَيُقَال، إنَّهُ لم يَكُنْ لِقُرَشِيّ رَأْيٌ مثلُ رَأْي الْعَبَّاس.
وَقَالَ ابنُ الكلبيّ: هَذَا الرَّجزُ لأَبي أخزم الطائيّ، وَهُوَ قَوْله:
إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُونِي بالدَّمِ
شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها مِنْ أَخْزَمِ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة، يُقَال: شِنْشِنَةٌ ونِشْنشَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنُون المَهْزُول من الدَّواب، قَالَ: وَيُقَال الشَّنُون السَّمين. قَالَ: والذّئْبُ الشَّنُون: الجائِع، وَأنْشد:
يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذَاهُ
شَجٍ بخُصُومَةِ الذِّئْبِ الشَّنُونِ
وَقَالَ أَبُو خَيرة: إنَّما قيل لَهُ شَنُون؛ لأنَّه قد ذَهَب بعض سِمَنِه، فقد اسْتَشَنَّ كَمَا تُسْتَشَنُّ الْقِرْبَة، وَيُقَال للرَّجل وَالْبَعِير إِذا هُزِلَ: قد اسْتَشَنَّ.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال مَهْزُولٌ ثمَّ مُنْقٍ إِذا سَمِنَ قَلِيلا، ثمَّ شَنُونٌ، ثمَّ سَمِينٌ، ثمَّ سَاحٌّ، ثمَّ مُتَرَطِّم، إِذا انْتَهى سِمَناً.
ابْن السّكّيت، عَن أبي عَمْرو، يُقَال: شَنَّ بسَلْحِه، إِذا رَمَى بِهِ رَقيقاً، والحُبْارَى تَشُنُّ بِذَرْقها، وَأنْشد:
فَشَنَّ بالسَّلْحِ فلمَّا شَنّا
وَقَالَ النَّضر: الشَّنِين اللَّبن يُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ حَلِيباً كانَ أَو حَقِيناً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّوَانُّ من مَسايِلِ الجِبال الَّتِي تَصُبُّ فِي الأودية من الْمَكَان الغليظ واحدتها شَانَّةٌ.
نش (نشنش) : أَبُو عُبيد: نَشنَش الرجلُ المرأَةَ ومَشْمشها، إِذا نَكَحَهَا، وَأنْشد:
بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّهُ بَوْكَ الفَرَسْ
نَشْنَشها أَرْبَعَةً ثُمّ جَلَسَ
وَفِي الحَدِيث أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُصْدِق امرأَةً من نِسَائه أَكثر من ثِنْتَيْ عشرةَ أُوقيَّة ونَشّاً.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ مُجَاهِد: الأُوقِيَّة أَرْبَعُون، والنَّشُّ عشرُون.
قلت: وتصديقُه مَا حدَّثنا بِهِ عبدُ الْملك عَن الرّبيع عَن الشافعيّ عَن الدْرَاوَرْدِيّ، عَن يزِيد بن عبد الله، عَن الْهَادِي، عَن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم التَّيميّ، عَن أبي سَلمة بن عبد الرحمان قَالَ: سأَلتُ عَائِشَة: (كَمَا كَانَ صَداقُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟

(11/192)


قَالَت: (كَانَ صداقهُ لأزْوَاجه اثْنَتَيْ عَشرة أُوقِيَّة ونَشّاً) . قَالَت: والنَّشُّ نِصْفُ أُوقِيَّة.
شَمِر، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: النَّشّ النِّصْفُ من كلِّ شَيْء، نَشُّ الدِّرْهَم، ونَشُّ الرّغيف: نِصْفه، وَأنْشد:
مِنْ نِسْوَةٍ مُهُورُهُنَّ النَّشُّ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الْحَرْبِيّ، قَالَ: نَشَّ الْغَدِيرُ إِذا نَصَبَ ماؤُه، وسَبَخَةٌ نَشَّاشَةٌ تَنِشُّ من النزِّ.
قَالَ: والْقِدْرُ تَنِشُّ، إِذا أَخَذت تَغْلِي.
وَقَالَ اللَّيْث نحوَه: نَشّ المَاء، إِذا صبَبْتَه فِي صَاخِرَةٍ طَال عهدُها بالماءِ، ونشيش اللَّحْم: صَوْتُه إِذا قُلِي، والخمرُ تَنِشُّ إِذا أَخَذت فِي الغليان، وَفِي الحَدِيث: (إِذا نَشَّ فَلاَ تَشْرَبْه) . وَفِي حَدِيث عمر: (أنَّه كَانَ يَنُشُّ الناسَ بعد الْعشَاء بالدِّرَّة) .
قَالَ شَمِر: صَحّ الشِّينُ عَن شُعْبة فِي حَدِيث عمر، وَمَا أرَاهُ إلاَّ صَحِيحا، وَكَانَ أَبُو عبيد يَقُول: إنَّما هُوَ يَنُسُّ أَو يَنُوشُ.
قَالَ شَمِر: يُقَال نشنَشَ الرَّجُلُ الرَّجلَ إِذا دَفَعَه وحَرّكه، ونشنَشَ مَا فِي ذَلِك الْوِعَاء إِذا نَثَرَه وتَنَاوَله، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ:
الأُقْحُوانَةُ إذْ بَيْتِي يُجَانِبُها
كالشَّيخ نشنش عَنهُ الفارسُ السَّلبَا
وَقَالَ الكُميت:
فَغَادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونشْنشُوا
حَقِيتَهَا بَيْن التّوزُّعِ والنَّتْرِ
أَي حَرّكوا ونفَضُوا.
قَالَ: ونشْنَشَ ونَشّ، مثل نَسْنَسَ ونَسّ بِمَعْنى ساقَ وطَرَد.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشْنَشةُ: النّفْضُ والنَّتْر.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّشُّ السَّوْقُ الرّفيق، والنَّشُّ: الخَلْط، وَمِنْه قيل: زَعْفَران مَنْشُوش.
وروى عبد الرازق، عَن ابْن جُرَيج، قلت لعطاء: الْفَأْرَةُ تَموتُ فِي السَّمْن الذّائب أَو الدُّهْن؟ قَالَ: أَمَّا الدُّهْنُ فَيُنَشُّ ويُدْهَنُ بهِ إِن لم تَقْذَرْه. قلت: لَيْسَ فِي نَفسك من أَن تَأْثمَ إِذا نُشّ؟ . قَالَ: لَا. قلت: فالسَّمن يُنَشُّ ثمَّ يُؤكَلُ بِهِ؟ . قَالَ: لَيْسَ مَا يُؤكَلُ بِهِ كهيْئَة شيءٍ فِي الرَّأْس يُدَّهَنُ بِهِ.
أَخْبرنِي عبد الْملك، عَن الرّبيع، عَن الشّافعي، قَالَ: الأدْهانُ دُهْنان: دُهْنٌ طَيِّبٌ مثل الْبان الْمَنْشُوش بالطِّيب، ودُهْنٌ لَيْسَ بالطَّيِّب، مثل سَلِيخَةِ غير مَنْشُوقٍ مثل الشَّبْرَق.
قَالَ الأزهريّ: المَنْشُوش بالطِّيب إِذا رُبِّي بالطِّيب الَّذِي يَخْتَلِطُ بِهِ، فَهُوَ مَنْشُوسٌ، والسَّلِيخَةُ: مَا اعْتُصِرَ من ثَمَر البان، وَلم يُرَبَّبْ بالطِّيب.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو زيد الأَبَانِيَّ: رجُلٌ نَشْنَاشٌ، وَهُوَ الكَمِيشَةُ يَداه فِي عَمَلِه، يُقَال: نَشْنَشَهُ، إِذا عَمِلَ عملا فَأَسْرع فِيهِ، وَيُقَال: نَشْنَشَ الطَّائِرُ رِيشَهُ بِمِنْقَارِه، إِذا

(11/193)


أَهْوَى لَه إِهْواءً خَفِيفاً فَنَتَفَ مِنْهُ وطَيَّرَ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَو وَضَعْتَ لَهُ لَحْمًا فَنَشْنَشَ مِنْهُ إِذا أكَلَ بعَجَلَةِ وسُرْعة.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء، عبدٌ لِبَلْعَنْبَرَ، يَصِفُ حَيَّةً نَشَطَتْ فِرْسَنَ بعيرٍ:
فَتَشْنَشَ إِحْدَى فِرْسَنَيْها بِنَشْطَةٍ
رَغَتْ رَغْوَةً مِنْها وكادتْ تَقَرْطَبُ
تقَرْطَبُ: تَسْقُطُ، وَرجل نَشْنَشِيُّ الذِّراعَ وَوَشْوَشِيُّ الذِّرَاع، وَهُوَ الخفيفُ فِي عَمَلِهِ ومِراسِه.
سَلمَة، عَن الْفراء: النَّشْنَشَةُ صَوْتُ حَرَكَة الدُّروع، والْمَشْمَشَةُ: تَفْرِيقُ الْقُماش.
نشن: قَالَ ابْن بُزُرْج فِيمَا قَرَأت لَهُ بِخَط أبي الْهَيْثَم: نَشِنَ الرجل نَشَناً، إِذا هَلَكَ، فَهُوَ نَشِنٌ.

(بَاب الشين وَالْفَاء)
ش ف
شفَّ، فشَّ: (مستعملان) .
شف: قَالَ اللَّيث: الشَّفُّ ضَرْبٌ من السُّتور يُرِي مَا وَرَاءه.
وَهُوَ سِتر أَحْمَر من صوف، وجَمعه شُفُوف. وَيُقَال: علّق على بَابه شَفّاً، وَأنْشد:
زانَهن الشُّفُوفُ يَنْضَحْن بالمس
ك وعيش مُفانقٌ وحَريرُ
واسْتَسْفَفْتُ مَا وَرَاءه إِذا أَبْصَرْتَه، وشَفَّ الثَّوبُ عَن الْمَرْأَة يَشِفُّ شُفُوفاً، وَذَلِكَ إِذا بَدا مَا وراءَه من خَلْقِها.
وَفِي حَدِيث عمر: (لَا تُلْبِسُوا نساءَكم الْقَباطِيَّ؛ فإنَّه إلاَّ يَشِفُّ فإنّه يَصِفُ) .
وَمَعْنَاهُ: أنَّ قَبَاطِيَّ مِصْر ثِيابٌ دِقاق، وَهِي مَعَ دِقَّتها صِفيقَةُ النَّسْج، فَإِذا لَبِسَتْها المرأةُ لَصقَتْ بأَرْدافِها فوصَفَتْها، فَنهى عمر عَن إلْباسِها النّساء؛ لأنَّها تَلْزَقُ بِبَدن الْمَرْأَة لِرِقَّتِها فَيُرَى خَلْقُها وَرَاءَهَا من خارجٍ ناتئاً يَصِفُها، وأَمَرَ أَنْ يُكْسَيْنَ من الثّياب مَا غَلُظَ وجَفا؛ لأنَّهُ أَسْتَرُ لخَلْقِها.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي الهَيْثم أَنه قَالَ: يُقَال: شَفَّهُ الْهَمُّ والحُزْن، أَي هَزَلَه وأَضْمَرَهُ حَتَّى رَقَّ وَهُوَ من قَوْلهم: شَفَّ الثَّوْب، إِذا رق حَتَّى أَنْ يَصِفَ جِلْدَ لابِسِهِ، وَتقول للبزاز: اسْتَشِفّ هَذَا الثَّوْب، أَي اجْعَلْه طَاقاً وارْفَعْهُ فِي ظِلَ حَتَّى أنْظُر، أَكَثِيفٌ هُوَ أَو سَخِيف؟ .
ونقول: كَتَبْتُ كِتاباً فَاسْتَشِفَّه، أَي تَأَمَّلْ فِيهِ، هَل وَقَعَ فِيهِ لَحْنٌ أَوْ خَلَل؟
وأخبَرَني الْمُنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، أنّه أنْشدهُ:
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهِي لاهِيَةٌ
كَأَنَّما شَفَّ وَجْهُها نَزَفُ
وجاءَ فِي حديثٍ فِي الصَّرْف: فَشَفَّ الخَلْخَالانِ نَحْواً من دَانِقٍ فَقَرَضَه.
قَالَ شمر: شَفَّ، أَي زَادَ.

(11/194)


وَقَالَ الْفراء: الشِّفُّ. الفَضْل، يُقَال: شَفَفْتُ عَلَيْهِ تَشِفُّ، أَي زِدْتَ عَلَيْهِ، وَفُلَان أَشَفُّ من فلَان، أَي أَكْبَرُ قَلِيلاً.
وَقَالَ غَيره: شُفَّ عَلَيْهِ، أَي زِيدَ عَلَيْهِ وفُضِلَ.
وَقَالَ جرير:
كانُوا كَمُشْتَرِكِين لما بايَعوا
خَسِرُوا وشُفَّ عليهمُ واسْتُوضِعُوا
قَالَ شمر: والشِّفّ النَّقص أَيضاً، يُقَال: هَذَا دِرْهم يَشِفُّ قَلِيلا، أَي يَنْقُص.
وَلَا أَعْرِفَنْ ذَا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ
يُداوِيه مِنْكم بالأَدِيمٍ الْمُسَلَّمِ
أَرَادَ: لَا أَعْرِفَنّ وضِيعاً يَتَزَوَّج إِلَيْكُم لِيَشْرُفَ بكُم.
وَقَالَ ابْن شُميل: يَقُول الرجل للرجل: أَلاَ أَنَلْتَني مِمَّا كَانَ عنْدك؟ فَيَقُول: إِنَّه شَفَّ عَنْك أَي قَصُرَ عَنْك. والمُسَلَّمُ: الأدِيمُ الَّذِي لَا عَوَارَ فِيهِ.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: الشَّفُّ بِالْفَتْح: السِّتْرُ الرّقيق، والشِّفُّ: الرِّبْح والْفَضْل، والشِّفُّ أَيْضا: النُّقْصان. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: ثَوْبٌ شَفٌّ وشِفٌّ: للرَّقيق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفَضْل والرِّبْح: شَفُّ، وشِفّ.
قلت: وَالْمَعْرُوف فِي الفَضْل الشِّفُّ بِالْكَسْرِ، وَلم أسمع الْفَتْح لغير اللَّيْث.
وَقَالَ الجعِديّ يصف فرسَين:
واسْتَوَتْ لِهْزِمَتَا خَدَّيْهِما
وجَرَى الشِّفُّ سَواءً فاعْتَدَلْ
يَقُول: كادَ أَحدهمَا يَسْبِقُ صَاحبه فاسْتَويا وذَهَب الشِّف. قَالَ: والشِّف من المَهْنَأ، يُقَال: شِفٌّ لَك يَا فُلان، إِذا غَبَطْتَه بشَيء، قلتَ لَهُ ذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَشَفّ فلانٌ بعض بَنيه على بَعْض، إِذا فَضَّله.
وَيُقَال: إِن فلَانا ليَجِد فِي أَسنانه شفِيقاً، أَي بَرْداً.
وَيُقَال: إنَّ فِي ليلتنا هَذِه شِفَّاناً شَدِيدا، أَي بَرْداً.
وَفِي حديثِ أمّ زَرْع: أنّ إحْدى النّساء وَصَفَتْ زَوْجها. فَقَالَت: (زَوْجي إنْ أكَلَ لَفّ وَإِن شَرِبَ اشْتَفَّ) . وَمعنى اشْتف أَي شَرِبَ جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء، والشُّفَافَةُ: آخِرُ مَا يَبْقى فِيهِ. وَمن أمثالهم: (لَيْسَ الرِّيُّ عَن التشافّ) ، مَعْنَاهُ: لَيْسَ مَن لَا يَشرب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء لَا يَرْوَى.
يُقَال: تَشافَفْتُ مَا فِي الْإِنَاء، واشْتَفَفْتُه إِذا شرِبتَ جَمِيع مَا فِيهِ وَلم تُسْئِرْ فِيهِ شَيْئا.
وَيُقَال للبعير إِذا كَانَ عَظِيمَ الجُفْرَة: إِن جَوْزَه لَيشتفُّ حِزامه، أَي يَسْتَغْرِقُه كلّه حَتَّى لَا يَفْضُلَ مِنْهُ شَيءٌ.

(11/195)


وَقَالَ كعبُ بن زُهَيْر:
لَهُ عُنُقٌ تَلْوِي بِمَا وَصَلتْ بِهِ
ودَفّانِ يَشْتَفّان كلَّ ظِعَانِ
والظِّعان: الحبلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الهَوْدَجُ على البَعير.
قَالَ، وَيُقَال: شَفَّ فَمُ فلَان شَفِيفا وَهُوَ وجَعٌ يكون من البَرْدِ فِي الأسْنان واللِّثاثِ.
وَقَالَ أَبُو سَعيد، يُقَال: فلَان يجِدْ فِي مَقْعدته شَفِيفاً، أَي وَجعاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شَفْشَفَ الحَرُّ والْبَرْدُ الشَّيءَ، إذَا يَبَّسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفْشفَة: الارْتِعادُ والاخْتِلاط، والشفْشَفةُ: سُوء الظّنِّ مَعَ الْغَيْرَة.
وَقَالَ الفرزدق يصف نسَاء بالعفاف:
مَوَانِعُ للأسْرار إلاّ لأَهْلهَا
ويُخْلِفْنَ مَا ظَنَّ الغيور المُشَفْشِفُ
أَرَادَ المشفشف الَّذِي شفت الغَيْرَةُ فُؤادَه فأَضمَرَتْه وهَزَلَتْه، وكَرَّر الشين وَالْفَاء تَبْليغاً كَمَا قَالُوا مُحَثْحَث، وَقد تَجَفْجَفَ الثّوب من الْجَفَاف والشُّفوف: نُحول الْجِسْم من الهَمِّ والوَجْد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل مُشَفشَف سَخِيف سَيَّىء الخُلق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّفْشَفَة تَشْوِيطُ الصقيع نَبْتَ الأَرْض فيحرِقُه، أَو الدَّوَاء تَذُرُّه على الجُرح يُقَال: شوَّطة وشيّطة.
وَفِي حَدِيث أنس أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أصحابَه يَوْماً وَقد كادَت الشَّمْس تَغربُ فَلم يَبْق مِنْهَا إِلَّا شِفٌّ يَسير.
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ إِلَّا شَيْءٌ يَسير.
وشُفَافَة النَّهارِ: بَقِيَّتُه وَكَذَلِكَ الشفَا: بَقِيَّةُ النَّهار.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شُفَافَ الشفَا أَوْ قَمْسَة الشمسِ أَزْمَعا
رَوَاحاً فَمَدّا من نَجَاءٍ مُهَاذِبِ
وقَمْسَة الشَّمْس: غُيوبُها.
ابْن بزرج قَالَ: يَقُولُونَ من شُفوفِ المَال قَد شَفّ، وَهُوَ يَشفُّ، وَكَذَلِكَ الْوَجَعُ يَشُّفّ صاحِبَه مَضْمومة.
قَالَ: وَقَالُوا شَفّ الفَمُّ يَشف مَفْتُوح، وَهُوَ نتْنُ رِيحٍ فِيهِ.
قَالَ: والثّوبُ يَشفُّ فِي رِقَّته، والشِّفُّ مكسور، بَثْرٌ يَخْرج فَيُرْوِح.
قَالَ: والمَحْفوفُ مثل المشْفُوف المخنوع من الْحَفَفِ، والحَفّ.
فش: قَالَ اللَّيْث: الفَشُّ حَمْلُ اليَنْبُوتِ، الواحدةُ فَشَّه، والجميع الفِشاش.
قَالَ: والْفَشُّ: تَتَبُّعُ السّرِقَةِ الدّون، وَأنْشد:
ونَحْنُ وَلِيناهُ فَلَا تَفُشُّهْ
وابْنُ مُضاضٍ قائمٌ يَمُسُّهْ

(11/196)


يَأْخُذ مَا يُهْدَى لَهُ يَقُشُّهْ
كَيْفَ يُوَاتِيه وَلاَ يَؤُشُّه
قَالَ: والْفِشَاشُ: الكساء الْغَلِيظ، والْفَشُّ: الْفَسْوُ.
وَقَالَ رؤبة:
واذْكُرْ بَنِي النَّجَاخَةِ الْفَشُوشِ
وَيُقَال للسِّقاءِ إِذا فُتِحَ رأْسُه وأُخرِجَ مِنْهَا الرِّيح: فُشَّ يُفَشُّ، وَقد فَشَّ السِّقاءُ يَفِشُّ.
والانْفِشَاشُ: الفَشَلُ والانْكِسار عَن الأَمْر، والفَشُّ: الْحَلْبُ، والفَشُوشُ: الّتي تُحْلَبُ، وَهِي الفَشَّاء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الفَشُوشُ: الكِسَاءُ السَّخِيفُ. والفَشوشُ: الْخَرُّوبُ. والفَشُوشُ: النَّاقَة الواسِعَة الإِحْليل. والفَشُوش: الأَمَة الفَسَّاءَة، وَهِي المْفَصَّعَة والمُطَحْرَبَة.
أَبُو عَمْرو: وفَششْتُ الزِّقّ، إِذا أخرجتَ رِيحَه، وَمن أمثالهم. لأَفُشَّنَّك فَشَّ الْوَطْبِ. أَي لأُخْرِجَنَّ غَضَبك من رَأْسِك.
أَبُو عبيد، عَن الأمَوِي: فَشَشْتُ النَّاقَة أُفُشَّها فَشّاً، إِذا أَسْرَعْتَ حَلْبَها.
وَقَالَ ابْن شُميل: هَجْلٌ فَشٌّ لَيْس بِعَميقٍ جدّاً وَلَا مُتَطامِن، وَقَالَ: نَاقَةٌ فَشُوشٌ، أَي يَتَشَعَّبُ إِحْلِيلُها، مِثْلَ شُعاعِ قَرْن الشَّمْسِ حِين تَطْلُع، أَي يَتَفَرَّقُ شُخْبُها فِي الْإِنَاء فَلَا يُرَغَّى، بَيِّنَةُ الفِشاش.
وَيُقَال: انفَشَّت عِلّةُ فلَان، إِذا أَقبَلَ مِنْهَا.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الفَشْفَشَةُ ضَعْفُ الرَّأي، والفَشْفَشَةُ الخَرُّوبة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الفَشُّ الطَّحْرَبَة، والفَشُّ النَّميمَة، والفَشُّ الأحْمق، والفَشُّ الْخرُّوب، والفَشُّ: الكِسَاء الرَّقيق.

(بَاب الشين وَالْبَاء)
ش ب
شب، بش.
شب: قَالَ اللَّيْث: الشَّبّ حَجَرٌ مِنها الزَّاجُ وأَشْبَاهُه، وأَجْوَدُها مَا جُلِبَ من الْيمن، وَهُوَ شَبٌّ أَبيض لَهُ مَضِيضٌ شَدِيد.
وشَبَّة: اسمُ رجل، وَكَذَلِكَ شَبيب. أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: شَبَّ الغُلاَم يَشِبُّ شَبابَا، وشَبَّ الفَرَسُ يَشِبُّ شِباباً وشُبوباً وَشَبِيباً، إِذا نَشِطَ ومَرِح.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شُبُوبَ الْخَيْلِ تَشْتَعِلُ اشْتِعَالا
وشَبَبت النارَ فَأَنا أَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً، وَيُقَال: إنَّ شَعْرَ فُلانَة يَشُبُّ لَوْنَها، إِذَا كَانَ يُحَسِّنُه ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه، وَيُقَال للرَّجل الْجَمِيل: إنَّه لَمَشْبُوب.
وَيُقَال: أَشَبَّتْ فلانةُ أوْلاداً، إِذا شَبّ لَهَا أَوْلاد.
وَيُقَال للثَّور إِذا كَانَ مُسِنّاً: شَبَبٌ ومُشِبُّ وشَبُوب.
وَيُقَال: فَعَلَ ذَلِك فِي شَبِيبتِه، وامْرَأَةٌ

(11/197)


شَابَّةٌ، ونِسْوَةٌ شَوَابّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يَجُوز نِسْوَةٌ شَبَائب فِي معنى شَوَابّ، وَأنْشد:
عَجَائِزٌ يَطْلُبْنَ شَيئاً ذَاهِبَا
يَخْضِبْنَ بالحِنّاءِ شَيْباً شَائِبَا
يَقُلْن كُنَّا مَرَّةً شَبائِباً
قلت: شَبائبُ جمع شَبَّة لَا جمع شَابَّة، مثل ضَرْة وضَرَائِر. وكَنَّه وكَنَائِن.
وشِبَابُ الفَرَسِ: أَنْ يَرْفعَ يَدَيْهِ جَميعاً كأَنَّه يَنْزُو وَنَزَواناً.
وَفِي الحَدِيث: (اشْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم على الْبَوْل) ، يَقُول: اسْتَوْفِزُوا عَلَيْهَا وَلَا تُسِفّوا من الأَرْض.
وعَسَلٌ شَبَابِيّ: يُنْسَبُ إِلَى بني شَبَابَةَ، قَوْمٍ بالطَّائف من بني مالِك بن كنَانَة، يَنْزِلون الْيمن.
وتَشْبيبُ الشِّعر: تَرقيقُ أوّله بِذكر النِّساء، وَهُوَ من تَشْبِيبِ النَّار وتَأْريثُها.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: أُشِبَّ لي الرَّجُلُ إشْباباً إِذا رَفَعْتَ طرفَك فرأَيْتَه من غير أَن تَرْجُوَه أوْ تَحْتَسِبه.
وَقَالَ الهذليّ:
حَتَّى أُشِبّ لَهَا رَامٍ بمُحْدَلَةٍ
نَبْعٍ وبِيضٍ نَوَاحِيهِنّ كالسَّجَمِ
قَالَ: السّجَمُ ضَرْبٌ من الْوَرق شَبّهَ النِّصَالَ بهَا.
وَيُقَال: لَقِيتُ فلَانا فِي شبابِ النَّهَار، أَي فِي أوّله.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: شَبْشَبَ الرَّجل، إِذا نَمَّمَ، وشَبَّ، إِذا رُفِعَ، وشَبَّ إِذا لَهَب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: من أسماءِ الْعَقْرب الشّوْشب، وَيُقَال للقملة: الشّوْشبَة.
بش: قَالَ اللَّيْث: الْبَشّ اللُّطْف فِي الْمَسْأَلَة، والإقبال على أخِيك. تَقول: بَشِشتُ بِهِ بَشّاً وبَشَاشَةً، ورَجُلٌ هَشٌّ بَشٌّ. قَالَ: والبَشِيشُ: الوَجْهُ. يُقَال: رجُلٌ مُضِيٌّ البَشيش، أَي مُضِيءُ الوَجْه.
وَقَالَ رؤبة:
تكَرُّماً والهشُّ للتَّهْشِيشِ
وارِي الزِّناد مِسْفِر الْبَشِيش
وَفِي الحَدِيث: (لَا يُوطِنُ رجلٌ المساجدَ للصَّلاة والذِّكْر إلاّ تَبشْبَشَ اللَّهُ بِهِ حِين يَخْرُج من بَيته، كَمَا يتَبَشْبَشُ أهلُ الْبَيْت بغائبهم إِذا قَدِمَ عَلَيْهِم) وَهَذَا مَثَلٌ ضربه لتلقِّيه جلّ وعزّ بِبِرِّه وكرامته وتَقْرِيبه إيّاه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْبَشُّ فَرَحُ الصّديق بِالصديقِ، والتَّبَشْبُش فِي الأَصْل التَّبَشُّش، فاستُثْقل الْجمع بَين ثَلَاث شِينات فقُلِبَتْ إِحْدَاهُنَّ بَاء.

(11/198)


(بَاب الشين وَالْمِيم)
ش م
شم، مش.
قَالَ اللَّيْث: الشَّمُّ من قَوْلك شَمِمْتُ الشيءَ أَشَمُّه، وَمِنْه التَّشَمُّم كَمَا تَشَمَّمُ البهيمةُ، إِذا التَمَسَتْ رِعْياً، قَالَ: والمشامَّة مُفَاعلةٌ من شامَمْتُ العدوَّ، إِذا دَنَوْتَ مِنْهُم حَتَّى يَرَوْكَ وتراهم. والشَّمَمُ: الدُّنُوَّ، اسمٌ مِنْهُ. يُقَال: شامَمْنَاهُمْ وناوَشْنَاهم.
قَالَ الشَّاعِر:
وَلم يَأْتِ للأمْرِ الَّذِي حَال دونه
رجالٌ هُمُ أعداؤك الدَّهرَ من شَمَمْ
أَي من قُرب.
عَمْرو، عَن أَبِيه: هُوَ عَدُوُّك من شَمَم وَمن زَمَم، أَي من قُرْبٍ.
وَفِي حَدِيث عليّ أَنه قَالَ حِين بَرَزَ لعَمْرو ابْن وُدّ: (أَخرُجُ إِلَيْهِ، فأُشامُّه اللِّقَاء) أَي أَنظُر مَا عِنْده.
يُقَال: شامِمْ فلَانا، أَي انْظُر مَا عِنده.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الشَّمُّ مصدر شَمِمْتُ، والشَّمَمُ: طول الْأنف، ووُرُودٌ من الأرْنَبة، والنعت: رجل أَشَمّ، وامرأَةٌ شَمَّاء، وجبل أشمّ: طويلُ الرَّأْس. قَالَ: وشَمَام: جَبَلٌ لَهُ رأْسان يُسميان ابنَيْ شَمَام. قَالَ: والإشمَامُ أَن تُشِمَّ الحرْفَ السَّاكِن حرْفاً كَقَوْلِك فِي الضَّمَّة: هَذَا العملُ وتسكُتْ، فتجدُ فِي فِيك إشماماً للاّم لم يبلغ أَن يكون واواً وَلَا تحريكاً يُعتد بِهِ، وَلَكِن شَمَّةٌ من ضمَّةٍ خَفِيفَة، وَيجوز ذَلِك فِي الْكسر وَالْفَتْح أَيْضا. وأشَمَمْتُ فلَانا الطِّيب.
وَتقول للوالِي: أَشْمِمْنِي يَدك، وَهُوَ أحسن من قَوْلك: ناولْني يَدَك أُقَبِّلها.
ابْن السّكيت، عِنْد أبي عَمْرو: أَشَمَّ الرَّجلُ يُشِمّ إشماماً، وَهُوَ أَن يَمُرَّ رَافعا رأْسَه.
وَحكي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: عَرَضْتُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَإِذا هُوَ مُشِمٌّ لَا يُريدهُ، وَقَالَ: بيْناهم فِي وجْهٍ إِذْ أَشَمُّوا، أَي عَدَلُوا.
قَالَ يَعْقُوب: وسمعْتُ الكلابيّ يَقُول: أَشَمُّوا، إِذا جارُوا عَن وجههم يَمِينا وشِمالاً، وَيُقَال: شَمِمْتُ الشيءَ أَشُمُّه شَمّاً وشَمِيماً، وبُرْقَةُ شَمَّاء: جبلٌ مَعْرُوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لما يَبقى على الكِباسة من الرُّطَب: الشَّمَلُ والشَّماشم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شُمّ، إِذا اخْتُبِرَ، وشَمَّ، إِذا تَكبَّرَ.
مش: قَالَ اللَّيْث: مَششْتُ المُشاشَ، أَي مَصَصْته مَمْضُوغاً. وَفُلَان يَمُشُّ مالَ فلَان، ويَمُشُّ من مالِه: أَخذَ الشيءَ بعد الشَّيْء، قَالَ: والْمشَشُ مَششُ الدَّابةِ

(11/199)


مَعْرُوف.
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: مَشِشَت الدَّابّةُ بِإِظْهَار التّضعيف، وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مثلُه. وَقَالَ غَيره: ضَبِبَ المكانُ، إِذا كثُر ضبابُه، وأَلِلَ السِّقاءُ، إِذا خَبُثَ ريحُه.
اللَّيْث: أمَشَّ العظْمُ وَهُوَ أَن يُمِخَّ حَتَّى يَتَمشّشَ. قَالَ: والمَشُّ، أَن تَمْسَحِ قِدْحاً بثوبك لِتُلَيَّنَه كَمَا تمشُّ الْوتر.
والمشُّ: المَسْحُ. يُقَال: مَشّ يَده يَمُشُّهَا مَشّاً، إِذا مسحها بالمنديل. وَيُقَال: امْشُشْ مُخاطَه، أَي امْسَحْه.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: أَعْطِنِي مَشُوشاً أَمُشّ بِهِ يَدي، يُرِيد مِنديلاً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: أهل الْكُوفَة يَقُولُونَ: مَشْمَشٌ، وَأهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ مِشمِش يَعْنِي الزَّرْدالو.
وَقَالَ اللَّيْث: أَهلُ الشَّام يُسَمّون الإجَّاصَ مِشمشاً.
أَبُو عُبيد: المُشَاشُ: رُؤوس العِظَامَ مثل الرّكبتين والمرفقين والمنْكبين، وَجَاء فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ جليلَ المُشاش.
أَبُو زيد، يُقَال: فلَان يمْتَشُّ من فلَان امْتشاشاً، أَي يُصِيب مِنْهُ، ويَمْتشنُ مِنْهُ مثلُه.
أَبُو عُبيد، عَن الأُموي: مششْتُ النّاقة أُمُشُّها مَشّاً، إِذا حَلَبْتَ وتركْتَ فِي الضَّرع بعضَ اللَّبن.
وَقَالَ غَيره، يُقَال: فلَان لَيِّنُ المُشَاسِ، إِذا كانَ طَيِّبَ النَّحِيزة عفيفاً عَن الطمع.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: امْتَشَّ المتَغَوِّطُ وامْتَشَع، إِذا أَزالَ القذَى عَن مَقْعَدتِه بِمَدَرٍ أوْ حَجر.
قَالَ: والمَشُّ الحَلْبُ باستقصاء، والمشُّ الخُصُومة، والمشّ مَسْحُ الْيَدَيْنِ وبالمَشوشِ وَهُوَ المنديل الخشن، وامْتَشّ مَا فِي الضَّرَع، وامْتَشَعَ إِذا حَلَب جَمِيع مَا فِيهِ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: المُشاشةُ جوفُ الأَرْض، وَإِنَّمَا الأَرْض مَسَكٌ، فمسكَةٌ كَذَّانة، ومَسَكَةٌ حجارةٌ عَظِيمَة، ومَسَكةٌ لَيِّنةٌ، وَإِنَّمَا الأَرْض طرائق فكلُّ طَريقَة مَسَكةٌ، والمُشَاشةُ: الطَّرِيقَة الَّتِي هِيَ حِجَارَة خَوَّارة وتراب، فَتلك المشاشة، وأَما مُشاشةُ الرَّكِيَّة فَجَبلُها الَّذِي فِيهِ نَبَطُها، وَهُوَ حجرٌ يَهْمى مِنْهُ المَاء، أَي يرشح فَهِيَ كَمُشاشةِ الْعِظَام تتحلّبُ أبدا. يُقَال: إنَّ مُشاشَ جَبَلِها لَيَتَحْلَّب، أَي يرشحُ مَاء.
وَقَالَ غَيره: المشاشةُ أرضٌ صُلبة يُتّخذ فِيهَا رَكايا يكون من ورائِهَا حاجز، فَإِذا مُلِئت الرّكيةُ شَرِبت المشاشةُ الماءَ، فَكلما اسْتُقِيَ مِنْهَا دَلوٌ جَمَّ مَكَانهَا دَلْوٌ أُخْرَى.

(11/200)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الشين

(أَبْوَاب الشين وَالضَّاد)
ش ض ص ش ض س ش ض ز ش ض ط ش ض د ش ض ت ش ض ظ ش ض ذ ش ض ث
مهملات.
ش ض ر
شرض: قَالَ اللَّيْث: يُقَال عَمَل شِرْواضٌ: رِخْوٌ ضَخْمٌ، فَإِن كَانَ ضخماً ذَا قَصَرَةٍ غَلِيظَة وَهُوَ صُلْبٌ، فَهُوَ جِرْوَاض.
قَالَ رؤبة:
بِهِ نَدُقُّ الْقَصَرَ الجِرْوَاضا
شمرض: قَالَ: وَالشِّمِرْضَاضُ شَجَرةٌ بالجزيرة فِيمَا قيل، وَيُقَال: بل هِيَ كلمةُ مُعَاياةٍ، كَمَا قَالُوا: عُهْعُخ. فإِذا بدأْت بالضَّاد هُدر والْباقي مُهْمَل.

(أَبْوَاب) الشين والصّاد)
ش ص س ش ص ز س ص ط ش ص د ش ص ت ش ص ظ (ش ص ذ) ش ص ث
(ش ض ر ش ض ل ش ض ن ش ض ف ش ض ب ش ض م
مهملات)
أهملت كلهَا.
ش ص ر
شرص. شصر: مستعملان.
شرص: قَالَ اللَّيْث: الشِّرْصَتَان نَاحِيتا النَّاصِيَة وهُما أرَقُّهَا شَعْراً، ومنهما يَبْدَأ النَّزَعتان. والشَّرْصُ شَرصُ الزِّمام. وَهُوَ

(11/201)


فَقْر يُفْقَرُ على أنْفِ النَّاقة، وَهُوَ حَزٌّ فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ ثِنْيُ الزِّمام ليَكُون أسْرعَ وأطْوَعَ وأدْوَمَ لِسَيْرِها وَأنْشد:
لَوْلَا أَبُو عُمَرٍ حَفْصٌ لما انْتَجَعَتْ
مَرْواً قَلُوصِي وَلَا أزرَى بهَا الشَّرَصُ
وَقَالَ غَيره: الشَّرْصُ والشّرْرُ وَاحِد، وهما الْغِلَظُ فِي الأَرْض. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشِّرْصَةُ النَّزْعَةُ عِنْد الصُّدغ.
شصر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَصَرَ، إِذا خَاطَ، وشَصِرَ، إِذا ظَفِرَ.
أَبُو عُبيد: شَصَرْتُ الثّوْبَ شَصْراً إِذا خِطتَه، مثل البَشْكِ.
الأصمعيّ: فِيمَا رَوى أَبُو عبيد عَنهُ: أوَّل مَا يُوَلدُ الظَّبْيُ فَهُوَ طَلاً، فإِذا طَلَعَ قَرْناه فَهُوَ شَادِنٌ، فإِذا قَوِيَ وتحرَّك فَهُوَ شَصَر وَالْأُنْثَى شصرة، ثمَّ جَذَع، ثمَّ ثَنِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لَهُ: شَاصِرٌ إِذا نَجَمَ قَرْنُه، وَهُوَ الشَّوْصَرُ فِي لُغة.
قَالَ: والشِّصارُ خشَبَةٌ تُشَدُّ بَين شُفرَي النّاقة. يُقَال: شصَّرتها تشصيراً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشِّصَاران: خَشبتان يُنْقَدُ بهما فِي شُفْرِ خُوران النَّاقة، ثمَّ يُعْصَبُ من ورائهما بِخُلْبَةٍ شَدِيدَة، وَذَلِكَ إِذا أَرَادوا أَن يَظأَروها على ولد غَيرهَا، فَيَأْخُذُونَ دُرْجةً محْشُوَّة، ويدسُّونها فِي خُورانيْها ويُخِلُّون الْخُوران بخلالَيْنِ هما الشِّصاران يُوثقان بخُلْبَةٍ يُعصَبَان بهَا، فَذَلِك الشّصْر والتّشصيرُ، وَهُوَ التّزْنِيدُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: تركت فلَانا وَقد شَصَرَ بَصَرُه يَشصُرُ شُصُوراً، وَهُوَ أَن تَنقَلِبَ الْعين عِنْد حُضُور الْمَوْت؛ وَقد شَخَص بَصَرُه قلت: هَذَا عِنْدِي وَهْم، وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى شصَا بَصَرُه يَشْصُوا شُصُوّاً. وشَطَرَ يَشْطُرُ شُطُوراً، وَهُوَ الَّذِي كأَنَّه ينْظُر إِلَيْك. وَإِلَى آخر. روى ذَلِك أَبُو عبيد عَن الْفراء والشَّصُور بِمَعْنى الشُّطُور من مَناكير اللَّيْث.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّصَرَةُ الظَّبْيَة الصَّغِيرَة، مُحَرِّك. والشَّصْرَة: نَطْحَةُ الثورِ الرجُلَ بِقرْنه.
ش ص ل
شصل: وجدت حرفا لِابْنِ الْأَعرَابِي. رَوَاهُ عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس. قَالَ: شَوْصَلَ الرَّجُلُ، وشَفْصَلَ جَمِيعًا، إِذا أكلَ الشَّاصُلِيَّ، وَهُوَ نَبَات.
ش ص ن
شصن، نشص، شنص: مستعملة.
شصن: أهمل اللَّيْث: شصن.
ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّواصِينُ البَرَانِيُّ الْوَاحِدَة شَاصُونة.
قلت: الْبَراني تكون الْقَوارير، وَتَكون الدِّيَكَة، وَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بهَا.

(11/202)


نشص: أَبُو عبيد، عَن الأصمَعيّ: النَّشَاصُ من السَّحاب: المُرتَفِعُ بَعْضُه فَوق بَعْض، وَلَيْسَ بمُنْبَسِط.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زِيادِ الكِلابي فِي النَّشاص مِثْلَه.
ابْن السّكيت، عَن الأصمعيّ: نشصَت الْمَرْأَة على زَوجهَا نُشُوصاً، ونَشَزَتْ نُشُوزاً، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الْأَعْشَى:
تَقَمَّرهَا شَيْخٌ عِشَاءً فَأَصْبَحَتْ
قُضَاعِيَّةً تَأْتِي الكَوَاهِنَ نَاشِصَا
ونَشِصَتْ ثَنِيَّتُه، إِذا خَرجَتْ من موضعهَا نُشُوصاً.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَاشَتْ إليّ النَّفس ونَشَصتْ ونَشَزَتْ، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو تُرَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِنْشاصُ المرأةُ الَّتِي تَمْنَعُ فِراشَها فِي فِراشِها، فالفِراش الأول الزَّوْج، وَالثَّانِي المُضَرَّبة.
شنص: أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ شُنَاصِيُّ، وَهُوَ النّشيط الطويلُ الرَّأْس.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّانص المُتَعَلِّق بالشَّيْء وَالْأُنْثَى شَنَاصِيّة، وَهُوَ الشَّديد الْجواد، وَأنْشد قَول المرّار بن مُنْقذ:
شُنْدُفٌ أشْدَفُ مَا ورَّعْتُه
وشَنَاصِيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرَ
وَقَالَ اللَّيْث: فَرسٌ شَنَاصِيٌّ، وَهُوَ النّشيط الطَّوِيل الرَّأْس.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّانِصُ الْمُتَعَلّق بالشّيء شَنَصَ يشْنُص شُنُوصاً.
ش ص ف
مهمل.
ش ص ب
(شصب) : مُسْتَعْمل.
ابْن هانىء: إنّه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أكّد النَّصب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: المَشْصُوبَةُ الشّاةُ المَسْموطَة، والشَّصْبُ: السَّمْطُ، وَيُقَال للقَصَّاب: شَصّاب.
وروى عَمْرو، عَن أَبِيه: رَجُلٌ شَصِيبٌ، أَي غريبٌ.
أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عَمْرو: الأَشْصَابُ الشَّدائد، وَاحِدهَا شِصْبٌ بِكَسْر أَوله، وَقد شَصِبَ يَشْصَبُ.
أَبُو سَعيد: هِيَ الشَّصَائِبُ والشّصَائِصُ للشّدائد.
قَالَ أَبُو تُراب، وَقَالَ غَيره: هِيَ الشّصَائِبُ والشَّطَائِب، للشَّدائد.
وَقَالَ ابْن المظفر: الشَّصِيبَةُ شِدَّةُ الْعَيْش يُقَال: دَفَعَ الله عَنْك شَصائِبَ الْأُمُور، وعَيْشٌ شَاصِبٌ، وَقد شَصَبَ شُصُوباً، وأَشْصَبَ الله عَيْشَه.
قَالَ جرير:

(11/203)


كِرامٌ يَأْمَنُ الْجِيرانُ فِيهمْ
إِذا شَصَبتْ بهم إحْدَى اللّيالي
سَلمَة، عَن الْفراء، عَن الدُّبَيْرِيِّين، قَالُوا هُوَ الشَّيطان الرَّجِيم، والخَيّثَعُورُ، والشَّيْصَبَان والْبَلأَز والجَلأَز والجانُّ، والْقَانُّ، كلهَا من أَسمَاء الشَّيْطَان.
اللَّيْث: الشّيْصَبَان الذَّكر من النَّمْل وَيُقَال: هُوَ جُحْرُ النَّمْل.
ش ص م
اسْتعْمل من وجوهه: شمّص.
شمص: اللَّيْث: شَمّصَ فلَان الدَّواب، إِذا طَرَدَها طَرْداً عَنِيفاً، وَأنْشد:
وحَثَّ بَعِيرَهم حَادٍ شَموصُ
قَالَ: وَلَا يُقال هَذَا إِلَّا بالصَّاد، وَهُوَ الحثّ، فَأَما التَّشميصُ فأَنْ تَنْخَسه حَتَّى يَفعل فِعل الشَّموسُ.
قَالَ: والانشماصُ الذُّعْر.
قَالَ أَبُو عَمْرو: أَتَيْتُ فلَانا فانشمَصَ مِنى إِذا ذُعِر، وأَنشد:
فانشمَصَتْ لما أَتَاهَا مُقْبِلاً
فَهَابها فَانْصَاعَ ثُمّ وَلْوَلاَ
وَقد شَمَّصَتْني حاجَتُك تشميصاً، أَي أعْجَلَتْني وَقد أخذَه من هَذَا الْأَمر شِمَاصٌ، أَي عَجَلةٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شَمّصَ، إِذا آذَى إنْسَانا حتّى يَغْضَب.

(أَبْوَاب) الشين وَالسِّين)
ش س ز
مهمل.
ش س ط
اسْتعْمل مِنْهُ: شطس.
شطس: قَالَ اللَّيْث: الشَّطْسُ الدَّهاءُ والْعِلْم، وإنّه لرجلُ شُطَسِيُّ ذُو أَشْطَاس.
قَالَ رؤبة:
يَا أَيُّها السَّائل عَن نَحَاسِي
عَنِّي ولمَّا يَبْلغوا أشْطاسِي
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعت عَرَّاماً السُّلَمِيّ يَقُول: شَطَفَ فِي الأَرْض، وشَطَسَ، إِذا دَخَلَ فِيها إمَّا راسِخاً وإمَّا واغِلاً، وَأنْشد:
تُشَبُّ لِعَيْنِي رَامِقٍ شَطَسَتْ بِهِ
نَوًى غرْبَةٌ، وصْلَ الأحِبَّةِ تَقْطَعُ
ش س د ش س ت ش س ظ ش س ذ ش ش ث: مهملات.
ش س ر
اسْتعْمل من وجوهها: سرش. شرس.
سرش: أما سرش فإنَّ اللَّيث أَهْمله.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال سَرِشَ الْإِنْسَان، إِذا تحَبَّبَ إِلَى النَّاس.
شرس: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْسُ شِبْهُ الدَّعْك للشَّيء كَمَا يَشْرِسُ الحمارُ ظُهورَ الْعَانَةِ بِلَحْيَيْه وَأنْشد:

(11/204)


قَدَّا بأَنْيَابٍ وشَرْساً أَشْرَسَا
ورَجلُ شَرِسُ الْخُلُقِ وَإنَّهُ لأشْرَس، وإنَّه لَشرِيسٌ، أَي عَسِرٌ شَدِيد الخِلاف. وَأنْشد:
فَظَلْتُ ولي نَفْسانِ نَفْسُ شريَسَةٌ
ونَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزُوعُ
قَالَ: والشِّراسُ شِدّة الْمُشَارَسَة فِي مُعاملة النَّاس وَتقول: رَجُل أَشْرسٌ ذُو شِراسٍ، وناقَةٌ شَرِيسَةٌ: ذاتُ شِرَاسٍ، وَذَات شَرِيس. وأَنشد:
قَدْ عَلِمَت عَمْرَةُ بالْغَمِيسِ
أَنَّ أَبَا الْمِسْوَرِ ذُو شَرِيسِ
وَمَكَان شَراسٌ: صُلْبُ، وَأَرْض شَرْسَاءُ.
وشَراسِ على فَعَالِ: نعت واجِبٌ للْأَرْض كالاسم.
ابْن السِّكِّيت: أَرضّ مُشرِسَةٌ، كَثِيرَةُ الشِّرْس، وَهُوَ ضرب من النَّبات.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشِّرْسُ الشُّكاعِيُّ، والْقَتَادُ والسِّحاءُ، وكلُّ ذِي شَوْكٍ مِمَّا يَصْغُر، وَأنْشد:
وَاضِعَةٌ تأكُلُ كُلَّ شِرْسِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الشَّراسَةُ شِدَّةُ أَكْلِ الماشِية، تَشَرسُ شَراسَةً، وَإنَّهُ لَشرِسُ الْأكل.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: الشَّرِسُ السَّيِّءُ الخُلُق، وَقد شَرِسَ شَرَساً.
ش س ل
مهمل.
ش س ن
شنس: أُشْناس: اسْم أعجمي.
ش س ف
اسْتعْمل من وجوهه: شسف.
شسف: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّسِيْف: البُسْرُ الْمُشَقَّق.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحْمُ الشسيفُ، الَّذِي قد كادَ يَيْبَس وَفِيه نُدْوَّةٌ بَعْد.
وَقَالَ اللَّيْث؛ الشاسِف: الْقَاحِلُ الضَامر، وَيُقَال: سِقَاءٌ شاسِفُ، وشَسِيفٌ، وَقد شسَّفَ يَسْشِفُ شُسُوفاً، وشِسَافَةً لُغَتَانِ.
ش س ب
شسب: قَالَ اللَّيْث: الشَّاسب والشّازِب: الضَّامر اليَابِس، وخَيْلٌ شُزَّب.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الأصمعيّ: الشّاسِب والشّاسِفُ: الَّذِي قد يَبِسَ عَلَيْهِ جِلْدُه.
وَقَالَ لَبيد:
أَتِيكَ أمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَها
عِلْجٌ تَسَرَّى نحَائِصاً شُسُبَا
وَله:
تَتّقِي الأَرْضَ بِدَفَ شاسِبٍ
وضُلُوعٍ تَحْتَ زوْرٍ قَدْ نَحَلْ

(11/205)


ش س م
اسْتعْمل مِنْهُ: شمس.
شمس: قَالَ اللَّيْث: الشّمس عَيْنُ الضِّحِّ، أَرَادَ أنّ الشَّمْس هُوَ العَين الَّذِي فِي السَّمَاء، جارٍ فِي الفَلك، وأنَّ الضِّحَّ ضَوْءُه الَّذِي يُشرِقُ على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّموسُ مَعَاليق القلائِد، وَأنْشد:
والدُّرُّ واللُّؤْلُؤُ فِي شَمْسه
مُقلِّدٌ ظَبْيَ التّصَاوِيرِ
قَالَ: وَيُقَال: يَوْمٌ شامِسٌ، وَقد شمَسَ يَشمُسُ شُمُوساً، أَي ذُو ضِحّ نَهارُه كُلُّه.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي: شَمِسَ يَوْمُنا وَأَشْمَسَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَمَسَ يَشْمُسُ، إِذا كَانَ ذَا شَمْسٍ.
اللَّيْث: رَجُلٌ شَمُوسٌ: عَسِرٌ، وَهُوَ فِي عَدَاوَتِهِ كذَلِكَ خِلافاً وعَسراً على من نازَعه، وإنهُ لَذُو شِمَاس شَدِيد. وشَمَسَ لي فلانٌ إِذا أبْدَى لكَ عَداوَته، كأَنَّهُ قد هَمَّ أَن يفعل.
قَالَ: والشَّمِس والشَّمُوس من الدَّواب الَّذِي إذَا نُخِس لم يَسْتَقِرّ، والشَّمَّاسُ من رُؤساء النَّصارى الَّذِي يَحْلِقُ وَسَطَ رَأْسِه لَازِما لِلْبِيعَة، والجميع الشمامِسَة.
أَبُو سَعيد: الشَّمُوس هَضْبَةٌ مَعْرُوفَة، سُمِّيت بِهِ لأَنها صَعْبَةُ الْمُرْتَقَى.
وَقَالَ النَّضر: الْمُتَشمِّسُ من الرّجال الَّذِي يَمْنع مَا وَراءَ ظَهره. قَالَ: وَهُوَ الشديدُ القوميةِ. قَالَ: والْبَخِيل أَيْضا متَشمِّسُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُنالُ مِنْهُ خَيْر. يُقَال: أَتَيْنا فلَانا نَتَعَرَّض لمعروفه، فَتشمَّسَ علينا، أَي بَخِلَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّمَيْسَتان جَنَّتان بِإِزَاءِ الفِرْدَوْس، قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفَرّاء.

(أَبْوَاب الشين والزّاي)
ش ز ط ش زد ش زت ش زظ ش زذ ش ز ث
أهملت كلهَا.
ش ز ر
شزر، شرز. مستعملان.
شزر: قَالَ اللَّيْث: الشَّزْرُ نَظَرٌ فِيهِ إعْراضْ كنظرِ المُعَادِي المُبْغِض.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الطَّعْنُ الشَّزْر مَا طَعنْتَ عَن يَمينك وشمالك، واليَسْرُ مَا كَانَ حِذَاءَ وَجْهِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحَبْلُ المشزُورُ الْمفتُول شزْراً، وَهُوَ الَّذِي يُفْتل مِمَّا يَلِي الْيسَار، وَهُوَ أشدُّ لِفَتله.
وَقَالَ غَيره: الْفَتلُ الشزْر إِلَى فَوْق، واليَسْرُ إِلَى أسْفَل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: طحنتُ بالرَّحَا

(11/206)


شَزْراً، وَهُوَ الَّذِي يَذهَبُ بالرّحا عَن يمِينه، وبَتّاً، أَي عَن يَسَاره، وأنشدنا:
ونَطحَنُ بالرحا بَتّاً وشَزراً
ولَو نُعطَى المغازِلَ مَا عَيِينا
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: المشزُورُ المفتُولُ إِلَى فَوق، وَهُوَ الشَّزْر. قلت: وَهَذَا عِندَنا هُوَ الصَّحيح.
وَقَالَ الْفراء، يُقَال: شَزَرَهُ وتَزَره، إِذا أَصَابَهُ بالْعَين.
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه أنْشدهُ:
مَا زَالَ فِي الْحَوْلاء شَزْراً رَائِغاً
عِنْدَ الصَّريم كَرَوْغَةٍ مِنْ ثَعْلَبِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لم يَزَل فِي رَحِمِ أُمه رَجُلَ سَوْءٍ شَزْراً، يأْخُذُ فِي غير الطّريق. قَالَ: والصَّرِيمُ: الأمْر المَصْرُوم، وَهُوَ المَعْزُومُ عَلَيْهِ.
شرز: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ، قَالَ: الشُّرَّازُ الَّذين يُعذبون النَّاس عَذاباً شَرْزاً، أَي شَدِيداً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والشَّرْزُ من المُشَارَزَة، وَهِي المُعادَاة.
وَقَالَ رؤبة:
يَلْقَى مُعادِيهم عَذَابَ الشَّرْزِ
وَيُقَال: أَتَاهُ الدَّهر بشَرْزَةٍ لَا يَتَخَلَّى مِنْهَا، وَيُقَال: رَمَاه بشرْزَة، أَي هَلَكَةٍ، وَقد أَشْرَزَهُ الله، أَي أَلْقاه فِي مَكْرُوهٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث، يُقَال: هُوَ مُشَارِزُ، أَي مُحَارِبٌ مُخَاشِنٌ، وشَارَزَه، أَي عَادَاه.
ش ز ل
أهمله اللَّيْث.
شلز: قَالَ شمِر: المِشْلَوْزُ المِشْمِشَة الحُلوَةُ المُخّ، قَالَ: وَهَذَا غَريب.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أُخِذَ من المِشْمِشْ واللّوز.
قَالَ شمِر: والجِلَّوْزُ نَبُت لَهُ حَب إِلَى الطول، مَا هُوَ يُؤكل مُخُّ يُشبِه الْفُسْتُق.
ش ز ن
شزن، نشز.
شزن: قَالَ اللَّيْث: الشزَنُ شِدَّةُ الإعْيَاءِ من الحَفا، يُقَال: شَزِنت الإبلُ من الحفا شَزَناً، وَفِي قِصَّة لُقمان بن عَاد: رَتَبَ رُتُوب الْكَعْبِ وَوَلاَّهُم شَزَنَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: الشَّزَنُ الشِّدَّةُ والْغِلْظَة، يَقُول: يُوَلِّي أَعْدَاءَه شدَّتَه وبَأْسَه، فَيكون عَلَيْهِم كَذَلِك، وَرَوَاهُ أَبُو سُفْيَان: وَوَلاَّهُمْ شُزُنَه، قَالَ: وَسَأَلت الأصمعيّ عَنهُ، فَقَالَ: الشُّزُنُ: عُرْضُه وجانبِهُ؛ وَفِيه لُغَة: الشَّزَن.
وَأنْشد:
أَلاَ لَيْتَ المَنَازِلَ قد بَلِينَا
فَلا يَرْمِينَ عَنْ شُزُنٍ حَزِينَا

(11/207)


يريدُ أَنه حِين دَهَمهم الأمْرُ أَقْبلَ عَلَيْهِ وَوَلاَّهُمْ جَانِبَه.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه الأصمعيّ حَسَن.
وَقَالَ الأجْدَع أَبُو مَسْرُوق:
وكأَنَّ ضَرْعاهَا كِعَابُ مُقَامِرٍ
ضُرِبَتْ على شُزُنٍ فهنَّ شَواعِي
قَالَ شمر، يُقَال: شُزُنٌ وشَزَنٌ: وَهُوَ النَّاحِيَة والجانب.
قَالَ: وَيُقَال: عَن شُزُنِ، عَن بُعْدٍ واعترَاضٍ وتَحَرُّفٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّزْنُ: الكَعْبُ الَّذِي يُلْعَبُ بِهِ، وَيُقَال: شُزُن.
وَأنْشد:
كأَنَّه شَزُنٌ بالدَّوِّ مَحْكُوكُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ أَبَا سَعيدٍ الخُدري أَتَى جَنَازةً وَقد سبقه القَومُ، فَلَمَّا رَأَوْوه تَشَزَّنُوا لَهُ لِيُوسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ: أَلاَ إِنِّي سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (خَيْرُ المَجالِس أَوْسَعُها) ؛ وجَلَسَ نَاحِيَةً.
قَالَ شمر: قَوْله تَشَزَّنُوا لَهُ، يَقُول: تَحَرَّفُوا ليُوسِّعوا لَهُ.
يُقَال: تَشَزَّنَ الرجلُ للرَّمْي، إِذا تَحَرَّفَ واغتراض، ورَماه عَن شُزُنٍ، أَي تَحَرَّفَ لَهُ، وَهُوَ أشدُّ للرَّمْي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التَّشَزُّنُ فِي الصِّراع أَنْ يَضعَه على وَرِكِهِ فَيَصْرَعَه، وَقد تشزَّنهُ وتَوَرَّكَهُ، إِذا وَضَعه على وَرِكه فَصَرَعَه.
شمر: عَن المؤرّج: الشَّزَنُ والشَّزُونَة: الْغِلَظ.
قَالَ شمر: وَيكون الشزَنُ الْحَرْفُ والجانِب.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
كِلانا وإنْ طَال أيَّامُه
سَيَنْدُرُ عَن شَزَنٍ مُدْحِضِ
قَالَ: الشَّزَنُ الْحَرف، يَعْني بِهِ المَوْت وأنّ كلَّ واحِدٍ ستَزْلَقُ قدمه بِالْمَوْتِ وَإِن طَال عُمره.
وَقَول ابْن مقبل:
إنْ تُؤْنِسَا نَارَ حَيَ قد فُجِعْتُ بهم
أمْسَتْ على شَزَنٍ مِنْ دَارِهم دَارِي
أَي على بُعْدٍ.
وَيُقَال: مَا أُبالِي على أيِّ شزْنَيهِ وَقَع، أَي على أيِّ قُطْرَيْه وَقع، وتَشزَّنَ فلانٌ للأَمْر، إِذا اسْتَعَدَّ لَهُ.
نشز: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ} الْآيَة. (المجادلة: 11) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا النَّاس بِكَسْر الشين، وأهْلُ الْحجاز يرفَعُونهما: (انشزوا) . قَالَ: وهما لُغتان.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ، إِذا قيلَ: انْهَضُوا فانْهَضُوا، كَمَا قَالَ: {طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ} (الْأَحْزَاب: 53) .

(11/208)


وَقيل: إِذا قِيل انْشُزُوا، أَي قومُوا إِلَى الصَّلاة، أَوْ قَضَاءِ حَقَ، أَو شَهَادَةٍ فانْشُزُوا.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَشَزْتُ بِقِرْنِي أنشُزُ بهِ، إِذا احْتَمَلْتَهُ فَصَرَعْتَه.
قَالَ شمِر: وكأَنَّهُ من المَقْلوب مثل: جَذَبَ وجَبَذَ، يَعْنِي نَشَزَ وشَزَنَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: نَشَزْتُ أَنشُزُ نُشُوزاً، إِذا أَشْرَفْتَ على نَشَازٍ من الأَرْض وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ وظهَرَ.
قَالَ شمر، وَقَالَ الأصمعيّ: النَّشْزُ والنَّشَزُ والوَشَزُ مَا ارْتَفَعَ من الأَرْض.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي النّشَز:
وتَرْكَبُ مِنِّي إنْ بَلَوْتَ خَلِيقَتِي
على نَشَزٍ قَدْ شَابَ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
أَي على غِلَظ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} (الْبَقَرَة: 259) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا زيدُ بنُ ثَابت بالزَّاي، قَالَ: والإِنْشَازُ نَقْلُها إِلَى مَوْضِعها. قَالَ: وبالزَّاي قرأَها الْكُوفِيُّونَ.
قَالَ ثَعْلَب: ونَخْتار الزَّاي؛ لِأَن الإنشَازَ فِي التَّأْوِيل، تَرْكِيبُ الْعِظَام بَعْضهَا على بعض قَالَ: وَمن قَالَ (ننشرها) فَهُوَ الْإِحْيَاء. وَقَالَ الزّجاج: من قَرَأَ (نَنْشُزُهَا) فَالْمَعْنى نَجْعَلهَا بعد همود نَاشِزَة يَنْشُزُ بَعْضهَا إِلَى بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: نَشَزَ الشيءُ، إِذا ارْتَفَعَ؛ وتَلٌّ ناشِزُ وَجَمعهَا نَوَاشز. وقَلْبٌ ناشِزٌ، إِذا ارْتَفَعَ عَن مَكَانَهُ من الرُّعْب، وعِرْقٌ ناشِزُ: لَا يَزالُ مُنْتَبِراً يَضْرِبُ من دَائِه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} (النِّسَاء: 34) الْآيَة. نُشُوزُ الْمَرأَة: اسْتِعصاؤُها على زَوْجِها.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: النُّشُوزُ يَكون من الزَّوْجَين، وَهُوَ كَراهةُ كُلِّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه، واشْتِقَاقُه من النَّشَز، وَهُوَ مَا ارْتَفَع من الأرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للدّابة إِذا لم تَكد تَسْتَقِرُّ للسَّرْج وللرّاكب إِنَّهَا لَنَشْزَة، ورَكَبٌ ناشِزٌ نَاتِىءٌ، وأَنْشَزْتُ الشيءَ، إِذا رَفعْتَه عَن مَكَانَهُ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّه لَنَشْزٌ من الرِّجال، وصَتْمٌ من الرّجال، إِذا انْتهى سِنُّه وقُوَّتُه وشَبَابُه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
على نَشَزٍ قَدْ شَبَّ لَيْسَ بِتَوْأَم
وَقَالَ أَبُو عُبيد: النَّشْزُ والنّشَزُ: الْغَلِيظ الشَّديد.
ش ز ف
أَهْملَه اللّيث.
شفز: وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الشّفْزُ الرَّفْس، مصدَر شَفَزَهُ يَشْفُزُه شَفْزاً.

(11/209)


ش ز ب
الشازِبُ والشاسِب والشاسِف: الضَّامِر. عَمْرو، عَن أَبِيه: الشَّوْزَبُ، هُوَ الْعَلاّمة والْمَئِنَّة: مِثْله. وَأنْشد:
غُلَامٌ بَين عَيْنَيْهِ شَوْزَبُ
ش ز م
اسْتعْمل من وجوهه: شمز. واشْمَأَزّ.
شمز: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّمْزُ نُفُورُ النَّفْس من الشَّيء تَكْرَهُه.
اشمأز: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزّ: {تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ وَإِذَا} (الزمر: 45) الْآيَة. قَالَ: اشْمَأَزَّتْ نَفَرَتْ، وَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا قيل: لَا إلاه إِلَّا الله وَحده، نفروا من هَذَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: اشْمَأَزَّتْ، أَي اقشَعَرَّتْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْمُشْمَئِزُّ المذْعور. وَقَالَ ابْن بزرج: هُوَ النّافرُ الْكارِه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: رَجُلٌ فِيهِ شُمَأْزِيزةٌ، من اشْمَأْزَرْتُ.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ خَالِد بن جَنْبَة: اشمئزاز السَّفْر انشِمَازُ اللّيل والنَّهار مُقْلَوْلِياً.
قَالَ: قلت: مَا الْمُقْلَوْلِي؟ قَالَ: النَّدْهُ الَّذِي يَجمعها جَمْعَةً واحِدةً.
قلت: مَا النَّدْه؟ قَالَ: السَّوْقُ الشَّديد حَتَّى تكون كأنَّها مُشْرَبةٌ فِي الأفْرَان.

(أَبْوَاب الشين والطاء)
ش ط د ش ط ت ش ط ظ ش ط ذ ش ط ث
مهملات.
ش ط ر
شطر، شَرط، طرش: (مستعملة) .
شطر: قَالَ اللَّيْث: شَطْرُ كلِّ شَيْء نِصْفُه، وَفِي مثل: احْلُبْ حَلْباً لَك شَطْرُه، أَي نِصْفُه. وشَطَرْتُ الشيءَ: جَعَلْتُهُ نِصْفَيْنِ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد، قَالَ: إِذا يَبِسَ أَحَدُ خِلْفَي النَّعجة، فَهُوَ شَطُورٌ، وَهِي من الْإِبِل الَّتِي قَدْ يَبسَ خِلْفان من أَخْلاَفها، لأنَّ لَهَا أَربعَةَ أَخلاف، فَإِن كَانَ يَبِسَ ثلاثةٌ فَهُوَ تَلُوث.
وَقَالَ اللَّيْث: شاةٌ شَطُورُ، وَقد شَطَرَتْ شِطاراً، وَهُوَ أَن يكون أحدُ طُبْيَيْها أطولَ من الآخرِ، فَإِن حُلِبَا جَميعاً والخِلْفَةُ كَذَلِك، سُمِّيَتْ حَضُوناً.
ابْن السّكيت: حَلبَ فلَان الدَّهْرَ أَشْطُرَه، أَي خَبَرَ ضُرُوبَه، أَي مَرَّ بهِ خَيرٌ وشَرّ.
قَالَ: وللنّاقة شَطْران قَادِمان وآخِران، قيل: فكلُّ خِلْفَيْن شَطْرٌ. وَيُقَال: قد شَطَّرَ بِنَاقَتِهِ، إِذا صَرَّ خِلْفَين وتَركَ خِلْفَيْن، فإنْ صَرَّ خِلفاً واحِداً قيل: خَلَّفَ بهَا، فإِذا صَرَّ ثَلاَثَةَ أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بهَا، فإِذا صَرَّها كلهَا قيل: أَجْمَعَ بهَا، وأكْمَشَ

(11/210)


بهَا.
قَالَ، وَتقول: شَطَرْتُ شاتِي، ونَاقَتِي، أَي حلَبْتُ شَطْراً وتَرَكْت شَطْراً، وَقد شَاطَرْتُ طَلِيِّي، أَي حَلَبْتُ شَطْراً وصَرَرْتُه، وتَرَكْتُه والشَّطرَ الآخر.
أَبُو عُبيد: الشَّطِيرُ الْبَعِيد.
وَيُقَال للغريب شطِيراً؛ لِتَباعُدِه عَن قَوْمه.
وَأنْشد الْفراء:
لَا تَتْرَكَنِّي فِيهُم شَطِيراً
والشَّطْر: الْبُعْد.
وَقَالَ اللَّيْث: شَطَر فلَان على أَهْله، إِذا تَركهم مُرَاغِماً أَو مُخَالِفاً، ورَجل شَاطِر، وَقد شَطَر شُطُوراً وشَطَارَةٌ، وَهُوَ الَّذِي أَعْيَا أَهْلَه ومُؤَدِّبَه خُبْثاً، وثَوْبٌ شَطُورٌ: أَحَدٌ طَرَفي عَرْضِه أَطْولُ من الآخر، يَعْنِي أَن يكون كُوساً بِالْفَارِسِيَّةِ.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: شَطَرَ بَصَرَهُ يَشْطُرُه شُطُوراً وشَطْراً، وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّه ينظر إِلَيْك وَإِلَى آخر.
وَقَالَ غَيره: وَلَدُ فلَان شَطْرَةٌ، إِذا كَانَ نِصْفُهم ذُكُورا، ونصفُهم إِنَاثًا، وشاطَرنِي فلانٌ المالَ مُشَاطَرةً، أَي قاسَمَنِي بالنِّصْف.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (الْبَقَرَة: 149) .
قَالَ الفراءَ: يُريدُ نَحْوَه وتِلْقَاءَه، وَمثله فِي الْكَلَام: وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَهُ وتُجَاهَه. قلت وَنَحْو ذَلِك قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا أَخْبرنِي عبد الْملك، عَن الرّبيع، عَنهُ، وَأنْشد:
إِن الْعَسِيرَ بِها داءٌ مُخَامِرُها
فَشَطْرُها نَظَرُ الْعَيْنَيْن مَحْسُورُ
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي نَحْوَها، لَا اخْتِلاف بَين أهل اللُّغَة فِيهِ، قَالَ: والشّطْر النَّحْوُ.
قَالَ: وَقَول النَّاس: فلَان شاطِرٌ، مَعْنَاهُ، أَنه قُدَّ فِي نحوٍ غيرِ الاسْتِواء، وَلذَلِك قيل لَهُ شاطِرٌ، لأنَّه تبَاعد عَن الاسْتِواء.
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ الْقَوْم مُشاطِرونا.
قَالَ: ونَصَبَ قَوْله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} على الظّرْف.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: نِيَّةٌ، شَطور وَشَطُون، أَي بَعِيدَة.
شَرط: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْطُ مَعْرُوف فِي الْبَيْع، والفِعْل: شَارَطَهُ فَشَرَطَ لَهُ على كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ يَشْرِطُ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: شَرَطَ يَشْرِطُ، والحجَّامُ مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّرْطُ: بَزْغُ: الحجّام بالمِشْرَط. وذكَر النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْراطَ السَّاعة.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ هِيَ عَلاَمَاتُها، قَالَ: وَمِنْه الاشْتراط الَّذِي يَشترِط الناسُ بعضُهم على بعض، إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات يَجْعلونها بَينهم، قَالَ: وَلِهَذَا

(11/211)


سُمِّيَتْ الشُّرَط، لأنَّهم جعلُوا لأَنْفُسِهِمْ عَلامَةً يُعْرَفون بهَا.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ غَيره فِي بَيت أوْس بن حَجَر:
فأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ
وأَلْقَى بأَسْبَابٍ لَهُ وتَوَكَّلاَ
هُوَ من هَذَا أَيْضا، يُرِيد أَنَّه جعَل نَفْسَه عَلَماً لهَذَا الْأَمر.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: قَالَ: أَشْرَطَ فلانٌ من إبِله وغَنَمِه، إِذا أَعَدَّ مِنْهَا شَيْئا للْبيع، وَقد أَشْرَطَ نَفسه لكذا وَكَذَا: أَي أَعْلَمَها وأَعَدَّهَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: سُمِّيَ الشُّرَطُ شُرَطاً لأنَّهم أُعِدُّوا. وَقَالَ: وأَشراطُ السَّاعة علاماتها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: أشْراط السَّاعة عَلاماتُها، وأَسْبابُها الَّتِي هِيَ دون مُعْظمها وقِيامها. قَالَ: وأشراطُ كلِّ شَيْء ابْتِدَاءُ أوّله، وَأنْشد للكميت:
وَجَدْتُ النَّاسَ غَيْرَ ابْنَيْ نَزارٍ
وَلَمْ أَذْممهُمُ شَرَطاً وَدُوناً
قَالَ: والشَّرَط: الدُّونُ من النَّاس، وَالَّذين هُمْ أَعظم مِنْهُم لَيْسُوا بِشَرَط.
قَالَ: وشَرَطُ المالِ، صِغارُها، قَالَ: والشُّرَطُ سُمُّوا شُرَطاً لأنَّ شُرْطَةَ كلِّ شيءٍ خِيَارُه، وهم نُخْبَةٌ السُّلطان من جُنْده.
وَقَالَ الأخطل:
ويَوْمَ شُرْطَةٍ قَيْسٍ إذْ مُنِيتُ بهم
حَنَّتْ مَثَاكِيلُ من أَيْفَاعهم تُكُدُ
وَقَالَ آخر:
حتَّى أَتَتْ شُرْطَةٌ للْمَوْت حَارِدَةٌ
وَقَالَ أَوْس:
فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَه وهُوَ مُعْصِمُ
أشْرَطَ نَفْسَه: اسْتَخَفِّ بِهَا وجعَلَها شَرَطاً، أَي شَيْئاً دُوناً خاطَرَ بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمرْو: أَشْرَطْتُ فلَانا لِعَمَلِ كَذَا، أَي يَسَّرْتُه وجعلتُه يَلِيه، فَهُوَ مُشَرط لَهُ أَي مُعَدٌّ لَهُ، وَأنْشد:
قَرَّبَ مِنْهَا كلّ قَرْم مُشرَطٍ
عَجَمْجَمٍ ذِي كِدْنَةٍ عَمَلَّط
قَالَ: وَقَول أَوْس (أشَرطَ فِيهَا نَفسه) أَي هَيَّأَهَا لهَذِهِ التَّبْعَة، وَيُقَال: رَجُلٌ شَرَط، ورِجَالٌ شَرَطٌ، إِذا كَانُوا دُوناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الشّرَطَان: كَوْكَبان يُقَال إنَّهُمَا قَرْنا الحَمَلِ وَهُوَ أوّل نجم من الرَّبيع، وَمن ذَلِك صَار أوائلُ كلِّ أمْرٍ يَقع أَشراطَه.
وَقَالَ العجاج:
مِنْ بَاكر الأشرَاطِ أَشراطِيُّ
أَرَادَ الشَّرَطَيْن.
قَالَ: وَإِذا عَجَّل الْإِنْسَان رَسُولا إِلَى أَمرٍ قيل: أَشرَطَهُ، وأَفْرَطَه، من الأشراطِ الَّتِي

(11/212)


هِيَ أوائِلُ الْأَشْيَاء.
وَقَالَ: والشَّرَطُ من الْإِبِل مَا يُجلَبُ للْبيع نَحْو النَّابِ والدَّبِر، يُقَال: أفِي إبِلك شَرَطٌ؟ فَتَقول: لَا، وَلكنهَا لُبابٌ كلُّها.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشِّرْوَاطُ من الرِّجال الطَّوِيل وَأنْشد ابْن السّكيت:
يُلْحِنَ من ذِي زَجَلٍ شِروَاطِ
مُحْتَجِزٍ بَحَلقٍ شَمْطَاطِ
شِرواط: من نعت الْحَادِي.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَةٌ شرواط، وجَمَلٌ شِرْواط، أَي طَوِيلٌ فِيهِ دِقّة.
وَفِي الحَدِيث أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن شَرِيطَةِ الشَّيْطَان، وَهِي ذَبِيحَةٌ لَا تُفْرَى فِيهَا الأوْدَاجُ، أُخِذَ من شَرْط الْحَجّام.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، قَالَ: الشَّرِيطُ الْعَتِيدَةُ للنِّسَاء تَضَع فِيهَا طِيبَها وأداتَها، والشرِيطُ: الْعَيْبَةُ أَيْضا، وَأنْشد فِي العتيدة.
فَزَيْنُكَ فِي الشرِيطِ إِذَا الْتَقَينَا
وسَابِغَةٌ وذُ النُّونين زَينِي
والشُّرَطُ: حِبالٌ دِقاقٌ تُفتَل من اللِّيف والخُوْص، وَاحِدهَا شريطٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: مَنْ نَسَب إِلَى الشُّرْطَةِ قَالَ: شُرْطِيّ، ومَنْ نَسَبَ إِلَى الشُّرَط قَالَ: شُرَطِيَّ.
ابْن شُمَيْل: الشُّرُطُ حِبَالٌ دِقاق تُفْتَل من اللِّيف والخُوص. والشَّرَطُ: المسيلُ الصَّغير قدر عشرَة أذرُع، مثل شَرَطِ المالِ رُذالِها.
طرش: الطَّرَشُ: الصَّمَمُ، ورجُلٌ أُطْرُوشٌ، ورجالٌ طُرُشٌ.
ش ط ل
شلط: قَالَ اللَّيْث: شَلْطا السِّكين، بلُغة أهل الْجَوْف، قلت: لَا أَدْرِي مَا شَلْطَاه، وَمَا أرَاهُ عَرِبيّاً.
ش ط ن
شطن، نطش، نشط، شنط: مستعملة.
شطن: قَالَ اللَّيْث: الشَّطَنَ الْحَبْلُ الطَّوِيل الشّديد الْفَتْلِ يُسْتَقَى بِهِ ويُشَدُّ بِهِ الْخَيل، وَيُقَال للْفرس الْعَزِيز النّفس: إِنَّه لَيَنْزُو بَين شَطَنَيْن، يُضْرَبُ مثلا للْإنْسَان الأشِرِ الْقَوِيّ، وَذَلِكَ إِذا اسْتَعْصَى على صاحِبه، شَدَّهُ بحَبْلَين من جانِبين، وَهُوَ فَرَسٌ مَشْطون.
وَقَالَ ابْن السّكت: الشَّطْنُ مَصْدر شَطَنَهُ يَشْطِنُه، إِذا خَالفه عَن نِيّته وَوَجْهِه. والشَّطَنُ: الحَبْل الَّذِي يُشطَنُ بِهِ الدَّلْو قَالَ: والْمُشَاطِنُ: الَّذِي يَنْزِعُ الدَّلْوَ من البِئر بحَبْلَين.
وَقَالَ ذُو الرمة:
ونَشوانَ من طُول النُّعَاسِ كَأَنَّه
بحَبْلَين فِي مَشْطَونَةٍ يَتَطَوَّحُ
وَقَالَ الطرماح:

(11/213)


أَخُو قَفَصٍ يَهْفُو كَأَنَّ سَرَاتَهُ
ورِجْلَيْهِ سَلْمٌ بَين حَبْلَيْ مُشاطِنِ
أَبُو عُبيد: نَوًى شَطُونُ: أَي بعيدةٌ شَاطَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: غَزْوَةٌ شَطُونٌ، أَي بَعيدَةٌ. وشَطَنَت الدَّارُ شُطُوناً، إِذا بَعُدَتْ.
وَقَالَ غَيره: أَلْيَةٌ شَطُونُ، إِذا كَانَتْ مَائِلَةً فِي شِقَ، وبِئْرٌ شَطُونٌ: مُلْتَوِيَةٌ عَوْجَاء، وحَرْبٌ شَطُونٌ: عَسِرَةٌ شَديدَة.
وَقَالَ الرَّاعِي:
لَنَا جُبَبٌ وأَرْمَاحٌ طِوَالُ
بِهِنَّ نُمَارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونَا
الأصمعيّ: رُمْحٌ شَطون، طَوِيلٌ أَعْوَج، وبِئْرٌ شَطُونٌ، بَعيدَة القَعْرِ فِي جِرَابِها عَوَج.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي إِسْحَاق الحربِيّ: وسُئل عَن معنى حَدِيث النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنّ الشَّمْس تَطْلُع بَين قَرْنَي شَيْطان، فَقَالَ: هَذَا مَثَل. يَقُول: حينَئِذٍ يَتَحَرك الشَّيْطَان فَيكون كالمُعِين لَهَا، وَكَذَلِكَ قَوْله: الشيْطان يَجْرِي من ابْن آدم مَجْرَى الدّم، إنّما هَذَا مثل، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ، لَا أَنْ يَدْخُلَ جَوْفَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْطَان فَيْعَالٌ من شَطَنَ، أَي بَعُدَ.
قَالَ: وَيُقَال: شَيْطَنَ الرَّجُل، وتَشَيْطَنَ، إِذا صَارَ كالشيْطان وفَعَل فِعلَه.
وَقَالَ رُؤْبة:
شَاقٍ لِبَغْيِ الكَلِبِ المُشَيْطِنِ
وَقَالَ غَيره: الشيْطان: فَعْلان، من شَاطَ يَشِيطُ، إِذا هَلَك واحْتَرَق، مثل هَيْمان وغَيْمان، من هام وغام.
قلت: وَالْأول أكبرُ، والدّليل على أَنه من شَطَنَ قَول أُمية بن أبي الصَّلت يذكر سُلَيْمَان النَّبِي:
أَيُّما شَاطِنٍ عَصاهُ عَكاهُ
أَرَادَ: أَيّمَا شَيْطَان.
وَقَالَ الله جَلَّ وعزَّ فِي صِفَة شَجرة تَنْبُت فِي النَّار: { (أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: 65) .
قَالَ الْفراء: فِي الشَّياطين فِي الْعَرَبيَّة ثَلاثةُ أَوْجه: أَحدهَا أَنه يُشبَّه طَلُعُ هَذِه الشَّجَرَة فِي قُبْحِه برُؤوس الشَّيَاطِين؛ لِأَنَّهَا مَوْصُوفَة بالقُبْح وَإِن كَانَت لَا تُرى، وَأَنت قَائِل للرِّجل إِذا اسْتَقْبَحْتَه: كَأَنَّهُ شَيْطَان، والوَجْهُ الآخر أَنَّ الْعَرَب تُسَمِّي بعض الحَيّات شَيْطَانا، وَهُوَ حَيَّةٌ ذُو عُرْفٍ قَبِيح المَنْظَر، وَأنْشد لرجل يذُمُّ امْرَأَة لَهُ:
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِين أحْلِفُ
كَمِثْل شَيطانِ الحِماطِ أعْرَفُ
وَيُقَال فِي وَجْه آخر: إنَّ الشَّيْطَان نَبْتٌ قَبِيح يُسَمَّى برؤوس الشَّيَاطِين. قَالَ: والأوْجُه الثَّلَاثَة تذْهب إِلَى معنى وَاحِد من القُبح.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: من السِّماتِ

(11/214)


الفِرْتَاجُ، والصُّلَيْبُ، والشَّجَارُ والمُشَيْطَنَةُ.
شنط: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المشنَّط: الشِّواء، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الشُّنْط: اللُّحْمانُ المنْضَجَة.
نشط: قَالَ اللَّيْث: نَشِطَ الْإِنْسَان يَنْشَطُ ويَنْشِطُ نشاطاً، فَهُوَ نَشيط طيِّبُ النّفس للْعَمَل، والنَّعْت ناشِطُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أنشطْتُ الأُنشوطَةَ إنشاطاً، إِذا حَلَلْتَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: نَشَطْتَها: عَقَدْتَها، وأنشطَتها حَلَلتَها.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الأنشُوطَةُ لِلْعَقْد الّذي يُمَدُّ أحدُ طرفِي حَبْلِه فَيَنْحَلّ، والمُؤَرَّبُ الَّذِي لَا يَنْحَلّ إِذا مُدَّ حَتَّى يُحَلّ حَلاًّ.
قَالَ: ونَشَّطت العَقُد تَنشِيطاً، إِذا عَقَدْتَه بأُنشُوطَة.
قَالَ لَهُ شَمِر: قَالَ أَبُو عبد الرّحمان: قَالَ الأَخْفش: الحِمار يَنشِطُ من بَلَدٍ إِلَى بلد، والْهموم تَنشِطُ بِصاحِبها.
وَقَالَ هِمْيان:
أمْسَت هُمومي تَنْشِطُ الْمَناشِطَا
الشَّامَ بِي طَوْراً وطَوراً واسِطَا
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: النَّشِيطَةُ فِي الغَنيمة: مَا أصَاب الرَّئيسُ فِي الطَّريق قبل أنْ يَصِلَ إِلَى بَيْضَةِ الْقَوْم.
وَقَالَ ابْن عَنَمةَ الضَّبِّيّ:
لَكَ المِرْبَاعُ فِيهَا والصّفَايَا
وحُكْمُكَ والنَّشيطَةُ والفُضُولُ
وَيُقَال: نَشَطَتْهُ الأفْعى، إِذا نَهَشَتْهُ، وَيُقَال للنَّاقَة: حَسُنَ مَا نَشَطَتْ السّيْرَ، يَعْنِي سَدْوَ يَدَيْها، وَيُقَال: سَمِنَ فأنْشَطَه الكلأُ.
وَيُقَال: نَشطْتُ الدّلْوَ أَنشِطُها، وأَنشطُها نَشْطاً: نَزَعْتُها.
شمر، عَن أبي سَعِيد الهُجَيميّ: أنشطه الكلأُ، أَي سَمّنه، وأَحْكم خَلْقَه. وَيُقَال: سَمِنَ بأَنْشِطَة الْكلأ، أَي بِعُقَدتِه وإحكامه إِياه، وَكِلَاهُمَا من أُنشوطَةِ العُقْدَةِ.
وَقَالَ شمِر: انْتشط المالُ المَرْعَى، أَي انْتَزَعْتُه بالأسنان كالاختلاس.
يُقَال: نشطَتُ وانْتَشَطْتُ، أَي انْتَزَعتُ.
اللَّيْث: طريقٌ ناشِطٌ يَنشِطُ من الطَّرِيق الأعْظَم يَمْنةً أَو يَسْرَة، كَقَوْل حُميد:
مُعْتَزِماً للطُّرُق النَّوَاشِطِ
وَكَذَلِكَ النَّواشِطُ من المسَايِل، وَيُقَال: نَشَطَ بهم الطَّريق. والنَّاشِطُ فِي قَول الطّرمّاح هُوَ الطَّرِيق، قَالَ: والنشُوط: كلامٌ عِراقيّ، وَهُوَ سَمَكٌ يُمْقَرُ فِي ماءٍ وملح. وانتشطْتُ السَّمكةَ، إِذا قَشَرْتَها.
وَقَالَ رؤبة:
تَنشَّطَتْهُ كلُّ مِغْلاة الْوَهَقْ
يَقُول: تَنَاوَلَتْه وأَسْرَعت رَجْعَ يَدَيْها فِي سَيرها، قَالَ: والمِغْلاَة الْبَعيدة الخَطْو، والْوَهَق: المباراة فِي السَّير.

(11/215)


وَقَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً} (النازعات: 2) .
روى عَن ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله: والنّازِعات والناشِطَات، هِيَ الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ الْفراء: هِيَ الملائكَةُ تَنْشِطُ نفسَ المؤْمِن وتَقبِضُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَشطْتُ الدَّلْوَ من الْبِئْر نشْطاً، وَهُوَ جَذْبُك الدَّلْوَ من الْبِئْر صُعُداً بِغَيْر قامَةٍ، فَإِذا كَانَ بِقَامَةٍ فَهُوَ المتْحُ، ونشَطَتْهُ الأفعى، إِذا عَضَّتْه، ونشَطَتْه شَعُوبُ نَشْطاً، وَهِي المَنِيّة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الناشطات الملائِكة، وتنشُط الأرْواح نشطاً أَي تَنْزِعُها نزعاً كَمَا ينْزع الدَّلو من الْبِئْر.
وَقَالَ الْفراء: نشَطْتُ الحَبْلَ، بِغَيْر ألف، إِذا رَبَطْتَه، وَأَنا نَاشِط، وَإِذا حَلَلْته فقد أَنشطته.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: يُقَال: بِئرٌ إنشاطٌ، بكَسر الْألف، وَهِي الَّتِي يَخرُج مِنْهَا الدَّلْو بجَذبَةٍ واحِدَة، وبئر نشوط، وَهِي الّتي لَا يخرج الدَّلْو مِنْهَا حَتَّى تَنشَط كثيرا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرِيض يُسْرِع بُرْؤُه، وللمَغِشيِّ عَلَيْهِ تُسْرِعُ إفَاقَتُه، وللمرسَلِ فِي أَمرٍ يُسْرِعُ فِيهِ عَزيمَته: كَأَنَّمَا أُنْشِطَ من عِقَال.
وَقَالَ أَبُو زَيد: رَجلٌ مُنْتَشِطٌ، من الانتشاط، ومُتَنشِّط، من التنشِيط، إِذا نزل عَن دابتهِ من طول الرُّكوب، وَلَا يُقَال ذَلِك لِلرَّاجل.
وَيُقَال: نشَّطتُ الإبلَ تَنشيطاً، إِذا كَانَت مَمْنوعة من الرَّعي فأرسلتها تَرْعَى، وَقَالُوا: أَصْلها من الأُنشوطة إِذا حُلَّتْ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
نشَّطها ذُو لِمَّةٍ لم تَقْمَلِ
صُلْبُ العَصَا جافٍ عَن التَّعَزُّلِ
أَي أرسلها إِلَى مَرْعاها بعد مَا شَرِبتْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّشُط نَاقِضُو الحبال فِي وَقت نَكْثِها لتُضْفَرَ ثانِيةً.
نطش: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: مَا بِهِ نَطِيش، أَي مَا بِهِ قُوَّة.
وَقَالَ رؤبة:
بَعْدَ اعْتماد الجَرزِ النّطِيش
ابْن السّكيت: يُقَال مَا بِهِ نَطِيشٌ، أَي مَا بِهِ حَرَاك.
ش ط ف
اسْتعْمل من وجوهه. طَفَش. شَطَفَ.
طفش: قَالَ اللَّيْث: الطَّفْشُ النِّكَاحُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَة التَّميمي:
قُلْتُ لَهَا وأُولِعَتْ بالنّمْشِ
هَل لكِ يَا حَلِيلَتِي فِي الطَّفشِ؟

(11/216)


قَالَ: والطَّفَاشَاةُ المهزولة من الْغنم وَغَيرهَا.
شطف: الأصمعيّ فِيمَا رَوَى لَهُ أَبُو تُرَاب: شَطَفَ.
وشَطَبَ، إِذا ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ، وَأنْشد:
أَحانَ مِنْ جِيرَتِنَا خُفُوفُ
وأَقلقتهُمْ نِيَّةٌ شَطُوف
وَفِي (النَّوادر) : رَمْيَةٌ شَاطِفَةٌ وشَاطِبَةٌ وشَاطِيَةٌ وصَايفةٌ، إِذا زَلّتْ عَن المَقْتَل.
ش ط ب
شطب، شَبَط، بَطَش: مستعملة.
شطب: قَالَ اللَّيْث: الشَّطْبُ، مَجْزومٌ: سَعَفُ النَّخْل الأخْضر، الْوَاحِدَة: شَطْبَة؛ وَلذَلِك قيل لِلْجَارِيَةِ الغَضَّةِ التَّارّة الطَّوِيلَةِ: شَطْبَة، وفَرْسٌ شَطْبَة.
وَفِي حَدِيث أُمِّ زرع: (ابْن أبي زَرْع كَمَسَلِّ شَطْبة) . قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد: الشَّطْبَةُ مَا شُطِبَ من جَريد النَّخْل، وَهُوَ سَعَفُه، شَبَّهَه بِتِلْكَ الشَّطْبَة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدَالِ شبَابِه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي إِسْحَاق الحربيّ أَنه قَالَ: أرادَت أَنه مَهْزولٌ كأنَّه سَعَفَةٌ فِي دِقَّتِها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد فِي قَوْلهَا: (كَمَسَلِّ شَطْبَة) : الشَّطْبَة السَّيْف، أَرادت أَنه كالسَّيف يُسَلُّ من غِمْده، كَمَا قَالَ:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيفِ لَا مُتَأَزِّفِ
وَيُقَال: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْقِ، لَيْسَ بطويل وَلَا بقَصير. ورجُلٌ مَشْطُوب ومُشَطَّبٌ، إِذا كَانَ طَوِيلاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّطائِبُ دون الكَرَانِيف، الْوَاحِدَة شَطِيبَة، والشَّطْبُ دون الشَّطائِب، الواحِدَةُ شَطْبَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الشّاطبة الَّتي تَعمل الحُصْرَ من الشَّطْبِ، وَيُقَال: شَطِبَتْ تَشْطِبُ شُطُوباً، وَهُوَ أَن تأخُذَ قِشْرَه الأعْلى، قَالَ: وتَشْطِبُ وتَلْحَى واحِد.
قَالَ: وَوَاحِد الشَّطْب شَطْبَة، وَهِي السَّعَفَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَقْشُر العَسِيبَ ثمَّ تُلْقِيه المُنَقِّية، فَتَأخُذ كل شَيْء عَلَيْهِ بِسِكِّينها، حتَّى تتركه رَقِيقاً، ثمَّ تُلْقِيه المُنَقِّيَةُ إِلَى الشَّاطِبةِ ثَانية، وَهُوَ يَقُول:
تذَرُّعُ خِرْصَانٍ بِأيْدِي الشَّواطِبِ
اللَّيْث: الشُّطْبَةُ طريقَةٌ من مَتْنِ السّيْف والجَميع (شُطَب) .
قَالَ: والشِّطْبَةُ لُغَة فِي الشُّطْبَة، وَكَانَ أَبُو الدُّقَيْشِ يُفَرِّقُ بَينهمَا، وَيَقُول: الشِّطْبَةُ قِطعة من سَنَام تُقَطَّع طُولاً، وكل قِطعة من ذَلِك أَيْضا تسمى شَطِيبَة. وَيُقَال: شَطَبْتُ الْأَدِيم والسّنَام، وَأَنا أَشْطِبُه شَطْباً، وكل قِطعة من أَدِيم يُقَدُّ طولا تُسمى شَطِيبَه، وَيُقَال للْفرس السّمين الَّذِي انْتَبَرَ مَتْنَاه،

(11/217)


وتَبايَنَتْ غُرورُه: مَشْطُوب الْمَتْن والكَفَل.
قَالَ الجَعْدِيّ:
مِثْلُ هِمْيانِ العَذَارَى بَطْنُهُ
أبْلَقُ الحَقْوَيْنِ مَشْطوبُ الكَفَلْ
سَلمَة، عَن الفَراء، قَالَ: شُطَبُ السّيف، وشُطُبُه.
أَبُو نَصْر، عَن الأصْمَعِيّ، قَالَ: السّيفُ المشْطُوب: الَّذِي فِيهِ طرائِق، وَرُبمَا كَانَت مُرْتَفِعَة ومُنْحَدِرَة.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: شُطَبُ السَّنَامِ أنْ تُقَطِّعَه قِدَداً وَلَا تُفَصِّلها، واحِدُها شُطْبة، وَقَالُوا أَيْضا: شَطِيبَةٌ، وَجَمعهَا شَطائِب.
وَقَالَ ابْن شُميل: شُطْبَةُ السَّيف عَمُودُه النّاشِز فِي مَتْنِه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: الشَّطائب والشَّصَائب الشدائد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ابْن السِّكِّيت، عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، عَن يُوسُف بن بُهلول، عَن ابْن إِدْرِيس، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أَبِيه، قَالَ: حمل عامرُ بن ربيعَة على عامِر بن الطُّفيلِ فَطَعَنَهُ فَشَطَبَ الرُّمْحُ عَن مَقْتَلِه، أَي لم يَبْلُغْه.
وَقَالَ الأصمعيّ: شَطَبَ وشَطَفَ، إِذا عَدَل.
أَبُو عبيد: المنْشَطِبُ السّائِل.
بَطش: قَالَ اللَّيْث: البَطْشُ التَّناوُلُ عِنْد الصَّوْلَة، والأخْذُ الشَّديد فِي كلِّ شَيْء بَطْشٌ. وَقَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {للهوَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} (الشُّعَرَاء: 130) .
قَالَ الْكَلْبِيّ: مَعْنَاهُ تَقتُلون عِنْد الغَضَب. وَقَالَ غَيره: تَقتلون بالسَّوْط.
وَقَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفسير أنّ بَطْشَهُم كَانَ بالسَّوْط والسَّيف، وَإِنَّمَا أنكرَ الله ذَلِك؛ لِأَنَّهُ كَانَ ظُلماً، فأَمَّا فِي الْحق فالبَطشُ بالسّوط والسّيف جَائِز.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال بَطَشَ فلانٌ من الحُميّ إِذا أَفَاق مِنْهَا، وَهُوَ ضعِيف. وبَطَشَ يَبْطُشُ بَطْشاً.
شبط: قَالَ اللَّيْث: الشَّبُّوطُ والشُّبُّوطُ لُغَة، وَهُوَ ضرب من السّمك دَقِيق الذَّنَب، عَريضُ الْوَسَط، ليِّن المَمَسّ، صَغِير الرّأس كَأَنَّهُ بَرْبَط. وَإِنَّمَا يُشَبَّهُ البَرْبَطُ إِذا كَانَ ذَا طول لَيْسَ بِعَرِيض بالشَّبُّوط.
ش ط م
شمط. مشط. طمش: مستعملة.
طمش: أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال: مَا أَدْرِي أيّ الطَّمْش هُوَ؟ مَعْنَاهُ: أَي النَّاس هُوَ؟ قلت: وَقد اسْتُعْمِلَ غير مَنْفِيِّ الأول.
قَالَ رؤبة:
وَحْشٌ وَلَا طَمْشٌ من الطُّمُّوشِ
مشط: أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ، قَالَ: هُوَ المُشْط، والمُشُط، والمِشْط.

(11/218)


قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ولغة رَابِعَة المُشُطُّ، وَأنْشد:
قد كُنْتُ أَحْسَبُنِي غَنِيّاً عَنْكُم
إنّ الْغَنِيَّ عَن المشُطِّ الأقرعُ
وَقَالَ اللَّيْث: المِشْطة: ضرب من المَشْط، والمَشْطَةُ وَاحِدَة، والمشّاطَة: الْجَارِيَة الَّتِي تحسن المَشَاطَة. قَالَ: وضَربٌ من سِمَاتِ الْإِبِل، يُسمى المُشْط. يُقَال: بَعيرٌ مَمْشُوط. بِهِ سِمَةُ المُشْط.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُشْطُ: سُلامِيَات ظَهر القَدم، يُقَال: انْكَسَرَ مُشْطُ ظهر قَدَمَيْهِ، والمُشْط: نَبْتٌ صغيرٌ يُقَال لَهُ: مُشْطُ الذِّئب، مثل: جِرَاء القَثَد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: مَشِطت يَده تمشَطُ مَشَطاً، وَهُوَ أَن يمسّ الرجلُ الشَوْكَ والجِذْع فيدخُل مِنْهُ فِي يَده.
وروى ابْن السّكيت وَغَيره: مَشِظَتْ يَده بالظّاء، وهما لُغَتَانِ. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ الْخَيل: الممشوطُ الطَّويلُ الدَّقيق.
قَالَ: وَغَيره يَقُول: هُوَ الممْشوق. وَفِي الحَدِيث أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُبّ وجُعِلَ سِحْرُهُ فِي مُشْطٍ ومُشَاطَة. المشاطة: الشَّعر الَّذِي يَسْقُط من الرَّأْس واللّحية عِنْد التَّسريح بالمشط.
شمط: قَالَ اللَّيْث: الشَّمَطُ فِي الرجُل شَيْبُ اللِّحْية، وَلَا يُقَال للْمَرْأَة: شَيْبَاء شَمطاء. وَيُقَال للرجل: أَشْمَط.
والشُّمِيطُ من النَّبَات: مَا رَأَيْت بَعْضَه هائجاً وبَعْضَه أَخْضَر. وَقد يُقَال لبَعض الطَّير إِذا كَانَ فِي ذَنَبِه سَوَادٌ وبَياض: إنَّه لَشَمِيط الذُّنَابَى.
سَلَمة، عَن الْفراء، قَالَ: الشماطِيط والعَباديد، والشَعارير والأَبَابيل، كلُّ هَذَا لَا يُفْردُ لَهُ وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الشّماطِيط القِطَع الْمُتَفَرقُون. يُقَال: جَاءَت الْخَيْل شماطِيطَ أَيْ مُتَفَرقين وَاحِد شُمْطُوط وشِمْطاط، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
مُحْتَجِزٌ بخَلَقٍ شِمْطاط
أَي بخَلَقٍ قد تشَقَّقَ وتَقَطَّعَ.
الكسائيّ ذهب الْقَوْم شَمَاطِيطَ، وشماليلَ، إِذا تَفَرَّقُوا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشماليل مَا تفرّقَ من شُعَب الأغْصَان فِي رؤوسها مثل شماريخ العِذْق.
وَيُقَال للصُّبح: الشَّمِيطُ؛ لاختلاط بَيَاض النّهَار بِسواد اللَّيْل.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وأَطلعَ مِنْهُ اللِّياحَ الشَّميط
خُدودٌ، كَمَا سُلَّت الأَنْصُلِ
الأصمعيّ عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء، أَنه كَانَ يَقُول لأَصْحَابه: اشْمِطُوا، أَي خُوضوا مرَّةً فِي الشِّعر، وَمرَّة فِي الْغَرِيب، وَمرَّة فِي كَذَا.

(11/219)


عَمْرو، عَن أَبِيه: الشُّمْطانُ الرُّطَبُ المنَصَّف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشُّمطانَةُ الَّتِي يُرطِبُ جانِبٌ مِنْهَا وسائرها يابسٌ.

(أَبْوَاب الشين وَالدَّال)
ش د ت ش د ظ ش د ذ ش د ث
مهملات.
ش د ر
شرد، رشد، درش.
شرد: قَالَ ابْن المظفر: شَرَد البعيرُ يشرُدُ شِراداً، وَكَذَلِكَ الدّوابّ، وفرسٌ شَرودٌ وَهُوَ المسْتَعصِي على صَاحبه، وقافيةٌ شرود: عائرةٌ سائرة فِي الْبِلَاد، وَقَالَ الشَّاعِر:
شَرُودٌ إِذا الرّاءُونَ حَلُّوا عِقَالها
مُحَجَّلةٌ فِيهَا كلامٌ مُحَجَّلُ
وشرَدَ الْجمل شُروداً فَهُوَ شارد، فإِذا كَانَ مُشَرَّداً فَهُوَ شريدٌ طريد. وَتقول: أَشرَدْتُه، وأَطرَدْتُه؛ إِذا جعلته شَرِيدًا طريداً لَا يُؤْوَى.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} (الْأَنْفَال: 57) : يَقُول إنْ أَسَرْتَهم يَا مُحَمَّد فنكِّلْ بهم مَنْ خَلفَهم مِمَّن تخافُ نقْضَه لِلْعَهد؛ لَعَلَّهُم يَذّكرون فَلَا ينْقُضون الْعَهْد. وأَصل التشريد التَّطريد.
رشد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال رَشَد الْإِنْسَان يَرْشُدُ رُشداً ورَشاداً، وَهُوَ نقيض الغَيّ، ورَشِد يَرْشَدُ رَشَداً، وَهُوَ نقيض الضَّلالَ. إِذا أصابَ وَجْهَ الْأَمر وَالطَّرِيق فقد رَشِد، وَإِذا أرشدك إنسانٌ الطَّرِيق فَقل: لَا يَعْمَى عَلَيْك الرُّشد.
قلت: وَغير اللَّيْث يَجْعَلُ رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرشَدُ بِمَعْنى واحدٍ فِي الْغَيّ والضَّلال، ورجلٌ رشِيدٌ ورَاشِدٌ. والإرْشادُ الْهِدَايَة والدِّلالَة.
وَقَالَ الْفراء فِي (كتاب المصادر) : وُلِدَ فلانٌ لِغَيرِ رَشْدَةٍ، وَوُلِدَ لِغَيَّةٍ ولِزَنْيَةٍ كلّها بالْفَتح.
وَقَالَ الكسائيّ: ويَجُوزُ لِرِشْدَةَ ولِزنْيَةٍ، فأَمَّا غَيَّة فَهُوَ بالْفَتْح.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ لِرَشْدِةٍ ولِزَنْيَةٍ بفَتْح الرّاء والزّاي مِنْهُمَا، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث: وَأنْشد:
لذِي غَيَّةٍ من أُمِّه ولِرَشدةٍ
فَيَغْلِبُها فحلٌ على النَّسْلِ مُنْجِبُ
قَالَ: وَيُقَال: يَا رِشْدِينُ، بِمَعْنى يَا رَاشِد.
وَقَالَ ذُو الرمة:

(11/220)


وكَائِنْ تَرَى مِنَ رشْدَةٍ فِي كَرِيهَةٍ
وَمن غَيِّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّراشِرُ
يَقُول: كم رُشْدٍ لَقيتَهُ فِيمَا تكْرَهُه، وَكم من غَيَ فِيمَا نُحبُّه ونهواه.
قلت: وأَهْلُ الْعرَاق يَقُولُونَ للْحُرْف: حَبّ الرَّشاد كأَنَّهم تَطَيَّرُوا من لَفظ الحُرْفِ، لأَنَّهُ حِرْمان، فَقَالُوا: حبُّ الرَّشاد، والرَّشادُ الحجرُ الَّذِي يَملأُ الكَفَّ، الواحِدَةُ رَشَادَة.
ش د ل مهمل
ش د ن
شَدَن، نَشَد، ندش، دشَنَ: (مستعملة) .
ندش: أهمل الليثُ نَدَشَ.
وروى أَبُو تُرَاب، عَن أبي الْوَازِع: نَدَفَ الْقطن ونَدَشَه، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ رُؤْبة:
فِي هِبْرِيَاتِ الكُرْسُفِ الْمَنْدوشِ
شدن: قَالَ اللَّيْث: شَدَنَ الصَّبِيُّ، والْخِشْفُ، فَهُوَ يَشْدُنُ شُدُوناً إِذا صَلُحَ جِسْمُه وتَرَعْرَع. وَيُقَال للمهر أَيْضا قد شَدَن، فَإِذا أفردت الشادن فَهُوَ وَلَدُ الظَّبْيَة، وظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ: يَتَبَعُهَا شَادِنٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشّادِنُ من أَوْلادِ الظِّباء الَّذِي قد قَوِيَ وطَلَع قَرْنَاه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: امرأَةٌ مَشْدُونٌ: وَهِي العاتِقُ من الجَوارِي.
دشن: قَالَ اللَّيْث: دَاشِنٌ مُعرَّب من الدَّشْنِ، وَهُوَ كلامَ عِراقِيّ لَيْسَ من كَلَام الْبَادِية.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدّاشِنُ والْبُرْكَةُ كِلَاهُمَا الدَّسْتَارَان، يُقَال بُرْكَةُ الطَّحَّان.
نَشد: قَالَ: اللَّيْث، يُقَال: نَشَدَ يَنْشُدُ فلانٌ فُلاناً، إِذا قَالَ: نَشَدّتُكَ بِاللَّه وَالرحم، وَتقول: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ نِشْدَةً ونِشْدانا، ونَشَدْتُ الضَّالَّةَ إِذا نادَيْتَ وسأَلْتَ عَنْهَا، والنَّاشدون قوم يَطْلُبون الضَّوالّ فيأخذونها ويحبسونها على أَرْبَابهَا.
وَقَالَ ابْن عرس:
عِشْرُونَ ألْفاً هَلَكُوا ضَيعَةً
وأَنْت مِنْهُم دَعْوةُ الناشِدِ
يَعْنِي قَوْله: أَيْنَ ذَهَبَ أهلُ الدّار؟ وَأَيْنَ انْتَوَوْ؟ كَمَا يَقُول صاحبُ الضَّالة: مَنْ أَصابَ؟ من أصَاب؟ فالنَّاشِد: الطَّالب، يُقَال مِنْهُ: نَشَدْتُ الضَّالةَ، أَنْشُدُها وأَنْشِدُها نَشداً ونِشْدَاناً، إِذا طلبتها، فأَنَا نَاشد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذِكْرِهِ حَرَمَ مَكَّةَ، فَقَالَ: (لَا يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلَا تَحِلُّ لَقَطتُها إِلا لِمُنْشِد) .
قَالَ أَبُو عبيد: المنشِد المعرِّفُ، قَالَ: والطالب هُوَ الناشد، يُقَال: نشدتُ. وَيُقَال: نشدت الضَّالة أَنشُدها نِشداناً: إِذا طلبتها، فَأَنا نَاشِد، وَمن التَّعْرِيف أنْشَدْتُهَا إنْشَاداً، فأَنا مُنْشِدٌ، قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّن لَك

(11/221)


أَن النَّاشِدَ هُوَ الطَّالب، حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سَمِع رجُلاً يَنْشُدُ ضالَّته فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: (أيُّها النَّاشِدُ، غَيْرُكَ الْوَاجِدُ) .
قلت: وإنَّما قيل للطَّالب ناشِدٌ لِرَفْعِه صَوْتَهُ بالطَّلَب، والنَّشِيدُ: رَفْعُ الصَّوْت، وَكَذَلِكَ المُعَرِّف يرفعُ صوتُه بالتعريفِ فَسُمِّي مُنْشِداً، وَمن هَذَا إنشاد الشِّعْر، إِنَّمَا هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ.
وَقَول العَرب: نَشَدْتُكَ باللَّهِ والرَّحِمِ، مَعْنَاهُ: طلبت إليكَ بِاللَّه وبحقِّ الرَّحْم.
وأخبَرَني المنذريُّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: نشدْتك بِاللَّه، قَالَ: النشيدُ الصَّوْت، أَي سأَلْتُك باللَّهِ بِرَفْعِ نشيدي، أَي صَوْتِي بِطَلبِهَا، قَالَ: وَمِنْه نشدَ الشِّعْرَ، وأنشده، إِذا رَفَعَه.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْكسَائي: نَشدْتُ الدَّابَّةَ طَلبَتها، وأَنْشَدْتها عَرَّفْتها، قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: نَشَدْتُها، إِذا عَرَّفْتَها.
وَقَالَ أَبُو دُواد:
ويَصيخُ أَحْياناً كَمَا اس
تَمَعَ المُضِلُّ لصوتِ ناشِدْ
قَالَ: وَيُقَال للناشد إنّه المعَرِّف.
وَقَالَ شَمِر: رُوِي عَن المُفَضّل الضَّبِّيّ أَنه قَالَ: زَعَمُوا أنَّ امرأَة قَالَت لابنَتِها: احْفَظِي بَيْتَكِ مِمَّن لَا تَنْشُدِين، أَي ممَّن لَا تَعْرِفين.
وَأما معنى قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لُقَطَةِ مَكةَ: (وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلَّا لمُنْشِد) ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَرَّقَ بقوله هَذَا، بَين لُقَطَةِ الْحَرَمِ، وَبَين لُقَطَةِ سَائِر البُلدان؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الحُكم فِي لُقطَةِ سائِر الْبِلَاد أَنَّ مُلْتقِطَها إِذا عَرَّفَها سَنةً حَلَّ لَهُ الانْتفاعُ بهَا، وجَعَلَ لُقَطَة الحَرَمِ مَحْظُوراً على مُلْتَقطها الانْتِفَاعُ بهَا وَإِن طَال تعْرِيفُه لَهَا، وحَكَم أنَّهُ لَا يحِلُّ لأحَدٍ الْتَقَاطُها إِلَّا بنيّة تَعْرِيفهَا مَا عَاشَ، فأَمَّا أَن يأْخُذَها من مَكَانهَا وَهُوَ يَنْوي تَعْرِيفهَا سنة ثمَّ يَنْتَفِعُ بهَا كَمَا ينْتَفع بِسَائِر لْقَطَةِ الأَرْض فَلَا. وَهَذَا معنى مَا فسره عبد الرحمان بن مهْدي، وَأَبُو عُبيد، وأَهْل الْآثَار.
وأمل قَول أبي دُوَاد فَإِن أَبَا عُبَيد ذكر عَن الأصمعيّ، أَنَّ أَبا عَمرو بن الْعَلَاء كَانَ يَعْجَبُ من قَوْله:
كَمَا اسْتَمَعَ المُضِلُّ لِقوْل نَاشِدْ
قَالَ: وأَحْسِبُه قَالَ هُو أَو غَيره أَنه قَالَ: أَرَادَ بالنّاشد أَيْضا رجلا قد ضَلَّتْ دابَّته، فَهُوَ يَنْشُدُها أَي يَطلُبُها لَيَتَعزَّى بذلك.
قلت: وَأما ابنْ المظفر فَإِنَّهُ جعل النّاشد: المُعَرِّف فِي هَذَا الْبَيْت، قَالَ: وَهَذَا من عَجِيبِ كَلَامهم أَن يكون النَّاشدُ: الطّالِبُ والمُعَرِّفُ.
قَالَ: والنَّشيد: الشِّعْرُ المَتناشَدُ بَين الْقَوم، يُنْشِدُ بَعضهم بَعْضًا.

(11/222)


ش د ف
اسْتعْمل من وجوهه: شدف فَقَط.
شدف: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الشُّدُوفُ الشُّخُوصُ، الْوَاحِد شَدَفٌ.
قَالَ الهُذلِيّ:
مُوَكَّلٌ بِشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها
من المَغَارِبِ مَخْطُوفُ الحَشازَرِمُ
قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: أَنه من مَخافَةِ الشُّخوص كأَنَّهُ مُوَكَّلٌ بِهَذَا الشّجر، يخافُ أَن يكون فِيهِ نَاس، وكلُّ مَا وَرَاءَك فَهُوَ مَغْرِبٌ، وَيُقَال: شَدِفَ الْفرس شَدَفاً، إِذا مَرِحَ، فَهُوَ شَدِفٌ أَشْدَفُ.
قَالَ العجاج:
بِذَاتِ لَوْثٍ أَوْ نُبَاجٍ أَشْدَفا
وَقَالَ الفَرّاء واللّحيانيّ: خرجنَا بِسُدْفَةٍ من اللَّيل، وشُدْفَةٍ، ويُفْتَحُ صُدُورُهما، وَهُوَ السّوَادُ الْبَاقِي.
قَالَ الْفراء: والسَّدَفُ، والشَّدَفُ: الظُّلْمَةُ.
وَقيل: فَرَسٌ أَشْدَف، وَهُوَ المايل فِي أحد شِقَّيه بَغياً ونَشاطاً.
وَقَالَ المرّار:
شُنْدُفٌ أَشدَفُ مَا وَرَّعْتَهُ
وَإِذا طُوطِيءَ طَيّار طِمِرْ
قَالَ: والشنْدُفُ مِثْلُ الأشْدَف، وَالنُّون زائِدَةٌ فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِلقِسِيّ الفارِسيَّة: شُدْفٌ، وَاحِدهَا شَدْفاء، وَهِي الْعَوْجَاء.
أَبُو عُبَيْدَة وَالْفراء: أسدَفَ اللّيْل، وأشدَف، إِذا أرْخَى سُتورَهُ وأظْلَم.
ش د ب
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهه: دبش.
دبش: قَالَ اللَّيْث: الدَّبْشُ القَشْرُ وَالْأكل، يُقَال: دُبِشت الأَرْض دَبشاً، أَي أُكِلَ مَا عَلَيْهَا من النَّبات.
وَقَالَ رؤبة فِي شينيته:
جاؤوا بأُخْراهُم على خُنْشوشِ
مِنْ مُهْوَئِنَ بالدَّبا مَدْبوشِ
ش د م
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهه: دمش. مدش.
مدش: يُقَال: مَا مَدَشْتُ مِنْهُ مَدْشاً ومُدُوشاً، وَمَا مَدشِني شَيْئا، وَمَا أمْدَشنِي، وَمَا مَدَّشتُهُ شَيْئا وَلَا مُدِّشتُ شَيْئا، أَي مَا أَعْطانِي وَلَا أَعْطَيته، وَهَذَا من نَوادِرٍ الْأَعْرَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: المَدَش: اسْتِرْخاءٌ ودِقَّةٌ فِي الْيَد، يُقَال: يَدٌ مَدْشاء، ونَاقَةٌ مَدْشَاءٌ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو: المَدْشَاءُ من النِّساء الَّتي لَا لَحْمَ على يَدَيْها.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المَدْش فِي الخَيْل هُوَ اصْطكاكُ بَواطِن الرُّصْغَين من شدّة الْفَدَع، والْفَدَعُ: الْتِوَاءُ الرُّصْغ من عُرْضِه

(11/223)


الْوَحْشِي.
ابْن شُمَيْل: يُقَال: إِنَّه لأمْدَش الأصابِع، وَهُوَ المُنتَشرُ الأشاجِع، الرّخْو الْقَبْضَة.
وَقَالَ غَيره: نَاقَةٌ مَدْشَاءُ الْيَدَين سَرِيعة أوْ بِهما فِي حُسْنِ سَير، وَأنْشد:
ونازِحَةِ الجُولَيْن خاشعَةُ الصُّوَى
قَطَعْتُ بِمَدْشَاءِ الذِّراعَيْن ساهِم
وَقَالَ آخر:
يَتْبَعْنَ مَدْشَاءَ الْيَديْنِ قُلْقُلا
دمش: قَالَ: والدَّمَشُ الهَيَجَانُ والثّوَارنُ من حرارةٍ، أَو شُرْبِ دواءٍ ثَارَ إِلَى رَأْسِهِ.
يُقَال: دَمِشَ دَمَشاً. قلت: وَهَذَا عِنْدِي دَخِيلٌ أُعْرِبَ وَلَيْسَ من مَحْض كَلَام الْعَرَب.

(أَبْوَاب) الشين وَالتَّاء)
ش ت ظ ش ت ذ ش ت ث
أهملت وجوهها.
ش ت ر
اسْتعْمل مِنْهَا: شتر، ترش، تشر.
شتر: قَالَ اللَّيْث: الشَّتْرُ انقلابٌ فِي جَفن الْعين قَلَّ مَا يكون خِلْقة، والشَّتْرُ مُخَفِّفٌ: فِعْلُك بهَا، والنَّعت أَشْتر وشتْراء، وَقد شَتِرَ يَشتَرُ شَتَراً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شَتَرَ قطعَ، وشَتِر انقطَعَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الشترُ انقلاب شُفْرِ الْعَين من أَسْفل وأَعلى ويَتَشَنَّجُ شُفْرهُ تَشنُّجاً.
قلت: والشفْر حرف الْعين.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: شَتَّرْتُ بِهِ تشتِيراً، سمَّعَتُ بِهِ تسميعاً، ونَدَّدْتُ بِهِ تنديداً، كلُّ هَذَا إِذا أسمعَه القبيحَ وشَتَمَه. قلت: وَهَكَذَا قَالَ ابْن الأعرابيّ وَأَبُو عَمْرو: شَتَّرت بِالتَّاءِ، وَكَانَ شمر أنكَرَ التَّاء، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شنُرْتُ بِالتَّاءِ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شنرْتُ بالنُّون، وَأنْشد:
وباتَتْ تُوَقِّي الزَّوُجَ وَهِي حَرِيصةٌ
عَلَيْهِ وَلَكِن تَتَّقِي أَنْ تُشَنَّرا
قلت: جَعَله شَمِرُ من الشَّنَار، وَهُوَ العيْب، وَالتَّاء عِنْدِي صَحِيح أَيْضا.
تشر: قَالَ اللَّيْث: تِشرين اسْم شهر من شهور الخريف بالرومية.
قلت: هما تِشْرِينان: الأول وَالثَّانِي وبعدهما الكانُونَان.
ترش: ابْن دُرَيْد: التَّرَشُ خِفَّةٌ ونَزَقٌ، تَرِشَ يَتْرَشُ تَرَشاً، فَهُوَ تَرِش وتارِشٌ.
قلت: الترشُ مُنْكر لم يروه غيرُه.
ش ت ل
مهمل.
ش ت ن
شتن، نتش: (مستعملان) .

(11/224)


شتن: قَالَ اللَّيْث: الشَّتْنُ النَّسْجُ، والشاتنُ والشَّتون الناسجُ.
يُقَال: شَتَنَ الشاتنُ الثَّوْب، أَي نسجه، وَهِي لُغَة هُذَليَّة، وَأنْشد:
نَسَجَتْ بهَا الزُّوَعَ الشَّتونَ سبائبَا
لمْ يَطْوِها كفُّ البِيَنْطِ المُجْفَلِ
قَالَ: والزُّوع العنكبوت، والمجفَل الْعَظِيم البطْن، والبِيَنْط الحائِك.
قلت: وَقَالَ ابْن الأعرابيُّ فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت كَمَا قَالَ اللَّيْث.
نتش: قَالَ اللَّيْث: النَّتْشُ إخراجُ الشوك بالمِنْتاش، وَهُوَ المنقاش الَّذِي يُنتَفُ بِهِ الشّعْر، والنَّتْشُ جَذْب اللَّحْم وَنَحْوه، قَرْصاً ونهشاً. وَيُقَال: أَنتش النباتُ وَهُوَ حِين يخرج رَأسه من الأَرْض قبل أَن يُعرَف، وأَنتشَ الحَبُّ، إِذا ابتلَّ فضرَبَ نَتَشَه فِي الأَرْض، بَعْدَمَا يبْدُو مِنْهُ أوَّل مَا يَنبُتُ من أَسْفَل وَفَوق، فَذَلِك النَّبَات النَّتَش.
قلت: الْعَرَب تَقول لِلْمِنقاش: مِنْتَاخٌ ومِنْتَاش.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: هُوَ يَكْدِشُ لِعياله، وينتِشُ ويعصِفُ ويصرِفُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأمويّ: مَا نتشّتُ مِنْهُ شَيْئا، أَي مَا أخذْت مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْفراء: النُّتَّاشُ النُّغّاش والعَيّارون، ونتشَه بالعصا نَتَشاتٍ.
ابْن شُميل، يُقَال: نَتَشَ الرجلُ بِرجلِهِ الحجرَ أَو الشَّيْء، إِذا دفعهُ بِرجلِهِ فنحَّاه نَتْشاً.
ش ت ف
فتش: قَالَ اللَّيْث: الفَتْشُ والتَّفتيش: طَلَبٌ فِي بحْثٍ.
وَقَالَ شمر: فتَّشْتُ شعرَ ذِي الرُّمَّة أطلُبُ بَيْتا.
ش ت ب
مهمل.
ش ت م
شمتَ، شتم، متش: (مستعملة) .
شتم: قَالَ اللَّيْث: شَتَمَ فلانٌ فلَانا شَتْماً. وأسَدٌ شَتِيمٌ، وحمارٌ شتيم، وَهُوَ الكريهُ الْوَجْه الْقَبِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّتْمُ: قبيحُ الْكَلَام، وَلَيْسَ فِيهِ قَذف، وَقَالَ: هُوَ يشْتِمُهُ ويَشْتُمُه، قَالَ: والمشتَمةُ والشَّتِيمَةُ: الشَّتْم.
وَأنْشد أَبُو عُبيد:
ليْسَت يمَشْتِمَةٍ تُعَدُّ وعَفْوُها
عَرَقُ السِّقاءِ على القَعُودِ اللاَّغِبِ
يَعْنِي: كلمة كرِهَها وإنْ لم تُعدّ شَتْماً؛ فإِنَّ العفْوَ عَنْهَا يَشتَدّ.

(11/225)


شمت: قَالَ اللَّيْث: الشماتَةُ: فرحُ العدُوِّ ببِليّة تنزل بِمن يُعاديه؛ وَالْفِعْل مِنْهَا شمِتَ يشْمَتُ شماتةً، وأشَمَتهُ الله بِكَذَا وَكَذَا؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن هَارُون أَنه قَالَ لِأَخِيهِ: {فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأَعْدَآءَ} (الْأَعْرَاف: 150) .
قَالَ الْفراء: هُوَ من أشمت، قَالَ: وحَدثني ابنُ عُيَيْنَة عَن رجلٍ عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ: (فَلَا تَشْمَت بِي الْأَعْدَاء) ، قَالَ الْفراء: وَلم نَسمعها من الْعَرَب.
فَقَالَ الكسائيّ: مَا أدْرِي لَعَلَّهُم أَرَادوا (فَلَا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاء) فَإِن تكن صَحِيحَة فلهَا نَظَائِر: العربُ تَقول: فَرِغْتُ وفَرَغْتُ، فَمن قَالَ: فَرِغْتُ قَالَ: أَفْرَغُ، وَمن قَالَ: فَرَغْتُ، قَالَ: أَفْرُغُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
فارْتاعَ من صَوْتِ كلاَّبٍ فَبَاتَ لَهُ
طَوْعَ الشَّوَامِتِ من خَوْفٍ وَمن صَرَدِ
قَالَ ابْن السّكيت: قَوْله: (طَوعُ الشَّوامِت) ، يَقُول: باتَ لَهُ مَا أَطاعَ شامِته من البرْد وَالْخَوْف، أَي بَات لَهُ مَا اشْتهَى شَوَامِتُه. قَالَ: وسُرُورها بِهِ: طَوْعُها، وَمن ذَلِك يُقَال: اللَّهُمَّ لَا تُطِيعَنَّ بِي شامِتاً، أَي لَا تفعل بِي مَا يُحبّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من رَفع (طوع) أَرَادَ: بَاتَ لَهُ مَا يُسِرُّ الشَّوامِت اللواتي شَمِتْن بِهِ. قَالَ: وَمن رَوَاهُ بالنَّصْب، أَرَادَ بالشَّوامت القوائِم، واسمُها الشَّوامت، الواحِدَةُ شَامِتة؛ يَقُول: فباتَ الثَّوْرُ طوعَ شَوامِته، أَي قوائمه، أَي بَات قَائِما.
روى أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة فِي تَفْسِيره نَحْواً مِنْهُ.
وَقَالَ: طَوْعُ الشَّوامِت، أَرَادَ بَات لَهُ مَا شَمِتَ بِهِ شماتة.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: شَمَّت العاطسَ وشَّمَته، إِذا دَعا لَهُ، وكل داعٍ لأحد بِخَير فَهُوَ مُشَمِّت لَهُ، قَالَ: والشِّين أَعلَى وَأفْشى فِي كَلَامهم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ابْن الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: الأَصْل فيهمَا السّين من السَّمْت، وَهُوَ الْقَصْدُ والهَدْي.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الاشْتِمَاتُ: أوَّلْ السِّمن، وأنشدنا:
أرَى إبلي بَعْدَ اشْتِمَاتٍ كأَنَّما
تُصِيتُ بِسَجْعٍ آخر اللَّيْلِ نِيبُهَا
قَالَ: وإبلٌ مشتَمِتة: إِذا كَانَت كَذَلِك.
وَيُقَال: خَرَج الْقَوْم فِي غزَاة فقفلوا شَماتَي، ومُتَشَمِّتين.
قَالَ: والتَّشَمّت: أَن يَرْجعوا خائبين لم يَغْنَموا.
وَقَالَ غَيره: كل دعاءٍ بِخَير فَهُوَ تَشْمِيتٌ، وَمِنْه تَشْميتُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة وعليّاً عَلَيْهِمَا السَّلَام حِين أدخلها عَلَيْهِ.

(11/226)


متش: قَالَ ابْن دُرَيْد: المَتْشُ: تَفريقُك الشّيءَ بأَصَابعك، تَقول: متشت أَخْلَافَ النَّاقة بأَصابِعِي، إِذا احتَلَبَتهَا حَلْباً ضَعِيفاً.
قَالَ: والْمَتْش: سُوءُ الْبَصَر، رَجُلٌ أَمْتَش، وَامْرَأَة متْشَاء.
وَقَالَ أَيْضا: تَمَشْتُ الشّيْءَ تَمْشاً، إِذا جَمَعْتَه.
قلت: وَهَذَا مُنْكَرٌ جدّاً.

(أَبْوَاب) الشين والظاء)
ش ظ ذ ش ظ ث
أهملت وجوهها.
ش ظ ر
شظر: قرأتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: شِظْرَةٌ من الْجَبَل وشَظِيّةٌ، وَقَالُوا: شِنْظِيةٌ وشِنْظِيرَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشِّنْظِيرُ: الْفَحَّاشُ السّيّىءُ الخُلُق، وَالنُّون زَائِدَة.
ش ظ ل
مهمل.
ش ظ ن
شنظ، نشظ: (مستعملان) .
شنظ: قَالَ اللَّيْث: الشِّنَاظُ من نَعْتِ الْمَرْأَة، وَهُوَ اكْتِنَاز لَحمهَا، وَشَنَاظِي الْجَبَل: أَطْرَافه وأَعاليه، الْوَاحِدَة شُنْظُوَةٌ.
وَقَالَ الطرماح:
فِي شَنَاظِي أُقَنٍ بَيْنَها
عُرَّةُ الطَّيْرِ كَصَوْم النَّعَام
وروى أَبُو تُرَاب، عَن مُصعب الضِّبَابِيّ: امْرَأَة شِنْظِيانٌ بِنْظِيَانٌ، إِذا كَانَت سَيِّئَةَ الْخلق صَخَّابَة.
نشظ: قَالَ اللَّيْث: النُّشوظُ نَباتُ الشَّيءِ من أُرومَتِهِ أول مَا يَبْدو حِين يَصْدَعُ الأَرْض نَحْو مَا يَخْرُج من أصُول الحَاج.
قَالَ: وَالْفِعْل مِنْهُ نَشَظَ، وأنْشَد:
لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا نُشُوظُ
قَالَ اللَّيْث: والنَّشْظُ اللَّسْعُ فِي سُرْعَةٍ واخْتِلاَس.
قلت: هَذَا تصْحِيفُ مُنكَر، وصوابُه التَّشْظُ بالتَّاء، وَقد مَرَّ تَفْسِيره فِي بَابه، يُقَال: نَشَظَتْه الأَفْعَى نَشْظاً.
ش ظ ف
اسْتعْمل من وُجوهه: (شظف) .
شظف: قَالَ اللَّيْث: الشَّظَفُ يُبْسُ الْعَيش، وأَنْشَد:
وراجِي لينَ تَغْلبَ عَن شَظَافٍ
كَمُثَّدِنِ الصَّفا كَيْما يَلِينَا
والشَّظِيفُ من الشّجر، وَهُوَ الَّذِي لم يَجِدْ رِيَّهُ فَخَشُنَ وصَلُبَ من غير أَن تَذْهَب نُدُوَّتُه، والفِعْل شَظُفَ يَشْظُفُ شَظَافَةً.
وَيُقَال: أَرْضٌ شَظِفَةٌ، إِذا كَانَت خَشِنَةً يابسة.

(11/227)


أَبُو عُبيد: الشَّظَفُ: الشِّدَّةُ.
وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
وأَصَبْتُ فِي شَظَفِ الأمورِ شِدَادَها
عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّظْفُ والْمَعْلُ أَنْ يُسَلَّ خُصْيَا الكَبْش سَلاًّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشِّظْفَةُ والنِّحاشة مَا احْتَرَقَ من الخُبْز، والشَّظْفُ شِقَّةُ الْعَصا، وَأنْشد:
كَبْداءُ مِثْلُ الشَّظْفِ أَوْ شَرُّ العِصِي
ش ظ ب
مهمَل.
ش ظ م
شظم، شمظ، مشظ.
شظم: أَبُو عبيد وَغَيره: الشَّظْمُ والشَّيْظَمَةُ الطَّويل، والطّويل من الْخَيل.
وَقَالَ عنترة:
من بَين شَيْظَمَةٍ وأَجْرَدَ شَيْظمِ
وَرجل شَيْظَمٌ وشَيْظَميٌّ من رجال شَياظِمة، وَقيل: الشيْظَمُ من الرِّجَال: الطَّلْقُ الْوَجْه الهش، الَّذِي لَا انْقِباض فِيهِ.
مشظ: قَالَ اللَّيْث: الْمَشظُ: أَن يَمَس الشوْكَ أَو الْجِذْعَ فَيدْخل مِنْه فِي يَده، يُقَال: مَشظَت يَده تَمْشُظ مَشظاً.
وَقَالَ ابنُ السّكيت نحوَه، وأَنشدَ قَول سُحَيم بنُ وَثِيل:
وإنَّ قَناتَنَا مَشِظٌ شَظَاهَا
شَدِيدٌ مَدُّهَا عُنُقَ الْقَرينِ
وَقَالَ جرير:
مِشاظُ قَناةٍ دَرْؤُهَا لَمْ يُقَوَّمِ
وَكَانَ شمر يَقُول: مَشَظَتْ يَدُه، بالظَّاء، وينكر مَشِظَتْ، وهما عِنْدِي لُغَتَانِ رَوَاهُمَا أَبُو الْهَيْثَم وَغَيره. وَرَوَاهُ المِسْعَريُّ، عَن أبي عُبيد. بِالطَّاءِ: وَيُقَال: شظَاة مَشِظَّةٌ، إِذا كَانَت حَديدة صُلْبة، تُمْشظُ بهَا يدُ من تنَاولهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وكَلّ فَتَى أَخِي هَيْجَا شُجاعٍ
على خَيْفَانَةٍ مَشِظٍ شَظَاها
شمظ: شَمْظَة: اسْم مَوْضع فِي شِعْرِ حُميد ابْن ثَوْر:
كَمَا انْقَبَضَتْ كَدْرَاء تَسْفِي فِراخَها
بشمْظَةَ رِفْهاً والْمِياهُ شُعوبُ
وَقَالَ ابْن دُريد: الشمْظُ: الْمَنْع، شَمَظْتُه من كَذَا، أَي مَنَعْتُه.
وَأنْشد:
سَتَشمَظُكُمْ من بَطْنِ وَجَ سُيوفُنا
ويُصْبحُ مِنْكُم بَطْنُ جِلْذَان مُقْفِرَا

(أَبْوَاب) الشين والذال)
ش ذ ث
مهمل.

(11/228)


ش ذ ر
اسْتعْمل مِنْهُ: شذر.
شذر: قَالَ اللَّيْث: الشَّذْرُ: قِطَعٌ من ذَهَبٍ، الْوَاحِدَة شَذْرَةٌ، تُلْقَطُ من الْمَعْدن من غير إذَابَة الحِجَارة، وَمِمَّا يُصاغُ من الذّهب فرائد يْفَصَّل بهَا اللُّؤلؤ والجَوْهر.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّذْرُ: خَرَزٌ يُفَصَّلُ بِهِ النّظم، وَأنْشد:
شَذْرَةَ وَادٍ ورَأَيْتُ الزُّهَرَهْ
وَقَالَ شمر: الشَّذْرُ هَناتٌ كَأَنَّهَا رُؤُوس النَّمْل من الذّهب، يُجْعَلُ فِي الخَوْق.
وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ سُلَيْمَان بن صُرَد قَالَ: بَلغنِي عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ: (ذَرْوٌ من قَوْلٍ تَشَذّرَ لِي بِهِ من شتْمٍ وإيعاد) .
قَالَ أَبُو عُبيد: والتَّشَذُّرُ التَّوَعُّدُ والتّهَدُّد.
وَقَالَ لبيد:
غُلْبٌ تَشَذّرُ بالذُّحُل كأَنَّها
جِنُّ البَدِيِّ رَواسِياً أَقْدامُها
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: تَشَذَّرَ فلانٌ وتَقَتَّرَ، إِذا تَشَمَّر وتَهَيَّأَ للحملة، وَقَالَ: شَذّرَ بِهِ، وشَتَّر بِهِ، إِذا سَمَّع بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التّشذُّر، من النشاط والتَّسَرُّع إِلَى الْأَمر.
يُقَال: للْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا تَصَاوَلُوا: تَشَذّرُوا، وتَشذّرَت النَّاقة، إِذا رَأَتْ رِعْياً يَسرُّها فحركت رَأسهَا مَرَحاً وفَرَحاً.
وَقَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ الكسائيّ: التَّشَذُّرُ بِالثَّوْبِ: هُوَ الاسْتِثْفَارُ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ العدبَّسُ الكِنَانيّ: الشّوْذَرُ: الإتْبُ.
وَأنْشد:
مْنْفَرِجٌ عَن جانبَيْه الشَّوْذَرُ
وَقَالَ الْفراء: الشَّوْذَرُ: هُوَ الَّذِي تلبسه الْمَرْأَة تَحت ثَوبها.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْذَرُ: ثوب تَخَبَّأُ بِهِ المرأةُ وَالْجَارِيَة إِلَى طرف عَضُدِها.
ش ذ ل ش ذ ن ش ذ ف
أهملت وجوهها.
ش ذ ب
اسْتعْمل من وجوهها: شذب.
شذب: أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعيّ، قَالَ: الشَّذَبُ: قِطَعُ السَّجَر، الْوَاحِدَة شَذَبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَبُ: قِشْرُ الشَّجر، والشذْبُ: المَصْدَر، وَالْفِعْل يَشذِبُ، وَهُوَ القطعُ من الشّجر. وكل شَيْء من نُحِّيَ عَن شَيْء، فقد شُذِبَ عَنهُ.
نَشذِبُ عَن خِنْدِفَ حتّى تَرضَى
أَي تَدْفع العِدا.
وَقَالَ رُؤبة:
يَشذِبُ أُولاهُنَّ عَن ذاتِ النَّهَقْ
أَي يَطْرُدْ.

(11/229)


قَالَ: والشذَبُ: متاعُ الْبَيْت من القُماش وَغَيره.
والشوْذَب: الطَّوِيل النّجِيب من كلِّ شَيْء، وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ أطولَ من المربرع، وأقْصرَ من المُشذَّب.
قَالَ أَبُو عبيد: المشذَّبُ: المُفْرِطُ فِي الطُّول، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كل شيءُ.
قَالَ جرير:
أَلْوى بهَا شَذِبُ الْعُروق مُشذّبٌ
فَكَأَنَّمَا وكَنَتْ على طِرْبَالِ
وَقَالَ شمر: شَذَبْتُهُ أَشذِبُهُ شذْباً، وشلَلْته شلاّ، وشذَّبْته تَشذِيباً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بُرَيْقٌ الْهُذَليّ:
يُشذِّبُ بالسَّيْفِ أَقْرانَهُ
إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمّةِ الْغَيْلَمُ
والشذَبُ: الْقُشورُ والْعِيدان المُتَفَرِّقة.
ش ذ م
اسْتعْمل مِنْهُ: شمذ، شذم.
شذم: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للنّاقة الْفَتِيّة السَّريعة: شملَّةٌ وشملاَلٌ: وشيْذُمانَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْمُذَان والشَّيْذُمَان من أَسمَاء الذّئب.
وَقَالَ الطِّرماح:
عَلَى حَوْلاَءَ يَطْفُو السُّخْدُ فِيهَا
فَراهَا الشَّيْذمانُ عَن الْخَبِير
شمذ: قَالَ اللَّيْث: الشَّمْذُ رَفْعُ الذّنَب، نُوق شَوامِذ، والعَقْربُ شَامِذٌ أَيْضا.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف نَاقَة:
على كلِّ صَهْبَاءً الْعَثَانين شامِذٍ
جُمَالِيّةٍ فِي رَأسهَا شطْنانِ
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للنّخيل إِذا أُبِّرَتْ: قد شمذَتْ، وَهِي نَخيل شوامِذ.
وَقَالَ لبيد:
غُلْبٌ شَوامِذُ لم يَدْخُلْ بهَا الحَصْرَ
وَقَالَ شمر: يُقَال: شَمِّرْ إزَارَكَ، أَي ارْفَعْه، وَرجل شَمذَانٌ، يرفع إزَارَهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ.

(أَبْوَاب) الشين والثاء)
ش ث ر
اسْتعْمل من وجوهه: شرث.
شرث: قَالَ اللَّيْث: الشَّرَثُ غِلَظُ ظَهر الكَفّ من بَرْدِ الشتَاء؛ وَقد شَرِثَتْ يَدُه تشرَث.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَيْفٌ شَرِثٌ. وَقَالَ طَلْقُ بنُ عَديّ فِي رجل طَرد نعَامَة على فَرسه:
يَحْلِفُ لَا تَسْبِقه فَمَا حَنثْ
حَتَّى تَلافاها بمَطْرُورٍ شَرِثْ
أَي بِسِنَانٍ مَطْرورٍ، أَي حَدِيد.
ابْن الأعرابيّ: الشرِثُ الْمُخْلِقُ من كلِّ شَيْء.

(11/230)


ش ث ل
شثل: ابْن السّكيت: الشثْلُ لغةٌ فِي الشثْن وَقد شثَل شثُولَةً.
ش ث ن
شثن: قَالَ ابْن السّكيت: وشثَنَ شثُونَةً، إِذا غَلُظَ. أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: رجل مَكْبُونُ الأصَابع، مثل الشثْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشثْن: الرّجُلُ الَّذِي فِي أَنامِله غِلَظٌ، وَالْفِعْل شثُنَ، وشثِنَ شَثَناً وشثُونَةً.
قلت: وَفِيه لُغَة ثَالِثَة: شنِثَ شنَثاً، فَهُوَ شنِثٌ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: إِذا أكل الْبَعِير الشوك فَغَلُظَت مَشافِره، قيل: شَنِثتْ مَشافِرُه، فَهُوَ شنِثٌ.
ش ث ف
مهمل.
ش ث ب
شبث، ثبش: (مستعملان) .
ثبش: ثُباش من أَسماء الْعَرَب مَعْروف، وَكَأَنَّهُ مَقْلوب شُبَاث.
شبث: وَقَالَ أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشبَثُ: دُوَيْبَةٌ كَثِيرَة الأرجل عَظِيمَة الرَّأْس، وجَمعه شِبْثانٌ، وَأنْشد غَيره:
مَشارِبُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشبَثُ: الْعَنْكَبُوتُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ ذُوَيْبَّةٌ تكون فِي الأَرْض، تُخَرِّب الأَرْض وَتَكون عِنْد النُّدُوَّةِ، والجميع الشِّبْثانُ.
قَالَ: والتّشَبُّثُ: اللُّزومُ وشدّة الأَخْذِ، ورجُلٌ شُبَثَةٌ ضُبَثَةٌ، وَإِذا كَانَ ملازماً لِقِرْنِه لَا يُفَارِقه.
قلت: وأمّا البَقْلَةُ الَّتِي يُقَال لَهَا الشِّبِثُ فمُعرْبة، ورَأَيْتُ البَحْرانِيِّين يُسمونها سِبِثٌ بالسِّينِ، والتَّاء، قلبوا الشين سِيناً والذّالَ تَاء، وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ يُقَال لَهَا شوِذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة.

(أَبْوَاب) الشين والرّاء)
ش ر ل
مهمل.
ش ر ن
شنر، شرن، نشر، رشن.
نشر: قَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} (الْبَقَرَة: 259) ، قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس (نُنشِرُها) ، وَقَرَأَ الْحسن: (نَنْشرُها) .
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنشرَ اللَّهُ الميِّتَ ونَشرَهُ، فنشر الميِّتُ لَا غير.
وَقَالَ الْفراء: من قَرَأَهَا (كَيفَ نُنشْرُها) بِضَم النُّون، فإنشارها إحْياؤُها. واحْتَجَّ

(11/231)


ابْن عَبَّاس بقوله: {فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَآءَ} (عبس: 22) .
قَالَ: وَمن قَرَأَهَا (نَنْشرها) فكأَنه يَذْهَب إِلَى النشرِ والطّيّ، وَالْوَجْه أَن يُقَال: أنشرَ اللَّهُ الموْتى فنَشروا هم إِذا حَيُوا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
حَتَّى يَقولَ النّاس مَا رَأَوْا
يَا عَجَباً لِلميِّت النّاشرِ
قَالَ: وسمِعْت بعضَ بني الْحَارِث يَقُول: كانَ بِهِ جَرَبٌ فنُشر، إِذا عادَ وحَيِيَ.
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: نَشَرَهُمُ الله أَي، بَعَثهم، كَمَا قَالَ الله: {رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ} (الْملك: 15) . وَقَالَ جلّ وعزَّ: {وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} (الْأَعْرَاف: 57) وقرىء (نُشُراً) و (نُشْراً) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: من قَرَأَ (نَشْراً) فَمَعْنَاه إحْياء بنشر السَّحاب الَّذِي فِيهِ حَياةُ كلِّ شَيْء، وَمن قَرَأَ: (نُشْراً) و (نُشُراً) ، فَهُوَ جمع نَشور، مثل: رَسُول، ورُسُل ورُسْل.
وَقَالَ فِي قَوْله: {عَصْفاً والنَّاشِرَاتِ نَشْراً} (المرسلات: 3) هِيَ الرِّياح تَأْتِي بالمَطَر.
الحَرانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت: النَّشْرُ أَن يَخْرُجَ النَّبْتُ يُبْطِيءُ عَنهُ الْمَطَر فيَيْبَس ثمَّ يُصِيبُه مطرٌ بعدَ الْيُبْس، فينْبُت، وَهُوَ ردِيء للغَنم وَالْإِبِل فِي أول مَا يَظْهر.
قَالَ: مصدر نَشرْتُ الثوبَ أَنْشُرُه نَشْراً، ومصدر نَشَرْتُ الخَشَبَةَ بالمنْشار أنشرُها نَشْراً، والنّشْرَ: أَنْ تَنْتَشرَ الغَنمُ باللَّيل فَتَرْعَى.
وَأَخْبرنِي المنذريّ: عَن أبي الْهَيْثَم، عَن نُصَير الرَّازِيّ، قَالَ: النّشرُ: أَن تَرْعَى الْإِبِل بَقْلاً قد أَصابه صَيْفُ، وَهُوَ يَضُرُّها.
وَيُقَال: اتّقِ على إبِلِك النَّشْر. وَيُقَال: أصابَها النَّشَر، أَي دَوِيَتْ عَن النَّشر.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: النَّشْرُ: الرِّيح.
وَقَالَ اللَّيْث: النّشْرُ نَشرُ الرِّيح الطّيبة. وَفِي الحَدِيث: خَرَجَ مُعَاوِيَة ونَشْرُه أمامَه، يَعْنِي رِيحَ المِسْك.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: النَّشْرُ: ريحُ فَمِ الْمَرْأَة وأَنْفِها وأَعْطافها بعد النّوم، وَأنْشد غَيره:
ورَيحَ الْخُزَامَى ونَشْرَ الْقُطُرْ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشْرُ: الْكَلأُ يَهيجُ أَعْلاه، وأَسْفَله نَدٍ أَخْضَر، تَدْوَى مِنْهُ الإبِلُ إذَا رَعَتْه، وَأنْشد:
وَفِينَا وَإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضَاغُنٌ
كَمَا طَرَّ أَوْبَارُ الجِرابِ على النَّشِر
قلت: وَقَالَ غَيره: النَّشْرُ فِي هَذَا الْبَيْت نَشْر الجَرَبِ بعد خَفَائِهِ ونَبَاتِ الْوَبَرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّواب.
يُقَال: نشَرَ الجَرَبُ يَنْشُرُ نَشْراً ونُشُوراً، إِذا حَيِيَ بَعد ذَهابِه.
وَيُقَال: جاءَ الجيشُ نَشَراً، أَي مُتَفَرِّقِين.

(11/232)


وضَمَّ اللَّهُ نَشَرَكَ، أَي مَا انْتَشَر من أَمْرِك كَقَوْلِهِم: لَمَّ اللَّهُ شَعَثَك.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: نَشَرُ الماءِ: مَا تَطاير مِنْهُ عِنْد الوُضوء. وَسَأَلَ رجلٌ الْحسن عَن انْتِضَاحِ الماءِ فِي إنَائِه إِذا تَوَضَّأَ، فَقَالَ: وَيْلَكَ أَتَمْلِكُ نَشَرَ الْماء، يَعْنِي مَا يَنْتَشرُ مِنْهُ، كلُّ هَذَا مُحَرَّك الشين مثلُ نَشَرِ الْغَنَمِ وانْتَشَرَ ذَكَرُه إِذا قَامَ، وانتشار عَصَبِ الدَّابَّةِ فِي يدِه: أَنْ يُصِيبَه عَنَتٌ فَيَزُولَ الْعَصَبُ عَن مَوْضعه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الانتِشَار: انْتِفَاخٌ فِي العصب للإِتْعاب.
قَالَ: والعَصَبَةُ الَّتِي تَنْتَشِرُ هِيَ العُجَابَة. قَالَ: وتَحَرُّكُ الشَّظَى كانْتِشَارِ الْعَصَب غير أنَّ الْفرس لانْتِشَارِ العَصَب أشَدُّ احْتمالاً مِنْهُ لتحريك الشَّظى.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمرو والأصمعيّ: النَّواشِرُ والرَّوَاهِسُ: عُروق باطِنِ الذِّراع.
وَقَالَ زُهَيْر:
مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعربيّ: امْرَأَة مَنْشُورَةٌ ومَشْبورَةٌ، إِذا كَانَت سَخِيَّةً كَريمة.
قَالَ: وَمن المنشُورَة قَوْله: (نشراً بَين يَدي رَحمته) (الْأَعْرَاف: 57) . أَي سخاء وكرامة.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّشْرَةُ: عِلاجُ رُقْيَةٍ يُعالج بهَا المَجْنُون، يُنَشَّرُ بهَا عَنهُ تَنشِيراً، ورُبَّما قَالُوا للْإنْسَان المهزول الْهَالِك، كأنَّهُ نُشْرَة، والتّناشِيرُ: كتابَةَ الغِلمان فِي الكُتّاب، والمنْشُور من كُتُب السُّلْطَان: مَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُوم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: النَّشْرُ نَبَاتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بعد مَا يَبْرَأُ. والنَّشْرُ: نَفَيانُ الطّهُور. والنَّشْرُ: الحيَاة. والنَّشْرُ: الرِّيجُ الطّيَّبَةُ.
شرن: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّرْنُ: الشَّقُّ فِي الصَّخْرَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي الصَّخْرَة شَرْمٌ وشَرْنٌ وثَتٌّ وفَتٌّ وشِيقٌ وشِرْيَانُ، وَقد شَرِنَ وشَرِمَ، إِذا انْشَقّ.
شنر: أَبُو عُبيد: الشَّنَارُ: العارُ والعَيْب.
اللَّيْث: رجل شِرِّيرٌ شِنِّيرٌ، إِذا كَانَ كثِيرَ الشَرِّ والْعُيُوبِ، وشَنَّرْتُ بالرَّجل تَشْنِيراً، إِذا سَمَّعْتَ بِهِ وفَضَحْتَه.
وَقَالَ شَمِر: الشَّنَارُ: الأَمْرُ الْمَشْهُور بالقُبْح والشُّنْعَةِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّمْرَةُ: مِشْيَةُ الْعَيَّار، والشَّنْرَةُ: مِشْيَةُ الرَّجل الصَّالح المشَمِّر.
وَقَالَ اللّحيانيّ: رَجُلٌ شِنِّيرٌ: شِرِّير.
رشن: أَبُو زَيْد: رَشَنَ الرَّجُل يَرْشُنُ رُشُوناً فَهُوَ راشِنٌ، وَهُوَ الَّذِي يَتَعَهَّدُ مواقِيتَ

(11/233)


طعامِ الْنَوم فيَغتَرُّهُم اغْتِراراً، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الطّفَيْليّ.
وَيُقَال للكلب إِذا وَلَغَ فِي الإِناء: قَدْ رَشَنَ رُشُوناً، وَأنْشد:
لَيْسَ بِقَصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ
عِنْد البُيُوتِ راسِنٍ مِقَمِّ
عَمْرو عَن أَبِيه: الرَّفيفُ: الرَّوْشَنُ، قلت: هُوَ الرَّفُّ.
ش ر ف
شرف، شفر، رشف، رفش، فرش: مستعملة.
شرف: رُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا ذِئْبَان عَادِيَان أَصَابَا فَرِيقَةَ غَنَمٍ بأَفْسَدَ فِيها من حُبِّ المَرءِ الْمالَ والشَّرَفَ لدِينِه) ، يُرِيد أنَّه يَتَشَرَّفُ فيجمعُ المَال لُيبارِيَ بِه ذَوي الأَمْوال وَلَا يُبَالي أَجَمَعَهُ من حَلالٍ أَوْ حرَام.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشّرَفُ والمَجْدُ لَا يكونَانِ إِلَّا بِالْآبَاءِ، يُقَال: رَجُلٌ شَريف، وَرجل ماجِدٌ: لَهُ آبَاء مُتَقَدِّمون فِي الشَّرف.
قَالَ: والْحَسَبُ والكَرَم يكونَانِ فِي الرَّجل وإنْ لم يكن لَهُ آبَاء لَهُم شَرَف.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّرَفُ مصدرُ الشَّريف من النّاس، وَالْفِعْل شَرُفَ يَشْرفُ، وقَوْمٌ أشْراف، مثل شَهِيد وأَشْهاد ونَصير وأَنْصَار. وشَرَفُ الْبَعير: سَنَامُه. وَقَالَ الشَّاعِر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مجدُولُ
والشَّرَفُ: مَا أَشْرَفَ من الأَرْض. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الْعُمَرِيّةُ ثِيابٌ مصْبُوغَةٌ بالشرَفِ، وَهُوَ طِينٌ أَحْمر، وثَوْبٌ مُشرَّفٌ: مَصْبوغٌ بالشرَفِ.
أَلاَ لَا تَغُرَّنَّ أمْراً عُمَرِيةٌ
عَلَى غَمْلَجٍ طَالَتْ وَتَمَّ قَوَامُها
قَالَ: وَيُقَال: شَرْفٌ وشَرَفٌ، لِلمغَرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشرَفُ: شَجرٌ لَهُ صِبْغٌ أَحْمر يُقَال لَهُ الدَّارْبَرْنَيان.
قلت: والقولُ مَا قالَ ابنُ الأعرابيّ فِي تَفْسير الشرَف.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمشرَفُ: المكانُ الَّذِي تُشرِفُ عَلَيْهِ وتَعْلُوه، قَالَ: ومَشارِفُ الأَرْض: أعالِيها، وَلذَلِك قيل: مَشَارِفُ الشَّام.
أَبُو عبيد، عَن الأصْمعيّ: السُّيوفُ الْمشرَفيّةُ، منسوبةٌ إِلَى مشارِف، وَهِي قُرى من أَرْض العَرب تَدْنو من الرِّيف.
وَقَالَ اللَّيث: الشُّرْفَة: الَّتِي تُشرَّفُ بهَا القُصُور وَجَمعهَا شُرَف. والشرَفُ: الإشفاءَ على حَظَرٍ من خَيْرٍ أَو شرِّ، يُقَال هُوَ عَلَى شَرَفٍ من كَذا، وأَشرَفَ المريضُ وأَشفَى على الموْت. وَيُقَال: سارُوا إِلَيْهِم حَتَّى شَارَفُوهُم، أَي أَشرَفوا عَلَيْهِم.

(11/234)


أَبُو عبيد: عَن الْفراء: أَشرَفْتُ الشيءَ: عَلَوْتُه. وأَشرَفْتُ على الشَّيْء، إِذا طّلَعْتَ عَلَيْهِ من فَوْقِه. وَيُقَال: مَا يُشرِفُ لَهُ شَيءٌ إلاَّ أَخَذَه. وَمَا يُطِفُّ لَهُ شَيْءٌ. وَمَا يُوهِفُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخَذَه.
وَفِي حَدِيث عليّ: (أُمِرْنَا فِي الأضَاحي أَن نَسْتَشْرِفَ العينَ والأذُن) .
أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ: اسْتَشْرَفْتُ الشَّيءَ، واسْتَكْفَفتُه، كِلَاهُمَا أَن تَضَعَ يدَك على حاجبك كَالَّذي يَسْتَظِلّ من الشَّمْس حَتَّى يَستبينَ الشَّيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: اسْتَشْرَفْتُ إبِلَهُم، إِذا تَعَيَّنْتَها لتُصيبَها بِالْعينِ. وَمعنى قَوْله: (أُمِرنَا أَن نَسْتَشرَف الْعين وَالْأُذن) ، أَي نتأمَّل سلامَتَهُما من آفةٍ بهما، وآفةُ الْعين عَوَرُها. وآفَةُ الْأذن قَطْعها، فَإِذا سَلمت الأضْحِيةُ من العَوَرِ فِي الْعين والجَدْعَ فِي الأُذُن. جازَ أَن يُضَحَّى بهَا. وَإِذا كَانَت عَوْراءَ أَو جَدْعَاءَ أَو مُقَابَلَةً أَو مُدَابرَةً. أَو خَرْفَاء أَوْ شَرْفَاء: لَم يُضَحَّ بهَا.
وَقيل: اسْتِشراف الْعين وَالْأُذن: أَن تَطْلَبهُما شريفتين بالتمامِ والسّلامة.
وَقَالَ اللَّيْث: اسْتَشرَفتُ الشيءَ، إِذا رَفَعْتَ رأسَكَ تَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ: ونَاقَةٌ شُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأذُنين جَسِيمة، وأذنٌ شَرْفَاءُ، طَويلَةُ الْقُوفِ. وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ الْمنتَصِبَةُ فِي طُولٍ. قَالَ: والشارِفُ: النَّاقَةُ الَّتِي قد أَسَنَّت وقَدْ شرَفتْ تَشرُفُ شُروفاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّارِفُ: النَّاقَةُ الْهِمَّة، والجميعُ شُرُفٌ وشَوَارِف، وَلَا يُقَال للْجَمَل شَارِف، وَأنْشد اللَّيْث:
نجاةٌ من الهَوج المرَاسِيلِ هِمَةٌ
كُميْتٌ عَلَيْهَا كَبْرَةٌ فَهي شَارِفُ
قَالَ: وَسَهْم شَارف يُقَال: هُوَ الدَّقيق الطّويل. وَيُقَال: هُوَ الَّذِي طالَ عهدُه بالصِّيانَةِ، وانتَكَثَ عَقبُهُ وَرِيشهُ.
قَالَ أَوْس:
يُقلِّبُ سهْماً رَاشَهُ بمَنَاكِبٍ
ظُهَارٍ لُؤامٍ فَهُوَ أَعْجَفُ شارِفُ
ومَنْكِبٌ أشْرَفٌ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ ارْتفاع حَسَنٌ، وَهُوَ نقيض الأهْداء، وقصْرٌ مُشَرَّفٌ: مُطَوَّل، والمَشْرُوفُ من النَّاس، الَّذِي قد شُرِّفَ عَلَيْهِ غَيره، يُقَال: شَرَف فلانٌ فلَانا، إِذا فاقَهُ، فَهُوَ مَشْرُوفٌ، والفائِقُ: شَرِيفُ.
وشُرَيْفٌ: أَطْولُ جَبَلٍ فِي بلادِ الْعَرَب، وشَرَفٌ: جَبَلٌ آخرِ بِحِذَائِه، وشُرَافٌ: ماءٌ لبني أسَد.
الحرَانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشَّرَفُ: كَبِدُ نَجْد، وَكَانَت منازِلَ الملوكِ من بني آكل الْمُرار، وفيهَا حِمَى ضَرِيَّة، وضَرِيَّةٌ: بئْرٌ. وَفِي الشَّرَفِ الرَّبَذَةُ، وَهِي الحِمَى الأيْمَن، والشُّرَيْفُ إِلَى جَنْبِه، يَفْرقُ بَين

(11/235)


الشَّرَفِ والشُّرَيْفِ وادٍ يُقَال لَهُ التَّسْرِير، فَمَا كَانَ مُشَرِّقاً فَهُوَ الشُّرَيْفُ وَمَا كَانَ مُغَرِّباً. فَهُوَ الشَّرَفُ.
قلت: وصِفَةُ الشَّرَفِ، والشُّرَيْف على مَا فَسَّرَه يَعْقُوب.
وَقَالَ شَمِر: الشَّرَفُ: كلُّ نَشَزٍ من الأرْض قد أَشْرَفَ على مَا حَوْله قادَ أَوْ لَمْ يَقُدْ وسواءٌ كَانَ رَمْلاً أَوْ جَبَلاً، وَإِنَّمَا يَطُولُ نَحوا من عَشرة أذْرَع أَو خمس، قَلَّ عَرْضُ ظَهْرِه أوْ كَثُر.
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَشْرَفَتْ علينا نَفْسُه، وَهُوَ مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِق، والأَشْرَافُ: الشَّفَقَة، وأنْشَدَ:
ومِنْ مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أنْفُسٍ
علينا وحَيَّاها إلَيْنا تَمَضُّرَا
الأصمعيّ: شُرْفَةُ المَال: خِيارُه، والجميع الشُّرَف. وَيُقَال: إِنِّي أَعُدُّ إتْيانَكُمْ شَرْفَة، أَي فَضْلاً وشَرَفاً أَتَشَرَّفُ بِه، وأَشْرافُ الإنْسان أُذُنَاه وأَنْفُه.
وَقَالَ عَدِيُّ:
كَقَصِيرٍ إذْ لَمْ يَجِدْ غَير أنْ جَدّ
عَ أَشْرَافَهُ لمكْرٍ قَصِيرُ
والشَّرَفُ من الأرْض: مَا أَشْرَفَ لَك. يُقَال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فَمَا زِلْتُ أرْكُضُ حَتَّى عَلَوْتُه.
وَقَالَ الهُذَلِيّ:
إِذا مَا اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وَوَاكَظَ أوْشَكَ مِنْهُ اقْتِرَابا
والشُّرَافِيُّ: لونٌ من الثِّياب أَبْيَض.
قَالَ: والشِّرْنَافُ: عَصْفُ الزَّرْعِ العَريض، يُقَال: قد شَرْنَفُوا زَرْعَهُمْ، إِذا جَزُّوا عَصْفَه.
قلت: لَا أدْرِي، هُوَ شَرْنَفُوا زَرْعَهُم بالنُّون أوْ شَرْيَفُوا بِالْيَاءِ، وأَكْبَرْ ظَنِّي أَنه بالنُّون لَا بِالْيَاءِ.
فرش: ثَعْلَب، عَن ابنِ الأعْرابيّ: فَرَشْتُ زَيداً بِسَاطاً، وأَفْرَشْتُه وفَرَّشْتُه، إِذا بَسَطْتَ لَهُ بِسَاطاً فِي ضِيَافَتِه، وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيْتَه فَرَشاً من الْإِبِل صغَارًا أَو كِبَاراً.
وَقَالَ اللَّيْث الْفَرْشُ مَصْدَرُ فَرَشَ يَفْرُشُ، وَهُوَ بَسْطُ الفِراش، والْفَرْشُ: الزَّرْعُ الَّذِي بثَلاث وَرَقات أوْ أَكثر، وَيُقَال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً، إِذا جَعَلَ يُرَفْرِفُ على الشَّيْء، وَهِي الشَّرْشَرَةُ والرَّفْرَفَةُ. وَيُقَال: ضَرَبَهُ فَمَا أَفْرَشَ عَنهُ حَتَّى مَاتَ، أَي مَا أَقْلَعَ عَنهُ، ونَاقَةٌ مَفْرُوشَةُ الرِّجْل، إِذا كَانَ فِيهَا انْئِطَارٌ وانْحِنَاءٌ، وأَنشد:
مَفْرُوشَةُ الرِّجْلِ فَرْشاً لَمْ يَكُنْ عَقَلاَ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْفَرْشُ مَدْحٌ، والعَقْلُ ذَمٌّ، والفَرْشُ اتّساعٌ فِي رِجْلِ البَعير، فَإِن كَثُرَ فَهُوَ عَقَل.
اللَّيْث: فَرَشْتُ فُلاناً، أَيْ فَرَشْتُ لَهُ، وَيُقَال: فَرشْتُهُ أَمْرِي، أَي بَسَطْتُه كُلَّه،

(11/236)


وافْتَرش فلانٌ تُراباً أَو ثوبا تَحْتَهُ، وافْتَرَشَ فلانٌ لسانَه يَتَكَلَّمْ كَيفَ مَا يَشَاء.
ورُوِي عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه نَهَى فِي الصَّلاةِ عَن افتِراشِ السَّبُع، وَهُوَ أَن يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ وَلَا يُقِلَّهما عَن الأَرْض، مُخَوِّياً إِذا سَجَدَ، كَمَا يَفْتَرِشُ الكَلبُ ذِرَاعَيه) والذِّئبُ مثله إِذا رَبَضَ عَلَيْهِمَا ومَدَّهما على الأرْض. قَالَ الشَّاعِر:
تَرَى السِّرْحَانَ مْفْتَرِشاً يَدَيْهِ
كأَنَّ بَيَاضَ لَبَّتِهِ الصَّديعُ
وَيُقَال: لَقِيَ فلانٌ فلَانا فافتَرَشَهُ، إِذا صَرَعَه، والأرْضُ فِراشُ الْأَنَام.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَرَشَ فلانٌ دارَه، إِذا بَلَّطَها باجُرَ أَوْ صَفِيح. وفِراشُ اللِّسان اللحْمة الَّتي تَحْتَها، وفِراشُ الرَّأْسِ: طرائق رِقَاقٌ من القَحْفِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: المُنَقِّلَةُ من الشّجاج هِيَ الَّتي يَخْرج مِنْهَا فَراشُ العِظَام، وَهِي قِشْرَةٌ تكونُ على العَظمِ دون اللَّحْم.
وَقَالَ النَّابِغَة:
ويَتْبَعُهَا مِنْهُم فَرَاشُ الحَواجِبِ
وَقَالَ اللَّيْث: فَرَاشُ القَاعِ والطِّين مَا يَبِسَ بعد نُضُوب الماءِ من الطِّين على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الفراشُ أقلُّ من الضَّحْضَاح.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطَافُه
فَراشاً وأَنّ البَقْلَ ذَاوٍ ويَابِسُ
وَقَالَ الزَّجاح فِي قَوْله الله: {) الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ} (القارعة: 4) : الفَراشُ: مَا ترَاهُ كصغار الْبَقّ، يَتَهافَتُ فِي النَّار، شَبَّه الله تبَارك وَتَعَالَى النَّاس يَوْم البَعث بالْجَرادِ المنْتَشر، وبالفَراشِ المبْثُوث؛ لأَنهم إِذا بُعِثُوا يَمُوجُ بَعضهم فِي بعض كالجراد الَّذِي يموجُ بعضه فِي بعض.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {النَّاسُ كَالْفَرَاشِ} : يُرِيد كالغَوْغَاءِ من الجَرادِ يَرْكَبُ بعضُه بَعْضًا، كَذَلِك الناسُ يَوْمئِذٍ يَجُول بَعضهم فِي بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرَاشُ: الَّذِي يَطيرُ، وَأنْشد قَوْله:
أَوْدَى بِحِلْمِهُمُ الْفِياشُ فَحِلْمُهم
حلْمُ الفَراشِ غَشِينَ نَارَ المُصْطَلي
قَالَ: وَيُقَال: للخفيف من الرِّجال: فَرَاشة.
قَالَ: وَيُقَال: ضَربَةُ فأطارَ فراشَ رَأسه، وَذَلِكَ إِذا طارت العِظَامُ رِقاقاً من رَأسه. وكل رقيقٍ من عظم أَو حَدِيد فَهُوَ فَرَاشَة، وَبِه سُمِّيت فراشة القُفْل لرِقَّتها.
قَالَ: والفراشَ: عظم الْحَاجِب، والمِفْرَشُ: شَيْء يكون مثل الشَّاذَ كُونك.
قَالَ: والمِفْرَشةُ تكون على الرَّحْل يَقعد

(11/237)


عَلَيْهَا الرجل، وَهُوَ أَصْغَر من المفرش.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَفْرَشت الفرسُ، إِذا استأنَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الفَرِيشُ من الْخَيل: الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا بعد وِلادَتها سَبْعَة أَيَّام، وبلغَت أَن يَضرِبها الفَحْل، وَجَمعهَا فَرَائش.
وَقَالَ الشماخ:
رَاحَتْ يُقَحِّمها ذُو أَزْمَلٍ وسَقَتْ
لَهُ الفرائشُ والسُّلبُ القيَاديدُ
وَقَالَ اللَّيْث: جاريةُ فَريشٌ، قد افترَشها الرجل، فعيلٌ جَاءَ من (افْتعل) .
قلت: وَلم أَسمَع (جَارِيَة فريش) لغيره. والفَرِيشُ من الحافرَ بِمَنْزِلَة النُّفساءَ من النِّساء إِذا طهرت، وبمنزلة العائِذ من الْإِبِل.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفراشُ: الزَّوج، والفِراشُ: الْمَرْأَة، والفِراش: مَا يَنَامانِ عَلَيْهِ، والفِراش: البيتُ، والفِراش: عُشُّ الطَّائِر.
وَقَالَ الهُذَلِيّ:
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى فراشِ عزيزَةٍ
أَرَادَ: وَكْرَ العُقاب. والفَراش: موقع اللِّسان فِي قَعْرِ الْفَم.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (الْأَنْعَام: 142) ، قَالَ: الحَمُولةُ: مَا أَطاقَ العملَ والحمْل، والفَرْش: الصِّغار.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: أجْمَع أهلُ اللُّغَة على أنَّ الفَرْشُ: صغارُ الْإِبِل، وأنَّ الغَنَم وَالْبَقر من الفَرْش.
قَالَ: والّذي جَاءَ فِي التَّفْسِير يدل عَلَيْهِ قَوْله جلّ وعزّ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} (الْأَنْعَام: 143) ، فَلَمَّا جاءَ هَذَا بَدَلا من قَوْله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا} ، جعله للبقَر وَالْغنم من الْإِبِل.
قلت: وَأنْشد غَيرُه مَا يحقِّق قولَ أهلِ التَّفْسِير:
ولَنَا الحَامِلُ الحَمولةُ والفرْ
شُ من الضَّأْنِ والحُصُونُ الشِّيوفُ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: يُقَال: أفرَش عَنْهُم الْمَوْت، أَي ارْتَفع، وَيُقَال: ضرَبهُ فَمَا أفرَشَ عَنهُ حَتَّى قَتَله، أَي أقْلعَ عَنهُ.
قَالَ: والفرْشُ: الغَمْضُ من الأرْض فِيهِ العُرْفُط والسَّلَمُ، وَإِذا أَكلته الْإِبِل اسْتَرخَت أفواهها، وَأنْشد:
كَمِشفرِ النّابِ تلوكُ الفرْشَا
وَقَالَ اللَّيْث: الفرْشُ من الشّجر والحطبِ: الدِّقُّ والصِّغار. يُقَال: مَا بهَا إلاّ فرشٌ من الشّجر.
قَالَ: والفرْشُ من النّعَمِ الَّتِي لَا تصلُح إلاّ للذَّبح. وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (الوَلدُ للفراشِ وللعاهِر الحجَر) ؛ مَعْنَاهُ أنّه لِمالك

(11/238)


الفراشِ، وَهُوَ الزَّوْج، وَمَالك الأمَة؛ لِأَنَّهُ يَفترشها بالحقّ، وَهَذَا من مُخْتَصر الْكَلَام. كَقَوْلِه جلَّ وعزّ: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا} (يُوسُف: 82) ، يُرِيد أهل الْقرْبَة.
وَيُقَال: افترشَ القومُ الطَّرِيق إِذا سلكوه، وافترشَ فُلانٌ كريمةَ بني فلَان فلمْ يُحسِن صُحْبَتَها إِذا تَزَوَّجها؛ وَيُقَال: فلَان كريم متفرِّشٌ لأَصْحَابه، إِذا كَانَ يَفْرشُ نفسَه لَهُم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فراشا الكتِفَيْن:
مَا شخصَ من فُروعهما إِلَى أصْل العُنُق ومستَوى الظّهر.
وَقَالَ النَّضر: الفَراشَان: عِرْقَانِ أَخْضَرَان تَحت اللّسان، وَأنْشد:
خفيفُ النّعامةِ ذُو مَيْعةٍ
كثيفُ الفراشةِ، ناتِي الصُّرَد
يصف فَرساً.
أَبُو عُبَيد: الْفَراش: حَبَبُ الْعَرَق فِي قَول لبيد:
فَرَاشُ المَسِيحِ كالْجُمانِ الْمُحَبَّبِ
وَقَالَ ابْن شُميل: فَرَاشا اللِّجام: الْحَدِيدَتان اللَّتان يُرْبَطُ بهما الْعِذَارَان، والْعِذاران: السَّيْرَان اللَّذان يُجْمعان عِنْد الْقَفَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الْفَرْشُ: الكَذِب، يُقَال: كم تَفْرُشُ، أَي كم تَكْذِبُ
رشف: قَالَ اللَّيْث: الرَّشْفُ ماءٌ قليلٌ يَبْقَى فِي الْحَوْض تَرْشُفُه الْإِبِل بأفواهها، والرَّشِيفُ: تناوُلُ المَاء بالشَّفَتين، وَهُوَ فَوق المصّ، وَأنْشد:
سَقَيْنَ الْبَشَامَ الْمِسْكَ ثمَّ رشَفنَهُ
رشيفَ الْغُرَيْرِيَّاتِ ماءَ الْوَقَائِع
وسمعتُ أَعْرابياً يَقُول:
الْجَرْعُ أَرْوَى والرَّشِيفُ أَشْرَبُ
وَذَلِكَ أَن الْإِبِل إِذا صادفت الحوضَ مَلآن جرَعَتْ ماءَه جَرْعاً يَمْلأُ أفواهها وَذَلِكَ أَسْرَعُ لريِّها، وَإِذا سُقِيَتْ على أَفْواهها قبل امْتلاء الْحَوْض تَرَشَّفَت الماءَ بمشَافِرِها قَلِيلا قَلِيلا، وَلَا تكَاد تروَى مِنْهُ. والسُّقَاةُ إِذَا فَرَطوا الوارِدَة سقوا فِي الْحَوض، وتَقَدَّموا إِلَى الرُّعيان بأَلا يُورِدُ والنَّعَم مَا لم يَطْفَح الْحَوْض؛ لِأَنَّهَا لَا تكَاد تَرْوَى إِذا سُقِيَتْ قَلِيلا، وَهُوَ معنى قَوْلهم: الرَّشِيفُ أَشْرَب.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الرَّشُوفُ: الْمَرْأَة الطَّيِّبَةُ الْفَم.
ثَعْلَب عَن ابنُ الأعرابيّ: الرَّشُوفُ من النِّساء: اليابِسَة الْمَكَان، والرَّصُوفُ: الضَّيِّقَةُ الْمَكَان.
قَالَ: وأَرْشَفَ الرَّجل ورَشَفَ ورَشَّفَ، إِذا مَصَّ ريقَ جارِيته.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: رَشِفْتُ ورَشَفْتُ قَبّلْتُ ومَصَصْتُ.

(11/239)


قلت: فَمن قَالَ: رَشِفْتُ، قَالَ: أَرْشَفُ، وَمن قَالَ: رشَفْتُ، قَالَ أرْشُفُ.
رفش: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْشُ والرُّفْشُ: لُغَتان سَوادِيَّة، وَهُوَ الْمِجْرَفَةُ يُرْفَشُ بهَا الْبُرُّ رَفْشاً، وَبَعْضهمْ يُسَمِّيه المِرْفَشَة. وَفِي حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي: (أنَّهُ كَانَ أَرْفَشَ الأُذُنَيْن) .
قَالَ شمِر: الأرْفَش: العَرِيض الأُذُن من النَّاس وَغَيرهم، وَقد رَفِشَ يُرْفَشُ رَفَشاً، شُبِّه بالرَّفْش، وَهُوَ الْمجْرَفَةُ من الْخشب.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجل إِذا شَرُفُ بعد خُموله: من الرَّفْشِ إِلَى الْعَرْشِ، أَي جلس على سَرير الْملك بعد مَا كَانَ يَعْمَل بالرَّفْش، وَهَذَا من أَمْثَال أهل الْعرَاق.
والرَّفْش أَيْضا: الدّقُّ والهَرْس، يُقَال للَّذي يُجِيد أَكل الطَّعَام: إِنَّه لَيَرْفُش الطِّعام رَفْشاً، ويَهْرِسُه هَرْساً.
وَقَالَ رؤبة:
دَقّاً كَرَفْشِ الوَضِيم المَرْفُوشِ
أَو كاخْتِلاقِ النُّورَةِ الجَموشِ
وَيُقَال: وَقَعَ فلانٌ فِي الرَّفْش والقَفْش، فالرّفْشُ الْأكل والشَّرْب فِي النَّعْمَة والأمْن، والقَفْش: النِّكاح.
وَيُقَال: أَرْفَش فلانٌ، إِذا وَقع فِي الأَهْيَفَيْن: الأَكْلُ والنِّكاح.
شفر: قَالَ اللَّيْث: الشُّفْرُ: شُفْرُ الْعَين، والشُّفْرُ: حَرْفُ هَنِ الْمَرْأَة، وحَدّ الْمِشْفَر.
وأَخبرني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، عَن نُصير، أَنه قَالَ: يُقال لناحيتي فَرْجِ الْمَرْأَةِ: الأسْكَتَان، ولِطَرَفَيْهِما الشُّفْران.
قلت: وشُفْرُ الْعَين: مَنَابِتُ الأَهْدابِ من الْجُفُون.
وَقَالَ اللَّيْث: هما الشَّافِرَان من هَنِ الْمَرْأَة أَيْضاً، قَالَ: وَلَا يُقَال الْمِشْفَرُ إلاَّ لِلْبَعير.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: إِنَّمَا قيل مَشَافِرُ الْحَبَشِ تَشْبِيهاً بمشَافِرِ الإِبل. وشَفيرُ الْوَادي: حَدُّ حَرْفِه، وَكَذَلِكَ شَفيرُ جَهَنَّم، نعوذُ بِاللَّه تبَارك وَتَعَالَى مِنْهَا
وَقَالَ اللَّيْث: امْرأَةٌ شفِيرَةٌ وشِفَرةٌ، وَهِي نَقِبضَةُ الْعَقِيرَة.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ فُلاناً كانَ شَفْرَةَ الْقَوْم فِي السَّفَر) ؛ مَعْنَاهُ أَنه كَانَ خادِمَهُم الَّذِي يَكْفِيهم مَهْنَتَهُمْ، شُبّهَ بالشَّفْرَة الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي قطع اللّحم وغَيْره.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفْرَةُ: هِيَ السِّكّين الْعَرِيضَة، وَجَمعهَا شَفْرٌ وشِفَار. وشَفَرَاتُ السُّيُوف: حروفُ حَدِّها.
وَقَالَ الْكُمَيْت يصفُ السُّيوف:
يَرَى الرَّاءُون بالشَّفَرَاتِ مِنْهَا
وُقودَ أبِي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: يُقَال: مَا بِالدَّار شَفْرٌ، بفَتْح الشين.

(11/240)


وَقَالَ شمر: وَلَا يَجُوزُ شُفْرٌ، بِضَم الشّين.
وَقَالَ اللحيانيّ: شُفْرٌ لُغة.
وَقَالَ ذُو الرمَّة فِيهِ بِلَا حَرْف النَّفْي:
تَمُرُّ لَنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنا
بَصِيرَةُ عَيْنٍ مِنْ سِوَانا إِلَى شَفْرٍ
أَي مَا نَظَرت عينٌ مِنّا إِلَى إنْسانٍ سِوانا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّفَارِيّ: ضَرْبٌ من اليَرابِيع، يُقَال لَهَا ضَأْن اليرابيع وَهِي أَسْمَنُها وأَفضَلُها يكون فِي آذَانها طُول، ولليَرْبُوعِ الشُّفَارِيّ ظُفْرٌ فِي وَسَطِ ساقِه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعرابيّ: شَفَر، إِذا آذَى إنْساناً، وشَفَر، إذَا نَقَّصَ، والشَّافِر: الْمهلِكُ لِمالِه، والزَّافِرُ: الشُّجَاعُ، وشَفَّرَ مالُ الرَّجُل، إذَا قَلَّ، وعَيْشٌ مُشَفِّرُ: ضَيِّق.
وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نِسَاءً بالنَّهمَ والطَّلَب:
مُولَعَاتٌ بِهاتِ هَاتِ فإنْ شَفّ
رمالٌ سأَلْن مِنْك الْخِلاعَا
وَقَالَ الآخر:
قَدْ شَفَّرَتْ نَفَقاتُ الْقَومِ بَعْدَكُمُ
فأَصْبَحُوا لَيْسَ فيهم غَيْرُ مَلْهُوفِ
أَبُو عبيد: أُذُنٌ شُفَارِيَّةٌ وشُرَافِيَّةٌ، أَي ضَخْمَةٌ. وَقَالَ أَبُو زيد: وَهِي الطَّويلَة.
الْفَرَّاء، عَن الدُّبَيْرِيَّة: مَا فِي الدَّارِ عَيْنٌ وَلَا شَفْرَةٌ وَلَا شَفْرٌ.
ش ر ب
شرب، شبر، رشب، ربش، بشر، برش: أَهمل اللَّيْث: رشب.
(رشب) : وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: الْمراشِبُ: جَعْوُ رُؤوسِ الخُروس، والجَعْوُ: الطِّين، والْخُروسُ: الدّنَان.
شرب: الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشَّرْب: مَصْدَر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً، قَالَ: والشَّرْبُ أَيْضا: الْقومُ يَجتَمعون على الشَّراب.
وَقَالَ الْفراء: حَدثنِي الكسائيّ عَن يحيى بن سعيد الأُمويّ، قَالَ: سَمِعت ابْن جُريج يَقْرَأ: (فشاربون شرب الهيم) (الْوَاقِعَة: 55) . فذكرتُ ذَلِك لجَعْفَر بن مُحَمَّد، فَقَالَ: وَلَيْسَت كَذَلِك، إنَّما هِيَ: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ} .
وَقَالَ الْفراء: وسائرُ الْقُرَّاء يَقْرءون برَفْع الشِّين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بِعَيْنه يُشْرَبُ، والشِّرْبُ: النَّصِيبُ من الْمَاءِ، قَالَ: والشَّرَبُ: جمع الشَّرَبَة، وَهِي كالْحُوَيْض حول النَّخْلَة، تُملأُ مَاء فَتكون رِيّ النَّخْلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شَرِبَ شَرْبَاً وشُرْباً، والشِّرْبُ وَقْتُ الشُّرْب، والْمشرَبُ: الْوجْهُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنه وَيكون مَوْضِعاً،

(11/241)


ومَصْدراً، وَأنْشد:
ويُدْعَى ابْنُ مَنْجُوفٍ أَمامِي كَأَنَّه
خَصِيٌّ أَتَى لِلْماءِ من غير مَشْربِ
أَي من غَيْر وَجْهِ الشُّرْبِ.
والْمَشرَبُ: الشُّرْبُ نَفْسُه، والشَّرَابُ: اسْم لما يُشْرَب وكل شَيْء لَا يُمضَغ فإِنَّه يُقَال فِيهِ يُشْرَب، وَرجل شَرُوبٌ: شَديدُ الشُّرب، وقَوْمٌ شُرُبٌ.
أَبُو عُبيد، عَن أَبِي زَيْد: الماءُ الشَّرِيبُ: الَّذِي ليْسَ فِيهِ عُذُوبَة، وَقد يَشْرَبُه النَّاس على مَا فِيهِ، والشَّرُوبُ: الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عُذُوبةٌ، وَلَا يَشْرَبُه النَّاس إِلَّا عِنْد الضَّرورة، وَقد يشربه الْبَهائم.
وَقَالَ الأُمويّ: المَاء الشَّروب: الَّذِي يُشْرَب، والْمَأْجُ: الماءُ الملحُ، وأنشدنا لِابْنِ هَرْمة:
فإنّك كالْقَرِيحَة عَام تُمْهَى
شَرُوبُ الماءِ ثمَّ تَعودُ مَأْجَا
وَقَالَ اللَّيْث: ماءُ شَرِيبٌ وشَرُوبٌ: فِيهِ مَرارَة ومُلوحَةٌ وَلم يمْتَنِعْ من الشُّرب.
والشَّرِيب: صاحبُك الَّذِي يَسْقِي إِبله مَعَك، والشَّرِيبُ: المولَعُ بالشَّراب، والشَّرَّابُ: الكثيرُ الشُّرْب، قَالَ: والْمُشْرِبُ: العَطْشان. يُقَال: اسْقِني فَإِنِّي مُشْرِب، والمُشْرِبُ: الَّذِي عَطشَتْ إِبِلُه أَيْضا. قَالَ ذَلِك ابنْ الأعرابيّ.
وَقَالَ غَيره: رَجُلٌ مُشْرِبٌ: قد شَرِبَتْ إِبِلُهُ، وَرجل مُشْرِبُ: حَان لإِبِله أنْ تَشْرَب، وَهَذَا عِنْد صَاحبه من الأضداد.
وَقَالَ الزَّجاج فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَأُشْرِبُواْ فِى قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (الْبَقَرَة: 93) مَعْنَاهُ: سُقُوا حُبَّ العِجْلِ، فَحذف الحبّ وأُقيمَ العجلُ مكانَه.
وَقَالَ الْفراء: العربُ تَقول: أَكَّلَ فلانٌ مالِي وشَرَّبَه، أَي أطْعمهُ الناسَ وسقاهم بِهِ، قَالَ: وسَمِعْتهم يقولونُ: كُلُّ مَا لي يُؤكَّلُ ويُشَرَّبُ، أَي يرْعَى كيفَ شَاء، ورَجُلٌ مُشْرَبٌ حُمْرَةً، وإنَّه لَمُسْتَقَى الدّم مثله. قَالَ: وأَشْرَبَ إبِلَه: جعل لكُلِّ جَمَلٍ قِرِيناً، وَيَقُول أحدهم لناقَته: لأَشْرِبَنَّكِ الحبالَ والنُّسُوع، أَي لأقْرِنَنَّكِ بهَا، وَمَاء شَرُوبٌ، وطَعِيمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد: مَشْرَبَةٌ ومَشْرُبَةٌ للغُرْفَة.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، أَي فِي غُرْفَة، وَجَمعهَا مَشَارِب، ومَشْرُباتٌ.
والشَّوارب: مَجاري المَاء فِي الحَلْق، وَيُقَال للحمار إِذا كَانَ كثير النَّهْق: إنَّه لَصَخِبُ الشَّوارِب.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
صَخِبُ الشَّوارِبِ لَا يزالُ كأَنَّه
عَبْدُ لآلِ أبِي رَبِيعَة مُسْبَعُ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّوارِبُ: عُروقٌ فِي باطِنِ الحَلْق.

(11/242)


وَقَالَ اللَّيْث: الشَّارِبَةُ هُم القومُ الَّذين مَسْكَنُهم على ضَفَّة النَّهر، وهم الَّذين لَهُم ماءُ ذَلِك النَّهْر.
والشَّاربان: تجمعهما السَّبَلَة، والشَاربان أَيْضا: مَا طَال من نَاحيَة السَّبَلَة، وَبِذَلِك سُمِّيَ شَارِبا السَّيْف، وَبَعْضهمْ يُسَمِّي السَّبَلَة كلَّها شَارِباً وَاحِدًا، وَلَيْسَ بصَواب.
قَالَ: والشَّوارِبُ: عروقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُوم، يُقَال فِيهَا يَقع الشَّرَقُ، وَيُقَال: بل هِيَ عُروقٌ تَأْخُذُ المَاء، وَمِنْهَا يَخْرُجُ الرِّيق.
قَالَ: وأَشْرَبْتُ الخيلَ، أَي جعلتُ الحِبالَ فِي أَعْناقِها، وَأنْشد:
يَا آلَ وَرْدٍ اشْرِبُوها الأقْرانْ
وَيُقَال للزَّارع إِذا خرج قَصَبُه: قد شرِبَ الزَّرع فِي القَصَب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشاربان فِي السَّيف: أَسْفَل الْقَائِم، أَنْفانِ طويلان، أَحدهمَا من هَذَا الجانِبُ، وَالْآخر من هَذَا الْجَانِب، والغاشِيَةُ مَا تَحت الشاربين، والشَّارِب والغاشية يكونَانِ من حديدٍ وفِضَّةٍ وأدَمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمشْرَبَةُ: إناءٌ يُشْرَبُ فِيهِ، والْمَشرَبَةُ: أرْضٌ لَيِّنة، لَا يزَال فِيهَا نَبْتٌ أَخْضَرَ رَيّان.
قَالَ: وَيُقَال لكل نَحيزَةٍ من الشّجر: شرَبَّةٌ فِي بعض اللُّغات. والجميع الشرَبَّات والشرائِبُ والشرابيبُ.
قَالَ: والأشرابُ: لونٌ قد أُشرِبَ من لَوْن، والصِّبْغُ يَتَشرَّبُ فِي الثَّوب، والثَّوْبُ يَتَشَرَّبُه، أَي يَتَنَشفُه.
أَبُو عُبَيد: شرَّبْتُ القِرْبَةَ بالشِّين إِذا كَانَت جَديدةً، فَجعل فِيهَا طِيناً لِيَطيبَ طَعْمُها.
وَقَالَ الْقطَامِي:
ذَوَارِفُ عَيْنَيْهَا من الْحَفْلِ بالضُّحَى
سُجُومٌ كَتَنْضَاحِ الشِّنانِ المْشرَّبِ
وَأما تشريبُ القِرْبة فأَنْ يُصَبَّ فِيهَا المَاء لتَنْسَدَّ خُروزُها.
وَقَالَت عَائِشَة: (اشرَأَبَّ النِّفاق وارْتَدَّت العَرب) .
قَالَ أَبُو عُبيد: معنى اشرأَبَّ ارْتَفَعَ وعَلا، وكل رافِعِ رأسَهُ مُشرئِبّ.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (يُنادي يومَ الْقِيَامَة مُنادٍ: يَا أهل الْجنَّة، وَيَا أهل النَّار، فيشرئِبُّون لصَوْته) .
وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
ذَكَرْتُكَ إنْ مَرَّتْ بِنَا أمُّ شادِنٍ
أَمام المطايا تَشرَئِبُّ وَتَسْنَحُ
يصف الظَّبْيَة، ورفعَها رَأسهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: مَا زَالَ على شَرَبَّةٍ وَاحِدَة، أَي على أَمْرٍ وَاحِد.
اللِّحيانيّ: طَعامٌ مَشْرَبةٌ، إِذا كَانَ يُشْرَبُ عَلَيْهِ المَاء، كَمَا قَالُوا شَرَابٌ مَسْهَفَةٌ

(11/243)


وَجَاءَت الْإِبِل وَبهَا شَرَبةٌ شَدِيدَةٌ، أَي عَطش وَقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها، وطعامٌ ذُو شَرَبَةٍ إِذا كَانَ لَا يُرَوى فِيهِ من الماءِ. وَيُقَال فِيهِ شُرْبَةٌ من الْحُمرَةِ، إِذا كَانَ مُشْرَباً حُمْرَةً.
أَبُو عَمرو: شَرَّبَ قَصَبُ الزَّرْع، إِذا صارَ الماءُ فِيهِ.
عَمرو، عَن أَبِيه: الشَّرْبُ: الفَهْمُ، وَقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً، إِذا فَهِمَ، وَيُقَال للبليد: احْلُبْ ثمَّ اشْرُبْ، أَي ابْرُكْ ثمَّ افْهَمْ، وحَلَبَ، إِذا بَرَك.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّرْبُبُ: الْغَمْلَى من النَّبَات، والشُّرْبُبُ: اسْم وادٍ بِعَيْنِه. قَالَ: والشَّارِبُ: الضَّعْفُ فِي جَمِيع الْحَيَوَان.
يُقَال: إنَّ فِي بَعيرك شاربَ خَوَر، أَي ضَعْفاً، قَالَ: وشَرِبَ، إِذا رَوَى، وشَرِبَ إِذا عَطَش، وشَرِبَ، إِذا ضَعُفَ بعيرُه.
شبر: قَالَ اللَّيْث: الشِّبْرُ: الِاسْم، والشَّبْرُ: الفِعْل، يُقَال: شَبَرْتُه شَبْراً بِشِبْرِي.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: سَبَرَ وشَبَرَ، إِذا قَدَّرَ، وشَبَرَا أَيْضا إِذا بَطِر. يُقَال: قَصَّرَ الله شِبْرَه وشَبْرَه، أَي قصَّر الله عُمْرَه وطُولَه.
سَلمَة، عَن الفَراء: الشَّبْرُ القَدُّ. يُقَال: مَا أَطْولَ شَبْرَهُ، أَي قَدَّه، وفلانٌ قَصيرٌ الشَّبْر. قَالَ: والشَّبَرُ العَطِيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّبَرُ القُرْبان، وَهُوَ شيءٌ يُعْطيه النّصارى بعضُهم لبَعض يَتَقَرَّبون بِهِ.
وَقَالَ عدي:
إِذا أَتَانِي نَبَأٌ منْ مُنْعِمٍ
لَمْ أَخُنْهُ وَالَّذِي أَعْطَى الشَّبَرْ
وَفِي الحَدِيث: النّهْي عَن شَبْر الْجَمَل، مَعْنَاهُ: النّهْي عَن أَخْذ الكِرَاءِ على ضِرَاب الْفَحْل، وَهُوَ مثل النّهْي عَن عَسْبِ الفَحْل، وأَصل العَسْبِ والشَّبْرِ: الضِّراب. وَمِنْه قَول يَحْيَى بن يَعْمَر لرَجل خاصَمَتْه امْرَأَته إِلَيْهِ تطلُب مَهْرَها: أَإِنْ سَأَلْتكَ ثمنَ شَكْرِها وشَبْرِكَ أَنْشَأْتَ تَطُلُّها، وتَضْهَلُهَا؟ . فشَكْرُها: بُضْعُها، وشَبْرُه: وَطْؤُه إِيَّاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: أَعْطَاهَا شبْرَها، أَي حَقَّ النِّكاح.
ابْن السكّيت: شبَرْتُ فلَانا مَالا، وأَشْبَرْتُه، إِذا أَعْطَيْتَه.
وَقَالَ أَوْس:
وأَشبَرِنَيها الْهَالِكِيُّ كأَنَّها
غَدِيرٌ جَرَتْ فِي مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّبَرَةُ: العَطِيَّةُ، شبَرْتُهُ وأَشْبَرْتُه وشبّرْتُه: أَعْطَيْتَه، وَهُوَ الشَّبْرُ، وَقد حُرِّك فِي الشِّعر.
قَالَ: والشَّبْرَةُ: الْقامَةُ تكونُ قَصِيرَة وطَويلة.
وَقَالَ شمِر فِي حَدِيث يحيى بن يعمر:

(11/244)


الشَّبْرُ: ثَوابُ البُضْعِ من مَهْرٍ وعُقْر.
قَالَ: وشَبْرُ الجَمَلِ: ثوابُ ضِرَابِه.
قَالَ: ورَوى أَحْمد بن عَبْدَة، عَن ابْن الْمُبَارك؛ أَنه قَالَ: الشَّكْرُ: القُوت، والشَّبْرُ: الجِمَاعُ.
وَقَالَ شَمِر: القُبُلُ: يُقَال لَهُ: الشَّكْرُ، وَأنْشد:
صَنَاعٌ بإشفاها حَصَانٌ بشَكْرِها
جَوَادٌ بِقُوتِ الْبَطْنِ والعِرْقُ زاخِرُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الإعرابيّ قَالَ: المَشْبُورَةُ المرأةُ السَّخِيَّةُ الْكَرِيمَة.
عَمرو عَن أَبِيه: قَالَ: الشِّبْرُ الحَيّة، وقِبالُ الشِّسْعِ: الحَيِّة.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: المَشابِرُ: حُزُوزٌ فِي الذِّراع الَّتِي يُتَبَايَعُ بهَا، مِنْهَا حَزُّ الشِّبْرِ، وحَزُّ نِصْف الشِّبر، ورُبْعِه، كلُّ حَزِّ مِنْهَا صَغُرَ أَو كَبُرَ مَشْبَرٌ.
والشَّبُّور: شيءٌ يُنْفَخُ فِيهِ، وَلَيْسَ بعربي صَحِيح.
بشر: الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت: البَشْرُ بَشْرُ الْأَدِيم، وَهُوَ أنْ يُؤْخَذَ بَاطِنه بشَفْرَةٍ، يُقَال: بَشَرْتُ الأديمَ أبْشُرُه بَشْراً.
قَالَ: والبَشَرُ: جَمْعُ بَشَرَةٍ. وَهِي ظَاهِرُ الجِلْد: والبَشَرُ أَيْضا: الخَلْقُ، يَقع على الأُنثى والذّكر، وَالْوَاحد والاثنين والجميع يُقَال: هِيَ بَشَرٌ، وَهُوَ بَشَرٌ، وهُمَا بشَرٌ وهم بَشرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْبَشَرةُ أَعْلَى جِلْدَةِ الوجْه والجَسَد من الْإِنْسَان، وَيَعْنِي بِهِ اللَّون والرِّقّة، وَمِنْه اشْتُقّتْ مُبَاشَرَةُ الرَّجُلِ المرأةَ لِتَضامِّ أبشَارِهِما. ومُبَاشَرَةُ الْأَمر: أنْ تَحْضُرَهُ بنَفْسِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، وهوالذي قد جمع لِيناً وشِدَّةً مَعَ الْمعرفَة بالأمور.
قَالَ: وأصْلُهُ من أدَمَةِ الجِلد وبَشرَتِهِ، فالْبَشَرَةُ ظاهِره، وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعر.
قَالَ: والأَدَمَةُ باطِنُه، وَهُوَ الَّذِي يَلِي اللَّحم. قَالَ: وَالَّذِي يُرادُ مِنْهُ أَنه قد جمع لِينَ الأدَمَةِ، وخُشونَة البَشَرَة، وجَرَّب الْأُمُور.
وَقَالَ أَبُو زيد: من أمثالهم: إنَّما يُعاتَبُ الأدِيمُ ذُو البَشَرة. أَي يُعَادُ فِي الدِّباغ، يَقُول: إنَّما يُعاتَبُ من يُرْجَى وَمن لَهُ مُسْكةُ عقل، وفلانَةٌ مؤدمةٌ مُبْشَرَةٌ، إِذا كَانَت تامَّة فِي كلِّ وجْه.
وَقَالَ جلَّ وعزَّ: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ} (آل عمرَان: 45) وقُرِيء (يَبْشُرُكَ) .
قَالَ الْفراء: كأَنَّ المُشَدَّدَ مِنْهُ على بِشَارات البُشراءِ، وكأَنَّ المُخَفَّفَ من جِهَة الأفراح وَالسُّرُور، وَهَذَا شَيْء كَانَ المَشْيَخَةُ يَقُولُونَهُ.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أَبْشَرْتُ، ولعلَّها لغةٌ

(11/245)


حجازية. سَمِعت سُفيان بن عُيَيْنَة يذكرهَا: فَلْيُبْشِرْ، قَالَ: وبَشِرْتُ لغةٌ رَوَاهَا الكسائيّ، يُقَال: بَشِرَني بوجهٍ حَسَنٍ يَبْشَرُني، وَأنْشد:
وَإِذا رَأَيْتَ الباهِشِين إِلَى النَّدى
غُبْراً أكُفُّهُمُ بقَاعٍ مُمْحِلِ
فأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بِمَا بَشِرُوا بِهِ
وَإِذا هُمُ نَزَلوا بضَنْكٍ فانْزِلِ
وَقَالَ الزَّجاجُ: معنى يَبشَرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. بَشَرْتُ الرّجلَ أَبَشرُهُ، إِذا فَرَّحتَه، وبِشرَ يبْشَرُ، إِذا فَرح.
قَالَ: وَمعنى يَبْشُرُكَ من البِشَارّة، قَالَ: وأصل هَذَا كُله أنَّ بَشرَةَ الإنسانَ تنْبَسِطُ عِنْد السرُور، وَمن هَذَا قَوْلهم: فلَان يَلْقَاني بِبِشْرٍ، أَي بوجهٍ مُنْبَسِطٍ عِنْد السرُور.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال: بشَرْتُه، وبشَّرتُه، وبَشِرْتُهُ، وأَبْشَرْتُه، قَالَ: وبَشِرتُ بِكَذَا، وبَشرْتُ، وأبشرْتُ، إِذا فرحتَ بِهِ، وَرجل بشيرُ الْوَجْه. إِذا كَانَ جميلَه، وَامْرَأَة بشيرة الْوَجْه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء، قَالَ: البَشَارَةُ: الجمالُ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَرَأَتْ بأنّ الشيبَ جا
نَبَه البشاشَةَ والبَشارَة
وَقَالَ اللَّيْث: البِشَارَةُ: مَا بُشِّرتَ بِهِ، والبشيرُ: الَّذِي يُبشِّرُ الْقَوْم بأَمرٍ خيرٍ أَو شَرّ، والبُشَارَةُ: حَقُّ مَا يُعطَى من ذَلِك، والبُشرَى الِاسْم، وَيُقَال: بشرْتُهُ فأبشرَ، واسْتَبشر، وتَبشَّر.
وتباشِيرُ الصُّبْح: أوائلُه.
وَقَالَ لبيد:
قَلّما عَرَّسَ حَتَّى هِجْتُهُ
بالتّباشير من الصُّبْحِ الأوَلْ
والتّباشيرُ: طرائقُ ضوء الصُّبح فِي اللَّيل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للطَّرائق الَّتِي ترَاهَا على وَجه الأَرْض من آثَار الرِّياح الَّتِي تَهُبُّ بالسحاب إِذا هِيَ جرَّته: التَّباشير. وَيُقَال لآثار جنب الدَّابَّة من الدبر: التباشير وَأنْشد:
نِضْوَةُ أسْفَارٍ إِذا حُطَّ رَحْلُها
رأيْت بكَفّيْها تَبَاشِيرَ تَبْرُقُ
والمُبشراتُ: الرِّياحُ الَّتِي تهُبُّ بالسحاب والغَيْث.
غَيره: بَشرَ الجرادُ الأرضَ يبشُرها، إِذا أكل مَا عَلَيْهَا.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أبشرَت الأَرْض، إِذا أخْرَجَت نباتها، وَمَا أحسن بشرَةَ الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد والأحمر: مَا أَحْسَنَ

(11/246)


مَشرَتَها.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: مَشرَتَها، بالتَّثْقِيل.
وَقَالَ أَبُو خيرة: مَشرَتُها: وَرَقُها.
وَقَالَ اللحيانيّ: نَاقَةٌ بشِيرَةٌ، لَيست بمَهْزولة وَلَا سَمِينَة.
وحُكِيَ عَن أبي هِلَال قَالَ: هِيَ الَّتِي لَيست بالكريمة وَلَا الخَسيسة. وَيُقَال: أَبشرَت النَّاقَةُ، إِذا لَقِحَتْ فَكَأَنَّهَا بَشَّرَتْ باللِّقاح.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
عَنْسَلٌ تَلوِي إذَا أَبْشرَتْ
بِخَوافِي أَخْدَرِيّ سُخَام
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: هُم الْبُشَارُ، والْقُشَارُ والخُشَارُ: لِسُقَّاطِ النَّاس.
أَبُو زَيد: أَبشرتِ الأرضُ إبشاراً، إِذا بُذَرِتْ فَخرج بَذْرها، فيُقال عِنْد ذَلِك: مَا أَحْسَنَ بَشَرَةَ الأَرْض.
وأَبْشرْتُ الأَدِيمَ فَهُوَ مُبْشَرٌ، إِذا ظَهَرَتْ بَشَرَتُه الّتي تَلِي اللّحم وآدمْتُه، إِذا أظْهرتَ أَدَمَتهُ الَّتِي يَنْبُت عَلَيْهَا الشعرَ.
ابْن الأعرابيّ: الْمبشورَةُ: الْجارِيَةُ الحَسَنَةُ الخَلْق واللَّوْن، وَمَا أَحْسَنَ بَشرَهَا
برش: قَالَ اللّيْث: الأَبْرشُ: الَّذِي فِيهِ أَلْوانٌ وخَلْط، والْبُرشُ الْجَمِيع. وحية بَرْشَاءُ بِمَنْزِلَة الرَّقْشَاء، والْبَرِيشُ مِثْله.
وَقَالَ رؤبة:
وتركتْ صَاحِبَتي تَفْرِيشي
وأَسْقَطَتْ من مُبْرِمٍ بَرِيشِ
أَي فِيهِ أَلوان، وَكَانَ جَذيمَةُ الْملك أَبْرَص، فلقبه الْعَرَب الأَبْرَش، كراهِيَةً للفظ الأبْرص.
أَبُو عُبيدة: فِي شِياتِ الْخَيل مِمَّا لَا يُقال لَهُ بَهيم، وَلَا شيَةَ لَهُ: الأَبْرَش، والأَنْمر، والأَشيَم، والمْدَنَّر، والأبْقَع، والأبْلَق، فالأَبْرشُ: الأَرْقَط، والأَنْمر: أنْ تكونَ بِهِ بُقْعةٌ بَيْضَاء، وَأُخْرَى أيّ لَونٍ كانَ. قَالَ: والأَشيَم: أَن يكون بِهِ شامٌ فِي جَسده، والْمُدَنَّرُ: الَّذِي لَهُ نُكَتٌ فَوق الْبَرَش.
ربش: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أرْمَشَ الأْرضُ وأَرْبَش، وأَنْقَدَ، إِذا أوْرَق وتَفَطَّر، وأرضٌ رَبشاءُ وَبَرشاءُ: كثيرةُ العُشب مُخْتَلِفٌ أَلوانُها، ومكانٌ أرْبشٌ وأَبْرَشٌ مختلفُ اللَّون.
وَقَالَ اللّحيانيّ: بِرْذَوْنٌ أَرْبشٌ وأَبْرَشٌ.
وَقَالَ الكسائيّ: سَنَةٌ رَبشاءُ ورَمْشاءُ وبَرْشاء: كَثِيرَة العُشب.
ش ر م
شرم، شمر، رشم، رمش، مشر، مرش.
شرم: قَالَ اللَّيْث: الشرْمُ: قطع مَا بَين الأرْنَبة، وقَطْعٌ فِي ثَفَرِ النّاقة، قيل ذَلِك

(11/247)


فِيهما خاصَّة، وناقة شَرْمَاء ومُشَرَّمَةٌ، وَرجل أَشرَمُ ومشرُومُ الأنْف، وَكَانَ أَبْرَهَة صاحبُ الْفِيل جاءَهُ حَجَرٌ فَشرَم أَنفه فسُمِّيَ الأشرَم.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه اشتَرى ناقَةً فَرَأى بهَا تَشريمَ الظِّئارِ فَرَدَّها.
قَالَ أَبُو عُبيد: التَّشريمُ: التّشقيق، يُقَال لِلْجِلْد إِذا تَشقَّقَ قد تَشرَّم، وَلِهَذَا قيل للمشقُوق الشفّةِ: أَشرَم، وَهُوَ شبِيهٌ بالْعَلَم.
وَفِي حَدِيث كَعْب أَنه أَتَى عُمر بكتابٍ قد تَشَرَّمتْ نَواحيه، أَي تَشقْقَتْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال للرجل المشقوق الشّفة السُّفْلى: أَفْلَج، وَفِي الْعليا: أَعْلم، وَفِي الأنْفِ: أَخْرم، وَفِي الأُذُن: أَخْرَبُ، وَفِي الْجَفْنِ: أَسْتَرُ، وَيُقَال فِيهِ كُله: أشرَمُ.
قلت: وَمعنى تشرِيمُ الظِّئار الَّذِي فِي حَدِيث ابْن عمر: أَن الظِّئار أنْ تُعْطَف الناقَةُ على وَلَدِ غَيرهَا فَتَرْأَمه، يُقَال: ظاءَرْتُ أُظَائِرُ ظئَاراً، وَقد شاهدتُ ظِئارَ الْعَرَب النّاقَةَ على وَلَدِ غَيرهَا، فَإِذا أَرَادوا ذَلِك شدُّوا أَنْفَها وعَيْنَيْها، وحَشْوا خَوْرَانَها بِدُرْجَةٍ قد حُشِيَتْ خِرَقاً ومُشَاقَةً، ثمَّ خَلُّوا الخَوْرَانَ بِخِلالَيْن، وتُرِكَتْ كَذَلِك يَوْمًا، وتَظُنُّ أَنَّهَا قد مَخِضَتْ للولادة، فَإِذا غَمَّها ذَلِك نَفّسُوا عَنْهَا، وَاسْتَخْرَجُوا الدُّرْجَةَ من خَوْرَانِها وَقد هُيِّيءَ لَهَا حُوارٌ فَيُدْنَى مِنْهَا، فَتَظُنّ أنَّها وَلَدَته فَتَرْأَمُه وتَدُرُّ عَلَيْهِ. والخَوْرَان: مَجْرى خُرُوج الطَّعَام من النَّاس والدَّوابّ.
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: الشَّرِيمُ: المرأةُ المُفْضَاة، وأنشدنا:
يَوْمَ أديمِ بَقَّةَ الشَّريمِ
أَفْضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومِي
أَرَادَ الشدّة. والشرْمُ: لُجَّةُ البَحْر.
رشم: قَالَ اللَّيْث: الرَّشْمُ: أَن تَرْشُمَ يَدَ الكُرْدِيّ والعِلْج كَمَا تُوشَمُ يَدُ المرأَةِ بالنِّيل لكَي تُعْرَفَ بِها، وَهُوَ كالْوَشم.
قَالَ: والرَّشمُ: خاتمُ الْبُرِّ والحُبوب، وَهُوَ الرَّوْشمُ بلغَة أَهْلِ السَّواد.
يُقَال: رَشَمْتُ البُرَّ رشْماً، وَهُوَ وَضْعُ الخاتَم على فَراءِ البُرّ فيَبْقَى أَثَرُه فِيهِ.
وَقَالَ النّضْر: الرَّشمُ: أوَّلُ مَا يَظْهَرُ من النَّبات، يُقَال: فِيهِ رَشَمٌ من النّبات.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: بِرْذَوْنٌ أَرْشمٌ وأَرْمَشٌ، مثل الأبْرش فِي لَوْنه.
قَالَ: وأرْضٌ رَشماءُ ورَمْشاءُ، مثل الْبَرْشاءُ، إِذا اخْتَلَفَ أَلْوانُ عُشبها.
شمر، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الأرْشم: الَّذِي لَيْسَ يِخَالِصِ اللَّوْن وَلَا حُرِّه، ومَكانٌ أَرْمَشُ وأرْشم، وأَبْرَش وأرْبَشُ، إِذا اخْتلف ألْوانه.

(11/248)


أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: الأرْشمُ: الَّذِي يَتَشَمَّمُ الطَّعَام، ويحرصُ عَليه.
وَقَالَ جرير يَهجو الْبَعيث:
لَقاً حَمَلْتُه أُمُّهُ وهيَ ضَيفَةٌ
فجادَتْ بِنَزَ للضِّيَافَةِ أَرْشما
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله: (أَرْشَما) قَالَ: فِي لَوْنِه بَرَش يشوبُ لَوْنَه لَوْنٌ آخر يَدُلّ على الرِّيبَة.
قَالَ، ويُرْوَى: مِنْ نِزَالَةِ أَرْشما، يُرِيد من ماءِ عَبْدٍ أرْشم.
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُول: الرَّسْمُ والرشمُ: الأثَر، ورسَمَ على كَذَا، ورَشمَ، أَي كَتَبَ. وَيُقَال للخاتم الَّذِي يُخْتَم بِهِ الْبُرّ: الرَّوْسَمُ، والرَّوْشمُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَرْشَمَ الشّجر وأَرْمَش، إِذا أَوْرَق.
رمش: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَش: تَفَتُّلٌ فِي الشُّفْر، وحُمْرَةٌ فِي الجفون مَعَ ماءٍ يَسيل، وصاحِبُهُ أَرْمَش، والْعَيْن رَمْشاء.
وَأنْشد غَيره:
لَهُم نَظَرٌ نَحْوِي يَكادُ يزِيلِني
وأَبصارُهُمْ نَحْو الْعَدُو مَرَامِش
قَالَ: مَرامِش: غَضِيضَةٌ من الْعَدَاوَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِرماشُ: الَّذِي يُحَرِّكُ عَيْنَيْه عِنْد النّظر تحريكاً كثيرا، وَهُوَ الرَّأْراءُ أَيْضا.
قَالَ: والرَّمْشُ: الطَّاقَةُ من الحماحِمِ الرَّيْحانِ وَغَيره.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: بِرْذدْنٌ أَرْمَش، وَبِه رَمَشٌ، أَي بَرَشٌ، وأرضٌ رَمْشاء: كَثِيرَة العُشب.
وَقَالَ غَيره: الرَّمْشُ: أَنْ تَرعَى الغَنمُ شَيْئا يَسيراً، وَقد رَمَشتْ تَرْمِشُ رَمْشاً، وَأنْشد:
قَدْ رَمَشتْ شَيْئا يَسيراً فاعْجَلِ
مرش: قَالَ اللَّيْث: المَرْش: شِبْهُ الْقَرْصِ من الجِلْد بأَطْرَاف الأظافير وَيُقَال: قَدْ أَلْطَفَ مَرْشاً وخَرْشاً، والخَرْش: أشدُّه، قَالَ: والمَرْشُ: أرْضٌ إِذا وَقَعَ عَلَيْهَا مَاء الْمَطَر رَأَيْتَها كلَّها تَسيلُ ويَمْرُشُ الماءُ من وَجْهها فِي مواضِعَ لَا يبلُغُ أَن يَحْفِرَ حَفْرَ المَسِيل، وَجمعه الأَمْراش.
يُقَال: انْتَهَينَا إِلَى مَرْشٍ من الأَمْراش، اسمٌ للأَرْض مَعَ الماءِ، وبَعْدَ الماءِ إِذا أَثَّرَ فِيهِ، وَالْإِنْسَان يَمْتَرِش الشَّيْء بَعْدَ الشَّيْء من هَا هُنَا ثمَّ يَجْمعه.
وَقَالَ النَّضر: المَرْسُ، والمَرْشُ: أَسْفَلُ الْجَبَل، وحَضِيضُه يَسِيلُ مِنْهُ المَاء فَيَدِبُّ دَبيباً وَلَا يَحْفِر، وَجمعه أَمْراسٌ وأمْراش.
قَالَ: وَسمعت أَبَا مِحْجَن الضِّبَابيّ يَقُول: رَأَيْت مَرْشاً من السَّيل، وَهُوَ المَاء الَّذِي يجرَح وَجْهَ الأرْض جَرْحاً يَسيراً، وَيُقَال: لي عِنْدَ فلَان مُرَاشةٌ، ومُرَاطةٌ، أَي حَقٌّ

(11/249)


صَغير، ومَرَش وَجْهَه، إِذا خَدَشه، وامْتَرَسْتُ الشَّيء وامْتَرَشتُه، إِذا اخْتَلَسْتَه.
شمر: قَالَ اللَّيْث: شَمِرٌ اسمُ مَلِكٍ من مُلُوك الْيمن يُقَال: إِنَّه غَزَا مَدِينَة السُّعْد فهدَمَها، فسميت شِمْرُكَنْذ. وَقَالَ بَعضهم: بل هُوَ بَنَاها فسميت شِمْرُكَثْ، فأُعْرِبَتْ سَمْرَقَنْد.
قَالَ: والشَّمْرُ: تَشْمِيرُكَ الثَّوْب إِذا رَفَعْتَه وكلُّ شيءٍ قالِص، فإنَّه مُتَشَمِّر، حَتَّى يُقَال لِثَةٌ مُتَشَمِّرَةٌ لازِقَةٌ بأَسْنَاخِ الأسْنان. وَيُقَال أَيْضا: لِثَةٌ شامِرَةٌ، وشفَةٌ شامرَةٌ أَيْضا. ورَجُلٌ مُتَشَمر: ماضٍ فِي الْحَوَائِج والأمور، وَهُوَ الشَّمَّرِيُّ أَيْضاً.
وَبَعْضهمْ يَقُول: شِمَّرِيّ، وَأنْشد:
لِيْسَ أَخُو الحاجاتِ إِلَّا الشِّمَّرِي
والجملُ البَازِلُ والطِّرفُ القَوِي
وَقد انشَمرَ لهَذَا الْأَمر وشَمَّرَ إزَاره، وَيُقَال: شاةٌ شامِرَةٌ، إِذا انْضَمّ ضَرْعُها إِلَى بَطْنها من غيرِ فِعْل.
قَالَ: وشمَّر: اسمُ نَاقَة، وَهُوَ من الْقُلُوص والاستعداد للسير وَأنْشد:
فَلَمَّا رَأَيْتُ الأمْرَ عَرْشَ هُوِيَّةٍ
تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الْفُؤَادِ بشَمَّرا
وَقَالَ الأصمعيّ: شَمَّر: اسْم نَاقة. وَيُقَال: أَصَابهم شرٌّ شمِرّ.
وَقَالَ شمر، يُقَال: شَمْرَ الرجل وتشَمَّرَ، وشَمَّر غيرَه، إِذا أَكمشْتَه فِي السَّيْر والإرْسَال، وَأنْشد:
فشمرَتْ وانْصَاعَ شَمَّرِيّ
شَمّرَتْ: انْكمشتْ، يَعْنِي الكِلاب، والشَّمري: المشمَّر، قَالَه الأصمعيّ، قَالَ: وَيُقَال: شَمّرَ إبلَه وأَشْمَرَهَا، إِذا أَكمشها وأَعْجلها، وَأنْشد:
لَمَّا ارْتَحَلنَا وأَشْمَرنَا ركائبَنَا
ودونَ وَارِدَةِ الجَوْنِيِّ تَلْفَاظُ
سلَمة، عَن الْفراء: الشَّمَّرِيُّ: الكَيِّسُ فِي الْأُمُور المنْكمش، بِفَتْح الشين وَالْمِيم، وَمن أمثالهم: (شَمَّرَ ذَيلاً وادَّرَعَ لَيْلاً) أَي قَلَّصَ ذَيْلَهُ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَا يُقِرّ أحدٌ أَنه كانَ يَطَأُ وَلِيدَتَهُ إلاّ أَلحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَمن شاءَ فَلْيُمْسِكْها، وَمن شَاءَ فَلْيُسَمِّرْها) .
قَالَ أَبُو عبيد: هَكَذَا الحَدِيث بالسِّين، وَسمعت الأصمعيّ يَقُول: أعرف التشمير بالشين وَهُوَ الْإِرْسَال.
قَالَ: وأراهُ من قَول النَّاس: شَمّرْتُ السَّفِينَة: أرْسَلْتُها فحوِّلت الشين إِلَى السِّين.
قَالَ أَبُو عُبيد: الشين كثير فِي الشّعْر وَغَيره.
وَقَالَ الشماخ يَذْكُرُ أَمْراً أَرِقَ لَهُ:
أَرِقْتُ لَهُ فِي القوْم والصُّبْحُ ساطِعُ
كَمَا سَطَعَ المَرِّيخُ شَمَّرَهُ الغَالي

(11/250)


وَقَالَ شمر: تَشمِيرُ السّهم: حَفْزُه وإكماشه وإرسَالُه.
قَالَ أَبُو عُبيد: وأمَّا السِّين فَلم نَسْمعه إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا تحويلاً كَمَا قَالُوا: أَرشم بالشين، وَهُوَ فِي الأَصْل بِالسِّين، وكما قَالُوا: سَمَتَ العَاطِسَ وشَمَّته.
وَقَالَ المؤرِّج: رجل شِمْرٌ، أَي زَوْلٌ بصيرٌ بالأمور، نافِذٌ فِي كل شَيْء، وأَنشد:
قَدْ كُنتُ سَمْسِيراً قَدُوماً شِمرا
قَالَ: والشِّمْرُ: السَّخِيُّ الشجاع، وانشمَرَ لِلْأَمْرِ، إِذا خَفَّفَ فِيهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الأمْرش: الرجلُ الْكثير الشَّرّ، يُقَال: مَرَشه، إِذا آذاه، والأَرمَش: الحسنُ الخُلُق. والأَمْشر: النّشيط. والأرشمُ: الشَّرِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَمْراش: مَسايِلُ الماءِ تَسْقي السُّلْقان.
مشر: قَالَ اللَّيْث: المَشْرَةُ: شِبْه خُوصةٍ تخرج فِي الْعِضَاه، وَفِي كثير من الشّجر أَيام الخريف، لَهَا ورقٌ وأغصَان رَخْصَةٌ.
يُقَال: أمشرت الْعِضَاهُ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زِياد والأحمر: أَمْشَرَت الأَرْض، وَمَا أَحْسَنَ مَشَرَتها.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: مَشَرَتُها: وَرَقُها. وَيُقَال: أُذُنٌ حَشْرَةٌ ومَشْرَةٌ، أَي مُؤَللَةٌ عَلَيْهَا مَشْرَةُ العِتْق، أَي نضارَتُه وحُسْنُه.
وَقَالَ النَّمِريّ يصف فرسا:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ
كأُعْليطِ مَرْخٍ إِذا مَا صَفِرْ
وَقيل: مَشْرَةٌ: إتْباعٌ لحَشِرة.
أَبُو عُبيد: مَشَرْتُ اللَّحمَ: قَسَمْتُه، وَأنْشد:
فقُلْتُ أشِيعَا مَشَّرَ القِدْرَ حَوْلَنا
وأيَّ زَمَانٍ قَدْرُنَا لَمْ تُمَشَّرِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّمشير: حُسنُ نَباتِ الأَرْض واسْتِواؤُه، والتَّمشير: نشاطُ النَّفْسِ لِلْجماع.
وَفِي الحَدِيث: (إنِّي إِذا أَكَلْتُ اللَّحم وجَدْتُ فِي نَفْسي تَمْشيراً) .
والتَّمشير: الْقِسْمَةُ وتَمشَّر الشجرُ، إِذا أَصَابَهُ مطر فَخرجت ورقته، وتَمَشَّرَ الرجل، إِذا اكتسَى بعد عُرْي، وَامْرَأَة مَشرَةُ الأعْضاء، إِذا كَانَت رَيّا، والْمَشْرَةُ من الْعُشب مَا لم يطلّ.
وَقَالَ الطرماح:
عَلَى مَشْرَةٍ لَمْ تَعْتَلِقْ بالْمَحَاجِن
وتَمشَّرَ الرَّجُل، إِذا اسْتَغْنَى، وَأنْشد:
ولَوْ قَدْ أَتانَا بُرُّنَا ودَقِيقُنَا
تَمشَّرَ منكمْ مَنْ رَأَيْنَاهُ مُعْدِمَا
شمر: أرضٌ ماشِرَةٌ، وَهِي الَّتِي قد اهْتَزَّ نباتها، واسْتَوَتْ ورَوِيَتْ من المطرِ.

(11/251)


وَقَالَ بَعضهم: أرضٌ نَاشِرَةٌ بهَذَا المَعْنَى.

(أَبْوَاب) الشين واللاّم)
(ش ل ن)
ش ل ف
استُعْمِل من وجوهه: فشل، شفل.
شفل: أهمل اللَّيْث شَفَلَ، وقرأتُ فِي كتاب النَّضر بن شُميل: الْمِشْفَلَةُ: الكَبَارَجَة، والْمَشافِلُ جَماعَة. قَالَ: الْقُرْطَالَةُ: الكَبَارَجَةُ أَيْضاً. قَالَ: وسَمِعْت شَامِيّاً يَقُول: والْمِشْفَلَةُ: الكَرِشُ.
فشل: قَالَ اللَّيْث: رجل فَشِلٌ، وَقد فَشِلَ يَفْشَلُ عِنْد الْحَرْب والشِّدَّة، إِذا ضَعُفَ وَذَهَبت قُواه، وَيُقَال: إِنَّه لَخَشْلٌ فَشْلٌ، وَإنَّهُ لَخَشِلٌ فَشِلٌ.
وَقَالَ الله جَلَّ وعزَّ: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الْأَنْفَال: 46) .
قَالَ الزّجاج: أَي تَجْبُنُوا عَن عَدُوِّكُمْ إِذا اخْتَلَفْتُمْ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِفْشَلُ: الَّذِي يَتَزَوَّجُ فِي الغَرائِب لِئَلَّا يَخْرُجَ ولدُه ضَاوِياً، والمِفْشَلُ: سِتْرُ الْهَوْدَج.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ الْفِشْل، وَهُوَ أنْ يُعلِّقَ ثَوْباً على الهَوْدَج، ثمَّ يُدْخِلُهُ فِيهِ ويَشُدُّ أطرافَه إِلَى القَواعد، فَيكون وجايَةً من رُؤوس الأَحْنَاءِ والاقْتاب، وعُقَد العُصُمِ، وَهِي الْحِبال.
وَقد افْتَشَلَت المرأَةُ فِشْلَها، وفشلَتْهُ.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الفِشْلُ: سِتْرُ الهَوْدَج. قَالَ: والفَيشَلَةُ: طَرَفُ الذّكَر، وَجَمعهَا الفَيشَل والفَياشلُ. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: تَفَشَّلَ فلانٌ مِنْهُم امرأَةً، إِذا تَزَوَّجَها.
ش ل ب
استُعْمِل من وجوهه: شبْل.
شبْل: قَالَ اللَّيْث: الشِّبْلُ وَلَدُ الأَسَد.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: الإشبَالُ التَّعَطّفُ على الرجُل ومعونته.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
هُمُ رَئموها غَيرَ ظَأْرٍ وأَشبَلُوا
عَلَيْهَا بأَطْرَافِ الْقَنَا وتَحدَّبُوا

(11/252)


قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: المُشبِلَةُ من النِّساء هِيَ الَّتِي تُقِيم على وَلَدهَا بعد زَوجهَا وَلَا تَتَزَوَّجُ.
يُقَال لَهَا: أَشَبَلَتْ وحَنَتْ على وَلَدهَا.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: إِذا كَانَ الغُلام مُمْتَلِيءَ البَدن نَعْمَةً وشَباباً، فَهُوَ الشابِلُ، والشابنُ والحِضْجَر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: إِذا مَشى الْحُوَارُ مَعَ أُمِّهِ فَهِيَ مُشبِلٌ.
قَالَ الأزهريّ: قِيلَ لَها: مُشْبِلٌ؛ لشفقتِها على وَلَدهَا.
ش ل م
شلم، شَمل، مشل، ملش، لمش.
شلم: قَالَ اللَّيْث: شَالَمٌ وشَيْلَمٌ، بلغةِ أهل السَّواد، هُوَ الزُّوَانُ الَّذِي يكون فِي البُرّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الشَّيْلَمُ والزُّوَانُ والسَّعِيعُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ السُّلَمِيَّ يَقُول: رَأَيتُ رجلا يَتَطَايَرُ شِلَّمةٌ وشنّمُه.
إِن تحمليه سَاعَة فرُبَّما
أَطارَ فِي حُب رِضاكَ الشِّلَّما
سلَمة عَن الْفراء، قَالَ: لم يَأْت على فَعَّلَ اسمٌ إِلَّا بَقَّم، وعَثّر وبَذَّر، وهُما مَوْضعان، وشَلَّم بَيْتُ الْمُقَدّس وخضَّمُ: اسمُ قَرْية.
مشل: أهْمله اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتعمل.
رَوى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْمَشْلُ الحَلْبُ الْقَلِيل، والْمِمْشَلِ: الحالِبُ الرَّفيق بالحلْب.
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: مَشَّلَت النّاقة تمشيلاً، إِذا أنزلت شَيْئا من اللَّبن قَلِيلا.
شَمِر، عَن ابْن شُميل: تمشيلُ الدِّرَّة: انتِشارُها لَا يجْتَمع فيحلبها الحالِبُ أَو فَصِيلها.
قَالَ شمر: وَلَو لم أسْمَعه لَهُ لأنكرته.
سلَمة، عَن الْفراء: التَّمشِيلُ: أَن يَحْلُب ويُبْقَى فِي الضَّرْع شَيْئا، وَهُوَ التَّفشيلُ أَيضاً.
لمش: أهمله اللَّيث، وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: اللَّمْشُ: الْعَبَثُ، وَهَذَا صَحِيح.
ملش: وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: مَلَشتُ الشيءَ أَمْلِشهُ مَلْشاً، إِذا فَتَّشتَه بيدِكَ كَأَنَّك تَطْلب فِيهِ شَيْئا.
شَمل: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَشمَلَ الْفَحْلُ شَوْلَه إشمالاً، إِذا أَلْقَحَ النِّصفَ مِنْهَا إِلَى الثُّلُثَين، فَإِذا أَلْقَحَهَا كُلَّها قيل: أقمهَا حَتَّى قَمَّتْ تَقِمّ قُمُوماً.
وَشملت النَّاقة لَقاحاً شَمَلاً، وأَشْمَلَ فلانٌ خَرَائِفَهُ إِشْمالاً، إِذا لَقَطَ مَا عَلَيْهَا من الرُّطَب إلاَّ قَلِيلا، والخَرائِفُ: النخيل اللواتي تُخْرَصُ أَي تُحزَرُ، واحدتها

(11/253)


خَرُوفَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال لما بَقِيَ فِي العِذْق بعد مَا يُلْقَطُ بعضه شَمَلٌ، وَإِذا قلَّ حَمْلُ النّخلة، قيل فِيهَا شَمَلٌ أَيْضا.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عُبيدة يَقُول: حِمْلُ النَّخلة مَا لم يَكثر ويَعظُم، فَإِذا كثر فَهُوَ حَمْلٌ، وشَمَلْتُ الشاةَ شَمْلاً أَشْمُلُها إِذا شدَدْت الشِّمال عَلَيْهَا.
الأصمعيّ، والكسائيّ: فِي شِمال الشَّاة مِثْله.
وَقَالَ اللَّيْث: شَمِلَهم أمْرٌ، أَي غَشيتهُم يَشمَلُهُمْ شَمْلاً وشُمولاً. قَالَ: واللَّون الشَّامِل: أَن يكون لون أسود يعلُوه لونٌ آخر. والشِّمال خلاف الْيمن خَلِيقَة الْإِنْسَان، وَجمعه شمائِل.
وَقَالَ لبيد:
هُمُ قَوْمِي وَقد أَنْكَرْتُ مِنْهُمْ
شمائِلَ بُدِّلُوها من شِمالِي
وَإِنَّهَا لحسنة الشَّمَائِل، ورجُل كَريمُ الشمائِل، أَي فِي أَخْلاقه وعِشرتِه. والشَّمَال: ريحٌ تَهُبّ من قِبَلِ الشّام، عَن يسَار الْقِبلة، والشَّمأَلُ لغةٌ فِيهَا، وَقد شَمَلَتْ تَشْمُل شُمولاً. وأَشْمَلَ يومُنا، إِذا هَبَّتْ فِيهِ الشمَال، وغَدِيرٌ مَشْمول: شَمَلَتْه ريح الشمَال، أَي ضَرَبَتْهُ فَبَرَدَ ماؤُه، وخَمْرٌ مَشمولة: بارِدَةٌ، والشَّمْلَة: كِسَاءٌ يُشتَمل بِهِ، وَجَمعهَا شِمال.
قلت: الشمْلَةُ عِنْد الْبَادِيَة: مِئْزَرٌ من صُوفٍ أَو شَعَرٍ يُؤْتَزَرُ بِهِ، فَإِذا لُفِّقَ لِفْقَان فَهِيَ مِشمَلَة يَشتَمِلُ بهَا الرّجل إِذا نَام باللَّيل، والشِّملة: الحالةُ الَّتِي يَشتَمِلُ بهَا.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن اشْتِمال الصَّمَّاء.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هُوَ أَن يشتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّل جَسَدَه لَا يَرْفَع مِنْهُ جانِباً، فَيكون فِيهِ فَرْجَةٌ تَخْرُج مِنْهَا يَده، وَرُبمَا اضْطَجع فِيهِ على هَذِه الْحَالة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَأما تَفْسير الفُقهاء فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ يشتَمِلَ بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره، ثمَّ يَرْفعه من أحد جانبيه، فيضعه على مَنْكِبه فيبدو مِنْهُ فَرْجُه.
قَالَ: والفقهاءُ أعلمُ بالتّأويل من هَذَا، وَهَذَا أصَحُّ فِي الْكَلَام، وَالله أعلم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشَّمول: الخَمْر، لِأَنَّهَا تَشمل بريحها النّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ البَارِدَة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: شَمَلْتُ الْخمر، إِذا وضعتَها فِي الشَّمال، وَلذَلِك قيل للخمر: مَشمُولَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْمِشْمَلُ: ثوبٌ يشْتَمل بِهِ، والمِشمَلُ أَيْضا: سَيْفٌ قصيرٌ دَقِيق نَحْو المِغْوَل.
وَقَالَ اللَّيْث: المِشمَلَةُ والمِشمَلُ: كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ متَفَرق يُلْتَحفُ بِهِ دون القَطِيفة،

(11/254)


وَقَالَت امرأةُ الْوَليدِ لَهُ: من أَنْتَ ورأْسُكَ فِي مِشمَلِكَ؟
أَبُو زَيْد: يُقَال: اشْتَمَل فلَان على ناقَةٍ فذَهب بهَا أَي ركِبها وذَهب بهَا، وَيُقَال: جَاءَ فلَان مُشتَمِلاً على دَاهِيَة. والرَّحِمُ تشتَمل على الولَد، إِذا تَضَمَّنَتْهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ فِي قَول جرير:
حَيُّوا أُمَامَة واذكُروا عَهْداً مَضَى
قَبْل التَّفَرُّق من شَمَالِيلِ النَّوَى
قَالَ: الشَّماليل الْبَقايا، قَالَ: وَقَالَ أَبُو صَخْر، وَعمارَة: عَنَى بشماليل النَّوى: تَفَرُّقها.
قَالَ: وَيُقَال: مَا بَقِيَ فِي النّخلة إلاَّ شَمَلٌ، وشَماليل، أَي شَيْءٌ مُتَفَرِّق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّماليل: شيءٌ خَفِيف من حَمْل النَّخْلة، وناقة شِمْلال: خَفِيفَةٌ، وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
كَأَنِّي بفَتْخَاءِ الْجَناحَيْن لِقْوَةٍ
دَفُوفٍ من العِقْبَانِ طَأْطأْتُ شِمْلالِي
ويروى:
عَلَى عَجَلٍ مِنْهَا أُطَأْطِيءُ شِمْلاَلِي
وَمعنى طَأْطَأْتُ: أَي حرّكتُ واحتَثَثْتُ، وطأطأ فلَان فَرَسَه: إِذا حَثَّها برجْلَيه، وَقَالَ المرَّار:
وإذَا طُؤْطِيءَ طَيَّارٌ طِمِرّ
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: أَرَادَ بقوله أُطأْطِيءُ شِمْلاَلِي: يَدَه الشِّمال، والشِّمال والشِّمْلال وَاحِد، وَيُقَال للناقةِ السريعة: شِمْلال، وَهِي الشِّمِلَّةُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول زُهَيْر:
نَوًى مَشْمولَةً فَمَتى اللِّقاءُ
قَالَ: مَشمُولة: سريعةُ الانْكِشاف، أَخَذَه من أنَّ الرّيح الشمَال إذَا هبَّتُ بالسّحاب، لم يلبث أَن يَنْحَسِرَ وَيذْهب، وَمِنْه قولُ الهُذَلي:
حارَ وَعقَّتْ مُزْنَةُ الريحُ وانْ
قَارَ بِهِ الْعَرْضُ وَلم يشمَلِ
يَقُول: لم تَهبّ بِهِ الشمَال فتقشعه، قَالَ: والنَّوى والنِّيَّةُ: الموضِعُ الَّذِي تَنُوِيه.
قَالَ ابنُ السّكيت فِي قَول أبي وَجْزَة:
مَجْنُوبَةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَوَاعِدُهَا
من الهِجانِ الجمالِ الشُّطْبِ والْقَصَبِ
قَوْله: مَجْنُوبَة الأنْس، أَي أُنسها محمودٌ؛ لأنَّ الْجُنوبَ مَعَ الْمَطَر فَهِيَ تُشْتَهى لِلخِصْب، وَقَوله: مَشْمُولٌ مواعِدُها، أَي لَيست مواعيدها بمحمودة.
وَيُقَال: بِهِ شَمْلٌ من جُنُون، أَي بِهِ فَزَعٌ كالجنون، وَأنْشد:
حَمَلَتْ بِهِ فِي لَيْلَةٍ مَشْمُولَةٍ
أَي فَزِعَةٍ، وَقَالَ آخر:

(11/255)


فَمَا بِي مِنْ طَيْفٍ على أَنَّ طَيْرَةً
إِذَا خِفْتُ ضَيْماً تَعْتَرِيني كالشَّمْلِ
قَالَ: كالشَّمل: كالجُنون من الْفَزع.
والشَّمل: الاجْتماع. جَمعَ الله شَمْلَك، وَيُقَال: انشَمَل الرجل فِي حَاجَته. وانشمَرَ فِيهَا، وَأنْشد أَبُو تُرَاب:
وجْنَاءُ مُقَوَرَّةُ الألْياطِ يَحْسَبُها
مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبَعَةٍ
فِي لاَزِقٍ لَحِقَ الأَقْرابَ فانشمَلاَ
أَرَادَ أَرْبَعَة أخْلاف فِي ضَرْعٍ لازقٍ لحقَ أقرابَها فانشمرَ، وانْضَمّ.
وَقَالَ الآخر:
رَأَيْتُ بَنِي العَلاَّتِ لما تَضَافَرُوا
يَحوزون سَهْمِي دُونَهُمْ فِي الشَّمَائِل
أَي يُنزلونني بالمنزِلة الْخَسِيسة، وَالْعرب تَقول: فلَان عِنْدي بِالْيَمِينِ، أَي بمنزلَةٍ حَسَنَة، وَإِذا خسَّتْ منزلَتُه قَالَ: أَنْت عِنْدِي بالشِّمال.
وَقَالَ عدِي بن زيد يُخَاطب النُّعمان بن المِنْذِر، ويفضله على أَخِيه:
كَيفَ تَرْجو رَدَّ المُفِيضِ وَقد أَخَّ
رَ قِدْحَيْكَ فِي بَياضِ الشِّمال
يَقُول: كنتُ أَنا المُفيضَ بقدح أَخيك وقِدْحِك ففوَّزْتُك عَلَيْهِ، وَقد كَانَ أَخُوك قد أَخَّرَك، وجعلِ قِدْحَكَ بالشِّمال لِئَلَّا يَفُوز، قَالَ: وَيُقَال: فلَان مَشمُول الخَلاَئق، أَي كريم الأَخْلاق، أُخِذَ من المَاء الَّذِي هَبّت بِهِ الشَّمالُ فَبَرَّدَتْه.
والشماليل: جِبَالُ رمالٍ مُتَفرقة بِنَاحِيَة مَعْقُلَة.
قَالَ: وَيُقَال للريح الشَّمال: شَمْأَلَ وشأمَلٌ وشَوْمَلٌ وشَيْمَلٌ وشَمْلٌ. وَزَاد ابْن حبيب: شَمُولٌ وشَمَلٌ، وَأنْشد:
ثَوَى مالِكٌ ببلادِ العَدُوّ
تَسْفِي عَلَيْهِ رِياحُ الشمَلْ
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْقُرْآن فَقَالَ: (يُعْطَى صاحبُه يَوْم الْقِيَامَة المُلْكَ بِيَمِينِهِ، والخُلَد بِشمَالِهِ) ، لم يرد بِهِ أَن شَيْئا يوضع فِي يَمِينه وَلَا فِي شِمَاله، وَإِنَّمَا أَرَادَ أنَّ الملكَ والخُلْد يُجْعلان لَهُ، وكلُّ من جُعِلَ لَهُ شَيْء فملكه فقد جُعل فِي يَده وقبضته، وَمِنْه قيل: الأمْرُ فِي يَدِكَ، أَي فِي قَبْضَتِكَ، وَمِنْه قَول الله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} (آل عمرَان: 26) أَي هُوَ لَهُ وَإِلَيْهِ. وَقَالَ الله جلّ وعزَّ: {الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (الْبَقَرَة: 237) يُراد بِهِ الْوَلِيّ الَّذِي إِلَيْهِ عَقدُه، وَأَرَادَ الزوجَ الْمَالِك لنكاح المرْأَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: أُمُّ شَملَةٌ: كُنْيَةُ الدُّنيا، وَأنْشد:
من أمِّ شمْلَةَ تَرْمِينَا بِذَائِفِها
عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: أم شَمْلة، وأُمّ

(11/256)


ُ ليلى: كُنْيَةُ الْخمر.

(أَبْوَاب الشين وَالنُّون)
ش ن ف
شفن، شنف، نشف، نفش، فنش، فشن.
شنف، شفن: أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: شَفَنتُ إِلَى الشَّيْءِ، وشنَفتُ، إِذا نظرت إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي الشَّفْنِ والشنَفِ مِثله. وَأنْشد:
وقَرَّبُوا كُلَّ صِهْمِيمٍ مَناكِبُه
إِذا تَدَاكَأَ مِنهُ دَفعُهُ شَنَفَا
وَقَالَ الأخطل:
وإذَا شَفَنَّ إِلَى الطَّرِيقِ رَأَيْتَهُ
لَهَفاً كَشاكِلَةِ الحِصَانِ الأبلَقِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّطُونُ: الْغَيُورُ الَّذِي لَا يَفْتُرُّ بصرُه عَن النّظَر من شِدَّة الْغَيرة والْحَذَرَ، وَأنْشد:
حِذَارهُ مُرْتَقِبٌ شَفُونَا
وَقَالَ العجاج:
أزمانُ غَرَّاءُ تروقُ الشُّنَّفَا
أَي تُعْجِبُ من نَظَر إِلَيْهَا.
وَفِي حَدِيث مُجالد بن مَسْعُود، أَنه نظر إِلَى الأَسْودِ بن سَريع يَقُصُّ فِي نَاحيَة المَسْجد، فشَفَن النَّاسُ إِلَيْهِم.
قَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ أَبُو زيد: الشَّفْنُ: أَنْ يَرْفَعَ الإنْسان طَرْفَهُ ناظِراً إِلَى الشّيْء كالمتعجّبِ مِنْهُ، أَو كالكارِهِ لَهُ، وَمثله: شَنَفَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنَفُ: شِدَّةُ الْبُغْضِ، يُقَال: شَنِفَهُ، أَي أَبْغَضَهُ، وَأنْشد:
ولَنْ أَزَالَ وإنْ جَامَلْتُ مُحْتَسِباً
فِي غَيْرِ نَائِرَةٍ ضَبّاً لَهَا شَنِفَا
أَي مُبْغِضاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الشَّنْفُ بفَتْحِ الشين: فِي أَعْلَى الأُذن، والرَّعْثَةُ: فِي أَسْفَل الأُذُن، وَجمعه: شُنُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنْفُ: مِعْلاَقٌ فِي قُوفِ الأُذُن.
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: الشَّفْنُ، ساكِنُ الْفَاء: الكَيِّس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّفْنُ: رَقِيبُ الْمِيراث.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشَّفْن: الانتِظَار، وَمِنْه قَول الْحسن: (تَمُوتُ وتَتْرُكُ مالَكَ للشافِنِ) .
والشَّفْنُ: الْبُغْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَنِفْتُ: فَطِنْتَ، وَأنْشد فِي ذَلِك قَوْله:
وتَقُولُ: قَدْ شَنِفَ الْعَدُوُّ فَقُلْ لهَا
مَا لِلْعَدُوِّ لغَيْرهَا لَا يَشنَفُ
أَبُو زيْد: من الشِّفاه والشَّنْفَاءُ، وَهِي

(11/257)


الْمُنْقَلبة الشفَةِ الْعليا من أَعْلَى، وَالِاسْم الشَّنَفُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَنِفْتُ لَهُ وَعَدِيتُ لَهُ، إِذا أَبْغَضْتَه.
قَالَ: وَيُقَال: مَالِي أراكَ شانِفاً عَنِّي وخَانِفاً، وقَدْ خَنَفَ عَنِّي وَجْهَه، أَي صَرَفَه.
نفش: قَالَ اللَّيْث: النَّفْشُ: مَدُّك الصّوفَ حَتَّى يَنْتَفِشَ بعضُه عَن بعض، وكلّ شَيْء ترَاهُ مُنْتَبِراً رِخْوَ الْجَوْفِ، فَهُوَ مُنْتَفِشٌ ومُتَنَفِّشٌ. وَقد يُقَال: أَرْنَبَةٌ متنفِّشة، إِذا انْبَسَطَت على الْوَجْه، وَقد تنَفّشَ الضِّبعَانُ، أَو بَعْض الطّير، إِذا نَفَضَ رِيشه كأَنَّه يخَاف أَو يُرْعَد.
وَيُقَال: أَمَةٌ مُتَنَفِّشةٌ.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: النَّفَش: أَنْ تنتشِرَ الإبلُ باللَّيل فَتَرْعَى، وَقد أَنفَشتُها، إِذا أرسَلْتَها بِاللَّيْلِ، فَتَرعَى بِلَا راعٍ وَهِي إبلٌ نُفَّاشٌ، وَأنْشد:
أجْرِسْ لَهَا يَا بْنَ أبي كِبَاشِ
فَمَا لَهَا اللَّيْلة من إنْفاش
غير السّرى وسائِقٍ نَجَّاش
إلاّ بِمَعْنى غير السُّرى كَقَوْلِه: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ} (الْأَنْبِيَاء: 22) أَرَادَ غير الله.
قَالَ المنذريّ: أَخْبرنِي ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: يُقَال: نفِشت الإبلُ تَنَفش ونفَشتْ تَنفُش، إِذا تَفَرَّقت، فرعت بِاللَّيْلِ من غير عِلم راعيها، وَالِاسْم: النَّفَش، وَلَا يكون إِلَّا باللَّيل، وَيُقَال: باتت غَنَمُه نَفَشا، وَهُوَ أَن تَفَرَّقَ فِي المرْعى من غير علم صاحِبها، وَقد نَفِشتْ نَفَشا.
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي طَالب، أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: إنْ لم يكن شحمٌ فَنَفَشٌ، قَالَ: قَالَ ابْن الأعرابيّ مَعْنَاهُ: إِن لم يكن فِعْلٌ فَرِياءٌ، قَالَ: والنَّفَش: الصُّوفُ.
فشن: قَالَ اللَّيْث: فَيْشون: اسمُ نَهر.
فنش: قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت السُّلَمِيّ يَقُول: بَنّش الرجلُ فِي الأَمر وفَنّشَ، إِذا اسْتَرْخَى فِيهِ، وَأنْشد أَبُو الْحسن:
إنْ كُنْتَ غَيْرَ صائِدِي فَنَبِّشِ
قَالَ: ويروى: (فَبَنِّش) أَي اقعُد.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعتُ العَبْسِيِّين يَقُولُونَ: فَنّش الرجلُ عَن الْأَمر، وفَيَّش إِذا خَامَ عنْه.
نشف: قَالَ اللَّيْث: النَّشْفُ: دخولُ المَاء فِي الأَرْض، والنشْفُ: حِجَارَة على قَدْر الأَفهار ونَحْوها سُودٌ كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَة، تُسمى نَشْفه ونشَفاً، وَهُوَ الَّذِي يُنَقِّي بِهِ الوَسَخُ فِي الحمامات، سُميت نَشْفة لتَنشفُّها الماءَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّيت نَشْفَةً لانتِشافها الوسَخَ عَن مَواضِعِه، والجميع النَّشْفُ. والنَّشْفَةُ: الصُّوفة الَّتِي يُنْشفُ بهَا المَاء من

(11/258)


الأَرْض.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: النَّشْفُ: مَصدر نَشِفَ الحوضُ الماءَ يَنْشَفُه نشفَاً، وَيُقَال: أَرضٌ نَشِفَةٌ بَيِّنَةُ النَّشَف، إِذا كَانَت تَنْشَفُ المَاء.
وَقَالَ فِي بَاب فَعِلَ: وَهُوَ الفصيح الَّذِي لَا يُتَكَلَّمُ بِغَيْرِهِ، وَمن العَرب من يَفتَح نَشِف الحوضُ مَا فِيهِ من المَاء، يَنشفُه، ونَفِذَ الشَّيْء يَنْفَذُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: النِّشْفُ والنَّشَفَة: حِجَارَة الحَرَّة وَهِي سودٌ كَأَنَّهَا مُحتَرقة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّشْفَةُ: الْحِجَارَة الَّتِي يُدلَكُ بهَا الأقْدام. وَقَالَ الأمويّ مِثلَه، إِلَّا أَنه قَالَ: النِّشْفَةُ، بِكَسْر النُّون.
اللّحيانيّ: انْتُسِف لونُه، وانْتُشفَ لَونه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ الرُّغْوَةُ والنُّشافَةُ لما يَعْلُو أَلْبان الْإِبِل والغنمَ إِذا حُلِبَت.
وَيُقَال انتَشفتُ، إِذا شرِبْت النُّشَافَةَ، وَيَقُول الضبيّ: أنشفْني، أَي أعْطني النُّشافَة أَشرَبُها. وَيُقَال: أَمْست إبلكم تُنَشِّفُ وتُرَغِّي، أَي لَهَا نُشَافَةٌ ورُغْوَة.
وَقَالَ اللّحيانيّ: النُّشافَة والنُّشْفَةُ: مَا أَخَذته بمغْرَفةٍ من القِدر، وَهُوَ حارٌّ فَتَحَسَّيْتَهُ.
وَقَالَ النَّضر: نَشَّفَت النَّاقة تَنشيفاً، وَهِي ناقةٌ مُنَشِّفٌ، وَهُوَ أَن ترَاهَا مَرَّة حافِلاً، وَمرَّة لَيْسَ فِي ضَرْعِها لَبَن، وَإِنَّمَا تَفعل ذَلِك حِين يدنو نَتَاجها، والنُّشافَةُ: الرُّغْوة، وَهِي الجُفَالَة.
ش ن ب
شنب، نشب، نبش، بنش، شبن.
شبن: الشابِنُ والشَّابِلُ: الْغُلَام الثّار الناعم، وَقد شَبَنَ وشَبَلَ.
شنب: شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الشَّنَب فِي الْأَسْنَان أَن ترَاهَا بَيْضَاء مُسْتَشْرِبة شَيْئا من سَواد، كَمَا ترى الشَّيْء من السَّوَادِ فِي البُرُد. وَقَالَ بَعضهم يصف الْأَسْنَان:
مُنَصَّبُها حَمْشٌ أَحَمُّ يَزِينُه
عوارضُ فِيهَا شُنْبَةٌ وغُروب
والغروب: مَاء الْأَسْنَان، والظَّلَمُ: بياضها كَانَ يعلوه سَواد.
قَالَ اللَّيْث: الشَّنَبُ: ماءٌ ورِقَّةٌ تجْرِي على الثَّغْر.
عَمْرو، عَن أَبِيه: المشانِبُ: الأفواه الطّيبة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المِشْنَبُ: الغلامُ الحَدث المحزَّزُ الْأَسْنَان المُؤَشَّرُها فَتَاءً وحَدَاثَةً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتَلَفَوا فِي الشَّنَب، فَقَالَت طَائِفَة: هُوَ تَحْرِيزُ أَطْرَاف الْأَسْنَان، وَقيل: هُوَ صفاؤُها ونقَاؤُها، وَقيل هُوَ

(11/259)


تَفْلِيجُهَا، وَقيل: طِيبُ نَكْهتِها.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّنَبُ: البَرْدُ والعذُوبَةُ فِي الْفَم.
وَقَالَ اللَّيْث: رُمَّانَةٌ شنْبَاء، وَهِي المَلِيسَةُ، وَلَيْسَ فِيهَا حَبّ، وَإِنَّمَا هُوَ ماءٌ فِي قِشْرٍ على خِلْقَة الحَبّ من غير عَجَم.
نشب: عَمْرو، عَن أَبِيه: المنَاشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المِنْشَبُ: الخَشُوُ، أَتَوْنَا بخِشْوِ مِنْشَبٍ يَأْخُذُ بالحلْقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشَبُ: المالُ الأصيلُ.
أَبُو عبيد: من أسماءِ المَال عِنْدهم النَّشَب.
يُقَال: فلَان ذُو نشبٍ، وَفُلَان مَاله نَشب.
وَقَالَ اللَّيْث: نَشِبَ الشَّيءُ فِي الشَّيْء نَشَباً، كَمَا يَنْشَبُ الصَّيد فِي الْحِبالة. وأَنشبَ البازِيّ مخالبه فِي الأَخِيذة، ونَشِبَ فلَان مَنشِبَ سوء، إِذا وَقع فِيمَا لَا مَخْلَصَ لَهُ مِنْهُ، وَأنْشد لأبي ذُؤَيْب:
وَإِذا المِنيّةُ أَنشبَتْ أَظفارَهَا
أَلْفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لَا تَنْفَعُ
والنُّشَّابُ: جمع النُّشَّابة، والنَّاشِبَةُ: قومٌ يرْمونَ بالنُّشَّابِ، والنَّشَّاب: مُتَّخِذه، وأُشْبَة ونُشْبَة: من أَسمَاء الذِّئبِ.
وَقَالَ غَيره: انتشبَ فلَان طَعَاما، أَي جمعه، وَاتخذ مِنْهُ نَشَباً، وانتشبَ حطباً: جَمَعه.
قَالَ الْكُمَيْت:
وأَنْفَدَ النَّمْلُ بالصَّرَائِم مَا
جَمَّعَ والحاطِبُونَ مَا انتَشَبُوا
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: أَنْشَبَتِ الرّيحُ، وأَسْنَفَت، وأَعَجَّتْ، كلُّ هَذَا فِي شِدَّتِها وسَوْفِها التُّرَاب.
نبش: قَالَ اللَّيْث: النَّبْشُ: نبشكَ عَن الميّت، وَعَن كلِّ دَفِين، وأَنابيشُ العُنْصُل: أُصُوله تَحت الأَرْض، وَاحِدهَا أُنْبُوشة، وَأنْشد:
بأَرْجائِهِ القُصْوَى أَنابيشُ عُنْصُلِ
بنش: قَالَ اللحياني: بنَّشَ: قَعَدَ.
ش ن م
شنم، نَشُمُّ، نمش، مشن.
نَشُمُّ: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: من أَشجَار الْجبَال النَّبْعُ والنَّشَمُ.
وَقَالَ غَيره: يُتَّخَذُ من النَّشَم القِسِيّ العَرَبيَّة.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عارِضٍ زَوْرَاءَ من نَشَمٍ
غيرِ باناةٍ على وَتَرِهْ
وَفِي حَدِيث مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: أَنه لما نَشَّمَ النَّاس فِي أمره، قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: طعنوا فِيهِ ونالوا مِنْهُ.

(11/260)


قَالَ: وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء، أَنه كَانَ يَقُول فِي قَول زُهَيْر:
تَفَانَوا ودَقُّوا بَينَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ
قَالَ: هُوَ من ابْتِدَاء الشرّ، يُقَال: قد نَشَّمَ القومُ فِي الأمْرِ تنشيماً إِذا أَخَذُوا فِي الشَّرّ، وَلم يكن يذهب إِلَى أنَّ مَنْشَمَ امْرَأَة كَمَا يَقُول غَيره.
قَالَ أَبُو عُبيد، وَأَخْبرنِي ابْن الكلبيّ فِي قَوْله: عِطْر مَنْشَم، قَالَ: مَنْشَم: امرأةٌ من حِمْيَر، كَانَت تبيع الطِّيب، فَكَانُوا إِذا تَطيّبوا بِطيبها اشْتَدَّت حربُهم، فصارَتْ مَثلاً فِي الشَّرِّ.
وَقَالَ شمِر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: تَنَشَّمَ فِي الشيءِ، ونَشَّمَ فِيهِ، إِذا ابْتَدَأ فِيهِ وَأنْشد:
وَقَدْ أَغْتَدِي واللَّيلُ فِي جَرِيمِه
مُعَسْكِراً فِي الْغُرِّ من نُجومِه
والصُّبْحُ قد نَشمَّ فِي أَدِيمِه
يَدُعُّه بِضِفَّتَيْ حَيْزُومِه
دَعَّ الرّبيبِ لَحْيَتَيْ يتيمه
قَالَ: نَشَّمَ فِي أديمه، يُرِيد تَبدَّى فِي أَوَّل الصُّبح، قَالَ: وأديم اللَّيل: سَوادُه وجَرِيمُه: نفْسُه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: نَشَّمَ اللَّحْم تَنْشِيماً، إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحه لَا من نتْنٍ وَلَكِن كَراهةً.
شمِر عَن ابْن الأعرابيّ: التنْشِيمُ الابتداءُ فِي كلِّ شيءٍ.
قَالَ: والْمَنْشَمُ: شيءٌ يكون فِي سُنْبُل العِطْر، يُسَمِّيه العطَّارون رَوْقٌ وَهُوَ سَمٌّ ساعَة.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ ثمرةٌ سوداءُ مُنْتِنَة.
وَقد أكثرت الشُّعراء ذكر مَنْشَم فِي أشعارها، قَالَ الْأَعْشَى:
أَرَانِي وعَمْراً بَيْننَا دَقُّ مَنْشَم
فَلم يَبْقَ إِلَّا أَنْ أُجَنَّ ويَكْلَبَا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمُنَشَّمُ: الَّذِي قد ابْتَدَأَ يَتَغيَّر، وَأنْشد:
وقَدْ أُصاحِبُ فِتْياناً شَرَابُهم
خُضْرُ المَزادِ ولحمٌ فِيهِ تَنشيمُ
قَالَ: وخُضْرُ المزادِ الْفَظَ، وَهُوَ ماءُ الكَرِش، وَيُقَال: أَرَادَ أَن المَاء بَقِيَ فِي الأدَاوَى، فاخْضَرَّت من الْقَوْم.
اللِّحْيانيّ: تَنَشَّمْتُ مِنْهُ عِلماً، وتَنَسَّمْتُ مِنْهُ علما، إِذا اسْتَفَدْتَ مِنْهُ عِلما.
نمش: قَالَ اللَّيْث: النَّمَشُ: خطوطُ النُّقوش من الوَشي وَنَحْوه، وَأنْشد:
أَذَاكَ أَمْ نَمِشٌ بالوَشْيِ أَكْرُعُه
مُسَفَّعُ الخدِّ غادٍ ناشِطٌ شَبَبُ
قلت: نَمِشٌ: نعتٌ للأكْرع مُقَدَّم، أَرَادَ: أَذاك أم ثَوْرٌ نَمِشٌ أَكْرُعُه؟
وَقَالَ اللَّيْث: النَّمْشُ: النَّمِيمةُ والسِّرَارُ. والنَّمْشُ: الالْتِقَاطُ للشيءِ، كَمَا يَعْبَثُ الإنسانُ بالشَّيْء فِي الأَرْض.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم أَنه أنشدَه:

(11/261)


يَا مَنْ لِقَوْمٍ رَأْيُهُمْ خَلْفَ مُدَنْ
إِن يَسْمَعُوا عَوْراء أَصْغَوْا فِي أَذَنْ
ونَمَشوا بكَلِمٍ غيرِ حَسَن
قَالَ: نَمَشُوا: خلَطوا، وثوْرٌ نمِشُ القَوائم؛ فِي قوائمه خُطوط مُختلفة، أَرَادَ خَلطوا حَدِيثا حَسَناً بقبيح.
قَالَ: ويُروَى نمسوا: أَي أَسَرُّوا، وَكَذَلِكَ هَمَسوا، وعَنْزٌ نَمْشَاءُ، أَي رَقْطَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقال فِي الْكَذِب: نَمَشٌ، ومَشَّ، وفَرَشَ، وقرَشَ ودبشَ.
أَبُو تُرَاب، عَن وَاقع: بَعيرٌ نمِشٌ ونَهشٌ، إِذا كَانَ فِي خُفِّه أَثَرٌ يَتَبيَّن فِي الأَرْض من غير أثْرِه.
مشن: قَالَ اللَّيْث: المَشْنُ: ضربٌ من الضَّرب بالسِّياط، يُقَال: مَشنَهُ ومَتَنَه، مَشنَاتٍ، أَي ضَربَات. وَيُقَال: مَشنَ مَا فِي ضَرعِ النَّاقة ومَشْقَه، إِذا حَلَبه.
أَبُو تُراب: إِن فلَانا ليمتَشُّ من فلَان ويَمتَشنُ من فلَان، أَي يُصيب مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت، عَن الكلابيّ: مَرَّتْ بِي غِرَارَةٌ فمَشَنْتني. وأَصَابَتْني مَشْنة: وَهُوَ الشَّيْء لَهُ سَعَة لَا غَوْرَ لَهُ؛ مِنْهُ مَا بَضَّ مِنْهُ شَيْء، وَمِنْه مَا لم يَجْرح الجِلد.
قلت: وسمعتُ رجلا من أهل هَجَر يَقُول لآخر: مَشِّن اللِّيف، مَعْنَاهُ: مَيِّشه وانْفُشْه للتَّلْسِين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: امْرأة مِشانٌ: سَلِيطة وَأنْشد:
وهَبْتُه من سَلْفَعٍ مِشَانِ
كَذِئْبَةٍ تَنْبَحُ بالرُّكْبَانِ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن جُنَيْد، عَن مُحَمَّد ابْن هَارُون، قَالَ: سَمِعت عُثمان بن عبد الْوَهَّاب الثَّقفيّ يَقُول: اخْتلف أبي وَأَبُو يُوسُف عِنْد هَارُون، فَقَالَ أَبُو يُوسُف: أَطْيَبُ الرُّطَب المُشانُ، وَقَالَ أبي: أَطْيَب الرُّطب السُّكر. فَقَالَ هَارُون: يُحْضران. فَلَمَّا حضرا تنَاول أَبُو يُوسُف السُّكر، فقلتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: لما رأيتُ الْحق لم أَصْبِرْ عَنهُ.
وَمن أَمْثَال أهلِ الْعرَاق: بِعِلَّةِ الوَرَشَان تَأْكُل الرُّطَب المُشانَ.
أَبُو عَمرو: والمَشْنُ: الخدْشُ. وَقَالَ الكلابيّ: امْتَشَنْتُ النَّاقة وامْتَشَلْتُها، إِذا حَلَبْتَها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَشْنُ: مَسحُ الْيَد بالشَّيءِ الخَشن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: مَشقتُه عِشْرِين سَوْطاً ومَتَحْتُهُ ومَشنْتُهُ. وَقَالَ: كأَنَّ وجْهَه مُشِنَ بقَتَادَة، أَي خُدِش بهَا، وَذَلِكَ فِي الْكَرَاهَة والعُبوس والغَضب.
شنم: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشنْمُ:

(11/262)


الخَدْش، والشُّنْم، الرِّجالُ الْمُقَطَّعو الآذان.
وَقَالَ: رَمَي فَشَنَم: إِذا خَرقَ طرف الجِلْد.
(ش ف ب) ش ف م: مُهمل.

(بَاب الشين وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ش ب م
شبم، بشم.
شبم: قَالَ اللَّيْث: الشبَمُ: بَرْدُ الماءِ، يُقَال: ماءٌ شَبِمٌ، ومطرٌ شَبِم.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: قيل لابنَة الْخُسِّ: مَا أَطْيَبُ الأشْياءِ؟ فَقَالَت: لَحْمُ جَزُورٍ سَنِمَة، فِي غَداةٍ شبِمة، بشِفارٍ خَدِمَة، فِي قُدورٍ هَزِمَة. أرادَتْ: فِي غَداةٍ بارِدَةٍ، والشفارُ الخَذِمَة: القاطِعة، والقُدور الْهَزِمَة: السريعةُ الغَليان.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشبامُ: عودٌ يُجْعَلُ فِي فَم الْجَدْي لِئَلَّا يَرْضِعُ، فَهُوَ مَشْبُوم.
وَقَالَ عدِيّ:
لَيْسَ للمرْءِ عَصْرَةٌ من وِقاعِ الدَّ
هر تُغْنِي عَنهُ شِبَامَ عَناقِ
وشِبام: حيٌّ من الْيمن.
وَالْعرب تسمي السّمّ شبِماً، وَالْمَوْت شبِماً، لبَرْده.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يقالُ لرأس البُرْقُع، الصَّوقَعَة، ولِكَفِّ عَيْن البُرْقع: الضّرْس، ولخَيطِه: الشِّبامَان.
بشم: قَالَ اللَّيْث: البَشمُ: تُخمَةٌ على الدَّسَم؛ وَرُبمَا بَشِمَ الفَصيلُ من كَثْرَة اللَّبن حَتَّى يَدْقَى سَلْحاً فَيهْلك، يُقَال: دَقِيَ: إِذا كَثُرَ سَلْحة.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: البَشامُ: شجرُ طَيِّبُ الرِّيح يُسْتَاكُ بِهِ، وَأنْشد:
أَتَذْكُرُ إذْ تُوَدِّعُنَا سُلَيْمَى
بِفَرْعِ بَشَامَةٍ سُقِيَ البَشام
آخر الثلاثي الصَّحِيح من حرف الشين.

(11/263)


أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الشين

(بَاب الشين وَالضَّاد)
ش ض (وَا يء)
مهمل.

(بَاب الشين وَالصَّاد)
ش ص (وَا يء)
شصا، شاص، شيص.
شوص: قَالَ ابْن شُمَيْل: رجُل بِهِ شوْصَةُ، والشّوْصَة: الرَّكْزَةُ، بِهِ رَكْزَة، أَي شوْصَةٌ قَالَ: والشوْصَةُ: ريح يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي لَحْمه، تَحَوَّلُ مرَّةً هَا هُنَا، وَمرَّة هَا هُنَا، وَمرَّة فِي الظَّهر، وَمرَّة فِي الحَوْاقِن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْصَةُ: ريحٌ تَنْعَقِد فِي الأضْلاع، تَقول: شاصَتْنِي شوْصَةٌ، والشوائِصُ أسماؤها.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يشوصُ فاهُ بالسّواك.
قَالَ أَبُو عبيد: الشّوْصُ: الغَسْل، وكلُّ شَيْء غَسَلْته فقد شصْتَهُ تَشوصُه شوْصاً، وَهُوَ الْمَوْصُ، يُقَال: مَاصَهُ وشاصَهُ، إِذا غَسَلَه.
وَقَالَ شِمر: قَالَ الفرّاء: شاسَ فَمه بالسِّواك وشاصه.
قَالَ: وَقَالَت امْرَأَة: الشوْص يُوجع، والشوْسُ أَلْيَنُ مِنْه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ يَشُوصُ، أَي يَسْتَاكُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: شصْتُ الشَّيءَ، نَقَّيْتَه.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: شوْصُه: دَلْكُهُ أَسْنَانه وشدْقَه.
وَقَالَ الهَوَازِنيّ: شاصَ الْوَلَد فِي بَطن أُمِّه، إِذا ارْتَكَضَ، يَشوصُ شَوْصَةً. [
وَقَالَ اللَّيْث: الشّوَص فِي العَيْن، وَقد شَوِصَ شوَصاً، وشاصَ يَشاصُ. قلت: الشوَسُ بالسِّين فِي العَين أَكْثَر من

(11/264)


الشوَص، يُقَال: رجل أَشوَسُ، وَذَلِكَ إِذا عُرِفَ فِي نظره الغَضَبُ أَو الحِقْد، وَيكون ذَلِك من الْكِبْر، وجَمعه الشُّوس.
وَقَالَ أَبُو زيد: شاسَ الرَّجلُ سِوَاكه يَشوصُهُ، إِذا مَضَغَه، واسْتَنَّ بِهِ، فَهُوَ شائِص.
شصا: أَبُو عُبيد، عَن الفَراء: الشُّصُوُّ من الْعين مثل الشخوص. يُقَال: شصا بَصرهُ فَهُوَ يَشصُو شُصُوّاً، وَهُوَ الَّذِي كأَنَّه ينظُر إليكَ وَإِلَى آخرَ.
أَبُو الحسَنَ اللِّحيانيّ: يُقَال للميْت إِذا انْتَفَخَ فارْتفعت يَدَاهُ ورِجْلاه: قد شصَا يَشصَى شُصِيّاً، حَكَاهُ عَن الْكسَائي.
قَالَ: وَحكى لي الْأَحْمَر: شصَا يَشصُو شُصُوّاً، فَهُوَ شاصٍ.
قَالَ: وَيُقَال للشاصِي: شاظٍ، بالظاء، وَقد شظَا يَشظِي شُظِيّاً، قَالَ: وَيُقَال للزِّقاق المملوءة الشايلَة القوائم، ولِلقِربَ إِذا كَانَت مَمْلُوءَة، أَو نُفِخَ فِيهَا فارتفعَتْ قَوَائِمهَا شاصِيَة، والجميع شواصٍ، وشاصِيَاتٍ، وَأنْشد قَول الأخطل:
أَناخُوا فَجرُّوا شاصِيَاتٍ كأنّها
رِجالٌ من السُّودان لم يتسرْبَلُوا
وَقَالَ اللحياني: شصَى وشظى مثلُ ذَلِك، وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (إِذا أَرْجَعَنَّ شاصِياً فارْفَعْ يَداً) مَعْنَاهُ: إِذا ألْقى الرجلُ لَك نَفسه وغَلبْته فَرفع رجلَيْهِ، فاكْفُفْ يَدَك عَنهُ.
اللَّيْث: شصَت السَّحابة تَشصو، إِذا ارْتَفَعَتْ فِي نشوئها، والشاصِي: الَّذِي إِذا قُطعت قوائمُه ارْتَفَعَت مفاصِلُه أَبَداً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، الشَّصْوُ: السِّواكُ، والشصْوُ: الشدَّة.
شيص: أَبُو عُبيد، عَن الْفراء، يُقَال للتّمْر الَّذِي لَا يَشتَدُّ نَوَاه: الشِّيْسَاء، وَهُوَ الشيص.
وَقَالَ الأمويّ: هِيَ بلغَة بَلْحارث بن كَعْب: الصِّيص.
وَقَالَ الأصمعيّ: صَأْصَأَت النَّخلةُ، إِذا صَارَت شِيصاً، وَأهل الْمَدِينَة يُسمُّون الشيص السُّخُل.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّيصُ: شِيصَاءُ التَّمر، وَهُوَ الرَّديء مِنْهُ، وَقد أَشَاصَت النَّخْلة، والواحدة شِيصَةٌ، وشِيصَاءَةٌ ممدودَة.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : شيَّصَ فلَان النّاس، أَي عَدَّبهم بالأذى. قَالَ: وَبينهمْ مُشايصَة، أَي مُنَافَرة.

(بَاب الشين وَالسِّين)
ش س (وَا يء)
شوس، شأس، شسا.
شوس: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: شاسَ يَشاسُ وشَوِسَ يَشُوْسُ شَوَساً، وَرجل أَشْوَس، وَامْرَأَة شوْسَاءُ، إِذا عُرِفَ فِي نظره

(11/265)


الغَضَب والحِقْد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّوْسُ والشَّوْصُ فِي السِّواك، والشُّوسُ: جمع الأَشْوس، وأَنشد شمر:
أَإِن رأَيتَ بني أَبيك مُحَمّجِينَ إلَيَّ شُوسَا
وَيُقَال: فلانٌ يتشاوَسُ فِي نظره، إِذا نظَرَ نظَرَ ذِي نَخْوَةٍ وكِبْر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَشْوَسُ والأشْوَزُ: المُذَيِّخُ المتكَبِّرُ، وَيُقَال: ماءُ مُشارِسٌ، إِذا قلَّ فَلم تَكَدْ تَراه فِي الرَّكيَّةِ من قِلَّتِه، أَو كَانَ بعيد الغَوْر. وَقَالَ الراجز:
أَدْلَيْتُ دَلوِي فِي صَرًى مُشاوِسِ
فبَلَّغَتْنِي بَعْدَ رَجْسِ الرَّاجِسِ
سَجْلاً عَلَيْهِ جِيَفُ الخنَافِسِ
والرَّجْسُ: تَحْرِيك الدَّلو لتَمْتَلىءَ من المَاء.
شأس: قَالَ اللَّيْث: مكانٌ شَئِسٌ، وَهُوَ الخَشنُ من الحِجارة، وأَمْكِنَةٌ شُوْسٌ، وَقد شَئِسَ شَأَساً.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَئِسَ مكانُنا شأَساً، وشئزَ شأَزاً، إِذا غَلُظَ واشتَدَّ.
قلتُ: وَقد يُخفَّفُ فَيُقَال للمكان الغليظ: شازٌ وشاسٌ، ويُقلب فَيُقَال: مكانٌ شاسِيءٌ جَاسِيءٌ: غَلِيظٌ.
(شسا) : ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّسَا: البُسْرُ الْيَابِس.

(بَاب الشين وَالزَّاي)
ش ز (وَا يء)
شأز، وشز، شيز، زوش.
شأز: فِي حَدِيث مُعاوية أنَّه دخل على خَالِه وَقد طُعنَ، فَبكى. فَقَالَ: مَا يُبْكيكَ يَا خَال؟ أَوَجَعٌ يُشئِزُكَ، أم حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: يُشْئِزُكَ أَي يُقْلِقُكَ يُقَال: شَئِزْتُ أَي قَلِقْتُ، وأَشأَزَني غَيْرِي. وَقَالَ ذُو الرَّمّة يصف ثوراً وحشياً:
فَباتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُه
تَذَاؤُبُ الرِّيح والوَسْواسُ والهضَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: شَئِزَ المكانُ، إِذا غَلظَ وارْتَفَعَ، وأَنْشَد لرؤبة:
جَذْبَ الملَهَّى شَئِزَ المعَوَّهْ
قلَبه فِي مَوضِع آخر، فَقَالَ:
شَازٍ بِمَنْ عَوَّه جَذْبَ المُنْطَلِق
ترك الْهَمْز وأَخْرجه مَخْرج: عاثٍ وعايِثٍ وعاقٍ وعايِقٍ.
أَبُو عَمْرو: وأَشأَزَ الرَّجل عَن كَذَا، أَي ارْتفع عَنهُ. وَأنْشد:
فَلَو شَهِدْتَ عُقَبِي وتَقْفازِي
أَشأَزْتَ عَن قَولك أَيَّ إشآزِ
شمر، عَن ابْن شُمَيْل: الشَّأْزُ: الموضِعُ الغليظ الْكثير الْحِجَارَة، وَلَيْسَت الشُّؤْزَةُ إِلَّا فِي حِجَارَة وخُشُونة، فَأَما أَرض غَلِيظَة

(11/266)


وَهِي طينٌ فَلَا تُعَدُّ شَأْزاً.
وشز: قَالَ اللَّيْث: الْوَشْزُ من الشِّدَّة، يُقَال: أصابَهم أَوْشَازُ الْأُمُور، أَي شَدائِدُها.
وَقَالَ غَيره: لَجأْت إِلَى وَشَزٍ، أَي تَحَصَّنْتُ بِهِ.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: قَالَ: الْوَشَزُ والنَّشَزُ، كلُّه مَا ارْتفع من الأَرْض، وَأنْشد غَيره:
يَا مُرَّ قاتِلْ سَوْفَ أَكْفيك الرَّجَزْ
إنَّكَ مِنِّي مُلْجَأ إِلَى وشَزْ
قلت: وَقد جعله رؤبة وَشْزاً مُخَفَّفة، وَقَالَ:
وإنْ حَبَتْ أَوْشازُ كلِّ وشْزِ
حَبَتْ، أَي سَالَتْ بِعَدَد كثير.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ، يُقَال: إنَّ أمامك أَوْشَازاً فاحْذَرها، أَي أموراً شِداداً مَخُوفَةً. والأوشازُ من الْأُمُور: غَلْظُها.
شيز: قَالَ اللَّيْث: الشِّيزُ: خَشبَةٌ سوداءُ، يُتَّخذ مِنْهَا الأمشاط وغيرُها.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لِلْجِفان الَّتِي تُسَوَّى من هَذِه الشَّجَرَة: الشِّيزَى.
وَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَيّ:
إِلَى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ
لُبَابَ الْبُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
أَبُو عبيد، فِي بَاب فِعْلَى: الشِّيزى: شَجَرَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الشِّيزَى يُقَال: الآبَنُوس وَيُقَال: السَّاسَم، قَالَ: والأَشوَزُ مثل الأَشوَس، وَهُوَ المتكبر.
زوش: سَلمَة، عَن الفرّاء، قَالَ الكسائيّ: الزَّوْشُ: العَبْدُ اللَّئيم، والعامة تَقول: زُوش.

(بَاب الشين والطاء)
ش ط (وَا يء)
شوط، شيط، شطأ، طاش، وطش، طشأ.
شوط شيط: قَالَ الْأَصْمَعِي: شاط يشُوطُ شَوْطاً، إِذا عَدَا شوطاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شوَّطَ الرجل إِذا طَوَّلَ سَفَرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشوْطُ: جَرْيُ مَرَّة إِلَى الْغَايَة، والجميع الأَشواط.
وَقَالَ رؤبة:
وبَاكرٍ مُعْتَكرِ الأَشواط
يَعْنِي الرّيح. وَيُقَال: الشوطُ بَطِينٌ، أَي بَعيد. وَفِي الحَدِيث: (أَنَّ سفينةَ أَشاطَ دَمَ جَزُورٍ بجَذْلٍ فَأَكَلَه) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: أشاطَ دَمَ جَزْورٍ، أَي سَفَكه، فشاط يَشيطُ، وأَشاط فلانٌ فُلاناً إِذا أَهْلَكَهُ.
وَقَالَ غَيره: أَصْلُ الإشاطة الإحْراق، يُقَال: أَشاط فلانٌ دم فلَان، إِذا عَرَّضَهُ للقَتْل.

(11/267)


وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا اسْتشاطَ السُّلطان تَسَلَّطَ الشَّيْطَان) .
قَوْله: اسْتَشاطَ السُّلطان، أَي تَحَرَّق من شدَّةِ الْغَضَب، وتَلَهَّبَ وَصَارَ كَأَنَّهُ نارٌ.
وَيُقَال: شاطَ السَّمْنُ يشيطُ، إِذا نَضِجَ حَتَّى يَحْتَرِق، وشيَّطَ الطَّاهي الرأْسَ والكُراع إِذا أَشعل فِيهما النَّار حَتَّى يَتَشيَّط مَا عَلَيْهِمَا من الشَّعرِ وَالصُّوف، وَمِنْهُم مَنْ يَقولُ: شَوَّطَ.
وَقَالَ اللَّيْث: التشيُّط شَيْطُوطَةُ اللّحم إِذا مَسَّتْه النَّار، يَتشيَّطُ فيحترِقُ أَعْلَاهُ تشيُّطَ الصُّوف.
قَالَ: وتشيَّط الدّم، إِذا غَلَى بِصَاحِبِهِ، وشاط دَمُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: شاطت الجزُور، إِذَا لم يَبْق مِنْهَا تصيبٌ إِلَّا قُسِمَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَشاطَ فلانٌ الْجَزُور، إِذا قَسَمَها، بعد التَّقْطيع. قَالَ: والتَّقْطيعُ نَفسه إشاطَةٌ أَيْضاً.
واسْتَشاطَ فلانٌ، إِذا اسْتَقْتَل، وَأنْشد:
أسَال دِمَاء المسْتِشيطين كلَّهم
وغُلَّ رُؤُوسُ الْقوم فيهم وسُلْسِلُوا
ورَوَى ابْن شُمَيْل بِإِسْنَاد لَهُ: أَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مارُئي ضاحِكاً مُسْتَشيطاً، قَالَ: مَعْنَاهُ: ضاحِكاً ضَحِكاً شَدِيدا.
واسْتشاط الحَمام، إِذا طارَ، وَهُوَ نَشيط.
وَقَالَ الأصمعيّ: الْمَشايِيط من الْإِبِل: اللواتي يُسْرِعن السِّمَن. يُقَال: نَاقَة مِشْياطٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الْإِبِل الَّتِي تجْعَل للنَّحر من قَوْلهم: شَاطَ دَمُه. قَالَ: وَيُقَال: شَيَّطَ فلانٌ من الْهِبَّة، أَي نَحِلَ من كَثْرة الجِماع.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: إنَّ أَخْوفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُم أَن يُؤْخَذَ الرَّجل الْمُسلم الْبريءُ، فَيُقَال: عاصٍ، وَلَيْسَ بعاصٍ، فيشاط لَحْمه كَمَا يُشاطُ الجُزُور.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
نطعم لجيئلَ اللَّهِيدَ من الكُو
م وَلم تَدْعُ من يُشيطُ الجزورا
قلت: وَهَذَا من أَشَطْتُ الجزورَ، إِذا قَسَمْتَ لَحمهَا، وَقد شَاطَ، إِذا لم يبقَ فِيهِ نصيبُ إِلَّا قُسِمَ.
والشَّيّطَانِ: قاعان بالصَّمَّانِ، فيهمَا حَوايَا لماءِ السَّمَاء.
وَيُقَال للغُبار السَّاطع فِي السَّماء: شَيْطِيّ.
وَقَالَ الْقطَامِي:
تَعادِي الْمَراخِي ضُمَّرا فِي جُنوحِها
وهُنَّ من الشَّيْطيِّ عارٌ ولاَ لِبسُ
يَصف الخيلَ وإثارَتَها الغُبار بسَنَابِكها.
أَبُو تُرَاب، عَن الكلابيّ: شَوَّطَ القِدْرَ، وشيَّطَها، إِذا أَغْلاَها.

(11/268)


وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِيمَا قَرَأت بخطَّ شمر لَهُ: الشوْطُ مكانٌ بَين شَرَفَيْن من الأَرْض يأْخُذ فِيهِ الماءُ والنَّاس كأَنَّه طريقٌ طوله مِقدار الدَّعْوة ثمَّ يَنْقَطع، وَجمعه الشِّياط، ودُخولُه فِي الأَرْض: أَنْ يُوَارِي البَعيرَ ورَاكِبَه، وَلَا يكون إلاّ فِي سُهول الأَرْض يَنْبُتُ نَبْتاً حَسَناً.
شطأ: الأصمعيّ: شَطَأَ الناقةَ يَشطَؤُوها شطْأ، إِذا شدَّها بالرَّحْل.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَطَأَ جاريَته، ورَطَأَها ونَطَأَها، إِذا نَكَحها.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله: {الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ} (الْفَتْح: 29) ، قَالَ: شَطْأَهُ: السُّنْبل تُنْبِتُ الحبَّة عَشْراً وَثَمَانِية وسَبْعاً، فيقْوَى بعضُه بِبَعْض فَذَلِك قَوْله: {فازره، أَي فأعانه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَشطَأت الشَّجَرَة بغُصونها، إِذا أَخْرجت غُصونَها.
وَقَالَ الزّجاج: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ} تَنَسَّمْتُ: أخرج نَباتَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شطْأَه: فِراخه، وجمعُه أَشطاء. وأَشطَأ الزَّرع، إِذا فَرَّخَ.
أَبُو خيرة: شاطِيءُ الْوَادي: شَفَتُه، وَجمعه شُطْآن وشواطىء. والشَّطّ: مثلُ الشاطىء.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّطْوُ: الْجَانِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الثِّيَابُ الشَّطَوِيَّةِ: ضربٌ من الكَتَّان، يُعمل بِأَرْض يُقَال لَهَا الشَّطَاة.
ورَوى أَبُو تُراب، عَن الضّبابِي: لَعَنَ الله أُمّاً شطأَتْ بِهِ، وفَطَأَتْ بِهِ، أَي طَرَحَتْه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: شطَأْتُ بالْحِمْل، أَي قَوِيَتُ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
كَشَطْئِكَ بالْعِبْءِ مَا تَشْطَؤُه
وَفِي (النَّوَادِر) : مَا شَطَّيْنَا هَذَا الطَّعام، أَي مَا رَزَأْنَا مِنْهُ شَيْئاً وَقد شَطّيْنا الْجَزُور، أَي سَلَخْناه وفَرَّقْنا لَحْمه.
طشأ: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الطُّشْأَةُ: الزُّكام، وَقد طَشِيءَ، إِذا زُكِمَ، وأَطْشَأَ، إِذا أَخَذَتْهُ الطُّشْأَة.
وَقَالَ اللَّيْث: طَشْيَأَ الرجلُ أَمْرَه ورأيَه، مثل: رَهْيَأَهُ وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجل طَشَةٌ، وتصغيره طُشَّيَّةٌ، إِذا كَانَ ضَعيفاً، قَالَ: وَيُقَال: الطُّشَة: أُمُّ الصِّبيان، وَرجل مَطْشِيٌّ ومَطْشُوّ.
طيش: قَالَ اللَّيْث: الطَّيْش: خِفَّةُ الْعقل، وَالْفِعْل طاش يَطِيش، وَقوم طَاشَة: خِفافُ الْعُقُول، وَيُقَال: طاش السَّهم يطيش، إِذا لم يَقْصِدْ للرَّمِيَّة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: طاش الرَّجل بعد رَزَانَتِه.
وَقَالَ شِمر: طَيْش الْعقل: ذَهابُه حَتَّى يَجهل صاحبُه مَا يُحاول، وطَيش الحِلْم: خِفَّتُه، وطَيش السَّهم: جَوْرُه عَن سَنَنِه.
(طوش) : ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ:

(11/269)


الطَّوْش: خِفَّةُ العَقل.
(وطش) : ثَعْلَب، عَنهُ: يُقَال: سَأَلته عَن شَيْء فَما وَطَشَ، وَمَا وَطَّش، وَمَا ذَرَّع، أَي مَا بَيَّنَ لي شَيئاً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: وَطِّشْ لي شَيْئاً، وغَطِّشْ لي شَيْئا، مَعْنَاهُ: افْتَحْ لي شَيْئا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْوَطْش: بَيَان طَرَفٍ من الحَدِيث.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: يُقَال: ضَربوه فَمَا وَطَّش إِلَيْهِم بِشَيْء، أَي لم يُعْطِهم.
وَقَالَ الْفراء: وَطَّشَ لَهُ، إِذا هَيّأَ لَهُ وَجْه الْكلام والْعمل والرَّأي، وطَوَّش، إِذا مَطَل غَريمَه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: التَّطْويش: الإِعْطاءُ الْقَلِيل، وَأنْشد:
سِوَى أَنَّ أَقْوَاماً من النَّاسِ وَطَّشوا
بأَشْيَاءَ لم يَذْهَبْ ضَلالاً طَريقُها
أَي لم يَضِعْ فَعالُهم عِنْدنا.

(بَاب الشين وَالدَّال)
ش د (وَا يء)
شدا، داش، دوش، شاد، ديش، ودش.
شيد شود: قَالَ الله جَلَّ وعزّ: {وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} (الْحَج: 45) وَقَالَ: {فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) .
قَالَ الْفراء: يُشَدَّدُ مَا كَانَ فِي جمعٍ مثل قَوْلك: مَرَرْت بِثيابٍ مُصَبَّغَةٍ، وكِباش مُذَبَّحَة، فَجَاز التَّشْدِيد، لأنَّ الْفِعْل مُتَفَرِّقٌ فِي جمع فَإِذا أَفْردْتَ الواحدَ من ذَلِك، فَإِن كَانَ الفعلُ يتردَّد فِي الْوَاحِد ويَكْثر، جَازَ فِيهِ التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد، مثل قَوْلك: مَرَرْت برجلٍ مُشجَّجٍ، وبثوب مُخَرَّق. وَجَاز التَّشْدِيد لأنَّ الْفِعْل قد تَردَّد فِيهِ وَكثر.
وَيُقَال: مَرَرْت بكبش مَذْبوح، وَلَا تقل مُذَبَّح؛ لأنَّ الذّبح لَا يتردَّد كتردد التَّحرق وَقَوله: (وقَصْرٍ مَشيد) يجوز فِيهِ التَّشْدِيد؛ لأنَّ التشييد بِنَاء، وَالْبناء يَتَطاول ويَتَرَدّد، يُقَاس على هَذَا مَا ورد.
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة: الْبِناءُ المشيَّد: المُطَوَّل، والمَشِيد: المعمولُ بالشِّيد، وَهُوَ كلُّ شَيْء طَلَيْتَ بِهِ الْحَائِط من جَصَ أَو بَلاط.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: مَشِيدٌ للْوَاحِد، ومُشيّدٌ للْجَمِيع. قَالَ الله {فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) .
قَالَ اللَّيْث: تشييد الْبناء: إحْكامُه ورَفعه قَالَ: وَقد يُسمى بعضُ الْعَرَب الجِصَّ شِيداً، والمشِيد: المبْني بالشِّيد.
قَالَ عديّ:
شَادَهُ مَرْمَراً وجَلَّلَهُ كِلْ
ساً فللطَّيْرِ فِي ذرَاهُ وُكُورُ
وَقَالَ اللَّيْث: الإشَادَة: شبه التَّنْدِيد، وَهُوَ

(11/270)


رَفْعُك الصوتَ بِمَا يكره صاحِبُك.
وَيُقَال أشادَ فلَان بذكرِ فلَان فِي الْخَيْر وَالشَّر، والمَدْح والذَّم؛ إِذا شَهَرَةُ ورَفَعه.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: أشَدْتُ الضَّالَّةَ: عَرَفْتَها.
وَقَالَ الأصمعيّ: كلُّ شَيْء رَفَعْت بِهِ صَوْتَك فقد أَشَدْتَ بِهِ، ضَالَّةً كَانَت أَوْ غَيْرَ ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّشْوِيدُ طلوعُ الشَّمس، وارْتفَاعُهَا، يُقَال: تَشَوَّدَتِ الشَّمسُ، إِذا ارْتَفَعت. قلت: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالصَّحِيح بالذّال من المِشْوَذِ، وَهِي العِمَامَة.
وَقَالَ أُمَيَّة:
وشَوِّذَتْ شَمْسُهُمْ إِذَا طَلَعَتْ
بالْخِبِ هِفّاً كَأَنَّهُ كَتَم
أَرَادَ أَنَّ الشمسَ طلعت فِي قُتْمَةٍ كَأَنَّهَا عُمِّمت بِقَتَمَةٍ تضرب إِلَى الصُّفرة، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ الْجَدْبِ والْقَحْط.
شدا: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الشادِي: المغَنِّي، والشادي: الَّذِي تَعَلَّمَ شَيْئا من الْعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّدْوُ: أَنْ يُحْسِنَ الْإِنْسَان من أَمر شَيْئا.
يُقَال: هُوَ يَشْدُو شَيْئا من الْعلم والْغِناء، وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: شدَوْتُ مِنْهُ بَعضَ الْمعرفَة، إِذا لم يَعْرِفْه معرفَة جَيِّدة.
وَقَالَ الأخطل يَذْكر نسَاء عَهِدْنَه شَابّاً حسنا، ثمَّ رأينه بعد كبره، فأَنكرْنَ مَعْرفَته، فَقَالَ:
فَهُنَّ يَشدُونَ مِنِّي بَعْضَ مَعْرِفَةٍ
وهُنَّ بالْوَصْلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
قلت: وأَصْلُ هَذَا من الشدَا، وَهُوَ الْبَقِيَّة.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
لَوْ كَانَ فِي لَيْلَى شَدًى من خُصُومَةٍ
أَي بَقِيَّة.
ودش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: وَدَشَ، إِذا أَفْسَدَ، والْوَدْشُ: الْفَساد.
ديش (داش) : سَلمَة، عَن الفرَّاء: داش الرجل، إِذا أَخَذَتْه الشَّبْكَرة.
دوش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّوَشُ: ظُلْمَة الْبَصَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّوَش: ضَعْفُ الْبَصَر، وضَيقُ الْعين، وَقد دَوِشَتْ عينه، فَهِيَ دَوْشَاء، وصاحبها أَدْوَش.
دشا: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: دَشَا، إِذا غَاصَ فِي الْبَحْر. وشدَا، إِذا قَوِيَ فِي بَدَنِه، وشدَا، إِذا بَقَّى بَقِيَّة، وشدَا: تَعَلَّم شَيْئا من خُصُومَةٍ أَو عِلْم.
ديش: قَالَ اللَّيْث: دِيش: قَبيلةٌ من بَني الْهُون بن خُزيمة، وهم من القارة، وهم الدِّيشُ والعَضَلُ ابْنَا الْهُون بن خُزَيْمة.

(11/271)


(بَاب الشين وَالتَّاء)
ش ت (وَا يء)
شتا، تشا، شأت، وتش.
شتا: قَالَ اللَّيْث: الشِّتاءُ مَعْرُوف، والواحدة شتْوَةٌ، والموضع المُشتَى، والمشتاة، وَالْفِعْل شتَا يَشتُو. ويَوْمٌ شَاتٍ، ويومٌ صائِف. وَالْعرب تُسمي الْقَحْط شتاءً؛ لِأَن المجاعات أَكثر مَا تُصيبهم فِي الشتَاء، إِذا قلَّ مطره واشتَدَّ بردُه.
وَقَالَ الحطيئة:
إِذَا نَزَلَ الشتَاءُ بِدَارِ قَوْمٍ
تَجَنَّبَ جَارَ بَيْتِهمُ الشتَاءُ
أَرَادَ بالشتاء: المَجَاعَةَ.
وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبَدِ حِين قصَّت أَمر النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مارّاً بهَا على زَوْجِها أَبي مَعْبَد، قَالَت: (والنَّاسُ إِذْ ذَاكَ مُرْمِلُونَ مُشْتُون) ، أَرَادَت أنَّ النَّاس كَانُوا فِي أَزْمَةٍ ومَجاعة وقِلَّةِ خير. يُقَال: أَشتَى القومُ فهم مُشْتُون، إِذا أصابَتْهُمْ مَجاعة.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: السَّنَةُ عِنْد الْعَرَب اسمٌ لاثني عَشر شَهْراً، ثمَّ قَسَّمُوا السَّنة فجعلوها شطرين: ستَّة أَشْهر، وستّة أَشْهر، فبدأَه بأولِ السَّنة، أَوّلِ الشتَاء، لِأَنَّهُ ذَكَر والصَّيف أُنْثَى، ثمَّ جعلُوا الشتَاء نِصْفين؛ فالشّتْوِيُّ أَوَّله، والرَّبيع آخِره، فَصَارَ للشّتْوِي ثَلَاثَة أشهر، وللرَّبيع ثَلَاثَة أَشهر، وَجعلُوا الصَّيف ثلاثةَ أشهر، والْقَيْظَ ثَلَاثَة أشهر فَذَلِك اثْنَا عشر شهرا.
وَقَالَ غَيره: الشَّتِيُّ: المطرُ الَّذِي يَقَعُ فِي الشِّتاء.
قَالَ النّمِرُ بن تَوْلَب:
عَزَبَتْ وباكَرَهَا الشَّتِيُّ بديمَةٍ
وَطْفَاءً تَمْلَؤُها إِلَى أَصْبَارِها
وَيُقَال: شَتَوْنَا بالصَّمَّان، أَي أَقَمْنَا بهَا فِي الشتَاء، وشَتَيْنَا الصَّمَّان، أَي رَعيْنَاها فِي الشتَاء، وَهَذِه مشاتِينَا ومصايفُنَا ومَرابعنا، أَي منازلُنا فِي الشِّتَاء والصيف وَالربيع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشَّتَا: الموضعُ الْخَشِنُ، والشّتَا: صَدْرُ الْوَادي.
تشا: قَالَ: تَشَا، إِذا زَجَر الْحمار.
قلت: كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: تَشُوء تَشُوء.
شأت: أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: والشَّئِتُ من الْخَيل العَثُور. وَأنْشد:
كُمَيْتٌ لَا أَحَقُّ وَلَا شَئِيتُ
وروى شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الأَحَقُّ: الَّذِي يضع رِجْله فِي مَوضِع يَده. وَقَالَ: والشَّئِيتُ: الَّذِي يقصرُ عَن ذَلِك. والجميع شُؤُوتٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبيدة فِي (كتاب الْخَيل) .
وتش: قَرَأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال للحارضِ من الْقَوْم الضَّعيف: وتَشَة وأَتيشة وهِنَّمَة وضَوِيكَة، وضُوَيْكَة.

(11/272)


(بَاب الشين والظاء)
ش ظ (وَا يء)
شظا، وشظ، شوظ.
شظا: قَالَ اللَّيْث: الشظا: عُظَيْمٌ لازِقٌ، والشَّظيَّة: شِقَّةٌ من خشب أَو قَصَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو عَظْ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: أَنَّ الله تبَارك وَتَعَالَى لما أَرَادَ أَن يخلق لإبليس نَسْلاً وزَوْجة ألْقى عَلَيْهِ الْغَضَب، فَصَارَت مِنْهُ شَظِيّةٌ من نارٍ، فخلق مِنْهَا امْرَأَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شواظي الْجبَال وشنَاظيها، هِيَ الكَسِرُ من رُؤُوس الْجبَال كأَنَّها شُرَفُ الْمَسْجِد، وَقَالَ: كأنّها شَظِيَّة أَنشَظَتْ وَلم تَنْفَصم، أَي انْكَسَرت وَلم تنفرج.
والشَّظِيّة من الْجَبَل: قِطْعَة قُطِعت مِنْهُ، مثل الدَّار، وَمثل البيتَ. وَجَمعهَا شظايا، وأصغر مِنْهَا وأكبر كَمَا تكون.
وَقَالَ النَّضْرُ: الشَّظَا: الدَّبْرَةُ على أَثَر الدَّبْرَة فِي المزرعة حَتَّى تبلغ أقصاها. الْوَاحِد شَظاً بِدَبَارها، والجماعةُ الأشظِية. قَالَ: والشظَا رُبمَا كَانَت عشْرُ دَبْرَات، حُكِيَ ذَلِك عَن الشَّافِعِي.
وَيُقَال: شظّيْتُ الْقَوْم تشظِيَةً، أَي فرَّقتهم، فتشظّوا أَي تَفَرَّقُوا.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: شظَى السِّقاء يشْظِي شُظِيّاً، مثل شصا؛ وَذَلِكَ إِذا مُلِيءَ وارْتفعت قوائمه.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فِي رُؤُوس المِرْفقين إبْرَة، وَهِي شَظِيَّة لاصِقَة بالذراع، لَيست مِنْهَا، قَالَ: والشَّظَا: عَظْمٌ لاصِقٌ بالرَّكِيَّة، فَإِذا شخَصَ قيل: شَظِيَ الفَرس.
قَالَ: وتَحرُّكَ الشظا كانتشار الْعَصَب غير أَن الفرسَ لانتشار الْعَصَب أشدُّ احْتمالاً مِنْهُ، لتحركِ الشظا، وَقَالَ الأصمعيّ نَحوا من قَوْله.
وَبَعض النَّاس يَجْعل الشظا: انْشِقاقُ الْعَصَب، وأَنشد:
سَليمُ الشَّظَا عَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسا
لَهُ حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفالِ
وشظ: قَالَ اللَّيْث: الْوَشْظُ من النَّاس لفيف لَيْسَ أصلهم وَاحِدًا، وَجمعه الْوَشائِظُ. قَالَ: والْوَشيظة: قطعةُ عظم تكون زِيَادَة فِي الْعظم الصميم. قلت: هَذَا غَلَط. والوَشيظة: قطعةُ خشبةٍ يُشَعَّبُ بهَا الْقَدَحُ. وَقيل للرجل إِذا كَانَ دخيلاً فِي الْقَوْم وَلم يكن من صميمهم: إِنَّه لَوَشِيظَةٌ فيهم، تَشْبِيها بالْوَشيظَة الَّتِي يُرْأَبُ بهَا القَدح.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: الْوَشِيظُ: الْخَسِيسُ من النَّاس.
شوظ: وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن} (الرحمان: 35) .

(11/273)


قَالَ الْفراء: أَكثر الْقُرَّاء يقرؤون (شُوَاظ) ، وَكسر الحَسَنُ الشين، كَمَا قَالُوا لجَماعَة الْبَقر: صِوَارٌ وصُوَارٌ.
وَقَالَ الزّجاج: الشُّوَاظ: اللهب الَّذِي لَا دُخان مَعَه وَنَحْو ذَلِك. قَالَ اللَّيْث:
ابْن شُمَيْل: يُقَال لدُخان النَّار: شواظ، ولحرها شواظ، وحَرُّ الشَّمْس شواظ. أصابني شواظٌ من الشَّمْس.

(بَاب الشين والذال)
ش ذ (وَا يء)
شذا، شوذ، (شَاذ) .
شذا: أَبُو عُبيد: الشَّذَاةُ: ذُبَابٌ، وَجَمعهَا شَذًى، مَقْصُور.
وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ ذُبَابةٌ نقضُّ الْإِبِل، وَمِنْه قيل للرجل: آذَيْتَ وأَشْذَيْتَ.
وَقَالَ شمر: الشَّذَى: ذُباب الكلْب، وكلُّ شَيْء يُؤْذِي فَهُوَ شَذًى، وَأنْشد:
حكَّ الجِمالِ جُنوبَهُنّ من الشَّذَى
وَيُقَال: إنِّي لأخْشى شذَاةَ فُلان، أَي شَرَّه.
وَقَالَ اللَّيْث: شذَاةُ الرجل: شدَّتُه وجُرْأَتَه، وَيُقَال للجائع إِذا اشْتَدَّ جوعه: قَدْ ضَرِمَ شَذَاه.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: الشَّذَى: شِدَّة ذَكاءِ الرِّيح، وأنشدنا:
إِذا مَا مَشتْ نادَى بِمَا فِي ثِيابِها
ذَكِيُّ الشَّذَى والْمنْدَلِيُّ المُطَيَّرُ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَى: كَسْرُ العودِ الصِّغارِ مِنْهُ.
قلت: وَالْقَوْل قَول الْفراء فِي تَفْسير الشذى.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَى أَيْضا: ضَرْبٌ من السُّفن، والواحدة شَذَاة.
قلت: هَذَا مَعْرُوف وَلكنه لَيْسَ بعَرَبيّ. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شذَى إِذَا آذَى، وشذَى، إِذا تَطَيِّبَ بالشَّذْو، وَهُوَ المِسْك، وَيُقَال: هُوَ رَائِحَة الْمِسْك. وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
إنَّ لكَ الْفَضْلَ على صُحْبَتي
والْمِسْكُ قد يَسْتَصْحِبُ الرَّامِكا
حتَّى يصيرَ الشَّذْوُ من لَوْنِه
أَسْودَ مَظّنُوناً بِهِ حَالِكاً
شوذ: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بعث سَرِيَّةَ فَأَمرهمْ أَن يَمْسَحوا على الْمشاوِذ والتَّسَاخِين.
قَالَ أَبُو عُبيد: المُشَاوِذُ: الْعَمائِم، وَاحِدهَا مِشْوَذ.
قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة:
إِذا مَا شَدَدْتُ الرّأسَ مِنِّي بمِشْوَذٍ
فَغَيَّكِ منِّي تَغْلِبَ ابْنة وَائِلِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ. يُقَال: للعمامة: المِشوَذُ والعمامة.
وَقَالَ أُميَّة:

(11/274)


وشُوِّذَتْ شَمْسُهم إذَا طَلَعَتْ
معنى شُوِّذَتْ، أَي عُمِّمَتْ، أَي صَار حولهَا حلب سحابٍ رَقِيق لَا ماءَ فِيهِ، وَفِيه صُفْرة، وَكَذَلِكَ تَطْلُع الشَّمْس فِي الجدْب وقلّة الْمَطَر، والْكتَم نَباتٌ يُخْلط مَعَ الوسْمةِ فَيصير خضاباً.
وَيُقَال: فلانٌ حَسَنُ الشِّيذة، أَي حسن العِمَّة.

(بَاب الشين والثاء)
ش ث (وَا يء)
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّتَا: صَدْرُ الْوَادِي.

(بَاب الشين وَالرَّاء)
ش ر (وَا يء)
شرى، شار، وَشر، ورش، رشا، راش، أرش، أشر.
شري: قَالَ اللَّيْث: شَرِيَ البرقُ يَشْرَى، إِذا تَفَرَّقَ فِي وَجْهِ الغَيْم.
وَقَالَ غَيره: شَرِيَ الْبَرْق يَشْرَى، إِذا تَتَابَعَ لمعَانُه، واسْتشرى مثله، وَمن هَذَا يُقال للرجل إِذا تَمَادَى فِي غَيِّه وفساده: شرِيَ شَرًى.
واسْتَشرَى فلانٌ فِي الغيّ إِذا لجَّ فِيهِ، والمُشارَاة: المُلاَجَّة، يُقَال: هُوَ يُشارِي فلَانا، أَي يُلاَجُّه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشري: داءٌ يأخُذُ فِي الرِّجْل أَحْمَر كَهَيئَةِ الدَّرَاهِم، وَالْفِعْل شرَى الرّجل، وشرى جلْدُه شرى وَهُوَ شَرّ. وأَشراءُ الْحرم: نواحيه، وَالْوَاحد شرى، وشرى الْفُرَات: ناحِيَتُه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لُعِنَ الكواعبُ بَعْد يَوْم وصَلْنَنِي
بشرى الفُراتِ وَبعد يَوْم الْجَوسَقِ
وَيُقَال للشجعان: مَا هُمْ إلاَّ أُسود الشرَى.
قَالَ بَعضهم: شرى: مَأْسَدَةٌ بِعَينهَا، وَقيل: شرَى الفُرات وناحيته، وَبِه غياضٌ وآجام. وَقَالَ الشَّاعِر:
أُسودُ شرى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ
واسْتَشرَتْ أمورٌ بَينهم: تَفاقَمَتْ وعظمت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الْحَنْظَلُ: هُوَ الشرْيُ، واحدته شرْيَة.
قَالَ رؤبة:
فِي الزَّرْبِ لَو يَمْضُغُ شَرْياً مَا بَصَقْ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَشرَى حوضَه: مَلأَهُ، وأَشرَى جِفانَه، إِذا ملأَها للضِّيفان، وَأنْشد:
ونَشْرِي الجِفانَ ونَقْرِي النَّزِيلاَ
أَبُو عبيد: الشَّرْيَانُ من الشّجر: الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيّ، وَيُقَال: شِرْيان بكَسْرِ الشين.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن المبرِّد، أَنه قَالَ النَّبْعُ والشوْحَطُ، والشّرْيَان: شَجَرَة

(11/275)


وَاحِدَة، وَلكنهَا تخْتَلف أسماؤها، وتكرم مَنَابِتُها؛ فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلَّةِ الْجَبَل فَهُوَ النَّبع، وَمَا كَانَ فِي سفحه فَهُوَ الشّريان، وَمَا كَانَ فِي الحضيض فَهُوَ الشوْحَط.
والشِّريانات: عُروقٌ رِقاقٌ فِي جَسَد الْإِنْسَان.
أَبُو سَعيد، يُقَال: هَذَا شرْوَاهٌ وشَرِيَّةٌ، أَي مِثْلُه، وَأنْشد.
وتَرَى مَالِكاً يقولُ أَلاَ تُبْ
صِرُ فِي مَالكٍ لهَذَا شرِيّاً
وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْع أنَّها قَالَت: طَلَّقَني أَبُو زرع، فَنَكَحْتُ بعده رجلا سَرِيّاً، رَكِبَ شرِيّاً، وأَخَذَ خَطِّيّاً، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً شرِيّاً.
قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادت بقولِهَا: رَكِبَ شَرِيّاً، أَيْ فرسا يَسْتَشْرِي فِي سَيْره. أَي يَلِجُّ ويَمْضي فِيهِ بِلَا فُتور وَلَا انْكسار، وَمن هَذَا يُقَال للرجل إِذا لَجَّ فِي الأَمر: قد شَرِيَ فِيهِ، واسْتَشْرَى.
وَقَالَ غَيره: شَرِيَتْ عينُه بالدَّمع، أَي لَجَّتْ وتابعت الهَملان.
وَقَالَ الأصمعيّ: إبِلٌ شرَاةٌ وسراةٌ، إِذا كَانَت خِيارَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
يَذُبُّ الْقَصايَا عَن شَرَاةٍ كَأَنَّمَا
جَماهيرُ تَحْتَ الْمُدْجِنَات الْهَوَاضِبِ
وَيُقَال لِزِمام النَّاقَة إِذا تَتَابع حركاته لتَحْرِيكها رَأسهَا فِي عَدْوِها: قد شرِيَ زِمَامُها، يشرَى شَرًى.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشِّرْيان: الشقّ، وَهُوَ الثَّتُّ، وَجمعه ثُتُوت.
قَالَ: وسأَلْته عَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَرِيكه: (لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي فَقَالَ: لَا يشارِي من الشَّرّ. قلت: كأَنَّه أَراد لَا يشارّ، فَقلب إِحْدَى الرّاءيْن يَاء. وَلَا يُماري: لَا يخَاصِمُ فِي شيءٍ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَه. وَقَوله: (وَلَا يُدارِي) ، أَي لَا يَدْفَع ذَا الْحق عَن حَقِّه، وَقيل: لَا يشاري: لَا يلاجّ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: شَرَيْتُ بِمَعْنى بِعْتُ، وشَرَيْتُ أَي اشْتَرَيْت. وَقَالَ الله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: 102) .
قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ، بِئْسَ مَا باعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. قَالَ: وللعرب فِي شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان: فالأكثر مِنْهُمَا: أَنَّ (شَرَوْا) ، بَاعُوا، و (اشْتَرَوْا) : ابتاعوا؛ وَرُبمَا جعلوهما بِمَعْنى بَاعوا. والشَّراة: الْخوارِج، سَمَّوْا أنفسهم شُراةً؛ لأنَّهم أَرَادوا أَنَّهم باعوا أَنفسهم لله، وَالْوَاحد شارٍ، وشَرَى نَفسه شِرًى، إِذا بَاعهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَئِنْ فَرَرْتُ من الْمَنِيَّةِ والشِّرَى

(11/276)


والشِّرى: يكون بَيْعاً واشْتِراءً.
والشَّارِي: الْبَائِع، والشَّارِي أَيْضا: الْمُشْتَري.
وَقَالَ اللَّيْث: شَرَاة: أَرْض، والنِّسْبَة إِلَيْهِم شَرَوِيّ.
أَبُو تُرَاب: سمِعت السُّلَمِيّ يَقُول: أَشْرَيْتُ بَين القَوْم وأَغْرَيت، وأَشْرَيْتُه بِهِ فَشَرِيَ، مثل أَغْرَيْتُه بِهِ فَغَرِيَ.
ابْن هانىء: يُقَال: لحاهُ الله وشَرَاه.
وَقَالَ اللحيانيّ: شَراهُ الله وعَظَاه وأَوْرَمُه وأَرْغَمَه.
وشَرَوْى: اسْم جَبَلٍ بعَيْنه.
شير شور: أَبُو زيد، يُقَال اسْتَشَارَ أَمْرَه، إِذا تَبَيَّنَ واسْتَنَارُ.
ثَعْلَب، عَن سلمَة، عَن الْفراء: يُقَال: شَارَ الرَّجل، إِذا حَسُنَ وَجْهُه، وراش، إِذا اسْتَغْنَى.
الأصمعيّ: شَارَ الدّابة وَهُوَ يَشُورُها شَوْراً، إِذا عَرَضَها، وَيُقَال للمكان الَّذِي يشَوَّرُ فِيهِ الدَّوابّ: الْمِشْوَار. وَيُقَال: اشْتَارت الإبِل، إِذا لبِسَها شيءٌ من السِّمَن. وَيُقَال: جَاءَت الإبِلُ شِيَاراً، أَي سِماناً حِسَاناً.
وَقَالَ عَمْرو بن معد يكرب:
أَعَبَّاسُ لَو كانَتْ شِياراً جِيَادُنَا
بِتَثْلِيثَ مَا نَاصَبْتَ بعدِي الأحَامِسَا
وَيُقَال: مَا أَحْسَنَ شَوَارَ الرَّجُل وشَارَتَه يَعْنِي لِبَاسَه وهَيئته.
وَيُقَال: شَارَ العسلَ يَشُوره شَوْراً ومشارَةً، وَذَلِكَ إِذا اجْتَناه وأَخذَه.
أَبُو عُبيد: شرْتُ الْعَسَلَ، أَخَذتُه من مَوْضعه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَأَنَّ جَنِيّاً من الزَّنْجبي
ل باتَ بِفِيها وأَرْياً مَشورَا
شَمِر: شرتُ العسلَ واشتَرْتُه وأَشَرْتُه، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: أَشِرْني على العَسَل، أَي أَعِنِّي على جَنَاه، كَمَا تَقول: أَعْكِمْنِي، وَأنْشد قولَ عدِيّ بن زَيْد:
فِي سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشيْخُ لَهُ
وحَديثٍ مثْلِ مَاذِيَ مُشارِ
قَالَ: مُشارٌ، قَدْ أُعِينَ على أَخْذه.
الأصمعيّ: أشارَ الرَّجل يُشيرُ إِشَارَة، إِذا أَوْمى بيدَيْهِ، وأَشَارَ يُشيرُ، إِذا مَا وَجَّهَ الرَّأْي. وَيُقَال: فلانٌ جَيِّدُ الْمَشورَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ جَيِّدُ الْمَشورَةِ، والْمَشْوَرَة: لُغَتان.
وَقَالَ الْفراء: الْمَشُورَةُ: أَصْلُها مَشوَرَة، ثمَّ نُقِلت إِلَى مَشُورَة.
يُقَال: فلَان حسن الشارَة والشَّوْرَة، إِذا كَانَ حَسَنَ الْهَيْئَة، وَفُلَان حسنُ الشوْرَة، أَي حَسَنُ اللِّباس.

(11/277)


وَيُقَال: فلَان حسنُ المِشوار، وَلَيْسَ بفلان مِشوار، أَي مَنْظَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: حَسَنُ المِشوَار، أَي مُجَرَّبه حسَنٌ حينَ تُجرِّبُهُ. وَيُقَال لمتاع الْبَيْت: الشَّوارُ، والشِّوار والشُّوار، وَكَذَلِكَ الشَّوار والشِّوارُ لمتاع الرَّحل. وَتقول: شوَّرْتُ إِلَيْهِ بيَدي، وأشرت إِلَيْهِ، أَي لَوَّحْتُ إِلَيْهِ، وأَلَحْتُ أَيْضا.
وَيُقَال: شرْتُ الدَّابة والأَمَةَ أَشورهما شَوْراً إِذا قلبتهما، وَكَذَلِكَ شوّرتهما وأشرتُهما، وَهِي قَليلَة، وَإنَّهُ لَصَيِّرٌ شيِّر، أَي حَسَن الصّورة والشِّوْرَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَبْدَى اللَّهُ شوَارَه، يَعْنِي مذاكيره. وَيُقَال: فِي مَثل: (أَشوَارَ عَروس تَرَى)
اللِّحياني: شوَّرت بِالرجلِ، إِذا خجُلْته، وَقد تَشوَّر الرجلُ. والشَّوَار: الفَرْج، وشَوارُ الْمَرْأَة: فَرْجُها.
اللَّيْث: الشَّورَةُ: الموضعُ الَّذِي يُعسّل فِيهِ النحلُ إِذا دَحَتْها. قَالَ: والمَشوَرةُ: مَفْعلة، اشتُقّ من الْإِشَارَة، وَيُقَال: مَشُورَة قَالَ: والمُشيرَةُ هِيَ الإصْبع الَّتِي يُقَال لَهَا: السَّبّابَة، وَيُقَال: مَا أحسن شِوار الرجل وشارَته وشِيارَه يَعْنِي لِباسه وهيئته وحُسْنَه. وقصيدة شيِّرةٌ، أَي حسناء. وَشَيْء مَشور، أَي مَزَيَّن، وَأنْشد:
كأَنَّ الجرادَ يُغَنِّينَه
يُبَاغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيسِ المشورَا
قَالَ: والتشوير: أَنْ تُشَوِّرَ الدَّابة، تَنْظُر كَيفَ مِشْوَارها أَي كَيفَ سِيرتُها، والمشوار: مَا أَبْقَت الدَّابة من عَلَفها.
قَالَ الْخَلِيل: سألتُ أَبا الدُّقَيْشِ عَنهُ، فَقلت نِشوار أَو مِشوار؟ فَقَالَ: نِشوار، وَزعم أَنه فَارسي.
أَبُو عبيد عَن الأمَوِيّ: المسْتَشير: الفَحْلُ الَّذِي يَعْرِفُ الحائِلَ من غَيرهَا، وَأنْشد:
أَقْرَعْتُها كلّ مُسْتَشير
وكلَّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشِير
أَبُو عَمْرو: المستشير السَّمين، وَكَذَلِكَ المستَشيط.
أَبُو سَعِيد: يُقَال: فلانُ وزيرُ فلَان وشَيِّره، أَي مُشَاوِرُه، وَجمعه شُوراء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّورَة: الجمالُ الرائع، والشوْرَةُ: الخَجْلَة: والشيِّرُ: الجميلُ.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة شَيِّرَةً، عَلَيْهَا مَنَاجِد، أَي جميلَة.
أَبُو عَمْرو: الشيارُ: يَوْم السبت.
وَيُقَال للسَّبَّابَتَيْن: المْشيرتان.
شمِر، عَن الْفراء: إنَّه لحسَنُ الصُّورة والشُّورة فِي الهَيئة، وَإنَّهُ لَحَسَنُ الشوْرَة والشوَارِ وأَخَذَ شَوْرَةُ وشَوَارَه، أَي زِينَته، قَالَ: وشرْتُه: زَيَّنْتُه، فَهُوَ مَشور.

(11/278)


رشا: قَالَ اللَّيْث: الرَّشو، فعل الرِّشْوة، تَقول: رَشَوْتُه، والمراشاة الْمُحَابَاة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي العبّاس أَنه قَالَ: الرِّشوة مَأْخُوذَة من رَشا الفرخُ، إِذا مَدَّ رَأسه إِلَى أمّه لتزقُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّشاةُ، نَبَات يشرب لدواء المشيّ.
أَبُو عبيد: الرَّشاءُ من أَوْلَاد الظباء الَّذِي قد تحرَّك وتمشّى.
قَالَ: والرِّشاء: رسن الدَّلْو.
أَبُو عُبيد: عَن الكِسائيّ: الرِّشاء الْحَبل، يُقَال مِنْهُ: أرشيتُ الدَّلْو، إِذا جعلتَ لَهَا حَبْلاً.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا امتدَّتْ أَغْصَان الحنظل قيل: قد أرْشت، أَي صَارَت كالأرْشية، وَهِي الحِبال.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: استْرشَى مَا فِي الضرْع واستوْشى مَا فِيهِ، إِذا أخرجه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أرشى الرجل، إِذا حك خَوْرَان الفَصيل ليَعْدُو.
وَيُقَال للفصيل: الرَّشِيّ.
وَيُقَال: رُشوة ورِشوة، وَقد رشاه رِشوةً، وارتشى مِنْهُ رِشوة، إِذا أَخذهَا، وَجَمعهَا الرُّشَا.
أرش: قَالَ اللَّيْث: الأَرش: دِيَة الجراحَة، والتأريش: التحريش.
وَقَالَ رُؤْبة:
أصبحتُ من حرصٍ على التأريش
وَقَالَ:
أصْبِحْ فَمَا من بشر مأروش
قَوْله: (أصْبِحْ) يَقُول: تأمَّل وَانْظُر وأبصرْ حَتَّى تعقل، فَمَا من بشر مأروش. يَقُول: إِنْ عِرْضي صَحِيح لَا عَيْب فِيهِ، والمأروش: المخدوش.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: انْتظر حَتَّى تعقل، فَلَيْسَ لَك عندنَا أرش إِلَّا الأسنّة، يَقُول: لَا نقْتل إنْسَانا فَنَدِيه أبدا. قَالَ: والأرْش الدِّية.
شَمِر عَن أبي نهشل وَصَاحبه: الْأَرْش: الرِّشوة، وَلم يعرفاه فِي أرش الْجِرَاحَات.
وَقَالَ غَيرهمَا: الْأَرْش ثمن الْجِرَاحَات كالشّجة وَنَحْوهَا.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: ائترش من فلَان حُمَاشتك يَا فلَان، أَي خُذ أَرْشهَا، وَقد ائترش للخُماشة، واستسلم للْقصَاص.
قلت: وأصل الْأَرْش الخدْش، ثمَّ قيل لما يُؤْخَذ دِيَة لَهَا: أرش، وَأهل الْحجاز يسمّونه النّذْر، وَكَذَلِكَ عُقْر الْمَرْأَة مَا يُؤْخَذ من الواطيء ثمنا لبُضْعِها، وأصلُه من العَقْر، كَأَنَّهُ عَقَرها حِين وطِئها وَهِي بِكْرٌ، فافترعها ودمَّاها، فَقيل لما يُؤْخَذ بِسَبَب العَقْر: عُقْر.
وَقَالَ القُتَبيّ: يُقَال لما يدْفع بَين السَّلامة

(11/279)


والعَيْب فِي السِّلعة: أَرْش، لأنْ الْمُبْتَاع للثوب على أنّه صَحِيح إِذا وقف فِيهِ على خَرْق أَو عيب وَقع بَينه، وَبَين البَائِع أَرش، أَي خُصُومَة وَاخْتِلَاف، من قَوْلك: أرَّشت بَين الرجلَيْن، إِذا أغريتَ أَحدهمَا بِالْآخرِ، وأوقعت بَينهمَا الشرَّ، فَسُمي مَا نقص العيبُ الثوبَ أرْشاً إِذا كَانَ سَببا للأرش.
ورش: قَالَ اللَّيْث: الوَرْش: تنَاول شَيْء من الطَّعَام، تَقول: وَرَشتُ أَرِشُ وَرْشاً؛ إِذا تناولتَ مِنْهُ شَيْئا، وَيُقَال للَّذي يدْخل على قوم يَطْعمون ليُصيب من طعامهم: وارش. وللذي يدْخل عَلَيْهِم وهم شَرْب: واغل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيْد: وَرَشتُ شَيْئا من الطَّعَام أَرِشُ وَرْشاً؛ إِذا تناولت قَلِيلا من الطَّعَام. والوَرَشان: طَائِر وَجمعه وِرْشان، وَالْأُنْثَى وَرَشَانة.
أَبُو عَمرْو: الوَرِش النشيط وَقد وَرِش وَرَشاً، وَأنْشد:
يَتْبَعْنَ زَيّافاً إِذا زِفْنَ نجا
باتَ يُبَارِي وَرِشَاتٍ كالْقَطَا
إِذا اشتكَيْنَ بُعْدَ مَمْشاهُ اجْتَزَى
منهُنّ فاستوفَى برحْبٍ وَعدا
أَي زَاد. اجتزى مِنْهُنَّ، من الْجَزَاء قَالَ: وَرجل وَرِش: نشيط.
أَبُو زَيْدٌ: يُقَال: لَا تَرِش عليّ يَا فلَان، أَي لَا تعرِضْ لي فِي كَلَامي فتقطعه عليّ.
روش ريش: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّوش: الْأكل الْكثير، والورْش الْأكل الْقَلِيل، قَالَ: والرائش الَّذِي يُسَدِّي بَين الراشي والمرتشي.
وَقَول الله جلّ وعزْ: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى} (الْأَعْرَاف: 26) وقرىءَ (وَرِياشاً) . أَخْبرنِي المنذريّ عَن الحُسين بن فَهْم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، قَالَ: سَمِعت سَلاما أَبَا الْمُنْذر الْقَارِي يَقُول: الرِّيش الزِّينَة، والرِّياش كلّ اللبَاس، قَالَ: فسألتُ يُونُس فَقَالَ: لم يقل شَيْئا، هما سَوَاء، وَسَأَلَ جمَاعَة من الْأَعْرَاب، فَقَالُوا كَمَا قَالَ.
قَالَ أَبُو الْفضل: أرَاهُ يَعْنِي كَمَا قَالَ أَبُو الْمُنْذر.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرّانيّ: أَنه سمع ابْن السِّكّيت: يَقُول: الرِّيش جمع ريشة، والرَّيْش مصدر راش مهمة يريشه رَيْشاً، إِذا ركّب عَلَيْهِ الرِّيش.
وَقَالَ القُتَيْبِيّ: الرِّيش والرِّياش وَاحِد، وهما مَا ظهر من اللبَاس، وَرِيش الطَّائِر مَا ستره الله تَعَالَى بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: قَالَت بَنو كلاب: الرياش هُوَ الأثاث من الْمَتَاع، مَا كَانَ من لباسٍ أَو حشوٍ من فرَاش أَو وِثار. والرِّيش الْمَتَاع وَالْأَمْوَال أَيْضا، وَقد يكون فِي الثِّيَاب دون المَال، وراشه الله، أَي

(11/280)


نعشه بريشه. وَإنَّهُ لحسن الريش، أَي الثِّيَاب، والرّياش القِشَرِ.
اللَّيْث، يُقَال: ارتاش فَلان، إِذا حَسُنَت حالتُه، قَالَ: ورِشتُ فلَانا؛ إِذا قوّيتَه وأعنْتَه على مَعَاشه.
وَقَالَ غَيره: الرَّاشي الَّذِي يرشو الْحَاكِم ليحكم لَهُ على خَصْمِه، إمّا أَن يحيفَ فيحكُمَ بِخِلَاف الحقّ، وإمّا أَن يُؤَخر الْحَاكِم إِمْضَاء الحكم حَتَّى يرشوَه صاحبُ الْحق شَيْئا، فَيحكم لَهُ حِينَئِذٍ بحقّه، وَالْحَاكِم جَائِر فِي كلا الْوَجْهَيْنِ، والرّاشي فِي أحد الْوَجْهَيْنِ مَعْذُور. وَإِذا أَخذ الْحَاكِم الرِّشوة فَهُوَ مرتشٍ، وَقد ارتشى. والرائش الَّذِي يتردّد بَينهمَا فِي المصانعة فيريش المرتشَى من مَال الراشي. وكل من أنلْتَه خيرا فقد رِشتَه. والرائِش الحميريّ مَلك من مُلُوك حِمْير، كَانَ غزا قوما فغنِم غَنَائِم كَثِيرَة، وراش أهل بَيته حَتَّى أغناهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: راش فلَان صَدِيقه يَريشه رَيشاً إِذا جمع الرِّيشَ، وَهُوَ المالُ والأثاث. وَيُقَال: كلاء رَيْشٌ ورَيّش، وَله رِيش؛ وَذَلِكَ إِذا كثر ورَقَّ، وَكَانَ عَلَيْهِ زَغبة من زِفَ، وَتلك الزَّغَبة يُقَال لَهَا: النَّسَال.
وَيُقَال: رمح راشٌ خَوَّار ضَعِيف، وجملٌ راش الظَّهر: ضَعِيف. وَرجل راشٌ: ضَعِيف.
وَشر أشر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه لعن الواشرة والمؤتشِرة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الوَاشرة: الْمَرْأَة الَّتِي تَشِر أسنانها، وَذَلِكَ أَنَّهَا تفلِّجُها وتُحَدِّدها حَتَّى يكون لَهَا أُشُر؛ والأُشر تحدُّد ورقّة فِي أَطْرَاف الْأَسْنَان، وَمِنْه قيل: (ثَغْرٌ مُؤَشّر) ، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي أَسْنَان الْأَحْدَاث، تَفْعَلهُ الْمَرْأَة الْكَبِيرَة، تتشبّه بأولئك، وَمِنْه الْمثل السائر: (أَعْيَيْتَنِي بأُشُر، فَكيف أرجوك بِدُرْدُر) ، وَذَلِكَ أنّ رجلا كَانَ لَهُ ابْن من امرأةٍ كَبِرت، فَأخذ ابْنه يَوْمًا مِنْهَا يُرَقِّصُه، وَيَقُول: يَا حبذا دُرْدُرك فعمِدت أمّه الحمقاء إِلَى حجر فهتَمتْ أسنَانها، ثمَّ تعرَّضت لزَوجهَا، فَقَالَ لَهَا حِينَئِذٍ: (أَعْيَيْتِنِي بأُشر فَكيف بِدَرْدُر)
وَقَالَ ابْن السّكِّيت: يُقَال للمنشار الَّذِي يُقطع بِهِ الْخشب: ميشار وَجمعه مواشير، من وَشَرْت أشر، ومئشار وَجمعه مآشير من أشرْتُ آشِرُ، وَأنْشد:
أَناشرَ لَا زالَت يَمِينك آشِرَهْ
قَالُوا: أَرَادَت لَا زَالَت يَمِينك مأشورة كَمَا قَالَ الله جلّ وَعز: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطارق: 6) ، أَي مدفوق. 5
والأَشَر المَرح والبَطَر، وَرجل أَشِر وأشْرَان، وَقوم أَشَارَى وأُشارَى، وَامْرَأَة مِئْشير بِغَيْر هَاء، مثل الرجل، وحَرَّة شَوْرَانِ مَعْرُوفَة فِي بِلَاد الْعَرَب.

(11/281)


(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ل (وَا يء)
شال، شلى، وشل، لشا، أشل.
شول: يُقَال لبقيّة المَاء فِي المَزَادة أَو القِرْبة: شوْل، وَجمعه أشوال. وَقد شَوَّلت المزادةُ وَجَزَّعَتْ، إِذا بَقِي فِيهَا جِزْعَةٌ من المَاء، وَلَا يُقَال: شالت المزادَةُ، كَمَا يُقَال: دِرْهَم وازن، أَي ذُو وَزْن، وَلَا يُقَال: وزن الدِّرْهَم. والشوْل أَيْضا من النُّوق: الَّتِي قد أَتَى عَلَيْهَا سَبْعَة أشهر من يَوْم نَتَاجها، فَلم يَبْقَ فِي ضروعها إِلَّا شَوْلٌ من اللَّبن، أَي بقيّة مِقْدَار ثلث مَا كانَتْ تحلبُ فِي حِدْثَان نَتَاجها، واحِدَتُها شائِلة. وَقد شوَّلتِ الإبلُ، أَي صارب ذَات شَوْل من اللَّبن، كَمَا يُقَال: شَوَّلَتِ المزادةُ إِذا بَقِي فِيهَا نُطَيْفة، وَأما النَّاقة الشائِلِ بِغَيْر هَاء. فَهِيَ الَّتِي ضربَها الفَحْلُ فشالت بذَنَبها، أَي رفعته. تُرِي الفحلَ أنّها لاقح؛ وَذَلِكَ آيَة لِقَاحها، وتشمخ حينئذٍ بأنفها، وَهِي حينئذٍ شامِذٌ، وَقد شَمَذت شِمَاذاً. وَجمع الشائِل من النُّوق والشامِذُ شُوَّل وشُمَّذ، وَهِي عاسِرٌ أَيْضا، وَقد عَسَرَت عِسَاراً.
قلت: وجَميع مَا ذكرتُ فِي هَذَا الْبَاب من الْعَرَب مسموع ومرويّ.
وَقد روى أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ أَكْثَره، إِلَّا أنَّه قَالَ: إِذا أَتَى على النَّاقة مِنْ يَوْم حَمْلها سَبْعَة أشهر خفَّ لَبنهَا. وَهُوَ غَلَط لَا أَدْرِي أهوَ من أبي عبيد أَو الْأَصْمَعِي وَالصَّوَاب: إِذا أَتَى عَلَيْهَا من يَوْم نَتاجها سَبْعَة أشهر، كَمَا ذكرته لَا من يَوْم حملهَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تَحمل النَّاقة كِشافاً، وَهُوَ أَن يضربَها الفحلُ بعد نَتَاجها بأيَّامٍ قَلَائِل. وَهِي كَشُوفٌ حينئذٍ، وَهُوَ أردأ نَتَاجٍ عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شال الْمِيزَان، إِذا ارْتَفَعت إِحْدَى كَفَّتَيْه لِخِفَّتها، وَيُقَال للقَوْم إِذا خَفُّوا ومضَوْا: شَالَتْ نَعَامتُهم، وَالْعَقْرَب تشول بذنبها، وَأنْشد:
كَذَنَبِ العَقْرَبِ شوَّالٍ عَلِقْ
أَبُو عُبيد عَن اليزيديّ: شَالَتْ الناقةُ بذنبها، وأشالَتْ ذَنَبَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أشلْتُ الحجرَ وشلتُ بِهِ.
وَقَالَ غيرُه: شال السَّائلُ يَدَيْهِ، إِذا رفعهما يَسألُ بهما، وَأنْشد:
وأعسرَ الْكَفّ سَأَلَّاً بهَا شَوِلاَ
وَقَول الْأَعْشَى:
شاوٍ مِشَلٌّ شِليلٌ شُلْشُلٌ شوِلُ
فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشوِل الَّذِي يَشُول بالشَّيْء الَّذِي يَشْتَرِيهِ صاحِبُه، أَي يرفعهُ.
وَقَالَ شَمِر: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شولَةُ الْعَقْرَب الَّتِي تضربُ بهَا، تسمى الشَّوْكَة والشَّبَاة والشَّوْكة والإبرة.

(11/282)


قلت: وَبهَا سمّيت إِحْدَى منزل بُرْج الْعَقْرَب: شولَةُ تَشْبِيها بهَا، لأنّ البرج كلَّه على صُورَة الْعَقْرَب.
والشهر الَّذِي يَلِي رَمَضَان يُقَال لَهُ شوَّال، وَكَانَت الْعَرَب تَطَّير من عَقْد المناكح فِيهِ، وَتقول: إِن الْمَنْكُوحَة تمْتَنع مِنْ ناكحها، كَمَا تمْتَنع طَرُوقة الْفَحْل إِذا لُقِحَتْ، وشالت بذَنَبَها، فَأبْطل النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طِيَرَتُهمْ.
وَقَالَت عَائِشَة: تزَوجنِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شوَّال، وَبنى عليَّ فِي شوَّال، فأيُّ نِسَائِهِ كَانَ أحظى عِنْده مَنّى؟
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: من أمثالهم فِي الَّذِي ينصح للقَوْم وَهُوَ مَلُوم: (أَنْت شولَةُ الناصِحَة) ، قَالَ: وَكَانَت أَمَةٌ لعَدْوَان رَعْنَاء، تَنْصَح لمواليها، فتعود نصيحتُها وَبَالاً عَلَيْهَا لحمْقِهَا.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشوْلَةُ الحمقاء.
قَالَ: وَيُقَال: شال ميزانُ فلَان يَشول شَوَلاناً، وَهُوَ مَثَل فِي الْمُفَاخَرَة. يُقَال: فاخَرته فشال ميزانُه، أَي فخرتُه بآبائي وغلبْتُه.
وَقَالَ: شالت نعامتُهم؛ إِذا تفرقَّت كلمتُهم، وشالت نعامتُهم؛ إِذا ذهب عِزُّهم.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: تشاوَل القومُ تشاوُلاً؛ إِذا تنَاول بعضُهم بَعْضًا عِنْد الْقِتَال.
شلى: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَشلَيتُ الْكَلْب وقَرْقَسْتُ بِهِ، إِذا دَعَوْتَه.
وَرُوِيَ عَن مطرّف بن عبد الله، أَنه قَالَ: (وجدتُ الْعَبْد بَين الله وَبَين الشَّيْطَان، فَإِن اسْتَشْلاَهُ ربُّه نجّاه، وَإِن خَلاَّه والشيطانَ هَلكَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (استشلاه) ، أَي استنقذه، وأصل الاستشلاء الدّعاء، وَمِنْه قيل: أشليت الْكَلْب وَغَيره، إِذا دعوتهُ.
قَالَ حَاتِم طيىء يذكر نَاقَة دَعَاهَا فَأَقْبَلت إِلَيْهِ:
أشلَيْتُها باسم المرَاح فأقبلتْ
رَتَكاً وَكَانَت قبل ذَلِك تَرْسُفُ
قَالَ: فَأَرَادَ مطرّف أنّ الله تَعَالَى إنْ أغاث عَبْدَه وَدعَاهُ، فأنْقَذَه من الهلكة فقد نجا، وَذَلِكَ الاستشلاء.
وَقَالَ القُطامي يمدح رجلا:
قَتَلْتَ كَلْبا وبكراً واشتَليتَ بِنَا
فقد أَرَدْتَ بِأَن تَسْتَجْمعَ الْوَادِي
وَقَوله: (اشتليت) واستشليت) سَوَاء فِي الْمَعْنى، وكّل مَنْ دَعَوْته فقد أشليتَه.
اللَّيْث: الشِّلْو: الْجَسَد والجِلْد من كلّ شَيْء، وَقَالَ الرّاعي:
فَادفَعْ مظالِمَ عَيَّلَتْ أبناءَنَا
عَنَّا وَأَنْقِذْ شِلْوَنَا الْمأكُولاَ
قَالَ: واشتلى الرجُلُ فلَانا، أَي أنقذ

(11/283)


شِلوَه، وَأنْشد:
إنَّ سُلَيْمَانَ اشتَلاَنَا ابْنَ عَلِي
أَي أنقذ شِلْوَنا.
ابْن السكِّيت، عَن أبي زَيْد: يُقَال: ذهبت ماشيَة فلَان وَبقيت لَهُ شَلِيَّة، وجَمعها شَلايا، وَلَا يُقَال إِلَّا فِي المَال.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشِّلْو: الْعُضْو. وَقيل: الشِّلْو: البَقِية. وَقَالَت بَنو عَامر لما قَتَلُوا بنِي تَمِيم يَوْم جَبَلة: لم يبْق مِنْهُم إلاّ شِلْو، أَي بَقيّة، فغَزَوْهم يَوْم ذِي نَجَب، فقتلتْهم تَمِيم. وَفِي ذَلِك يَقُول أوْس بن حَجَر:
فَقُلْتُمْ: ذَاكَ شِلُوٌ سَوْفُ نَأْكُله
فَكيف أَكْلكُمُ الشِّلْوَ الَّذِي تَرَكُوا
وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأبيّ بن كَعْب فِي القَوْس الَّتِي أهداها لَهُ الطُّفَيل ابْن عمر الدَّوْسِي بإقْرَائِه إِيَّاه الْقُرْآن: (تقلَّدْ بهَا شِلْواً من جَهَنَّم) أَي قِطْعَة مِنْهَا، وَمِنْه قيل للعضو: شلْو؛ لِأَنَّهُ طَائِفَة من الجسَد.
وسُئل بعضُ النسَّابين من قُرَيْش عَن النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَنسبه، فَقَالَ: كَانَ من أشلاء قُنَص بن مَعَدّ، أَرَادَ أَنه كَانَ من بقايا وَلَده.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشّلا: بقيَّة المَال، والشَّلِيّ: بقايا كل شَيْء، وشلاَ، إِذا سَار، وشلاَ، إِذا رَفَع شَيْئا.
لشا: أهمله اللَّيْث فِي كِتَابه، ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: لشا، إِذا خَسَّ بعد رِفعة. قَالَ: واللَّشِيّ: الْكثير الحَلَب.
وشل: قَالَ اللَّيْث: الوَشَل: المَاء الْقَلِيل يُتَحَلَّب. وجبَلَ واشل: يقطرُ مِنْهُ المَاء، وَمَاء واشل: يَشِلُ مِنْهُ وَشْلاً.
وَقَالَ ابْن السِّكّيت: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول: الوُشُول قلَّة الغَنَاء، والضعف، وَالنُّقْصَان، وَأنْشد:
إِذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ
وَشلْتُمْ وُشولَ يَدِ الأجْذَمِ
وناقة وَشُولٌ: يَشِلُ لبنُها من كثرته، أَي يسيل ويقطرُ من الوَشَلان، وَيُقَال: وَشلَ فلَان إِلَى فلَان، إِذا ضَرَع إِلَيْهِ، فَهُوَ واشل إِلَيْهِ. ورأْيٌ واشل، وَرجل واشلُ الرَّأْيِ، أَي ضعيفه. وَفُلَان واشلُ الْحَظّ: لَا جَدّ لَهُ. وأوشلت حَظَّ فلَان، أَي أقللتَه.
أَبُو عُبيد: الوَشَل مَا قَطَر من المَاء، وَقد وشَل ويشِل، وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة جَبَلاً يقطر فِي لِحَفٍ مِنْهُ من سَقفِه مَاء، فيجتمع فِي أَسْفَله، وَيُقَال لَهُ الوَشَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، عَن الدُّبَيْرِية: يُسَمَّى المَاء، الَّذِي يقطر من الْجَبَل المَذَع، والفَزيزُ والوَشل.
أشل: قَالَ اللَّيْث: الأشْل من الذَّرْع بلغَة أهل الْبَصْرَة، يَقُولُونَ: كَذَا وَكَذَا أَشلا

(11/284)


لمقدارٍ مَعْلُوم عِنْدهم.
قلت: وَمَا أرَاهُ عَرَبيا صَحِيحا.

(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ن (وَا يء)
شان، شنأ، ناش، نَشأ، نشي، أشن.
شين: قَالَ اللَّيْث: الشَّيْن مَعْرُوف، وَقد شَانَه يَشِينُه شَيناً.
قلت: والشَّيْن ضد الزَّيْن، وَالْعرب تَقول: وَجه فلَان زَيْن، أَي حَسَنٌ ذُو زَين، وَوجه الآخر شَين، أَي قَبِيح ذُو شيْن.
سَلمة، عَن الْفراء، قَالَ: العَيْنُ والشَّيْن، والشنار: العَيْب.
والشِّين حرف هجاء، وَقد شَيَّنْتُ شِيناً حَسَناً.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَالاَْرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى} (الرحمان: 29) ، قَالَ المفسِّرون: من شَأْنه أَن يعزّ ذليلاً، ويذلّ عَزِيزًا، ويغني فَقِيرا، ويُفقر غنِيّاً، وَلَا يشغَلُه شَأْن عَن شَأْن.
والشأن الخطْب، وَجمعه شئُون.
وَيُقَال: أَتَانِي فلَان وَمَا شَأَنتُ شأْنَه، وَلَا مَأنْتُ مأنَه، وَلَا انتبلْتُ نَبْلَه، أَي لم أعبأ بِهِ وَلم أكترثْ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشئُون: عروق الدَّمْع من الرَّأْس إِلَى العَيْن الْوَاحِد شَأْن. قَالَ: والشُّئون نمانم فِي الجمجمة بَين الْقَبَائِل.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الشئون عُروق فَوق الْقَبَائِل، فكلّما أَسَنَّ الرجلُ قَوِيت واشتدَّت.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، عَن أبي نصر، عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: الشئون مواصل الْقَبَائِل، بَين كلّ قبيلتين شَأْن، والدموعُ تخرج من الشئون، وَهِي أربَعٌ بعضُها إِلَى بعض.
قَالَ إِبْرَاهِيم، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: للنّساء ثَلَاث قبائل.
وَرُوِيَ عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: الشُّأْنَانِ عِرقان من الرأَس إِلَى العَيْن.
وقالَ عَبِيد بن الأبرص:
عَيْنَاكَ دَمْعُهما سَرُوب
كأَنَّ شأْنيهما شعِيبُ
قَالَ: وَحجَّة الْأَصْمَعِي قَوْله:
لَا تُحْزِنيني بالفِراق فإنَّني
لَا تَسْتَهِلُّ من الفِراقِ شئُوني
وَقَالَ غَيره: الشئون: عروق فِي الْجَبَل ينْبت فِيهَا النَّبْع، وَاحِدهَا شَأْن. وَيُقَال: رَأَيْت نخيلاً نابتةً فِي شَأْن من شئون الْجَبَل. وَقيل: عروق من التُّرَاب فِي شقوق الجِبَال يُغرَسُ فِيهَا النّخل. وشئون الْخمر مَا دبَّ مِنْهَا فِي عُروق الجَسَد.
قَالَ البَعِيث:
بأطيبَ مِنْ فِيهَا وَلَا طعمَ قَرْقَفٍ
عُقارٍ تمشِّي فِي الْعِظَام شئونُها

(11/285)


أشن: قَالَ اللَّيْث: الأشْنَة شَيْء من العِطْر أَبيض دَقِيق، كَأَنَّهُ مبشور من عِرق.
قلت: مَا أرَاهُ عربيّاً.
نوش: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن} (سبأ: 52) .
قَالَ أَبُو عبيد: التَّنَاوش التَّنَاوُل، والنَّوْش مثله.
نُشتُ أنُوش نَوْشاً.
سَلمَة، عَن الفرّاء: أهل الْحجاز تركُوا همز التَّناوش، وجعلوه من نُشتُ الشَّيْء، إِذا تناولتَه، وأنشدنا:
فهيَ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشاً من عَلاَ
نَوْشاً بِهِ تقطع أجوازَ الْفَلاَ
وَقد تناوَشَ القومُ فِي القِتَال، إِذا تنَاول بعضُهم بَعْضاً بالرِّمَاح، وَلم يتَدانَوْا كلَّ التَّدَانِي.
قَالَ الفرَّاء: وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة والكسائيّ: التناؤش بِالْهَمْز يجعلونه من نَأشْتُ، وَهُوَ البطء. وَأنْشد:
وجئتَ نئيشاً بَعْدَ مَا فاتك الخبَرْ
وَقَالَ الآخر:
تَمَنِّي نَئِيشاً أَن يكون أطاعَنِي
وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأمُورِ أمورُ
قَالَ: وَقد يجوز همز التناوُش، وَهُوَ من نُشْت، لانضمام الْوَاو. وَمثل قَوْله: {نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) .
قَالَ الزّجاج: التناوش بِغَيْر همز: التَّنَاوُل. الْمَعْنى: وَكَيف لَهُم أَن يتناوَلُوا مَا كَانَ مبذولاً لَهُم، وَكَانَ قَرِيبا مِنْهُم؛ فَكيف يتناوَلُونه حِين بَعُدَ عَنْهُم؟
قَالَ: ومَنْ همز فَهُوَ من النّئِيش، وَهُوَ الْحَرَكَة فِي إبطاء، وَالْمعْنَى مِنْ أَيْن لَهُم أَن يتحركوا فِيمَا لَا حِيلَة لَهُم فِيهِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: انْتَأَش الشَّيْء، أَي تأخَّر بِالْهَمْز.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحربيّ عَن عَمْرو عَن أَبِيه: نَاقَة مَنُوشَةُ اللَّحْم؛ إِذا كَانَت رقيقَة اللَّحْم.
وانْتَأَشه، أَي انتزعَهُ.
وأمّا قَوْلهم: انتاشني فلَان من الهَلكة، أَي أنْقَذَني، فَهُوَ بِغَيْر همزٍ بِمَعْنى تناولني.
نَشأ: قَالَ اللَّيْث: النَّشَأُ: أَحْدَاث النّاس. يُقَال للواحدِ أَيْضا: هُوَ نَشَأُ سَوْءٍ. والناشِيءُ الشابّ، يُقَال: فَتى ناشيء، وَلم أسمع هَذَا النّعْتَ فِي الجاريَة. وَالْفِعْل نَشَأ ينشَأ نَشْأً ونَشْأَةً ونشاءَة.
ورَوى سَلَمة عَن الْفراء: الْعَرَب تَقول هَؤُلَاءِ نَشْءُ صِدْق، فَإِذا طَرَحُوا الْهمزَة قَالُوا: هَؤُلَاءِ نَشُو صِدْقٍ، وَرَأَيْت نشَا صِدْق، ومررت بنَشِي صدق، وأجوَد من ذَلِك حَذفُ الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء، لِأَن قَوْلهم: (يَسَل) أَكثر من قَوْلهم يَسْأَل و (مَسَلَةٌ) أَكثر من (مَسألة) .

(11/286)


وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: الناَّشيء الشابّ حِين نَشأ، أَي بلغ قامَةَ الرجل، وَيُقَال للشابّ والشابَّة إِذا كَانُوا كَذَلِك: هم النَّشَأ يَا هَذَا والنّائون، وَأنْشد لنُصَيب:
وَلَوْلاَ أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ
لَقُلْتُ بنفسيَ النَّشَأُ الصِّغَارُ
فالنَّشَأ قد ارتفعْن عَن حدّ الصِّبا إِلَى الْإِدْرَاك، أَو قربْنَ مِنْهُ.
نشأَتْ تنشَأ نَشْأ، وَأَنْشَأَ الله إنْشَاء، قَالَ وناشيء ونَشَأ جمَاعَة، مثل خَادِم وخَدَمَ، وطالب، وطَلَب.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت، قَالَ: النَّشَأ: الْجَوَارِي الصّغار فِي بَيت نُصَيب.
وَقَالَ الفراءِ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِىءُ} (العنكبوت: 20) . قَالَ: القُرّاء مجتمعون على جزم الشين، وقَصْرها إِلَّا الْحسن البَصْري، فإِنه مَدَّها فِي كلّ الْقُرْآن، فَقَالَ: النَّشاءة، وَهُوَ مثل الرّأفة والرآفة، والكَأبة والكآبة.
وَقَوله تَعَالَى: {كَظِيمٌ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (الزخرف: 18) ، قَالَ الفرّاء: قَرَأَ أصحابُ عبد الله: (يُنشَّأُ) ، وَقَرَأَ عَاصِم وَأهل الْحجاز: (يَنشَأُ) . قَالَ: مَعْنَاهُ أَن الْمُشْركين قَالُوا: الْمَلَائِكَة بَنَات الله، تَعَالَى الله عَمَّا افتروا، فَقَالَ الله جلّ وعزّ: أَخَصَصْتُم الرحمانَ بالبَنَات، وأحدكم إِذا وُلد لَهُ بنتٌ يَسودُّ وَجهه. قَالَ: وَكَأَنَّهُ قَالَ: أوَمَنْ لَا يُنشَّأ إِلَّا فِي الحِلية، وَلَا بَيَان لَهُ عِنْد الخِصَام يَعْنِي الْبَنَات تجعلونَهُنّ لِلَّهِ وتستأثرون بالبنين
قَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِى} (الرحمان: 24) وقرىء (الْمُنشِئَات) ، قَالَ: وَمعنى المُنْشَآت: السفُن المرفوعات الشُّرُع، قَالَ: والمنشِئَات: الرّافعات الشَّرْع.
وَقَالَ الفرّاء: مَن قَرَأَ (المنشِآت) فهن اللاّئي يُقْبِلن ويُدْبِرْن، و (المنشَآتِ) أُقْبِلَ بهنَّ وأُدْبِر.
وَقَالَ الشماخ:
عَلَيْهَا الدُّجَى المستنشَآت كَأَنَّهَا
هَوادجُ مشدودٌ عَلَيْهَا الجزاجزُ
يَعْنِي الزُّبَى المرفوعات. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ} (المزمل: 6) .
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحربيّ، عَن الأثْرم، عَن أبي عُبَيدة، قَالَ: ناشئة اللَّيْل: ساعاته، وَهِي آناءُ اللَّيْل، ناشئةً بعد ناشئة.
وَقَالَ الزَّجّاج: ناشئة اللَّيْل سَاعَات اللَّيْل كلّها، مَا نَشأ مِنْه، أَي مَا حَدَث، فَهُوَ ناشئة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ، أَنه قَالَ: كَانَ أنس والحسَن وعليّ بن

(11/287)


الحسَيْن وَالضَّحَّاك والحكَم ومجاهِد يَقُولُونَ: ناشئة اللَّيْل: أَوله، وَإِلَيْهِ ذهب الكسائيّ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: النّاشئة: مَا كَانَ بَعْدَ نَوْمه.
قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن الزبيرَ وَأَبُو مَالك ومُعَاوية بن قُرّة وعِكْرمة وَأَبُو مَجْلَز والسُّدِّيّ: اللَّيْل كلّه ناشئَة، مَتى قمتَ فَقَدْ نَشأْتَ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو نصر، عَن الأصمعيّ: خرج السَّحاب لَهُ نشء حَسَن، وَخرج لَهُ خُرُوج حسن، وَذَلِكَ أوّل مَا ينشأ، وَأنْشد:
إذَا هَمَّ بالإقْلاَعِ هَبَّتْ لَهُ الصَّبَا
فَعَاقَبَ نشءٌ بعْدهَا وخَرُوجُ
قَالَ: وَأخْبرنَا عَمْرو عَن أَبِيه: أنشأت النَّاقة فَهِيَ مُبْشِىءٌ إِذا لَقِحَت، وَنَشَأ اللَّيْل ارْتَفع، والنشأ: أَحْدَاث النَّاس، غُلَام ناشيء وَجَارِيَة ناشئة، والجميع نَشأ.
وَقَالَ شمِر: نشأَ: ارْتَفع، ونشأت السحابةُ، ارتفَعَت، وأنشأها الله، وَيُقَال: من أَيْن أنشأْتَ؟ أَي من أَيْن جئتَ؟
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أنشأ يَقُول كَذَا وَكَذَا، أَي أقبل، وَأَنْشَأَ فلَان: أقبل. وَأنْشد قولَ الراجز:
مَكانَ مَنْ أَنشا عَلَى الرَّكَائِبِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أنشأ، إِذا أنْشد شِعْراً أَو خطب خُطبة فأَحسَنَ فيهمَا.
ابْن السّكّيت عَن أبي عَمْرو: تنشّأْتُ إِلَى حَاجَتي، نهضت إِلَيْهَا ومَشيْتُ، وَأنْشد:
فَلمَّا أنْ تَنشَّأَ قَامَ خِرْقٌ
من الفِتْيانِ مختلَقٌ هضُومُ
قَالَ وسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: تَنشَّأَ فلَان غادِياً، إِذا ذهب لِحَاجَتِهِ.
أَبُو عُبيد: النشيئَة: الْحجر الَّذِي يُجعَل أَسْفَل الْحَوْض، والنَّصَائِب: مَا نَصِب حوله، وَأنْشد:
هَرَقْنَاهُ فِي بَادِي النَّشيئَةِ دائِرٍ
قديمٍ بِعَهْد المَاء بُقْعٍ نَصَائِبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: أنشأ فلَان حَدِيثا، أَي ابْتَدَأَ حَدِيثا وَرَفعه.
نشي: ابْن السكّيت عَن الكسائيّ: رجل نَشيان للْخَبَر ونشْوَان، وَهُوَ الْكَلَام المعتَمَدُ.
وَيُقَال: من أَيْن نشِيتَ هَذَا الْخَبَر؟ وَفِي السُّكْر: رجل نَشوان، واستبانت نَشوتُه. قَالَ: وَزعم يُونُس أَنه سمع (نشوته) .
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: نشيتُ مِنْهُ أنشَى

(11/288)


نشوَةً، وَهِي الرّيح يجدهَا.
وَقَالَ شمِر: يُقَال: من الرّيح نِشوة، وَمن السُّكر نَشوة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النّشوة: ريح الْخمر.
الأصمعيّ: انْظُر لنا الخبَرَ، واسْتَنْشق واسْتَوْشِ، أَي تعرَّفْه.
وَقَالَ شمِر: يُقَال: رجل نشيان للْخَبَر، ونشوان من السُّكْر، وأصلهما الْوَاو ففرّقوا بَينهمَا، قَالَ: وَقَوله:
منَ النّشوات والنِّساء الحسان
أَرَادَ جمع النّشوة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَشيَ فلَان وانْتَشى، فَهُوَ نَشوان، وَامْرَأَة نَشوَى، أَي سَكْرَى. واستنْشيت نَشَا ريح طيبَة، أَي نسَمْتُها، وَأنْشد:
ويَنشى نَشا المِسْكِ فِي فارةٍ
وريحَ الْخُزامى عَلَى الأجرَع
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الناشيء الْغُلَام الحسَن الشَّبَاب.
شنأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} (الْكَوْثَر: 3) .
قَالَ الفرَّاء: قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} ، أَي مُبْغِضُك وعدوّك هُوَ الأبتر.
الحرّانيّ عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: سمعْتُ أَبَا عمرٍ وَيَقُول: الشانيء: الْمُبْغض، والشِّنْء والشَّنْء: البِغْضَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: 2) يُقَال: الشنآن، بتحريك النُّون والهمزة، والشنْآن بِإِسْكَان النُّون: البغْضة، وبعضُهم يَقُول: الشَّنآن، وَأنْشد:
وإنْ لاَمَ فِيهِ ذُو الشّنَانِ وفَنَّدَا
سَلَمة عَن الْفراء: من قَرَأَ: (شَنَان قوم) فَمَعْنَاه بُغْضُ قوم، شِنئتُهُ شنَآنا وشَنانا، وَمن قَرَأَ: {شَنَآنُ قَوْمٍ} فَهُوَ الِاسْم لَا يحملنكم بَغِيضُ قَوْم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال: شَنِئتُ حقّك، أَي أقررتُ بِهِ وأخرجتُه من عِنْدِي.
قَالَ العجّاج:
زَلَّ بنُو الْعَوّام عَنْ آل الحكَمْ
وشَنِئُوا المُلْك لمَلْكٍ ذِي قَدَمْ
أَي أَخْرجُوهُ من عِنْدهم، وقَدَم: منزلةٌ ورفعة.
وَقَالَ الفرزدق:
وَلَوْ كَانَ فِي دَيْنٍ سوَى ذَا شنِئتُم
لَنَا حَقَّنَا أَو غَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهْ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: شَنِئْتُ الرجل شَنْأً وشنْأةً وشنَآنا وَمَشْنَئاً، أَي أبْغضته، ولغةٌ رَدِيئَة شَنَأْتُ بِالْفَتْح.
الحرّانِيّ عَن ابْن السّكيت: أَزْد شَنُؤَة،

(11/289)


بِالْهَمْز على (فَعُولَة) ، وَلَا يُقَال: شَنُوَّة.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: الرجل الشَّنُوءة: الَّذِي يتقزّز من الشَّيْء، قَالَ: وأَحْسِب أَن أزْدَ شَنوءة سُمِّي بِهَذَا.
قَالَ: والمِشْناء، مَمْدُود الْهمزَة مكسور الْمِيم: الَّذِي يُبْغضه النَّاس، وَهُوَ على (مِفْعَال) .
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رجلٌ مشنوء، إِذا كَانَ مُبَغَّضاً؛ وَإِن كَانَ جميلاً، وَرجل مَشْنَاء، إِذا كَانَ قَبِيح المنظر، ورجُلان مَشْناء، وَرِجَال مَشْنَاء.
وروِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (عَلَيْكُم بالمشنْيئة النَافِعَة التلبين) تَعْنِي الحَسُوّ.
وَقَالَ الرّياشيّ: سَأَلت الأصمعيْ عَن المَشنيئة، فَقَالَ: البغيضة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل شَناءَة وشنَائِية، بِوَزْن (فِعَالة) و (فَعَالِية) ، مُبَغَّض سيْىء الخُلُق.
وَشن: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: التَّوشّن: قِلَّة المَاء. قَالَ: والتشوُّن خفّة الْعقل، قَالَ: والشَّوْنة: الْمَرْأَة الحمقاءِ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالَ الكِلابيّ: كَانَ فِينَا رجل يَشون الرؤوس يُريد يَفْرِج شئون الرؤوس، وَيخرج مِنْهَا دابّة تكون على الدِّماغ، فَترك الْهَمْز وَأخرجه إِلَى حدّ (يَقُول) كَقَوْلِه:
قُلْتُ لرجليَّ اعملا ودُوبَا
فأخرجها من دأبْتُ إِلَى دُبْتُ، كَذَلِك أَرَادَ الآخر (شنْتُ) .

(بَاب الشين وَالْفَاء)
ش ف (وَا يء)
شفى، شاف، شأف، فَشَا، فَاش.
شفى: قَالَ اللَّيْث: الشِّفَاء مَعْرُوف، وَهُوَ مَا يبرِىء من السَّقَم، والفِعل: شفَاه الله يشفيه شِفَاء، واستشفى فلَان، إِذا طلبَ الشِّفَاء، وأشفيت فلَانا، إِذا وهبْتَ لَهُ شِفَاء من الدَّوَاء.
وَيُقَال: شِفاء العِيّ السُّؤَال.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَشفَى، إِذا سَار فِي شفَا الْقَمَر، وَهُوَ آخر اللَّيْل، وأشفَى، إِذا أشرف على وصيْةٍ أَو وَدِيعة.
عَمْرو عَن أَبِيه: أشفى زيدٌ عمرا، إِذا وَصفَ لَهُ دَوَاء يكون شفَاؤه فِيهِ، وأشفَى، إِذا أعطَى شَيْئا مَا، وَأنْشد:
وَلاَ تُشفِي أبَاهَا لَوْ أَتَاهَا
فَقِيرا فِي مَبَاءتها صِمَامَا
وشَفَا كلّ شَيْء جَرْفُه. قَالَ الله تَعَالَى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (التَّوْبَة: 109) ، والجميع الأشفاء.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرّانيّ، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: الشَّفا، مَقْصُور: بقيَّة الْهلَال، وبقيَّة البَصر، وبقيّة النَّهَار، وَمَا أشبههه.

(11/290)


وَقَالَ العَجّاج:
وَمَرْبإِ عالٍ لمن تَشَرَّفَا
أشْرَفْتُه بِلَا شَفَا أَو بِشفَا
وأشفَى فلَان عى الهلكة، أَي أشرَف عَلَيْهَا.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حدَّثنا الْحسن بن الرّبيع، عَن عَبد الرزَّاق، عَن ابْن جُريج، عَن عَطاء، سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: مَا كَانَت المُتْعة إِلَّا رَحْمَة رحم الله بهَا أمَّة مُحَمَّد، فلولا نهيُه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا أحَدٌ إِلَّا شفاً) ، وَالله لكَأَنِّي أسمع قَوْله: (إِلَّا شَفا) .
عَطاء الْقَائِل:
قلت: هَذَا الحَدِيث يدلّ على أنَّ ابْن عَبَّاس علم أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المُتعة، فَرجع إِلَى تَحْرِيمهَا بعد مَا كَانَ باح بإحلالها، وَقَوله: (إِلَّا شفاً) ، أَي إِلَّا خَطِيئَة من النَّاس لَا يَجدونَ شَيْئا قَلِيلا يسْتَحلُّونَ بِهِ الفرْج.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفَةُ نقصانها وَاو، تَقول: شَفَة وَثَلَاث شفَوات، وَمِنْهُم من يَقُول: نقصانها هَاء، وَتجمع شفاهاً، والمشافهة: مُفاعلة مِنْهُ.
وَقَالَ الْخَلِيل: الْبَاء وَالْمِيم شفويتان نسبهما إِلَى الشّفة: وسمعتُ بعضَ الْعَرَب يَقُول: أَخْبرنِي فلَان خَبرا اشتفَيْت بِهِ، أَي نَقَعَت بصحّته وَصدقه. وَيَقُول القائلُ مِنْهُم: تشفَّيْتُ من فلَان، إِذا أنْكَى فِي عدوّه نِكَايَةً تسرُّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: شفَت الشَّمْس إِذا غَابَتْ إِلَّا قَلِيلا، وأتيته بشَفاً من ضَوْء الشَّمْس، وَأنْشد:
وَمَا نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَا
إذَا نفحتْ ريحُه النّافِحَهْ
أَي قُبَيل غرُوب الشَّمْس.
وشَفِيّة: رِكيّة عَادِيّة، عَذْبة المَاء فِي ديار بني سَعْد. والإشفَى: السِّراد، وَجمعه الأشافِي.
قَالَ ابْن السِّكيت: الإشفى مَا كَانَ للأساقي، والقِرَب، وَهُوَ مَقْصُور، والمِخْصَف للنِّعَال.
شوف شيف: قَالَ اللَّيْث: الشوْف الجلَوْ. والمشوفُ: والمجلوّ. وَقَالَ عنترة:
وَلَقَدْ شرِبْتُ مِنَ المدَامَةِ بَعدَما
رَكَدَ الهواجرُ بالْمشُوفِ المُعْلَم
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابنُ الأعرابيّ: المشوفُ المُعْلَم: الدِّينَار الّذي شافَهُ ضارِبُه، وَقيل: أَرَادَ بالمشوف قَدَحاً صافياً مُنَقّشاً.
ابْن السِّكّيت: أشاف على الشَّيْء وأشفى عَلَيْهِ، إِذا أَشرَف عَلَيْهِ. وَهَذَا من بَاب المقلوب. وَيُقَال: شِيفَتِ الجاريةُ. تُشاف شوْفاً، إِذا زُيِّنَتْ. واشتَاف فلَان يشتاف

(11/291)


اشتيافاً، إِذا تطاول وَنظر. وَرَأَيْت نسَاء يتشوَّفْنَ من السطوح، أَي ينظرن ويتطاوَلْنَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تشوَّفت الأوْعَال، إِذا ارْتَفَعت على معَاقِل الْجبَال فأشرفَتْ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المشُوف: الْجمل الهائج فِي قَول لَبيد:
بخطيرةٍ تُوفي الجديل سريحَةٍ
مثلِ المشوفِ هَنَأْتَهُ بعَصيم
وَقيل: المشوف المزيّن بالعهون وَغَيرهَا، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
يشْتِقْنَ للنَّظر البعيدِ كأنّما
إرْنَانُها ببواءِنِ الأشْطانِ
يصِفُ خيلاً نشيطة إِذا رَأَتْ شخصا نائِياً طمَحتْ إِلَيْهِ، ثمَّ صهلت، وَكَانَ صهيلها فِي أبآرِ بعيدَة لسعة أجوافها.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: بَعَثَ القومُ شِيفَةً، أَي طلِيعةً.
قَالَ: والشَّيِّفانُ: الدَّيْدَبان.
وَقَالَ أعرابيّ: تَبَصَّرُوا الشَّيِّفان فإنهُ يصوك على شَعَفَةِ المصَادِ، أَي يلْزمهَا.
شأف: أَبُو زيد: شئفت أَصَابِعه شأَفاً، إِذا تشقّقَتْ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَئفَتْ أَصَابِعه، وسَئِفت وشَعِفتْ؛ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: شَئفَتْ، وسَعِفت، وَهُوَ التشعّث حول الْأَظْفَار، والشُّقاق.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: شَئِفْتُ لَهُ شَأَفاً، إِذا أبغضتَه.
قَالَ وشَئف الرجل، إِذا خفْتَ حينَ ترَاهُ أَن تصيبه بِعَين، أَو تدلّ عَلَيْهِ من يكره.
قَالَ: واستشاف الْجرْح، فَهُوَ مُسْتَشِيف بِغَيْر همز، إِذا غَلظُ.
واستأصل الله شأفتَهُ وَهُوَ قَرْح يخرج بالقدم إِذا حسم الْأَمر من أَصله.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، يُقَال: استأصَل الله شأفته، وَهُوَ قَرْح يخرج بالقدم، يُقَال مِنْهُ: شَئِفَتْ رجله شَأَفاً، والاسمُ مِنْهُ الشأفة، فيُكوَى ذَلِك الدَّاء فَيذْهب، فَيُقَال فِي الدُّعَاء: أذهبك الله، كَمَا أذهب ذَلِك الدَّاء.
شَمِر، عَن الهُجيميّ: الشأفة: الأَصْل، واستأصل الله شأفته، أَي أَصله.
قَالَ: والشأفة: الْعَدَاوَة.
وَقَالَ الكُميت:
وَلَمْ نَفتأ كَذَلِكَ كلَّ يَوْمٍ
لشأفة واغرٍ مُسْتَأْصِلينا
أَبُو عُبيد: شُئِفَ فلانٌ شأفاً، فَهُوَ مشئوف، مثل جُئِث وزُئِد، إِذا فَزِع وذعر.
وَفِي الحَدِيث: (خرجت بآدَم شأْفَةٌ فِي رجله) .
قَالَ: والشأفة قد جَاءَت بِالْهَمْز وَغير

(11/292)


الْهَمْز؛ وَهِي قَرْحة.
فَشَا: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ضُمّوا فواشيكُم بِاللَّيْلِ) وَالْفَوَاشِي كلّ شَيْء ينتشر من المَال، مثل الْغنم السَّائِمَة، وَالْإِبِل وَغَيرهَا.
وَقَالَ غَيره: أفْشى الرَّجل، إِذا كثرت فواشيه.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أفشى الرجل وأمشى وأوْشَى، إِذا كثر مَاله، وَهُوَ الفِشاء والمِشاء، مَمْدُود، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الفرّاء: قَالَ اللَّيْث: فَشَا الشيءُ يفشُو فُشُوّاً إِذا ظهر، وَهُوَ عامٌّ فِي كل شَيْء. وَمِنْه إفشاء السرّ، وَقد تفشَّى الخبرُ إِذا كُتِبَ على كاغد رَقِيق فتمشَّى فِيهِ.
وَيُقَال: تفشّى بهم الْمَرَض وتفشّاهم الْمَرَض، إِذا عمَّهم. وَأنْشد:
تَفَشَّى بِإِخْوَان الثِّقاتِ فعمَّهُم
فأَسْكَتُّ عَنْهُ المعْوِلاتِ البواكيا
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : تَفَشَّأَ بالقوم الْمَرَض تفشؤا، إِذا انْتَشَر فيهم. وَأنْشد:
وأمرٌ عَظِيم الشَّأْن يُرْهَب هَوْلُهُ
وَيَعْيَا بِهِ مَنْ كانَ يُحْسَبُ رَاقِياً
تَفَشَّأ إخْوَانُ الثِّقاتِ فعمّهمْ
فأَسْكَتُّ عنّي المعْوِلاَت الْبَواكِيَا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: الفَشء من الْفَخر، من أفُشأتُ، وَيُقَال: نَشَأْت.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَشَتْ عَلَيْهِ أمورُه، إِذا انتشرت، فَلم يدر بأيّ ذَلِك يَأْخُذ، وأفشيته أنأ.
والفَشَيَان: الغَثْيَةُ الَّتِي تعتري الْإِنْسَان، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: (تاسا) .
فيش: قَالَ اللَّيْث: الفَيْش: الفيشلَة الضَّعِيف. والفَيْش النفْج يرِي الرّجل أنّ عِنْده شَيْئا، وَلَيْسَ على مَا يُرى.
وَفُلَان صاحبُ فِيَاش ومُفَايشة وفُلاَن فَيّاش، إِذا كَانَ نفّاجاً بِالْبَاطِلِ، وَلَيْسَ عِنْده طائل. وَيُقَال أَيْضا: رجل فَيُوش.
قَالَ رؤبة:
عَنْ مُسْمَهِرَ لَيْسَ بالْفَيُوش
والفيشوشة: الضّعْف والرّخاوة. وَقَالَ جرير:
أدْرَى بحلمهمُ الفياشُ فَحِملْهُمْ
حِلْمُ الْفَراشِ غَشِين نَارَ المْطَلَى
شمِر: يُقَال: جَاءُوا يتفايشُون، أَي يتفاخرون ويتكاثَرون، وَقد فايَشني فِيَاشاً، قَالَ: يُقَال: فَاش يفيشُ وفَشَّ يَفُشُّ بِمَعْنى، كَمَا يُقَال: ذَام يَذِيمُ، وَذَمَّ يذُمّ.

(بَاب الشين وَالْبَاء)
ش ب (وَا يء)
شَاب، شبا، بشا، وبش، باش.
أشب، أبش.

(11/293)


شبا: قَالَ اللَّيْث: حدّ كلّ شَيْء شَباتُه، والجميع شَبَوَات.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: شَبْوَة هِيَ الْعَقْرَب غير مجراةٍ، وَأنْشد:
قَدْ جَعَلَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ
تكْسُواسْتَهَا لحْماً وتَقْمَطِرُّ
يَقُول: إِذا لَدَغت صَار اسْتُها فِي لحم النَّاس، فَذَلِك اللَّحْم كسْوَة لَهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّبْوة: الْعَقْرَب الصَّفْرَاء، وَجَمعهَا شَبَوات.
قلت: والنحوَّيون يَقُولُونَ: شَبْوةُ، معرفَة لَا تَنْصَرِف وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام.
أَبُو عبيد عَن اليزيديّ: المُشبِيُّ: الّذي يُولد لَهُ ولد ذكيٌّ. وأشْبَى، وَأنْشد شَمِر قَول ذِي الإصبع العَدوانيّ:
وهم من ولُدُوا وأَشْبَوْا
بسرِّ الْحَسبِ المحضِ
قَالَ: وأشبى، إِذا جَاءَ بولدٍ مثل شَبَا الْحَدِيد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: رجل مُشببٍ يلد الْكِرَام، وَرجل مَشْبِيّ: مُكْرَم. قَالَ: والمُشبيّ: المُشْفِق، وَهُوَ المُشْبِل.
قَالَ: وَيُقَال: أَشْبَى زيدٌ عمرا، إِذا أَلْقَاهُ فِي بِئْر، أَو فِيمَا يكره.
وَأنْشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِيَاهُ
فِي كلِّ سُوءٍ وَيُدَرْبِيَاهُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء الْعَقْرَب الشَّوْشَب، والفِرْضخ، وتَمَرةُ، لَا تَنْصَرِف. قَالَ: وشَبَاة الْعَقْرَب: إبرتها. والشَّبْو: الْأَذَى.
الفرَّاء: شبا وجهُه، إِذا أَضَاء بعد تغيّر.
وبش: قَالَ اللَّيْث: الوَبْش والوَبش النِّمنِم الْأَبْيَض يكُون على الظّفر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الْوَبْش والكَدَب والنِّمنم.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: مَا بِهَذِهِ الأَرْض إِلَّا أوْبَاشٌ من شجر أَو نَبَات، إِذا كَانَ قَلِيلا مُتَفَرقاً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: بهَا أوباشٌ من النَّاس وأوشابٌ من النَّاس، وهم الضُّروب المتفرّقون.
قَالَ: والأشائب: الأخلاط. الْوَاحِدَة أشابة. وَفِي الحَدِيث: (إنّ قُريْشًا وَبَّشَتْ لِحَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوباشاً) أَي جمَعتْ لَهُ جموعاً من قبائلَ شَتَّى.
وَقَالَ ابْن شُميل: الوَبْش الرَّقْط من الجرَب يتفشى فِي جلد الْبَعِير، يُقَال: جمل وَبِش، وَبِه وَبَشٌ، وَقد وبِشَ جلده وبشاً.
بوش: قَالَ اللَّيْث: البَوْش: الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَيَّش الله وَجهه وسرّجه.

(11/294)


أَي حَسنّه. وَأنْشد:
لَمّا رأيتُ الأزْرَقَيْنَ أرَّشَا
لَا حَسَنَ الوجْه وَلَا مُبَيّشا
قَالَ: (أزْرَقَيْن) ، ثمَّ قَالَ: (لَا حَسَن) .
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: باش يَبُوش بَوْشاً، إِذا صَحِبَ البَوْش، وهم الغوغاء.
شيب: قَالَ اللَّيْث: الشَّيب مَعْرُوف قَلِيله وَكَثِيره.
يُقَال: علاهُ الشيبُ.
وَيُقَال: شَاب يشيب شَيْباً وَشَيْبَةً، وَرجل أشيب وَقوم شِيب. والشِّيب حِكَايَة ترشّف مشافر الْإِبِل المَاء إِذا شربت. وَأنْشد ابْن السّكيت قَول ذِي الرُّمة يصف الْإِبِل:
تداعَيْن باسم الشِّيب فِي مُتَثَلّمٍ
جوانِبُه من بَصْرةٍ وَسَلاَمِ
وَأما قَول عديّ بن زيد:
أرِقْتُ لمكفِّهرَ بَاتَ فِيه
بَوَارِقُ يَرْتَقِين رُؤوسَ شِيبِ
فَإِن بَعضهم: قَالَ: الشِّيب هَا هُنَا سحائب بيض؛ وَاحِدهَا أشيب.
وَقيل: هِيَ جبال مبيضّة الرؤوس من الثَّلج، أَو من الْغُبَار. وَقيل شِيبُ اسْم جَبل ذكره الكُمَيت: فَقَالَ:
فَمَا فُدرٌ عَواقلُ أَحْرزَتْها
عَمايةُ أَو تَضَمّنَهنَّ شيبُ
وَيُقَال: رجل أشْيَب، وَلَا يُقَال: امْرَأَة شيباء، لَا تنْعَت بِهِ الْمَرْأَة، وَقد يُقَال: شَاب رأسُها، وَكَانَت الْعَرَب تَقول للبكر إِذا زفّت إِلَى زَوجهَا فَدخل بهَا وَلم يَقْتَرِعْها لَيْلَة زفافها: باتت بليلةٍ حُرَّة، وَإِن اقترعها تِلْكَ، قَالُوا: باتت بليلةِ شَيْبَاء.
وَقَالَ عُرْوة بن الوَرْد:
كَلَيْلَةِ شَيْباءَ الّتي لَسْتُ نَاسِياً
ولَيْلَتِنا إِذْ مَنَّ مَا منَّ قَرْمَلُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال للكانونين: هما شَيْبان ومَلْحان.
وَيُقَال: شِيبان.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَاب يَشُوب شَوْباً، إِذا غشّ، قَالَ: وَمِنْه الْخَبَر: (لَا شَوْب وَلَا رَوْب) ، أَي لَا غِشّ وَلَا تَخْلِيط فِي شراءٍ أَو بيع.
وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: معنى قَوْلهم: (لَا شَوْبَ وَلَا روْب) فِي البيع وَالشِّرَاء فِي السّلعة يَبِيعهَا، أَي أَنَّك برىء من عَيْبها.
قَالَ: وَيُقَال: مَا عِنْده شَوْبٌ وَلَا رَوْب، فالشَّوْب الْعَسَل والمشُوب والرَّوْب: الرائِب.
وَقَالَ: يُقَال: فِي فلَان شَوْبَة، أَي خَدِيعَةٌ، وَفِي فلَان ذَوْبَة، أَي حمقة ظَاهِرَة.
سَلمَة، عَن الفرّاء: شابَ إِذا خَان، وباش إِذا خَلّط.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي بَاب إِصَابَة

(11/295)


الرجل فِي مَنْطِقه مَرّة وإخطائه أُخْرَى: هُوَ يَشُوب وَيَرُوبُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: يُقَال للرجل إِذا نضح عَن الرجل: قد شوَّب عَنهُ وراب، إِذا كسِل.
قَالَ: والتَّشويب أَن تَنضح نَضْحاً غير مبالَغ فِيهِ فَمَعْنَى قَوْلهم: هُوَ يَشُوب ويَرُوب، أَي يدافِع مُدافعة غيرَ مبالَغ فِيهَا، وَمرَّة يكسَل فَلَا يدافع البتّة.
وَقَالَ غَيره: يَشُوب، من شَوْب اللَّبن، وَهُوَ خَلْطُه بِالْمَاءِ ومذْقُه. ويَرُوب، أَرَادَ أَن يَقُول: يُرَوِّب، أَي يَجعله رائباً خاثِراً لَا شَوْب فِيهِ، فأتبع (يَرُوب) (يَشُوب) لازدواج الْكَلَام، كَمَا قَالُوا: هُوَ يَأْتِيهِ الغَدَايا والعَشايا، والغدايا لَيْسَ بِجمع للغداة، فجَاء بهَا على وزن (العشايا) .
وشابَة: اسْم جبل بِنَاحِيَة الْحجاز.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الشآبيبُ من الْمَطَر الدُّفَعَات.
وَقَالَ غَيره: شُؤبُوب العَدْوِ دُفَعُهُ.
وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ: إِنَّهَا لحسنةُ شَآبيبِ الوَجْه، وَهُوَ أوّل مَا يظْهر من حُسْنها فِي عين النَّاظر إِلَيْهَا.
أَبُو زَيد: الشُّؤبوب: الْمَطَر يُصِيبُ الْمَكَان ويخطىء الآخر، وَجمعه الشآبيب، وَمثله: النَّجْو والنَّجَاء.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سألتُ الأصمعيّ عَن المشَاوب، وَهِي الغُلُف، فَقَالَ: يُقَال لغلاف القارورة: مُشَاوب، على (مُفَاعِل) ، لِأَنَّهُ مَشُوب بحُمْرة وصفرة وخضرة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يجوز أَن يجمع المُشَاوَب على (مَشَاوِب) .
أشب: أَبُو عُبيد: أَشَبْتُه، أشِبُه: لُمْتُه.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ويأشِبُنِي فِيهَا الَّذِين يَلُونَهَا
وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يأْشِبُونِي بِطائِلِ
وَقَالَ غَيره: اشَبْتُه، أَي عبتَه ووقعتَ فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأشَب كَثْرة الشّجر.
يُقَال مِنْهُ، مَوضِع أشِب، أَي كثيرُ الشّجر.
اللَّيْث: أشَّبْتُ الشرَّ بَينهم تأشيباً. قَالَ: والتأشيب التجمّع من هَا هُنَا وَهَا هُنَا، يُقَال: هَؤُلَاءِ أُشابةٌ لَيْسُوا من مكانٍ وَاحِد، والجميع الأشائِب، وَكَذَلِكَ الأُشابَة فِي الْكسْب مِمَّا يخلطه من الْحَرَام الَّذِي لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
نَجائِبُ لَيست من مهورِ أشابةٍ
وَلَا دِيَةٍ كَانَت وَلَا كسْبُ مَأْثَمِ
وَقَالَ النَّابِغَة:
قبائل من غَسّانَ غير أشائب
أبش: يُقَال: تأبَّش الْقَوْم وتهبَّشوا وتَحبّشُوا، وتأشَّبُوا، إِذا تجمعُوا.

(11/296)


بشا: ابْن الأعرابيّ: بشا، إِذا حَسُن خُلُقه.

(بَاب الشين وَالْمِيم)
ش م (وَا يء)
شأم، شام، (شيام) ، وشم، ومش، ماش، مَشى، شما.
شما: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: شما، إِذا علا أمرُه، قَالَ: والشَّمَا: الشمَع.
ومش: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الوَمْشَة: الخالُ الْأَبْيَض.
وشم: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَعَن الواشِمة والمسْتَوشِمة، وَبَعْضهمْ يرويهِ: (المُؤتشِمة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الوَشْمُ فِي الْيَد، ذَلِك أنّ الْمَرْأَة كَانَت تَغْرِزُ ظهر كفّها ومِعْصمها بإبرة أَو بمِسلّة حَتَّى تُؤثر فِيهِ، ثمَّ تحشوه بالكحل، أَو بالنَّؤُر فيخضرّ، تفعل ذَلِك بدَاراتٍ ونقوش.
يُقَال: وَشَمَتْ تَشِمُ وشْماً، فَهِيَ واشِمَةٌ، وَالْأُخْرَى موشومة ومُسْتَوشِمة، وَأنْشد:
كَمَا وُشِمَ الرَّوَاهِشُ بالنَّؤُورِ
والنَّؤُور: دُخَان الشّحْم.
ابْن شُمَيل: يُقَال: فلَان أعظم فِي نَفْسه من المتَّشِمة، وَهَذَا مَثَل، والمتّشمة امْرَأَة وشمت اسْتَها، ليَكُون أحسنَ لَهَا.
وَقَالَ الباهليّ: من أمثالهم: لَهُوَ أَخْيَلُ فِي نَفسه من الواشمة.
قلت: والمتّشمة فِي الأَصْل مُوتشمة، وَهُوَ مثل المتّصل، أَصله (موتصل) ، فأدغمت الْوَاو أَو الْهمزَة فِي التَّاء وشدّدت.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أوْشَمَت السَّمَاء، إِذا بَدَا مِنْهَا بَرق، وأنشدنا:
حَتى إِذا مَا أوشمَ الرواعدُ
وَمِنْه قيل: أوشَم النَّبْت، إِذا أبصَرْتَ أولَه.
وَقَالَ اللَّيْث: أوشمت الأَرْض، إِذا ظهر شَيْء من نَبَاتها.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: مَا عصيتُك وَشْمة، أَي طرفَة عَيْن.
وَقَالَ غَيره: أوشم فلَان فِي ذَلِك الْأَمر إيشاماً، إِذا نظر فِيهِ، وأوشمت الأعناب، إِذا لانتْ وطابَتْ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الوُشُوم والوُسُوم: العلامات.
شيم: أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: شِمتُ السيفَ، أغمدته، وشِمْتُه سَلَلْته.
قَالَ شَمر: أَبُو عبيد فِي شِمْتُه، بِمَعْنى سَللْتُه. قَالَ شَمر: وَلَا أعرفهُ أَنا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي الأضداد: يُقَال: شامَ سَيفه، إِذا سلّه، وشامه إِذا أغمَدَه، وَأنْشد قَول الفرزدق فِي الشَّيْم بِمَعْنى السلّ:

(11/297)


إِذا هِيَ شِيمَتْ فالقوائم تحتهَا
وَإِن لم تُشَمْ يَوْمًا عَلَتْها القوائم
قَالَ: أَرَادَ سُلَّت، والقوائم مَقَابضُ السيوف.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شام السَّيْف: غَمَدَه، وشامه، جَرّدَه، وشام البرقَ: نظر إِلَيْهِ، وشام الرّجل يَشِيم شَيْماً وشُيُوماً، إِذا حَقَّقَ الحمْلَة فِي الْحَرْب، وشَامَ أَبَا عُمَير، إِذا نَالَ من البِكْر مرادَه، وشام يَشِيمُ، إِذا ظَهرت بجلدته الرّقمة السَّوْدَاء، وشام يَشِيم إِذا غبّر رجلَيْهِ بالشِّيام، وَهُوَ التُّرَاب، وشام إِذا دَخَلَ.
وَقَالَ اللَّيْث: شِمْتُ الْبَرْق والسَّحاب، إِذا نظرت أَيْن يَقْصِد وَأَيْنَ يمطر.
وَقَالَ أَبُو زيد: شِمْ فِي الْفرس ساقَك، أَي أركُلْها بساقك وأَمِرَّها.
وَقَالَ أَبُو مَالك: شِمْ، أَدخِلْ، وَذَلِكَ إِذا أَدخَلَ رجلَهُ فِي بَطنهَا يضربُها وأشام فِي الشَّيْء، دخل فِيهِ.
أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ: رجل مَشِيم ومَشْيُوم ومَشُوم، من الشامَة. وَقَالَ الطِّرِمّاح:
كم بهَا من مَكْوِ وَحْشِيةٍ
قِيضَ من مُنْتَثِلٍ أَو شِيَامِ
قَالَ أَبُو سعيد: سَمِعت أَبَا عَمْرو ينشده أَو شَيَام يفتح الشين، وَقَالَ: هِيَ الأَرْض السهلة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَهُوَ عِنْدِي (شِيام) بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الكِناس، سُمِّي (شِياماً) لِأَن الوَحْش تنشام فِيهِ، أَي تدخل.
قَالَ: والمُنْتَثِلُ: الَّذِي كَانَ اندَفَنَ، فَاحْتَاجَ الثَّورُ إِلَى انتثاله، أَي اسْتِخْرَاج تُرابه، والشِّيام، الَّذِي لم يندَفن وَلَا يحْتَاج إِلَى انتثاله، فَهُوَ يَتْشام فِيهِ، كَمَا يُقَال: لِباسٌ لَا يُلْبس.
قَالَ: وَيُقَال حَفَرَ فَشَيم، وَقَالَ: الشَّيْم: كلّ أَرض لم يُحْفَرْ فِيهَا قبل، فالحفْر على الْحَافِر فِيهَا أشَدُّ.
وَقَالَ الطِّرِمّاح أَيْضا، يصف ثَوْراً:
غَاصَ حَتَّى اشتباث من شَيَمِ الأرْ
ض سَفَاةً من دوتها ثَأَدُهْ
والمَشِيمَة هِيَ للْمَرْأَة الَّتِي فِيهَا الوَلَد، والجميع مَشِم ومَشائم.
قَالَه التَّوزيّ، وَأنْشد لجرير:
وَذَاكَ الفحلُ جَاءَ بشرِّ نَجْلٍ
خبيثاتِ المثَابِرِ والمَشِيم
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابي، يُقَال: لما يكون فِيهِ الْوَلَد: المَشِيمة والكِيسُ والْحَوْرَان والقميص.
وَقَالَ اللَّيْث: الأشْيَمُ من الدَّوَابّ وَمن كلُّ شيءَ: الَّذِي بِهِ شامَة، والشامَة عَلامَة مخالِفَة لسَائِر اللَّون، وَالْأُنْثَى شَيْمَاء.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: ممّا لَا يُقَال لَهُ بَهِيم ولاشِيَةَ لَهُ: الأبرش، والأشْيَم. قَالَ:

(11/298)


والأشْيَم أَن تكون بِهِ شامَةٌ، أَو شامٌ فِي جَسَده.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الشَّامة: شامةٌ تخَالف لونَ الْفرس على مَكَان يُكْرَه، ربّما كَانَت فِي دَوَابِرها.
أَبُو زيد: رجل أَشْيَم بيِّن الشَّيَم، للّذي بِهِ شامة، وَلم يعرف لَهُ فِعل.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّامة: النّاقة السَّوْدَاء، وَجَمعهَا شام، والشِّيمُ: الْإِبِل السُّود، والحِضار الْبيض.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
بَنَات المخاضِ شِيمُها وحِضَارُها
ويُرْوَى: (شُومها) أَي سُودُها وبيضها، قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
ابْن الأعرابيّ: الشِّيام بِالْكَسْرِ: الفأر. والشِّيَام: التّراب.

شأم: قَالَ اللَّيْث: الشَّأم: أَرض: سمِّيَتْ بهَا لِأَنَّهَا عَن مَشْأمَة الْقبْلَة. وَيُقَال: شأمْتُ القومَ، أَي يَسَرْتُهم. والمشْأَمَةُ من الشُّؤْم، يُقَال: رجل مشئوم، وَقد شُئِمَ. وَيُقَال: شَأَمَ فلانٌ أصحابَه؛ إِذا أصابَهُم شُئُوم من قِبلَه. وَيُقَال: هَذَا طَائِر أشأم، وطير أشأَم، والجميع الأَشائم.
وَأنْشد أَبُو عُبيدة:
فَإِذا الأشائم كالأيا
مِنِ والأيامِنُ كالأشَائمْ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أنَّه قَالَ: العَرَبُ تَقول: أَشأَمُ كُلِّ امرىء بَين لحْيَيْه. قَالَ: أشأَم، فِي مَعْنى الشؤم، يَعْنِي اللِّسَان، وأَنشد:
فَتُنْتِجْ لكُمْ غِلْمَانَ أشْأَمَ كُلُّهُمْ
كأحْمَرِ عادٍ ثمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِم
قَالَ: (غلْمَان أشأمَ) ، أَي غلْمَان شُؤْم.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال: يامِنْ بِأَصْحَابِك أَي خذْ بهم يَمْنَةً، وشائِمْ بهم، أَي خُذْ بهم شَأْمَة، أَي ذَات الشمَال، وَلَا يُقَال: تيامنْ بهم.
وَيُقَال: قعد فلَان يَمْنَةً، وَقعد فلَان شَأْمَةً. وَتقول: قد يُمِن فلانٌ على قومه، فَهُوَ ميمونٌ عَلَيْهِم. وَقد شُئِمَ عَلَيْهِم فَهُوَ مَشْئوم عَلَيْهِم، بِهَمْزَة بعْدهَا وَاو. وَقوم مشائيم، وَقوم مَيَامِين، وَقد أشأم الْقَوْم، إِذا أَتَوا الشأم، وَرجل شآمٍ وتَهامٍ، إِذا نُسب إِلَى تهَامَة والشأم، وَكَذَلِكَ رجل يمانٍ، زادوا ألفا وخفّفوا يَاء النّسْبَة.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا نشأَتْ بَحْرِيةً ثمَّ تشاءَمتْ فَتلك عينٌ عَذِيقة) ، تشاءمتْ: أخذت نَحْو الشأم. قَالَ: تشاءم الرجل، إِذا أَخذ نَحْو الشأم، وأشأم، إِذا أَتَى الشأم، ويامَنَ الْقَوْم وأيمنوا، إِذا أَتَوا اليَمَن.
ميش: قَالَ اللّيث: الميْش: أَن تمَيش الْمَرْأَة القطنَ بِيَدِهَا، إِذا أزبدته بعد الحلْج،

(11/299)


وَأنْشد:
إليَّ سِرّاً فاطْرُفِي وَمِيشي
قلت: المَيْش: خَلْط الشَّعر بالصوف، كَذَلِك فَسَّره الأصمعيّ وَابْن الأعرابيّ وَغَيرهمَا.
وَيُقَال: مَاشَ فلانٌ، إِذا خَلَطَ الصدْق بِالْكَذِبِ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ، قَالَ: إذَا أخْبر الرَّجُل بِبَعْض الْخَبَر، وكتم بعضه قيل: مَذَع، وماش يَمِيش.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبِعِيّ وَحَجَّارِ
ورَوَى ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: ماش يميش مَيْشاً، إِذا خَلَطَ اللَّبن الحلو بالحامض، أَو خَلَطَ الصُّوف بالوبرَ، أَو خَلَط الجِدَّ بالهزْل.
قَالَ: وماش كَرْمَه يَمُوشة مَوْشاً، إِذا طلب بَاقِي قُطُوفه.
قَالَ: والماش قماش الْبَيْت، وَهِي الأوقَابُ والأوغابَ والثَّوى.
قلت: ومِنْ هَذَا قَوْلهم: (الماش خير من لاَش) ، أَي مَا كَانَ فِي الْبَيْت من قماش خير لَا قيمةَ لَهُ، خيرٌ من بَيت فارغ لَا شَيْء فِيهِ، مخفف (لَا شَيْء) ؛ لازدواجه مَعَ (ماش) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: مِشْتُ النَّاقة أَمِيشُها، وَهُوَ أَن تحلبَ نصفَ مَا فِي ضَرْعِها، فَإِذا جُزْتَ النِّصْف فَلَيْسَ بميْش.
وَقَالَ اللَّيث: ماش الْمَطَر الأَرْض، إِذا سحاها. وَأنْشد:
وقلتُ يَوْم الْمَطَر الميشِ
أقاتلي جبيلة أم مُعيشي
مَشى: قَالَ اللّيث: المِشْيَةُ: ضرب من المَشْي إِذا مَشى. قَالَ: والمَشَاء مَمْدُود، وَهُوَ المَشُوْ والمَشِيُّ. يُقَال: شربت مَشُوّاً ومَشِيّاً وَمَشَاءً، وَهُوَ استطلاق البُطْن، وَالْفِعْل استَمشى إِذا شرب المَشيَّ، والدواء يُمْشِيهِ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: شربت مَشُوّاً ومَشاءً، وَهُوَ الدّواء الَّذِي يسهل، مثل: الحَسُوّ والحَسَاء، قَالَه بِفَتْح الْمِيم، وَذكر المشيَّ أَيْضا، وَهُوَ صَحِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: مَشى الرجل يمشي، إِذا أنْجى، داواؤه، قَالَ: وَمَشى يمشي بالنَّمائم.
وَقَالَ اللَّيْث: المَشَاء، مَمْدُود: فِعل الْمَاشِيَة، تَقول: إنّ فلَانا لذُو مَشاءٍ وماشية. وأمشى فلَان، كثرت ماشِيتُه، وَأنْشد:
وكلُّ فَتى وَإِن أمْشى فأثرَى
ستخِلجُه عَن الدّنيا المنونُ
وَقَالَ الحُطيئة:

(11/300)


فَيبْني مَجْدَهَا وَيُقيمُ فِيهَا
ويَمْشِي إنْ أُرِيد بِها المَشاءُ
قَالَ أَبُو الهَيْثَم: يمشي: يكثر يُقَال: مشت إبلُ بنِي فلَان تمشي مَشاءً، إِذا كثرت والمشَاء: النَّماءِ، وَمِنْه قيل: الْمَاشِيَة.
وَقَالَ غَيره: كلّ مالٍ يكون سَائِمَة للنَّسل والقُنْية من إبل وبقر وشاءٍ، فَهِيَ مَاشِيَة، وأصل الشَّاء النّماءِ وَالْكَثْرَة والتناسل.
وَقَالَ الراجز:
الْعَنْزُ لاَ تَمْشِي مَعَ الْمَمَلَّعِ
ابْن السّكّيت: الْمَاشِيَة تكون من الْإِبِل والغَنَم، يُقَال: قد أمشى الرجل، إِذا كَثُرت ماشيتُه، وَقد مَشِيَت الْمَاشِيَة، إِذا كثرت أولادُها. وناقة مَاشِيَة: كَثِيرَة الْأَوْلَاد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المَشاء الجَزَرُ الَّذِي يُؤْكَل، وَهُوَ الإصطفلين.
أَبُو زَيد: شَرِبتُ مَشيّاً، فمشيْتُ عَنهُ مَشياً كثيرا.
بَاب اللفيف من حرف الشين
شَيْء، شيشاء، شوى، شَاءَ، شأي، وشي، أشّ، أشا.
شَيْء: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ} (الْمَائِدَة: 101) .
قلت: لم يخْتَلف النحويّون فِي أَن {أَشْيَاء جمع شَيْء، وَأَنَّهَا غير مجراة، وَاخْتلفُوا فِي العِلّة فَكرِهت أَن أحكيَ مقَالَة كلّ وَاحِد مِنْهُم، واقتصرت على مَا ذكره أَبُو إِسْحَاق الزّجاج فِي كِتَابه، لِأَنَّهُ جمع أقاويلَهم على اختلافها، واحتجّ لأَصْوَبها عِنْده، وعَزَاه إِلَى الْخَلِيل بن أَحْمد، فَقَالَ فِي قَوْله: لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ} : أَشْيَاء فِي مَوضِع خفضٍ إِلَّا أَنَّهَا فتحت لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِف.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أشبه آخرُها آخرَ حمراءٍ، وَكثر استعمالهم لَهَا فَلم تصرف.
قَالَ الزّجَّاج: وَقد أجمع البصريون وأكثرُ الكوفيِّين على أَن قَول الكسائيّ خطأ، وألزموه ألاّ يصرف أَبنَاء وَأَسْمَاء.
قَالَ الفرّاء والأخفش: أصل أشياءٍ (أفعلاءٍ) كَمَا تَقول: هيْن وأهوناء، إلاّ أَنه كَانَ فِي الأَصْل (أَشْيِئاء) على وزن أشيِعَاع، فاجتمعت همزتان بَينهمَا ألفٌ فحذفت الهمزةُ الأولى.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القَوْل أَيْضا غَلَط، لِأَن (شَيْئا) (فَعْل) ، و (فَعْل) لَا يجمع على (أفعلاء) ، فأمّا هَيْن فأصله (هَيِّن) فَجمع على (أفعلاء) كَمَا يجمَعُ (فعيل) على أفعلاء مثل: نصيب وأنصباء.
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: أَشْيَاء اسْم للْجَمِيع كأنّ أصلَه فَعْلاء شيئاء، فاستثقلت

(11/301)


الهمزتان، فقُلبت الْهمزَة الأولى إِلَى أوّل الْكَلِمَة، فَجعلت (لَفْعاء) كَمَا قلبوا (أنْوُق) ، فَقَالُوا: (أينُق) وكما قلبوا قووس (قِسيّاً) ، قَالَ: وتصديق قَول الْخَلِيل جمعهم أَشْيَاء على أشاوَى وأشَايَا.
قَالَ: وَقَول الْخَلِيل هُوَ مذهَب سِيبَوَيْهٍ والمازنيّ وَجَمِيع الْبَصرِيين إِلَّا الزياديّ مِنْهُم فَإِنَّهُ كَانَ يمِيل إِلَى قَول الْأَخْفَش.
وذُكِرَ أنّ المازنيّ نَاظر الْأَخْفَش فِي هَذَا، فَقطع المازنيّ الأخفشَ، وَذَلِكَ أَنه سَأَلَهُ، كَيفَ تُصَغِّر (أَشياء) ؟ فَقَالَ لَهُ: أَقُول (أُشَيَّاء) ، فَاعْلَم، وَلَو كانَتْ أفعلاء لرُدَّتْ فِي التصغير إِلَى وَاحِدهَا، فَقيل: (أشَيَّات) ، وَإِجْمَاع الْبَصرِيين أَن تَصْغِير أصدقاء إِن كَانَ للمؤنث (صُدَيِّقات) ، وَإِن كَانَ للمذكر (صُدَيِّقُون) .
قلت: وَأما اللّيث فَإِنَّهُ حَكَى عَن الْخَلِيل غير مَا حَكَاهُ الثِّقاتُ من أَصْحَابه عَنهُ، وخَلَّط فِيمَا حكى، وطوَّل تَطْوِيلاً دَلَّ على حَيْرَتِه وَلذَلِك أَعرَضت عَنهُ، وَلم أكتبه بعَيْنه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأَيْدَعُ والشَّيَّانُ: دَمُ الأَخَوَيْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْء المَاء. وَأنْشد:
ترى رَكْبَه بالشَّيء فِي وَسْطِ قفْرَةٍ
قلت: لَا أعرِف الشَّيء بِمَعْنى المَاء، وَلَا أدرِي مَا هُوَ؟ وَلَا أَعْرِفُ الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الأصمعيْ: إِذا قَالَ لَك الرجل: مَا أردتَ؟ قلت: لَا شَيئاً، وَإِذا قَالَ لَك: لِمَ فعلتَ ذَلِك؟ قلت: للاشيءٍ. وَإِن قَالَ: مَا أَمْرُك؟ . قلت: لَا شيءٌ. تنون فِيهِنَّ كُلهنَّ.
شيشاء: أَبُو عُبيد عَن الْفراء: يُقَال للتَّمر الَّذِي لَا يشتدّ نوَاه الشيشاء.
وَأنْشد:
يَا لَكَ من تَمْرٍ ومِنْ شِيشَاءِ
يَنْشَبُ فِي الْمَسْعَلِ واللهَاء
شأشأ: أَبُو زَيْد: شأشأتُ بالحمار، إِذا دَعوته (شَأْشَأْ) و (تَشُؤْتَشُؤْ) .
عَمْرو عَن أَبِيه: الشأْشَاء: زجر الْحمار وَكَذَلِكَ الشأْشأ.
قَالَ: وَالشأشأ: الشيّص، والشأشأ: النّخل الطوَال.
وَقَالَ غَيره: شأشأت النَّخْلَة وصأصأت. وَقَالُوا: شاشت فَهِيَ مُشيشة من الشيشاء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّأشاء: الشيِّص.
وَفِي الحَدِيث: أَن رجلا من الْأَنْصَار قَالَ لبعير: (شأ لعنك الله) ، فَنَهَاهُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَعْنه.
قلت: قَوْله: (شأْ) زجر للجمل، وَبَعض الْعَرَب تَقول: (جأ) وهما لُغَتَانِ.
شوى: وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيّ: مصدر شَوَيت،

(11/302)


والشِّواء الِاسْم، وَتقول: أَشوَيْتُ أَصْحَابِي إشواءً إِذا أطعمتَهم شِوَاء، وَكَذَلِكَ شَوّيتهم تشويَةً.
قَالَ: واشْتَوينا لَحْمًا فِي حَالِ الْخُصوص، وانْشوى اللَّحم.
قلت: وَهَذَا كلّه صَحِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شويت المَاء إِذا سَخَّنْتَه.
قَالَ وأَشْوَى الرجل وشَوْشَى وشمْشم وأشْرَى إِذا اقتَنى النّقَزَ من رَديء المَال.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُنجِيهِ كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً} (المعارج: 15، 16) . قَالَ الشَّوى: اليدان والرِّجلان والأطراف، وقحف الرَّأْس وجلدةُ الرَّأْس، يُقَال لَهَا: شواة، وَمَا كَانَ غير مقتل فَهُوَ شوًى.
وَقَالَ الزّجاج: الشَّوى: جمع الشّواة، وَهِي جلدَة الرَّأْس، وَأنْشد:
قَالَت قُتَيْلَةُ مَاله
قد جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُه
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيب:
إِذا هِيَ قَامَت تَقْشَعِرُّ شَوَاتُهَا
ويُشْرِقُ بَيْنَ اللِّيتِ مِنْهَا إِلَى الصُّقْلِ
وَقَالَ مُجَاهِد: مَا أَصاب الصَّائِم شَوًى إِلَّا الغِيبة والكذِب. قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ يحيى بن سَعِيد: الشَّوى: هُوَ الشَّيْء الْيَسِير الهيِّن، قَالَ: وَهَذَا وَجهه، وإياه أَرَادَ مُجَاهِد؛ ولكنَّ الأَصْل فِي الشّوى الْأَطْرَاف، وَأَرَادَ أَن الشَّوى لَيْسَ بمقتل، وَأَن كل شَيْء أَصَابَهُ الصَّائِم لَا يبطل صَوْمه، فَيكون كَالْقَتْلِ لَهُ إلاّ الغِيبة وَالْكذب، فَإِنَّهُمَا يُبطلان الصَّوم، فهما كالقَتْل لَهُ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر، وَأبي الْوَلِيد: الشِّوايةُ: الشيءُ الصَّغِير من الْكَبِير كالقِطعة من الشَّاة، قَالَ وشُوَايةُ الخُبْز: القُرص.
قَالَ أَبُو بكر: الْعَرَب تَقول: نَضِجَ الشُّوَاءُ، بِضَم الشين، يُرِيدُونَ الشِّواء. قَالَ: والشَّوى: جلدَة الرَّأْس، والشّوى: إخطاء المقتل، والشوى: اليدان وَالرجلَانِ، والشوى: رُذال المَال، وَيُقَال: كل ذَلِك شوًى ي هيِّنٌ مَا سَلِمَ دينك.
وَقَالَ اللَّيْث: الإشْواء يوضع مَوضِع الْإِبْقَاء، حَتَّى قَالَ بَعضهم: تَعَشَّى فلَان فأَشْوَى من عشائه، أَي أبقى بَعْضًا، وَأنْشد:
فإنَّ منَ القَوْل الَّتِي لَا شَوَى لَهَا
إِذا زَلَّ عَن ظهرِ اللِّسَان انْفِلاتُها
أَي لَا بُقْيَا لَهَا.
وَقَالَ غَيره: لَا خطأَ لَهَا. وَقَالَ الكُميت:
أَجيبُوا رُقَي الآسِي النِّطاسِيّ واحذروا

(11/303)


مُطَفّئة الرَّضْفِ الَّتِي لَا شَوَى لَهَا
أَي لَا بَرْءَ لَهَا.
قلت: وَهَذَا كُله من إِشْواء الرامِي؛ وَذَلِكَ إِذا رَمَى فأَصاب الأطرافَ وَلم يُصِب المقتَل، فَيُوضَع الإشواء مَوضِع الْخَطَأ وَالشَّيْء الهَيِّن.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّاء والشّوِيّ والشَّيِّهُ واحِد، وَأنْشد:
قالتْ بُهَيَّةُ لَا يُجَاوِرُ رَحْلنا
أَهلُ الشَّوِي وَغَابَ أهلُ الجامِل
قلت: وَالْوَاحد شَاة للذّكر والأُنثى، وَالشَّاة، الثَّور الوحشيّ، لَا يُقَال إلاّ للذّكر. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وحانَ انطلاقُ الشَّاةِ من حيثُ خَيَّما
وَرُبمَا كَنَّوْا بِالشَّاة عَن الْمَرْأَة فأنثّوا كَمَا قَالَ عنترة:
يَا شاةَ مَا قَنَصٍ لمن حَلَّتْ لَهُ
حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتها لم تَحْرُم
فأَنَّثها.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّاة كَانَت فِي الأَصْل (شاهة) ، وَبَيَان ذَلِك أنّ تصغيرها (شُوَيْهة) ، وَأَرْض (مُشاهة) كَثِيرَة الشَّاء.
قلت: وَإِذا نسبوا إِلَى الشَّاء قَالُوا: هَذَا شاوِيّ.
وشى: قَالَ الله عزّ وجلّ: {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} (الْبَقَرَة: 71) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي لَيْسَ فِيهَا لون يُخَالف سَائِر لَوْنهَا.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن جرير، قَالَ: أخبرنَا حجاج عَن حَمَّاد، عَن يحيى بن سعيد، عَن قَاسم بن مُحَمَّد أَن أَبَا سيّارة وَلِعَ بِامْرَأَة أبي جُندب، فَأَبت عَلَيْهِ، ثمَّ أعلمت زَوجهَا، وكَمَنَ لَهُ، وَجَاء فَدخل عَلَيْهَا، فأَخذه أَبُو جُنْدُب فدق عُنُقه إِلَى عَجْبِ ذَنبه، فائتشى مُحْدَوْدِباً.
قَالَ: والوشى فِي اللَّوْن خَلْطُ لونٍ بلون، وَكَذَلِكَ فِي الْكَلَام، يُقَال وشيت الثَّوْب أشيه وَشْيَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّيَة سَوَاد فِي بَيَاض، أَو بَيَاض فِي سَواد، وثور مُوَشَّى القوائم: فِيهِ سُفعة وَبَيَاض، والحائك واشٍ يشي الثَّوْب وَشْياً؛ أَي نسجاً وتأليفاً، والنَّمَام يشي الْكَذِب، يُؤلِّفه. وَقد وشى فلَان بفلان وشايَةً، أَي نمّ بِهِ. والْوَشي فِي الصَّوْت.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو والفرّاء: ائتِشى العَظم، إِذا برأَ من كسْرٍ كَانَ بِهِ.
قلتُ: وَهُوَ افتعال من الوشي.
ورُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ أَنه كَانَ يستوشي الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَسْتَخْرِجهُ بالبحث والمسأَلة، كَمَا يستوشي الرجل جَرْيَ الْفرس وَهُوَ ضربه جنبه بعقبه وتحريكه ليجري، يُقَال: أوشى فرسه

(11/304)


واسْتَوْشاهُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
يُوشُونَهُنَّ إِذا مَا آنَسُوا فَزَعاً
تَحت السَّنَوّرِ بالأعقابِ والْجِذَمِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أوشى إِذا كثر مَاله، وَهُوَ الْوَشَاء والمشاء. وأَوْشى؛ إِذا اسْتَخرج ركض الْفرس بجرْيه، وأَوْشى استخرج معنى كلامٍ أَو شعر.
وَقَالَ اللَّيْث: الوشْوَاش: الْخَفِيف من النعام، وناقة وشواشة. وناقة شَوْشاء، مدود.
وَقَالَ حُمَيد:
من الْعَيْش شَوْشَاءٌ مِزَاقٌ تَرى بهَا
نُدُوباً من الأنشاع فَذّاً وتَوْأَماً
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ فَعْلاء، وَقيل: هِيَ فعلال. وسماعي من الْعَرَب: ناقه شَوشاه بِالْهَاءِ وَقصر الْألف.
أَبُو عُبيد: الشَّوشاة: الناقَة السريعة.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: الوشوَاش من الرِّجَال الْخَفِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الوشْوَشة: كَلَام فِي اخْتِلَاط وَكَذَلِكَ التشويش.
قلت: هَذَا خطأ، أمّا الوشوشة فَهِيَ الخِفَّة، وَأما التشويش فَإِن اللّغويين أَجمعُوا على أَنه لَا أصل لَهُ فِي الْعَرَبيَّة وَأَنه مِنْ كَلَام المَولّدين. وَأَصله التهويش، وَهُوَ التَّخْلِيط، وَقد مرَّ تَفْسِيره فِي كتاب الْهَاء.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي فلَان من أَبِيه وَشْوَاشَة، أَي شَبَهٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: رجل وَشْواش الذّراع ونَشْنَشِيُّ الذِّرَاع، لم يَتَلَبَّثُ وَلم يَهْمُمْ.
أشش: قَالَ اللَّيْث: الأَشُّ والأَشاش: الْهَشاشُ، وَهُوَ الإقبال على الشَّيْء بنَشاط، وَأنْشد:
كَيفَ يُوَاتيه وَلَا يَؤُشُّه
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الأشُّ: الْخبز الْيَابِس الهَشّ، وَأنْشد شَمِر:
رُبَّ فتاة مِنْ بني العِنَازِ
حَيَّاكَةٍ ذاتِ هَنٍ كِنَازِ
ذِي عضدين مُكْلَئِزَ نَازي
تَأَشُّ للقُبْلَةِ والْمحازِ
الْجِمَاع.
شمر عَن بعض بني كلاب: أَشَّت الشَّحمة ونَشَّت. قَالَ: أَشَّتْ، إِذا أَخَذَت تحلب، ونَشَّت إِذا قَطرت، تَنِشُّ نَشِيشاً.
شأي: قَالَ اللَّيْث: الشَّأْو: الْغايَةُ.
يُقَال: عَدَا الْفرس شَأْواً، أَو شأوَيْن، أَي طَلَقاً أَو طلَقين.
وَيُقَال: شَأَوتُ الْقَوْم، أَي سبقتهم، وشَآهُ يَشْآهُ شَأْواً، إِذا سبقه.

(11/305)


وَيُقَال: تَشَاءى مَا بَينهم بِوَزْن تشاعَى، أَي تبَاعد.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
أَبوك تَلافَى الدِّينَ والناسَ بَعْدَمَا
تَشاءَوْا وبيتُ الدِّينِ مُنْقَطع الكسرِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّأْيُ: الْفساد، مِثل: الثّأْي. قَالَ: والشَّأْيُ التَّفْرِيق.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: شَآني الأمرُ مثل: شَعاني، وشاءني مثل: شاعني، إِذا حَزَنك.
وَقَالَ الْحَارِث بن خَالِد:
مَرّ الخُمولُ فَمَا شَأْونَكَ نَقْرَةً
وَلَقَد أراكَ تُشَاءُ بالأَظْعَان
فجَاء باللغتين جَمِيعًا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَمِنْه قَول عديّ بن زيد:
لَمْ أُغَمِّضْ لَهُ وَشَأْيِي بِهِ مّا
ذَاك أَنِّي بصَوبه مَسْرُور
وَمن أمثالهم: شَرُّ مَا أَشَاءك إِلَى مُخَّةِ عُرقُوب، وشرّ مَا ألجأَك، وَقد أُشِئْتُ إِلَى فلَان، وأُجِئْتُ إِلَيْهِ، أَي أُلْجِئْتُ.
اللَّيْث: شُؤْتُه أَشُوءُهُ أَي أَعْجَبتُه.
وَقَالَ سَاعِدَة الهُذْليّ:
حتّى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
باتت طِراباً وَبَات الليلَ لم يَنِمَ
شَآها، أَي شاقها وطَرَّبَها، بِوَزْن شَعَاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: شَأْوُ النَّاقة: زِمامُها.
قَالَ: وشَأْوُها بَعَرُها، وَقَالَ الشَّماخ عَيْراً وأتانه:
إِذا طَرَحا شأواً بِأَرْض هَوَى لَهُ
مُفَرَّضُ أطرافِ الذّراعين أفلَجُ
وَيُقَال: للزَّبيل الْمِشآة، فشبَّه مَا يُلْقِيه الْحمار والأتان من رَوْثهما بِهِ.
شيأ: وَقَالَ اللَّيْث: للشيئة مَصْدَر شَاءَ يَشَاء مشيئَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الشَّيِّئان بِوَزْن الشَّيِّعان: البَعيد النّظر، ويُنعتُ بِهِ الْفرس، وَأنْشد شمر:
مُخْتَتِياً لِشَيِّئانٍ مِرْجَمِ
وَيُقَال: شُؤتُ بِهِ: أعجبتُ بِهِ وسُررت.
أَبُو عُبيد: اشتأَيْتُ أَي استمعْتُ، وَأنْشد للشماخ:
وحُرَّتَيْنِ هِجانٍ لَيْسَ بَيْنَهما
إِذا هُما اشْتَأَتا للسَّمْع تَمَهْيل
أَبُو عُبيد: الإشاء الصغار من النّخل، وَاحِدهَا أشاءة.
أَبُو عَمْرو: الْمُشَيَّأ: الْمُخْتَلف الخَلْق، الْقَبِيح، وَقد شَيّأَ الله خَلْقَه أَي قَبَّحَهُ.
وَقَالَت امْرَأَة من الْعَرَب:
إِنِّي لأَهْوَى الأطْوَلين الْغُلْبَا
وأُبْغِضُ المشَيَّأَيْنِ الزُّغْبا
وَقَالَ أَبُو سَعِيد المُشَيَّأُ مثل المؤبَّن.
وَقَالَ الجَعديّ:

(11/306)


زَفيرَ الْمُتِمّ بالْمُشَيَّأِ طَرَّقَتْ
بِكاهِله فِيمَا يَرِيم الملاقيا
اللِّحيانيّ: عَن الْكسَائي: جَاءَ بالعَيّ والشِّيّ.
وَهُوَ عَيِييّ شَيِيّ، وَمَا أعيَاه وأشياه، وأشواه أَكثر.
وَيُقَال: هُوَ عَوِيّ شَوِيَّ.
والشَّوى: رُذال الْإِبِل وَالْغنم، وصغارها شَوًى.
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَكَلْنا الشَّوَى حَتَّى إِذا لم نَدَعْ شَوًى
أَشَرْنا إِلَى خَيْراتها بالأصابع
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: يافَيْءَ مَالِي، وياشيْء مَالِي، وياهَيْء مَالِي، مَعْنَاهُ كُله الأسف والتلهُّف والحزن.
اللِّحيانيّ، عَن الكسائيّ، يافَيَّ مالِي، وَيَا هَيَّ مَالِي، لَا يهمزان، وَيَا شَيْءَ مَالِي وَيَا شيَّ مَالِي يهمز وَلَا يُهْمز. قَالَ: و (مَا) فِي كلهَا فِي مَوضِع رفع، تَأْوِيله يَا عجبا مَالِي وَمَعْنَاهُ التلهُّفُ والأسَى.
وَقَالَ الْفراء: قَالَ الكسائيّ: من الْعَرَب من يتعجب بشَيْءٍ وهيْء وفيء، وَمِنْهُم من يزِيد فَيَقُول: يَا شَيَّمَا، وَيَا هَيَّمَا وَيَا فَيَّما، أَي مَا أحسن هَذَا

(11/307)


بَاب الرباعي من حرف الشين
شفصل: قَالَ اللَّيْث: الشِّفْصلي: حَمْلُ اللَّواء الَّذِي يلتوي على الشّجر، وَيخرج عَلَيْهِ أَمْثَال المَسالّ، تَتَفَلَّقُ عَن قطنٍ، وحبّ كالسمسم.
شندف: أَبُو عُبيد: فرس شُنْدُف، أَي مُشرف.
وَقَالَ المرَّار:
شُنْدُفٌ أشدفَ مَا وَرَّعْتَه
فَإِذا طُؤطِىء طَيَّارٌ طِمِر
شوصل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَفْصَل وشوصَل جَمِيعًا، إِذا أكل الشّاصُليّ، وَهُوَ نَبَات.
شرشف: وَقَالَ اللَّيْث: الشُّرْشُوف ضِلَعٌ على طرفها الغُضروف الرَّقيق وشَاة مُشَرْسَفَة، إِذا كَانَ بجنبها بَيَاض، قد غَشِيَ الشَّراسيف والشَّواكل.
الأصمعيّ: الشراسيف أَطراف أضلاع الصَّدر الَّتِي تُشرِف على البَطْن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّرْسُوف رَأس الضِّلَعِ مِمَّا يَلِي الْبَطن، والشُّرْسوف أَيْضا الْبَعِير المقَيّد، وهوالأسير المكتوف، وَهُوَ البعيرُ الَّذِي عُرْقِبَت إِحْدَى رجلَيْهِ.
شنترة: أَبُو زيد: الشَّنْتَرَة والشِّنْتِيرة: الإصبع، بلغَة أهل الْيمن، وَأنْشد:
فَلم يَبق مِنْهَا غير نصف عِجانها
وشِنْتِيرةٍ مِنْهَا وَإِحْدَى الذَّوائبِ
شفتر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: اشْفَتَرَّ السِّراجُ إِذا اتسعت النَّار، فاحتجْتَ أَن تقطع من رأسِ الذُّبال.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول طرفَة:
فترى الْمَرْوَ إِذا مَا هَجَّرَتْ
عَن يَدَيها كالجراد الْمُشفَتِرّ
قَالَ: والْمُشفَتِرُّ: المتفرق.
قَالَ: وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: المشفتِرُّ: المنتصِب، وَأنْشد:
تَغْدُو على الشّرِّ بوَجْهٍ مُشفَتِرّ
وَقيل: المشفترّ المقْشعِرّ. 5
وَقَالَ اللَّيْث: اشفَتَرَّ الشيءُ اشفِتْرَاراً وَالِاسْم الشَّفتَرَة، وَهُوَ تفرُّق كَتَفَرُّق الْجَرَاد.
شرنف: وَقَالَ اللَّيْث: الشِّرْنَافُ: ورق الزَّرْع إِذا طَال وكثُرَ حَتَّى يخَاف فَساده فَيقطع، يُقَال: حينئذٍ: شَرْنَفْتُ الزَّرْع، وَهِي كلمة يمانيَّة.

(11/308)


شنظب: قَالَ: والشُّنْظُب: مَوضِع فِي الْبَادِيَة، والشُّنْظُب: كلّ جُرف فِيهِ مَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: الشُّنْظُب الطويلُ الحسَنُ الخَلْق.
شنظر: قَالَ: والشِّنظير: الْفَاحِش الغَلِقُ من الرِّجَال وَالْإِبِل السَّيِّءُ الخُلُق.
أَبُو عَمْرو: وشَنظَرَ الرجُل بالقوم شنْظَرَةً، إِذا شتمهم، وَأنْشد:
يُشَنْظِرُ بالقَوْمِ الْكِرَام ويَعتزى
إِلَى شَرِّحَافٍ فِي الْبِلَاد وناعِلِ
شِمر: الشِّنظير مثل الشُّنْظُرَة، وَهِي الصَّخْرَة تَنْفلق من رُكن من أَرْكَان الْجَبَل فَتَسْقُط.
النَّضْر عَن أبي الْخطاب: شَناظِير الْجَبَل: أطرافُه وحُروفُه، الْوَاحِد شِنْظِير.
طفنشأ: أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الطَّفَنْشَأُ، مَهْمُوز مَقْصُور: الضعِيف من الرِّجَال.
طرفش: قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طَرْفش طَرْفَشَةً، ودَنْفَشَ دَنْفَشَةً، إِذا نظر وَكسر عَيْنَيْهِ.
قلت: وَكَانَ شمِر وَأَبُو الْهَيْثَم يَقُولَانِ فِي هَذَا الْحَرْف: دنقس دنقسة، بِالْقَافِ وَالسِّين.
فرشط: أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: فرشط الرجل فرشَطَةً، إِذا ألصَقَ ألَيتَيْه بالأَرض وتوسَّدَ سَاقيه.
وَقَالَ ابْن بُزْرُج: الْفَرشطَةُ بَسْط الرِّجلين فِي الرّكُوب من جَانب، والبَرقطة القُعود على السَّاقَيْن بتفريج الرُّكْبَتَيْنِ.
شمصر: غيرُه: الشمْصَرَة: الضِّيق، يُقَال: شَمْصَرت عَلَيْهِ، أَي ضَيَّقْتَ عَلَيْهِ، وشَمَنْصِير: جبل من جبال هُذَيْل مَعْرُوف، ذكره بعضُهم فَقَالَ:
تَبَوَّأَ من شمَنْصِيرٍ مقَاما
شرذم: والشِّرْذِمَةُ: الجماعةُ الْقَلِيل، قَالَ الله تَعَالَى: {) (إِنَّ هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (الشُّعَرَاء: 54) . وَقَالَ اللَّيث: الشِّرذِمَةُ: الْقطعَة من السَّفَرْجَلة وَنَحْوهَا، وَأنْشد:
يُنَفِّرُ النِّيبَ عَنْهَا بَين أَسْوُقِهَا
لم يَبْقَ مِنْ شَرِّها إلاّ شَراذِيمُ
وَثيَاب شراذم، أَي أَخْلَاق متقطعة.
شبرذ: أَبُو عَمْرو: نَاقَة شَبَرْذَاةٌ: نَاجِيَةٌ سريعة.
وَقَالَ مرداس الزبيريّ:
لما أَتَانَا رافِعاً قِبِرّاه
على أَمُونٍ جَسْرَةٍ شَبَزذاهْ
شمذر: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: بعير شَمَيْذَر، وناقة شَمَيْذَرَةٌ، وسَير شَمَيْذَر، وَأنْشد:
وَهُنَّ يُبَارِيَن النَّجاءَ الشَّميْذَرا
وَأنْشد الْأَصْمَعِي لحُميد:
كَبْدَاءُ لاحِقَةُ الرَّحَا وشَمَيْذَرُ

(11/309)


ابْن الأعرابيّ: غُلَام شمْذارة وشَمَيْذَر، إِذا كَانَ نشيطاً خَفِيفا.
شبذر وشنذر: أَبُو زيد: رجل شِبْذَارَةٌ وشِنْذَارة، أَي غَيور، وأنشده:
أَجَدَّ بِهِمْ شِنْذَارَةٌ مُتَعَبِّسٌ
عَدوّ صَديقِ الصَّالحين لَعِينُ
اللَّيْث: رجلٌ شِنْذيرَةٌ وشِنْظِيرَةٌ وشِنْفِيرَةٌ، إِذا كَانَ سَيِّىءَ الْخلق، وَأنْشد:
شِنْفِيرَةٍ ذِي خُلُقٍ زَبَعْبَقِ
وَقَالَ الطِّرمّاح يصف نَاقَة:
ذاتِ شِنْفَارَةٍ إِذا هَمّتْ الذِّفْ
رَى بِمَاء عَصائِمٍ جَسَدُهْ
أَرَادَ أَنَّهَا ذَات حِدَّةٍ فِي السِّيرَة.
شبرم: أَبُو عَمْرو: رجل شُبْرُمٌ، أَي قصير، قَالَ هِمْيان:
مَا منهُمُ إلاَّ لَئيمٌ شُبْرُمٌ
أَرْصَعُ لَا يُدْعَى لِعَنْزٍ حَلْكَمُ
والحَلْكُمُ: الْأسود، والشُّبْرُم: ضرب من النَّبات مَعْرُوف.
سلَمة عَن الْفراء: الشُّبْرُمُ: حبٌّ يُشبه الحِمَّص، والشُّبْرُم: النَّخيل، وَإِن كَانَ طَويلا.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: من الْعِضَاه، والشُّبْرُم الواحِدَة شُبْرُمَة، وَلها ثَمرة نَحْو النَّجْد فِي لَونه ونبْتَته، وَلها زهرةٌ حَمْرَاء، والنَّجْد: الحِمَّص.
برشم: أَبُو عُبَيد عَن الأُمَويّ: البِرشام حِدَّة النَّظر، والمبرشِمُ: الحادُّ النَّظر، وَهِي البَرشَمة والبَرهَمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُرشُوم من الرُّطَب الشَّقُم.
شفتن: قَالَ: وأَرَّ فلانٌ، إِذا شَفْتَنَ، وآرّ، إِذا شَفْتَنَ.
قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
وَمَا النَّاسُ إلاَّ آئِرٌ ومَئِير
قلت: وَمعنى شفتن، جَامع ونكح، مثل أَرَّ وآر.
شمطل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّمطالة: الْبَضْعَةُ من اللَّحْم يكون فِيهَا شَحم.
فندش: وَغُلَام فَنْدَشٌ، إِذا كَانَ قَوِيّاً ضابِطاً، وَقد فَنْدش غيرَه، إِذا غَلبه وقهره، وأنشدني بعض بني نُمير:
قد دَمَصَتْ زَهراءُ بِابْن فَنْدشِ
يُفَنْدِشُ وَلم يُفَنْدِش
شنبل: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ عَن الدُّبيريّة: يُقَال: قَبَّلَهُ ورشفه وثاغَمَه وشَنْبَله ولَثَمه، بِمَعْنى وَاحِد.
شنظي: وَقَالَ أَبُو السَّميدع: امرأةٌ شِنْظيان عِنْظيان، إِذا كَانَت شَيِّئَة الخُلُق.
برنشأ: أَبُو عُبيد عَن أبي زَيد: مَا أَدري أيُّ الْبَرْنَشاء هُوَ، وأَيّ الْبَرْنَساء هُوَ،

(11/310)


ممدودان.
وَقَالَ الكسائيّ مثله، مَعْنَاهُ، أَي النَّاس هُوَ؟ وَمن خماسيّة.
شمردل: أَبُو عُبيد، عَن أبي زِيَاد الكِلابيّ: الشَّمَرْدَلَة: النَّاقة الحسنةُ الجميلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّمَرْدَل: الْفَتِيُّ القويُّ الْجَلْد، وَكَذَلِكَ من الْإِبِل، وَأنْشد:
مُوَاشِكَةٌ الإيغالِ حَرْفٌ شَمردَلُ
عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّمَرْدَلة: النّاقة الْقَوِيَّةُ على السّير، وَيُقَال للجمل: شَمَرْدَل، وللناقة: شمردل، وشمردَلَة.
قَالَ ذُو الرمّة:
بَعيدُ مَسَافِ الْخَطْوِ عَوْجٌ شَمَرْدَلٌ
تُقَطَّعُ أَنْفاسَ المهاري تَلاتِلُهْ
شرنبث: والشَّرْنبَث: الغليظ الكَفّ، وعُروق الْيَد.
شبربص: عَمْرو عَن أَبِيه: الشِّبَرْبَصُ والقِرْمِليّ والحَبَرْبَرُ: الْجمل الصَّغِير.
طفنش: ابْن دُريد: الطّفَنَّشُ: الرجل الواسِعُ صَدْر الْقدَم.
شمرضض: اللَّيْث: الشِّمِرْضاض: شجَرٌ بالجزيرة.
وَهَذَا آخر حرف الشين، والْمنَّة لله.

(11/311)


كتاب حرف الضّاد [/ كت]

(أَبْوَاب مضاعف الضّاد)
قَالَ اللَّيْث: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الضَّاد مَعَ الصَّاد معْقُومٌ، لم تدخلا مَعًا فِي كلمة من كَلَام الْعَرَب إلاَّ فِي كلمة وُضِعت مِثَالا لبَعض حِسَاب الجمّل، وَهِي (صعفض) هَكَذَا تأسيسها، وبيانُ ذَلِك أَنَّهَا تُفَسَّر فِي الْحساب على أَن الصَّاد سِتُّونَ، وَالْعين سَبْعُونَ، وَالْفَاء ثَمَانُون، وَالضَّاد تسعون، فَلَمَّا قبحث فِي اللَّفْظ، حولت الضَّاد إِلَى الصَّاد، فَقيل: (صعفص) .
ض س
مهمل.

(بَاب الضَّاد وَالزَّاي)
ض ز
اسْتعْمل مِنْهُ: ضزّ.
ضز: قَالَ اللَّيْث: الأَضَزّ مَصْدَره الضَّزَزَ، وَهُوَ الَّذِي إِذا تكلم لم يَسْتَطع أَن يفرّج بَين حَنكيه، خِلْقَةً خُلِقَ عَلَيْهَا، وَهِي من صلابة الرَّأْس فِيمَا يُقَال: وَأنْشد لرؤبة:
دَعْنِي فقد يُقْرَعُ للأضَزِّ
صَكِّى حِجَاجَيْ رأسِه وبَهْزِي
والفِعل ضزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: فِي لَحْيه ضَززٌ وكَزَزٌ، وَهُوَ ضيق الشِّدْق، وَأَن تَلْتَقِي الأضراس العُليا والسُّفلى، إِذا تكلم لم يَبِنْ كَلَامه.
قَالَ: والضُّزَّازَ: الَّذين تقرُب أَلْحِيتُهم فيضيق عَلَيْهِم مخرجُ الْكَلَام حَتَّى يستعينوا عَلَيْهِ بالضاد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَكْبٌ أَضَرُّ: شَدِيد، وَأنْشد:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ تلَزُّلزَّا
بالفْخذين رَكَباً أَضَزَّا
وبئر فِيهَا ضزَزٌ، أَي ضيق، وَأنْشد:
وفَحَّت الأَفْعَى حِذَاءَ لِحْيَتِي
ونَشِبَتْ كَفّيَ فِي الجال الأضَزّ

(11/312)


(بَاب الضَّاد والطاء)
ض ط
أهمله اللَّيْث.
ضط: وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الضُّطَط: الدَّواهِي.
وَقَالَ غَيره: الضَّطِيط: الوَحَل الشَّديد من الطِّين، يُقَال: وقَعْنا فِي ضَطيِطَة مُنْكَرَة، أَي وَحَلٍ وَرَدْغَة.

(بَاب الضَّاد وَالدَّال)
ض د
ضد: قَالَ اللَّيْث: الضِّدُّ: كل شَيْء ضَادَّ شَيْئا ليغْلِبَه، والسَّوادُ ضدُّ الْبيَاض، والموتُ ضدُّ الْحَيَاة، تَقول: هَذَا ضِدّه وضَدِيده، والليلُ ضدُّ النَّهَار، إِذا جَاءَ هَذَا ذهب ذَاك، ويُجمع على الأضْداد.
قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} (مَرْيَم: 82) ، قَالَ الْفراء: أَي يكونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً.
قلت: يَعْنِي الأصْنام الَّتِي عَبدها الْكفَّار، تكونُ أعواناً على عابديها يومَ الْقِيَامَة.
ورُوِي عَن عِكْرَمَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} (مَرْيَم: 82) قَالَ: أَعدَاء. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي يكونُونَ عَلَيْهِم.
وأخْبرني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} ، لِأَن الضِّدَّ يكونُ وَاحِدًا وَجَمَاعَة، مثل الرَّصَد والأرْصاد، قَالَ: والرّصد يكون للْجَمَاعَة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ فِي التَّفْسِير: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً، فَلذَلِك وُحِّد.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: حكى لنا أَبُو عَمْرو: والضِّدُّ مثل الشيْءِ، والضِّدّ خلافُه.
قَالَ: والضَّدّ: الملء يَا هَذَا.
وَقَالَ أَبو زيد: ضَدَدْتُ فلَانا ضَدّاً، أَي غَلَبْته وخَصَمْته، وَيُقَال: لَقِيَ القومُ أضدادهم وأَنْدَادَهم وأَيْدادهم، أَي أقرانهم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: ضادَّني فلَان إِذا خالفك، فأردتَ طولا وَأَرَادَ قِصَراً، وَأَرَدْت ظُلْمة وأرادَ نُوراً، فَهُوَ ضِدُّكَ وضَدِيدُك وَقد يُقَال: إِذا خالفك تذهبُ فأردتَ وَجها فِيهِ، ونازعَك فِي ضِدِّه.
وَفُلَان نِدِّي ونَدِيدي، للَّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تريده، وَهُوَ مستقلّ من ذَلِك بِمثل مَا تستقلّ بِهِ.
شمِر عَن الْأَخْفَش: النِّدُّ: الضِّدُّ، والشِّبه، {يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ} (فصلت: 9) ، أَي أضداداً، أَي أشباهاً.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت زَائِدَة يَقُول:

(11/313)


صَدَّه عَن الْأَمر وضَدَّه، أَي صرفه عَنهُ بِرِفْق.
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ الضُّدُدُ: الَّذين يملئون للنَّاس الْآنِية إِذا طلبُوا، المَاء واحدهم ضَادّ، فَيُقَال: ضَادَد وضَدَد.
ض ت ض ظ ض ذ ض ث
أهملت وجوهها.

(بَاب الضَّاد وَالرَّاء)
ض ر
ضرّ، رض: (مستعملان) .
ضرّ: قَالَ اللَّيْث: الضَّرّ والضُّرُّ: لُغَتَانِ، فَإِذا جمعت بَين الضَّر والنّفع فتحت الضَّاد، وَإِذا أفردتَ الضُّرّ ضَمَمْتَ الضَّاد إِذا لم تَجْعَلهُ مصدرا، كَقَوْلِك: ضَررت ضُرّاً. هَكَذَا يَسْتَعْمِلهُ الْعَرَب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: الضُّرُّ: ضِدّ النَّفْع: والضُّر: الهُزَال وسُوء الْحَال، والضَّرَرُ: النُّقصان، تَقول: دخَل عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مَاله.
قلت: وَهَكَذَا قَالَ أَهلُ اللُّغَة، وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ} (يُونُس: 12) ، وَقَالَ: {كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} (يُونُس: 12) . وكلّ مَا كَانَ من سُوء حالٍ وفقر، فِي بدنٍ، فَهُوَ ضُرٌّ، وَمَا كَانَ ضِدّاً للنّفع فَهُوَ ضَرٌّ.
وَأما الضِّرُّ، بِكَسْر الضَّاد، فَهُوَ أَن يَتَزَوَّج الرَّجلُ امْرَأَة على ضَرَّة، يُقَال: فلَان صَاحب ضِرِّ؛ هَكَذَا قَالَه الْأَصْمَعِي.
قَالَ: وَيُقَال: امْرَأَة مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ، ورجُل مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهُ ضرائر. وَجمع الضَّرَّة ضرائر. والضَّرتان: امْرَأَتَانِ للرّجل، سُمِّيتا ضَرَّتين، لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تُضَارُّ صاحبتها، وكُرِه فِي الْإِسْلَام أَن يُقَال لَهَا: ضَرّة، وَقيل: جارَة، كَذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَام) ولكلِّ واحدةٍ من اللَّفْظتين معنى غير الآخر.
فَمَعْنَى قَوْله: (لَا ضَرَر) أَي لَا يَضُرُّ الرجلُ أخاهُ فينقص شَيْئا من حَقه أَو مسلكه، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْع.
وَقَوله: (لَا ضِرَار) أَي لَا يُضَارّ الرجل جَاره مُجَازاة فينقصه ويُدخِل عَلَيْهِ الضَّرر فِي شَيْء فيجازيه بِمثلِهِ، فالضِّرّار مِنْهُمَا مَعًا، والضّرر فعل وَاحِد، وَمعنى قَوْله: (وَلَا ضرار) ، أَي لَا يُدخلَ الضَّرَر، وَهُوَ النُّقْصَان على الَّذِي ضَرَّه، وَلَكِن يعْفُو الله عَنهُ، كَقَوْل الله: {السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ} (فصلت: 34) الْآيَة.
ورُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قيل لَهُ: أَنَرَى رَبَّنا يومَ الْقِيَامَة؟ فَقَالَ: (أَتُضارّون فِي

(11/314)


رُؤْيَة الشَّمس فِي غَيْر سَحاب؟) ، قَالُوا: لَا، قَالَ: (فَإِنَّكُم لَا تُضارون فِي رُؤْيته تبَارك وَتَعَالَى) .
قلت: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث بالتَّشديد من الضّرّ. وَرُوِيَ: (تضارُون) بِالتَّخْفِيفِ من الضّيْر، وَالْمعْنَى وَاحِد. يُقَال: ضَارَّه ضِرَاراً وضَرَّه ضَرّاً وضَارَهُ ضَيْراً، وَالْمعْنَى: لَا يُضَارُّ بَعْضكُم بَعْضًا فِي رُؤْيته، أَي لَا يخالِفُ بَعْضكُم بَعْضًا فيكذِّبه؛ يُقَال: ضارَرْتُه ضِراراً ومُضارَّة؛ إِذا خالفته.
وَقَالَ الجعديُّ:
وَخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَى تُدْرَإ
مَتَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَب
ويُرْوَى: (لَا تُضامُون فِي رُؤْيته) ، أَي لَا يَنْضَمّ بَعْضكُم إِلَى بعض فيُزَاحمه، وَيَقُول لَهُ: أَرِنيهِ، كَمَا يَفْعَلُونَ عِنْد النَّظر إِلَى الهِلال، وَلَكِن ينْفَرد كلّ مِنْكُم برُؤْيته.
ورُوِيَ من وَجْهٍ آخر: (لَا تضامُون) بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ: لَا ينالُكُمْ ضَيْمٌ فِي رُؤْيَته، أَي تَرَوْنَهُ حَتَّى تَسْتووا فِي الرُّؤْية، فَلَا يَضِيمُ بَعْضكُم بَعْضًا؛ وَمعنى هَذِه الْأَلْفَاظ وَإِن اخْتلفت مُتَقَارِبَة، وكل مَا رُوِيَ فِيهِ صَحِيح، وَلَا يدْفع لفظ مِنْهَا لفظا، وَهُوَ من صِحاح أَخْبَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغُرَرها، وَلَا ينكرها إِلَّا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هوى.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرورة: اسْم لمصدر الاضْطرار، تَقول: حَملتنِي الضَّرورة على كَذَا، وَقد اضْطُرَّ فلَان إِلَى كَذَا وَكَذَا، بِنَاؤُه: (افْتُعل) ، فَجعلت التَّاء طاء؛ لِأَن التَّاء لم يَحْسُن لَفظهَا مَعَ الضَّاد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: هِيَ الضّارُورَة، والضارُورَاء، مَمْدُود.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرِير: الْإِنْسَان الذَّاهِب الْبَصر، يُقَال: رجل ضَريرٌ البَصر، إِذا ضَرَّ بِهِ ضَعْفُ الْبَصر، وَيُقَال: رجل ضَرِير، وَامْرَأَة ضَرِيرَة. والضَّرِيرُ: اسْم للمضَارّة، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْغَيْرَة؛ يُقَال: مَا أشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيْهَا
وَقَالَ الراجز يصف عَيْراً:
حَتَّى إذَا مَا لاَنَ مِنْ ضَرِيرِه
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الضَّرِير: بَقِيَّة النَّفَس.
وَقَالَ الأصمعيّ: إنَّه لذُو ضَرير على الشَّيْء، إِذا كَانَ ذَا صَبْرٍ عَلَيْهِ ومقاساةٍ، وَأنْشد:
وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ
يُقَال ذَلِك فِي النّاس والدّواب، إِذا كَانَ لَهَا صَبْر على مقاساة الشرّ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الشَّاعِر:
بِمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرَافِها والْعِيسُ بادٍ ضَريرُها
قَالَ: ضَرِيرُها شدّتُها، حَكَاهُ الباهليّ عَنهُ.
وَيُقَال: انْزِلْ بِأحد ضرِيرَي الوادِي، أَي

(11/315)


بِإِحْدَى ضِفّتيْه.
وَقَالَ أَوْس:
وَمَا خَليجٌ من الْمرُّوت ذُو شُعَبٍ
يَرْمِي الضَّرِير بخُشْبِ الطَّلحِ والضَّالِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الْإِضْرَار: التَّزْوِيج على ضَرّة. يُقَال مِنْهُ: رجل مُضِر، وَامْرَأَة مُضِرٌ بِغَيْر هَاء. والمضرّ أَيْضا، الدَّاني من الشَّيْء. وَمِنْه قولُ الأخطل:
ظَلَّتْ ظباء بَنِي الْبَكَّار راتعَةً
حَتَّى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرارِ
وَيُقَال: مَكَان ذُو ضِرار، أَي ضَيّق. وَيُقَال: لَيْسَ عَلَيْك فِيهِ ضَرَر وَلَا ضارُورة. وَيُقَال: أضرّ الْفرس على فَأْسِ اللِّجام؛ إِذا أَزَمَ عَلَيْهِ.
اللَّيْث: الضَّرَّتان للألية من جَانب عظمها، وهما الشَّحمتان اللَّتَان تَهدَّلان من جانبيها، وضِرّةُ الْإِبْهَام: لحمةٌ تحتهَا، وضَرَّةُ الضَّرْع لحمهما، والضَّرْعُ يذكّر وَيُؤَنث. والمِضرُّ الرجلُ: الَّذِي عِنْده ضَرَّةٌ من مَال، وَهِي الْقطعَة من الْإِبِل، وَأنْشد:
بِحَسْبكَ فِي القومِ أَن يَعْلَموا
بأَنَّكَ مِنْهُم غَنِيٌّ مُضِرّ
وَفِي حَدِيث مُعاذ: (أَنه كَانَ يُصلّي فأَضَرُّ بِهِ غُصْنٌ، فَمَدَّ يَدَه فكَسره) قَوْله: (أَضَرَّ بِهِ) ، أَي دَنا مِنْه.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمة الضبيّ:
لأُمِّ الأَرض وَيْلٌ مَا أَجَنَّتْ
بِحَيْثُ أضَرَّ بالحَسَن السبيلُ
أَي بِحَيْثُ دنا حَبل الْحسن من السَّبِيل.
وَقَالَ الأخطل:
لِكلِّ فَراشةٍ مِنْهَا وَفَجَ
أَضَاةٌ مَاؤُهَا ضَررٌ يمورُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَاؤُهَا ضَرَرٌ، أَي يَمُرَّ فِي مضيق، وَأَرَادَ أنَّه كثيرٌ غَزِيرٌ فمجاريه تضيق بِهِ وَإِن اتَّسَعَت.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: يُقَال: رجل ضِرُّ أضْرارٍ، وعِضُّ أَعْضاضٍ وَصِلُّ أَصْلالِ، إِذا كَانَ داهِيَةً فِي رَأْيه، وَأنْشد:
والقَومُ أَعْلَمُ لَو قُرْطٌ أُرِيد بهَا
لكانَ عُرْوةُ فِيهَا ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لَا يَسْتَنْقِذُه ببَأْسه وحِيَله.
وَعُرْوَة أَخُو أبي خِراش، وَكَانَ لأبي خِراش عِنْد قُرْطٍ منَّة، وأَسرت أزدُ السَّراةِ عُروة، فَلم يحمَد نِيَابَة قُرْط، عِنْد أبي خرَاش فِي إسارهم أَخَاهُ:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيفِ من رجلٍ
من سادة الْقَوْم أَو لاَلْتَفَّ بِالدَّار
سَلمَة عَن الْفراء: سَمِعت أَبَا ثَرْوان يَقُول: مَا يضرُّك عَلَيْهَا جَارِيَة، أَي مَا يزيدك.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: سمعتهم يَقُولُونَ: مَا يَضرك على الضَّبّ صَبْراً، وَمَا يَضيرُكَ على الضَّب صبرا، أَي مَا يزيدك.

(11/316)


ثَعْلَب، عَن ابْن الإعرابيّ: يُقَال: مَا يَضُرُّك عَلَيْهِ شَيْئا وَمَا يزيدُك عَلَيْهِ شَيْئا، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي أَبْوَاب النَّفي: يُقَال: لَا يَضرك عَلَيْهِ رجل، أَي لَا يزيدك وَلَا يضرَّك عَلَيْهِ حمل.
وَسُئِلَ أَبُو الْهَيْثَم عَن قَول الْأَعْشَى:
ثُمَّ وَصّلْتَ ضَرَّةً بربيع
فَقَالَ: الضَّرَّة: شدَّة الْحَال، فَعْلَة من الضرّ. قَالَ: والضُّرُّر أَيْضا هُوَ حَال الضَّرِير، وَهُوَ الزَّمِنُ. والضَّرَّاء الزَّمانة، والضَّرّاء: السَّنَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الضَّرّة: الأذاة، والضَّرَّةُ: المَال الْكثير، وَمِنْه قيل: رجل مُضِرّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرَّةُ: الضَّرْعُ كلُّه مَا خلا الأطْباء، وَإِنَّمَا تُدْعى ضَرَّة إِذا كَانَ بهَا لَبن، فَإِذا قَلُص الضَّرْع وَذهب اللّبن، قيل لَهُ: خَيْف.
ر ض: قَالَ اللَّيْث: الرّضُّ: دَقُّكَ الشَّيْء، ورُضَاضُه: قطعه. قَالَ: والرَّضْراضَةُ: حِجَارَة تُرَضْرَضُ على وَجه الأَرْض، أَي تتحرك وَلَا تثْبت.
قلت: وَقَالَ غَيره: الرَّضْراض والرَّصراص: مَا دَقَّ من الْحَصَى.
وَقَالَ الباهليّ: الرّضُّ: التَّمر الَّذِي يُدَقُّ ويُنَقَّى من عَجَمِه، ويُلْقى فِي المَخْض.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المُرِضَّة: تمر يُنقع فِي اللَّبن فتشربه الْجَارِيَة، وَهُوَ الكُدَيْراء. وَقَالَ: المُرِضَّةُ بِهَذَا الْمَعْنى.
قَالَ: وسألتُ بعض بني عَامر عَن المُرِضَّة، فَقَالَ: هِيَ اللَّبَن الشَّديد الحموضة الَّذِي إِذا شربه الْإِنْسَان أصبح قد تكَسَّر.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: إِذا صْبّ لبنٌ حليب على لبن حَقين، فَهُوَ المرِضَّة والريْبَة، وَأنْشد قَول ابْن أَحْمَر:
إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ قَالَ: أَوْكِي
على مَا فِي سقائِك قد رَوينَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الرَّضْرَاضَة: الْمَرْأَة الْكَثِيرَة اللَّحم.
قَالَ رُؤْبَة:
أَزْمانَ ذاتُ الكفَلِ الرّضْراضِ
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الفَضفاض
وَرجل راضْراض، وبعير رَضْرَاض: كثير اللَّحْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرَضَّ الرُّجُل إِرْضَاضاً: إِذا شَرِبَ المُرِضَّةَ فَثَقُلَ عَنْهَا.
وَأنْشد:
ثمَّ اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُرِضَّةُ من الْخَيل: الشَّديدة العَدْو. وَقَالَ أَبُو زيد: المُرضَّةُ: الأُكلة والشُّرْبَةُ إِذا أكلتها أوْ شَرِبتها

(11/317)


أَرَضَّتْ عَرَقَك، فأَسالته.
قَالَ: وَيُقَال للراعية إِذا رضّت العشب أكلا وهَرْساً: رَضَارض، وَأنْشد:
يَسْبُتُ راعيها وَهِي رِضارضُ
سَبْتَ الوَقيدِ والورِيدُ نابضُ
وَقَالَ الْجَعْدِي يصف فرسا:
فَعَرَفْنا هزّةً تأْخُذُه
فقرنّاهُ برَضْرَاضٍ رِفَلْ
أَرَادَ: قرَنّاهُ بِبَعِير ضخمٍ، والرّضُّ: التّمر والزُّبْد يُخْلطان. وَقَالَ:
جاريةٌ شَبّتْ شبَابًا غَضّاً
تشرب مَحْضاً وتَغَذَّى رَضّا
وَقَالَ ابْن السّكيت: الإرْضاض شِدةُ العَدْو، وأَرَضّ فِي الأَرْض: ذَهَب.

(بَاب الضَّاد واللاّم)
ض ل
ضلّ، لضلض: (مستعملان) .
لضلض: قَالَ اللَّيْث: اللّضْلاض الدَّلِيل، ولَضْلَضْتُه: التفَاتُه وتَحْفُّظُه، وَأنْشد:
وبَلَدٍ بعيَا على اللّضلاضِ
أَيْهَمَ مغبِّر الفِجاج فَاضى
أَي واسعٌ، من الفضاء.

ضل: الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: أَضْلَلْتُ بَعِيري وَغَيره، إِذا ذهب مِنْك، وَقد ضلِلْتُ المسجدَ والدّار، إِذا لم تعرفْ موضعَهما.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ضَلِلْتُ الدَّار وَالطَّرِيق، وكلِّ شَيْء ثابتٍ لَا يَبْرَح. وَيُقَال: ضَلَّني فلانٌ فَلم أَقْدِرْ عَلَيْهِ، أَي ذَهَبَ عني، وَأنْشد:
والسَّائِلُ المُبْتَغِي كرائمها
يعلم أَنِّي تَضِلُّني عِلِلي
أَي تذْهب عني، وَيُقَال: أضللت النَّاقة. وَالدَّرَاهِم وكلَّ شَيْء لَيْسَ بِثَابِت قَائِم؛ مِمَّا يَزُول وَلَا يثبت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله عزّ وجلّ؛ {فِى كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَلاَ يَنسَى} (طه: 52) . أَي لَا يَضِلُّه رَبِّي وَلَا ينساه.
وَيُقَال: أَضْلَلْتُ الشَّيْء، إِذا ضَاعَ مِنْك، مثل الدّابة والنّاقة، وَمَا أشبههما إِذا انْفَلَت مِنْك. وَإِذا أخطأتَ مَوضِع الشَّيْء الثَّابِت، مثل: الدَّار وَالْمَكَان قلت: ضَلِلْتُه وضَلَلْتَه، وَلَا تَقل: أَضْلَلْتُه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن فهمْ عَن مُحَمَّد ابْن سلاّم، قَالَ: سمِعْتُ حمّاد بن سَلمة يقْرَأ (فِي كتاب لَا يُضِلُّ رَبِّي وَلَا ينسى) فسألتُ عَنْهَا يُونُس فَقَالَ: (يُضلّ) جَيِّدَةٌ، يَقُولُونَ: ضَلَّ فلَان بعيرَه، أَي أَضَلّه.
قلت: خالفهم يُونُس فِي هَذَا.
وَقَالَ الزَّجاج: ضَلِلْتُ الشَّيْء أَضِلُّهُ إِذا جعلتَه فِي مَكَان وَلم تَدْرِ أَين هُوَ، وأضْلَلْتُه، أَي أضَعْته.

(11/318)


وَقَول الله جلَّ وعزّ: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُْخْرَى} (الْبَقَرَة: 282) . وقُرىء (إنْ تَضِلَّ) بِالْكَسْرِ، فَمن كسر (إنْ) فَالْكَلَام على لَفْظ الْجَزَاء وَمَعْنَاهُ.
وَقَالَ الزَّجاج: الْمَعْنى فِي (إِن تضلّ) : إنْ تَنْسَ إِحْدَاهمَا تُذَكِّرْها الْأُخْرَى الذاكرة.
قَالَ: وتُذَكِّرُ وتُذْكِرُ، رفعٌ مَعَ كسر (إنْ) لَا غير. وَمن قَرَأَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهمَا فتذكِّرَ، وَهِي قِرَاءَة أَكثر النَّاس.
قَالَ: وَذكر الْخَلِيل وسيبويه أَن الْمَعْنى: اسْتَشهِدُوا امرأَتَين، لِأَن تُذَكّرَ إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، وَمن أجل أَن تُذَكّرها.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِن قَالَ إِنْسَان: فلمَ جَازَ أَن تضِلَّ، وَإِنَّمَا أُعِدَّ هَذَا للإذكار، فَالْجَوَاب عَنهُ أنّ الإذكار لما كَانَ سبَبُه الإضلال، جَازَ أَن يذكر أَن تَضِلَّ، لِأَن الإضلال هُوَ السَّبَب الَّذِي بِهِ وَجب الإذْكار. قَالَ: ومثلُه أَعْدَدْتُ هَذَا أَن يَمِيلَ الْحَائِط فأَدْعَمه، وَإِنَّمَا أَعْدَدْتُه للدَّعْم، لَا للميل؛ وَلَكِن الْميل ذُكِرَ، لِأَنَّهُ سَبَب الدَّعْم، كَمَا ذكر الإضلال، لِأَنَّهُ سَبَب الإذكار، فَهَذَا هُوَ الْبَيِّن إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَوله: عزّ وجلّ: تَشْكُرُونَ وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ} (السَّجْدَة: 10) . مَعْنَاهُ: أإذا مِتْنَا وصِرْنا تُراباً وعِظاماً، فضللنا فِي الأَرْض فَلم يتبيَّن شيءٌ من خَلْقِنا.
وَقَوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} (إِبْرَاهِيم: 36) .
قَالَ الزّجاجُ: أَي ضَلُّوا بِسَبَبِهَا، لِأَن الأصْنام لَا تعقل وَلَا تفعل شَيْئا، كَمَا تَقول: قد فتَنَتَنِي. وَالْمعْنَى: إِنِّي أحببتها، وافْتَتَنتُ بِسَبَبِهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ} (النَّحْل: 37) .
قَالَ الزّجاج: هُوَ كَمَا قَالَ جلّ وعزّ: {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ} (الْأَعْرَاف: 186) .
قلت: والإضلال فِي كَلَام الْعَرَب ضدّ الهِدَاية والإرشاد. يُقَال: أَضللْتُ فلَانا، إِذا وجهتَه للضلال عَن الطَّرِيق، وإياه أَرَادَ لبيد:
مَنْ هداه سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ وَمن شَاءَ أَضلّ
وَقَالَ لبيد هَذَا فِي جاهليته، فَوَافَقَ قَوْله التَّنْزِيل يُضلّ مَنْ يَشَاء، وللاضلال فِي كَلَام الْعَرَب معنى آخر.
يُقَال: أَضللْتُ الميِّتَ، إِذا دَفَنْتَهُ.
وَقَالَ المخَبَّلُ:
أَضلَّتْ بَنو قَيْسِ بن سَعْدٍ عَميدَها
وفارِسَها فِي الدَّهْرِ قَيْسَ بن عَاصِم
وَقَالَ النَّابِغَة:
فَآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيّةٍ
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ

(11/319)


يُرِيد بمضلِّيه: دافِنيه حينَ مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: ضَلِلْتُ بَعِيري إِذا كَانَ معقولاً فَلم تهتد لمكانه، وأَضْلَلْتُه إضلالاً إِذا كَانَ مُطْلقاً، فَذهب وَلَا تَدْرِي أَيْن أَخذ، وكُلَّما جَاءَ الضلالُ من قِبَلِكَ قلت: ضللْتُه، وَمَا جَاءَ من الْمَفْعُول بِهِ، قلت: أَضللْتُه.
قَالَ أَبُو عَمْرو: أصل الضلال الغَيبوبة، يُقَال: ضلَّ الماءُ فِي اللَّبن، إِذا غَاب، وضلَّ الكافِرُ: غَابَ عَن الحُجَّة، وضلَّ الناسِي، إِذا غابَ عَنهُ حِفْظُه.
قَالَ الله تَعَالَى: {لاَّ يَضِلُّ رَبِّى} (طه: 52) ، أَي لَا يغيب عَنهُ شيءٌ، وَلَا يغيب عَن شَيْءٍ، وَقَوله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا} (الْبَقَرَة: 282) أَي تغيب عَن حِفظها، أَو يغيب حِفْظُها عَنْهَا.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الضُّلَّةُ، بِالضَّمِّ: الحذاقَةُ بالدّلالة فِي السَّفَر، والضَّلّة: الغيبوبةُ فِي خير أَو شَرّ، والضِّلّةُ: الضلال.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَضلَّنِي أَمرُ كَذَا وَكَذَا، أَي لم أَقْدِرْ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
إِنِّي إِذا خُلَّةٌ تَضيّفَنِي
يُريدُ مالِي أَضلَّني عِلَلِي
أَي فارقَتْني، فَلم أَقْدر عَلَيْهَا، وَيُقَال: أَرض مَضَلَّةٌ، ومَضِلّةٌ: لَا يَهْتَدِي فِيهَا.
وَقَالَ شمِر: قَالَ الأصمعيّ: المَضَلُّ: الأَرْض المَتِيهة.
وَقَالَ غَيره: أَرْضٌ مَضَلَّ يَضلّ فِيهَا الناسُ، والمَجْهل كَذَلِك.
وَيُقَال: أَخَذْتُ أَرْضاً مَضِلّةً، ومَضَلّة، وأَرْضاً مَضَلاَّ مَجْهلاً.
وَأنْشد:
أَلاَ طَرَقَتْ صَحْبِي عُمَيْرَةُ إنَّها
لَنا بالمَرَوْرَاةِ المَضَلِّ طَرُوقُ
وَقَالَ غَيره: أَرض مَضِلّة ومَزِلّةٌ، وَهُوَ اسْم، وَلَو كَانَ نَعْتاً كَانَ بِغَيْر الْهَاء. وَيُقَال: فلاةُ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلةٌ، الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالْجمع سَوَاء، كَمَا قَالُوا: الْوَلَد مَبْخَلَةٌ، وَقيل: أرضٌ مَضِلةٌ، وأَرَضونَ مَضِلاَّت.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَرْض مَتِيهة مَضِلَّةُ ومَزِلةٌ من الزّلَق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الضَّلَضِلَةُ: الأَرْض الغليظة. وَيُقَال للدليل الحاذِق: الضَّلاضِل، والضُّلَضِلَةُ، قَالَه ابْن الأعرابيّ.
وَيُقَال: فلَان ضُلّ بن ضُلّ، إِذا لم يُدْرَ مَنْ هُوَ؟ وممَّنْ هُوَ؟ وَهُوَ الضُّلالُ بن الأُلاَل، والضُّلالُ بن فَهْلَل، وَابْن ثَهلل، كلُّه بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: فلَان ضِلُّ أَضْلال وصِلُّ أَصْلال بالضاد وَالصَّاد، إِذا كَانَ

(11/320)


داهِيَة، وضَلاضِلُ الماءِ وصَلاصِلُه: بقاياه، واحدتُها ضُلْضُلَة وصُلْصلَة، وضَلَّ الشَّيْءُ، إِذا ضَاعَ، وضَلَّ فلَان عَن الْقَصْدِ، إِذا جَارَ.
وسُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ضَوَالِّ الْإِبِل، فَقَالَ: (ضَالَّةُ الْمُؤمن حَرَقُ النَّار) وَخرج جَوابُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سُؤال السَّائِل، لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَن ضَوَالِّ الْإِبِل، فَنَهَاهُ عَن أَخذهَا، وحذَّره النَّار لِئَلَّا يَتَعَرَّض لَهَا، ثمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ثمَّ قَالَ: (دَعْها، مَا لَك ولَها، مَعهَا حذاؤها وسِقاؤها، ترد المَاء، وتأكل الشّجر) أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة الْمَذْهَب فِي الأَرْض، طَوِيلَة الظَّمَأ، ترد المَاء وترعى الشّجر بِلَا رَاع لَهَا، فَلَا تتعرض لَهَا، ودعها حَتَّى يَأْتِيهَا رَبهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّالَّةُ من الْإِبِل الَّتِي بمَضْيَعة لَا يُعرف لَهَا مَالك، وَهُوَ اسْم للذّكر وَالْأُنْثَى، والجميع الضَّوَالّ.
قَالَ: والضَّلال والضَّلالَة مَصْدران، ورجلٌ مُضَلَّل لَا يُوفّق لخيرٍ، صاحبُ غَوايات وبَطالات. وَفُلَان صاحبُ أَضاليل، واحدتها أُضْلُولة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وسُؤالُ الظِّبَاءِ عَن ذِي غَدِ الأَمْ
رِ أضاليلُ من فُنون الضَّلال
والضَّليل الَّذِي لَا يُقْلِعُ عَن الضَّلالة، والضَّلَل المَاء الَّذِي يكون تَحت الصَّخْر لَا تصيبه الشَّمْس. يُقَال: ماءُ ضَلَلٌ. قَالَ: والضَّلْضِلَة كلُّ حَجَر قدرَ مَا يُقِلُّه الرجل، أَو فَوق ذَلِك أملس يكون فِي بطُون الأودية. قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَاب التَّضْعِيف كلمة تشبهها.
وَقَالَ الفرّاء: مَكَان ضَلَضِل وجَنَدِل، وَهُوَ الشَّديد ذِي الْحِجَارَة، وَقَالَ: أَرَادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بِنَاء حَمَصِيص، وصَمَكِيك، فحذفوا الْيَاء.

(بَاب الضّاد وَالنُّون)
ض ن
ضنّ، نضّ: (مستعملان) .
ضن: قَالَ اللَّيْث: الضِّنة وَالضِّنُّ والمِضنّة، كل ذَلِك من الْإِمْسَاك والبُخلُ، تَقول: رجل ضَنِين.
قَالَ الله تَعَالَى: {) الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ} (التكوير: 24) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَ زيد بن ثَابت، وَعَاصِم، وَأهل الْحجاز: {بِضَنِين، وَهو حَسَن. يَقُول: يَأْتِيهِ غَيب، وَهُوَ مَنْفوسٌ فِيهِ، فَلَا يبخلُ بِهِ عَلَيْكُم، وَلَا يَضِنُّ بِهِ عَنْكُم، وَلَو كَانَ مَكَان (على) (عَن) صَلَح، أَو الْبَاء كَمَا تَقول: مَا هُوَ بضنين بِالْغَيْبِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَا هُوَ على الْغَيْب ببخيل، أَي هُوَ يُؤَدِّي عَن الله، ويُعَلِّمُ كتابَ الله، وقُرِيء: بظنين، وَتَفْسِيره فِي

(11/321)


بَابه. وَيُقَال: ضَنِنْتُ أَضَنُّ ضَنّاً وَهِي اللُّغَة الْعَالِيَة. وَيُقَال: ضَنَنْتُ أَضِنُّ.
وَيُقَال: هُوَ عِلْقُ مِضَنَّةٍ ومَضَنَّةٍ، أَي هُوَ شيءٌ نَفِيسٌ يُضَنُّ بِهِ، ويُتَنافَسُ فِيهِ.
وَيُقَال: فلَان ضِنَّتِي من بَين إخْوَانِي، أَي اخْتَصُّ بِهِ وأَضِنُّ بمودَّته.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ للَّهَ ضَنَائِنُ من خَلْقِه يُحْيِيِهمْ فِي عافِية، ويُميتُهُم فِي عَافِيَة) أَي خَصائِص.
وَيُقَال: أضطنَّ يضطَنُّ، أَي بَخِلَ يَبْخَلُ، وَهُوَ افْتِعال من الضنّ، وَكَانَ فِي الأَصْل: اضتَنَّ، فقُلِبت التَّاء طاءً.
وَقَالَ الأصمعيّ: المَضنُونَةُ: ضَرْبٌ من الغِسْلَةِ وَالطّيب.
وَقَالَ الرَّاعِي:
تضم على مَضنونةٍ فارسيَّةٍ
ضفائرَ لَا ضاحِي القُرون وَلَا جَعْد
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يداك بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ الْبَانِ والمضنُونِ
أكْنَبَتْ: غَلُظَتْ، والمضنُون: ضرب من الْغَوالِي الجَيِّدة.
نض: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ، قَالَ: اسمُ الدَّراهم والدَّنانير عِنْد أَهْلِ الْحجاز: (النَّاضُّ) وَإِنَّمَا يُسَمُّونَه ناضّاً، إِذا تحوَّلَ عَيْناً بعد أَنْ يكون مَتَاعاً، وفِعله: نَضَّ المالُ، أَي صَار عَيْناً بَعْدَمَا كانَ مَتاعاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّضُّ: الإظهارُ، والنَّضُّ: الحاصِل، يُقَال: خُذْ مَا نَضَّ لَك من غَرِيمكَ. قَالَ: ونَضَّضَ الرّجُلُ، إِذا كثُر نَاضُّه، وَهُوَ مَا ظَهَر وحَصَلَ مَا مالِه، قَالَ: وَمِنْه الخَبْر: (خُذُوا صَدَقَةَ مَا نَضَّ من أَمْوَالِهم) ، أَي مَا ظَهَر وحَصَلَ.
وَوُصِفَ رجلٌ بِكَثْرَة المَال، فَقِيل: هوأكثرُ النّاس نَاضّاً.
وروى شمر بإسْنادٍ لَهُ، عَن عِكْرمة أَنَّه قَالَ: إنَّ الشَّريكَيْن يَقْتَسِمان مَا نَضَّ مِنْ أَمْوَالِهمَا وَلَا يَقْتسمان الدَّيْن.
قَالَ شمِر: مَا نَضَّ، أَي مَا صَار فِي أَيْدِيهما.
أَبُو عُبيد عَن أَبي زيد: هُوَ نُضَاضَةُ وَلَدِ أَبَوَيْه، ونُضَاضَةُ المَاء وَغَيره: آخِره وَبِقيَّتُه.
وَيُقَال: نَضِّ إليَّ من مَعْرُوفك نُضَاضَةً، وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: عَلَيْهِم نَضَائِضُ من أَمْوالهم وبَضَائِضُ، واحدتها نَضِيضَةٌ، وبَضِيضَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَضَّ لَهُ بَشيءٍ، وبَضَّ لَهُ بشيءَ، وَهُوَ الْمَعروفُ الْقَليل.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّضُّ: نَضِيضُ الماءِ كأَنَّما يخرج من حَجر، تَقول: نَضَّ الماءُ يَنِضُّ،

(11/322)


وَفُلَان يَسْتَنِضُّ معروفَ فلَان، أَي يَسْتَخرجه، وَمِنْه قَول رؤبة:
إنْ كَانَ خيرا مِنْكِ مُسْتَنَضّاً
فَاقْنَى فشر الْقَوْلِ مَا أَنضّا
وَقَالَ أَيْضا:
تَمتَاحُ دَلْوَى مكْرَهُ البِضَاضِ
وَلَا الْجَدَى من مُتْعَبٍ حَبَّاض
والنّضُّ: مكرُوهُ الأمْرِ، تَقول: أَصَابَنِي نَضٌّ من أَمْرِ فلَان.
شمر، عَن ابْن الأعرابيّ: اسْتَنْضَضْتُ مِنْهُ شَيئاً، أَي اسْتَخْرجته وأَخذته، وَأنْشد بَيت رؤبة.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: نَضْنَضْتُ الشيءَ ونَصْنَصته، إِذا حَرَّكته وأَقْلَقْته، وَمِنْه قيل للحيَّة: نَضْنَاضٌ، وَهُوَ القلق الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانَهُ بِشرّته ونَشَاطِه. قَالَ الرَّاعِي:
يَبيتُ الحيّةُ النّضاضُ فِيهَا
مكانَ الْحِبِّ يَسْتَمعُ السِّرارَا
قَالَ: وَأَخْبرنِي الأصمعيّ: أَنه سَأَلَ أَعرابياً عَن النضناض: فَأخْرج لِسانه وحركه، وَلم يزِدْ على هَذَا، وَهَذَا كُله يرجع إِلَى الْحَرَكَة.
أَبُو عَمْرو: النَّضِيضة: الْمَطَر الْقَلِيل، وَجَمعهَا نَضائِض، وَأنْشد:
فِي كُلّ عَام قَطْرُهُ نَضائِضُ
أَبُو عبيد: النّضِيضَةُ من الرِّيَاح الَّتِي تنِضّ بِالْمَاءِ فَيَسِيل، وَيُقَال: الضّعيفة.

(بَاب الضَّاد وَالْفَاء)
ض ف)
ضف، فض: (مستعملان) .
ضف: قَالَ اللَّيْث: الضَّفَّةُ، والضِّفة، لُغَتَانِ، وهما: جانبا النَّهر اللَّذَان يَقع عَلَيْهَا النَّبائِتُ، والجميع الضَّفَات، والضِّفّات.
وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: ضَفَّةُ الْوَادي، وضِيفُهُ جَانِبه. وَقَالَ القُتَيْبيّ: الصَّوَاب الضِّفَّةُ بِالْكَسْرِ.
قلت: الضَّفَّة لغةٌ عالية جَيِّدة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبي لم يَشْبَعْ من خبزٍ وَلحم إِلَّا على ضفف، وبعضُهم يرويهِ: على شَظَف. قَالَ أَبُو عُبَيد، قَالَ أَبُو زيد: الضَّفَفُ والشَّظَفُ جَمِيعًا: الضِّيقُ والشِّدَّة، تَقول: لم يَشْبعَ إِلَّا بِضيق وقِلَّة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَيُقَال: فِي الضَّفَفِ: إنَّهُ اجْتماع النَّاس، يَقُول: لم يَأْكل وَحده، وَلَكِن مَعَ النّاس.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَاء مَضْفُوفٌ، وَهُوَ الَّذِي كَثُر عَلَيْهِ النَّاس وَأنْشد:

(11/323)


لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَح المضْفوفِ
إلاَّ مُدَاراتُ الْغُروبِ الْجُوف
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: الضَّفَفُ: أَن تكون الأَكْلَة أَكثر من مِقْدَار المَال، والْحَفَفُ: أَن تكون الْأكلَة بِمِقْدَار المَال.
وَكَانَ النَّبِي إِذا أَكَلَ كانَ من يَأْكُل مَعَه أَكثر عَدَداً مِن قَدْرِ مبلغ الْمَأْكُول وكفافِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الضّفَفُ: الْقِلّة، والْحفَف: الْحَاجة.
قَالَ: وَقَالَ العُقَيلِي: وُلِدَ الإنسانُ على حَفَف. أَي على حاجَةٍ إِلَيْهِ. وَقَالَ: الضّفَف والْحفَف وَاحِد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَصَابَهُم من الْعَيْش ضَفَفٌ وحَفَف وشَظَفٌ، كل هَذَا من شِدّة الْعَيْش.
وَقَالَ اللَّيْث: الضّفف: العَجلَة فِي الأَمْر، وَأنْشد:
وَلَيْسَ فِي رَأْيه وَهْنٌ وَلَا ضَفَفُ
وَيُقَال: لَقيته على ضَفَف، أَي على عَجل من الْأَمر.
شمِر: الضَّفَفُ: مَا دون ملءِ المِكْيال، وكل مَمْلُوء وَهُوَ الْأكل دون الشِّبع.
أَبُو عبيد: عَن الكسائيّ: ضَبَبْتُ النَّاقة أَضُبُّها ضَبّاً؛ إِذا حَلَبْتَها بالكف. قَالَ: وَقَالَ الفَرّاء: هَذَا هُوَ الضَّفُّ بِالْفَاءِ، فَأَما الضّبُّ فأَنْ تَجعلَ إبْهامَك على الْخِلْف، ثمَّ تَرُدُّ أَصابِعَكَ على الْإِبْهَام والْخِلْف جَمِيعًا.
وَيُقَال: من الضَّفِّ: ضَفَفْتُ، أَضُفُّ.
أَبُو عَمْرو: ناقةٌ ضَفوف: كثيرةُ اللَّبن، وَعين ضَفُوف: كَثِيرَة المَاء، وَأنْشد:
حَلْبَانَةٌ رَكبانَةٌ ضَفُوفُ
وَقَالَ شمِر نَحوا مِنْهُ، وَقَالَ الطرماح:
وتَجُودُ من عَيْنِ ضَفو
فِ الْغَرْبِ مُتْرَعَةِ الْجَدَاوِل
قَالَ: وَمَاء مضفوف كثير الغاشية، وَأنْشد:
مَا يَسْتَقِي فِي النَّزحِ المضْفوف
إلاّ مُدَاراتُ الْغُروب الْجُوفِ
قَالَ: والمدار الْمَسوَّى إِذا وقعَ فِي الْبِئر اجْتَحَفَ ماؤُها، وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب: تُوُفَّى أَبُو صِبْياني، فَمَا رُئِيَ عَلَيْهِم حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ، أَي لم يُرَ عَلَيْهِم حُفُوفٌ وَلَا ضيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّفُّ: الْحَلب بالكَفِّ كلِّه، وَأنْشد:
بِضَفِّ القوادِم ذاتِ الْفُضو
لِ لَا بالْبكاء الكِمَاشِ اهْتِصارا
أَبُو عُبيد: عَن الكسائيّ: الْجَفّة والضَّفَّة جمَاعَة الْقَوْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: دخلتُ فِي ضَفَّة الْقَوْم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: دخل فلَان فِي ضَفّة الْقَوْم

(11/324)


وضَفْضَفَتهم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: يُقَال فلَان من لَفِيفَنا وضَفِيفِنا، أَي مِمَّن نَلُفُّهُ بِنَا، ونَضُفُّه إِلَيْنَا، إِذا حَزَبَتْنَا الْأُمُور.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شَاة ضَفّةُ الشَّخْبِ، أَي وَاسِعَة الشّخب.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: قوم مُتضافّون: خَفِيفَة أَمْوَالهم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: قوم متضافُّون: مُجْتمعون، وَأنْشد:
فراحَ يَحْدُوها على أكْسائِها
يضُفُّها ضَفّاً على انْدِرائِها
أَي يجمعها. وَقَالَ غيلَان:
مَا زالَ بالْعُنفِ وفَوقَ الْعُنفِ
حَتَّى اشْفَتَرّ الناسُ بعد الضَّفِّ
أَي تفرّقوا بعد اجْتِمَاع. قَالَ: والضُّفّ، والجميع الضِّفَفَة: هُنَيَّةٌ تشبه الْقراد إِذا لَسعت شَرِيَ الْجِلْدُ بَعْدَ لَسْعَتِها، وَهِي رَمْداء فِي لَوْنهَا، غبراء.
فض: قَالَ اللَّيْث: الفَضُّ تفريقُك حَلقَةً من النَّاس بعد اجْتِمَاعهم، وَيُقَال فَضَضْتُهم فانفضُّوا، وَأنْشد:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهم
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كَانُوا بَدَادِ
وفَضَضْتُ الخاتَم من الْكتاب، أَي كَسَرْته، وَمِنْه قَوْلهم: لَا يَفْضُض اللَّهُ فاكَ.
ورُوِي فِي حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه قَالَ: (يَا رَسُول الله، أَي إريدُ أَن أَمْتَدِحَكَ) فَقَالَ: (قل، لَا يَفْضُض اللَّهُ فَاكَ) ؛ ثمَّ أنْشدهُ قصيدة مدحه بهَا، وَمَعْنَاهُ: لَا يُسقِط الله أَسْنانَك، والفَم يقوم مَقامَ الْأَسْنَان، وَهَذَا من فَضّ الْخَاتم والجموع، وَهُوَ تَفْرِيقها.
قَالَ الله جلّ وعزّ: لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمرَان: 159) أَي: تفَرقُوا.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد أَنه كتب إِلَى مَرازبة فَارس: (أما بعد؛ فَالْحَمْد للَّهِ الَّذِي فَضّ خَدَمَتكم) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ فرَّق جمعكم؛ وكل مُنْكَسِرٍ مُتَفَرِّق، فَهُوَ منفضّ، وأصل الخَدَمَة الخَلْخَال، وَجَمعهَا خِدَام.
والفِضة مَعْرُوفَة. قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 16) .
يسْأَل السَّائِل: فَتَقول: كَيفَ تكون الْقَوَارِير من فضَّة جوهَرُها غير جَوْهَرِها؟ . فَقَالَ الزَّجَّاج: معنى قَوَارِير من فِضة: أصل الْقَوَارِير الَّذِي فِي الدُّنْيَا من الرَّمْل، فأَعْلَمَ الله أنَّ أفضلَ تِلْكَ الْقَوَارِير أصْله من فضَّة يُرَى من خَارِجهَا مَا فِي داخلها.
قلت: فَجمع مَعَ صفاء قواريره الأمْنَ من الكسْر، وقبوله الْجَبْر مثل الفِضة، وَهَذَا من أَحْسن مَا قيل فِيهِ.

(11/325)


وَقَالَ شمر: الفَضْفاضَةُ: الدِّرْعُ الواسِعَة.
وَقَالَ عَمْرو بن معدي كرب:
وأَعْدَدْتُ للْحَرْبِ فَضْفاضَةً
كأَنَّ مَطَاوِيهَا مِبْرَدُ
قَالَ: وقميص فَضفاض: واسعٌ، وَجَارِيَة فضفاضة: كَثِيرَة اللَّحْم مَعَ الطُّول والجسم. وَقَالَ رؤبة:
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الْفَضْفَاضِ
والفَضفاض: الْوَاسِع.
وَقَالَ رؤبة:
يُسْعِطْنَهُ فَضفَاضَ بَوْلٍ كالصَّبِرْ
أَبُو عُبيد الفَضِيض: المَاء السَّائِل، والسّربُ مثله.
وَقَالَت عَائِشَة لمروان: (إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبيكَ كذَا وَكَذَا؛ فأَنت فَضَضٌ مِنْهُ) . أَرَادَت أَنَّك قِطْعَة مِنْهُ، وفَضَضُ المَاء: مَا انْتَشَر مِنْهُ إِذا تُطُهِّرَ بِهِ.
وَفِي حَدِيث أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: (جاءتْ امرأةٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إنّ ابنَتي تُوُفِّيَ عَنْهَا، زوجُها وَقد اشْتَكتْ عينهَا، أَفتَكْحُلُها؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا، مَرَّتين أَو ثَلَاثًا، إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر وَعشر، وَقد كَانَت إحداكُنَّ ترمى بالبَعْرة على رَأس الحوْل، قَالَت زَيْنَب بنت أم سَلمَة: وَمعنى الرَّمْي بالبَعْرَةِ: أَن المرأةَ كَانَت إِذا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُها دخلت خِفْشاً، ولَبِسَتْ شرّ ثِيَابهَا حَتَّى تَمُرّ بهَا سنة، ثمَّ تُؤْتى بَدابّة: شاةٍ أَو طَيْر، فتَفْتَضُّ بهَا، فقلما تَفْتَضُّ بِشَيْء إلاّ مَاتَ، ثمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بهَا) .
وَقَالَ القُتَيْبِي سَأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَن الافْتضاض فَذكرُوا أَن المُعْتَدَّةَ كَانَت لَا تَغْتَسِل، وَلَا تَمَسُّ مَاء، وَلَا تُقَلِّم ظُفْراً، وَلَا تَنْتِفُ من وَجههَا شعرًا، ثمَّ تخْرج بعد الحوْل بأَقْبَح مَنْظرٍ، ثمَّ تَفْتَضُّ بطائر تمسح بِهِ قُبُلَها وتَنْبِذُه، فَلَا يكَاد يعِيش.
قَالَ: وَهُوَ من فضضّتُ الشَّيْء، أَي كَسَرته، كَأَنَّهَا تكون فِي عِدّة من زَوجهَا فتكسِر مَا كَانَت فِيهِ، وَتخرج مِنْهُ بالدَّابّة.
قلت: وَقد رَوى الشافعيُّ هَذَا الحَدِيث، غير أَنه رَوى هَذَا الْحَرْف بعيْنه، فَتَقْبِضُ بِهِ بِالْقَافِ وَالصَّاد، وَقد مَرّ تَفْسِيره فِي بَاب الْقَاف.
وَرجل فضفاض: كثير الْعَطاء، شُبِّه بِالْمَاءِ الفضفاض، وتَفَضْفَضَ الْبَوْل، إِذا انْتَشَر على فَخذي النَّاقة. والمِفَضُّ مَا يُفَضُّ بِهِ مَدَرُ الأَرْض المُثَارَة، وَهُوَ المِفْضاض، وَيُقَال: افْتَضّ فلانٌ جَارِيَته واقْتَضَّها، إِذا افْتَرعها.
وفَضَّاض: من أَسْماءِ الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان فُضَاضَةُ وَلَدِ أَبِيه، أَي آخِرهم.
قلت: والمعروفُ بِهَذَا الْمَعْنى فلَان نُضَاضَةُ وَلَد أَبِيه بالنُّون.

(11/326)


أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: الفاضّةُ: الداهِية، وَهن الْفَوَاضّ.
وَقَالَ شِمر فِي قَوْله: (أَنا أول من فَضّ خَدَمةَ الْعَجَم) : يُرِيد كَسَرهم وفرّق جَمعهم، وكلُّ شَيْء كسرتَه وفَرَّقتْه فقد فَضَضتَه. وطارت عِظامُه فُضاضاً، إِذا تَطايرَتْ عِنْد الضَّرب.
قَالَ: والفَضَضُ: المتفرق من المَاء، والعَرق. وَأنْشد لِابْنِ ميّادة:
(تجلو بأخضر من فروع أراكة ... حسن المنصب كالفضيض الْبَارِد)
قَالَ: الفضض المتفرق من مَاء الْبرد أَو الْمَطَر، وَفِي حَدِيث عمر: حِين انقطعنا من فضَض الْحَصَا. قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي مَا تفرق مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الفضيض. وَقَالَ شمر فِي قَول عَائِشَة لمروان: " أَنْت فضَض من لعنة رَسُول الله ". قَالَ: الفضض اسْم مَا انفض، أَي تفرق. والفضاض نَحوه.
بَاب الضَّاد وَالْبَاء

ض ب

ضَب، بض: [مستعملان] .
ضَب: قَالَ اللَّيْث: الضَّب يكنى أَبَا حسل، وَالْأُنْثَى ضبة، وَيجمع ضبابا. وَفُلَان أضب. قَالَ: والضبة حَدِيدَة عريضة يضبب بهَا الْخشب، والجميع الضباب. قلت: يُقَال لَهَا: الضبة والكتيفة، لِأَنَّهَا عريضة كَهَيئَةِ خلق الضَّب، وَسميت كتيفة، لِأَنَّهَا عرضت على هَيْئَة الْكَتف. وَيُقَال للطلعة قبل انشقاقها عَن الْغَرِيض: ضبة، وَتجمع ضبابا. وَأنْشد ابْن السّكيت:
(يطفن بفجال كَأَن ضبابه ... بطُون الموَالِي يَوْم عيد تغدت)
أَرَادَ بضباب الفحال مَا خرج مَا طلعه الَّذِي يؤبر بِهِ طلع الْإِنَاث. وَيُقَال: أضبت أَرض بني فلَان، وَإِذا كثر ضبابها، وَأَرْض مضبة، ومربعة: ذَات ضباب، ويرابيع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: وقعنا فِي مضاب منكسرة، وَهِي قطع من الأَرْض يكثر ضبابها، وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: خرجنَا نصطاد المضبة، أَي نصيد الضباب، جمعوها على مفعلة كَمَا يُقَال للشيوخ: مشيخة، وللسيوف: مسيفة. أَبُو نصر، عَن الْأَصْمَعِي: أضب فلَان مَا فِي نَفسه، أَي أخرجه. وَقَالَ شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قَالَ أَبُو حَاتِم: أضب الْقَوْم، إِذا سكتوا، وأمسكوا عَن الحَدِيث، وأضبوا إِذا تكلمُوا وأفاضوا فِي الحَدِيث. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الْقَوْم، إِذا تكلمُوا،

(11/327)


وأضبوا، إِذا سكتوا، وَزعم أَنه من الأضداد. وَقَالَ أَبُو زيد: أضب الرجل، إِذا تكلم، وَمِنْه يُقَال: ضبب يَده دَمًا، إِذا سَالَتْ، وأضببتها أَنا، إِذا أسلمت مِنْهَا الدَّم؛ فَكَأَنَّهُ أضب الْكَلَام، أَي أخرجه كَمَا يخرج الدَّم. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب، وَهُوَ يضب إضباباً. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تركت لثته تضب ضبيبا من الدَّم، إِذا سَالَتْ. وجاءنا فلَان تضب لثته، إِذا وصف بِشدَّة النهم للْأَكْل، أَو الشبق للغلمة، أَو الْحِرْص على حَاجته وقضائها. وَأنْشد أَبُو عبيد بشر بن أبي حَازِم:
(وَبني تَمِيم قد لَقينَا مِنْهُم ... خيلا تضب لثاتها للمغنم)
وَقَالَ آخر:
(أَبينَا أَبينَا أَن تضب لثاتكم ... على مرشقات كالظباء عواطبا)
يضْرب هَذَا مثلا للحريص النهم. وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه كَانَ يُفْضِي بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض إِذا سجد وهما تضبان دَمًا، أَي تسيلان. وَقَالَ أَبُو عبيد: الضَّب: دون السيلان الشَّديد، وَيُقَال مِنْهُ: ضَب يضب، وبض يبض، إِذا سَالَ المَاء وَغَيره. قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضبيبة سمن وَرب يَجْعَل للصَّبِيّ فِي العكة يطعمهُ. يُقَال: ضببوا لصبيتكم. وَيُقَال: ضَب نَاقَته، يضبها ضبا، إِذا حلبها بِخمْس أَصَابِع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أضبت السَّمَاء، إِذا كَانَ لَهَا ضباب، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ خبا منوعا: إِنَّه لخب ضَب. قَالَ: والضب: الحقد فِي الصَّدْر، والضب: ورم فِي خف الْبَعِير. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب وَهُوَ يضب إضباباً. وَيُقَال: الضَّب: الْقَبْض على الشَّيْء بالكف. والضب: دَاء يَأْخُذ فِي الشّفة فترم، أَو تجسو، وَيُقَال: تجسأ حَتَّى تيبس وتصلب. قَالَ: والضباب والضبابة: ندى كالغبار يغشى الأَرْض بالغدوات. يُقَال: أضب يَوْمنَا، وَيَوْم مضب، وسماء مضبة. وَقَالَ اللَّيْث فِي الحَدِيث: " إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا ضَبَابَة كضبابة الْإِنَاء " يَعْنِي فِي الْقلَّة وَسُرْعَة الذّهاب. قلت: الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا صبَابَة كَصُبَابَةِ الْإِنَاء بالصَّاد. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد وَغَيره. أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: أضببتُ على

(11/328)


الشَّيْء: أشرفت عَلَيْهِ أَن أظفر بِهِ. قلت: وَهَذَا من أضبى يضبي، وَلَيْسَ من بَاب المضاعف، وَقد جَاءَ بِهِ اللَّيْث فِي بَاب المضاعف، وَالصَّوَاب مَا روينَاهُ للكسائي. وَقَالَ أَبُو زيد: أضب، إِذا تكلم، وأضبأ على الشي، إِذا سكت عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ضبضب، وَرجل ضباضب: فحاش جريء. قَالَ: وَرجل ضباضب أَيْضا، أَي قصير سمين مَعَ غلظ. قَالَ: والتضبب: السّمن حِين يقبل. وروى أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل ضباضب، إِذا كَانَ قَصِيرا سمينا. أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: بعير أضب، وناقة ضباء بَيِّنَة الضبب، وَهُوَ وجع يَأْخُذ فِي الفرسن. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْعَدَبَّس الْكِنَانِي: الضاغط والضب شَيْء وَاحِد، وهما انفتاق من الْإِبِط، وَكَثْرَة من اللَّحْم. ابْن السّكيت: ضبب الْبَلَد: كثرت ضبابه، ذكره فِي حُرُوف أظهر فِيهَا التَّضْعِيف، وَهِي متحركة، مثل قطط شعره، ومششت الدَّابَّة، وألل السقاء: تغير رِيحه. والمضبب الَّذِي يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرة الضباب، حَتَّى يذلقها، فَتبرز فيصيدها. قَالَ الْكُمَيْت:
(بغبية صيف لَا يُؤْتى نطافها ... ليبلغها مَا أخطأته المضبب)
يَقُول: لَا يحْتَاج المضبب أَن يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرتها حَتَّى يسْتَخْرج الضباب ويصيدها؛ لِأَن المَاء قد كثر، والسيل علا الرِّبَا، فكفاه ذَلِك. شمر عَن ابْن شُمَيْل: التضبيب شدَّة الْقَبْض على الشَّيْء؛ كَيْلا ينفلت من يَده، يُقَال: ضبب عَلَيْهِ تضبيباً. أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: التضبب: السّمن حِين يقبل. وَالْعرب تشبه كف الْبَخِيل إِذا قصر عَن الْعَطاء بكف الضَّب، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(مناتين أبرام كَأَن أكفهم ... أكف ضباب أنشقت فِي الحبائل)
أَبُو زيد: رجل ضبضب، وَامْرَأَة ضبضبة، وَهُوَ الجريء على مَا أَتَى، وَهُوَ الأبلخ أَيْضا، وَامْرَأَة بلخاء، وَهِي الجريئة الَّتِي تَفْخَر على جِيرَانهَا. أَبُو عَمْرو: ضَب، إِذا حقد. ابْن بزرج: أضبت الأَرْض بالنبات: طلع نباتها جَمِيعًا. وأضب الْقَوْم: نهضوا فِي الْأَمر جَمِيعًا.
بض: الْأَصْمَعِي وَغَيره: بض الْحسي، وَهُوَ

(11/329)


يبض بضيضا، إِذا جعل مَاؤُهُ يخرج قَلِيلا قَلِيلا، وَيُقَال للرجل إِذا نعت بِالصبرِ على الْمُصِيبَة: مَا تبض عينه. وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت لينَة الْجلد، ظَاهِرَة الدَّم: إِنَّهَا لبضة، وَقد بضت تبض بضاضة. أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: بضضت لَهُ أبض بضا، إِذا أعطَاهُ شَيْئا يَسِيرا، وَأنْشد شمر:
(وَلم تبضض النكد للجاشرين ... وأنفدت النَّمْل مَا تنقل)
قَالَ: هَكَذَا أنشدنيه ابْن أنس، بِضَم التَّاء، وهما لُغَتَانِ: بض يبض، وأبض يبض. وَرَوَاهُ الْقَاسِم: " وَلم تبضض ". قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البضة: اللينة الحارة الحامضة؛ وَهِي الصقرة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سقاني بضا وبضة؛ أَي لَبَنًا حامضا. وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة بضة، تَارَة مكتنزة اللَّحْم فِي نصاعة لون، وبشرة بضة بضيضة، وَامْرَأَة بضة بضاض. وبئر بضوض، يَجِيء مَاؤُهَا قَلِيلا قَلِيلا. والبضباض: قَالُوا: الكمأة، وَلَيْسَت بمحضة. وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي السقاء بضاضة من مَاء أَي شَيْء يسير. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: بضض الرجل إِذا تنعم؛ وغضض: صَار غضا متنعما، وَهِي الغضوضة. قَالَ: وغضض، إِذا أَصَابَته غَضَاضَة. قَالَ: والبضة: الْمَرْأَة الناعمة، سمراء كَانَت أَو بَيْضَاء، والمضة: الَّتِي تؤذيها الْكَلِمَة، أَو الشَّيْء الْيَسِير. أَبُو عبيد: عَن الْأَصْمَعِي: البضة من النِّسَاء: الرقيقة الْجلد كَانَت بَيْضَاء، أَو أدماء. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ اللحيمة الْبَيْضَاء. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: البض من الرِّجَال الرُّخص الْجَسَد، وَلَيْسَ من الْبيَاض خَاصَّة، وَلكنه من الرخوصة والرخاصة. وَقَالَ غَيره: هُوَ الْجيد الْبضْعَة السمين، وَقد بضضت يَا رجل تبض بضاضة.
بَاب الضَّاد وَالْمِيم

ض م

ضم، مض: [مستعملان] .
ضم: قَالَ اللَّيْث: الضَّم: ضمك الشَّيْء، تَقول: ضممت هَذَا إِلَى هَذَا، فَأَنا ضام، وَهُوَ مضموم، وضاممت فلَانا، إِذا أَقمت مَعَه فِي أَمر وَاحِد، والضمام كل شَيْء تضم بِهِ شَيْئا إِلَى شَيْء. والإضمامة: جمَاعَة من النَّاس لَيْسَ أصلهم وَاحِدًا، وَلَكنهُمْ لفيف، والجميع الأضاميم.

(11/330)


وَأنْشد:
(حَيّ أضاميم وأكوار نعم ... )
قَالَ: والضماضم، من أَسمَاء الْأسد، وضمضمته: صَوته. قَالَ: وَالضَّم والضمام: الداهية الشَّدِيدَة. قلت: الْعَرَب تَقول للداهية: صمي صمام بالصَّاد، وأحسب اللَّيْث أَو غَيره: صحفوه فَجعلُوا الصَّاد ضادا، وَلم أسمع الضَّم والضمام فِي أَسمَاء الدَّوَاهِي. لغير اللَّيْث: وضمضم، اسْم رجل. وَيُقَال: اضط فلَان شَيْئا إِلَى نَفسه. وَقَالَ أَبُو زيد: الضماضم: الْكثير الْأكل الَّذِي لَا يشْبع. وَقَالَ اللحياني: قَالَ الْأمَوِي: يُقَال للرجل الْبَخِيل: الضَّرَر والضماضم، والعضمز، كُله من صفة الْبَخِيل، وَهُوَ الصوتن أَيْضا. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضمضم: الجسيم الشجاع، بالضاد. قَالَ: والصمصم: الْبَخِيل، النِّهَايَة فِي الْبُخْل، بالصَّاد. قَالَ: وضمضم الرجل إِذا شجع قلبه، ومضمض: نَام نوما قَلِيلا.
مض: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: " خباث كل عيدانك قد مضضنا فَوَجَدنَا عاقبته مرا ". وَقَالَ اللَّيْث: المض: مضيض المَاء كَمَا تمضه، وَيُقَال: لَا تمض مضيض العنز، وَيُقَال: ارشف وَلَا تمض إِذا شربت وَفِي الحَدِيث: " وَلَهُم كلب يتمضمض عراقيب النَّاس "، أَي يمض. قَالَ: مَضَت العنز تمض فِي شربهم مضيضا، إِذا شربت وعصرت شفتيها. والمضمضة: تَحْرِيك المَاء فِي الْفَم وَفِي الْإِنَاء. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مضني الْجرْح وأمضني. وَقَالَ أَبُو زيد والأصمعي: أمضني. وَهُوَ كخل يمض الْعين، لم يعرفا غَيره. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مضني الْأَمر. وأمضني وَقَالَ: وأمضني كَلَام تَمِيم. قَالَ اللَّيْث: كحل يمض الْعين، ومضيضه: حرقته، وَأنْشد:
(قد ذاق أكحالاً من المضاض ... )
ومضضت لَهُ، أَي بلغت مِنْهُ الْمَشَقَّة. وَقَالَ رؤبة:
(فاقني فشر مَا أمضا ... )
وَكَذَلِكَ الْهم يمض الْقلب أَي يحرقه، وَقَالَ: والمضاض. النّوم. يُقَال: مَا مضمضت عَيْني بنوم، أَي مَا نَامَتْ. وَقَالَ رؤبة:
(من يتسخط فالإله رَاض ... عَنْك وَمن لم يرض فِي مضماض)
أَي فِي حرقة.

(11/331)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن الْمفضل بن سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن الْفراء أَنه قَالَ: يُقَال: مَا علمك أهلك من الْكَلَام إِلَّا مضا وميضا، وبضا وبيضا وَيُقَال فِي مثل: " إِن فِي بض وبض لمطعما ". وَقَالَ اللَّيْث: المض. أَن يَقُول الْإِنْسَان بِطرف لِسَانه شبه " لَا "، وَهُوَ " هيج " بِالْفَارِسِيَّةِ، وَأنْشد:
(سَأَلتهَا الْوَصْل فَقَالَت: مض ... وحركت لي رَأسهَا بالنغض)
وَقَالَ الْفراء: مض كَقَوْل الْقَائِل: " لَا " يَقُولهَا بأضراسه، فَيُقَال: مَا علمك أهلك إِلَّا مض ومض، وَبَعْضهمْ يَقُول: إِلَّا مضًا، يُوقع الْفِعْل عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو زيد: كثرت المضائض بَين النَّاس، أَي الشَّرّ، وَأنْشد:
(وَقد كثرت بَين الْأَعَمّ المضائض ... )
والمضماض: الرجل الْخَفِيف السَّرِيع. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
(يتركن كل هوجل نفاض ... فَردا وكل معض مضماض)
أَبُو تُرَاب، قَالَ الْأَصْمَعِي: مضمض إناءه ومصمصه، إِذا حركه. وَقَالَ اللحياني: إِذا غسله. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مضض، إِذا شرب المضاض، وَهُوَ المَاء الَّذِي لَا يُطَاق ملوحة، وَبِه سمي الرجل مضاضا، وضده من الْمِيَاه القطيع وَهُوَ الصافي الزلَال. وَقَالَ بعض الكلابيين فِيمَا روى أَبُو تُرَاب: تماض الْقَوْم وتماظوا، إِذا تلاحوا وعض بَعضهم بَعْضًا بألسنتهم، وَالله أعلم.

(11/332)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الضَّاد

ض ص
أهملتا مَعَ الْحُرُوف كلهَا إِلَى آخرهَا.
[أَبْوَاب الضَّاد وَالسِّين]

ض س ز - ض س ط - ض س د - ض س ت - ض س ظ - ض س ذ - ص س ث
أهملت وجوهها كلهَا.
ض س ر
اسْتعْمل من وجوهها: ضرس.
ضرس: قَالَ اللَّيْث: الضرس: العض الشَّديد بالضرس، قَالَ: والضرس: خور فِي الضرس من حموضة، والضرس مَا خشن من الآكام والأخاشب، والضرس: السحابة تمطر لَا عرض لَهَا. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضرس الأَرْض الخشنة، والضرس: الْمَطَر الْخَفِيف، والضرس، كف عَن البرقع، والضرس: طول الْقيام فِي الصَّلَاة، والضرس عض الْعدْل والضرس تَعْلِيم الْقدح، والضرس الفند من الْجَبَل، والضرس: سوء الْخلق، والضرس: صمت يَوْم فِي اللَّيْل، والضرس: الأَرْض الَّتِي نباتها هَاهُنَا، وَهَا هُنَا. قَالَ: والضرس: الْمَطَر هَا هُنَا، وَهَاهُنَا. والضرس: امتحان الرجل فِيمَا يَدعِيهِ من علم أَو شجاعة. أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: نَاقَة ضروس، أَي سَيِّئَة الْخلق، وَمِنْه قَوْلهم فِي الْحَرْب: قد ضرس نابها، أَي سَاءَ خلقه. وَقد ضرست الرجل، إِذا عضضته بأضراسك، وبئر مضروسة، إِذا بنيت بِالْحِجَارَةِ، وَهِي

(11/333)


الضريس، وَوَقعت فِي الأَرْض ضروس من مطر، أَي وَقعت فِيهِ قطع مُتَفَرِّقَة، وَفُلَان، ضرس شرس أَي صَعب الْخلق. وريط مُضرس: ضرب من الوشي. وحرة مضرسة: فِيهَا كأضراس الْكلاب من الْحِجَارَة. شمر: رجل مُضرس، إِذا كَانَ قد سَافر وجرب، وَقَاتل. وضارست الْأُمُور: جربتها وعرفتها. وضرس بَنو فلَان بِالْحَرْبِ، إِذا لم ينْتَهوا حَتَّى يقاتلوا. وَيُقَال: أصبح الْقَوْم ضراسى، إِذا أَصْبحُوا جياعاً، لَا يَأْتِيهم شَيْء إِلَّا أكلوه من الْجُوع. قَالَ: وَمثل ضراسى قوم حزانى لجَماعَة الحزين، وَوَاحِد الضراسى ضريس، وثوب مُضرس أَي موشى، وَقَالَ الشَّاعِر:
(ردع العبير بجلدها فَكَأَنَّهُ ... ربط عتاق فِي المصان مُضرس)
قَالَ: وَرجل مُضرس: مجرب قد جعل ضرسا. وَقَالَ اللَّيْث: التضريس: تحزيز دِينَار، ونبر يكون فِي ياقوتة، أَو لؤلؤة، أَو خَشَبَة. وقدح مُضرس لَيْسَ بأملس. وَقَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي وأنشده الْأَصْمَعِي:
(أَتَانِي فِي الضبعاء أَوْس بن عَامر ... يخادعني عَنْهَا بجن ضراسها)
قَالَ الْبَاهِلِيّ: الضراس: ميسم لَهُم، وَالْجِنّ حَدثنَا ذَاك. وَقيل: أَرَادَ بحدثان نتاجها، وَمن هَذَا قيل: نَاقَة ضروس، وَهِي الَّتِي تعض حالبها. شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الضرس: الأكمة الخشناء الغليظة، وَهِي قِطْعَة من القف مشرفة شَيْئا، غَلِيظَة جدا، خشنة الموطئ، إِنَّمَا هِيَ حجر وَاحِد لَا يخالطه طين، وَلَا ينْبت شَيْئا، وَهِي الضروس؛ إِنَّمَا ضرسه غلظه وخشنته. وَقَالَ الْفراء: مَرَرْنَا بضرس من الأَرْض، وَهُوَ الْموضع يُصِيبهُ الْمَطَر يَوْمًا أَو قدر يَوْم. وَقَالَ غَيره: حرَّة مضرسة: فِيهَا كأضراس الْكلاب من الْحِجَارَة. وَقَالَ الْمفضل: الضرس: الشيح والرمث وَنَحْوه إِذا أكلت جذوله، وَأنْشد فِي صفة إبل تجلح أروم الشَّجَرَة:
(رعت ضرسا بصحراء التناهي ... فأضحت لَا تقيم على الجدوب)
وَقَالَ أَبُو زيد: الضرس: الضرم الَّذِي يغْضب من الْجُوع. والضرس: أَن يفْتَقر أنف الْبَعِير بمروة، ثمَّ يوضع عَلَيْهِ وتر أَو قد لوي على الْجَرِير يذلل بِهِ، فَيُقَال: جمل مضروس الْجَرِير وَأنْشد:
(تبعتكم يَا حمد حَتَّى كأنني ... لحبك مضروس الْجَرِير فؤود)

(11/334)


الْحَرَّانِي، عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الضرس: طي الْبِئْر بِالْحِجَارَةِ، يُقَال: ضرسها يضرسها، والضرس: أَن يعلم الرجل قدحه بِأَن يعضه بِأَسْنَانِهِ، فيؤثر فِيهِ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
(وأصفر من قداح النبع فرع ... بِهِ علمَان من عقب وضرس)
والضرس: أَن تضرس الْأَسْنَان من شَيْء حامض.
ض س ل - ض س ن ض س ف
مهملات.
ض س ب

ضبس: أهمله اللَّيْث: وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ فِي الزبير: ضرس ضبس. هَكَذَا رَوَاهُ شمر فِي كِتَابه، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان: الضبس فِي لُغَة تَمِيم: الخب، وَفِي لُغَة قيس: الداهية. قَالَ: ويقالك ضبس، وضبس. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي أرجوزة لَهُ:
(بالجار يعلق حبله ضبس ضبث ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضبس: الثقيل الْبدن وَالروح. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضبس: إلحاح الْغَرِيم على غَرِيمه، يُقَال: ضبس عَلَيْهِ، والضبس: الأحمق الضَّعِيف الْبدن.
ض س م
مهمل.
أَبْوَاب الضَّاد وَالزَّاي

ض ز ط - ض ز د - ض ز ت - ض ز ط - ض ز ذ - ض ز ث: مهملات

ض ز ر

ضرز: قَالَ اللَّيْث: الضرز: مَا صلب من الصخور، والضرز: الرجل المتشدد الشَّديد الشُّح. وَقَالَ الْأمَوِي: يُقَال للرجل الْبَخِيل: ضرز. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ضرز الأَرْض: كَثْرَة هبوما، وَقلة جددها. يُقَال: أَرض ذَات ضرز.
ض ز ل: مهمل

ض ز ن: اسْتعْمل من وجوهها: ضظن.
ضزن: قَالَ اللَّيْث: الضيزن: الشَّرِيك فِي الْمَرْأَة. وَقَالَ أَوْس:
(الفارسية فِيكُم غير مُنكرَة ... فكلكم لِأَبِيهِ ضيزن سلف)
يَقُول: أَنْتُم مثل الْمَجُوس يتَزَوَّج الرجل مِنْهُم امْرَأَة أَبِيه، وَامْرَأَة ابْنه. وَقَالَ اللحياني: جعلت فلَانا ضيزنا عَلَيْهِ، أَي بندارا عَلَيْهِ. قَالَ: وأرسلته مضغطا

(11/335)


عَلَيْهِ، وَأهل مَكَّة وَالْمَدينَة يَقُولُونَ: أَرْسلتهُ ضاغطاً عَلَيْهِ. قَالَ: والضيزن أَيْضا: ولد الرجل وَعِيَاله وشركاؤه، وَكَذَا كل من زاحم رجلا فِي أَمر فَهُوَ ضيزن، والجميع الضيازن. وَقَالَ غَيره: يُقَال للنخاس الَّذِي تنخس بِهِ البكرة إِذا اتَّسع خرقها الضيزن، وَأنْشد:
(على دموك تركب الضيازنا ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضيزن يكون بَين قب البكرة والساعد، والساعد خَشَبَة تعلق عَلَيْهَا البكرة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: للْفرس إِذا لم يتبطن الْإِنَاث، وَلم ينز قطّ: الضيزان. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الضيزن: الَّذِي يتَزَوَّج امْرَأَة أَبِيه إِذا طَلقهَا، أَو مَاتَ عَنْهَا. والضيزن: خد بكرَة السَّقْي، والضيزن: الساقي الْجلد، والضيزن: الْحَافِظ الثِّقَة. وَأنْشد:
(إِن شريبيك لضيزنانه ... )

ض ز ف

ضفز: ضفز يَده. قَالَ: قَالَ اللَّيْث: الضفز: تلقيمك الْبَعِير لقما عظاما، تَقول: ضفزته فاضطفز، وكل وَاحِدَة مِنْهَا ضفيزة، وَيُقَال: ضفزت الْفرس لجامه، إِذا أدخلته فِي فِيهِ. أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: الضفز والأفز: الْعَدو، وَيُقَال: مِنْهُ ضفز يضفز، وأفز يأفز. وَقَالَ غَيره: أبز وضفز بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ عَمْرو، عَن أَبِيه: الضفز: الْجِمَاع. وَقَالَ أَعْرَابِي: مَا زلت أضفز بهَا، أَي أنيكها إِلَى أَن سَطَعَ الْفرْقَان، أَي السحر. قَالَ: والضفز التلقيم، والضفز الدّفع، والضفز: القفز. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " مَلْعُون كل ضفاز ". وَقَالَ الزّجاج: معنى الضفاز: النمام مُشْتَقّ من الضفز، وَهُوَ شعير يجش فيعلفه الْبَعِير، وَقيل للنمام: ضفاز؛ لِأَنَّهُ يزور القَوْل، كَمَا يهيأ هَذَا الشّعير لقما لعلف الْإِبِل، وَلذَلِك قيل للنمام: " قتاب " من قَوْلهم: دهن مقتت، أَي مُطيب بالرياحين.
ض ز ب

[ضبز] : قَالَ اللَّيْث: الضبز. الشَّديد الْمُحْتَال من الذئاب، وَأنْشد:
(وتسرق مَال جَارك باختيال ... كحول ذؤالة شرس ضبيز)
قَالَ والضبز: شدَّة اللحظ، يَعْنِي نظرا فِي جَانب.
ض ز م
اسْتعْمل مِنْهُ: ضمز.
ضمز: قَالَ اللَّيْث: الضمز من الإكام،

(11/336)


الْوَاحِدَة ضمزة، وَهِي أكمة صَغِيرَة خاشعة، وَأنْشد:
(موف بهَا على الإكام الضمز ... )
وَقَالَ شمرن عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضمز: الْغَلَط من الأَرْض، وَيُقَال للرجل إِذا جمع شدقيه فَلم يتَكَلَّم: قد ضمز. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الضمز: مَا ارْتَفع من الأَرْض، وَجمعه ضموز، وَقَالَ رؤبة:
(كم جَاوَزت من حدب وفرز ... ونكبت من جوءة وضمز)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضمز جبل من أصاغر الْجبَال مُنْفَرد، وحجارته حمر صلاب، وَلَيْسَ فِي الضمز طين، وَهُوَ الضمزز أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث: الضامز: السَّاكِت لَا يتَكَلَّم، وَالْبَعِير إِذا لم يجتر فقد ضمز. وَقَالَ الشماخ يصف عيرًا وأتنه:
(لَهُنَّ صليل ينتظرن قَضَاءَهُ ... يضاحي غَدَاة أمره وَهُوَ ضامر)
قَالَ: وكل من ضم فَاه، فَهُوَ ضامز، وناقة ضامز: لَا ترغو. وَالله تَعَالَى أعلم بمراده.
(أَبْوَاب) الضَّاد والطاء

ض ط د - ض ط ت - ض ط ظ - ض ط ذ - ض ط ث
مهملات.
ض ط ر
اسْتعْمل من وجوهه: ضرط ضيطر. ضطر.
ضطر: أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: الضيطر: الْعَظِيم من الرِّجَال، وَجمعه: ضياطر، وضياطرة، وضيطارون، وَأنْشد أَبُو عَمْرو لمَالِك بن عَوْف:
(تعرض ضيطار وخزاعة دُوننَا ... وَمَا خير ضيطار يقلب مسطحًا)
وَقَالَ اللَّيْث: الضيطر: اللَّئِيم، قَالَ الراجز:
(صَاح ألم تعجب لذاك الضيطر ... )
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا لَا يغنون غناء: بَنو ضوطرى. وَقَالَ جرير:
(تَعدونَ عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لَوْلَا الكمي المقنعا)

ضرط: قَالَ اللَّيْث: الضراط مَعْرُوف، وَقد ضرط يضرط ضرطا. وَقَالَ اللحياني: من أمثالهم: الْأَخْذ سريطاء، وَالْقَضَاء ضريطاء. قَالَ: وَبَعض يَقُول: الْأَخْذ سريط وَالْقَضَاء ضريط. قَالَ: وتأويله تحب أَن تَأْخُذ وَتكره أَن ترد. وَيُقَال: أضرط فلَان بفلان، إِذا استخف

(11/337)


بِهِ وسخر مِنْهُ، وَمن أمثالهم: " كَانَت مِنْهُ كضرطة الْأَصَم "، إِذا فعل فعلة لم يكن فعل قبلهَا وَلَا بعْدهَا مثلهَا، يضْرب لَهُ، قَالَه أَبُو زيد.
ض ط ل
مهمل.
ض ط ن
اسْتعْمل مِنْهُ: ضنط. ضطن.
ضطن: قَالَ اللَّيْث: الضيطن والضيطان: الرجل الَّذِي يُحَرك مَنْكِبه وَجَسَده حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لحم. يُقَال: ضيطن الرجل ضيطنة وضيطانا، إِذا مَشى تِلْكَ المشية. قلت: هَذَا حرف مريب، وَالَّذِي عَرفْنَاهُ مَا روى أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: قَالَ: الضيطان بتحريك الْيَاء، أَي يُحَرك مَنْكِبَيْه وَجَسَده حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لحم. قلت: هَذَا من ضاط يضيط ضيطانا، وَالنُّون فِي الضيطان نون فعلان، كَمَا يُقَال: من هام يهيم هيماناً. وَأما قَول اللَّيْث: ضيطن الرجل ضيطنة، إِذا مَشى تِلْكَ المشية، فَمَا أرَاهُ حفظه الثِّقَات.
ضنط: قَالَ ابْن دُرَيْد: قَالَ أَبُو مَالك: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة الضنط: الضّيق، وَفِي " نَوَادِر أبي زيد ": ضنط فلَان من الشَّحْم ضنطا وَأنْشد:
(أَبُو بَنَات قد ضنطن ضنطا ... )
والضناط الزحام.
ض ط ف
اسْتعْمل من وجوهه: ضفط.
ضفط: فِي حَدِيث عمر: أَنه سمع رجلا يتَعَوَّذ من الْفِتَن، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الضفاطة أتسأل رَبك أَلا يرزقك أَهلا ومالا ". قلت: تَأَول عمر قَول الله جلّ وَعز: {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} [التغابن: 15] ، وَلم يرد فتْنَة الْقِتَال وَالِاخْتِلَاف الَّتِي تموج موج الْبَحْر، وَأما الضفاطة فَإِن أَبَا عبيد عَنى بِهِ ضعف الرَّأْي وَالْجهل. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال مِنْهُ: رجل ضفيط. وَرُوِيَ عَن ابْن سِيرِين أَنه شهد نِكَاحا، فَقَالَ: أَيْن ضفاطتكم؟ فسروه أَنه الدُّف، سمي ضفاطة، لِأَنَّهُ لعب وَلَهو، وَهُوَ رَاجع إِلَى ضعف الرَّأْي وَالْجهل. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضفاط: الأحمق. وَقَالَ اللَّيْث: الضفاط: الَّذِي قد ضفط بسلحه، وَرمى بِهِ. شمر: رجل ضفيط، أَي أَحمَق كثير الْأكل. قَالَ: وَقَالَ بَان شُمَيْل: الضفط: التار من

(11/338)


الرِّجَال، والضفاط: الجالب من الأَصْل، والضفاط: الْحَامِل من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة أُخْرَى والضفاطة: الْإِبِل الَّتِي تحمل الْمَتَاع، والضفاط الَّذِي يكْرِي الْإِبِل من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة أُخْرَى. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضفاط الْجمال. وَرُوِيَ عَن عمر: أَنه سُئِلَ عَن الْوتر، فَقَالَ: " أَنا أوتر حِين ينَام الضفطى "، أَرَادَ بالضفطى جمع الضفيط، وَهُوَ الضَّعِيف الرَّأْي. قَالَ: وَعُوتِبَ ابْن عَبَّاس فِي شَيْء فَقَالَ: " هَذِه إِحْدَى ضفطاتي "، أَي غفلاتي.
ض ط ب
اسْتعْمل من وجوهه: ضبط.
ضبط: قَالَ اللَّيْث: الضَّبْط: لُزُوم شَيْء لَا يُفَارِقهُ فِي كل شَيْء، وَرجل ضَابِط: شَدِيد الْبَطْش، وَالْقُوَّة والجسم. وَفِي الحَدِيث: أَنه سُئِلَ عَن الأضبط. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ الَّذِي يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا، يعْمل بيساره كَمَا يعْمل بِيَمِينِهِ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله. قَالَ أَبُو عبيد: وَيُقَال من ذَلِك للْمَرْأَة: ضبطاء، وَكَذَلِكَ كل عَامل يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا. وَقَالَ معن بن أَوْس يصف نَاقَة:
(غدافرة ضبطاء تحذي كَأَنَّهَا ... فنيق غَدا تَحْمِي السوام السوارحا)
وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: أعْسر يسر، وَأنْشد ابْن السّكيت يصف امْرَأَة:
(أما إِذا أحردت حردى فمجرية ... ضبطاء تقرب غيلا غير مقروب)
فَشبه الْمَرْأَة باللبؤة الضبطاء نزقا وخفة. ثَعْلَب: عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِذا تبضبطت الضَّأْن شبعت الْإِبِل، وَذَلِكَ أَن الضَّأْن يُقَال لَهَا: الْإِبِل الصُّغْرَى، لِأَنَّهَا أَكثر أكلا من المعزى، والمغزى ألطف أحناكا، وَأحسن إراحة، وأزهد زهدا مِنْهَا، فَإِذا شبعت الضَّأْن فقد أَحْيَا النَّاس لِكَثْرَة العشب، وَمعنى قَوْله: تضبطت: قويت وسمنت. وَيُقَال: فلَان لَا يضْبط عمله، إِذا عجز عَن ولَايَة مَا وليه، وَرجل ضَابِط: قوي على عمله. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: لعبة للأعراب تسمى الضبطة، والمسة، وَهِي الطريدة.
ض ط م

مهمل. وَأما الاضطمام فَهُوَ افتعال من الضَّم.

(11/339)


(أَبْوَاب) الضَّاد وَالدَّال)
ض د ت ض د ظ ض د ذ ض د ث: مهملات.
ض د ر
اسْتعْمل من وجوهه: (رضد) .
رضد: قرأتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَضَدْتُ المتاعَ فارتَضد، ورَضَمتُه فارتضم: إِذا نَضَدّته. قَالُوا: ورَضَمْتُه فارتضم: إِذا كَسَرته فانكسر.
ض د ل. مهمل.
ض د ن:
اسْتعْمل من وجوهه: (نضد، ضدن) .
ضدن: أما ضَدَن فَإِن اللّيثَ أهمله.
وَقَالَ ابنُ دُريد: ضَدَنْتُ الشَّيْء ضَدْناً: إِذا أصلحْتَه وَسهلتَه، لُغَة يمانيّة، تفرّد بِهِ.
نضد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَضَد وضَمَد: إِذا جَمع وضَمّ. ونَضَد الشيءَ بعضَه إِلَى بعض مُتّسِقاً، أَو بعضَه على بعضٍ. والنَّضَدُ: الِاسْم، وَهُوَ من حُرّ المتَاع، يُنَضَّدُ بعضُه فَوق بعض، وَذَلِكَ الموضعُ يُسمّى نَضَداً.
الحَرّانيُّ عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: النَّضَدُ: مصدر نَضَدْتُ المتاعَ أنضِده نضْداً. والنَّضَدُ: متاعُ الْبَيْت، والجميع أنضاد.
قَالَ النَّابِغَة:
خَلَّتْ سبيلَ أَتِيَ كَانَ يَحبِسُه
ورَفّعَتْه إِلَى السِّجْفيْن فالنَّضَدِ
وَفِي الحَدِيث: (أَن الوَحْيَ احْتبسَ أيّاماً فلمّا نزل اسْتَبْطَأَهُ النبيُّ فَذكر أَن احتباسه كَانَ لكَلْب تَحت نَضَد لَهُم) .
قالَ اللَّيْث: النَّضَدُ: السّريرُ فِي بَيت النَّابِغَة، وَهُوَ غلط، إِنَّمَا النَّضَدُ مَا فسّره ابْن السكّيت، وَهُوَ بِمَعْنى المنضود. قَالَ الله جلّ وعزّ: مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} (الْوَاقِعَة: 29) ، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ} (ق: 10) .
قَالَ الفَرّاء: يَعْنِي الكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أكمامه فَهُوَ نضيد، ومعناهُ منضودٌ بعضُه فوقَ بعض، فَإِذا خَرج من أكمامه فَلَيْسَ بنَضِيد.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} : هُوَ الَّذِي نُضِد بالحَمْل من أَوله إِلَى آخِره أَو بالوَرَق لَيْسَ دونَه سُوقٌ بارزة.
وَقيل فِي قَوْله: (إِن الكَلبَ كَانَ تحتَ نَضَدٍ لَهُم) ، أَي: أَنه كَانَ تَحت مِشْجَب

(12/5)


نُضّدت عَلَيْهِ الثيابُ والأثاثُ. وسُمّيَ السّريرُ نَضَداً لأنَّ النَّضدَ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: النَّضَدُ: هم الأعمامُ والأخوالُ، قَالَ الْأَعْشَى:
فقوْمُك إنْ يَضمنُوا جَارة
وَكَانُوا بِموضع أنْضادِها
أَرَادَ أَنهم كَانُوا بِموضع ذوِي شرفِها.
وَأما قَول رؤبة يصف جَيْشًا:
إِذا تدانَى لم يُفَرَّج أَجَمُه
يُرْجِف أَنْضادَ الجبالِ هَزَمُه
فَإِن أنضادَ الجبالِ مَا تراصَفَ من حجارتها بَعْضهَا فَوق بعض.
ض د ف
أهمله اللّيْث.
ضفد: وَقَالَ ابْن شُمَيل: المُضْفَئِدُّ من النَّاس وَالْإِبِل: المُنْزَوِي الْجلد، البَطِينُ البادِن.
وَقَالَ الأصمعيُّ: اضْفَأَدَّ الرَّجلُ يَضْفَئِدُّ اضْفِئْداداً: إِذا انتفَخَ من الْغَضَب.
ض د ب: مهمل الْوُجُوه.
ض د م
اسْتعْمل من وجوهه: (ضمد) .
ضمد: قَالَ اللَّيْث: ضَمَدْتُ رَأسه بالضِّماد: وَهِي خِرقَةٌ تُلَفُّ على الرَّأْس عِنْد الادّهان والغَسْل وَنَحْو ذَلِك. وَقد يُوضع الضِّمادُ على الرَّأْس للصُّداع يُضَمَّد بِهِ. قَالَ: والمَضْدُ لغةٌ يمانيةٌ. وَفِي حَدِيث طَلْحَة: (أَنه ضَمَد عينَه بِالصبرِ) .
قَالَ شمِر: يُقَال: ضمَدْتُ الجُرْح: إِذا جَعلتَ عَلَيْهِ الدَّوَاء. وَقَالَ: ضَمّدْتُه بالزَّعْفران وَالصَّبْر، أَي: لطَخْتُه، وضمّدتُ رأسَه: إِذا لَفَفْتَه بِخرقَة.
وَيُقَال: ضَمِد الدّمُ عَلَيْهِ، أَي: يَبِس وقَرِتَ. وأقرأَنا ابْن الْأَعرَابِي للنابغة:
وَمَا هُرِيق على غَرِيّك الضَّمَدُ
وَفَسرهُ فَقَالَ: الضّمَدُ الَّذِي ضُمِّد بِالدَّمِ.
وَقَالَ الغَنَوِيّ: يُقَال: ضَمِد الدمُ على حلْق الشَّاة: إِذا ذُبحت فَسَالَ الدمُ ويَبِس على جِلدها.
وَيُقَال: رَأَيْت على الدَّابَّة ضمْداً من الدّم وَهُوَ الَّذِي قَرَتَ عَلَيْهِ وجَفّ. وَلَا يُقَال: الضَّمَدُ إِلَّا على الدَّابَّة، لِأَنَّهُ يَجِيء مِنْهُ فيَجْمُد عَلَيْهِ.
قَالَ: والغَرِيُّ فِي بَيت النَّابِغَة مُشَبَّهٌ بالدابة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اضْمُدْ عَلَيْك ثِيَابك، أَي: شُدّها. وأَجِدْ ضَمْدَ هَذَا العِدْل.
وَقَالَ ابْن هانىء: هَذَا ضِمَادٌ، وَهُوَ الدَّوَاء الَّذِي يُضَمّدُ بِهِ الْجرْح، وجمعهُ ضَمائد.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: ضَمَدْتُ الجرحَ وغيرَه أضْمِدُه ضَمْداً. قَالَ: والضَّمْدُ أَيْضا: رَطْبُ النَّبْت ويابِسُه: إِذا اختَلطا. يُقَال: الإبلُ تَأْكُل من ضَمْد

(12/6)


الْوَادي، أَي: من رَطْبِه ويابسه.
وَيُقَال: أُعْطيك من ضَمْد هَذِه الْغنم، أَي: من صغيرتِها وكبيرتها، ودقيقِها وجَلِيلها.
وَقد أَضْمَدَ العَرْفَجُ: إِذا تَجَوّفَتْه الخُوصة وَلم تَبْدُر مِنْهُ، أَي: كَانَت فِي جَوْفه.
وَيُقَال: ضَمِدَ عَلَيْهِ يَضْمَد ضَمَداً: إِذا غَضِبت عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَسمعت منتعجاً الكلابيّ وَأَبا مَهْدِيّ يَقُولَانِ: الضَّمَدُ: الغابرُ الْبَاقِي من الْحق؛ تَقول: لنا عِنْد بني فلَان ضَمَدٌ، أَي: غابرٌ من حقّ، من مَعْقُلَة أَو دَيْن. قَالَ: والضَّمَدُ: أَن تُخالّ المرأةُ ذاتُ الزّوج رجلا غير زَوجهَا أَو رجلَيْنِ؛ حَكَاهُ عَن أبي عَمْرو، وَأنْشد:
لَا يُخْلِصُ الدهرَ خليلٌ عَشْراً
ذَات الضِّماد أَو يَزُورَ القبْرَا
إِنِّي رأيتُ الضَّمْدَ شَيْئا نُكْراً
قَالَ: لَا يَدُوم رجلٌ على امْرَأَته، وَلَا امرأةٌ على زَوجهَا إلاّ قَدْرَ عَشْرِ ليالٍ للغَدْر فِي النَّاس فِي هَذَا الْعَام، لِأَنَّهُ رأَى النَّاس كَذَلِك فِي ذَلِك الْعَام فوصف مَا رأَى. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
أرَدْتِ لَكَيْمَا تَضْمُدِيني وصاحِبي
أَلا لَا أحِبِّي صاحِبي ودَعِيني
قَالَ: والضَّمَدُ: بِفَتْح الْمِيم فِي الأَصْل وَاللِّسَان الحقد. يُقَال: ضَمِد عَلَيْهِ يَضمِد فِي الأَصْل وَاللِّسَان ضَمَداً، قَالَ النَّابِغَة:
وَمن عصاكَ فعاقِبْه معاقبةً
تنهي الظَّلومَ وَلَا تَقْعد على ضَمَدِ
سلمةُ عَن الْفراء قَالَ: الضِّماد: أَن تصادق المرأةُ اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي القَحْط لتأكُلَ عِنْد هَذَا وَهَذَا لتَشْبَع، وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) الضَّاد وَالتَّاء)
ض ت ظ ض ت ذ ض ت ث ض ت ر ض ت ل: مهملات.
ض ت ن
(نتض) : قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَتَض المحارُ نَتُوضاً: إِذا خرج بِهِ داءٌ فأثار القُوَباءَ ثمَّ تقشَّر طرائق بَعْضهَا من بعض. قَالَ: وأَنْتَضَ العُرْجون وَهُوَ شَيْء طَوِيل من الكَمْأَة يَنْقشر أعاليه، وَهُوَ ينتضِ عَن نفسِه كَمَا ننتض الكَمْأَةُ الكَمْأَةَ، والسنُّ السنَّ إِذا خرجتْ فرفعتْها عَن نَفسهَا؛ لم يَجِيء إلاّ هَذَا.
قلت: هَذَا صَحِيح، وَقد سمعتُ نَحوا مِنْهُ من العَرَب.
وَقَالَ أَبُو زيد: من مُعاياة الْعَرَب قولُهم: ضأنٌ بذِي تُنَاتِضَهُ تقطع رَدْغَةَ المَاء بعَنَقٍ وإرخاء. قَالَ: يسكِّنُون الرَّدْغة فِي هَذِه الْكَلِمَة وَحدهَا.
ض ت ف، ض ت ب، ض ت م: مهملات.

(12/7)


وأهملت (الضَّاد مَعَ الظَّاء و) الضَّاد مَعَ الذَّال إِلَى آخر الْحُرُوف.

(أَبْوَاب) الضَّاد والثاء)
ض ث ر ض ث ل ض ث ن ض ث ف: مهملات.
ض ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: (ضبث) .
ضبث: قَالَ اللَّيْث: الضَّبْثُ: قَبضك بكفِّك على الشَّيْء. والناقةُ الضَّبُوث: الَّتِي يُشَكّ فِي سِمَنها وهُزالها حَتَّى تُضبثَ بِالْيَدِ؛ أَي: تُجَسّ بِالْيَدِ. وَقَالَ ابْن شُميْل: الضَّبْثَةُ من سِمات الْإِبِل إِنما هِيَ حَلْقَةٌ ثمَّ لَهَا خطوطٌ من وَرائها وقُدّامها، يُقَال: بعير مَضْبُوثٌ، وَبِه الضَّبْثَة وَقد ضَبَثه ضَبْثاً، وَيكون الضَّبْث فِي الْفَخْذ فِي عُرْضها.
أَبُو عبيد عَن الكِسائي: الضَّبْثُ: الضَّربُ، وَقد ضُبِث بِهِ.
وَقَالَ شَمِر: ضَبَث بِهِ: إِذا قَبَض عَلَيْهِ وأَخَذَه، ورَجل ضُبَاثيّ: شديدُ الضَّبْثة، أَي القبضة، وأَسَدٌ ضُبَاثيٌّ. وَقَالَ رؤبة:
وَكم تخطّتْ من ضُبَاثيَ أضِمْ
ض ث م
(ضثم) : قَالَ اللّيث: الضَّيْثَم: اسمٌ من أَسمَاء الأسَد، فَيْعَل من ضَثَم.
قلت: لم أسمَع ضَيْثَم فِي أَسمَاء الْأسد بِالْيَاءِ، وَقد سمعتُ ضَبْثَم بِالْبَاء، وَالْمِيم زَائِدَة، أَصله مِنَ الضَّبْث، وَهُوَ القَبْض على الشَّيْء، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) الضَّاد وَالرَّاء)
ض ر ل: مهمل.
ض ر ن: اسْتعْمل مِنْهُ: (نضر، رضن) .
نضر: روَيْنا عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (نَضَّر الله عبدا سَمِعَ مَقالتي فوَعاها، ثمَّ أدّاها إِلَى من لم يَسْمَعْها) .
قَالَ شَمِر: رَوَى الرُّواةُ هَذَا الحرفَ بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ: ورُوِي عَن أبي عُبيدة بِالتَّخْفِيفِ، وفسّره فَقَالَ: جعله الله ناضراً. قَالَ: ورُوِي عَن الْأَصْمَعِي فِيهِ التَّشْدِيد، نضَّر الله وجهَه؛ وَأنْشد:
نَضَّر الله أعظُماً دَفَنُوها
بِسِجِسْتانَ طَلحةَ الطَّلَحاتِ
وَأنْشد شَمِر قولَ جرير:
والوجْهُ لَا حَسَناً وَلَا مَنْضورا
لَا يكون إلاّ مِن: نَضَرَه الله بِالتَّخْفِيفِ، وفسّره وَقَالَ شَمِر: وسمعتُ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: نَضَره اللَّهُ فَنَضر يَنْضُر، ونَضِر يَنْضَر.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَضَر الله وجْهَه، ونَضِر وأنضَر، ونَضره الله بِالتَّخْفِيفِ، وأَنْضر.

(12/8)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الاَْخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} (الْقِيَامَة: 22) ، قَالَ مُشرِقةٌ بالنعيم: قَالَ: وَقَوله: {) يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ} (المطففين: 24) ، قَالَ: بَريقُه ونَداه.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله تَعَالَى: {الاَْخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا} (الْقِيَامَة: 22، 23) قَالَ: نَضَرتْ بنعيم الْجنَّة، والنَّظرِ إِلَى رَبهَا جلّ وعزّ.
قلتُ: وَمعنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نَضّرَ الله عبدا) ، أَي: نعَّم الله عبدا. والنَّضرةُ: النِّعمة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أخْضَر ناضِرٌ: مَعْنَاهُ: ناعم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النّاضِرُ فِي جَمِيع الألوان.
قلتُ: كَأَنَّهُ يُجيز أَن يُقَال: أبيضُ ناضرٌ، وأخضرُ ناضرٌ، وأحمرُ ناضرٌ، وَمَعْنَاهُ: الناعم الَّذِي لَهُ بَريقٌ من رَفِيفه ونَعْمته.
وَقَالَ اللّيثُ: نَضَر اللّوْنُ وَالْوَرق والشجرُ يَنْضُر نَضْرةً ونُضوراً ونَضارةً، وَهُوَ ناضرٌ: حَسَنٌ. وَقد نَضَره الله وأنضره.
وَيُقَال: جارِيَةٌ غَضّةٌ نضرةٌ، وغلامٌ غَضٌّ نضِير. وَقد أنْضر الشجرُ: إِذا اخضَرّ ورقُه؛ وَرُبمَا صَار النَّضْر نعتاً، يُقَال: شيءٌ نَضْرٌ ونَضير وناضر. وَيُقَال: أخضرُ ناضِر، كَمَا يُقَال: أبيضُ ناصِعٌ.
أَبُو عبيد: النّضِيرُ: الذّهَب.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِذا جُرِّدتْ يَوْمًا حسِبْت خَمِيصةً
عَلَيْهَا وجِرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامصا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّضْرةُ: السَّبيكةُ من الذّهَب. والنَّضْرة: نعيمُ الْوَجْه.
ابْن شُمَيل عَن أبي الهُذَيل: نَضر الله وجهَه، ونَضر وجهُه سَوَاء.
أَبُو عَمْرو: وَهُوَ النُّضار والنَّضْر والنَّضِير لِلذَّهَبِ. وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم: لَا بأسَ أَن يشرب فِي قَدَح النُّضار.
قَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: معنى النضار هَذِه الأقداحُ الحُمُر الجيشانيّة، سُمِّيت نُضاراً. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النُّضار: النَّبْع. قَالَ: والنُّضارُ: شجرُ الأثْل. والنُّضارُ: الخالصُ من كل شَيْء. وَقَالَ يحيى بن نُجيم: كلُّ أثْلٍ ينْبت فِي جَبَل فَهُوَ نُضَار.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تراموْا بِهِ غَرَباً أَو نُضاراً
وَقَالَ المُؤَرِّج: النُّضار من الْخلاف يُدفَن خشبُه حَتَّى يَنْضر، ثمَّ يعْمل فَيكون أمكنَ لعامله فِي تَرْقيقه. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
نُقِّح جِسمي عِنْد نُضار العُودِ
بعد اضْطِرَاب العُنُق الأُمْلُودِ
قَالَ: نُضاره حُسْنُ عُودِه، وَأنْشد:
القَوْمُ نَبْع ونُضارٌ وعُشَرْ
وَزعم أَن النُّضار تُتَّخَذ مِنْهُ الْآنِية الَّتِي

(12/9)


يُشْرب فِيهَا. قَالَ: وَهِي أجوَدُ العِيدان الَّتِي يُتَّخذ مِنْهَا الأقداح.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّضارُ: الخالصُ من جَوْهر التِّبر والْخشب؛ وَجمعه أنْضر. يُقَال: قَدحٌ نُضار، يُتَّخذ من أَثْلٍ وَرْسِيّ اللَّوْن يكون بالغَوْر. قَالَ: وذهبٌ نُضارٌ؛ صَار هَهُنَا نعتاً. والنَّضْرُ: الذهبُ، وَجمعه أنْضر. وَأنْشد:
كَناحِلَةٍ من زَيْنها حَلْيَ أنْضُرٍ
بِغَيْر نَدى مَن لَا يُبَالي اعْتِطالها
رضن: قَالَ اللَّيْث: المرْضُون: شِبْه المنْضُود من حِجَارَة أَو نحوِ ذَلِك، يُضَمّ بعضُها إِلَى بعض فِي بِنَاء أَو غَيره. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رُضِن على قَبْره، وضُمِد ونُضِدَ ورُثِدَ، كلُّه وَاحِد.
ض ر ف
ضفر، ضرف، فرض، (رفض) ، رضف: مستعملة.
ضفر: قَالَ الليثُ: الضفْرُ: حِقْفٌ من الرَّمْل عَرِيضٌ طويلٌ؛ وَمِنْهُم من يُثَقِّل. وَأنْشد:
عَرَانِكٌ من ضَفَرٍ مأْطُورِ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمرو: الضَّفْرة من الرمل: المنعقِّد بعضُه على بعض؛ وَجمعه ضَفِر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَفَر وضَفَر: إِذا وَثَب فِي عَدْوِه وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عَمْرو: وَفِي حَدِيث عليّ: (أَن طَلْحَة بن عُبيد الله نازعه فِي ضَفِيرة وَكَانَ عليٌّ ضَفَرها فِي وادٍ، وَكَانَت إِحْدَى عُدْوَتَي الْوَادي لَهُ، والأُخرى لطلْحَة؛ فَقَالَ طَلْحَة: حَمَل علَى السُّيول وأَضَرَّ بِي) .
قَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنّاة المستطيلة فِي الأَرْض، فِيهَا خَشَبٌ وحجارة؛ وَمِنْه الحَدِيث: (فَقَامَ على ضَفِير السُّدّة) .
قلت: أُخِذت الضَّفيرةُ من الضَّفْر، وَهُوَ نَسجٌ قَوِيُّ الشّعر وإدخالُ بعضه فِي بعض مُعْتَرضًا؛ وَمِنْه قيل للبِطَان المُعَرَّض: ضَفْرٌ وضَفِير.
وَيُقَال للذُّؤابة: ضَفِيرة: وكلُّ خصلةٍ من خُصَل الشّعرِ تُضْفَر قُواها فَهِيَ ضفيرة وَجَمعهَا ضفائر. وَفِي حَدِيث أمّ سَلَمة أَنَّهَا قَالَت للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنِّي امْرَأَة أشُدّ ضَفْرَ رَأْسِي أفأنقضُه للغُسْل؟) فَقَالَ: (إِنَّمَا يَكفيك ثلاثُ حَثَيَاتٍ من المَاء) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الضفائر والضمائر والجمائر، وَهِي غدائر الْمَرْأَة، واحدتها ضَفيرة وضَميرة وجَميرة. وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: تضافر القومُ على فلَان، وتظافروا عَلَيْهِ، وتظاهروا بِمَعْنى وَاحِد، كلّه إِذا تعاونوا وتجمّعوا عَلَيْهِ وتضابَرُوا عَلَيْهِ مثلُه.

(12/10)


قَالَ أَبُو زيد: الضفيرتان للرِّجَال دون النِّسَاء، والغدائرُ للنِّسَاء.
ضرف: ثَعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضَّرِفُ: شجرُ التِّين، وَيُقَال لثمرة البَلَس؛ الواحدةُ ضَرفة.
قلت: وَهَذَا غَرِيب.
رضف: قَالَ اللّيث: الرَّضْفُ: حجارةٌ على وَجه الأَرْض قد حَمِيَتْ. وشِواءٌ مَرضوفٌ: يُشْوَى على تِلْكَ الْحِجَارَة. والحَمَلُ المرضوفُ: تُلْقَى تِلْكَ الحجارةُ إِذا احْمَرَّتْ فِي جَوْفه حَتَّى ينشوي الحَمَل.
والرَّضْفَةُ: سِمَةٌ تُكْوَى برضفةٍ من حِجَارَة حيثُما كَانَت.
والرَّضْفُ: جِرْمُ عظامٍ فِي الرُّكْبة، كالأصابع المضمومة قد أخذَ بعضُها بَعْضًا؛ والواحدة رَضْفَةٌ. وَمِنْهُم من يُثَقِّل فَيَقُول: رَضَفة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبيدة: جَاءَ فلانٌ بمُطْفِئَة الرّضْف.
وَقَالَ اللَّيْث: مُطْفِئةُ الرَّضْف: شَحْمةٌ إِذا أَصَابَت الرَّضْفَة ذَابَتْ فأخْمَدَته.
قَالَ: وأصلُها أَنَّهَا داهيةٌ أنْسَتْنا الَّتِي قبلهَا فأطفأتْ حرّها.
قلت: والقولُ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الأصْمَعِيّ: الرَّضْفُ: الحجارةُ المُحْماة بالنَّار أَو الشَّمْس؛ واحدتُها رَضْفة. قَالَ الكُمَيْت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَّطَّاسِيِّ واحذَرُوا
مُطَفِّئَةَ الرَّضْفِ الَّتِي لَا شِويَ لَهَا
قَالَ: وَهِي الحيّةُ الَّتِي تمُرُّ على الرّضْف فيُطْفِىءُ سَمُّهُ نارَ الرّضف.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الرّضْفُ: حجارةٌ يُوقَد عَلَيْهَا حَتَّى إِذا صَارَت لَهَباً أُلْقِيَتْ فِي القِدْرِ مَعَ اللَّحْم فأنْضَجَتْه. وَقَالَ الكُمَيْت:
ومَرْضُوفةٍ لم تُؤْنِ فِي الطَّبْخ طاهياً
عَجِلتُ إِلَى مُحْوَرِّها حِين غَرْغَرَا
وَفِي حَدِيث حُذيفة أَنه ذكر فِتَناً فَقَالَ: (أتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمِي بالنَّشَف، ثمَّ الَّتِي تَلِيهَا تَرْمي بالرَّضْف) .
قلت: وَرَأَيْت الْأَعْرَاب يَأْخُذُونَ الحجارةَ فيُوقدون عَلَيْهَا فَإِذا حَمِيَت رَضَفُوا بهَا اللّبن الحَقِين الَّذِي قد بَرَد. ورُبّما رَضَفُوا الماءَ للخيل إِذا بَرَد الزّمان.
قَالَ النَّضرُ فِي كتاب (الْخَيل) : وَأما رَضْفُ رُكبَتَيِ الفرسِ فَمَا بَين الكُراع والذّراع، وَهِي أعظمٌ صغارٌ مجتمعةٌ فِي أَعلَى رأسِ الذِّرَاع.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعت أعرابيّاً يصف الرضائف وَقَالَ: يُعمَد إِلَى الْجَدْيِ فيُلْبَأُ من لبن أمّه حَتَّى يمتلىء ثمَّ يذبح فيُزَقَّق من قِبل قَفاهُ، ثمَّ يُعمَد إِلَى حِجَارَة فتُحرق بالنَّار، ثمَّ تُوضَع فِي بَطْنه حَتَّى يَنْشويَ.

(12/11)


وَأنْشد بَيت الكُميت الَّذِي كتبناه.
فرض: قَالَ الله عز وجلّ: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} (النُّور: 1) ، وقُرىء: (وفَرَّضناها) فَمن خفّف أَرَادَ: ألزمناكم العملَ بِمَا فُرِض فِيهَا. وَمن شدد فعلى وَجْهَيْن: أَحدهمَا على التكثير على معنى: إنّا فرَضنا فِيهَا فُروضاً؛ وَيكون على معنى بيّنا وفصّلنا مَا فِيهَا من الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (التَّحْرِيم: 2) ، أَي: بيّنها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَرْضُ: الحَزُّ فِي القِدْح وَفِي الزَّنْد وَفِي البُسْر وَغَيره. قَالَ: وَمِنْه فرضُ الصَّلَاة وَغَيرهَا إِنَّمَا هُوَ لازمٌ للْعَبد كلزوم الحَزّ للقِدْح. قَالَ: والفَرضُ ضربٌ من التَّمْر؛ وَأنْشد:
إِذا أكلتُ سمكًا وفَرْضاً
قَالَ: والفَرْض: الهِبَة. يُقَال: مَا أَعْطَانِي قَرضاً وَلَا فَرْضاً.
قَالَ: والفَرْضُ: الْقِرَاءَة. يُقَال: فرَضْتُ جُزئي، أَي: قرأتُه.
قَالَ: والفَرضُ: السُّنة. فرَض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: سنّ.
وَقَالَ غَيره: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: أوجب وجوبا لَازِما. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر.
أَبُو عُبَيْد: الفَرضُ: التُّرسُ.
وَأنْشد:
أرِقْتُ لَهُ مِثلَ لَمْعِ البَشير
قَلَّبَ بالكَفِّ فَرضاً خَفيفَا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (الْبَقَرَة: 197) ، أَي: أوجبه على نَفسه بإحرامه.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْضُ: جُنْدٌ يَفترِضون.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: فرض لَهُ فِي الْعَطاء يَفرِض فَرضاً. قَالَ: وأفرض لَهُ: إِذا جعل لَهُ فَرِيضَة.
والفَرْضُ: مصدر كلِّ شيءٍ تَفْرِضه فتوجبه على إِنْسَان بقدْرٍ مَعْلُوم؛ وَالِاسْم الْفَرِيضَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: فَرَض مِسواكه فَهُوَ يَفرضُه فَرضاً: إِذا قَرضه بِأَسْنَانِهِ.
قَالَ: والفارِضُ: الضَّخْمُ من كلّ شَيْء؛ الذَّكَر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء، وَلَا يُقَال: فارضةٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ} (الْبَقَرَة: 68) .
قَالَ الفرّاء: الفارِضُ: الهَرِمةُ، والبِكر: الشَّابَّةُ.
وَيُقَال من الفارض: فَرَضَتْ وفَرُضَت، وَلم يُسمع بِفَرَضَ.
وَقَالَ الْكسَائي: الفارض: الكبيرةُ الْعَظِيمَة؛ وَقد فَرَضت تفرِض فُروضاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفارض: الْكَبِير.

(12/12)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الفارضُ: المُسِنّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفُرْضةُ: المَشْرَعةُ، وجمعُها فِراض. يُقَال: سَقَاهَا بالفِراض؛ أَي: من فُرْضَة النَّهر. والفُرْضةُ: هِيَ الثُّلْمةُ الَّتِي تكون فِي النَّهر. وفُرضَةُ القوْس: الحَزُّ الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الوَتر. وفرضةُ الزَّنْد: الحَزُّ الَّذِي فِيهِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ عَن أبي الهيْثم أَنه قَالَ: فرائضُ الْإِبِل: الَّتِي تَحت الثَّنِيِّ والرُّبُع.
يُقَال للقَلُوص الَّتِي تكون بنتَ سنةٍ وَهِي تُؤْخَذ فِي خمس وَعشْرين: فريضةٌ. وللتي تُؤْخَذ فِي سِتّ وَثَلَاثِينَ وَهِي بنت لبون بنت سنتَيْن: فريضةٌ. وللتي تُؤْخَذ فِي سِتّ وَأَرْبَعين وَهِي حِقّةٌ وَهِي بنتُ ثلاثِ سِنِين: فريضةٌ، وللتي تُؤخذ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ: جَذَعَةٌ، وَهِي فريضتُها، وَهِي بنتُ أَربع سِنِين؛ فَهَذِهِ فرائضُ الْإِبِل.
وَقَالَ غَيره: سُمِّيت فَرِيضَة لِأَنَّهَا فُرِضَتْ، أَي: أُوجِبت فِي عددٍ مَعْلُوم من الْإِبِل، فَهِيَ مَفروضةٌ وفريضة، وأُدخِلت الْهَاء فِيهَا لِأَنَّهَا جُعلت اسْما لَا نعتاً.
وَقَالَ الليثُ: لِحْيَةٌ فارضةٌ: إِذا كَانَت ضخمةً.
وَيُقَال: أضمر عَلَيَّ ضِفْناً فارضاً، وضفينَةً فارضاً بِغَيْر هاءٍ، أَي: عَظِيما كَأَنَّهُ ذُو فَرْض، أَي: حَزّ. وَقَالَ الرّاجز:
يَا رُبَّ ذِي ضِفْن عليّ فارض
ورجالٌ فُرَّضٌ ضخام، واحدُهم فارض.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الفَرْض: العَطِيَّة وَقد أفرضتُه إفراضاً.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: مَا لَهُم إِلَّا الفريضتان، وهما الجَذَعةُ من الْغنم، والحِقّةُ من الْإِبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لذَكَر الخَنَافس: المُفَرَّض والحَوّازُ والكَبَرْتَلُ.
أَبُو عبَيد: يُقَال للرجل إِذا لم يكن عَلَيْهِ ثوب: مَا عَلَيْهِ فِرَاض. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: مَعْنَاهُ: مَا عَلَيْهِ سِتر.
رفض: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْضُ: تركُك الشيءَ، تَقول: رفَضَني فرفَضتُه. قَالَ: وَالرَّوَافِض: جنودٌ تركُوا قائدَهم وَانْصَرفُوا، فكلّ طَائِفَة مِنْهُم رافضة. والنَّسَب إِلَيْهِم رافِضِيّ.
وَذكر عُمر بن شَبَّة عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: سُمُّوا رافضةً لأَنهم كَانُوا بَايعُوا زيدَ بنَ عليّ ثمَّ قَالوا لَهُ: ابْرَأْ من الشَّيْخَيْن نُقاتلْ مَعَك، فَأبى، وَقَالَ: كانَا وزيرَيْ جَدِّي، فَلَا أَبرَأُ مِنْهُمَا، فرفَضوه وارْفَضُّوا عَنهُ، فسُمُّوا رافضة.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: فِي القِرْبةِ رَفْضٌ من المَاء، وَفِي المَزادة رَفضٌ من المَاء، وَهُوَ الماءُ القليلُ، هَكَذَا رَفْض بِسُكُون الْفَاء.
وأمّا أَبُو عُبَيد فَإِنَّهُ رَوَى عَن أبي زيد أَنه قَالَ: فِي القِرْبة رَفَضٌ من مَاء وَمن لَبَن مثل الجُزْعة، وَقد رَفَّضْتُ فِيهَا تَرْفيضاً.

(12/13)


قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: الرَّفَض: الماءُ الْقَلِيل. وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: رَفَضْتُ إبلي أَرْفِضُها رفضاً: إِذا تركتَها وخلّيتَها وتركتَها تَبَدَّد فِي مَرعاها وتَرعَى حَيْثُ أحبّت، وَلَا تَثْنِيها عَن وجهٍ تريده، وَهِي إبلٌ رافضة، وإبلٌ رافِض وإرْفاض رَفَضتْ تَرفِض، أَي: ترعَى وحدَها والراعي يُبصِرها قَرِيبا مِنْهَا أَو بَعيدا لَا تُتعِبُه وَلَا يَجمعها، وَقَالَ الراجز:
سَقْياً بحيثُ يُهمَل المُعَرَّض
وحيثُ يَرْعَى وَرَعِي وأرفِضُ
وَقَالَ غَيره: رُمحٌ رَفيض: إِذا تقصَّد وتكسَّر. وَأنْشد:
ووَالَى ثَلَاثًا واثنتَيْن وأربعاً
وغادرَ أُخرى فِي قناةِ رَفِيضِ
وارفَضّ الدمعُ ارفِضَاضاً: إِذا تتابَع سَيَلانُه وقَطَرانه، وَيُقَال: راعٍ وقُبَضَةٌ رُفَضَة، فالقُبَضَة. الَّتِي يسوقُها ويجمَعُها، فَإِذا صَارَت إِلَى الْموضع الَّذِي تحبه وتهواه تركَها ترعَى كَيفَ شَاءَت، فَهِيَ إبلٌ رَفَضٌ.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: القومُ رَفَضٌ فِي الْبيُوت، أَرَادَ أَنهم تفرّقوا فِي بيوتِهم.
والناسُ أَرُّفاض فِي السَّفر، أَي: متفرِّقون وَيُقَال: لشَرَك الطَّرِيق إِذا تفرّقتْ. رِفَاضٌ. وَقَالَ رُؤْبة:
بالعِيسِ فوقَ الشَّرَك الرِّفَاض
وَهِي أخاديدُ الجادّة المتفرِّقة. ومَرافِض الأَرْض: مَساقِطُها من نواحي الْجبَال ونحوِها الْوَاحِد مَرْفَض. وترفَّض الشيءُ: إِذا تكسَّر.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أَرفَض القومُ إبلَهم: إِذا أرسلوها بِلَا رِعاء، وَقد رفَضَت الإبلُ إِذا تفرّقتْ.
ض ر ب
ضرب، ضبر، رضب، ربض، برض، بضر: مستعملة.
ضرب: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضَّربُ: الشكْلُ فِي القَدّ والخَلْق.
الحرّانيّ عَن ابْن السِّكِّيت قَالَ: الضَّربُ الصِّنف من الْأَشْيَاء؛ يُقَال: هَذَا من ضَربِ ذَاك، أَي: من نَحوه، وجمعُه ضروب. قَالَ: والضَّربُ: الرجلُ الْخَفِيف اللَّحم. وَأنْشد قَول طرَفة:
أَنا الرجلُ الضَّرْب الَّذِي تعرفونه
خَشَاشٌ كرأْسِ الحيَّة المتوقِّدِ
قَالَ: والضربُ: مصدر ضربتُه ضَرْباً. وضربْتُ فِي الأَرْض: أَبتغِي الخيرَ من الرِّزق. وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الاَْرْضِ} (النِّسَاء: 101) ، أَي: سافرتُم.
والضرْبُ أَيْضا من المطَر: الخفيفُ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (حَكِيمٌ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ

(12/14)


الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً} (الزخرف: 5) ، مَعْنَاهُ: أفنضرب القرآنَ عَنْكُم وَلَا ندعوكم إِلَى الْإِيمَان بِهِ صَفْحاً، أَي: معرضين عَنْكُم. أقامَ (صفحاً) وَهُوَ مَصدر مقَام صافِحين، وَهَذَا تقريعٌ لَهُم وإيجابُ الْحجَّة عَلَيْهِم وَإِن كَانَ لفظُه لفظَ اسْتِفْهَام.
وَيُقَال: ضرَبْتُ فلَانا عَن فلَان، أَي: كفَفْتُه عَنهُ، فأَضرَبَ عَنهُ إضراباً: إِذا كفّ وَالْأَصْل فِيهِ: ضرْبُ الرجل دابّتَه أَو راحلتَه عَن وجهٍ نَحَاهُ: إِذا صرفه عَن وجهٍ يُريدهُ، وَكَذَلِكَ قَرَعه وأقْرَعه مثلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: أضرَبَ فلانٌ عَن الْأَمر فَهُوَ مُضرِب: إِذا كَفَّ. وَأنْشد:
أصبحتُ عَن طلب المعيشةِ مُضرِباً
لمَّا وثِقتُ بِأَن مالَكَ مَالِي
قَالَ: والمُضرِب: المقيمُ فِي الْبَيْت، يُقَال: أضرَب فلانٌ فِي بَيته، أَي أَقَامَ فِيهِ. وَيُقَال: أضرَبَ خُبْزُ المَلَّة فَهُوَ مُضْرِب: إِذا نَضج وآن لَهُ أَن يُضرَب بالعصا. ويُنفَض عَنهُ رمادُه وترابُه.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف خُبْزةً:
ومضروبةٍ فِي غير ذنبٍ بريئةٍ
كسرتُ لِأَصْحَابِي على عَجَلٍ كسراً
ابْن السّكيت: يُقَال: أضْرب عَن الْأَمر إضراباً. أضْرب فِي بَيْته: إِذا أَقَامَ؛ حَكَاهَا أَبُو زيد. قَالَ: وسمعتُها من جمَاعَة من الْأَعْرَاب.
وَقد أَضرب الرجُل الفَحل الناقةَ يُضْرِبها إضراباً، فضربها الفحلُ يَضربها ضَرْباً وضِراباً وَقد ضَرب العِرق يضْرب ضرباناً وَضَرب فِي الأَرْض ضَرباً.
وَقَالَ اللّيث: ضَربتِ المخَاضُ: إِذْ شالتْ بأَذنابها، ثمَّ ضَربتْ بهَا فُروجها ومَشَت؛ فَهِيَ ضَوَارِبُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ناقةٌ ضَارب: وَهِي الَّتِي تكون ذَلُولاً، فَإِذا لَقِحَتْ ضربَتْ حالِبهَا من قُدّامها؛ وَأنْشد:
بأَبْوَالِ المخَاضِ الضَّوَارِبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرَادَ جمع ناقةٍ ضارِب؛ روَاه ابنُ هانىء.
وَقَالَ اللّيث: ضربَ يَده إِلَى عمل كَذَا، وَضرب على يَدِ فلَان: إِذا مَنعه عَن أمرٍ أَخذ فِيهِ؛ كَقَوْلِك: حَجَرَ عَلَيْهِ.
قَالَ: والطَّيْر الضَّوارب: المخترقاتُ فِي الأَرْض؛ الطالباتُ أرزاقَها.
وَضرب الدهرُ من ضربَاته، إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وضربَ العِرْق ضربا وضربَاناً: إِذا آلمه. وَقَالَ: الضَّريبةُ: كلُّ شَيْء ضَربته بسَيْفك من حَي أَو ميِّت؛ وأَنشد لجرير:
وَإِذا هَزَزْتَ ضريبةً قطَّعتها
فضيْتَ لَا كَزِماً وَلَا مَبْهُوراً

(12/15)


وَقَالَ ابْن السّكيت: الضّريبة: الصُّوف أَو الشَّعر يُنفش ثمَّ يُدْرَج ليُغزَل؛ فَهِيَ ضرائبُ والضريبةُ: الخليقة؛ يُقَال: خُلق الإنسانُ على ضَرَائِب شَتَّى، وقولُ الله عزّ وجلّ: {فَضَرَبْنَا عَلَىءَاذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} (الْكَهْف: 11) ، مَعْنَاهُ: أَنمنَاهم. وَالْأَصْل فِي ذَلِك: أنَّ النَّائِم لَا يسمَع إِذا نَام، وَفِي الحَدِيث (فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِم) ، أَي: نَامُوا فَلم ينتبهوا. والصِّماخ: ثَقْب الأُذُن.
وَيُقَال: ضرب الْبَعِير جهَازه: وَذَلِكَ إِذا نَفَرَ فَلم يَزلْ يَلتبط يَنْزُو حَتَّى طَوَّحَ عَن ظَهره كلَّ مَا عَلَيْهِ من أدَاته وحِمْله.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضُربت الأَرْض وجُلدت وصُفِعت، وَقد ضرِب البَغْلُ وجَلِدَ وصَقِع.
قَالَ: وأضربَ الناسُ وأُجلدوا وأُصقعوا كلّ هَذَا من الضّريب والصقيع والجليد الّذي يقعُ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللّيث: أَضربت السَّمائمُ المَاء حَتَّى أنشفته الأرضُ. والرِّيحُ والبَرْد يُضرب النباتَ إضراباً، وَقد ضرب النباتُ ضربا فَهُوَ نباتٌ ضرب، أضرَّ بِهِ البَرْد.
أَبُو زيد: أرضٌ ضربةٌ: إِذا أصابَها الجَليدُ فَأحرق نباتهَا. وَقد ضَربت الأرضُ ضَرباً، وأَضربهَا الضّريب إضراباً.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا صُبَّ بعضُ اللّبن على بعض فَهُوَ الضريب.
قَالَ: وَقَالَ بعض أهل الْبَادِيَة: لَا يكون ضريباً إلاّ مِنْ عِدّةٍ من الْإِبِل، فَمِنْهُ مَا يكون رَقيقاً، وَمِنْه مَا يكون خاثراً.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَمَا كنتُ أَخشى أَن تكونَ منيّتي
ضَريبَ جلاد الشَّوْلِ خَمْطاً وصافِيا
وَذكر اللَّحياني أسماءَ قِداح المَيْسر الأوّل وَالثَّانِي ثمّ قَالَ: وَالثَّالِث الرَّقيب، وبعضُهم يسمِّيه الضَّرِيب؛ وَفِيه ثَلَاثَة فُروض، وَله غُنْم ثَلَاثَة أنصباءَ إِن فازَ، وَعَلِيهِ غُرْمُ ثَلَاثَة أنصباء إِن لم يَفُز.
وَقَالَ غيرُه: ضَريبُ القِداح هُوَ الموكَّل بهَا، وأَنشدَ للكُمَيت:
وعَدَّ الرَّقيبُ خِصالَ الضريبِ
لَا عَنْ أَفَانِينَ وَكْساً قِمارَا
وَيُقَال: فلَان ضَريبُ فلَان، أَي: نظيرُه.
قَالَ: والضريبُ: الشَّهِيد؛ وَأنْشد بعضُهم قَول الجميح يَمدَح قوما:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكأسِ فيهمْ إِذا انْتَشَوْا
دَبيبَ الدُّجى وَسْطَ الضريب المُعَسّلِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: الضربُ: العسلُ الأبْيض الغليظ؛ يُقَال: قد استضرب العسلُ: إِذا غَلُظَ؛ وأَنشَد:
كأَنَّما رِيقَتُه مِسْكٌ عَلَيْهِ ضربُ
والضرَبُ: يُذكَّر ويؤنَّث، وَقَالَ الهذَلي فِي تأنيثه:

(12/16)


فَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ يأوِي مَلِيكُها
إِلَى طُنُفٍ أَعيَا بِرَاقٍ ونازِلِ
وَقَالَ اللَّيْث: الاضطرابُ: تَضرُّبُ الوَلَد فِي البَطْن. وَيُقَال: اضطَرب الحَبْلُ بَين الْقَوْم: إِذا اختلفتْ كَلِمتُهم.
ورجلٌ مضطربُ الخَلْق: طويلٌ غيرُ شديدِ الأَسر.
والضَّاربُ: السابح فِي المَاء؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
كأنّني ضاربٌ فِي غَمْرةٍ لَجِبُ
قَالَ: والضَّرْب يَقع على جَمِيع الْأَعْمَال إلاّ قَلِيلا: ضَرْبٌ فِي التّجارة، وَفِي الأَرْض، وَفِي سَبِيل الله.
والضَّريبةُ: الغَلَّة تُضرَب على العَبْد؛ يُقَال: كم ضريبةُ عبدِك فِي كلّ شهر. والضَّريبة: الصُّوفُ يُضرَب بالمِطرَق.
والضَّرِيبة: الطبيعة؛ يُقَال: إِنَّه لكَريم الضَّرائب.
والضَّرائبُ: ضرائبُ الأَرَضين فِي وظائف الخَراج عَلَيْهَا.
والضاربُ: الوادِي الكثيرُ الشجَر؛ يُقَال: عَلَيْك بذلك الضارِب فانْزِلْه؛ وأَنشَد:
لَعمرُك إنّ البيتَ بالضارِبِ الّذي
رأيتَ وَإِن لَم آتِهِ ليَ شائِقُ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَرّبَتْ عَيْنُه وسَدّت وحَجَّلت، أَي: غارت.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الدِّيمةُ: مَطرٌ يَدُوم مَعَ سُكُون؛ والضَرْب فَوق ذَلِك قَلِيلا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المَضارِبُ: الحَيلُ فِي الحُروب. قَالَ: والتّضريبُ: تحريضُ الشُّجاع فِي الحَرْب؛ يُقَال: ضرَبَه وحرَّضه.
قَالَ: والمِضْرَبُ: فُسْطاطُ المَلِك. وَيُقَال: ضَربتْ فِيهِ فلانةُ بِعرْقٍ ذِي أَشَبٍ: إِذا عَرَّقت فِيهِ عِرْقَ سَوْء.
والمُضارَبَة: أَن تعطِيَ إنْسَانا من مالِك مَا يتجّر فِيهِ، على أَن يكون الرِّبْح بَيْنكُمَا؛ وكأنّه مأخوذٌ من الضَّرْب فِي الأَرْض لطَلَب الرِّزق، قَالَ الله تَعَالَى: {وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الاَْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} (المزمل: 20) ، وعَلى قياسِ هَذَا الْمَعْنى. يُقَال لِلْعَامِلِ: ضارِب؛ لأنّه هُوَ الّذي يَضرِبُ فِي الأَرْض.
وجائزٌ أَن يكون كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يُضارِبُ صاحبَه، وَكَذَلِكَ المُقَارِض.
وَقَالَ النَّضر: المُضارِبُ: صاحبُ المَال والّذي يَأْخُذ المالَ كِلَاهُمَا مُضارِب، هَذَا يُضارِبُه وذاكَ يُضارِبُه. وبساطٌ مُضَرَّبٌ: إِذا كَانَ مَخِيطاً وفلانٌ يَضرِب المجدَ، أَي: يَكسِبُه ويَطْلُبه. وَقَالَ الكُمَيت:
رَحْبُ الغِناءِ اضطرابُ المَجدِ رَغْبَتُهُ
والمجدُ أنفعُ مَضْرُوب لِمُضْطَرِبِ

(12/17)


وَيُقَال للرّجل إِذا خَافَ شَيْئا فخَرِق فِي الأَرْض جُبْناً: قد ضَرَب بذَقَنه الأَرْض.
وَقَالَ الرّاعي يصف غِرْباناً، خافتْ صَقْراً:
ضَواربُ بالأَذقان مِن ذِي شَكِيمَةٍ
إِذا مَا هَوَى كالنَّيْزَكِ المتوقِّدِ
أَي: مِنْ صَقْر ذِي شَكِيمة، وَهُوَ شدّةُ نَفسه.
وَيُقَال: رأيتُ ضَرْبَ نِساءٍ، أَي: رَأَيْت نسَاء. وَقَالَ الرَّاعِي:
وضَرْبَ نِساءٍ لَو رآهنّ ضارِبٌ
لَهُ ظُلّةٌ فِي قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيَا
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ضَرَبتُ لَهُ الأرضَ كلَّها، أَي: طَلَبْته فِي كلّ الأَرْض. وَيُقَال: جاءَ فلانٌ يَضرِب، أَي: يُسرِع. وَقَالَ المُسيّب:
فإنّ الَّذِي كنتُم تَحذَرونْ
أَتَتْنَا عيونٌ بِهِ تَضرِبُ
قلتُ: ومِن هَذَا قولُ عليّ رَضِي الله عَنهُ حِين ذَكَر فِتنةً. وَقَالَ: فَإِذا كَانَ ذَلِك ضَرَب يَعسوبُ الدِّين بذَنَبه، أَي: أَسرَع الذَّهابَ فِي الأرضِ فِرَارًا من الفِتَن؛ وأنشَدني بعضُهم:
ولكنْ يُجابُ المستغيثُ وخَيْلُهمْ
عَلَيْهَا كُمَاةٌ بالمنِيّة تَضرِبُ
أَي: تُسرِع. يُقَال: جَاءَنَا راكبٌ يَضرِب ويُذَبِّب، أَي: يُسرِع.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال للنّاقة إِذا كَانَت مَهزولةً: مَا يُرِمُّ فِيهَا مَضرَبْ. يَقُول: إِذا كُسِر قَصَبُها لَم يُصَبْ فِيهِ مُخّ. وَيُقَال: مَا لفِلان مَضْرَبُ عَسَلةٍ، وَلَا يُعرَف لَهُ مَضرِبُ عَسَلةٍ: إِذا لم يكن لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوف، وَلَا يُعرف إعراقُه فِي نَسَبه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ضَرَبَ الدهرُ بَيْننَا، أَي: بَعَّد مَا بَيْننَا. وَقَالَ ذُو الرّمة:
فَإِن تَضرِب الأيّامُ يَا مَيَّ بينَنَا
فَلَا ناشِرٌ سِرّاً وَلَا متغيِّرُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَرْبُ الأَرضِ: البولُ والغائطُ فِي حُفَرها.
قَالَ: والضارب: المتحرِّك، والضارِب: الطَّوِيل من كلّ شَيْء؛ وَمِنْه قَوْله:
ورابَعَتْني تحتَ ليلٍ ضارِبِ
وَفِي الحَدِيث: النَّهْيُ عَن ضَرْبة الغائص، وَهُوَ أَن يَقُول الغَائِصُ للتاجر: أغُوص غَوْصَةً فَمَا أخرجتُه فَهُوَ لَك بِكَذَا؛ فيتَّفقان على ذَلِك، ونَهَى عَنهُ لأنّه غَرَر، وقولُ الله جلّ وعزّ: {إِمَامٍ مُّبِينٍ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ} (يس: 13) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى قَوْله: {وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً} : اذْكُرْ لَهُم مَثَلاً.
وَيُقَال: عِنْدي من هَذَا الضَّرْب، أَي: على هَذَا المِثال. فَمَعْنَى: {اضْرِب لَهُم مثلا: مَثِّل لَهُم مَثَلاً.
قَالَ: و (مَثَلاً) منصوبٌ لأنّه مفعولٌ بِهِ. ونَصَب قولَه: (أَصْحَاب القَرْية) لأنّه بَدَلٌ

(12/18)


من قَوْله: (مَثَلاً) ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: اذكرْ لَهُم أصحابَ القَرْية، أَي: خَبَر أصحابَ القَرْية.
رضب: قَالَ اللَّيْث: الرُّضابُ: مَا يَرْضُبُ الإِنسانَ مِن رِيقه؛ كأنّه يمتصّه. وَإِذا قَبَّل جاريتَه رَضَبَ ريقَتَها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرُّضَابُ: فُتاتُ المِسْك. والرَّضْب: الفِعْل. قَالَ: والمَراضِبُ: الأَرْياقُ العَذْبة.
وَقَالَ أَيْضا: الرُّضابُ: قِطَعُ الثَّلْج والسُّكّر والبَرَد؛ قَالَه عُمارة بنُ عَقيل.
والرُّضاب: لُعاب العَسَل، وَهُوَ رَغْوَتُه.
وَقَالَ اللّيث: الراضِبُ: ضَرْبٌ من السِّدْر، والواحدة راضِبَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَضَبَت السماءُ وهَضَبَتْ، ومطرٌ رَاضب، أَي: هاطِل.
قَالَ الأصمعيّ: رُضاب الفَم: مَا تَقطَّع من رِيقِه. ورُضاب النَّدَى: مَا تَقطَّع مِنْهُ على الشَّجَر، ورُضابُ المِسْك: قِطَعُه.
برض: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: البُهمَى أوّلُ مَا يَبدُو مِنْهَا البارِض؛ فَإِذا تَحرَّك قَلِيلا فَهُوَ جَمِيم، وَقَالَ لَبيد:
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً فِي النَّدَى
مِن مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: بَرَض النَّباتُ يبرُض بُرُوضاً، وَهُوَ أوّل مَا يُعرَف ويتناوَل مِنْهُ النَّعَم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا كَانَت العَطيَّة يسيرَة قلتَ: بَرَضْتُ لَهُ أبْرُض بَرْضاً. وَيُقَال: إنّ المَال لَيَتَبرَّض النّباتَ تبرُّضاً، وَذَلِكَ قبلَ أَن يَطول وَيكون فِيهِ شِبَع المَال، فَإِذا غَطَّى الأرضَ ووَفَّى فَهُوَ جَميم.
وتَبرَّضْتُ ماءَ الحِسْيِ: إذَا أخذتَه قَلِيلا قَلِيلا. وتبرَّضْتُ فلَانا: إِذا أصبْتَ مِنْهُ الشيءَ بعد الشَّيْء وتَبلَّغْتَ بِهِ. وأمّا قولُ امرىء القَيْس:
... فانتَحَى لليَرِيض
فَإِن اليَريض بياءيْن وَالرَّاء بَينهمَا، وَهُوَ وادٍ بعينِه. وَمن رَواه: البَريض بِالْبَاء قَبْلَ الرّاء فقد صَحَّف. وقولُه:
وَقد كنتُ بَرّاضاً لَهَا قبلَ وصْلها
فَكيف ولَدَّتْ حَبْلها بحِباليَا
مَعْنَاهُ: أنَّه كَانَ يُنيلُها الشيءَ بعد الشَّيْء قبل أَن واصَلَتْه، فَكيف وَقد عَلِقْتُها الْآن وعَلِقَتْني.
والبَرّاضُ بنُ قيس: أحدُ فُتَّاكِ العَرب معروفٌ، وبفتْكه بعُرْوة الرَّحّال هاجَتْ حربُ الفِجار بَين كِنانة وقيسِ غَيْلان.
وَقَالَ اللَّيْث: التبرُّضُ: التبلُّغُ بالبُلْغة من العَيْش، والتطلُّبُ لَهُ من هُنا وَهنا قَلِيلا قَلِيلا.
وتَبرّضتُ سَمَلَ الحَوضِ: إِذا كَانَ ماؤُه

(12/19)


قَلِيلا، فأخذتُه قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَفِي حِياض المَجْد فامتلأَتْ بِهِ
بالرّيّ بعدَ تَبرُّض الأسْمال
قَالَ المبْرِض والبَرَّاض: الَّذِي يَأْكُل كلّ شَيْء من مالِه ويُفْسِده.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رجل مَبْروض، ومَضْفُوهٌ ومَطْفُوهٌ ومَضْيُوفٌ ومَحْدُودٌ: إِذا نَفِد مَا عندَه من كَثْرَة عَطائه.
ربض: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرَّبْضُ والرُّبْضُ والرَّبَضُ: الزَّوجةُ أَو الْأُم أَو الأخْت تُقرِّب ذَا قرابَتِها.
قَالَ: وَيُقَال فِي مَثَل: مِنْك رَبضُك وَإِن كَانَ سماراً.
قَالَ: والرّبَضُ: قيّم بَيته.
والرَّبَضُ: امرأةٌ تُرْبضه ويأْوِي إِلَيْهَا، وَأنْشد الْبَيْت:
جَاءَ الشّتاءُ ولمّا اتَّخِذْ رَبضاً
يَا وَيْحَ كَفِّيَ من حَفْر القَراميصِ
قَالَ: والرّبْضُ والرُّبْض: وسَطُ الشَّيْء. والرَّبَضُ: حَريمُ الْمَسْجِد، وَقَالَ اللَّحياني نَحوه. قَالَ: وَيُقَال: مَا ربض امرؤٌ مثلَ أُخْت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: رَبضُ الرجل، ورُبضُه امْرَأَته.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: إِنَّه لرُبُضٌ عَن الْحَاجَات وَعَن الْأَسْفَار على فُعُل أَي: لَا يخرج فِيهَا. قَالَ: والرَّبَض فِيمَا قَالَ بعضُهم: أساسُ الْمَدِينَة وَالْبناء والرّبَض: مَا حولَه من خَارج.
وَقَالَ بَعضهم: هما لُغَتان. قَالَ: والرِّبْضَة: الْجَمَاعَة من الغَنَم وَالنَّاس؛ يُقَال: فبها رِبْضَةٌ مِن النَّاس، وَيُقَال: أَتَانَا بتَمْرٍ مثل رُبضَة الخَروف، أَي: قَدْرَ الخَروف الرابض.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: (مثل المنافِقَ مَثلُ الشّاة بَين الرَّبْضَين، إِذا أتتْ هَذِه نطحَتْها) ، وبعضُهم رَوَاهُ: (بَين الرَّبِيضَيْن) ، فَمن قَالَ: (بَين الربضين) أَرَادَ مربضي غنمين، إِذا أَتَت مَربِض هَذِه الْغنم نطحها غنمه، وَإِذا أَتَت مَرْبَض الْأُخْرَى نطحها غنمه. وَمن رَوَاهُ: (بَين الربيضين) فالرَّبَض: الغَنَمُ نفسُها، وَمِنْه قَول الْحَارِث بن حِلِّزة:
عنتا باطِلاً وظُلْماً كَمَا يُعْتَرُ
عَن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّباءُ
أَرَادَ النَّبِي بِهَذَا المَثَل قولَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذالِكَ لاَ إِلَى هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ وَلاَ إِلَى هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ} (النِّسَاء: 143) .
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّبيضُ: شَاءَ برُعاتِها اجتَمعتْ فِي مَربِضها.
قَالَ: والرُّبُوضُ: مَصْدَرُ الشَّيْء الرَّابض،

(12/20)


وكلّ شَيْء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.
وَيُقَال: ربَضت الغنمُ، وبَركَت الْإِبِل، وجَثَمت الطيرُ جُثُوماً. والثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض فِي كِناسه وَقَول العَجَّاج:
واعتادَ أرباضاً لَهَا آريُّ
أَرَادَ بالأرباض جمع رَبَض، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِض والرّبِيض: مجتَمَع الحَوايا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إِلَى قومه وَقَالَ: (إِذا أتيتَهمْ فارْبِض فِي دارِهم ظَبْياً) ، قَالَ القُتَيْبيّ: رُوِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أَرَادَ: أَقِمْ فِي دارِهِم آمِناً لَا تَبْرح، كأنّك ظبيٌ فِي كِناسه، قد أَمِن حَيثُ لَا يَرَى إنسِيّاً.
قلت: وَفِيه وجهٌ آخر، وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَمَرَه أَن يأتيَهم كالمتوجّس لِأَنَّهُ بَين ظَهراني الكَفَرة، فَمَتَى رَابَه مِنْهُم رَيْبٌ نَفر عَنْهُم شارِداً.
وَفِي حَدِيث أمّ مَعْبَد (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمّا قالَ عِنْدهَا دَعا بِإِنَاء يُرْبِضُ الرَّهْط) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: أنّه يروِيهم حَتَّى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللَّبن الّذي شَرِبوه.
وَقَالَ الرّياشيّ: أربضت الشَّمسُ: إِذا اشتدّ حَرُّها حَتَّى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأَرْباضُ: حِبالُ الرَّحْل، وَقَالَ ذُو الرُّمة يذكر إِبِلاً:
إِذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ
يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها
وَقَالَ اللَّيْث: ربَضُ البَطْن: مَا وَلِيَ الأَرْض من البَعِير إِذا بَرَك، والجميعُ الأَرْباض، وَأنْشد:
أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض
قلتُ: غَلط الليثُ فِي الرَّبَض وَفِيمَا احتجّ لَهُ بِهِ، فأمّا الرَّبَضُ فَهُوَ مَا تَحوَّى من مَصارِين البَطْن، كَذَلِك قَالَ أَبُو عبيد، وأمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض هَهُنَا الحِبال، وَمِنْه قَول ذِي الرُّمّة:
إِذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً
سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ
والأخَرات: حَلَقُ الحِبال.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الرِّبُوضُ: الشَّجَرَة الْعَظِيمَة، وَقَالَ ذُو الرّمّة:
تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ
وسِلسِلةٌ رَبوض: ضَخْمة، وَمِنْه قولُه:
وفالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ فِي جِرانِه
وأسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ
أَرَادَ بالرَّبوض: سِلسلةً أُوثِق بهَا، جعلهَا ضخمةً ثَقيلَة.
وَأَرَادَ الأسمَر: قِدّاً غُلَّتْ يدُه بِهِ فيَبِس عَلَيْهِ.

(12/21)


اللَّيْث: أرنَبَةٌ رابِضةٌ: إِذا كَانَت ملتزِقة بالوَجْه، هُوَ من أمثالهم فِي الرّجُل الَّذِي يَتعَيَّنُ الأَشيَاء فيصيبُها بعَيْنه. قولُهم: لَا تقومُ لفُلان رابضة، وَذَلِكَ إِذا قَتَل كلَّ شَيْء يُصِيبهُ بعَيْنِه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر أشراطَ السَّاعَة، وَمِنْهَا يود أَن تَنْطِق الرُّوَيْبِضَة فِي أُمُور العامّة، قيل: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (الرجل التّافِه ينْطق فِي أَمر العامّة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: وممّا يُثبت حديثَ الرُّوَيْبِضة الحديثُ الآخَرُ: (من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يُرَى رِعاءُ الشاءِ رؤُوسَ النّاس) .
قلتُ: الرُّوَيْبضة تصغيرُ الرابضةُ، كَأَنَّهُ جَعَل الرابضة راعِيَ الرَّبض، وأدخَل فِيهِ الْهَاء مُبَالغَة فِي وَصفه، كَمَا يُقَال: رجل داهِية.
وَقيل: إِنَّه قيل للتافه من النّاس: رابِضة ورُوَيْبِضة، لرُبوضِه فِي بَيْته، وقلّة انبعاثِه فِي الْأُمُور الجسيمة، وَمِنْه يُقَال: رجل رُبُض عَن الْحَاجَات والأسفار: إِذا كَانَ يَنهَض فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّبَض: سَفِيفٌ يُجعَل مِثلَ البِطَان فيُجعل فِي حَقْوَيِ النَّاقة حَتَّى يُحاوِزَ الوَرِكَين من الناحيتين جَمِيعًا، وَفِي طرَفيْه حَلَقتان يُعقَد فيهمَا الأنساع، ثمَّ يُشَدّ بِهِ الرَّحْل، وجمعُه أرْباض.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الرُّبْض: وَسَطُ الشَّيْء، والرُّبض: نواحيه. وأنكَر شَمِر أَن يكون الرُّبْضُ وَسَط الشَّيْء، وَقَالَ: الرُّبْض: مَا مَسّ الأَرْض مِنْهُ. وَيُقَال للدّابة هِيَ فَخْمة الرِّبْضة، أَي: فخمة آثَار المَرْبض.
ضبر: قَالَ اللَّيْث: ضَبَر الفَرسُ يَضْبُر ضَبْراً: إِذا عَدَا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَقَالَ: إِذا وَثَب الفرسُ فوقعَ مَجْمُوعَة يَدَاهُ لذَلِك الضَّبْر. يُقَال: ضَبَر يضبُر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضَّبْرُ جماعةٌ من القَوْم يَغْزُون على أرجُلِهم، يُقَال: خرج ضَبْرٌ من بني فلَان، وَمِنْه قولُ ساعدَة بن جُؤيّةُ الهُذَليّ:
بَينا هُمُ يَوْمًا كَذَلِك رَاعهُمْ
ضَبْرُ لَبُوسُهمُ الحديدُ مُؤلَّبُ
وَيُقَال: فلَان ذُو ضَبَارة فِي خَلْقه: إِذا كَانَ وثيق الخَلْق، وَبِه سُمِّيَ ضُبارَة، وابنُ ضَبارة كَانَ رَجُلاً من رُؤَسَاء أجناد بني أُميّة.
وَفِي حَدِيث الزُّهْري (أنّه ذكر بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: جعل الله عِنَبَهم الْأَرَاك، وجَوْزَهُم الضَّبْرَ ورمّانهم المَظَّ) .
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الضَّبْرُ: جَوْزُ البَرَّ. والمَظّ: رُمّان البَرّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:

(12/22)


الضبْر: القَفْزُ. والضَّبْر: الشَّدُّ. والضَّبْر: جمع الأجْزاء. وَأنْشد:
مضبورةً إِلَى شبا حدائدا
ضَبَرَ براطيلَ إِلَى جَلاَمِدا
قَالَ: والضَّبْر الَّذِي يُسمّيه أهلُ الحَضَر جَوزَاً بواو الضَّبْر: الرَّجّالة. والمَضْبُور: المجمّع الخَلْق الأمْلس.
وَيُقَال للمِنْجَل: مَضْبُور.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّبْرُ: شِدّةُ تَلزيز العظامِ واكتنازِ اللّحم. وجَمَلٌ مضبَّرُ الظَّهر، وأَنشد:
مُضبَّر اللَّحْيَيْن بَسْراً مِنْهَسَا
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه ذكر قوما يَخْرجون من النَّار ضَبائر) ، كأنَّها جمعُ ضِبَارَة، مثل: عمَارَة وعمائر. والضَّبائر: جماعاتُ النَّاس.
وَيُقَال: رأيتهمْ ضبائر، أَي: جماعاتٍ فِي تَفْرِقَة.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: جَاءَ فلانٌ بإضبارَةٍ من كُتُب، وبإضْمامة من كُتب، وَهِي الأضابير والأضاميم أَو فلَان ذُو ضَبارَةٍ: إِذا كَانَ مشدّدَ الخَلْق.
وَقَالَ اللَّيْث: إضبارَةٌ من صحف أَو سِهام، أَي: حُزمة. وضِبارةٌ لغةٌ أَو ضَبّرتُ الكُتب تضبيراً: جمعتُها.
قلت: وغيرُ اللَّيْث لَا يُجِيز ضُبارةً من كُتُب، وَيَقُول: إِنَّمَا هِيَ إضبَارَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّبْرُ: جِلْدَةٌ تُغَشَّى خَشَباً تُقَرَّبُ إِلَى الحصُون لقِتال أهلِها، والجميع الضُّبُور.
قَالَ ابْن الْفرج: الضِّبْن والضِّبْر: الْإِبِط، وَأنْشد:
وَلَا يَئوبُ مُضْمَراً قد ضَبْرِي
زادِي وَقد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ
أَي: لَا أَخبأُ طَعَامي فِي السَّفَر فأَوب بِهِ إِلَى بَيْتي، وَقد نَفِد زادُ أَصْحابي، وَلَكِن أُطعِمُهم إِيَّاه. وَمعنى: شَوَّل: خَفَّ وقلَّ، كَمَا تُشوِّل المَزَادةُ: إِذا بَقِي فِيهَا جُزَيْعةٌ من مَاء.
بضر: قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ سَلمَة: قَالَ الفَرّاء: البضْر: نَوْفُ الجاريةِ قبل أَن تُخْفَض.
قَالَ: وَقَالَ المفضَّل: من الْعَرَب من يُبدل الظّاءَ ضاداً، فَيَقُول: قد اشتَكى ضَهْرِي. وَمِنْهُم من يُبدل الضّادَ ظاءاً فَيَقُول: قد عَظّت الحرْبُ بني تَميم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البُضَيْرة تصغيرُ البَضْرة وَهِي بُطُولُ الشَّيْء، وَمِنْه قولُهم: ذهب دمُه بِضْراً مِضْراً خِضْراً، أَي: هَدَراً.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً أَو ذهب بِطْراً (بِالطَّاءِ) .

(12/23)


ض ر م
ضرم، ضمر، رمض، رضم، مُضر، مرض: مستعملات.
ضرم: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الضرَمُ من الحَطَب: مَا الْتَهَب سَرِيعا، والواحدة ضَرْمة.
والضَّرَمُ: مصدرُ ضَرِمَت النارُ تَضرَم ضَرَماً. وضرِم الأَسدُ: إِذا اشتدَّ حَرُّ جَوْفه من الجُوع، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يشتدّ جوعُه من اللَّواحِم.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الضَّرِم: الجائع، قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَا بِالدَّار نافخُ ضَرَمة، أَي: مَا بهَا أحد.
قلت: والضِّرام: مَا دَقّ من الحَطَب وَلم يكن جَزْلاً يثقبه النارُ، الْوَاحِد ضَرَم وضَرمة وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
أَرَى خَللَ الرَمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ
أُحاذِرُ أَن يَشِبَّ لَهُ ضِرامُ
وَيُقَال: أضرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ، وضَرَّمتُها فَضرَمَتْ وتضرّمَتْ.
وَقَالَ زُهَيْر:
وتَضْرَ إِذا ضَرَّيْتُموها فتَضرِم
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرِيمُ: اسمٌ للحريق، وأَنشَد:
شَدّاً كَمَا تُشَيِّع الضَّريمَا
شَبّه حَفيفَ شَدِّه بحفيف النَّار إِذا شَيَّعْتَها بالحَطَب، أَي: ألقيتَ عَلَيْهَا مَا يُذْكيها بِهِ؛ قَالَه الأصمعيّ.
وَقَالَ اللّيْثُ: الضَّرَمُ: شِدّةُ العَدْو.
وَيُقَال: فرسي ضَرِمُ العَدْوِ، وَمِنْه قولُ جرير:
ضَرِمِ الرَّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَرِمَ فلانٌ عِنْد الطَّعام ضَرَاماً: إِذا جَدَّ فِي أَكْله لَا يَدفَع مِنْهُ شَيْئا.
وَيُقَال: ضَرِمَ عَلَيْهِ تَضرّم: إِذا احتَدَمَ غَضَباً.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُضْطَرِم: المُغْتَلِمُ من الجِمال، ترَاهُ كَأَنَّهُ قد حُسْحِسَ بالنَّار. وَقد أضْرَمَتْه الغُلْمة.
رضم: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: إنّ عَدْوَك لرَضَمَان، أَي: بطيء. وإنّ أَكْلَك لَسَلَجَان، وَإِن قَضاءكَ لَلِيّان.
قَالَ شَمِر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الرِّضامُ: صُخور عِظامٌ أمثالُ الجُزر واحدتها رَضْمة. وَيُقَال: بنى فلَان دارَه فرضم فِيهَا الْحِجَارَة رَضْماً، وَمِنْه قيل: رَضَم البعيرُ بِنَفسِهِ: إِذا رَمَى بنفسِه. وَقَالَ لَبِيد:
حُفِزَت وزايلَها السَّرابُ كَأَنَّهَا
أجزاعُ بِيشة أَثْلُها ورِضَامُها
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّضامُ: حِجارةٌ تجمع واحدتها رَضْمَة ورَضْم، وأَنْشَد:
يَنْصَاحُ من جِبْلَةِ رَضْمٍ مُدَّهقْ

(12/24)


أَي: من حجارةٍ مَرْضومة.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَضْمٌ ورَضَمٌ للحجارة المَرْضومة.
وَقَالَ رُؤبة:
حَدِيدُه وقِطْرُهُ ورَضمُهُ
وَقَالَ اللَّيْث: بِرْذَوْنٌ مَرْضومُ العَصَب: إِذا تشنّج وَصَارَ فِيهِ كالعَقَد، وأَنشد:
مُبيَّن الأَمْشاشِ مَرضُوم العَصَبْ
وَقَالَ النَّضر: طائِرٌ رُضمَة، وَقد رَضَمت، أَي: نَبَتت، ورَضَم الرجلُ فِي بيتِه، أَي: سَقَط وَلَا يَخرُج من بَيته. ورَمَأَ كَذَلِك. وَقد رَضَم يَرضِم رُضوماً. ورُضام: اسْم مَوضِع.
رمض: قَالَ اللّيْثُ: الرّمَضُ: حَرُّ الْحِجَارَة من شدّةِ حرّ الشَّمْس، والاسمُ الرّمْضاء. ورَمِض الإنسانُ رمْضاً: إِذا مَشَى على الرّمْضاء، والأرضُ رَمِضَة.
الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت: الرَمْضُ: مصدرُ رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرمِضُهُ رَمْضاً: إِذا جعلته بَين حَجَرين ثمَّ دقَقْتَه ليَرِقَّ.
قَالَ: والرّمَضُ: مصدرُ رَمِض الرجلُ يَرمَض رَمَضاً: احتَرَق قدماه فِي شدّة الحرّ، وأَنشَد:
فهنّ معترِضاتٌ والحَصَى رَمِضٌ
والرِّيح ساكنةٌ والظلُّ معتدِلُ
وَيُقَال: رَمِضَت الغنمُ تَرمَض رَمَضاً: إِذا رَعَتْ فِي شدّة الحرّ فتَحْبَن رئاتُها وأكبادُها، يُصيبها فِيهَا قُروح.
وَفِي الحَدِيث: (صَلاةُ الأوّابين إِذا رَمِضَت الفِصَال) ، وَهِي الصلاةُ الّتي سَنّها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَقت الضُّحى عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار.
ورَمَضُ الفِصالِ: أَن تَحترِق الرّمْضاءُ، وَهُوَ الرّمل، فتَبرُك الفِصال مِن شدّة حَرّها وإحراقِها أَخفافَها وفَراسِنَها.
وَيُقَال: رَمّض الراعِي مَواشِيه وأرمَضَها: إِذا رعاها فِي الرّمْضاء أَو أَرْبَضَها عَلَيْهَا.
وَقَالَ عمرُ بنُ الخطّاب لراعي الشَّاة: عليكَ والظَّلَفَ من الأَرْض لَا تُرَمِّضها. والظَلَفُ من الأَرْض: المكانُ الغَليظ الّذي لَا رَمْضَاءَ فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المَرْموضُ: الشِّواءُ الكَبِس. ومَررْنا على مَرْمِض شاةٍ ومَنْدَةِ شاةٍ. وَقد رمضْتُ الشاةَ فَأَنا أُرْمِضُها رَمْضاً، وَهُوَ أَلا يَسلُخها إِذا ذبَحَها ويَبقُر بَطنُها، ويُخرج حُشْوتَها، ثمَّ يُوقِدَ على الرِّضافِ حَتَّى تحمَرَّ فتصيرَ نَارا تتّقد، ثمَّ يَطْرَحها فِي جَوف الشَّاة وَيكسر ضلوعَها لتنطبق على الرِّضاف، وَلَا يزَال يُتَابع عَلَيْهَا الرِّضافَ المُحْرَقة حَتَّى يعلَم أَنَّهَا قد أنْضَجَتْ لحمُها، ثمَّ يُقشَر عَنْهَا جِلدُها الَّذِي يُسلَخ عَنْهَا، وَقد انشوَى عَنْهَا لحْمُها؛ يُقَال: لحمٌ مَرْمُوض، وَقد رُمِض رَمْضاً. والرّمِيض: قريبٌ من

(12/25)


الحَنِيذ، غير أَن الحَنيذ يُكْبَس ثمَّ يُوقَد فوقَه.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: أتيتُ فلَانا فَلم أُصِبْه فرمَّضتُ ترْمِيضاً.
قَالَ شمر: تَرْمِيضُه أَن ينتظِره ثمَّ يَمضِي.
اللَّيث: الرمَضُ: حُرْقَةُ القَيْظ. وَقد أرمضَني هَذَا الأمرُ فرمِضْتُ؛ قَالَ رُؤْبة:
وَمن تَشَكَّى مَضْلَةَ الإِرْماضِ
أَو خُلَّةً أحْرَكْتُ بالإحماضِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإرْماضُ: كلُّ مَا أَوْجَع؛ يُقَال: أرْمَضَني، أَي: أَوْجَعَني. والرّمَضِيُّ من السَّحاب والمَطَر: مَا كَانَ فِي آخِر القَيْظ وأوّلِ الخريف؛ فالسحابُ رَمَضِيٌّ، والمطرَ رَمضّي. وَإِنَّمَا سُمِّي رَمَضِيّاً، لِأَنَّهُ يُدرِك سُخونةَ الشَّمْس وحَرَّها.
سلَمة عَن الفرّاء يُقَال: هَذَا شهرُ رَمَضَان، وهما شهرَا ربيع؛ وَلَا يُذكرُ الشَّهْر مَعَ سَائِر أسماءِ الشُّهُور الْعَرَبيَّة، يُقَال: هَذَا شعبانُ قد أَقبَل.
وَقَالَ جلّ وَعز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (الْبَقَرَة: 185) .
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
بِهِ أبلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كليْهِما
فقد مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرَارها
وَقَالَ مُدرِكٌ الكلابيّ فِيمَا روى ابْن الفَرَج: ارْتمزَتِ الفَرَسُ بالرّجُل، وارتَمَضَتْ بِهِ، أَي: وثَبَتْ بِهِ.
مرض: قَالَ اللَّيْث: المريضُ مَعْرُوف، والجميع المَرْضَى.
قَالَ: والتمريض: حُسنُ الْقيام على الْمَرِيض. يُقَال: مَرَّضتُ المريضَ تمريضاً: إِذا قُمتَ عَلَيْهِ.
وتمرِيض الْأَمر: أَن تُوَهِّنه وَلَا تُحْكمه. وَيُقَال: قلبٌ مرِيض من الْعَدَاوَة وَمن النِّفاق.
قَالَ الله تَعَالَى: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} (الْبَقَرَة: 10) ، أَي: نِفاق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصل المَرَض النُّقْصان: بَدَنٌ مرِيض: ناقِصُ القوّة. وقلبٌ مَرِيض: ناقصُ الدِّين.
ومَرَّض فلانٌ فِي حَاجَتي: إِذا نقصَتْ حركتُه فِيهَا.
وأخبرَني المنذِرِيّ عَن بعض أَصْحَابه أَنه قَالَ: المَرَض: إظْلامُ الطبيعة واضطرابُها بعد صفائها واعتدالها.
قَالَ: والمَرَض: الظُّلَمة.
وَأنْشد أَبُو العبّاس:
وليلةٍ مرِضَت من كل نَاحيَة
فَلَا يضيءُ لَهَا شمسٌ وَلَا قمر
قَالَ: مَرِضَتْ، أَي: أظلَمَتْ ونقَص نُورُها.

(12/26)


وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَوْله: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} مَعْنَاهُ: شكٌّ ونِفاق.
قَالَ: والمرَض فِي القَلْب يَصلُح لكلّ مَا خَرج بِهِ الإنسانُ عَن الصحّة فِي الدِّين.
وَقَالَ اللَّيْث: المَراضَانِ: وادِيان مُلتقاهما واحدٌ.
قلت: المَراضان والمَرَايض: مَوَاضِع فِي ديار تَمِيم بَين كاظمة والنَّقِيرة فِيهَا أحْساء، وَلَيْسَت من بَاب المَرَض، وَالْمِيم فِيهَا مِيم مَفعَل، من استراض الوادِي: إِذا استنقع فِيهِ المَاء.
وَيُقَال: أَرض مريضةٌ: إِذا ضَاقَتْ بِأَهْلِهَا، وَأَرْض مَرِيضَة: إِذا كثُر بهَا الهَرْج والفِتن والقَتْل.
وَقَالَ أوسُ بن حَجَر:
ترَى الأَرْض مِنَّا بالفضاءِ مَرِيضَة
مُعَضَّلةً مِنّا بجَمْع عَرَمْرَم
وليلةٌ مريضةٌ: مظْلمَة لَا تُرى فِيهَا كواكبُها.
وَقَالَ الرَّاعِي:
وطَخْياء من لَيلِ التَّمام مريضةٍ
أجَنّ العَماءُ نجمها فَهُوَ ماصِحُ
ورَأْيٌ مريضٌ: فِيهِ انحراف عَن الصَّوَاب، قَالَ الشَّاعِر:
رأيتُ أبَا الْوَلِيد غَداةَ جَمْعٍ
بِهِ شَيْبٌ وَمَا فَقَد الشَّبابَا
ولكنْ تحتَ ذاكَ الشَّيبِ حَزْمٌ
إِذا مَا ظَنَّ أمرَض أَو أصَابَا
أمرَضَ: أَي: قارَبَ الصَّوَاب وَإِن لَم يُصِب كلَّ الصَّواب.
وَيُقَال: أتيت فلَانا فأمرَضتُه: أَي: وجدتُه مَرِيضا. وأمْرض بَنو فلانٍ: إِذا مَرِضتْ نَعَمُهُم فهم ممْرِضون.
مُضر: قَالَ اللَّيْث: لبنٌ مضيرٌ: شَدِيد الحموضة. قَالَ: وَيُقَال: إِن مُضَرَ كَانَ مُولَعاً بشُرْبه فسمِّي بِهِ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الماضر: اللّبن الَّذِي يَحذِي اللِّسَان قبل أَن يُدرك. وَقد مَضر يَمضرُ مُضوراً، وَكَذَلِكَ النَّبِيذ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو البَيْداء: اسْم مُضَر مشتقٌّ مِنْهُ.
وَقيل: سُمِّي مُضَراً لبيَاض لونِه. من مَضِيرة الطَّبِيخ.
قلتُ: والمضِيرةُ عِنْد الْعَرَب: أَن يُطبَخ اللحمُ باللّبن البَحْت الصَّريح، الَّذِي قد حَذَى اللسانَ حَتَّى يَنضَج اللحمُ وتَخْثُر المَضيرة وربّما خَلَطُوا الحليبَ بالحَقِين للمَضِيرة، وَهِي حِينَئِذٍ أطيبُ مَا تكون.
وَقَالَ الليثُ: يُقال: فلانٌ يتمَضَّر، أَي: يتعصّب لمُضَر.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ يُقَال: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً: إِذا ذَهب هَدَراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ذهب دمُه خِضْراً مِضْراً،

(12/27)


أَي: هَنِيئًا مريئاً.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: مَضّرَ اللَّهُ لَك الثَّنَاء، أَي: طيّبه، وتُماضِرُ اسْم امْرَأَة.
ضمر: رُوي عَن حُذيفة أَنه قَالَ فِي خطبَته: اليومَ مِضْمارٌ، وَغدا السِّباق، والسَّابقُ مَن سَبَقَ إِلَى الجنّة.
قَالَ شَمِر: أَرَادَ اليومَ الْعَمَل فِي الدُّنْيَا للاسْتباق إِلَى الجنّة؛ كالفَرس يُضَمَّر قبل أَن يُسابَق عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضُّمْرُ من الهُزال ولُحوق البَطْن والفعلُ ضَمَرَ يَضمُر ضُموراً. وقَضيبٌ ضامر، وَقد انضَمَرَ: إِذا ذَهب مَاؤُهُ.
قَالَ: والمِضمار: موضعٌ تُضمَّر فِيهِ الْخَيل، وتَضمِيرها أَن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها.
قلتُ: وَقد يكون المِضمار وقتا للأيام الَّتِي تُضمَّر فِيهَا الخيلُ للسباق أَو للرَّكْض إِلَى العَدُوّ، وتضميرُها أَن تُشدّ عَلَيْهَا سُروجُها، وتُجَلَّلَ بالأجِلَّة حَتَّى تعرَق تحتَها فيذهَب رَهَلُها ويشتدّ لَحمهَا، ويُحمل عَلَيْهَا غِلمانٌ خِفافٌ يُجرونها البردين وَلَا يُعَنِّفُون بهَا، فَإِذا ضُمِّرَتْ واشتدّتْ لحومُها أُمِنَ عَلَيْهَا القَطْع عِنْد حُضْرها وَلم يَقْطَعْها الشَّدُّ، فَذَلِك التَّضْمير الّذي تعرفه الْعَرَب، ويُسمونه مِضماراً وتَضْميراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَمِرُ: الشَّيْء الَّذِي تُضمِره فِي ضمير قَلْبِك، تَقول: أضمرتُ صَرْف الْحَرْف: إِذا كَانَ متحركاً فأسكَنْتَه.
قَالَ: والضَّمْرُ من الرِّجَال: المُهَضَّم الْبَطن، الْخَفِيف الْجِسْم. وَامْرَأَة ضَمْرة وَقد تَضمَّر وجهُها: إِذا انضمّتْ جلدتُه من الهزال.
ورُوِي عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أنّه كتب إِلَى مَيْمون بن مِهران فِي مَظالم كَانَت فِي بَيت المَال أَن يردَّها على أربابِها وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا زكاةَ عامها، فإنّه كَانَ مَالا ضِماراً.
قَالَ أَبُو عُبيد: الضِّمارُ: هُوَ الْغَائِب الَّذِي يُرْجَى، فَإِذا رُجِيَ فَلَيْسَ بِضمار؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
طلَبْن مَزَارَه فأَصبْن مِنْهُ
عَطاء لَم يكن عِدَةً ضِمارَا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
أرَانا إِذا أَضْمَرَتْكَ البِلاَ
دُ تُجْفَى وتُقْطَع مِنّا الرَّحِمْ
أَرَادَ: إِذا غيّبتْك البلادُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضِّمارُ من العِداتِ مَا كَانَ ذَا تَسْويف، وَأنْشد بيتَ الرَّاعِي.
قَالَ: واللؤْلُؤ المضطمِر: الَّذِي فِيهِ بعض الانضماد، وَأنْشد قولَ الشَّاعِر:

(12/28)


تلأْلأَتِ الثُّرَيَّا فاستنارتْ
تلألُؤَ لؤلؤٍ فِيهِ اضطِمارُ
قَالَ: والضُمْران من دِقّ الشّجر.
قلت: لَيْسَ الضُّمْران من دِقّ الشّجر وَله هَدَبٌ كهَدَب الأرْطَى. وَمِنْه قولُ عُمَر بن لَجأ:
تحْسِبْ مُجْتَلّ الإماءِ الخُدَّم
من هَدَبِ الضُّمْران لم يحطَّمِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا رَوَى ابْن السكّيت لَهُ أَنه قَالَ فِي قَول النَّابِغَة:
فهابَ ضُمران منهُ حيثُ يُوزِعُهُ
قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو عُبيدة صُمْرَانُ، وَهُوَ اسْم كَلْبٍ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّيْمُران والضَّوْمَران: نوعٌ من الرياحين.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الضَمِيرة والضَّفِيرةُ: الغَدِيرةُ من ذَوائب الرَّأْس، وَجَمعهَا ضمائر.
وَقَالَ الفرّاء: ذَهَبُوا بِمَالِي ضِماراً مثل قِماراً؛ قَالَ: وَهُوَ النَّسِيئةُ أَيْضا.
قَالَ: والتَّضْمير: حُسْنُ ضَفْر الضَّمِيرة وحُسْنُ دَهْنِها.

(أَبْوَاب الضَّاد واللاّم)
ض ل ن
اسْتعْمل من وجوهها: (نضل) .
نضل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَضَل فلانٌ فلَانا: إِذا فَضلَه فِي مُراماة فَغَلبه. وخرجَ القومُ يَنْتَضِلون: إِذا استَبقوا فِي رَمْي الأَغْراض.
وَفُلَان نَضِيلِي: وَهُوَ الَّذِي يُرَامِيه ويُسابِقه.
وَيُقَال: فلانٌ يُناضِل عَن فلَان: إِذا نضح عَنهُ ودافَع. والمُناضَلةُ: المفاخَرةُ.
قَالَ الطّرِمَّاح:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ المُلو
ك وَلَا يُجاثيه المُناضِل
وانتَضَل القومُ: إِذا تَفاخَروا. وَقَالَ لَبيد:
فانتضَلْنَا وابنُ سَلْمَى قاعِدٌ
كعَتيق الطَّيْرِ يغْضَى ويُحَلُّ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النضَلُ والتّبديدُ: التَّعَبُ. وَقد نَضِل ينضَل نضَلاً.
وتَنضّلتُ الشيءَ: إِذا استخرجته.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: تنضّلتُ مِنْهُم نَضْلةً، واجْتَلْتُ مِنْهُم جَوْلاً، مَعْنَاهُ: الِاخْتِيَار.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: تَنَضَّلْتُ الشيءَ أخرجتُه.
ض ل ف
اسْتعْمل من وجوهه: (فضل) .
فضل: قَالَ اللَّيْث: الفضلُ مَعْرُوف. والفاضِلَةُ: الِاسْم. والفِضَال: اسمٌ للتفاضُل. والفُضالة: مَا فَضَل من شَيْء.
والفَضْلةُ: البقيّةُ من كل شَيْء.
والفَضِيلةُ: الدرجةُ الرفيعة فِي الفَضْل.

(12/29)


والتّفَضُّلُ: التطول على غيرِك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} (الْمُؤْمِنُونَ: 24) ، مَعْنَاهُ: يُرِيد أَن يكون لَهُ الفضلُ عَلَيْكُم فِي القَدْر والمَنزِلة، وَلَيْسَ من التفضُّل الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الإفضال والتطوُّل.
وَقَالَ اللَّيْث: التفضُّل: التَّوَشُّح. ورجلٌ فُضُلٌ ومتفضِّل. وَامْرَأَة فُضلٌ ومتفضِّلة. وَعَلَيْهَا ثوبٌ فُضل وَهِي أَن تُخالِف بَين طَرفَيْهِ على عاتِقها وتتوشّح بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فلانٌ حَسَنُ الفِضْلة، من التفضّل بِالثَّوْبِ الْوَاحِد.
قَالَ الْأَصْمَعِي: امْرَأَة فُضلٌ فِي ثوبٍ وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفِضالُ: الثوبُ الواحدُ يتفضَّل بِهِ الرجُل يَلبَسُه فِي بَيته. وَأنْشد:
وأَلْقِ فِضَالَ الوَهْنِ عَنْك بوَثْبَةٍ
حَوارِيةٍ قد طالَ هَذَا التفضُّلُ
قَالَ: وأفضلَ الرجُل على فلَان: أنالَه من فَضله وأحسَنَ إِلَيْهِ.
وأفضَل فلانٌ من الطَّعَام وَغَيره: إِذا تركَ مِنْهُ شَيْئا ورجلٌ مِفضالٌ: كثيرُ الْخَيْر وَالْمَعْرُوف.
وَيُقَال: فَضَلَ فلانٌ على فلَان: إِذا غَلَب عَلَيْهِ. وفَضَلْتُ الرجَل: غلبتُه. وَأنْشد:
شِمالُك تَفْضُل الأَيمان إلاّ
يَمينَ أبيكَ نائِلُها الغَزِيرُ
ابْن السّكيت: فَضِل الشَّيْء يَفضَل، وفَضَل يَفضُل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فضِل مِنْهُ شَيْء قَلِيل؛ فإِذا قَالُوا يَفضُل ضمُّوا الضَّاد فأَعادُوها إِلَى الأَصْل. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام حَرْفٌ من السَّالِم يُشبه هَذَا.
قَالَ: وَزعم بعض النَّحْوِيين أَنه يُقَال: حَضِرَ القَاضِي امرأةٌ، ثمَّ يَقُولُونَ: يَحضُر.
وَقَالَ غَيره: فواضِلُ المَال: مَا يَأْتِيك من مَرافِقه وغَلّته.
وَالْعرب تَقول: إِذا عَزَب المَال قلّت فَواضِلهُ، يَقُول: إِذا بعُدت الضَّيْعَةُ قلّت مرافِقُ صَاحبهَا مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْإِبِل إِذا عَزَبتْ قلَّ انْتِفَاع رَبِّها بدَرِّها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سَأَبْغِيكَ مَالا بِالْمَدِينَةِ إِنني
أَرى عازِبَ الْأَمْوَال قلَّتْ فَواضِلُهْ
والعربُ تسمِّي الخَمر فِضَالاً.
وَمِنْه قولُ الْأَعْشَى:
والشارِبون إِذا الذِّوارِعُ أُغْلِبَتْ
صَفْوَ الفِضَال بطارفٍ وتِلادِ
وفُضُولُ الْغَنَائِم: مَا فَضَل من القَسْم مِنْهَا. وَقَالَ ابْن عَنمةَ:

(12/30)


لَكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصَّفايا
وحُكْمُكَ والنَّشيطةُ والفُضولُ
وفَضَلاتُ المَاء: بقاياه.
والتفاضُل بَين الْقَوْم: أَن يكون بعضُهم أفضلَ من بعض.
ورجلٌ فاضِلٌ: ذُو فُضْلٍ. وَرجل مَفْضول: قد فَضَلَه غيرُه.
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (شهِدتُ فِي دَار عبدِ الله بن جُدْعانَ حِلْفاً لَو دُعِيتُ إِلَى مِثلِه فِي الْإِسْلَام لأجبْتُ) يَعْنِي حِلْفَ الفُضول.
وسُمِّيَ حِلْفَ الفُضول لأنّه قَامَ بِهِ رجالٌ يُقَال لَهُم: الفَضلُ بن الْحَارِث، والفضلُ بنُ وَدَاعة والفُضَيْلُ بن فَضالة؛ فَقيل: حِلْف الفضول جَمْعاً لأسماء هَؤُلَاءِ.
والفُضُولُ جمعُ فَضْل، كَمَا يُقَال: سَعْد وسُعود، وَكَانَ عَقَدهُ المُطَيَّبُون وهم خمس قبائل، وَقد ذكرتُها فِي بَاب الحِلْفِ من كتاب الْحَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المِفْضَلُ: الثوْبُ الَّذِي تتفضَّل بِهِ الْمَرْأَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للخياط: القَرَارِيّ والفُضُوليّ، وَيُقَال: فُضِّل فلانٌ على غَيره: إِذا غُلِبَ بالفَضْل على غَيره. والفَضْلتان: فَضْلَةُ الماءِ فِي المزاد، وفَضْلَة الخَمر فِي الرِّكوة.
ض ل ب
أهمله اللَّيْث.
(ضأبل) : وَذكر أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب الدَّوَاهِي. جَاءَ فلَان بالضَّئبِل والنِّئطِل، وهما الداهية، وَقَالَ الْكُمَيْت:
أَلاَ يَفزَع الأقوامُ ممّا أَظلَّهمْ
ولمّا تَجِئْهُمْ ذاتُ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلُ
وَإِن كَانَت الهمزةُ أصليَّة فالكلمة رباعيّة.
ض ل م
ضمل، لضم: (مستعملة) .
لضم: قَالَ اللَّيْث: اللَّضْمُ: العُنْف والإلحاحُ على الرّجل. يُقَال: لضَمْته أُلْضِمُه لَضْماً، أَي: عَنُفْتُ عَلَيْهِ وأَلْحَمْتُ. وَأنْشد:
مَنَنْتَ بنائلٍ ولَضَمْتَ أُخْرَى
برَدَ مَا كذَا فِعْلُ الكِرامِ
قلتُ: وَلَا أَعرِف اللَّضْمَ وَلَا هَذَا الشِّعر، وَهُوَ مُنْكر.
ضمل: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى عمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الضَّمِيلة: المرأةُ الزَّمِنَةُ.
قَالَ: وخَطَب رجلٌ إِلَى معاويةَ بِنْتا لَهُ عَرْجاء، فَقَالَ: إِنَّهَا ضَمِيلة، فَقَالَ: إِنِّي أردتُ أَن أتشرَّف بمصاهَرَتِك، لَا أُرِيدها للسِّباق فِي الْحَلبة، فزَوَّجَه إيّاها.

(أَبْوَاب الضَّاد وَالنُّون)
ض ن ف
ضفن، نضف، نفض: مستعملة.

(12/31)


نضف: أَبُو تُرَاب عَن الحُصَيْنِيّ قَالَ: أنضفَت النَّاقة وأوضَفَت: إِذا خَبَّتْ. وأَوْضَفْتُها فوضَفَت: إِذا فعلت.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّضَفُ: هُوَ الصّعْتَر، الْوَاحِدَة نَضَفَة، وأَنشَد:
ظَلاَّ بأَقْرِية التُّفّاحِ يَوْمَهُما
يُنبِّشان أصولَ المَغْدِ والنَّضَفَا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنضفَ الرجلُ: إِذا دَامَ على أَكْل النَّضَف، وَهُوَ الصَّعْتَر. قَالَ: ومرّ بِنَا قومٌ نَضِفُون نَجِسُون؛ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: نَضَف الفصيلُ ضَرْعَ أمّه يَنْضِفُه ويَنْضُفُه وانتَضَفَه: إِذا شَرِب جميعَ مَا فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّضَف: إبداءُ الحُصَاص.
وَقَالَ غيرُه: رجلٌ ناضفٌ ومِنْضف، وخاضِفٌ ومِخْضَفٌ: إِذا كَانَ ضرّاطاً. وَأنْشد:
وَأَيْنَ موالينا الضّفافُ المنَاضِفُ
ضفن: أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: ضَفنت إِلَى الْقَوْم أضْفِن ضَفْناً: إِذا أتيتهم حَتَّى تجْلِس إِلَيْهِم.
وضَفَن الرجلُ بغائطه يَضفِن ضفناً: إِذا تغوط.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضَّفْن: إبداء العاذر.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَفَنْتُ مَعَ الضَّيف أضفِن ضَفْناً: إِذا جئتَ مَعَه، وَهُوَ الضَّيْفَن، وأَنشَد:
إِذا جَاءَ ضيفٌ جَاءَ للضَّيفِ ضَيْفَنٌ
فأوْدَى بِمَا يُقْرَى الضُّيوف الضيَّافِنُ
وَقَالَ شَمِر: الضَّفْنُ: ضَمُّ الرجلِ ضرعَ الشَّاة حِين يَحلُبها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَفَنوا عَلَيْهِ: مالُوا عَلَيْهِ واعتمدوه بالجوْرِ. وضَفَنْتُ إِلَيْهِ: إِذا تَرَعْتَ إِلَيْهِ وأردتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَفَن الرجلُ المرأةَ ضَفْناً: إِذا نَكَحها. قَالَ: وأصلُ الضَّفْن أَن يضمّ بيَدِه ضَرْعَ النَّاقة حِين تَحلُبها.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّفْنُ: ضَرْبُك بظَهْرِ قَدَمِك استَ الشَّاة ونحوِها. قَالَ: والاضطِفانُ: أَن تَضرِب بِهِ استَ نفسِك.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء قَالَ: إِذا كَانَ الرجل أحمقَ وَكَانَ مَعَ ذَلِك كثيرَ اللَّحْم ثقيلاً قيل: هُوَ ضِفْنٌ وضَفَنْدَد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الضِّفِنُّ والضَّفنّ.
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ضِفَنّةٌ: إِذا كَانَت رِخوةً ضخمة.
نفض: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّفْضُ: التحريكُ. والنَّفْضُ: تَبَصُّر الطّريق. والنَّفْضُ: الْقِرَاءَة، وَيُقَال: فلَان

(12/32)


يَنفُض القرآنَ كلَّه ظَاهرا، أَي: يَقْرَؤُهُ.
قَالَ: والنَفَضَى: الحَرَكة. وَيُقَال: أخذتْه حُمَّى نافِضٍ، وحُمَّى بنافِض، وحمَّى نافِضٌ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَت الحمّى نافِضاً قيل: نفضَتْه فَهُوَ منفوض.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النِّفْضُ خُرْء النَّحْل. قَالَ: والنُّفَاضُ: الجَدْبُ، وَمِنْه قولُهم النُّفاض يُقطِّر الجَلَب. يَقُول: إِذا أجدَبُوا جَلَبوا الإبلَ قِطاراً قِطاراً.
والإنفاضُ: المجَاعةُ وَالْحَاجة. وَيُقَال: نفَضْنا حَلاَئِبَنَا نَفْضاً، واستنفَضْناها استِنْفاضاً، وَذَلِكَ إِذا استقصَوْا عَلَيْهَا فِي حَلبها فَلم يَدعُوا فِي ضُروعها شَيْئا من اللَّبن، وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
كِلاَ كَفْأَتَيْها تُنْفِضان وَلم يَجِد
لَهُ ثِيلَ سَقْب فِي النِّتاجَيْن لامِسُ
ويروى تُنْفَضان، وَمَعْنَاهُ: تُسْتَبْرآن، مِن قولِك: نفضْتُ المكانَ: إِذا نظرتَ إِلَى جَمِيع مَا فِيهِ حَتَّى تعرفَه.
وَقَالَ زهيرٌ يصف بقرة فقدتْ ولدَها:
وتَنفُض عَنْهَا غَيْبَ كلِّ خَميلَةٍ
وتَخشَى رُماةَ الغَوْث من كلِّ مَرْصَدِ
وَمن رَوَاهُ تَنْفَضان أَو تُنْفِضان فَمَعْنَاه: أَنّ كلّ وَاحِدَة من الكَفْأَتين تُلقِي مَا فِي بطونها من أجِنّتها فتوجَد إِنَاثًا لَيْسَ فِيهَا ذكر. أَرَادَ أَنَّهَا كلَّها مآنِيثُ تُنْتِج الإناثَ وَلَيْسَت بمَذاكيرَ تلدِ الذُّكْران.
واستِنْفاضُ البائِلِ ذكَرَه وانتِفاضه: استبراؤه ممّا فِيهِ من بقيّة البَوْل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: استنفَضَ مَا عندَه، أَي: استخرَجَه؛ وَقَالَ رُؤبة:
صَرَّحَ مَدْحِي لَك واستِنفاضِي
ابْن السكّيت قَالَ: النَّفِيضة: الَّذين يَنفُضون الطَريق. وَقَالَت الجهنية فِيهِ:
يَرِدُ المياهُ حَضيرةً ونَفِيضةً
وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسمألَّ التُّبَّعُ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: حضِيرة النَّاس هِيَ الجماعةُ. قَالَ: ونَفِيضتُهم هِيَ الْجَمَاعَة.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: حَضِيرَةٌ يَحضُرها النَّاس، ونَفِيضَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أحد.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَضةُ: قوم يُبعَثون يَنفُضون الأرضَ، هَل بهَا عدوّ أَو خوف.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: النَّفْض: مصدرُ نَفضتَ الثوبَ نَفْضاً. والنَّفَض: مَا وَقَع من الشَّيْء إِذا نفضْتَه. ونَفَضُ العِضاةِ: خَبْطُها، وَمَا طاحَ من حَمْل الشَّجَرَة فَهُوَ نَفَض.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَض: من قُضْبان الكَرْم بَعْدَمَا ينضُرُ الوَرَقُ وقبلَ أَن يَتعلَّق حَوالِقُه وَهُوَ أغَضُّ مَا يكون وأرخَصُه؛ وَقد انتَفَض الكَرْمُ عِنْد ذَلِك، والواحدةُ نَفْضَة جزم وَتقول: أنفضَتْ جُلَّة التَّمْر: إِذا أنفضت فِيهَا من التَّمْر.

(12/33)


والنَّفْض: أَن تأخذَ بيَدِك شَيْئا فتنفُضَه تزَعْزِعُه وتُتَرْتِرَه وتَنفض الترابَ عَنهُ. قَالَ: ونَفَض الشَّجَرَة حِين تَنتَفِضُ ثَمرتُها.
والنفَض: مَا تَساقَط من غير نَفْض فِي أُصول الشَّجَر مِن أَنْوَاع الثَّمر.
قَالَ: ونُفُوضُ الأَمْر: راشانُها، وَهِي فارسيَّة، إِنَّمَا هِيَ أَشرافُها.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: النِّفاض: إزَارٌ منْ أُزُر الصِّبْيان، وَأنْشد:
جارِيةٌ بيضاءُ فِي نِفَاضِ
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: إِذا لُبس الثوبُ الأحمرُ أَو الأصفرُ فَذهب بعضُ لونِه قيل: قد نَفَضَ صِبْغُه نَفْضاً.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كسَاكَ الَّذِي يَكْسُو المكَارِمَ حُلَّةً
من الْمجد لَا تَبلَى بَطيئاً نُفُوضُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النُّفَاضةُ: ضُوازَةُ السِّواك ونُفاثتُه.
وَقَالَ ابْن شُميل: قومٌ نَفَضٌ، أَي: نَفَضُوا زادَهم. وأنفَضَ القومُ: إِذا فَنِيَ زادُهم.
ض ن ب
نضب، نبض، ضبن: مستعملة.
نضب: اللَّيْث: نضَب الماءُ يَنضُب نُضُوباً: إِذا ذَهب فِي الأَرْض.
ونَضَب الدَّبَرُ: إِذا اشتَدّ أثَرُهُ فِي الظَّهر: ونَضَبتِ المفازةُ: إِذا بَعُدَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الناضبُ: البعيدُ، وَمِنْه قيل للْمَاء إِذا ذَهَبَ: نَضَب، أَي: بَعُدَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: إنّ فُلاناً لنَاضِبُ الخَيْر، أَي: قليلُ الْخَيْر، وَقد نَضَب خيرُه نُضوباً، وَأنْشد:
إِذا رَأَيْن غَفْلةً من راقِبِ
يُومِين بالأعْيُنِ والحَواجِبِ
إيماءَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناضِبِ
أَبُو عُبيد: وَمن الْأَشْجَار التَّنَضُبُ، واحدتُها تَنْضُبَته.
قلتُ: هِيَ شَجَرَة ضَخْمةُ يقطَع مِنْهَا العَمَد للأَخْبِية.
وَقَالَ شَمِر: نَضَّبَتِ الناقَةُ، وتَنْضِيبُها: قِلَّةُ لَبَنِها، وطولُ فُواقِها وبِطَاءُ دِرَّتِها.
نبض: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أنْبَضْتُ القوسَ وأنضَبْتُها: إِذا جذبتَ وتَرَها لتُصوِّت.
قلت: وَهَذَا من المقلوب.
وَقَالَ اللَّيْث: نبضَ العِرْقُ يَنبِضُ نَبَضاناً، وَهُوَ تحرُّكُه؛ وَرُبمَا أنبضَتْه الحُمَّى وغيرُها من الأمْراض.
ومَنْبِضُ القَلْب: حَيْثُ ترَاهُ يَنبِض، وَحَيْثُ تَجِد هَمْسَ نَبضاتِه.
قَالَ: والنابض: اسْم للغَضَب.
وَقَالَ النَّابِغَة فِي إنباض القِسِيّ:

(12/34)


أنْبَضوا مَعْجِس القِسِيِّ وأَبرَقْ
نَا كَمَا تُوعِد الفُحولُ الفُحُولا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: مَا لَهُ حَبَضٌ وَلَا نَبَض، أَي: مَا يتحرّك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّبْضُ: التحرّك، وَلَا أعرف الحَبَض.
وَقَالَ اللَّيْث: المَنَابض: المنادف، وَهِي المحابض، وَأنْشد:
لُغامٌ على الخَيْشُوم بعد هِبابه
كمحلوجِ عُطْبٍ طيّرته المنابضُ
قَالَ: وَالْوَاحد مِنْهَا مِنْبَض ومِحْبَض.
ضبن: قَالَ اللَّيْث: الضِّبْنُ: مَا تَحت الإبْطِ والكَشْح.
وَتقول: اضْطَبنْتُ شَيْئا، أَي: حَمَلْتُه فِي ضِبْنِي، ورُبَّما أَخذَه بيد فرفعه إِلَى فُوَيْق سُرّته. قَالَ: فأوّلُه الإبْط، ثمَّ الضَّبْن، ثمَّ الحَضْنُ، وَأنْشد:
لمّا تَغَلَّق عَنهُ قَيْضُ بَيْضَتِه
آوَاه فِي ضِبْنِ مَطْنِيَ بِهِ نَصَبُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضُبْنَةُ الرَّجُل وضَبْنَتُه وضَبِنَته: خاصَّتُه وبطانَته وزافِرَتُه، وَكَذَلِكَ ظاهِرَتُه وظِهَارَتُه.
وَقَالَ غَيره: ضِبْنةُ الرجل: عِيالُه.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: ضَبَنْتَ عنّا الهَدِيَّة، أَو مَا كَانَ من مَعْرُوف، نَضْبِن ضَبْناً، قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ضَبَنَتْ تَضْبِنُ ضَبْناً وخَضَنَتْ تخضِن خَضْناً كلُّه بِمَعْنى وَاحِد: إِذا كفَفْتَ وصَرَفْتَ.
عَن الْفراء قَالَ: نَحن فِي ضبينه وَفِي حريمه وظله وذمته وخضارته وحضره وذراه وحشاه وكنفه، كُله بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي (النَّوَادر) : ماءٌ ضَبْنٌ ومَضْبونٌ، ولَزْنٌ ومَلْزُون، ولَزِنٌ وضَبِنٌ: إِذا كَانَ مَشْفُوهاً كثير الْورْد لَا فَضْلَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّوْبانُ: الحَمَل المُسِنّ القوِيُّ. وَمِنْهُم من يَقُول: ضُوْبان، بضمّ الضَّاد.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخضرّ نابُه
فَلَا ناضِحِي وانٍ وَلَا القَرْبُ شَوّلا
قلت: من قَالَ: ضَوْباناً، احتَمَل أَن تكون النُّون لامَ الفِعل، وَيكون على مِثَال فَوْعال، وَمن جعله فُعْلاناً جعله من ضابَ يَضُوب.
ض ن م
ضمن، نضم: (مستعملان) .
أهملَ اللَّيْث: نضم.
نضم: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: النَّضْمُ: الْحِنطةُ الحادِرة السَّمينة، واحدتُها نَضْمة، وَهُوَ صَحِيح.
ضمن: ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء: ضَمِنتْ يدُه ضمانةً، بِمَنْزِلَة الزمانة. وَرجل

(12/35)


مَضْمُون الْيَد: مثل مخبول الْيَد. وَقوم ضَمْنى: أَي زمنى.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فلانٌ ضامِنٌ وضَمِين، وكافِلٌ وكَفيل. ومِثْلُها سامِنٌ وسَمِين، وناضِر ونَضِيرٌ، وشاهِدٌ وشَهِيد.
وَيُقَال: ضَمِنْتُ الشيءَ أضمَنُه ضَماناً، فَأَنا ضامنٌ وَهُوَ مَضْمون.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عُمَر: (ومَن اكتَتَبَ ضَمِناً بعثَه الله ضَمِناً يومَ الْقِيَامَة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو والأحمر: الضَّمِن الَّذِي بِهِ زَمَانَةٌ فِي جَسَده، من بَلاءٍ أوْ كَسْر أَو غيرِه، وَأنْشد:
مَا خِلْتُني زِلْتُ بعدَكمْ ضَمِناً
أشْكُو إليكمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ
قَالَ: والاسمُ الضَمَن والضَّمَان.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
ليكَ إلاه الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبتي
عِيَاذاً وخوفاً أَن تُطيلَ ضمَانِيَا
وَكَانَ قد أَصَابَهُ بعضُ ذَلِك، فالضَّمان هُوَ الدّاء نفسُه.
وَمعنى الحَدِيث: أَن يكتبَ الرجلُ أنّ بِهِ زَمانةً ليتخلّف عَن الغَزْو وَلَا زَمانةً بِهِ، وَإِنَّمَا يَفعل ذَلِك اعتلالاً. وَمعنى يكْتب يسْأَل أَن يُكتَب فِي جُمْلة الزّمْنَى وَلَا يُندَب للْجِهَاد، وَإِذا أَخَذ خَطّاً من أميرِ جُنْده فقد اكتتبه.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن بَيْع المَلاقيح والمضامين) . وَقد مرّ تَفْسِير الملاقيح.
وَأما المضامينُ فَإِن أَبَا عُبَيد قَالَ: هِيَ مَا فِي أَصْلاب الفُحول. وَأنْشد غَيره فِي ذَلِك:
إِن المَضامِين الَّتِي فِي الصُّلْبِ
ماءُ الفُحُولِ فِي الظُّهورِ الحُدْبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: مَا أَغنَى فلانٌ عنّي ضِمْناً، وَهِي الشِّسْع، أَي: مَا أَغنَى عنّي شَيْئا وَلَا قَدْرَ شِسْع.
وَفِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأُكَيْدِرَ دُومَةِ الجَنْدَلِ: (إنّ لنا الضّاحيَةَ من الضَّحْل والبُودَ والمَعَامِيَ، وَلكم الضامِنَةُ من النَّخل والمَعِين) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الضّاحِية من الضَّحْل: مَا ظهر وبَرَز وَكَانَ خَالِصا من العِمارة. والضّامنة من النَّخْل: مَا كَانَ دَاخِلا فِي العِمارة.
قلت: سمّيتْ ضامِنةً لِأَن أَرْبَابهَا ضَمِنوا عمارتَها، فَهِيَ ذاتُ ضَمان، كَمَا قَالَ الله جلّ وعزَّ: {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ} (الحاقة: 21) ، أَي: ذَات رِضاً.
وَفِي حَدِيث آخر: (من ماتَ فِي سَبِيل الله فَهُوَ ضامِنٌ على الله) ، أَي: هُوَ ذُو ضَمان

(12/36)


على الله. وَهَذَا مَذهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل.
وَقَالَ اللَّيْث: كلّ شَيْء أُحْرِزَ فِيهِ شيءٌ فقد ضُمِّنه. وَأنْشد:
لَيْسَ لِمَن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ
أَي: لَيْسَ للّذي يُدفَن فِي الْقَبْر تَرْبِيتٌ، أَي: لَا يُرَبّيه القَبْر.
وَقَالَ اللَّيْث: المضمَّن من الشِّعر: مَا لم يتمَّ مَعَاني قَوافيه إِلَّا بِالْبَيْتِ الّذي يَلِيهِ، كَقَوْل الراجز:
يَا ذَا الَّذِي فِي الحُبِّ يَلْحَى أمَا
واللَّهِ لَو عُلِّقْتَ مِنْهُ كَما
عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ لما
قَالَ: وَهِي أَيْضا مشطورةٌ مضمَّنة، أَي: أُلقِيَ من كلّ بَيت نِصفٌ، وبُنِي على نِصف.
قَالَ: وَكَذَلِكَ المضمَّن للأصوات أَن تَقول للْإنْسَان: قِفْ قُلَى، بإشمام اللَّام إِلَى الْحَرَكَة.
ورُوِي عَن عِكرِمة أَنه قَالَ: لَا تَشترِ لبَن الْغنم والبقرِ مُضمَّناً، لِأَن اللّبن يزيدُ فِي الضَّرْع ويَنقُص، وَلَكِن اشتره كَيْلاً مُسمًّى.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو معَاذ: يَقُول: لَا تَشتَرِه وَهُوَ فِي الضَّرْع. يُقَال: شَرابُك مُضمّن: إِذا كَانَ فِي كُوز أَو إِنَاء.
أَبُو زيد: يُقَال: فلَان ضَمِنٌ على أصْحابه وكلٌّ عَلَيْهِم، وهما وَاحِد. وإنّي لَفِي غَفَلٍ عَن هَذَا وغُفُول وغَفْلة، بِمَعْنى واحدٍ.

(أَبْوَاب: ض ف ب ض ف م ض ب م: مُهْملَة)

(12/37)


أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الضَّاد
ض ص ض س ض ز:
أهملها اللَّيْث كلُّها.
وَقد جَاءَ الضَّاد وَالسِّين وَالضَّاد وَالزَّاي فِي المعتلّ مستعملين.
(ض س ض ز (وَا يء))
فأمّا الضّادُ والسِّين فَإِن المُنْذِرِيَّ أخبرَني عَن الطُّوشيّ عَن أبي جَعْفَر الخرّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ:
(ضوز ضيس) : الضَّوْزُ: لَوْكُ الشَّيْء.
والضَّوْسُ: أكلُ الطَّعام، وَأما الضّاد والزّايُ فَإِن الله جلّ وعزّ قَالَ فِي كِتَابه: {الاُْنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} (النَّجْم: 22) .
وروَى المفضّل بن سَلَمة عَن أَبِيه عَن الفرّاء أَنه قَالَ فِي قَوْله: {إِذاً قِسْمَةٌ} ، أَي: جائرة.
قَالَ: والقُرّاء جميعُهم على ترك همز: {ضِيزَى.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: ضِيزَى وَلَا يَهمِز. وبعضُهم يَقُول: ضِئْزَى وضُؤْزَى، بِالْهَمْز، وَلم يَقْرَأ بهَا أحد نعلمهُ.
قَالَ: وضِيزَى فُعْلَى، وَإِن رأيتَ أوَّلَها مكسوراً، وَهِي مِثْلُ بِيض وعِين، كَانَ أوَّلُها مضموماً فكَرِهوا أَن يُترَك على ضَمِّه، فَيُقَال: بُوضٌ وعُونٌ، والواحدةُ بَيْضَاءُ وعَيْناءُ، فكسَروا أَولهَا لتَكون بِالْيَاءِ، ويتألّف الْجمع والأثنان وَالْوَاحد.
وَكَذَلِكَ كَرهُوا أَن يَقُولُوا: ضُوزَى، فَتَصِير بِالْوَاو وَهِي من الْيَاء. وَإِنَّمَا قضيتُ على أوّلها بِالضَّمِّ، لأنَّ النُّعوت للمؤنث تَأتي إمّا بفَتْح وإمَّا بِضَم، فالمَفْتُوح مِثْل سَكْرَى وعَطْشَى، والمضموم مِثل الأُنثى والحُبلَى. وَإِذا كَانَ اسْما لَيْسَ بنعتٍ كَسَرُوا أوَّله كالذِّكرى والشِّعرى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: مَا أغْنى عَنّي ضَوْزَ سِوَاك، وأَنشَد:
تعَلَّمَا يَا أَيُّها العَجُوزَانْ
مَا هاهُنا مَا كنْتُما تَضُوزان
فروِّزَا الأمرَ الَّذِي تَرُوزَان

(12/38)


وَأَخْبرنِي الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: ضِزْتُه حَقَّه، أَي: نقَصَتْهُ. قَالَ: وأفادني ابْن اليزيديّ عَن أبي زيد فِي قَوْله جلّ وعزّ: الاُْنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} . قَالَ: جائرة؛ يُقَال: ضاز يَضِيزُ ضَيْزاً، وأَنشد:
إِذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا فِي غَنيمةٍ
تقنَّعَ جارَانَا فلَم يتَرَمْرَما
قَالَ: وضأَزَ يَضْأَزُ مِثلُه. وَأنْشد أَبُو زيد:
إِن تَنْأَ عنَّا نَنتَقِصْك وإنْ تُقِم
فحظُّكَ مَضْؤوزٌ وأنفُكَ راغِمُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ضِزْتُ فلَانا أضيزُ ضَيْزاً: جُرْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَقول الْعَرَب: قسمةٌ ضُؤْزَى (بالضمّ والهمز) وضُوزَى (بِالضَّمِّ بِلَا همز) وضِئْزَى (بِالْكَسْرِ والهمز) وضِيزَى (بِالْكَسْرِ وَترك الْهَمْز) . قَالَ: وَمَعْنَاهَا كُّلها الجَوْرُ؛ روى ذَلِك كُله عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى.
ورَوَى سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ: الضُّوَازة: شظيّةٌ مِنَ السِّواك.
قلتُ: ضازَ يَضُوز: إِذا أَكَلَ. وضازَ يَضِيز: إِذا جارَ.
ض ط (وَا يء)
أهملَه اللَّيْث.
(ضوط ضيط) : وَقَالَ أَبُو زيد فِي (النَّوَادِر) : ضاطَ الرجلُ فِي مَشْيه فَهُوَ يَضيِطُ ضَيَطاناً، وحاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً: إِذا حَرّك مَنْكِبَيه وجَسَدَه حِين يمشي، وَهُوَ الْكثير اللَّحم الرِّخْوُ.
وأقرأَني الإيادَيُّ لشَمِر عَن أبي عبيد عَن أبي زيد: الضَّيَطانُ أَن يُحَرِّك مَنْكِبَيه حِين يمشي مَعَ كثرةِ لَحْمٍ. ثمَّ أَقرأَنيه المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم: الضَّيَكَان بِالْكَاف بدل الطَّاء فَإِذا هُما لُغَتان بِمَعْنى وَاحِد.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت عَن الكلابيّ: الضَّوِيطَةُ: الْحَمْأَةُ والطين.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للحَيْس: ضَوِيطَةُ.
وَقَالَ غيرُه: رَجل ضَوِيطةٌ أحمقُ، وَأنْشد:
أَيَردُّني ذاكَ الضَّوِيطَةُ عَن هَوَى
نفسِي ويَفعلُ غيرَ فِعل العاقِلِ
وسمعتُ أَبَا حَمْزَة يَقُول: يُقَال: أَضْوَط الزِّيارَ على الفَرَس، أَي: زَيَّرَهُ بِهِ.
وَقَالَ الْفراء: إِذا عُجِن العجينُ رَقِيقا فَهُوَ الضَّوِيطة، والوَرِيخَةُ. وَفِي فَمه ضَوَط، أَي: عَوَج.
ض د (وَا يء)
استُعمل مِنْهُ: (ضأد، رأض، ضود) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الضُؤْدَةُ: الزُّكام، وَقد ضُئدَ فَهُوَ مَضْئود. وأضأَده الله، أَي: أَزْكَمه.

(12/39)


وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الضُؤاد، وَقد ضُئِد: إِذا زُكِم.
دأض: أهمَلَه اللّيث؛ وأَنشَد الباهليّ:
وَقد فَدَى أعناقَهُنّ المَحْصُن
والدَّأْضُ حَتَّى لَا يكون غَرْضُ
قَالَ: وَيَقُول: فَدَاهُنّ ألبانُهن من أَن يُنْحَرْن، قَالَ: والغَرْضُ: أَن يكون فِي جُلودها نُقْصَان.
قَالَ: والدَّأَضُ والدَّأَصُ بالضاد وَالصَّاد: ألاّ يكون فِي جلودها نُقْصَان. وَقد دَئِضَ يَدْأَض دَأَضاً، ودَئَصَ يَدْأَصُ دَأَصاً.
قلتُ: وَرَوَاهُ أَبُو زيد بالظاء فَقَالَ:
والدَّأْظُ حَتَّى لَا يكون غَرْضُ
وَكَذَلِكَ أقرأَنِيه المُنذرِيّ عَن أبي الهيْثم، وفسّره فَقَالَ: الدَّأْظ: السِّمَنُ والامتلاء. يَقُول: لَا يُنْحَرْنَ نَفاسةً بهنّ لسِمَنِهِنّ وحُسنهن.
(ضود) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضَّوادِي: الفُحْش.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: ضادَى فلانٌ فلَانا، وضادَّه بِمَعْنى وَاحِد. وَإنَّهُ لصاحبُ ضَدًى مِثل قَفاً من المُضادّة، أخرجه من التَّضْعِيف.
ض ت ض ظ ض ذ ض ث: أهملت مَعَ حُرُوف العلّة.

(بَاب الضَّاد والرّاء)
ض ر (وَا يء)
ضَرَا، (ضَرِي) ، وضر، رَضِي، روض، ريض، أَرض، ورض، ضور، ضير.
ضرا: الأصمعيّ: ضَرّا العِرْقُ يَضْرُو ضَرْواً: إِذا اهتزّ ونَفَرَ بالدّم.
وَقَالَ العجَّاج:
مِمّا ضَرَا العِرْقُ بِهِ الضَّرِيُّ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَرَى يَضرِي: إِذا سَالَ وجَرَى.
قَالَ: ونَهَى عليّ رَضِي الله عَنهُ عَن الشُّرب فِي الْإِنَاء الضّارِي. قَالَ: وَمَعْنَاهُ: السَّائِل، لِأَنَّهُ يُنقص الشُرْب. قَالَ: وضَرِيَ النَّبيذُ يضرى: إِذا اشتدّ.
قلتُ أَنا: الضَّارِي من الْآنِية: الإناءُ الَّذِي ضُرِّيَ بالخَمْر، فَإِذا جُعِل فِيهِ العَصيرُ صارَ مُسكِراً، وأصلُه من الضَّراوة وَهِي الدُّرْبة والعادَة.
ورَوَى أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: لَذِمْتُ بِهِ لَذَماً، وضَرِيتُ بِهِ ضَرَى وَدَرِبْتُ بِهِ دَرَباً.
قَالَ شمِر: الضَّراوةُ: الْعَادة يُقَال: ضَرِيَ بالشَّيْء: إِذا اعتاده فَلَا يكَاد يصبِر عَنهُ. وضَرِيَ الكلبُ بالصيد: إِذا تَطَعَّمَ بلَحْمه ودَمِه. والإناءُ الضّارِي بالشّراب، والبيتُ الضّاري باللَّحم مِن كَثْرَة الاعتياد حَتَّى

(12/40)


يَبقَى فِيهِ ريحُه. وَأما قَول الأخطل:
لمّا أتَوْه بمصباحٍ ومِبْزَلهِمْ
سَارَتْ إِلَيْهِ سُؤْرَ الأَبجُل الضّارِي
فَإِن بَعضهم قَالَ: الضّاري: السائلُ بالدّم؛ من ضَرا يَضْرُو. وَقيل: الأَبْجلُ الضارِي: العِرْقُ من الدّابة الَّذِي اعْتَادَ التودِيج، فَإِذا حَان حِينُه ووُدِّج كَانَ سؤرُ دَمه أشَدَّ؛ ولكلَ وَجْهٌ.
وَفِي حَدِيث عمَر: (إِن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر) . أَرَادَ أنّ لَهُ عَادَة طَلاّبةً لأكلها كعادة الْخمر، وشدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها، وَمن اعْتَادَ الْخَمرَ وشُرْبَها أَسرَف فِي النّفقة حِرْصاً على شُرْبها، وَكَذَلِكَ من اعْتَادَ اللَّحْم وأَكله لم يَكَد يَصبِر عَنهُ، فَدخل فِي بَاب المُسرِف فِي نَفَقته، وَقد نَهَى الله عزّ وجلَّ عَن الْإِسْرَاف.
وَقَالَ الأصمعيّ: ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً: إِذا اعْتَادَ الصّيدَ.
وَيُقَال: كَلْبٌ ضِرْوٌ، وكَلْبة ضِرْوة، والجميع أَضْرٍ وضِراء.
وَيُقَال أَيْضا: كلبٌ ضارٍ، وكَلْبةٌ ضارِية. قَالَ: والضَّرَاء مَا وَراك من شجر.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: الضَّرَاء: البَرازُ والفَضاء. وَيُقَال: أرضٌ مستويةٌ فِيهَا شجر؛ فَإِذا كَانَت فِي هَبْطةٍ فَهِيَ غَيْضَة.
وَقَالَ ابْن شُميل: الضَّرَاءُ: المستوِي من الأَرْض؛ يُقَال: لأَمْشِيَنَّ لَك الضَّرَاء. قَالَ: وَلَا يُقَال: أرضٌ ضَرَاءٌ، وَلَا مَكانٌ ضَرَاء.
قَالَ: ونزلْنا بضَراءٍ من الأرْض؛ أَي: بأَرْضٍ مستوِية؛ وَقَالَ بِشْرُ:
عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلاَ
بشَهْباءَ لَا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها.
قَالَ: وَيُقَال: لَا أَمْشِي لَهُ الضَّراء وَلَا الْخَمرَة؛ أَي: أُجاهِرُه وَلَا أُخاتِله.
قَالَ شَمِر: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّراءُ: الاستخفاء.
وَيُقَال: مَا وَاراكَ من أَرْضٍ فَهُوَ الضَّرَاء، وَمَا واراك من شجرٍ فَهُوَ الخَمَرَ.
وَهُوَ يَدِبُّ لَهُ الضَّرَاءَ: إِذا كَانَ يَختِله.
وَقَالَ ابْن شُميل: مَا واراكَ من شَيْء وادّرأْتَ بِهِ فَهُوَ الخَمَر، الوَهْدةُ: خَمَرٌ. والأكمَةُ: خَمَر، والجَيَلُ: خَمَرٌ. والشجرُ: خَمَر. وكلُّ مَا وَاراكَ فَهُوَ خَمَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: مكانٌ خَمِر: إِذا كَانَ يغطِّي كلَّ شَيْء ويُوارِيه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضِّرْوُ والبُطْمُ: الحبّةُ الخَضْراء.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرْوُ: ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه فِي العِطْر، وَيُقَال: ضِرْو.
قَالَ: وَهُوَ المحْلَب، وَيُقَال: حَبّةُ

(12/41)


الْخَضْراء، وأَنشدَ غيرُه:
هَنِيئًا لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه
على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ
أَرَادَ عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضِّرْو: إِذا استاكتْ بِهِ هَذِه الْجَارِيَة كَانَ الرِّيقُ الّذي يَبتلّ بِهِ السِّواكُ مِن فِيهَا كالشَّهْد.
ضور ضير: أخبَرَني المنذريُّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: ضارَني يَضيرُني، ويَضُورني ضَيْراً.
سَلَمة عَن الفرّاء؛ قَرَأَ بعضُهم: {لَا يَضِرْكُم كيدهم شَيْئا} (آل عمرَان: 120) ، يَجعله من الضَّيْر.
قَالَ: وَزعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ الْعَالِيَة يَقُول: مَا يَنْفَعنِي ذاكَ وَلَا يَضُورُني.
والضّرُّ وَاحِد. قَالَ الله جلّ وعزّ: {لله (قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (الشُّعَرَاء: 50) ، مَعْنَاهُ: لَا ضَرَّ.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء قَالَ: الضُّورةُ من الرّجال: الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.
قلتُ: وأَقرأَنيه الإياديّ عَن شَمِر بالراء، وأقرأنيه المنذريُّ رِوَايَة عَن أبي الْهَيْثَم: الضُّؤْزَةُ، بالزّاي مهموزاً، وَقَالَ لي: كَذَلِك ضبطتُه عَنهُ.
قلتُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الضُّورَةُ: الضعيفُ من الرّجال. والضَّوْرَةُ: الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.
ورَوى عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الضَّوْرُ: شِدّةُ الجُوع.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: هُوَ يَتلَعْلَع من الجُوع؛ أَي: يتضَوّر.
وَقَالَ اللّيث: التضوُّر: صِيَاحٌ وتَلَوَ عِنْد الضّرب من الوَجع.
قَالَ: والثعلبُ يتضوّر فِي صِياحه.
ورَوى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: هَذَا رجلٌ مَا يَضِيرُك عَلَيْهِ نَحْتاً للشّعر، ولحناً للشِّعر، أَي: مَا يَزيدك على قَوْله الشّعر. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن السكّيت: وَكَذَلِكَ مَا يُزَنِّدُك وَمَا يُزَرْنِقُك على قَوْله الشّعْر.
وضر: قَالَ اللَّيْث: الوَضَرُ: وَسَخُ الدَّسَم واللّبن، وغُسالةُ السِّقَاء والقَصْعَة وَنَحْوه، وأَنشَد:
إِن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً
أَو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للغُنْدُورة: وَضْرَى، يَعْنِي أمّ سُوَيْد.
وَقَالَ شمر: يُقَال: وَضِرَ الْإِنَاء يَوْضَر وَضَراً: إِذا اتّسخ، وَيكون الوَضَر من الصُّفرة والحُمْرة والطِّيب، ثمَّ ذكر حديثَ

(12/42)


عبد الرّحمن بن عوْف حِين رأى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَضَراً من صُفْرة فَقَالَ لَهُ: (مَهْيَم) الْمَعْنى: أَنه رأى بِهِ لَطْخاً من خَلوق أَو طِيب لَهُ لون، فَسَأَلَهُ عَنهُ فأَخبَرَه أنّه تزوّج.
روض ريض: يُقَال: رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً ورِياضةً: إِذا علّمتَها السَّيْرةَ وذلّلتَها، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
ورُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ
دَلَّ بقَوْله: أيَّ إذْلال، أنّ معنى قَوْله: رُضْتُ: ذللّتُ، لِأَنَّهُ أَقَامَ الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.
وَقَالَ الأصمعيّ وغيرُه: الرَّيِّض من الدّوَاب: الّذي لم يَقبل الرّياضة ولَم يَمْهَر السَّيْرة، وَلم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كَيفَ يَشَاء.
وَيُقَال: قصيدة رَيِّضةُ القَوافي: إِذا كَانَت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها وَلَا عَرُوضَها. وأَمْرٌ رَيِّض: إِذا لم يُحكم تدبيرُه.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: استَراضَ الْوَادي: إِذا استَنقَع فِيهِ الماءُ.
وَقَالَ شَمِر: كأنّ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فِيهَا.
وَقَالَ غيرُه: أراضَ الوادِي إراضَةً: إِذا استراضَ الماءُ فِيهِ أَيْضا.
وَفِي حَدِيث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبَيْه لمّا نَزَلوا عَلَيْهَا وحَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها وسَقَوْها، ثمَّ حَلَبوا فِي الْإِنَاء حَتَّى امْتَلَأَ، ثمَّ أَراضُوا) . قَالَ أَبُو عُبَيد: معنى: (أَراضُوا) ، أَي: صَبُّوا اللّبَن على اللَّبن. ثمَّ قَالَ: أَراضُوا من المُرِضَّةِ وَهِي الرَّثيئة.
قَالَ: وَلَا أعلمُ فِي هَذَا الحَدِيث حرفا أغربَ مِنْهُ.
وَقَالَ غيرُه: معنى قَوْلهَا: (أراضُوا) ، أَي: شَرِبوا عَلَلاً بعد نَهَل. أَرَادَت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلاً، وَهُوَ من أَراضَ الْوَادي واستراضَ: إِذا استَنقَع فِيهِ المَاء. وأَراضَ الحوضُ: إِذا اجْتمع فِيهِ الماءُ؛ وَيُقَال لذَلِك المَاء: رَوْضة، وَأنْشد شَمِر قولَ الرّاجز:
وروضةٍ سَقيْتُ مِنْهَا نِضْوَتي
قلت: ورياضُ الصَّمَّان والحَزْن فِي البادِية: قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بَين ظَهرانَيْ قِفافٍ وجَلَدٍ من الأَرْض يَسيل فِيهَا ماءُ سيولِها فيستريض فِيهَا، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب والبُقول، وَلَا يُسرِع إِلَيْهَا الهَيْج والذُّبول، وَإِذا أعشبتْ تِلْكَ الرياضُ وتَتابَع عَلَيْهَا السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَنَعَمُها جَمْعَاء. وَإِذا كَانَت الرياض فِي أعالي البِراق والقِفَاف فَهِيَ السُّلْقان، وأحدها سَلَق. وَإِذا كَانَت فِي الوِطاءات فَهِيَ رِيَاض، وَفِي بعض تِلْكَ الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ، وربَّما كَانَت

(12/43)


الروضةُ وَاسِعَة يكون تقديرها مِيلاً فِي ميل، فَإِذا عَرُضتْ جدّاً فَهِيَ قِيَعانٌ وقِيعةٌ، واحدُها قاع. كلُّ مَا يَجتمِع فِي الإخاذ والمَسَاكات والتَّناهي فَهِيَ رَوْضة عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ الأصمعيّ: الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. وَيُقَال: فِي المَزادة رَوْضَةٌ من المَاء، كَقَوْلِك: فِيهَا شَوْلٌ من المَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أراضَ الخوضُ فَهُوَ مُرِيض. وَفِي الْحَوْض رَوْضة من المَاء: إِذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه وأَرْضَه.
وَقَالَ: هِيَ الرَّوضَةُ والرِّيضةُ والأَرِيضَة والمُسترِيضَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً ورِيضاناً.
قلتُ: وَإِذا كَانَ الْبَلَد سَهْلاً يَنْشَف المَاء لسُهُولَته، وأسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فَهُوَ مَرَاضٌ، وجمعُه مَرائض، ومَرَاضات، وَإِذا احتاجوا إِلَى مِياه المَرائض حَفَروا فِيهَا جِفاراً فشَرِبوا مِنْهَا واستَقَوْا من أحسائها إِذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.
ورُوي عَن ابْن المسيّب أَنه كَرِه المُرَاوَضَة.
قَالَ شمر: المُرَاوَضة: أَن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة لَيست عِنْدَك.
قلت: وَهُوَ بَيْعُ المُواصَفة عِنْد الْفُقَهَاء. وأَجازَه بعضُ الْفُقَهَاء إِذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ: وأَبَى الْآخرُونَ إجازَتها، إِلَّا أَن تكون الصفةُ مَضْمُونَة إِلَى أجل مَعْلُوم.
ورض: قَالَ اللّيثُ: وَرَضَت الدَّجاجةُ: إِذا كَانَت مُرْخِمةً على البَيْض، ثمَّ قَامَت فوضَعَت بمَرَّةٍ وَاحِدَة.
قَالَ: وَكَذَلِكَ التَّوْريضُ فِي كلّ شَيْء.
قلتُ: هَذَا عِنْدِي تَصْحِيف، والصوابُ وَرَّصَتْ بالصَّاد.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: وَرَّص الشَّيْخ، بالصّاد: إِذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: أَوْرَصَ ووَرَّصَ: إِذا رَمَى بغائطِه. وَأما التَّوريضُ، بالضّاد، فَلهُ معنى غيرُ مَا ذكره اللّيثُ.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُوَرِّضُ: الَّذِي يَرْتاد الأرضَ ويَطلُب الْكلأ، وَأنْشد قولَ ابنِ الرِّقَاع:
حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أَن قَدْ
ذَرَّ مِنْهَا بكلّ نَبْءٍ صِوارُ
ذرَّ: أَي: تَفرَّق. النَّبْءُ: مَا نَبَا من الأَرْض.
وَقَالَ: يُقَال: نَوَيْتُ الصومَ وأَرَّضْتُه، ووَرَّضْتُه، ورَمَّضْتُه، وبَيَّتُّهُ، وخَمَّرْتُه،

(12/44)


وبَنَّنْتُه، ودَسَّسْتُه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي الحَدِيث: (لَا صِيامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل) .
قلت: وأحسبُ الأصلَ فِيهِ مهموزاً، ثمَّ قُلِبت الْهمزَة واواً.
أَرض: الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الأرْضُ: الَّتِي عَلَيْهَا النَّاس. والأرْضُ: سُفلَةُ الْبَعِير والدّابة؛ يُقَال: بعيرٌ شديدُ الأرْض: إِذا كَانَ شديدَ القوائم. وأنشَد:
ولَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ
وَلَا لحَبْلَيْه بهَا حَبَارُ
يَعْنِي: لم يُقلِّب قَوَائِمهَا لعلَّة بهَا، وَقَالَ سُوَيد بن كرَاع:
فركِبناها على مَجْهولِها
بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ
وَقَالَ خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ:
إِذا مَا اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه
جَرَى وَهُوَ مَوْدُوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ
قَالَ: والأرْضُ: الرِّعْدةُ. ورُوي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بِي أرْضٌ، أَي: بِي رِعْدَة.
وَيُقَال: بِي أَرْضٌ فآرِضُوني، أَي: دَاوُوني. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها
أَو كَانَ صاحِبَ أَرْضٍ أَو بِهِ المُومُ
قَالَ: والأرضُ: الزُّكام، يُقَال: رجل مأْروض. وَقد أُرِض فلَان، وآرَضَه اللَّهُ إيراضاً.
والأرْضُ: مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فَهِيَ مأروضَة إِذا وَقعت الأرَضَة فِيهَا.
قَالَ: والأرَض بِفَتْح الرَّاء: مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض: إِذا تَفَشَّتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا فَسدتْ القُرحة وتقطَّعت.
قيل: أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الأرِيضَة: الأَرْض السهلة لَا تميل إلاّ على سَهْل ومنبت، وَهِي ليّنة كَثِيرَة النَّبَات، وَإِنَّهَا لأَرِيضة للنبت وَإِنَّهَا لذات أراضة، أَي: خَلِيقَة للنبت.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أُرِضَت الأَرْض تأرُض أرَضاً: إِذا أخصبَتْ وزكا نباتُها.
وأرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة: إِذا كَانَت كَرِيمَة.
قَالَ أَبُو النَّجم:
أبحرُ هِشامٍ وَهُوَ ذُو فِراضِ
بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ
وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ
فِي كل وادٍ واسِع المُفَاضِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإراضُ: العِراضُ، يُقَال: أَرضٌ أَرِيضةٌ، أَي: عريضة.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الإراض: بِساطٌ

(12/45)


ضَخْمٌ من وَبرٍ أَو صوف.
وَقَالَ أَبُو البَيْداء: أَرْضٌ وأُرُوضٌ. وَمَا أَكثر أُروضَ بني فلَان.
وَيُقَال: أَرْضَ وأَرْضُون وأَرَضات. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات: خَلِيقَة، وَإِنَّهَا لَذاتُ إرَاضٍ.
وَقَالَ غَيره: المؤرِّضُ: الَّذِي يَرعَى كلأَ الأَرْض.
وَقَالَ ابْن دَالاَن الطائيّ:
وهم الحُلومُ إِذا الرّبيعُ تجنّبتْ
وهمُ الربيعُ إِذا المؤرِّضُ أجدَبَا
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: مَا آرَضَ هَذَا المكانَ، أَي: مَا أكثرَ عُشبَه.
وَقَالَ غيرُه: مَا أحسَنه وأطيَبَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: أرْضٌ أرِيضة، أَي: مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.
الأصمعيّ: تأَرَّضَ فلانٌ بِالْمَكَانِ: إِذا ثَبت فلَم يَبْرح.
وَقيل: التأرُّضُ: التأنّي والانتظار، وَأنْشد:
وصاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا
فقامَ عجلانَ وَمَا تأَرَّضا
يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً
إِذا الكَرَى فِي عَيْنِه تمَضْمَضَا
وَيُقَال: تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ، أَي: يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول أمّ معبد الخُزاعيَّة: (فَشرِبوا حَتَّى أَرَاضوا) ، أَي: نَامُوا على الإراض، وَهُوَ البِسَاط.
قلت: والقولُ مَا قَالَه غيرُه: إِنَّه بِمَعْنى نَقَعوا ورَوُوا.
رَضِي: قَالَ اللَّيْث: رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. والرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ، والرِّضا مقصورٌ.
قلتُ: وَإِذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً ومُراضاةً فَهُوَ مَمْدُود: وَإِذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فَهُوَ مَقْصُور.
وَقَالَ أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّضِيُّ: المُطِيعُ. والرَّضيُّ: المُحِبّ. والرِّضيّ: الضَّامِن.
وَمن أَسمَاء النِّسَاء: رُضَيَّا بوَزْن التُّرَيا وتكبيرهما رَضْوَى وثَرْوَى.
ورَضْوَى: اسمُ جبل بعَيْنَه والمَرْضاةُ والرُّضْوَان: مصدَران.
والقرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ بِكَسْر الرَّاء إلاّ مَا رُوِي عَن عَاصِم أَنه قَالَ: رُضوَان، وهما لُغَتَانِ.
وَيُقَال: فلَان مَرْضِيٌّ، وَمن الْعَرَب من يَقُول: مَرْضُوٌّ، لِأَنَّهُ من بَنات الْوَاو، وَالله أعلم.

(12/46)


(بَاب الضَّاد وَاللَّام)
ض ل (وَا يء)
استُعمل من جَمِيع وجوهه: (ضول، ضلا، لضا) .
ضول: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً وضُؤُولة: إِذا قَال رأْيُه. وضَؤُل ضُؤولةً وضآلة: إِذا صَغُر.
وَقَالَ اللَّيْث: الضئيلُ نعتٌ للشَّيْء، فِي ضَعِفه وصِغَره ودقّته، وجمعُه ضُؤلاءُ وضَئيلون. وَالْأُنْثَى ضئيلة، وَأنْشد شَمِر لبَعض بني أَسَد:
أَنا أَبُو المِنهالِ بعضَ الأحيان
لَيْسَ عليَّ نَسَبي بضُؤْلان
أَرَادَ بضَئِيل.
وَفِي الحَدِيث: (إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ، وَإنَّهُ لَيَتَضَاءَل من خَشْيَة الله حَتَّى يصيرَ مثلَ الوَصَع) ، يُرِيد يتصاغَر ويتحاقَر تَواضُعاً لله، وخشيةً للربّ تبَارك وَتَعَالَى.
والضّالُ غير مَهْمُوز: هُوَ السِّدْرُ البَرّيّ، والواحدةُ ضالَةٌ.
وَيُقَال: خَرج فلانٌ بضالَتِه، أَي: بسلاحِه.
والضّالَةُ: السلاحُ أجمع، يُقَال: إِنَّه لكامِل الضّالَة، والأصلُ فِي الضّالَة: النِّبالُ والقِسيُّ الَّتِي تُسَوَّى وتُنحت من شَجَر الضَّالِ.
وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
أَبُو سليمانَ وصُنْع المُقْعَدِ
ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ
وضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد
ومؤْمِن بِمَا تَلاَ محمّد
أَرَادَ بالضّالَة: السهامَ، شَبّه نصالَها فِي حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الضُّؤُولةُ: الهُزال.
ضلا: أهملَه اللَّيْث.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَلاَ: إِذا هَلَك.
(لضا) : قَالَ: ولضَا: إِذا حَذَق الدِّلالة.

(بَاب الضَّاد وَالنُّون)
ض ن (وَا يء)
ضني، ضنأ، ضَأْن، ضون، وضن، نضا، نوض، أنض.
ضني: وَقَالَ اللَّيْث: ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شَدِيدا: إِذا كَانَ بِهِ مرَضٌ مُخامِر، وَكلما ظنّ أَنه قد بَرَأ نُكِس، وَقد أضناه المَرَض إضْنَاءً.
سلمةُ عَن الفرّاء: الْعَرَب تَقول: رجلٌ ضَنًى ودَنف، وقَومٌ ضَنًى، أَي: ذوُو ضنًى وَكَذَلِكَ قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل وصَوْمٌ ونَوْم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجل ضنًى، وَامْرَأَة ضَنًى، وقومٌ ضَنًى، وَهُوَ المُضْنَى من

(12/47)


الْمَرَض.
وقومٌ ضَنًى، أَي: ذَوُو ضَنًى، وَكَذَلِكَ قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.
وَقَالَ: تَضَنَّى الرجلُ: إِذا تمارَض. وأَضنَى: إِذا لَزِم الفِراشَ، من الضَّنَى.
وَيُقَال: رجلٌ ضَنِ، ورجلان ضَنِيَان، وَامْرَأَة ضَنِيَة، وَقوم أَضناءٌ.
وَيُقَال: أضناه المَرَضُ وأنضَاه بِمَعْنى وَاحِد.
ضنأ: قَالَ أَبُو زيد: ضنأَتِ المرأةُ ضَنّاً وضُنُوءاً: إِذا وَلَدَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّنْءُ: الوَلَد، مَهْمُوز سَاكن النُّون، وَقد يُقَال لَهُ: الضِّنء.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: قَالَ أَبُو المفضّل أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أَسد قَالَ: الضَّنْءُ: الْوَلَد، والضِّنْءُ: الأَصْل، وَأنْشد:
وميراث ابْن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ
بأصْل الضِّنْء ضِئْضِئة الأصيلِ
أَرَادَ ابْن هاجَر، وَهُوَ إِسْمَاعِيل.
اللَّيْث: ضنَتِ المرأةُ تضْنُو: إِذا كثُر ولدُها، وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي الضّانية.
وَيُقَال: ضَنَأتِ الماشيةُ: إِذا كثُر نِتاجُها قَالَ: وضِنْءُ كلّ شَيْء: نَسْلُه.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: امرأةٌ ضانئة وماشية، مَعْنَاهُمَا أَن يَكثُر ولدُهما، وَقد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً، وضَنأَتْ تضنُو ضَنْأً مَهْمُوز.
رَوَى شَمِر عَن أبي عُبَيد فِيمَا قرأْتُ على الإياديّ: اضطَبَأْتُ مِنْهُ: استحيَيْتُ، رَوَاهُ بِالْيَاءِ عَن الأُمَويّ.
وأَخبَرني الإياديّ عَن أبي الهَيْثم أنّه قَالَ: إِنَّمَا هُوَ اضْطَنَأْتُ بالنّون؛ وأَنشَد:
إِذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى
وَلَا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل
وأخبَرَني أَبُو المفضّل عَن الحرّاني عَن ابْن السّكيت أنّه أنشَده:
تَزَاءَك مُضْطَنِيءٌ آرِمٌ
إِذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لَا يَفْطَؤْهْ
قَالَ: والتَّزاؤُك: الاستحياء. آرِم، أَي: يُواصِل، لَا يَفْطأُه، أَي: لَا يَقهَره.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضُّنَى: الأَوْلاد. قَالَ: والضِّنَى بِالْكَسْرِ: الأوجاعُ المُخِيفة.
وَقَالَ ابْن دُرَيد فِي كتاب (الجَمْهرة) : قعد فلَان مَقعَد ضُنْأةٍ، أَي: مَقعَد ضَرورة، وَمَعْنَاهُ الأَنفَة.
قلت أَنا: أحسَب قولَ ابْن دُرَيد من الاضطِناء، وَهُوَ الاستحياء.

(12/48)


ضَأْن ضون: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضّانةُ غيرُ مَهْمُوز: البُرَةُ الَّتِي يُبْرَى بهَا البَعِيرُ؛ ذكرهَا غيرُ وَاحِد مِنْهُم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّضَوُّن: كثرةُ الوَلَد. قَالَ: والضَّوْن: الإنْفَحة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الضَّيْوَنُ: الهِرُّ، وجمعُه الضَّيَاوِن.
وَمن مَهموزِه: الضَّأْنُ والضَّأَن؛ مثلُ المَعْز والمَعَز، وتُجمع ضَئِيناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّأْن: ذواتُ الأصْواف من الغَنَم؛ وَيُقَال للواحدة: ضائنة، ورَجلٌ ضائن؛ قَالَ بعضُهم: هُوَ اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. وَقَالَ آخَرُ: هُوَ الَّذِي لَا يزَال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.
وَيُقَال: رَمْلةٌ ضائنة، وَهِي البيضاءُ العَرِيضة، وَقَالَ الجَعْدِيّ:
إِلَى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا
وَيُقَال: اضْأَنْ ضَأْنَك، وامْعَزْ مَعْزَك، أَي: اعْزِل ذَا مِنْ ذَا. وَقد ضأَنْتُها: إِذا عزلتَها.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حَبيب: قَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ ضائنٌ: إِذا كَانَ ضَعِيفا، ورجلٌ ماعِزٌ: إِذا كَانَ حازماً مَانِعا مَا وراءَه.
قَالَ: والضِّئنِيّ: السِّقاءُ الَّذِي يُمخَض بِهِ الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إِذا كَانَ ضَخْماً من جلد الضَّأْن.
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثَوْر:
وجاءَتْ بضِئْنِيَ كأنّ دَوِيَّهُ
ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ
وضن: سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الميضَانة: القُفّة، وَهِي المَرْجُونة والقَفْعة، وَأنْشد:
لَا تَنْكِحنّ بعْدهَا حَنّانَهْ
ذَات قَتارِيد لَهَا مِيْضَانَهْ
قَالَ: حَنّ وهَنّ، أَي: بَكَى.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (الاَْخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ} (الْوَاقِعَة: 15) .
قَالَ الفرّاء: الموْضُونةُ: المَنْسُوجةُ، وَإِنَّمَا سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لِأَنَّهُ منسوج.
وَيُقَال: وضَنَ فلانٌ الْحجر والآجُر بعضُه فَوق بعضٍ: إِذا أشْرَجه: فَهُوَ مَوْضون.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَضْن: نسجُ السَّرِيرِ وأشباهِه بالجوهر وَالثيَاب، وَهُوَ مَوْضُونٌ.
قَالَ: والوَضِينُ: البِطَانُ العَرِيض.
وَقَالَ حُميد بن ثوْر:
على مُصْلَخِمَ مَا يكَاد جَسِيمُه
يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما
المسمَّمُ: المزيَّنُ بالسُّموم، وَهِي خَرَزٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّوَضُّن: التّحبُّبُ. والتوَضُّنُ: التذَلُّلُ. والوُضْنَةُ: الكرسيُّ المنسوجُ.
وَقَالَ شَمِر: المَوْضونةُ: الدِّرْعُ المَنْسوجة.
وَقَالَ بَعضهم: دِرْعٌ مَوْضونةٌ: مُقاربةُ

(12/49)


النَّسْج مثل الموضُونة.
وَقَالَ رجل من الْعَرَب لامْرَأَته: ضِنِيه يَعني مَتاعَ بَيتهَا أَي: قارِبي بعضَه من بعض.
وَقيل: الوَضْنُ: النَّضْد، يُقَال: وَضَن متاعَه بعضَه فَوق بعض.
نوض: قَالَ ابْن المظفَّر: النَّوْضُ: وُصْلةُ مَا بَين العَجُز والمَتْن. وَلكُل امْرَأَة نَوْضان: وهما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها، يَعْنِي وَسَط الوَرِك، وَقَالَ رُؤبة:
إِذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ فِي انتِهاضِ
جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ
قَالَ: والنَّوْضُ: شِبْه التَّذَبْذُب والتَّعَثْكُل، يُقَال: ناضَ يَنُوض نَوْضاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأنواضُ: مدافع المَاء، وَقَالَ رؤبة:
غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ
يُسقَى بِهِ مَدافِعُ الأنْواضِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأنواضُ: الأوْدية، وَاحِدهَا نَوْض.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَنهُ أَنه قَالَ: النَّوْضُ: الْحَرَكَة، والتَّفَرّض. والنَّوْضُ: العُصْعُص.
وَقَالَ الْكسَائي: العَرَب تُبدِل من الصَّاد ضاداً، فَتَقول: مَا لَكَ مِن هَذَا مناض، أَي: مناص.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: يُقَال: فلَان مَا يَنُوض لحاجةٍ، وَمَا يَقدِر أَن يَنُوص، أَي: يَتَحَرَّك لشَيْء.
وَقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً: إِذا ذَهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً، أَي: ضرّجْته. وأَنشدَ فِي صِفَة الْأسد:
فِي غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كَأَنَّهُ
بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ
أَي: مُضَرَّج. أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن أبي العبّاس أَحْمد بن يحيى عَنهُ.
أَبُو تُرَاب عَن أبي سعيد الْبَغْدَادِيّ قَالَ: الأنْوَاضُ والأنْواطُ وَاحِد، وَهِي مَا نُوِّط على الْإِبِل إِذا أُوقِرَتْ، وَقَالَ رُؤْبة:
جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ
أنض: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أنَضْت اللحمَ إيناضاً: إِذا شَوَيْتَه وَلم تُنْضِجْه.
وَقَالَ اللَّيْث: لحمٌ أَنِيض: فِيهِ نُهُوأةٌ، وَقَالَ زُهَير:
يُلَجْلِجُ مُضغةً فِيهَا أَنِيض
أصَلّتْ فَهِيَ تحتَ الكَشْح داءُ
وَقد أَنُض أَناضَةٌ فَهُوَ أَنِيض.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الإناضُ: إدْراكُ النَّخْل، وَمِنْه قولُ لَبيد:
وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ

(12/50)


ويُروَى: وأنِيض.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: إِذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فَهُوَ الإناض.
نضا: قَالَ اللَّيْث: نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عَن اللّحية، أَي: خَرَج وذَهب عَنهُ.
ونُضَاوةُ الحِنّاء: مَا يُؤْخَذ من الخِضاب مَا يَذهبُ لونُه فِي اليَد والشَّعْر. وَقَالَ كُثيّر يُخَاطب عَزّة:
وَيَا عَزَّ للوَصْلِ الَّذِي كَانَ بينَنا
نَضَا مِثلَ مَا يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ
ونَضَا الثوبُ عَن نفسِه الصِّبْغ: إِذا أَلقاه.
ونَضَت المرأةُ ثَوْبها عَن نفسِها، وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
فجئْتُ وَقد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها
لَدَى السِّتْر إلاّ لِبْسَةَ المتفضِّلِ
والدّابةُ تنضو الدّوابَّ: إِذا خرجتْ من بَينهَا.
ورملةٌ تنضو الرِّمال فَهِيَ تَخرُج مِنْهَا.
ونَضَا السهْم، أَي: مَضَى.
وَقَالَ رُؤبة:
يَنْضُون فِي أجوازِ ليلٍ غاضِي
نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: نَضَوْتُ ثِيَابِي عنّي: إِذا ألقيتها عَنْك.
وَقد نَضَوْتُ الجُلَّ عَن الْفرس نَضْواً، وَقد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.
ونَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها: إِذا تَقدَّمها وانْسَلَخَ مِنْهَا. والنِّضْو: الْبَعِير المهزول وَجمعه أنضاء، وَالْأُنْثَى نِضْوَة. وَيُقَال لأَنْضاء الْإِبِل: نِضْوان أَيْضا.
وَيُقَال: أَنْضى وَجه الرجل، ونَضَا على كَذَا وَكَذَا: إِذا أَخْلَق.
وَقَالَ اللّيْثُ: المُنْضِي: الرجل الّذي صَار بعيرُه نِضْواً، وَقد أَنْضاه السَّفر.
وانتضَى السيفَ: إِذا استلَّه من غِمْده. ونَضَا سَيْفَه: إِذا سَلَّه. وسَهْمٌ نِضْوٌ: إِذا فَسَد من كَثْرَة مَا رُميَ بِهِ حَتَّى أَخلَق، ونَضِيٌّ السَّهْمِ: قِدْحُه، وَهُوَ مَا جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إِلَى النَّصْل، وَقَالَ الْأَعْشَى:
غرَّ نَضِيُّ السّهمِ تحتَ لَبانِه
وجالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ
ونَضِيُّ الرُّمْح: مَا فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه، وأَنشدَ:
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ
إِذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ، أوّلُ مَا يكون القِدْح قبل أَن يُعمَل: نَضِيٌّ، فَإِن نُحِت فَهُوَ مَخْشوب وخَشِيب، فَإِذا لُيِّن فَهُوَ مُخلَّق.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّضِيُّ: نَصْلُ السَّهْم.
قلتُ: وقولُ الْأَعْشَى يحقِّق قولَ أبي عَمْرو. وَقَالَ ابْن دُريد: نَضِيُّ العُنُق:

(12/51)


عَظْمُه، ونَضِيُّ السَّهم: عُودُه قبلَ أَن يُراشَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً: إِذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.
قَالَ: واسمُ الجُرْدان: النَّضِيُّ. وَيُقَال: نَضَا فلانٌ موضعَ كَذَا يَنْضُوه: إِذا جاوَزَه وخَلَّفه نيض.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّيْضُ بِالْيَاءِ: ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سَوَاء.

(بَاب الضَّاد وَالْفَاء)
ض ف (وَا يء)
ضفا، ضيف، فضا، فيض، فوض، وفض، وضف، فضأ.
ضفا: قَالَ اللّيث: يُقَال: ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو: إِذا كَثُر. وشَعرٌ ضَافٍ، وذَنَبٌ ضافٍ، وأَنشد قَوْله:
يضافٍ فوَيقَ الأَرْض ليسَ بأَعزَل
ودِيمَةٌ ضافِية، وَهِي تَضفو ضَفواً: إِذا أَخْصبت الأرضُ مِنْهَا.
والضَّفْوُ: السَّعةُ والخَيْر والكَثْرة، وأَنشدَ:
إِذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه
وأَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ
وَقَالَ الأصمعيّ: ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً وضُفُوّاً: إِذا كَثُر.
وضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو: إِذا فاضَ من امتلائه وأَنشَد:
يَضْفُو ويُبْدي تَارَة عَن قَعْرِه
يَقُول: يمتلىء فتَشْربُ الْإِبِل ماءَه حَتَّى يَظهَر قَعرُه. والضّفُّ: جَانب الشَّيْء، وهما ضفواه، أَي: جانباه.
ضيف: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهَى عَن الصّلاة إِذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عُبَيدة: قولُه: (تضيَّفَتْ) : مالَتْ للغُروب، يُقَال مِنْهُ: قد ضافَتْ فَهِيَ تَضِيف: إِذا مالَت.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: وَمِنْه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً، يُقَال مِنْهُ: ضِفْت فلَانا: إِذا مِلْتَ إِلَيْهِ ونزلتَ عَلَيْهِ، وأضفتُه: إِذا أمَلْتَه إِلَيْك، وأنزَلْتَه عَلَيْك، وَلذَلِك قيل: هُوَ مُضافُ إِلَى كَذَا وَكَذَا، أَي: مُحَالٌ إِلَيْهِ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا
إِلَى كلّ حَارِيَ جَديدٍ مُشطبِ
أَي: أسندْنا ظهورَنا إِلَيْهِ وأمَلْناها، وَمِنْه قيل للدَّعِيّ: مُضافٌ، لأنّه مُسنَد إِلَى قوم لَيْسَ مِنْهُم.
وَيُقَال: ضافَ السهمُ يَضِيف: إِذا عَدَل عَن الهدف، وَهُوَ من هَذَا، وَفِيه لغةٌ أُخْرَى لَيست فِي الحَدِيث: صَافَ السهمُ بِمَعْنى ضافَ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث بالضاد.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: أضافَ الرجلُ من الْأَمر: إِذا أشفَق، وَأنْشد قولَ

(12/52)


الهُذَليّ:
وكنتُ إِذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ
أُشَمِّر حَتَّى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي
يَعْنِي الْأَمر: يشفق مِنْهُ الرجل.
أَرَادَ بالمَضُوفة: الْأَمر يُشْفَق مِنْهُ.
وَيُقَال: أضَاف فلانٌ فلَانا إِلَى كَذَا فَهُوَ يُضيفه إِضَافَة: إِذا ألجأَه إِلَى ذَلِك.
والمضافُ: الملجأُ المُحرَج المثقَلُ بِالشَّرِّ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَمَا إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول
بواحدِها إِذا يَغْزُو تُضِيفُ
أَي: تُشْفِقُ عَلَيْهِ وَتخَاف أَن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.
وَيُقَال: ضِفتُ الرجل وتضيّفْتُه: إِذا نزلت بِهِ وصرتَ لَهُ ضيفاً. وأَضفْتُه: إِذا أنزلْتَه عَلَيْك وقرّبْته. والمضاف: المُلْجَأُ والمُلْزَقُ بالقوم.
والضِّيفُ: جَانب الْوَادي. وَقد تضَايف الْوَادي: إِذا تضَايقَ.
وضِيفا الْوَادي: جانباه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضِّيفُ: الْجنب.
وَقَالَ الراجز:
يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلاَّ
إِذا تضايَفْن عَلَيْهِ انْسَلاَّ
يَعْنِي: إِذا صِرْنَ مِنْهُ قَرِيبا إِلَى جَنْبه.
وَقَالَ شَمر: سَمِعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يَقُول: ضَيّفْتُه: إِذا أطعمْتَه.
قَالَ: والتَّضيفُ: الْإِطْعَام.
قَالَ: وأضافه: إِذا لم يُطْعِمْهُ.
وَقَالَ رَجَاء فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} (الْكَهْف: 77) ، أَي: يطعموهما.
وأُخبرت عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: أَضَافَهُ وضيَّفَهُ بِمَعْنى وَاحِد؛ كَقَوْلِك: أكْرمه وكَرَّمه.
قَالَ: وَقَول الله: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} ، مَعْنَاهُ: أَن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لَهُم.
وروَى سلمةَ عَن الفرّاء فِي قَوْله: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} سألاهم الْإِضَافَة فَلم يَفْعَلُوا، وَلَو قُرِئتْ (أَن يُضيفوهما) كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وتضيّفْتُه: سَأَلته أَن يُضيفني.
قَالَ: وتضيّفْتُه: آتيته ضيفاً.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تضيّفْتُه يَوْمًا فأكرمَ مقعدي
وأَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا
يَقُول: أَعْطَانِي خَادِمًا يقودُني. وزمانَتُه: ذهابُ بَصَرِه.
وَقَالَ الفرزدق:
ومنَّا خطيبٌ لَا يُعَابُ وقائلٌ
ومَنْ هُوَ يَرْجو فضلَهُ المتضيِّفُ

(12/53)


أَي: وَمنا مَن يَرْجُو المتضيّفُ الَّذِي ينزل بِهِ ضيفاً فَضله.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: امْرَأَة ضيْفه بِالْهَاءِ، وَأنْشد قَول البَعيث:
لَقًى حَمَلَتْه أمُّه وَهِي ضَيْفَةٌ
فَجَاءَت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: معنى قَوْله: وَهِي ضيْفَةٌ، أَي: ضافت يَوْمًا فحبِلتْ بِهِ فِي غير دَار أَهلهَا فَجَاءَت بِولد شَرِه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَيُقَال: ضافت الْمَرْأَة: حاضتْ؛ لِأَنَّهَا مَالَتْ من الطُّهر إِلَى الْحَيْضِ، فَأَرَادَ أَنَّهَا حملتْه وَهِي حَائِض.
وَقيل: معنى قَوْله: وَهِي ضيفة، أَي: ضافت قوما فحبلت بِهِ فِي غير دَار أَهلهَا.
فضا: قَالَ اللَّيْث: الفضَاءُ: الْمَكَان الْوَاسِع. والفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فَهُوَ فاضٍ.
وَقَالَ رؤبة:
أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ
عَنْكُم كِراماً بالْمقَام الفاضي
وَيُقَال: أفْضى فلانٌ إِلَى فلَان: إِذا وَصل إِلَيْهِ؛ وأَصله أَنه صَار فِي فُرْجته وفضَائه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْضى الرجلُ: دخل على أَهله.
قَالَ: وأفضى أَيْضا: إِذا جَامعهَا.
قَالَ: والإفضاء فِي الْحَقِيقَة: الِانْتِهَاء؛ وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (النِّسَاء: 21) ، أَي: انْتهى وَأَوَى.
وَقَالَ: وأفضى: إِذا افْتَقَرَ.
وَيُقَال: أفْضى الرجلُ جَارِيَته: جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً وَاحِدًا، وَهِي المفضاة من النِّسَاء.
وَقَالَ الفرّاء: الْعَرَب تَقول: لَا يُفضِ اللَّهُ فَاك؛ من أفْضَيْت.
قَالَ: والأفضاء: أَن تسْقط ثناياه من تَحت وَمن فَوق وكلُّ أَضْرَاسه؛ حَكَاهُ شَمِر للفرّاء.
قلتُ: وَمن هَذَا إفضاء الْمَرْأَة: إِذا انْقطع الحِتار الّذي بَين مسلَكَيْهَا.
وَقَالَ شَمِر: الفضاء: مَا اسْتَوَى من الأَرْض واتسع.
قَالَ: والصحراءُ فضاءٌ.
قَالَ: ومكانٌ فاضٍ ومُفْضٍ، أَي: وَاسع. وأرضٌ فضاءٌ وبَرَازٌ. والفاضي: البارز.
وَقَالَ أَبُو النّجم يصف فرسَه:
أما إِذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ
نجعلُه فِي مَرْبَطٍ ونجعلُه
مفضٍ: واسعٌ. والمُفْضَى: المتّسع.
وَقَالَ رُؤبة:
خَوْقَاءُ مُفْضَاها إِلَى مُنْخاق
أَي: مُتّسعها. وَقَالَ أَيْضا:
جاوَزْته بالقَوْم حَتَّى أَفضَى

(12/54)


بهمْ وأمضَى سَفَرٌ مَا أمْضى
قَالَ: أفْضى بهم: بلغ بهم مَكَانا وَاسِعًا أَفضى بهم إِلَيْهِ حَتَّى انْقَطع ذَلِك الطَّرِيق إِلَى شَيْء يعرفونه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الفضَاءُ مَا اسْتَوَى من الأَرْض. وَقد أَفضيْنَا إِلَى الفضاء، وَجمعه أَفضِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تركتُ الْأَمر فضاً، أَي: تركتُه غير مُحْكم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: مَا بقيَ فِي كِنانته إلاّ سَهْمٌ فضاً، أَي: واحدٌ.
وَيُقَال: بقيتُ من أقراني فَضَا، أَي: بقيتُ وَحْدي؛ وَلذَلِك قيل لِلْأَمْرِ الضَّعِيف غير المُحكَم: فَضاً، مقصورٌ.
وَيُقَال: متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً، أَي: مختلطٌ مُشْتَرك.
وَقَالَ اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بَينهم، وفضاً بَينهم، أَي: سَوَاء بَينهم، وَأنْشد:
طعامُهُم فَوْضَى فَضاً فِي رِحالِهمْ
وَلَا يُحْسِنون الشرَّ إلاّ تَنادِيا
وَيُقَال: هَذَا تمرٌ فَضاً فِي العَيْبَة مَعَ الزَّبيب، أَي: مختلِط، وَأنْشد:
فقلتُ لَهَا يَا خَالَتِي لَكِ نَاقَتي
وتمْرٌ فَضاً فِي عَيْبَتي وزَبيبٌ
أَي: منثور.
وَيُقَال: النَّاس فَوْضَى: إِذا كَانُوا لَا أميرَ عَلَيْهِم وَلَا مَن يَجْمَعهم.
فيض فوض: قَالَ الأصمعيّ: فاضت عينُه تفيض فَيْضاً: إِذا سَالَتْ. اللحياني: فاض الماءُ يفِيض فيضاً وفُيوضاً وفيضاناً.
وفَاضَ الحديثُ: إِذا انْتَشَرَ.
وَيُقَال: أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفَاضَة. وأفاضَ فلانٌ دَمعَه، وأفاض إناءَه إفاضَةً: إِذا أَتْأَقَهُ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ} (الْبَقَرَة: 198) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: دلّ بِهَذَا اللَّفْظ أنّ الْوُقُوف بهَا واجبٌ، لِأَن الْإِفَاضَة لَا تكون إلاّ بعد وقُوف. وَمعنى: {أفَضْتُمْ؛ دفَعْتم بِكَثْرَة.
يُقَال: أَفَاضَ القومُ فِي الحَدِيث: إِذا اندَفَعوا فِيهِ وأَكثروا.
وأفاضَ البعيرُ بجَرَّته: إِذا رَمَى بهَا مفرَّقةً كَثِيرَة.
وَقَالَ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ
من ذِي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا
وأفاضَ الرجُل بالقِداح إفَاضَة: إِذا ضَرَب بهَا؛ لِأَنَّهَا تقع مُنْبَثَّةً مُتَفَرِّقَة وَيجوز: أفاضَ على القِداح.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ يصفُ الْحُمُر:
وكأنهنّ رِبابةٌ وكأنَّه
يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح ويَصْدَعُ

(12/55)


قَالَ: وكلُّ مَا فِي اللُّغَة من بَاب الْإِفَاضَة فَلَيْسَ يكونُ إلاّ عَن تفرُّق أَو كَثْرَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرض ذاتُ فُيوض: إِذا كَانَ فِيهَا مَا يفِيض حَتَّى يَعْلُو.
وَيُقَال: أعْطى فلانٌ فلَانا غَيْضاً من فَيْض، أَي: أعطَاهُ قَلِيلا من كثير ونهر الْبَصْرَة يُسمى الغيض. وَقَالَ اللحياني: يُقَال: شَارك فلَان فلَانا شركَة مُفَاوَضَة، وَهُوَ أَن يكون مَالهمَا جَمِيعًا من كل شَيْء يَمْلِكانِه بَينهمَا.
وَيُقَال: أمرُهم فَيْضُوضَى بَينهم، وفَيْضِيضى وفَوْضُوضى بَينهم.
قَالَ: وَهَذِه الأحرف الثَّلَاثَة يجوز فِيهَا الْمَدّ وَالْقصر.
وَقَالَ أَبُو زيد: القومُ فَيْضوضَى أمرُهم، وفَيْضُوضَى فِيمَا بَينهم: إِذا كَانُوا مختلطين، يلبَس هَذَا ثوبَ هَذَا، وَيَأْكُل هَذَا طعامَ هَذَا، لَا يؤامِرُ واحدٌ مِنْهُم صاحبَه فِيمَا يفعَل فِي أمره.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول: فوّضتُ الأمرَ إِلَيْهِ، أَي: جعلتُه إِلَيْهِ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى} (غَافِر: 44) ، أَي، أَتَّكل عَلَيْهِ وَصَارَ النَّاس فَوْضَى، أَي: متفرِّقين، وَهُوَ جمَاعَة الفائض، وَلَا يُفرد كَمَا لَا يُفرد الْوَاحِد من المتفرِّقين.
وَيُقَال: الوحْشُ فَوْضى، أَي: متفرِّقة تتردّد. والناسُ فَوْضَى: لَا سَراةَ لَهُم تجمعهم.
وفاضَ الماءُ والمطرُ والخيرُ: إِذا كثر، يَفيض فَيْضاً.
وفاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه: إِذا امْتَلَأَ.
والحوضُ فائضٌ، أَي: ممتلىءٌ يسيل الماءُ من أَعْلَاهُ.
قَالَ اللَّيْث: وحديثٌ مُسْتفاض: مأخوذٌ فِيهِ، قد استفاضوه، أَي: أخذُوا فِيهِ.
قَالَ: ومَن قَالَ مستفيض فَإِنَّهُ يَقُول: ذائع فِي النَّاس؛ مثلُ المَاء المستفيض.
قلت: قَالَ الفرّاء والأصمعيّ وابنُ السّكيت وعامّةُ أهل اللُّغَة: لَا يُقَال: حديثٌ مستفاض قَالُوا: وَهُوَ لَحْنٌ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، إِنَّمَا هُوَ مولّد من كَلَام الْحَاضِرَة. وَالصَّوَاب: حديثٌ مستفيض، أَي: منتشرٌ شَائِع فِي النَّاس، وَقد جَاءَ فِي شعر بعض المُحَدثين:
فِي حديثٍ من أمره مُستفاض
وَلَيْسَ بالفصيح من كَلَامهم.
أَبُو عُبَيد: امْرَأَة مُفاضَة: إِذا كَانَت ضَخمَة البَطن، مسترخيَةَ اللَّحْم، وَهُوَ عيبٌ فِي النّساء.
واستفاض المكانُ: إِذا اتَّسع فَهُوَ مُستفيضُ؛ وَقَالَ ذُو الرّمة:
بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ
وفَيَّاض: من أَسمَاء الرِّجَال. وفيّاض:

(12/56)


اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب، وفرسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ: كثيرُ الجَرْي.
وَفِي حديثٍ جَاءَ فِي ذكر الرِّجال: (ثمَّ يكون على أثر ذَلِك الفَيْضُ) .
قَالَ شَمِر: سألتُ البكراويّ عَنهُ فَقَالَ: الفَيْضُ: الموتُ هَهُنَا، وَلم أسمعْه من غَيره إلاّ أَنه قَالَ: فاضتْ نفسُه، أَي: نَزعه عِنْد خُرُوج روحه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فاض الرجل وفاظ: إِذا مَاتَ. وَكَذَلِكَ فاظت نَفسه.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: فاضت نَفسه الفِعْلُ للنَّفْس.
وفاض الرجلُ يَفيضُ، وفاظَ يَفيظُ فَيْظاً وفُيُوضاً.
وَقَالَ أَبُو ربيعَة: قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا يُقَال: فاضَتْ نفسُه وَلَا فاظَتْ؛ وَإِنَّمَا هُوَ فاضَ الرجلُ وفاظَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول: لَا يُقَال: فاظتْ نفسُه، وَلَكِن يُقَال: فاظَ: إِذا مَاتَ بالظاء وَلَا يُقَال: فاض بالضاد بتّةً؛ وَقَالَ رُؤبة:
والأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا
لَا يَدْفِنون منهمُ من فاظا
وَقَالَ ابْن السّكيت: فاظ الْمَيِّت يَفيظ فَيْظاً، ويَفُوظُ فوضاً.
قَالَ: وَزعم أَبُو عُبَيدة: فاضت نفسُه لغةٌ لبَعض بني تَمِيم، وَأنْشد:
تجَمَّع النَّاس وَقَالُوا عُرْسٌ
فقُقِئَتْ عينٌ وفاضت نَفْسٌ
فأنشده الْأَصْمَعِي فَقَالَ:
إنَّما هُوَ: وَطَنَّ الضِّرْسُ
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللِّحياني.
قَالَ الْأَصْمَعِي: حَان فَوْظَه، أَي: موتُه.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: فاضَتْ نَفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً، وَهِي فِي تَمِيم وكلْب، وأفصح مِنْهَا وآثر: فاظتْ نَفسه فُيوظاً.
وَقَالَ أَبُو الْحسن: قَالَ بَعضهم: فاظَ فلانٌ نَفسه، أَي: قاءها. وضرَبْتُه حَتَّى أفظتْ نَفسه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الكسائيّ: إِذا تَفَيّظوا أنفسهم، أَي: تَقَيَّئُوها.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: هُوَ يَفيظُ نفسَه، وفاظت نفسُه، وفاظ هُوَ نفسُه وأفاظَه الله نفسَه، وَأنْشد غَيره:
فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها
وثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: الإفاضةُ: سُرْعة الرّكْض. وأفاضَ الرَّاكِب: إِذا دفع بعيرَه شدّاً بَين الجَهْد دون ذَلِك.
قَالَ: وَذَاكَ نصفُ عَدْوِ الْإِبِل عَلَيْهَا الرُّكْبان، وَلَا تكون الإفاضةُ إِلَّا وَعَلَيْهَا الرُّكْبان.

(12/57)


وفض: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أَمَر بصدقةٍ أَن توضَع فِي الأوْفاض) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأوْفاض: هم الفِرَق من النَّاس والأخلاط.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: هم الَّذين مَعَ كل مِنْهُم وَفْضَة، وَهِي مِثل الكِنانة يُلقِي فِيهَا طعامَه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَلغنِي عَن شريك أَنه قَالَ فِي الأوفاض: هم أصلُ الصُّفّة.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا كلّه عندنَا وَاحِد، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إِنَّمَا كَانُوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى، وَأمكن أَن كَانَ يكون مَعَ كل رجل مِنْهُم وفْضَةٌ كَمَا قَالَ الْفراء.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ الَّتِي على فَمها طَبَق من فَوْقهَا، والوفْضة أصغرُ مِنْهَا، وأعلاها وأسفلُها مُستَوٍ، وَأنْشد غَيره بيتَ الطِّرماح:
قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة
يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض
الهضّاء: الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} (المعارج: 43) .
قَالَ: الإيفاضُ: الْإِسْرَاع.
وَقَالَ الراجز:
لأنْعَتَنْ نعَامَة مِيْفاضَاً
خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا
وَقَالَ اللَّيْث: الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً، وتَسْتَوْفِض، أوفَضَها راكبُها.
وَقَالَ ذُو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً:
طاوِي الحشا قَصَرتْ عَنهُ مُحرَّجةٌ
مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ
قَالَ الْأَصْمَعِي: مستوفَض، أَي: أفْزَع فاستَوْفَض، وأوْفَض: إِذا أسْرع.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَالِي أراكَ مستوفضاً، أَي مَذْعُوراً.
وَقَالَ أَبُو مَالك: استُوْفِض، أَي: استُعْجل. وَأنْشد:
تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للمكان الّذي يُمسِك المَاء الوفاضُ والمَسَكُ والمسَاك، فَإِذا لم يُمْسِك المَاء فَهُوَ مُسْهِب.
وضف: قَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ خَليفَة الحُصَينيّ يَقُول: أوْضَفَتْ الناقةُ وأوْضَعَتْ: إِذا خَبَّتْ. وأوضَعتُها فوَضَعَتْ وأوضفتُها فوضفت، أَي: أخبيْتُها فَخَبَّتْ.
فضأ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب الْهَمْز: أفضأْتُ الرجلَ: أطعمْتُه.
قلت: هَكَذَا رَوَاهُ شمر لأبي عبيد بِالْفَاءِ، وأنكَرَهُ شمر وحَقَّ لَهُ أَن يُنْكِرَه، لأنّه مصحَّف، وَالصَّوَاب: أقْضأْتُه بِالْقَافِ: إِذا أطعَمْتَه، كَذَلِك قَالَ ابْن السّكيت. وَقد مَرّ

(12/58)


َ فِي بَاب الْقَاف، وَالله أعلم.

(بَاب الضَّاد وَالْبَاء)
ض ب (وَا يء)
ضوب، ضيب، بيض، ضبأ، أبض، ضبا: بِغَيْر همز.
ضوب ضيب: أَبُو الْعَبَّاس عَن سلَمة عَن الْفراء: ضابَ الرجلُ: إِذا استَخفَى. وباض: إِذا أَقامَ بِالْمَكَانِ.
قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ضابَ: إِذا خَتَل عَدُوّاً.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: بَلغنِي أَن الضَّيْب شَيْء من دَوابّ الْبَحْر، ولستُ على يقينٍ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ أَبَا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد:
إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ
يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع
قلت: والثّعثَع: الصَّدَفَةُ، وصَيْبُه: مَا فِي جوْفه من حَبّ اللُّؤْلُؤ؛ شَبَّه قَطرات الدُّمُوع بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضُّوبان من الْجمال: السمين الشَّديد، وَقَالَ الشَّاعِر:
على كلّ ضُوبانٍ كَأَن صَريفَه
بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم
وَقَالَ الراجز:
لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني
قَرَّبْتُ للرَّحْل وللظِّعان
كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ
والنيافيّ: الطويلُ المشرِف.
بيض: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: باض يَبوضُ بَوْضاً: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ.
وباضَ يَبوضُ بَوْضاً: إِذا حسُن وجهُه بعد كَلَف؛ ومثلُه بَضَّ يَبَضُ بَضَضاً. قَالَ: وبَضَا: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ أَيْضا.
أَبُو عُبَيد عَن العَدَبَّس الكِنانيّ: باضت البُهْمى: سقَطتْ نِصالُها.
وَقَالَ غَيره: باض الحرُّ: إِذا اشتدّ.
وروَى سَلَمة عَن الْفراء: باض: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: باض السحابُ: إِذا أمطر. وَأنْشد:
باض النعامُ بِهِ فنَفّر أهلَه
إلاّ المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ
قَالَ: أَرَادَ مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يَقُول: إِذا وَقع هَذَا المطرُ هرَب الْعُقَلَاء وأقامَ الرجلُ الأحمق.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيضُ مَعْرُوف، والواحدة بَيضة. ودَجاجة بَيوض، ودجاجٌ بُيُضٌ للْجَمَاعَة، مثلُ: حُيُدٍ جمع حَيود، وَهِي الَّتِي تحيد عَنْك.
وبَيْضةُ الْحَدِيد مَعْرُوفَة. وبيضةُ الْإِسْلَام: جماعتُهم.
والجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ، لِأَنَّهَا فِي خِدرها مكنونة.

(12/59)


قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وبَيْضةِ حِدْرٍ لَا يرامُ خِباؤُها
تمتَّعْت من لَهوٍ بهَا غيرَ مُعْجَلِ
وَيُقَال: ابْتيضَ القومُ: إِذا استُبيحتْ بيْضَتهم وابتاضَهم العَدُوُّ: إِذا استأصَلَهم.
قَالَ: وَيُقَال: غُراب بائِضٌ، وديكٌ بائض، وهما مثل الْوَالِد.
قلت: يُقَال: دَجاجةٌ بائض بِغَيْر هَاء، لِأَن الدِّيك لَا يبيض.
وَقَالَ اللَّيْث: بيْضةُ العُقْر: مَثَلٌ يُضْرَب وَذَلِكَ أَن تُغْتَصب الْجَارِيَة فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة، وَتسَمى تِلْكَ البيضةُ بيضةَ العُقر.
وَقَالَ غيرُ اللَّيْث: بَيضة العُقْر: بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة وَاحِدَة ثمَّ لَا تعود، تُضرَبُ مَثلاً لمن يصنعُ صَنيعةً إِلَى إِنْسَان ثمّ لَا يَرُبُّها بمثلِها.
وَقَالَ اللَّيْث: بيْضة البَلَد: هِيَ تَرِيكة النَّعامة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي الأضداد: فلانٌ بيْضةُ الْبَلَد: إِذا ذُمَّ، أَي: قد أُفرِد وخُذل فَلَا ناصرَ لَهُ.
قَالَ: وَقد يُقَال ذَلِك فِي الْمَدْح، وَأنْشد بَيت المتلمِّس فِي مَوضِع الذّمّ:
لكنّه حَوْض مَن أَوْدَى بإخوتِه
رَيْبُ الزَّمَان فأضحى بيضةَ البَلدِ
وَقَالَ الرَّاعِي لِابْنِ الرِّفاع العامليّ فِي مثل هَذَا الْمَعْنى:
تأبَى قُضاعة أَن تَعْرِفْ لكم نسَباً
وابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ
كَانَ وجْه الْكَلَام أَن تعرفَ؛ فسكّن الْفَاء لحاجتِه إِلَى الْحَرَكَة مَعَ كَثْرَة الحركات.
أَرَادَ أَنه لَا نَسَب لَهُ وَلَا عَشرةَ تَحميه.
وَقَالَ حسان بنُ ثَابت فِي المَدْح ببَيْضة البَلَد:
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا وَقد كثُروا
وابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ
قَالَ: وَهَذَا مَدْح، وَابْن الفُريعَة أَبوهُ، وَأَرَادَ بالجلابيب: سَفِل النَّاس وعَثْرَاءَهم.
قلت: وَلَيْسَ مَا قَالَه أَبُو حَاتِم بجيِّد، وَمعنى قَول حسَّان: أَن سَفِل النَّاس عَزُّوا بعد ذِلّتهم وكَثروا بعد قلتهم، وَابْن الفُريعَة الَّذِي كَانَ ذَا ثروةٍ وثراءِ عِزَ أُخِّر عَن قديم شرفِه وسُودَدِه واستُبِدّ بإمضاء الْأُمُور دونَه وَدون وَلَدِه، فَهُوَ بمنزِلة بيْضة البَلَد الَّتِي تبِيضها النعامة ثمَّ تترُكها بالفَلاة فَلَا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لَا تُصان وَلَا تحضَن.
وروَى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: العربُ تَقول للرجل الْكَرِيم: هُوَ بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. وَيَقُولُونَ للْآخر: هُوَ بيْضة الْبَلَد: إِذا ذَمُّوه.
قَالَ: فالممدوح يُراد بِهِ البَيْضة الَّتِي تَصونُها النعامة وتُوقِّيها الْأَذَى، لأنّ فِيهَا

(12/60)


فرخَها فالممدوح من هَهُنَا، فَإِذا انفلقَتْ وانقاضتْ عَن فَرْخها رَمَى بهَا الظَّليم فتَقَع فِي الْبَلَد القَفْر، عَن هَهُنَا ذُمَّ الآخَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: البَيْضةُ: بيْضةُ الحِبْن. والبَيْضةُ: أصلُ الْقَوْم ومجتمعُهم، وَيُقَال: أَتَاهُم العدوُّ فِي بَيْضتِهم، وَقد ابْتِيضَ القومُ: إِذا أُخِذَتْ بَيْضتُهم، عَنْوة.
وبيْضة القَيْظ: شِدَّة حرِّه.
قَالَ الشمّاخ:
طَوَى ظمأها فِي بَيْضة القَيْظ بَعْدَمَا
جَرَى فِي عَنانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأماعِز
والبَيْضة: بَيْضةُ الخُصية.
ابْن نجدة عَن أبي زيد فِيمَا رَوَى أحمدُ بن يحيى عَنهُ:
يُقَال لوَسَط الدَّار: بَيْضةٌ، ولجماعةِ المُسْلمين: بَيْضة، ولوَرَمٍ فِي رُكْبة الدّابة: بيْضةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أفرَخَ بيْضةُ القَوم: إِذا ظهر مكتومُ أمْرِهم. وأفرَخت البيضةُ: إِذا صَار فِيهَا فَرخ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِيضةُ، بكَسرِ الْبَاء: أَرض بالدَّ وَحَفَروا بهَا حتّى أتتْهم الرِّيح من تَحْتهم فرفعتْهم وَلم يَصِلوا إِلَى المَاء.
قَالَ شمر: وَقَالَ غَيره: البِيضةُ: أرضٌ بَيضاءُ لَا نَباتَ بهَا، والسَّوْرَة: أرضٌ بهَا نَخِيل، وَقَالَ رؤبة:
يَنْشقُّ عَنّي الحَزْنُ والبَرِّيتُ
والبِيضَةُ البَيْضاءُ والخُبُوتُ
قلتُ: رأيتُ بخطّ شمر: البِيضة، بِكَسْر الْبَاء، ثمَّ حُكيَ عَن ابْن الأعرابيّ قولَه. وَقَالَ ابْن حبيب فِي بَيت جَرير:
قَعيدكما الله الّذي أنتُما لَهُ
ألَمْ تَسمعا بالبَيْضَتين المُنادِيا
ثمَّ قَالَ: البِيضة بِالْكَسْرِ: بالحَزْن لبَني يَرْبوع. قَالَ: والبَيْضة بِالْفَتْح: بالصَّمّان لبني دَارِم.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضّرير: يقالُ لِما بَين العُذَيْب والعقَبة: بَيْضة. قَالَ: وَبعد البَيْضة البَسِيطةُ.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الأبيَضان: الماءُ والحِنْطة. قَالَ: والأبْيضان عِرْقا الوَرِيد.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: ذَهَب أبيَضاهُ شَحْمه وشبَابُه وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو زيد:
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الأبيَضان: الشَّحْمُ واللَّبن.
وَقَالَ الأصمعيّ: الأبيَضان: الخُبز وَالْمَاء ولَم يَقُله غيرُه. وَقيل: الأبيَضان: اللّبَن وَالْمَاء، وَأنْشد أَبُو عُبَيد:
وَلكنه يَأْتِي إلَى الحَوْلِ كلُّه
وَمَا لِيَ إلاّ الأبْيَضانِ شرابُ

(12/61)


من المَاء أَو من دَرِّ وَجْنَاء ثَرَّةٍ
لَهَا حالبٌ لَا يَشتكِي وحِلابُ
وَقَالَ ابْن السكّيت: الأبيَضان: اللّبن وَالْمَاء، واحتجّ بِهَذَا الْبَيْت.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: مَا رأيتُه مُذْ أجْرَدان، ومُذْ جَرِيدان وأبيضان: يُرِيد: يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْن.
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه: إِذا قَالَت الْعَرَب: فلانٌ أبيَضُ، وفلانة بيضاءُ فَالْمَعْنى نَقاءُ العِرْض من الدَّنَس والعُيُوب، وَمن ذَلِك قولُ زُهير يَمْدَح رَجُلاً:
أشمّ أبيَض فيّاض يُفَكِّك عَنْ
أيْدي العُناةِ وَعَن أعناقِها الرِّبَقا
وَقَالَ الآخر:
أُمُّكَ بيضاءُ من قضاعةَ فِي الْ
بَيت الَّذِي تَستظَلّ فِي طُنُبِهْ
وَهَذَا كثيرٌ فِي كلامِهم وشعرهم، لَا يَذهبون بِهِ إِلَى بياضِ اللّون، ولكنّهم يُرِيدُونَ المَدحَ بِالْكَرمِ ونَقاء العِرْض من الْعُيُوب والأَدْناس.
وَإِذا قَالُوا: فلانٌ أبيَضُ الوَجْه، وفلانة بيضاءُ الوَجْه، أَرَادوا نَقاءَ اللَّون من الكَلَف والسّوادِ الشائن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي: بايضني فلَان فبضته، من الْبيَاض.
وَيُقَال: بَيّضتُ الإناءَ والسِّقاءَ: إِذا ملأتهُ. وبَيْضاءُ بني جَذِيمة فِي حُدُود الخَطّ بالبَحْرين، كَانَت لعبد الْقَيْس وبَني جَذيمة، وفيهَا نَخِيل كثيرةٌ وأحساءٌ عَذْبة، وآطام جَمّةٌ، وَقد أَقمت بهَا مَعَ القَرامِطة قَيْضة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَيْضاء: الشَّمس؛ وأنشدَ قولَ الشَّاعِر أحسَبه ذَا الرُّمَّة:
وبَيْضاء لم تُطبَع وَلم تَدْرِ مَا الخَنَا
تَرَى أعيُنَ الفِتْيان من دُونها خُزْرَا
والبَيْضاء: القِدْر؛ قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو. قَالَ: وَيُقَال للقِدر أَيْضا: أمُّ بَيْضاءَ. وأَنشدَ قولَ الشَّاعِر:
وإذْ مَا يُريحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ
يَنُوسُ عَلَيْهَا رَحْلُها مَا يُحَوَّلُ
فقلتُ لَهَا يَا أُمَّ بَيْضاءَ فِتيةٌ
يَعُودكِ منهمْ مُرحِلون وعُيَّل
قَالَ الْكسَائي: (مَا) فِي معنى الّذي فِي قَوْله: وإذْ مَا يُريح، قَالَ: وصَرْمَاءُ خَبرَ الّذي.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: البَيضاء: حِبالَةُ الصَّائِد. وأَنشَد:
وبَيْضاء مِن مَال الفَتَى إنْ أراحَها
أَفادَ وإلاّ مالُه مالُ مُقتِرِ
يَقُول: إنْ نشب فِيهَا عَيْرٌ فجَرَّها بقِيَ صاحبُها مُقْتراً.
سَلَمة عَن الفرّاء: العَرَبُ لَا تَقول حَمِر

(12/62)


َ وَلَا بَيض وَلَا صِفر، وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء، إِنَّمَا يُنظَر فِي هَذَا إِلَى مَا سُمع من الْعَرَب، يُقَال: ابيَّض وابياضّ، واحمرّ واحمارَّ.
قَالَ: والعَربُ تَقول: فُلَانَة مُسْودةٌ ومُبْيضةٌ: إِذا وَلدتِ البيضانَ والسُّودَان، وأَكثَرُ مَا يَقُولُونَ مُوضحة: إِذا وَلَدَت البِيضان.
قَالَ: ولُعبةٌ لَهُم يَقُولُونَ: أَبِيض حَبالا، وأَسِيدي حِبَالًا.
قَالَ: وَلَا يُقَال: مَا أبيَض فلَانا، وَمَا أحمَر فلَانا، من الْبيَاض والحُمرة، وَقد جَاءَ ذَلِك نادِراً فِي شِعْرٍ قديم:
أمّا المُلوكُ فأنْتَ اليومَ ألأَمهمْ
لُؤْماً وأبيَضهم سِربالَ طبّاخ
وَيُقَال: بيّضتُ الإناءَ: إِذا فرّغْتَه، وبيّضْتُه: إِذا مَلأْتَه؛ وَهَذَا من الأضداد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالَ بعضُ الْعَرَب: يكون على الماءِ بَيْضاءُ القِيْظ، وَذَلِكَ عِنْد طُلُوع الدَّبَران إِلَى طُلوع سُهَيل.
قلتُ: وَالَّذِي حفظتُه عَن الْعَرَب: يكون على المَاء حَمْراءُ القَيْظ؛ وحِمِرُّ القَيْظ، وحَمَارَّةُ القَيْظ.
ومَبِيضُ النَّعام والطَّيرِ كُله: الموضعُ الَّذِي يبيضُ فِيهِ.
والمُبَيِّضَةُ الَّذين يُبَيِّضون راياتِهم، وهم الحَرُورِيَّة، وَجمع الأَبْيَض والبَيضاء: بِيض.
أبض: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأبْض: الشَّدّ. والأبْض: التَّخْلِيةُ. والأبْضُ: السّكُون. والأبْض: الحَرَكة، وأَنشَد:
تَشْكو العُروقَ الآبِضاتِ أَبْضَا
قلتُ: والأبْضُ: شَدُّ يَدِ الْبَعِير بالإباض، وَهُوَ عِقالٌ يُنشَب فِي رُسْغ يدِه وَهُوَ قَائِم، فيُثْنَى بالعِقَال إِلَى عَضُده ويُشَدُّ. ويُصَغَّر الإباضُ أُبَيْضاً.
ومَأْبِضا البَعيرِ: مَا بطن من رُكْبَتَي يدِه إِلَى مُنتهَى مِرْفَقَيه. وَيُقَال للغُراب: مُؤْتَبِضُ النَّسَا، لأنّه يَحجِل كأنّه مَأْبُوض، وَقَالَ الشَّاعِر:
وظَلَّ غُرابُ البَيْن مؤتَبِض النَّسَا
لَه فِي ديارِ الجارَتَين نَعِيقُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: يُستحبّ من الفَرَس تأَبُّض رِجْليه وشَنَجُ نَساه.
قَالَ: ويعرفُ شَنَجُ نَسَاه بتأبُّض رِجْلَيه وتَوَتُّرهما إِذا مَشَى.
قَالَ: والإباضُ: عِرْقٌ فِي الرِّجْل؛ يُقَال للْفرس إِذا تَوتر ذَلِك العِرقُ مِنْهُ: مُتأبِّض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فرسٌ أبُوضُ النَّسا كَأَنَّهُ يَأْبِض رِجْلَيه من سُرْعَة رفعهما عِنْد وضعهما.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الأُبُضُ: الدّهر، وَقَالَ رؤبة:
فِي حِقْبةٍ عِشْنا بذاكَ أُبْضَا

(12/63)


وجمعُه آباض.
وَقَالَ لَبيد يصف إبَل أَخِيه:
كَأَن هِجَانها متأبِّضاتٍ
وَفِي الأَقْرانِ أصوِرَةُ الرَّغامِ
متأبِّضات، أَي: مَعْقولات بالأُبُض، وَهِي منصوبةٌ على الْحَال.
ضبا: الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: ضَبَتْه النارُ والشمسُ تَضْبُوه ضَبْواً، وضَبَحَتْه ضَبْحاً: إِذا لَوَّحَتْه وغَيَّرَتْه.
(ضبأ) : قَالَ اللّحياني: يُقَال: أَضْبَأ على مَا فِي يَدَيْهِ وأَضْبَى وأَضَبّ: إِذا أمسَكَ.
قَالَ: وأَضبَأَ على مَا فِي نفسِه: إِذا كَتَمه. وأَضَبّ على مَا فِي نَفسه، أَي: سَكَنت.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضبَأْتُ فِي الأَرْض ضَبَأ وضُبُوءاً: إِذا اختبأَتَ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أضبَأَ الرجُل على الشَّيْء إضْباءً: إِذا سَكَت عَلَيْهِ وكَتَمه، وَهُوَ مُضْبِيءٌ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أضبَيْتُ على الشَّيْء: إِذا أشرفْتَ عَلَيْهِ أَن أظْفَر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ضَبَأَه الذئبُ يَضْبَأُ: إِذا لَزِق بِالْأَرْضِ أَو بِشَجر ليَختِلَ الصَّيْدَ؛ وَمن ذَلِك سمِّي الرجلُ ضابئاً، وأنشدَ:
إلاَّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضايِئاً
بالفَرْجِ بَين لَبانِه ويَدِهْ
يصف الصَّيادَ أَنه ضبأَ فِي فُروج مَا بَين يدَيْ فرسِه ليَخْتِلَ بِهِ الوَحْش، وَكَذَلِكَ النَّاقة تُعلَّم ذَلِك، وأَنشَدْ:
لمَّا تَفَلَّق عَنهُ قَيْضُ بَيْضتِه
آواه فِي ضِبْن مَضْبِيَ بِهِ نَضَبُ
قَالَ: والمَضْبَأُ: المَوْضعُ الَّذِي يكون فِيهِ، يُقَال للنَّاس: هَذَا مَضْبَؤكم، أَي: موضعكم، وجمعُه مَضابىء.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَضْباءُ: وَعْوَعةُ جَرْوِ الكَلْب إِذا وَحْوَح، وَهُوَ بالفارسيّة فحنجه.
قلتُ: هَذَا عِنْدِي تَصْحِيف. وصوابُه: الأصْياء بالصَّاد من صأَى يَصْأَى، وَهُوَ الصَّئِيُّ.
أَبُو عُبَيدة عَن الأُمَوي: اضطبأْتُ مِنْهُ: إِذا استحييت.
قلت: وَقد مَرَّ تَفْسِيره وَتَفْسِير اضْطَنَأْتُ بالنُّون.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي أَحْمد البربريّ عَن ابْن السكّيت عَن العُكْلِيّ أَن أعرابيّاً أنشَدَه:
فَهاءَوا مُضابِئةً لم يُؤَلّ
بادِئَها البَدْءُ إذْ تَبدَؤُهُ
قَالَ ابْن السكّيت: المُضابِئة: الغِرارة المُثقَلة تُضْبِىءُ مَن يَحْمِلُها تحتهَا، أَي: تُخفيه. قَالَ: وعَنَى بهَا القصيدةَ المنبورة وقولُه: لم يُؤَلّ، أَي: يُضعَّف بادئَها الَّذِي ابتدأها.

(12/64)


قَالَ: هاءُوا، أَي: هاتُوا.

(بَاب الضَّاد وَالْمِيم)
ض م (وَا ىء)
ضيم، ضمى، مضى، وَضم، ومض، أمض، (وميض) ، أضم.
ضيم: قَالَ اللّيثُ: ضامَه فِي الْأَمر، وضَامَهُ حَقّه يَضِيمه ضَيْما: وَهُوَ الانتقاص. وَيُقَال: مَا ضِمْتُ أحدا، وَلَا ضُمْتُ، أَي: مَا ضامَني أحد. والمَضِيمُ: المَظلومُ.
ضمي: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: ضَمَى: إِذا ظَلم.
قلتُ: كَأَنَّهُ مقلوبٌ عَن ضامَ، وَكَذَلِكَ بَضَى: إِذا أَقَامَ، مقلوبٌ عَن باضَ.
مضى: يُقَال: مضيْتُ بِالْمَكَانِ، أَو مضَيْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: مَضَيْتُ ببيعي، أَي: أجَزْتُه. وَقد ماضَيْتُه، أَي: أجَزْتُه. وَيُقَال أَيْضا: أمضَيْتُ بَيْعي، ومَضَيْتُ على بَيْعي، أَي: أجزْتُه.
ابْن السكّيت عَن أبي عُبَيدة عَن يُونُس: مَضَيتُ على الْأَمر مُضُوّاً؛ وَهَذَا أمرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب فَعُول بِفَتْح الْفَاء.
أَبُو عُبَيد: المُضَوَاءُ: التقدُّم.
وَقَالَ القُطاميّ:
فَإِذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوَائه
وَيُقَال: مضى الشيءُ يَمضي مُضُوّاً وَمضاءً.
قَالَ اللَّيْث: الفَرَس يُكنى أَبَا المضَاء.
وَيُقَال للرجل إِذا مَاتَ: قد مَضَى.
أمض: قَالَ اللَّيْث: أَمِضَ الرجلُ يأمَض فَهُوَ أمِضٌ: إِذا لم يُبالِ المعاتَبة، وعَزِيمتُه ماضيةٌ فِي قَلْبه، وَكَذَلِكَ إِذا أبْدَى بِلسانِه غيرَ مَا يُريد. قلت: لم أسمعْ أمِضَ لغير اللَّيْث وَلَا أعرفهُ.
ومض: قَالَ اللَّيْث: الوَمْضُ والوَمِيضُ: مِنْ لمعَان البَرْق وكلِّ شَيْء صافي اللّون.
وَيُقَال: أومضَتْه فُلَانَة بعَيْنها: إِذا برّقَتْ لَهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمِيضُ: أَن يومِضَ البَرقُ إيماضةً ضَعِيفَة ثمَّ يَخفَى ثمَّ يُومِض، وَلَيْسَ فِي هَذَا يأسٌ من مَطر قد يكون وَقد لَا يكون. [
وَقَالَ شَمِر وَغَيره: يُقَال: ومَض البرقُ يَمِضُ، وأَوْمَض يُومِضُ، وَأنْشد:
تَضحَك عَن غُرِّ الثّنايا ناصعٍ
مِثلِ وَمِيض البَرقِ لمَّا عَنْ وَمَضْ
يُرِيد: لمَّا أنْ وَمَضَ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: فِي البَرْق الإيماض وَهُوَ اللَّمْع الخَفِيّ.
أضم: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عَمْرو:

(12/65)


الأضَمُ: الغَضَبُ. وَقد أَضِمَ يأضَم أضماً فَهُوَ أضِم.
وإضَمٌ: اسمُ جبل بِعَيْنِه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
شُبّتْ بِأَعْلَى عانِدَين مِنْ إضَمْ
وَضم: رُوِي عَن عمر بنِ الخطَّاب أَنه قَالَ: إِنَّمَا النّساءُ لحمٌ على وَضَم إلاّ مَا زُبَّ عَنهُ.
قَالَ أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الوَضَمُ: الخشبَة أَو البارِيَة الَّتِي يوضع عَلَيْهَا اللّحم يَقُول: فهنّ فِي الضَّعف مِثلُ ذَلِك اللَّحم الّذي على الوَضَم، وشَبَّه النساءَ بِهِ لأنّ من عَادَة الْعَرَب فِي بادِيَتها إِذا نُحِر بعيرٌ لجماعته يَقْتسمون لَحْمه أَن يَقْلعوا شَجرا كثيرا ويُوضَم بعضُه على بعض، ويُعَضَّى اللحمُ ويوضَع عَلَيْهِ، ثمَّ يُلقَى لحمهُ عَن عُراقِه ويُقطَّع على الوَضَم هَبْراً للقَسْم، وتُؤجَّج نَار، فَإِذا سقَط جَمْرُها اشتَوى مَن حضَر شِوايةً بعد شِوايةٍ على ذَلِك الجَمْرِ، لَا يُمنَع أحدٌ مِنْهُ، فَإِذا وقَعتْ فِيهِ المقاسم وأحرَز الشركاءُ مقاسِمَهم حَوَّل كلُّ شريك قَسَمه عَن الوَضَم إِلَى بَيته، وَلم يَعرِض أحد لما حازَه. فَشبه عمرُ النساءَ وقلَّةَ امتناعِهنّ على طُلاّبهنّ من الرِّجَال باللَّحم مَا دَامَ على الوَضم.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الوَضَمُ: كلُّ مَا وَقَيْتَ بِهِ اللَّحمَ من الأَرْض، يُقَال: أوصَمْتُ اللَّحْم، وأوْضَمْتُ لَهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: إِذا عملتَ لَهُ وَضَماً.
قلتَ: وَضَمْتُه أضِمُه، فَإِذا وضَعت اللّحم عَلَيْهِ قلت: أوضَمْتُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الوَضِيمَةُ: القوْم ينزِلون على القَوْم وهم قَلِيل فيُحسِنون إِلَيْهِم ويُكرِمونهم.
بَاب اللفِيف من حرف الضَّاد
ضوى، ضاء، ضوضى، ضيضى، أضا، أضّ، آض، وضوء، يضض، الضوة، الضواة، ضأى.
ضوى: قَالَ اللَّيْث: الضَّوَى مَقْصُور: الضاوي، ويمدّ فَيُقَال: ضاوِيٌّ على فاعُول. والفِعْلُ: ضَوِيَ يَضوَى ضَوًى فَهُوَ ضاوٍ، وَهَذَا الَّذِي يُولَد بَين الْأَخ والأُختِ وَبَين ذَوِي الْمَحَارِم.
وَقَالَ ذُو الرّمّة يصفُ الزَّنْد والزَّنْدة:
أَخُوهَا أَبوهَا والضَّوَى لَا يضيرُها
وساقُ أَبِيهَا أمُّها اعْتُصِرَتْ عَصْرَا
وصَفَ نارَ الزَّنْد والزَّنْدة حِين تُقتَدح مِنْهُمَا.
وسُئل شَمِر عَن الضاوي فَقَالَ: جَاءَ مشدَّداً، وَقَالَ: رجلٌ ضاوِيٌّ بيِّنُ الضاوِيّة.

(12/66)


ورَوَى الفرّاء أَنه قَالَ: ضاوِيٌّ: ضعيفٌ فاسدٌ، على فَاعُولُ مِثل ساكُوت. وَتقول العَرَب من الضاوي مِن الهُزال: ضَوِيَ يَضوَى ضَوىً، وَهُوَ الَّذِي خرَج ضَعِيفا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أضْوَت الْمَرْأَة؛ وَهُوَ الضوَى، ورَجُلٌ ضاوِيٌّ: إِذا كَانَ ضَعِيفا، وَهُوَ الحارِضُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: المؤَدنُ الَّذِي يُولَد ضاوِياً.
وَفِي الحَدِيث: (اغْتَرِبوا لَا تُضووا) وَمَعْنَاهُ: أنكِحُوا فِي الغرائب فإنّ ولدَ الغَريبة أنجَبُ وأقوَى، وأولادَ القرائب أضعَف وأضْوَى، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
فَتًى لم تَلِدْه بنت عَمَ قريبةٌ
فيَضْوَى وَقد يَضوَى رَدِيدُ القَرائبِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أضْواه حَقَّه: إِذا نَقصه.
وسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: ضَوَى إِلَيْنَا البارحةَ رجلٌ فأَعلَمنا بكَيْتَ وكَيْت، أَي: أَوَى إِلَيْنَا. وَقد أضْواهُ اللَّيْل إِلَيْنَا فغَبَقْناه وَهُوَ يَضوِي ضَيّاً.
والضاوِيُّ: اسْم فَرَسٍ كَانَ لِغَنِيّ، وَأنْشد شَمِر:
غَداةَ صَبَّحْنا بطِرْفٍ أعوَجِي
مِن نَسَب الضاوِيّ ضاوِيِّ غَنِي
قَالَ اللَّيْث: أضوَيتُ الأمْر: إِذا لم تُحكِمه.
والضَّوَاةُ: هَنَةٌ تخرج من حَياء النَّاقة قبل أَن يُزايلَها ولدُها، كَأَنَّهَا مَثانةُ البَوْل.
وَقَالَ الشَّاعِر يَذكر حَوْصلةَ قطاة:
لَهَا كضَواةِ النّابِ شُدَّ بِلا عُرى
وَلَا خَرْزِ كفَ بَين نَحْرٍ ومَذْبَحِ
قَالَ: والضَّوَى: وَرَمٌ يُصيب البَعيرَ فِي رَأسه يَغلِبَ على عَيْنه ويَصْعُب لذَلِك خَطْمُه؛ فَيُقَال: بعيرٌ مَضْوِيٌّ، وربّمَا اعتَرَى الشِّدْق.
قلتُ: هُوَ الضُّواةُ عِنْد الْعَرَب تُشبِه الغُدَّة.
والسِّلْعة ضَواةٌ أَيْضا وكلُّ وَرَمٍ صُلْبٍ ضَواةٌ، وَهِي الجَدَرَةُ أَيْضا.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: الضَّوّةُ والعَوّةُ: الصّوت.
وَقَالَ أَبُو تُراب: قَالَ أَبُو زيد والأصمعي مَعًا: سمعتُ ضَوَّةَ القَوْم وَعوّتَهم، أَي: أصواتَهمْ.
قلتُ: ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوّةُ والعَوّةُ بالصَّاد.
وَقَالَ: الصَّوّةُ: الصّدَى. والعَوّة: الصِّياح. وَقَالَ: الصَّوّةُ بالصَّاد، فَكَأَنَّهَا لُغَتَانِ.
ضوأ: قَالَ اللَّيْث: الضَّوْءُ والضِّياء: مَا أَضَاء لَك.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ} (الْبَقَرَة: 20) ،

(12/67)


يُقَال: ضاءَ السّراجُ يَضُوء وأَضاءَ يُضِيء. قَالَ: واللّغةُ الثانيةُ هِيَ المختارة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أضاءتِ النارُ، وأضاءَها غَيرُها، وَهُوَ الضَّوءُ، وأمّا الضِّياء فَلَا همزَ فِي يائه.
وَقَالَ اللَّيْث: ضوّأتُ عَن الْأَمر تَضْوِئةً، أَي: حِدْتُ.
قلت: لم أسمعْ ضوّأتُ بِهَذَا الْمَعْنى لغيره.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : التَّضَوُّءُ: أَن يقومَ الإنسانُ فِي الظّلمة حيثُ يَرى بضَوء النَّار أهلَها وَلَا يَروْنَه.
قَالَ: وعَلِق رجلٌ من الْعَرَب امْرَأَة، فَإِذا كَانَ اللَّيْل اجتنَحَ إِلَى حيثُ يَرَى ضوءَ نارِها فتضوَّأَها، فَقيل لَهَا: إِن فلَانا يتضوَّؤك لكيما تَحذَره فَلَا تُرِيه إلاّ حَسَناً؛ فلمّا سمعتْ ذَلِك حَسرتْ عَن يدَيْها إِلَى مَنكبيها ثمَّ ضربتْ بكَفّها الْأُخْرَى إبْطَها وَقَالَت: يَا مُتَضَوِّئاه، هَذِه فِي استِك إِلَى الإِبِط، فلمّا رأى ذَلِك رفَضَها. يُقَال ذَلِك عِنْد تَعْبِير مَن لَا يُبالي مَا ظَهَر مِنْهُ من قَبِيح.
ضوض: فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإخبارِه عَن رُؤْيَة النَّار، وَأَنه رأى فِيهَا قوما إِذا أتاهمْ لَهبُها ضَوْضَوا.
قَالَ أَبُو عبيد: أَي: ضَجُّوا وصاحوا، والمَصدَر من الضَّوضاء، وَقَالَ الْحَارِث بن حِلِّزة:
أَجمَعوا أمرَهمْ عِشاءً فلمّا أصبَحوا
أصبحتْ لَهُم ضوضاءُ
ضئضئى: فِي الحَدِيث أَن رجلا جَاءَ إِلَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقسِمُ الْغَنَائِم فَقَالَ لَهُ: اعدِل فإنّك لَم تَعدِل. فَقَالَ: (يَخرُج من ضِئْضِىءِ هَذَا قومٌ يقرأون القرآنَ لَا يُجاوِزُ تَراقِيَهم) .
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ: الضِّئضِىءَ: الأصْل.
وَقَالَ شَمِر: هُوَ الصِّئصىء بالصَّاد أَيْضا.
وَقَالَ يَعْقُوب ابْن السكّيت مثله، وأنشَد:
أَنا مِنْ ضِئضِىء صِدْق
أجل وَفِي أَكرَم نَسْل
من عزَاني قد بَوْبَهْ
سِنْخُ ذَا أكرمُ أصلِ
وَمعنى قَوْله: (يخرجُ من ضئضِىِء هَذَا) ، أَي: من أصلِه ونسلِه، وَقَالَ الراجز:
غَيْرانُ من ضِئِضىءِ أَجْمالٍ غُيُرْ
وَقَالَ اللّيث: الضِّئِضىءُ: كثرةُ النَّسْل وبَرَكَتُه.
قَالَ: وضِئضِىءُ الضَّأْن من ذَلِك.
قَالَ: وَيُقَال: ضَيَّأَتِ المرأةُ، أَي: كثُر ولدُها.
قلتُ: هَذَا تصحيفٌ، وصوابُه: ضَنَأت المرأةُ بالنُّون والهمز: إِذا كثُر ولدُها؛ وَقد مرّ تفسيرُه

(12/68)


(بَاب الضَّاد وَالنُّون)
أضا: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الأَضاةُ: الماءُ المستنقِعُ من سَيْلٍ أَو غيرِه، وجمعُها أضاً مَقْصُور مِثْلُ قَناةٍ وقَناً. قَالَ: وجمْعُ الأَضاةِ أَضاً، وجمعُ الأضَا إضاءٌ ممدودٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَضاةُ: غَديرٌ صَغيرٌ، وَيُقَال: هُوَ مَسيل الماءِ إِلَى الغدير المتَّصل بالغَدِير؛ وثلاثُ أَضَوات، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وَرَدْتُه ببازلٍ نَهّاضِ
وِرْدَ القَطا مَطائَط الإياضِ
أَراد بالإياض: الإضَاءَ، وَهُوَ الغُدْران؛ فقَلب.
أضّ: قَالَ اللَّيْث: الأضُّ: المَشَقّة؛ يُقَال: أضّنِي هَذَا الأمرُ يَؤُضُّني أضّاً. وَقد ائتَضَّ فلانٌ: إِذا بَلغ مِنْهُ المشقّة.
وَقَالَ الفرّاء فِيمَا روى عَنهُ سَلَمة: الإضَاضُ: المَلْجأ، وأَنشَد:
خَرْجاءَ ظَلّت تَطْلب الإضاضا
أَي: تَطلب ملْجأ تَلجأ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَضّتْنِي إِلَيْك الحاجةُ وتؤُضُّني أضّاً، أَي: أَلجأَتْني؛ وَقَالَ رُؤبة:
وهيَ تَرى ذَا حاجةٍ مُؤْتضّاً
أَي: مُضْطرّاً مُلْجَأً.
الْأَصْمَعِي: ناقةٌ مؤتضّةٌ: إِذا أَخَذَها كالحُرْقة عِنْد نتاجها، فتصَلَّقتْ ظهرا لِبَطْن، وَوجدت إضَاضاً، أَي: حُرقةً ووجعاً يُؤلمها.
أيض: فِي حَدِيث الْكُسُوف الّذي يرويهِ سَمرة بن جُنْدَبُ: (أنّ الشَّمْس اسودّت حَتَّى آضَتْ كأنّها تَنّومَة) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: آضتْ، أَي: صارتْ، وأَنشَد قولَ كَعْب:
قَطعْتُ إِذا مَا الآلُ آضَ كأنّه
سيوفٌ تَنحَّى تَارَة ثمَّ تلتقي
الحرّاني عَن ابْن السّكّيت: تَقول: إفعلْ ذَاك أَيْضا، وَهُوَ مصدَرُ آض يَئِيض أَيْضا، أَي: رَجَعَ. فَإِذا قلتَ: فعلتُ ذَاك أَيْضا قلتَ: أكثرتَ من أَيْضٍ، ودَعْنِي من أَيْضٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَيْضُ: صَيْرُورةُ الشَّيْء شَيْئا غَيره. يُقَال: آضَ سوادُ شعرِه بَيَاضاً.
قَالَ: وقولُ الْعَرَب أَيْضا كأنّه مَأْخُوذ من آضَ يَئيض أَيْضا، أَي: عَاد؛ فَإِذا قلتَ أَيْضا تَقول: عُدْ لما مَضَى.
قلتُ: وتفسيرُ أَيْضا: زِيَادَة. قلت: أَيْضا عِنْد العرَب الّذين شاهدتُهم مَعْنَاهُ زيادةٌ وأصل آض: صَار وعادَ. وَالله أعلم.
وضأ: قَالَ اللّيث: الوَضَاءةُ مصدرُ الوَضيءُ،

(12/69)


وَهُوَ الحَسَن النّظيف، والفِعلُ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضاءةً.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: اسمُ المَاء الّذي يُتوضَّأ بِهِ: الوَضُوء.
قَالَ: وتوضّأتُ وَضُوءاً حَسَناً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: توضّأتُ وَضوءاً، وتَطهّرتُ طَهوراً.
قَالَ: والوَضوء: المَاء، والطَّهور مِثلُه، وَلَا يُقَال فيهمَا بضمّ الْوَاو والطاء؛ لَا يُقَال: الوُضوء وَلَا الطُّهور.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قلتُ لأبي عَمْرو بن العَلاء: مَا الوَضُوء؟ فَقَالَ: المَاء الّذي يُتوضَّأ بِهِ. قَالَ: قلتُ: فَمَا الوُضُوء بالضَّم؟ فَقَالَ: لَا أعرِفُه.
وأخبَرَنا عبدُ الله بن هَاجَك عَن ابْن جبَلة قَالَ: سمعتُ أَبا عُبَيد يَقُول: لَا يجوز الوُضوء، إِنَّمَا هُوَ الوَضوء.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: هُوَ الوَضوء للْمَاء الّذي يُتوضّأ بِهِ.
قَالَ: والوُضوء مصدرُ وَضوءَ يَوْضُؤُ وُضُوءاً ووَضاءةً.
وَقَالَ اللّيث: المِيضأة: مِطْهَرةٌ يُتوضّأ مِنْهَا أَو فِيهَا.
قلت: وَقد جَاءَ ذكرُ المِيضأة فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَروِيه أَبُو قَتَادة؛ وَهِي مِفْعَلة من الوَضُوء.
يضض: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: يَضَّض الْجِرْوُ وجَصَّصَ وفَقَّح، وَذَلِكَ إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ.
قلت: وَرَوَى أَبُو العبّاس عَن سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: يَصَّص بِالْيَاءِ وَالصَّاد مِثله.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيبانيّ: يُقَال: يَضَّض وبَصَّص بِالْبَاء وجَصَّص بِمَعْنى وَاحِد فِي الجِرْوِ إِذا فَتح عينيْه، وَهِي لُغاتٌ كلُّها فَصيحةٌ مسموعة.
ضأي: أهمَلَه اللّيث. وروَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: ضَأَى الرجلُ: إِذا دَقّ جسمُه.
عَمْرو عَن أَبِيه: الضَّأْضاء: صوتُ النَّاس فِي الحَرْب قَالَ: وَهُوَ الضَّوْضاء.
قلتُ: وَيُقَال من الضأضاة ضَأْضأَ ضأضأةً والضُّوَيْضِئَةُ: الدَّاهيةُ.

(12/70)


بَاب الرباعي من حرف الضَّاد
(ضنفس) : قَالَ ابْن المظفَّر: رجلٌ ضِنْفِسٌ: رِخْوٌ لئيمٌ.
(ضنبس) : قَالَ: ورجلٌ ضِنْبِسٌ: ضعيفُ الْبَطْش سريعُ الانكسار.
(ضرسم) : ورجلٌ ضِرْسامَةٌ: نعتُ سَوْء مِن الفَسالةِ ونحوِها.
(ضرزم) : قَالَ: والضَّرْزَمةُ: شِدّةُ العَضّ والتّصميمُ عَلَيْهِ. وَيُقَال: أَفْعَى ضِرْسِم وضِرْزِم: شديدَةُ العَضِّ وأنشَد:
يُباشِر الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضَّرْسَمُ: ذَكَرُ السّباع. وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: من غَرِيب أسماءِ الْأسد الضَّرْصَم. قَالَ: وكنيتُه أَبُو العبّاس.
(ضمزر) : أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء قَالَ: الضَّمْزَرُ من النساءِ: الغليظة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فحلٌ ضُمازِرٌ وضُمارِزٌ: غليظٌ، وأنشَد:
يَرُدُّ غَرْبَ الجُمَّح الجَوامِزِ
وشعبَ كلِّ باجِجٍ ضُمارِزِ
قَالَ: الباجح: الفَرِحُ بمكانه الَّذي هُوَ فِيهِ. وَيُقَال: فِي خُلُقه ضَمْرَزَة وضُمارِز، أَي: سُوءٌ وغَلَظ. وَقَالَ حَنْدَل الطَّهَوِيّ:
إنّي امرؤٌ فِي خُلُقِي ضُمازِرُ
وعَجْرَ فِيّاتٌ لَهَا بَوَادِر
قَالَ: والضَّمْزَرُ: الغليظُ من الأَرْض، وَقَالَ رُؤبة:
كأنّ حَيْدَيْ رأسِهِ المُذَكَّرِ
حَمْدانِ فِي ضَمْزَين فوقَ الضَّمْزَرِ
يصف فَحْلاً. قَالَ: والضَّمْرُ: مَا غَلُظ من الأَرْض أَيْضا.
شمِر قَالَ أَبُو خَيْرة: رجلٌ ضِرْزِلٌ، أَي: شَحِيح.
أَبُو عُبَيد: يُقَال لِلنّاقة الَّتِي قد أسَنَّتْ وفيهَا بقيّة من شَباب: الضِّرْزِم.
(ضفنط) : اللّيث: رجل ضَفَنّطٌ: سمينٌ رخْوٌ ضَخْم البَطْن، بيّن الضَّفاطة.
(ضفند) : وَقَالَ: وامرأةٌ ضَفَنْدَةٌ وضَفَنْدَدَةٌ: رِخْوَةٌ، والذَّكَر ضَفَنْدَد.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: إِذا كَانَ مَعَ الحُمْق فِي الرّجل كَثرةُ لَحْم وثِقَلٌ قيل: رجل ضِفَنٌّ ضَفْنَدَدٌ خُجَأَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل ضَفَنَّدٌ: ضَخْمٌ رِخْوٌ.
(شرنض) : وَقَالَ اللَّيْث: رجل شِرْناضٌ:

(12/71)


ضَخْمٌ طَوِيل العُنُق، وَجمعه شَرانِيض.
قلتُ: هَذَا حرفٌ لَا أحفَظُه لغير اللَّيْث، وَهُوَ مُنكر.
(ضبطر) : أَبُو عُبَيد عَن الأمَويّ قَالَ: الضِّبَطْرُ: الشَّديد.
وَقَالَ اللّيث: هُوَ الضخم المكتنِز. وَيُقَال: أسَدٌ ضِبَطْر، وجَمَل ضِبَطْر، وَبيْتٌ ضِبَطْر، وَأنْشد:
أشبَهَ أَرْكَانه ضِبَطْرَا
(ضفطر) : وَقَالَ اللَّيْث: الضِّفْطار: من أَسمَاء الضَّبّ، القبيحُ الَّتِي قَبُحَت خلقتُه وهَرِم.
(ضفرط) : قَالَ: وضَفاريطُ الْوُجُوه: كسورُها بَين الحَدّ والأنْفِ وَعند اللِّحاظين؛ كل وَاحِد ضُفْرُوط.
(ضمرط) : أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لخُطوط الجبين: الأساريرُ والضَّمَاريطُ، وَاحِدهَا ضُمْروط. قَالَ: والضُّمْروط فِي غير هَذَا: موضعٌ، يُخْتَبأُ فِيهِ. قَالَ: والضَّمَاريطُ: أذنابُ الأوْدية.
(ضبطر) : والضِّبَطْرُ والسِّبَطْرُ: من نعتِ الْأسد بالمضاء والشدّة. والضَّيْثَمُ: من أَسمَاء الْأسد.
قلت: الأصلُ من الضَّبْثِ، وَهُوَ القَبْضُ على الشَّيْء بِشدَّة؛ وَمِنْه يُقَال: أسدٌ ضُبَاثيٌّ.
(ضرطم) : وَقَالَ أَبُو سعيد الضّرِير: الضُّرَاطِمِيُّ من أركابِ النِّسَاء: الضَّخْم الجافي، وأنشدَ بيتَ جرير:
تواجِهُ بَعْلَهَا بضُرَاطِمِيَ
كَأَن على مشافره جُبَابا
وَقَالَ: هُوَ متاعٌ هَدّارُ المشَافر يَهْدر شِفْرُه لاغْتلامها، وروى ابْن شُمَيْل بَيت جرير:
تُنَازِعُ زوجَها بعُمارِطيَ
كأنَّ عَلَى مشَافِره جُبابَا
وَقَالَ عُمَارِطيُّهَا: فَرْجُهَا.
(ضرفط) : وَقَالَ يُونُس: جَاءَ فلانٌ مُضَرْفَطاً بالحبال، أَي: موثقًا.
(ضأبل) : وَقَالَ الكسائيّ: الضِّئْبِل: الدّاهية؛ ولغة بني ضَبَّه الصِّئْبِل.
قَالَ: الضَّاد أعرف.
قلتُ: وَأَبُو عُبيد قد جَاءَ بالضّئْبِل بالضاد.
انْتهى آخرُ كتاب الضَّاد، وَالْحَمْد لله وَحده، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من لَا نبيّ بعده

(12/72)


كتاب حرف الصَّاد من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف من حرف الصّاد
أُهملت الصَّاد مَعَ السِّين وَالزَّاي والطاء فِي المضاعف.

(بَاب الصّاد وَالدَّال)
ص د
صد، دص: مستعملان.
(صد) : يُقَال: صَدّه يَصُدّه صَدّاً، وَقَالَ الله تَعَالَى: {) مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ} (النَّمْل: 43) .
يَقُول: صدَّها عَن الْإِيمَان، العادةُ الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا، لأنهَا نشأت وَلم تعرف إلاّ قوما يعْبدُونَ الشَّمْس، فصدّتها العادةُ، وبيّن عادتَها بقوله: {اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ} .
الْمَعْنى: صَدّها كونُهَا من قوم كَافِرين عَن الْإِيمَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (لِّلاَْخِرِينَ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ} (الزخرف: 57) .
قَالَ الفرّاء: قرىء (يَصِدّون) و (يَصُدُّون) .
قَالَ: والعربُ تَقول: صَدَّ يَصِدّ ويَصُدّ، مثل: شَدّ يَشِدّ ويَشُدّ، وَالِاخْتِيَار (يَصِدُّون) وَهِي قِرَاءَة ابْن عبّاس، وفسّره يَضِجُّون ويَعِجُّون.
قلت: يُقَال: صددتُ فلَانا عَن أمرِه أصُدُّهُ صَدّاً فصَدّ يَصُدّ، يَسْتَوِي فِيهِ لفظ الْوَاقِع وَاللَّازِم. وَإِن كَانَ بِمَعْنى يَضجّ ويَعِجّ، فَالْوَجْه الْجيد: صَدّ يصدّ، وَمن هَذَا قَول الله جلّ وعزّ: {إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) ، فالمُكاء: الصَّفِير، والتَّصْدِية: التصفيق. وَيُقَال: صَدّى يُصَدِّي تَصْدِيةً: إِذا صَفَّق، وَأَصله صَدّ. ويُصَدِّد، فكثرت الدالات فقُلِبت إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا: قَصَّيْتُ أظفاري، وَالْأَصْل قَصَصْتُ.
قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد وَابْن السّكيت

(12/73)


وَغَيرهمَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول الله جلّ وَعز: {مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ} (الزخرف: 57) ، أَي: يَضِجُون ويعِجّون. يُقَال: صَدّ يَصِدّ، مثل: ضَجَّ يَضجّ. وَأما قولُ الله جلّ وَعز: { (الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} (عبس: 5، 6) فَمَعْنَاه: تتعرّض لَهُ، وتميل إِلَيْهِ، وتُقبل عَلَيْهِ، يُقَال: تصدَّى فلَان بفلانٍ يتصدَّى: إِذا تعرّض لَهُ، وَالْأَصْل فِيهِ أَيْضا تصدَّدَ يتصدَّدُ، يُقَال: تصدّيت لَهُ، أَي: أقبلتُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الراجز:
لما رأيتُ وَلَدِي فيهمْ مَيَلْ
إِلَى الْبيُوت وتَصَدّوْا للحَجلْ
قلتُ: وَأَصله من الصَّدد، وَهُوَ مَا استقبلك وَصَارَ قُبَالَتَكَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزجّاج: معنى قَوْله: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} ، أَي: أَنْت تُقبِل عَلَيْهِ، جعلَه من الصَّدد وَهُوَ القُبالة.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: هَذِه الدَّار على صَدَد هَذِه، أَي: قُبالتهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الصَدَد والصَّقب: القُرْب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن السّكيت.
قلتُ: فَقَوْل الله جلّ وَعز: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} ، أَي: تتقرب إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ} ، أَي: يَضْحَكُونَ.
قلتُ: وَالتَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس: يَضِجون ويعجّون وَعَلِيهِ الْعَمَل.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَيُسْقَى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إِبْرَاهِيم: 16، 17) ، قَالَ: الصَّديد: مَا يسيل من أهل النَّار من الدّم والقَيْح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّديدُ: الدّم المختلطُ بالقَيْح فِي الجُرح، يُقَال: أصَدّ الجُرح. قَالَ: والصّديد فِي الْقُرْآن: مَا سَالَ من أهل النَّار. وَيُقَال: بل هُوَ الحميمُ أُغْلِي حَتَّى خَثُر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: الصُّدّادُ فِي كَلَام قيس: سامُّ أبْرَصَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدّاد: ضرب من الجُرْذان، وَأنْشد:
إِذا مَا رَأَى أشرافهن انطوى لَهَا
خَفِيٌّ كصُدّادِ الجديرة أَطلَسُ
قَالَ: وصَدْصَدٌ: اسمُ امْرَأَة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الصَّدّان: ناحيتا الْجَبَل، وأَنشد قولَ حُمَيد:
تَقَلقَلَ قِدْحٌ بَين صَدّيْن أَشْخَصَتْ
لَهُ كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لَا يُرِيدُها
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصّدّان: الجَبلان. وَقَالَت ليلى الأخيليَّة:
وكُنْتَ صُنَيّاً بَين صَدّيْنِ مَجْهَلا

(12/74)


والصُّنَيّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيل فِيهِ المَاء.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الصِّدَاد: مَا اصْطَدّت بِهِ الْمَرْأَة وَهُوَ السِّتْر.
وَقَالَ ابْن بُزرج: الصَّدُود: مَا دَلكْتَهُ على مِرْآة ثمَّ كَحَلْتَ بِهِ عَيْناً.
دصّ: قَالَ اللَّيْث: الدَّصْدَصَةُ: ضَرْبُك المُنْجَل بكَفَّيك.

(بَاب الصَّاد وَالتَّاء)
ص ت
صتّ: قَالَ اللَّيْث: الصَّتُّ: شِبْهُ الصَّدْمِ والقَهْرِ.
ورجلٌ مِصْتِيتٌ: فاضٍ متكَمِّش.
قَالَ: والصَّتِيتُ: الصَّوْتُ والجَلَبَة. وَفِي الحَدِيث: (قَامُوا صِتَّيْن) .
قَالَ أَبُو عُبَيد، أَي: جَماعَتين. يُقَال: صَاتَّ القومُ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّتِيتُ: الفِرقة.
يُقَال: تركتُ بني فلَان صَتِيتَيْن: يَعْنِي فِرْقَتين. وَقَالَ أَبُو زيد مِثلَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَا زلتُ أُصَاتُّه وأُعَاثُّه صِتَاتاً وعِثَاثاً، وَهِي الْخُصُومَة.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّتَّة: الجماعةُ من النَّاس.
ص ظ ص ذ ص ث: أهملت وجوهها.

(بَاب الصّاد والرّاء)
ص ر
صر، رص: (مستعملة) .
(صر) : قَالَ اللَّيْث: صَرَّ الجُنْدَبُ يصِرّ صَرِيراً. وصَرّ البابُ يَصِرُّ؛ وكلُّ صوتٍ شِبْهُ ذَلِك فَهُوَ صَرِيرٌ: إِذا امتدّ، فإِذا كَانَ فِيهِ تخفيفٌ وترجيعٌ فِي إعادةٍ ضُوعِف. كَقَوْلِك: صَرْصَر الأخْطَبُ صَرْصَرةً.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: صَرّ المَحْمِل يَصِرّ صَرِيراً.
قلتُ: والصَّقْرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً.
وَقَالَ الزَّجاجُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} : (الحاقة: 6) الصِّرُّ والصِّرّة: شِدَّةُ البَرْدِ.
قَالَ: وصَرْصَرٌ متكرِّرٌ فِيهَا الرَّاء؛ كَمَا تَقول: قَلقلتُ الشيءَ وأَقْلَلْتُه: إِذا رفعتَه من مَكَانَهُ إلاّ أنّ قَلْقَلتُه: رددتُه وكرَّرْتُ رَفْعَه. وأقْلَلْتُه: رفَعْتُه، وَلَيْسَ فِيهِ دليلُ تَكْرِير. وَكَذَلِكَ صَرْصَرَ وصَرَّ، وصَلْصَلَ وصَلَّ: إِذا سمعتَ صوتَ الصَّرير غيرَ مكرَّر.
قلتَ: صَرَّ وصَلَّ؛ فَإِذا أردتَ أنّ الصَّوْت تَكرَّر قلتَ: قد صَرْصَرَ وصَلْصَلَ.
قلتُ: وقولُه: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} ، أَي: شديدِ البَرْد جدّاً.

(12/75)


وَقَالَ ابْن السكّيت: ريحٌ صَرْصَر، فِيهِ قَولَانِ:
يُقَال: أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ وَهُوَ البَرْد، فأَبدَلوا مكانَ الرّاء الْوُسْطَى فاءَ الْفِعْل، كَمَا قَالُوا: تَجَفْجَفَ، وأصلُه تَجَفَّف.
وَيُقَال: هُوَ من صَرِير الْبَاب وَمن الصَّرَّة وَهُوَ الضَّجَّة.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {عَلَيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} (الذاريات: 29) .
قَالَ المفسِّرون: فِي ضَجَّة وصَيْحة، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
جَواحِرُها فِي صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ
وَقيل: (فِي صرَّةٍ) : فِي جمَاعَة لم تتفرَّق.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: صَرَّ الْفرس أذُنَيه، فَإِذا لم يُوقِعوا قَالُوا: أصَرَّ الفرسُ، وَذَلِكَ إِذا جمع أذُنَيه وعَزَمَ على الشّدّ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: كَانَت مني صِرِّي وأَصِرِّي، وصِرَّى وأصِرَّى؛ أَي: كَانَت منّي عَزِيمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّهَا مِنّي لأَصِرِّي، أَي: لحَقيقة. وَأنْشد أَبُو مَالك:
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ
أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي
أَي: حَقِيقَة.
شَمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: علم اللَّهُ أَنَّهَا كَانَت منّي صِرِّي وأصِرَّى، وصِرِّي وأصِرِّي، وقائلها أَبُو السّمّاك الأسَدي حينَ ضَلَّتْ ناقتُه فَقَالَ: اللهمَّ إِن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لَك صَلَاة، فوجَدَها عَن قريب، فَقَالَ: علمَ اللَّهُ أَنَّهَا منّي صِرِّي، أَي: عَزْم عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا عَزِيمَة محتومةٌ.
قَالَ: وَهِي مشتقّة من أصررتُ على الشَّيْء: إِذا أقمتَ ودمتَ عَلَيْهِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمرَان: 125) .
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: أصِرِّي، أَي: اعْزِمي، وكأنّه يُخَاطِب نفسَه، من قَوْلك: أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً: إِذا عَزَم على أَن يَمضي فِيهِ وَلَا يَرجع.
قَالَ: وَيُقَال: كَانَت هَذِه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي، أَي: عَزِيمَة، ثمَّ جُعلت هَذِه الياءُ ألفا، كَمَا قَالُوا: بأَبي أنتَ، وبِأَبَا أنْتَ، وَكَذَلِكَ صِرِّي، على أَن تحذف الألفُ من أصِرّي لَا على أنّها لُغَة صَرَرتُ على الشَّيْء وأصرَرت.
قَالَ: وَجَاءَت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رَافِعَة لَهَا، وَإِنَّمَا تُصرّ آذانها: إِذا جَدّت فِي السَّيْر.
وَقَالَ الْفراء: الأَصْل فِي قَوْلهم: كَانَت منّي صِرِّي وأصِري: أمْرٌ، فَلَمَّا أَرَادوا أَن

(12/76)


يغيِّروه عَن مَذهَب الْفِعْل حَوّلوا ياءَه ألفا، فَقَالُوا: صِرَّى وأصِرَّى، كَمَا قَالُوا: نُهِي عَن قَيَلٍ وَقَالَ، أُخْرِجِتَا من نيّة الْفِعْل إِلَى الْأَسْمَاء.
قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: أعْيَيْتَني من شُبَّ إِلَى دُبَّ، ويُخفض فَيُقَال: من شُبَ إِلَى دُبَ، وَمَعْنَاهُ: فَعَل ذَلِك مُذْ كَانَ صَغِيرا إِلَى أَن دَبَّ كَبِيرا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا لفُلَان صَريّ، أَي: مَا عندَه دِرْهم وَلَا دِينَار، وَيُقَال ذَلِك فِي النَّفْي خاصّة.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبة: يُقَال للدِّرهم صَريٌّ، وَمَا ترك صَريّاً إِلَّا قَبضه، وَلم يُثَنِّه وَلم يَجْمعه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: دِرْهمٌ صَريّ وصِريّ للَّذي لَهُ صَرير: إِذا نقَرْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (لَا صَرورةَ فِي الْإِسْلَام) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الصَّرورة فِي هَذَا الحَدِيث: هُوَ التبتل وتركُ النِّكاح.
قَالَ: لَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول: لَا أتزوّج. يَقُول: لَيْسَ هَذَا من أَخْلَاق الْمُسلمين، وَهُوَ مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
وَلَو أَنَّهَا عرضت لأشْمَطَ رَاهِب
عَبَدَ الإلهَ صَرورةٍ متعبِّدِ
وَيَعْنِي الراهبَ الَّذِي قد ترك النّساء.
قَالَ: والصَّرورة فِي غير هَذَا الَّذِي لم يَحْجُجْ قَطّ، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الْكَلَام.
وَقَالَ ابْن السكّيت: رجل صَرورةٌ وصارُورَةُ وصَرورِيّ: وَهُوَ الَّذِي لم يَحْجُجْ.
وَحكى الْفراء عَن بعض الْعَرَب قَالَ: رأيتُ قوما صَراراً واحدُهم صَرورة.
وَقَالَ اللّحياني: حَكى الكسائيّ: رجلٌ صَرارَةٌ للّذي لم يَحْجُجْ. ورجلٌ صَرورة وصَرارَة. وصاروريّ.
فَمن قَالَ: صَرورة، فَهُوَ فِي الْوَاحِد والجميع والمؤنث سَوَاء. وَكَذَلِكَ من قَالَ: صرارة وصَرَّارة وصارورة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: قوم صَراير، جمع صارورة. وَمن قَالَ: صرورى وصارورى، ثنّى وَجمع وأنّث.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّرُّ: البَرْدُ الَّذِي يَضرب النباتَ ويُحسِّنه. الصَّرَّةُ: شدّة الصِّياح. جَاءَ فِي صَرةٍ، وَجَاء يَصْطَرُّ.
والصُّرّة: صُرةُ الدّراهم وَغَيرهَا مَعْرُوفَة.
والصِّرارُ: الخَيْط الَّذِي يُشَدُّ بِهِ التَّوادِي على أخلاف النَّاقة وتُذَيَّر الأطْباءُ لبعَرِ الرَّطْب لئلاّ يؤثِّر الصِّرارُ فِيهَا.
قَالَ: والصَّرْصَرُ: دُويْبَّةٌ تَحت الأَرْض تَصِرّ أيّام الرّبيع.
وصَرَّت أُذُني صَرِيراً: إِذا سمعتَ لَهَا صَوتاً ودَوِيّاً.

(12/77)


وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّرارِيُّ: الملاّحُ، وَأنْشد:
إِذا الصَّراريُّ من أهواله ارْتَسما
اللَّيْث: الصَّرْصرانُ والصَّرْصرانيّ: ضربٌ من السَّمك أملسُ الجِلْد ضخم وَأنْشد:
مَرّتْ لظَهْر الصَّرْصَران الأدْخَنِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّرْصَرانُ: إبلٌ نَبَطيَّة يُقَال لَهَا الصَّرْصَرانيّات.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصرصرانيات: الْإِبِل الَّتِي بَين العِراب والبخاتيّ، وَهِي الفوالج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّارَّةُ: العَطَش، وجمعُها صرائر، وَأنْشد:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها
وَقد نَشَحْن فلارِيٌّ وَلَا هيمُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: لنا قِبَلَه صارَّةٌ، وجمعُها صَوارُّ، وَهِي الْحَاجة.
ابْن شُميل: أصَرَّ الزرعُ إصْراراً: إِذا خَرَج أَطْرَاف السَّفَاء قبل أَن يَخلص سُنْبُله فَإِذا خلص سنبله قيل: قد أسبل وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: يكون الزَّرْع صَرراً حَتَّى يَلتويَ الْوَرق ويَيْبَس طرَف السنبل، وَإِن لم يجر فِيهِ القَمْحُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحافِرُ المَصْرور: المُنْقَبِض. والأرَحّ: العريض؛ وَكِلَاهُمَا عَيْب، وَأنْشد غَيره:
لَا رَحَحٌ فِيهِ وَلَا اصْطِرارُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اصْطَرّ الحافرُ اصْطراراً: إِذا كَانَ فَاحش الضِّيقِ، وَأنْشد:
لَيْسَ بمصْطَرَ وَلَا فِرشاحِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُرْصُورُ: الفَحْلُ النَّجيب من الْإِبِل.
قَالَ: والصَّرُّ: الدَّلْوُ تسترخى فتُصَرُّ، أَي: تُشد وَتسمع بالمِسمَع، وَهُوَ عروةٌ فِي دَاخل الدَّلْو بإزائها عُروةٌ أُخْرَى، وَأنْشد فِي ذَلِك:
إِن كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فصرَّها
إِن امِّصار الدِّلوِ لَا يضُرُّها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: صَرَّ يَصِرُّ: إِذا عَطِشَ. وصَرًّ يَصُرّ: إِذا جَمَع.
قَالَ: والصَّرَّة: تقطيبُ الوجْه من الْكَرَاهَة. والصَّرَّةُ: الشاةُ المُصرَّاة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المُصْطارةُ: الخَمر الحامض.
رص: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تراصُّوا فِي الصَّلَاة) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي: التَّراصُّ: أَن يَلصَق بعضُهم بِبَعْض حَتَّى لَا يكون بَينهم خَلَل؛ وَمِنْه قولُ الله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ} (الصَّفّ: 4) .
وَقَالَ اللَّيْث: رصَصتُ البنيانَ رَصّاً: إِذا ضممتَ بعضَه إِلَى بعض. والرِّصاص مَعْرُوف.

(12/78)


سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الرَّصاص أكثرُ من الرِّصاص.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصّاصةُ والرَّصْراصة: حجارةٌ لازقةٌ بحوالَيِ العَيْن الْجَارِيَة، وَأنْشد:
حِجَارَة قَلْتٍ برَصراصةٍ
كُسِين غِشاءً من الطُّحْلُبِ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: النِّقابُ على مارِنِ الْأنف. قَالَ: والترصيص: ألاّ يُرَى إلاّ عَيناهَا وتَميمٌ تَقول: هُوَ التَّوْصيص بِالْوَاو وَقد رَصّصَتْ ووَصّصَتْ.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: رَصَّص: إِذا ألحّ فِي السُّؤَال، ورصصَ النِّقابَ أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: رَصرَصَ: إِذا ثَبت فِي الْمَكَان.
أَبُو عَمْرو: الرَّصيص: نِقابُ الْمَرْأَة: إِذا أدْنَتْه من عينيْها.

(بَاب الصَّاد وَاللَّام)
ص ل
صل، لص: (مستعملة) .
صل: أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: سَمِعت لجوفِه صلِيلاً من العَطَش، وَجَاءَت الإبلُ تَصِلّ عَطشاً، وَذَلِكَ إِذا سمعتَ لأجوافها صوْتاً كالبُحّة. وَقَالَ مُزاحم العُقَيلِيُّ يصف القَطا:
غَدَت مِن عَلَيْهِ بَعْدَمَا تمَّ ظِمْؤُها
تَصِلُّ وَعَن قَيْضٍ بزيْزاءَ مَجهَلِ
قَالَ ابْن السكّيت فِي قَوْله: من عَلَيْهِ: من فَوْقه، يَعْنِي من فوْق الفَرْخ.
قَالَ: وَمعنى: تَصِلُّ، أَي: هِيَ يابسة من الْعَطش.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: معنى قَوْله: من عَلَيْهِ من عِنْد فَرْخها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سمعتُ صليلَ الْحَدِيد، يَعْنِي صوْتَه.
وصلَّ المِسمارُ يَصِلُّ صلِيلاً: إِذا أكْرهْتَه على أَن يدخُل فِي القَتِير فَأَنت تسمَع لَهُ صَوتا، وَقَالَ لَبيد:
أحكم الجُنْثيّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرباءٍ إِذا أُكرِه صلّ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّلصالُ: الطينُ اليابسُ الَّذِي يَصِلُّ من يُبْسِه، أَي: يصوِّت، قَالَه فِي قَوْله: {الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ} (الرَّحْمَن: 14) ، وَأنْشد:
رَجَعتُ إِلَى صوتٍ كجِرَّة حَنْتَمٍ
إِذا قُرِعتْ صِفراً من الماءِ صلَّتِ
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء. قَالَ: هُوَ طينٌ حُرٌّ خُلط برمْل فَصَارَ يُصلْصِل كالفَخّار.
قلتُ: هُوَ صَلصال مَا لم تُصِبه النَّار، فَإِذا مسّتْه النَّار فَهُوَ فَخّار.
وَقَالَ الْأَخْفَش نَحوه، قَالَ: وكلُّ شَيْء لَهُ صوتٌ فَهُوَ صلْصالٌ من غير الطين.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الصالُّ:

(12/79)


الماءُ يقعُ على الأرضِ فتنشّق، فَذَلِك الصال.
وَقَالَ مُجَاهِد: الصَّلصالُ: حَمَأٌ مسنون.
قلتُ: جعلَه حَمأً مَسنوناً لِأَنَّهُ جعله تَفْسِيرا للصلصال، ذهَب بِهِ إِلَى صلَّ، أَي: أَنتَنَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق مَنْ قَرَأَ: {ءإذا صَلَلْنا فِي الأَرْض} (السَّجْدَة: 10) ، بالصَّاد فَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَنْتَنَّا وتغيَّرْنا، وتغيرت صوَرُنا، يُقَال: صلَّ اللحمُ وأَصلَّ إِذا أنتَن وتغيَّر.
والضربُ الثَّانِي: (صلَلْنا) : يَبِسنا من الصلَّة، وَهِي الأرضُ الْيَابِسَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: مَا يَرفَعه من الصلّة من هوانِه عَلَيْهِ، يَعْنِي من الأَرْض.
وخُفٌّ حَيّد الصِّلَة، أَي: جيِّد الجِلْد.
وَيُقَال: بِالْأَرْضِ صِلالٌ من مَطر، الْوَاحِدَة صلَّة، وَهِي القطَع المتفرقة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سيَكفيكَ الْإِلَه بمُسْنَماتٍ
كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصلالاَ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الصلاصلُ: بقايا الماءِ، وَاحِدهَا صَلصلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُّلصل: الرَّاعِي الحاذق.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلصل: طَائِر تسميه العجَمُ الفاخِتَة، وَيُقَال: بل هُوَ الَّذِي يشبهها، والصُّلصل: ناصيةُ الفرَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصلاصِل: الفَواخِتُ وَاحِدهَا صُلْصل. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصلْصل والعِكْرِمة والسّعْدانة: الحَمامة.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الجُمَّة. والصُّلصلة للوَفْرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي صلْصل: إِذا أَوْعَد.
وصلْصل: إِذا قتل سيِّد الْعَسْكَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصُّلْصُل: القَدَح الصَّغِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصلُّ والصِّفصِلّ نبتان، وَأنْشد:
أرعَيْتُها أطيَبَ عُودٍ عُودَا
الصِّلَّ والصِّفْصِلَ واليَعْضِيدَا
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِنَّه لَصِلُّ أصْلالٍ وإنّه لَهِتْر أهتار. يُقَال ذَلِك للرّجل ذِي الدَّهاء والإرْب، وأصلُ الصِّلّ من الحيّات يُشبَّه الرجل بِهِ إِذا كَانَ داهيةً؛ وَقَالَ النَّابِغَة الذُّبياني:
مَاذَا رُزِئْنا بِهِ من حَيّةٍ ذَكَرٍ
نَضْنَاضَةٍ بالرَّزايَا صِلِّ أَصْلالِ
والصِّلِّيَان: من أطيَب الكَلأ، وَله جِعْثِنَةٌ ووَرَقُه رقيقٌ.
والعَرَب تَقول للرجُل يُقدم على يمينٍ كَاذِبَة، وَلَا يَتَتَعْتَع: جَذَّها جَذ العَيْر

(12/80)


الصِّلِّيانة. وَذَلِكَ أَن العَيْرَ إِذا كَدَمَها بِفِيهِ اجتَثَّها بأَصلِها، وَالتَّشْدِيد فِيهَا على اللاّم، والياءُ خَفِيفَة، وَهِي فِعْلِيَانة من الصَّلْي، مثل حِرْصِيانة من الحِرْص، وَيجوز أَن يكون من الصِّلّ، وَالْيَاء وَالنُّون زائدتان.
أَبُو عُبيد: قَبَرَه اللَّهُ فِي الصَّلَّة، وَهِي الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: صَلَّ اللّجام: إِذا تَوهَّمْتَ فِي صوتِه حِكايَة صوتِ صَلْ، وَإِن توهَّمتَ ترجيعاً قلتَ: صَلصَل اللجامُ، وَكَذَلِكَ كلُّ يَابِس يُصَلْصِل.
وَقَالَ خَالِد بنُ كُلْثوم فِي قَول ابْن مُقبل:
ليَبْكِ بَنُو عُثمانَ مَا دامَ جِذْمُهمْ
عَلَيْهِ بأَصْلالٍ تُعَرَّى وتُخْشَبُ
الأصلال: السيوفُ القاطعة، وَالْوَاحد صِلّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصَلِّل: الأسْكَفُ، وَهُوَ الإسْكافُ عِنْد العامّة. والمصَلِّل أَيْضا: الخالصُ الكَرَم والنَّسب. والمصَلِّل: المَطَر الجَوْدُ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: قَالَ: الصَّلَّة: بقيَّةُ المَاء فِي الْحَوْض: والصَّلَّةُ: المَطْرة الواسعة. والصَّلَّةُ: الجِلْد المتين. والصَّلّةُ: الأَرْض الصُّلْبة. والصَّلة: صوتُ المِسمار إِذا أُكرِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَّلّة: المَطْرةُ الْخَفِيفَة. والصَّلَّة: قُوَارَةُ الخُفّ الصُّلْبة.
لص: قَالَ اللَّيْث: اللِّصُّ معروفٌ، ومصدرُه اللصُوصة واللُّصوصِيَّة والتلصُّص.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هُوَ لَصٌّ بيّن اللَّصوصِية، وفعلتُ ذَلِك بعد خصُوصيّة، وحَرُوريّ بيّن الحَرُوريّة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الألَصُّ: المجتمِعُ المَنكِبين يكادان يمُسَّان أُذُنَيه. قَالَ: والألَصّ أَيْضا: المتقاربُ الأضراس، وَفِيه لصَصَ.
الليثُ: التَّلْصِيص كالتَّرْصيص فِي البُنْيان. قَالَ رُؤبة:
لَصَّصَ من بُنْيانِه المُلَصِّصُ
الْأَصْمَعِي: رجل أَلَصُّ وَامْرَأَة لَصّاء: إِذا كَانَ مُلتَزِقي الفَخِذَين لَيْسَ بَينهمَا فُرْجة. وَيُقَال للزَّنْجيّ: ألَصّ الألْيَتَين والفَخِذَين.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: اللَّصَص فِي مَرْفَقي الفَرَس أَن تنضَمَّا إِلَى زَوْرِه وتَلْصقا بِهِ. قَالَ: ويستحبّ اللَّصَصُ فِي مَرْفِقَي الْفرس.
وَقَالَ أَبُو زيد: جمعُ اللَّصّ لُصوص وأَلْصاص، وَامْرَأَة لَصَّةٌ من نسْوَة لَصائص ولَصَّات.

(بَاب الصّاد وَالنُّون)
ص ن
صن، نَص: (مستعملان) .
صن: قَالَ اللَّيث: الصَّنُّ: شِبْه السَّلَّة المُطْبَقَة

(12/81)


يُجعل فِيهَا الطّعام.
سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ: الصِّنّ: بَوْل الوَبْر. والصِّنُّ أَيْضا: أوّل يَوْم من أيّام العَجوز، وَأنْشد غَيره:
فَإِذا انقَضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا
صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ
وَقَالَ جرير فِي صِنّ الوَبْرِ:
تَطَلَّى وهيَ سَيِّئَةُ المعَرَّى
بِصِنِّ الوَبْر تحسَبه مَلابَا
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن نُصَيْر الرّازيّ يُقَال للتَّيْس إِذا هاج: قد أصَنّ فَهُوَ مُصِن. وصُنانه: ريحُه عِنْد هِياجه.
وَيُقَال للبَغْلَة إِذا أمسكْتَها فِي يَدِك فأنتَنَتْ: قد أصَنَّتْ.
وَيُقَال للرَّجُل المُطَيَّخِ المُخْفِي كلامَه: مُصِنَّ.
قَالَ: وَإِذا تأخَّر ولدُ النَّاقة حَتَّى يَقع فِي الصَّلاَ فَهُوَ مُصِنّ وهُنّ مِصِنّاتٌ مَصَانٌّ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: المُصِنّ: الرافعُ رأسَه تكبُّراً، وَأنْشد:
يَا كَرَواناً صُكَّ فاكْبأنّا
فشَنَّ بالسَّلْحِ فلمّا شَنَّا
بَلَّ الذَّنابَى عَبَساً مُبِنَّا
أَإِبِلِي نأكُلُها مُصِنَّا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَتَانَا فلانٌ مُصِنّاً بأَنْفه: إِذا رَفع أَنفَه من العَظَمة. وأَصَنَّ: إِذا سَكَت؛ فَهُوَ مُصِنٌّ ساكِت، وأَنشَد:
قد أخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بهَا مُصِنُّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدةَ: إِذا دنا نَتاجُ الفَرَسِ وارْتَكَضَ ولدُها وتحرّك فِي صَلاَها فَهِيَ حِينَئِذٍ مُصِنّة وَقد أصنّت الْفرس، ورُبَّما وَقع السّقيُ فِي بعض حركته حَتَّى ترى سوَاده من طُبييها، والسَّقيُ طرف السَّابيَاء.
قَالَ: وقلّ مَا تكونُ الْفرس مُصِنَّة: إِذا كَانَت مُذْكِرة تَلد الذُّكُور.
نَص: قَالَ اللَّيْث: النَّصُّ: رَفْعُك الشيءَ. ونَصَّصْتُ نَاقَتي: إِذا رَفَعْتَهَا فِي السَّيْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّصّ: الْإِسْنَاد إِلَى الرئيس الْأَكْبَر. والنَّصّ: التَّوْقيف. والنَّصّ: التَّعْيِين على شيءٍ مّا.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دَفَع من عَرَفات سارَ العَنَق، فَإِذا وَجد فَجْوَةً نَصَّ) . قَالَ أَبُو عُبَيْد: النَّصُّ: التحريك حتّى تستخرج من النَّاقة أَقْصَى سَيْرِها، وأَنشَد:
وتَقْطَع الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ
رُوي عَن عليّ أَنه قَالَ: إِذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقَاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى.
قَالَ أَبُو عُبيد: النَّصُّ: أصلُه منتَهى الْأَشْيَاء ومبلغُ أَقصاها، وَمِنْه قيل:

(12/82)


نَصَصْتُ الرجلَ: إِذا استقصيْتَ مسألتَه عَن الشيءِ حَتَّى يسْتَخْرج كلَّ مَا عندَه، وَكَذَلِكَ النَّصّ فِي السَّيْرِ إنّما هُوَ أَقصَى مَا تَقدر عَلَيْهِ الدابّة. قَالَ: فَنَصّ الحِقاقِ إِنّما هُوَ الإدرَاك.
وَقَالَ ابْن المُبَارَك: نَصُّ الحِقاق: بُلُوغُ العَقْل.
ورُوِيَ عَن كَعْب أنّه قَالَ: يَقُول الجبّارُ: احذَروني فإنِّي لَا أُناصُّ عَبْداً إلاَّ عَذَّبْتُه) ، أَي: لَا أستقصِي عَلَيْهِ إِلَّا عَذَّبْتُه؛ قَالَه ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: نَصَّص الرجلُ غَرِيمَه: إِذا اسْتَقْصَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللّيث: الماشطة تَنُصُّ العَروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهيَ تَنْتَصُّ عَلَيْهَا لِتُرَى من بَين النِّسَاء.
وَقَالَ شمر: النّصْنَصَةُ والنّضْنَضَةُ: الْحَرَكَة، وكل شيءٍ قلقلته فقد نَصْنَصْتَه.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَصْنَصَ لسانَه ونَضْنَضَهُ: إِذا حَرَّكه.
وَقَالَ اللَّيث: النَّضْنَضَةُ: إثْبَاتُ الْبَعيرِ رُكْبَتَيْه فِي الأَرْض، وتَحَرُّكه إِذا هَمَّ بالنُّهُوضِ. قَالَ: وانتَصَّ الشيءُ وانتَصَب: إِذا استوَى واستَقامَ، وَقَالَ الرّاجز:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً ومَا تَكَرْدَسَا
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: كَانَ حَصِيصُ الْقَوْم وبَصيصُهم ونَصِيصُهم كَذَا وَكَذَا، أَي: عَدَدُهم بِالْحَاء وَالنُّون وَالْبَاء.

(بَاب الصَّاد وَالْفَاء)
ص ف
صف، فص.
(صف) : قَالَ اللَّيْث: الصَّفُّ مَعْرُوف قَالَ: والطّير الصّوَافُّ: الَّتِي تَصُفّ أجنَحتها فَلَا تحرِّكُها.
والْبُدنَ الصَّوافُّ: الَّتِي تُصَفَّفُ ثمَّ تُنْحَر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (الصافات: 1) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هم الْمَلَائِكَة، أَي: هم مصطفُّون فِي السَّمَاء يُسبِّحون لله.
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ} (الْحَج: 36) ، قَالَ: صَوافُّ منصوبةٌ على الْحَال، أَي: قد صفَّت قوائمَها؛ أَي: فاذكُروا اسمَ الله عَلَيْهَا فِي حَال نحرِها.
قَالَ: {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} (النُّور: 41) ، باسطات أجنِحَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: صَفَفْتُ القومَ فاصطَفُّوا. والمَصَفُّ: المَوْقِفُ والجميع المَصَافّ. والصَّفِيفُ: القَدِيدُ إِذا شُرِّر فِي الشَّمْس، يُقَال: صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي قَالَ: الصَّفِيفُ: القَدِيدُ، وَقد صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَفِيفَ شِواءٍ أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ

(12/83)


قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: التَّصفيف نحوُ التّشريح، وَهُوَ أَن تَقرض البَضْعة حَتَّى تَرِقّ فترَاهَا تَشِفّ شَفِيفاً. وَقد صفَفْتُ اللَّحْم أصُفُّه صفّاً.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبَة: الصَّفِيفُ: أَن يُشرّح اللحمُ غيرَ تَشريحِ القَدِيد، وَلَكِن يُوَسَّع مثل الرُغْفان الرِّقاق، فَإِذا دُقّ الصَّفِيف ليؤكل فَهُوَ زِيم، وَإِذا تُرِك وَلم يُدَقّ فَهُوَ صَفِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّةُ: صُفّةُ السَّرْج.
أَبُو عُبَيْد عَن الْكسَائي: صَفَفْتُ للدابة صُفّةً، أَي: عملتُها لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّة من البُنْيان. قَالَ: وعذابُ يَوْم الصُّفّة: كَانَ قَومٌ قد عَصَوْا رسولهم فأَرسَل الله عَلَيْهِم حَرَّاً وغَمَّاً غَشِيَهم من فَوقهم حَتَّى هَلَكوا.
قلتُ: الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} (الشُّعَرَاء: 189) ، لَا عَذَابُ يَوْم الصُّفّة، وعُذِّب قومُ شُعَيْب بِهِ، وَلَا أَدْرِي مَا عذابُ يَوْم الصُّفّة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهفَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً} (طه: 106) .
قَالَ الفرّاء: الصَّفْصَفُ: الَّذِي لَا نَبات فِيهِ، وَهُوَ قولُ الكَلْبيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَفْصَفُ: القَرْعاء.
وَقَالَ مُجَاهِد: {قَاعاً صَفْصَفاً} : مستوياً.
شمر عَن أبي عَمْرو: الصَّفْصَف: المستوِي من الأَرْض، وجمعُه صفَاصِف. وَقيل: الصَفْصَفُ: المُستوِي الأملَس.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا رَكبْتَ داوِّيةً مُدْلَهِمّةً
وغَرَّدَ حَادِيها لَهَا بالصَّفاصِفِ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّفُوفُ: الناقةُ الَّتِي تَجمَع بَين مِحْلَبَين فِي حَلْبة وَاحِدَة؛ والشَّفُوعُ والقَرُونَ مِثْلُها.
قَالَ: والصَّفوف أَيْضا: الَّتِي تَصُفّ يَدَيْها عِنْد الحَلب.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: تضافّوا على المَاء وتَصافُّوا عَلَيْهِ بِمَعْنى وَاحِد: إِذا اجتَمَعوا عَلَيْهِ.
اللّيْثُ: الصَّفْصَفة: دخِيل فِي الْعَرَبيَّة، وَهِي الدُّوَيْبّة الَّتِي يسميها العَجَم السّيسك.
أَبُو عُبَيد: الصَّفْصافُ: الخِلافُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ شجَر الْخِلاف بلُغة أهلِ الشَّام.
فص: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَصُّ الشَّيءِ: حقيقتُه كُنْهُه. قَالَ: والكُنْه: جَوْهَرُ الشَّيْء. والكُنْهُ: نهايةُ الشَّيْء وحقيقتُه.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعل يَسيلُ. قيل: فَصَّ يَفِصّ فَصيصاً، وفَزّ يَفِزّ فَزِيزاً. قَالَ: وَقَالَ

(12/84)


أَبُو زيد: الفُصوصُ: المَفاصلُ فِي العِظام كلهَا إِلَّا الْأَصَابِع واحِدُها فَصّ.
وَقَالَ شَمِر: خُولِف أَبُو زيد فِي الفُصوص فَقيل: إِنَّهَا البَراجِم والسُّلاَمَيَات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الْخَيل) : الفُصوصُ من الفَرَس: مَفاصِلُ رُكبتَيه وأَرساغِه وفيهَا السُّلامَيَات، وَهِي عِظام الرُّسْغَيْن، وَأنْشد غيرُه فِي صفة الفَحْل:
قَريعُ هِجانٍ لم تُعَذَّبْ فُصوصُه
بِقَيْد وَلم يُرْكَب صَغيراً فيُجْدَعا
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت فِي بَاب مَا جَاءَ بِالْفَتْح، يُقَال: فَصُّ الخاتَم. وَهُوَ يَأْتِيك بالأمْر من فَصِّه، أَي: مَفْصِله، يُفصِّله لَك. وكلُّ ملتقَى عَظْمَيْن فَهُوَ فَصّ.
وَيُقَال للفَرَس: إِن فُصُوصَه لظِمَاء، أَي: لَيست برَهِلة كَثِيرَة اللَّحْم. والكلامُ فِي هَؤُلَاءِ الأحرف بِالْفَتْح.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَيُقَال: فِصُّ الْخَاتم وَهِي لُغَة ردية.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَصُّ: السِّنُّ من أَسْنان الثُّوم، وَأنْشد شَمِر قولَ امرىء الْقَيْس:
يُغالِينَ فِيهِ الجزْء لَوْلَا هَواجِرٌ
جَنادِبُها صَرْعَى لهنّ فَصِيصُ
يُغالين: يُطاوِلْن، يُقَال: غالبْتُ فلَانا فلَانا، أَي: طاوَلْتُه، وقولُه: لهنّ فَصِيصُ، أَي: صَوْتٌ ضعِيف مثل الصفير. يَقُول: يُطاوِلْن الجَزْء لَو قَدَرْنَ عَلَيْهِ، ولكنَّ الحَرَّ يُعْجِلُهنّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الفَصافِص: واحدتُها فِصْفِصَة وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ أَسْبُسْت، وَأنْشد للنابغة:
من الفَصافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ
وَقَالَ اللَّيْث: فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها، وَأنْشد:
بمُقْلةٍ تُوقِد فَصّاً أَزْرَقا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَصْفَص: إِذا أَتَى بالخَبَر حقّاً.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فَصَّ فِي يَدَيّ شَيْء، أَي: مَا بَرَدَ، وَأنْشد:
لأُمِّكَ وَيْلَةٌ وعليكَ أُخْرَى
فَلَا شاةٌ تَفِصُّ وَلَا بَعيرُ
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ حترش: قَصَصْتُ كَذَا مِن كَذَا، أَي: فصلته. وانْفَصّ مِنْهُ، أَي: انفَصَل. وافتَصَصْتُه: افْتَرَزْتُه.

(بَاب الصّاد والبَاء)
ص ب
صب. بص: (مستعملان) .
(صبّ) : قَالَ اللَّيْث: الصَّبُّ: صَبُّك الماءَ ونحوَه. والصَّبَبُ: تَصوُّبُ نهرٍ أَو طَرِيق يكون فِي حُدور.
وَفِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه كَانَ إِذا مَشَى كأنّما ينحطُّ فِي صَبَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمرو: الصَّبَبُ:

(12/85)


مَا انحدَرَ من الأَرْض، وجمعُه أصْبَاب.
وَقَالَ رُؤْبة:
بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأصْبابْ
وَفِي حَدِيث عُتبة بن غَزْوانَ أنّه خطب الناسَ فَقَالَ: (ألاّ إنّ الدُّنْيَا قد آذَنَتْ بصَرْم، ووَلَّت حَذّاء، فلَم يَبقَ فِيهَا إِلَّا صُبابةٌ كصُبابة الْإِنَاء) .
وَلّت حَذّاء، أَي: مُسرِعةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصبابةُ: البَقِيَّةُ اليسيرةُ تَبقَى فِي الْإِنَاء من الشّراب؛ فَإِذا شَرِبها الرجل قَالَ: تصابَبْتُها.
وَقَالَ الشَّماخ:
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعيشةَ بَعْدَهُمْ
أَشدُّ عليّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرا
فشبّه مَا بَقي من العَيْشِ ببقيّة الشّراب يتمزّزُه ويتصَابُّه.
وَفِي حَدِيث عُقْبة بنِ عَامر أنّه كَانَ يَختَضِب بالصَّبِيب.
قَالَ أَبُو عُبيد: الصَّبِيب يُقَال: إنَّه مَاء وَرَق السِّمْسم أَو غيرِه من نباتِ الأَرْض.
وَقد وُصِف لي بِمصْر، ولونُ مائِه أحمرُ يعلوه سَواد، وَمِنْه قَول عَلْقَمَة بن عَبَدَةَ:
فأورَدْتُها مَاء كَأنّ جِمامَه
من الأجْنِ حِنَّاءٌ مَعًا وصَبِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الدّمُ، والعُصْفُر المُخلِص؛ وَأنْشد:
يَبْكُون من بَعد الدُّموعِ الغُزَّرِ
دَماً سِجالاً كصبِيب العُصْفُرِ
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للعَرَق صَبيبٌ، وَأنْشد قولَه:
هَواجِرٌ تحْتَلِبُ الصَّبيبَا
وَقَالَ أَبُو عمْرَة: الصَّبيبُ: الجليدُ، وَأنْشد فِي صفة الشّتاء:
وَلَا كلْبَ إِلَّا والِجٌ أنفَه استَنّه
وَلَيْسَ بهَا إلاّ صَباً وصَبِيبُها
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: صبّ الرجلُ: إِذا عشِق، يَصبّ صَبابةً. والصبابةُ: رقةُ الْهوى. قَالَ: وصُبّ الرجلُ والشيءُ: إِذا مُحِق.
عَمْرو عَن أَبِيه: صَبْصَب: إِذا فرّق جَيْشًا أَو مَالا.
قَالَ اللَّيْث: رجلٌ صَبٌّ، وامرأةٌ صَبّة، وَالْفِعْل يَصبُّ إِلَيْهَا عِشقاً، وَهُوَ صبٌّ قَالَ: والصبيبُ: الدّور. والعصفر المخلص؛ وَأنْشد:
يَبْكُونَ من بَعد الدُّمُوع الغُزّر
دَمًا سجالاً كسجال العُصفُر
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: خِمْسٌ صبْصَاب وبَصبَاص وحَصْحَاص، كلّ هَذَا السيرُ

(12/86)


الَّذِي لَيست فِيهِ وتيرة وَلَا فتور.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: المُتَصَبْصبُ: الذَّاهِب المُمحق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَصبْصبَ تَصبْصُباً: وَهُوَ أَن يذهب إِلَّا قَلِيلا.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَصبصب الْقَوْم: إِذا تفرّقوا؛ أنْشد:
حَتَّى إِذا مَا يَوْمُها تَصبْصَبَا
أَي: ذهب إلاَّ قَلِيلا.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للحَدُور: الصبوب، وَجَمعهَا صُبُب، وَهُوَ الصب، وَجمعه أصْباب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّبَّة: الجماعةُ من النَّاس.
وَقَالَ غَيره: الصُّبّةُ: الْقطعَة من الْإِبِل والشاه.
وَقَالَ شمر: قَالَ زيد بن كُثْوة: الصُّبةُ مَا بَين العشْر إِلَى الْأَرْبَعين من المِعْزَى.
قَالَ: والفِزْر من الضَّأْن مثلُ ذَلِك، والصِّدْعَةُ نحوُها، وَقد يُقَال فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّصَبْصُبُ: شدَّة الخِلاف والجُرأة؛ يُقَال: تَصَبْصبَ علينا فلَان.
وَقَالَ فِي قَول الراجز:
حَتَّى إِذا مَا يومُها تَصبْصبَا
أَي: اشْتَدَّ عليّ الْخمر ذَلِك الْيَوْم.
قلتُ: وَقَول أبي زيد أحبُّ إليّ.
وَيُقَال: صَبَّ فلَان غنم فلَان: إِذا عاث فِيهَا. وصَبَّ الله عَلَيْهِم سَوْطَ عَذَابه، أَي: عَذبهم. وصبَّت الحيّةُ عَلَيْهِ: إِذا ارْتَفَعت، فانصبّتْ عَلَيْهِ من فوقُ. وَمِنْه حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكر فِتَناً فَقَالَ: (لَتَعودُنَّ فِيهَا أساوِدَ صُبّاً يَضربُ بَعْضكُم رِقابَ بعض) . والأسَاوِدُ: الحيّات. وَقَوله: صُبّاً:
قَالَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث: هُوَ من الصبّ.
قَالَ: والحيّةُ إِذا أَرَادَ النَّهْسَ ارْتَفع ثمَّ صَبّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد نَحوه. وَقَالَ: هِيَ جمعُ صَبُوبٍ أَو صابَ صُبُب، كَمَا يُقَال شاةٌ عَزُوز وعُززُ، وجَدود وجُدُد.
وَقَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: (لتَعودُنّ أَسَاوِدَ صُبّاً) ، على فُعْل من صَبَا يَصبو إِذا مَال إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَال غازٍ وغُزّى. أَرَادَ: لتعودُنَّ فِيهَا أساوِد، أَي: جماعاتٍ مُخْتَلفين وطوائفَ متنابِذين، صائبين إِلَى الْفِتْنَة، مائِلين إِلَى الدُّنْيَا وزُخْرُفها.
وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: أصلُه صَبأَ عَلَى فعَل بِالْهَمْز، جمعُ صابىء، من صبَأَ عَلَيْهِ: إِذا اندرأ عَلَيْهِ من حَيْثُ لَا يحتسبُه، ثمَّ خُفّف همزه ونوِّن فَقيل: صُبَّى مَوْزن غُزَّى.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: صب فلَان لفُلَان مغرفاً من اللَّبن وَالْمَاء.

(12/87)


وَيُقَال: صُبّ رِجْلُ فلَان فِي القَيْد: إِذا قُيّد.
وَقَالَ الفرزدق:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيد مُجاشعٍ
مَعَ القَدرِ إِلَّا حَاجَة لي أُريدُها
وَيُقَال: صببتُ لفُلَان مَاء فِي قَدَح ليشربَه، واصطبَبْتُ لنَفْسي مَاء من القِرْبة لأشرَبَه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله: كَأَنَّمَا ينحطّ من صَبَب، أَرَادَ أَنه قويُّ الْبدن، فَإِذا مَشَى فَكَأَنَّهُ يَمْشي على صُدور قَدَمَيه من الْقُوَّة، وَأنْشد:
الواطِئين على صُدورِ نِعالهمْ
يَمشون فِي الدِّفْئِيِّ والإبْرادِ
بص: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَصَّ الشيءُ يَبِصّ بَصِيصاً، ووبَص بَيِصُ وَبيصاً: إِذا بَرَقَ وتلألأ.
وَقَالَ أَبُو زيْد: بَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً: إِذا فتح عَيْنه.
أَبُو عبيد عَنهُ: قَالَ شَمِر: وَقَالَ الْفراء: بصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً بِالْيَاءِ.
قلتُ: وهما لغَتان، وَفِيه لغاتٌ قد مرَّت فِي حرف الضَّاد.
وَقَالَ اللَّيْث: البَصْبَصةُ: تحريكُ الكلْب ذَنَبَه طَمَعا أَو خَوْفاً، والإبلُ تفعَل ذَلِك إِذا حُدِي بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
بَصْبَصْنَ بالأذناب من لَوْحٍ وَبَقْ
يصف الوحشَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم فِي فِرار الجبَان وخضوعه بَصْبَصْنَ إِذا حُدِين بالأذْنابِ.
ومثلُه قولُه: دَرْدَبَ لمّا عَضَّه الثِّقّافُ، أَي: ذَلّ وخَضَع.
وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، أَي: مُتْعِبٌ لَا فُتُورَ فِي سَيْرِه.
وَيُقَال: أبصَّتِ الأرضُ إِبْصَاصاً، وَأوبَصَصَتْ إيباصاً: أَوَّلُ مَا يَطْهَرُ نَبْتُها.
وَيُقَال: بَصَّصَتِ الْبَراعِيمُ: إِذا تفتّحتْ أكِمَّةُ زَهر الرياض.

(بَاب الصّاد وَالْمِيم)
(ص م)
صم، مص: مستعملان.
صم: قَالَ اللَّيْث: الصَّمَمُ فِي الْأذن ذَهابُ سَمْعِها. وَفِي القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها. وَفِي الحَجَر: صَلاَبَتُه، وَفِي الْأَمر: شِدَّتُه.
وَيُقَال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، وحَجَرٌ أصَمُّ، وفِتْنَةٌ صَمَّاء.
وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعَزّ فِي صفة الْكَافرين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (الْبَقَرَة: 171) ، يَقُول الْقَائِل: جَعلَهم اللَّهُ صُمّاً وهم يَسْمعون، وبُكْماً وهم ناطِقون،

(12/88)


وعُمْياً وهم يُبْصِرون؟ وَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا بِهِ مَا سَمعوا، وبَصَرهم لما لم يُجْدِ عَلَيْهِم لأَنهم لم يَعْتَبِرُوا بِمَا عايَنوه من قُدْرة الله تَعَالَى وخَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه وَاحِد لَا شريكَ لَهُ، ونُطقَهم لما لم يُغْنِ عَنْهُم شَيْئا إذْ لم يُؤمنوا بِهِ إِيمَانًا يَنْفَعهم، كَانُوا بِمَنْزِلَة مَنْ لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يَعِي، ونحوٌ من قَول الشَّاعِر:
أصَمُّ عمّا ساءَه سَمِيعُ
يَقُول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، وَإِن سَمِعه فَكَانَ كَأَنَّهُ لم يسمعهُ، فَهُوَ سميع ذُو سَمْع، أصَمُّ فِي تَغَابِيه عمّا أُريدَ بِهِ. وجمعُ الأصَم: صُمٌّ وصُمَّانٌ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ من أمثالهم: صَمِّي صَمَامِ. وَيُقَال: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضْرب مَثَلاً للداهية الشَّدِيدَة، كأنَّه قيل لَهَا: اخْرَسِي يَا داهية.
وَكَذَلِكَ يُقَال للحيّة الَّتِي لَا تجيب الرَّاقيَ: صَمّاء، لأنّ الرُّقَى لَا تَنْفَعُها. والعَرَبُ تَقول: أصَمّ اللَّهُ صَدَى فلَان، أَي: أهْلَكَهُ الله. والصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إِذا رَفعَ فِيهِ الإنسانُ صوتَهُ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَمَّ صَداها وعَفَا رَسْمُهَا
واسْتَعْجَمَتْ عَن مَنْطِق السائِل
وَمِنْه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ، يُرِيدُونَ بابنةَ الجبَل: الصّدى.
والعَرَبُ تَقول للحرب إِذا اشتدَّتْ وسُفِكَ فِيهَا الدِّماء الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يُرِيدُونَ أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ وكثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ فِي المَعركة، فَلَو وقعتْ حَصاةٌ على الأَرْض لم يُسمع لَهَا صوتٌ، لأنَّها لَا تقعُ إلاَّ فِي نجيع.
وَيُقَال للدَّاهية الشَّدِيدَة: صَمَّاءُ وصَمَامِ، وَقَالَ العجَّاج:
صَمَّاءُ لَا يبْرِئها من الصَّمَمْ
حوادثُ الدهرِ وَلَا طُولُ القِدَمْ
وَيُقَال للنَّذير إِذا أَنْذَرَ قوما من بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لَهُم بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، وَإِن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر، وَذَلِكَ أَنه لما كثر إلماعُه بِثَوْبِهِ كَانَ كأنهُ لَا يسمعُ الجوابَ، فَهُوَ يُديمُ اللمعَ، وَمن ذَلِك قَول بشر:
أَشَارَ بهم لمع الأصمِّ فَأَقْبَلُوا
عرانين لَا يَأْتِيهِ للنصر مُجلِبُ
أَي: لَا يَأْتِيهِ مُعينٌ من غير قومه، وَإِذا كَانَ المعينُ من قومه لم يكن مُجلباً. وَيُقَال: ضربه ضربَ الأصمّ: إِذا تابعَ الضربَ وَبَالغ فِيهِ، وَذَلِكَ أنَّ الأصمَّ وَإِن بَالغ يظنّ أَنه مقصِّر فَلَا يُقلع، وَقَالَ الشَّاعِر:
فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيَة
إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ والمَسُودَا
فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ
فقد تَعلمون بأنْ لَا خُلودَا

(12/89)


وضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ
حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا
وَيُقَال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إِذا بَالغ فِي النّدَاء. وَقَالَ الراجزُ يصف فَلاَةً:
يُدْعَى بهَا القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ
وَهَذِه الْأَمْثَال الَّتِي مرّتْ فِي هَذَا الْبَاب مسموعة من الْعَرَب وَأهل اللُّغَة المعروفين، وَهِي صَحِيحَة وَإِن لم أعزها إِلَى الروَاة.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، وَجمعه صِمَم.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الْأسد. قَالَ: والصَّمِيمُ: هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف، وصَمِيم الرَّأْس، وَبِه يُقَال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إِذا كَانَ من خالِصهم، وَأنْشد الكسائيّ:
بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ
علينا تميمٌ من شَظًى وصَمِيمِ
وَيُقَال للضارب بالسّيف إِذا أصابَ الْعظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد صَمَّمَ فَهُوَ مصمِّم، فَإِذا أصَاب المَفْصِل فَهُوَ مُطَبِّق، وَأنْشد أَبُو عُبَيْد:
يُصَمِّمُ أَحياناً وَحِيناً يُطَبِّقُ
أَرَادَ أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، وَمرَّة يُصِيب المَفْصِل.
وَيُقَال للَّذِي يَشُدُّ على الْقَوْم وَلَا ينْثَنِي عَنْهُم: قد صَمَّم تَصْميماً. وصَمَّمَ الحيَّة فِي نَهْشِهِ: إِذا نَيّبَ، وَقَالَ المتلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاعِ وَلَو يرى
مَسَاغاً لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما
هَكَذَا أَنشدَه الفَرَّاء (لناباه) على اللُّغَة القَدِيمة لبَعض الْعَرَب.
أَبُو عُبَيْدة: من صِفَات الخَيْل: الصَّمَمُ، وَالْأُنْثَى صَمَمّة، وَهُوَ الشَّديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الَّذِي لَيْسَ فِي خلقه انتشار.
وَقَالَ الجَعديّ:
وغارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد
حارَبْتُ فِيهَا بِصِلْدِمٍ صَمَمِ
وَيُقَال لصِمام القارورة: صِمّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الصْمُّ: مصدرُ صَمَتُ القارورةَ أَصُمُّها صَمّاً: إِذا سددتَ رَأسهَا وَيُقَال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه صَمّاً: إِذا ضَرَبه بهَا، وَقد صَمَّه بحَجَر والصمم فِي الْأذن.
وَقَالَ ابْن الأعْرابيّ: صُمَّ: إِذا ضُرب ضَرْباً شَدِيدا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول ابْن أَحْمَر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى
بآخِرِنا وتَنْسَى أَوَّلِينَا
قَالَ: أصمّ دعاءُها، أَي: وافَق قوما صُمّاً لَا يَسمعون عَذْلَها. وَيُقَال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أَي: صادفتُه أصَمّ.

(12/90)


أَبُو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من الرِّجَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصِّمْصِمة والزِّمْزِمَة: الجماعةُ من النَّاس.
وَقَالَ النَّضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة الَّتِي كَادَت حجارتُها أَن تكون منتصِبة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمّان: أرضٌ غَلِيظَة دون الجَبَل.
قلتُ: وَقد شَتَوْتُ الصَّمانَ ورياضها شَتوَتَين، وَهِي أرضٌ فِيهَا غِلَظ وارتفاع، قيعان واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية، ورِياضٌ مُعْشِبة، وَإِذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.
وَكَانَت الصَّمانُ فِي قديم الدَّهْر لبني حَنْظَلة، والحَزْن لبني يَرْبوع والدَّهْناءُ لجماعاتهم. والصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ: السيفُ الصارمُ الَّذِي لَا يَنثَني. قَالَ: والمصمِّمُ من السُّيوف: الَّذِي يَمُرّ فِي الْعِظَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف الْقَاطِع، وللأَسَد. قَالَ: وَيُقَال: إِن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي كَرِبَ حِين وهبَه فَقَالَ:
خليلٌ لَم أخُنْه وَلم يَخُنِّي
على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَجعل صَمصامة معرفَة فَلَا يَصْرِفه إِذا سَمَّى بِهِ سَيْفاً بعَيْنه؛ كَقَوْل الْقَائِل:
تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا
قَالَ: وصوتٌ مُصِمٌّ، يُصِمُّ الصِّماخ. وصَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه حَرّاً. وصَمِيمُ الشِّتاء. أشَدُّه بَرْداً.
قَالَ: وَيُقَال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى تصامُّوا واسكُتوا، وعَلى معنى احمِلُوا على العَدُو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَمْصَم: البخيلُ النهايةُ فِي الْبُخْل.
شمِر عَن أبي بخَيْم قَالَ: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.
وَقَالَ المعْلُوط القُريْعيّ:
وَكَأن أوابيها وصُمّ مخاضها
وشافعة أم الفصال رفُود
أَظُنهُ: وشافعها وإبلٌ صُمٌّ.
مص: قَالَ ابْن السّكيت: مَصِصْتُ الرّمّان أمَصُّه قَالَ: ومضِضْتُ من ذَلِك الْأَمر مِثله.
قلتُ: وَمن العَرَب من يَقُول: مَصَصْتُ أَمُصّ؛ والفصيح الْجيد مَصِصْتُ بِالْكَسْرِ أَمَص.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَصِصْتُه وامتصَصْتُه، والمَصُّ فِي مُهْلَةٍ ومُصاصَتُه: مَا امتصصتَ مِنْهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: مَصمَص إناءَه إِذا

(12/91)


جعل فِيهِ الماءَ وحرّكه، وَكَذَلِكَ مَضْمَضَه.
وَقَالَ اللّحياني وَأَبُو سَعيد: إِذا غَسَلَه.
ورَوى بعضُ التَّابِعين أَنه قَالَ: أُمِرْنا أَن نُمَصْمِص من اللَّبَن وألاَّ نُمَصْمِص من التَّمْرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: المَصمَصة بطرَف اللِّسان وَهُوَ دون المَضْمَضَة. والمضمضةُ بالفم كلِّه، وَفرق مَا بَينهمَا شَبيه بِالْفرقِ مَا بَين القبضة والقبصة.
وَفِي حديثٍ مَرْفُوع: (القتلُ فِي سَبِيل الله مُمَصْمِصَة) ، الْمَعْنى: أَن الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله مطهِّرة للشهيد من ذنُوبه، ماحيةٌ خطاياه، كَمَا يُمَصْمَصُ الْإِنَاء بِالْمَاءِ إِذا رُقرق فِيهِ وحُرِّك حَتَّى يطهر، وَأَصله من المَوْص، وَهُوَ الغسيلُ.
قلتُ: والمصاصُ: نَبْت لَهُ قُشورٌ كثيرةٌ يابسةٌ، وَيُقَال لَهُ: المُصّاخ، وَهُوَ الثُّدّاء، وَهُوَ ثَقُوبٌ جيّد، وَأهل هَراةَ يسمّونه دِليزَاد.
وَيُقَال: فلانٌ من مُصاص قومه، أَي: من خالِصهم.
وَقَالَ رُؤبة:
أُلاكَ يَحْمُون المُصاصَ المَحْضَنا
وَقَالَ اللَّيْث: مُصاصُ الْقَوْم: أَصْلُ مَنبِتهم وَأفضل سِطِتْهم.
قَالَ: والماصّةُ: داءٌ يَأْخُذ الصبيَّ، وَهِي شَعَرات تَنْبُت على سَناسنِ القَفَار فَلَا يَنْجَع فِيهِ طعامٌ وَلَا شرابٌ حَتَّى تُنتَف من أُصُولهَا. ومَصّانّ ومَصّانّة: شَتْمُ للرجل يعيَّر برَضع الغَنَم من أخْلافها بِفِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال: رجلٌ مَصّانٌ ومَلْحانٌ ومَكّانٌ، كلُّ هَذَا من المَصّ، يَعنُون أَنه يَرضع الْغنم من اللّؤم، لَا يَجتلبها فيُسمع صوتُ الْحَلب وَلِهَذَا قيل: لئيم راضع.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قل يَا مَصّانُ، وللأنثى يَا مَصّانة، وَلَا تقل يَا ماصَّان.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (لَا تُحرِّم المَصَّةُ وَلَا المَصَّتان وَلَا الرَّضْعةُ وَلَا الرَّضْعتان، وَلَا الإملاجةُ وَلَا الإملاجَتان.
وَيُقَال: أمصَّ فلانٌ فلَانا: إِذا شَتَمه بالمَصَّان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَصُوص: النَّاقة القَمِئة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَصوصَةُ من النِّسَاء: المهزولة من داءٍ قد خامَرَها؛ رَوَاهُ ابْن السكّيت عَنهُ.
أَبُو عُبَيدة: من الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ وَهُوَ الَّذِي يستقري سراتَه جُدةٌ سَوْداء لَيست بحالكة، ولونُها لونُ السوَاد، وَهُوَ وَرْدُ الجَنْبَيْنِ وصفقتي الْعُنُق والجِرانِ والمَرَاقّ، ويعلو أَوظِفَته سوادٌ لَيْسَ بحالكٍ، وَالْأُنْثَى مُصَامِصة.
وَقَالَ غَيره: كُمَيْتٌ مُصامِص، أَي:

(12/92)


خَالص الكُمْتة قَالَ: والمُصامِص: الخالصُ من كلّ شَيْء. وَإنَّهُ لمُصامِصٌ فِي قومه: إِذا كَانَ زاكِيَ الحَسَب خَالِصا فيهم.
وَقَالَ اللَّيْث: فَرسٌ مُصامِصٌ: شديدُ تركيب الْعِظَام والمفاصلُ. وَكَذَلِكَ المُصمِّص وثغرُ المصِّيصة مَعْرُوفَة بتَشْديد الصَّاد الأولى، وَالله أعلم.

(12/93)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الصّاد
(ص س ص ز: مهمل)
أهمِلت الصَّاد وَالسِّين مَعَ الْحَرْف الَّذِي يَليهَا.
ص ط
استُعمل من جَمِيع وجوهها مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا أحرف قَليلَة أهملها اللَّيْث.
مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو الْعَبَّاس قَالَ.
(صطب) : المِصْطَب: سَنْدان الحدّاد.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه: الأُصْطبَّة: مُشَاقَة الكَتّان.
قلت: وَقد سمِعْتُ أعرابيّاً من بني فَزارة يَقُول لخادم لَهُ: أَلا وارفَع لي على صَعيدِ الأَرْض مِصْطبة أَبيتُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ، فرَفع لَهُ من السّهْلة شِبْهَ دُكّانٍ مربّع قَدرَ ذِرَاع من الأَرْض يتّقي بهَا من الهَوامّ بِاللَّيْلِ. وسمعتُ أعرابيّاً آخَر من بني حنظلةَ سَمَّاهَا المَصْطَفّة بِالْفَاءِ.
(صطر) : ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: المُصطارُّ: الخمرُ الحامض؛ بتَشْديد الرَّاء.
قلتُ: وأصلُه من صَطَر مُفْعالٌّ مِنْهُ. وَأما الصِّراط والبَسْط والمُصَيْطِر، فَأصل هَذِه الصادات سِينٌ قُلِبت مَعَ الطَّاء صاداً لقُرب مَخارجِها.

(أَبْوَاب) الصّاد وَالدَّال)
ص د ت ص د ظ ص د ذ ص د ث: أهملت وجوهها.
ص د ر
اسْتعْمل من وجوهها: صدر، صرد، رصد، درص.
صدر: قَالَ ابْن المظفّر: الصَّدْرُ: أعْلى مقدَّم كلّ شَيْء قَالَ: وصَدْرُ القَناة: أعْلاها. وصَدْرُ الْأَمر أوّله. قَالَ: والصُّدْرةُ من الْإِنْسَان: مَا أشرَفَ من أَعْلى صَدْرِه.
قلتُ: وَمن هَذَا قَول امْرَأَة طائيَّةٍ كَانَت تحتَ امرىء الْقَيْس ففَرِكَتْه وَقَالَت: إِنِّي مَا علمتُك إلاّ ثقيلَ الصُّدْرة، سريع الهِراقة، بطيءَ الْإِفَاقَة.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِجْوَلُ الصُّدْرَةُ، وَهِي الصِّدار والأُصْدَة والإتْب والعَلَقة.
قلت: والعربُ تَقول للقميص الْقصير والدّرع القَصيرة: الصُّدْرةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّدارُ: ثوبٌ رأسُه

(12/94)


كالمِقْنَعَةِ وأسفلُه يُغَشِّي الصدرَ والمنكِبين تَلبَسه الْمَرْأَة.
قلتُ: وَكَانَت الْمَرْأَة الثَّكلَى إِذا فَقدتْ حَميمَها فأحَدَّت عَلَيْهِ لبِستْ صِدَاراً من صوف، وَمِنْه قَول أخي خَنساءَ:
وَلَو هلكتُ لبستْ صِدَارَها
وَقَالَ الرّاعي يصف فَلاةً:
كأنّ العِرْمَسَ الوَجْناءَ فِيهَا
عَجُولٌ خَرّقتْ عَنْهَا الصِّدَارَا
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِمَا يَلِي الصَّدْر من الدِّرْع: صِدار.
وَقَالَ اللّيث: التصدير: حَبلٌ يُصدَّر بِهِ البعيرُ إِذا جرَّ حِمْلَه إِلَى خَلْف. والحبلُ اسْمه التَّصْدير، وَالْفِعْل التَّصْدير.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: وَفِي الرَّحْل حِزامَةٌ يُقَال لَهَا: التَّصْدير قَالَ: والوَضِينُ للهَوْدَج، والبِطَان للقَتَب؛ وأكثرُ مَا يُقَال الحِزامُ للسَّرج.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: صَدِّر عَن بَعيرك، وَذَلِكَ إِذا خَمُص بطنُه واضطرب تصديرُه، فيُشدُّ حبلٌ من التَّصدير إِلَى مَا وَرَاء الكرْكِرَة فيثبتُ التصديرُ فِي مَوْضِعه؛ وَذَلِكَ الحبلُ يُقَال لَهُ: السِّناف، قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث: إِن التصدير حَبل يُصَدَّر بِهِ الْبَعِير إِذا جَرّ حمله خطأ، وَالَّذِي أَرَادَهُ يسمّى السِّناف والتَّصديرُ الحزامُ نفسُه.
وَقَالَ الليثُ: التصديرُ: نَصْبُ الصَّدر فِي الجُلوس. قَالَ: والأَصْدَرُ الَّذِي أشْرفتْ صُدْرَته.
قَالَ: وَيُقَال: صَدَرَ فلَان فلَانا: إِذا أصَاب صَدْرَه. وصُدِر فلَان: إِذا وَجِع صَدْرُه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: صَدَرْتُ عَن المَاء صَدَراً، وَهُوَ الِاسْم، فَإِن أردتَ المَصدَر جزمْتَ الدَّال، وأَنشدَنا:
وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها
صَدْرَ المَطِيّة حَتَّى تعرف السَّدَفا
قَالَ: صَدْر المَطِيّة مصدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَر: الِانْصِرَاف عَن الوِرْد وَعَن كل أَمر، يُقَال: صَدَرُوا، وأصدَرْناهم. وطريقٌ صادر، مَعْنَاهُ: أنّه يَصدُر بأَهْله عَن المَاء. وَطَرِيق وارِدٌ يَرِدُ بِهِم، وَقَالَ لبيد يذكر ناقتين:
ثمَّ أصدَرْناهُمَا فِي واردٍ
صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قد مَثَلْ
أَرَادَ فِي طريقٍ يُورَد فِيهِ ويُصدَر عَن المَاء فِيهِ. والوَهْمُ: الضَّخم.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصدَر: أصلُ الْكَلِمَة الّتي تصدر عَنْهَا صَوَادِرُ الأَفعال. وتفسيرُه: أَن المصادر كَانَت أوّل الْكَلَام، كَقَوْلِك: الذَّهاب والسمعُ وَالْحِفْظ، وإنّما صَدَرت الأفعالُ عَنْهَا، فَيُقَال: ذهبَ ذَهاباً. وسَمِع سَمْعاً وسَمَاعاً، وحَفِظ حِفْظاً.
وَقَالَ اللَّيْث: المصدَّر من السِّهَام: الّذي

(12/95)


صَدْرُه غليظ. وصَدْرُ السَّهم: مَا فَوق نِصْفِه إِلَى المَرَاش.
الْأَصْمَعِي: صُدِرَ الرجلُ يُصْدَرُ صَدْراً، فَهُوَ مَصْدور: إِذا اشتكَى صَدْرَه، وأَنشد:
كأنّما هُوَ فِي أحشاءِ مَصْدورِ
وَيُقَال: صَدّرَ الفرسُ: إِذا جاءَ قد سَبَق بصَدْرِه، وَجَاء مُصَدّراً، وَقَالَ طُفَيل الغَنَويّ يصف فرسا:
كأنّه بعدَ مَا صَدَّرن مِن عَرَقٍ
سِيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللّيلِ مَبْلولُ
(كَأَنَّهُ) لهاء لفَرَسِه، (بَعْدَمَا صَدَّرْن) يَعْنِي خيلاً سَبَقْن بصُدُورهن. والعَرَقُ: الصّفُّ من الْخَيل. وَقَالَ دُكَين:
مُصَدَّرٌ لَا وَسَطٌ لَا تالٍ
وَقَالَ أَبُو سَعِيد فِي قَوْله: بَعْدَمَا صَدَّرْن من عَرَق، أَي: هَرَقن صَدْراً من العَرَق وَلم يَستَفرِغْنَه كلَّه.
وَرُوِيَ عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه رَوَاهُ: بعدَما صدِّرْن، أَي: أصَاب العَرَقُ صدورَهن بَعْدَمَا عَرِقن.
وَيُقَال للّذي يبتدىءُ أمرا ثمَّ لَا يُتمّه: فلانٌ يُورِد وَلَا يُصدِر، فَإِذا أَتمَه قيل: أَورَدَ وأَصدَر. وَقَالَ الفَرَزْدَقُ يُخَاطب جَرِيرًا:
وحسبتَ خَيَل بني كُلَيب مَصْدَراً
فغَرِقْتَ حِين وقَعْتَ فِي القَمْقَامِ
يَقُول: اغتررتَ بخَيْل قَوْمك وظننتَ أنّهم يُخلِّصونك من بَحْرِي فَلم يَفْعَلُوا.
وَمن كَلَام كتّاب الدّواوين أَن يُقَال: صُودِرَ فلانٌ العاملُ على مالٍ يؤدّيه، أَي: فورِق على مالٍ ضَمَنه.
أَبُو زَيد: نعجةٌ مُصدَّرَة: إِذا كَانَت سَوداءَ الصَّدر بيضاءَ سائرِ الجسَد.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: إِذا جَاءَ الرجلُ فَارغًا قيل: قد جاءَ يضْرب أَصَدَريه. قَالَ: يَعْنِي عِطْفيه. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ مِثلَه، إِلَّا أنّه قَالَ بالسّين.
رصد: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: من أَسماء المَطَر: الرّصْدُ، واحدتُها رَصَدة، وَهِي المطَرةُ تقع أوّلاً لما يَأْتِي بعْدهَا. يُقَال: قد كانَ قبل هَذَا الْمَطَر لَهُ رَصْدة، والعِهَادُ نحوٌ مِنْهَا، واحدتها عِهْدة.
وَقَالَ اللّيث: الرصَدُ كَلأٌ قَلِيل فِي أَرض يُرجى بهَا حَيَا الرّبيع، تَقول: بهَا رَصَد من حَياً، وأرضٌ مُرْصِدَة: بهَا شيءٌ من رَصَد.
شمر عَن ابْن شمَيْلٍ: أرضٌ مُرصِدةٌ: وَهِي الَّتِي مُطِرتْ وَهِي تُرجَى لِأَن تُنبِتَ. قَالَ: وَإِذا مُطرت الأَرْض فِي أوّل الشِّتاء فَلَا يُقَال لَهَا مَرْتٌ؛ لِأَن بهَا حِينَئِذٍ رَصَداً والرصَدُ حِينَئِذٍ: الرَّجاء لَهَا، كَمَا ترجى الحاملة.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّصْدةُ: ترصُد وَليّاً من المَطَر. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا} ، إِلَى

(12/96)


قَوْله: {وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (التَّوْبَة: 107) وَقَالَ الزَّجّاج: كَانَ رجل يُقَال لَهُ أَبُو عَامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمضى إِلَى هِرَقْل، قَالَ: وَكَانَ أحدَ الْمُنَافِقين؛ فَقَالَ المُنَافِقُونَ الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار: نَبني هَذَا الْمَسْجِد وننتظرُ أَبَا عَامر حَتَّى يَجِيء وَيُصلي فِيهِ. وَقَالَ: الإرصادُ: الانتظارُ.
وَقَالَ غَيره: الإرصاد: الإعدادُ. وَكَانُوا قَالُوا نَقْضي فِيهِ حاجتَنا وَلَا يُعاب علينا إِذا خَلَوْنا ونَرْصُدُه لأبي عَامر مجيئَه من الشَّام، أَي: نُعِدُّه.
قلت: وَهَذَا صَحِيح من جِهَة اللَّغة، رَوَى أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ وَالْكسَائِيّ: رصَدتْ فلَانا أرصُدُه: إِذا ترقّبته. وأَرصْدتُ لَهُ شَيْئا أَرْصده: أعددتُ لَهُ.
ورُوي عَن ابْن سِيرِين أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرْصدون الثِّمار فِي الدَّين، وَيَنْبَغِي أَن يُرصد العينُ فِي الدَّين، وفسّره ابْن المُبارك وَقَالَ: إِذا كَانَ على الرجل دَينٌ وَعِنْده مِثله لم تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة، وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ دينٌ وأخرجتْ أرضُه ثَمَرَة يجب فِيهَا العُشر لم يسقُطْ عَنهُ العُشْرُ من أجل مَا عَلَيْهِ من الدَّين، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: أَنا لَك مُرْصد بإحسانك حَتَّى أكافئك بِهِ. قَالَ: والإرصادُ فِي الْمُكَافَأَة بِالْخَيرِ، وَقد جعلَه بَعضهم فِي الشّر أَيْضا، وأَنشد:
لَا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِرِ
احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر
وَحيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر
فالحية لَا تُرصد إِلَّا بالشرّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المرصد: مَوَاضِع الرصد. والرّصَد أَيْضا: القومُ الّذين يَرصدون الطَّرِيق، راصد، كَمَا يُقَال: حارسٌ وحرس، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الْفجْر: 14) ، قَالَ الزّجاج: أَي يَرْصُد من كفر بِهِ وصَدَّ عَنهُ الْعَذَاب.
وَقَالَ غَيره: المرصادُ: المكانُ الَّذِي يرصد بِهِ الراصد الْعدَد وَهُوَ مثل الْمِضْمَار الْموضع الَّذِي تُضَمَّر فِيهِ الخيلُ للسّباق من مَيْدانٍ وَنَحْوه. والمرصد مثلُ المرصاد، وَجمعه المراصِد.
وحدّثنا السَّعديّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا القيراطي عَن عَليّ بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} قَالَ: المرصاد: ثلاثةُ جُسُور خلف الصّراط: جِسرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَة، وجسرٌ عَلَيْهِ الرَّحِم وجسرٌ عَلَيْهِ الرّبّ.
قَالَ أَبُو بكر ابْن الأنباريّ فِي قَوْلهم: فلَان يرصُدُ فلَانا، مَعْنَاهُ: يَقْعُد لَهُ على

(12/97)


طَرِيقه. قَالَ: والمَرَصد والمرْصاد عِنْد الْعَرَب: الطَّرِيق. قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التَّوْبَة: 5) .
قَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: اقعُدوا لَهُم على طريقهم إِلَى الْبَيْت الْحَرَام. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} مَعْنَاهُ: لبالطّريق.
وَيُقَال للحيّة الَّتِي ترصد المارّة على الطَّرِيق: رَصيد.
وَقَالَ عرّام: الرَّصائدُ الوصائِد: مصايدُ تُعدّ للسّباع.
صرد: (نَهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ أَربع: النَّملة والنّحلة والصُّرَد والهُدهُد) .
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ أَنه قَالَ: أَرَادَ بالنملة الطويلَة القوائم الَّتِي تكون فِي الحِزَبات وَهِي لَا تؤذِي، ونَهى عَن قتل النحلة لِأَنَّهَا تُعسِّل شرابًا فِيهِ شِفاءٌ للنَّاس، ونَهَى عَن قتل الصُّرَد لأنّ الْعَرَب كَانَت تطَّيَّر من صَوْته، وَهُوَ الواقي عِنْدهم، فَنهى عَن قتلِه رَداً للطِّيَرَة. وَنهى عَن قتل الهدهد لِأَنَّهُ أطَاع نبيّاً من الْأَنْبِيَاء وأعانَه.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الصُّرَدُ: طائرٌ أبقَع ضخمُ الرَّأْس يكون فِي الشَّجر، نصفُه أبيَضُ، ونصفُه أسوَد، ضخمُ المِنْقار، لَهُ بُرْثُنٌ عظيمٌ نحوٌ من القارِيَة فِي العِظَم، وَيُقَال لَهُ: الأخْطبُ لاخْتِلَاف لَوْنَيه، والصُّرَدُ لَا ترَاهُ إِلَّا فِي شُعْبةٍ أَو شَجَرَة لَا يَقدِر عَلَيْهِ أحد.
قَالَ: وَقَالَ سُكيْن النُّمَيريُّ: الصُّرَدُ صُرَدان: أحدُهما أسْبَدُ يُسمّيه أهلُ العِراق العَقْعق.
قَالَ: وَأما الصُّرَد الْهَمهام فَهُوَ البَرِّيِّ الَّذِي يكون ينجَد فِي العِضاه لَا تَراه فِي الأَرْض يَقفِز من شَجَرَة إِلَى شَجَرَة.
قَالَ: وَإِن أصْحَر طُرِد فأُخِذ.
يَقُول: لَو وَقَع على الأَرْض لم يسْتَقلّ حَتَّى يُؤْخَذ.
قَالَ: ويُصَرْصِر كالصَّقْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّرَد: طَائِر فوقَ العُصفور يَصيد العصافيرَ، وَجمعه صِرْدان قلت:
غلط اللَّيْث فِي تَفْسِير الصرد، والصرد ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن السكّيت: التصريدُ: شُربٌ دُون الرِّيّ، يُقَال: صَرَّدَ شُرْبه، أَي: قَطَعه.
وَيُقَال: صَرِد السِّقاءُ صرداً: إِذا خَرجَ زُبْدُه متقطعاً فيداوَى بِالْمَاءِ الْحَار، وَمن ذَلِك أُخِذ صَرْدُ البَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصرَدُ: مصدَر الصرد من الْبرد. وقومٌ صَرْدَى، وَرجل صَرِدٌ ومِصْرادٌ وَهُوَ الَّذِي يشتدّ عَلَيْهِ البَرْد ويقلّ صبرُه عَلَيْهِ، وليلةٌ صَردَة، والاسمُ الصّرْد، مجزوم.

(12/98)


وَقَالَ رُؤْبة:
بمَطَرٍ لَيْسَ بثَلْجٍ صَرْدِ
قَالَ: وَإِذا انْتهى القَلبُ عَن شَيْء صَرِد عَنهُ كَمَا قَالَ:
أصبَح قَلبي صَرِدا
لَا يَشْتَهِي أَن يرِدَا
قَالَ: وَقد يُوصَف الجيشُ بالصَّرْد فَيُقَال: صَرْدٌ مجزوم وصَردٌ؛ كَأَنَّهُ من تُؤدةِ سَيْرِه جامِدٌ.
خُفافُ بن ندبة:
صَرَدٌ تَوقَّصَ بالأبدان جُمْهور
والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْء على الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرِيدَةُ: النَّعْجَةُ: الَّتِي قد أنحلها البَرْدُ وأضرَّ بهَا وجمعُها صَرائِد.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّرَّاد: سَحابٌ باردٌ نَدٍ لَيْسَ فِيهِ مَاء، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَبُو عبيد: والصَّرْدُ والبَرْد، وَرجل صَرِد. وَيُقَال: صَرّد عطاءَه: إِذا قلّلَه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمرو: الصّرْد: الطَّعْن النَّافِذ. وَقد صَرِدَ السهْم يَصرَد، وَأَنا أصْرَدْتُه، وَقَالَ اللَّعِينُ المنْقَرِيّ:
فَمَا بُقْيا عليَّ تركتُماني
ولكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ
يخاطِب جَرِيرًا والفرزدق.
وَقَالَ قُطرب: سهمٌ مُصَرِّد: مُصيب. وَسَهْم مُصْرِد، أَي: مخطىء، وَأنْشد فِي الْإِصَابَة للنابغة:
وَلَقَد أَصَابَت قلبَه من حبِّها
عَن ظهرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصْردِ
أَي: مُصيب. وَقَالَ الآخَر: أصرَدَه الموتُ وَقد أظَلاَّ: أخطأه.
أَبُو زيد: يُقَال: أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً، أَي: خَالِصا. وشرابٌ صَرْد، وسَقاهُ الخمرَ صَرْداً، أَي: صِرْفاً، وَأنْشد:
فَإِن النَّبيذ الصَّرْد إِن شُرْبَ وَحده
على غير شَيْء أوْجَع الكبد جُوعها
وذهبٌ صَرْدٌ: خالصٌ. وجيشٌ صَرْدٌ: بنُو أبٍ واحدٍ لَا يخالطهم غَيرهم.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبَيْدة يُقَال: مَعَه جيشٌ صَرْدٌ، أَي: كلهم بَنو عمّه أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي الأضداد: أصرد السهمُ: إِذا نفذ من الرَّمية.
وَيُقَال أَيْضا: أصرد: إِذا أَخطأ. والسهمُ المصرد: المخطىء والمصيب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي قَول اللعين: وَلَكِن خفتما صَرَد النبال.
وَقَالَ: من أَرَادَ الصَّوَاب قَالَ: خفتما أَن تصيبكما نبالي. وَمن أَرَادَ الْخَطَأ قَالَ: خفتما أَن تخطىء نبلكما. وَأنْشد للنظار الْأَسدي:
أصرده السهمُ وَقد أطلاَّ

(12/99)


أَي: أَخطَأ وَقد أشرف.
شَمِر عَن أبي عَمْرو: الصَّرْدُ: مكانٌ مُرْتَفع من الْجبَال وَهُوَ أبرزها.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
أسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرَاد إِذا
نَشِبُوا وتحضُر جَانِبي شِعْر
شعرٌ: جبل. ابْن السكّيت: الصُّرَدان: عِرقان مكتنفا اللِّسَان؛ وَأنْشد:
وأيُّ النَّاس أغدر من شآم
لَهُ صُرَدان منطلَق اللِّسَان
وَقَالَ اللَّيْث: هما عِرْقان أخضران أَسْفَل اللِّسَان.
أَبُو عُبَيْدَة قَالَ: الصُّردُ: أَن يخرج وَبَرٌ أَبيض فِي مَوضِع الدَّبرة إِذا برأت؛ فَيُقَال لذَلِك الْموضع: صُرد وَجمعه صِرْدَان، وَإِيَّاهَا عَنى الرّاعي يصف إبِلا:
كَأَن مواقِعَ الصِّردَان مِنْهَا
منَارَاتٌ بَنِينَ على جماد
جعل الدَّبر فِي أسنمة شبّهها بالمنار.
قَالَ: وفرسٌ صَرِدٌ: إِذا كَانَ بِموضع السَّرج مِنْهُ بياضٌ من دَبَرٍ أَصَابَهُ يُقَال لَهُ الصُّرد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصُّرد من الفَرَس: عِرْقٌ تَحت لسانِهِ، وَأنْشد:
خفيفُ النَّعامة ذُو مبعةٍ
كثيفُ الفَرَاشة ناتِي الصُّرَدْ
وبَنُو الصَّياد: حيٌّ من بني مُرّة بن عَوْف بن غطفان.
درص: أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: من أمثالهم فِي الحُجّة إِذا أَضَلَّها الظَّالِم ضَلَّ الدُّريصُ نَفَقَهُ وَهُوَ تَصْغِير الدِّرْص، وَهُوَ وَلَد اليربوع. ونَفَقُهُ: حُجره.
وَقَالَ اللَّيث: الدَّرْصُ والدِّرْص لُغَة، والجميع الدِّرْصان، وَهِي أَوْلَاد الفِأَرِ والقَنِافذ والأرانب وَمَا أشبه بهَا، وَأنْشد:
لَعَمْرُكَ لَو تَغْدو عليّ بِدِرْصِها
عَشَرْتُ لَهَا مَالِي إِذا مَا تَأَلَّتِ
وَقَالَ غيرُه: الجَنين فِي بطن الْأَوْثَان: دَرْصٌ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أذلك أم جَأبٌ يُطَارِدُ آتُناً
حَمَلْنَ فأدنى حَمْلِهِنَّ دُرُوصُ
يُقَال: دَرْص ودُرُوص وأَدْراص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدروص: النَّاقة السريعة.

(بَاب الصّاد وَالدَّال مَعَ اللَّام)
ص ل د
استُعمل من وجوهه: صَلَد، دَلَص.
صلد: قَالَ الله جلّ وَعز: {فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْءٍ} (الْبَقَرَة: 264) .
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: حَجَر صَلدٌ أَو جَبينٌ

(12/100)


صَلدٌ: أَمْلَسُ يَابِس. وَإِذا قلتَ: صَلْتٌ، فَهُوَ مستَوٍ. ورجلٌ أصلَدُ صَلْدٌ، أَي: بَخيلٌ جدا، وَقد صَلُد صَلادَةً. وَيُقَال: رجلٌ صلُودٌ أَيْضا.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت: الصفَا: العريضُ من الْحِجَارَة الأملسُ. قَالَ: والصِّلْداء والصِّلداءةُ: الأَرْض الغليظة الصُّلبة. قَالَ: وكلُّ حجَرٍ صُلْبٍ فكلُّ ناحيةٍ مِنْهُ صَلْدٌ وأصلادٌ: جمعُ صَلْد، وَأنْشد:
بَرَّاقُ أَصلادِ الجَبين الأجْلَهِ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصلادُ الجَبين: الْموضع الَّذِي لَا شعر عَلَيْهِ، شُبِّه بالحَجر الأمْلَس. قَالَ: وحَجرٌ صَلْدٌ. لَا يُورِي نَارا، وحَجرٌ صَلود مِثلُه، وفرَسٌ صَلَدٌ وصلُود: إِذا لم يَعْرَق، وَهُوَ مَذْمُوم.
قَالَ: وأخبرَني أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: صَلَدَتِ الأَرْض وأصلَدَتْ. وحجَرٌ صَلْدٌ ومكانٌ صلْدٌ: صلْبٌ شَدِيد.
وَفِي حَدِيث عمرَ: (أنّه لمّا طعن سقَاهُ الطَّبِيب لَبَنًا فخَرَج من مَوضِع الطَّعْنة أَبيض يَصْلِد) ، أَي: يَبْرُق ويَبِصُّ وصلدتْ صَلعَة الرَّجل: إِذا بَرَقَتْ، وَقَالَ الهُذَليّ:
أشْغتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها
إِذا سَمِعتْ صوتَ المُغَرِّدِ يَصْلِدُ
يصف بقرة وحشية. والمقاطعُ النِّضال. وقولُه: تصلد، أَي: تنتَصب.
والصَّلُود الْمُنْفَرد: قَالَ ذَلِك الأصمعيّ، وَأنْشد:
تالله يَبْقَى على الْأَيَّام ذُو حِيدٍ
أدْفَى صَلُودٌ مِنَ الأوعالِ ذُو خَدَم
أَرَادَ بالحيد عُقَدَ قَرْنه، الْوَاحِد حَيْدٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: صَلَدَ الزّنْدُ يَصْلِد: إِذا صَوّت وَلم يُخرِج نَارا. وأصلدتُه أَنا قَالَ: وصلَد المسؤولُ الْمسَائِل: إِذا لم يُعطِه شَيْئا.
دلص: فِي (النَّوَادِر) : بَاب دلشاء ودرصاءُ، مثل: الدلقاء. وَقد دلصت ودرصت. وَفِيمَا قَرَأت بِخَط شمر قَالَ.
قَالَ شمر: الدَّلاَص من الدُّروع: اللَّينة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ الليّنة المَلْساء بينةُ الدَّلَص. قَالَ: ودَلّصْتُ الشيءَ: مَلَّسْته. وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
علينا كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ
تَرَى تحتَ النِّطاق لَهَا عُضُونَا
وَيُقَال: حَجَر دَلاَّصٌ: شديدُ المُلوسة. الدَّلاّص: اللّيّن البَرَّاق، وَأنْشد:
مَتْن الصَّفا المتزحلف الدَّلاّص
وَأَخْبرنِي المنذريُّ أنّ أعرابيّاً بفَيْدَ أَنْشَدَه:
كأنّ مَجْرَى النِّسْع من غِضَابِهِ
صَلْدٌ صفا دُلِّص من هِضَابِهِ
قَالَ: وغِضَابُ الْبَعِير: مَوَاضِع الحِزام ممّا

(12/101)


يَلِي الظَّهر، واحدُها غَضْبة. وأَرْضٌ دَلاّصٌ ودِلاصٌ: مَلْساء.
قَالَ الْأَغْلَب:
فَهِيَ على مَا كَانَ من نَشاصِ
بظَرِب الأرضِ وبالدِّلاصِ
والدَّليص: البريق، وَأنْشد أَبُو تُرَاب:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيَانَ ضَوْزَا
ضَوْزَ العجوزِ العَصَبَ الدَّلَّوْصَا
قَالَ: والدَّلَّوْص: الَّذِي يَدِيصُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الاندِلاصُ: الانملاَصُ، وَهُوَ سرعةُ ضروج الشَّيْء من الشَّيْء وسقوطه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّدليص: النِّكاحُ خَارج الفَرْج، يُقَال: دَلّص وَلم يُوعِبْ، وَأنْشد:
واكتَشفَتْ لنا شيءٍ دَمَكْمَكِ
تَقول دَلِّصْ سَاعَة لَا بل نِكَ
ونابٌ دَلْصاء دَرْصاءُ ودَلْقاء، وَقد دلِصَتْ ودَرِصَت ودَرِقَتْ.
ص د ن
صدن، ندص، صند: (مستعملة) .
(صند) : أهمل اللَّيْث صند وَهُوَ مُسْتَعْمل. رَوَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصنديد والصِّنتيتُ: السَّيِّد الشريف.
وَقَالَ غَيره: يومٌ حامِي الصناديد: إِذا كَانَ شَديد الحَرّ، وَأنْشد:
حامِي الصَّنادِيد يُعَنِّي الْجُنْدُبَا
وصنادِيد السَّحاب: مَا كثُر وَبْلَه. وبردٌ صنديدٌ: شديدٌ ومَطَرٌ صنديد: وابِلٌ. وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السعديّ:
دعتْنا لِمَسْرَى ليلةٍ رَجَبيّةٍ
جَلا برْفها جَوْنَ الصَّنادِيد مُظلما
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّناديد: السادات، وهم الأجواد، وهم الحُلَماء، وهم حُماة العَسكر، وَيُقَال: صندد. قَالَ: والصَّناديد: الشَّدائد من الْأُمُور والدّواهي.
وَكَانَ الحسنُ يتعوّذ من صنادِيد القَدَر، أَي: من دواهِيه، وَمن جُنُون الْعَمَل، وَهُوَ الْإِعْجَاب بِهِ، وَمن ملح الْبَاطِل، وَهُوَ التَّبَخْتُر فِيهِ.
صدن: قَالَ اللَّيْث: الصيدَن: من أَسمَاء الثعالب. فَأَنْشد:
بُنَى مُكَوَيْن ثُلِّما بعد صيدينِ
وأخبَرَني الإياديّ عَن شمر أنّه قَالَ: الصَّيْدَن: المَلِك. والصَّيْدَنُ: الثَّعلَبُ. وَقَالَ رؤبة:
إنِّي إِذا اسْتَغلَق بابُ الصَّيْدَنِ
سَلَمة عَن الفرّاءِ: الصَّيْدَن: الكِساءُ الصِّفِيق، وَهُوَ إِلَى القِصَر، لَيْسَ بذلك الْعَظِيم ولكنّه وثيقُ العَمَل.
والصَّيْدَنُ: المَلِك أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن العَتَابي قَالَ الصَّيْدَنانيّ: دابةٌ تَعمَل لنَفسهَا شَيْئا فِي جَوف الأَرْض وتُعَمِّيه.

(12/102)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لدابة كَثِيرَة الأَرجُل لَا تُعَدّ أَرجلُها من كثرتها، وَهِي قِصار وطِوال: صَيْدَ نانيّ، وَبِه شُبِّه الصَّيْدَ نانيّ كَثْرَة مَا عِنْده من الْأَدْوِيَة قَالَ الْأَعْشَى يَصفُ جَمَلاً:
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيْه تَجانُفاً
نَبِيلاً كبَيت الصَّيْدَ ناني تامِكَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَرَادَ بالصَّيْدَ نانيّ الثَّعْلَب.
وَقَالَ كُثيّر فِي مِثلِه:
كأنّ خَليفَيْ زَوْرِها ورَحاهُما
بُنَى مَكَويْن ثُلِّما بعد صَيْدَنٍ
هُوَ: الصَّيْدَنُ والصَّيْدَ نانيّ وَاحِد. وَقَالَ حُميدُ بنُ ثَور يصف صائداً وبيتَه:
ظَليلٌ كَبيت الصَّيْدَ نانيّ قُضْبُه
من النَّبْع والضّالِ السَّليم المثقَّفِ
وَقيل: الصَّيْدَ نانيّ المَلِك.
الصَّيْدَانُ: بِرام الحِجارة. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وسُودٌ من الصَّيْدَان فِيهَا مَذانِبٌ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيْدَان: ضَرْبٌ من حَجَر الفِضّة، الْقطعَة صَيْدَانة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الصَّيْدانة من النساءِ: السيّئة الخُلُق الكثيرةُ الْكَلَام. والصَّيْدانة: الغُولُ. وأَنشَد:
صَيْدَانَةٌ تُوقِد نارَ الْجنِّ
قلتُ: الصَّيْدانُ إِن جعلته فَيْعالاً فالنون أصليّة، وَإِن جعلته فَعْلاناً فالنّون زَائِدَة كنون السَّكْران والسَّكْرانة. وَالله أعلم.
ندص: قَالَ اللَّيْث: نَدَصَتْ عينُه نُدوصاً: إِذا جَحَظتْ وكادت تَخرج من قَلْتها كَمَا تَنْدُص عينُ الخَنيق. ورجلٌ مِنْداص: لَا يزَال يَندصُ على قوم بِمَا يَكرهون، أَي: يَطْرَأُ عَلَيْهِم، وَيظْهر بشَر.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المِنْداص من النِّساء: الْخَفِيفَة الطّيّاشة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِنداص من النِّساء: الرَّسْحاء. والمِنداص: الحَمقاء. والمِنْداص: البذِيّة.
وَقَالَ اللّحياني: نَدَصتِ التَبْرة تَنْدُص ندْصاً: إِذا غَمَزْتَها فَخرج مَا فِيهَا.
ص د ف
صدف، صفد، دفص، فصد: مستعملة.
(دفص) : أهمل اللَّيْث: دفص. وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الدَّوفص: البَصَل.
قلتُ: وَهُوَ حرف غَرِيب.
صدف: قَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: غِشاءُ خَلْقٍ فِي البَحْر تضمُّه صَدَفَتان مَفرُوجَتان عَن لحم فِيهِ روح يسمَّى المَحارَة، وَفِي مِثلِه يكون اللّؤلؤ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} (الْكَهْف: 96) .

(12/103)


قرىء: (بَين الصَّدَفين) و (الصُّدُفَين) و (الصُدَفيْن) . والصَدَفة: الْجَانِب والناحية.
وَيُقَال لجَانب الجَبَلين إِذا تحاذَيا: صُدُفان وصَدَفان لتَصادفهما، أَي: تَلاقيهما يلاقي هَذَا الجانبُ الجانبَ الّذي يلاقيه، وَمَا بَينهمَا فَجٌّ أَو شِعْبٌ أَو وادٍ، ومِن هَذَا يُقَال: صادفْت فلَانا، أَي: لاقيْتُه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد قَالَ: الصُّدُفان: جانبا الجَبَل.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا مَرّ بصَدَف مائلٍ أَو هَدَف مائلٍ أَسرَعَ المَشيَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الصَّدَف والهَدَف وَاحِد، وَهُوَ كلُّ بِنَاء عَظِيم مُرْتَفع.
قلتُ: وَهُوَ مثل صَدَف الْجَبَل، شُبّه بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصَّدَف: أَن يَمِيل خُفُّ البَعير من الْيَد أَو الرِّجل إِلَى الْجَانِب الوحشيّ، وَقد صَدِفَ صَدَفاً. فَإِن مَال إِلَى الْجَانِب الإنسيّ فَهُوَ القَفَد وَقد قَفِد قَفَداً، وقولُ الله جلّ وعزّ: {سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} (الْأَنْعَام: 157) ، أَي: يُعرضون.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: المَيل عَن الشَّيْء، وأَصدَفَني عَنهُ كَذَا وَكَذَا.
أَبُو عُبيد: صَدَف ونَكب وكَنف: إِذا عَدَل. وَقيل فِي قَول الْأَعْشَى:
فَلَطْت بحجاب من دُوننا مَصْدُوف
إِنَّه بِمَعْنى مَسْتور.
فصد: قَالَ اللَّيْث: الفَصْد: قَطْع العُروق. وافتَصَد فلانٌ: إِذا قَطَع عِرْقَه ففَصَد.
قَالَ: والفَصيد: دمٌ كَانَ يُجعَل فِي مِعى لمن فَصْد عِرْق الْبَعِير فيُشْوَى، كَانَ أهلُ الجاهليّة يَأْكُلُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الّذي يُقضَى لَهُ بعضُ حَاجته دون تَمَامه لم يُحرَمْ مَنْ فُصْدَ لَهُ بِإِسْكَان الصَّاد وربّما قَالُوا: فزْدَ لَهُ، مَأْخُوذ من الفِصيد الّذي وَصفه اللَّيْث، يَقُول: كمَا يتبلّغ المُضْطرّ بالفَصيد، فاقنع أنتَ بِمَا ارْتَفع لكَ من قضاءِ حَاجَتك وَإِن لم تُقضَ كلُّها.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نَزَل عَلَيْهِ الوحيُ تَفصَّد عَرَقاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: المتفصَّد: السَّائِل. يُقَال: هُوَ يتفَصّد عَرَقاً، ويتبَضّع عَرَقاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: رأيتُ فِي الأَرْض تَفْصيداً من السَّيل، أَي: تَشقُّقاً وتخدُّداً.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: التّفصيد: أَن يُنقَع بِشَيْء من ماءٍ قَلِيل.
وَيُقَال: فَصَد لَهُ عَطاءً، أَي: قَطَع لَهُ وأَمضاه، يَفصِده فَصْداً.
وَقَالَ ابْن هاني: قَالَ ابْن كثوة: الفَصيدة: تمرٌ يعجَن ويُشابُ بِشَيْء من دَم وَهُوَ دَواءٌ يداوَى بِهِ الصِّبيان. قَالَه فِي تَفْسِير قَوْلهم:

(12/104)


مَا حُرِم مَن فُصْدَ لَهُ.
صفد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ} (إِبْرَاهِيم: 49) ، ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (إِذا دخل شهرُ رَمَضَان صُفِّدت الشَّيَاطِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وغيرُه فِي قَوْله: (صُفِّدَتْ) يَعْنِي شُدَّت بالأغْلال وأُوثقَتْ، يُقَال مِنْهُ: صَفَدْتُ الرحلَ فَهُوَ مَصْفود، وصفَّدْتُه فَهُوَ مُصفَّد. وَأما أصفَدْته بِالْألف إصفاداً، فَهُوَ أَن تُعطِيَه وتَصِلَه، وَالِاسْم من العطيّة: الصَّفَد، وَكَذَلِكَ الوثاق، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَم أُعرضْ أبَّيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ
يَقُول: لم أمدَحْك لتُعطِيَني، وَالْجمع مِنْهَا أصْفاد.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي العطيّة يمدَحُ رجلا:
تضيّفْتُه يَوْمًا فأكرَمَ مَقْعَدِي
وأصفَدَني على الزَّمانة قائِدَا
يُرِيد: وَهب لي قائداً يَقودني.
قَالَ: والمصدَر من العطيّة: الإصفاد، وَمن الوَثاق: الصَّفْد والتَّصْفيد.
وَيُقَال للشَّيْء الَّذِي يُوثَق بِهِ الْإِنْسَان: الصِّفاد، وَيكون من نِسْع أَو قِدّ، وَأنْشد:
هَلاّ مَنَنْتَ على أَخِيك مُعَبّدٍ
والعامِرِي يَقُودُه بِصِفادِ
وأخبَرَني المنذريّ عَن المُفضَّل بن سَلَمة، عَن أَبِيه عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ} (إِبْرَاهِيم: 49) ، أَي: الأغلال، وَاحِدهَا صَفَد.
وَقيل: الصَّفَد: القَيْد، وجمعُه أصفاد.
ص د ب: مهمل.
ص د م
صدم، صَمد، دمص، مصد: (مستعملة) .
دصم، مدص: (مهملان) .
صدم: قَالَ اللَّيْث: الصَّدْمُ: ضربُ الشَّيْء الصُّلْب بشيءٍ مثله، وَالرجلَانِ يَعْدُوان فيتصادَمان.
قلت: والجيشان يتصادمان واصطدام السَّفينتين: إِذا ضَربَتْ كلُّ واحدةٍ صاحبتَها إِذا جَرَيا فوقَ المَاء بحَمُولَتهِما.
وَفِي الحَدِيث: (الصَّبْر عِنْد الصَّدْمة الأولى) ، أَي: عِنْد فَوْرة الْمُصِيبَة وحَمْوَتِها.
قَالَ شَمِر: يَقُول: مَن صَبَر تِلْكَ الساعَة وتلقّاها بالرِّضَى فَلهُ الْأجر.
قَالَ اللَّيْث: صِدام: اسمُ فَرَس.
قلتُ: لَا أَدْرِي صِدام أَو صِرام.
قَالَ: والصُّدَامُ داءٌ يَأْخُذ فِي رُؤُوس الدوابّ.

(12/105)


وَقَالَ ابْن شُمَيْل: وَرجل مصدامَ: مجرب الصُّدام: داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل فَتَخْمص بطونُها وتَدَعُ المَاء وَهِي عِطاش أَيَّاماً حَتَّى تَبرأ أَو تَمُوت.
يُقَال مِنْهُ: جمل مَصْدوم، وإبل مُصدَّمة.
وَقَالَ بَعضهم: الصُّدام: ثِقَلٌ يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي رَأسه، وَهُوَ الخُشام.
وَالْعرب تَقول: رَمَاه بالصّدام والأولق والجذام.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّدْم: الدَّفْع. والصَّدِمتان: الجَبِينان. والصَّدمة: النزَعة. ورجلٌ أصدَم: أنزَع.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: لَا أفعل الْأَمريْنِ صَدْمةً وَاحِدَة، أَي: دَفْعةً وَاحِدَة.
وَقَالَ عبدُ الْملك بنُ مَرْوان لبَعض عمَّاله: إِنِّي ولّيتُك العِراقَين صَدْمة وَاحِدَة، أَي: دَفْعة وَاحِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الرَّأْس الصَّدِمتان بِكَسْر الدَّال وهما الجَبِينَان.
صَمد: الصَّمَد: من أَسمَاء الله جلَّ وعزَّ.
ورَوَى الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل أَنه قَالَ: الصَّمَدُ: السيّدُ الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
قلتُ: أمَّا الله تبَارك وَتَعَالَى فَلَا نهايَة لسؤدُدِه، لِأَن سؤدده غير مَحْدود.
وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمي: الصمَد الَّذِي يُصمَد إِلَيْهِ الأمْر فَلَا يُقضَى دُونَه، وَهُوَ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ فوقَه أحد.
وَقَالَ الْحسن: الصَّمَدُ: الدَّائِم.
وَقَالَ ميسرَة: المُصْمَت: المصْمَد. والمُصمَت: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، ونحواً من ذَلِك قَالَ الشّعْبي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّمَد: الَّذِي يَنتَهي إِلَيْهِ السُّودَد، وَأنْشد:
لقد بَكَّر النّاعي بخَيْرَيْ بني أسَدْ
بعَمرو بنِ مَسْعُود وبالسَّيّد الصَّمَدْ
وَقيل: الصمَد: الَّذِي صَمَد إِلَيْهِ كلُّ شَيْء، أَي: الَّذِي خَلَق الأشياءَ كلَّها لَا يَستغني عَنهُ شَيْء وكلُّها دالٌّ على واحدنيّته.
وَقيل: الصَّمَد: الدائِم الْبَاقِي بعد فَنَاءِ خَلْقه، وَهَذِه الصِّفَات كلُّها يجوز أَن تكون لله جلّ وعزّ.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: أيّها النَّاس، إيّاكم وتَعلُّمَ الأنسابِ والطَّعنَ فِيهَا، والَّذي نفسُ عمر بِيَدِه، لَو قلتُ: وَلَا يخرج من هَذَا البابِ إِلَّا صَمَدٌ مَا خرج إِلَّا أقلُّكم.
وَقَالَ شمر: الصَّمَد: السيّد الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
وَقَالَ اللَّيْث: صمدتُ صَمْدَ هَذَا الْأَمر، أَي: قصدتُ قصْدَه واعتمدتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَمَده بالعصا صَمْداً: إِذا ضَرَبه بهَا.

(12/106)


وَيَقُول: إِنِّي على صمادة من أَمر: إِذا أشرف عَلَيْهِ وحفلت بِهِ.
قَالَ: وصَمَّد رأسَه تصميداً، وَذَلِكَ إِذا لَفَّ رأسَه بِخرقة أَو منديل أَو ثوبٍ مَا خلا الْعِمَامَة، وَهِي الصِّمادُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصِّماد: سِدادُ القَارُورة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّماد: عِفاصُ القارورة، وَقد صَمَدْتها أصمِدها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمْدُ: الْمَكَان الْمُرْتَفع الغليظ، والمُصمَّدُ: الصلْبُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خَدد.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: الصَّمْد والصِّماد: مَا دقَّ من غِلَظ الجَبَل وتواضَع واطمأنَّ ونَبَت فِيهِ الشّجر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصمْد: الشديدُ من الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الصمْدة: صخرةٌ راسيةٌ فِي الأَرض مستويةٌ بمَتْن الأَرْض، وَرُبمَا ارتفعتْ شَيْئا.
وَقَالَ غَيره: نَاقَة مِصْمادٌ وَهِي الْبَاقِيَة على القُرّ والجَدْب، الدائمةُ الرِّسْل. ونُوقٌ مَصامِد ومَصامِيد.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
بَين طَرِيِّ سَمَكٍ ومالحِ
ولُقَّحٍ مصامدٍ مجَالِحِ
دمص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّمصُ: الإسراعُ فِي كلّ شَيْء، وَأَصله فِي الدَّجاجة، يُقَال: دَمَصت بالكَيْكَة، وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا رمتْ ولدَها بزَحْرة وَاحِدَة: قد دَمَصَتْ بِهِ، وزَكَبَتْ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كلَّ عِرْق من أعراق الْحَائِط يسمَّى دِمْصاً، مَا خلا العِرْق الأَسفل، فَإِنَّهُ دِهْص.
قَالَ: والدّمَص: مصدَرُ الأدمص، وَهُوَ الَّذِي رقَّ حاجِبهُ من أُخُرٍ، وكَثُفَ من قُدُم. وربَّما قَالُوا: أدمص الرّأس: إِذا رَقَّ مِنْهُ مَوَاضِع وقلَّ شعرُه.
وَيُقَال: دمَصَت الكلبةُ ولدَها: إِذا أسقَطَتْه، وَلَا يُقَال فِي الْكلاب أسقَطَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للبَيْضة: الدَّوْمَصة ودَمَصت السباعُ إِذا وَلَدَتْ، ووضعتْ مَا فِي بطونها.
مصد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصْدُ: المَصُّ، مَصدَ جارِيَته ورَفَّها ومَصَّها ورَشَفَها بمعنَى وَاحِد.
قَالَ: والمصدُ: الرَّعد. والمصدُ: الْمَطَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا لَهَا مصْدةٌ، أَي: مَا للْأَرْض قُرٌّ وَلَا حَرّ.
وَيُقَال: مصَدَ الرجُل جَارِيَته وعصدها: إِذا نكَحها، وَأنْشد:
فأَبِيتُ أعتنِقُ الثُّغورَ وأقتفي
عَن مَصدها وشِفاؤها المصدُ

(12/107)


وَقَالَ الرِّياشيّ: المصدُ: الْبرد. وَرَوَاهُ وانْتهى، عَن مصدها، أَي: أتَّقِي أخبرنيه المنذريُّ عَن الْأَسدي عَن الرِّياشيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المصد: ضَرْبٌ من الرَّضاع، يُقَال: قبَّلها فمصدها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُصدانُ: أعالي الْجبَال، وَاحِدهَا مصَاد.
قلت: ميمُ مصاد ميمُ مفْعَل وَجمع، على مُصدان، كَمَا قَالُوا مطيرٌ ومُطران، على توهُّم أنّ الْمِيم فاءُ الْفِعْل.

(أَبْوَاب) الصَّاد وَالتَّاء)
أهملت الصَّاد وَالتَّاء مَعَ الظَّاء والذال والثاء.
ص ت ر
ترص: عَمْرو عَن أَبِيه: التَّريصُ: المحكَمُ، يُقَال: أترصتهُ وترصتُه وترّصْتُه.
قَالَ الْأَصْمَعِي: رَصنتُ الشيءَ: أكملْتُه، وأتْرَصتُه: أحكمتُه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَرَّصَ أفْواقَها وقَوّمها
أنبلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعَا
وَفِي الحَدِيث: (وزِن رَجاءُ المُؤمِن وخَوفُه بميزانٍ تَرِبصٍ فَمَا زادَ أحدُهما على الآخر) ، أَي: بميزانٍ مستوٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَرصَ الشَّيْء تَراصةً فَهُوَ تريص، أَي: محكَم شَدِيد. وأَتْرَصْتُه أَنا إتراصاً.
وَيُقَال: أَتْرِصْ مِيزانَك فَإِنَّهُ شائل، أَي: سَوِّه وأَحكِمْه.
ص ت ل
صلت، لصت، تلص: (مستعملة) .
صلت: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْتُ: الأَملسُ. رَجُل صَلْتُ الوَجْه والخَدّ، وصَلْت الجَبين. وسيفٌ صَلْت.
وبعضٌ يَقُول: لَا يُقَال: الصّلتُ إِلَّا لما كَانَ فِيهِ طولٌ. وَيُقَال: أصلتّ السيفَ: إِذا جَرّبته. وسيفٌ صليتٌ، أَي: مُنْصَلتٌ ماضٍ فِي الضَّريبة. وربّما اشْتَقَّوا نَعْت أفْعَل من إفعِيلِ مثل إِبْلِيس، لأنّ الله عز وَجل أبلَسه. وَرجل مُنْصَلتٌ وأصلتيّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو والفرّاء: الصَّلَتان: الرجل الشَّديد الصُّلْب، وَكَذَلِكَ الحِمار.
وَقَالَ شمر قَالَ الأصمعيّ: الصَّلتان من الْحمير المُنْجَردُ القصيرُ الشَّعر.
وَقَالَ: أَخَذه من قَوْلك: هُوَ مِصْلاتُ العُنُق، أَي: بارِزُه مُنجردُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر والفرّاءِ: قَالَا: الصَّلتان والفَلتان والبَزَوَان والصَّمَيان كلّ هَذَا من التغلب والوَثب ونحوهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّلتُ: السكين الْكَبِير، وجمعُه أَصلات.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: وسكِّين

(12/108)


صَلْت، وسَيْفٌ صَلْت، ومِخْيَطٌ صَلْت: إِذا لم يكن لَهُ غِلاف. قَالَ: ويُرْوَى عَن العُكْلِيّ أَو غَيره: جَاءُوا بصَلْتٍ مِثلِ كَتِفِ النَّاقة، أَي: بشَفْرَةٍ عَظِيمَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سكّين صَلْتٌ، وسَيْفٌ صَلْتٌ: انْجَرَدَ من غِمْدِه. وانْصَلَتَ فِي الأَمر: انْجَرَدَ.
أَبُو عُبيد يُقَال: انْصَلَتَ: يَعْدُو، وانْكَدَرَ فِي الأمْرِ، وانْجَرَدَ يَعْدُو: إِذا أسرَع بعضَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: جَاءَنَا بمَرَقٍ يَصْلِتُ، ولَبَنٍ يَصْلِت: إِذا كَانَ قليلَ الدّسَم، كثيرَ المَاء. وَيجوز: يَصْلِد بِالدَّال، بِهَذَا الْمَعْنى.
لصت: أَبُو عُبَيد وَغَيره فِي لُغَة طَيء: يُقَال لِلِّص: لَصْتٌ، وجمعُه لُصوت، وَأنْشد:
فَتَرَكْنَ نَهداً عَيِّلاً أَبْنَاؤُهُمْ
وَبَنِي كِنانَة كاللُّصُوتِ المُردِ
تلص: يُقَال: دَلَّصَه وتَلَّصَه: إِذا مَلَّسَه ولَيَّنَه.
ص ت ن
نصت، صنت، صتن: (مستعملة) .
نصت: قَالَ اللَّيْث: الإنصاتُ هُوَ السكوتُ لاستماع الحَدِيث، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} (الْأَعْرَاف: 204) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: نَصَتَ وَأَنْصَت وانْتَصَت بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: أنْصَتَهُ وأنْصَت لَهُ. وَقَالَ الطِّرِمّاح فِي الانتصات:
يُخَافِتْنَ بعضَ المَضْغ من خشيَة الرَّدَى
ويُنْصِتْنَ للسّمع انْتِصَاتَ الْقَنَاقِنِ
شمر: أَنْصَتُ الرَّجُلَ، أَي: سَكَتّ لَهُ. وأنصَتُّهُ: إِذا أسْكَتَّه؛ جعله من الأضداد. وَأنْشد للكُمَيْت:
صَهٍ وانْصِتُونَا؛ لِلتَّحاوُر واسْمَعُوا
تَشَهُّدَها من خُطبةٍ وارْتجَالِها
أَرَادَ: وأنصتوا لنا. وَقَالَ آخر فِي الْمَعْنى الثَّانِي:
أبوكَ الَّذِي أَجْدَى عَلَيَّ بنصرِهِ
فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كلَّ قائِلِ
قَالَ الأصمعيّ: يُرِيد فأسكت عنِّي. ويروَى كلُّ قائِل.
صنت: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصِّنتيتُ: السيّد الشريفُ؛ مثلُ الصِّنْدِيد سَوَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّنْتُوتُ: الفَرْدُ الحَرِيد.
صتن: اللّحياني عَن الأمويّ: يُقَال للبخيل: الصُّوتَنُ.
ص ت ف
صفت: فِي حَدِيث الْحسن: أَن رجلا قَالَ: سَأَلته عَن الَّذِي يَسْتَيْقِظ فيجدُ بَلةً، قَالَ: أما أَنْت فاغتسل ورآني صِفتاتاً. قَالَ

(12/109)


اللَّيْث وَغَيره: الصفتاتُ: الرّجُلُ الْمُجْتَمع الشد، وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة، فَقَالَ بَعضهم: صفتاتة. وَقَالَ بَعضهم: صرفتات، بِلَا هاءِ.
وَقَالَ بَعضهم: لَا تُتْعَثُ الْمَرْأَة بالصِّفْتَات، بالهاءِ وَلَا بِغَيْر الْهَاء.
ابْن شُمَيْل: الصفتات: التّارّ الْكثير اللَّحْم المكتنز.
ص ت ب: مهمل
(ص ت م)
(مصت) ، صمت، صتم: (مستعملى) .
مصت: قَالَ اللَّيْث: المَصْتُ: لغةٌ فِي المسط، فَإِذا جعلُوا مَكَان السّين صاداً جعلُوا مَكَان الطّاء تَاء، وَهُوَ أَنْ يُدْخِل يَدَه فيقبضَ على الرَّحِم فَيَمْصُتَ مَا فِيهَا مَصْتاً.
صمت: سلَمة عَن الكسائيّ قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب: لَا صمْتَ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وَلَا صَمْتَ يومٌ إِلَى اللَّيْل، وَلَا صَمْتَ يومٍ إِلَى اللَّيْل، فَمن نصب أَرَادَ: لَا تَصْمُتْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وَمن رفع أَرَادَ: لَا يُصْمَتُ يومٌ إِلَى اللَّيْل. وَمن خفض فَلَا سؤالَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصّمْتُ: السُّكُوت. وَقد أَخذه الصُّمَات. وقُفْلٌ مُصْمَتٌ، أَي: قد أُبْهِم إغلاقُه. وبابٌ مُصْمَتٌ كَذَلِك، وَأنْشد:
ومِن دون لَيْلَى مُصْمَتَاتُ المَقاصِرِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جَاءَ بِمَا صَاءَ وصَمَت. قَالَ: مَا صاء يَعْنِي الشاءَ والإبلَ. وَمَا صَمَت يَعْنِي الذَّهبَ والفِضَّة.
أَبُو عُبَيد: صَمتَ الرجلُ وأصْمَتَ بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: لقيتُه ببلدةِ إصْمِتْ، وَهِي القفرُ الَّتِي لَا أَحَدَ بهَا. وقطَع بَعضهم الْألف من إصمت فَقَالَ:
بوَحْشِ الإصْمِتَيْنِ لَهُ ذُبابُ
أنْشدهُ شمر. وَقَالَ: يقالُ: لَقِيتُهُ بوَحْشِ إصْمِتَ، الألفُ مكسورةٌ مَقْطُوعَة.
شَمِر: الصُّمُوتُ من الدُّروع: اللّينةُ المَسِّ ليستْ بخَشِنة وَلَا صَدِئةٍ، وَلَا يكون لَهَا صوتٌ قَالَ النَّابِغَة:
وكلّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيّةٍ
ونَسْجُ سُلَيْم كلّ قَضّاءَ ذَائلِ
قَالَ: والسيفُ أَيْضا يُقَال لَهُ صموتٌ لرسوبه فِي الضَّرِيبة، وَإِذا كَانَ كَذَلِك قَلَّ صوْتُ خُرُوج الدّم.
وَقَالَ الزُّبيرُ بن عبد الْمطلب:
ويَنْفِي الجاهلَ المُخْتالَ عني
رُقاقُ الحَدِّ وَقْعَتُه صَمُوتُ
وَيُقَال: بَات فلانٌ على صِمَات أمرِه: إِذا كَانَ مُعْتَزِماً عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الصِّمَاتُ: القصدُ، وَأنْشد:
وحاجةٍ بِتُّ على صِماتِها

(12/110)


أَي: وَأَنا معتزم عَلَيْهَا.
وَمن أمثالهم: إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مُصْمِتٍ، أَي: لَا تَشْكُو إِلَى مَن يعبأ بشكواك. والصُّمْتَةُ: مَا يُصْمَتُ بِهِ الصبيُّ من تمر أَو شَيْء ظريف.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: مَا ذُقْتُ صُمَاتاً، أَي: مَا ذُقْت شَيْئا.
وَيُقَال: لم يُصْمِته ذَاك، بِمَعْنى لم يَكْفِه، وأصلُه فِي النَّفي، وَإِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُؤْكَل أَو يُشرب.
وجاريةٌ صَمُوتُ الخَلْخاليْن: إِذا كَانَت غليظَة السّاقيْن لَا يُسمع لخَلْخالها صوتٌ لغموضه فِي رِجْلَيْهَا.
وَيُقَال للّوْن البَهِيم: مُصْمَت. وللذي لَا جَوْفَ لَهُ مُصْمت. وفَرَسٌ مُصْمت؛ وخيلٌ مُصْمَتَاتٌ: إِذا لم يكن فِيهَا شِيَةٌ وَكَانَت بُهْماً.
وَيُقَال للرجل إِذا اعتقل لسانُه فَلم يتكلّم: أصْمَت، فَهُوَ مُصْمِت.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
مَا إِن رأيتُ من مُعَنياتِ
ذواتِ آذانٍ وجُمْجُمَاتِ
أَصْبَر مِنْهُنَّ على الصُّمات
قَالَ: الصُّمات: السكوتُ. وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: مِن مُغَنِّيات، أَرَادَ من صريفهن. قَالَ: والصُّمَاتُ العَطَشُ هَهُنَا، روَى ذَلِك كلَّه عَنْهُمَا أَحْمد بن يحيى.
قَالَ ابْن السّكيت: الثَّوْب المُصْمَتُ: الَّذِي لوْنُه لونٌ وَاحِد لَا يخالط لونَه لونٌ آخَرُ. وَحَلْيٌ مُصْمَتٌ: إِذا كَانَ لَا يُخالطُه غيرُه. وأدْهَمٌ مُصْمَتٌ: لَا يُخالط لونَه غير الدُّهْمة.
وَقَالَ أَحْمد بن عُبَيد: حَلْيٌ مُصْمَتٌ مَعْنَاهُ: قد نَشِب على لابسه فَمَا يَتحرّك وَلَا يتَزعزَع، مثلُ الدُّمْلُج والحِجْل وَمَا أشبهه.
صتم: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: صَتَمْتُ الشيءَ فَهُوَ مُصَتَّم وَصَتْمٌ، أَي: محكمٌ تامٌ.
الْفراء قَالَ: مالٌ صَتْمٌ، وأموال صُتْمٌ. وَيَقُول: عبدٌ صَتْمٌ، أَي: شَدِيد غليظ. وجَمَلٌ صَتْمٌ، وناقة صَتْمَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّتْمُ من كل شَيْء: مَا عَظُمَ واشتدّ. جملٌ صَتْمٌ، وبيتٌ صَتْمٌ. وأعطيْته ألفا صَتْماً. وَقَالَ زُهَير:
صحيحات ألْفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّم
قَالَ: والحروف الصُّتْمُ: الَّتِي لَيست من حُرُوف الحَلْق.
قَالَ غَيره: صتمت لَهُ ألفا تصطيماً، أَي: تممتها. قَالَ: والأصاتم جمع الأُصْطَمّة بلغَة تَمِيم؛ جمعوها بِالتَّاءِ كراهيةَ تفخيم أَصَاطم فردُّوا الطَّاء إِلَى التَّاء.
(ص ظ: مهمل)

(12/111)


ص ذ
(صذم) : قَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: هَذَا قَضاءُ صَذُومُ (بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة) وَلَا يُقَال: سَدوم.
ص ث
أهملَها الليثُ مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا.
(صبث) : وروى سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الصَّبْثُ: ترقيعُ الْقَمِيص ورَفْوُه. يُقَال: رَأَيْت عَلَيْهِ قَمِيصًا مُصَبَّثاً، أَي: مُرَقّعاً.

(أَبْوَاب) الصّاد والرّاء)
ص ر ل: مهمل.
ص ر ن
صنر، نصر، رصن: (مستعملة) .
صنر: الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ أَبُو عَمْرو: تَقول: هِيَ الصِّنَارة بِكَسْر الصَّاد وَلَا تقل: صَنَّارة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّنَّارةُ: مِغْزَلُ الْمَرْأَة، وَهُوَ دخيل.
وَقَالَ غَيره: صِنَّارةُ المِغْزل: هِيَ الحديدةُ المُعَقَّفةُ فِي رَأسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصِنَّارَة: السيء الخُلق. والصِّنْوَرُ: الْبَخِيل السيىءُ الخلُق. والصنانير: البخلاء من الرِّجَال وَإِن كَانُوا ذَوي شرف.
قَالَ: والصّنانير: السَّيِّئُو الْآدَاب وَإِن كَانُوا ذوِي نباهة.
رصن: قَالَ اللَّيْث: رصن الشَّيْء يرصن رصانة، وَهُوَ شدَّة الثَّبَات. وأرصنته أَنا إرصاناً.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: رَصَنتُ الشَّيْء: أكملته.
وَقَالَ غَيره: أرصَنته: أحكمته، فَهُوَ مرصون، وَقَالَ لبيد:
أَو مُسلِمٌ عَمِلتْ لَهُ عُلوِيَّةٌ
رَصنتْ ظهورَ رواجبٍ وبَنَانِ
أَرَادَ بِالْمُسلمِ غُلَاما وَشَمَتْ يدَه امرأةٌ من أهل الْعَالِيَة.
نصر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّصْرةُ: المَطْرةُ التّامّة، وأرضٌ منصورةٌ ومَضْبُوطة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: نُصِرت البلادُ: إِذا مُطِرت، فَهِيَ منصورة. ونُصِر القومُ: إِذا أغِيثُوا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
من كَانَ أخطاه الرّبيعُ فَإِنَّمَا
نُصر الْحجاز بِغيْث عبد الْوَاحِد
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَصرْتُ أرضَ بني فلَان، أَي: أتيتها. وَقَالَ الرّاعي:
إِذا مَا انْقَضى الشَّهْر الْحَرَام فَودِّعِي

(12/112)


بلادَ تميمٍ وانْصُرِي أرضَ عامِرِ
وَقَالَ الْفراء: نَصَر الغيثُ البلادَ: إِذا أنبتها.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: النّواصرُ من الشِّعاب: مَا جَاءَ من مَكَان بعيد إِلَى الْوَادي فنصَرَ سيْلَ الْوَادي؛ الْوَاحِد نَاصِر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّصْرُ: عوْنُ الْمَظْلُوم، وَفِي الحَدِيث: (انصُرْ أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما) ، وَتَفْسِيره: أَن يمنعهُ من الظُّلم إِن وجَدَه ظَالِما، وَإِن كَانَ مَظْلُوما أَعَانَهُ على ظالمه، وجمعُ النّاصِر أنصار. وانتصر الرجُل: إِذا امْتنع مِنْ ظالمه. قلت: وَيكون الانتصارُ من الظَّالِم: الانتصافُ والانتقامُ مِنْهُ، قَالَ الله مخبرا عَن نوح ودُعائه إيّاه بِأَن ينصره على قومه: {مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (الْقَمَر: 10، 11) ، كَأَنَّهُ قَالَ لربّه انتقم مِنْهُم، كَمَا قَالَ: {نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاَْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ} (نوح: 26) .
والنصيرُ: الناصرُ، قَالَ الله جلّ وَعز: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الْأَنْفَال: 40) . والنُّصْرَةُ: حسنُ المعونة، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ} (الْحَج: 15) الْآيَة. الْمَعْنى: من ظن من الْكفَّار أَن الله لَا يُظْهر محمّداً على مَن خالَفَه فليختنق غيْظاً حَتَّى يموتَ كمداً فَإِن الله يُظْهره وَلَا ينْفعُه موْتُه خَنْقاً. وَالْهَاء فِي قَوْله: {أَن لَّن يَنصُرَهُ} للنبيّ محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَاحِد النَّصَارَى فِي أحد الْقَوْلَيْنِ: نصران كَمَا ترى؛ مثل نَدْمان ونَدامَى وَالْأُنْثَى نصرانة، وَأنْشد:
فكِلْتاهما خَرَّتْ وأَسْجَد رأسُها
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانة لم تَحنَّفِ
فنَصْرانة: تأنيثُ نَصْران. وَيجوز أَن يكون واحدُ النَّصَارَى: نَصْرِيًّا مثلُ بعير مَهْرِيَ وإبلٍ مَهَارَى.
وَقَالَ اللَّيْث: زَعَمُوا أَنهم نُسِبوا إِلَى قَرْيَة بِالشَّام اسمُها نَصْرُونَه. والتّنَصُّرُ: الدخولُ فِي النّصرانية.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: النَّواصِرُ: مَسايل الْمِيَاه، واحدُها ناصِرة، لِأَنَّهَا تَجِيء من مَكَان بعيد حَتَّى تقع فِي مُجْتَمع المَاء حَيْثُ انْتَهَت، لِأَن كلّ مَسِيل يَضِيع مَاؤُهُ فَلَا يَقع فِي مُجْتَمع المَاء فَهُوَ ظَالِم لمائه.
ص ر ف
صرف، صفر، رصف، رفص، فرص.
صرف: رُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَدِينَة فَقَالَ: (مَن أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَو أَوَى مُحدثاً لَا يُقبَل مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: رُوي عَن مَكْحُول أَنه قَالَ: الصَّرْفُ: التَّوْبَة. والعَدْلُ: الفِدْيَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَقيل: الصّرفُ: النافلةُ،

(12/113)


والعدلُ: الفَرِيضةُ.
وَرُوِيَ عَن يُونُس أَنه قَالَ: الصّرفُ: الحيلةُ وَمِنْه قيل: فلَان يتصرّف، أَي: يحتال. قَالَ الله جلّ وَعز: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً} (الْفرْقَان: 19) ، قلت: وَهَذَا أشبه الْأَقَاوِيل بِتَأْوِيل الْقُرْآن. وَيُقَال للرجل الْمُحْتَال: صَيْرَفٌ وصَيْرَفيّ، وَمِنْه قولُ أُميَّة بن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
قد كنتُ وَلاّجاً خَروجاً صَيْرَفاً
لم تَلْتَحِصنِي حَيصَ بَيص لحَاصِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الهَيْثَم أَنه قَالَ: الصَّيْرَفُ والصَّيْرَفِي: المحتالُ المُتَقَلِّبُ فِي أُمُوره المُجَرّبُ لَهَا.
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلة، يُقَال: فلانٌ يَصْرِفُ ويتَصَرَّفُ ويصطَرِفُ لِعِيَالِه، أَي: يَكتسب لَهُم.
وَفِي حَدِيث أبي إِدْرِيس الْخَوْلانِيّ أَنه قَالَ: (من طلب صَرْفَ الحَدِيث يَبْتَغِي بِهِ إقبالَ وجوهِ النَّاس إِلَيْهِ لم يُرَح رائحةَ الجَنَّة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: صَرْفُ الحَدِيث أَن يزِيد فِيهِ لِيُمِيلَ قلوبَ النَّاس إِلَيْهِ، أُخِذَ من صَرْفِ الدّراهم. والصرفُ: الفَضْلُ، يقالُ: لهَذَا صَرْفٌ على هَذَا، أَي: فضل. وَيُقَال: فلَان لم يُحسن صَرْفَ الْكَلَام، أَي: فضلَ بعض الْكَلَام على بعضٍ. وَقيل لمن يُمَيِّز ذَلِك: صَيْرَفٌ وصَيرَفيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: تصريفُ الرّياح: صَرْفُها من جِهَة إِلَى جِهَة. وَكَذَلِكَ تصريف السُّيُول والخيول والأمور والآيات.
قَالَ: وَصرف الدَّهْر: حَدَثُه وصَرْفُ الكلمةِ: إجراؤها بِالتَّنْوِينِ والصَّرَفُ أَن تَصرِفَ إنْسَانا على وجهٍ يُريدهُ إِلَى مَصْرِف غيرِ ذَلِك.
والصَّرْفَةُ: كوكبٌ واحدٌ خلْفَ خَرَاتَيِ الأسدِ، إِذا طلع أمامَ الْفجْر فَذَاك أوّل الخريف، وَإِذا غَابَ مَعَ طُلُوع الْفجْر فَذَاك أوّل الرّبيع، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر.
وَالْعرب تَقول: الصَّرْفَةُ: نابُ الدّهرِ، لِأَنَّهَا تَفْترُّ عَن الْبرد أَو عَن الحرّ فِي الحالتيْن.
وَقَالَ الزّجّاج: تصريفُ الْآيَات تَبْيينُها. وَلَقَد صرّفْنا الْآيَات: بَيّناها.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرِيفُ: الفضّة، وَأنْشد:
بني غُدَانةَ حَقّاً لستُم ذَهَباً
وَلَا صَرِيفاً وَلَكِن أَنْتُم خَزَفُ
والصَّرِيفُ: صوتُ الأنياب والأبواب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّرِيفُ: اللّبَنُ الَّذِي يَنْصرِف بِهِ عَن الضَّرْع حارّاً، فَإِذا سكنَتْ رَغْوَتهُ فَهُوَ الصَّريح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصريفُ: الخمرُ الطيّبة. وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:

(12/114)


صَرِيفِيّة طَيِّبٌ طَعْمُها
لَهَا زَبَدٌ بَين كُوبٍ ودَنْ
قَالَ بَعضهم: جعلهَا صَرِيفيّة لِأَنَّهَا أخِذت من الدَّنّ ساعتئذ كاللبن الصريف. وَقيل: نسِبت إِلَى صَرِيفِين، وَهُوَ نهر يَتَخَلَّجُ من الفُرات. والصِّرفُ: الخمرُ الَّتِي لم تُمْزَج بِالْمَاءِ، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء لَا خِلْطَ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصِّرفُ: شَيْء أحمرُ يُدبَغ بِهِ الأدِيمُ. وَأنْشد:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ وَلَكِن
كلَوْن الصِّرِفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
أَي: أَنَّهَا خَالِصَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرفانُ: اسمٌ. الْمَوْت والصَّرَفانُ: جنسٌ من التَّمْر. والصَّرَفان: الرَّصاص، وَمِنْه قولُ الرّاجز:
أمْ صَرَفاناً بارِداً شَدِيداً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السّبَاعُ كلُّها تُجْعِل وتَصْرفُ إِذا اشتهتِ الفحلَ، وَقد صرَفت صِرافاً فَهِيَ صارِفٌ. وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك للكلبة.
وَقَالَ اللّيث: حِرْمةُ الشّاءِ والكلابِ والبقرِ. وَقَالَ المُتَنَخّل:
إِن يُمْس نَشْوانَ بمَصْرُوفة
مِنْهَا بِرِيَ وعَلى مِرْجَل
قَالَ: بمصروفة، أَي: بكأس شُرِبت صِرْفاً. وعَلى مِرْجل: أَي على لحم طُبخ فِي مِرجل وَهِي القِدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيرِفيّ من النجائب منسوبة وَلَا أعرفهُ، وَلَا الصَّدَفِي بِالدَّال.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَصْرفَ الشَّاعِر شِعرَهُ يُصْرِفه إصرافاً: إِذا أقْوَى فِيهِ. وَأنْشد:
بِغَيْر مُصرَفة القَوافِي
وَيُقَال: صَرَفْتُ فلَانا وَلَا يُقَال: أصرفته. وتصريف الْآيَات تبيينها.
رصف: الأَصْمَعِيُّ: الرَّصَفُ: صَفاً يَتَّصَل بعضُه بِبَعْض، وَاحِدهَا رَصَفه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّصَفُ: صَفاً طويلٌ كَأَنَّهُ مَرْصُوف.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت قَالَ: الرَّصفُ: مصدرُ رَصَفْتُ السّهمَ أرْصُفُه: إِذا شَدَدْتَ عَلَيْهِ الرِّصاف، وَهِي عَقَبةٌ تُشَدّ على الرَّعْط، والرُّعْطُ مَدْخَلُ سنح النَّصْل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا يروي أَبُو عبيد: هِيَ الرَّصفَة، وجمعُها الرِّصاف. وَفِي الحَدِيث: ثمَّ نظر فِي الرِّصاف فتحَارى أيرَى شَيْئا أم لَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصَفَةُ: عَقبةٌ تُلْوَى على مَوضِع الفُوق.
قلت: وَهَذَا خطأ، والصوابُ مَا قَالَ ابْن السكّيت.
والرَّصَفُ: حجارةٌ مرصوفٌ بعضُها إِلَى بعض. وَأنْشد للعَجّاج:

(12/115)


فشَنّ فِي الإِبْرِيق مِنْهَا نُزَفا
من رَصفٍ نازعَ سيْلاً رَصفَا
قَالَ الْبَاهِلِيّ: أَرَادَ أنَّه صَبَّ فِي إبريق الْخمر من ماءٍ رَصفٍ نَازع سيلاً كَانَ فِي رَصَفٍ فَصَارَ مِنْهُ فِي هَذَا، فَكَأَنَّهُ نازعه إِيَّاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرْصَف الرّجلُ: إِذا مَزَج شرابه بِمَاء الرَّصف، وَهُوَ الَّذِي يَنحدر من الْجبَال على الصخر فيَصْفُو، وَأنْشد بَيت العجاج.
وَقَالَ: الرَّصفْاء من النِّسَاء: الضيّقةُ المَلاقِي وَهِي الرَّصُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للقائم إِذا صَفّ قَدَمَيْه: رَصَف قدمَيْه، وَذَلِكَ إِذا ضم إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى.
فرص: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَرْصاءُ من النُّوق: الَّتِي تقوم نَاحيَة، فَإِذا خلا الحوْضُ جَاءَت فشرِبتْ.
قلت: أُخذَت من الفُرْصة وَهِي النُّهْزة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِذا جَاءَت فُرْصَتُك من الْبِئْر فأدْل. وفُرُّصَته ساعتُه الَّتِي يُستَقَى فِيهَا. وَيُقَال: بَنو فلَان يَتفارَصُون بئرهم، أَي: يَتناوَبُونها. قلت: مَعْنَاهَا أَنهم يتناوبون الاستقاء مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُرْصة كالنُّهْزَةِ والنَّوْبة. تَقول: أصبت فرصتك يَا فلَان ونوبتك ونهزتك، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَالْفِعْل أَن تَقول: انتهزها وافترضها وَقد افترضت وانتهزت.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للْمَرْأَة الَّتِي أمرهَا بالاغتسال من المَحِيض: (خُذِي فِرْصةً مُمسّكة فتطهّري بهَا) ، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الفِرْصة: القطعةُ من الصُّوف أَو الْقطن أَو غَيره، وَإِنَّمَا أُخِذت من فَرصت الشَّيْء، أَي: قطعته.
وَيُقَال للحديدة الَّتِي يقطع بهَا الفضّة: مِقْراض، لِأَنَّهُ يقطع بهَا، وأنشدَنا للأعشى:
وأَدْفَعُ عَن أعراضكم وأُعيرُكم
لِساناً كمِفراصِ الخَفَاجِيّ ملْحَبَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال: افْرِصْ نعلَك، أَي: أخْرِق فِي أُذُنها للشِّراك.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجلَ ثائراً فريصُ رقبته قَائِما على مُرَيَّته يضْربهَا) .
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَرِيصة: المُضغةُ القليلة تكون فِي الجَنْب تُرْعد من الدَّابَّة إِذا فَزِعت، وجمعُها فَرِيص. وَقَالَ النَّابِغَة:
شكّ الفريصةَ بالمدْرى فأنقذه
شكّ المبيطر إِذْ يشفي من العضدِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ اللّحمة الَّتِي بَين الجَنْب والكَثف الَّتِي لَا تزَال تُرْعَد من الدَّابَّة.

(12/116)


قَالَ: وأَحْسَب الَّذِي فِي الحَدِيث غير هَذَا، إِنَّمَا أَرَادَ عَصَبَ الرَّقبة وعروقَها، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تثور عِنْد الْغَضَب.
وَأَخْبرنِي ابنُ هاجك عَن ابْن جبلة أَنه سمع ابْن الْأَعرَابِي فسّر الفَرِيص كَمَا فسّره الْأَصْمَعِي، فَقيل لَهُ: هَل يَثور الفَرِيص؟ قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي الشّعْر الّذي على الفَرِيص كَمَا يُقَال: فلَان ثَائِر الرأسِ: أَي ثَائِر شَعرِ الرَّأْس.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فَرَصْت الرجلَ أفْرِصه: إِذا أصبتَ فريصتَه.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفَرِيصةُ: اللّحمَةُ الَّتِي بَين الكَتِف والصّدْر. والفَرِيصة أُم سُوَيْد.
وروى أَبُو تُرَاب للخليل أَنه قَالَ: فريصةُ الرجل: الرَّقَبَة. وفَرِيسُها: عروقُها.
وَفِي حَدِيث قَيْلَة: أَن جُوَيْرِيَةً لَهَا كَانَت قد أَخَذتهَا الفَرْصة.
قَالَ أَبُو عُبيد: الْعَامَّة تَقول لَهَا: الفَرسة بِالسِّين والمسموع من الْعَرَب بالصَّاد وَهِي ريحُ الحدَبة.
قَالَ: والفَرْسُ بِالسِّين: الكَسْر. والفَرْص: الشّق.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْصُ: شَدُّ الجلدِ بحديدة عريضة الطَّرَف تَفْرِصُه بهَا فَرْصاً غَمزاً؛ كَمَا يَفْرِص الحَذَّاءُ أُذُنَي النَّعل عِنْد عقبهما بالمِفْرَص ليجعل فِيهَا الشِّراك.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفريصة: الاست، وَهُوَ أَيْضا مرجع الْمرْفق. وَأنْشد:
جَوادٌ حِين يَفْرِصُه الفَرِيصُ
يَعْنِي حِين يشُقّ جلدَه العرَقُ.
وتَفْرِيصُ أسْفل نَعْلِ القِرَاب: تَنْقيشُه بِطرف الحديدة.
رفص: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: هِيَ الفُرْصةُ والرُّفْصة: النَّوْبةُ تكون بَين الْقَوْم يتَناوَبُونها على المَاء.
قَالَ الطِّرِمّاح:
كأَوْبِ يَدَيْ ذِي الرُّفْصَةِ المُتَمَتِّحِ
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: ارْتَفَص السّعرُ ارتفاصاً فَهُوَ مُرْتَفِص: إِذا غلا وارتفع.
قلت: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الرُّفْصة وَهِي النَّوْبَة.
صفر: فِي الحَدِيث: (لَا عَدْوَى وَلَا هامَةَ وَلَا صَفَر) .
قَالَ أَبُو عبيد: فسّر الَّذِي روى الحديثَ أَن الصَّفَر: دوابُّ الْبَطن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سمعتُ يُونُس يسْأَل رُؤْبَةَ عَن الصَّفَر فَقَالَ: هُوَ حَيَّةٌ تكون فِي الْبَطن، تصيبُ الماشيةَ وَالنَّاس.
قَالَ: وَهِي عِنْدِي أعْدَى من الجَرَب عِنْد الْعَرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: فأَبطل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا تُعْدِي.

(12/117)


قَالَ: وَيُقَال: إِنَّهَا تشتدّ على الْإِنْسَان وتؤذيه إِذا جَاع.
وَقَالَ أعشى باهلة:
وَلَا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصَّفَر
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقَال فِي الصفَر أَيْضا: أَنه تأخيرهم المُحَرَّم إِلَى صفر فِي تَحْرِيمه. والوَجْه فِيهِ التفسيرُ الأوّل.
وَفِي حَدِيث آخر قَالَ: (صَفْرَةٌ فِي سَبِيل الله خيرٌ من حُمْرِ النَّعَم) ، أَي: جَوْعةٌ.
وَقَالَ التّمِيميّ: الصَّفَرُ: الجوعُ. وَقيل للحيّة الَّتِي تَعُضُّ البطنَ: صَفَرٌ، لِأَنَّهَا تفعل ذَلِك إِذا جَاع الْإِنْسَان.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر تصفيراً. وصَفِرَ الْإِنَاء من الطعامِ وَالشرَاب، والرَطْبُ من اللّبن يَصْفَر صَفَراً، أَي: خلا، فَهُوَ صَفِر.
وَيُقَال: نَعُوذ بِاللَّه من قرَع الْغناء وصَفَر الْإِنَاء. وَأنْشد:
وَلَو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
يَقُول: لَو أدركتْه الخيلُ لقتلته ففرَغَت وِطابُ دَمِهِ وَهِي جُسمانه مِن دَمِه إِذا سُفِك.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الصُّفارُ: الماءُ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللّيثُ: صَفَرُ: شهرٌ بعد المُحَرَّم، وَإِذا جُمعا قيل لَهما الصّفَران، قَالَ: والصُّفَارُ: صَفْرَةٌ تعلو اللَّونَ والبَشَرة من داءٍ.
قَالَ: وصاحبُه مَصْفُور، وَأنْشد:
قَضْبَ الطَّبيبِ نائِطَ المَصْفُور
وَقَالَ اللَّيْث: والصُّفْرَةُ: لونُ الْأَصْفَر. وَفعله اللازمُ الاصفرار.
قَالَ: وَأما الاصفِيرارُ: فَعَرَضٌ يَعْرِض للْإنْسَان، يُقَال: يَصْفَارُّ مرَّةً ويحمارُّ أُخْرَى. وَيُقَال فِي الأول: اصْفَرَّ يَصْفَرّ.
قَالَ: والصَّفِير من الصَّوْت بالدواب: إِذا سُقيت.
والصّفَّارةُ: هَنَةٌ جوفاءُ من نُحاس يَصْفِر فِيهَا الغلامُ للحَمام، ويصفِر فِيهَا بالحِمار ليَشربَ.
قَالَ: والصِّفرُ: الشَّيْء الْخَالِي، يُقَال: صَفِرَ يَصفُر صُفُوراً فَهُوَ صِفْر، والجميع والذّكَرُ وَالْأُنْثَى والواحدُ فِيهِ سَوَاء.
والصِّفْرُ فِي حِسَاب الهِنْد: هُوَ الدائرة فِي الْبَيْت يُغني حسابه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب قَالَ: قولُهم مَا فِي الدَّار صافِر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة والأصمعي: الْمَعْنى مَا فِي الدَّار أحَدٌ يَصْفِرُ بِهِ، وَهَذَا مِمَّا جَاءَ على لفظ فَاعل، وَمَعْنَاهُ مَفْعول بِهِ، وَأنْشد:
خَلَت المَنازِلُ مَا بهَا
ممّن عَهِدْتُ بهنّ صافِرْ
قَالَ: وَقَالَ غيرُهما: مَا بهَا صافر، أَي:

(12/118)


مَا بهَا أحد، كَمَا يُقَال: مَا بهَا دَيَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: أَي مَا بهَا أحدٌ ذُو صَفِير. وَبَنُو الأصفَر: مُلوكُ الرُّوم.
وَقَالَ عديُّ بنُ زيد:
وَبَنُو الْأَصْفَر الكرامُ مُلُوكُ الر
وم لم يَبقَ منهمُ مأثُورُ
والصُّفْر: النُّحَاسُ الجيّد.
وأَبو صُفْرَة: كُنْيَةُ والدِ المُهلّب. والصُّفْرِيَّة: جنسٌ من الْخَوَارِج.
قَالَ بَعضهم: سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأَنهم نُسِبوا إِلَى صُفرة ألوانهم.
وروَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: الصوابُ فِي الْخَوَارِج الصِّفْرِيَّة، بِالْكَسْرِ.
قَالَ: وخاصَمَ رجل مِنْهُم صاحبَه فِي السجْن فَقَالَ لَهُ: أَنْت وَالله صِفرٌ من الدّين؛ فسُمُّوا صِفْرِيَّة.
قَالَ: وَأما الصَّفريَّة فهم المهالبة، نُسِبوا إِلَى أبي صفْرَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
يَا رِيحَ بَيْنُونَة لَا تَذْمِينا
جئتِ بألوان المُصْفَرِّينا
قَالَ قوم: هُوَ مَأْخُوذ من المَاء الْأَصْفَر، وصاحبُه يَرشَح رَشحاً مُنْتِناً.
وَقَالَ قوم: هُوَ مأخوذٌ من الصَّفَر، وَهِي حَيَّاتُ البَطن.
وأخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّفَرِيَّة: من لَدُن طُلُوع سُهَيل إِلَى سُقوط الذِّرَاع، تُسمَّى أَمطارُ هَذَا الْوَقْت صَفَرِية.
وَقَالَ: يطلع سُهَيْل والجبهة لَيْلَة وَاحِدَة لاثني عشرَة لَيْلَة من آب.
وَقَالَ أَبُو سَعيد الصفَرِيَّة: مَا بَين تَوَلِّي القَيْظ إِلَى إقبال الشتَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: أوّل الصفَرِيَّة طلوعُ سُهَيل وآخرُها طلوعُ السِّماك.
قَالَ: وَفِي أوّل الصفَرِيّة أَرْبَعُونَ لَيْلَة يخْتَلف حرُّها وبردُها تسمَّى المعتدِلات.
وَقَالَ اللَّيْث: الصفَرِيّة: نباتٌ يكونُ فِي أوّل الخريف تَخضرّ الأرضُ ويورق الشّجر.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: الصّقَعِيّ أولُ النّتاج، وَذَلِكَ حِين تَصقَع الشمسُ فِيهِ رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. وبعضُ العَرب يَقُول لَهُ: الشمسيّ والقَيْظِي، ثمَّ الصفَرِيّ بعد الصقَعِيّ وَذَلِكَ عِنْد صِرامِ النّخل، ثمَّ الشّتوِيّ وَذَلِكَ فِي الرّبيع، ثمَّ الدفَئِيّ وَذَلِكَ حِين تَدفَأُ الشَّمْس، ثمَّ الصيْفِيّ ثمَّ القَيْظِيّ، ثمَّ الخَرَفيَّ فِي آخر القَيْظ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ} (المرسلات: 33) ، قَالَ: الصُّفر: سودُ الْإِبِل، لَا تَرى أسوَدَ من الْإِبِل إلاّ وَهُوَ مُشرَب صفْرةً، وَلذَلِك سَمَّت العربُ سودَ الْإِبِل صفْراً، كَمَا

(12/119)


سَمّوا الظِّباء أُدْماً لما يعلوها من الظُّلمة فِي بياضِها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأصفرُ: الأسوَد. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تلكَ خَيلِي مِنْهُ وَتلك رِكابي
هن صفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ
وَقَالَ الليثُ: الصفَارُ: مَا بَقيَ فِي أصُول أَسْنَان الدابَّة من التِّبْن والعَلَف للدوابّ كلهَا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّحَم والصَّفار بِفَتْح الصَّاد نَبْتان. وأَنشد:
إِن العُرَيْمَة مانعٌ أرمَاحنا
مَا كَانَ من سَحَمٍ بهَا وصفَارِ
والصفْراء: نَبْتٌ من العُشْب. والصفْراء: شِعبٌ بِنَاحِيَة بَدْرٍ، وَيُقَال لَهَا الأصافر.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: الصفَارِيّة: الصَّعْوَة. والصافر: الجبان.
ص ر ب
صَبر، صرب، برص، بصر، ربص: مُستعملة.
صَبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصبَرَ الرجلُ: إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وَهِي الرُّقاقةُ الَّتِي يَغْرِفُ عَلَيْهَا الخبازُ طعامَ العُرْس.
قَالَ ابْن عَرَفَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاصْبِرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الْأَنْفَال: 46) ، قَالَ: الصبرُ صبران هما عُدَّتان للْإيمَان: الصَّبْر على طَاعَة الله وَمَا أمره، وَالصَّبْر عَن مَعْصِيّة الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَمَا نهى عَنهُ.
وَقَالَ فِي قَوْله: {لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (إِبْرَاهِيم: 5) ، يُقَال: صابر وصبّار وصبور؛ فَأَما الصّبور فالمقتدر على الصَّبْر، كَمَا يُقَال: قتول وضروب، أَي: فِيهِ قدرَة على ذَلِك. والصبَّار: الَّذِي يصبر وقتا بعد وَقت. والشكور: أوكد من الشاكر وَهَذَانِ خلقان مدح الله بهما نَفسه، وَقد نعت بهما خلقه.
وأصبَرَ الرجلُ: وَقَع فِي أُمّ صَبُّور، وَهِي الدَّاهية، وَكَذَلِكَ إِذا وَقع فِي أمِّ صبّار، وَهِي الحرّة.
وأصبَر الرجل: إِذا جَلَس على الصَّبير الأقدر وَهُوَ الْوسط من الْجبَال وأصبَر سَدَّ رَأسَ الحَوْجَلَة بالصِّبار، وَهُوَ السِّداد. وَيُقَال لِرَأسها الفعولة والعرعُرة والأنبوب والبلبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبْرُ: نقيضُ الجَزَع. والصبْر: نَصْبُ الإنسانِ للْقتْل، فَهُوَ مَصْبور. والصَّبر: أَن تَأْخُذ يمينَ إنسانٍ، تَقول: صبَرتُ يمينَه، أَي: حلَّفْتُه، وكلُّ من حبستَه لقتلٍ أَو يمينٍ فَهُوَ قتلُ صبْرٍ، ويمينُ صبْرٍ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهى عَن قَتْل شيءٍ من الدَّوَابّ صَبراً) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عَمْرو فِي

(12/120)


قَوْله: (صَبراً) : هُوَ الطَّائِر أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثمَّ يُرمَى حَتَّى يُقتَل.
قَالَ: وأصلُ الصَّبر الحَبْس، وكلُّ من حَبَس شَيْئا فقد صبَره.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر فِي رجُلٍ أمسَكَ رجلا وقتَلَه آخَرُ فَقَالَ: (اقتُلوا الْقَاتِل واصبروا الصابر) . قَوْله: اصبِرُوا الصابر: يَعْنِي احبِسوا الَّذِي حَبَسه للْمَوْت حَتَّى يموتَ.
وَمِنْه يُقَال للرجل يقدَّم فتُضرَب عُنقه: قُتِل صبرا، يَعْنِي أنّه أُمْسِك على الْمَوْت، وَكَذَلِكَ لَو حَبَس رجلٌ نفسَه على شَيْء يُريدهُ قَالَ: صبرتُ نَفسِي.
وَقَالَ عنترة يذكر حَربًا كَانَ فِيهَا:
فصبَرْت عارِفَة لذَلِك حُرَّةً
تَرْسُو إِذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ
قَالَ أَبُو عُبَيد: يقولُ: إِنَّه قد حبس نَفسه، ومِن هَذَا يَمين الصَّبْر، وَهُوَ أَن يَحبِسه، السّلطان على الْيَمين حَتَّى يحلِف بهَا، فَلَو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ مَا قيل: حلف صبْراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبِرُ: عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ غِلاظٌ فِي خُضْرَتها غُبْرة وكُمْدَة مقشعّرة المنظر، يخرج وَسطهَا ساقٌ عَلَيْهِ نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.
قَالَ: والصُّبَارُ: حَمل شَجَرَة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل لَهُ عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.
ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الصُّبَار: التَّمْر الهِنْديّ، بِضَم الصَّاد. والصُبَار: الحجارةُ المُلْس. قَالَ: والصبار: صِمامُ القارُورة.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عُبَيْدةَ قَالَ: الصُّبارة: الْحِجَارَة، بِضَم الصَّاد قَالَ الْأَعْشَى:
من مُبْلغُ عَمْراً بأنَّ
المَرْءَ لم يُخلق صبارَة
وَقَالَ: الصّبرُ: الأَرْض الَّتِي فِيهَا حَصباء وَلَيْسَت بغليظةٍ، وَمِنْه قيل للحَرّة: أمُّ صبار.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: أمُّ صبَّار: هِيَ الصَّفاة الَّتِي لَا يَحيكُ فِيهَا شَيْء. وَقَالَ: الصبَّارة: الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه لَا تُنبتُ شَيْئا، وَهِي نحوٌ من الجبلُ.
وَقَالَ: هِيَ أم صبّارٍ، وَلَا تسمَّى صبارةً، وَإِنَّمَا هِيَ قُفٌّ غَلِيظَة.
وَقَالَ الْأَحْمَر: الصُّبْرُ جانبُ الشَّيْء، وبُصْرُه مِثلُه.
وَيُقَال: صُبْرُ الشَّيْء: أَعْلَاهُ. ومنهُ قولُ ابْن مَسْعُود: سِدرَة المنتهَى: صُبْرُ الْجنَّة. قَالَ: صُبْرُها: أَعْلَاهَا.
وَقَالَ النَّمِر يصفُ رَوْضةً:

(12/121)


عَزَبَتْ وباكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ
وَطْفاءَ يَملؤُها إِلَى أَصْبارِها
وَقَالَ غَيره: أصبارُ القَبْر: نواحِيه.
والصَّبْرة من الْحِجَارَة: مَا اشتدّ وغَلُظ، وجمعُها الصَّبار، وَأنْشد:
كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فِيهَا
قُبيلَ الصّبح أصواتَ الضَّبار
شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الْحِجَارَة. ويُقال للداهية الشَّدِيدَة أم صبور. وَقَالَ غَيره: يُقَال: وَقَع فلانٌ فِي أم صَبُّور، أَي: فِي أَمر لَا مَنْفَذ لَهُ عَنهُ. وَقيل: أمُّ صَبّور: هَضْبة لَا مَنفَذ لَهَا، تضْرب مَثلاً للداهية وَأنْشد:
أوقعَه اللَّهُ بسوءِ سَعْيِه
فِي أمِّ صَبُّورِ فأَوْدَى ونَشِبْ
وَفِي حَدِيث عمَّار حِين ضرَبه عُثْمَان رحمهمَا الله فلمّا عُوتِبَ فِي ضربِه إيّاه قَالَ: هَذِه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر، مَعْنَاهُ فليقتصّ. يُقَال: صَبَر فلانٌ فلَانا لوليِّ فلانٍ، أَي: حَبَسه. وأَصْبَره، أَي: أقصَّه مِنْهُ، فاصْطَبَر، أَي: اقتَصَّ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: أقادَ السلطانُ فلَانا وأقَصَّه وأَصْبَرَه بِمَعْنى وَاحِد: إِذا قَتَلَه بقَوَد وأَباءَهُ مِثلُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي زيد: صَبَرْت بفلان أَصْبِر بِهِ صَبْراً: إِذا كفلتَ بِهِ فأنابه صَبِيرٌ. وَقَالَ الْكسَائي مثله. قَالَ: وصَبَرْتُ الرجَل أصبره: إِذا لزمتَهُ وَقد أتيتُه فِي صَبَارّة الشِّتاء، أَي: فِي شدّة البَرْد.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الله جلَّ وعزَّ قَالَ: إِنِّي أَنا الصبور) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّبور فِي صِفَة الله تَعَالَى الْحَلِيم، قَالَ الأصمعيّ: أدهقتُ الكأس إِلَى أَصْحَابهَا، أَي: إِلَى أعاليها. قَالَ: والصَّبِيرُ: السحابة الْبَيْضَاء. قَالَ: والصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّبِيرُ: الجَبلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: صَبيرُ الْخُوان: رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تَحت مَا يُؤْكَل من الطَّعَام. وصَبيرُ الْقَوْم: زعيمُهم، والصُّبْرة من الطَّعَام: مثل الصُّوفة بعضه فَوق بعض.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الصَّبْر: الْإِكْرَاه؛ يُقَال: أصبَر الْحَاكِم فلَانا على يَمِين صبْرٍ، أَي: أكرَهَه.
قَالَ: والصّبر: الجرْأة، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (الْبَقَرَة: 175) ، أَي: مَا أجرأهم على عمل أهلِ النَّار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَأَلت الخَلَنْجِي عَن الصَّبْر فَقَالَ: ثَلَاثَة أَنْوَاع: الصبْرُ على طَاعَة الجبّار، والصبْرُ على مَعَاصي الجبَّار، وَالصَّبْر على الصبْر على طَاعَته وترِك مَعْصِيَته.
وَيُقَال: رجل صَبُور، وامرأةٌ صَبُور بِغَيْر

(12/122)


هَاء، وجمعُها صبُر.
بصر: قَالَ اللَّيْث: البَصَرُ: العيْن، إلاّ أنّه مذكَّر. والبَصرُ: نَفاذٌ فِي القَلْب. والبصَارة: مَصدَر البَصير، والفعلُ بصُر يَبْصُر. وَيُقَال: بَصُرْتُ بِهِ.
وَيُقَال: تبصّرْتُ الشَّيْء شِبْه رَمَقْتُه. واستَبصَر فِي أمره ودِينِه: إِذا كَانَ ذَا بَصِيرَة.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَنِ السَّبِيلِ} (العنكبوت: 38) ، أَي: كَانُوا فِي دينهم ذَوي بصائر.
قَالَ: فَنَادَوْهُ: وَكَانُوا مستبصرين، أَي: معجبين بضلالتهم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: أنّهم أتَوْا مَا أتَوْا وَقد بُيّن لَهُم أَن عاقبتَه عذابُهم، والدَّليل على ذَلِك قَوْله: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَاكِن كَانُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (النَّحْل: 71) ، فَلَمَّا بيّن لَهُم عاقبةَ مَا نَهَاهُم عَنهُ كَانَ مَا فعل بهم عَدْلاً وَكَانُوا مستبصرين.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} (طه: 96) ، أَي: علمتُ مَا لم تعلمُوا، من البَصيرة. وأبصَرتُ بالعَيْن.
وَقَالَ الزّجاج: بَصُر الرجلُ يَبصُرُ: إِذا صَار عَلِيماً بالشَّيْء، وأبصرتُ أبصِرُ: نظرتُ، فالتأويل عَلِمْتُ بِمَا لم تعلَموا بِهِ.
وَقَوله جلّ وعزَّ: {) وَأَخَّرَ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} { (بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (الْقِيَامَة: 14، 15) .
قَالَ الْفراء: يَقُول على الْإِنْسَان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ: اليدان والرِّجْلان والعيْنان والذَّكَر، وَأنْشد:
كأَن على ذِي الطِّنْءِ عينا بَصِيرَة
بمَقْعَدِه أَو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ
يُحاذِر حَتَّى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ
من الْخَوْف لَا تَخفَى عَلَيْهِم سرائِرُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: البَصيرة: اسمٌ لما اعْتقد فِي القَلْب من الدِّين وَتحقّق الْأَمر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الباصِرُ: المُلَفِّق بَين شُقَّتَيْن أَو خِرْقَتَين، يُقَال: رأيتُ عَلَيْهِ بصيرَةً من الْفقر، أَي: شُقَّةً ملفَّقة.
قَالَ: والبَصيرة أَيْضا: الشُّقَّة الَّتِي تكون على الْخِباء.
ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: البَصرُ: أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلَى أَديم يُخَاطان كَمَا يُخاط حَاشيَتا الثَّوْب. والبصْر: الحِجارةُ إِلَى الْبيَاض، فَإِذا جاءُوا بِالْهَاءِ قَالُوا: البَصْرة، وَأنْشد:
جَوانبُه من بَصْرةٍ وسِلاَمِ
وَقَالَ:
إِن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لَا أؤَبِّسُهُ
أوقِدْ عَلَيْهِ فأَحْمِيهِ فيَنصدِعُ

(12/123)


سَلمةُ عَن الفرّاء قَالَ: البِصْرُ والبَصْرة: الْحِجَارَة البَرَّاقة.
وَقَالَ ابْن شُميل: البَصَرَةُ: أرضٌ كَأَنَّهَا جَبَل من جِصّ، وَهِي الَّتِي بُنِيَتْ بالمِرْبَد؛ وَإِنَّمَا سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَصرةُ والكَذَانُ: كِلَاهُمَا الحجارةُ الَّتِي لَيست بصُلْبه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو: أرضُ فلانٍ بُصْرَة بِضَم الْبَاء: إِذا كَانَت حَمراءُ طيّبتَه. وأرضٌ بَصِرةٌ: إِذا كَانَت فِيهَا حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. وبُصْرُ الأَرْض: غِلَظُها.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: يُقَال: هَذِه بَصيرةٌ من دَم، وَهِي الجَدِيَةُ مِنْهَا على الأَرْض، وأَنْشَد:
رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ
وبَصيرَتِي يَعْدُو بهَا عَتَدٌ وَأَي
يَعْنِي بالبصائرِ: دمَ أَبِيهِم.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: راحُوا بَصائِرُهم، يَعنِي ثِقْل دِمَائِهِمْ على أكتافهم لَم يثأروا بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: البَصيرة: الدِّيَة. والبَصيرَة: مِقْدَار الدِّرْهم من الدَّم. البَصِيرة: التُّرْس. والبَصيرة: الثَّبَات فِي الدِّين.
قَالَ: والبصائر: الدِّيات فِي الْبَيْت. قَالَ: أَخَذُوا الدِّيات فَصَارَت عاراً. وبصيرتي، أَي: تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ بِهِ، فبَيْنِي وبينَهم فرق.
سَلمَة عَن الفَرّاء قَالَ: الباصَرُ: القَتَب الصَّغِير وَهِي البَواصِر.
وَقَالَ فِي قَوْله: {وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا} (الْإِسْرَاء: 59) ، قَالَ الْفراء: جعل الفعلَ لَهَا، وَمعنى: (مُبْصِرَة) : مضيئةً، كَمَا قَالَ جلّ وعزّ. {وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} (يُونُس: 67) ، أَي: مضيئاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى (مُبصِرة) : أتبصِّرهم، أَي: تبيِّن لَهُم. وَمن قَرَأَ: (مَبْصَرةً) فَالْمَعْنى: بيّنةً. وَمن قَرَأَ: (مُبْصَرَة) فَالْمَعْنى: مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بهَا) ، أَي: ظلمُوا بتكذيبها.
وَقَالَ الْأَخْفَش: (مُبْصِرَةً) ، أَي: مُبصَرّاً بهَا.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ الفرّاء، أَرَادَ: آتَيْنَا ثمودَ النَّاقة آيَة مبصِرةً، أَي: مضيئةً.
ابْن السكّيت فِي قَوْلهم: أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً، أَي: نظرا بتحديقٍ شَدِيد.
قَالَ: ومَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قَوْلهم: رجلٌ تامر، فَمَعْنَى باصر ذُو بَصَر، وَهُوَ من أبصَرْتُ، مثل: مَوْتٍ مائِت، من أمَتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: رأى فلَان لَمْحاً باصراً، أَي: أمرا مفروغاً مِنْهُ.
وَأنْشد:

(12/124)


وَدون ذَاك الْأَمر لمح باصر
وَقَالَ غَيره: رَأَيْت فلَانا لمّاحاً باصراً، أَي: نظر بتحديق.
قلتُ: والقولُ هُوَ الأوّل.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل: بَصَّر تَبْصيراً.
وَيُقَال: البصيرة: الدِّرع، وكلُّ مَا لُبِس من السِّلَاح فَهُوَ بَصائرُ السّلاح.
وَيُقَال للفِراسة الصادقة: فِراسةٌ ذاتُ بَصِيرَة.
قَالَ: والبصيرةُ: العِبْرة، يُقَال: أما لَك بصيرةٌ فِي هَذَا؟ أَي: عِبْرةٌ تعْتَبر بهَا، وأَنشَد:
فِي الذّاهِبِين الأوّلينَ
من القُرون لنا بصائرْ
أَي: عِبَر.
اللِّحياني عَن الكسائيّ: إِن فلَانا لمَعْضُوب البُصَر: إِذا أصَاب جِلْدَه عُضابٌ، وَهُوَ داءٌ يَخرج بِهِ.
وَيُقَال: أعمى الله بصائره، أَي: فِطَنَه.
وَيُقَال: بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً: إِذا أَتَى البَصْرة.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ
وكائنْ تَرَى قبلِي من النَّاس بَصّرَا
وَقَالَ اللَّيْث: فِي البَصْرَة ثلاثُ لُغَات: بَصْرَة، وبِصْرة، وبُصْرة، اللّغة الْعَالِيَة البَصْرة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لاَّ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ} (الْأَنْعَام: 103) ، أعلمَ اللَّهُ جلّ وعزّ أنّه يُدرك الْأَبْصَار، وَفِي هَذَا الْإِعْلَام دليلٌ على أَن خَلْقَه لَا يُدرِكون الأبصارَ، أَي: لَا يعْرفُونَ حَقِيقَة البَصر، وَمَا الشيءُ الَّذي بِهِ صارَ الإنسانُ يُبصِرُ من عَيْنيه دون أَن يُبصِر من غَيرهمَا من سَائِر أَعْضَائِهِ، فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لَا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه، وَلَا يُحيطون بِعلمه، فَكيف بِهِ جلَّ وعزّ، فالأبصارُ لَا تُحيط بِهِ، وَهُوَ اللَّطيفُ الخبيرُ.
فأمّا مَا جَاءَ من الْأَخْبَار فِي الرُّؤْيَة وصحّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغيرُ مَدْفُوع، وَلَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة دليلٌ على دَفعها، لِأَن معنى هَذِه الْآيَة معنى إدراكِ الشَّيْء، والإحاطة بحقيقته، وَهَذَا مَذهبُ أهلِ السّنّة وَالْعلم بِالْحَدِيثِ.
وقولُه جلّ وعزّ: {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ} (الْأَنْعَام: 104) ، أَي: قد جَاءَكُم القرآنُ الَّذِي فِيهِ البيانُ والبصائر، فَمن أَبْصَر فلنفسِه نَفْعُ ذَلِك، وَمن عَمِي فعلَيْهَا ضَررُ ذَلِك، لِأَن الله غنيّ عَن خَلْقه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبصَرَ الرجلُ: إِذا خَرَجَ من الكُفْر إِلَى بَصيرة الْإِيمَان،

(12/125)


وأنشَد:
قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ
وعَلى بصائرِها وإنْ لَم تُبْصِرِ
قَالَ: بصائرُها: إسلامُها، وَإِذ لم تبصر فِي كفْرِها، وأَبصر: إِذا عَلَّق على بَاب رَحْله بَصِيرَة، وَهُوَ شقة من قطن أَو غيرِه.
وَقَالَ اللّحياني فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} (طه: 96) ، أَي: أَبصَرْتُ، ولغةٌ أُخْرَى: بَصِرْتُ بِهِ أبْصَرُ بِهِ، وَيُقَال: أَبْصِرْ إليّ، أَي: انظُرْ إليّ.
وبُصْرَى: قريةٌ بِالشَّام فتُنسَب إِلَيْهَا السّيوف البُصْريَّة.
صرب: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً فِي السِّقاء حَتَّى اشتدّ حَمَضُه، فَهُوَ الصَّرْب والصَّرَب، وَأنْشد:
أرضٌ عَن الْخَيْر وَالسُّلْطَان نائيةٌ
فالأطْيَبان بهَا الطُّرْثُوثُ والصَّرَبُ
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو حَاتِم: غَلِط الأصمعيّ فِي الصَّرَب أَنه اللَّبن الحامِضُ.
قَالَ: وقلتُ لَهُ: الصَّرَبُ: الصّمْغ، والصَّرْبُ: اللَّبن، فعَرَفه، وَقَالَ كَذَلِك الحَرّانيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الصَّرَبُ: اللّبن الحامض.
يُقَال: صَرَب اللبَن فِي السِّقاء: إِذا حَقَنَه فِيهِ، يَصْرُبه صَرْباً، والسِّقاءُ: هِيَ المِصْرَب وجمعُه المَصارِب.
وَيُقَال: جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ، وَأنْشد:
سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ
وماءُ قُدور فِي الجِفان مَشُوب
قَالَ: والصَّرْبُ: الصمغُ الْأَحْمَر، صمغُ الطَّلْح.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: إِذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يَوْمًا لَا يُحْدِث قيل: صَربَ لِيَسْمَن.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَرَب بَوْلَه وحَقَنَه: إِذا أَطَالَ حَبْسَه.
وَفِي حَدِيث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عَن أَبِيه أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (هَل تُنْتَج إبِلُكَ وافيةً آذانُها فتجدَعُها، وَتقول صَرْبَى) .
قَالَ القُتَيْبي: قولُه: صَرْبَى، نَحْو سَكْرَى، من صَرَبْتُ اللَّبنَ فِي الضّرْع: إِذا جمعتَه وَلم تَحلُبه.
وَقيل للبَحِيرة: صَرْبَى، لأنّهم كَانُوا لَا يَحلُبونها إِلَّا للضَّيف فيَجتمع اللّبن فِي ضَرْعها، كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَقَالَ سعيد بنُ المسيَّب: البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت فَلَا يَحلُبها أحدٌ من النَّاس.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن فِي ضَرْعِها، أَي: جمعتْه.
قَالَ بَعضهم: يَجْعَل الصرب من الصرم

(12/126)


وَهُوَ الْقطع، يَجْعَل الْبَاء مبدلةً من الْمِيم، كَمَا يُقَال: ضربةُ لازِمٍ ولازِب، وَكَأَنَّهُ أصحّ التفسيرين لقَوْله: فتجْدع هَذِه فَتَقول صَرْبَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرَابي قَالَ: الصربُ: جمعُ صَرْبَى، وَهِي المشقوقة الْأذن مثل البَحيرة فِي النوق. وَيُقَال للوطب الَّذِي يجمع فِيهِ اللَّبن فيحمض: مصرب وَجمعه مصارب.
وحدّثني محمّد بنُ إِسْحَاق قَالَ: حدَّثنا عمر بنُ شَبَّةَ قَالَ: حدَّثنا غُنْدَر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سمعتُ أَبا الْأَحْوَص يحدِّثُ عَن أَبِيه قَالَ: أَتيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا قَشِفُ الْهَيْئَة، فَقَالَ: هَل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إِلَى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فَتَقول هَذِه بُحُر وَتَشُقُّهَا فَتَقول هَذِه صُرُم فتحرّمها عَلَيْك وعَلى أهلك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: (فَمَا آتاك الله) لَك حِل وساعِدُ الله أَشَدُّ ومُوساه أَحَدّ.
قلت: قد تبيَّنَ بقوله: صُرُم مَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي فِي الصَّرْب: أَن الْبَاء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصِّرْبُ: البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الْأَعْرَاب.
قلتُ: والصِّرْمُ مِثل الصِّرْب، وَهُوَ بِالْمِيم أعرَف. وَيُقَال: كَرَصَ فلانٌ فِي مكْرَصِه، وصَرَبَ فِي مِصرَبِه، وقَرَعَ فِي مِقْرَعِه، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فِيهِ اللَّبَن.
برص: قَالَ الليثُ: البَرَص مَعْرُوف، نسألُ الله مِنْهُ الْعَافِيَة. وسامّ أَبْرَص: مضافٌ غير مَصْرُوف، والجمعُ سوامّ أبرص.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصْمَعِيّ قَالَ: سامّ أبْرَصَ بتَشْديد الْمِيم قَالَ: وَلَا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بِهَذَا؟ .
وَقَالَ أَبُو زيد: وجمعُه سَوامُّ أبْرَصَ، وَلَا يثنَّى أبرَص وَلَا يُجمَع، لِأَنَّهُ مُضافٌ إِلَى اسْم مَعْرُوف، وَكَذَلِكَ بناتُ آوَى وأُمهاتُ حُبَيْنِ وأشباهها.
وَقَالَ غيرُه: أبْرَصَ الرجلُ: إِذْ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. ويُصَغَّرُ أَبْرَصُ فَيُقَال: بُرَيْص، ويُجمع بُرْصاناً. وَمن الناسِ مَنْ يَجمع سامَّ أَبْرَصَ: البِرَصَةَ. وبَرِيص: نهرٌ بِدمَشْق، قَالَ حسَّان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ
ربص: قَالَ الليثُ: التربُّص بالشَّيْء: أَن تَنْتظِرَ بِهِ يَوْمًا مَّا، والفِعل تربَّصْتُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَ إِحْدَى

(12/127)


الْحُسْنَيَيْنِ} (التَّوْبَة: 52) ، أَي: إلاَّ الظَّفَرَ وإِلاَّ الشهادةَ، {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ} إِحْدَى الشِّرَّتَيْن: عذَابا من الله، أَو قَتْلاً بِأَيْدِينَا، فبيْنَ مَا نَنتظِرُ وتنتظرونَ فرقٌ كَبِير.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال: أَقَامَت الْمَرْأَة رُبْصَتَها فِي بيتِ زوجِها، وَهُوَ الوقتُ الَّذِي جُعل لزَوجهَا إِذا عُنِّنَ عَنْهَا، فَإِن أَتَاهَا وإلاَّ فرِّقَ بَينهمَا. والبريص: مَوضِع.
ص ر م
صرَم، رصم، صمر، رمص، مرص، مصر: مستعملة.
مرص: قَالَ اللَّيْث: المَرْصُ للثَّدْيِ وغيرِه، وَهُوَ غَمْزٌ بالأصابع. والْمَرْسُ: الشيءُ يُمرَس فِي المَاء حَتَّى يَتَمَيَّثَ فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرُوصُ والدَّرُوسُ: النّاقَةُ السَّريعةُ.
قَالَ: والنَّشُوصُ: العظيمةُ السَّنام. والمَصُوصُ: القَمِئَةُ، والشخوص: النضوة من التَّعَب. والعَرُوصُ: الطيبةُ الرَّائِحَة إِذا عَرِقَتْ.
صمر: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التصْميرُ: الْجَمْع والمَنْع، يُقَال: صَمَر مَتاعَه وصَمَّرَه وأَصْمَرَه. والتَّصْمِيرُ أَيْضا: أَن يَدْخُل الرجلُ فِي الصُّمَيْرِ وَهُوَ مَغيبُ الشَّمْس، يُقَال: أَصْمَرَنا وصَمَّرْنَا، وأقْصرْنا وقَصَّرْنا، وأَعْرَجْنَا وعَرَّجْنَا بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً: إِذا جرى مِن حَدُورٍ فِي مُسْتَوٍ، فَسَكَنَ فَهُوَ يَجرِي، وَذَلِكَ المكانُ يُسَمَّى صِمْرَ الْوَادي.
قَالَ: وصَيْمَرَةُ: أرضٌ مَهْرَحان، وإليها يُنسبُ الْجُبْن الصَّيْمَرِي.
الفرّاء: أدهقْتُ الكأسَ إِلَى أَصْبَارِها وأَصْمَارِها، أَي: إِلَى أَعْلَاهَا الْوَاحِد صَيْر وصُمْر.
وَفِي حديثِ عليَ أَنه أعطَى أَبَا رَافع حَتِيّاً وعُكَّةَ سَمْنٍ. وَقَالَ: ادْفَعْ هَذِه إِلَى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس وَكَانَت تحتَ أَخيهِ جَعْفَر لِتَدْهُنَ بني أَخِيه من صَمَر الْبَحْر، وتُطعمهم من الحَتِيّ.
أمَّا صَمَرُ البحرِ: فَهُوَ نَتْنُ ريح غَمَقِه ووَمَدِه، والْحَتِيُّ: سَوِيقُ الْمُقْل.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّمَارَى: الاست لنَتْنها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّمْر: رائحةُ السَّمَكِ الطّرِيّ. والصَّمْرُ: غَتْمُ البَحْر إِذا خَبّ وخَبِيبُه: تَناطُح أمْوَاجِه.
ابنُ دُرَيد: رَجُلٌ صَمِيرٌ: يابِسُ اللَّحم على العَظْم.
رمص: أَبُو عُبَيْد: رَمَصَ اللَّهُ مصيبتَه، أَي: جَبَرها.

(12/128)


وَقَالَ اللَّيْث: الرَّمَص: عَمَصٌ أَبيض تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع لَهُ. عَينٌ رَمْصاءُ، وَقد رَمِصَتْ رَمَصاً: إِذا لَزِمها ذَلِك.
ابْن دُرَيد: رَمِيص: اسمُ بلدٍ.
مصر: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: نَاقَة مَصُورٌ: وَهِي الَّتِي يُتَمَصّر لبنُها قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصْرُ: حَلْبٌ بأطراف الْأَصَابِع، السّبابة والوُسْطى والإبهام وَنَحْو ذَلِك. وناقةٌ مَصُور: إِذا كَانَ لبنُها بطيءَ الْخُرُوج لَا يُحلَب إلاّ مَصْراً.
والتمصُّر: حَلْبُ بَقايا اللَّبن فِي الضَّرْع بعد الدَّرّ وَصَارَ مستعمَلاً فِي تتبُّع القِلّة، يَقُولُونَ: تمتصِرُونها. ومَصَّر فلانٌ غَطاءَه تمصيراً: إِذا فَرّقه قَلِيلا قَلِيلا.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} (الْبَقَرَة: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْأَكْثَر فِي الْقِرَاءَة إثباتُ الْألف وَفِيه وَجْهَان جائزان: يرادُ بهَا مصرٌ من الْأَمْصَار؛ لأَنهم كَانُوا فِي تِيهٍ، وَجَائِز أَن يكون أَرَادَ مصرَ بعيْنِها؛ فَجعل مِصْرَ اسْما للبلد فصَرفَ، لِأَنَّهُ مذكَّر سُمِيَ بِهِ مذكّر. وَمن قَرَأَ: (مصرَ) بِغَيْر ألفٍ أَرَادَ مِصْرَ بعينِها؛ كَمَا قَالَ: {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ اللَّهُءَامِنِينَ} (يُوسُف: 99) وَلم يُصرَف، لِأَنَّهُ اسْم الْمَدِينَة فَهُوَ مذكَّر سمّيَ بِهِ مؤنث.
وَقَالَ اللّيث: المِصْرُ فِي كَلَام الْعَرَب: كلّ كُورةٍ. تُقام فِيهَا الحُدود ويُقسَم فِيهَا الفَيْءُ والصدقاتُ من غير مُؤَامَرَة الْخَلِيفَة، وَكَانَ عمرُ رَضِي الله عَنهُ مَصّر الأمصارَ مِنْهَا البَصْرة والكوفة. والأمصار عِنْد الْعَرَب تِلْكَ.
قَالَ: ومصر: الكورة الْمَعْرُوفَة لَا تصرف.
وَقَالَ غَيره: الْمصر: الْحَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: قيل للكوفة والبَصْرة: المِصْران لِأَن عُمَر قَالَ: لَا تَجعلوا البحرَ فِيمَا بيني وَبَيْنكُم مَصِّرُوها، أَي: صيِّروها مِصْراً بَين الْبَحْر وبيني، أَي: حدّاً.
قَالَ: والمِصْرُ: الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
وجَعَل الشمسَ مِصْراً لَا خَفاءَ بِهِ
بَين النَّهَار وَبَين الليلِ قد فَصَلاَ
أَي: حدّاً.
وَيُقَال: اشتَرى الدارَ بمُصُورِها، أَي: بحُدودها.
أَبُو عُبَيد: الثِّيابُ المُمَصَّرة: الَّتِي فِيهَا شيءٌ من صُفْرة لَيست بالكثيرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثوبٌ ممصَّر: مصبوغٌ بالعِشْرِق، وَهُوَ نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة، تستعمله العرائس، وأَنشدَ:
مُختلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ

(12/129)


قَالَ: والمِصْرُ: الحدُّ فِي كلّ شيءٍ. والمِصْرُ: الحدُّ فِي الْأَرْضين خاصّة.
قَالَ: والمَصْرُ: تَقطُّعُ الغَزْلِ وتَمسُّخُه، امَّصَرَ الغَزْلُ: إِذا تَمَسَّخه.
قَالَ: والمُمَصَّرَة: كُبّة الغَزْل، وَهِي المُسَفَّرة.
وَقَالَ شمر: قيل: الممصَّرُ من الثِّيَاب: مَا كَانَ مَصْبوغاً فغُسِل.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: التَّمصير فِي الصَّبغ: أَن يَخرج المصبوغُ مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.
قَالَ: والتَّمصر فِي الثِّيَاب: أَن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلَى.
قَالَ: والمَصِيرُ: المِعَى، وجمعُه مُصْران؛ كالغَدِير والغُدْران.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصَارين خطأ.
قلتُ: المَصارين جمعُ المُصْران، جمعته الْعَرَب كَذَلِك على توهُّم النُّون أَنَّهَا أصليّة، وَكَذَلِكَ قَالُوا: قُعُود وقِعْدان، ثمَّ قَعادِين جمع الْجمع. وَكَذَلِكَ توهَّموا الميمَ فِي المَصير أَنَّهَا أصليّة فجَمعوها على مُصْران؛ كَمَا قَالُوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل: مُصْدان.
رصم: أهمله اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّصَم: الدُّخولُ فِي الشِّعْب الضيِّق. والصَّرْمُ: الهِجران، فِي مَوْضِعه.
صرم: قَالَ اللَّيْث: الصَّرْمُ: دَخيل. والصَّرْمُ: القطعُ البائنُ للحبْل والعِذْق، ونحوُ ذَلِك الصِّرام؛ وَقد صَرَمَ العِذْقُ عَن النَّخْلَة. وأَصرَمَ النخلُ: إِذا حانَ وقتُ صِرَامِه.
والصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، وفِعلُه الصَّرْم. والمُصَارمَة بَين الِاثْنَيْنِ.
والصَّرِيمة: إحكامُك أمرا وعَزْمُك عَلَيْهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (الْقَلَم: 20) .
قَالَ الفرّاء: (كالصَّريم) ، يُرِيد: اللّيلَ المسوَدَّ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزجّاج.
قَالَ: وَقَوله: {حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ} (الْقَلَم: 22) ، إِن كُنْتُم عازمين على صِرام النّخل.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيْدة: الصَّرِيمُ: الصُّبْح. والصَّرِيمُ: اللَّيل.
وَقَالَ بِشر فِي الصَّريم بِمَعْنى الصُّبح يصف ثَوْراً:
فباتَ يقولُ أَصْبِحْ لَيْلُ حَتَّى
تَكَشَّفَ عَن صَرِيمته الظَّلاَمُ
قَالَ: وَمن اللَّيْل قولُ الله تَعَالَى: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (الْقَلَم: 20) يَعْنِي احترقتْ فَصَارَت سوداءَ مِثْل اللّيل.
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو فِي قَوْله: تكشَّفَ عَن صَرِيمته، أَي: عَن رَمْلَته الَّتِي هُوَ فِيهَا، يَعْنِي الثوّر، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن

(12/130)


الْأَعرَابِي.
وَقَالَ قَتادة فِي قَوْله: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} ، قَالَ: كَأَنَّهَا صُرِمتْ.
وَقيل: الصَّرِيم: أرضٌ سَوْداء لَا تُنبِت شَيْئا.
وَقَالَ شَمِر: الصَّريمُ: اللَّيْل، والصَّرِيمُ: النَّهَار؛ يَنْصَرم النهارُ من اللّيل، واللّيلُ من النَّهَار.
قَالَ: ويُروى بَيت بشر:
تَكَشَّف عَن صَرِيميه
قَالَ: وصَرِيماه أوّلُه وَآخره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّرِيمةُ من الرَّمل: قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ عَن سَائِر الرمال، وتُجمع الصَّرائم.
أَبُو عُبيد: الصِّرْم: الفِرْقة من النَّاس لَيْسُوا بالكثير وجمعُه أصْرام.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
يَا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها
عَاما وَمَا يُبكيكَ من عامِها
وَقَالَ أَبُو زيد: الصِّرمةُ: مَا بَين الْعشْر إِلَّا الْأَرْبَعين من الْإِبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَ فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ: إِذا جَاءَ بائساً خَائفًا.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: أَنا من هَذَا الْأَمر صريم سحر، أَي: آيس مِنْهُ.
اللَّيْث: رجل صارِمٌ، أَي: ماضٍ فِي كلّ أَمر، وَقد صَرُم صرامةً.
قَالَ: وناقةٌ مصرَّمةٌ، وَذَلِكَ أَن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حَتَّى يَفْسُد الإحليل فَلَا يخرج اللَّبن فيَيْبَس، وَذَلِكَ أقوى لَهَا.
وَقَالَ نُصير الرَّازِيّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْهَيْثَم قَالَ: ناقةٌ مصرَّمةٌ: هِيَ الَّتِي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها، وَرُبمَا صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.
قلت: وَمِنْه قولُ عنترة:
لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ
وَيُقَال: أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فَهُوَ مُصْرِم: إِذا ساءَتْ حالُه وَفِيه تماسُك؛ والأصلُ فِيهِ أَنه بقيتْ لَهُ صِرْمة من المَال، أَي: قِطْعَة.
وسيفٌ صارِمٌ: أَي: قَاطع. وصَرَامِ: من أَسمَاء الْحَرْب.
قَالَ الكُمَيت:
جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ
على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ
وَقَالَ الجعْدِيّ:
أَلا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي
فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا
وصَرامُ من أَسمَاء الْحَرْب، وَفِي (الْأَلْفَاظ) لِابْنِ السكّيت: صُرامُ: داهية، وَأنْشد:
على حِين دَرّةٍ من صُرامِ
والصَّرْماءُ: الفَلاةُ من الأَرْض، وَقَالَ:

(12/131)


على صَرْماءَ فِيهَا أصْرَماها
وخِرِّيتُ الفَلاةِ بهَا مَليل
قَالَ ابْن السكّيت: الأصرَمان: الذِّئْب والغُراب، لأنّهما انصَرَما من النّاس، أَي: انقطعا.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم فِي الْيَوْم واللّيلة: إِذا كَانَ يأكلُ الوَجْبَة.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: هِيَ الصَّيْلَم أَيْضا وَهِي الجَرْزَم، وَأنْشد:
وَإِن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم
لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ
وَقَالَ اللّحياني: هِيَ أَكلَةٌ عِنْد الضُّحى إِلَى مِثلها من الْغَد.
وَفِي الحَدِيث: (فِي هَذِه الْأمة خَمْسُ فِتَن، قد مَضَتْ أربعٌ، وَبقيت واحدةٌ وَهِي الصَّيْرَم) ، وَكَأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الصَّيْلَم، وَهِي الَّتِي تستأصل كلَّ شَيْء.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرُومُ: الناقةُ الَّتِي لَا تَرِدُ النَّضِيحَ حَتَّى يَخْلُو لَهَا.
تَنصرِم عَن الْإِبِل، وَيُقَال لَهَا: القَذُور والكَنُوف، والعَضَادُ، والصَّدُوف، والآزِيَة.
وَقَالَ غيرُه: الصَّيْرَم: الرأيُ المُحكَم. والصَّرِيمة: الْعَزِيمَة.
يُقَال: فلانٌ ماضِي الصَّريمة، أَي: الْعَزِيمَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المفضَّل عَن أَبِيه: صَرَم شَهْراً، بِمَعْنى مكث. وَالله أعلم.

(أَبْوَاب الصّاد واللاّم)
ص ل ن
اسْتعْمل من وجوهها: (نصل) .
نصل: قَالَ اللَّيْث: النَّصْلُ: نَصْلُ السهْم، ونَصْلُ السَّيْف، ونَصْلُ البُهْمَى ونحوَها من النَّبَات: إِذا خرجت نِصالُها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنصَلْتُ الرّمْحَ ونَصَلْتُه: جعلتُ لَهُ نَصْلاً، وأنصَلْتُه: نَزَعْتُ نَصْله.
وَقَالَ غَيره: سهمٌ ناصِلٌ: إِذا خرجَ منهُ نَصْلُه.
وَمِنْه قولُهم: مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بأَفْوَقَ ناصِل، أَي: مَا ظفِرْتُ مِنْهُ بسهمٍ انكسرَ فُوقُه وسَقَط نصلُه.
وسهمٌ ناصلٌ: ذُو نَصْل، جَاءَ بمعنَيين متضادَّين.
وَكَانَ يُقَال لرجب: مُنْصِل الألّةِ ومُنْصِل الإلال، لأَنهم كَانُوا يَنْزِعون فِيهِ أسنّةَ الرّماح. قَالَ الْأَعْشَى:
تدارَكَه فِي مُنْصُل الألِّ بَعْدَمَا
مضى غيرَ دَأْداءٍ وَقد كَاد يَذْهَبُ
أَي: تَدَارُكه فِي آخر ساعةٍ من ساعاته.
والمُنصُل بِضَم الْمِيم وَالصَّاد من أَسمَاء السَّيف.

(12/132)


قَالَه أَبُو عُبَيد وغيرُه.
ونَصْلُ السَّيْف: حديدُه.
والنَّصِيل: قَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ حَجَر طويلٌ رقيقٌ كَهَيئَةِ الصفيحة المحدَّدة، وَجمعه النُّصُل، وَهُوَ البِرْطيل أَيْضا، ويشبَّه بِهِ رأسُ الْبَعِير وخُرْطُومُهُ إِذا رَجَف فِي سَيْرِه.
قَالَ رؤبة يصف فحلاً:
عريض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ
لَيْسَ بِلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّصِيلُ: مَا سَفَل من عَيْنَيْهِ إِلَى خَطْمه، شبّهه بِالْحجرِ الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو خِراش فِي النَّصيل فَجعله الْحجر:
وَلَا أَمغُر السَّاقين باتَ كأنّه
على مُحَزْئلاّتِ الإكامِ نَصيلُ
قَالَ: والنَّصيلُ: قدرُ ذِراع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَوْله:
بناصِلاتٍ تُحْسَب الفُئُوسا
قَالَ الواحدُ: نَصِيل، وَهُوَ مَا تَحت الْعين إِلَى الخَطْم، فَيَقُول: تحسبها فؤوساً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّصيل: حَيثُ نَصَل لَحْيَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّصيل: مَفصِلُ مَا بَين العُنُق وَالرَّأْس باطنٌ من تَحت اللَّحْيين.
هَذَا خلاف مَا حفظ عَن الْعَرَب.
قَالَ: ونصل الحافِر نصولاً: إِذا خرَج من مَوْضِعه فَسقط كَمَا ينْصُل الخِضَابُ ونصل فلانٌ من الْجَبَل من مَوضِع كَذَا وَكَذَا علينا، أَي: خرج.
قَالَ: والتنصُّلْ شِبْه التَّبرُّؤ من جِناية أَو ذَنْب.
وَيُقَال للغَزْل إِذا أُخْرِج من المِغْزَل: نَصَل. وَيُقَال: استنصَلَتِ الرِّيحُ اليَبِيسَ: إِذا اقتلعْته مِن أصلِه.
وَقَالَ ابْن شُميل: النَّصْلُ: السَّهْم العَرِيض الطّويل يكون قَرِيبا من فِتْرٍ، والمِشْقَص على النِّصف من النّصْل. قَالَ: والسَّهم نفسُ النَّصْل، وَلَو التقطْتَ نَصْلاً لَقلت: مَا هَذَا السهْم مَعَك، وَلَو التقطت قدحاً لم أقل مَا هَذَا السهْم مَعَك.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: أنْصَلْتُ السهمَ بِالْألف: جعلتُ فِيهِ نَصْلاً، وَلم يذكر الْوَجْه الآخر أنّ الإنصالَ بِمَعْنى النَّزْع والإخْراج، وَهُوَ صَحِيح، وَلذَلِك قيل لرَجَبٍ مُنْصِلُ الأسِنّة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّصْل: القَهْوَبَاةُ. بِلَا زِجاج. والقَهْوَبَاةُ: السِّهام الصغار.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: لحيةٌ ناصلٌ من الخِضاب، بِغَيْر هاءٍ.
قَالَ: ونَصَل السَّهْمُ فِيهِ: ثَبَتَ فَلم يَخْرُج.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غيرُ واحدٍ: نَصَلَ: خَرَج.

(12/133)


وَقَالَ شمر: لَا أَعرف نَصَل بِمَعْنى ثَبَت. ونَصَلَ عِنْدِي: خَرج
ص ل ف
صلف، صفل، لصف، فصل، فلص.
لصف: قَالَ اللَّيْث: اللَّصَفُ: لُغَة فِي الأصف، والواحدةُ لصفة، وَهِي ثمرةُ شجرةٍ تُجعَل فِي المرَق لَهَا عُصارةٌ يُصطبغ بهَا تُمْرِىءُ الطَّعَام.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: اللَّصفُ: شيءٌ يَنْبتُ فِي أَصْل الكَبَر كَأَنَّهُ خيَار.
قلتُ: وَهَذَا هُوَ الصّحيحُ، وَأما ثَمَر الكَبَر فَإِن الْعَرَب تسمِّيه الشَفَلَّج: إِذا انشقّ وتفتَّح كالبُرْعومة. ولَصَافِ وثَبْرةٌ: ماءان بِنَاحِيَة الشَّواجن فِي دِيار ضَبّة بن أُدَ، وَقد شربتُ بهما، وإيّاهما أَرَادَ النابغةُ:
بمصطحِبَاتٍ من لَصافٍ وثَبْرةٍ
يَزُرْنَ أَلاَلاَ سَيرُهُنَّ التَّدافُعُ
أَبُو عُبَيد: لصَف لَوْنُه يَلْصف: إِذا بَرَق وتلألأ.
صلف: سمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ أَبَا العبّاس يَقُول: إناءٌ صَلِفٌ: خالٍ لَا يأخذُ من المَاء شَيْئا. قَالَ: وَقَالَ: أصْلَفٌ من ثَلْج فِي ماءٍ، وَمن مِلْحٍ فِي مَاء قَالَ: والصَّلَفُ: قِلّةُ الخَير.
وامرأةٌ صِلِفة: قليلةُ الْخَيْر لَا تَحظَى عِنْد زَوجهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ قوم: الصَّلِف مأخوذٌ من الْإِنَاء السَّائِل، فَهُوَ لَا يخالط الناسَ وَلَا يَصبِر على أَخْلَاقهم.
وَقَالَ قومٌ: هُوَ من قَوْلهم: إناءٌ صَلِفٌ: إِذا كَانَ ثخيناً ثقيلاً، فالصَّلَف بِهَذَا الْمَعْنى فِي هَذَا الِاخْتِيَار، والعامّة وَضَعَت الصَّلَف فِي غير محلِّه. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصّلفُ: الإِناءُ الصَّغِير. والصَّلَفُ: الإناءُ السَّائِل الَّذِي لَا يكَاد يُمسك المَاء. والصَّلِفُ: الإناءُ الثَّقيل الثَّخين.
قَالَ: وَيُقَال: أصلَفَ الرجلُ: إِذا قَلَّ خيرُه. وأَصلف: إِذا ثَقُل روحُه، وفلانٌ صَلِفٌ: ثَقيل الرُّوح.
أَبُو عُبَيد من أمثالهم فِي الْوَاحِد وَهُوَ بخيل مَعَ جِدَتِه: رُبَّ صَلِفٍ تحتَ الرّاعدة، قَالَ ذَلِك الأصمعيّ. قَالَ: والصَّلفُ: قِلّة النَّزَل وَالْخَيْر.
أَرَادوا أَن هَذَا مَعَ كَثْرَة مَا عِنْدهم من المَال مَعَ قلَّة الصنع كالغمامة الْكَثِيرَة الرَّعْد مَعَ قلَّة مطرها.
أَبُو عُبيد: الصَّلِفة من النِّسَاء الَّتِي لَا تَحظَى عِنْد زَوجهَا، وَقَالَ القُطاميّ:
لَهَا رَوْضةٌ فِي القَلبِ لَم تَرْعَ مِثلَها
فَرُوكٌ وَلَا المستعبِراتُ الصلائف
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّلَف: مجاوزَةُ قَدْرِ

(12/134)


الظَّرْف والبَراعة والادّعاءُ فَوق ذَلِك. وطعامٌ صلف: مَسِيخٌ لَا طعمَ لَهُ. والصَلِيفُ: نعتٌ للذَّكَر. والصَّلِيفان: صَفْحتا العُنق.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّلْفاء: الْمَكَان الغلِيظُ الْجَلَد.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: هِيَ الصَّلِفَةُ للْأَرْض الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا، وكلُّ قُفّ صَلِف وظلفٌ، وَلَا يكون الصَّلَف إِلَّا فِي قُفّ أَو شبهه. والقاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ، زعَم. قَالَ: البَصْرة صلفٌ أَسِيف، لِأَنَّهُ لَا يُنبِت شَيْئا.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّلْفاء والأصْلفُ: مَا اشتدَّ من الأَرْض وصَلب.
وَقَالَ أوسُ بنُ حَجَر:
وخَبَّ سفَاقُرْيانه وتوقَّدتْ
عَلَيْهِ من الصَّمّانَتَيْن الأصالِفُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّلْف: خوافِي قلب النَّخْلة الْوَاحِدَة صَلْفة.
وَقَالَ الأصمعيّ: خُذْ بصَلِيفه وبصلِيفَته بِمَعْنى خُذ بقَفَاه.
أَبُو زيد: الصَّلِيفان: رَأْسا الفَهْقَة من شِقَيْها.
فلص: قَالَ اللَّيْث: الأفلاص: التفلُّت من الكَفِّ وَنَحْوه.
وَقَالَ عرّام: انْفَلَص مِنِّي الأمرُ وانملَصَ: إِذا أفْلت، وَقد فَلَّصْته. وَقد تفلَّص الرشاء من يَدي وتملَّصَ بِمَعْنى وَاحِد.
صفل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصفلَ الرجل: إِذا رَعَي إبِلَه الصِّفْصلَّ، وَهُوَ نبت، وَأنْشد:
الصَّل والصِّفْصِّل واليَعْضيدَا
فصل: قَالَ اللَّيْث: الفَصلُ: بَوْنُ مَا بَين الشَّيْئَيْنِ. والفَصْلُ من الجسَد: موضعُ المَفْصل، وَبَين كلّ فصلين وصلٌ، وَأنْشد:
وصلا وفَصْلاً وتَجمِيعاً ومُفترقا
فَتْقاً ورَتقاً وتأليفاً لإنسانِ
والفَصلُ: القضاءُ بَين الحقّ وَالْبَاطِل، وَاسم ذَلِك الْقَضَاء الَّذي يَفصل فيصل. وَهُوَ قضاءٌ فيْصلٌ وفاصل.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: الفَصيلةُ: القِطْعةُ من أَعْضَاء الْجَسَد، وَهِي دون القَبيلة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فصيلةُ الرجل: رَهْطُه الأدْنَوْن، وَكَانَ يُقَال الْعَبَّاس: فصيلةُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى} (المعارج: 13) .
وَقَالَ اللَّيْث: الفَصيلة: فَخِذ الرجل من قومِه الَّذين هُوَ مِنْهُم. والفَصيلُ: من أولادِ الْإِبِل، وجمعُه الفُصْلان. والفَصيلُ: حائِطٌ قَصير دون سورِ الْمَدِينَة والحِصْن. والانفصال مُطاوَعَةُ فَصل. والمَفْصل بِفَتْح الْمِيم: اللّسان.

(12/135)


والمَفصلُ: أَيْضا: كلُّ مَكَان فِي الجَبَل لَا تَطلُع عَلَيْهِ الشّمس، قَالَ الهذَلي:
مطافيلَ أبْكارٍ حديثٍ نِتاجُها
يُشاب بماءٍ مِثْل ماءِ المفاصِلِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المَفصل: مَفرق مَا بَين الجَبَل والسَّهل.
قَالَ: كلُّ موضعٍ مَا بَين جَبَلين يَجرِي فِيهِ المَاء فَهُوَ مَفصل.
وَقَالَ أَبُو العُمَيثل: المفاصِلُ: صُدُوعٌ فِي الْجبَال يَسيل مِنْهَا المَاء، وَإِنَّمَا يُقَال لما بَين الجَبَلين: الشِّعْبُ.
والفِصال: الفِطام، قَالَ الله تَعَالَى: {كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ} (الْأَحْقَاف: 15) ، الْمَعْنى: مَدى حَمْل الْمَرْأَة إِلَى مُنْتَهى الْوَقْت الَّذِي يُفصَل فِيهِ الْوَلَد عَن رَضاعها ثَلَاثُونَ شهرا.
وَقَالَ هَجَريّ: خير النَّخْل مَا حُوِّل فسيلُه عَن منبِته.
قَالَ: والفَسيلة المحوَّلة تسمَّى الفَصلة، وَهِي الفَصلات، وَقد افتصلْنا فَصلاتٍ كَثِيرَة فِي هَذِه السّنة، أَي حوّلناها.
وَيُقَال: فَصَّلتُ الوشاحَ: إِذا كَانَ نظمُه مُفَصلاً بِأَن يَجعل بَين كل لؤلؤتين مَرْجانةً أَو شَذْرةً أَو جَوهرةً تَفصل بَين اثْنَتَيْنِ من لونٍ وَاحِد. وتَفْصيلُ الجَزور: تَعْضِيَتُه، وَكَذَلِكَ الشَّاة تفصَّل أَعْضَاء.
وَقَالَ الْخَلِيل: الفاصلة فِي العَرُوض: أَن يَجمع ثَلَاثَة أحرف متحرّكة وَالرَّابِع سَاكن مثل فَعِلَنْ.
قَالَ: فَإِذا اجْتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فَهِيَ الفاضلة بالضاد مُعْجمَة مثل: فعُلَتُنْ.
والفَصل عِنْد البصريِّين: بِمَنْزِلَة العِماد عِنْد الكوفيِّين، كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ} (الْأَنْفَال: 32) ، فَقَوله: {هُوَ فصلٌ وعِمادٌ، ونُصِب الحقّ لأنّه خبرُ كَانَ، ودخلتْ هُوَ لِلفصْل. وأواخِرُ الْآيَات فِي كتابِ الله فواصِل، بِمَنْزِلَة قوافِي الشِّعر، واحِدَتُها فاصِلة.
وقولُ الله جلّ وعزّ: الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْءَايَاتُهُ قُرْءَاناً} (فصلت: 3) ، لَهُ مَعنيان: أحدهُما: تفصلُ آياتِه بالفواصل، وَالْمعْنَى الثَّانِي: فصَّلناه: بيّنّاه. وقولُه جلّ وعزّ: {ءَايَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ} (الْأَعْرَاف: 132) ، بَين كل آيَتَيْنِ مُهْلَهْ. وَقيل: مُفَصَّلات مبَيَّنات، وَالله أعلم.
وَيُقَال: فَصل فلانٌ من عِنْدِي فُصولاً: إِذا خَرَج. وفَصل منّي إِلَيْهِ كتابٌ: إِذا نَفَذ، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ} (يُوسُف: 95) ، أَي: خرجت.
قلتُ: ففَصل يكون لَازِما وواقعاً، وَإِذا كَانَ وَاقعا فمصدرُه الفَصل، وَإِذا كَانَ لَازِما فمصدرُه الفُصول.

(12/136)


وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ شَبَّاية: فصلَت المرأةُ ولدَها وفسَلَتْه، أَي: فَطَمَتْه.
ص ل ب
صلب، صبل، بلص، بصل، لصب: مستعملة.
صبل: أهمله اللَّيْث. ورَوَى أَبُو تُرَاب الْكسَائي: يُقَال: هَذِه الصِّئْبِل للدّاهية.
قَالَ: وَهِي لغةٌ لبني ضَبّة.
قَالَ: وَهِي بالضاد أعرَف.
قلتُ: وَأَبُو عُبَيْد رَوَاهُ الضِّئْبِل بالضاد، وَلم أسمعْه بالصّاد إِلَّا مَا جَاءَ بِهِ أَبُو تُرَاب.
بلص: شَمِر عَن الرّياشيّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد لأعرابي: مَا اسمُ هَذَا الطَّائِر؟
قَالَ: البَلَصوص. قلتُ: مَا جمعُه؟
قَالَ: البَلَنْصى. قَالَ: فَقَالَ الْخَلِيل أَو قَالَ قَائِل:
كالبَلَصُوصِ يَتبَعُ البَلَنْصَى
قَالَ: وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: بلأَصَ الرجلُ بَلأَصَةً: إِذا فَرّ.
لصب: أَبُو زيد: لَصب الجِلْدُ بِاللَّحْمِ يَلصَب لصَباً: إِذا لصقَ بِهِ من الهُزال.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: اللِّصْبُ: الشِّعبُ الصَّغِير فِي الجَبَل، وجمعُه لُصوب.
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّصْبُ: مَضِيق الوادِي. وَيُقَال: لَصِبَ السيفُ لَصَباً: إِذا نَشِب فِي الغِمْد فلَم يَخرُج، وَهُوَ سيفٌ مِلْصاب إِذا كَانَ كَذَلِك.
وَرجل لَحِزٌ لَصبٌ: لَا يُعطِي شَيْئا. وطريقٌ مُلْتَصِبٌ: ضيّق.
بصل: البَصَلُ مَعْرُوف. والبَصَل: بَيْضة الرَّأْس من حَدِيد، وَهِي المحدَّدة الوسَطِ، شُبّهتْ بالبَصَلِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: البَصَلة إِنَّمَا هِيَ سَقيفةٌ وَاحِدَة، وَهِي أكبر من التَّرْك. وقِشْرٍ متبصِّلٌ: كثيف كثيرُ القُشور، وَقَالَ لبيد:
قُرْدَمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
صلب: الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الصَّلْبُ: مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبُه صَلْباً، وأصلُه من الصَّلِيب، وَهُوَ الوَدَك.
قَالَ الهُذَليّ وَذَكر عُقاباً:
جَريمة ناهِضِ فِي رأسِ نِيقٍ
تَرَى لِعظامِ مَا جَمعتْ صَلِيبا
أَي: وَدَكاً. وَيُقَال: قد اصْطَلَبَ الرجلُ: إِذا جَمَع العظامَ ليَطبُخها، فيُخرِج وَدَكَها ويأتَدِم بهَا، وَقَالَ الكُميت:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَهُ
وباتَ شيخُ العِيال يَصْطَلِبُ
قَالَ: والصَّلَب: الصُّلب، قَالَ العجاج:
فِي صَلَبٍ مِثلِ العِنانِ المؤدَمِ
إِلى سَوَاءٍ قَطَنٍ مُؤَكمِ

(12/137)


وَقَالَ شَمِر: الصَّلَب نَحْو الحَزِيزِ، وجمعُه صِلَبة، حَكَاهُ عَن الأصمعيّ. قَالَ: وَقَالَ غَيره: الصَّلَب من الأَرْض: أَسْنادُ الآكام والرَّوابي، وجمعُه أَصْلاب، قَالَ رُؤبة:
تَغْشَى قُرًى عارِيةً أَقراؤُهُ
تَحْبو إِلَى أَصْلابه أَمْعاؤُهُ
الأصمعيّ: الأصْلاب هِيَ من الأرْض. الصَّلَب: الشَّديد المُنْقاد وقولُه تَحبو، أَي: تَدْنو.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأصْلابُ: مَا صَلُب من الأَرْض وارتفع، وأمعاؤُه: مَا لَان مِنْهُ وانخَفض.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلْبُ من الجرْي ومِن الصَّهِيل: الشَّديد، وأنشَد:
ذُو مَيْعَةٍ إِذا تَرامَى صُلْبُهُ
ورجلٌ صُلَّبٌ: صُلْبٌ، مثل القُلّب الحُوَّل. ورجُل صُلْب صَلِيب: ذُو صَلابة، قد صَلُب. وأرضٌ صُلْبة، والجميعُ صِلَبة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزِيز الغليظِ المنقاد، وجمعُه صِلَبَة مثل عِنَبَة. والصُّلْب: موضعٌ بالصَّمان أرضُه حِجَارَة، وبَيْن ظهرانَي الصُّلْب وقِفَافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبة المنابت، كثيرةُ العُشْب.
قَالَ اللَّيْث: الصَّليب: مَا يتّخِذه النّصارى قِبلةً. قَالَ: والتَّصليب: خِمْرَةٌ للْمَرْأَة، ويُكرَه للرّجل أَن يصلِّي فِي تَصلِيب العِمامة حتّى يجعلَه كَوراً بعضَه فَوق بعض.
وَيُقَال: قد تصلّب لَك فلانٌ، أَي: تَشدَّد.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: إِذا كَانَت الحُمَّى صَالِباً قيل: صَلَبَتْ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ غَيره: الصَّالِبُ: الَّتِي مَعهَا حَرٌّ شَدِيد وَلَيْسَ مَعهَا بَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أخذتْه الحُمَّى بصالِب.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: أَخَذَتْه حُمَّى صالِبٌ، وأخذتْه بصالِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْلَب والصَّوْليب: هُوَ البَذْر الَّتِي يُنثَر على الأَرْض، ثمَّ يُكرَبُ عَلَيْهِ.
قلتُ: وَمَا أرَاهُ عَرَبيا، وَأما قولُ العبّاس بن عبد المطّلب يَمدَح النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تُنقَل من صالَبٍ إِلَى رَحِمٍ
إِذا مضى عَالم بَدَا طَبَق
قيل: أَرَادَ بالصالب الصُّلْب. يُقَال: للظَّهْر صُلْبٌ وصَلَبٌ وصالَبٌ، وَقَالَ:
كأنّ حُمَّى بك مَغْرِيَّه
بَين الحيازِيمِ إِلَى الصَّالَب
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: (أَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى التَّصليبَ فِي ثوبٍ قَضيَه) ، أَي: قَطَع

(12/138)


مَوضِع التَّصليب مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصُّلّبُ: المِسَنُّ، وَهُوَ الصُّلَّبيّ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبيّ النّحِيضِ
أَرَادَ بالسِّنان المِسَنّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا بلغ الرُّطَب اليُبْس فَذَلِك التَّصْليب، وَقد صَلَّب، وأنشَد المازنيُّ فِي صفة التَّمَر:
مُصَلَّبَةٌ من أَوْتَكى القَاعِ كُلَّما
زَهَتْها النُّعامَى خِلتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوتَكَى: تَمر الشِّهْرِيز ولَبَنُ: اسمُ جبل بِعَيْنِه.
وَقَالَ شمر: يُقَال: صلبَتْه الشمسُ تَصْلِبُه صَلْباً: إِذْ أحرَقَتْه، فَهُوَ مصلوبٌ مُحْرَق. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
مستوقِدٌ فِي حَصاة الشمسُ تَصلُّبُه
كأنّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوحُ
وَقَالَ النّضر: الصَّليب: مِيسَمٌ فِي الصُّدْغ وَفِي العُنُق، خَطَّان أحدُهما على الآخر، يُقَال: بَعِيرٌ مَصْلوب، وإبل مُصَلَّبة.
أَبُو عَمْرو: أصلبَتِ الناقةُ إصلاباً: إِذا قَامَت ومدَّتْ عنقَها نحوَ السَّمَاء لتدِرَّ لوالدِها جَهْدَها إِذا رَضَعَها، وربّما صَرّمها ذَلِك، أَي: قَطَع لَبنَها.
أَبُو عَمْرو: الصُّلَّبيُّ: حِجَارَةُ المِسَنّ. وَيُقَال: الصُّلَّبيّ: الّذي جُلِيَ وسُحِك بحجارةِ الصُّلْب، وَهِي حِجَارَة يُتّخذ مِنْهَا المَسانّ، وَقَالَ الشّماخ:
وكأنّ شَفْرَة خَطْمِه وجَبِينِه
لمّا تَشَرْفَ صُلَّبٌ مَفْلوقَ
والصُّلْب: الشَّديد من الْحِجَارَة وأشدُّهما صلابَةً.
ص ل م
صلم، صمل، لمص، مصل، ملص: مستعملة.
لمص: قَالَ اللَّيْث: اللَّمَص: شَيْء يُباع مِثلُ الفَالُوذ لَا حلاوَةَ لَهُ، يَأكُله الفِتْيان مَعَ الدِّبْس.
سلَمةُ عَن الْفراء: لَمَص الرجُل: إِذا أكل اللَّمَص وَهُوَ الفالوذ.
وَقَالَ شَمَر: رجلٌ لَمُوصٌ، أَي: كذّاب خدّاع.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
إنّكَ ذُو عَهْدٍ وذُو مَصْدَقٍ
مُخالِفٌ هَدْي الكَذُوبِ اللَّمُوصِ
صلم: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْم: قَطْعُ الأُذُن والأنْف من أصلِه. والاصطلامُ: إِذا أُبِيدَ قومٌ من أَصْلِهم قيل: اصْطُلموا.
قَالَ: والصيْلم: الأكلةُ الْوَاحِدَة كلَّ يَوْم. والصيْلَم: الأمرُ المفني المستأصِل؛ ووقْعةٌ صَيْلَمةٌ من ذَلِك.
أَبُو عبيد: الصَّيْلَم: الدّاهية. الصيْلَمُ:

(12/139)


لِأَنَّهَا تصْطَلِم، وَقَالَ بِشر:
غضِبتُ تميمٌ أَن تَقتَّلَ عامرٌ
يومَ النِّسارِ فأُغْضِبُوا بالصَّيْلَم
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّلِيمُ يسمَّى مصلَّماً لِقَصر أُذُنه وصِغَرِها قَالَ: والأصلم: المصلَّم من الشِّعر، وَهُوَ ضربٌ من السّريع، يجوز فِي قافيته فَعُلْنْ فَعْلُنْ، لقَوْله:
لَيْسَ على طولِ الحياةِ نَدَمٌ
وَمن وَراءِ الْمَوْت مَا لَا يُعلَمُ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود وذَكر فِتناً فَقَالَ: يكون الناسُ صُلاماتٍ، يضربُ بَعضهم رِقابَ بعض.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله: صُلاماتٍ يَعنِي الفِرَق من النَّاس يكونُونَ طوائفَ فتجتمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقَاتل أُخْرَى، وكلُّ جمَاعَة فَهِيَ صُلامة، وَأنْشد أَبُو الجرّاح:
صُلاَمَةٌ كَحُمُرِ الأبَكّ
لَا ضَرعٌ فِينا وَلَا مُذَكِّي
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: صَلامة بِفَتْح الصَّاد. قَالَ: والصَّلامة: الَّذِي فِي دَاخل نَواة النَّبِقَة يُؤْكَل وَهُوَ الألْبوب. والصلاَمة: القومُ المستَوون فِي السّنّ والشجاعة والسّخاء.
صمل: قَالَ اللَّيْث: صَمَل الشيءُ يَصمُل صمُولاً: إِذا صلُب واشتدّ واكتنَز. يُوصف بِهِ الْجَبَل والجمَل وَالرجل، قَالَ رُؤبة:
عَن صاملٍ عاسٍ إِذا مَا اصْلَخْمَمَا
يصف الجملَ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّمُلّ: الشديدُ الْخلق العظيمُ، وَالْأُنْثَى صُمُلّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمِيلُ: السِّقاءُ الْيَابِس. والصّامِلُ: الخَلَقُ. وَأنْشد:
إِذا ذاد عَن ماءِ الفُرات فَلَنْ تَرَى
أَخا قِرْبَةٍ يَسقِي أَخا بَصَميلِ
وَيُقَال: صَمَل بدنه وبطنُه، وأصمله الصّيام، أَي: أيبَسَه، قَالَ: والصَّوْمَلُ: شجرةٌ بِالْعَالِيَةِ.
أَبُو عَمْرو: صَمَلَه بالعصا صملاً: إِذا ضَرَبه، وَأنْشد:
هِراوَةٌ فِيهَا شِفاءُ العَرِّ
صَمَلتُ عُقْفانَ بهَا فِي الجرّ
فبُجْتُه وأَهلَه بِشَرِّ
الجرّ: سَفْح الْجَبَل. بُجتُه: أصبْتُه بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: المصمئّلُ الشَّديد. وَيُقَال للدّاهية مُصمَئّلَة، وَأنْشد:
وَلَم تَتَكأَدَهُم المعضِلاتُ
وَلَا مُصمئِلَّتُها الضِّئبِلُ
أَبُو تُرَاب عَن السُّلَمي: صَنقلَه بالعصا وصمله: إِذا ضربه بهَا.
مصل: قَالَ اللَّيْث: المصلُ مَعْرُوف. والمُصُولُ: تَميُّز الماءِ من اللَّبن. والأقطُ إِذا عُلِّق مصل ماؤُه فقطَر مِنْهُ، وبعضُهم يقولُ مَصلة مثل أَقْطَة.

(12/140)


وشاةٌ مُمصل وممْصال وَهِي الَّتِي يصير لبنُها فِي العُلْبة متزايلا قَبلَ أَن يُحْقَنَ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: المُمْصل من النِّسَاء: الَّتِي تُلقِي ولدَها وَهُوَ مُضْغَة، وَقد أمصلت.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال: قد أمصلْتَ بضاعةَ أهلكَ: إِذا أفسدْتَها وصرفْتَها فِيمَا لَا خَيْر فِيهِ، وَقد مصَلَتْ هِيَ. وَيُقَال: تِلْكَ امْرَأَة ماصلة، وَهِي أمصلُ النَّاس.
قَالَ أَبُو يُوسُف وأنشدني الكلابيّ:
لَعَمري لقد أمصلتُ ماليَ كلَّه
وَمَا سُسْتِ من شيءٍ فربُّكِ ماحِقُه
وَيُقَال: أعطَى عَطاءً ماصلاً، أَي: قَلِيلا. وإِنه ليَحلُب من النَّاقة لَبَنًا ماصلاً، أَي: قَلِيلا.
الْأَصْمَعِي: مصلت استُه، أَي: قَطَرتْ. والمُصالة: قُطارة الحبّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَصْل: ماءُ الأقِط حِين يُطبَخ ثمَّ يعصر، فعُصارة الأقِط هِيَ المصل.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ سلمَان بن الْمُغيرَة: مصل فلانٌ لفُلَان من حقّه: إِذا خرج لَهُ مِنْهُ.
وَقَالَ غَيره: مَا زِلتُ أُطالبه بحقّي حَتَّى مصل بِهِ صاغراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِمْصلُ: الَّذِي يبذلُ مَاله فِي الْفساد. والممصل أَيْضا رَاوُوق الصبّاغ.
ملص: فِي الحَدِيث: (أنّ عمرَ سَأَلَ عَن إمْلاَصِ الْمَرْأَة الجَنِينَ، فَقَالَ الْمُغيرَة بنُ شُعْبَة: قَضَى فِيهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغُرَّةٍ) . أَرَادَ الْمَرْأَة الْحَامِل تُضرَب فتُملِص جَنِينَها، أَي: تُزْلِقُه قبلَ وقتِ الوِلادة، وكلُّ مَا زَلِق من الْيَد أَو غيرِها فقد مَلِص يَمْلَص مَلَصاً.
قَالَ الراجز:
فَرَّ وَأَعْطَانِي رِشاءً مَلِصا
يَعْنِي: رَطْباً تزلق مِنْهُ اليَدُ، فَإِذا فعلتَ ذَلِك أنتَ بِهِ.
قلتَ: أملصْتُه إمْلاصاً.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا قبضتَ على شَيْء فانفَلَت من يدِك قلتَ: انْمَلَص من يَدِي انْمِلاصاً، وانمَلَخ بِالْخَاءِ، وَأنْشد ابنُ الأعرابيّ:
كأنّ تحتَ خُفِّها الوَهّاصِ
مِيظَبَ أُكمٍ نِيطَ بالمِلاَص
قَالَ: الوَهّاصُ: الشَّديد. والمِلاَصُ: الصَّفا الأبيَض. والمِيظَب: الظُّرَرْ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَلِصة: الزّلخة والأطوم من السَّمَك، وَالله أعلم.

(12/141)


(أَبْوَاب) الصَّاد وَالنُّون)
ص ن ف
صنف، صفن، نفص، نصف: مستعملة.
صنف: قَالَ اللَّيْث: الصَّنْفُ: طائفةٌ من كلّ شَيْء، فكلُّ ضَرْب من الْأَشْيَاء صَنْفٌ وَاحِد على حِدَة. والتّصنيف: تمييزُ الْأَشْيَاء بعضِها من بعضٍ.
ابْن السكّيت: يُقَال: صِنْفٌ وصَنْفٌ من المَتاع، لُغَتان. وعُودٌ صَنْفِيّ للبخور لَا غير.
أَبُو عُبَيْد: صَنِفَةُ الْإِزَار: طُرّتُه.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: صَنِفةُ الثَّوْب: زاوِيَتُه، وللثوب أَربع صَنِفات.
اللَّيْث: الصَّنِفَة والصِّنْفة: قِطعةٌ من الثوْب، وطائفةٌ من الْقَبِيلَة.
ورَوَى أَبُو العبَّاس عَن سَلمَة عَن الفرَّاء أنّه أنشدَه:
سَقْياً لحُلْوانَ ذِي الكروم
وَمَا صُنِّفَ من تينه وَمن عِنَبِه
أنْشدهُ الفرّاء: صُنِّف وغيرُه رَوَاهُ صَنَّف.
وَقَالَ: صُنِّف: مُيِّز، وصَنَّفَ: خَرج ورَقُه.
نصف: قَالَ اللَّيْث: النِّصف: أحدُ جُزْأَيِ الكمالِ. ونُصْف: لغةٌ رَدِيئَة.
الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: أنصَفَ الرجلُ صاحبَه إنصافاً، وَقد أعطَاهُ النّصَفة. وَيُقَال: قد نَصَف النهارُ يَنصُف: إِذا انتَصَف.
وَقَالَ المسيّب بن عَلَس يصفُ غائصاً فِي الْبَحْر على دُرّة:
نَصفَ النهارُ الماءُ غامِرُهُ
ورَفيقُه بالغَيْب مَا يَدرِي
أَرَادَ انتَصَف النهارُ والماءُ غامره فانتصَف النهارُ وَلم يَخرج من المَاء. وَيُقَال: قد نَصَف الإزارُ ساقَه يَنصفُه: إِذا بلغ نِصفَها، وَأنْشد:
وكنتُ إِذا جارِي دَعَا لمَضُوفةٍ
أُشمِّر حَتَّى يَنصُفَ الساقَ مِئْزرِي
وَقَالَ ابْن ميادة يمدح رجلا فَقَالَ:
تَرى سيْفَه لَا يَنصُفُ السَّاقَ نَعْلُه
أجَلْ لَا وَإِن كَانَت طِوالاً مَحَامِلُهْ
وَقَالَ: نصفَ القومَ يَنصُفُهم إِذا خَدَمَهم. والنّاصفُ والمِنصَفُ: الْخَادِم.
ابْن الأعرابيّ: نصفتُ الشَّيْء: أخذتُ نِصْفَه. وَيُقَال للخادم: مِنصَف ومَنْصَف. وَقد نَصَفْتَه: إِذا خدمْتَه، وتنصَّفْتُه مثله.
قَالَ: والنّصيف: الْخمار. والنَّصيف: الْخَادِم. ونَصفَ الشَّيْء: إِذا بَلَغ نِصْفَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَنصف الرجل: إِذا أَخَذ الحقّ وأَعطَى الحقّ. وأَنصف: إِذا سارَ نصفَ النَّهَار. وأَنصف: إِذا حَزم سيِّده.

(12/142)


وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَسُبّوا أَصْحَابِي فإنّ أحدَكم لَو أنفَق مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا أَدرَك مُدَّ أحدِهم وَلَا نَصِيفَه) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: العَرَبُ تسمِّي النِّصْف النّصِيفَ، كَمَا يَقُولُونَ فِي العُشر: العَشِير، وَفِي الثّمن الثمِين، وَأنْشد:
لَم يَفْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ
وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعجيفُ
قَالَ: والنصِيف فِي غير هَذَا الخِمار، وَمِنْه الحَدِيث الآخَر فِي الحُورِ العِينِ: (ولَنصِيفُ إحداهنّ على رَأسهَا خيرٌ من الدّنيا وَمَا فِيهَا) ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
سَقَط النَّصيفُ وَلم تُرِد أسقاطَه
فتناولْته واتْقتنا باليَدِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: النَّصيف: ثوبٌ تتجلّل بِهِ المرأَة فَوق ثِيَابهَا كلِّها؛ سُمِّي نصيفاً لِأَنَّهُ نصَف بَين النَّاس وَبَينهَا فحجز أَبْصَارهم عَنْهَا.
قَالَ: والدليلُ على صِحَة مَا قَالَه: سَقَط النّصيف، لأنّ النّصيفَ إِذا جُعِلَ خِماراً فسَقَط فَلَيْسَ لِسِتْرِها وجهَها مَعَ كشفِها شعرَها معنى. نَصيفُ الْمَرْأَة: مَجرُها.
اللَّيْث: قَدَحٌ نَصْفانُ: بلغ الكَيْلُ نِصْفَه، وشَطْران مثله.
أَبُو عبيد: قَدَحٌ نَصْفان: بلغَ الكيلُ نِصْفَه. قَالَ: والنَّصف من النِّساء: الَّتِي بَلَغتْ خمْسا وَأَرْبَعين وَنَحْوهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَرْأَة بَين الحديثة والمُسِنَّة. والنّصفة: اسْم الْإِنْصَاف، وتفسيرُه أَن تعطيَه من نفسِك النّصف، أَي: تعطيه من الحقّ لنَفسك.
وَيُقَال: انتَصفْتُ من فلَان، أَي: أخذتُ حقّي كملاً حَتَّى صِرْتُ وَهُوَ على النَّصيف سراء.
والنَّصفة: الْخُدّام، واحدهم ناصِف. والمَنْصفُ من الطَّرِيق وَمن النَّهار وَمن كل شَيْء وسَطُه.
قَالَ: ومنتصف اللَّيْل وَالنَّهَار: وسطُه، وانتَصف النهارُ ونَصفَ فَهُوَ يَنصف.
قَالَ: والناصفةُ: صَخرةٌ تكون فِي مَناصِف أسنادِ الْوَادي وَنَحْو ذَلِك من المسايل.
أَبُو عبيد: النّواصف: مَجارِي المَاء، واحدتُها ناصفةُ، وأنشَد:
خَلايا سَفين بالنَّواصِفِ من دَدِ
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّاصفة من الأَرْض: رَحَبة بهَا شجر، لَا تكون ناصفةً إلاّ وَلها شجر.
وَقَالَ غَيره: تنصّفْتُ السلطانَ، أَي: سألتُه أَن يُنصِفني، وَقَول ابْن هَرْمة:
أنِّي غَرِضْتُ إِلَى تناصُفِ وجْهِها
غَرَضَ المُحِبُّ إِلَى الحبيبِ الغائبِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَناصُف وجهِها:

(12/143)


محاسنُها، أَي: أَنَّهَا كلهَا حَسَنة يَنصِف بعضُها بَعْضًا.
وَقَالَ غَيره: كلّ شَيْء بلغ نِصْفَ غيرِه فقد نصفَه، وكلُّ شَيْء بَلَغَ نِصفَ نَفْسِه فقد أنصف.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ ابْن السكّيت: نَصفَ النهارُ: إِذا انتَصف.
وَيُقَال: نصفتُ الشيءَ: إِذا أخذتَ نصفَه. والنّصفُ: الْإِنْصَاف.
ابْن شُميل: إنّ فلانَة لعلَى نَصِفها، أَي: نِصف شَبابها. وَأنْشد:
إنّ غُلاماً غرَّه جَرْشَبِيّةٌ
على نَصَفها من نَفْسِه لضَعِفُ
قَالَ: الجَرْشَبيَّة: العَجوزُ الكبيرةُ الهَرِمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنصَف الرجلُ: إِذا سارَ نِصفَ النهارِ.
نفص: اللَّيْث: أنْفَص الرجلُ ببوْله: إِذا رَمَى بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أخَذَ الغَنم النُّفَاصُ: وَهُوَ أَن يَأْخُذهَا داءٌ فتَنفِصُ بأبوالها، أَي: تَدفَعُها دَفْعاً حَتَّى تَمُوت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نافَصْتُ الرجلَ منافَصةً، وَهُوَ أَن تَقول لَهُ: تَبُول أَنْت وأبولُ أَنا، فننظرَ أيُّنا أبعَدُ بَوْلاً، وَقد نافَص فنَفَصَ، وَأنْشد:
لَعَمرِي لقد نافَصْتَني فَنَفَصْتَني
بذِي مُشْتَفِرَ بَوْلهُ مُتفاوِتُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أنْفصَ بالضَّحِك وأنْزَقَ وزهْزَقَ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمة عَن الْفراء: أنفَص بشَفَتيه كالمُتَرَمِّزِ، وَهُوَ الَّذِي يُشير بشفَتَيه وعيْنَيْه.
صفن: رُوِي عَن الْبَراء بن عَازِب أَنه قَالَ: (كنّا إِذا صلّينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرفَع رَأسه من الرُّكُوع قُمنا خَلْفَه صُفوناً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: (صُفوناً) يُفسَّر الصافنُ تفسيرين، فبعضُ النَّاس يَقُول: كلّ صَاف قَدَميْه قَائِما فَهُوَ صافِن. والقولُ الثَّانِي: أَن الصَّافن من الخيْل: الَّذِي قد قَلَب أحدَ حَوافره وَقَامَ على ثلاثِ قوائمَ.
كَانَ ابنُ مَسْعُود وابنُ عَبَّاس يقرآن قولَ الله جلّ وعزّ: (فاذكروا اسمَ اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِن) (الْحَج: 36) ، بالنُّون.
فأمَّا ابْن عَبَّاس ففسَّرها: مَعقولةً إِحْدَى يدَيْها على ثلاثِ قَوَائِم.
وَأما ابْن مَسْعُود فَقَالَ: يَعْنِي قيَاما.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد نَحْو قَول ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ الْفراء: رأيتُ العربَ تَجعَل الصافِنَ القائمَ على ثلاثٍ وعَلى غير ثَلَاث.
قَالَ: وأشعارُهم تَدُلّ على أنّ الصُّفُون القيامُ خاصّة، وَأنْشد للطّرماح:
وقامَ المَها يُفْفِلْن كلَّ مُكبَّلٍ
كَمَا رُصَّ أيْقاً مُذْهَبِ اللَّون صافِنِ

(12/144)


قَالَ: الصافنُ: الْقَائِم. وَأما الصائن: فَهُوَ الْقَائِم على طَرْف حافرِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: صفَنَ الفَرَسُ: إِذا قامَ على طرف الرَّابِعَة. والعَرَب تَقول لجَمِيع الصَّافِن: صَوَافن وصافنات وصُفُون.
وَفِي حَدِيث عمر: لَئِن بقِيتُ لأُسوِّيَنّ بَين النَّاس حَتَّى يأتيَ الراعيَ حقُّه فِي صُفْنِه لَم يَعرَق فِيهِ جَبِينُه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الصُّفْنُ: خريطةٌ تكون للرّاعي فِيهَا طَعامُه وزِنادُه وَمَا يَحتاج إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ شيءٌ مثل الرَّكْوة يُتوضَّأ فِيهِ، وَأنْشد للهُذَلِيّ:
فخضخضتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ
خِياضَ المُدابِر قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ أَبُو عبيد: وَيُمكن أَن يكون كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْفراء جمعا أَن يُسْتعمل الصُفْنُ فِي هَذَا وَفِي هَذَا.
قَالَ: وسمعتُ من يَقُول: مُصَفن بِفَتْح الصَّاد، والصَّفْنة أَيْضا بالتأنيث.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّفْنة بفَتْح الصَّاد: هِيَ السُّفْرة الَّتِي تُجمَع بالخيط، وَمِنْه يُقَال: صَفَن ثيابَه فِي سَرْجِه: إِذا جمعهَا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه عوَّذ عليّاً حِين رَكِب وصَفَن ثِيَابه فِي سَرْجه) ، قَالَ: وأمّا الصُّفْن بِضَم الصَّاد: فَهُوَ الرَّكوة.
قَالَ: الصَّفَنُ: جِلْدُ الأنْثيَين بِفَتْح الْفَاء وَالصَّاد وجمعُه أصفان، وَمِنْه قولُ جَرِيرٍ:
يَتْرُكْن أَصفانَ الْخُصَى جَلاَجِلا
قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي من الأحرف الثَّلَاثَة.
وَقَالَ اللَّيْث: كلّ دَابَّة. وخَلْق شِبْه زُنْبُور يُنضِّدُ حولَ مَدخَله ورَقاً أَو حَشيشاً أَو نَحْو ذَلِك، ثمَّ يُبَيِّتُ فِي وَسطه بَيتاً لنَفسِهِ أَو لِفراخه فَذَلِك الصَّفَن، وفعلُه التَّصْفِين.
والصافن: عِرْقٌ فِي بَاطِن الصُّلْب يتّصل بِهِ طُولاً، ونِياطُ القَلْب مُعَلَّق بِهِ ويسمّى الأكْحَلُ من الْبعيد الصافنَ.
وَقَالَ غيرُه: الأكحلُ من الدّوابّ الأبْجَل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأكْحَل والأبْجَل والصافِن: هِيَ العُروق الَّتِي تُفْصَد، وَهِي فِي الرِّجْل صَافِن وَفِي اليَدِ أكْحَل.
عَمرو عَن أَبِيه: صَفَنَ الفَرَس برجلِه وبَيْقَرَ بِيَدِه: إِذا قَامَ على طرف حافرِهِ.
قَالَ: والصّفَن أَيْضا: أَن يُقسَمَ الماءُ إِذا قلّ بحَصاة القَسْم، وَيُقَال لَهَا المقْلَةُ؛ فإِن كَانَت من ذَهَب أَو فِضّة فهِيَ الْبَلَد.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافناً، وَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سَفَرٍ وَلَا ماءَ مَعَهم وَلَا شيءَ يَقْتَسِمُونه على حَصاةٍ يُلْقُونَها فِي الإناءِ يُصَبُّ فِيهِ من الماءِ قدرَ مَا يَغْمُر الحَصاة فيُعطاه كل رجل مِنْهُم،

(12/145)


وَقَالَ الفرزدق:
فلمّا تَصافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَتْ
إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُرَاضِمِ
شَمر عَن أبي مَنْحُوف عَن أبي عُبَدة: الصَّفْنَةُ كالعَيْبة يكون فِيهَا متاعُ الرجل وأَدَاتُه، فَإِذا اطرحتَ الهاءَ قلتَ صُفْن، وَأنْشد:
تركتُ بِذِي الجَنْبَيْنِ صُفْنِي وَقِرْبَتِي
وقَدْ أَلَّبُوا خَلْفِي وقَلَّ المَسَارِبُ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّفْن والصَّفْنَةُ: شِقْشِقةُ البَعير.
ابنُ شُميل: الصافِن: عِرْق ضَخْمٌ فِي بَاطِن السَّاق حتَّى يَدخُل الفَخذ، فَذَلِك الصَّافِن.
ص ن ب
صبن، صنب، نصب، نبص، بصن.
بصن: قريةٌ تُعْمَل فِيهَا السُّتُورُ البَصَنِيَّة، وَلَيْسَت بعربيّة.
صبن: اللّحيانيّ عَن الأصمعيّ: صَبَنْتَ بالصَّاد عنّا الهديّةَ تَصِبْنَ صَبْناً.
قَالَ: وَقَالَ رجُل من بني سعْد بن زيد: صَبَنْتَ تَصْبِن صَبْناً، وَكَذَلِكَ كلُّ معروفٍ إِذا صرفتَه إِلَى غيرِه. وَكَذَلِكَ كَبَنْتَ وَخَضَنْتَ وزنبت.
وَقَالَ الأصمعيّ: تأويلُ هَذِه الْحُرُوف: صَرْفُ الهديّة أَو الْمَعْرُوف عَن جيرانك ومعارفك إِلَى غَيرهم.
وَقَالَ اللّيث: الصَّبْنُ: تسويةُ الكَعْبَيْن فِي الكَفّ ثمَّ تَضْرِب بهما.
يُقَال: أَجِلْ وَلاَ تَصْبِن.
قَالَ: وَإِذا خَبَأَ الرجلُ شَيْئا فِي كَفَهِ وَلَا يُفطَن لَهُ كالدِّرهم وغيرِه قيل: صَبَن. فَإِذا صَرَف الكأسَ عمَّن هُوَ أحقُّ بهَا إِلَى غَيره قيل لَهُ: صَبَنَها، وَأنْشد:
صَبَنْتِ الكَأْسَ عنّا أُمَّ عمرٍ
ووكان الكأسُ مَجْراها اليمِينَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّبْنَاءُ: كَفُّ المُقَامِر إِذا أمالها لِيغْدِرَ بصاحبِه يَقُول لَهُ شيخ البير، وَهُوَ رئيسُ المُقامِرين: لَا تَصْبِن؛ لَا تَصْبِن، فإنّه طَرَف من الصَّغْوِ. والصابون: الَّذِي يُغْسَل بِهِ الثّياب، مَعْرُوف، معرّب.
نبص: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّبْصاء من القِيَاسِ: المصوِّتةُ من النَّبِيص، وَهُوَ صوتُ شَفَتَيِ الْغُلَام إِذا أرادَ تزويجَ طائرٍ بِأُنثاهُ.
اللّحياني: نَبَصْتُ بالطائرِ والعصفورِ أَنْبِصُ بِهِ نَبِيصاً، أَي: صوَّتُّ بِهِ. ونَبَصَ الطائرُ والعصفورُ يَنْبِصُ نَبِيصاً: إِذا صوَّت صَوتا ضَعِيفا. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ اللَّيْث: وَهُوَ صَحِيح من كَلَام الْعَرَب.
صنب: أَبُو العبّاس: المِصْنَبُ: المُولَعُ بِأَكْل

(12/146)


الصِّناب، وَهُوَ الخَرْدل بالزَّبيب.
وَفِي الحَدِيث: (أُهْدِيَ للنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْنَبٌ بِصِنَابِهَا) ، أَي: بِصِباغِها.
وَمِنْه حديثُ عمر: (لَو شئتُ لأمرتُ بِصَرائقَ وصِنَابٍ) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الصِّنَاب: الخردَل والزَّبيب.
قَالَ: وَلِهَذَا قيل لِلْبِرْذَوْنِ: صِنَابِيّ، إنّما شُبِّه لَونه بذلك.
وَقَالَ اللّيث: الصِّنَابِيّ من الدّوَابّ والإِبل: لونٌ بَين الحُمْرَةِ والصُّفْرة مَعَ كثْرَةِ الشَّعَر والوَبر.
نصب: قَالَ اللّيث: النّصَبُ: الإعياءُ من العَناء. وَالْفِعْل نَصِبَ يَنْصَب. فأَنْصَبَنِي هَذَا الأمرُ. وأمْرٌ نَاصِبٌ ومُنْصِب، وَقَالَ النَّابِغَة:
كِلِينِي لِهَمَ يَا أُصَيْمَةَ ناصِبِ
قَالَ: ناصب: بِمَعْنى مُنْصِب. وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الأصمعيّ: ناصِب: ذِي نَصَب؛ مثل: ليل نَائِم، ذِي نوم يُنَامُ فِيهِ. ورَجُلٌ دارعٌ: ذُو دِرْع. قَالَ: وَيُقَال: نُصْبٌ ناصِبٌ. مِثْلُ: مَوْتٍ مائت؛ وشِعْرٍ شاعِر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: ناصبٌ: نَصَبَ نَحْوِي، أَي: جَدّ؛ وَيُقَال: نَصَبَ الرجلُ فَهُوَ ناصب ونصِبَ. ونصَبَ لَهُ الهمَّ وأنصَبَه.
وَقَالَ اللّيث: النَّصْبُ: نصْبُ الدَّاء، يُقَال: أصَابَهُ نَصْب من الدَّاء. قَالَ: والنِّصْبُ: لُغَةٌ فِي النَّصِيب، وَقَالَ الله: {سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} (المعارج: 43) ، وقرىءَ: إِلَى (نَصْب) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَنْ قَرَأَ: (إِلَى نَصْب) ، فَمَعْنَاه: إِلَى عَلَم منصوبٍ يَسْتَبِقون إِلَيْهِ، ومَنْ قرأَ: (إلَى نُصُب) ، فَمَعْنَاه: إِلَى أَصْنَامٍ، كَقَوْل: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (الْمَائِدَة: 3) ، وَنَحْو ذَلِك.
قَال الفرّاء: قَالَ: والنَّصْبُ وَاحِد، وَهُوَ مصدَرٌ وجمعُه الأنْصاب.
وَقَالَ اللّيث: النُّصُبُ: جماعَةُ النَّصِيبة، وَهِي علامةٌ تُنصَب للْقَوْم.
وَقَالَ الفرّاء: كأنّ النُصُبَ الآلهةُ الَّتِي كَانَت تُعبَد من أَحْجَار.
قلتُ: وَقد جَعل الْأَعْشَى النُّصُبَ وَاحِدًا حَيْثُ يَقُول:
وَذَا النُّصُبَ المَنْصوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ
أَبُو عُبَيد: النَّصائب: مَا نُصِب حولَ الْحَوْض من الْأَحْجَار؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
هَرَقْناهُ فِي بادِىء النَّشِيئة داثر
قديمٍ بعَهْدِ الماءَ بُقْعٍ نَصائبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: النُّصْبُ: رَفعُكَ شَيْئا تَنْصِبُه قَائِما منتصِباً.
والكلِمةُ المنصوبةُ يُرفَع صَوْتُها إِلَى الْغَار الْأَعْلَى.

(12/147)


وناصَبْتُ فلَانا الشرَّ والحربَ والعداوةَ؛ ونَصَبْنَا لَهُم حَرْباً، وكلُّ شَيْء انتصب بِشَيْء فقد نَصَبْتَه. وتَيْسٌ أَنصب، وعَنْز نَصْباء: إِذا كَانَا منتصِبَي القُرون. وناقةٌ نَصْباءُ: مرتفِعة الصَّدْر.
أَبُو عُبَيد: أنصبتُ السكّينَ: جعلتُ لَهَا نِصاباً؛ قَالَه أَبُو زيد والكسائيّ، قَالَا: وَهُوَ عَجْزُ السّكّين. ونِصابُ كلِّ شَيْء أَصله ومرجعه الَّذِي يرجع إِلَيْهِ يُقَال: فلانٌ يَرجِع إِلَى نِصابِ صِدْقٍ؛ وتنْصِب صِدْق، وأصلُه مَنبِته وَمحْتِدُه.
اللَّيْث: نِصابُ الشَّمس: مَغيبُها ومَرجِعُها الّذي تَرجِعُ إِلَيْهِ.
غَيره: ثغرٌ منصَّب: مُستوِي النِّبْتة، كَأَنَّهُ نُصِب مُسوِّيَ. ونَصَبْتُ للقَطاةِ شَرَكاً ونصَبتُ للقدَر نَصْباً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِنْصَبُ: مَا يُنصَب عَلَيْهِ القِدْر إِذا كَانَ من حديدٍ. وتَنصَّب فلانٌ وانْتَصَب: إِذا قامَ رَافعا رأسَه.
والنَّصْبُ: ضربٌ من أغانِي الأَعْراب.
وَقد نصَبَ الرَّاكِب نَصْباً: إِذا غَنَّى النَّصْبَ.
وَفِي الحَدِيث: (لَو نَصَبتَ لنا نَصْبَ العَرَب) ، أَي: لَو تَغَنّيْتَ.
ويَنْصُوب: مَوضِع.
وَقَالَ شَمِر: غِنَاءُ النَّصّب: هُوَ غِنَاءُ الرُّكْبان، وَهُوَ العَقِيرة، يُقَال: رَفَع عقيرتَه إِذا غَنَّى النَّصْبَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّصْبُ: حُدَاءٌ يُشْبه الغِناء.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: النَّصْب: أَن يسير القومُ يومَهم، وَهُوَ سيْرٌ ليِّن، وَقد نَصَبُوا نصْباً.
ص ن م
صنم، نمص، نصم: (مستعملة) .
صنم (نصم) : قَالَ اللَّيْث: الصَّنم مَعْرُوف، والأَصنام الْجَمِيع.
وروَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّنَمَةُ والنَّصَمةُ الصُّورةُ الّتي تُعبَد.
قَالَ: والصنمَةُ: الدّاهيةُ.
قلتُ: أصلُها صَلمة.
نمص: رُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه لَعَن النامِصة والمُتَنَمِّصَة) .
قَالَ أَبُو زيد: قَالَ الفرّاء: النامِصة: الّتي تَنتِف الشَّعر من الْوَجْه، وَمِنْه قيل للمِنقاش مِنماص، لأنّه يُنتف بِهِ والمُتَنمِّصةُ هِيَ الّتي يُفعَل ذَلِك بهَا، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
تَجَبَّر بعد الأكلِ فهوَ نَمِيصُ
يصفُ نباتاً قد رَعَتْهُ الْمَاشِيَة فجرَدَته، ثمّ نبت بقَدر مَا يُمكن أخذُه، أَي: هُوَ بقَدْر مَا يُنتف ويُجَزّ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّمَصُ: دِقّةُ الشَّعر ورِقّته حتّى ترَاهُ كالزَّغَب. ورجلٌ أَنمَصُ الرأسِ أَنمَصُ الحاجبِ، وربّما كانَ أَنمص

(12/148)


َ الجَبِين. وامرأةٌ نمصَاء تَتَنَمَّص، أَي: تأْمُرُ نامِصةً فتنمِص شعرَ وَجههَا نَمْصاً؛ أَي: تَأْخُذهُ عَنْهَا بخَيْط. والمنص والمنموص: مَا أمكنك جذه من النَّبَات.
ابْن الأعرابيّ: المِنماصُ: المِظفارُ، والمِنتاشُ والمِنْقاشُ والمِنْتاخُ.
وأَقرأَني الإياديُّ لامرىء الْقَيْس:
تَرَعَّت بجَبْل ابْني زُهَيْرٍ كلَيهِمَا
نُمَاصَينِ حتّى ضاقَ عَنْهَا جُلودُها
قَالَ: نُماصين: شَهْرَين. ونُماص: شهرٌ، تَقول: لم يأتني نُماصاً، أَي: شهرا. وجمعُه نُمُص وأَنمِصة. قَالَ: رَوَاهُ شَمِر لأبي عَمْرو.
ص ف ب: مهمل.
ص ف م
اسْتعْمل مِنْهُ: (فَصم) .
فَصم: فِي الحَدِيث: (دُرّةٌ بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا فَصْمٌ وَلَا وَصْمٌ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الفَصْمُ بِالْفَاءِ أَن ينصدعَ الشيءُ من غير أَن يَبين؛ يُقَال مِنْهُ: فصَمْتُ الشيءَ أَفصِمه فَصْماً، إِذا فعلت ذَلِك بِهِ، فَهُوَ مفصوم؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة يذكر غَزَالاً شَبَّهه بدُمْلُج فضّة:
كأنّه دُمْلُجٌ من فضّةِ نَبَهٌ
فِي مَلْعبٍ مِن جَوارِي الحيِّ مَفْصومُ
قَالَ: وأمّا القَصْم بِالْقَافِ فأَن يَنْكسِرَ الشيءُ فيَبين.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {لاَ انفِصَامَ لَهَا} (الْبَقَرَة: 256) ، وَقيل: لَا انْكسارَ لَهَا.
وأفْصَمَ المَطَرُ: إِذا أَقلَعَ. وأَفصَم الفَحْلُ: إِذا جَفَر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة أنَّها قَالَت: (رأيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنْزَل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الشديدِ البَرْدِ فيَفْصِمُ الوَحْيُ عَنهُ، وإنَّ جَبينَه ليتفصّد عَرَقاً) .
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: أَفْصَمَ المطرُ وأفْصَى: إِذا أَقْلَعَ؛ وَمِنْه قيل: كلُّ فَحْل يُفْصِمُ إِلَّا الْإِنْسَان؛ أَي: يَنْقَطِع عَن الضِّراب.
أخبَرني المنذريُّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرّاء. قَالَ: فأس فَيْصَمٌ: وَهِي الضخمة. وفأسٌ قِيدَايَةٌ لَهَا خُرْتٌ؛ وَهُوَ خَرق النِّصاب.

(بَاب الصَّاد وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ص ب م
أهمله اللَّيْث.
بصم: وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: يُقال: مَا فارقْتَك شِبْراً وَلَا فِتْراً، وَلَا عَتَباً وَلَا رَتَباً وَلَا بُصْماً.
قَالَ: والبُصْمُ مَا بَين الْخِنْصِر والبِنْصِر. وَقد مرّ تفسيرُ العَتَب والرَّتَب. وَالله تَعَالَى أعلم.

(12/149)


أَبْوَاب معتلاّت الصّاد
أهملت الصَّاد مَعَ السِّين وَمَعَ الزَّاي فِي السَّالِم والمعتلّ.
ص ط: مهمل.

(بَاب الصّاد وَالدَّال)
(ص د (وَا يء))
صدى، صدأ، صيد، (صَاد) وَصد، أصد، ديص، دصا: (مستعملة) .
صدى صدأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) .
قَالَ ابْن عَرَفة: التَّصدِيةُ من الصَدى، وَهُوَ الصَّوت الَّذِي يَرُدُّهُ عَلَيْك الجبلُ.
قَالَ: والمُكَاءُ والتَّصْدِية ليسَا بصَلاة، ولكنَّ الله أخبر أَنهم جعلُوا مكانَ الصَّلاةِ الَّتِي أُمِروا بهَا المُكَاءَ والتَّصْدية.
قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِك: رَفَدني فلانٌ ضَرْباً وحِرْماناً، أَي: جَعَلَ هذَيْن مكانَ الرِّفْد والعَطا؛ وَهُوَ كَقَوْل الفَرَزْدَق:
قَرَيْناهُم المَأْثُورةَ البِيضَ قَبْلَها
يَثُجُّ العُروقَ الأَيْزَنِيُّ المثقَّف
أَي: جعَلْنا لَهُم بَدَلَ القِرَى السيوفَ والأسِنّة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس المبَرِّد: الصَّدَى على ستّة أوجه: أحدُها: مَا يَبقَى من الميّت فِي قَبره، وَهُوَ جُثّته.
وَقَالَ النَّمِر بن تَولَب:
أعاذِلُ إِن يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْرةٍ
بَعيدا نَآني ناصِرِي وقَرِيبي
فصَداه: بدَنُه وجُثّته. وَقَوله: نآني، أَي: نأى عنّي.
قَالَ: والصدَى الثَّانِي: حُشْوَة الرَّأْس؛ يُقَال لَهَا: الهامةُ والصَّدَى، وَكَانَت العربُ تَقول: إِن عظامَ المَوْتَى تَصِير هَامةً فتَطِير.
وَكَانَ أَبُو عُبَيدة يَقُول: إِنَّهُم كَانُوا يُسمُّون

(12/150)


ذَلِك الطائرَ الَّذِي يَخرج من هَامة الميّت إِذا بَلِيَ: الصَّدَى، وجمعُه أَصْداء.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
سُلِّط الموتُ والمَنونُ عليهمْ
فلهمْ فِي صَدَى المَقابر هامُ
وَقَالَ لَبيد:
فليسَ الناسُ بَعدَك فِي نَقيرٍ
وَلَيْسوا غيرَ أَصْداءٍ وَهَامِ
وَالثَّالِث: الصَّدَى: الذَّكَر من البُوم، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: إِذا قتل قتيلٌ فَلم يُدرَكْ بِهِ الثَّأْر خَرَجَ من رَأسه طائرٌ كالبُومة، وَهِي الهامة، والذَّكَر الصَّدَى فَيَصِيح على قَبره: اسقُوني اسقوني، فَإِن قُتِل قاتلُه كَفّ عَن صِيَاحِه، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهامةُ اسقُونِي
وَالرَّابِع: الصَّدَى: مَا يَرجِعُ من صَوت الْجَبَل، وَمِنْه قولُ امرىء الْقَيْس يصف دَارا دَرَسَتْ:
صَمَّ صَداها وَعَفَا رَسْمُها
واستَعْجَمتْ عَن منطقِ السّائلِ
وَالْعرب تَقول:
صُمّي ابْنة الْجَبَل
مهما يُقَل تَقُلْ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحمّادي عَن ابْن أخي الأصمعيّ عَن عَمه قَالَ: العَرَب تَقول: الصَّدَى فِي الهامة، والسَّمْعُ فِي الدِّماغ، أَصمّ الله صداه من هَذَا.
وأنشدني أَبُو الْفضل عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لسدوس بن ضباب:
إِنِّي إِلَى كل أيسار ونَادبة
أَدْعُو حُبَيشاً كَمَا تَدْعُو ابْنة الْجَبَل
أَي: أنوّه كَمَا ينوّه بابنة الْجَبَل.
وَقيل: ابْنة الْجَبَل هِيَ الْحَيَّة. وَقيل: هِيَ الداهية الْعَظِيمَة.
وَالْبَيْت الَّذِي يَلِيهِ يحقّق هَذَا القَوْل الأول:
إِن تَدَعْه مَوْهناً بجابته
عاري الأشاجع يسْعَى غير مشتَمِل
يَقُول: يعجل حُبَيْش بجابته كَمَا تعجل الصدى، وَهُوَ صَوت الْجَبَل.
وَقَالَ المبرّد: والصَّدَى أَيْضا العطَشُ.
يُقَال: صَدِي الرجل يَصْدَى صدًى فَهُوَ صدٍ وصادٍ وصيدان، وَأنْشد:
ستعلم إِن متْنا غَدا أيّنا الصّدِي
وَقَالَ غَيره: الصدَى: الْعَطش الشَّديد. وَيُقَال: إِنَّه لَا يشتدّ حَتَّى يَيْبَسَ الدِّماغ. وَلذَلِك تَنْشَقُّ جِلْدةُ جبهة من يَمُوت عَطَشاً.
وَيُقَال: امرأةٌ صَدْيَا وصادِيةٌ.
والصَّدَى: السادسُ: قولُهم: فلانٌ صَدَى مالٍ: إِذا كَانَ رَفِيقًا بسياستها.

(12/151)


وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إِنَّه لصَدَى مالٍ: إِذا كَانَ عَالما بهَا وبمصلَحتِها، ومِثلُه هُوَ إزاَءُ مالٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: والصَّدَى أَيْضا: الرجُل اللَّطيف الجَسَد.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شَمِر: رَوَى أَبُو عُبيد هَذَا الحَرْفَ غيرَ مَهْمُوز، وأُراه مهموزاً، كأنَّ الصَّدَى لغةٌ فِي الصَّدَع، وَهُوَ اللّطيفُ الجِسْم.
قَالَ: وَمِنْه مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (صَدَأٌ من حديدٍ) فِي ذِكر عليَ.
قلتُ: وَقد فَسَّر أَبُو عُبَيد هَذَا الْحَرْف على غير مَا فسّره شَمِر.
رَوَي عَن الأصمعيّ أنّ حمّاد بن سَلَمة رَوَاهُ: (صدأ من حَدِيد) .
قَالَ: وَرَوَاهُ غيرُه: (صَدَع من حَدِيد) ، فَقَالَ عُمر: وَادفْرَاه.
قَالَ الأصمعيّ: والصَّدَأ أشبَه بِالْمَعْنَى، لأنَّ الصَّدَأَ آلَة ذَفَرٍ، والصَّدَع لَا ذَفَر لَهُ، وَهُوَ حِدَّة رائحةِ الشَّيْء، خبيثاً كَانَ أَو طيّباً. وأمّا الدّفَرُ بِالدَّال فَهُوَ فِي النَّتْن خاصّة.
قلتُ: وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ شمر مَعْنَاهُ حَسَن. أَرَادَ أنَّه يَعْنِي عليا خفيفٌ يَخِفّ إِلَى الحُروب وَلَا يكسل وَهُوَ حَدِيد لشدَّة بأسه وشجاعته؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ} (الْحَدِيد: 25) .
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَى: الذَّكَر من الْهَام. والصَّدَى: الدِّماغ نفسُه.
وَيُقَال: بل هُوَ الْموضع الَّذِي جُعِل فِيهِ السَّمْع من الدّماغ، وَلذَلِك يُقَال: أصَمَّ الله صَدَاه.
قَالَ: وَقيل: بل أصمَّ اللَّهُ صداه، مِنْ صَدَى الصوتِ الَّذي يُجيبُ صوتَ المُنادِي.
قَالَ: وَقَالَ رؤبة فِي تَصْدِيق من يَقُول: الصَّدَى: الدِّماغ:
لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ وأَنْقُّخُ
أُمَّ الصَّدَى عَن الصَّدَى وأَصْمَخُ
قَالَ: والصَّدَاة فِعْل للمُتَصَدِّي، وَهُوَ الَّذِي يَرفَع رأسَه وصدرَه يتصدّى للشَّيْء يَنظُر إِلَيْهِ، وَأنْشد للطِّرِمّاح:
لَهَا كلَّما صاحت صداةٌ ورَكْدَةٌ
يصف هَامة إِذا صاحت تصدّتْ مرّةً وركدَتْ أُخْرَى.
قَالَ: والتَّصْدِيةُ: ضربُك يدا على يَدٍ لتُسمع بذلك إنْسَانا، وَهُوَ من قَوْله: {مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) وَهُوَ التصفيق، وَقد مرّ تفسيرُه فِي مُضاعَف الصَّاد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {الْعَالَمِينَ} {وَالْقُرْءانِ} (ص: 1) .
قَالَ الزّجّاج: من قَرَأَ: (صَاد) فَلهُ وَجْهَان؛ أحدُهما: أَنه هِجاءٌ موقوفٌ

(12/152)


فكُسِرَ لالتقاء الساكنَين. وَالثَّانِي: أَنه أمرٌ من المُصاداةِ على معنى: صادِ القرآنَ بعَمَلِك، أَي: قَابل.
يُقَال: صادَيْتُه، أَي: قابلتُه، وعادلْتُه.
قَالَ: وَالْقِرَاءَة: (صادْ) ، بِسُكُون الدَّال: الْوُقُوف عَلَيْهَا.
وَقيل: مَعْنَاهُ: الصادقُ اللَّهُ.
وَقيل: مَعْنَاهُ: الْقسم، وَيكون صَاد اسْما للسُّورة لَا ينصرفُ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: صاديْتُ الرجل وداجَيْتُه ودارَيْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو العبّاس فِي المُصاداة: قَالَ أهل الْكُوفَة: هِيَ المداراة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ العِنايةُ بالشَّيْء.
وَقَالَ رجلٌ من الْعَرَب وَقد نَتجَ نَاقَة لَهُ فَقَالَ لما مَخَضَتْ:
بِتُّ أُصاديها طولَ لَيْلِي
وَذَلِكَ أَنه كره أَن يَعْقِلَها فيُعْنِتَها أَو يَدَعَها فتَفْرُق، أَي: تَنِدّ فِي الأَرْض فيأكُلَ الذِّئبُ ولدَها، وَذَلِكَ مُصاداتُه إيّاها.
وَكَذَلِكَ الرَّاعِي يُصادِي إبِلَه إِذا عَطِشَتْ قبلَ تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عَن القرَبِ.
وَقَالَ كُثَيِّر:
أيا عَزّ صَادِ القَلْبَ حَتَّى يَوَدَّنِي
فؤادُكِ أَو رُدِّي عليَّ فُؤَادِيَا
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّوادي من النَّخيل: الطِّوال.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقد تكون الصوادي الَّتِي لَا تَشْرَبُ الماءَ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة يصفُ الأجمال:
مِثْلَ صَوَادِي النَّخْل والسَّيَالِ
وَقَالَ آخر:
صَوادِياً لَا تُمكِنُ اللُّصوصَا
وَقيل فِي قَوْلهم: فلانٌ يتصدّى لفُلَان: إِنَّه مأخوذٌ من اتّباعه صَداه.
وَفِيه قولٌ آخر: إنّه مأخوذٌ من الصَّدَد، فقُلِبَتْ إحدَى الدّالات فِي يتصدّى يَاء، وَقد مرّ فِيمَا تقدّم.
والصدأ مهموزٌ مَقْصُور الطبَع والدَّنَس يَركب الحديدَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: كتيبةٌ جَأْوَاءُ: إِذا كَانَ عِلْيَتُها صَدَأَ الْحَدِيد.
وَقد صَدِىء الحديدُ يَصْدَأ صَدَأً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنّه لَصاغِرٌ صَدِىءٌ، أَي: لزِمه صدَأُ الْعَار واللَّوْم.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب أَلوان الإِبِل إِذا خالَطَ كُمتَةَ البَعير مِثل صدإ الْحَدِيد فَهُوَ الجُؤْوَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّدْأَةُ: لونُ شُقْرَةٍ تَضْرِب إِلَى سوادٍ غَالب؛ يُقَال: فرسٌ أصْدأُ وَالْأُنْثَى صَدْآء، وَالْفِعْل على وَجْهَيْن: يُقَال: صَدِىءَ يَصْدأُ، وأَصدأَني يُصْدِأُني.

(12/153)


قَالَ: وصُدَاءُ مَمْدُود حَيٌّ من اليَمَن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم صُدَاوِيٌّ بِمَنْزِلَة الرَّهاويّ. قَالَ: وَهَذِه المَدَّة وَإِن كَانَت فِي الأَصْل يَاء أَو واواً فَإِنَّهَا تجْعَل فِي النِّسْبَة واواً كراهيةَ التقاءِ الباءات، أَلا تَرَى أَنَّك تَقول رَحًى ورَحَيان، فقد عَلمتَ أَن ألفَ رَحًى يَاء، وَقَالُوا فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا: رَحَوِيّ لتِلْك الْعلَّة.
شمِر: الصَّدْءاءُ: الأرضُ الَّتِي تَرَى حَجَرَها أصدأَ أَحمر، يَضرِب إِلَى السوَاد، لَا تكون إلاّ غَلِيظَة، وَلَا تكون مستويةً بِالْأَرْضِ، وَمَا تحتَ حِجَارَة الصَّدْءاء أرضٌ غَلِيظَة، وَرُبمَا كَانَت طيناً وحجارة.
أَبُو عبيد: من أمثالِهم فِي الرَّجُلَين يكونَانِ ذَوَيْ فَضْل غير أَن لأَحَدهمَا فضلا على الآخَر قولُهم: ماءٌ وَلَا كَصدَّاء. هَكَذَا أَقرأَنيه المنذريُّ.
عَن أبي الهيْثم بتَشْديد الدَّال والمَدة. وَذكر أَن المَثَل لِقَذُورَ بنت قيس بن خَالِد الشيَّبانيّ، وَكَانَت زوجةَ لَقيط بنِ زُرارة، فتزوّجها بعده رجلٌ من قَومهَا، فَقَالَ لَهَا يَوْمًا: أَنا أجمل أَمْ لَقيطٌ؟ فَقَالَت: ماءٌ وَلَا كَصدّاء، أَي: أَنت جميلٌ ولستَ مِثلَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ المفضّل: صَدّاء: رَكِيَّةٌ لَيْسَ عِنْدهم ماءٌ أَعذب من مَائِهَا؛ وفيهَا يَقُول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدِيّ:
وَإِنِّي وتَهْيَامِي بزينبَ كَالَّذي
يُطالب من أَحْواضِ صدَّاءَ مَشربَا
قَالَ: وَلَا أَدرِي صدّاء، فعَّال أَو فَعْلاء، فَإِن كَانَ فَعَّالاً فَهُوَ من صَدا يَصدو، أَو صَدِيَ يَصدَى.
وَقَالَ شمر: صَدا الهامُ يَصدُو: إِذا صَاح. وَإِن كَانَت صَدَّاءُ فَعْلاَء فَهُوَ من المضاعَف، كَقَوْلِهِم صَمَّاء من الصَّمَم.
أَبُو عُبيد عَن العَدَبَّس قَالَ: الصَّدَى هُوَ الطائرُ الَّذِي يَصِرّ باللّيل ويَقْفِز قَفَزاناً ويطيرُ.
قَالَ: والناسُ يَرَوْنه الجُنْدُب، وَإِنَّمَا هُوَ الصدَى يكون فِي البَرارِي، فَأَما الجُندب فَهُوَ أصغَر من الصَّدَى يكون فِي البراري. قَالَ: والجُدْجُد: الَّذِي يُصِرّ بِاللَّيْلِ أَيْضا.
صيد: يُقَال: صادَ الصيَّد يَصيدُه صَيْداً: إِذا أَخَذه. وصِدْتُ فلَانا صَيْداً: إِذا صدتَه لَهُ، كَقَوْلِك: بَغَيْتُه حَاجَة، أَي: بغَيْتُها لَهُ.
قَالَ اللَّيْث: مِصْيَدَةٌ: الَّتِي يُصادُ بهَا. قَالَ: وَهِي المِصْيَدَة، لِأَنَّهَا من بَنَات الْيَاء المعتلّة، وجمعُ المصيدة مصايد بِلَا همز، مثلُ معايشَ جمع معيشة.
والعرَبُ تَقول: خرجْنا نَصيد بَيْضَ النَّعام ونصيدُ الكَمْأَة، والافتعالُ مِنْهُ الِاصْطِيَاد، يُقَال: اصطادَ يَصطاد فَهُوَ مُصطاد والمَصيدُ مصْطادٌ أَيْضا. وَخرج فلانٌ يتصيَّد الوَحْشَ، أَي: يطلبُ صيدَها.

(12/154)


الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الصادُ والصِّيد والصُيَدُ: داءٌ يُصِيب الإبلَ فِي رؤوسها فيسيل من أُنوفها مِثلُ الزَّبَد وتَسْمُو عِنْد ذَلِك برؤوسها.
قَالَ: والصِّيد أَيْضا جمعُ الأَصْيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيَد: مصدرُ الأصيَد، وَله مَعْنيانِ. يُقَال: مَلِكٌ أَصيَدُ: لَا يلتفِت إِلَى النّاس يَمِينا وشِمالاً. والأصيَد أَيْضا: من لَا يَسْتَطِيع الالتفاتَ إِلَى النَّاس يَمِينا وَشمَالًا من داءٍ ونحوِه.
والفِعلُ صَيِد يَصْيدُ.
قَالَ: وأَهل الْحجاز يُثْبِتون الواوَ وَالْيَاء، نَحْو: صَيِد وعَوِد، وغيرُهم يَقُول: صَادَ يَصادُ وعارَ يَعار.
قَالَ: ودَواءُ الصَّيَد: أَن يُكوَى بَين عَيْنَيْهِ فَيذْهب الصيَدُ، وأَنشد:
أَشفِي المجانين وأَكْوي الأصْيدا
أَبُو عبيد: الصادُ: قُدودُ الصُّفْر والنُّحاس.
قَالَ حسّان بن ثَابت:
رأَيتُ قُدورَ الصادِ حولَ بيوتِنا
قَالَ: والصَّيَداءُ: حَجَرٌ أبيضُ يُعمَل مِنْهُ البِرَام. والصَّيْدانُ: بِرامُ الْحِجَارَة، وَأنْشد:
وسُودٍ من الصِّيدانِ فِيهَا مَذانِبُ
وَقَالَ النَّضْرُ: الصيْداء: الأَرْض الَّتِي تُربتُها حمراءُ غليظةُ الْحِجَارَة مستويةٌ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: هِيَ الأَرْض الغليظة.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الصيْداءُ: الحَصَى، وَقَالَ الشَّمَّاخ:
حَذاها من الصيْداءِ نعلا طِراقُها
حَوامِي الكُراع المُؤْيدات العَشَاوِزِ
أَي: حَذاها حَرَّةً نِعالها الصّخور.
شمر عَن أبي عَمْرو قَالَ: الصَّيْداءُ: الأَرْض المستوية، وَإِذا كَانَ فِيهَا حَصًى فَهُوَ قاع. قَالَ. وَكَانَ فِي البُرْمة صِيْدان وصَيْدَاء يكون فِيهَا كَهَيئَةِ بَريق الفضّة، وأجوده مَا كَانَ كالذّهب وَأنْشد:
طِلْحٌ كضاحِية الصَّيْداءِ مَهْزولُ
قَالَ: وصَيْدانُ الحَصَى: صغارُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّيْدان والصَّيْدء: حَجرٌ أَبيض تَعمَل مِنْهُ البِرَام.
وَقَالَ بَعضهم: الصَّيْدانُ: النُّحاس، قَالَ كَعْب:
وقِدْراً تَغْرَق الأَوْصالَ فِيهِ
من الصَّيْدان مُترَعَةً رَكُودا
وَصد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ} (الْكَهْف: 18) ، قَالَ الفرّاءُ: الوَصِيدُ والأصيد لُغتان، الفِناء مِثلُ الوِكاف والإكاف، وهما العِناء.
وَقَالَ ذَلِك يُونُس، وَقَوْلهمْ: {الاَْفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ} (الْهمزَة: 8) ، وقرىء (مُوصَدة) .

(12/155)


(أصد) : قَالَ ابْن السِّكيت: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَصَدْتُ وأَوْصَدْتُ: إِذا أطبَقْتَ، وَمعنى مؤصَدَة: أَي: مطبقةٌ عَلَيْهِم.
وَقَالَ الليثُ: الإصاد والأُصُد بِمَنْزِلَة المُطْبَق، يُقَال: أطبق عَلَيْهِم الإصادَ والوِصاد والآصِدة.
وَقَالَ ثَعْلَب: الأُصْدةُ: الصُّدْرة، وَأنْشد:
مثل البِرَام غَدا فِي أُصْدَةٍ خَلَقٍ
لَم يستَعِنْ وحوامي الموتِ تَغْشاه
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأصِيدُ: الفِناء: وآصَدْت البابَ وأَوْصَدْته: إِذا أغلقْتَه.
وَقَالَ الأمويّ: الأصِيدةُ كالحَظيرة تعْمل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: أصَدَتْنا مُذ اليومِ، أَي: آذَبَتْنا إصادَةً. وَفِي (النَّوَادِر) : وَصَدْتُ بِالْمَكَانِ أَصِد، ووتَدْتُ أَتِد: إِذا ثَبَتَ.
ديص: قَالَ اللَّيْث: داصت الغُدَّة بَين اللَّحْم وَالْجَلد تَدِيصُ. قَالَ: والانْدِياصُ: الشّيءُ يَنسَل من يَدِك، تَقول: انْدَاصَ علينا بشرِّه. وإنّه لمُنْداص بالشرّ، أَي: مفاجِىءٌ بِهِ، وقّاعٌ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: داصَ يَدِيص دَيْصاً: إِذا فَرّ.
وَقَالَ الْأَحْمَر مِثلَه. قَالَ: والداصَةُ مِنْهُ.
أَبُو العبّاسَ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّيْصُ: نَشاطُ السّائس. وداصَ الرجُل: إِذا خَسّ بعد رِفْعة.
الأصمعيّ: رجلٌ دَيّاصٌ: إِذا كنتَ لَا تَقدر أَن تَقبِض عَلَيْهِ من شدّة عَضَلِه.

(بَاب الصّاد وَالتَّاء)
ص ت (وَا يء)
صَوت صيت: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: صَوّت يُصوِّت تصويتاً فَهُوَ مصوِّت، وَذَلِكَ إِذا صَوّتَ بِإِنْسَان فَدعاه. وَيُقَال: صاتَ يَصُوت صَوْتاً فَهُوَ صائت، مَعْنَاهُ: صائح. وَقد يُسمَّى كلُّ ضَرْب من الأُغنِيات صَوتاً، والجميع الْأَصْوَات. وَرجل صَيِّتٌ: شديدُ الصوْت.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: الصَّوتُ، صَوْتُ الإِنسان وغيرِه. والصِّيتُ: الذِّكْر، يُقَال: قد ذهب صِيتُه فِي النّاس، أَي: ذكْرُه.
وَقَالَ ابْن بُزْرُج: أصاتَ الرجُل بالرّجل: إِذا شَهَرَ بأمرٍ لَا يَشتهيه. وأنصاتَ الزّمانُ بِهِ إنصياتاً: إِذا اشتَهر.
وَقَالَ غَيره: إنصات الأمرُ: إِذا استقام، وَأنْشد:
ونَصرُ بنُ دَهْمانَ الهُنيدةَ عاشَها
وتِسعين حولا ثمَّ قُوِّم فانْصَانَا
قَالَ: انصات، أَي: استقام.
والصَّيِّتةُ بِالْهَاءِ: الصَّيِّت، وَقَالَ لَبيد:
وَكم مُشتَرٍ من مالِه حُسْنَ صِيتِه
لأيَّامه فِي كلّ مَبْدًى ومَحْضَرِ

(12/156)


وَقَالَ ابْن السّكيت: رجلٌ صاتٌ: شديدُ الصّوتُ كَقَوْلِهِم: طانٌ كثيرُ الطَين، وكبشٌ صافٌ: كثيرُ الصُّوف.

(بَاب الصّاد وَالرَّاء)
ص ظ. ص د. ص ت: مهملات.
ص ر واي
صرى. صَار. أصر. ورص. وصر. رصا. صور.
صرى: رُوِيَ عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنَّ آخِرَ مَن يَدخلُ الجنَّة رجلٌ يَمشي على الصّراط فيَنكَبُّ مرّةً ويَمشِي مَرَّةً وتَسَفُعه النَّار، فَإِذا جَاوَزَ الصِّراط تُرفَع لَهُ شَجَرَةٌ فيقولُ: يَا ربُّ أَدْنِني مِنْهَا، فَيَقُول الله، أَي: عبْدِي مَا يَصرِيك مِني) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: (مايَصْريك) : مَا يَقطع سأَلتَك منّي، يُقَال: قد صَرَيْتُ الشيءَ، أَي: قطعتُه ومنعتُه، وَأنْشد:
هَواهُنّ إِن لم يَصْرِه اللَّهُ قاتِلُهْ
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: صَرَى الله عَنْك شَرَّ فلَان، أَي: دفَعَه. قَالَ: والصَّرَى: الماءُ الّذي قد طَال مَكْثُه وتَغَيَّر. وَهَذِه نُطْفَةٌ صَراةٌ. وَقد صَرَى فلانٌ الماءُ فِي ظهرِه زَماناً، أَي: حَبَسه. وَيُقَال: جَمَعه. وَأنْشد:
رُبَّ غلامٍ قد صَرَى فِي فِقْرَتِهْ
مَاء الشّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِهْ
كَذَا رَوَاهُ شمر، وَزَاد: أَنعظ حَتَّى اشْتَدَّ سَمُّ سُمَتِهْ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من اشْترى مُصَرّاةً فَهُوَ بآخر النَّظَريْن إنْ شاءَ رَدَّها ورَدَّ مَعهَا صَاعا من تَمْر) .
قَالَ أَبُو عُبيد: المُصَرّاة: هِيَ النَاقة أَو الْبَقر أَو الشّاة يُصرَّى اللبنُ فِي ضَرْعها، أَي: يُجمَع ويُحبَسُ، يُقَال مِنْهُ: صَرَيْتُ المَاء وصَرَّيْتُه.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: صَرت الناقةُ تَصْرِي، من الصَّرْي، وَهُوَ جمع اللّبن فِي الضَّرْع.
وناقة صريي وَجَمعهَا صراء، مثل: عطشى وعطاش.
الفرّاء: صَرِيَتِ الناقةُ: إِذا جَفَلت واجتمعَ لبنُها، وأَنشَد:
مَن للجَعافِرِ يَا قَوْمي فَقَدْ صَرِيَتْ
وَقد يُساقُ لِذاتِ الصُّرْية الحَلَبُ
وَقَالَ الآخر:
وكل ذِي صَرْيةٍ لَا بدّ مَحلوبُ
وَقَالَ اللَّيْث: صَرِيَ اللّبنُ يَصْرَى فِي الضَّرْع: إِذا لم يُحلَب ففسَد طعمه، وَهُوَ لبنٌ صَرًى. وصَرِيَ الدمعُ: إِذا اجتَمع فَلم يَجْر.
وَقَالَت خَنْساء:
فلَم أَملِكْ غداةَ نَعيِّ صَخْرٍ
سوابِقَ عبْرةٍ حُلِبَتْ صَراهَا

(12/157)


قَالَ: وصَرِيَ فلانٌ فِي يَد فلانٍ: إِذا بَقِيَ فِي يدِه رَهْناً؛ قَالَ رؤبة:
رَهْنَ الحَرورِيين قد صَرِيتُ
وأَخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قيل لابنَة الخُسِّ أيُّ الطَّعَام أثقَل؟ فَقَالَت: بَيْضُ نَعامْ، وصِرَى عامٍ بعدَ عامٍ، أَي: نَاقَة تُغَرَّز عَاما بعد عَام.
وَحكى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الصَّرَى: اللّبنُ يُترَك فِي ضَرع النَّاقة فَلَا يُحتلب فَيصير مِلْحاً ذَا رِياح.
وأَخبرني عَن أبي الهَيْثم أنَّه ردّ على ابْن الأعرابيّ قَوْله: صِرَى عَام بعدَ عَام، وَقَالَ: كَيفَ يكون هَذَا؟ والناقةُ إِنَّمَا تُحلَب ستَّةَ أشهر أَو سبعةَ أشهر، فِي كلامٍ طَوِيل قد وَهِمَ فِي أَكْثَره، والّذي قَالَه ابنُ الأعرابيّ صَحِيح، ورأيتُ العَرَب يَحلُبون الناقةَ من يومِ تُنْتَجُ سنة إِذا لم يَحمِلوا الفحلَ عَلَيْهَا كِشافاً، يغرِّزُونها بعد تمَام السّنة ليَبقَى طِرْقُها، وَإِذا غَرَّزُوها وَلم يَحْتَلبوها، وَكَانَت السّنة مُخصِبةً تَرَادَّ اللبنُ فِي ضَرْعها فخَثُر وخَبُثَ طعمُه فانمَسَخَ، وَلَقَد حَلَبْتُ لَيْلَة من اللّيالي نَاقَة مغرَّزَةً فَلم يتهيّأ لِي شُرْبُ صَرَاها لخُبْث طعمِه ودَفْقَتِه، وَإِنَّمَا أَرَادَت ابْنة الخُسِّ بقولِهَا: صَرَى عامٍ بعد عَام، لبنَ عَام استقبلتْه بعد انْقِضَاء عامٍ نُتِجَتْ فِيهِ، وَلم يَعرِف أَبُو الْهَيْثَم مُرَادَها، وَلم يَفهم مِنْهُ مَا فَهِمه ابْن الأعرابيّ فعَلِق يَرُدّ بتطويلٍ لَا معنى فِيهِ.
أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيّ: صَرَى يَصرِي: إِذا قَطَع، وصَرَى يَصْرِي: إِذا عَطَف، وصَرَى يَصرِي: إِذا تَقدَّم، وصَرَى يَصرِي: إِذا تأخَّر، وصَرَى يَصرِي: إِذا عَلاَ، وصَرَى يَصري: إِذا سَفَل، وصَرَى يَصرِي: إِذا أَنْجَى إنْسَانا من هَلَكة وأغاثه وأَنشد:
بَين الفَراعِلِ إنْ لم يَصْرِنِي الصّارِي
وَقَالَ آخر فِي صَرَى إِذا سَفَل:
والناشئاتِ الماشياتِ الخَيْزَرِي
كعُنُق الآرام أَوْفَى أَوْ صَرَى
قَالَ: أَوْفَى: عَلاَ. وصَرَى: سَفَل، وأَنشد فِي عَطَف:
وصَرَيْنَ بالأعناقِ فِي مَجْدُولةٍ
وصَلَ الصّوانعُ نِصْفَهنَّ جَديدا
وَقَالَ ابْن بزرج: صَرَتِ الناقةُ عُنُقَها: إِذا رفعتْه من ثِقلَ الوِقْر، وأَنشد:
والعِيسُ بَين خاضِعٍ وصَارِي
قَالَ: والصارِي: الْحَافِظ، وَيُقَال: صَرَاه الله: حَفِظه الله.
وَقَالَ شمر: قَالَ المنتجع: الصَّرْيانُ من الرّجال والدوابّ: الّذي قد اجْتمع الماءُ فِي ظهرِه، وأَنشد:
فَهُوَ مِصَكٌّ صَمَيان صرْيان

(12/158)


والصارِّيَّةُ من الرَّكايا: الْبَعِيدَة العَهْد بِالْمَاءِ، فقد أَجِنَتْ وعَرْمَضَتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصّارِي: المَلاّح، وَجمعه صُرَّاءٌ على غير قِيَاس.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ماءٌ صِرًى وصَرًى، وَقد صَرِيَ يَصْرَى، وَقَالَ: صَرَيْتُ مَا بَينهم: أصْلَحْتُ، فَأَنا أَصرِي صَرْياً.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا اصفرّ الحَنْظل فَهُوَ الصرَاء مَمْدُود، واحدته صَرايةٌ، وجمعُها صَرايَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنْشد أَبُو مَحْضة أبياتاً ثمَّ قَالَ: هَذِه بِصَراهُنّ وبِطَرَاهُنّ.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وسألتُ الحُصينِيَّ عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه الأبيات.
بَطرَاوِتِهنّ وصَرَاوتَهنّ، أَي: بِجدّتهنّ وغَضاضَتِهنَّ.
صري: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: صُرْتُ إليَّ الشيءَ وأَصَرْته: إِذا أَمَلْتَه إِلَيْك، وأَنشد:
أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ
وَيُقَال: صاره يصوره ويصيره: إِذا أماله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من قَرَأَ: (صُرهن) ، مَعْنَاهُ: أملهن. وَمن قَرَأَ: (صِرْهن) مَعْنَاهُ: قَطَعهن. وَأنْشد للخنساء:
لظلت الشُّم مِنْهَا وهْي تَنصار
يَعْنِي: الْجبَال تصدع وتغرق.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} (الْبَقَرَة: 260) .
قَالَ الفرَّاء: ضَمت العامّة الصَّاد، وَكَانَ أصحابُ عبد الله يَكسِرونها، وهما لُغتان، فَأَما الضّم فكثير، وَأما الكَسْر فَفِي هُذَيْل وسُلَيم، وأَنشدني الكسائيّ فَقَالَ:
وفَرْعٌ يَصير الجِيدَ وَحْفٌ كأنهْ
على اللِّيْث قِنْوانُ الكروم الدَّوَالح
يَصيرُ: يمِيل وكلّهم فسَّروا: (فُصرْهُن) : أَمِلْهُنَّ، وَأما (فَصُرْهنَّ) بِالْكَسْرِ فإنَّه فُسِّر بِمَعْنى قَطِّعْهن.
قَالَ: وَلم نجد قطّعهن مَعْرُوفَة، وأراها إِن كَانَت كَذَلِك من صرَيْتُ أَصْرِي، أَي: قَطَعْتُ، فقُدمَتْ ياؤها، كَمَا قَالُوا: عَثِيت وعِثْت.
وَقَالَ الزجّاج: قَالَ أهل اللُّغَة: معنى: (صُرْهُنَّ إِلَيْك) : أَمِلْهُن إِلَيْك واجمَعْهنَّ وأَنشد:
وَجَاءَت خُلْعةً دُهْساً صَفايَا
يَصور عُنوقَها أَحوَى زَنيمُ
أَي: يعطِفُ عُنوقَها تَيْسٌ أَحْوى.
صور: وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوَرُ: المَيْل، والرجلُ يَصُور عُنُقَه إِلَى الشَّيْء: إِذا مَال نحوَه بعنُقه، والنَّعتُ أَصْوَر، وَقد صَوِر.
وعُصفورٌ صَوّار: وَهُوَ الَّذِي يُجيب الدّاعي.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ: أَنه دخَل صَوْرَ نَخْلٍ.

(12/159)


قَالَ أَبُو عُبَيد: الصَّوْر: جِماع النّخل، وَلَا واحدَ لَهُ من لقطه، وَهَذَا كَمَا يُقَال لجَماعَة الْبَقر: صُوار.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّوارُ والصِّوارُ: القطيع من الْبَقر، وَالْعدَد أَصْوِرة، والجميع صِيرَان. وأَصوِرَة المِسْك: نافقاتُه.
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ: يُقَال: صرعه فتجوّرَ وتَصَوَّر: إِذا سَقَطَ.
وأَخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَول الله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ} (الْكَهْف: 99) : اعْترض قوم فأنكروا أَن يكون الصُّورُ قَرْناً، كَمَا أَنكَروا العرشَ والمِيزان والصراط، وادَّعَوْا أَن الصُّور جمع الصُّورَة، كَمَا أَن الصُّوف جمع الصوفة، والثُّوم جمع الثُّومة، ورَوَوْا ذَلِك عَن أَبي عُبَيدة.
قَالَ أَبو الْهَيْثَم: وَهَذَا خطأٌ فَاحش، وتحريفٌ لكلِم الله عَن موَاضعهَا، لِأَن الله جلّ وَعز قَالَ: {بِنَآءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ} (غَافِر: 64) ، بِفَتْح الْوَاو، وَلَا نعلَم أَحداً من الْقُرَّاء قرأَها: (فأحْسَن صُورَكم) ، وَكَذَلِكَ قَالَ الله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ} (الْكَهْف: 99) فَمن قرأَها (ونُفخ فِي الصُّوَر) أَو قَرَأَ: (فَأحْسن صُوْرَكم) فقد افترَى الكَذِب وبدّل كتابَ الله، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة صاحبَ أخبارٍ وغريب، وَلم يكن لَهُ معرفَة بالنحو.
وَقَالَ الْفراء: كلُّ جمعٍ على لفظ الْوَاحِد الذكَر سبق جمعُه واحدتَه، فواحدتُه بِزِيَادَة هَاء فِيهِ، وَذَلِكَ مثل الصُّوف والوَبر والشعَر والقطْن والعشب، فكلّ وَاحِد من هَذِه الْأَسْمَاء اسمٌ لجَمِيع جنسه، فَإِذا أُفْرِدتْ واحدتُه زيدتْ فِيهَا هَاء، لِأَن جميعَ هَذَا الْبَاب سبق واحدتَه، وَلَو أَن الصوفةَ كَانَت سَابِقَة للصوف لقالوا: صوفَةٌ وصُوَف، وبُسْرَةٌ وبُسَر، كَمَا قَالُوا: غُرْفة وغُرَف، وزُلْفَة وزُلَف.
وَأما الصُّورُ القَرْنُ فَهُوَ وَاحِد لَا يجوز أَن يُقَال واحدتُه صورَة، وَإِنَّمَا تُجمع صُورَة الْإِنْسَان صُوَراً، لِأَن واحدتَه سبقتْ جَمْعَه.
فالمصوِّر من صِفَات الله تَعَالَى لتصويره صوَر الْخلق. وَرجل مصوَّر إِذا كَانَ معتدل الصُّورَة. ورحل صيّر: حسن الصُّورَة والهيئة.
ورَوَى سُفْيانُ عَن مُطرّف عَن عطيّة عَن أبي سعيد الخدرِي قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ أَنْعَمُ وصاحِبُ القَرْن قد التَقَم القَرْن، وحَتى جَبْهَته وأَصْغَى سَمعه ينْتَظر مَتى يُؤمَر) ، قَالُوا: فَمَا تأمُرنا يَا رَسُول الله، قَالَ: (قُولُوا حسْبُنا الله وَنعم الْوَكِيل) .
قلتُ: قد احتجَّ أَبُو الهَيْثم فأحسَنَ الِاحْتِجَاج، وَلَا يَجوز عِنْدِي غيرُ مَا ذَهَب

(12/160)


إِلَيْهِ، وَهُوَ قولُ أهلِ السنّة وَالْجَمَاعَة. والدّليل على صحّة مَا قَالُوا: أَن الله جلّ وعزّ ذكر تصويرَه الخَلْق فِي الْأَرْحَام قبل نَفْخ الرُّوح، وَكَانُوا قبلَ أَنْ صوَّرهم نُطَفاً، ثمَّ عَلقَاً، ثمَّ مُضَغاً، ثمَّ صوّرَهم تصويراً.
فأمّا البَعْث فإنّ الله جلّ وعزّ يُنشِئهم كَيفَ شَاءَ، وَمن ادّعى أَنه يصوِّرُهم ثمَّ ينْفخ فيهم فَعَلَيهِ البَيَان، ونَعوذ بِاللَّه من الخِذْلان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّوْرةُ: النَّخْلة، والصَّوْرةُ: الحِكَّة انتغاشِ الحَطى فِي الرَّأْس.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب لابنَة لَهَا: هِيَ تَشْفِيني من الصَّوْرة، وتستُرني من الغَوْرَة، وَهِي الشّمس. والصِّوارانِ صِماغَا الفَمِ، والعامّة تُسمِّيهما الصَّوَّارَيْن، وهما الصّامغانِ أَيْضا.
صير: وَرُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَن اطَّلع من صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ) ، قَالَ أَبُو عُبيد: تَفْسِيره فِي الحَدِيث: إِن الصِّير: الشّقُّ.
وَفِي حديثٍ آخَر يَروِيه سالمٌ عَن أَبِيه: أَنه مَرّ بِهِ رجُل مَعَه صِيرٌ فذاقَ مِنْهُ.
قَالَ: وتفسيرُه فِي الحَدِيث أَنه الصَّحْناء. وَقَالَ أَبُو عُبيد: الصِّيرة: الحَظِيرة للغنم، وجمعُها صِيَر، قَالَ الأَخْطَل:
واذكرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً
من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ
قَالَ: وَيُقَال: أَنا على صيرِ أمرٍ، أَي: على طَرَف مِنْهُ، قَالَ زُهَير:
وَقد كنتُ من سَلْمَى سنينَ ثمانياً
على صِير أَمَرٍ مَا يمرُّ وَمَا يَحْلُو
وَقَالَ اللّيث: صِيرُ كُلَ أمرٍ مَصيرُه. والصَّيْرُورة مصدرُ صارَ يصيرُ.
قَالَ: وصارةُ الْجبَل: رأسُه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الصِّيرةُ على رَأس القَارة مثلُ الأمَرَة، غير أنّها طوَيْت طَيّاً، والأَمَرَةُ أطوَلُ مِنْهَا وأعظَم، وهما مطويّتان جَمِيعًا، فالأَمَرَة مُصَعْلكَة طَوِيلة، والصِّيرة مستديرةٌ عريضة ذاتُ أَرْكان، وربّما حُفِرَتْ فَوجدَ فِيهَا الذّهب والفضّة، وَهِي من صَنْعة عادٍ وإرَم. والصَّيِّرُ: الْجَمَاعَة، وَقَالَ طُفَيْل الغَنَويُّ:
أَمسى مُقيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُهُ
بالبئر غَادَرَهُ الأحياءُ وابتَكَرُوا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: صَيِّرُه: قَبْرُه، يُقَال: هَذَا صَيِّرُ فلَان، أَي: قبرُه، وَقَالَ عُرْوَة بن الوَرْد:
أحاديثُ تَبقَى والفتَى غيْر خالدٍ
إِذْ هوَ أَمْسَى هَامة فوقَ صَيِّرِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: بالهُزَر وَهُوَ مَوضِع ألفُ صَيِّر، يَعْنِي قُبوراً من قُبورِ أهل الْجَاهِلِيَّة ذكَره أَبُو ذُؤَيْب فَقَالَ:

(12/161)


كانتْ كَلْيَلةِ أَهلِ الهَزَرْ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: تصيَّرَ فلانٌ أَبَاهُ وتقيَّضَه: إِذا نَزَع إِلَيْهِ فِي الشَّبه. قَالَ: وَيُقَال: مَا لَه صَيُّور، مِثَال فَيْعُول، أَي: مَا لَه عَقْل وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَقَالَ أَبُو سَعِيد: صَيُّور الأمرِ: مَا صَار إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو العَمَيْثَل: صارَ الرجلُ يَصيرُ: إِذا حَضَرَ المَاء فَهُوَ صائر، والصائِرة: الحاضِرة، وَقَالَ الْأَعْشَى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّعَ رَوْضَ القَطا
ورَوْضَ التَّناضُبِ حَتَّى تَصِيرَ
أَي: حتّى تحضر المَاء، وَيُقَال: جمعتهم صائرةُ القَيظ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصَّيْرُ: رُجُوع المنتجِعين إِلَى مَحاضِرِهم، يُقَال: أَيْن الصائرة، أَي أَيْن الْحَاضِرَة. والصِّيارُ: صَوْت الصَّنْجِ وأنشَد:
كأنّ تَراطُنَ الهاجاتِ فِيها
قُبَيْلَ الصُّبْح رَنّاتُ الصِّيَارِ
يريدُ: رَنِين الصَّنْجِ بأوْتاره.
وَيُقَال: صِرْت إِلَى مَصِيري وَإِلَى صِيرِي وصَيُّوري. وصَيرُ الأَمْرِ: مُنْتَهاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للمنزل الطيّب مَصِيرٌ ومِرَبٌّ ومَقْمَرٌ ومَحْضَر، يُقَال: أَيْن مصيرُكم؟ أَي: أَيْن منزلُكم.
والصائر: المُلَوِّي أعناقَ الرِّجال.
وصر: قَالَ اللّيث: الوَصَرَّةُ معرّبة، وَهِي الصَّكّ، وَهِي الأَوْصَر، وأنشَد:
وَمَا اتَّخذْتُ صَراماً للمُكُوثِ بهَا
وَمَا انْتَقَيْتُك إِلَّا للوَصَرّاتِ
ورُوِي عَن شُريح: أنّ رجلَيْنِ احتَكَما إِلَيْهِ، فَقَالَ أَحدهمَا: إنّ هَذَا اشتَرى منّي دَارا وقَبضَ منّي وِصْرَها، فَلَا هُو يُعطيني الثّمن وَلَا هُوَ يُردّ عَلَى الوِصْر. قَالَ القتيبي: الوِصْرُ: كتاب الشّراء، والأصلُ إصْرٌ سمِّي إصْراً لأنّ الإصْرَ العَهْدُ، ويسمَّى كتابَ الشُّروط، وكتابَ العُهودِ والمَواثِيق، وَجمع الوِصْر أَوْصار، وَقَالَ عَدِيّ بنُ زَيْد:
فأيُّكُمْ لَم يَنله عُرْف نائِله
دَثْراً سَواماً وَفِي الأَريافِ أوصارَا
أَي: أقطعَكم فَكتب لكم السجلاّت فِي الأَرياف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أخذت عَلَيْهِ إصْراً، وأخذتُ مِنْهُ إصْراً، أَي: مَوثقاً من الله. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا} (الْبَقَرَة: 286) ، الْآيَة.
وَقَالَ الْفراء: الإصْر: العَهْد، وَكَذَلِكَ فِي قَوْله: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذالِكُمْ إِصْرِى} (آل عمرَان: 81) ، قَالَ: والإصْرُ هَهُنَا إِثْم العَقْد والعَهْد إِذا ضَيّعوه كَمَا شُدّد على بني إِسْرَائِيل.

(12/162)


وروَى السُّديّ عَن أبي الهزهار عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا} : قَالَ: عهدا تعذِّبنا بترْكِه ونَقْضه. وَقَوله: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذالِكُمْ إِصْرِى} قَالَ: ميثاقِي وعَهْدِي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كُلّ عَقْد من قرَابَة أَو عَهْد فَهُوَ إصْر. وَتقول: مَا تأصيرُني على فلَان آصرة، أَي: مَا تعطفني عَلَيْهِ مِنّة وَلَا قرَابَة. وَقَالَ الحُطَيْئة:
عَطَفوا عليّ بِغير آ
صِرَة فقد عَظُم الأوَاصِرْ
أَي: عَطَفُوا عليَّ بِغَيْر عَهْدٍ أَو قرَابَة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: أَصَرْتُ الشيءَ آصِرُه أصْراً: كسَرْتُه. والمآصِرُ يُقَال: هُوَ مأخوذٌ من آصِرَة العَهْد، إِنَّمَا هُوَ عقْدٌ ليُحبَس بِهِ. وَيُقَال للشَّيْء الَّذِي تُعقَد بِهِ الأشياءُ: الإصار من هَذَا.
وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى: لَا تَحْمل علينا إصْراً يثْقُلُ علينا كَمَا حَملته على الَّذين من قَبْلنا نحوَ مَا أمِر بِهِ بَنو إِسْرَائِيل من قَتْل أنفسِهم، أَي: لَا تَمتحِنّا بِمَا يثقُل علينا أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: المأْصِرُ: حَبْلٌ يُمدُّ على نَهْر أَو طريقٍ تُحبَس السُّفُن والسابلة لتؤخذ مِنْهُم العُشور. وكلأٌ آصِرٌ: يَحبِس من يَنتهي إِلَيْهِ لكثرته.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الإصارُ: الطُّنُبُ وجمعُه أُصُرٌ. والأيْصَر: الْحَشيش المجتمِع، وجمعُه أياصر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الإصار: وَتِدٌ قَصِير، وجمعُه أُصُر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأيْصَر: حُبَيْل قَصير يُشَدّ فِي أَسْفَل الخِباء إِلَى وَتِد، وَفِيه لغةٌ: أَصارٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هُوَ جارِي مُكاسِري ومُؤاصِرِي، أَي: كِسْر بيتِه إِلَى جَنْب كِسْر بَيتي، وإصارُ بَيْتِي إِلَى جَنْب إصَارِ بيتِه، وَهُوَ الطُّنُب.
وَقَالَ الكسائيُّ: أصَرَني الشيءُ يَأْصِرني، أَي: حَبَسني.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإصْرانِ: ثَقْبَا الأُذَنين، وأَنشَد:
إنّ الأُحَيمِرَ حِين أرجُو رِفْدَه
غَمْراً لأَقطَعُ سيّىءُ الإصْرانِ
قَالَ: والأقطع الأصمّ والإصْران: جمعُ إصْرٍ.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمر: (مَن حَلَف على يمينٍ فِيهَا إصرُ فَلَا كفّارَة لَهَا) ، يُقَال: إنّ الإصْرَ أنْ تَحلِف بطَلاقٍ أَو عِتْق أَو نَذْرٍ. وأَصْلُ الإصْر الثِّقْلُ والشدَّة، لأنَّها أثقَل الأيْمان وأَضْيَقُها مَخْرَجاً. والعَهْدُ يُقَال لَهُ: إصْرٌ.
ورص: سَلَمة عَن الفرّاء: وَرَّصَ الشَّيخُ

(12/163)


وأَوْرَصَ: إِذا استرخَى حِتارُ خَوْرانِه فَأَبْدى. وامرأةٌ مِيراصٌ: تُحدِث إِذا أُتِيَتْ.
رصى: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رصَاه: إِذا أَحْكمه.
قَالَ: وراصَ الرجُل: إِذا عَقَل بعد رُعُونة، ورساه: إِذا نَوَاه للصَّوْم.

(بَاب الصّاد واللاّم من المعتل)
ص ل (وَا يء)
صلى، صول، وصل، لصا، لوص، (ألاص، يليص) .
وصل: قَالَ اللَّيْث: كلُّ شيءٍ اتّصل بِشَيْء، فَمَا بَينهمَا وُصْلَة. وموْصِل الْبَعِير: مَا بَين العَجُز وفخِذِه، وَقَالَ أَبُو النّجم:
تَرَى يَبِيس الماءِ دُونَ المَوْصلِ
مِنْهُ بعَجْزٍ كصفَاة الجَيْحل
وَقَالَ المتنخّل:
لَيْسَ لمَيْتٍ بوَصيلٍ وَقد
عُلِّق فِيهِ طَرَفُ المَوْصلِ
يَقُول: باتَ الميّت فَلَا يُواصلُه الحيّ، وَقد عُلّق فِي الحيّ السّبب الَّذِي يُوصّله إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ الميّت، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
إنْ وصلتَ الكتابَ صِرْتَ إِلَى الله
ومَن يُلْفَ واصلاً فَهُوَ مُودي
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَعْنِي لَوْح المقَابر يُنقَر ويُترَك فِيهِ موضعٌ بَياضاً فَإِذا مَاتَ إِنْسَان وُصل ذَلِك الْموضع باسمه. وَيُقَال: هَذَا وَصيلُ هَذَا، أَي: مِثْله. والوَصائل: بُرودُ اليَمَن، الْوَاحِدَة وصيلة.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة) ، قَالَ أَبُو عُبيد: هَذَا فِي الشَّعر، وَذَلِكَ أَن تصل الْمَرْأَة شَعْرَها بشعرٍ آخَر.
ورُوِي فِي حديثٍ آخَر: (أيُّما امرأةٍ وصلت شعَرها بشعرٍ آخَر كَانَ زُوراً) . قَالَ: وَقد رَخصَت الفُقهاءُ فِي القَرَامِل، وكلُّ شَيْء وُصِل بِهِ الشَّعر مَا لم يكن الوَصل شعرًا لَا بَأْس بِهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ} (الْمَائِدَة: 103) ، قَالَ المفسّرون: الوصيلةُ: كَانَت فِي الشّاء خاصّة، كَانَت الشاةُ إِذا وَلَدتْ أُنْثَى فَهِيَ لَهُم، وَإِن ولَدَتْ ذكرا جَعَلُوهُ لآلهتهم، وَإِذا ولدتْ ذكرا وَأُنْثَى قَالُوا: وصلَتْ أخاها، فَلم يَذبحوا الذَّكَر لآلهتهم.
قَالُوا: والوصيلة: هِيَ الأَرْض الوَاسِعة كَأَنَّهَا وُصلَت بأُخرى، يُقَال: قطَعْنَا وصيلةً بعيدَة.
ورُوِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِذا كنتَ فِي الوصيلة فأَعْطِ راحِلَتَك حَظَّها. لَم يُرد بالوصيلة هُنَا الأرضَ الْبَعِيدَة، وَلكنه أَرَادَ

(12/164)


أَرضًا مُكْلِئة تتّصل بِأُخْرَى ذَات كلأ، وَفِي الأولى يَقُول لَبيد:
وَلَقَد قَطَعت وصيلةً مجرُودةً
يَبكِي الصَّدَى فِيهَا لشَجْوِ البُومِ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} (النِّسَاء: 90) ، وَالْمعْنَى: اقْتُلُوهُمْ وَلَا تتّخذوا مِنْهُم أولياءَ إلاّ من اتَّصل بِقوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق واعتَزوْا إِلَيْهِم، وَهُوَ من قَول الْأَعْشَى:
إِذا اتَّصلتْ قَالَت أَبَكْرَ بن وائلٍ
وَبَكْرٌ سَبَتها والأُنُوفُ رَوَاغِمُ
أَي: إِذا انتَسَبتْ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} أَي: يَنتسبون.
قلتُ: والاتّصالُ أَيْضا: الاعتزاءُ المَنهي عَنهُ إِذا قَالَ: يال فلَان. والوِصلُ بكَسر الْوَاو كلُّ عَظْمٍ على حدةٍ لَا يُكسَر وَلَا يُوصل بِهِ غَيره، وَهِي الكِسْر والجَدْل، وجمعُه أوْصال وجُدول، وَيُقَال: وصل فلانٌ رَحمه يصلُها صلَة. وَوصل الشيءَ بالشَّيْء يَصلُه وصلا. وَوصل كتابُه إليّ وَبرُّه يَصل وُصولاً، وَهَذَا غيرُ وَاقع. وواصَلْتُ الصيامَ بالصيام: إِذا لم تُفْطر أَيَّامًا تباعا. وَقد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال.
وتوصّلتُ إِلَى فلَان بوُصلَةٍ وسببٍ تَوصُّلاً: إِذا تسبَّبْتَ إِلَيْهِ بحُرمة. ومَوصل كُورَةٌ مَعْرُوفَة.
صول: قَالَ أَبُو زيد: صالَ الجملُ يصُول صيالاً وصُوالاً، وَهُوَ جَمَلٌ صَوْلٌ وجمالٌ صَوْلٌ لَا يُثنَى وَلَا يُجمع لأَنه نعتٌ بالمَصدر.
قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: صَؤُلَ البعيرُ يصؤُل صآلةً، وَهُوَ جملٌ صَؤُلٌ، وَهُوَ الّذي يَأْكُل راعِيه ويواثِبُ النَّاس فيأكلهم قَالَ: والصَّؤول من الرّجال: الَّذِي يضْرب الناسَ ويتطاول عَلَيْهِم.
قلت: الأَصل فِيهِ تركُ الهَمْز، وَكَأَنَّهُ هُمِز لانضمام الْوَاو، وَقد همزَ بعضُ القرَّاء: {وَإِن تَلْؤُوا أَو تُعْرضوا} (النِّسَاء: 135) ، لانضمام الْوَاو.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعرابي قَالَ: المِصْولة: المِكْنَسة الَّتِي يُكنَس بهَا نواحي البَيْدَر.
صلى: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا دُعي أحدكُم إِلَى طعامٍ فليُجب، فَإِن كَانَ مُفْطراً، فلْيَطْعم، وَإِن كَانَ صَائِما فليُصلّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه: (فليُصلّ) يَعْنِي فليَدْعُ لَهُم بالبَرَكة وَالْخَيْر، وكلُّ داعٍ فَهُوَ مصلَ وَمِنْه قولُ الْأَعْشَى:
عليكِ مِثلَ الَّذِي صلَّيْتِ فاغتمِضي
نَوماً فإنَّ لجَنْب الْمَرْء مُضْطجعا

(12/165)


وَأما حديثُ ابْن أبي أوْفَى أَنه قَالَ: أَعْطَانِي أبي صَدَقَة مَاله فأتيتُ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صلّ على آل أبي أوْفَى) فإنّ هَذِه الصلاةَ عِنْدِي الرحمةُ، وَمِنْه قولُه جلَّ وعزَّ: {شَىْءٍ شَهِيداً إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} (الْأَحْزَاب: 56) ، فَالصَّلَاة من الْمَلَائِكَة دعاءٌ واستغفار، وَمن الله سُبْحَانَهُ رَحْمَة. وَمن الصَّلَاة بِمَعْنى الاسْتِغْفَار حديثُ الزُّهْريِّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوفَل عَن سَوْدة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسول الله إِذا مُتْنا صلَّى لنا عُثمان بنُ مَظْعون حَتَّى تأتيَنا، فَقَالَ لَهَا: (إِن الْمَوْت أشدُّ مِمَّا تقدِّرين) .
قَالَ شمر: قَوْلهَا: (صَلى لنا) ، أَي: استغْفَرَ لنا عِنْد رَبّه، وَكَانَ عثمانُ ماتَ حينَ قَالَت سَوْدَةُ ذَلِك. وأمَّا قولُ الله جلَّ وعزَّ: {أُولَائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ} (الْبَقَرَة: 157) ، فَمَعْنَى الصَّلَوَات هَهُنَا: الثَّنَاء عَلَيْهِم من الله، وَقَالَ الشَّاعِر:
صلَّى على يَحيَى وأشياعِه
رَبٌّ كريمٌ وشفيعٌ مُطاعْ
مَعْنَاهُ: ترحّم الله عَلَيْهِ على الدّعاء لَا على الْخَبَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّلَاة من الله رَحْمَة، وَمن المخلوقين الملائِكة وَالْإِنْس والجنِّ القِيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاءُ والتسبيحُ. والصلاةُ من الطّير والهَوام التَّسْبِيح.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: {بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِى} (الْأَحْزَاب: 43) ، فيصلّي يَرحَم، وملائكتُه تَدْعُو للْمُسلمين وَالْمُسلمَات.
قَالَ: وقولُ الْأَعْشَى:
وصَلّى على دَنِّها وارتَسَمْ
قَالَ: دَعَا لَهَا أَلا تَحمَض وَلَا تَفسُد.
وَقَالَ الزّجاج: الأصلُ فِي الصَّلَاة اللّزوم، يُقَال: قد صلِيَ واصطَلَى: إِذا لزم، وَمن هَذَا: من يُصْلَى فِي النَّار، أَي: يُلزَم النارَ.
وَقَالَ أهلُ اللُّغَة فِي الصَّلَاة: إِنَّهَا من الصلَوَيْن، وهما مُكتَنِفا الذَّنَب من النَّاقة وغيرِها، وأوّلُ مَوْصِلِ الفَخِذين من الْإِنْسَان فكأنَّهما فِي الْحَقِيقَة مكتنفا العُصْعُص.
قَالَ: والقولُ عِنْدِي هُوَ الأول، إِنَّمَا الصَّلَاة لُزوم مَا فَرَض الله، والصلاةُ من أعظَم الفَرْض الَّذِي أُمِرَ بلزومه. وَأما المُصلِّي الَّذِي يَلي السابقَ فَهُوَ مأخوذٌ من الصلَوَيْن لَا محَالَة، وهما مكتَنِفا ذَنب الْفرس، فَكَأَنَّهُ يَأْتِي ورأسُه مَعَ ذَلِك الْمَكَان.
وَفِي حديثٍ آخر: (إنّ للشَّيْطَان مَصالِيَ وفُخُوخاً) ، والمصالِي شبيهةٌ بالشَّرَك

(12/166)


تنصب للطير وغيرِها.
قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد: يَعْنِي مَا يَصيدُ بِهِ الناسَ من الْآفَات الَّتِي يستفِزُّهم بهَا من زِينة الدّنيا وشَهواتها.
وَفِي حديثٍ آخَر: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الكسائيّ: المَصْلِيّة المشوِيّة، يُقَال: صَلَيتُ اللحمَ وغيرَه: إِذا شَوَيْتَه، فَأَنا أَصْلِيه صَلْياً: إِذا فعلتَ ذَلِك وَأَنت تُرِيدُ أَن تشويَه، فَإِذا أردتَ أنّك تُلقِيه فِيهَا إِلْقَاء كأنّك تُرِيدُ الإحراقَ قلت: أصليتُه بِالْألف إصلاءً، وَكَذَلِكَ صلَّيته أُصَلِّيه تَصْلِيَة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً} (النِّسَاء: 29) .
ويُروَى عَن عليّ أَنه قَرَأَ: (ويُصَلَّى سعيراً) (الانشقاق: 12) .
وَكَانَ الكسائيّ يقرأُ بِهِ، فَهَذَا لَيْسَ من الشَّيْء، إِنَّمَا هُوَ من إلقائك إِيَّاه فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زُبيد:
فَقَدْ تصلّيت حَرّ حَرْبهمُ
كَمَا تَصَلَّى المقرورُ مِنْ قَرَسِ
وَيُقَال: قد صَلِيت بِالْأَمر أَصلَى بِهِ: إِذا قاسَيْت شدّتَه وتَعَبه. وَصلَيْتُ لِفُلان بِالتَّخْفِيفِ، وَذَلِكَ إِذا عمِلتَ لَهُ فِي أمرٍ تُرِيدُ أَن تَمْحَلَ بِهِ، وتُوقِعَه فِي هَلَكة، وَالْأَصْل فِي هَذَا من المَصالِي وَهِي الشَّرَك تُنْصَب للطَّير.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: صَلَّيت العَصا تَصلِيةً: إِذا أدرْتها على النَّار لتقوِّمها، وَأنْشد:
وَمَا صَلّى عَصاكَ كمستَديم
وَيُقَال: أَصْلَتِ الناقةُ فَهِيَ مُصْليَةٌ: إِذا وَقع ولَدُها فِي صَلاَها وقَرُبَ نتَاجُها.
وَفِي حَدِيث عليّ أَنه قَالَ: (سبقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصلَّى أَبُو بكر، وثَلَّث عُمَر، وحَبَطَتْنا فِتنةٌ فَمَا شَاءَ الله) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: وأصلُ هَذَا فِي الْخَيل، فالسابقُ الأوَّلُ، والمصلِّي الثَّانِي، قيل لَهُ: مُصَلَ لِأَنَّهُ يكون عِنْد صَلاَ الأوّل، وصَلاَه: جانِبا ذَنَبِه عَن يَمِينه وشِماله، ثمَّ يتلوه الثَّالِث.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَلم أسمعْ فِي سوابق الْخَيل مِمَّن يُوثَقُ بِعِلمِه اسْما لشَيْء مِنْهَا إِلَّا الثَّانِي، والسُّكَيْت، وَمَا سِوَى ذَيْنِك إِنَّمَا يُقَال الثَّالِث وَالرَّابِع، وَكَذَلِكَ إِلَى التَّاسِع.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو العبَّاس: المصلِّي فِي كَلَام الْعَرَب: السابقُ: المتقدِّم.
قَالَ: وَهُوَ مُشَبَّهٌ بالمصلِّي من الْخَيل، وَهُوَ السابقُ الثَّانِي، وَيُقَال للسابق الأوّل: المُجَلِّي، وَللثَّانِي: المصلِّي، وللثالث: المُسَلِّي، وللرابع: التَّالي، وللخامس:

(12/167)


المُرْتاح، وللسادس: العاطِفِ، وللسابع: الحَظِيّ، وللثامن: المؤمَّل، وللتاسع: اللَّطيم، وللعاشر: السُكَيْت، وَهُوَ آخر السُّبَّق.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: الصِّلاء اسمٌ للوَقود، وَهُوَ الصَّلا: إِذا كَسَرْتَ الصادَ مَدَدْتَ، وَإِذا فَتحتَها قَصَرْتَ، قَالَه الفرّاء.
وَقَالَ اللَّيث: الصِّلِّيَان: نَبْت، قَالَ بعضُهم: هُوَ على تَقْدِير فِعِّلاَن.
وَقَالَ بعضُهم: فِعْلِيان؛ فَمن قَالَ فِعليان قَالَ: هَذِه أرضٌ مَصْلاةٌ، وَهُوَ نَبتٌ لَهُ سَبْطة عَظِيمَة كأنّها رَأس القَصَبة، إِذا خَرجَت أذنابُها تَجِدُ بهَا الإبلُ، والعربُ تسمِّيه خُبزَة الْإِبِل.
وَقَالَ غيرُه: من أَمْثَال الْعَرَب فِي الْيَمين إِذا أَقدَم عَلَيْهَا الرجلُ ليَقْتَطِع بهَا مالَ الرجلِ: جَذَّها جَذَّ العيْرِ الصِّلِّيَانَة، وَذَلِكَ أَن لَهَا جِعْثِنةً فِي الأَرْض، فَإِذا كَدَمَها العَيْرُ اقتَلَعها بجِعْثِنَتها.
شَمر عَن أبي عَمْرو: الصَّلاَيَةُ: كلُّ حَجَر عريضٍ يُدَقّ عَلَيْهِ عِطْرٌ أَو هَبِيد، يُقَال: صَلاءةٌ وصَلاية.
وَقَالَ ابْن شُميل: الصَّلاَية: سَرِيحة خَشِنةٌ غليظةٌ من القُفّ.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس فِي قَول الله تَعَالَى: {وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} (الْحَج: 40) ، قَالَ: الصَّلَوَات: كنائسُ الْيَهُود، قَالَ: وأصلُها بالعِبْرَانيّة صَلُوتا، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الزجَّاج: وقُرِئَت: (وصُلُواتٌ ومَساجد) (الْحَج: 40) . قَالَ: وَقيل: إِنَّهَا مواضعُ صلوَات الصابِئِين.
لوص: قَالَ أَبُو تُراب: يُقَال: لاصَ عَن الْأَمر ونَاص: بِمَعْنى حادَ.
وَقَالَ أَبُو سعيد اللِّحياني: أَلَصْتُ أنْ آخُذَ مِنْهُ شَيْئا أُلِيصُ إلاصَةً، وأَنَصْتُ أُنِيصُ إِنَاصَةً، أَي: أَرَدْتُ.
أبُو عُبَيْد: الإلاصةُ مِثْلُ العِلاصة، إدارَتك الإنسانَ على الشّيء تطلُبُه مِنْهُ، يُقَال: مَا زلتُ أُلِيصُه على كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ عُمر لعُثْمَان: هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي أَلاَصَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا عمَّه عِنْد الْمَوْت: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إلاّ الله.
اللَّيْثِ: اللَّوْص من الملاوَصة، وَهُوَ فِي النَّظَر كأَنه يَخْتِل لِيَرُوم أَمْراً. والإنسانُ يُلاَوِصُ الشجرةَ إِذا أَرَادَ قَلْعَهَا بالفأس، فَتَراه يُلاَوِصُ فِي نظرِه يَمْنَةً ويَسْرَةً كَيفَ يَضْرِبُهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرَابيِّ: يُقَال للفالُوذ: المُلَوَّصُ وَالمُزَعْزَعُ وَالمُزَعْفَرُ، وَهُوَ اللَّمْص. قَالَ: ولوَّص الرجلُ: إِذا أَكلَ اللَّواص، وَهُوَ العَسَل الصافي.
أصل: قَالَ اللّيث: الأصلُ: أسفلُ كلِّ شَيْء، وَيُقَال: اسْتَأصَلَتْ هَذِه الشجرةُ، أَي: ثَبَتَ أَصلُها، واسْتَأصَلَ الله بني

(12/168)


فلَان، أَي: لم يَدَعْ لَهُم أصْلاً. وَيُقَال: إنَّ النَّخلَ بِأَرْضِنا لأَصِيل، أَي: هوَ بِهِ لَا يزَال وَلَا يَفْنَى. وفلانٌ أَصِيلُ الرَّأيِ، وَقد أَصُلَ رأيُه أَصَالَة، وَإنَّهُ لأَصيلُ الرَّأي والعَقْل. والأصيل: هُوَ العَشِيّ. وَهُوَ الأُصُل.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: لقيتُه أُصَيْلالاً وأُصَيْلاَناً: إِذا لقيتَه بالعشيّ. ولقِيتُه مُؤْصِلاً. وجمعُ أَصيل العشيِّ: آصالٌ.
وَقَالَ اللَّيث: الْأَصِيل: الهَلاك، وَقَالَ أَوْس:
خافُوا الأَصيلَ وَقد أَعْيَتْ مُلُوكَهُمُ
وحُمِّلُوا مِن ذَوِي غَوْمٍ بأَثْقَالِ
والأَصِيلُ: الأصْل. ورَجُلٌ أَصِيلٌ: لَهُ أَصْل.
ابْن السّكِّيت: جاءُوا بِأَصِيلَتِهِمْ، أَي: بِأَجْمَعِهِمْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أخذتُ الشيءَ بِأَصَلَتِه: إِذا لم تَدَعْ مِنْهُ شَيْئا.
وَيُقَال: أَصِلَ فُلانٌ يَفعَل كَذَا وَكَذَا، كَقَوْلِك: عَلِقَ وطَفِقَ.
وَقَالَ شَمر: الأَصَلَة: حيَّةٌ مِثْلُ رِئة الشَّاة لَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ، وَقيل: هِيَ مِثْلُ الرَّحَى مستديرةٌ حَمْراءُ لَا تَمَسّ شَجَرَة وَلَا عُوداً إِلَّا سَمَّتْه، لَيست بالشديدةِ الْحُمْرَة، لَهَا قَائِمَة تَخُطُّ بهَا فِي الأَرْض، وتَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى.
لصا: قَالَ اللّيث: يُقَال: لَصَى فلانٌ فلَانا يَلْصُوه ويَلْصُو إِلَيْهِ: إِذا انْضمّ إِلَيْهِ لِريبة، ويَلْصِي أعربهُما، وأَنشد:
عَفٌّ فلاَ لاصٍ وَلَا مَلْصِيُّ
أَي: لَا يُلْصَى إِلَيْهِ.
وَقَالَ غيرُه: اللَّصْوُ والقَفْوُ: القَذْفُ للْإنْسَان برِيبة يَنسبُه إِلَيْهَا؛ يُقَال: لَصاه يَلْصُوه ويَلْصِيه: إِذا قَذَفه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُروَى عَن امْرَأَة من العَرَب أنّه قيل لَهَا: إنّ فلَانا قد هَجاكِ، فَقَالَت: مَا قَفَا وَلَا لَصَا؛ تَقول: لم يَقْذِفْني. قَالَ: وَقَوْلها لَصَا مثل قَفَا؛ يُقَال مِنْهُ: رجلٌ قافٍ لاصٍ؛ وأَنشدَ:
إِنِّي امرؤٌ عَن جارتي غنيُّ
عَفٌّ فَلَا لاصٍ وَلَا مَلْصِيُّ
يَقُول: لَا قاذِف وَلَا مقْذوفُ.

(بَاب الصّاد وَالنُّون)
ص ن (وَا ىء)
صون، صين، صنا، نوص، نصا، نصأ، وصن، نيص.
صون: قَالَ اللَّيْث: الصَّوْنُ: أَنْ تَقِيَ شَيْئا ممّا يُفسِده. والصِّوانُ: الشيءُ الَّذِي تَصون بِهِ، أَو فِيهِ، شَيْئا أَو ثوبا.
والفَرَسُ يَصُون عَدْوَه وجَريَه: إِذا اذّخر مِنْهُ ذخيرة لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ. والحُرُّ يَصُون عِرْضَه كَمَا يَصُون الْإِنْسَان ثوبَه.

(12/169)


وَقَالَ لَبيد:
يُراوِح بَين صَوْنٍ وابتذالِ
أَي: يَصُون جَرْيَه مرّة فيُبقِي مِنْهُ ويبتَذِلُه مرّة فيجتهدُ فِيهِ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصَّوّان: الحِجارة الصُّلْبة، واحدتُها صَوّانة.
قلتُ: والصَّوّانُ: حَجَر صُلْبٌ إِذا مَسّتْه النَّار فَقَّع تفقيعاً وتَشقَّق، وربّما كَانَ قَدَّاحاً تُقْتَدَح مِنْهُ النَّار، وَلَا يَصلح للنُّورة وَلَا للرِّضاف.
وَقَالَ النَّابِغَة:
بَرَى وَقَعُ الصَّوّان حَدّ نُسُورها
فهنّ لِطافٌ كالصِّعاد الذَّوابلِ
أَبُو عُبَيد: الصَّائن من الخَيل: القائمُ على طَرفِ حافرِه من الحَفا.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَمَا حاوَلْتُما بقِيادِ خَيْلٍ
يَصُون الوَرْدُ فِيهَا والكُمَيْتُ
وأمَّا الصائِم فَهُوَ الْقَائِم على قَوائمِه الأَربعِ من غير حَفا.
وَيُقَال: صنتُ الشيءَ أَصُونه، وَلَا تَقُل أَصَنْتُه وَهُوَ مَصُون، وَلَا تَقُل مُصانٌ.
وَقَالَ الشافعيّ: بِذْلةُ كلامِنا صَوْن غَيرِنا.
صنا: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيه) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: مَعْنَاهُ: أَن أصلَهما وَاحِد. قَالَ: وأصلُ الصِّنْو إِنَّمَا هُوَ فِي النَّخْل.
ورَوَى أَبُو إِسْحَاق عَن البَراء بن عَازِب فِي قَول الله جلّ وعزّ: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} (الرَّعْد: 4) ، قَالَ: الصِّنْوان: المجتمعُ، وَغير الصِّنْوان المتفرِّق.
وَقَالَ الفرّاء: الصِّنْوانُ: النَّخَلاتُ أصلُهُنّ وَاحِد.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، أَي: أَخُوهُ، وَلَا يُسمَّى صِنْواً حَتَّى يكون مَعَه آخَرُ، فهما حِينَئِذٍ صِنْوان، وكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صِنْوُ صاحبِه.
قَالَ: والصِّنْوان: النَّخْلَتان والثلاثُ والخَمسُ والستّ، أصلُهنّ وَاحِد وفروعُهُنّ شتَّى. وغيرُ صِنْوانٍ: الفارِدة.
وَقَالَ أَبُو زيد: هَاتَانِ نَخْلتان صِنْوان، ونَخِيل صِنْوانٌ وأَصْنَاءٌ.
وَيُقَال للاثنين: قِنْوان وصِنْوان، وللجماعة قِنْوانٌ وصِنْوانٌ.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أخذْتُ الشيءَ بصنايَته وسِنايَته، أَي: أخذْتُه بِجَمِيعِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصِّناء: الرَّماد، يُمَدّ ويُقْصَر.
وَيُقَال: تَصنَّى فلانٌ: إِذا قَعَدَ عِنْد القِدْر من شَرَهِه يُكَيِّب ويَشْوِي حَتَّى يصيبَه الصِّناء.
شمر عَن أبي عَمْرو: الصُّنَيُّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيلُ فِيهِ الماءُ بَين جَبَلين.

(12/170)


وَقَالَت ليْلَى الأخيليّة:
أنابِغَ لم تَنْبُغ وَلم تَكُ أوّلاً
وكنتَ صُنَيّاً بَين صُدَّيْن مَجْهلا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّاني: اللَّازِم للخِدْمة. والناصي: المُعَرْبِد. قَالَ: والصَّنْوُ: الغَوْرُ الخَسِيس بَين الجَبَلَين. قَالَ: والصَّنْوُ: الماءُ الْقَلِيل بَين الجَبَلين. والصَّنْوُ: الْحجر يكون بَين الجبلين، وجمعُها كلُّها صُنُوٌ.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الأصْناءُ: الأمْثال. والأصْناءُ: السَّابِقُونَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصِّنْوَة: الفَسِيلة. ابْن بُزُرْج: يُقَال للحَفَرِ المعطَّلِ صِنْوٌ، وجمعُه صِنْوان. وَيُقَال: إِذا احتَفَر: قد اصْطَنَى، وَهُوَ الاصطِناء.
نصا: وَفِي الحَدِيث: (أنَّ بنت أبي سَلَمة تَسَلَّبتْ على حَمْزَة ثلاثةَ أَيَّام، فَدَعَاهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأمَرَها أَن تَنصَّى وتَكتَحِل) . قولُه: (أمَرَها أَن تَنَصَّى) ، أَي: تُسرِّح شعرَها، وَيُقَال: تَنَصَّت المرأةُ: إِذا رَجَّلَتْ شعرَها.
وَفِي حَدِيث عائشةَ حِين سُئلتْ عَن الميّت يُسرَّح رأسُه؟ فَقَالَت: علامَ تنْصون ميِّتَكم. قولُها: تَنْصُون: مأخوذٌ من النَّاصية، يُقَال: نَصوْتُ الرجلَ أنصُوه نصْواً: إِذا مددْتَ ناصِيَتَه: فَأَرَادَتْ عائشةُ أنَّ الميّتَ لَا يَحتاج إِلَى تَسْرِيح الرَّأْس، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَة الأخْذ بالنَّاصية.
وَقَالَ أَبُو النَّجم:
إنْ يُمْسِ رأسِي أشمَطَ العنَاصِي
كَأَنَّمَا فَرَّقَه مُناصِي
وَيُقَال: نَاصيْتُه: إِذا جاذَبْتَه، فأخَذَ كلُّ وَاحِد مِنْكُمَا بناصية صاحِبه، وَقَالَ عَمْرو بن مَعدِ يكرب:
أعبّاسُ لَو كَانَت شَيَاراً جِيادُنَا
بتَثليثَ مَا ناصَيْتَ بعدِي الأحَامِسا
وَقَالَ اللّيث: الناصية: هِيَ قُصاصُ الشّعَر فِي مقدَّم الرَّأْس، وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {يَنتَهِ لَنَسْفَعاً} (العلق: 16) ، ناصيتُه مُقدَّمُ رَأسه، أَي: لنَهْصُرَنَّها، لَنأخذنّ بهَا، أَي: لنقيمنّه ولنُذِلّنّه.
قلتُ: والناصية عِنْد العَرب: مَنبِتُ الشّعْر فِي مقدَّم الرَّأْس، لَا الشّعر الّذي تسمّيه العامّة الناصية، وسُمِّي الشعرُ نَاصِيَة لنَباتِه فِي ذَلِك الْموضع. وَقد قيل فِي قَوْله: {يَنتَهِ لَنَسْفَعاً} ، أَي: لنُسَوِّدَنَّ وَجهه فَكَفَت النَّاصيَةُ لأنّها من الْوَجْه والدّليل على ذَلِك قَول الشَّاعِر:
وكنتُ إِذا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ بِهِ
سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِين مِنْهُ بِمِيسَمِ
ولغة طَيِّء فِي الناصيَة: النّاصَاةُ حَكَاهُ أَبُو عُبَيد وَأنْشد فَقَالَ:
لقد آذَنَتْ أَهْلَ اليمَامةِ طَيِّءٌ
بحربٍ كنَاصَاةِ الحِصان المُشَهَّرِ

(12/171)


وَقَالَ ابْن السكّيت: النَّصِيّةُ: البقيّة، وَأنْشد:
تجرَّدَ من نَصيَّتِها نَوَاجٍ
كَمَا يَنْجُو من البَقَرِ الرَّعِيلُ
وَفِي الحَدِيث: أنّ وَفْدَ همْدانَ قَدِموا عَلَى النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: نَحن نصيَّةٌ من هَمْدانَ. قَالَ الفرّاء: الأَنْصَاءُ: السَّابِقُونَ. قَالَ القتيبي: نصية قَومهمْ، أَي: خيارهم. والنصِّية: الخيارُ الأَشراف. ونواصِي القومِ: أشرافُهم، وَأما السّفِلةُ فهم الأَذْناب.
الحزّاز عَن ابْن الأعرابيّ: إِنِّي لأجد فِي بَطْني نَصْواً ووَخْزاً، والنّصْوُ مِثلُ المَفْس، سُمِّي نَصْواً لأنّه يَنْصُوك، أَي: يُزعِجك عَن القَرار.
وَقَالَ الفرَّاء: وجدتُ فِي بَطْني حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بِمَعْنى وَاحِد. وَيُقَال: هَذِه الفَلاة تُناصِي أرضَ كَذَا وتُواصِيها، أَي: تتّصل بهَا. والنَّصِيُّ: نبتٌ مَعْرُوف، يُقَال لَهُ: نَصِيُّ مَا دَامَ رَطْباً، فَإِذا يَبِسَ فَهُوَ حَلِيّ. وَقَالَ اللَّيْث: هَذِه مفازة تناصي مفازة أُخْرَى إِذا كَانَت مُتَّصِلَة بِالْأولَى.
(نصأ) : أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : نَصأْتُ الناقةَ أَنصَؤها نَصْأً: إِذا زَجَرْتَها.
أَبُو زيد عَن الأصمعيّ: نَصَأْتُ الشَّيْء: رَفَعْتُه نَصْأً.
نوص: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّوْصَةُ: الغَسْلَة بِالْمَاءِ أَو غَيره.
قلت: الأصلُ المَوْصَةُ فقُلِبت الْمِيم نوناً. قَالَ ابْن الأعرابيّ: والنَّيْصُ: الْحَرَكَة الضعيفة. اللّحيانيّ عَن أبي عَمْرو: مَا يَنُوص فلانٌ لحاجتي وَمَا يَقْدِر على أَن يَنُوص، أَي: يتحرَّك لشَيْء.
أَبُو سعيد: انتاصَتْ الشمسُ انتياصاً: إِذا غَابَتْ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ} (ص: 3) .
قَالَ الفرَّاء: لَيْسَ بِحِين فرار. النَّوْصُ: التأخُّر فِي كَلَام الْعَرَب.
قَالَ: والبَوْصُ: التقدُّم؛ وَيُقَال: بصْتُه، وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
أمِن ذكر سَلمى إنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ
فتقصر عَنْهَا خطوَةً وَتَبُوص
فمناص: مَفعل مثل مَقام.
وَقَالَ اللَّيْث: المناص: المَنْجَا.
قَالَ: والنَّوْصُ: الحِمَار الوحشي لَا يزَال نائِصاً رَافعا رَأسه يتردَّد كَأَنَّهُ نافرٌ جامح. وَالْفرس يَنُوص ويَسْتنيصُ، وَذَلِكَ عِنْد الكَبْح والتّحريك.
وَقَالَ حَارِثَة بن بَدْر:
غَمْرُ الجِراء إِذا قصرتُ عِنانه
بِيَدِي استناص ورامَ جَرْيَ المَسْحَلِ
وصن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي:

(12/172)


الوَصْنَة: الخِرْقة الصّغيرة. والصَّوْنَةُ: العَتيدة. والصِّنْوة: الفَسِيلة.
نيص: قَالَ اللّيث: النَّيْص من أَسمَاء القُنْفُد الضَّخْم.
قلت: لم أسمعهُ لغيره.
صين: والصِّين: بلدٌ معروفٌ، إِلَيْهِ يُنْسَبُ الدّارصِينيّ.

(بَاب الصّاد وَالْفَاء)
ص ف (وَا ىء)
صوف، صيف، صفا، وصف، فيص، فصا، أصف.
صوف: قَالَ اللّيث: الصُّوفُ للضَّأن وَمَا أشْبَهَه. ويقالُ: كَبْشٌ صافٌ، ونَعْجَةٌ صائِفَة.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: كَبْشٌ أَصْوَفُ وصَوِفٌ مِثالُ فَعِل وصائفٌ وصافٌ، كلُّ هَذَا أَن يكون كثيرَ الصُّوف. وأخبرَني المنْذِرِيُّ عَن أبي الهَيْثم، يُقَال: كبشٌ صائِفٌ وصافٌ، كَمَا يُقَال: جُرُفٌ هَائرٌ وهارٍ على القَلْب. وَقَالَ اللَّيث: كبشٌ صُوفانِيٌّ أَو نَعْجَةٌ صُوفانَةٌ. وَيُقَال لوَاحِدَة الصُّوف: صُوفَة، وتصغَّر صُوَيْفَة.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: من أمثالهم فِي المَال يَملِكه من لَا يَستأهِله: خَرْقَاءُ وَجدتْ صُوفاً، يُضرَبُ للأحمَق يُصِيبُ مَالا فَيضعه فِي غير موضِعه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّوفَانَةُ: بقلة مَعْرُوفَة.
وَقَالَ اللّيث: هِيَ بَقْلَةٌ زَغْبَاءُ قصيرةٌ.
قَالَ: وتسمَّى زَغَبَاتُ القَفَا: صوفةُ القفَا.
قَالَ: وصُوفة: اسمُ حَيَ من بني تَمِيم، وَكَانُوا يُجِيزون الحاجّ فِي الجاهليَّةِ مِنْ مِنًى، فيكُونون أَوَّلَ، مَنْ يَدْفَعُ، يُقَال: أَجِيزِي صُوفَة، فَإِذا أَجَازَتْ قيلَ: أَجِيزِي خِنْدِفٌ، فَإِذا أجازتْ أُذِنَ للناسِ كلِّهِمْ فِي الإجازةِ وَهِي الإفاضةُ، وَفِيهِمْ يقولُ أَوْس بن مَغْرَاء:
حتَّى يُقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانَا
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: خُذْ بصوفةِ قَفاه، وبصوفِ قَفاه، وبِقَرْدَنِهِ وبِكَرْدنِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أخذَه بصُوفِ رقَبتِه وبطوفِ رقبته، بِمَعْنى وَاحِد، يريدُ بشعرِ رقبته.
وصف: فِي حَدِيث أبي ذَرّ أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (كَيفَ أنتَ وموتٌ يصيبُ الناسَ حَتَّى يكون البَيتُ بالوَصيف) .
قَالَ شمِر: مَعْنَاهُ: أَن الْمَوْت يَكثُر حَتَّى يصيرَ موضعُ قبرٍ يُشتَرى بعَبْدٍ من كَثْرَة الْمَوْت مِثل المُوتَان الَّذِي وَقع بِالْبَصْرَةِ وغيرِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَوْصفَ الوَصيفُ: إِذا تَمّ قَدُّهُ، وأوصفتِ الجاريةُ، ووَصِيفٌ ووُصفاء، ووَصِيفة

(12/173)


ٌ ووصائف.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَصفُ: وصفُك الشيءَ بحليتهِ ونَعْتِه.
قَالَ: وَيُقَال للمُهْر إِذا تَوجَّه لشيءٍ من حُسن السِّيرَة: قد وَصَف، مَعْنَاهُ: أَنه قد وَصَف الْمَشْي؛ يُقَال: هَذَا مُهر حِين وَصف.
وَفِي حَدِيث الحَسَن أنّه كَرِه المواصفة فِي البيع.
قَالَ شَمِر: قَالَ أَحْمد بنُ حَنْبَل: إِذا بَاعَ شَيْئا عِنْده على الصِّفة لزِمَه البيع. وَقَالَ إِسْحَاق كَمَا قَالَ.
قلتُ: وَهَذَا بَيْعُ الصِّفة الْمَضْمُونَة بِلَا أَجَل بمنزِلة السَّلَم، وَهُوَ قَول الشافعيّ، وأهلُ الْكُوفَة لَا يجيزون السَّلَم إِذا لم يكن إِلَى أجَلٍ مَعْلُوم.
صفا: اللَّيْث: الصَّفْوُ: نَقِيضُ الكَدَر، وصَفْوَةُ كلِّ شَيْء: خالصُه مِن صَفْوة المَال وصَفْوَة الإخاء.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هُوَ صِفْوة المَاء، وصَفْوةُ المَاء، وَكَذَلِكَ المالُ، وَهُوَ صَفوةُ الإهالة لَا غَيرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصفاءُ: مُصافاةُ المودّةِ والإخاء. والصَّفْو أَيْضا: مصدر الشَّيْء الصافي.
قَالَ: وإِذا أَخَذَ صَفْوَ ماءٍ من غَديرٍ، قَالَ: استصفَيتُ صَفْوةً.
والاصطفاء: الاختيارُ، افتعالٌ من الصفْوَة، وَمِنْه النَّبِي المُصطَفى، والأنبياء المُصطَفَوْن، وهم من المُصطَفَيْن: إِذا اختِيروا، وهم المُصطَفُون: إِذا اخْتَارُوا، هَذَا بضَمِّ الْفَاء.
وصفِيّ الْإِنْسَان: أَخُوهُ الَّذِي يُصافيه الإخاء. وناقة صَفِيٌّ: كَثِيرَة اللَّبن. ونخلةٌ صَفِيٌّ: كثيرةُ الحَمل، والجميعُ الصفايا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: النَّاقة الصفيُّ: الغَزِيرة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو مِثله.
وَقَالَ: صَفْوَتْ وصَفَتْ.
وَقَالَ الْكسَائي: صَفَوَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصَّفِيُّ من الْغَنِيمَة: مَا اخْتَارَهُ الرئيسُ قَبل الْقِسْمَة من فَرَس أَو سَيْف أَو جَارِيَة، وجمعُه صفَايَا، وَأنْشد:
لَك المِرْبَاعُ فِيهَا والصَّفايَا
واستصفَيْتُ الشَّيْء: إِذا اسْتَخلَصته. وَمن قَرَأَ: (فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافِيَ) (الْحَج: 36) ، بِالْيَاءِ، فتفسيره: أَنَّهَا خَالِصَة لله؛ يُذْهَبُ بهَا إِلَى جمع صَافِيَة، وَمِنْه قيل للضياعِ الَّتِي يَستخلصها السّلطان لخاصَّته: الصَّوافي.
وَيُقَال: أصفَيْتُ فلَانا بِكَذَا وَكَذَا، أَي: آثَرْتُه بِهِ.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: الصفوَاء والصفْوَانُ والصفَا مقصورٌ كلُّه وَاحِد.

(12/174)


وَأنْشد:
كَمَا زَلَّتْ الصفْوَاءُ بالمتنزَّلِ
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الصَّفَا: العريضُ من الْحِجَارَة، الأمْلس، جمع صفَاة، يُكتب بِالْألف، وَإِذا ثنِّي قيل صَفَوان، وَهُوَ الصفْواءُ أَيْضا، وَمِنْه الصفَا والمَرْوَة: وهما جبلان بَين بَطْحَاء مكَّة وَالْمَسْجِد. وبالْبحرَين نهر يتخلَّجُ من عَيْنِ محلِّم يُقَال لَهُ: الصَّفَا، مَقْصُور.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أصْفَتْ الدَّجاجة إصفَاءً: إِذا انْقَطع بَيْضها. وأَصْفَى الشاعرُ: إِذا لم يَقُل شعرًا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَصفَى الرجل: إِذا أنفد النساءُ ماءَ صُلْبِهِ. واصطفيت الشَّيْء، أَي: اخترته. والمصفاة: الراووق. وصفّيت الشَّرَاب.
فيص: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: قبضْتُ عَلَى ذَنَب الضَّبّ فأَفاصَ من يَدي حَتَّى خلص ذنَبُه، وَهُوَ حِين تنفرج أصابعك عَن مقبِض ذَنبه، وَمِنْه التَّفَاوُصُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: قبضْتُ عَلَيْهِ فَلم يَفِصْ وَلم يَنْزُو لَمْ يَنُصْ بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَيْصُ: بيانُ الْكَلَام.
وَفِي حَدِيث النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَمَا يُفيضُ بهَا لسانُه) ، أَي: مَا يُبين. وفلانٌ ذُو إفاصةٍ: إِذا تكلم، أَي: ذُو بَيَان.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَيْصُ من المُفَاوصة، وَبَعْضهمْ يَقُول: مُفايصة.
فصى: فِي حَدِيث قَيْلَةَ بنت مَخْرَمة أَن جُوَيْرِيةً من بَنَات أُخْتهَا حُدَيْبَاء قَالَت حِين انتَفَجَتِ الأرنبُ وهما يسيران الفَصية.
قَالَ أَبُو عُبَيد: تفاءلت بانتفاج الأرنب، وأرادت أَنَّهَا خرجتْ مِن الضِّيق إِلَى السَّعة.
وَمن هَذَا حَدِيث آخر عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْقُرْآن فَقَالَ: (لَهُوَ أَشَدُّ تفصِّياً من قُلُوب الرجَال من النعَم من عُقُلها) ، أَي: أشدُّ تَفَلُّتاً. وأصل التفصِّي أَن يكون الشيءُ فِي مضيق، ثمَّ يخرج إِلَى غَيره.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْصَى: إِذا تَخَلص من خير أَو شَرّ، وأفْصَى عَنْك الحرُّ أَو الْبرد: إِذا انْسَلَخَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أفْصَى عَنَّا الْحر: إِذا خرج وَلَا يكون أَفْصى عنّا الْبرد.
وَقَالَ اللَّيْث: كل شَيْء لازِقٍ فخلَّصته. قلت: قد انْفَصَى. واللّحْمُ المتهرِّىء يَنْفَصِي عَن الْعظم، والإنسَانُ يَتَفَصَّى من البليّة.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: من أمثالهم فِي الرّجل يكون فِي غمّ فَيخرج مِنْهُ قَوْلهم: أفْصَى عنَّا الشتَاء. وأفْصَى: اسمُ أبي ثَقِيف، وَاسم أبي عبد الْقَيْس.

(12/175)


صيف: قَالَ اللَّيْث: الصيْفُ: رُبْعٌ من أَربَاع السّنة، وَعند الْعَامَّة نصفُ السَّنة.
قلتُ: الصيْفُ عِنْد الْعَرَب: الفَصل الَّذِي يُسمِّيه عوامُّ النَّاس بالعِراق وخُراسان: الرَّبيع، وَهِي ثلاثةُ أَشهر، والفَصلُ الَّذِي يَلِيهِ: القَيْظُ، وَفِيه تكون حَمراء القَيْظ، ثمَّ بعده فصل الخَريف، ثمَّ بعده فصلُ الشتَاء. والكَلأُ الَّذِي ينْبت فِي الصَّيف: صَيْفيّ، وَكَذَلِكَ الْمَطَر الَّذِي يَقع فِيهِ صَيِّف وصيْفيّ.
وَقَالَ ابْن كُناسة: وَاعْلَم أَن السّنة أربعةُ أزمنة عِنْد الْعَرَب: الرّبيع الأول، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الْفرس الخريف، ثمَّ الشتَاء ثمَّ الصَّيف، وَهُوَ الرّبيع الآخر، ثمَّ القيظ، فَهَذِهِ أَرْبَعَة أزمنة.
وسُمِّيت غزوَة الرّوم: الصائفة، لِأَن سُنَّتَهُم أَن يُغْزَوْا صيفاً ويُقفل عَنْهُم قبل الشِّتاء.
وَيُقَال: صافَ القومُ: إِذا أَقَامُوا بالصيف فِي مَوضِع فهم صائفون. وأصافوا فهم يُصيفون: إِذا دخلُوا فِي زمَان الصَّيف. وأَشْتَوْا: إِذا دخلُوا فِي الشتَاء.
وَيُقَال: صُيِّف الْقَوْم ورُبِعُوا: إِذا أَصَابَهُم مطر الصَّيف وَالربيع، وَقد صِفْنا ورُبِعْنَا، وَكَانَ فِي الأَصْل صُيِفْنَا فاستُثقلت الضمة مَعَ الْيَاء فحذِفت الْيَاء وكُسرت الصَّاد لتدل عَلَيْهَا.
ابْن السّكيت: أصافَ الرجل فَهُوَ مُصيف: إِذا وُلِد لَهُ بَعْدَمَا يُسِنّ، وولدُه صَيْفِيُّون.
وصاف فلانٌ ببلَدٍ يصيف: إِذا أَقَامَ بِهِ فِي الصَّيف. وصاف السَّهْم عَن الْغَرَض يصيف، وضاف يَضِيف: إِذا عدل عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو زُبيد:
كلَّ يومٍ تَرْميه مِنْهَا برَشْقٍ
فَمُصيفٌ أَو صافَ غير بعيدِ
أَبُو عبيد: استأجرته مُصايفة ومُرابعة ومشاتَاة ومُخَارفة: من الصَّيف والرَّبيع والشِّتاء والخريف.
وَمن أمثالهم: الصَّيف ضيَّعَت اللَّبن: إِذا فَرّط فِي أمره فِي وقته.
وَمن أمثالهم فِي إتْمَام قضاءِ الْحَاجة: تمامُ الرَّبيع الصيفُ، وَأَصله فِي الْمَطَر، فالربيعُ أوّله، والصيفُ الَّذِي بعده، فَيَقُول الْحَاجة بكمالها، كَمَا أنَّ الرّبيع لَا يكون تمامُه إلاَّ بالصيف.
أصف: قَالَ اللَّيْث: الأصَفُ: لغةٌ فِي اللَّصَف.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الفرّاء: هُوَ اللَّصَف، وَهُوَ شَيْء يَنبُت فِي أَصْل الكَبَر؛ وَلم يَعرف الأَصَف.
وَقَالَ اللَّيْث: آصف: كاتبُ سليمانَ الّذي دَعَا الله جلَّ وعزَّ باسمه الْأَعْظَم، فرأَى

(12/176)


سليمانُ العرشَ مستقرّاً عِنْده، وَالله أعلم.

(بَاب الصّاد والبّاء)
ص ب (وَا يء)
صيب، صأب، صبا، بوص، وصب، وبص، أبص، بصا.
صيب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: صابَ: إِذا أَصابَ. وصابَ: إِذا انصَبّ؛ وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْ كَصَيِّبٍ} (الْبَقَرَة: 19) .
قَالَ الزَّجاج: الصيِّبُ فِي اللُّغَة: الْمَطَر: وكلُّ نازلٍ من عُلْوٍ إِلَى استِفالٍ فقد صابَ يَصُوبُ، وَأنْشد:
كأنهُم صابَتْ عليهمْ سحابةٌ
صَواعقُها لطَيْرِهِنَّ ذَبِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْبُ: المَطَرُ. والصيِّب: سَحَاب ذُو صَوْب. وصابَ الغيثُ بمَكَان كَذَا وَكَذَا، وصابَ السهمُ نَحْو الرَّمِيَّة يَصُوب صَيْبُوبَةً: إِذا قَصَدَ، وَإنَّهُ لسهمٌ صائِبٌ، أَي: قاصِدٌ. والصوابُ: نقيضُ الْخَطَأ. والتصوّبُ: حَدْبٌ فِي حُدُور.
وصَوّبتُ الإناءَ ورأسَ الخشبةِ تصويباً: إِذا خَفَضْتَه.
وكُرِه تصويب الرَّأْس فِي الصَّلاة.
والعرَبُ تَقول للسائر فِي فَلاةٍ تُقطَع بالحَدْس إِذا زَاغَ عَن القَصْد: أقِمْ صَوْبَك، أَي: قَصْدَك.
وفلانٌ مُسْتَقِيم الصَّوْب: إِذا لم يَزِغْ عَن قَصْده يَمِينا وشِمالاً فِي مَسيره.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أصَاب فلانٌ الصَّوَاب فأَخطأَ الْجَواب؛ مَعْنَاهُ: أَنه قَصَد قَصْد الصَّوَاب، وأَرادَه فأَخطأَ مُرادَه وَلم يُصِب.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله تَعَالَى: {الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ} (ص: 36) ، أَي: حَيْثُ أَرَادَ أَنه يُصِيب.
وَيُقَال: صابَ السهمُ الرمِيّة يَصوبها وأَصابها: إِذا قَصدها.
وَقَالَ الزَّجَّاج: أجمعَ النحويّون على أَن حَكَوْا مصائب فِي جمع مُصيبة بِالْهَمْز، وأَجمعوا على أنّ الاختيارَ مصاوِب؛ ومصائب عِنْدهم بِالْهَمْز من الشاذّ.
قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا هُوَ بدل من الْوَاو الْمَكْسُورَة، كَمَا قَالُوا وِسادة وإسادَة.
قَالَ: وَزعم الأخفشُ أنّ مَصائب إِنَّمَا وَقعت الْهمزَة فِيهَا بَدَلا من الْوَاو، لِأَنَّهَا أُعِلّت فِي مُصيبة.
قَالَ الزّجّاج: وَهَذَا رَدِيء، لِأَنَّهُ يُلزم أَن يقالَ فِي مَقام: مَقائم، وَفِي مَعونة: مَعَائن.
وَقَالَ أحمدُ بنُ يحيى: مُصيبة كَانَت فِي الأَصْل مُصْوِبَة، ومثلُه أقِيمُوا الصَّلَاة، أصلُه أَقْوِموا، فألقَوْا حركةَ الْوَاو على الْقَاف فانكسرتْ، وقلَبُوا الواوَ يَاء لكسرة الْقَاف.

(12/177)


وَقَالَ الفرّاء: يُجْمَع الفُواق أَفْيِقَة، وَالْأَصْل أفْوِقَة.
وَقَالَ ابْن بَزُرج: تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم، أَي: على طبقاتهم ومَنازلهم.
وَقَالَ ابْن السكّيت: فِي عَقْل فلَان صابةٌ، أَي: كَأَنَّهُ مَجْنُون.
وَيُقَال للمجنون: مُصاب. والصُّوبة: الكُثْبة من تُرابٍ أَو غَيره.
أَبُو عُبَيد: فلانٌ من صُيَّابةِ قومِه، أَي: من مُصَاصِهم وأخلَصِهم نَسَباً.
وَقَالَ غَيره: من صُوَّابة قومِه مثله.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الصَّابُ والسَّلَع ضَرْبان من الشَّجر مُرّان.
وَقَالَ اللَّيْث: الصابُ: عُصارةُ شجر مُرَ.
ابْن الْأَعرَابِي: المِصْوَبُ: المِغْرفَة.
صأب: أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء، وثعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي: صَئِبَ من المَاء: إِذا كَثُر شُرْبُه. وَزَاد ابْن الأعرابيّ: صَئِمَ بِمَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ قَئبَ وذَئِجَ.
وَقَالَ اللِّحياني: صَئِب وصَئِمَ: إِذا رَوِي وامتلأَ، وَكَذَلِكَ زَئِمَ.
أَبُو عُبَيدة: الصِّئبان: مَا يتحبَّبُ من الْجَليد كاللّؤلؤ الصِّغار، وَأنْشد:
فأَضحَى وصِئبانُ الصَّقيع كأنّه
جُمانٌ بضاحِي مَتْنِه يتحدَّرُ
وَقَالَ اللّيث: الصُؤَابة: واحدةُ الصِّئْبان وَهِي بَيْضة القَمْل والبُرغُوت.
وصب: قَالَ اللّيث: الوَصَبُ: المَرَض، وتكسيرُه والجميعُ الأوْصاب.
ورجلٌ وَصِبٌ، وَقد وَصِبَ يَوْصَب وَصَباً، وأصابه وصيب: أَي وجع.
قَالَ: والوُصوبُ: دَيْمُومَةُ الشَّيْء.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} (النَّحْل: 52) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل فِي مَعْنَاهُ: دَائِما، أَي: إنَّ طَاعَته دائمةٌ وَاجِبَة أبدا.
قَالَ: وَيجوز وَالله أعلم أَن يكون {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أَي: لَهُ الدينُ وَالطَّاعَة، رَضِيَ العبدُ بِمَا يُؤمَر بِهِ أَو لم يَرْضَ بِهِ، سَهُل عَلَيْهِ أَو لم يَسْهلُ؛ فَلهُ الدِّينُ وَإِن كَانَ فِيهِ الوَصَب.
والوَصَبُ: شدّة التَّعَب.
وَقَوله: {جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ} (الصافات: 9) ، أَي: دَائِم، وَقيل: مُوجِع.
وَيُقَال: واظَبَ على الشَيء وواصَبَ عَلَيْهِ: إِذا ثابَرَ عَلَيْهِ.
وبص: اللَّيْث وغيرُه: الوَبيصُ: البَريق، وَقد وَبَص الشيءُ يبِيصُ وَبِيصاً، وَإِن فلَانا لوَابِصَةُ سَمْعٍ: إِذا كَانَ يَسْمع كلَاما فيعتمد عَلَيْهِ ويظنّه ولمَّا يكن على ثِقَة، يُقَال: هُوَ وابصةُ سَمعٍ بفلان، ووابصةُ سمع بِهَذَا الْأَمر.

(12/178)


وَفِي الحَدِيث: (رأيتُ وبِيص الطِّيب فِي مَفارِق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُحرِم) ، أَي: بَرِيقَه. وأَوْبَصَت النارُ عِنْد القَدْح: إِذا ظَهَرتْ. وأوبصَت الأرضُ: أوّل مَا يَظْهر من نَباتها. ورجلٌ وبّاص: بَرّاق اللَّون.
وَقَالَ الْفراء: فِي أَسمَاء الشُّهُور: وَبْصان شهر ربيع الآخَر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَبِيصة والوابِصةُ: النَّار.
عَمْرو عَن أَبِيه: هُوَ القَمَر، والوَبّاص.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: وَقع القومُ فِي حَيْص بَيْصَ، أَي: فِي اختلاطٍ من أمرٍ لَا مَخرَجَ لَهُم مِنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: وقَع فِي حِيْصَ بِيصَ، بِكَسْر الْحَاء وَالْبَاء.
وَقَالَ غَيره: وَقع حَيْصَ بَيْصَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَيْصُ: الضِّيق والشّدّة.
صبا: قَالَ الله جلّ وعزّ مخبِراً عَن يوسفَ: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} (يُوسُف: 33) .
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أخبَرَني المنذريُّ عَنهُ، يُقَال: صَبَا فلانٌ إِلَى فلانَة، وَصَبا لَهَا يَصْبو صَباً مَنْقوصٌ، وصَبْوَةً: أَي: مالَ إِلَيْهَا.
قَالَ: وصَبَا يَصبُو فَهُوَ صاب وصَبِيٌّ، مثل قادِر وقَدِير.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: إِذا قَالُوا صَبيٌّ فَهُوَ بِمَعْنى فَعُول، وَهُوَ الْكثير الْإِتْيَان للصِّبَا.
قَالَ: وَهَذَا خطأ، لَو كَانَ كَذَلِك لقالوا: صَبُوٌّ، كَمَا قَالُوا: دَعُوٌّ وسَمُوٌّ ولَهُوٌّ فِي ذَوَات الْوَاو، وأمّا البَكِيُّ فَهُوَ بِمَعْنى فَعُول، أَي: كثيرُ الْبكاء، لِأَن أَصله بَكُويٌ.
وأَنْشَدَ:
وإنّما يَأتي الصِّبَا الصَّبِيُّ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبْوَةُ: جَهْلةُ الفُتُوة وَاللَّهْو من الغَزَل، وَمِنْه التّصابي والصِّبا.
قَالَ: والصِّبْوة: جمعُ الصَّبِي، والصِّبْيةُ لُغَة، والمصدر الصِّبا. يُقَال: رأيتُه فِي صِباه، أَي: فِي صِغَرِه.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رأيتُه فِي صَبائه، أَي: فِي صِغَره. وَامْرَأَة مُصْبٍ بِلَا هَاء: مَعهَا صَبِيّ.
قَالَ: وَإِذا أَغمَد الرجلُ سيفَه مقلوباً قيل: قد صابى سيفَه يُصابيه.
قَالَ: والصَّبِيُّ من السّيف: مَا دُون الظَّبَة قَليلاً. والصَّبِيُّ من القَدَم مَا بَين حِمَارَتِها إِلَى الْأَصَابِع.
وَقَالَ شمر: الصَّبِيّان: مُلتقَى اللَّحيين الأسفَلين.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّبِيَان: مَا دَقّ من أسافل اللَّحْيين.

(12/179)


قَالَ: والرَّأْدانِ: هما أَعلَى اللَّحيين عِنْد الماضِغَين، وَيُقَال: الرُّؤْدانِ أَيْضا.
والصَّبا: ريحٌ معروفةٌ تُقابِل الدَّبور، وَقد صَبَت الريحُ تَصْبو. وَيُقَال: صابَى البعيرُ مَشافِرَه: إِذا قَلَبها عِنْد الشُّرب.
وَقَالَ ابنُ مقبل يذكر إِبلاً:
يُصابِينَها وَهِي مَثْنِيّةٌ
كثَنْيِ السُّبوتِ حُذِينَ المِثَالا
وَقَالَ أَبُو زيد: صابَيْنا عَن الحَمْض، أَي: عَدَلْنا. وَيُقَال: صابى رُمْحَه: إِذا حَدَر سنانَه إِلَى الأَرْض لِلطَّعْنِ.
وَقَالَ النَّابِغَة الجعديّ:
مُصابَين خِرْصَانَ الرماحِ كأنّنا
لأعدائنا نُكْبٌ إِذا الطَّعْنُ أفْقَرا
وَيُقَال: أصبَى فلانُ عِرْسَ فلانٍ: إِذا استمالَها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال لِلْجَارِيَةِ صبيّة وصَبِيٌّ، وصَبَايا للْجَمَاعَة، والصِّبْيَان: الغِلْمان.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَبَأَ الرجلُ فِي دينه يَصْبَأُ صُبُوءاً: إِذا كَانَ صابئاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَالصَّابِئِينَ} (الْبَقَرَة: 62) ، مَعْنَاهُ الخارِجِين من دين إِلَى دين، يُقَال: صبَأَ فلانٌ يَصْبَأَ: إِذا خرجَ من دِينه.
قَالَ: وصَبَأَتِ النُّجُوم: إِذا ظَهرتْ، وصَبَأ نابُه: إِذا خرجَ، يَصْبَأُ صُبُوءاً.
قَالَ اللَّيْث: الصابئُون: قوم يُشبِه دينهُم دينَ النّصارى، إِلَّا أَن قِبلتَهم نحوَ مَهَبّ الجَنوب، يَزعمون أنّهم على دِين نوح، وهم كاذبون.
وَكَانَ يُقَال للّرجل إِذا أسلم فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صَبَأَ؛ عَنَوْا أَنه خرج من دِينٍ إِلَى دينٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أصبأْتُ القومَ إصبَاءً، وَذَلِكَ إِذا هجمتَ عَلَيْهِم وَأَنت لَا تَشعُر بمكانهم وَأنْشد:
هَوَى عليهمْ مُصْبِئاً مُنْقَضَّاً
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: صَبَأْتُ على القَوْم صَبْأٌ وصَبَعْتُ، وَهُوَ أَن يَدُلَّ عَلَيْهِم غَيرهم.
وَقد فسرت قَوْله: لتعودن صُبّاً، فِي بَاب المضاعف بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة.
وَسُئِلَ ابْن الأعرابيّ عَنهُ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ (أساود صُبَّى) مَعْنَاهُ: أنّهم مجتمعون جماعات، ويقتتلون فيكونون كالحيات الَّتِي تميل بَعْضهَا على بعض؛ يُقَال: صبا عَلَيْهِ: إِذا خرج عَلَيْهِ بالعداوة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: صَبَأَ عَلَيْهِ: إِذا خرج عَلَيْهِ، ومالَ عَلَيْهِ بالعداوة. وجعلَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (لَتَعُوُدُنَّ فِيهَا أساوِدَ صُبيَّ) فُعَّلاً من هَذَا، خُفِّف همزُهُ، أَرَادَ أنّهم كالحيات الَّتِي يَميل بعضُها على بعض.

(12/180)


بوص: أَبُو عُبَيد: البُوصُ: العَجُز بِضَم الْبَاء، والبَوْصُ: اللَّوْنُ، بِفَتْح الْبَاء. والبَوصُ: الفَوْت والسَّبْق؛ يُقَال: باصَني الرجل، أَي: فَاتَنِي وسَبَقني.
وَقَالَ اللَّيْث: البَوْص: أَن تَستعجِل إنْسَانا فِي تَحمِيلكَه أمرا لَا تَدَعُه يتمهّل فِيهِ، وأَنشدَ:
فَلَا تعْجل عليّ وَلَا تَبُصني
ودالِكْني فَإِنِّي ذُو دَلاَلِ
وسارَ القومُ خِمْساً بائصاً، أَي: معجلا مُلِحّاً.
قَالَ: والبُوصِيُّ: ضَرْبٌ من السُّفُن، وَقَالَ:
كَسُكَّانِ بُوصِيَ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البُوصِيُّ: زَوْرَقٌ، وَلَيْسَ بالملاّح.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: بَوَّصَ: إِذا سَبَق. وبَوَّص: إِذا سَبَق فِي الْحَلْبة. وبَوَّص: إِذا صفا لَونه، وبَوَّص: إِذا عظم بوصه.
الْفراء: أبص يأبص وهَبِصَ يَهْبَص: إِذا أَرِنَ ونَشِط.
بصا: سَلَمةُ عَن الفَرَّاء قَالَ: بصا: إِذا اسْتَقْصَى على غَريمِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البِصَاءُ: أَن تَسْتَقْصِيَ الخِصاءَ؛ يقالُ مِنْهُ: خَصِيٌّ بَصِيٌّ. وَالله أعلم.

(بَاب الصَّاد وَالْمِيم)
ص م (وَا يء)
صَوْم، صمي، وصم، موص، أمص، مصي.
صَوْم: قَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الله عزَّ وجلَّ: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لي) قَالَ أَبُو عبيد: إِنَّمَا خَصَّ تبارَكَ وَتَعَالَى الصَّوْمَ بأنَّهُ لَهُ، وَهُوَ يَجْزِي بِهِ وَإِن كَانَت أعمالُ البِرِّ كلُّها لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بهَا؛ لِأَن الصَّوْمَ لَيْسَ يَظهَر من ابنِ آدمَ بلسانٍ وَلَا فِعْل فتكتبه الحَفَظَة؛ إِنَّمَا هُوَ نيَّةٌ فِي الْقلب، وإمساكٌ عَن حَرَكَة المَطْعَم والمَشرَب، يَقُول الله: فَأَنا أتولَّى جزاءَه على مَا أحِبُّ من التَّضْعِيف، وَلَيْسَ على كتابٍ كُتِبَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَيْسَ فِي الصَّوْم رِياءٌ) . قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيينَةَ: الصومُ هُوَ الصَّبْر، يَصْبِرُ الإنسانُ عَن الطَّعامِ والشَّرابِ والنّكاح، ثمَّ قَرَأَ: {وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ} (الزمر: 10) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: والصائم من الْخَيل: الْقَائِم السَّاكِت الّذي لَا يَطْعَم شَيْئا، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ
تَحْتَ العَجَاجِ وأخرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
وَقد صَامَ يَصُوم. وَقَالَ الله تَعَالَى: {إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً} (مَرْيَم: 26) ، أَي:

(12/181)


صَمْتاً. وَيُقَال للنهار إِذا اعتدل وَقَامَ قَائِم الظَّهيرة: قد صامَ النهارُ. وَقَالَ امرُؤُ الْقَيْس:
فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسرَةٍ
ذَمُولٍ إِذا صامَ النَّهَارُ وهَجَّرَا
وَقَالَ غيرُه: الصَّوْمُ فِي اللُّغَة: الإمساكُ عَن الشيءِ والتَّرْكُ لَهُ. وَقيل للصائمِ صَائِم: لإمساكه عَن الْمطعم وَالْمشْرَب والمنكح. وَقيل للصامت: صَائِم، لإمساكه عَن الْكَلَام. وَقيل للفرسِ: صَائِم، لإمساكه عَن العَلَف مَعَ قِيَامه. وَيُقَال: صامَ النَّعامُ: إِذا رَمَى بِذَرَقِه، وَهُوَ صومُه. وصامَ الرجلُ: إِذا تَظَلَّلَ بالصَّوْم، وَهُوَ شجر؛ قالهُ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْمُ: تَرْكُ الْأكل وترْكُ الْكَلَام. وَصَامَ الفَرَس على آرِيِّه: إِذا لم يَعْتَلِف. والصومُ: قِيَامٌ بِلَا عَمل. وصامَتِ الرِّيحُ: إِذا رَكَدَتْ، وصامت الشَّمسُ عِنْد انتصاف النَّهَار: إِذا قَامَت وَلم تَبرَح مَكَانهَا. وبَكْرَةٌ صائمةٌ: إِذا قَامَت فَلم تَدُر، وَقَالَ الراجز:
شَرُّ الدِلاء الْوَلْغَةُ المُلاَزِمَة
والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائمهْ
وَيُقَال: رجلٌ صَوْمٌ، ورجلان صَوْم، وَقوم صَوْم، وامرأةٌ صَوْم، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع لِأَنَّهُ نُعِت بالمصْدَر، وتلخيصُه: رجُلٌ ذُو صَوْم، وَقَوْمٌ ذُو صَوْم، وامْرَأَةٌ ذاتُ صَوْم. ورَجُلٌ صَوَّام قَوّام: إِذا كَانَ يَصومُ النَّهارَ ويقومُ الليلَ. ورِجَالٌ ونِسَاءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ، وصُوَّامٌ وصُيَّام، كل ذَلِك يُقَال: ومَصَامُ الْفرس: مَقامُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يقالُ: أقمتُ بالبصرةِ صَوْمَيْنِ، أَي: رَمَضَانَيْن.
ابْن بُزْرُج: لَا صَمياء وَلَا عمياء لَهُ من ذَلِك متروكتان: إِذا انكب على الْأَمر فَلم يقْلع عَنهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج: أصل الصَّميان فِي اللُّغَة السرعة.
صمي: قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أصل الصَّمَيَانِ فِي اللُّغة: السرعةُ والخِفَّة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الفرَّاء: الصَّمَيان: التَّقَلُّبُ والوَثْب. ورَجُلٌ صمَيَانٌ: إِذا كَانَ ذَا تَوَثُّب على النَّاس. ورُوِي عَن ابْن عبَّاس أَنَّه سُئِلَ عَن الرَّجُل يَرمِي الصيدَ فيَجِدُهُ مقْتولاً فَقَالَ: كلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الإصماء أَن يَرْمِيَه فَيَمُوت بَين يَدَيْهِ لم يَغب عَنهُ، والإنْماءُ: أَن يَغيبَ عَنهُ فَيَجِدَهُ ميِّتاً. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْمَعْنى فِي قَوْله: (كُلْ مَا أَصْمَيْت) ، أَي: مَا أصابَه السَّهم وَأَنت ترَاهُ فأسرَعَ فِي الموتِ، فرأَيتَه وَلَا محالةَ أَنه مَاتَ برمْيِكَ. وأصلُه من الصَّمَيَان، وَهُوَ السرعةُ والخِفَّة.

(12/182)


وَقَالَ اللَّيْث: الصمَيان: الشُّجاعُ الصادقُ الحَمْلَة. قَالَ: وأَصْمَى الفرسُ عَلَى لِجَامِه: إِذا عَضَّ عَلَيْهِ وَمضى، وأَنْشَد:
أَصْمَى عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ وَقُرْبُه
بالماءِ يَقْطُرُ تارَةً ويَسِيلُ
قَالَ: والانصماء: الإقبالُ نحوَ الشَّيْء كَمَا يَنْصمِي البَازِي: إِذا انقضّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصَمَيَان: الجريءُ على الْمعاصِي.
وصم: قَالَ أَبُو عُبَيدة: الوَصْمُ: العَيْبُ يكون فِي الْإِنْسَان وَفِي كلّ شَيْء، يُقَال مَا فِي فلَان وَصْمَةٌ، أَي: عَيْبٌ. والتَّوْصِيم: الفَتْرة والكَسَل.
وَقَالَ لَبِيد:
وَإِذا رُمْت رحيلاً فارتحل
وَاعْصِ مَا يَأْمُرُ تَوْصِيمُ الكَسِلْ
سلَمة عَن الفرّاء: الوَصْمُ: العَيْب. وقَناةٌ فِيهَا وَصْم، أَي: صَدْع فِي أنْبُوبها. وَرجل مَوْصوم الحَسَب: إِذا كَانَ مَعِيباً.
مصي: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: المَصْواء من النّساء: الَّتِي لَا لحم فِي فَخِذَيها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد والأصمعيّ: المَصْواء: الرَّسْحاء: وَهِي العَصُوب والمنْداص. والمُصاية: القارُورة الصَّغيرة.
أمص: قَالَ اللَّيْث: الآمص: إعْرابُ الخاميزْ.
موص: قَالَ أَبُو عُبَيد: المَوْص الغَسْل، يُقَال: مُصْتُه أَمُوصُه مَوْصاً. وَقَالَت عائشةُ فِي عُثْمَان: مُصْتمُوه كَمَا يُماص الثوبُ، ثمَّ عَدَوْتم عَلَيْهِ فقتلتموه. تَعنِي: استِعْتَابهم إيّاه وإعتابَه إيّاهم فيمَ عَتَبوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَوْصُ: غَسْلُ الثَّوْب غَسْلاً لَيِّناً يَجعل فِي فِيهِ مَاء، ثمّ يَصُبُّه على الثّوب وَهُوَ آخذُه بَين إِبْهامَيْه يَغسِله ويَموصه.
وَقَالَ غيرُه: ماصَه ومأصه بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابي: المَوْصُ: التِّبنُ. ومَوَّص الرجلُ: إِذا جَعَل تجارتَه فِي المَوْص وَهُوَ التِّبْن. ومَوَّصَ ثَوْبَه: إِذا غَسَله فأنقاه. وَالله أعلم.

(12/183)


بَاب لفيف الصّاد
صوه. صيا. أصآ. صأى. صأصأ. صيصية. وصيى. أصى. اص. وصواص. يصص. صوى. صوص.
صيأ: روِي عَن أبي هُرَيرة أنّه قَالَ: إنَّ لِلْإِسْلَامِ صُوى ومَناراً كمنَار الطَّرِيق.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الصُّوَى: أعلامٌ من حِجارة منصوبةٌ فِي الفَيافي المجهولة يُستدَلّ بهَا على طُرُقها، واحدتُها صُوّة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصُّوَى: مَا غَلُظ من الأَرْض وارتفع وَلم يَبلُغ أَن يَكون جَبَلاً.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَول أبي عَمْرو: أَعجَبُ إليّ، وَهُوَ أشبَه بِمَعْنى الحَدِيث. وَالله أعلم.
وَقَالَ لبيد:
ثمَّ أَصْدَرْناهُمَا فِي وَارِدٍ
صَادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ قد مَثَلْ
وَقَالَ أَبُو النَّجم:
وبَيْنَ أعْلاَمِ الصُّوَى المَوَاثلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّوَّة: صَوْتُ الصَّدَى.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ فِي الشَّاءِ إِذا أَيْبَس أربابُها ألبانَها عَمْداً ليَكُون أسْمَن لَهَا، فَذَلِك التَّصْوِية، وَقد صَوَّيناها.
وَقَالَ العَدَبَّسَ الكِنانِيّ: التَّصوِية للفُحول من الْإِبِل: ألاّ يحمَل عَلَيْهِ وَلَا يُعقدَ فِيهِ حَبْل فَيكون أنشَطَ لَهُ فِي الضِّراب وأَقوَى، وأنشَد قَول الفَقْعَسي يصف إبِلا وراعيها:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنةٍ جُلاعِدَا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّصوِية فِي الْإِنَاث: أَن تُبَقَّى ألبانُها فِي ضُروعها ليَكُون أشدَّ لَهَا فِي الْعَام المقبِل، وَأنْشد:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْنَاسُ صَوَّى لِقَاحَهُ
فإنّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ
قَالَ: وناقةٌ مُصَوّاةٌ ومُصَرَّاةٌ ومحفَّلةٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (التَّصْوِية خِلاَبة) ، وَكَذَلِكَ التَّصْرِية.
وَقَالَ غيرُه: ضَرعٌ صاوٍ: إِذا ضَمَر وذَهب لبنُه.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
مُتفلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِىء
كالقُرْطِ صاوٍ غُبْرُه لَا يُرْضَعُ
أَرَادَ بالقانىءِ: ضَرْعَها، وَهُوَ الْأَحْمَر، لِأَنَّهُ ضَمَر وارتفَع لبنُه.

(12/184)


وَقَالَ اللَّيْث: الصاوي من النّخيل: الْيَابِس. وَقد صوَت النخلةُ تَصوِي صوِيّاً.
صأي: أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: الصآةُ بِوَزْن الصّعاة: ماءٌ ثخين يخرج مَعَ الْوَلَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الصَّاءَةُ، بِوَزْن الصاعة.
قَالَ: والصآةُ بوَزْنِ الصَّعَاةِ، والصَّيْأَةُ بوَزْن الصَّيْعَة. والصَّيَّةُ: المَاء الَّذِي يكون فِي المَشيمة، وَأنْشد شَمِر:
على الرِّجْلَيْن صاءٍ كالخُراجِ
قَالَ: وبعت الناقةَ بِصَيتِها، أَي: بِحِدْثانِ نَتاجها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: صَيّأْتَ رأسَه تَصْيآءً: بللتُه قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ غَيره: هُوَ أَن يغسلهُ فيثوّر وسَخَه وَلَا يُنَقِّيه.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: صأى الفَرْخ، بوَزْن صعَى.
قَالَ: والفِيل والخِنْزير والفأر كلهَا تصأى صئِيَّاً وصئِيئَّا، واليَرْبُوع مِثلُه، وَأنْشد أَبُو صفوانَ للعجّاج:
لَهُنّ فِي شَبَاتِه صئيُّ
وَقَالَ جرير:
لَحَى الله الفَرَزْدقَ حِينَ يَصأَى
صئِيَّ الكلْب بَصبَص للعِظالِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جَاءَ بِمَا صأى وصَمَت، أَي: جَاءَ بالشّاء وَالْإِبِل. وَمَا صَمتَ: الذّهبُ والفضّة.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصائي: كلُّ مالٍ من الْحَيَوَان مثلُ الرقيقِ وَالدَّوَاب. والصامت: مِثلُ الأثواب والوَرِق، سُمِّي صامتاً لِأَنَّهُ لَا رُوحَ فِيهِ.
وَقَالَ خَالِد بنُ يزِيد: يُقَال: صاءَ يصيءُ، مثل صاعَ يَصيع، وصئِيَ يَصأى، مِثل صعِيَ يَصعَى.
صأصأ: كَانَ عُبَيد الله بن جَحْش أسلَم ثمَّ ارتدَّ وتنصّر بالحَبشة، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك؟ فَقَالَ: إِنَّا فَقَّحْنا وصأْصأْتُم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال: صأصأ الجِرو: إِذا لم يَفْتح عَيْنَيْهِ أَوانَ فتحِه. وفَقّح: إِذا فَتَح عَيْنيه، فَأَرَادَ أَنا أبصَرْنا أَمْرَنا وَلم تُبصِروه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصأصأُ: تَأْخِير الجِرْو فتحَ عَيْنَيْهِ. والصأْصأُ: الفَزَع الشَّديد. والصأصَاءُ: الشِّيص.
أَبُو عبَيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للنّخْلة إِذا لم تقبل اللَّقاح وَلم يكن للبُسْر نَوًى: قد صأْصأَتْ النخلةُ صئصاءً.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: فِي لُغة بني الْحَارِث بنِ كَعْب: الصِّيص هُوَ الشِّيص عِنْد النَّاس، وَأنْشد:
بأعْقَارِها الفِرْدانُ هَزْلَى كأنَّهَا
نَوَادِرُ صِيصَاءِ الهَبيدِ المُحطَّمِ

(12/185)


وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصِّيصاء: قِشْر حَبّ الحَنظَل.
وَقَالَ الأصمعيّ: صأصأ فلانٌ صَأْصَأَة: إِذا استَرخَى وفَرِق.
صيص: عَمْرو عَن أَبِيه: الصِّيصَة من الرِّعاء: الْحَسنُ الْقيام على مَاله.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (الْأَحْزَاب: 26) مَعْنَاهُ: من حُصُونهم.
وَقَالَ الزَّجَّاج: الصِّياصِ: كلُّ مَا يُمتَنَع بِهِ، وَهِي الحُصون. وَقيل: القُصور لَا يُتحصّن بهَا. والصَّياصي: قُرُون البَقَر والظِّباء. وكلُّ قَرْن صِيصةِ، لِأَن ذَوَات القُرون يتحصّن بهَا. قَالَ: وصِيصَة الدِّيك: شوْكتُه، لِأَنَّهُ مُحصّن بهَا أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصِّيصة: حَفٌ صغيرٌ من قُرون الظِّباء تَنسِج بِهِ الْمَرْأَة. وَقَالَ دُريد بن الصِّمّة:
فجِئْتُ إلَيْهِ والرِّمَاحُ تَنُوشُهُ
كَوَقْع الصَّيَاصِي فِي النَّسِيج المُمدَّدِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أصاصَتِ النخلةُ إصَاصَةً، وصَيَّصَتْ تَصْييصاً: إِذا صَارَت شِيصاً، وَهَذَا من الصِّيص لَا مِن الصِّيصَاء، يُقَال من الصِّيصاء: صَأْصَأَتْ صِيصَاءً. ابْن السكّيت: هُوَ فِي ضِئْضِي صِدْقٍ، وصِئْصِىء صِدْقٍ، وَقَالَهُ شَمِر واللّحياني.
أصص: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الأَصُّ: الأصْل، وجمعُه آصاص. وَقَالَ خَالِد بن يزِيد: الأصِيص: أسفلُ الدَّنّ يُبالُ فِيهِ، وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَأَنا ذُو عَجّةٍ
مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصِيْص
العجة: الصّوت.
وَيُقَال: هُوَ كهَيئة الجَرِّ لَهُ عُرْوَتان يُحمَل فِيهِ الطّين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ناقةٌ أَصُوص عَلَيْهَا صُوصٌ. قَالَ أَبو عَمْرو بن الْعَلَاء: الأَصُوص: النّاقة الْحَائِل السمينة.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مُداخَلةٌ صَمُّ العِظَامِ أَصُوص
أرادَ: صَمُّ عِظامُها. وَقد أصَّتْ تَؤُصُّ أصُوصاً: إِذا اشتدّ لحمُها وتلاحَكت ألواحُها.
صوص: وأمّا الصُّوص فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: هُوَ الرجل اللَّئِيم الّذي يَنزل وَحده ويأكلُ وَحده، فإِذا كَانَ باللّيل أَكَل فِي ظلّ القَمَر لئلاّ يَراه الضّيف، وأَنشَد:
صُوصُ الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَهُ
وَيكون جَمْعاً وأَنشد:
فأَلْفَيتكُمْ صُوصاً لُصُوصاً إِذا
دَجَى الظّلاَمُ وَهَيّا بينَ عِنْد البَوارِق
وصوص: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر:

(12/186)


الوصواص: البُرْقعُ الصَّغِير. وَقَالَ الفرّاء؛ إِذا أدْنَت المرأةُ نِقابها إِلَى عَيْنَيها فَتلك الوَصْوَصةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: التَّرْصيص فِي النِّقاب، ألاّ يُرَى إلاّ عَيْناها.
وَتَمِيم تَقول: هُوَ التّوصيصُ بِالْوَاو. وَقد رَصَّصت ووَصَّصَتْ توصيصاً وترصيصاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَصْواص: خَرْقٌ فِي السِّتْر ونحوِه على مِقْدَار العَين يُنظر مِنْهُ، وأَنشَد:
فِي وَهَجَانٍ يَلجُ الوَصْوَاصا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَصيُّ: إحكامُ العَمَل من بناءٍ أَو غيرِه.
قَالَ: والصَّوُّ: الفارغ. وأَصوَى: إِذا جَفَ. والصوّة: صَوْتُ الصَّدَى، بالصَّاد.
يصص: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يَصَّصَ الجِرْو بِالْيَاءِ وَالصَّاد إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وَيُقَال: بَضَّضَ وبصّصَ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوَى: السُّنْبُل الفارغ، والقُنْبُع: غِلافُه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: وأَصْتُ بِهِ الأَرْض: إِذا ضربت بِهِ الأرضَ. ومَحصتُ بِهِ الأرضَ، مثلُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَصَى الرَّجُل: إِذا عَقَل بعد رُعونة.
وَيُقَال: إِنَّه لذُو حَصاةٍ وأَصَاةٍ، أَي: ذُو عَقْل ورأي.
وصّى: أَبُو عُبَيد: وَصَيْتَ الشيءَ ووصَلْتُه سَوَاء.
وَقَالَ ذُو الرمَّة:
نصِي اللَّيلَ بالأيّامِ حَتى صَلاتنا
مقاسَمة يَشْتَقُّ أَنصافَها السَّفْرُ
وفلاة واصيةٌ: يتَّصل بفلاة أُخْرَى، وَقَالَ ذُو الرّمة:
بَيْنَ الرَّجا والرَّجا مِن جَنْبِ واصيَةٍ
يهْماءَ خابِطُها بالخَوفِ مَعْكوم
وَقَالَ الأصْمَعيُّ: وَصَى الشَّيْء يصِي: إِذا اتَّصَلَ. ووَصَاه غيرُه يَصِيه: وَصَله. وَقَالَ اللَّيْث: الوَصاةُ كالوصيّة؛ وأَنشد:
أَلاَ مَن مُبْلِغ عني يَزيداً
وَصاةً مِن أَخي ثِقَةٍ وَدُودِ
وَيُقَال: وَصِيٌّ بيّنُ الوَصاية، وَالْفِعْل أَوْصَيتُ ووَصَّيتُ إيصاءً وتوصيةً. والوصيّة: مَا أَوْصَيْتَ بِهِ، وسُميتْ وَصِيةً لاتصالها بِأَمْر الميّت.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَصِيُّ: النباتُ الملتفُّ.
وَقيل لعليّ عَلَيْهِ السَّلَام: وَصِيٌّ، لاتصال نسبِه وسبَبِه وسَمْتِه، وإِذا أَطاعَ المَرْتَعُ للسَّائمة فأصابتْه رغَداً قيل: وصَى لَهَا المَرْتَعُ يَصِي وَصْياً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا اتَّصل نباتُ الأَرْض بعضُه بِبَعْض قيل: وَصَت الأَرْض

(12/187)


فَهِيَ واصيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الآصيَة: طعامٌ مثلُ الحَسَاء يُصنَع بالتَّمر، وأَنشد:
والإتْر والصَرْبُ مَعاً كالآصيَهْ
وَقَالَ اللَّيْث: ابْن الآصي: طائرٌ شبه الباشَق، إلاّ أَنه أطوَلُ جَناحاً، وَهُوَ الحِدَأَة، يُسَمِّيه أهلُ الْعرَاق ابْن آصَى انْتهى، وَالله تَعَالَى أعلم

(12/188)


بَاب الرباعي من حرف الصّاد
(صفرد) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصِّفْرِدُ: طائرٌ جَبانٌ يَفزَع من الصَّعْوة وَغَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّفْرِدُ: طائرٌ يألَف الْبيُوت وَهُوَ أَجبَن الطّير، يُقَال: أَجبَنُ مِن صِفْرِد.
فرصد: اللَّيْث: الفِرْصادُ: شجرٌ مَعْرُوف، وأَهلُ البَصرة يسمُّون الشجرةَ: فِرْصاداً، وَحَمْلَه التُّوت. وَأنْشد:
كَأَنَّمَا تَفَضَ الأَحْمَالَ ذَاوِيَةً
على جَوَانِبِه الفِرْصاد والعِنَبُ
أَراد بالفِرْصاد والعِنَب: الشجرتين لَا حَمْلَهُما. أَراد: كَأَنَّمَا نَفَضَ الفرصادُ أحمالَه: ذاوِيَةً نُصبَ على الْحَال، والعنَبُ كَذَلِك، شبَّه أَبْعارَ البقَر بحَب الفِرْصاد والعِنَب.
وَقَالَ أَبو عبيد: هُوَ الفِرْصاد والفِرْصيد لِحَمْل هَذِه الشَّجَرَة.
وروَى أَبُو عمر عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفِرْصد: عَجْمُ الزَّبيب، وَهُوَ العُنْجُد أَيْضا.
(صندل) : قَالَ اللَّيْث: الصنْدَل: خشبٌ أحمرُ، وَمِنْه الْأَصْفَر طيّب الرّيح. والصَّنْدَل من الحُمُر: الشديدُ الخلْق الضَّخْم الرَّأْس، قَالَ رؤبة:
أَنْعَتُ عَيْراً صَنْدلاً صُنادِلا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: صنْدَلَ البعيرُ: إِذا ضَخُم رأسُه، وقَنْدَلَ الرجُل: ضخمُ رأسُه.
قَالَ: والصِّمْرِدُ: الناقةُ الغَزِيرة اللَّبن. والصمْرِدُ: القليلةُ اللَّبن.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصَّماريد: الغَنَمُ. والصَّمارِيد: الغَنَم السِّمان، والصماريد: الأرَضون الصلاب.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصمرِد: النَّاقة القليلةُ اللَّبن.
وَقَالَ غيرُه: بئرٌ صِمْرِد: قليلةُ المَاء، وَأنْشد:
لَيْسَتْ بثَمْدٍ للشِّبَاكِ الرُّشَّحِ
وَلَا الصَّمارِيدِ البِكاءِ البُلَّحِ
الشِّباك: رَكَايا فُتِح بعضُها فِي بعض.
صلدم: قَالَ اللَّيْث: الصِّلْدِم: القويُّ الشَّديد الحافرِ، وَالْأُنْثَى صِلْدِمة، وَكَذَلِكَ الصلاَدِم، وجمعُه صلادِم.

(12/189)


(صنبر) : (رجل) صنْبُورِ (فَرْد ضَعِيف ذليل لَا أهل لَهُ وَلَا عِقب وَلَا نَاصِر) ، وَفِي الحَدِيث: أَن كنايته كَانُوا يَقُولُونَ: إِن مُحَمَّدًا صنبور وَقَالُوا: صُنَيْبيرُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الصنْبُورُ: النَّخلةُ تَخرُج من أصل النَّخْلة الْأُخْرَى لم تغرَس. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصنبُورُ: النخلةُ تَبقَى منفَرِدة، ويَدِقُّ أسفَلها. قَالَ: ولقِيَ رجُلٌ رجُلاً من العرَب فسأَل عَن نَخْله فَقَالَ: صنْبَر أَسْفَلُه، وعَشَّشَ أَعْلَاهُ، يَعْنِي: دَقّ أسفلُه، وقَلَّ سَعفُه ويبِس.
قَالَ أَبُو عُبيد: فشبَّهوه بهَا، يَقُولُونَ: إِنَّه فَرْدٌ لَيْسَ لَهُ وَلَد، فَإِذا مَاتَ انْقَطع ذِكرُه.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَول الْأَصْمَعِي: أَعجَبُ إليَّ من قَول أبي عُبَيدة.
وَقَالَ أَوْس يعيبُ قوما:
مُخَلَّفُون ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ
غشُّ الأَمانَةِ صنْبُورٌ فصنْبُورُ
قَالَ: والصنْبورُ فِي هَذَا: القَصَبَةُ الَّتِي تكون فِي الإداوةِ من حَدِيد أَو رصاص يشرب مِنْهَا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الصنبور: مَثْعَبُ الْحَوْض، وَأنْشد:
مَا بَين صنبور إِلَى الإزَاء
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصُّنْبُورُ من النَّخْلَة: فُريخٌ ينبتُ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: صَنابيرُ النَّخْلَة: سَعَفَاتٌ تَنْبُت فِي جِذع النَّخْلَة غير مستَأرِضة فِي الأَرْض، وَهُوَ المُصَنْبِر من النّخل، وَإِذا نبت الصنابير فِي جذْع النَّخْلَة أَضْوَتْها، لِأَنَّهَا تَأْخُذ غذَاء الأُمهات. قَالَ: ودواؤها: أَن تُقلع تِلْكَ الصنابير مِنْهَا.
فَأَرَادَ كفار قُرَيْش أَن محمَّداً بِمَنْزِلَة صُنبور نَبتَ فِي جذع نَخْلَة، فَإِذا قُلع انْقَطع، وَكَذَلِكَ محمدٌ إِذا مَاتَ فَلَا عقِب لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: وَقَالَ سِمْعان: الصنابير يُقَال لَهَا العِقَّان والرَواكِيب؛ وَقد أَعقَّت النَّخْلَة: إِذا أنبتت العِقّان. قَالَ: وَيُقَال للفَسِيلة الَّتِي تنْبت فِي أمهَا: الصُّنبور، وأصلُ النَّخْلَة أَيْضا صُنْبُورها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: المُصَنْبَرة من النخيل: الَّتِي تنْبت الصنابير فِي جُذوعها فتُفسدها، لِأَنَّهَا تَأْخُذ غذَاء الْأُمَّهَات فتُضوِيها.
قلت: وَهَذَا كلُّه يُقَوي قَول أبي عُبَيدة.
وروَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُّنبورُ: الوَحِيد. والصُّنبورُ: الضعيفُ.

(12/190)


والصُّنبورُ: الَّذِي لَا وَلدَ لَهُ وَلَا عَشيرةَ، وَلَا ناصرَ من قريب وَلَا من غَرِيب. والصُّنورُ: الداهية، وَأنْشد:
لِيَهْنىءْ تُراثِي لامرىء غيرِ ذِلّةٍ
صَنابِرُ أُحْدانٌ لهنَّ حَفِيفُ
سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتِ إفاقةٍ
إِذا مَا حُمِلْن حَمْلُهنَّ خَفِيفُ
قَالَ: أَرَادَ بالصنابر سِهاماً دِقاقاً، شُبِّهت بصنابير النَّخلة الَّتِي تَخرجُ فِي أَصْلهَا دِقاقاً. وَقَوله: أُحدانٌ، أَي: أفرادٌ. سريعاتُ موتٍ: يُمِتْنَ مَن رُميَ بهنَّ، قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي، أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَنهُ.
عَن عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّنْبَرُ: الرَّقيقُ الضّعيف من كل شَيْء، من الْحَيَوَان والشجَر.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصَّنَّبَرُ: آخِرُ أَيَّام الْعَجُوز، وَأنْشد:
فَإِذا انقضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا
صنٌّ وصِنّبُر مَعَ الوَبْرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصنَّبَرْ والصنَّبِرُ: البَرْد. وَقَالَ غيرُه: يُقَال: صِنِّبَرْ بِكَسْر النُّون، وَقَالَ طَرَفة:
بجفانٍ تَعتَرِي نادِينَا
وسَدِيفٍ حينَ هَاجَ الصنِّبِرْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصنَّوْبَر: ثَمَرَة الأَرْزَة وَهِي شَجَرَة. قَالَ: وتسمَّى الشَّجَرَة صَنَوْبَرةً من أجلِ ثَمِرها.
بنصر: وَقَالَ اللّيث: البِنْصِر: الإصبع الَّتِي بَين الْوُسْطَى والخِنْصِر. قَالَ: والإصْطَبْل: موقف الفرَس، شاميَّة والجميعُ الأُصَابِل، قَالَ: والبَلَنْصاةُ: بَقْلة. وَيُقَال طَائِر، والجميع البَلَنْصَى.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَلَصوص: طَائِر، ويُجمع البَلَنْصَى على غَيْرِ قِيَاس، وَنَحْو ذَلِك رُوِي عَن الْخَلِيل بن أَحْمد.
دلمص: أَبُو عُبَيد: الدُّلامِصُ: البَرَّاق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الدُّلَمِص. والدُّمَالِص: لِلّذي يَبرُق لونُه.
قَالَ: وبعضُ العَرَب تَقول: دُلَمِص ودُلامِص.
(صطفل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الاصْطَفْلِين: الجَزَر الّذي يُؤْكل، وَهِي لغةٌ شاميّة، الْوَاحِدَة إِصْطَفْلِيْنَة، وَهِي المَشَا أَيْضا.
ورَوَى شَمِر بإسنادٍ لَهُ عَن الْقَاسِم بن مُخَيْمَرَة أنّه قَالَ: إِن الوَالِيَ ليَنْحِتُ أَقَاربه كَمَا تَنْحِتُ القَدُوم الإصْطَفْلِيْنَة حَتَّى تَخلُص إِلَى قَلْبها.
وقالَ شمر: الإصْطَفْلِيْنَة كالجَزَرَة، وَلَيْسَت بعربيَّة مَحْضَة، لِأَن الصَّاد والطاء لَا تكادان تجتمعان فِي محضِ كلامِ الْعَرَب.
قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ فِي الصِّراط والإصْطَبل

(12/191)


والأصطُم، وَأَصلهَا كلُّها السِّين.
(صفنط سفنط) : وَقَالَ الأصمعيّ: الأصفِنْطُ: الْخَمْر بالروميّة، وَهِي الإسْفَنْط وَقَالَ بعضُهم: هِيَ خَمْرٌ فِيهَا أفاوِيه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: هِيَ أَعلَى الْخمر وصفْوتها. وَقَالَ ابْن نُجِيم: هِيَ خُمور مخلوطَة.
وَقَالَ شمر: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي عَنْهَا فَقَالَ: الإسْفِنْط اسمٌ من أسمائها لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَقد ذَكَرها الْأَعْشَى فَقَالَ:
أَو اسْفِنْطَ عَانَة بَعْدَ الرُّقا
دِ شَكَّ الرّصَافُ إِلَيْهَا غدِيرَا
(قرفص) : وَقَالَ ابْن شُمَيل: القُرافِصَة: الصغِير من الرِّجال.
وَقَالَ غَيره: قُرافِصة من أَسمَاء الأَسَد.
(بلصم) : وَقَالَ ابْن السكّيت: بَلْصَم الرَّجُل. وكَلْصَم: إِذا فَرَّ.
(بربص) : قَالَ اللَّيث: بربصنا الأَرْض: إِذا أرسلتَ فِيهَا المَاء فمخرتها لتجود.
آخر حرف الصَّاد

(12/192)


هَذَا كتاب حرف السِّين من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف منْ حرف السّين
قَالَ ابْن المظفّر: قَالَ الْخَلِيل بنُ أَحْمد: أُهمِلت السِّين مَعَ الزَّاي فِي كَلَام الْعَرَب.

(بَاب السّين مَعَ الطّاء)
(س ط)
سط: أهمل ابْن المظفر: سط.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا يَروِي عَنهُ أَبُو العبّاس: الأَسَطُّ من الرّجال: الطويلُ الرِّجْلين. قَالَ: والسُّطُط: الظَّلْمَة. والسُّطَط: الجائرون.
طس: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَا أدْري أينَ طَسُّ، وَلَا أينَ دَسَّ، وَلَا أَيْن طَسَم وطَمَس وسَكَعَ، مَعْنَاهُ: أينَ ذَهَب.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة قَالَ: وممّا دَخَل فِي كَلَام الْعَرَب: الطَّسْتُ والتَّوْر والطاجِن، وَهِي فارسيّة كلهَا. قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: طيّءُ، تَقول: طَسْت، وغيرُهم طَسٌّ، وهُمُ الّذين يَقُولُونَ لِصْت للِّصّ، وَجمعه طُسُوت ولُصُوت عِنْدهم.
حَدثنَا ابنُ عُرْوة عَن يُوسُف بن مُوسَى عَن يزِيد بن هَارُون، ومهران بن أبي عَمْرو عَن سُفيان عَن عَاصِم بن بَهْدَلة عَن زِرّ قَالَ: قلتُ لأبي بن كَعْب: أخْبِرْني عَن لَيْلَة الْقدر؟ فَقَالَ: إنّها فِي لَيْلَة سبعٍ وَعشْرين، قلتُ: وأَنَّى عَلِمتَ ذَلِك؟ قَالَ: بِالْآيَةِ الّتي أَنبأَنَا رسولُ الله، قلتُ: فَمَا الْآيَة؟ قَالَ: أَن تَطلُع الشمسُ غداتَئِذ كأنَّها طَسّ لَيْسَ لَهَا شُعاع.
قَالَ يُوسُف بن مِهْران: قَالَ سُفيانُ الثَّوْري: الطَّسُّ هُوَ الطَّسْت: ولكنَّ الطّسْ، بالعربيّة.
قلتُ: أَرَادَ أنَّهم لمّا أعربوه قَالُوا: طَسُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّسِيسُ جمعُ الطَّسُّ على فَعِيل، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء، وأنشدَ قولَ رؤبة:
ضَرَبَ يَدِ اللَّعَّابة الطَّسِيسا

(12/193)


قَالَ: هُوَ جمعُ الطَّسّ.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: الطَّسْت: هِيَ فِي الأَصْل طَسّة، ولكنَّهم حَذفوا بتثقيل السّين فخفَّفوا وسكنتْ فظهرتْ التَّاء الَّتِي فِي مَوضِع هَاء التَّأْنِيث لسكون مَا قبلَها، وَكَذَلِكَ تَظْهر فِي كلّ مَوضِع سكَن مَا قبلهَا غير ألف الفَتْح، والجميع الطَسَاس.
قَالَ: والطّسَاسَة: حِرْفةُ الطَّسّاس.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يُتِم الطَّسّة فيثَقِّل ويُظْهر الْهَاء. وَقَالَ: وَأما من قَالَ: إِن التَّاء الَّتِي فِي الطست أصليّة فَإِنَّهُ يَنتقِض عَلَيْهِ قَوْله من وَجْهين: أحدُهما: أنّ التَّاء مَعَ الطَّاء لَا يَدخُلان فِي كلمة وَاحِدَة أصليّتين فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب، والوجْهُ الآخَر: أَن الْعَرَب لَا تَجمع الطَّسْت إلاّ الطِساس، وَلَا تُصَغِّرها إِلَّا طُسَيْسة، وَمن قَالَ فِي جمعهَا الطَّسّات فَهَذِهِ التَّاء هِيَ هَاء التَّأْنِيث، بِمَنْزِلَة التاءِ الّتي فِي جمَاعَة المؤنَّث المجرورة فِي مَوضِع النَّصْب. ومَن جَعل هَاتين اللّتين فِي الْبِنْت والطَّسْت أصليّتين فَإِنَّهُ ينصِبُهما، لأنَّهما يصيران كالحروف الْأَصْلِيَّة كالأقواتِ والأصْوات، وَمن نصَب البَنَات على أَنه لفظ فَعَالٍ انتقَضَ عَلَيْهِ مثلُ قَوْلهم: هناتٍ وذَوات.
وأَخبرَني المنذريُّ عَن المبرِّد عَن المازنيّ قَالَ: أنشَدني أعرابيّ فصيح:
لَو عَرَضَتْ لأُيْبُلِيَ قَسِّ
أَشْعَثَ فِي هَيْكَلِهِ مُنْدَسِّ
حَنَّ إِلَيْهَا كحَنِينِ الطَّس
قَالَ: جَاءَ بهَا على الأَصْل، لِأَن أَصْلهَا طَسّ، والتاءُ فِي طَسْت بدلٌ من السِّين، كَقَوْلِهِم: سِتَّة أصلُها سِدْسَة، وجمعُ سِدْس أسْداس مبيَّن على نَفسه. وطَسْت يُجمع طِساساً، ويُجمع فيصغر طُسَيْسة.

(بَاب السّين وَالدَّال)
(س د)
سد: قَالَ اللّيث: السُّدُود: السِّلالُ تُتّخذ من قُضْبان لَهَا أَطْباق وتُجمَع على السِّداد أَيْضا، الْوَاحِدَة سَدّة.
وَقَالَ غَيره: السَّلَّة يُقَال لَهَا السَّدّة والطَّبْل والسَّد، وقولُ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} (الْكَهْف: 93) ، قَرَأَ ابْن كَثير وَأَبُو عَمْرو: (بَين الشَّدَّين) ، {وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (الْكَهْف: 94) ، بِفَتْح السِّين. وَقَرَأَ فِي يس: (من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سُدَّاً) (يس: 9) ، بِضَم السِّين، فِي هَذَا الْحَرْف وحدَه، وبفتح السِّين فِي الْبَاقِي، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: (بَين السُّدَّين) بِالضَّمِّ.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي جَعْفَر الغَسَّاني عَن سَلَمة عَن أبي عُبيدة قَالَ: السُّدَّيْن: مضموم إِذْ جَعَلوه مخلوقاً من فِعل الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ من فِعْل الآدمِيِّين فَهُوَ سَدّ مَفْتُوح، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَخْفَش.

(12/194)


وَقَالَ الْكسَائي: السُّدّين بضَم السِّين وفَتحِها سَوَاء السَّد والسُّد، وَكَذَلِكَ قولُه: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} هما سَوَاء، فتح السِّين وضمّها.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: سَدّ وسُدّ، وكلّ مَا قابلكَ فسَدَّ مَا وراءَه فَهُوَ سَدّ وسُدّ. قَالَ: وَأَخْبرنِي الطُّويسِي عَن الخرّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَمَاه فِي سَدِّ نَاقَتِه: أَي فِي شخصها. قَالَ: والسُّدّ والذّرِيعَة والدَّرِيئَةُ: النَّاقة الَّتِي يسْتَتر بهَا الصائدُ ويخْتل ليرميَ الصَّيْد، وَأنْشد:
فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عَلَيْهِمُ
ولكنْ لَقوا نَاراً تَجُسُّ وتَسْفَعُ
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: المِعْزَى سَدٌّ يُرَى من وَرائِه الفَقْر، الْمَعْنى: أنّه المعزى لَيْسَ إلاّ مَنْظرها، وَلَيْسَ لَهَا كبيرُ مَنْفَعة.
ورُوِي عَن المفسّرين فِي قَوْله: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} (يس: 9) قَولَانِ: أحدُهما: أَن جمَاعَة من الكفّار أَرَادوا بالنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوءا، فحالْ اللَّهُ بَينهم وَبَين مُرادِهم، وسَدَّ عَلَيْهِم الطريقَ الّذي سلكوه. وَالثَّانِي: أَن الله وَصَفَ ضلالَ الكفّار فَقَالَ: سَددْنا عَلَيْهِم طريقَ الهُدى كَمَا قَالَ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (الْبَقَرَة: 7) ، الْآيَة.
وقرأتُ بخطّ شمر يُقَال: سَدّ عَلَيْك الرجل يَسِدّ سَدّاً: إِذا أَتَى السَّدَاد، وَمَا كَانَ هَذَا الشيءُ سَديداً. وَلَقَد سَدَّ يَسدّ سَداداً وسُدوداً، وَقَالَ أَوْس:
فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عليهمُ
يَقُول: لم يَجبنوا من الْإِنْصَاف فِي الْقِتَال، ولكنّا جُرْنا عليهمْ فَلَقُونا وَنحن كالنّار الَّتِي لَا تُبقِي شَيْئا.
قلت: وَهَذَا خلافُ مَا قَالَه ابْن الأعرابيّ.
وَفِي حَدِيث النبيّ أَنه قَالَ: (لَا تَحل المسألةُ إلاّ لثلاث. .) فَذكر رجلا أصابتْه جَائِحَة فاجتاحَتْ مالَه فَيسْأَل حتَّى يصيبَ سَداداً من عَيْش أَو قواماً.
قَالَ أَبو عُبَيد: (سِداداً من عَيْش) هُوَ بِكَسْر السِّين، وكلَّ شَيْء سَدَدَتْ بِهِ خَلَلاً فَهُوَ سِداد، وَلِهَذَا سُمِّي سِداد القارورة وَهُوَ صِمامُها، لأنّه يَسُدّ رَأسهَا، وَمِنْه سِدادُ الثَّغْر: إِذا سُدَّ بِالْخَيْلِ والرِّجال، وَأنْشد:
أضاعوني وأيَّ فَتى أضاعوا
ليَوْم كريهة وسِدادِ ثَغْرِ
قَالَ: وأمَّا السَّداد بِالْفَتْح فَإِن مَعْنَاهُ: الإصابةُ فِي المنطِق أَن يكون الرجل مُسَدَّداً، يُقَال: إِنَّه لذُو سَدَاد فِي منطقِه وتدبيره، وَكَذَلِكَ الرَّمي.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه سَأَلَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِزَار فَقَالَ: (سَدّد وقارب) .
قَالَ شمر فِي (كتَابه) : سدِّد من السَّداد،

(12/195)


وَهُوَ المُوَفَّقُ الَّذِي لَا يعاب.
قَالَ: والوَفْق المِقْدار: اللَّهُمَّ سدِّدْنا للخير، أَي: وفِّقنا لَهُ.
وَقَوله: قارِب، قَالَ القرابُ فِي الْإِبِل: أَن تقاربَها حَتَّى لَا تتَبَدَّد.
قلتُ: معنى قَوْله قارِب، أَي: لَا تُرْخِ الْإِزَار، فنُفْرِطَ فِي إسباله، وَلَا تُقلِّصه فتُفرط فِي تشميره وَلَكِن بَين ذَلِك.
قَالَ شمِر: وَيُقَال: سدِّد صاحبَك، أَي: علِّمه الخيرَ واهدِه. وسَدِّدْ مالَك، أَي: أَحسن العملَ بِهِ. والتسديد للإِبل: أَن تُيَسِّرَها لكلِّ مَكَان مَرْعًى وكل مَكَان لَيانٍ وكلِّ مكانٍ رَقاق. قَالَ: والسَّداد: القَصْد والوَفْق والإصابة، وَرجل مُسدَّد، أَي: موفَّق. وَسَهْم مسدَّد: قويم. وَيُقَال: أَسِدَّ يَا رجُل، وَقد أسدَدْتَ مَا شئتَ، أَي: طلبتَ السَّداد، وأَصبْتَه أَو لَم تُصِبه.
وَقَالَ الأسوَد بن يَعْفُر:
أَسِدِّي يَا مَنِيُّ لِحِمْيَرِي
يطوِّفُ حَوْلَنا وَله زَئير
يَقُول: اقصدِي لَهُ يَا مَنِيَّة حتّى يَمُوت. وأمّا قَوْله:
ضربَتْ عليّ الأرضُ بالأسداد
فَمَعْنَاه: سُدَّتْ عليَّ الطُّرق وعميَتْ عليَّ مَذاهبي، وَوَاحِد الأسداد سُدُّ.
ورُوي عَن الشَّعبيّ أَنه قَالَ: مَا سددتُ على خَصْم قطّ. قَالَ: وَيُقَال: سَدَّ السَّهْمُ فَسَدَّ: إِذا استقام. وسدَّدته تسديداً. انْتهى.
قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّد بنُ إسحاقَ قَالَ: حَدثنَا إبراهيمُ بن هانىء قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنَا الأَوْزاعيُّ عَن يحيى بن كثير عَن هِلَال بن أبي ميمونَة عَن عَطاء بنِ يَسار عَن رِفاعة بن عَوانة الجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَالَّذِي نَفسِي بيَدِه مَا مِن عبدٍ يُؤمِن بِاللَّه ثمَّ يُسدِّد إِلَّا سَلَك فِي الْجنَّة) ، قولُه: (ثمَّ يسدِّد) ، أَي: يقتصد فَلَا يَغْلو وَلَا يُسرِف. والسّداد: المَقصِد، وَمعنى: (لَا يَغْلو) : ألاّ يكون مِثل الخوَارِج وَلَا يُسرِف فيرتكب الذنوبَ الكثيرةَ والخطايا الجمَّة.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَدنان قَالَ لي جَابر: البَذِخُ الَّذِي إِذا نَازع قوما سَدَّد عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
قلتُ: وَكَيف يُسَدِّد عَلَيْهِم؟ قَالَ: يَنْقض عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه ليَسُدُّ فِي القَوْل: وَهُوَ أَن يُصيب السَّداد يَعْنِي القَصْد قَالَ: جَاءنا سُدٌّ من جَراد: إِذا سَدَّ الأُفُق من كثرته. وأرضٌ بهَا سَدَدة، والواحدة سُدَّة، وَهِي أودِية فِيهَا حجارةٌ وصخورٌ يبْقى فِيهَا المَاء زَمَانا.
قَالَ: والسُّدَّةُ: بَاب الدَّار وَالْبَيْت، يُقَال: رَأَيْته قَاعِدا بسُدَّة بَابه.

(12/196)


أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: السُّدَّةُ كالصُّفَّة تكون بَين يَدي الْبَيْت، والظُّلَّةُ تكون بِبَاب الدَّار.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَمِنْه حَدِيث أبي الدَّرْداء: (مَن يَغْشَ سُدَّة السُّلْطَان يَقُمْ ويَقْعُد) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي حَدِيث المُغِيرة بن شُعبة (أَنه كَانَ يصلّي فِي سُدَّة الْمَسْجِد الْجَامِع يومَ الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام) ، يَعْنِي الظِّلال الَّتِي حَوْله.
قَالَ أَبُو سعيد: السُّدَّة فِي كَلَام الْعَرَب الفِنَاء، يُقَال لبَيْت الشَّعر وَمَا أشبهَه. قَالَ: والَّذِين تَكَلَّموا بالسُّدَّة لم يَكُونُوا أصحابَ أبنِية وَلَا مَدَر. ومَن جَعل السُّدَّة كالصُّفَّة أَو السَّقيفة فَإِنَّمَا فَسّره على مذهبِ أَهلِ الحَضَر قَالَ: وَإِنَّمَا سمّي إِسْمَاعِيل السُّدي لأنّه كَانَ تَاجِرًا يَبيع فِي سُدَّة المَسجِد الخُمُرَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ يَجعل السُّدَّة البابَ نَفسه.
وَقَالَ اللّيث: السُّدّيّ: رجلٌ مَنْسُوب إِلَى قَبيلَة من اليَمَن.
قلتُ: إِن أَرَادَ إسماعيلَ السُّدَّيَّ فَهُوَ وهمٌ، وَلَا نعلم فِي قبائل الْيمن سُدّاً.
قَالَ اللَّيْث: والسُّدَّة والسُّداد: هما داءٌ يَأْخُذ فِي الْأنف يَأْخُذ بالكَظَم ويَمنع نسيمَ الرّيح. قَالَ: والسُّد مقصورٌ من السَّداد. وَيُقَال: قل قولا سَدَداً وسَدَاداً وسديداً، أَي: صَوَابا.
أَبُو عُبيد: الأسِدَّة: العُيُوب، واحدُها سَدَّ، وَهُوَ على غير قِيَاس، وَالْقِيَاس أَن يكون جمع سَدِّ: أَسُدّاً وسُدُوداً.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الوَدَس والسُّدّ: العَيْب، وَكَذَلِكَ الأبن والأمن.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: مَا بفلان سِداد يَسُدّ فَاه عَن الْكَلَام، وجمعُه أَسِدّة، أَي: مَا بِهِ عَيْب.
أَبُو زيد: السُّدُّ من السَّحَاب: النَّشْءُ الأسوَد، من أيّ أقطار السَّمَاء نَشأ. وجمعُه سدود.
ابْن الْأَعرَابِي: السُّدُودُ: العيونُ الْمَفْتُوحَة لَا تُبصِر بَصَراً قويّاً. يُقَال مِنْهُ: عينٌ سَادَّة. قَالَ: والسُّدُّ الظِّلّ.
قَالَ: وَيُقَال للناقة الهَرِمة: سادّةٌ وسلَّةٌ وسَدِرةٌ وسَدِمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: عَينٌ سادّة وقائمة: إِذا ابيضَّتْ لَا يُبصر بهَا صاحبُها وَلم تنفقِىءْ بعد.
ابْن شُمَيْل: السِّداد: الشيءُ من اللبَن يَيْبَسُ فِي إحليل النَّاقة.
دَسَّ: قَالَ اللَّيث: الدَّسُّ: دَسُّك الشيءَ تحتَ شَيْء، وَهُوَ الْإخْفَاء، وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ} (النَّحْل: 59) ، أَي: يَدْفِنُه.

(12/197)


قلتُ: أَرَادَ المَوْءودَة الَّتي كَانَ أهل الجاهليّة يئدونَها وَهِي حَيّة، وذَكّر فَقَالَ: {يَدُسُّه وَهِي أُنْثَى لأنَّه ردَّه على لفظ (مَا) فِي قَوْله: يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} (النَّحْل: 59) ، فردَّه على اللَّفْظ، لَا على الْمَعْنى، وَلَو قَالَ: (بهَا) لَكَانَ جَائِزا.
قَالَ اللَّيْث: والدَّسِيس: من تَدُسّه ليأتيَك بالأخبار.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّسِيس: الصُّنان الّذي لَا يَقلَق الدَّواء. والدَّسِيس المَشْوِيّ. والدُّسُسُ: المُراءُون بأَعمالهم يَدخلون مَعَ القُرّاء وَلَيْسوا قُرّاء. قَالَ: والدُّسُسُ: الأَصِنَّة الدَّفِرة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ بالبعير شَيْء خفِيفٌ من الجَرَب، قيل: بِهِ شيءٌ من جَرَب فِي مساعِدِه، وَقيل: دُسَّ فَهُوَ مَدْسُوس. وَقَالَ ذُو الرمَّة:
قَريعُ هِجانٍ دُسَّ مِنْهُ المَسَاعِدُ
ومساعِدُه: آباطه وأدفاغُه. وَيُقَال للهِناء الّذي يُطلَى بِهِ أرفاغُ الإبلِ: الدَّسُّ أَيْضا، وَمن أمثالهم: لَيْسَ الهِناءُ بالدَّسّ، الْمَعْنى: أنَّ الْبَعِير إِذا جَرِب فِي مَساعِرِه لم يُقْتَصر من هِنائه على مَوَاضِع الجَرَب، وَلَكِن يُعَمُّ بالهِناء جميعُ جِلْده لئلاَّ يتعدَّى الجَرَب موضعَه فيَجرَبَ موضعٌ آخَر. يُضرَب مثلا للّذي يَقتصِر من قَضَاء حَاجَة صَاحبه على مَا يَتبلغ بِهِ وَلَا يُبالَغ فِي الْحَاجة بكمالها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سألتُ ابنَ الْأَعرَابِي عَن قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن} (الشَّمْس: 10) ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ: من دَسَّ نفسَه مَعَ الصَّالِحين وَلَيْسَ هُوَ مِنْهُم. قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: خابت نفسٌ دَسَّاها الله. وَيُقَال: قد خَابَ مَنْ دَسَّ نفسَه فأَخْمَلَها بتَرْك الصَّدَقة وَالطَّاعَة. قَالَ: ونَرَى وَالله أعلم أنَّ (دَسَّاها) من دَسَّسْتُ، بُدِّلت بعضُ سيناتها يَاء كَمَا قَالُوا: تظنَّيْت من الظنّ. قَالَ: ويُرَى أنَّ (دَسَّاها) دسّسَها، لِأَن الْبَخِيل يُخفي منزله وَمَاله، والسَّخِيُّ يُبرِز منزله فَينزل على الشَّرَف من الأَرْض لئلاّ يسْتَتر عَن الضِّيفان وَمن أَرَادَهُ، ولكلَ وَجْه، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الزَّجَّاج.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّسَّاسة: حَيّة صَمّاء تكون تَحت التّراب.
وَقَالَ أَبُو عمر: الدَّسّاس من الحيّات: الّذي لَا يدْرِي أيُّ طرفَيْه رأسُه، وَهُوَ أَخبثُ الحيّات، يَندَس فِي التُّرَاب وَلَا يَظهَر للشّمس، وَهُوَ على لون القُلْب من الذَّهب.
وَقَالَ شمر: الدَّسَّاس: حَيّةٌ أحمَر كأنّه الدَّم محدَّدُ الطَّرَفين، لَا يُدرَى أَيهمَا رأسُه، غليظُ الجِلد لَا يَأْخُذ فِيهِ الضَّرْب،

(12/198)


وَلَيْسَ بالضَّخم غليظ. قَالَ: وَهُوَ النَّكَّاز.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الدَّسَّاسة: شَحْمة الأَرْض. قَالَ: وَهِي العَنَمة أَيْضا.
قلت: والعربُ تسمِّيها الحُلكَة تغوصُ فِي الرَّمْل كَمَا يَغُوص الحُوت فِي المَاء، ويُشبَّه بهَا بَناتُ العذَارى، وَيُقَال لَهَا: بَنَات النَّقَى.

(بَاب السّين وَالتَّاء)
(س ت)
سِتّ: قَالَ اللّيث: السِّتُّ والسِّتّة فِي التأسيس على غير لفظَيْهِما، وهُما فِي الأَصْل: سِدْس وسِدْسَة؛ ولكنّهم أَرَادوا إدْغامَ الدّال فِي السّين، فالتَقيا عِنْد مَخْرَج التَّاء فغَلَبتْ عَلَيْهَا كَمَا غَلَبَت الحاءُ على العَين فِي لُغَة سَعْد، يَقُولُونَ: كنت مَحُّمْ فِي معنى مَعَهم. وبيانُ ذَلِك: أنّك تُصَغِّر ستّةُ سُدَيسة، وَجَمِيع تصغيرِها على ذَلِك، وَكَذَلِكَ الأسداس.
الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت، يُقَال: جَاءَ فلانٌ خَامِسًا وخَامياً، وَجَاء فلانٌ سادِساً وسادِياً وَجَاء سَاتّاً، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا مَا عُدَّ أَرْبَعَةٌ فِسَالٌ
فَزَوْجُكِ خَامِسٌ وَأَبُوكِ سَادِي
قَالَ: فمَنْ قَالَ سادِساً بناه على السِّدْس، وَمن قَالَ ساتّاً بناه على لَفْظِ سِتّة وسِتّ. والأصلُ سِدْسَة، فأَدْغموا الدالَ فِي السّين فَصَارَت تَاء مشدَّدة، وَمن قَالَ: سادِياً وخامِياً أَبْدَلَ من السّين يَاء.
شَمر عَن ابْن الأعرابيّ: السُّدُوس: هُوَ النِّيلَنْج. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السّدُوس. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مَنَابِته مِثْلُ السُّدُوسِ ولونُه
كَلَوْنِ السَّيَالِ وَهُوَ عَذْبٌ يفِيضُ
قَالَ شمر: سمعتُه من ابْن الأعرابيّ بِضَم السِّين. وروَاه إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن أبي عَمْرو بفَتْح السِّين، وروى بَيت امرىء الْقَيْس:
إِذا مَا كنتَ مفتَخِراً ففَاخِرْ
بِبَيْتٍ مِثْلِ بَيْتِ بَنِي سَدُوسِ
بِفَتْح السِّين أَرَادَ خَالِد بن سَدُوس النَّبْهَانِيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّدُوس: الطَّيْلَسَان بالْفتح وَاسم الرجل سُدوس.
قَالَ شمر: يُقَال لكلّ ثوب أخضَر سَدُوس وسُدُوس.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: سَدُوس فِي بني شَيْبَان، وسُدُوس فِي طيّىء.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا أَلقَى البَعِيرُ السِّنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَة، وَذَلِكَ فِي السّنة الثَّامِنَة، فَهُوَ سَدَس وَسَدِيس، وهما فِي المؤنَّث والمذكّر بِغَيْر هاءٍ. وَقَالَ غَيره: السُّدْس: سهم وَاحِد من ستَّة أَجزَاء، وَيُقَال للسُّدس سَدِيس أَيْضا.

(12/199)


وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال عِنْدِي ستّة رجالٍ وسِتُّ نِسْوَةٍ، وَتقول: عِنْدِي ستّة رجال ونِسْوَةٍ، أَي: عِنْدِي ثلاثةٌ من هَؤُلَاءِ وثلاثةٌ من هَؤُلَاءِ، وَإِن شِئْتَ قلتَ: عِنْدِي سِتَّةُ رِجَالٍ ونِسْوةٌ فَنَسَقْتَ بالنِّسْوة على السّتة، أَي: عِنْدِي سِتَّةٌ من هَؤُلَاءِ، وَعِنْدِي نِسْوة. وَكَذَلِكَ كلُّ عَدَد احْتَمَل أَن يُفرَد مِنْهُ جَمْعان، فلك فِيهِ الْوَجْهَانِ. فَإِن كَانَ عددا لَا يحْتَمل أَن يفرد مِنْهُ جَمْعَان فالرَّفع لَا غير. تَقول: عِنْد خمسةُ رجال ونِسْوةٌ، وَلَا يكونُ الخَفْضُ. وَكَذَلِكَ الْأَرْبَعَة والثلاثةُ، وَهَذَا قولُ جَمِيع النحويّين.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: كَانَ الْقَوْم ثَلَاثَة فَرَبَعْتُهُمْ، أَي: صِرْتُ رابعَهم، وَكَانُوا أَرْبَعَة فَخَمْسَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ إِلَى العَشرة. وَكَذَلِكَ إِذا أَخَذْتَ الثُّلُثَ من أَمْوَالهم أَو السُّدْس قلتَ ثَلَثْتُهُمْ، وَفِي الرُّبع رَبَعْتُهُم إِلَى العُشْر. فَإِذا جِئْتَ إِلَى يَفعِل قلتَ فِي العَدَد: يَخْمِسْ ويَثْلِث إِلَى العَشْر؛ إلاَّ ثلاثةَ أَحْرُف فَإِنَّهَا بِالْفَتْح فِي الحدّين جَمِيعًا: يَرْبَعْ ويَسْبَع ويَتْسَع. وَتقول فِي الْأَمْوَال: يَثْلُث ويَخْمُس ويَسْدُس بِالضَّمِّ: إِذا أخذتَ ثُلُثَ أَمْوَالهم أوْ خُمْسَها أَو سُدْسَها، وَكَذَلِكَ عَشَرَهُم يعشُرُهم إِذا أَخذ مِنْهُ العُشر، وعَشَرَهم يَعْشِرُهُمْ إِذا كَانَ عاشِرَهم والسِّتُّون عَقْد بَين عَقْدَيِ الخمسينَ والسّبعين، وَهُوَ مبنِيٌّ على غير لفظِ واحدِه، والأصلُ فِيهِ السِّتّ، تَقول: أخذْتُ مِنْهُ ستِّينَ دِرْهماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّتُّ: الْكَلَام الْقَبِيح، يُقَال: سَتَّهُ وسَدَّه: إِذا عابه. انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.
س ظ س ذ س ث: أهملت وجوهها.

(بَاب السِّين وَالرَّاء)
س ر
رس، سر، سرس: (مستعملة)
سر: أخبَرَني المُنْذِريّ عَن الحرَّاني عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: السِّرّ: مصدَرَ سَرَّ الزَّنْدَ يَسرّه سَرّاً: إِذا كَانَ أَجْوَفَ فَجعل فِي جَوْفه عُوداً لِيَقْدَحَ بِهِ، يُقَال: سُرَّ زَنْدَكَ فَإِنَّهُ أَسَرّ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وحَكَى لنا أَبُو عَمْرو: قَنَاةٌ سَرّاء: إِذا كَانَت جَوْفاء. قَالَ: والسِّرُّ: النّكاح، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَاكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (الْبَقَرَة: 235) ، قَالَ رؤبة:
فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارِها بَعْدَ الفَسَق
وَيُقَال: فلانٌ فِي سِرِّ قَوْمِه، أَي: فِي أفضلهم. قَالَ: وسِرُّ الْوَادي: أفضلُ موضعٍ فِيهِ، وَهِي السَّرارةُ أَيْضا: والسرُّ: من الأسْرار الَّتي تُكْتَم. وحَكى لنا أَبُو عَمرو: السِّرُّ: ذَكَرَ الرَّجل، وأنْشَدَنا

(12/200)


لِلأَفْوَه الأَوْدي:
لما رأتْ سِرِّي تغيَّر وانثَنَى
من دُونِ نَهْمَةِ شَبرِها حِين انثنى
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السِّرّ: الزِّنى، والشرِّ: الْجِمَاع. وَقَالَ الْحسن وَأَبُو مِجلَز فِي قَوْله: {وَلَاكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا}
قَالَا: هُوَ الزِّنى، وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ أَن يَخطُبها فِي الْعدة. وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} يَقُول: لَا يصفن أحدكُم نفسَه للْمَرْأَة فِي عِدتها بالرغبة فِي النِّكَاح والإكثارِ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السرُّ: مَا أَسْرَرْت. والسَّريرةُ: عمل السِّرّ من خَيْر أَو شَرّ.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي عُبَيدة: أسررتُ الشيءَ: أخْفيتُه، وأسررتُه: أعلنته. قَالَ: وَمن الْإِظْهَار قولُ الله جلّ وَعلا: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ} (يُونُس: 54) ، أَي: أظهروها، وَأنْشد للفرزدق:
فلمّا رأى الحجاجَ جرَّدَ سَيْفه
أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرَا
قَالَ شمر: لم أجد هَذَا الْبَيْت للفرزدق، وَمَا قَالَ غير أبي عُبيدة فِي قَوْله: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ} (يُونُس: 54) ، أَي: أظهرُوها، وَلم أسمع ذَلِك لغيره.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرَّاء فِي قَوْله: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ} يَعْنِي الرؤساءَ من الْمُشْركين أسرُّوا النَّدامة من سَفِلَتهم الَّذين أضَلوهم، وأسرُّوها، أَي: أخفوها وَعَلِيهِ قولُ المفسّرين. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَأَلَ رجلا: (هَل صُمْتَ من سرار هَذَا الشهرِ شَيْئا؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَإِذا أفطرتَ من رمضانَ فصُمْ يَوْمَيْنِ) .
وَقَالَ أَبُو عبَيدة: قَالَ الْكسَائي وغيرُه: السِّرار: آخرُ الشَّهْر لَيْلَة يستسِرُّ الْهلَال. قَالَ أَبُو عُبيدة: وَرُبمَا استَسرَّ لَيْلَة، وَرُبمَا استَسر لَيْلَتَيْنِ إِذا تَمَّ الشَّهْر، وَأنْشد الْكسَائي:
نَحنُ صَبَحْنا عَامِرًا فِي دارِها
جُزْءاً تعادَىَ طرَفَيْ نهارِها
عَشِيَة الهِلال أَو سرارِها
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغةٌ أُخْرَى: سرَر الشَّهر.
قلتُ: وسرار لُغَة لَيست بجيّدة.
شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: سرار الرَّوْضَة: أوسَطُه وأكرَمُه. وَأَرْض سرَّاء، أَي: طيّبة. قَالَ الفرَّاء: سرٌّ بيّنُ السرارة: وَهُوَ الْخَالِص من كل شَيْء. قَالَ: وأسرَّةُ البنْتِ: طَرائقُه.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: السِّرارُ: مَا على الكمأة من القشور وَالتُّرَاب.
قَالَ أَبُو عبيد: وسمعتُ الْكسَائي يَقُول: قُطع سرَرُ الصَّبيِّ، وَهُوَ وَاحِد. وَقَالَ ابْن شُميل: الفِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْءِ طعماً

(12/201)


وأسرَعُها ظُهوراً، وأقصَرُها فِي الأَرْض سرَراً. قَالَ: وَلَيْسَ للكَمأة عُروق، وَلَكِن لَهَا أَسرار. قَالَ: السَّرَرُ: دُمْلوكَة من تُرَاب تنبُت فِيهَا.
وَفِي حَدِيث عائشةَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا تَبرُق أساريرُ وَجهه) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: والأسارير هِيَ الخُطوط الَّتِي فِي الْجَبْهَة مثل التكسُّر فِيهَا، واحدُها سرر وسرٌّ، وجمعُه أَسرُّة، وَكَذَلِكَ الخطوطُ فِي كل شَيْء، قَالَ عنترة:
بزُجاجةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسرَّةٍ
قُرِنَتْ بأزهرَ فِي الشِّمال مُفَدَّمِ
ثمَّ الأسارِير جمعُ الْجمع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي أسرَّة الكَفّ مثله. قَالَ الْأَعْشَى:
فانظرْ إِلَى كَفَ وأسرارها
هَل أَنْتَ إنْ أَوْعَدْتَني ضائري
يَعْنِي خُطوطَ بَاطِن الْكَفّ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: ينَال قُطِع سَرَرُ الصَّبيِّ، وَلَا تَقول: قَطَعْتُ سُرَّته، إِنَّمَا السُّرَّة الَّتِي تبقى، والسرَر مَا قُطِع سرَره وسرُّه.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَّة: الوَقْبَةُ. وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَّة: الَّتِي فِي وسط الْبَطن، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فلَان كريم السِّر، أَي: كريم الأَصْل داءٌ يأخذُ فِي السُّرَّة، يُقَال: بعيرٌ أَسَرُّ، وناقةٌ سراء بيِّنا السرر، يأخذهما الداءُ فِي سُرتهما، فَإِذا بركَتْ تَجافَتْ.
قلتُ: هَذَا وَهمٌ، السرَر: وجعٌ يَأْخُذ البعيرَ فِي كِرْكرَته لَا فِي سُرَّته. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: نَاقَة سراء، وبعيرٌ بيّنُ السرر: وَهُوَ وجعٌ يَأْخُذ فِي الكِرْكرة. وأنشدني بعضُ أهل اللُّغَة:
إنَّ جَنبِي عَنِ الفِراشِ لَنَابِي
كَتَجَافي الأسَرِّ فَوق الظِّرَابِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المسرَّة: أطرافُ الرَّياحين.
وَقَالَ اللَّيْث: السرُور من النباتِ: أنصافُ سُوقها العُلَى، قَالَ الْأَعْشَى:
كَبْرِدِيّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيفِ
قد خالَطَ الماءُ مِنْهَا السرورا
ويُروِى السَّرِيرا، يُرِيد جَمِيع أَصْلهَا الَّتِي استقرّت عَلَيْهِ، أَو غَايَة نعمتها، وَقَالَ الشَّاعِر:
وفارَقَ مِنْهَا عِيشةً غَيْدَقِيّةً
ولَمْ يَخْشَ يَوماً أنْ يزُولَ سرِيرُها
قَالَ: سَريرُ العَيش: مستقرُّه الَّذِي اطمأنَّ عَلَيْهِ خَفْضُه ودَعَتُه.
وَيُقَال: سِرّ الْوَادي خَيْرُه: وَجمعه سُرُور فِي قولِ الْأَعْشَى. قَالَ: وسرير الرَّأْس: مستقرُّه. وَأنْشد:

(12/202)


ضَرْباً يُزيلُ الهامَ عَن سَريرِه
إزالةَ السُّنْبِل عَن شَعِيرِه
والسرير مَعْرُوف، والعَدَد أسِرة، والجميع السُّرر، وَأَجَازَ كثيرٌ من النحويّين السُّرر والسِّرارُ: مصدَر ساررتُ الرجلَ سِراراً وَامْرَأَة سارَّة سَرَّة. وَاخْتلفُوا فِي السُّرِّيّة من الإماءِ لِمَ سُمِّيتْ سُرِّيّة؟ فَقَالَ بَعضهم: نُسبَتْ إِلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِماع، وضُمَّت السينُ فَرْقاً بَين المَهِيرة وَبَين الْأمة تكونُ للوطْء، فَيُقَال للحُرَّة إِذا نكحَت سِرّاً: سِرِّية، وللأَمةَ يتسَّراها صاحبُها سُرِّيّة.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الهَيْثم أَنه قَالَ: السُّرُّ: السُّرُورُ فسمِّيت الجاريةُ سُريّةً لِأَنَّهَا مَوضِع سُرورِ الرجل، وَهَذَا أحسنُ الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ اللّيث: السُّرِّيّة: فُعلِيّة من قَوْلك تَسرَّرْتُ. قَالَ: وَمن قَالَ: تَسَرّيتُ فقد غَلِط.
قلت: لَيْسَ بغَلَط، وَلكنه لما توالت ثلاثُ راءات فِي تَسَرَّرْت قُلِبت إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا قَصَّيْت أظْفاري، وَالْأَصْل قَصَصْت. والسَّرّاءُ: النِّعمة. والضَّرّاء: الشّدّة.
وَيُقَال: سُرِرتُ بقُدومِ زَيْدٍ، وسَرّني لقاؤُه. وَقَالَ: سَرَرْتُه أسُرُّه، أَي: فَرَّحْته. قَالَ أَبُو عَمْرو: فلَان سُرْسُورُ مالٍ وسُوبَانُ مالٍ: إِذا كَانَ حَسَنَ الْقيام عَلَيْهِ.
وَقَول أبي ذُؤَيب:
بِآيةِ مَا وَقَفَتْ والرِّكا
بُ بَيْنَ الحَجُون وبَيْنَ السُّرَر
قيل: هُوَ الْموضع الّذي جَاءَ فِي الحَدِيث: شجرةٌ سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نبيّاً تسمِّىَ سُرَراً لذَلِك. والسِرَرُ: مَا قُطِع من السُّرّة فرُمِي بِهِ. وَقَوله:
وأَغْفِ تحتَ الأَنجُمِ العَواتم
واهْبِطْ بهَا مِنْك بِسِرِّ كاتمِ
فالسِّرّ: أخصَب الْوَادي، وكاتِم، أَي: كامن. ترَاهُ فِيهِ قد كَتَم نَداه وَلم يَيبس.
وَيُقَال: رَجلٌ سَرُّبَر: إِذا كَانَ يَسُرّ إخوانَه ويَبَرُّهم. والسَّرارَةُ: كُنْهُ الفَضْل، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فَالَهَا مُقَلدُها ومُقْلَتها
ولَها عَلَيْه سَرارَةُ الفَضْلِ
وَصفَ امرؤُ الْقَيْس امْرَأَة فشبّهها بظَبْية جَيْدَاءَ كَحْلاءَ، ثمَّ جَعَل للْمَرْأَة الفَضْلَ عَلَيْهَا فِي سائِر محاسِنها، وَأَرَادَ بالسَّرارة كُنْهَ الفَضْل وحقيقتَه.
وَسرارَةُ كلِّ شَيْء: مَحْضُه، وَالْأَصْل فِيهَا سَرَارة الرَّوْضة، وَهِي خَيْرُ منابِتها، وَكَذَلِكَ سُرّة الرَّوضةُ. وَقَالَ الفرّاء: لَهَا عَلَيْهَا سَرارةُ الفَضْل، أَي: زِيادةُ الفَضْل. وَقَالَ بَعضهم: استَسَرَّ الرجُل جاريَته: إِذا اشْتَرَاهَا. وتسرَّرها مثلُها: إِذا اتَّخذها سُرِّية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّرَّة: الطاقَةُ

(12/203)


من الرَّيْحان، وَيُقَال: سَرْسَرْت شَفْرَتِي: إِذا أحدَدْتَها. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فلانٌ سُرْسُوري وسُرْسُورتِي، أيْ: حَبِيبي وخاصّتي، وَيُقَال: فِي سُرّته سَرَرٌ، أَي: وَرَم يؤلمه. وَيُقَال: فلانٌ سُرْسورُ هَذَا الأَمر: إِذا كَانَ عالِماً بِهِ. ورُوي عَن أبي زيد: رَجُل أسَرّ: إِذا كَانَ أجوَفَ.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: سِرٌّ بَين السَّرارة: وَهُوَ الخالصُ من كلّ شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَرَّ يَسَرُّ: إِذا اشتكَى سُرَّتَه. وسَرّه يَسُرّه: إِذا حيّاه بالمَسَرّة وَهِي الرّياحين.
ابْن بُزُرج: يُقَال: ولد لَهُ ثَلَاثَة على سِرَ وعَلى سِرِرٍ وَاحِد، وَهُوَ أَن تُقطَع سُررَهم أشباصاً لَا يَخلُطهم أُنْثَى. وَيَقُولُونَ: وَلَدت المرأةُ ثَلَاثَة فِي صِرَرٍ، جمع الصَّرّة وَهِي الصَّيْحة، وَيُقَال: الشدّة.
شمر: قَالَ الْفراء: سِرارُ الشَّهْر: آخر لَيْلَة إِذا كَانَ الشَّهْر تِسعاً وَعشْرين، فسِرارُه لَيْلَة ثمانٍ وَعشْرين، وَإِذا كَانَ الشهرُ ثَلَاثِينَ فسِرارُه ليلةُ تسعٍ وَعشْرين. والسِّرّ: مَوضِع فِي ديار بني تَمِيم. وسَرارَة العَيْشِ: خيْرُه وأفضَلُه.
سرس: ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو: السَّرِيسُ: الكَيِّسُ الحافظُ فِي يَدَيْه. قَالَ: وَهُوَ العِنِّين أَيْضا، وأَنشَد أَبُو عُبَيد قَالَ:
أَفِي حَقِّي مُواسَاتي أَخاكُمْ
بمالِي ثمَّ يَظلمني السَّرِيسُ
قَالَ: وَهُوَ العِنِّين. قَالَ: وسَرِيَّ: إِذا عُنَّ. وسَرِسَ: إِذا ساءَ خُلُقُه. وسَرِسَ: إِذا عَقَل وحَزُم بعد جَهْل.
رس: قَالَ أَبُو عُبيدة: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: أول مَا يجِد الإنسانُ مَسَّ الحُمَّى قبل أَن تأخذَه وتَظهَرَ فَذَاك الرَّسُّ، والرَّسيس أَيْضا. وَقَالَ أَبُو زيد: رَسَسْتُ بينَهم أَرسّ رسّاً: إِذا أَصْلَحتَ.
وَفِي حَدِيث سَلَمة بن الأكوَع: أَن الْمُشْركين رَاسُّونا الصلْح حتّى مَشى بَعْضنَا إِلَى بعض فاصطَلَحنا، وَذَلِكَ فِي غَزْوَة الحُدَيبِية. فراسونا: أَي: واصَلُونا فِي الصُّلْح وابتدأت فِي ذَلِك. ورَسَسْتُ بَينهم، أَي: أصْلَحْت.
وَقَالَ الفَرّاء: أخَذتْه الحُمَّى بِرَسِّ: إِذا ثَبَتَتْ فِي عظامِه.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال: بلغَني رَسٌّ مِنْ خَبَر، وذَرْءٌ من خبر، وَهُوَ الشَّيْء مِنْهُ.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} (الْفرْقَان: 38) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الرَّسُّ: بِئْر، يُروَى أنّهم قوم كَذّبوا نبيَّهم ورَسوه فِي بِئْر، أَي: دَسُّوه فِيهَا.
قَالَ: ويُرْوى أَن الرسّ قريةٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَال لَهَا: فَلْج. ويُروَى: أنّ الرسّ ديار لطائفة

(12/204)


من ثمودَ، وكلّ بِئْر رَسّ، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
تَنابِلةٌ يَحْفرون الرِّساسَا
وَقَالَ اللّيث: الرّسُّ فِي قوافي الشّعْر: الحَرْفُ الّذي بعد ألف التأسيس، نَحْو: حَرَكة عَيْن فَاعل فِي القافية كَيْفَمَا تحرّكتْ حركتها جازَتْ، وَكَانَت رَسّاً للألف. قَالَ: والرَّسيس: الشيءُ الثَّابِت الّذي قد لَزِم مكانَه. وَأنْشد:
رَسِيسَ الهوَى مِن طُول مَا يَتذَكَّرُ
قَالَ: والرَّسّ: ماءان فِي الْبَادِيَة معروفان. والرَّسْرَسة مثل النَّضْنَضَة: وَهُوَ أَن يُثبِّت البعيرُ ركبتَيه فِي الأَرْض للنُّهوض.
وَيُقَال: رَسَسْتُ ورَصَصْتُ، أَي: أثبتُّ.
ويُروَى عَن النَّخْعِيُّ أَنه قَالَ: إِنِّي لأَسمعُ الحديثَ فأحدِّث بِهِ الْخَادِم أَرُسُّه بِهِ فِي نَفسِي.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ الأصمعيّ: الرَّسّ: ابتداءُ الشَّيْء؛ وَمِنْه رَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُها، وَذَلِكَ حِين تبدأ. فَأَرَادَ بقوله: أرُسُّه فِي نَفسِي، أَي: أبتدىء بِذكر الحَدِيث ودَرْسِه فِي نَفسِي وأحدِّث بِهِ خادمي، أَسْتَذكر بذلك الحَدِيث، وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا غَيّر النأْيُ المُحِبِّين لَم أَجِدْ
رَسيسَ الهوَى مِن ذِكرِ مَيّة يَبرَحُ
وَقَالَ ابْن مُقبِل يَذكر الرِّيح ولينَ هُبوبها:
كأنّ خُزامَى عالج طَرقَتْ بهَا
شَمالٌ رَسيسُ المَسِّ أَو هُوَ أطيب
قَالَ أَبُو عَمْرو: أَرَادَ أَنَّهَا لينَة الهبوب رخاء.
أَبُو عَمْرو أَيْضا: الرسيس: العاقلُ الفطِن.
وَقَالَ شمر: وَقيل فِي قَوْله: (أرُسُّه فِي نَفسِي) ، أَي: أُثَبِّتُه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: إنَّك لتَرُسّ أمرا مَا يَلتئم، أَي: تثبت أمرا مَا يلتئم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: رَسيسُ الْهوى: أصلُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرّسّة: السّارية المُحْكَمة.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أَخَذته حُمّى برَسّ، أَي: ثبتَتْ فِي عِظَامه. وَقَالَ فِي قَوْله: (كنتُ أَرُسُّه فِي نَفسِي) ، أَي: أعاوِدُ ذكرَه وأردِّده؛ وَلم يرد ابْتِدَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتَانَا رَسٌّ من خَبَر، ورَسِيسٌ من خَبَر: وَهُوَ الخَبر الَّذِي لم يصحّ وهم يتراسُّون الخَبَرَ ويَتَرَهْمَسُونَه، أَي: يَتسارُّون بِهِ، وَمِنْه قولُ الحَجّاج:
أمِنْ أهلِ الرَّسّ والرَّهْمَسة أَنْت
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب السّين واللاّم)
(س ل)
سلّ، لس، سَلس: (مستعملة) .
سل: قَالَ اللَّيْث: السَّلُّ: سَلُّك الشَّعْرَ من

(12/205)


العَجين ونحوِه.
قَالَ: والانسلال المُضِيُّ ولخُرُج من مَضِيق أَو زِحام. وسَلَلتُ السيفَ من غِمْدِه فانْسَلّ. والسُّلُّ والسُّلالُ: داءٌ مِثْله يُهزِل ويُضْني ويَقتل، يُقَال: سُلّ الرجلّ، وأَسلَّه الله فَهُوَ مَسْلول.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} (الْمُؤْمِنُونَ: 12) .
قَالَ: السُّلالة: الَّذِي سُلَّ من كلّ تُرْبة.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السُّلالة: مَا سُلَّ من صُلْب الرجُل وتَرائِب الْمَرْأَة كَمَا يُسَلّ الشيءُ سَلاًّ. والسَّلِيلُ: الْوَلَد، سُمّي سَلِيلاً حِين يَخرُج من بطن أمه. والسَّلّة: السَّرِقة. وَيُقَال للسّارق: السّلاَّل. وَيُقَال: الخَلّةُ تَدعُو إِلَى السَّلّة. وَيُقَال: سَلَّ الرجلُ وأَسَلَّ: إِذا سَرَق.
قلت: ورُوِي عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ فِي السُّلالة: إِنَّه المَاء يُسَلُّ من الظَّهْر سَلاًّ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: السُّلالةُ: الوَلَد. والنُّطْفَةُ: السُّلالةُ، وَقَالَ الشَّمّاخ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتجةٍ لوَقْتٍ
عَلَى مَشِجٍ سُلالَتُه مَهِينُ
فَجَعل السُّلالةَ المَاء. والدليلُ على أنّه قولُ الله جلّ وعزّ فِي سُورَة أُخْرى: {شَىْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ} (السَّجْدَة: 7) ، يَعْنِي آدم، {مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} (السَّجْدَة: 8) ، ثمَّ تَرْجَمَ عَنهُ فَقَالَ: {مِن سُلاَلَةٍ مِّن} (السَّجْدَة: 8) ، فَقَوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ} أَرَادَ بالإنسان وَلَدَ آدم وجُعل اسْما للجِنس، وَقَوله: {مِّن طِينٍ} أَرَادَ تَولُّدَ السُّلالة مِن طِيْن خُلِقَ آدمُ مِنْهُ.
وَقَالَ قَتَادة: استلَّ آدمُ مِن طين فسُمِّي سُلالةً، وَإِلَى هَذَا ذَهَب الفرّاء. وَفِي الْكتاب الَّذِي كتبه النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحُدَيْبية حِين صالَح أهلَ مَكَّة: (وَأَن لَا إِغْلالَ وَلَا إِسْلال) .
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الإسْلالُ: السَّرِقَةُ الخَفِيّة، يُقَال: فِي بَنِي فلانٍ سَلّة: إِذا كَانُوا يَسرِقون.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّلِيلةُ: بِنْتُ الرَّجل من صُلْبه.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلِيلُ والسُّلاّن: الأوْدية.
قَالَ: والسَّليل والسَّليلة: المُهْر والمُهْرة. والسَّلِيلة: عَقَبةٌ أَو عَصَبة أَو لحمةٌ إِذا كَانَت شبْه طرائق يَنفصِل بعضُها من بعض.
وَأنْشد:
لاءَمَ فِيهَا السليلُ القَفَازا
قَالَ: السَّليلُ: لَحمةُ المَتْنَين.
ابْن السّكيت: أَسَلَّ الرّجلُ: إِذا سَرَق. وَفِي بني فلَان سَلّةٌ، أَي: سَرِقة.
وَيُقَال: أَتيناهم عِنْد السَّلَّة، أَي: أتيناهم عِنْد استلال السُّيوف، وأَنشَد:

(12/206)


وَذُو غِرَارَيْن سَرِيعُ السَّلّة
وسَلَّ الشيءَ يَسَلّه سَلاًّ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا إِغْلالَ وَلَا إِسْلالَ) .
قَالَ: وسَلّةُ الفَرَس: دَفَعْتُه فِي سِباقِه. يُقَال: قد خَرجَتْ سَلّةُ هَذَا الفَرس على سائرِ الْخَيل.
قَالَ المَرّار العَدَوِيّ:
أَلِزاً قَدْ خَرَجَتْ سَلَّتُه
زَعِلاً تَمسَحُه مَا يَسْتَقِرّ
قَالَ: والأَلزُ: الوَثَّاب. قَالَ: والسَّلَّة: السَّبذَةُ كالجُؤْنة المُطبَّقَة.
قلت: ورأيتُ أعرابيّاً نَشأ بفَيْد يَقُول لسَبَذة الطِّين: السَّلَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّلَّة: السُّلُّ وَهُوَ الْمَرَض. والسَّلّةُ: استلالُ السُّيوف عِنْد الْقِتَال، يُقَال: أتيناهم عِنْد السَّلة. والسَّلَّةُ: النَّاقة الّتي سقطتْ أسنانُها من الهَرَم.
اللّحياني قَالَ أَبُو السِّمْط: رَجُل سَلُّ، وامرأةٌ سَلَّة، وشاةٌ سَلَّة، أَي: ساقِطةُ الْأَسْنَان، وَقد سَلّت تَسِل سَلاًّ.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلّ وَعلا: {يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً} (النُّور: 63) .
قَالَ: يَلوذُ هَذَا بِهَذَا، يَستتِر ذَا بذا.
وَقَالَ اللَّيْث: يتسلّلون وينسلّون وَاحِد.
أَبُو عُبَيد: السُّلاسلُ: الماءُ السَّهل فِي الحَلْق وَيُقَال: هُوَ الْبَارِد أَيْضا.
قَالَ لَبيد:
حَقائِبُهمْ راحٌ عَتِيقٌ ودَرْمَكٌ
ورَيْطٌ وفاثُورِيّةٌ وسَلاسِلُ
وَقَالَ اللَّيث: هُوَ السَّلْسَل، وَهُوَ المَاء العَذْب الصافي الَّذِي إِذا شُرِب تَسَلْسَل فِي الْحَلْق. والماءُ إِذا جَرَى فِي صَبَب أَو حَدُور تَسَلْسَل، وَقَالَ الأخطَل:
إِذا خافَ مِن نجمٍ عَلَيْهَا ظَماءَةً
أَدَبَّ إِلَيْهَا جَدْوَلاً ويَتَسَلْسَلُ
وخمرٌ سَلْسل.
وَقَالَ حسّان:
بَرَدَى يُصفَّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ
قَالَ: والسَّلَّة: الفُرْجة بَين نَصائب الحَوْض، وأنشَد:
أسَلَّةٌ فِي حَوْضها أم انْفَجَرْ
وَفِي حَدِيث أبي زرع بن أبي زرع: كمَسَلِّ شَطْبة. أَرَادَ بالمَسَلِّ: مَا سُلّ من شَطْب الجَريدة شَبَّهه بِهِ لدِقة خَصْره. والسِّلسلةُ مَعْرُوفَة. وبَرْق ذُو سَلاسِل، ورَمْل ذُو سَلاسِل: وَهُوَ تَسَلْسُلُه الَّذِي يُرى فِي التوائه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّلاسلُ: رَمْلٌ يتعقّد بعضُه على بعض.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَرْقُ المُسَلْسَل: الَّذِي يَتَسَلْسَل فِي أعاليه ول

(12/207)


ايكاد يُخلِف. والأَسَلُّ: اللّص.
أنْشد أَبُو عبيد قَول تأبّطَ شَرّاً:
وأَنْضُوا المَلاَ بالشّاحِبِ المُتَسَلْسِلِ
وَهُوَ الَّذي تخَدَّدَ لحمُه وقَلّ.
قلتُ: أَرَادَ بِهِ نفسَه. أَرَادَ قطَع الْمَلأ، وَهُوَ مَا اتّسع من الفَلاة، وَأَنا شاحب مُتسلسِل وَرَوَاهُ غيرُه: (بالشاحب المُتَشَلْشِل) وفسَّره أَنْضُوا المَلا: أجوزُه. والمَلا: الصَّحْراء. والشاحب: الرَّجلُ الغَزّاء. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الشاحب: سيفٌ قد أَخلَق جَفْنهُ. والمُتشلشل: الّذي يَقطُر الدّمُ مِنْهُ لِكَثْرَة مَا ضُرِب بِهِ.
وَفِي الحَدِيث: (اللهمَّ اسقِنا من سَلِيل الجنَّة) ، وَهُوَ صافِي شرابِها، قيل لَهُ سليلٌ: لِأَنَّهُ سُلَّ حَتَّى خَلَص.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا وَضَعت الناقةُ فوَلدُها ساعَة تضعُه سَلِيل قَبلَ أَن يُعلم أذكرٌ هُوَ أم أُنْثَى. وسَلائل السَّنام طرائِقُ طوالٌ يُقطع مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَاحِدهَا سَليل. قَالَ ابْن شُميل: وَيُقَال للْإنْسَان أَيْضا أوّل مَا تضعه أمُّهُ سَلِيل. والسَّلِيلُ: دماغُ الفَرَس، وَأنْشد:
كَقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَوْفَى شَأَنُ قَمَحْده
فِيهِ السَّليلُ حَوَالَيْه لَهُ أَرَمُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للغُلام الخفيفِ الرُّوح النّشيط لُسْلُس وسُلْسُل.
وَقَالَ النَّضْر: سَلِيلُ اللَّحْم: خَصِيلُه، وَهِي السَّلائِل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّليلُ: طرائق اللَّحْم الطِّوال تكون ممتدّة مَعَ الصُّلب.
وَقَالَ النَّضر: السّالُّ: مكانٌ وَطِىء وَمَا حولَه مُشرِف، وَجمعه سَوَالّ، يُجمَع فِيهِ المَاء.
شَمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: سَلِيلٌ من سَمُر، وغالُّ من سَلَم، وفَرْشٌ من عُرْفط.
اللحياني: تَسَلْسَل الثوبُ وتَخَلْخلَ: إِذا لُبِس حَتَّى رَقّ، فَهُوَ مُتسَلْسِل. والتَّسَلْسُلُ: بَرِيقُ فِرِنْدِ السَّيْف ودَبيبُه. وسيفٌ مُسَلْسَل، وثَوْبٌ مُلَسْلَس فِيهِ وشيُ مخطَّط، وبعضُهم يَقُول: مُسَلْسَل كأنّه مقلوب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السُّلاّن: بطونٌ من الأَرْض غامضةٌ ذاتُ شجر، وَاحِدهَا سالٌّ غالٌّ.
قَالَ: والسُّلاّنُ: وَاحِدهَا سالٌّ وَهُوَ المَسِيل الضيّق فِي الْوَادي.
وَقَالَ غَيره: السِّلْسِلةُ: الوَحَرة، وَهِي رُقَيْطاء لَهَا ذَنَب دَقيقٌ تمصع بِهِ إِذا عَدَتْ؛ يُقَال: إِنَّهَا مَا تَطَأُ طَعاماً وَلَا شَراباً إلاّ سَمَّتْه فَلَا يأكلُه أحدٌ إلاّ وَحَر وأصابَه داءٌ رُبمَا ماتَ مِنْهُ.
ابْن الأعرابيّ: سَلْسَلَ: إِذا أَكَل السِّلْسلة، وَهِي القِطْعة الطويلةُ من السَّنا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ اللَّسْلسة.

(12/208)


وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ اللَّسْلِسَة، وَيُقَال: سَلْسَلة. وَيُقَال: انْسَلّ وانْشَلَّ بِمَعْنى وَاحِد. يُقَال ذَلِك فِي السَّيْل وَالنَّاس قَالَه شَمر.
سَلس: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السَّلْسُ: الخَيْطُ ينظَم فِيهِ الخَرزُ، وَجمعه سُلُوس، وأَنشَدَنا:
ويزِينُها فِي النَحْر حَلْيٌ وَاضِحٌ
وقَلائِدٌ من حُبْلةٍ وسُلوِس
وَقَالَ غيرُه: السُّلاَسُ: ذَهابُ العَقْل. وَرجل مَسْلُوسٌ فِي عَقْله، فَإِذا أَصابه ذَلِك فِي بَدَنه فَهُوَ مَهْلُوسٌ. وسَلِسَ المُهْرُ: إِذا انْقاد، وشَرابٌ سَلِسٌ: لَيِّن الانحدار. وسَلِسَ بَولُ الرجلِ: إِذا لم يتهيّأ لَهُ أَن يُمسِكه، وكلُّ شَيْء قَلِق فقد سَلِس. وأسْلسَتِ النّخلة فَهِيَ مُسْلِس: إِذا تَناثَر بُسْرُها. وسَلْسَت النَّاقة: إِذا أخدَجَت الولدَ قبل تَمام أيّامه فَهِيَ سُلِس، وَقَالَ المعطَّل الهُذَلي:
لم يُنْسِنِي حُبَّ القَتُول مَطارِدٌ
وأفَلُّ يختضِمُ القَقَارُ مُسلَّسُ
أَرَادَ بالمَطارِدِ سِهَاماً يُشبِه بعضُها بَعْضًا، وَأَرَادَ بقوله: مسلَّس: مُسَلسَل، أَي: فِيهِ مِثل السِّلْسلة من الفِرِند.
لس: أَبُو عبيد: لَسَّ يَلُسُّ: إِذا أَكل، وَقَالَ زُهير:
قد اخضَرَّ مِنْ لَسن الغَمِيرِ حَجافِلُهْ
الدينوريّ قَالَ: اللُّسَاس من البَقْل: مَا اسْتمكَنَتْ مِنْهُ الراعية.
واللَّسُّ أصلُه الأَخْذ باللّسان من قبلِ أَن يَطُول البَقْلُ. وَقَالَ الرّاجز: وَوصف فَحْلاً:
يُوشِكُ أَن توجسَ فِي الإيجاسِ
فِي ياقِلِ الرِّمْث وَفِي اللُّساس
مِنْهَا هَدِيمُ ضَيَعٌ هَوّاس
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: اللُّسُ: الجَمّالون الحُذاق.
قلتُ: الأصْل النُسُسُ. والنَّسُّ: السُّوق، فقُلبت النُّون لاماً. قَالَ: واللَّسْلاسُ: السَّنامُ المقطَّع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللِّسلِسةُ. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب السّين وَالنُّون)
(س ن)
سنّ، نس: (مستعملان) .
سنّ: قَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: أسنَنْتُ الرُّمْح: إِذا جعلتَ لَهُ سِناناً وَهُوَ رُمْح مُسَنٌّ. قَالَ: وسَنَنْتُ السِّنان أسُنُّه سَنّاً فَهُوَ مَسْنون: إِذا أحدَدته على المِسَن بِغَيْر ألف.
وَكَذَلِكَ قَالَ اليزيديّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو عبيد، وَزَاد عَنهُ: سَننتُ الرمحَ: ركبت فِيهِ السِّنان، بِغَيْر ألف أَيْضا. وَقَالَ

(12/209)


اللحياني: سننت الرجل أسُنُّه سَنّاً: إِذا طَعَنْته بالسِّنان. وسَنَنْتُ الرجلَ: إِذا عَضضْتَه بأسنانِك، كَمَا تَقول: ضرَسْته. وسَنَنْتُ الرجَل: إِذا كسرتَ أسنانَه، أَسُنُّه سَنّاً. والسُّنّة الطريقةُ المستقيمة المحمودة، وَلذَلِك قيل: فلانٌ من أهل السنّة، وسَننتُ لكمْ سُنّة فاتبعوها.
وَفِي الحَدِيث: (من سَنَّ سُنّةً حَسنةً فَلهُ أجرُها وأجرُ من عَمل بِها وَمن سَنّ سُنّةً سَيِّئةً) يُريد من عَمِل بهَا ليُقتَدَى بِهِ فِيهَا. وسنَنْتُ فلَانا بالرُّمْح: إِذا طَعَنْتَه بِهِ. وسنَنْتُ إِلَى فلَان الرُّمْحَ تَسنِيناً: إِذا وجّهتَه إِلَيْهِ.
وَيُقَال: أسَنّ فُلانٌ: إِذا كَبر، يُسنُّ إسْناناً، فَهُوَ مُسِنّ. وبعير مُسِنّ. والجميع مَسانٌ ثَقيلَة.
وَيُقَال: أسَنْ: إِذا نبَت سِنهُ الّذي يَصيرُ بِهِ مُسِناً من الدوابّ.
قَالَ شَمر: السُنّة فِي الأَصْل: سُنّهُ الطَّرِيق. وَهُوَ طريقٌ سنه أَوَائِل النَّاس فَصَارَ مَسلَكاً لمَن بعدَهم. وسَنَّ فلانٌ طَرِيقا من الْخَيْر يَسُنّه: إِذا ابْتَدَأَ أمرا من البِرّ لم يَعرِفه قَومُه، فاستَنُّوا بِهِ وسلَكُوه وَهُوَ يَسْتنُّ الطَّريقَ سَنّاً وسنَناً؛ فالسَّنُّ المصدَر، والسَنَنُ: الِاسْم بِمَعْنى المسنُون.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: سنَن الرَّجُل: قَصْدُه وهمّتُه. وسُنّت الأرضُ فَهِيَ مَسْنونة وسنين: إِذا أُكل نباتُها، قَالَ الطَّرِمّاح:
بمُنخَرِقٍ تحِنُّ الرِّيحُ فِيه
حَنينَ الجُلْبِ فِي البَلدِ السَّنِين
يَعْنِي المَحْلَ. وَفِي حَدِيث مُعاذ قَالَ: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن فأَمَرني أَن آخذَ من كلّ ثلاثينَ من الْبَقر: تَبِيعاً، وَمن كلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنّة. والبَقَرةُ والشاةُ يَقَع عَلَيْهَا اسمُ المُسِنّ إِذا أَثْنَيا، فَإِذا سَقَطتْ ثنِيتها، بعد طُلُوعهَا فقد أسَنَّتْ، وَلَيْسَ معنى أسنانِها كِبَرها كالرّجل، وَلَكِن مَعْنَاهُ طُلوعُ ثنِيّتها. وتُثْنى البَقرةُ فِي السّنة الثَّالِثَة، وَكَذَلِكَ المِعْزَى تُثْنى فِي الثَّالِثَة، ثمَّ تكون رَبَاعِيةً فِي الرَّابِعَة، ثمَّ سِدْساً فِي الْخَامِسَة، ثمَّ سالِفاً فِي السَّادِسَة؛ وَكَذَلِكَ البقرُ فِي جَمِيع ذَلِك.
وروى مَالك عَن نافعٍ عَن ابْن عُمَر أنّه قَالَ: يتّقى من الضّحايا الّتي لم تُسْنن، هَكَذَا حدَّثنيه محمدُ بنُ إِسْحَاق عَن أبي زُرْعة عَن يحيى عَن مَالك. وذَكر القُتَيبي هَذَا الحديثَ فِي (كِتَابه) : (لم تُسْننْ) بِفَتْح النُّون الأولى، وفسّرهُ: الَّتِي لم تَنبُت أَسنانُها كَأَنَّهَا لم تُعطَ أسناناً، كَقَوْلِك: لم يُلْبَن، أَي: لم يُعطَ لَبَنًا، وَلم يُسمَن، أَي: لم يُعطَ سَمْناً. وَكَذَلِكَ يُقَال: سُنِّنتِ البَدَنةُ: إِذا نبتتْ أسنانُها، وسَنّها الله.
قَالَ: وقولُ الْأَعْشَى:

(12/210)


حتّى السَّدِيسُ لَهَا قد أَسَنّ
أَي: نَبَت وصارَ سِنّاً؛ هَذَا كلّه قَول القتيبيّ، وَقد أَخطَأ فِيمَا رَوَى وفسّر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أنّه رُوِي فِي الحَدِيث: (لم تُسنَن) بِفَتْح النُّون الأولى وَلم تُسن فأَظهَر التضعيفَ لسكون النُّون الْأَخِيرَة، كَمَا يُقَال: لم تُحلل، وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْن عمر أَنه يتقى أَن يُضَحَّى بضحيّته لم تُثْنِ، أَي: لم تَصِر ثَنِيّة، وَإِذا أَثْنَتْ فقد أسَنَتْ؛ وعَلى هَذَا قولُ الْفُقَهَاء، وَأدنى الأسنَان: الإثناء، وَهُوَ أَن تَنْبُت ثَنِيّتاها، وأقصاها فِي الْإِبِل البُزُول، وَفِي الْبَقر وَالْغنم الصُّلُوع.
والدّليل على صِحَة مَا ذكرتُه مَا حدّثنا بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الحَسن بنِ عَفَّان عَن أَسْبَاط، عَن الشّيباني، عَن جَبَلة بن سُحَيم قَالَ: سألَ رجلٌ ابْنَ عمرَ فَقَالَ: أضحِّي بالجَذَع؟ فَقَالَ: ضَحِّ بالثَّنِيِّ فصاعِداً؛ فَهَذَا يسِّر لَك أنّ معنى قَوْله: (يُتّقى من الضّحايا الَّتِي لم تُسْنِنْ) أَرَادَ بِهِ الإثناء.
وَأما خطأ القُتَيْبي من الْجِهَة الْأُخْرَى فقولُه: سُنت البَدَنة إِذا نبتتْ أسنانُها، وسَنَّها الله؛ وَهَذَا باطلٌ، مَا قَالَه أحد يَعرِف أدنى شَيْء من كَلَام الْعَرَب.
وقولُه أَيْضا: (لم يُلْبَنْ وَلم يُسْمَنْ، أَي: لم يعْطَ لَبناً وسَمْناً) خطأ أَيْضا، إِنَّمَا مَعْنَاهُمَا: لم يُطعَم سَمْناً، وَلم يُسْق لَبنَاً.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: السَّنُّ: مصدرُ سَنّ الحَديدَ سَنّاً، وسَنَّ لِلقَوم سُنّة وَسَنناً وسَنَّ عَلَيْهِ الدِّرْعَ يَسُنّها سَنّاً: إِذا صَبّها. وسَن الإبِل يَسُنّها سَنّاً: إِذا أحسَن رِعْيَتَها حتّى كَأَنَّهُ صَقَلها. قَالَ: والسَنَنُ: استِنانُ الْإِبِل وَالْخَيْل. وَيُقَال: تَنَحَّ عَن سَنَن الخَيْل، وَجَاء: (من الْإِبِل وَالْخَيْل) سنَنٌ مَا يُرَدّ وجهُه. وَيُقَال: تَنَحَّ عَن سَنَن الطَّرِيق وسُنَنه. وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْفراء: سَنَن الطَّرِيق وسُنَنُه: محجّتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الأصمعيّ: يُقَال: سَنّ عَلَيْهِ دِرْعَه: إِذا صَبَّها، وَلَا يُقَال: شنّ. قَالَ: وَيُقَال: شَنّ عليهِ القارةَ، أَي: فرَّقها. شَنّ الماءَ على شرابِه، أَي: فرّقه عَلَيْهِ. وسَنّ الماءَ على وَجْهِه، أَي: صَبّه عَلَيْهِ صَبّاً سَهْلاً. وقولُ الله جلّ وعزّ: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الْحجر: 26) ، قَالَ ابْن السّكيت: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} ، أَي: متغيِّر.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُنَّ الماءُ فَهُوَ مَسْنون، أَي: تغيِّر. وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الْحجر: 26) ، أَي: مَصْبوب على سُنّة الطَّرِيق.
وَقَالَ اللّحياني: قَالَ بَعضهم: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} : متغيِّر. وَقَالَ بَعضهم: طوّله جَعَله طَويلا مسنوناً؛ يُقَال: رجل مسنون

(12/211)


الْوَجْه، أَي: حَسَنُ الوَجْه طَوِيلَة.
وَقَالَ الفرّاء: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} هُوَ المتغيِّر، كأنّه أُخِذَ من سَنَنْتُ الحَجَر على الحَجَر، والّذي يَخرُج بينَهما يُقَال لَهُ السَّنِينَ وَالله أعلم بِمَا أَرَادَهُ.
قَالَ الفرّاء: يسمَّى المِسَنُّ مِسَنّاً لِأَن الْحَدِيد يُسَنّ عَلَيْهِ، أَي: يُحَدّ عَلَيْهِ، وَيُقَال للَّذي يسيل عِنْد الحَكّ: سَنِين. قَالَ: وَلَا يكون ذَلِك السائلُ إِلَّا مُنتِناً. وَقَالَ فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} يُقَال: المحكوك. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الرَّطْب. وَيُقَال: المُنْتِن. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المَسْنُون المصْبُوب على صُورة. وَقَالَ: الوَجْه المَسْنون سمّيَ مَسْنوناً لِأَنَّهُ كالمخروط.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم فلَان من أهل السُّنة مَعْنَاهُ: من أهل الطَّرِيقة المستقيمة المحمودة، وَهِي مَأْخُوذَة من السَّنَن وَهُوَ الطَّرِيق؛ يُقَال: خُذْ على سَنَن الطَّرِيق وسُنَنِه. والسُّنّة أَيْضا: سُنّة الوَجْه. والحديدةُ الّتي يُحرَث بهَا الأرضُ يُقَال لَهَا: السِّنّة والسِّكّة وجمعُها السِّنَن. وَيُقَال للفُؤُوس أَيْضا: السِّنَن، وَيُقَال: هَذِه سِنٌّ وَهِي مؤنّثة وتصغيرُها سُنَيْنَة، وتُجمَع أَسُنّاً وأَسْناناً. قَالَ اللّحياني: قَالَ القَنَاني: يُقَال لَهُ بُنَيٌّ سَنِينةُ أَبِيك. وَيُقَال: هُوَ سنّةٌ وتِنُهُ وحِتْتُهُ: إِذا كَانَ قِرْنَه فِي السِّن.
قَالَ ابْن السكّيت: الفحلُ سَانَّ الناقةَ سِناناً ومُسَانّةً حتّى نَوَّخها، وَذَلِكَ أَن يَطرُدَها حَتَّى تَبْرك، قَالَ ابْن مُقبِل:
وتُصبِح عَن غِبِّ السُّرَى وَكَأَنَّهَا
فَنِيق ثَنَاهَا عَنْ سِنانٍ فَارْقَلاَ
يُقَال: سَانَّ ناقَتَه ثمَّ انتَهى إِلَى العَدْوِ الشّديد فأَرْقَل، وَهُوَ أَن يرتقِع عَن الذَّميل. وَقَالَ الأَسَديّ يصف فَحْلاً:
لِلْبَكَرات العِيطِ مِنْهَا ضاهِدَا
طَوْعَ السِّنان ذَارِعاً وعاضِدا
(ذارعاً) يُقَال: ذَرْع لَهُ: إِذا وَضَعَ يَده تَحت عُنُقه ثمَّ خَنَقه. والعاضدُ: الّذي يَأْخُذ بالعَضُد (طَوْع السِّنان) يَقُول: يُطاوِعه السِّنان كَيفَ شَاءَ. وَيُقَال: سَنَّ الفحلُ الناقَة يَسُنُّها سَنّاً: إِذا كَبَّها على وجهِها. قَالَ:
فاندَفَعَتْ تأْبزُ واستقْفَاهَا
فسَنَّها للوَجْه أَوْ دَرْبَاهَا
أَي: دَفَعَها.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا سافرتم فِي الخِصْب فأَعْطُوا الركبَ سنّتَها، وَإِذا سافرتم فِي الجَدْب فَاسْتَنْجُوا) .
قَالَ أَبُو عُبيد: لَا أعرف الأسِنّة إلاّ جَمْع سِنَان؛ الرمْح فَإِن كَانَ الحَدِيث مَحْفُوظًا فَكَأَنَّهَا جمع الْأَسْنَان يُقَال: سِنٌّ وأَسْنان من المَرْعَى، ثمَّ أسِنّة جمعُ الْجمع.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: الأَسنّة جمع السِّنان لَا جَمْع الأسْنان. قَالَ: والعَرَب تَقول:

(12/212)


الحَمْضُ يَسُنّ الإبِلَ على الخُلَّة فالحَمْض سِنانٌ لَهَا على رعْي الخُلة وَذَلِكَ أَنَّهَا تَصدُق الْأكل بعد الحَمْض، وَكَذَلِكَ الرِّكابُ إِذا سُنّت فِي المرتَعِ عِنْد إراحة السَّفْر ونزُولهم، وَذَلِكَ إِذا أَصَابَت سِنّاً من المرَّعْى يكون ذَلِك سِناناً على السَّيْر، ويُجمع السِّنانُ أسِنّة، وَهُوَ وجهُ العربيّة.
قَالَ: وَمعنى: (يَسُنّها) أَي: يقوِّيها على الْخلة. قَالَ: والسِّنان: الِاسْم من سَنَّ يَسُنُّ، وَهُوَ القوّة.
قلت: قد ذهب أَبُو سَعِيد مَذهَباً حَسَناً فِيمَا فَسّر، وَالَّذِي قَالَه أَبُو عُبَيد أصحُّ وأبيَن.
قَالَ الْفراء فِيمَا روى عَن ثَعْلَب عَن سلَمة: السِّنّ: الأَكل الشَّديد.
قَالَ: وسمعتُ غيرَ واحدٍ من العَرَب يَقُول: أَصَابَت الإبلُ اليومَ سِنّاً من الرّعْي: إِذا مَشَقَتْ مِنْهُ مَشْقاً صَالحا، ويُجمَع السنّ بِهَذَا الْمَعْنى أَسْناناً، ثمَّ يُجمع الأَسنان أسنّة، كَمَا يُقَال: كنّ ويُجمَع أكناناً، ثمَّ أكنّة جمع الْجمع.
فَهَذَا صَحِيح من جِهَة العربيّة، ويقوّيه حديثٌ رَوَاهُ هِشام بن حسان عَن جَابر بن عبدِ الله قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سِرْتم فِي الخِصبِ فأَمكنوا الرِّكابَ أَسْنانها) .
قلتُ: فَهَذَا اللّفظ يدلّ على صِحَة مَا قَالَه أَبُو عُبَيد فِي الأسنة: إِنَّهَا جمع الأَسْنان. والأَسنان: جمعُ السّنّ وَهُوَ الأَكل والرّعي.
حدّثنا مُحَمَّد بنُ سعيد قَالَ: حَدَّثنا الحَسَن بنُ عَليّ قَالَ: حدَّثنا يزِيد بنُ هَارُون قَالَ: حدَّثنا هِشَام، عَن الحَسَن عَن جابرِ بنِ عبد الله عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا كُنْتُم فِي الخِصْبِ فأعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنتَها، وَلَا تعدوا الْمنَازل، وَإِذا كَانَ الجَدْب فاستَنْجُوا؛ وَعَلَيْكُم بالدُّلْجَة فإِنّ الأَرْض تُطْوَى باللّيل، وَإِذا تغوّلت بكم الغِيلان فبادِرُوا بِالْأَذَانِ، وَلَا تَنزِلوا على جَوادِّ الطّريق، وَلَا تُصلُّوا عَلَيْهَا فإِنَّها مَأوَى الحيّات والسِّباع، وَلَا تَقْضوا عَلَيْهَا الحاجاتِ، فَإِنَّهَا المَلاعِنُ) .
وَيُقَال: سَانَّ الفحلُ الناقةَ يُسانُّها سِناناً: إِذا كدّتها. وتَسانَّت الفُحول: إِذا تكادَمَتْ. وَيُقَال: هَذِه سُنّة الله، أَي: حُكمُه وأمرُه ونهيُه؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ} (الْأَحْزَاب: 38) ، (سنة الله) لِأَنَّهُ أُرِيد بِهِ الفِعْل؛ أَي: سَنَّ اللَّهُ ذَلِك فِي الّذين نافَقوا الأنبياءَ، وأَوجَفوا بهم أَن يُقتَلوا أينَ ثُقِفُوا، أَي: وُجِدوا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: هُوَ أشبهُ شيءٍ بِهِ سُنّةً وأُمّةً، فالسُّنّة: الصُّورَة والوَجْه. والأُمّةُ: القامةُ.

(12/213)


وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سِنٌّ من ثُوم، أَي: حَبَّةٌ من رأسِ الثُّوم. وأَسْنان المِنْجَل: أُشَره. وسُنّة الْوَجْه: دوائره.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: من أَمْثَال الصَّادِق فِي حديثِه قَوْلهم: صَدَقني سِن بَكْرِهِ. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: أصلُه أنّ رجلا ساوَمَ رجلا ببَكْر أَرَادَ شِراءَه، فَسَأَلَ البائعَ عَن سنَه، فأَخبَرَه بالحقّ؛ فَقَالَ المشترِي: صَدَقَني سِنُّ بَكْرِه؛ فذَهَبَ مثلا. وَهَذَا المَثَل يُروَى عَن عليّ بن أبي طَالب أنّه تكلّم بِهِ بالكوفَة.
وَقَالَ اللّيث: السَّنّة: اسمُ الدُّبّة أَو الفَهْد روَى للمؤرّج: السِّنانُ: الذِّبَان. وأنشَد:
أيأكل تأزيزاً ويحسو حريرَةً
وَمَا بَين عينين وَنِيمُ سِنانِ
قَالَ: تأزيزاً: مَا رَمَتْ بِهِ القِدْر: إِذا فارت.
قَالَ: والمُسْتَسَنْ: طريقٌ يُسْلَك، قَالَ: سُنْسُنُ اسمٌ أعجمي يُسمَّى بِهِ أهل السَّوادِ، والسُّنة: الطَّرِيقَة المستقيمة.
وَيُقَال للخطِّ الأسوَد على مَتْن الحِمار: سُنّة. وسَنَّ اللَّهُ سُنّةً، أَي: بَيّن طَرِيقا قويماً. وَيُقَال: أسْنُنْ قُرونَ فرَسِك، أَي: بُدّه حَتَّى يَسِيلَ عَرقُه فيَضْمُرَ. وَقد سُنَّ لَهُ قَرْن وقُرون، وَهِي الدُّفع من العَرَق، وَقَالَ زُهَير:
نُعَوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يوْمٍ
يُسَنُّ على سَنابِكِها القُرونُ
وَيُقَال: سَنَّ فلانٌ رِعْيَتَه: إِذا كَانَ حَسَن الْقيام عَلَيْهَا، وَمِنْه قولُ النّابغة:
سَنُّ المُعَيْدِيِّ فِي رَعْيٍ وتَقْرِيبِ
والسنائن: رمالٌ تستطيل على وَجه الأَرْض، واحدتُها سَنِينة.
وَقَالَ الطَرمّاح:
وأَرْطاةِ حِقْفٍ بَين كِسْرَىْ سَنائنِ
وَقَالَ مَالك بنُ خَالِد الخُناعيّ فِي السّنائن الرِّياح:
أبَيْنا الدِّياتِ غيرَ بِيضٍ كأنَّها
فضول رجاع زفزفتْها السَّنائِن
قَالَ: السَّنائِن: الرّياح، واحدُها سَنِينة. والرِّجاع: جمعُ الرَّجْع، وَهُوَ ماءُ السَّماء فِي الغَدِير.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَاءَت الرّياح سَنائن: إِذا جَاءَت على وَجْه واحدٍ لَا تخْتَلف. الفرّاء والأصمعيّ: السِّنُّ: الثَّوْر الوَحْشيّ.
وَقَالَ الراجز:
حَنَّت حَنِيناً كثُوَاجِ السِّنِّ
فِي قَصَب أجوَفَ مُرْثَعِنِّ
والسَّنُون: مَا يُستَنّ بِهِ من دَواء مؤلَّف يقوِّي الْأَسْنَان ويطرِّيها.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد يُقَال: وَقع فلَان فِي سِنّ رأسِه، أَي: فِيمَا شاءَ واحتكم.

(12/214)


قَالَ أَبُو عبيد: وَقد يُفَسَّر سِنُّ رأسِه: عَدَدُ شَعْرِه من الْخَيْر. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَقع فلانٌ فِي سِنِّ رأسِه، وَفِي سِيّ رَأسِه، وسَوَاءِ رأسِه بِمَعْنى وَاحِد.
رَوَى أَبُو عبيد هَذَا الحرفَ فِي الْأَمْثَال: (فِي سِنِّ رأسِه) ، أَي: فِيمَا شَاءَ واحتَكم. وَرَوَاهُ فِي (المؤلَّف) : (فِي سيِّىءِ رأسِه) وَالصَّوَاب بِالْيَاءِ، أَي: فِيمَا سَاوَى رَأسَهُ من الخِصْبِ. يُقَال: جَاءَ من الإبلِ سَنَنٌ لَا يردّ وجهُه، وَكَذَلِكَ من الخَيْل، وطعَنَه طعنةً فجاءَ من دَنّها سَنَنٌ يَدْفع كلَّ شَيْء إِذا أَخْرَجَ الدَّمَ بِحَمْوَيه. والطَّرِيق سَنَنٌ أَيْضا، وَقَالَ الأعْشَى:
وقَدْ نَطْعَنُ العَزْجَ يَومَ اللِّقَا
ءِ بالرُّمْحِ نَحْبِسُ أُولَى السَّنَن
قَالَ شَمِر: يُريدُ أُولى القوْم الَّذين يُسْرِعون إِلَى الْقِتَال. قَالَ: وكلُّ مَن ابتَدَأَ أَمْراً عَمِل بِهِ قومٌ بعدَه قيل: هُوَ الَّذي سَنَّه. قَالَ نُصَيب:
كأنِّي سَنَنْتُ الحُبَّ أَوَّلَ عاشِقٍ
من الناسِ أَوْ أَحْبَبْتُ بَينهم وَحْدي
أَبُو زيد: اسْتَنَّت الدابةُ على وَجْهِ الأَرْض، واسْتَنَّ دَمُ الطَّعْنَةِ: إِذا جَاءَت دَفْعَةٌ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو كَبِير الْهُذَلِيّ:
مُسْتَنَّةً سَنَنَ الفُلُوِّ مُرِشّة
تَنْقِي التُّرَابَ بِفَاخِرٍ مُعْرَوْرَفِ
وَمن أمثالهم: استَنَّتْ الفُصْلاَنُ حَتَّى القَرْعَى؛ يُضْرَبُ مثلا للرجل يُدْخِل نفسَه فِي قوم لَيْسَ مِنْهُم. والقَرْعَى من الفِصَال: الَّتِي أصَابَهَا قَرَع وَهُوَ بَثْر، فَإِذا استَنَّت الفصالُ الصّحاحُ مَرَحاً نَزَت القَرْعَى نَزْوَها تشَبَّهُ بهَا، وَقد أضعَفَها القَرَعُ عَن النَّزَوَان. والسُّنَّةُ: ضَرْبٌ من تَمْرِ المَدِينة مَعْرُوفَة.
أَبُو تُرَاب: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّنَاسِن والشَّنَاشِنُ: العِظام، وَقَالَ الجَرَنْفَش:
كيفَ تَرَى الْغَزْوَةَ أَبْقَتْ مِنّي
شَنَاشِناً كَخَلَقِ المِجَنِّ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السَّنَاسِن: رؤُوس المَحال، واحِدُها سِنْسِن.
قلت: ولحمُ سَنَاسِنِ البَعير من أطيَب اللُّحْمَان، لِأَنَّهَا تكون بَين شَطَّيِ السَّنام. ولحمُهَا يكون أشمط طيّباً.
نس: قَالَ اللَّيْث: النَّسُّ: لُزُومُ المَضاءِ فِي كلّ أَمر، وَهُوَ سرعةُ الذّهاب لِوُرودِ الماءِ خاصَّةً، وأنْشَد:
وبَلَدٍ يَمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا
قلت: لم يُصِبْ الليثُ فِي شَيْء فِيمَا فسَّرَه، وَلَا فِيمَا احتجَّ بِهِ. أما النَّسُّ فَإِن شَمِراً قَالَ: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول: النَّسّ: السَّوْقُ الشَّديد، وأنشَد:
وَقَدْ نَطَرْتُكُمْ إِينَاءَ صادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ طَالَ بهَا حَوْزِي وتَنْساسِي
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول العَجَّاج:

(12/215)


حَصْبَ الْغُواةِ العَوْمَجَ الْمَنْسُوسَا
قَالَ: المنسوس: المَطْرود المَسُوق. والعَوْمَجُ: الحيَّةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّسُّ: السَّوْقُ الشَّديد، وَأما قَوْله:
وبَلَدٍ يُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا
فَإِن النُّسَّسَ هَا هُنَا لَيست من النَّسّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنى السَّوْق، ولكنَّها القَطَا الَّتِي عَطِشَتْ كَأَنَّهَا يَبِسَتْ من شدّةِ الْعَطش.
وَقد رَوَى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: جاءَنا بِخُبْزٍ نَاسَ وناسَّةٍ. وَقد نَسَّى الشيءُ يَنِسّ ويَنُسُّ نَسَّاً، وَمِنْه قَوْله:
وبَلَدٍ يُمَسِي قَطَاهُ نَسَّسَا
فَجعل النُّسَّسَ بِمَعْنى البُبَّس عطشاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّسِيسُ: الجُوع الشَّديد، والنَّسِيس: السّوْق وَمِنْه حَدِيث عمرَ أَنه كَانَ يَنُسّ أَصحابَه، أَي: يَمْشِي خَلْفَهم. وَقَالَ شَمِر: يُقَال: نَسَّ ونَسْنس مثلُ: نَشَّ ونَشْنَشَ، وَذَلِكَ إِذا سَاق وطَرد.
أَبُو عُبَيد: النَّسِيس: بقيَّة النَّفْس، وأنْشَد:
فَقَدْ أَوْدَى إِذا بَلَغَ النَّسِيسُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّسِيسُ: غايةُ جَهد الْإِنْسَان، وأنْشَدَنَا:
باقِي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْن
وأخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشَدَه:
قطعتَها بِذَات نِسْنَاسٍ باقْ
قَالَ: النَّسْنَاسُ: صَبْرُها وجَهْدُها.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت الْغَنَوِيَّ يَقُول: ناقةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ، أَي: ذاتُ سَيْرِ باقٍ.
قَالَ: وَيُقَال: بَلَغَ من الرَّجُل نَسِيسُهُ: إِذا كَانَ يَمُوتُ وَقد أَشْرَف على ذَهَاب نِكِيسَتِهِ وَقد طُعِنَ فِي حَوْصِهِ مثلُه.
عَمْرو عَن أَبِيه: جُوعٌ مُلَعْلَع ومُضَوِّر ونِسْناس ومُقَحِّز بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النِّسناس بِكَسْر النُّون: الجُوعُ الشَّديد. والنِّسْناسُ: يَأْجُوجُ ومَأْجوج.
حَدثنَا محمدُ بن إسحاقَ، قَالَ: حدَّثنا عليُّ بن سَهْل، قَالَ: حدَّثنا أَبُو نعيم، قَالَ: حدَّثنا سُفيانُ عَن ابْن جُرَيج، عَن ابْن أبي مُلَيكة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النِّسناس. قيل: ومَا النِّسناس؟ قَالَ: الَّذين يُشبِهُون النَّاس وَلَيْسوا بِالنَّاسِ.
وأخبَرَني الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن يعقوبَ الحَضْرَميّ عَن مهْدي بن مَيْمُون؛ عَن غَيْلانَ بن جرير، عَن مطْرف قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النَّسناس، وأُناسٌ غُمِسوا فِي ماءِ النَّاس؛ فتح النُّون.
ابْن السّكيت: قَالَ الكلابيّ: النَّسِيسة: الإيكالُ بَين النَّاس؛ يُقَال: أكلَ بيْن النَّاس: إِذا سَعَى بَينهم بالنّمائم، وَهِي

(12/216)


النَّسائِس جمعُ نَسِيسة.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: نَسَسْت الشاةَ أُنسّها نَساً: إِذا زجرتَها فَقلت لَهَا: إسْ إسْ.
وَقَالَ غَيره: أسَسْتُ.
وَقَالَ ابْن شُميل: نَسَّسْتُ الصبيَّ تنسيساً، وَهُوَ أَن تَقول: إسْ إسْ ليَبول أَو يَخْرأَ.
اللَّيْث: النَّسْنَسةُ فِي سُرعة الطّيَران؛ يُقَال: نَسْنَسَ ونَصْنَص.
قَالَ: والنَّسِنْاس: خَلْقٌ على صُورة بني آدَم، أشبَهوهم فِي شَيْء وخالَفوهم فِي شَيْء، وَلَيْسوا من بني آدم.
وَجَاء فِي حَدِيث: أَنّ حَيّاً من قوم عادٍ عَصَوْا رسولَهم فمسَخَهم الله نَسْناساً، لكل إِنْسَان مِنْهُم يدٌ ورِجْل مِن شِقَ وَاحِد يَنقُزون كَمَا ينقُز الطَّائِر، ويَرْعَوْن كَمَا تَرعَى الْبَهَائِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّسُسُ: الأصولُ الرَّديئَة.
وَفِي (النَّوَادِر) : ريحٌ نَسْنَاسَة وسَنْسانَة: بَارِدَة. وَقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ: إِذا هبَّتْ هُبُوباً بَارِدًا.
وَيُقَال: نَسْنَاسٌ من دُخان، وسَنْسانٌ، يُرِيد دخانَ نَارا. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب السّين والفَاء)
(س ف)
سف، فس: (مستعملان) .
(سف) : قَالَ اللَّيْث: سَفِفْتُ السَّوِيقَ أسَفُّه سَفّاً: إِذا اقتمحته. قَالَ: واقتماح كلِّ شَيْء يَابِس: سَفٌّ. والسَّفوفُ: اسمُ مَا يُستَفّ. وأسفَفْتُ الجَرُحَ دَوَاء، وأسفَفْتُ الوَشْم نَئوراً. والسَّفّة من ذَلِك: القَمْحة. والسَّفَّة: فعلُ مَرَّةٍ وأَسْفَفْتُ الخُوص إسفافاً: إِذا نَسَجْتَ بعضَه فِي بعضٍ. وكلُّ شَيْء يُنسَج بالأصابع فَهُوَ الإسْفاف.
وَقَالَ أَبُو زيد نَحوا ممّا قَالَه أَبُو عُبَيد: رمَلْتُ الحَصيرَ وأَرْمَلْتُه، وسفَفَتْه وأَسفَفْته: مَعْنَاهُ كلُّه نسجْتُه.
وَيُقَال لتَصْدير الرَّحْل: سَفِيف؛ لأنّه مُعرَّض كسَفيف الخُوص. والسَّفِيفُ والسُّفّة: مَا سُفّ حَتَّى جُعِل مِقْدَارًا للزَّبيل وللجُلّة.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم: أنّه كَرِه أَن يوصلَ الشّعْر، وَقَالَ: لَا بَأْس بالسُّفّة: شَيْء من القَرامِل تضَعُه المرأةُ على رَأسهَا.
ورُوِي عَن الشَّعبيّ أَن كَرِه أَن يُسِفَّ الرجلُ النَّظر إِلَى أمّه أَو ابنَتِه أَو أُخْتِه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الإسفافُ: شِدَّة النّظر وحِدّتُه، وكلُّ شَيْء لَزِم شَيْئا ولَصِق فَهُوَ مُسِفّ.
وَقَالَ عَبيد يصف سَحَاباً:
دَانٍ مُسِفَ فُوَيْقَ الأرْض هَيْدَبُه
يَكادُ يَدْفَعُه مَن قامَ بالرّاحِ
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُحِب مَعَالِيَ

(12/217)


الْأُمُور ويُبغِضُ سَفَسافها؛ أَرَادَ مَداقّ الْأُمُور ومَلائِمها؛ شُبِّهتْ بِمَا دَقَّ من سَفْساف التُّرَاب.
وَقَالَ لَبيد:
وَإِذا دفَنْتَ أَبَاك فاجع
لْ فوقَه خَشَباً وطِينا
لِيَقَين وَجْه المَرْءِ سَفْ
افَ التُّرابِ وَمن يَقِينَا
قَالَ اليزيديّ: أسففتُ الخُوصَ إسفافاً: قاربتُ بعضه من بعض، وكلُّه من الإلصاق والقُرْب، وَكَذَلِكَ فِي غير الْخُوص؛ وأَنشَد:
بَرَداً أسفَّ لِثاتُهُ بالإثْمِدِ
وأحسَنُ اللِّثات الحُمَّ. والطائر يُسِفّ: إِذا طَار على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّفْسفة: انتخال الدَّقيق بالمنخل.
وَقَالَ رُؤبة:
إِذا مَساحِيجُ الرِّياح السُّفَّنِ
سَفْسَفْنَ فِي أَرْجاءِ خاوٍ مُزْمِن
قَالَ: وسَفْسَافُ الشِّعر: رديئه. وَيُقَال للرَّجل اللَّئيم العطيّة: مُسَفْسفٌ.
وَقَالَ شَمِر: السِّفَّ: الحَيّة، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرو فِيمَا رَوَى ثعلبٌ عَن عمرَ عَنهُ.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
جَميلَ المُحَيَّا ماجداً وابنَ ماجِدٍ
وسُفّاً إِذا مَا صُرّحَ الموتُ أقرَعَا
قَالَ اللَّيْث: السُّف: الحيّة الَّتِي تطير فِي الْهَوَاء، وأَنشَد:
وَحَتَّى لَوَ انّ السُّفّ ذَا الرِّيشِ عَضّنِي
لمَا ضَرّني مِن فِيهِ نَابٌ وَلَا ثَعْرُ
قَالَ: الثَّعْرُ: السُّمّ.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: سَفِفْتُ المَاء أَسَفُّه سَفّاً، وسفته أَسْفُتُه سَفْتاً: إِذا أكثرتَ مِنْهُ وأنتَ فِي ذَلِك لَا تَرْوي.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: ريحٌ مُسفسِفة: تجْرِي فُوَيقَ الأَرْض، وأَنشَد:
وسَفْسَفَتْ مُلاّحَ هَيْفٍ ذَابِلاَ
أَي: طيّرتْه على وجْهِ الأَرْض.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: السَّفِيفُ من أَسْماء إِبْلِيس.
فس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الفَسِيس: الرّجلُ الضعيفُ العَقْل. قَالَ: وفَسْفَس الرجلُ: إِذا حَمُق حَماقةً محكَمة.
وَقَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو: الفَسْفاسُ: الأَحمَق النِّهاية.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُسيْفِساء: ألوانٌ من الخَرَز يُؤلَّف بعضُه إِلَى بعض، ثمَّ يُركَّب بعضه إِلَى بعض ثمَّ يُركَّب حِيطان البُيوت من دَاخل كَأَنَّهُ نقشٌ مصوَّر. وأَنشَد:
كصَوْتِ اليَرَاعَةِ فِي الفِسْفِسِ

(12/218)


قَالَ: يَعْنِي بَيْتاً مصوَّراً بالفُسَيْفساء
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفُسفُس: الضَّعْفَى فِي أبدانهم. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب السّين والبَاء)
(س ب)
سبّ، بس: (مستعملان) .
سبّ: الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: السَّبُّ: مصدَرُ سَبَبْتُه سَبّاً. والسِّبُّ: الخِمارُ. قَالَ: وسِبُّك: الّذي يُسابُّك وأَنشَد:
لَا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بسبِّي
إنّ سِبِّي من الرّجال الكَرِيمُ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّبُّ: الطِّبِّيجات.
قلت: جعل السّبُ جمع السّبّة وَهِي الدُّبر.
وَقَالَ الْفراء: السَّبّ القَطَع وأَنشَد:
وَمَا كَانَ ذنبُ بني مالكٍ
بأنْ سُبّ منهمْ غُلامٌ فسَبْ
عرَاقيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى
تخرُّ بَوائكُها للرُّكَبْ
قَالَ: أَرَادَ بقوله: (سُبَّ) ، أَي: عُيِّر بالبُخْل فسَبَّ عَراقبَ إبلِه أَنَفةً ممّا عُيِّر بِهِ. والسَّيفُ يسمَّى سَبّابَ العَراقيبِ لأنّه يقطعُها.
شمر عَن أبي عُبَيدة: السِّبُّ: الحَبْل، وَكَذَلِكَ السَّبُّ، وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف مُشْتار الْعَسَل:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَين سَبَ وخَيْطةٍ
بحَرْداء مِثِل الوَكْف يَكْبو غُرابها
أَرَادَ: أَنه تَدَلّى من رَأس جَبَل على خَلِيّة عَسَل ليشَتَارَها بحَبْل شده فِي وَتد أثبتَه فِي رَأس الْجَبَل، وَهِي الخَيْطة، وجمعُ السِّبّ سُبُوب، وأَنشَد:
سَبَّ اللَّهِيفُ لَهَا السُّبوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبِي العُقابَ كَمَا يُلَطّ المِجْنَبُ
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: السُّبوبُ: الثِّياب الرِّقاق واحدُها سِبٌ، وَهِي السَّبائب، وَاحِدهَا سَبِيبة.
وأَنشَد:
ونَسَجتْ لوامعُ الحَرور
سَبائباً كسَرِق الحَرِير
وَقَالَ شمر: السَّبائب: مَتاعُ كَتّانٍ يُجاءُ بهَا من نَاحيَة النيلِ، وَهِي مَشْهُورَة بالكَرْخ عِنْد التّجار، وَمِنْهَا مَا يُعمَل بمصرَ فطُولُها ثَمَان فِي سِتَ. والسِّبُّ: العِمامة؛ وَمِنْه قولُ المخبَّل السَّعدِي:
وأَشهَد من عَوْفٍ حُلُولاً كَثيرةً
يَحجّونَ سِبَّ الزَّبْرِقانِ المُزْعَفرا
وأخبَرَني المُنذرِيّ عَن الرِّياشي: السَّبيبُ: شَعَرُ الذَّنَب، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ شعر الناصية وَأنْشد:

(12/219)


بِوافِي السَّبِيب طويلِ الذَّنَبَ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاَْسْبَابُ} (الْبَقَرَة: 166) ، قَالَ ابْن عبّاس: المَودّة. وَقَالَ مُجَاهِد: تَواصُلُهم فِي الدّنيا.
وَقَالَ أَبُو زَيد فِيمَا أخبَرَ المنذريّ عَن ابْن اليزيدي عَنهُ الأسبابُ: المَنازِل. وَقيل: المودّة. وأَنشَد:
وتَقطّعتْ أَسبابُها ورِمَامُها
فِيهِ الْوَجْهَانِ مَعاً: المودّة والمنازل. قَالَ: وَقَوله تَعَالَى: {صَرْحاً لَّعَلِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَبْلُغُ} {الاَْسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَاهِ مُوسَى وَإِنِّى لاََظُنُّهُ كَاذِباً} (غَافِر: 36، 37) ، قَالَ: هِيَ أَبْوَابهَا، وَاحِدهَا سبَبٌ، وَأما قولُه: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَآءِ} (الْحَج: 15) ، فالسَبَب الحَبْل فِي هَذَا الْموضع. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيدة: السَّبَب: كل حَبْل حَدَرْته من فَوْق.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة: السَّبَب من الحِبال: القويُّ الطَّوِيل قَالَ: وَلَا يُدعَى الحبلُ سَبَباً حَتَّى يُصعَد بِهِ ويُنحَدَرَ بِهِ.
وَقَول الشمّاخ:
مُسبَّبة قُبَّ البطُونِ كَأَنَّهَا
رِماحٌ نَحاها وجْهَة الرِّيحِ راكزُ
يصِف حميرَ الوَحْش وسِمَنَها وجَوْدَتها، فَمن نَظَر إِلَيْهَا سَبَّها وَقَالَ لَهَا: قاتَلَها الله: مَا أجْوَدَها.
أَبُو عُبَيْدة عَن الكسائيّ: عِشْنا بهَا سَبةً من الدَّهْر، وسَنْبة من الدَّهْر؛ كَقَوْلِك: بُرهةً وحِقبةً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدّهر سَبّاتٌ، أَي: أَحْوَال: حَال كَذَا وحالٌ كَذَا؛ يُقَال: أصابتْنا سَبّةٌ من بَرْدٍ فِي الشتَاء، وسَبّةٌ من صَحْو، وسَبّةٌ من حَرّ، وسَبّةٌ مِن رَوْح: إِذا دَامَ ذَلِك أيّاماً.
اللَّيْث: السَّبّابة: الإصبَع الّتي تلِي الْإِبْهَام، وَهِي المُسَبِّحة عِنْد المُصَلِّين. والسُّبّة: العارُ. وكلّ شَيْء يُتوصّل بِهِ إِلَى شَيْء فَهُوَ سَبَب. وجعلتُ فلَانا سَبَباً إِلَى فلَان فِي حَاجَتي وَوَدَجاً، أَي: وُصْلَةً وذَرِيعةً.
قلتُ: وتسبِيبُ مالِ الفَيْء أُخذ من هَذَا لأنَّ المسبَّب عَلَيْهِ المالُ جُعِل سَببا لوصُول المَاء إِلَى مَن وَجَب لَهُ من أهل الفَيْء.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: السَّبْسَب: الأَرْض القَفْرُ الْبَعِيدَة، مستويةً وغيرَ مستوِية، وغليظةً وغيرَ غَلِيظَة، لَا مَاء بهَا وَلَا أنيس.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّباسِبُ والبَسابِسُ: القِفار، وَاحِدهَا سَبْسَب وبَسْبَس، وَمِنْه قيل للأباطيل التُّرّهاتُ: البَسابسُ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: السَّبْسَب: الأرضُ الشأسبة الجَدْبة.
عَمْرو عَن أَبِيه: سَبْسَب: إِذا سَار سَيْراً

(12/220)


ليّناً. وسَبْسب: إِذا قَطَع رحِمَه. وسَبْسَب: إِذا شَتَم شَتْماً قبيحاً.
بس: رُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَخرج قومٌ من الْمَدِينَة إِلَى اليَمَنِ وَالشَّام وَالْعراق يَبِسّون، والمدينةُ خيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ) .
قَالَ أَبُو عُبَيد قَوْله: (يَبِسون) هُوَ أَنْ يُقَال فِي زَجْر الدَّابَّة إِذا سُقْتَ حِماراً أَو غَيره: بَسْ بَسْ، وبِسْ بِسْ، وأكثرُ مَا يُقَال بِالْفَتْح، وَهُوَ صوتُ الزَّجْر للسَّوْق، وَهُوَ من كَلَام أهل اليَمَن، وَفِيه لُغَتَانِ: بَسَّسْتُ وأَبْسَسْتُ، فَيُقَال على هَذَا يَبُسُّون ويُبِسُّون.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَبسَّ بالغنم: إِذا أشْلاها إِلَى المَاء. وأَبَسّ بِالْإِبِلِ عِنْد الحَلب: إِذا دَعَا الفصيلَ إِلَى أمِّه، أَو أَبَسَ بأُمِّه لَهُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد يَبِسُّون، أَي: يَسبحون فِي الأَرْض. وانْبَسَّ الرجل: إِذا ذهب. وبُسُّهُمْ عَنْك، أَي: اطردهم. ابْن السكّيت: أبسَسْتُ بالغَنِم إبْساساً، وَهُوَ إشْلاؤُك إيّاها إِلَى المَاء. وأبسَسْتُ بِالْإِبِلِ عِنْد الْحَلب، وَهُوَ صَوتُ الرّاعي يسكِّن بِهِ الناقَة عِنْد الْحَلب. وناقةٌ بَسُوسٌ: تَدِرّ عِنْد الإبساس. وبسبس بالناقة، وَأنْشد:
لِعاشِرةٍ وهوَ قد خافَها
فظَلَّ يُبَسْبِسُ أَو يَنْقُرُ
الْعَاشِرَة: بَعْدَمَا سَارَتْ عشرَ لَيَال يُبَسْبِس، أَي: يُبسُّ بهَا يسكِّنها. وَمن أمثالهم: لَا أفعَلُ كَذَا مَا أَبَسَّ عبدٌ بناقةٍ. وَقَالَ اللّحياني: هُوَ طوَفانُه حَولها ليحلبها. قَالَ: وَيُقَال: أبَسَّ بالنعجة: إِذا دَعَاهَا للحلب. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: لم أسمَع الإبساسَ إِلَّا فِي الْإِبِل. وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: { (رَجّاً وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} (الْوَاقِعَة: 5) ، صَارَت كالدقيق، وَذَلِكَ قَوْله: {للهأَبْوَاباً وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} (النبأ: 20) ، قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تُنشِد:
لَا تَخبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّاً
قَالَ: والبَسِيسَةُ عِنْدهم: الدَّقِيق أَو السويق يُلتّ ويتخذ زاداً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بَسْبَستُ السَّويق والدقيقَ أبُسُّه بَسّاً: إِذا بَلَلْتُهُ بِشَيْء من المَاء، وَهُوَ أشدُّ من اللَّتّ. قَالَ: وبَسَّ الرجلُ عقارِبَه: إِذا أرسَلَ تَمائمه.
وَيُقَال: بَسستُ الإبِلَ أبُسُّها بَسّاً: إِذا سُقْتَها سَوْقاً لطيفاً. وَقيل فِي قَوْله:
لَا تَخْبِزا خَبْزاً وبَسَّابَسَّا
البَسُّ: السَّوْق اللّطيف. والخَبْز: السَّوْق الشَّديد بالضّرْب. وَقيل: البَسُّ: بَلّ الدَّقِيق، ثمَّ يَأْكُلهُ. والخَبْز: أَن يخبز المَلِيل، والإبْساس بالشفتين دون اللِّسَان والنقر بِاللِّسَانِ دون الشّفتين. والجمَل لَا يُبسّ إِذا استصعب، وَلَكِن يُشْلَى باسمه

(12/221)


وَاسم أمّه فيسكن. وَقيل: الإِبْساس: أَن يَمسح ضرع النَّاقة يُسكِّنها لتَدِرّ، وَكَذَلِكَ يَبُسُّ الرِّيح بالسحابة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: بُست الجبالُ، أَي: إِذا صَارَت تُراباً. والبَسيسةُ: خُبزٌ يجفَّف ويُدَقّ فيُشرب كالسَّوِيق. وَقَالَ الزَّجاج: بُست الْجبَال: لُتّت وخُلِطَت. وبُست أَيْضا سِيقت، وَأنْشد:
وانْبسّ حَيّاتُ الكَثيبِ الأهْيلِ
وَقَالَ اللّحياني: انبَسّت الحيّات انبساساً: إِذا جَرت على الأَرْض. وانبسّ الرجُل: إِذا ذَهَب. وَيُقَال: بُسَّهم عَنْك، أَي: اطردهم. وقولُه: بُست الْجبال، أَي: سُوّيت. وَقيل: فُتِّتَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: بَسَّ الشَّيْء: إِذا فَتَّتَه. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُسبُس: الرُّعاةُ. والبسُسُ: النُّوق الإنسية. والبسس: الأسْوِقة المَلْتوية.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زَيد: البسيسة: كلُّ شَيْء خلطتَه بِغَيْرِهِ، مِثلُ السويق بالأقِط ثمَّ تَبُلُّه بالرُّبّ أَو مثل السّعير بالنّوى لِلْإِبِلِ، يُقَال: بَسستُه أَبُسُّه بَسّاً.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: هُوَ أَشْأَمُ من البسوس، وَهِي ناقةٌ كَانَت تَدِرّ على البسيس بهَا. وَلذَلِك سُمِّيت بَسوساً أَصَابَهَا رجلٌ من الْعَرَب بسَهْم فِي ضَرْعها فقَتَلها، فهاجت الحربُ بِسَبَبِهَا بَين حَيّي بكرٍ وتَغْلِبَ سِنِين كَثِيرَة؛ فَصَارَت البسوسُ مَثَلاً فِي الشؤم.
وَفِي البسوس قولٌ آخَر: رُوِي عَن ابْن عبّاس وَهُوَ أشبَه بالحقِّ. حدّثنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن المَخْزُومِي عَن سُفْيانَ بن عُيَينة عَن أبي سَعد الأعوَر، عَن عكرِمَة عَن ابْن عبّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءاتَيْنَاهُءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} (الْأَعْرَاف: 175) الْآيَة.
قَالَ: هُوَ رجُلٌ أُعْطِيَ ثلاثَ دَعَوَاتٍ يُستجاب لَهُ فِيهَا، وَكَانَت لَهُ امرأةٌ يُقالُ لَهَا البَسُوس، وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ولد، وَكَانَت لَهُ محِبَّة، فَقَالَت: اجعلْ لي مِنْهَا دَعْوَة وَاحِدَة قَالَ: فلكِ وَاحِدَة، فَمَاذَا تأمرين؟ قَالَت: ادْعُ اللَّهَ أَن يَجْعَلنِي أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل، فَلَمَّا علمتْ أنَّهُ لَيْسَ فيهم مثلُها رَغِبَتْ عَنهُ، وأرادت شَيْئا آخَر، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا أَن يَجْعَلَها كَلْبَة نبّاحة، فَذهب فِيهَا دعوتان، وَجَاء بَنُوها فَقَالُوا: لَيْسَ لنا على هَذَا قَرَار، قد صَارَت أُمُّنا كلبةً تُعَيِّرنا بهَا النَّاس، فادعُ الله أَن يردَّها إِلَى الْحَالة الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا، فَدَعَا الله، فَعَادَت كَمَا كَانَت، فَذَهَبت الدّعوات الثَّلَاث فِي البَسُوس، وَبهَا يُضرَب المَثَلُ فِي الشؤم فَيُقَال: أشأَمُ من البَسوس.
وَقَالَ اللَّيْث: البَسْبَاسةُ: بقلة. قلت: وَهِي

(12/222)


معدودَةٌ عِنْد الْعَرَب. قَالَ: والبَسيْس: شجرٌ يتَّخذ مِنْهُ الرِّحال. اللّحياني: بَسَّ فلَان فِي مَاله بَسةً، ووُزِم وَزْمةً: إِذا ذهب شيءٌ من مَاله.
قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي البسْبَس إنّه شجر لَا أعرفهُ، وأَراه أَرادَ السيْسَب. وَقد رَوَى سلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: السَّيْسبان: اسمُ شجر وَهُوَ السيسبَى، يذكَّر ويؤنَّث، يُؤْتى بِهِ من بِلَاد الْهِنْد، وَرُبمَا قَالُوا السيْسبُ، قَالَ طلق بن عَديّ:
وعُنْق مِثل عَمُود السيْسبِ
وَقَالَ آخر فِيمَن أنّث:
كَهَزِّ نَشْوانِ قَضِيبَ السّيْسَبى
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البابوس: ولدُ النَّاقة. قَالَ: والبابوس: الصبيُّ الرَّضيع فِي مَهْده، وَمِنْه خبرُ جُريج الرّاهب حِين استنطق الرضيعَ فِي مَهْده فَقَالَ لَهُ: يَا بابوس، من أَبوك؟ فَقَالَ: فلانٌ الرَّاعِي. وَقد ذكر ابْن أَحْمَر الباسوس فِي شعرِه فَقَالَ:
حنّت قَلُوصي إِلَى بابوسها جَزَعا
فَمَا حنينُكِ أم أنتِ والذِّكَرُ
انْتهى وَالله أعلم بذلك.

(بَاب السّين وَالْمِيم)
س م
سم، مس: (مستعملان) .
سم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (الْأَعْرَاف: 40) ، أخبَرَنا المنذريّ عَن ابْن فهم، عَن مُحَمَّد بن سَلام، عَن يُونُس، قَالَ: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: السُّمّ والشُّهد، يرفعون. وتميمٌ تفتح السّم والشَّهد قَالَ: وسمعتُ أَبَا الْهَيْثَم يَقُول هما لُغَتَانِ: سم وسُمّ، لخرْق الإبرة. والسَّمّ: سَمُّ الحيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: السمُّ الْقَاتِل جمعه سمام. قَالَ: والسمانِ: عرقان فِي خيْشوم الْفرس. قَالَ: والسامّة والجميعُ سوامّ: عُروق فِي خَيْشومه. وسامُّ أبرصَ، من كبار الوَزَغِ. قَالَ: وسامّاً أبرص وسوامُّ أبرص.
أَبُو عُبيد عَن اليزيديّ: السامّةُ الخاصةُ، وأنشدنا:
وَهُوَ الَّذِي أَنعَم نُعمتي عمّتِ
على العِبادِ رَبُّنا وسَمَّتِ
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: أهلُ المسمّة: الخاصةُ والأقارب. وَأهل المنحاة: الَّذين لَيْسُوا بالأقارب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المسمّة الْخَاصَّة والمعمّة الْعَامَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: السامة: الْمَوْت.
قلتُ: الْمَعْرُوف فِي هَذَا الْحَرْف تخفيفُ الْمِيم، وَالتَّشْدِيد فِيهِ خطأ عِنْد البصريِّين والكوفيين، وَأما السامّة بتَشْديد الْمِيم فَهِيَ

(12/223)


ذَوَات السم من الْهَوَام، وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بك من كلِّ شيطانٍ وَهَامة، وَمن شَرّ كلِّ عينٍ لَامة، وَمن شرِّ كل سامة) .
قَالَ شمر: مَا لَا يقتلُ ويسمُّ فَهُوَ السَّوام بتَشْديد الْمِيم؛ لِأَنَّهَا تَسم، وَلَا تَبلُغ أَن تقتُل مثل الزُّنبور والعَقْرب وأشباهها.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّموم: الوَدَع وأشباهُه يسْتَخْرج من الْبَحْر يُنظم للزِّينَة، وَاحِدهَا سَمٌّ وسُمّة، وَأنْشد:
على مُصلَخمَ مَا يكَاد جَسيمُه
يَمُدُّ بعطفَيْه الوضينَ المسمَّما
أَرَادَ وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. قَالَ: السمامة: والجميع السَّمامُ ضربٌ من الطّير دون القَطَا فِي الْخِلْقَة.
ثَعْلَب: عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لتزاويق وَجْه السقْف سَمَّان. وَقَالَ غَيره: سمُّ الوَضِين: عُرْوتُه، وكل خَرْق سَمٌّ. والتَّسميمُ: أَن يتَّخذ للوَضِين عُرًى، وَقَالَ حُميد بن ثَور:
على كل نابي المحْزَمَيْن نَرَى لَهُ
شَراسيفَ تَغتالُ الوَضِين المسمَّما
أَي: الَّذِي لَهُ ثَلَاث عُرًى، وَهِي سُمومه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: السَّمُوم بِالنَّهَارِ وَقد تكون باللَّيل، والحرور باللّيل. وَقد يكون بِالنَّهَارِ. والعجّاج جعل الحرور بِالنَّهَارِ فَقَالَ:
ونسجت لوافح الحَرور
يرقْرَقَان آلها الْمَسْجُور
شبائباً كسرَقِ الحَرير
وَقَالَ اللحياني: السَّمَان: الأَصباغ الَّتِي تزَوَّق بهَا السُّقوف، وَلم أسمعْ لَهَا بِوَاحِدَة. قَالَ: وَيُقَال للجُمّارة: سِمة القُلْب. وَيُقَال: أصبتُ سمَّ حاجتِك، أَي: وَجههَا. وسَمَمت الشيءَ أسُمُّه سَمّاً، أَي: شدَدْتُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: السَّموم بِالنَّهَارِ، وَقد تكون باللّيل. والحرور بالنَّهار وَقد تكون باللّيل.
وأخْبَرني المنذريّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: سمّ اليومُ: إِذا هَبَّ فِيهِ السّموم. وَقَالَ الْفراء: وَيُقَال: يومٌ مَسْموم وإناء مَسْمُوم من سُمّ، وَلَا يُقَال: سُمّ.
قَالَ يَعْقُوب: والسَّموم والحَرور أنثيان، وَإِنَّمَا ذكّرت فِي الشّعْر.
قَالَ الرّاجز:
الْيَوْم يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
مَن جَزِعَ اليَومَ فَلَا تَلُومُه
وسمعتُ العَرَب تُنشِد:
اليومُ يومٌ بكَرَتْ سَمُومُهُ
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: سَموم بيّن السّم، وحَرُور بيّن الحَرّ. وَقد سُمّت لَيلتُنا وأسمّت. وَيُقَال: كَانَ يومُنا سَموماً،

(12/224)


وليلةٌ سَموم ذاتُ سَموم.
وَقَالَ اللَّيْث: نَبَات مَسمومٌ: أصابتْه السَّموم. وسَامَة كل شَيْء وسمامة كل شَيْء سَماوَته: شخصُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: سممتُ الشيءَ أسمّه: أَصلحتُه. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: سممتُه: شدَدْتُه، ومثلُه رَتَوْته. وسَمَمْتُ بَين القومِ: أصلحت.
قَالَ الكُمَيت:
وتنأَى قُعورُهم فِي الْأُمُور
عمّنْ يَسُمُّ ومَنْ يَسْمُل
الأصمعيّ والفرّاء وَأَبُو عَمْرو: سَمامُه الرّجل وكلِّ شَيْء: شخصه، وَكَذَلِكَ سَماوَته، وَقيل: سَماوَته أَعْلاَه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: مَا لَه سَمٌّ وَلَا حَمّ غيرُك، وَلَا سمٌّ مَعًا، أَي: مَا لَه هَمٌّ غيرُك. وسمُومُ السَّيف: حُزورٌ فِيهِ يعلَّم بهَا، وَقَالَ الشَّاعِر يمدَحَ الْخَوَارِج:
لِطافٌ برَاهَا الصَّوْمُ حتّى كأنّها
سُيُوفُ يَمانٍ أخْلَصَتْهَا سُمومُها
يَقول: بَيَّنَت هَذِه السُّموم عَن هَذِه السّيوف أَنَّهَا عُتُق. قَالَ: وسُموم العُتُق غيرُ سُموم الحُدْث.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: فِي وجهِ الفَرَس سُموم واحدُها سَمّ، وَهُوَ مَا دَقّ من صَلاَبَة العَظَم من جانِبيْ قصَبَة أنْفِه إِلَى نواهِقه. قَالَ: وتستَحبُّ عُرْيُ سمُّونِ، ويُستَدَلّ بِهِ على العِتْق، وَقَالَ حميد:
طِرْفٌ أسِيل معقد البِرَيمِ
عارٍ لطيفِ موضعِ السُّموم
قَالَ: وَمن دوائر الفَرَس: دَائِرَة السّمامة، وَهِي الَّتِي تكون وسَطَ العُنُق فِي عرضهَا، وَهِي تُستحَبّ. قَالَ: وسُموم الفَرَس أَيْضا: كلُّ عظْم فِيهِ مُخّ. قَالَ: والسُّموم أَيْضا: فُروجُ الفَرَس وَاحِدهَا سمّ. قَالَ: وفُروجه: عَيناهُ وأُذُناه ومَنخراه.
وأَنشَد:
فنَفَّستُ عَن سمَّيه حتّى تَنَفسا
أَرَادَ عَن مَنخَريه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّمسامُ: والسُّمْسُماني: الخفيفُ السريعُ. قَالَ: والسمسامة: الْمَرْأَة الْخَفِيفَة اللطيفة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السمسَم: الثَّعْلَب. وَأنْشد:
فارَقَني ذَأْلاَنَهُ وسَمْسَمُهْ
وسَمْسَم: اسمُ مَوضِع.
وَقَالَ ابْن السكّيت: وَهِي رمْلةٌ مَعْرُوفَة؛ وأَنشد قولَ البَعيث:
مُدامِنُ جَوْعاتٍ كأنَّ عُرُوقَه
مَسارِبُ حَيّاتٍ تَسَرَّبْنَ سَمْسَمَا
قَالَ: وَرَوَاهُ عُمارةُ: (تَشَرّبْن سَمْسَمَا) يَعْنِي: شرِبْن السم. وَمن رَوَاهُ: (تَشَرّبن) جَعَل سَمسَماً رَملَة. ومسَارِبُ الْحَيَاة:

(12/225)


آثارها فِي السَّهل إِذا مرّت تَسرَّبُ تَجيءُ وتَذهب، شَبَّه عُروقَه بمَجارِي حَيَّاتٍ، لِأَنَّهَا ملتوية.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لدُوَيْبّةٍ على خِلْقَة الأَكلَة حمراءَ هِيَ السِّمْسِمة.
قلت: وَقد رأيتُها فِي الْبَادِيَة، وَهِي تَلسَع فتؤلِمُ إِذا لَسَعَتْ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: هِيَ السَّماسم، وَهِي هَناتٌ تكون بالبَصْرة يَعْضُضْن عَضّاً شَدِيدا، لهنّ رُؤوسٌ فِيهَا طول إِلَى الحُمرة ألوانُها.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال فِي مَثَلٍ إِذا سُئل الرجل مَا لَا يَجِد وَمَا لَا يكون: كَلَّفْتَنِي سَلاَ جَمَلٍ، وكلَّفْتَني بَعْضَ الأنُوق، وكلَّفْتَني بَيْض السِّمَاسم.
قَالَ: وَهِي طَيرٌ مِثلُ الخَطاطِيف وَلَا يُقدَر لَهَا على بَيْض.
قَالَ: والسُّمّةُ: شِبْه سُفْرة عَظِيمَة تُسَفُّ من الخُوص وتُبْسَط تحتَ النَّخْلَة إِذا صُرِمت ليسقُط مَا تَناثَر من الرُّطَب والتَّمْر عَلَيْهَا، وجمعُها سُمَم.
قَالَ: وسُمّة الْمَرْأَة: صدغُها وَمَا اتَّصل بِهِ مِنْ رَكَبِها وشَفْرَيْها.
قَالَ الْأَصْمَعِي: سُمّة المرأةِ: ثَقْبة فَرجِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَمسَم الرجلُ: إِذا مَشَى مَشْياً رَقِيقا. ومسْمَس: إِذا تخبط.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لِجُمّار النَّخْلَة: سُمّة، وَجَمعهَا سُمَم، وَهِي اليَفَقَةُ: ومَسامُّ الْإِنْسَان: تخلخُل بشَرَته وَجلده الَّتِي يَبرُز عرقُه وبُخارُ باطِنه مِنْهَا، سُمّيتْ مَسامَّ لأنّ فِيهَا خُروقاً خفيّةً وَهِي السُّموم.
مس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (الْبَقَرَة: 275) .
قَالَ الْفراء: المَسُّ: الجنُونُ. وَالْعرب تَقول: رجل مَمْسوسٌ.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَأسُوس والمَمْسوس والمُدَلّس كُله الْمَجْنُون. والمَسُّ: مَسّك الشيءَ بِيَدَك.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (الْبَقَرَة: 237) ، وقرىء: (تُماسُّوهُنّ) .
قَالَ أَحْمد بن يحيى: اخْتَار بَعضهم (مَا لم تَمَسُّوهن) وَقَالَ: لأنّا وجَدْنَا هَذَا الحرفَ فِي غير مَوضِع من الْكتاب بِغَيْر ألف {وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ} (آل عمرَان: 47) ، فكلُّ شَيْء من هَذَا الْبَاب فَهُوَ فِعل الرجل فِي بَاب الغِشْيان.
قَالَ: وأخبَرَنا سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: إِنَّه لَحَسَن المَسِّ فِي مَاله، يُريد أَنه حَسَن الْأَثر والمَسّ يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر: والمَسَّ والمَسِيس: جِماع الرجلِ الْمَرْأَة.
وأُخبرتُ عَن شمر أَنه قَالَ: سُئِلَ أعرابيٌّ عَن رَكِيّةٍ، فَقَالَ: مَاؤُهَا الشّفاء المَسُوس.

(12/226)


قَالَ: والمَسُوس: الَّذِي يمَسُّ الغُلّة فيَشفيها، وَأنْشد:
لَو كنتَ مَاء كنتَ لَا
عَذْباً يُذَاق وَلَا مَسُوسَا
وَقَالَ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَسُوس: كلُّ مَا شَفَى الغَليل، لِأَنَّهُ مَسَّ الغُلّة، وأَنشَد:
يَا حَبّذا رِيقتُكِ المَسُوسُ
وأَنْتِ خَوْدٌ بادنٌ شَمُوسُ
اللَّيْث: الرَّحِمُ الماسّة والمسّاسة: الْقَرِيبَة وَقد مَسّتْه مواسُّ الخَبَل.
عَمْرو عَن أَبِيه: الأسْنُ: لُعْبَةٌ لَهُم يسمُّونها المَسّة والضّبَطة.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله عز وَجل: {فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَواةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ} (طه: 97) ، قرىء: (مِسَاسِ) بِفَتْح السِّين مَنْصُوبًا على التّبرئة. قَالَ: وَيجوز (لاَ مَسَاسِ) مبنيٌّ على الْكسر، وَهُوَ نفي قَوْلك: مَساسِ مَساسِ، فَهُوَ نفي ذَلِك، وبُنِيَتْ (مَساسِ) على الْكسر وأصلُها الفَتْح لمَكَان الْألف، فاختير الكسرُ لالتقاء الساكنين.
وَقَالَ اللَّيْث: (لَا مَساس) : أَي: لَا مُماسّة، أَي: لَا يَمَسُّ بعضُنا بَعْضًا. قَالَ: والمَسْمسَةُ: اختلاطُ الأمْرِ واشتباهُه.
قَالَ رُؤْبة:
إِن كنتَ من أمرِك فِي مَسْماسِ
فاسْطُ عَلَى أُمِّك سَطْوَ الماسِ
قَالَ: خفّف سينَ الماس كَمَا يخفّفونها فِي قَوْلهم: مَسْتُ الشيءُ، أَي: مسَسْتُه.
قلت: هَذَا غَلَط، الماسي هُوَ الَّذِي يُدخِل يَده فِي حَيَاء الْأُنْثَى لاستخراج الْجَنِين إِذا نَشِب يُقَال: مَسَيْتها أَمْسيها مَسْياً، رَوَى ذَلِك أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي، وَلَيْسَ المَسْيُ من المَسِّ فِي شَيْء، وَأما قولُ ابْن مَغْراء:
مَسْنا السَّماءَ فنِلْناهَا وطَالْهُمْ
حَتَّى يَرَوْا أُحُداً يَمشي وثَهْلاَنَا
فَإِنَّهُ حَذَف إِحْدَى السينين من مَسسنا استثقالاً للْجمع بَينهمَا، كَمَا قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الْوَاقِعَة: 65) وَالْأَصْل: فظللتم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَسِسْتُ الشيءَ أمَسُّه مسّاً، وَهِي اللُّغَة الفصيحة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: مَسَسْتُ الشَّيْء أمَسُّه أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الساسَمُ: شجرةٌ يُسوَّمنها الشِّيزَى، وأَنشَد قولَ ضَمرَة:
ناهَبْتُها القومَ على صُنْتُعٍ
أجرَد كالقِدْحِ من السَّاسَمِ
عَمْرو عَن أَبِيه: الطَّرِيدةُ لُعبةٌ: تسَمّيها العامّةُ: المَسّة والضَّبَطة، فَإِذا وقعتْ يدُ اللاعب من الرَّجُل على بدَنِه رأسِه أَو

(12/227)


كَتِفه فَهِيَ المَسَّةُ، وَإِذا وَقعت على رِجله فَهِيَ الأَسْنُ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
تَطايح الطّلُّ عَن أسدانها صُعُداً
كَمَا تَطايح عَن ماموسة الشَّرَرُ
أَرَادَ بماموسة: النَّار، جعلهَا معرفَة غير منصرفة.
وَرَوَاهُ بَعضهم: عَن مأنوسة الشرر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المأنوسة: النَّار. وَالله أعلم.

(12/228)


كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف السِّين

(بَاب السِّين وَالزَّاي: مهمل)
(أَبْوَاب السّين والطاء)
س ط د س ط ت س ط ظ
س ط ذ س ط ث. مهملات.
س ط ر
سطر، سرط، طرس، وسط، رطس.
أمّا رَسَط ورَطَس: فَإِن ابْن المظفَّر أهمَلهما.
رسط: وأهلُ الشَّام يسمُّون الخمرَ: الرَّساطون، وسائرُ الْعَرَب لَا يعرفونه. وأراها روميّة دخلتْ فِي كَلَام مَن جاوَرَهم من أهلِ الشَّام. وَمِنْهُم من يقلب السِّين شَيْئا، فَيَقُول: الرشاطون.
رطس: قَالَ ابْن دُرَيد: الرَّطَسُ: الضَّرْبُ بَبَطْن الكفّ، يُقَال: رطسَه رَطْساً، قلت: وَلَا أحفظ الرّطس لغيره.
طرس: قَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطّه: يُقَال للصَّحيفة إِذا مُحيتْ: طِلْسٌ وطِرْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْسُ: الكتابُ الممحُو الّذي يُسْتَطَاع أنْ تُعاد عَلَيْهِ الْكِتَابَة؛ وفِعلُك بِهِ التَّطْريس.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتطَرِّس والمُتَنَطِّس: المتنوِّقُ الْمُخْتَار.
وَقَالَ المَرّار الفَقْعَسيّ يصف جَارِيَة:
بيضاءُ مُطعَمةُ المَلاحةِ مِثلُها
لَهْوُ الجَلِيس وَنيقَةُ المتطرِّسِ
سطر: الحّراني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: سَطْر وسَطَر؛ فَمن قَالَ سَطْر فَجَمعه الْقَلِيل أَسطُر، وَالْكثير سُطُور. وَمن قَالَ: سَطَر جمَعَه أسطاراً. قَالَ جرير:
من شاءَ بايَعْتُه مالِي وخُلْعَتَه
مَا تكمُل التِّيم فِي ديوانهمْ سَطَرَا
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سَطَرٌ من كُتُب، وسَطْرٌ من شجر مغروس وَنَحْو ذَلِك، وَأنْشد:
إِنِّي وأَسطارٍ سُطِرنَ سَطْرا
لقَائلٌ يَا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاطِيرُ الاَْوَّلِينَ} (الْفرْقَان: 5) ، خَبَرٌ لابتداءٍ محذوفٌ، الْمَعْنى: وَقَالُوا الّذي جَاءَ بِهِ أساطيرُ الأوّلين، مَعْنَاهُ: مَا سَطَّره

(12/229)


الأوّلون. قَالَ: وواحدُ الأَساطير أُسْطُورة، كَمَا قَالُوا أُحْدُوثَة وأحَادِيث.
وَقَالَ اللّحياني: وَاحِد الأساطير أسطُور وأسْطُورة، وأسْطِير.
قَالَ: وَيُقَال: سَطْر ويُجمع إِلَى العَشَرة أَسْطاراً، ثمَّ أساطيرُ جمعُ الجَمْع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَطَّر فلانٌ علينا تَسْطيراً: إِذا جَاءَ بِأَحَادِيث تُشبِه الباطلَ، يُقَال: هُوَ يسطِّر مَا لَا أصْلَ لَهُ، أَي: يؤلِّف. وسَطَر يَسْطُر: إِذا كَتَب؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَّعِينٍ} {ن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - وَالْقَلَمِ وَمَا} (الْقَلَم: 1) ، أَي: وَمَا يَكْتُب الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد الضَّرير: سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً يَقُول: أسَطَرَ فلانٌ اسمِي، أَي: تجاوَزَ السَّطر الّذي فِيهِ اسْمِي، فَإِذا كَتَبه قيل: سَطَره. وَيُقَال: سَطَر فلانٌ فلَانا بالسَّيف سَطَراً: إِذا قَطَعَهُ بِهِ، كأنّه سَطْرٌ مَسْطور. وَمِنْه قيل لسيف القَصّاب ساطُور.
سَلَمة عَن الْفراء: يُقَال للقصّاب ساطِرٌ وسَطّار، وشصّاب ومُشَقِّص ولَحّام وجَزّار وقُدار.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يَقُولُونَ للرّجل إِذا أَخطأَ فكنَوْا عَن خطئه: أسطَرَ فلانٌ اليومَ، وَهُوَ الإسْطار بمعنَى الإخطاء.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: السَّطْرُ: العَتُودُ من الغَنَم.
قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} (الطّور: 37) ، قَالَ: المصَيْطرون كتَابَتهَا بالصَّاد، وقراءتُها بالسّين وبالصاد. ومثلُه قَوْله: {مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} (الغاشية: 22) ، ومثلُه: {بَسْطَةً} (الْبَقَرَة: 247) و (بَصْطة) كُتب بَعْضهَا بالصَّاد وَبَعضهَا بِالسِّين، وَالْقِرَاءَة بالسِّين.
وَقَالَ الزّجّاج: المسيطِرون: الأرباب المسلطون؛ يُقَال: قد تَسيطَر علينا وتصيطر بِالسِّين وَالصَّاد، وَالْأَصْل السّين، وكلّ سين بعدَها طاءٌ يجوز أَن تُقلبَ صاداً، نقُول: سَطْر وصَطَر، وسَطَا عَلَيْهِ، وصَطَا.
وَقَالَ اللّيث: السَّيطَرة مَصْدَرُ المُسيطِر، وَهُوَ كالرّقيب الحافظِ المتعهّدِ للشَّيْء، تَقول: قد سَيْطَر علينا، قَالَ: وَتقول: سُوطِر يُسيْطِر فِي مَجْهُول فعلِه، وَإِنَّمَا صَارَت سُوطِرَ وَلم تقل سُيْطِر لِأَن الياءَ سَاكِنة لَا تثبت بعد ضَمّة، كَمَا أَنَّك تَقول: من آيَسْتُ: أويس يُؤيْس.
وَمن الْيَقِين: أوقِنَ يوقَن، فَإِذا جَاءَت يَاء سَاكِنة بعد ضمّة لم تثبت، ولكنّها يَجْترّها مَا قَبلَها فيصيِّرها واواً فِي حالٍ؛ مثل قَوْلك: أعْيَشُ بيّنُ العِيشَة، وأبيَض وجمعُه بِيض، وَهِي فُعْلَة وفُعْل، فاجترّت الياءُ مَا قبلَها فكسَرتْه. وَقَالُوا: أكيَسُ كُوسَى وأَطيَبُ طُوبى، وإنّما توخُوْا فِي ذَلِك

(12/230)


أوْضَحَه وأحْسَنه، وأيَّاً مَا فعلوا فَهُوَ الْقيَاس، وَلذَلِك يَقُول بَعضهم فِي {إِذاً قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) ، إِنَّمَا هِيَ فُعلَى وَلَو قيل: بُنِيتْ على فِعلَى لم يكن خطأ. أَلا ترى أنّ بَعضهم يهمزها على كسرتها. فاستَقْبَحوا أَن يَقُولُوا: سِيطِرَ لِكَثْرَة الكَسَرات. فَلَمَّا تراوحَتِ الضمّة والكسرة كَانَت الْوَاو أحسن.
وأمّا يُسَيطَر فلمّا ذهبت مِنْهُ مَدّة السِّين رجعت الياءُ.
قلتُ: سَيْطَرَ: يُسَيْطِر. جَاءَ على فَيْعل فَهُوَ مُسَيْطر، وَلم يُستعمَل مجهولُ فِعلِه. ويُنتهَى فِي كَلَام الْعَرَب إِلَى مَا انتهَوْا إِلَيْهِ.
وَقَول اللّيث: لَو قيل: بُنِيْت {قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) على فِعْلى لم يكن خطأ وَهُوَ عِنْد النحويِّين خطأ أَن فِعلى جَاءَت اسْما. وَلم تَجِيء صِفةً. و (ضيزى) هِيَ عِنْدهم فُعلَى. وكُسِرت الضّاد من أَجل الْيَاء الساكنة. وَهِي من ضِزْته حقَّه أَضِيزُه: إِذا نقصْته. وَقد مرّ تفسيرُه فِي كتاب الضَّاد.
وأمّا قَول أبي دُوَاد الإياديّ:
وأَرَى الموتَ قد تَدَلَّى من الحَضْ
ر على رَبِّ أهلِهِ السّاطِرُونِ
فَإِن السّاطرون اسمُ مَلِك من مُلوك العَجَم كَانَ يَسكُن الحَضر. وَهِي مدينةٌ بَين دِجْلة والفُرات. غَزاهُ سابُورُ ذُو الأكتاف وأَخَذَه وقتلَه وقولَ عديّ بن زيد:
كأنّ رِيقَه شُؤبوبُ غادِيةٍ
لما تقفّى رقيبَ النَّفْع مُسْطارا
قَالَ أَبُو نصر: المُسْطار: هُوَ الْغُبَار المرتفِع فِي السّماء. وَقيل: كَانَ فِي الأَصْل مُستطاراً فحذفت التَّاء. كَمَا قَالُوا: اسْطَاع فِي مَوضِع اسْتَطَاعَ. وَقَالَ عديُّ بنُ الرْقاع:
مُسطَارةٌ ذهبتْ فِي الرّأس سَوْرتُها
كأنّ شَارِبها مِمّا بِهِ لَمَمُ
وَقَالَ أَيْضا:
نَقْرِي الضيوف إِذا مَا أزمة أزْمَت
مُسطارَ ماشيةٍ لم يَعْد أَن عُصِرا
جعل اللَّبنَ بِمَنْزِلَة الخَمْر. يَقُول: إِذا أجدَبَ النَّاس سقَيناهم الصَّرِيف وَهَذَا يدلّ على أَن المستطار الحديثةُ. وَأَن من قَالَ هِيَ الحامضة لَم يُجد.
سرط: أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: سَرِطتُ الطّعام وزَرَدْتُه: إِذا ابْتَلَعْتَه، أَسْرِطه سَرْطاً، وَلَا يجوز سَرَطتُ. وَمن أَمْثَال العَرَب: الأخْذُ سَرَطان، والقضاءُ لَيّان. وَبَعْضهمْ يَقُول: الأخْذُ سُرّيْطى والقَضَاءُ ضُرّيْطى. وبعضٌ يَقُول: الأخْذُ سُرَّيْطٌ، والقَضاءُ ضُرّيْط.
وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: الأخْذُ سِرِّيَطى والقضاءُ ضِرِّيَطِى؛ وَهِي كلُّها لُغَاتٌ صَحِيحَة قد تكلّمتْ الْعَرَب بهَا، وَالْمعْنَى فِيهَا كلّها: أَنْت تُحِبُّ الأخْذ، وتَكره الإعْطاء.

(12/231)


وَيُقَال: استَرَط الطعامَ: إِذا ابْتَلَعَه. وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الْفَاتِحَة: 6) ، كُتِبَتْ بالصَّاد، وَالْأَصْل السِّين، وَمَعْنَاهُ: ثَبِّتْنَا على الْمِنْهَاج الْوَاضِح.
وَقَالَ جرير:
أميرُ الْمُؤمنِينَ على صِراطٍ
إِذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيم
وَقَالَ الفرّاء: المَوارد: الطُّرُق إِلَى المَاء، واحِدَتُها مَوْرِدة.
وَقَالَ الفرّاء: إِذا كَانَ بعد السّين طاءٌ أَو قافٌ أَو غينٌ أَو خاءٌ فَإِن تِلْكَ السِّين تُقْلَب صاداً. قَالَ: وَنَفر من بَلْعَنْبَرِ يصيّرون السِّين إِذا كَانَت مقدَّمة ثمَّ جَاءَت بعْدهَا طاءٌ أَو قافٌ أَو غَين أَو خاء صاداً. وَذَلِكَ أَن الطَّاء حرف تضَع فِيهِ لسَانك فِي حَنَككِ فينْطَبِق بِهِ الصَّوْت، فقُلِبَتْ السِّين صاداً صُورتها صورةُ الطَّاء، واستخَفُّوها ليَكون المَخْرَج وَاحِدًا، كَمَا اسْتَخَفُّوا الإدْغامَ؛ فَمن ذَلِك قولُهم: السِّراطُ والصِّراط، قَالَ: وَهِي بالصَّاد لُغَة قُريش الأوَّلين الَّتِي جَاءَ بهَا الكِتَابُ؛ قَالَ: وعامّة العَرَب تَجْعَلُها سِيناً. وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيل للطريق الْوَاضِح: سِراط لأنّه كَانَ يَسْتَرِط المارّة لِكَثْرَة سُلوكِهم لاحِبَه.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّرِطْراطُ والسَّرَطْراط بِفَتْح السّين وَالرَّاء: وَهُوَ الفالُوذَج.
قلت: أما بِالْكَسْرِ فَهِيَ لُغَة جيِّدَة لَهَا نَظَائِر، مِثل جِلِبْلاَب وسِجِلاَّط. وَأما سَرَطْرَاط فَلَا أعرف لَهُ نظيراً. وَقيل للفالوذ: سِرِطْرَاطٍ؛ فكررت فِيهِ الطَّاء وَالرَّاء تبليغاً فِي وصفِه واستلذاذ آكِلِه إيّاه، إِذا سَرَطَه وأَساغَه فِي حَلْقِه.
وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ سريعَ الأكْل: مِسْرَط وسُرَط وسَرَّاط.
وَقَالَ اللّيث: السَّرطان: من خَلْق المَاء، تسمِّيه الفُرْس: (عُخْ) . قَالَ: والسَّرَطان: بُرْجٌ من بُرُوج السَّمَاء، والسَّرَطان: داءٌ يَظْهَرُ بِقَوائم الدَّوَابّ.
وَقَالَ غيرُ الْخَلِيل: السَّرَطان: داءٌ يَعْرِض للْإنْسَان فِي حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يشبه الدُّبَيْلَة، انْتهى وَالله أعلم بذلك.

(بَاب السِّين والطاء مَعَ اللَّام)
س ط ل
طسل، سطل، طلس، لطس، سلط: مستعمَلَة.
طسل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: طَسَل السرَابُ: إِذا اضْطَرَبَ؛ وَقَالَ رُؤبة:
يُقَنِّعُ المَوْمَاةَ طَسْلاً طاسِلاً
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطَّيْسَل: السّراب البرّاق. وَيُقَال للماءِ الْكثير: طَسْل وطَيْسَل.

(12/232)


سطل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للطسْت: السَّيْطَل. وَقَالَ اللَّيْث: السَّيْطَل: الطُّسَيْسَةُ الصَّغِيرَة، وَيُقَال: إنَّهُ عَلَى صَنْعَة تَوْرٍ، وَله عُرْوَةٌ كعُرْوَة المِرْجَل، والسَّطْلُ مِثْلُه، قَالَ الطِّرِمَّاح:
فِي سَيْطَلٍ كُفِئَتْ لَهُ يَتَرَدَّدُ
وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحافةَ فِي الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسَى القَتَامَ الطّاسِلاَ
أَمْرَقْتُ فِيهِ ذُبْلاً ذَوَابِلا
قَالُوا: الطَّاسِلُ: المُلْبِس. وَقَالَ بَعضهم: الطاسِلُ والسّاطِل من الْغُبَار: المرتفعُ. وأيَّدَ قَوْلُ هِمْيَانَ قولَ رؤبةَ الأوَّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّيْسَلُ والطَّسْيَلُ: الطّسْت. قَالَ: وطَيْسَلَ الرجلُ: إِذا سافَرَ سَفَراً قَرِيبا وكَثُرَ مَاله. وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
تَرْفَعَ فِي كلِّ رَقاقٍ قَسْطَلا
فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمَانَ مَنْهَلاَ
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلاَ
يصف حَمِيراً وَرَدَتْ مَاء. قَالَ: والطَّيْسُ والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبِيسُ بِمَعْنى وَاحِد فِي الْكَثْرَة.
طلس: رُوِي عَن النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أَمَر بطَلْس الصُّوَر الّتي فِي الكَعْبة) .
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ بطَمْسِها. يُقال: اطْلِسِ الكتابَ، أَي: امحُه. وطَلَسْتُ الكتابَ، أَي: مَحَوْتُه. وَيُقَال للصحيفة إِذا مُحِيَت: طِلْسٌ وطِرْس؛ وأَنشَد:
وجَوْنِ خَرْقٍ يَكتَسى الطُّلُوسَا
يَقُول: كَأَنَّمَا كُسِي صُحُفاً قد مُحِيتْ مرَّةً لدُروس آثارِها. قَالَ: وَرجل أطلَسُ الثِّياب: وَسِخُها. وثيابٌ طُلْس: وَسِخة. ورجلٌ أطلَس: إِذا رُمِيَ بقبيح، وأَنشَد أَبُو عُبَيد:
ولسْتُ بأَطْلس الثَّوْبَين يُصْبِي
حَلِيلَتَه إِذا هَدَأَ النِّيامُ
لم يُرد بحليلتِه: امْرَأَته، ولكنّه أَرَادَ جارتَه الّتي تُحالُّه فِي حِلّته.
قَالَ: والطَّلْس والطَّمْس واحدٌ. والطُّلْسةُ: غُبْسة فِي غُبْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّلْسُ: كتابٌ قد مُحِيَ وَلم يُنعَم مَحوهُ فَيصير طِلْساً. وَيُقَال لِجلْد فخِذ الْبَعِير: طِلْسٌ لتَساقُط شَعرِه ووَبرِه.
قَالَ: وَإِذا محوتَ الكتابَ ليَفسُد خَطُّه قلت: طَلَسْته، فَإِذا أنعمتَ محوَه. قلت: طَرَسْتُه.
قَالَ: والطَّلَس والطَّلسة: مصدرُ الأَطْلَس من الذئاب، وَهُوَ الّذي تَساقَط شَعرُه، وَهُوَ أخبثُ مَا يكون.
وَفِي حَدِيث أبي بكر: أنّ مُوَلَّداً أطلسَ سَرَقَ فقَطَع يدَه.
قَالَ شمر: الأطلس: الأسوَد كالحَبشيّ وَنَحْوه، قَالَ لَبيد:

(12/233)


فأجازني مِنْهُ بِطِرْس ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المَنْكِبِ
أطلس: عبدٌ حَبشيٌّ أسوَد.
وَيُقَال للثوب الأسوَد الوَسِخ: أطلَس؛ وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمَّة:
بَطْلساء لَمْ تَكْمُل ذِرَاعا وَلَا شِبْرا
يَعني خرقَة وسِخة ضَمَّنها النَّار حِين اقتَدَح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأطلَس: اللِّص، يشبَّه بالذِّئب.
قَالَ: والطَّيْلسان بِفَتْح اللَّام مِنْهُ ويُكسَر وَلم أسمَع فيعِلان بِكَسْر الْعين، إنّما يكون مضموماً كالخَيْزران. والجَيْسُمان، وَلَكِن لمّا صَارَت الكسرةُ والضمّة أختَيْن واشترَكتا فِي مواضعَ كَثِيرَة دخلتْ عَلَيْهَا الكسرة مَدخَل الضمّة.
وحُكي عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: الطيلَسان لَيْسَ بعَربيّ. قَالَ: وأصلُه فارسيّ إِنَّمَا هُوَ تالشان فأُعرب. قلت: وَلم أَسمع الطيلسان بِكَسْر اللَّام لغير اللَّيث.
وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: السُّدُوسُ: الطَّيْلَسَان، هَكَذَا رَوَاهُ، ويُجمع طَيالسة.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّلْس والطَّيْلسان: الأسوَد. والطِّلْس: الذِّئب الأمْعَط، والجميع الطُلْس مِنْهَا.
لطس: سَلَمة عَن الفرّاء: المِلْطاسُ: الصَّخرةُ الْعَظِيمَة. والمُدُقُّ: المِلْطاس.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطْسُ: ضربُك الشيءَ بالشَّيْء العريض، يُقَال: لَطَسَه البعيرُ بخُفّه والملطاسُ: حَجَرٌ عريضٌ فِيهِ طُول، وربّما سُمِّي خُفُّ الْبَعِير مِلطاساً.
وَقَالَ شمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: المَلاطِيس: المَناقيرُ من حَدِيد يُنقَر بهَا الْحِجَارَة والواحدة مِلْطاس. والمِلْطاسُ: ذُو الخَلْفَين الطَّوِيل الّذي لَهُ عَنَزَة، وعَنَزتُه حدُّه الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: المِلَطس: مَا نُقِرت بِهِ الأرحاء؛ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وتَرْدى على صُمَ صِلابٍ مَلاطِسٍ
شَديدات عَقْدٍ ليّناتٍ مِتانِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِلْطَسُ: الحافرُ الشَّديد الوطيء.
وَقَالَ الفرّاء: ضربه بمِلْطاسٍ، وَهِي الصَّخْرة الْعَظِيمَة، ولطَسَ بهَا، أَي: ضَربَ بهَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: اللَّطْسُ: اللَّطْم، وَقَالَ الشّماخ: فَجعلَ أخفافَ الْإِبِل مَلاَطِسَ:
يهوِي على شَراجِعٍ عَلِيّاتْ
مَلاطِسٍ أفتَلِيات الأَخْفافِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ أنّها تَضرِب بأخفافها تَلطُس الأرضَ، أَي: تدقّها بهَا.

(12/234)


سلط: قَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (هود: 96) ، أَي: وحجّة مبيَّنة.
حدّثنا أَبُو زيد عَن عبد الجبّار عَن سُفيانَ عَن عَمْرو عَن عِكرِمة عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله: {كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 15، 16) ، قَالَ: فِي بَيَاض الفضّة، وصفاء القَوارِير. قَالَ: وكلُّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجّة.
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمّي سُلْطَانا لأنّه حجّة لله جلّ وعزّ فِي أرضه.
قَالَ: واشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط، قَالَ: والسَّلِيط مَا يُضاءُ بِهِ، وَمن هَذَا قيل للزَّيْت: السَّلِيط. قَالَ: وقولُه: {وَالاَْرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ} (الرَّحْمَن: 33) ، أَي: حيْثما كُنْتُم شاهدتمْ حُجَّةً لله وسُلطاناً يَدلّ على أنّه وَاحِد.
وَقَوله: {مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ} (الحاقة: 29) ، مَعْنَاهُ: ذهبَ عنّي حجّتي. والسُّلطانُ: الحُجّة، وَلذَلِك قيل لِلْأُمَرَاءِ: سَلاطِين، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج والحُقُوق.
قَالَ: وقولُه: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عليهمْ من حجّة، كَمَا قَالَ: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (الْحجر: 42) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم من حجّة يضلُّهم بهَا إلاَّ أنّا سلّطناه عَلَيْهِم {سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) .
وَقَالَ ابْن السّكّيت: السُّلْطَان مؤنَّثة، يُقَال: قَضَتْ بِهِ عَلَيْهِ السُّلْطان، وَقد آمَنَتْه السّلطان.
قلت: وربّما ذُكِّر السُّلْطَان لأنّ لفظَه مذكَّر، قَالَ الله تَعَالَى: {مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ} (إِبْرَاهِيم: 10) ، قَالَ أَبُو بكر: فِي السّلطان قَولَانِ: أحدُهما: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لتسليطه. وَالْقَوْل الآخر: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج الله.
قَالَ الفرّاء: السُّلطان عِنْد الْعَرَب: الحُجّة، ويذكَّر ويؤنَّث، فَمن ذكّر السُّلْطَان ذهب بِهِ إِلَى معنى الرَّجُل، ومَن أنّثه ذَهبَ بِهِ إِلَى معنى الحجّة.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ يزِيد: من ذكّر السُّلْطَان ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الْوَاحِد، وَمن أَنَّثه ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الجَمع.
قَالَ: وَهُوَ جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ وسُلْطان، قَالَ: وَلم يَقلْ هَذَا غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السّلطان: قدرةُ المَلِك، مثل قَفِيز وقُفْزان، وبَعيرٍ وبُعْران، وقُدرةُ من جُعِل ذَلِك لَهُ وَإِن لم يكن مَلِكاً، كَقَوْلِك: قد جعلت لَهُ سُلطاناً على أَخذ حَقِّي من فلَان. والنُّون فِي السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائِهِ من التَّسليط.

(12/235)


وَقَالَ ابنُ دُرَيد: سلطانُ كلِّ شَيْء: حِدّتُه وسَطْوَته؛ من اللِّسان السليطِ الحديدِ.
قلت: والسَّلاطةُ بِمَعْنى الحِدّة، وَقَالَ الشَّاعِر يصف نِصالاً مُحَدَّدة:
سلاطٌ حِدَادٌ أرهقَتْها المَواقِعُ
وَإِذا قَالُوا: امرأةٌ سَليطةُ اللِّسان، فَلهُ معنَيان: أحدُهما: أنّها حَدِيدَة اللِّسان، وَالثَّانِي: أَنَّهَا طويلةُ اللِّسَان.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السُّلُط: القوائمُ الطِّوال.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: إِذا كَانَ الدّابة وقاحَ الْحَافِر، والبعيرُ وقاحَ الخُفّ، قيل: إِنَّه لسَلْطُ الْحَافِر، وَقد سَلِط يسَلَط سَلاطةً، كَمَا يُقَال: لِسانٌ سَلِيط وسَلِط.
سَلْطِيط: جَاءَ فِي شعر أميّةَ بِمَعْنى المُسَلَّط، وَلَا أَدرِي مَا حَقِيقَته.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلاطة: مَصدرُ السليط من الرِّجَال والسليطةِ من النّساء، وَالْفِعْل سلُطَت وَذَلِكَ إِذا طَال لسانها واشتدّ صَخْبُها.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السليط عِنْد عامّة الْعَرَب: الزَّيْت، وَعند أهلِ اليَمن: دُهْنُ السِّمْسِم، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أهان السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المفَتَّلِ

س ط ن
سنط، سطن، نطس، طنس، نسط، (طسن) .
طنس ونسط: أهمله اللَّيْث
روى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّنَسُ: الظُّلْمة الشَّدِيدَة.
قَالَ: النُّسُط: الَّذين يستخرجون أَوْلَاد النُّوق إِذا تَعسَّر وِلادُها.
قلت: النُّون فِي هذَيْن الحرفين مبدَلةٌ من الْمِيم؛ فالطّنْس أصلُه الطّمْس والطَّلْس، والنَّسْط مِثل المَسْط سَوَاء، وسنَقِفُ عَلَيْهَا فِي بَابهَا.
(نطس) : وَأما نَطَس فقد رُوِي عَن عمرَ أنّه خرج من الخَلاء فَدَعَا بِطَعَام، فَقيل لَهُ: ألاَ تتوضّأ؟ فَقَالَ: لَوْلَا التنطُّس لما بالَيْتُ أَن لَا أَغسِل يَدي.
قَالَ أَبُو عُبَيد: سُئِلَ ابْن عُلَيَّة عَن التّنطُّس فَقَالَ: هُوَ التّقذُّر. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ المبالَغة فِي الطَّهور، وَكَذَلِكَ كلّ من أدقّ النظَر فِي الْأُمُور، واستقصَى عَلَيْهَا فَهُوَ متنطِّس؛ وَمِنْه قيل للطبيب: نِطَاسِيّ ونطِّيس، وَذَلِكَ لدقة نظرِه فِي الطبّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نَحوه، وَأنْشد أَحدهمَا للبَعيث يصف شَجَّةً:
إِذا قاسها الآسي النِّطاسيُّ أدبَرَتْ
غَثِيثَتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها

(12/236)


وَقَالَ رُؤْبة:
وَقد أكون مرّة نَطِيسَاً
طَبَّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسَا
قَالَ: والنِّقْرِيس: قريب الْمَعْنى من النِّطِّيس، وَهُوَ الفَطن للأمور العالِمُ بهَا.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عَمرو: امرأةٌ نطسة: إِذا كَانَت تنطِّسُ من الفُحْش، أَي: تَقَزَّز. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لشديد التنطس، أَي: التَقزَّز. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتنطِّس والمتطرِّس: المتنوِّق الْمُخْتَار. قَالَ: والنُّطس: المتَقَزِّزون. والنطس: الْأَطِبَّاء الحُذَّاق. وَقَالَ اللَّيْث: النِّطاسيّ والنِّطِّيس: العالِم بالطبّ، وَهِي بالروميّة النِّسْطاس، يُقَال: مَا أَنْطَسَه. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّطس: الْمُبَالغَة فِي الطَّهارة. والنَّدس: الفطْنة والكيس.
سنط: قَالَ اللَّيْث: السَّناط: الكَوْسَجُ من الرِّجَال، وفعلُه سَنُط، وَكَذَلِكَ عَامَّة مَا جَاءَ على بناءِ فِعال، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ على بِنَاء الْمَجْهُول ثَلَاثًا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السنُط: الخفيفو العوارِض وَلم يَبلُغوا حَال الكواسج.
وَقَالَ غَيره: الْوَاحِد سنوط.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ سُناط وسِناط: لَا شَعْر فِي وَجهه قَالَ: والسِّنْطُ المَفْصل بَين الكَفِّ والساعد. وعُبيد سنوط: اسْم رجل مَعْرُوف.
سطن: قَالَ اللَّيْث: الأسطُوانة مَعْرُوفَة. وَيُقَال للرجل الطويلِ الرِّجْلين والظَّهْر: أُسْطوانة قَالَ: وَنون الأسْطُوانة من أصل بناءِ الْكَلِمَة، وَهُوَ على تَقْدِير أُفعُوالة؛ وَبَيَان ذَلِك أنّهم يَقُولُونَ: أساطِينُ مسطَّنة.
وَقَالَ الفرّاء: النُّون فِي الأسطُوانة أصليّة. قَالَ: وَلَا نظيرَ لهَذِهِ الْكَلِمَة فِي كَلَامهم. وَيُقَال للرجل الطَّوِيل الرجْلين، وللدَابةِ الطَّوِيلَة القوائم مُسطَّن، وقوائِمُهُ أساطينُه.
وَقَالَ ابْن دُريد: جَمَلٌ أسْطُوانة: إِذا كَانَ طويلَ العُنُق، وَمِنْه الأسطوانة ورَوَى ابْن هانىء عَن أبي مَالك: الساطُن الْخَبيث، وَلم يَعرفه أَصْحَابنَا.
وروى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأَسَطان: آنِية الصُّفْر.
قلت: لَا أَحسب الأُسطُوان مُعَرَّباً، والفُرس تَقول: أُستُون.
طسن: قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَت الْعَامَّة فِي جمع طس وحم: طواسين، وحواميمُ، وَالصَّوَاب ذَوَات طس وَذَوَات حم وَذَوَات ألم وَمَا أشبه ذَلِك، وَأنْشد بيتَ الكُمَيت:
وجدْنا لكمْ فِي آل حَامِيم آيَة
تأوَّلها مِنَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ

(12/237)


س ط ف
فطس، طفس، سفط، فسط: (مستعملة) .
فطس: قَالَ اللَّيْث: الفَطسُ: حبُّ الآس، والواحدةُ فطسة. والفَطسُ: انخفاضُ قَصَبة الْأنف. وَيُقَال لخَطْم الخِنزير: فطسة. ورجلٌ أفطس وامرأةٌ فطسَاء، وَقد فَطس فَطساً.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: الفِطِّيس: المطرقةُ الْعَظِيمَة. وأَخبرني المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: هِيَ الشَّفَة من الْإِنْسَان، وَمن الخُف المِشفَر، وَمن السبَاع الخَطْمُ والخرطوم، وَمن الْخِنْزِير الفِنْطيسة، وَهَكَذَا رَوَاهُ على فِنْعيلة وَالنُّون زَائِدَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: فَطس يَفْطس فُطوساً: إِذا مَاتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَطسَ وفَقَس: إِذا مَاتَ من غير داءٍ ظَاهر.
طفس: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: طفَس وفَطس: إِذا مَاتَ، فَهُوَ طافِس وفاطس.
وَقَالَ غَيره: الطَّفَسُ: قذَر الْإِنْسَان إِذا لم يعْهَد نَفسه بالتنظيف، يُقَال: فلَان نجسٌ طفسٌ: قَذِرٌ.
فسط: قَالَ اللَّيْث: الفسيط: غِلاف مَا بَين القَمِح والنَّواة وَهُوَ التُّفْروق، والواحدة فسيطة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَسيط مَا يقلَّم من الظُّفُر إِذا طَال، وَأنْشد:
كأنّ ابْن مُزْنتها جانحاً
فَسيطٌ لَدَى الأُفق من خنْصرِ
أَرَادَ بِابْن مزنتها هِلالاً أهلّ بَين السَّحَاب فِي الأُفق الغربيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفسْطَاط: ضرب من الْأَبْنِيَة. والفسطاط أَيْضا؛ مُجْتَمع أهل الكورة حوالَي مَسْجِد جَمَاعَتهمْ. يُقَال: هَؤُلَاءِ أهلُ الْفسْطَاط.
وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يدَ الله على الْفسْطَاط) يُرِيد الْمَدِينَة الَّتِي فِيهَا مجتَمع النَّاس، وكل مَدِينَة فُسطاط، وَمِنْه قيل لمدينة مِصْرَ الَّتِي بناها عَمْرو بنُ الْعَاصِ: الفُسطاط.
ورُوِي عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي العَبْدِ الآبِق: إِذا أُخِذ فِي الفُسْطاط فَفِيهِ عشرةُ دَرَاهِم، وَإِذا أُخِذ خارجَ الفُسطاط فَفِيهِ أَرْبَعُونَ.
قلت: وللعَرَب لغاتٌ فِي الفُسطاط، يُقَال: فُسْطَاط وفِسْطاط، وفُسّاط وفِسّاط، وفُسْتَاط وفِسْتَاط، وَيجمع فَساطيط وفساتِيط.
سفط: السَّفَط: الّذي يعبَّأ فِيهِ الطِّيب وَمَا أشبَهه من أدوات النِّسَاء، ويُجمع أسفاطاً.

(12/238)


وَرُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه يُقَال: سَفَّطَ فلانٌ حوضَه تَسْفيطاً: إِذا شَرّفه ولاطَه، وأَنشَد:
حَتَّى رَأَيْت الحَوْضَ ذُو قَدْ سُفِّطَا
قَفْراً من المَاء هَواءً أَمْرَطَا
ذُو بِمَعْنى الّذي، لُغَة طَيء. وَأَرَادَ بالهواء: الفارغَ من المَاء.
ابْن السكّيت عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه لسَفِيط النّفْس، وسخيُّ النَّفس، ومَذْلُ النّفس: إِذا كَانَ هَشّاً إِلَى الْمَعْرُوف جَواداً. وَأنْشد:
حَزَنْبَلِ يَأْتِيك بالْبَطِيطِ
لَيْسَ بذِي حَزْمٍ وَلَا سَفِيطِ
وَقَالَ اللَّيْث: السفِيط: السخيّ. وَقد سَفُط سَفاطةً.
قَالَ: والسفَط مَعْرُوف.
س ط ب
سبط، سطب، بسط، بطس، طبس، طسب: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: سطب، وطبس، وبطس.
سطب: ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: المساطِب: سنادِينُ الحدّادين.
قَالَ: والمطَاسِب: المِياه السُّدْم، الْوَاحِدَة سَدُوم.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ المَسْطبة، وَهِي المَجَرّة، وَيُقَال للدّكّان يَقعُد الناسُ عَلَيْهِ: مَسْطَبة؛ سمعْتُ ذَلِك من الْعَرَب.
بطس: قَالَ الفرّاء: بِطْياسُ: اسمُ مَوضِع على بِنَاءٍ الجِرْيال والكِرْياس. قَالَ: وكأنّه أعجَميّ.
طبس: قَالَ اللَّيْث: التَّطبِيس: التّطبين.
قَالَ: والطَّبَسَان: كورتان من كُوَر خُراسان.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّبْسُ: الأسوَد من كلّ شَيْء، والطِّبْسُ: الذِّئب.
سبط: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (الْأَعْرَاف: 160) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أحمدَ بن يحيى قَالَ: قَالَ الأخفشُ فِي قَوْله: {اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} فأنَّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ اثنتَيْ عشرةَ فِرْقةً، ثمَّ أخبر أَن الفِرَق أسباطٌ: وَلم يَجْعَل الْعدَد وَاقعا على الأسْبَاط.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هَذَا غَلَط، لَا يخرج العَدَد على غير الثَّانِي، وَلَكِن الفِرَق قبل ثِنْتَيْ عشرَة حَتَّى تكون اثْنَتَيْ عشرَة مؤنّثة على مَا قبلهَا؛ كَأَنَّهُ قَالَ: قَطعناهم فِرَقاً اثْنَتَيْ عشرَة، فيصحّ التَّأْنِيث لما تقدّم.
قَالَ قُطرُب: واحدُ الأسْباط سِبْط.
يُقَال: هَذِه سِبْط، وَهَذَا سِبْط، وَهَؤُلَاء سِبْط، جَمْع، وَهِي الفِرقة.
وَقَالَ الفرَّاء: لَو قَالَ اثنَيْ عشَرَ سِبْطاً لتذكير السِّبط كَانَ جَائِزا.

(12/239)


وَقَالَ ابْن السكّيت: السِّبط: ذَكر، ولكنّ النيّة وَالله أعلم ذهبتْ إِلَى الأُمَم.
وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى: وقطّعناهم اثْنَتَيْ عشرةَ فِرْقةَ {أَسْبَاطًا} من نعتِ فِرْقة، كأَنه قَالَ: جعلناهم أسباطاً، فَيكون {أسباطاً بَدَلا من اثْنَتَيْ عشرةَ، وَهُوَ الْوَجْه.
وَقَوله: أُمَمًا} من نعت {أَسْبَاطًا} .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: الأسباطُ: القبائلُ.
قَالَ: والحَسن والحُسين سِبْطا النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: هما طَائِفَتَانِ مِنْهُ؛ قطعتان مِنْهُ.
وَقَالَ الزَّجّاج: قَالَ بَعضهم: السِّبْطُ: القَرْن الَّذِي يَجِيء بعد قَرْن.
قَالَ: وَالصَّحِيح أنّ الأسباط فِي ولد إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام بِمَنْزِلَة الْقَبَائِل فِي ولدِ إِسْمَاعِيل.
فولد كلِّ ولد من أَوْلَاد يعقوبَ سِبْط، وولدُ كلِّ ولدٍ من أَوْلَاد إِسْمَاعِيل قَبيلَة، وَإِنَّمَا سُمُّوا هَؤُلَاءِ بالأسباط، وَهَؤُلَاء بالقبائل ليُفْصل بَين ولد إسماعيلَ وَولد إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَالَ: وَمعنى: ولد إِسْمَاعِيل فِي الْقَبِيلَة معنى الْجَمَاعَة.
يُقَال لكلِّ جمَاعَة من أبٍ وَاحِد: قَبيلَة.
قَالَ: وَأما الأسباط فمشتقٌّ من السَّبَط، والسَّبَطُ: ضَربٌ من الشّجر ترعاه الْإِبِل.
يُقال: الشجرةُ لَهَا قبائل، وَكَذَلِكَ الأسباط من السَّبَط، كأَنّه جعل إِسْحَاق بِمَنْزِلَة شَجَرَة، وَجعل إِسْمَاعِيل بِمَنْزِلَة شجرةٍ أُخْرَى.
وَكَذَلِكَ يفعل النَّسَّابون فِي النّسَب، يجْعَلُونَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة الشَّجَرَة، والأولادَ بِمَنْزِلَة أَغْصَانهَا.
فَيُقَال: طوبَى لفَرْع فلَان، وفلانٌ من شَجَرَة مباركة، فَهَذَا وَالله أعلم معنى الأسباط والسِّبْط.
وَقَالَ اللَّيْث: السّبَط: نباتٌ كالثِّيل، إلاّ أَنه يطول وينبُت فِي الرِّمال، الْوَاحِدَة سَبَطة وتُجْمع على الأسباط.
قَالَ: والساباط: سَقيفةٌ بَين دارَيْن من تحتهَا طريقٌ نَافِذ.
والسّبِطُ: الشَّعرُ الَّذِي لَا جُعُودَةَ فِيهِ.
ولغةُ أهلِ الْحجاز: رجلٌ سَبِط الشَّعرِ، وامرأةٌ سَبِطة، وَقد سَبُط شعرُه سُبُوطةً.
وَيُقَال للرّجل الطَّوِيل الْأَصَابِع: إِنَّه لسَبْط الْأَصَابِع، وَإِذا كَانَ سَمْحَ الكفّين.
قيل: إِنَّه لسَبْط اليَدَين والكفّين، وَقَالَ حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ لَوْ أَبْصَرْتَهُ
سَبِطِ الكَفَّيْن فِي اليَوْمِ الخَصِرْ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رجلٌ سَبِط الجِسم بيّن السَّباطة، وَهُوَ طُولُ الأَلْوَاح

(12/240)


واستواؤُها مِن قومٍ سِباط. وَرجل سَبْطٌ بِالْمَعْرُوفِ: إِذا كَانَ سَهْلاً.
وَقَالَ شمر: مَطرٌ سَبْط وسَبِط، أَي: متدارِكٌ سَحٌّ، وسَبَاطتُه سَعتُه وكثرتُه، وَقَالَ القُطاميّ:
صافَتْ تَعَمَّجُ أعرافُ السُّيولِ بِه
من باكِرٍ سَبِطٍ أَو رائحٍ يَبِلِ
يُرِيد بالسَّبِط: المطرَ الواسعَ الْكثير.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي مَا مَعْنَى السِّبْط فِي كَلَام الْعَرَب؟ فَقَالَ: السِّبْط والسِّبْطان والأَسْباط: خاصّة الْأَوْلَاد، أَو المُصَاص مِنْهُم.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَضرِب اليتيمَ يكونُ فِي حِجْرِها حَتَّى يُسْبِط، معنى يُسبِط، أَي: يمتدّ على وَجْه الأَرْض سَاقِطا.
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ أنّه قَالَ: أسبط الرجلُ إسباطاً: إِذا امتدّ وانبَسَط على الأَرْض من الضَّرْب، وَأنْشد غَيره:
قد لبِثَتْ من لَذّة الخِلاَط
قد أَسبَطتْ وأيُّما إسْباطِ
يَعْنِي امْرَأَة أُتِيتْ، فلمّا ذاقت العُسَيلةَ مدّت نَفْسَها على الأَرْض.
وَفِي حَدِيث النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه أَتَى سُباطَة قومٍ فبالَ ثمَّ توضّأ ومَسَح على خُفّيه) . قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السُّباطة: نحوٌ من الكُناسة. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للنّاقة إِذا ألقَتْ ولدَها قبل أَن يستبينَ خَلْقُه: قَدْ سَبَّطَت وغَضَّنَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سبّطت الناقةُ بوَلَدها وسبّغَتْ: إِذا ألقَتْه وَقد نَبَتَ وبَره قبل التَّمام.
وَقَالَ اللّيث: سُباط: اسمُ شهرٍ تسمّيه أهلُ الرّوم شَبَاط، وَهُوَ فِي فصل الشّتاء، وَفِيه يكون تَمامُ اليومِ الّذي تَدُور كُسورُه فِي السِّنين، فَإِذا تمّ ذَلِك اليومُ فِي ذَلِك الشهرِ سَمَّى أهلُ الشأم تِلْكَ السّنة عامَ الكَبِيس، وهم يتيمّنُون بِهِ إِذا وُلِدَ فِيهَا مولودٌ أَو قَدِم قادم من بَلَد. وسَباطٍ: اسمٌ للحمّى مبنيّ على الْكسر، ذكَره الهذَلي فِي شعرِه. قَالَ: والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاءُ مَضروبةٌ بالعَقَب يرْمى فِيهَا سهامٌ صغارٌ، تنفخ فِيهَا نَفْخاً فَلَا تكَاد تُخطىء.
بسط: قَالَ اللّيث: البَسْطُ: نَقِيضُ القَبْض. والبَسِيطةُ من الأَرْض كالبِساط من الثِّياب، والجميع البُسُط. والبَسْطة: الْفَضِيلَة، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (الْبَقَرَة: 247) ، وَقَالَ الزجّاج: أعلَمهم الله أنّه اصطفاه عَلَيْهِم، وزادَه فِي العِلْم والجِسم بَسْطةً، وأَعلَمَ أَن العِلم الّذي بِهِ يجب أَن يَقع الاختيارُ لَا المالَ، وَأعلم أَن الزّيادة فِي الْجِسْم مِمَّا يهَيَّبُ بِهِ العدوُّ، فالبَسْطة: الزِّيادة.

(12/241)


وَقَالَ اللّيث: البَسِيط: الرجل المنبسط اللِّسَان وَالْمَرْأَة بسيطة، وَقد بَسُط بَساطةً.
والبَصْطة بالصَّاد لغةٌ فِي البَسْطة. وَيُقَال: بسطَ فلَان يدَه بِمَا يُحبّ ويَكرَه. وَيُقَال: إِنَّه ليَبْسُطني مَا بَسَطك، ويَقبِضُني مَا قبَضك، أَي يسرّني مَا سَرَّك، ويسوءُني مَا ساءَك.
ورَوَى شُعْبَة عَن الحكم قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله: (بل يَدَاهُ بسطان) (الْمَائِدَة: 64) ، قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: معنى: (بُسْطان) : مَبْسُوطتان. قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مكتوبٌ فِي الحِكمة: لِيكنْ وجهُك بُسْطاً تكن أحبَّ إِلَى النَّاس ممّن يُعطيهم الْعَطاء. قَالَ: وبِسْطٌ وبُسْط بِمَعْنى مبسوطتين.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَتَب لوَفْد كلْب كتابا فِيهِ: فِي الهَمُولة الراعية البِسَاط الظؤار فِي كلّ خمسين من الْإِبِل ناقةٌ غير ذَات عَوَارٍ) . الهَمُولةُ: الإبلُ الراعية. والحمولة: الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، والبُساط: جمع بِسْط، وَهِي النَّاقة الَّتِي تُرِكت وولدُها لَا يمنَع مِنْهَا، أَو لَا تعطف على غَيره، وَهِي عِنْدَ الْعَرَب بِسْط وبَسوط، وجمعُ بِسْط بُساط، وَجمع بَسوط بُسُط، هَكَذَا حفظتُه عَن الْعَرَب، وَقَالَ أَبُو النّجم:
يَدفَع عَنْهَا الجوعَ كلَّ مَدفِع
خَمْسُونَ بُسْطاً فِي خَلايَا أَربَع
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنشَدَه للمرار الْأَسدي يصف إبِلا:
مَتابِيعُ بُسْط مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ
كَمَا رَجعتْ فِي لَيلِها أُمُّ حائلِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بُسْطٌ: بُسطِتْ على أولادِها لَا تنقبض عَنْهَا. مُتْئِمات: مَعهَا حُوار وَابْن مَخاض، كَأَنَّهَا وَلدتْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ من كَثْرَة نَسْلِها. رَواجِع: تَربِع إِلَى أَوْلَادهَا وتَنزِع إِلَيْهَا.
قلت: بَسُوط: فَعُول بِمَعْنى مفعولة، كَمَا يُقَال: حَلوب ورَكوب للَّتِي تُحْلَب وتركَب. وبِسْط: بِمَعْنى مبسوطة، كالطِّحن بِمَعْنى المطحون، والقِطْف بِمَعْنى المَقْطوف.
أَبُو عُبَيد: البَساط: الأَرْض العريضة الواسعة.
وسمعتُ غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: بَيْننَا وَبَين المَاء مِيلٌ بِسَاط، أَي: مِيلٌ مَتّاح.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ودَوِّ ككفّ المشترِي غيرَ أَنه
بَساطٌ لأخفاف المَراسِيلِ واسعُ
وَقَالَ الفرّاء: أرضٌ بَسَاط وبِساط: مستويةٌ لَا نَبَك فِيهَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التبسُّط: التنزُّه يُقَال: خرج يَتَبَسَّط، مَأْخُوذ من البَساط، وَهِي الأَرْض

(12/242)


ذَات الرَّياحين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَسَاط والبَسيطة: الأرضُ العريضة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فرَش لي فلَان فِراشاً لَا يَبسُطُني: إِذا ضَاقَ عَنهُ، وَهَذَا فِراشٌ يَبسُطني: إِذا كَانَ سابغاً.
ابْن السكّيت: سِرْنا عَقَبةً جواداً، وعَقَبةً باسطةً، وَعقبَة حَجُوفاً، أَي: بعيدةَ طَوِيلَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَفَر الرجلُ قامةً باسطةً: إِذا حَفَرَ مَدَى قامتِه وَقد مدَّ يَدَه.
وَقَالَ غَيره: الباسُوط من الأقتاب ضدّ المفروق.
وَيُقَال أَيْضا: قَتَبٌ مَبْسُوط، ويُجمع مَباسيط، كَمَا يُجمع المفروق مَفاريق.
س ط م
سمط، سطم، طمس، طسم، مسط، مطس.
سمط: من أَمْثَال الْعَرَب السائرة قَوْلهم للرجل يُجِيزون حُكْمَه: حكمُك مسمَّطاً.
قَالَ المبرّد: هُوَ على مَذْهَب (لَك حُكمُك مسمَّطاً) أَي: متمَّماً إِلَّا أَنهم يحذفون مِنْهُ (لَك) .
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للرجل: حكمك مسمّطاً. قَالَ: مَعْنَاهُ: مُرسَلاً، يُعْنى بِهِ جَائِز.
قَالَ: وَيُقَال: سَمَّط غَرِيمَه، أَي: أَرسَله.
قَالَ: وَيُقَال سَمَطْتُ الرجلَ يَمِينا على حَقِّي، أَي: استحْلفْتُه. وَقد سَمَط على الْيَمين يَسمُط، أَي: حلف.
قَالَ: وَيُقَال: سَبَط فلانٌ على ذَلِك الْأَمر يَمِينا، وسمَط عَلَيْهِ يَمِينا بِالْبَاء وَالْمِيم، أَي: حَلَف عَلَيْهِ. وَقد سَمَطْتُ يَا رجلُ على أَمر أَنْت فِيهِ فاجِرٌ، وَذَلِكَ إِذا وَكَّد الْيَمين وأحْلطها.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: إِذا كَانَت النَّعلُ غيرَ مَخْصُوفة قلت نَعْلٌ أسماط. وَيُقَال: سَراويلُ أَسْماط، أَي: غيرُ محشوّة. وَيُقَال: نَعْلٌ سَمِيط: لَا رُقْعةَ لَهَا.
وَقَالَ الأسوَد:
فأَبلِغ بني سَعدِ بن عجلٍ بأَنّنا
حَذَوْناهُم نعلَ المِثالِ سَمِيطَا
وَقَالَ شمر فِيمَا أفادني عَن الإياديّ: نَعلٌ سُمْط وسُمُط.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السِّمْط: الثّوبُ الَّذِي لَيست لَهُ بِطانةُ طَيْلَسان، أَو مَا كَانَ من قُطن، وَلَا يُقَال: كِساءٌ سِمْط، وَلَا مِلْحفةُ سِمْط، لِأَنَّهَا لَا تُبطَّن.
قلت: أَرَادَ بالمِلْحَفة إزارَ اللّيل، تُسمّيه الْعَرَب اللِّحافَ والمِلْحفة: إِذا كَانَ طاقاً وَاحِدًا.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السِّمط: الخَيْط الْوَاحِد والسِّمْطان اثْنَان، يُقَال: رأيتُ فِي يدِ فلانَة سِمْطاً، أَي: نَظْماً وَاحِدًا يُقَال لَهُ

(12/243)


يَكْ سَنْ، فَإِذا كَانَت القِلادة ذاتَ نَظْمَين فَهِيَ ذاتُ سِمْطَين، وأَنشَد:
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ وزَبَرْجَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّعرُ المسمَّط الَّذِي يكون فِي صَدْرِ الْبَيْت أَبْيَات مشطورة أَو مَنْهوكة مقفّاة تجمعُها قافيةٌ مخالِفةٌ لازمةٌ للقصيدة حَتَّى تَنْقضي.
قَالَ: وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس قصيدتين على هَذَا المثالِ يُسمَّيان السِّمْطَين، فصدرُ كلِّ قصيدة مصراعان فِي بيتٍ، ثمّ سائره ذُو سُموط، فَقَالَ فِي إِحْدَاهمَا:
ومُسْتلئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمح ذَيْلَهُ
أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذِي سفاسِقَ مَيْلَهُ
فَجَعْتُ بِهِ مُلتقَى الْخَيْلِ خَيْلَهُ
تركتُ عِثَّاقَ الطير يخجَلْن حَوْلَه
كأنّ على سِرْبالِهِ نَضْحَ جِرْيالِ
وناقةٌ سُمُط وأَسماط: لَا وَسم عَلَيْهَا، كَمَا يُقَال: ناقةٌ غُفْل.
وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً وصيَّاداً وكِلابه فَقَالَ:
عايَنَ سِمْطَ قَفْرةٍ مُهَفْهَفا
وسَرْمَطِيّاتٍ يُجِبْن السُّوَّفَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بخَطه: فلَان سِمْط قَفْره، أَي: واحدُها لَيْسَ فِيهَا أحدٌ غَيره.
قَالَ: والسَّرْمطيّات: كلابٌ طِوالُ الأشرق والألحى. والسُّوف: الصيادون، يَعْنِي أنّهن يجئن الصيادين إِذا صَفّروا بهنّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: المَحْصن من اللَّبَن: مَا لم يُخالِطْه ماءٌ حلواً كَانَ أَو حامضاً فَإِذا ذهبتْ عَنهُ حَلاوة الحَلَب وَلم يتغيّر طعمُه فَهُوَ سامِط، فَإِن أَخَذَ شَيْئا من الرِّيح فَهُوَ حَامط.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ أَبُو زيد: الخميط: اللحمُ المشويُّ، يَعْنِي إِذا سُلِخ ثمَّ شُوِي.
وَقَالَ غَيره: إِذا مُرِط عَنهُ صوفه ثمَّ شوِي بإهابه فَهُوَ سميط: وَقد سمط الحَمل يسمطه سمطاً فَهُوَ مسموط وسميط.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السامِط: السَّاكِت. والسَّمْط، السُّكُوت عَن الفضول. وَيُقَال: سَمَط وسَمّط وأَسْمَط: إِذا سكت.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّمط من الرِّجَال: الخفيفُ فِي جِسْمه، الداهيةُ فِي أمرِه، وأكثرُ مَا يوصَف بِهِ الصَّيّاد؛ وَأنْشد لرؤبة:
سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعَابِلاَ
قَالَ أَبُو عَمْرو: يَعْنِي الصَّائد كأنّه نظامٌ منْ خِفّته وهُزَاله. والزَّعابِل: الصِّغار.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَعْجَةٌ مَنْصوبة: إِذا كَانَت مَسْمُوطةٌ محلوقَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: يُقال للآجُرّ القائِم بعضُه فوقَ بعض عِنْدهم: السُّمَيْط، وَهُوَ الَّذِي يسمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ براسْتَق.

(12/244)


وَيُقَال: قَامَ القومُ حولَه سِماطَيْن، أَي: صَفّين، وكلّ صَفّ من الرِّجَال سِماط. وسُمُوطُ العِمامة: مَا أُفضِل مِنْهَا على الصَّدر والأكتاف.
سطم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِسَدادِ القِنِّينَة: الفِدَامُ. والسِّطامُ والعِفاص والصّماد والصِّبَار.
وَفِي حَدِيث النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من قضيتُ لَهُ بشيءٍ من حقِّ أَخِيه فَلَا يأخُذَنَّه، فَإِنَّمَا أقْطَعَ لَهُ إسطاماً من النَّار) . أَرَادَ بالإسْطام: القطعةَ مِنْهَا. وَيُقَال للحديدة الَّتِي تحرث بهَا النَّار: سِطامٌ وإسطام، إِذا فُطِحَ طرفها. وَقد صحّت هَذِه اللَّفْظَة فِي هَذِه السُّنّة وَلَا أَدْرِي أعربيّة مَحْضَة أَو مُعَرَّبة.
وَفِي حَدِيث آخر: (العَرَبُ سِطام النَّاس) ، أَي: حدّهم. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: السَّطْم والسِّطام: حدُّ السَّيف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّطُم: الْأُصُول. وَيُقَال لِلدَّرَوَنْد: سِطام. وَقد سَطَّمْتُ البابَ وَسَدَمْتُه: إِذا ردمتَه فَهُوَ مَسطُوم ومَسْدوم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلانٌ فِي أسْطُمَّة قومِه: إِذا كَانَ وَسِيطاً فيهم مُصاصاً. قَالَ: وأُسطُمَّة الْبَحْر: وَسطُه. وَقَالَ رُؤْبَة:
وَسَطْتُ من حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا
ورُوِي الأطسُمّا سمعناه.
مسط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المَسْطُ أَنْ يُدْخِلَ الرّجُل يدَه فِي رَحِم النّاقة فيَستخرج وَتْرَهَا، وَهُوَ ماءُ الْفَحْل يجْتَمع فِي رَحِمها، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَ ضِرابُهَا ولَمْ تَلْقَح.
وَقَالَ اللّيثُ: إِذا نَزَا على الفَرَس الْكَرِيمَة حِصَانٌ لئيمٌ أَدخَل صاحبُهَا يَدَه فَخَرط مَاءَهُ من رَحِمها، يُقَال: مَسَطَهَا وَمَصَتها ومَساها. قَالَ: وَكَأَنَّهُم عاقَبوا بينَ التّاء والطاء فِي المَصْت والمَسْط. قَالَ: والْمَسْطُ: خَرْطُ مَا فِي المِعَى بالإصبَع لإِخْرَاج مَا فِيهِ، يُقَال: مَسَطَ يَمسُطُ. قَالَ: والماسِطُ: ضَرْبٌ من شجر الصَّيف إِذا رَعَتْه الْإِبِل مَسَطَ بُطونها فَخَرطَها، وَقَالَ جرير:
يَا ثَلْطَ حَامِضَةٍ تربَّع ماسِطا
من وَاسِطٍ وتَرَبَّعَ الُقُلاَّما
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَحْل مَسِيط ومَلِيخ ودَهِين: إِذا لم يُلْقِح. وَقيل: ماسِط: ماءٌ مِلْح إِذا شَرِبته الْإِبِل مَسَطَ بطونَها، وروى الْبَيْت:
... ... ... ... . . تَرَوَّحَ أهلُها
عَن ماسِطٍ وتَنَدَّتِ القُلاَّما
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كنتُ أَمشي مَعَ أعرابيّ فِي الطِّين، فَقَالَ: هَذَا المَسِيط، يَعْنِي الطِّين.

(12/245)


وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّغِيطُ: الرَّكيّة يكون إِلَى جَانبهَا ركيّة أُخْرَى فَتُحْمَأ، وتَنْدَفِن فيُنْتِن مَاؤُهَا ويسيل مَاؤُهَا إِلَى العَذْبة فيُفسِدُها فَتلك الضَّغِيط والْمَسِيط، وَأنْشد:
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغِيط
وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْمَسيطَةُ: الماءُ الَّذِي يَجري بَين الحوضِ والبئر فيُنْتِن، وأنشَد:
ولاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائِط
يَمُدُّهَا من رِجْرِجٍ مَسَائِطُ
ابْن السكّيت قَالَ أَبُو الغَمْر: إِذا سَالَ الْوَادي بسَيْل صَغِير فَهِيَ مَسيطة، وأصغَرَ من ذَلِك مُسَيِّطَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصْمَعِي: الْمَسِيطَة: الماءُ الكَدِر الَّذِي يَبقَى فِي الْحَوْض، والْمَطِيطة نحوٌ مِنْهَا.
طمس: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَمَسَ الطَّرِيقُ وطَسَم: إِذا دَرَسَ.
وَقَالَ شمر: طموسُ البَصَر: ذَهابُ نُورِه وضَوئِه، وَكَذَلِكَ طُموسُ الكَواكب: ذَهاب ضوئها. وَيُقَال: طَمَسَ الرجلُ يطمس: إِذا تبَاعد. والطامس: البَعيد، وَقَالَ ذُو الرّمة:
وَلَا تحسِبي شَجِّي بك البِيدَ كلَّما
تَلألأ بالفَوْر النّجُوم الطّوامسُ
وَهِي الّتي تَخفَى وتَغيب. وَيُقَال: طمَسْتُه فطمَس؛ وَيُقَال: طَمَس الله على بصَرِه يطمس. وطمَسَ طُمُوساً: إِذا ذَهَب بَصَرُه. وطُموسُ القَلْب: فسادُه، قَالَ الله جلّ وعزّ: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} (يس: 66) ، يَقُول: لَو نشَاء لأَعْميناهم، وَيكون الطُّموس بِمَنْزِلَة المَسْخ للشَّيْء، قَالَ الله جلّ وعزّ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} (يُونُس: 88) ، قَالُوا: صَارَت حِجَارَة، وَكَذَلِكَ قَوْله: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ} (النِّسَاء: 47) .
وَقَالَ الزّجاج: فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال: قَالَ بَعضهم: نَجعل وُجُوههم كأقفائهم. وَقَالَ بَعضهم: نَجعل وجوهَهم مَنَابت الشَّعْر كأقفائهم. وَقيل: الْوُجُوه هَاهُنَا تمثيلٌ بأَمر الدِّين، المعنَى: من قبل أَن نُضِلَّهم مُجازاةً لما هم عَلَيْهِ من العِناد فنضلّهم إضلالاً لَا يؤمِنون مَعَه أبدا.
قَالَ: وَقَوله: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} قَالَ: المَطْمُوس: الّذي لَا يتبيّن لَهُ حَرْفُ جَفْنِ عَيْنَيْهِ، لَا يُرَى شُفْرُ عَيْنَيْهِ؛ الْمَعْنى: لَو نشَاء لأَعْمَيْنَاهم.
وَقَالَ فِي قَوْله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه جعل شكرهم مجارة وَتَأْويل الْحسن إذهابُه عَن صُورته.
وَقيل: إِن الطَّمْس إِحْدَى الْآيَات التِّسع الَّتِي أُوتِيَتْ مُوسى.

(12/246)


ابْن بُزُرْج قَالَ: لَا تسبقنّ فِي طميس الأَرْض، مثل جَدِيد الأَرْض.
وَقَالَ الفرّاء فِي كتاب (المَصادِر) : الطَّمَاسة كالحَزْرِ وَهُوَ مصدر، يُقَال: كم يَكفِي دَاري هَذَا من آجُرّة؟ قَالَ: طَمّس، أَي: احْزُرْ قَالَ: وطَمَس بَصرُه، يَطمِس طَمْساً، وَيطمِس طُمُوساً.
أَبُو زيد: طَمَس الكتابُ طُموساً: إِذا دَرَس. وطُموسُ القَلْب: فسادُه. وطَمَس الرجلُ يَطمُس طُموساً: إِذا تَباعَد. والطامسُ: البَعِيد، وَأنْشد شمر لِابْنِ مَيَّادة:
ومَوْمَاةٍ يَحارُ الطَّرفُ فِيهَا
صَمُوتِ اللَّيلِ طامِسةِ الْجِبالِ
قَالَ: طامسة بعيدَة: لَا تتبيّن من بُعْدٍ، وَتَكون الطّوامس الّتي غطّاها السّراب فَلَا تُرَى.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: رأيتُه فِي طسَام الغُبارِ، وطُسّامه، وطسَّامِه وطيْسانِهِ، تُرِيدُ بِهِ فِي كَثِيره.
مطس: قَالَ اللَّيْث: مَطَس المعذِرة يَمْطُس: إِذا رمى بمرَّة.
وَقَالَ ابْن دُرِيد: المَطْسُ: الضَّرْب بِالْيَدِ كاللَّطْمة.
انْتهى، وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) السّين والدّال)
س د ت س د ظ س د ذ س د ث: أهملت وجوهها.
س د ر
سدر، سرد، دسر، درس، ردس: مستعملة.
سدر: السِّدر: اسْم الْجِنْس، والواحدة سِدْرَة.
السِّدْر من الشَّجَر سِدْران: أحدُهما سِدْرٌ بَرّيّ لَا يُنتَفَع بثَمره، وَلَا يصلُح ورقُه للغَسول، وَرُبمَا خُبِط ورقُه للرّاعية، وَله ثمَر عَفِصٌ لَا يُؤْكَل، والعرَب تسمِّيه الضّال، والجِنْس الثَّانِي من السِّدر ينبُت على المَاء، وثمرُه النَّبِق، ورَقُه غَسولُ، يُشبه شجر العُنّاب، لَهُ سُلاّء كسُلاّئه وورَقٌ كوَرَقِه، إِلَّا أنَّ ثمرَ العُنَّاب أَحْمَرُ حُلْو، وثمرُ السِّدْر أصفَرُ مُزّ يتفكَّه بِهِ، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {) أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى} { (الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (النَّجْم: 14، 15) ، فَإِن اللّيث زعم أنّها سِدْرةٌ فِي السَّمَاء السَّابِعَة لَا يجاوِزُها ملك وَلَا نبيّ، وَقد أَظَلّت السماءَ والجَنّة ويُجمَع السِّدْرةُ سِدْراً وسِدَراً وسِدِرات. والسدر: اسمُ للْجِنْس، الْوَاحِدَة سِدْرة.
أَبُو عبيد: السادِرُ: الّذي لَا يَهتمّ لشَيْء وَلَا يُبالِي مَا صَنَع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَر،

(12/247)


يُقَال: سَدِر بصرُه يسْدر سَدَراً: إِذا لم يكن يُبصِر فَهُوَ سَدِر. وعينٌ سَدَرة.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السَّدَر: قَدَع الْعين؛ والسَمادِير: ضَعْفُ البَصَر. والسَّدْرُ والسَّدْل: إرسالُ الشَّعر، يُقَال: شعر مَسْدُور ومَسْدول وَشعر مُنْسَدِر ومُنْسَدِل: إِذا كَانَ مسترسِلاً. أَبُو عُبَيْد: يُقَال: انسَدَرَ فلانٌ يَعْدُو، وانّصَلت يَعْدُو: إِذا أسْرَع فِي عَدْوه.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدِير: نهرٌ بِالْحيرَةِ.
وَقَالَ عديّ:
سَرَّه حالُه وكثرةُ مَا يملِك
والبحرُ مُعرِضاً والسَّدِير
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: السَّدِير فارسية، كَأَن أَصله سادِلٌ، أَي: قُبّة فِي ثَلَاث قِبابٍ مُداخَلة، وَهُوَ الّذي تسمِّيه الناسُ اليومَ سِدْليّاً فأعرَبته العَرَب فَقَالُوا سَدِير. وَفِي (نَوَادِر الْأَصْمَعِي) الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ أَبُو يَعلى قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاء: السَّدِيرُ: العُشْبُ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقَال للرجل إِذا جَاءَ فَارغًا: جَاءَ يَنْفُض أَسْدَرَيه. قَالَ: وبعضُهم يَقُول: جَاءَ ينفض أصْدَريْه. وَقَالَ: أسدراه: مِنكباه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ ينفُض أزْدَرَيْه إِذا جَاءَ فَارغًا.
وَقَالَ اللّحياني: سَدَرَ ثَوْبه سَدْراً: إِذا أرسَله طُولاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تَسدَّر بثَوْبه: إِذا تجَلَّل بِهِ. قَالَ: وسمعتُ بعضَ قيس يَقُول: سَدَل الرجل فِي الْبِلَاد وسَدَر: إِذا ذَهَب فِيهَا فَلم يَثْنه شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَدر: قَمر. وسَدِر: تحير مِن شدّة الحرّ. قَالَ: ولُعبةٌ للعَرب يُقَال لَهَا: السُّدّر والطُّبن.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عُبيدة: جَاءَ فلَان يَضرب أَسْدَرَيه وأَصْدَرَيه، أَي: عِطْفَيْه، وَذَلِكَ إِذا جَاءَ فَارغًا.
دسر: قَالَ اللَّيْث: الدَّسْر: الطَّعن والدفْعُ الشَّديد، يُقَال: دَسَره بالرُّمح، وَأنْشد:
عَن ذِي قَدَامِيسَ كَهَامٍ لَو دَسَرْ
قَالَ: والبُضْعُ يُستعمَل فِيهِ الدَّسْر، يُقَال: دسَرَها بأَيْرِه.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (الْقَمَر: 13) ، قَالَ: الدُّسُر: مَسامِيرُ السَّفِينَة وشُرُطُها الّتي تُشَدُّ بهَا.
وَقَالَ الزّجّاج: كلّ شيءٍ يكون نَحْو السَّمْر. وَإِدْخَال شَيْء فِي شَيْء بقوّة وشِدّة فَهُوَ الدَّسْر، يُقَال: دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره وأدسِره دَسْراً. قَالَ: وَوَاحِد الدُّسْرِ دِسَار.
وسُئِل ابْن عبّاس عَن زكاةِ العَنْبَر فَقَالَ: إنّما هُوَ شَيْء دَسَره البحرُ، وَمَعْنَاهُ: أَن موج الْبَحْر دَفعه فَأَلْقَاهُ إِلَى الشطّ فَلَا زَكَاة فِيهِ.

(12/248)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّسْر: السَّفِينة.
وَقَالَ ثَعْلَب فِي قَوْله: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ} .
قَالَ بَعضهم: هُوَ دَفْعُها الماءَ بكلْكلِها. وَيُقَال: الدُّسُر: المسامير. وَيُقَال: الدِّسارُ: الشَّريط من اللِّيف الّذي يشدّ بعضُه ببَعض.
وَقَالَ اللَّيْث: جَمَلٌ دَوْسَرِيٌّ ودَوْسَر: وَهُوَ الضَّخْم ذُو الهامة والمَناكِب.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الدَّوْسَرِيُّ: القَوِيُّ من الْإِبِل. ودَوْسَر: كتيبةٌ كَانَت للنُّعمان بن الْمُنْذر، وأنشَد:
ضَرَبتْ دَوْسَرُ فِينَا ضَرْبةً
أَثبتَتْ أوتاد مُلْكٍ فاستَقَرّ
وَبَنُو سَعْد بنِ زيد مَناةَ كَانَت تُلَقَّبُ: دَوْسَر فِي الجاهليّة.
سرد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ} (سبأ: 11) .
قَالَ الفرَّاء: يَقُول: لَا تجْعَل مِسمارَ الدِّرْع دَقِيقاً فيَنفَلق، وَلَا غَليظاً فيَفْصِم الحَلَق.
وَقَالَ الزّجّاج: السّرْد فِي اللّغة: تَقدِمة شَيْء إِلَى شَيْء حَتَّى يتّسق بعض إِلَى إثْرِ بعض متَتابعاً.
وَيُقَال: سَرَدَ فلانٌ الحديثَ يَسرُدُه سَرْداً: إِذا تابَعَه. وسَرَد فلانٌ الصَّوْمَ: إِذا وَالاه.
وَقَالَ فِي التَّفْسِير: السَّرْدُ: السَّمْرُ، وَهُوَ غير خارجٍ من اللّغة، لأنّ السَّمْر تقديرُك طرَف الحَلْقة إِلَى طَرَفها الآخر.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: رجل سَرَنْدَى: مشتقّ من السّرْد، وَمَعْنَاهُ: الّذي يَمضِي قُدُماً. قَالَ: والسَّرَد: الحَلَق، وَهُوَ الزَّرَد، وَمِنْه قيل لصَاحِبهَا سرّاد وزَرّاد.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْد: اسمٌ جامعٌ للدُّروع وَمَا أَشبَهَها من عَمَل الحَلَق، وسُمِّي سَرْداً لِأَنَّهُ يُسرَّد فيُثقب طرفَا كلّ حَلقَة بالمسمار، فَذَلِك الحَلَق المُسَرَّد، والمِسْرَد هُوَ المِثقَب، وَهُوَ السِّراد.
وَقَالَ لَبيد:
كَمَا خَرَج السِّرادُ من النِّقال
وَقَالَ طَرَفة:
حِفَافَيْه شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمِسْرَدِ
ويسمَّى اللّسان مِسرَداً.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: سردَ فلانٌ الكتابَ مَعْنَاهُ: دَرَسه مُحكماً مجوَّداً، أَي: أَحكَمَ دَرْسَه وأجادَه، من قَوْلهم: سَرَدْتُ الدِّرعَ إِذا أحكمتَ مَسامِيرها، ودِرْع مسرودةٌ: محكمةُ المسامير والحَلَق.
والسَّرَادُ من الثَّمر: مَا أَضَرَّ بِهِ الْعَطش فيبِس قبلَ ينْعِه. وَقد أَسرَد النخلُ، والواحدة سَرَادَة.
وَقَالَ الفرَّاء: السَّرادة: الخَلالة الصُّلبة. والسراد من الزَّبِيب يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: زنجير.

(12/249)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السّرادُ: المتتابع.
وَقيل لأعرابيّ: مَا أَشهُرُ الحُرُم؟ فَقَالَ: ثلاثةٌ سَرْد، وَوَاحِد فَرْد.
عَمْرو عَن أَبِيه: السارِدُ: الخرّاز. والإشْفَى يُقَال لَهُ: السِّرادُ والمِسرَدُ والمخْصَف.
ردس: قَالَ اللَّيْث: الرَّدْس: دَكُّك أَرضًا أَو حَائِطا أَو مَدَراً بِشَيْء صُلْبٍ عريضٍ يُسمى مِرْدَساً، وأَنشد:
يُغَمِّد الأعداءَ جَوْزاً مِرْدَسا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: المِرْداسُ: الصَّخْرة يُرمَى بهَا فِي الْبِئْر ليُعلمَ أفيها ماءٌ أم لَا.
قَالَ الراجز:
قَذْفَك بالمِرْداس فِي قَعْرِ الطَّوِي
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَدَسه بالحَجَر، أَي: ضرَبَه ورَمَاه بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
هُنَاكَ مِرْداناً مِدَقٌّ مِرْداسْ
أَي: داقٌّ. وَيُقَال: رَدَسَه بحَجَر ونَدَسَه ورَداه: إِذا رَماه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّدُوس: النُّطوح المِزحَم، وَقَالَ الطِّرمّاح:
تَشُقّ مُغمِّضاتِ اللَّيل عَنْهَا
إِذا طَرقَتْ بمرْداسٍ رَعُونِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: المِرْدَاسُ: الرَّأْس لِأَنَّهُ يردُسُ بِهِ، أَي: يردُّ بِهِ ويُدفَع. والرَّعُون المتحرّك؛ يُقَال: رَدَس بِرَأْسِهِ، أَي: دَفَع بهَا.
درس: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ بالبَعير شيءٌ خَفيف مِن الجَرَب قيل: بِهِ شَيْء من دَرْس وأَنشد:
من عَرَق النَّضْج عَصِيمُ الدَّرْسِ
وأخبَرَ المنذريُّ عَن أبي العبّاس فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكَذالِكَ نُصَرِّفُ الاَْيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} (الْأَنْعَام: 105) ، قَالَ: مَعْنَاهُ: وَكَذَلِكَ نُبيِّن لَهُم الْآيَات مِن هُنا وهُنا لكَي يَقُولُوا: إِنَّك دَرَسْتَ، أَي: تَعَلّمتَ، أَي: هَذَا الّذي جئتَ بِهِ عُلِّمتَ.
قَالَ: وَقَرَأَ ابنُ عبّاس وَمُجاهد: (دارَسْتَ) ، وفسّرها: قرأتَ على الْيَهُود وقرءوا عليكَ، وقرئت: (وليقولوا دُرِسَت) ، أَي: قُرِئَتْ وتُلِيَتْ. وقُرىء: (دَرِسَتْ) ، أَي: تَقادَمت، أَي: هَذَا الّذي تتلوه علينا شَيْء قد تَطاوَل ومَرَّ بِنَا.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: دَرَسَ الشيءُ يَدْرُس دُرُوساً، ودَرَسْتُ الكتابَ أدرُسُه دِراسةً. والمِدْرَسُ: الْمَكَان الَّذِي يُدرَس فِيهِ. والمِدْرَس: الكِتاب. والدِّراس: المُدارَسة.
قَالَ: والدُّروس: دُرُوس الْجَارِيَة إِذا طَمِشَتْ، يُقَال: جَارِيَة دارِسُ، وجوارٍ دُرَّس وَدَوارِس.

(12/250)


وَقَالَ الأسوَد بنُ يَعفُر يصف جَواريَ حِين أدركنَ:
اللاّتِ كالبَيضِ لمّا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ
صُفْرُ الأَناملِ من نقْف القَوارِيرِ
ودرَسَت الجاريةُ تَدْرُس دُرُوساً. والدَّرْسُ: الجَرَب أوّلُ مَا يظْهر مِنْهُ. والدَّرْس والدِّرْس والدَّرِيس: الثوبُ الخَلَق.
قَالَ ابنُ أَحْمَر:
لَم تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَج قَبْلَها
ودِراسُ أعوَصَ دارِسٍ متخدِّد
قَالَ ابْن السكّيت: ظنّ أَن اليَرَنْدَج عمل من عَمَل النَّاس يُعمَل، وإنّما اليَرَنْدج جلودٌ سُود. وقولُه: ودِراس أعوَصَ، لَم يُدارِس الناسَ عَوِيصَ الْكَلَام، وقولُه: دارسٍ متخدِّر، أَي: يَغْمضُ أَحْيَانًا فَلَا يُرَى، وَيظْهر أَحْيَانًا فَيرى، مَا تخدّد مِنْهُ غُمضَ، وَمَا لم يتخدّد ظَهَر. ويُروَى: متجدِّد بِالْجِيم، وَمَعْنَاهُ: أَن مَا ظَهَر مِنْهُ جَدِيد وَمَا لم يظْهر دارس.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الهَيْثَم يَقُول: دَرَس الأَثرُ يَدرسُ دُرُوساً، أَو دَرَسهُ الرِّيح تَدْرُسه دَرْساً، أَي: مَحَتْه وَمن ذَلِك قيل:
دَرَسْتُ الثوبَ أدرُسُه دَرْساً فَهُوَ مَدْرُوس ودَرِيس، أَي: أَخْلَقْته وَمن قيل للثّوب الخَلُق دريس، وجمعُه دِرْسَان.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: دَرَس البعيرُ: إِذا جَرب جَرَباً شَدِيدا فقُطِرَ، قَالَ جرير:
رَكِبتْ نَوارُكُمُ بَعيراً دارِساً
فِي السَّوْقِ أَفْضَح راكبٍ وبَعيرِ
قَالَ: وَقيل: دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسه دَرْساً، أَي: ذَلَّلتُه بِكَثْرَة الْقِرَاءَة حَتَّى خَفّ حِفْظُه عليّ من ذَلِك، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الحِلْم إدْهانٌ وَفِي العَفْو دُرْسةٌ
وَفِي الصِّدق مَنْجاةٌ من الشّرّ فاصدُقِ
قَالَ: الدُّرْسةُ: الرّياضة؛ وَمِنْه دَرَسْتُ السُورة حتّى حفِظتُها؛ ودَرَستُ الْقَضِيب، أَي: رُضْتُه. والإدْهان المَذَلة واللِّين.
وَقَالَ غَيره: دُرِسَ الطعامُ يُدْرس دِراساً: إِذا دِيسَ. والدِّراسُ: الدِّياسُ بِلُغة أهلِ الشَّام، وَقَالَ:
حَمراءُ مِمّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق
أَي: داسَ، وأرادَ بالحَمراءِ برّةً حَمْراءَ فِي لَونها.
وَقَول لَبيد:
يَوْمَ لَا يُدخل المُدارِسَ فِي
الرَّحْمة إِلَّا براءةٌ واعتذارُ
قَالَ الْمُدارِس: الَّذِي قَرَأَ الْكتب ودَرَسها. وَقيل: المُدَارِسُ: الَّذي قارَفَ الذُّنوبَ وتَلَطَّخَ بهَا، من الدَّرْسِ وَهُوَ الجَرَب. والمِدْراسُ: البيتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ الْقُرْآن، وَكَذَلِكَ مِدْرَاسُ اليَهود.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدِّرْوَاسُ:

(12/251)


الكبيرُ الرَّأْس من الكلابِ. والدِّرْباس بِالْبَاء: الكلبُ العَقُور، وَأنْشد:
أَعْدَدْتُ دِرْوَاساً لِدِرْباسِ الْحُمْتْ
هَذَا كلبٌ كَأَنَّهُ قد ضَرِيَ فِي زِقَاقِ السَّمْن يأكلها، فأَعَدَّ لَهُ كَلْبا آخَر يُقَال لَهُ دِرْوَاس.
وَقَالَ غيرُه: الدَّرَاوس من الْإِبِل: الذُّلُل الغِلاظ الْأَعْنَاق، واحِدها دِرْواس.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاءِ: الدَّرَاوِس: العِظامُ من الْإِبِل.
س د ل
سدل، لدس، لسد، دلّس: (مستعملة) .
سدل: فِي حَدِيث عليّ: أنّه خرج فَرَأى قوما يُصلُّون قد سَدَلوا ثِيابَهم فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ اليهودُ خَرجوا من فُهْرِهم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: السَّدْل: هُوَ إِسبالُ الرَّجل ثوبَه من غير أَن يَضُمّ جانبيه بَين يَدَيْهِ، فَإِن ضَمَّه فَلَيْسَ بسَدْل؛ وَقد رُوِيتْ فِيهِ الكَراهيةُ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ اللَّيْث: شَعرٌ مُنسَدِل ومُنْسَدِر: كثيرٌ طويلٌ قد وَقع على الظَّهر.
الأصمعيّ: السُّدول والسُّدُون بالنُّون وَاللَّام: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب.
قَالَ الراجز:
كأنّ مَا جُلِّلن بالأُسْدانِ
يانِعَ حُمّاض وأرْجُوانِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سَوْدَل الرجلُ: إِذا طَال سَوْدلاه؛ أَي: شارِباه.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة (أَنَّهَا سدَلت طرف قناعها على وَجههَا وَهِي مُحرمَة) ، أَي: أسبلته.
وَفِي الحَدِيث (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدِم الْمَدِينَة وأهلُ الكتابَ يسدِلون أشعارَهم وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرُقون؛ فسَدَل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَعرَه ففَرّقه، وَكَانَ الفَرْقُ آخِرَ الأمرَين) .
قَالَ ابْن شُمَيْل: المسدَّلُ من الشَّعر. الكثيرُ الطَّوِيل، يُقَال: سَدَّل شعرَه على عاتقَيه وعُنقِه، وسَدَله يَسدِله. والسَّدْل: الْإِرْسَال لَيْسَ بمَعْقُوف وَلَا مُعقَّد. وشَعرٌ مُنسَدِلٌ ومُنسَدِرٌ.
وَقَالَ الفرّاء: سَدَلْتُ السِّترَ وسَدَنْتُه: أرخَيْتُه.
دلّس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّلَسُ: السّواد والظلمة. وَفُلَان لَا يُدالس وَلَا يُوالس قَالَ: لَا يدالس وَلَا يظلم، وَلَا يوالس: أَي: لَا يخون لَا يُوارِب.
وَقَالَ شَمر: المُدالسةُ: إِذا باعَك شَيْئا فَلم يُبَيِّنْهُ لَك، يُقَال: دلّس لي سِلعةَ سَوْء. واندلس الشَّيْء: إِذا خَفِي. ودلّسْتُه فتدلَّس، وتَدلُّسُه أَلا يشْعر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دلّس فِي البيع وَفِي كل شَيْء: إِذا لم يبيّن عَيْبَه.

(12/252)


قلت: ومِنْ هَذَا أُخِذ التدليسُ فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ أَن يُحدِّث بِهِ عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر وَقد كَانَ قد رَآهُ، وَإِنَّمَا سَمعه عَمَّن دونه مِمَّن سَمعه مِنْهُ، وَقد فعل ذَلِك جماعةٌ من الثِّقات. والدُّلْسةُ: الظلمَة. وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: لامرىء قُرفَ بِسوء فِيهِ، مَا لي فِي هَذَا الْأَمر وَلْسٌ وَلَا دَلْسٌ، أَي: مَا لي فِيهِ خِيانة وَلَا خديعة.
سَلمة عَن الْفراء قَالَ: الإدلاس: بقايا النَّبت والبَقْل، وَاحِدهَا دَلَس، وَقد أدلست الأَرْض، وَأنْشد:
بَدَّلتْنَا من قَهْوَسٍ قِنْعاسَا
ذَا صَهَوات يَرْتَع الأَدلاسَا
لدس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَلدَسَتِ الأرضُ إلْداساً: إِذا طَلَع فِيهَا النّبات. وناقةٌ لَدِيس رَدِيس: إِذا رُميت باللّحم رَمْياً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَموسٌ شِمِلَّةٌ
تُبارُ إِلَيْهَا المُحصنَاتُ النَّجائبُ
الْمُحْصنَات النّجائب: اللّواتي أحصنَها صاحبُها أَن لَا يضْربهَا إِلَّا فحلٌ كريم. وَقَوله: تبارُ يَقُول: يُنظَر إليهنّ وَإِلَى سَيْرهنّ بسَيْر هَذِه الناقةِ، ويختَبرْن بهَا وبسيرها. وَيُقَال: لَدّسْتُ الخُفَّ تلدِيساً: إِذا نَقَّلْتَه ورَفَعْتَه. ولَدَّسْتُ فِرْسِنَ البعيرِ: إِذا أَنْعَلته.
وَقَالَ الراجز:
حَرْف عَلاَة ذَات خُفَ مِرْدَسِ
دَامِي الأظَلِّ مُنْعلٍ مُلَدَّسِ
لسد: أَبُو عبيد: لَسَدَ الطَّلَى أمَّه يَلْسِدها: إِذا رَضَع جَمِيع مَا فِي ضَرْعها، رَوَاهُ أَبُو عُبيدة عَنهُ. وأَنشَد النّضر:
لَا تَجزَعَنَّ على عُلاُلةِ بَكْرةٍ
بسْطٍ يُعارضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
قَالَ: اللَّسْدُ: الرَّضْع. والمِلسَد: الَّذي يَرضَع أُمَّه من الفُصْلان.
س د ن
سدن، سَنَد، ندس، دنس: (مستعملة) .
سدن: ذَكَر النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِدَانةَ الكَعْبة وسقاية الْحَاج فِي حَدِيث.
قَالَ أَبُو عبيد: سِدَانة الْكَعْبَة: خِدمْتَها.
يُقَال مِنْهُ: سَدَنْتُ أسْدُنُ سِدَانة. ورجُلٌ سادِن من قومٍ سَدَنة: وهم الخَدَم.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الأسْدانُ والسُّدُون: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب. واحدُها سَدَن.
عَمْرو عَن أَبِيه: السَّدِين: الشَّحْمُ. والسَّدِين: السَّتر.
سَنَد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: مِن عُيوب الشِّعر السِّناد، وَهُوَ اخْتِلَاف الأرداف. كَقَوْلِه:
كأنّ عُيونهُنّ عُيونُ عِينِ

(12/253)


ثمَّ قَالَ:
وأَصبَحَ رأسُه مِثلَ اللُّجَيْنِ
وأخبَرَني أَبُو محمّد المُزَنيّ عَن أبي خَليفَة عَن محمّد بن سلاّم الجَمَحيّ أَنه قَالَ: السِّنَاء فِي القافية مِثل شَيْبٍ وشِيبٍ.
يُقَال: سانَدَ فلانٌ فِي شِعرِه، قَالَ: وَمن هَذَا يقالُ خرج الْقدَم متساندين إِذا خرج كلُّ بني أبٍ على رايةٍ وَلم يَجتمعوا على راية وَاحِدَة.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: أَسنَدَ فِي الشِّعْر إِسْنَادًا بِمَعْنى سانَدَ مثل إِسناد الْخَبَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّنَدُ: ضَرْبٌ من البُرود.
وَفِي الحَدِيث: (أنّه رأى على عَائِشَة أربعةَ أَثوَاب سَنَد) . وَهُوَ وَاحِد وَجمع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد: ضَربٌ من الثّياب: قَمِيص، ثمَّ فوقَه قميصٌ أقصرَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قُمُص قِصار من خِرَق مُغَيَّب بعضُها تَحت بعض. وكلُّ مَا ظهر من ذَلِك يسمَّى سِمْطاً سِمطاً.
وَقَالَ العجَّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً:
كَتّانها أَو سَنَدٍ أَسْماط
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: السَّندُ وَاحِد الأَسْناد من الثِّياب، وَهِي مِنَ البُرود، وَأنْشد:
جُبّةُ أَسْنادٍ نَقِيٌّ لَوْنها
لَم يَضرِب الخيّاطُ فِيهَا بالإبَر
قَالَ: وَهِي الْحَمْرَاء من جِبَابِ البُرُود.
قَالَ: والسَّنَد مثقَّلٌ: سُنود القومِ فِي الجَبَلِ. والإسناد: إِسْنَاد الرّاحلة فِي سيْرها، وَهُوَ سيْرٌ بَين الذَّميل والهمْلَجة.
وَقَالَ: سنَدْنا فِي الْجَبَل، وأَسنَدْنا إبِلَنا فِيهَا.
ابْن الْأَعرَابِي: سَنَد الرجلُ: إِذا لبس السَّنَد، وَهُوَ ضرْب من البُرود.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الهبِيطُ: الضامر. وَقَالَ غيرُه السِّناد مثلُه. وَأنْكرهُ شمر. وَقَالَ: قَالَ أَبُو عمْرو: ناقةٌ سِنَاد: شديدةُ الخُلق.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ سنادٌ: طَوِيلَة القَوائم مُسنَدة السَّنام.
وَقَالَ ابْن بزرج: السِّناد: من صِفَات الْإِبِل أَن يُشرِفَ حارِكُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ المُشرِفة الصَّدْر والمُقدَّم، وَهِي المُساندة. قَالَ شمر: أَي: يساند بعضُ خَلْقها بَعْضًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الكِسائيّ يَقُول: رجلٌ سِنْدَأْوَة وقِنْدَأْوَة: وَهُوَ الْخَفِيف.
وَقَالَ الْفراء: من النُّون الجريئة. وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد مَا ارْتَفع من الأَرْض فِي قُبل جبَل أَو وَادِ، وكلُّ شَيْء أسنَدْتَ إِلَيْهِ شَيْئا فَهُوَ مُسنَد. قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الْكَلَام سنَد ومُسنَد، فَالسَّنَد كَقَوْلِك: عبدُ الله رجلٌ صَالح، فعبدُ الله سنَد، ورجلٌ صَالح مُسنَدٌ إِلَيْهِ.

(12/254)


قَالَ: والمسنَدُ: الدّعِيّ. والمسند: الدهْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتيه يَد الدهْر، ويدَ المُسنَد: أَي: لَا آتِيه أبدا.
وَقَالَ أَبُو سعيد: السِّنْدَأوَةُ: خرْقةُ تكون وقايةً تَحت العِمامة من الدُّهن.
قلتُ: والمسنَد من الحَدِيث: مَا اتّصل إِسْنَاده حَتَّى يُرفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمرسلُ والمنقطع: مَا لَم يتَّصل. وَيُقَال للدَعِيّ: سنيد، وَقَالَ لَبيد:
كريمٌ لَا أَحَدُّ وَلَا سنيدُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْمسند: كلامُ أولادِ شِيث.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: سندتُ إِلَى الشَّيْء أَسنُد سُنوداً: إِذا استَنَدْتَ إِلَيْهِ وأسندت إِليه غَيْرِي.
وَيُقَال: سانَدْتُه إِلَى شَيْء يتسانَدُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زيد:
سانَدُوه حَتَّى إِذا لَمْ يَرَوْه
شُدَّ أجلاَدُه على التَّسْنِيدِ
وَمَا يسْتَند إِلَيْهِ يسمَّى مِسنَداً ومُسنَداً.
السنْد: جيلٌ من النَّاس تُتاخم بلادُهم بِلَاد أهلِ الْهِنْد، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم سنْدِيّ. والسَّنَدُ: بلد مَعْرُوف فِي الْبَادِيَة. وَمِنْه قَوْله:
يَا دارمَيَّةَ بالْعَلْياءِ فالسَّنَدِ
والعلياء: اسمُ بلدٍ آخر.
ندس: الحَراني عَن ابْن السكّيت: رجلٌ نَدِسٌ ونَدُسٌ: إِذا كَانَ عَالما بالأخبار.
ورجلٌ نَطِسٌ ونُطُسٌ: للمُبالِغ فِي الشَّيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تندّستُ الخبَر وتحسسْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: النّدُسُ: السريعُ الِاسْتِمَاع للصّوت الخفيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّدْسُ: الطَّعن، وَقَالَ الكُميت:
وَنحن صَبَحْنا آل نَجْرَانَ غَارة
تَميمَ بنَ مُرَ والرِّماح النَّوَادِسَا
حَكَاهُ أَبُو عُبيد عَنهُ.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيرة (أَنه دخل المسجدَ وَهُوَ يَنْدُس الأَرْض برجلِه) ، أَي: يَضربها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَسمَاء الخُنْفساء: المَنْدُوسة والفاسيَاء.
قيل: وتَندَّسَ ماءُ البئرِ: إِذا فاض من حَوَاليْها.
دنس: قَالَ اللَّيْث: الدَّنس فِي الثِّيَاب: لطخ الوَسخ، وَنَحْوه فِي الْأَخْلَاق.
رجُلٌ دَنسُ المُروءَةِ، وَقد دَنِس دنساً، وَالِاسْم الدَّنس. ودنَّس الرجلُ عرضَه إِذا فَعل مَا يشينُه.

(12/255)


س د ف
سدف، سفد، فسد، فَدس، دسف، دفس: مُسْتَعْمل.
سدف: أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: السُّدْفة فِي لُغة تَمِيم: الظُّلْمة. قَالَ: والسُّدْفة فِي لُغَة قيْس: الضَّوْء، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيديّ، وأنشدنا للعجّاج:
وأَقطَع الليلَ إِذا مَا أَسْدَفَا
أَي: أُظلم. قَالَ: وَبَعْضهمْ يَجعل السُّدفةَ اخْتِلَاط الضَّوء والظُّلمة مَعًا كوقتِ مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى أوّل الْإِسْفَار.
الحرّاني: عَن ابْن السكّيت قَالَ: السَّدَفُ والسُّدفة: الظُّلْمة والضَّوء أَيْضا.
وَيُقَال: أَسدفِ السِّترَ، أَي: أرفَعه حَتَّى يُضيءَ الْبَيْت. قَالَ:
وَقَالَ عمَارَة: السدْفة ظُلمةٌ فِيهَا ضوءٌ من أوّل اللَّيْل وَآخره، مَا بَين الظلمَة إِلَى الشَّفق وَمَا بَين الفَجْر إِلَى الصَّلَاة.
قلتُ: وَالصَّحِيح مَا قَالَه عمَارَة.
اللحياني: أتيتُه بسُدْفةٍ من اللَّيْل، وشُدْفة وشَدْفة وَهُوَ السَّدَف والشَدَف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: أَسدَفَ الليلُ وأَشْدَفَ: إِذا أَرخَى سُتورَه وأَظلَم.
قَالَ: والإسدافُ من الأضداد.
يُقَال: أَسدِفْ لنا، أَي: أضِيءْ لنا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ رجلٌ قائمٌ بِالْبَابِ قلتَ لَهُ: أسدِف، أَي: تَنَحَّ عَن الْبَاب حَتَّى يُضيءَ لنا البيتُ.
وَقَالَ الفرّاء: السَّدَف والشَّدَف: الظُّلْمة والسَّدَف أَيْضا: الصُّبْح وإقبالُه، وَأنْشد:
بِيضٌ جِعادٌ كأنَّ أعيُنَهُمْ
يكْحَلُها فِي المَلاحِمِ السَّدَفُ
يَقُول: سوَادُ أَعينهم فِي الْمَلَاحِم باقٍ، لأنّهم أَنجادٌ لَا تَبرقُ أعينُهم من الفَزَع فيغيب سَوادُها.
وَيُقَال: سَدَفْتُ الحجابَ، أَي: أرخيتُه. وحجاب مَسدوف؛ قَالَ الْأَعْشَى:
بحِجابٍ مِن دُونِنا مَسْدُوفِ
وَرَوَاهُ الرُّواة: مَصْدوف بالصَّاد، وفسّروه أَنه المَسْتُور.
وَفِي حَدِيث أمِّ سَلَمة أَنَّهَا قَالَت لعَائِشَة لمّا أَرَادَت الخُروجَ إِلَى البَصْرة: تَرَكْت عُهَّيْدَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجَّهْتِ سِدَافَتَه.
أَرادت بالسِّدَافة الحِجابَ، وتوجيهُها كشفُها.
وَيُقَال: وجّه فلانٌ سِدافته: إِذا ترَكها وَخرج مِنْهَا.
وَقيل للسِّتْر: سِدافة، لِأَنَّهُ يُسْدَف، أَي: يُرخى عَلَيْهِ.
وَقَالَ الليثُ: السُّدْفةُ: اللّبَاب وَأنْشد لامرأةٍ من قيسٍ تهجو زَوْجَها:
لَا يَرْتَدِي بِرَادِيَ الحريرِ
وَلَا يُرَى بسُدْفة الأميرِ

(12/256)


أَبُو عُبَيد: السَّدِيف: شَحْمُ السَّنام، وَمِنْه قَول طَرَفة:
ويُسعى علينا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ
وَقَالَ غَيره: السُّدوف والشدُوف: الشُّخوص ترَاهَا من بُعْد، وَقَالَ الهُذَلِيّ:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها
من المغارِبِ مَخْطوفُ الحشَا زَرِمُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: أسْدَف الرجلُ وأَزْرَفَ وأغْدَف: إِذا نَام.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَسدَف الليلُ وأَزْدَف: إِذا أظلَم.
سفد: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للسِّباع: كلهَا سَفَدَ أُنْثاه يسفِدُها سِفاداً، والتَّيْسُ والثَّوْرُ مِثلُها.
وَقَالَ أَبُو زيد نحوَه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا ضَرَب الجملُ الناقَة قيل: فَقَا وقَاعَ، وسَفِد يَسفَد.
وأجازَ غيرُه: سَفَد يَسفِد. والسَّفُّود مَعْرُوف، وجمعُه سفافِيد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: استسفد فلَان بعيره: أَتَاهُ من خَلفه فَرَكبهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتَاهُ فتسفَّده، وتعرقبه مثله.
دسف: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدْسفَ الرجل إِذا صارَ مَعاشُه من الدُّسْفة، وَهِي القِيادة، وَهُوَ الدُّسْفان.
وَقَالَ اللَّيْث: والدُّسْفانُ: شِبْه الرَّسول يطلبُ الشيءَ.
وَقَالَ أميّة:
وأَرْسَلُوه يسوفُ الغَيْثَ دُسْفانَا
دفس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدفس الرَّجلُ: إِذا اسوَدَّ وجهُه من غير عِلَّة.
قلتُ: لم أسمَع هَذَا الحرفَ لغيره.
فَدس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: أفْدَسَ الرجلُ: إِذا صارَ فِي إنائه الفِدَسة، وَهِي العَناكِبُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفُدْسُ: العنكبوت.
قلتُ: ورأيتُ بالخَلْصاء دَحْلاً يُعْرَف بالفِدَسيّ، وَلَا أَدْرِي إِلَى أيّ شَيْء نُسِبَ.
فسد: قَالَ اللَّيْث: الفَساد: نقيضُ الصَّلاح، وَالْفِعْل فَسَد يَفْسُدُ فَسَادًا.
قلتُ: ولغة أُخْرَى: فَسُد فُسُوداً.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {وَيَسْعَوْنَ فِى الاَْرْضِ فَسَاداً} (الْمَائِدَة: 33) ، نصب (فَسَادًا) لِأَنَّهُ مفعول لَهُ، كأنّه قَالَ: يَسعَوْن فِي الأَرْض للْفَسَاد.
وَيُقَال: أفسَدَ فلانٌ المالَ يُفسِدُه إفساداً وَفَسَادًا {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (الْبَقَرَة: 205) وفَسَّد الشيءَ: إِذا أَبارَه.
وَقَالَ أَبُو جُنْدَب:
وقلتُ لهمْ قد أدركَتْكُمْ كتِيبَةٌ
مُفَسَّدةُ الأدْبارِ مَا لَمْ تُخَفّرِ
أَي: إِذا شَدَّتْ على قوم قَطَّعَتْ أدبارهم مَا لم تُخفَّر الأدبار، أَي: مَا لم تُمنَع.

(12/257)


واستسفد السُّلْطَان قائده: إِذا سَاءَ إِلَيْهِ حَتَّى استعصى عَلَيْهِ.
س د ب
سبد، دبس: (مستعملان) .
سبد: قَالَ اللَّيْث: السَّبَد: الشَّعْر. وَقَوْلهمْ: مَا لَه سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه ذُو شَعْر وَلَا ذُو وَبَر متلبِّد، وَلِهَذَا الْمَعْنى سُميَ المالُ سَبَداً.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه قَليل وَلَا كثير.
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: السَّبَد من الشَّعْر واللَّبَد من الصُّوف.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكر الخوارجَ فَقَالَ: (التَّسبيد فيهم فاشٍ) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سألتُ أَبَا عُبيدة عَن التسبيد فَقَالَ: هُوَ تَرْك التّدهُّن وغَسل الرَّأْس. قَالَ وغيرُه يَقُول: إِنَّمَا هُوَ الحَلْق واستئصالُ الشّعْر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: وَقد يكون الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، وَقَالَ النَّابِغَة فِي قصر الشَّعر يَذكُر فَرخَ قَطاةٍ حَمَّم:
فِي حاجِبِ العَيْنِ من تَسْبِيده زَغَبٌ
وَقَالَ: يَعْنِي بالتّسبيد طلوعَ الزَّغَب.
قَالَ: وَقد رُوِي فِي الحَدِيث مَا يثبِت قَول أبي عُبَيدة: قَالَ ابْن جريج عَن محمدِ بنِ عبّاد بنِ جَعْفَر: رأيتُ ابنَ عَبَّاس قَدِمَ مكّة مسبِّداً رأسَه، فأَتَى الحجَر فقبَّله.
قَالَ أَبُو عُبَيد: فالتّسبيد هَا هُنَا: تَرْكُ التَّدَهُّن والغَسل. وَبَعْضهمْ يَقُول: التسميد بِالْمِيم ومعناهما وَاحِد.
وَقَالَ غيرُ وَاحِد: سبَّد شَعرَه وسَمَّد: إِذا نَبَت بعد الحَلْق حِين يَظهر.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب سمعتُ سليمانَ بنَ المُغيرة يَقُول: سبَّد الرجلُ شعرَه: إِذا سرَّحه وبَلّه وتَرَكه. قَالَ: والشَّعر لَا يُسبِّد وَلكنه يُسبَّد.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سبّد شعرَه وسَمَّدَه: إِذا استأصَلَه حَتَّى ألصقَه بالجلْد. قَالَ: وسبَّد شعرَه: إِذا حلَقه ثمَّ نبت مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَبَد شعره وسَبّده وسبَتَه وأسبته: إِذا حلقه. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس، عَن عمْرو عَن أَبِيه.
أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السُّبَد: طائرٌ ليّن الريش إِذا قطر على ظَهره قطرتان من مَاء جرى، وَجمعه سِبْدان.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبَد: طَائِر مثلُ العُقاب.
قَالَ: وحَكَى أَبُو مَنجوف عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: السُّبَد هُوَ الخطّاف البَرّيّ.
وَقَالَ أَبُو نصر: هُوَ مِثل الخطّاف إِذا أَصَابَهُ الماءُ جرى عَنهُ سَرِيعا، وَقَالَ طُفَيل الغَنَوِي:

(12/258)


كأنَّه سُبَدٌ بالماءِ مَغْسولُ
وَقَالَ أَبُو سعيد: السُّبَد: ثوبٌ يُسدّ بِهِ الحَوْض المَرْكُوُّ لئلاّ يتكدّر الماءُ، يفرش فِيهِ وتسقى عَلَيْهِ الْإِبِل، وإيّاه عَنَى طُفيل.
قلتُ: وقولُ الراجز يحقِّق مَا قَالَه الأصمعيّ:
حَتَّى ترى المئزَر ذَا الفُضولِ
مثل جَناح السُّبَد المغسول
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: بِأَرْض بني فلَان أسباد، أَي: بقايَا من نَبْت وَاحِدهَا سِبْد وَقَالَ لَبيد:
سَبِداً من التَّنوُّم يَخْبِطُه النّدَى
ونوادراً من حَنظلٍ خُطْبانِ
وَقَالَ غَيره: أَسبَدَ النَّصيُّ إسباداً، وتسبَّد تَسْبِيداً: إِذا نَبَت مِنْهُ شَيْء حَدِيث فِيمَا قَدُم مِنْهُ، وَقَالَ الطِّرماح:
أَو كأسْباد النَّصيةِ لم يجتدِلْ
فِي حاجزٍ مُستَنامْ
قَالَ أَبُو سعيد: إِسبادُ النصية، سَنَمَتُها وتسميها العَرب الفورَان، لِأَنَّهَا تَفُور.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: أَسبادُ النَّصيِّ: رُؤُوسُه أولَ مَا يطلع، جمع سَبَد.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح فِي قصيدة أُخْرَى يصف قِدْحاً فائزاً:
مُجرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ
خَصْلُ الجوارِي طرائفٌ سبَدُه
أَرَادَ أَنه يُستطرَف فَوْزُه وكسْبُه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: يُقَال للرجل الدّاهي فِي اللُّصوصِيَّة: إِنَّه لسِبْدُ أَسبادٍ.
اللَّيْث: السُّبَد: الشؤمُ، حَكَاهُ عَن أبي الدُّقَيش فِي قَوْله:
امرؤُ القَيْس أَيْن أَرْوَى مؤلياً
إِن رَآني لأَبُوأَنْ بسُبَدْ
قلتُ بَجْراً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يمنعُني سَيْفي ويَدْ
دبس: قَالَ اللَّيْث: الدِّبْسُ: عُصارة الرُّطَب. والدُّبسة: لونٌ فِي ذَوَات الشّعر أحمرُ مُشربٌ سَواداً. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لرَكّاض الدُّبَيريّ:
لَا ذَنْبَ لي إذْ بنتُ زُهْرةَ دَبَّسَتْ
بغيرِك أَلْوَى يُشبِه الحَقَّ باطلُهْ
قَالَ: دَبَّسْتُه: واريتُه، وأَنشَدَنا:
قَرمٌ إِذا رَآهُ فَحل دبسَا
قَالَ: والدَّبُوسُ خِلاص تَمرٍ يُلقَى فِي مَسلَإِ السمْن فيَذوب فِيهِ، وَهِي مطيّبة للسّمن. قَالَ: والدَّبْسُ: الكثيرُ. وَقيل: دَبس خُفَّه: إِذا رقَّعه ولَدّمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّبسُ الأسودُ من كل شَيْء. والدَّبسُ: الجمعُ الْكثير من النَّاس.
قَالَ: وَيُقَال للسماء إِذا مَطَرت: دُرِّي دُبَسُ.

(12/259)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: مالٌ ربسٌ، أَي: كثير بالراء وَجَاء بأمرٍ رِبس، أَي: معكر، وكلُّ ذَلِك صَحِيح.
والدَّبوس مُعرب. وَأَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: دبَّسْتُ الشَّيْء: إِذا واريتَهْ. ودَبَّس: إِذا توارى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: جِئْت بِأُمُور دُبس، وَهِي الدّواهي فِي بَاب الدَّوَاهِي فِي الْمُؤلف.
س د م
سدم، سمد، دسم، دمس، مسد: مستعملة.
سدم: قَالَ اللَّيْث: السَّدَمُ: همٌّ ونَدَمٌ، تَقول: رَأَيْته سادِماً، ورأيته سَدْمانَ نَدْمانَ. وقلَّما يُفرَد السَّدَمُ من النّدم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّدِيمُ: الضَّباب. والسَّدِيمُ: التَّعبُ. والسديم: السّدِر. والسديم: المَاء المندفقُ. والسدِيمُ: الْكثير الذِّكْرِ. الدَّسيمُ: القليلُ الذّكر.
قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
لَا يَذْكُرون اللَّهَ إلاّ سَدْماً
وَقَالَ اللَّيْث: ماءٌ سُدُم، وَهُوَ الَّذِي وَقعت فِيهِ الأقمشة والجَوْلانُ حَتَّى يكَاد يندفن، وَقد سَدَم يَسْدُم، ومياهٌ أسْدام.
قَالَ: وَيُقَال: مَنْهَلٌ سَدُوم فِي مَوضِع سُدُمٍ، وَأنْشد:
ومَنْهَلاً ورَدْتَهُ سَدُوما
قَالَ: وسَدُوم: مَدِينَة من مَدَائِن قوم لوط، كَانَ قاضيها يُقَال لَهُ: سدُوم.
قلت: قَالَ أَبُو حَاتِم فِي كتاب (المُزال والمُفْسَد) : إنّما هُوَ سَذُوم بِالذَّالِ، وَالدَّال خطأ.
قلتُ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّحِيح.
أخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المَسْدومُ: المَمْنوعُ من أَن يَضرِب الإبلَ، يَعْنِي الفحلَ. قَالَ: وسدمتُ البابَ وسَطَمْتُه واحدُ وَهُوَ بَاب مَسْطُوم ومَسْدُوم، أَي: مَرْدوم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: رجلٌ نادِمٌ سادِمٌ. قَالَ قوم: السادِم: مَعْنَاهُ: المتغيِّر من الغَمِّ، وأَصلُه من قَوْلهم: ماءٌ مُسْدم، ومياهٌ سُدْم وأَسْدام: إِذا كَانَت متغيرة.
قَالَ ذُو الرمّة:
أَوَاجِنُ أَسْدامٌ وبعْضٌ مُعوَّرُ
وَقَالَ قومٌ: السّادمُ: الحزين الّذي لَا يُطيق ذَهاباً وَلَا مجيئاً. من قَوْلهم بَعيرٌ مَسْدوم: إِذا مُنع من الضِّراب.
وأَنشَد:
قَطَعْتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى
والمُسدَّم من فُحول الإبِل. والسَّدِمُ: الّذي يُرغَب عَن فَحْلتِه فيُحالُ بَينه وَبَين أُلاَّفِه، ويقيَّد إِذا هاج فيَرعَى حَوالَي الدّار، وَإِن

(12/260)


صالَ جُعل لَهُ حِجامٌ يمنَعهُ عَن فتح فمِه، وَمِنْه قَوْله:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المعنَّى
يُهدِّد فِي دِمَشقَ وَمَا تَرِيمُ
وَقَالَ ابْن مُقْبل:
وكلّ رَباعٍ أَو سَديسٍ مُسدَّمٍ
يَمُدُّ بذِفْرَى حُرّةٍ وجِرَانِ
وَيُقَال للبعير إِذا دَبِر ظهرُه فأُعْفِيَ عَن القَتَب حَتَّى صلَح دَبَرُه: مسدَّم أَيْضا، وإيّاه عنَى الكُمَيت بقوله:
قد أَصبَحتْ بكَ أَحْفاضِي مسدَّمةً
زُهْراً بِلَا دَبَرٍ فِيهَا وَلَا نَقَبِ
أَي: أَرحتها من التَّعب فابيضّتْ ظهورُها ودَبرُها وصلحت. والأُحْفاض جمع حَفَض، وَهُوَ البَعير الّذي يُحمَل عَلَيْهِ خُرَثيُّ المَتاع وسَقَطُه.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبيدة: بعيرٌ سَدِمٌ، وعاشِقٌ سَدِمٌ: إِذا كَانَ شديدَ العِشْق، ورجُلٌ نَدِمٌ سَدِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للنَّاقة الهَرِمة: سَدِمَة وسَدِرة وسادَّةٌ وسَلَّة وكافَّة.
دسم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّسِيمُ: القليلُ الذِّكْر، قَالَ: وَمِنْه قولُه:
لَا يَذكُرون الله إلاّ دَسْماً
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يكون هَذَا مَدْحاً وَيكون هَذَا ذَمّاً، فَإِذا كَانَ مَدْحاً فالذِّكْر حَشْوُ قُلُوبهم وأفواههم، وَإِذا كَانَ ذَمّاً فَإِنَّمَا هُمْ يَذكرون الله ذكْراً قَلِيلا: من التَّدسِيم، وَهُوَ السّواد الَّذِي يُجعَل خَلْفَ أُذُنِ الصبيّ كَيْلاَ تُصيبَه العَينُ. قَالَ: ومثلُه أنّ رجلا ذُكر بَين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
(ذاكَ رجلٌ لَا يتَوَسَّد الْقُرْآن) يكون هَذَا أَيْضا مَدْحاً وذَماً، فالمَدح أنّه لَا يَنام اللّيل وَلَا يتوسَّد، فَيكون الْقُرْآن متوسَّداً مَعَه، والذَّمّ أَنه لَا يَحفظ من الْقُرْآن شَيْئا، فَإِذا نَام لم يتوسَّدْ مَعَه القرآنَ.
قلت: والقولُ هُوَ الأول.
ورُوِي فِي حديثٍ: (إنّ للشَّيْطَان لَعُوقاً ودِساماً) ، فالدِّسام: مَا تُسَدّ بِهِ الأُذُن فَلَا يَعي ذِكْراً وَلَا مَوْعظة. وكلُّ شَيْء سَدَدْته فقد دَسَمْتَه دَسْماً، وَيُقَال للرجل إِذا غَشِيَ جاريتَه قَدْ دَسمَها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّسْمةُ: السَّوادُ.
وَمِنْه قيل للحَبَشيّ: أَبُو دُسْمة، وَقَالَ رؤبةُ يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنفَجَرَ الكَوْكَب أَو مَدْسُوماً
فَخَمْنَ إذْ هَمَّ بأنْ يَخيمَا
المنفَجِر: المنفَتح الكثيرُ المَاء. وكَوكَبُ كلِّ شَيْء: مُنظمه. والمَدْسُوم: المَسْدود. والدَّسم: حَشْوُ الجَوْف.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:

(12/261)


لَا يذكرُونَ الله إلاَّ دَسْماً
مَا لَهمْ هَمُّ إلاّ الأكْل، ودَسْم الأجواف.
قَالَ: ونَصب دَسْماً على الخِلاف، وفلانٌ أَدسَمُ الثَّوبِ، وأَطلَسُ الثَّوْب ودَنسُ الثَّوبِ: إِذا لم يكن زاكياً. وَقَالَ: أوجب حَجاً فِي ثِيابٍ دُسم.
والدَّيسَم: الظُّلمة. وَيُقَال: مَا أنتَ إلاّ دَسْمَة، أَي: لَا خير فِيهِ.
وَرَأى رجلٌ غُلَاما مليحاً فَقَالَ: دَسِّموا نُونَته، أَي: سوِّدوها لئلاّ تُصيبَه العَين. قَالَ: ونُونَتُه: الدائرةُ المليحة الَّتِي فِي حَنَكِه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خطَب وعَلى رأسِه عِمَامَة دَسماء) ، أَي: سَوْداء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْسَمُ: الدُّبّ وَأنْشد:
إِذا سَمِعْتُ صَوت الوَبيل تَشَنعَتْ
تَشَنُّعَ فُدْسِ الغَارِ أَو دَيْسَمٍ ذَكَر
قَالَ عَمْرو: الدّيْسَم: ولَدُ الذِّئب من الكَلبة.
وسألتُ أَبَا الفَتْح صاحبَ قُطْرُب وَاسم أبي الفَتْح دَيْسَم فَقَالَ: الدَّيْسَم: الذُّرَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المبرّد أَنه قَالَ: الدَّيْسَم: ولدُ الكَلبة من الذِّئب. والسِّمْع: ولَدُ الضَّبُع من الذِّئب.
وَقَالَ اللّيث: الدَّيْسَم: الثَّعْلَب. والدَّسم: كل شَيْء لَهُ وَدَكٌ من اللَّحم والشَّحْم، والفعلُ دسمَ يَدْسَم فَهُوَ دَسِم.
وَيُقَال للرّجل إِذا تَدَنَّس بمذامّ الْأَخْلَاق: إِنَّه لدَسِم الثَّوْب.
وأَنشَد أَبُو عُبَيدة:
لَا هُمَّ إِن عامرَ بنَ جَهْم
أوذَمَ حَجّاً فِي ثِيابٍ دُسْم
وَهُوَ كَقَوْلِهِم: فلانٌ أطلَسُ الثَّوب.
سمد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (النَّجْم: 61) .
قَالَ المفسِّرون فِي قَوْله: {وَأَنتُمْ} : لاهُون.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} : مستكبرون. وَيُقَال للفَحل إِذا اغْتَلم: قد سمَدَ، رَوَاهُ شَمِر عَنهُ بإسنادٍ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيث: {وَأَنتُمْ} : لاهون، والسُّمود فِي النَّاس: الغَفْلة والسّهْوُ عَن الشيءِ.
ورُوِي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه خرج إِلَى الْمَسْجِد والناسُ ينتظرونه للصّلاة قيَاما، فَقَالَ: (مَا لي أَرَاكُم سامِدِين؟) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله: {وَأَنتُمْ} : يَعْنِي القُيَّام وكل رافعٍ رَأسه فَهُوَ سامِد، وَقد سَمَد يَسمَد ويسمُد سُموداً.
وروِي عَن عِكرمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: السُّمود: الغناءُ فِي لُغَة حِميَر، يُقَال:

(12/262)


اسْمُدي لنا، أَي: غَنِي لنا.
وَقَالَ المبرّد: السّامدُ: الْقَائِم فِي تحيُّر. وأَنشد:
قِيل قُمْ فَانْظُر إليهمْ
ثمَّ دَعْ عنكَ السُّمُودا
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَادَ: تُرابٌ يُسمَّدُ بِهِ النّبات.
قَالَ: وسَمَّد شَعْرَه: إِذا أَخَذه كلّه.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّمَد من السَّير: الدَّأَب.
يُقَال: سَمَدت الإبلُ سمُوداً: إِذا لم تَعرِف الإعياءُ.
وأَنشَد:
سَوامِد اللَّيل خِفافُ الأزْوادْ
أَي: دوائبُ لَيْسَ فِي بطونها كَبِير عَلَف.
وَقَالَ اللّحياني: هُوَ لَك سَمْداً سَرْمداً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ: السُّمود يكون سُرُورًا وحُزْناً، وَأنْشد:
رَمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ
بأمرٍ قد سَمَدْنَ لَهُ سُمُودَا
فَردَّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضاً
ورَدَّ وُجوهُهَنّ البيضَ سودَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللاهي، والسامد: الغافل. والسامد: السّاهي. والسامد: المتكبِّر، والسامد: الْقَائِم.
أَبُو زيد: المُسْمَئدّ: الوارِم، وَقد اسمأدّ الجُرْح: إِذا وَرِم. والسامد: المتحيِّر بَطَراً وأَشراً. والسامد: المُغَنِّي.
دمس: قَالَ اللَّيْث: ادمَس الظلامُ وأدمَس: وليلٌ دامس: إِذا اشتدّ ظلامُه. والتَّدْميسُ: إخْفاء الشَّيْء تحتَ الشَّيْء، وَيُقَال بِالتَّخْفِيفِ، وَأنْشد:
إِذا ذُقْتَ فاهَا قلتَ عِلْقٌ مُدمس
أريدَ بِهِ قَيلٌ فغُودِرَ فِي سأبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: دَمَسْتُ الشيءَ: غطّيْتُه. والدَّمَس: مَا غُطِّي.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِلَا دَمَسٍ أَمْر الغَرِيبِ وَلَا غَمْلِ
قَالَ: والدَّمِيس: المغطّى.
أَبُو زيد: تَقول: أَتَانِي حيثُ وَارَى دَمَسٌ دَمْساً. حَيْثُ وارَى رُؤْيٌ رُؤْياً، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَذَلِكَ حينَ يُظلم أولُ اللَّيل شَيْئا. ومِثلُه: أَتَانِي حِين يَقُول أَخُوك أم الذِّئب.
ورَوَى أَبُو تُرَاب لأبي مَالك: المدمَّسُ والمُدنَّس بِمَعْنى وَاحِد، وَقد دَنس ودمِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُدَمَّس: المخبوء.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: المدمَّس: الَّذِي عَلَيْهِ وَضَر العَسل، وأَنكر قولَ أبي زيد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَمَسَ الموضعُ، ودَسم وسَمَد: إِذا درَس.

(12/263)


وَقَالَ: الدُّوْدَمسُ: الحيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: وَهُوَ ضرْبٌ من الحَيّات مُحْرَنْفِش الغَلاصيم، يُقَال: إِنَّه ينفُخ نَفْخاً فيحرِقَ مَا أَصَابَهُ، والجميع الدَّوْدَمسَات والدَّواميس.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَمَسْتُه فِي الأَرْض دَمْساً: إِذا دَفَنْتَه، حيّاً كَانَ أَو مَيّتاً.
وَفِي حَدِيث الدجّال: كَأَنَّهُ خَرج من الدِّيماس، وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماسُ: الكِنّ، أَرَادَ كَأَنَّهُ مُخْدَرٌ لم يرَ شَيْئا، شَمْساً وَلَا ريحًا.
وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماس: الحمّام، وَكَانَ لبَعض المُلوك حبْسٌ سَمَّاهُ دِيماساً لِظُلْمته.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدِّيماس: السَّرَب. وَمِنْه: دَمَستُه: قَبَرْتُه.
مسد: قَالَ الله جلّ وعزّ: { (الْحَطَبِ فِى جِيدِهَا حَبْلٌ} (المسد: 5) ، قَالَ المفسِّرون: هِيَ السِّلسِلة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ: {سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ} (الحاقة: 32) ، يَعْنِي جلّ اسْمه أَن امْرَأَة أبي لَهب تسلك فِي النَّار فِي سلسلة طولهَا سَبْعُونَ ذِرَاعا.
وَقَالَ الزَّجّاج: المَسَدُ فِي اللُّغة: الحَبْل إِذا كَانَ من لِيف المَقْل. ويقالُ لما كَانَ من وَبَر الإِبلِ مِن الحِبال: مَسَد.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الْمَسْدُ: مصدَر مَسَدَ الحبلَ يَمْسُده مَسْداً: إِذا أَجَاد فَتْلَه. ورَجلٌ مَمْسُودٌ: إِذا كَانَ مَجدولَ الخَلْق. وجاريةٌ ممسودةٌ: إِذا كَانَت حسنةَ طيّ الخَلْق. قَالَ: والمَسَدُ: حبْل من جُلُود الْإِبِل، أَو من لِيف، أَو من خُوص. وَأنْشد:
ومَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ
أَرَادَ من جُلُودِ أَيَانِق؛ وأَنشد:
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي
إنْ تَكُ لَدْناً ليِّناً فإنِّي
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ
وَيُقَال: حَبْلٌ مَسَد، أَي: مَمسود، قد مُسِد، أَي: أُجِيد فَتْلُه مَسْداً. فالْمَسْدُ: المصْدَر. والْمَسَد: بِمَنْزِلَة الممْسُود؛ كَمَا يُقَال: نَفَضْتَ الشَّجَر نَفْضاً؛ وَمَا نُفِض فَهُوَ نَفَض. ودلّ قولُ الله جلّ وعزّ: {جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن} (المسد: 5) أَنَّ السِّلسلة الَّتِي ذَكَرها الله تَعَالَى فُتِلَتْ من الْحَدِيد فَتْلاً مُحْكَماً، كَأَنَّهُ قيل: فِي جِيدِها حَبل حديدٍ قد لُوِيَ لَيّاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللّيث وغيرُه: المِسادُ: نِحْيٌ يُجْعَلُ فِيهِ سَمْن وعَسَل، وَمِنْه قولُ أبي ذُؤَيْب:
غَدَا فِي خافَةٍ مَعَهُ مِسادٌ
فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
والخافَة: خريطةٌ يَتَقَلَّدُها المُشْتارُ ليَجعل فِيهَا العَسَل.

(12/264)


وَقَالَ اللَّيْث: الْمَسْدُ: إدْآب السَّيْر فِي اللَّيْل، وأنشَد:
يُكابِدُ الليلَ عَلَيْهَا مَسْدا
وَقَالَ العَبْديّ يَذكر نَاقَة شبّهَها بثوْرٍ وَحْشِيّ:
كَأَنّها أَسْفَعُ ذُو جُدّةٍ
يَمْسُدُه القَفْرُ وليْلٌ سَدِي
كَأَنَّمَا يَنظرُ من بُرْقُعٍ
من تَحت روْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
قولُهُ: يَمْسُده: يَعْنِي الثورَ، يَطوِيه ليلٌ سَدِيٌّ، أَي: نَدِيٌّ، وَلَا يزَال البَقْلُ فِي تمامٍ مَا سقط من النَّدَى عَلَيْهِ، أَرَادَ أَنه يَأْكُل البقل فيجزأ بِهِ عَن المَاء فيطويه ذَلِك. وشبّه السُّفعة الَّتِي فِي وَجه الثّور ببرقُع.
وَجعل اللّيث الدَّأَبَ مَسْداً، لِأَنَّهُ يمسَدُ خَلق من يَدأبُ فيَطْوِيه ويُضَمّرُه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الممسودة من النِّسَاء: المطوِية الممشُوقة، وأنشدنا:
يَمسُدُ أعْلى لَحْمه ويَأرِمُه
أَي: يشده.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المِسَاد: الرِّق الْأسود.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ أحسَنُ مِسَاد شِعْرٍ من فلَان، يُرِيد: أحسنَ قِوامَ شِعر من فلَان.
انْتهى وَالله أعلم بمراده.

(أَبْوَاب) السّين والتّاء)
س ت ظ س ت ذ س ت ث: أهملت وجوهه.
س ت ر
(ستر، ترس: مستعملان) .
ستر: قَالَ اللَّيْث: السِّتْرُ مَعْرُوف، والجميعُ أستارٌ وسُتور، وَالْفِعْل سَتَرْتُه أستُرُه سَتراً، وامرأةٌ سَتيرةٌ: ذاتُ سِتارة. والسَّتْرةُ: مَا استترتَ بِهِ من شَيْء كَائِنا مَا كَانَ، وَهُوَ أَيْضا السِّتارة.
قلتُ: والسِّتاران فِي ديار بني سفد: وادِيان يُقَال لَهما السَّوْدة، يُقَال لأَحَدهمَا: السِّتارُ: الأغبَر، وَللْآخر: السِّتار الجابرِيّ؛ وَفِيهِمَا عُيُونٌ فَوَّارَة تَسقِي نَخيلاً كَثِيرَة زِينةً مِنْهَا عينُ حَنِيذ، وعينُ فِرْياضٍ، وعينُ بَثاء، وعينُ حُلوة، وَعين ثَرْمدا، وَهِي من الأحساء على ثَلَاثَة أَمْيَال.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَا لفُلَان سِتْر وَلَا حِجْر، فالسِّترُ: الْحيَاء، والحِجْرُ: الْعقل.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: سمعتُ العَرَب تَقول للأربعة: إسْتار، لِأَنَّهَا بالفارسيّة جِهَار، فأعربوه وَقَالُوا: إسْتار.
وَقَالَ جَرير:
إنّ الفرزدقَ والبَعيثَ وأُمَّه
وأبَا الفَرزدقِ شَرُّ مَا إسِتارِ

(12/265)


أَي: شَرُّ أَرْبَعَة، و (مَا) صلَة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تُوفى ليومٍ وَفِي ليلةٍ
ثَمَانِينَ يُحسبُ إستارُها
قَالَ: والإستار رابعُ أَرْبَعَة. ورابعُ الْقَوْم إستارُهم.
قلت: وَهَذَا الوَزْن الّذي يُقَال لَهُ الإستار معرَّبٌ أَيْضا أَصله جِهَار. فأُعرب فَقيل: إستار. وَيجمع أساتير.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله عز ذكره: { (يَسْرِ هَلْ فِى ذَلِكَ} (الْفجْر: 5) ، لذِي عقل. قَالَ: وَكله يرجع إِلَى أَمر وَاحِد من الْفِعْل.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: إِنَّه لذُو حِجْر، إِذا كَانَ قاهراً لنَفسِهِ ضابطاً لَهَا كَأَنَّهُ أَخذ من قَوْلك: حجرت على الرجل، وَقَوله: {حِجَابًا مَّسْتُورًا} (الْإِسْرَاء: 45) ، هَهُنَا بِمَعْنى سَاتِر، وَتَأْويل الْحجاب الطَّبْع.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: ثَلَاثَة أساتير وَالْوَاحد إستار، وَيُقَال: لكلّ أَرْبَعَة إستار، يُقَال: أكلتُ إستاراً من خبز، أَي: أربعةَ أرغفة. قَالَ: وَأما أَسْتَار الْكَعْبَة فمفتوحة. ورَوَى شَمِر فِيهِ حَدِيثا: (أيُّما رجلٍ أَغلَق على امْرَأَته بَابا أَو أَرخَى دونَها إستارة فقد تمّ صَداقُها) .
قَالَ شمر: الإستارة من السِّتر، ولَم نَسْمعها إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَقد جَاءَ عَنْهُم السِّتارة والمِسْتَر بِمَعْنى السِّتر، وَقد قَالُوا: أُسْوار للسِّوار، وَقَالُوا: إشْرارة لما يُشْرَر عَلَيْهِ الأَقِطُ وجمعُها الأشارِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: فلَان بيني وبينَك سُترةٌ ووَدَج وصاحِنٌ: إِذا كَانَ سفيراً بَيْنك وبينَه.
ترس: قَالَ اللَّيْث: التُّرس مَعْرُوف، ويُجمع تِرَسة، وكل شَيْء تترَّسْتَ بِهِ فَهُوَ مِتْرَسه لَك. والمَتَرسُ: الشِّجار الَّذِي يُوضَع خَلْف الْبَاب دِعامةً، وَلَيْسَ بعَرَبيّ، مَعْنَاهُ: مَتَّرْس، أَي: لَا تَخَفْ.
س ت ل
ستل، سلت، تلس: مستعملة.
ستل: قَالَ اللَّيْث: السَّتْلُ: من قَوْلك: تساتل علينا الناسُ، أَي: خَرَجوا من موضعٍ وَاحِد بعدَ آخر تِباعاً متساتِلين. وكلُّ مَا جَرَى قَطَراناً فَهُوَ تَساتُلٌ، نَحْو الدمع واللّؤلؤ إِذا انْقَطع من سِلْكِه. قَالَ: والسُّتالة: الرُّذالة من كلّ شيءٍ.
وَقَالَ ابْن دُريد: تَساتَل القومُ: جَاءَ بعضُهم فِي إِثْر بعض، وَجَاء القومُ سَتْلاً.

(12/266)


قَالَ: والمَساتِل: الطُّرُق الضيقة، الْوَاحِدَة مَسْتَل.
سلت: أَبُو تُرَاب عَن الحُصَيْنِيّ: ذهب مني الْأَمر فَلْتةً وسَلْتَةً، أَي: سَبَقني وفاتَني.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّلْت: شَعيرٌ لَا قِشْرَ لَهُ، أجردُ، يكون بالغَوْر، وأهلُ الحِجاز، يتبرّدون بسَوِيقه فِي الصَّيف.
قَالَ: والسَّلْتُ: قَبضُك على الشَّيْء أصابَه قَذَر أَو لَطْخ فتَسْلِتُه عَنهُ سَلْتاً.
والمِعَى يُسْلَت حَتَّى يخرج مَا فِيهِ.
وَيُقَال: سَلَت فلَان أَنْفَ فلانٍ بالسَّيف سَلْتاً: إِذا قَطَعه كلَّه، وَهُوَ من الجدْعان أسْلَت.
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله أَنه لَعَن السَّلْتَاءُ من النِّساء، وَهِي الَّتِي لَا تَخْتضب. واسمُ مَا يخرج من المِعَى سُلاَتَة.
غَيره: سَلَت الحلاّق رأسَه سَلْتاً، وسَبَته سَبْتاً: إِذا حَلَقه. وسَلَتت المرأةُ الخِضَابَ من يَدِها: إِذا مَسَحَتْه. وسَلَتَ القَصْعة من الثّريد: إِذْ مَسَحه.
تلس: التِّلِّيسةُ: وِعاءٌ يُسَوَّى من الخُوص شِبه قَفْعَة، وَهِي القِنِّينَة الَّتِي تكون عِنْد العَصّارين.
س ت ن
سنت، ستن، تنس: (مستعملة) .
(تنس) : أما تنس فَمَا وَجَدْتُ للعَرَب فِيهِ شَيْئا، وأعرِف مَدِينَة بنيتْ فِي جَزِيرَة من جزائر بَحر الرّوم يُقَال لَهَا: تِنِّيس، وَبهَا تُعمَل الشُّروب الثَّمِنية.
ستن: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَسْتان: أصولُ الشّجر.
وَقَالَ غيرُه: الأسْتَنة أصل الشَّجَرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسْتَن الرّجلُ وأَسْنَتَ: إِذا دخل فِي السَّنة.
قَالَ: والأُبْنة فِي القَضِيب إِذا كَانَت تَخفَى فَهِيَ الأَسْتَن.
سنت: ابْن شُمَيْل: أرضٌ مُسْنِتَة: لم يُصِبْها مَطَر فلَم تُنْبِت، وَإِن كَانَ بهَا يبس من يبس عامٍ أوّلَ فَلَيْسَتْ بمُسْنِتَة حَتَّى لَا يكون بهَا شَيْء.
وَيُقَال: أسنَتَ القومُ فهم مُسْنِتون: إِذا أَصَابَتْهُم سنَةٌ وقَحْط، وَمِنْه قَوْله:
ورجالُ مَكةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
ويقالُ: تَسَنَّتَ فلانٌ كريمةَ آلِ فلَان: إِذا تزوّجها فِي سنةِ القحْط.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (عَلَيْكُم بالسَّنَاء والسِّنَّوْتِ) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّنَّوْتُ: العَسَل، والسِّنّوت: الكَمُّون، والسّنُّوت: الشِّبِتُّ، وفيهَا لغةٌ أُخْرَى: السَّنُّوت بِفَتْح السِّين، وَقَالَ الشَّاعِر:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لَا أَلْسَ فيهِمُ
وهم يَمْنَعون جارَهم أَن يقرَّدا

(12/267)


س ت ف
أهملت وجوهها غير: (سفت) .
سفت: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: سَفِتُّ الماءَ أَسْفَتُهُ سَفْتاً: إِذا أكثرتَ مِنْهُ وأنتَ لَا تَرْوَى، وَكَذَلِكَ سَفِهْتُه وسَفِفْتُه.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: السَّفِتُ: الطَّعام الَّذِي لَا بَرَكةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ السِّفْت.
س ت ب
اسْتعْمل من وجوهه: (سبت) .
سبت: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْتُ: الحَلْق، يُقَال: قد سَبَتَ رَأسه يَسْبِته سبْتاً، والسَّبْتُ: السيرُ السّريع، وَأنْشد:
ومَطْوِيّةِ الأقرابِ أَمّا نهارُها
فَسَبْتٌ وأمَّا لَيْلُها فَزَمِيلُ
والسَّبْتُ أَيْضا: من الأيّام. والسَّبْتُ: السُّبات، وَأنْشد الأصمعيّ:
يُصْبِحَ مَخْمُوراً ويُمْسِي سبْتاً
أَي: مَسْبُوتاً، والسَّبْت أَيْضا: بُرْهَةٌ من الدَّهر، وَقَالَ لَبِيد:
وغَنِيتُ سبْتاً قَبْلَ مُجْرَى داحِسٍ
لَو كَانَ للنّفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
قَالَ: والسَّبتُ: جُلُودُ الْبَقر المدبوغة بالقَرَظ.
وَقَالَ شَمِر: السَّبْتُ: ضَرْبٌ من السَّيْر وأنْشَد:
يَمْشِي بهَا ذُو الشِّرَّةِ السَّبُوتُ
وهْوَ مِنَ الأَيْزِوَجِ نَجِيتُ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: فَرَسٌ سبْت: إِذا كَانَ جَواداً كثيرَ العدْو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ} (النبأ: 9) ، أَي: قِطَعاً. والسَّبْت: القَطْع، فَكَأَنَّهُ إِذا نَام فقد انقَطع عَن النَّاس.
وَقَالَ الزَّجَّاج: السُّبَاتُ: أَن يَنْقَطِع عَن الحَركة والرّوحُ فِي بَدَنه، أَي: جعلنَا نومَكم رَاحَة لكم.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: السَّبْت: القَطْع، وسُمّي يَوْم السبت سبْتاً لِأَن الله جلّ وَعز ابْتَدَأَ الخلْقَ وَقطع فِيهِ بعض خلق الأَرْض. وَيُقَال: أُمر فِيهِ بَنو إسرائيلَ بقَطع الْأَعْمَال وَتركهَا.
قَالَ: وَقَوله جلّ وَعز: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} (الْفرْقَان: 47) ، أَي: قطعا لأعمالكم.
قَالَ: وأَخطأَ من قَالَ سُمِّي السبتُ لِأَن الله أَمر فِيهِ بَني إسرائيلَ بالاستراحة وَخلق هُوَ عز وَجل السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي ستَّة أَيَّام آخرهَا يَوْم الْجُمُعَة، ثمَّ استراح. قَالَ: وَهَذَا خطأ، لِأَنَّهُ لَا يُعلم فِي كَلَام العَرَب سبَت بِمَعْنى استراح، وإنّما معنى سبت قَطَع، وَلَا يُوصفُ الله تَعَالَى بالاستراحة لِأَنَّهُ لَا يَتعب، والراحة لَا

(12/268)


تكون إلاّ بعد تَعَبٍ أَو شُغْل، وَكِلَاهُمَا زائل عَن الله جلّ وَعز. قَالَ: واتّفق أهلُ العِلم على أَن الله ابتدأَ الخَلْق يَوْم السبت، وَلم يخلُق يَوْم الْجُمُعَة سَمَاء وَلَا أَرضًا.
قلت: والدّليلُ على صِحَة مَا قَالَ، مَا حدّثناه أَبُو إِسْحَاق الْبَزَّاز عَن عثمانَ بن سعيد عَن عبد الله بن صَالح، عَن خَالِد بن حُمَيْد، عَن مُعَاوِيَة بن يحيى، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: خلَق اللَّهُ التّراب يَوْم السبت، وَخلق الحجارةَ يومَ الْأَحَد، وَخلق الشجَر يومَ الْإِثْنَيْنِ، وَخلق الكروم يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَخلق الدوابَّ يَوْم الْخَمِيس، وخَلَق آدم يَوْم الْجُمُعَة فِيمَا بَين العَصر وغُروب الشَّمْس.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُسبِتُ الَّذِي لَا يتحرّك، وَقد أَسبَت.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبات من النّوم: شبهُ غَشْية، يُقَال: سُبِت الْمَرِيض فَهُوَ مَسبوت.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: ابْنَا سُبات: اللَّيْل وَالنَّهَار، قَالَ ابْن أَحْمَر الباهليّ:
وكنّا وهمْ كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقَا
سوى ثمَّ كانَا مُنْجداً وتِهامِيَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سبَتَ شعرَه وسلَته وسبَّده وسبَّته: إِذا حلَقه. قَالَ: وسبّده إِذا أعْفاه، وَهَذَا من الأضداد.
أَبُو زيد: السبْتاء: الصَّحْراء وجمعُها السَّباتيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا جرى الإرطاب فِي الرُّطَبة كلّها فَهِيَ المُنْسبِتة، وَهُوَ رُطَب مُنْسبِت.
وَفِي الحَدِيث أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَمشي بَين الْقُبُور فِي نَعْلَيه فَقَالَ: (يَا صَاحب السِّبْتَين اخلَعْ سِبْتَيْك) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّبتُ: الجِلدُ المدبوغ. قَالَ: فَإِن كَانَ عَلَيْهِ شَعر وصُوف أَو وَبَر فَهُوَ مُصْحب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النِّعالُ السِّبِتيّة: هِيَ المدبوغة بالقَرَظ.
قلت: وحديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدلُّ على أَن السِّبْت مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ.
حدّثنا مُحَمَّد بن سعيد البوشنجي الْمَعْرُوف بالكوفي قَالَ: حدّثنا الحُلْوانيّ، عَن عبد الرزّاق، عَن مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن عُبَيد بن جُريج أَنه قَالَ لِابْنِ عمر: رأيتُك تلبس النِّعال السِّبتِيَّة، فَقَالَ: رأيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلبس النِّعَال الَّتِي

(12/269)


لَيْسَ عَلَيْهَا شعر ويتوضّأ فِيهَا، وَأَنا أُحبّ أَن أَلبَسَها.
قلت: كَأَنَّهَا سُمّيتْ سِبْتيّة لِأَن شَعَرها قد سُبِت عَنْهَا. أَي: حُلِق وأُزيلَ بعلاج من الدِّباغ مَعْلُوم عِنْد دَباغِيها. يُقَال: سَبَت شَعْرَه: إِذا حَلَقَه.
أسبتتِ الحيّة إسباتاً: إِذا أطرق لَا يَتَحَرَّك. قَالَ:
أصممُّ أعمى لَا يُجيب الرُّقى
من طول إطراق وإسبات
قَالَ أَبُو بكر: أَرض سبتاء: إِذا كَانَت مستوية.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمّيت النِّعَال المدبوغة سبتية لِأَنَّهَا انسبتت بالدباغ، أَي: لانت. قَالَ: وانسبتت الرَّطبة، أَي: لانت، فَهِيَ منسبتة، أَي: لينَة.
وَقَالَ عنترة:
بطلٌ كَأَن ثِيَابه فِي سرحة
يُحدَى نعال السِّبت لَيْسَ بتوأم
مدحه بِأَرْبَع خِصَال كَرِيمَة:
أَحدهَا: أَنه جعله بطلاً، أَي: شجاعاً.
وَالثَّانِي: أَنه جعله طَويلا، شبهه بالسَّرحة.
وَالثَّالِث: أَنه جعله شريفاً للُبْسه نعال السِّبت.
وَالرَّابِع: أَنه جعله تَامّ الْخلق نامياً، لِأَن التوأم يكون أنقص خلقا وقوّة وعقلاً وخُلقاً.
س ت م
اسْتعْمل من وجوهها: سمت، متس.
متس: قَالَ اللَّيْث: المَتْسُ: لغةٌ فِي المَطْس. وَهُوَ الرَّمْي بالجِعْس.
سمت: قَالَ النَّصْر بن شمَيل: التَّسْميت: الدُّعَاء بِالْبركَةِ تَقول بَارك الله فِيك. وَقَالَ اللَّيْث: السمت: حسن النَّحْو فِي مَذْهَب الدّين والفِعل مِنْهُ سَمَت يسمت سَمْتاً وَإنَّهُ لحسَنُ السمت. والسمت: الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السمت.
قَالَ: والسَّمْت أَيْضا: السيْرُ بالحدْس والظّنّ على غير طَرِيق، وَأنْشد:
لَيْسَ بهَا زيغٌ لِسمْتِ السّامِتِ
قَالَ: والتَّسميتُ: ذِكرُ الله على كلّ شَيْء. والتَّسميتُ: قولُك للعاطس: يرحمُك الله.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي العبّاس أَنه قَالَ: يُقَال: سَمَّتَ فلانٌ العاطسَ تسميتاً، وشَمّته تشْميتاً: إِذا دَعَا لَهُ بالهَدْيِ، وقصْدِ السمتِ الْمُسْتَقيم، وَالْأَصْل فِيهِ السِّين فقلبت شيناً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تعمّده تعمُّداً، وتسمّته تسمُّتاً: إِذا قصد نَحوه.
وَقَالَ شمر: السمتُ: تنسُّمُ القَصْد.

(12/270)


وَقَالَ الْفراء: يُقَال: سمَتَ لَهُم يَسْمِتُ سَمْتاً: إِذا هُوَ هَيّأ لَهُم وَجْه الْعَمَل وَوجه الْكَلَام والرأي. وَهُوَ يسمِت سَمْتَه، أَي: يَنحُو نَحوه. وَفُلَان حسَنُ السمْت، أَي: حسن القَصْد.
وَفِي حَدِيث حُذيفة: (مَا أعلم أحدا أشبهَ سمتاً وهَدياً ودَلاًّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ابْن أم عبد) .
قَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: السمتُ: اتّباعُ الْحق والهَدْيِ وَحسن الجِوار وقلّةُ الأذيّة. قَالَ: ودلَّ الرجلُ: حَسُنَ حديثُه ومَزْحُه عِنْد أَهله.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ حسنُ السمت: إِذا كَانَ حسنَ الْقَصْد وَالْمذهب فِي دينه ودنياه.
وَقَالَ أَعْرَابِي من قيس:
سَوف تجُوبين بِغَيْر نَعْتْ
تعسُّفاً أَو هَكَذَا بالسَّمْتِ
السمتُ: القَصد. والعَسْف: السّير على غير علم وَلَا أثر.
وَقد أهملت السِّين مَعَ الطَّاء إِلَى آخر الْحُرُوف، وَمَعَ الدَّال إِلَى آخرهَا، وَمَعَ الثَّاء إِلَى آخرهَا فَلم يُستعمل من جَمِيع وجوهها شَيْء فِي مُصاص كَلَام الْعَرَب.
وَأما قَوْلهم: هَذَا قضاءُ سَذُوم بِالذَّالِ: فقد تقدّم القَوْل فِيهِ أنّه عجمي، وَكَذَلِكَ البُسَّذ لهَذَا الجوْهر لَيْسَ بعربي، وَكَذَلِكَ السَّبَذَة فارسيّ.

(أَبْوَاب: س ظ س ذ س ث: مُهْملَة)
(أَبْوَاب) السّين والرّاء)
س ر ل
اسْتعْمل من وجوهها: رسل، سرل.
سرل: أمّا سرل: فَإِنَّهُ لَيْسَ بعربيّ صَحِيح، والسراويل معرّبة، وَجَاء السَّرَاوِيل على لفظ الْجَمَاعَة، وَهِي وَاحِدَة، وَقد سمعتُ غير وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: سرْوال. وَإِذا قَالُوا سَرَاوِيل أنّثوا.
وَفِي حديثٍ رُوِي عَن أبي هُرَيْرَة (أَنه كره السَّرَاوِيل المخَرْفجة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: هِيَ الواسعة الطَّوِيلَة، وَقد مرَّ تفسيرُها فِي كتاب الْخَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّرَاوِيل: أعجميّة أُعرِبتْ وأُنِّثت، وَتجمع سراويلات. قَالَ: وسرْوَلْتُه: إِذا ألبسته السَّرَاوِيل.
قَالَ أَبُو عُبَيدة فِي شِيات الْخَيل إِذا جَاوز بَيَاض التّحْجيل العَضُدَين والفَخْذَين فَهُوَ أَبْلَق مُسَرْوَل.
قلتُ: والعربُ تَقول للثَّوْر الوَحشيّ: مُسَرْوَلٌ للسواد الَّذِي فِي قوائمه، وَأما قَول ذِي الرُّمّة فِي صفة الثَّور:

(12/271)


تَرَى الثَّوْر يَمْشي رَاجعا من ضحائهِ
بهَا مثلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْولِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالهبرزيّ: الْأسد، جعله مُسرْوَلاً لِكَثْرَة شَعر قوائمه.
وَقيل: الهبْرِزِيُّ: الْمَاضِي فِي أمره. ويُروَى:
مِثلَ مَشْيِ الهِرْبِذِيّ
يَعْنِي مَلِكاً فارسيّاً، أَو دِهْقاناً من دَهاقِينهم، وجعلَه مُسَرْوَلاً لِأَنَّهَا من لباسهم.
يَقُول: هَذَا الثور يتبختر إِذا مَشَى تَبختُر الفارسيِّ إِذا لَبس سراوِيله.
رسل: قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ فِي قَول المؤذِّن: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: معنى أشهَد أُعلم وأُبيِّن أَن مُحَمَّدًا مُتابع للإِخبار عَن الله جلَّ وَعز.
قَالَ: وَالرَّسُول مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الَّذِي يُتَابع أَخْبَار الَّذِي بَعثَه؛ أُخِذ من قَوْلهم: جَاءَت الإبلُ رسلًا، أَي: متتابعة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مُوسَى وأخيه: {فَقُولا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: 16) ، مَعْنَاهُ: إِنَّا رسالةُ ربّ الْعَالمين، أَي: ذَوَا رِسالةِ رَبِّ الْعَالمين، وَأنْشد هُوَ أَو غَيره:
لقد كَذَب الواشُون مَا فُهتُ عندَهم
بسرَ وَلَا أَرْسَلْتهُم برَسولِ
أَرَادَ: وَلَا أرسلتهُم برسالة.
قلت: وَهَذَا قولُ الْأَخْفَش، وسمِّيَ الرسولُ رَسُولا لِأَنَّهُ ذُو رَسول، أَي: ذُو رِسَالَة، وَالرَّسُول اسمٌ من أَرسلْت، وَكَذَلِكَ الرسَالَة.
وَيُقَال: جَاءَت الإبلُ أَرْسالاً: إِذا جَاءَ مِنْهَا رَسل بعد رَسل، وَالْإِبِل إِذا وَرَدت الماءَ وَهِي كَثِيرَة فَإِن القيِّم بهَا يُورِدها الحوضَ رَسلاً بعد رَسل، وَلَا يُورِدُها جملَة فتزدَحم على الْحَوْض وَلَا تَرْوَى. والرَّسلُ: قطيعٌ من الْإِبِل قَدْر عَشر تُرسل بعد قَطِيع.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للفحل العربيّ يُرْسل فِي الشَّوْل ليَضربَها: رَسيلٌ، يُقَال: هَذَا رسيلُ بني فلَان، أَي: فَحْل إبلِهم، وَقد أَرسل بنُو فلَان رَسيلَهم، أَي: فَحلَهم، كَأَنَّهُ فَعِيل، بِمَعْنى مُفعَل من أُرسل.
وَهُوَ كَقَوْل الله: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - م صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} {تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (لُقْمَان: 1، 2) ، يُرِيد وَالله أعلم الكتابَ المُحكَم دَلَّ على ذَلِك قولُه: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - رَ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ} (هود: 1) ، وَمِمَّا يشاكله قَوْلهم للمُنذَر: نَذِير، وللمُسْمَع: سَميع.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الأَرْض إِذا دُفِن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عليّ فَدّاداً ذَا مالٍ كثير وَذَا خُيَلاء) .

(12/272)


وَفِي حديثٍ آخَرَ: (أَيُّما رجلٍ كَانَت لَهُ إبلٌ لم يُؤَدِّ زكاتَها بُطِحَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تَطؤُه بأخفافها إلاَّ من أَعطَى فِي نَجْدَتها ورِسلها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: إِلَّا من أعْطى فِي إبلِه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ عطاؤه، فَيكون نجدةً عَلَيْهِ، أَي: شدَّة، أَو يُعطى مَا يهون عَلَيْهِ عطاؤه مِنْهَا، فيعطِي مَا يعطِي مُسْتهيناً بِهِ على رِسلِه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: (إلاّ من أَعطَى فِي رِسلِها) ، أَي: بطيبِ نَفْس مِنْهُ. والرِّشْل فِي غير هَذَا: اللَّبَنُ.
يُقَال: كثُر الرِّسل الْعَام، أَي: كثُر اللَّبن.
وَقد مر تَفْسِير الحَدِيث فِي بَاب الْجِيم بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَإِذا أورد الرجل إبلَه متقطعةً قيل: أوردهَا أَرْسَالًا. فَإِذا أوردهَا جمَاعَة قيل: أوردهَا عِراكاً.
وَفِي حَدِيث فِيهِ ذِكر السَّنَة: (ووَقِير كثير الرَّسَل، قَلِيل الرِّسْل) .
قَوْله: (كثير الرَّسل) ، يَعْنِي الَّذِي يُرسل مِنْهَا إِلَى الرِّعي كثير. أَرَادَ أَنَّهَا كثيرةُ الْعدَد قَليلَة اللَّبن.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: الرَّسَلُ من الْإِبِل وَالْغنم: مَا بَين عشر إِلَى خمس وَعشْرين.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة مُرَاسِلاً، يَعْنِي ثيّباً.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيّ أَنه قَالَ: رَأَيْت فِي عَام كثُر فِيهِ الرِّسْل البياضَ أكثرَ من السوَاد، ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك فِي عَام كثر فِيهِ التّمر السوادَ أكثرَ من الْبيَاض. الرِّسْلُ: اللَّبن، وَهُوَ الْبيَاض إِذا كثُر قلّ التّمر، وَهُوَ السوَاد. وَأهل البَدْو يَقُولُونَ: إِذا كثر الْبيَاض قل السوَاد، وَإِذا كثر السوَاد قل الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسْل بِفَتْح الرَّاء الَّذِي فِيهِ لِينٌ واسترخاء.
يُقَال: ناقةٌ رَسْلةُ القوائم، أَي: سِلسةٌ ليّنة المفاصل، وَأنْشد:
برَسْلَةٍ وُثِّق مُلتَقاها
مَوضِع جُلْبِ الكُورِ من مَطاهَا
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّسْل بِسُكُون السِّين الطويلُ المسترسل، وَقد رَسل رَسَلاً ورَسَالة.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسترسال إِلَى الْإِنْسَان كالاستئناس والطُّمأنينة.
يُقَال: غَبْنُ المُسترسِل إِلَيْك رِياً.
قَالَ: والتَّرسُّل: من الرِّسْل فِي الْأُمُور والمَنطِق: كالتمهُّل والتوقُّر والتثبت. وجمعُ الرسَالَة الرسائل، وَجمع الرَّسول الرُّسل.
والرسولُ بِمَعْنى الرسَالَة يؤنَّث ويذكّر فَمن أنّث جمعَه أَرسُلاً. وَقَالَ الشَّاعِر:
قد أَتَتْها أَرْسُلِي

(12/273)


وَيُقَال: هِيَ رَسولُك. وناقةٌ مِرْسال: رَسلةُ القوائم، كثيرةُ شعر السَّاقَيْن، طَوِيلَة.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: يُقَال: امرأةٌ مُراسل، وَهِي الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زوجُها أَو طلّقها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تسمِّي المُراسل فِي الغِناء والعَمل: المُتالي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَرسل القومُ فهم مُرسلون: إِذا كَانَ لَهُم رِسل، وَهُوَ اللَّبن. وَقَول الْأَعْشَى:
عُولَيْنِ فوْق عُوّجٍ رِسَالِ
أَي: قَوَائِم طوال.
وَقَالَ اليزيديّ: الترتيل فِي الْقِرَاءَة والتَّرْسيل وَاحِد.
قَالَ: وَهُوَ التَّحْقِيق بِلَا عجلة. وَقيل: بعضه على إِثْر بعض. والمُرْسلةُ: القِلادة فِيهَا الخَرَز وَغَيرهَا.
وَيُقَال: جارِيةٌ رُسُلٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة لَا تَخْتَمِر. وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
وَلَقَد أَلْهُو ببِكْرٍ رُسُلٍ
مَسُّها أَلْيَنُ من مَسِّ الرَّدَنْ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْفرق بَين إرسالِ الله جلّ وعزّ أنبياءَه وإرسالِه الشياطينَ على أعدائه فِي قَوْله: {أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مَرْيَم: 83) ، أَن إرسالَه الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا هُوَ وَحيُه إِلَيْهِم أَن أَنذِروا عِبادي، وإرسالُه الشياطينَ على الْكَافرين تَخليَتُهم وإياهم، كَمَا تَقول: كَانَ فِي يَدي طائرٌ فأرسلتُه، أَي: خلّيته وأطلَقْتُه، وحديثٌ مُرسل: إِذا كَانَ غيرَ متّصل الْإِسْنَاد، وجمعُه مَراسيل.
الخرّاز بن الْأَعرَابِي: أرسل الْقَوْم: إِذا كَثُر رِسلهم، وَهُوَ اللَّبن. وَأَرْسلُوا إبلَهم إِلَى المَاء إرْسَالًا، أَي: قِطعاً. واسترسل: إِذا قَالَ أرسلْ إِلَى الْإِبِل أَرْسَالًا. ورجلٌ مُرَسِّلٌ: كثيرُ الرِّسل وَاللَّبن والشِّرْب. وَقَالَ تأبّط شرّاً:
ولستُ بِرَاعي ثلّة قَامَ وسطَها
طويلِ الْعَصَا غُرْنَيْقِ ضَحْلِ مُرَسَّلِ
مُرسِل: كثير اللَّبن، فَهُوَ كالغُرْنيق، وَهُوَ شبه الكُرَليّ فِي المَاء أبدا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن خَالِد بن جنْبة: الترسلُ فِي الْكَلَام: التّوَقّر والتفهُّم والتَّرفُّق من غير أَن يرفع صَوته شَدِيدا. قَالَ: والترسلُ فِي الرّكُوب: أَن يبسط الدَّابَّة ثُم تُرخى ثِيَابه على رجلَيْهِ حَتَّى يغيّبهما. قَالَ: والترسلُ فِي الْقعُود: أَن يتربَّع، وَأَن يُرْخِي ثِيَابه على رجلَيْهِ حوله.
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: حَدثنَا ابْن منيع عَن جده عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد عَن ابْن أبي ذُؤَيْب عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تزوج رجل من الْأَنْصَار امْرَأَة مُراسلاً يَعْنِي ثيّباً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فهلاّ تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك) .

(12/274)


وَأنْشد الْمَازِني:
يمشي هبيرةُ بعد مقتل شَيْخه
مَشْيَ المُراسِل بُشّرتْ بطلاقِ
قَالَ: المُراسِلُ: الَّتِي طُلقت مَرَّات، فقد بسأت بِالطَّلَاق، فَهِيَ لَا تباليه. يَقُول: فهُبيرة قد بسأ بِأَن يقتل لَهُ قَتِيل وَلَا يطْلب بثأره، فتعوّدَ ذَلِك مثل هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي بسأت بِالطَّلَاق، أَي: أنست بِهِ.
س ر ن
سنر، نسر، نرس، رسن: (مستعملة) .
سنر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّنانِيرُ: عِظامُ حُلوقِ الْإِبِل، وَاحِدهَا سِنَّوْر، وأَنشَد:
مَا بَيْن لَحْيَيْهِ إِلَى سِنَّوْرِهِ
قَالَ: والسِّنَّوْر: السيِّد. وَقَالَ: السَّنانير: رُؤَسَاء كلِّ قَبيلَة، الْوَاحِد سنَّوْر. وَقَالَ: والسِّنَّوْر: الضَّيْوَن، وجمعُه السَّنانير.
وأَخبرني المنذريُّ عَن الصّيداوي عَن الرّياشي قَالَ: السِّنَّوْر: أصلُ الذَّنب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: السَّنَوَّرُ: السِّلاح، وَيُقَال: هِيَ الدّروع.
أَبُو منجوف عَن أبي عُبيدة: السَّنَوَّرُ: الحديدُ كُله.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّنَوَّرُ: مَا كَانَ من حَلَق، يُرِيد الدُّروع، وأَنشَد:
سَهِكِين مِن صَدَإ الحديدِ كأنّهمْ
تحتَ السَّنَوَّرِ جِنَّةُ البَقّارِ
نسر: قَالَ اللّيث: النِّسر: طَائِر مَعْرُوف. والنَّسْران: نَجْمان فِي السّماء يُقَال لأَحَدهمَا الْوَاقِع وَللْآخر الطَّائِر، معروفان. والنَّسْرُ: نَتْفُ اللَّحْم بالمنقار، ومِنقارُ البازِي ونحوِه مَنْسِر ونَسْرُ الْحَافِر لَحمة يُشبههُ الشعراءُ بالنَّوَى، وَقد أَقْتَمها الحافرُ، وجمعُه النُّسور.
وَقَالَ سَلَمة بن الخُرشُب:
غَدَوْت بِهِ تُدافِعُني سبُوحٌ
فَراشُ نُسورِها عَجَم جَرِيرُ
قَالَ أَبُو سعيد: أَرَادَ بفَراش نسورِها حَدَّها، وفَراشةُ كلّ شَيْء حَدُّه، فَأَرَادَ أَن مَا يتقشّر من نُسورِها مِثل العَجَم وَهُوَ النَّوَى.
قَالَ: والنُّسور: الشَّواخص اللّواتي فِي بطن الْحَافِر، شبِّهت بالنّوَى لصلابتها، وَأَنَّهَا لَا تَمَسّ الأَرْض. ونَسْرِين الوَرْد مَعْرُوف، وَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا.
والنّاسور بالسِّن وَالصَّاد عِرْقٌ غَبِر، وَهُوَ عرقٌ فِي باطنِه فَساد، فكلَّما برأَ أَعْلَاهُ رَجَع غَبِراً فاسِداً، يُقَال: أصابَه غَبَرٌ فِي عِرْقه، وَأنْشد:
فَهُوَ لَا يَبرأُ مَا فِي صَدْرِه
مِثْل مَا لَا يَبْرأ العِرْقُ الغَبِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء العُقاب: النُّسارية، شُبِّهت بالنَّسْر، وَيجمع النَّسر نُسوراً، وَفِي الْعَدو الْأَقَل أنسُراً.

(12/275)


أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المَنسِر: مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين من الْخَيل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: المِنْسَر من الْخَيل: مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى العَشَرة، وَقد يُقَال: مَنْسِر، وَأما مِنْسر الطَّائِر وَهُوَ مِنقارُه فَهُوَ بِكَسْر الْمِيم لَا غير، يُقَال: نَسَره بِمِنْسِره نَسْراً.
رسن: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: رَسَنْتُ الفرسَ وأَرْسنْتُه: جعلت لَهُ رسناً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: رسنْتُ البِرْذَوْن: إِذا شَدَدْتَه، وأَرْسنْته: جعلتُ لَهُ رَسناً. وحزَمْتُ الفَرس: شدَدتُ حِزامَه وأَحزَمْته جعلتُ لَهُ حزاماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسَن: الحَبْل وجمعُه أرسان. قَالَ: والمَرْسَن: الْأنف وجمعُه المَراسِنُ.
نرس: فِي سَواد الْعرَاق قريةٌ يُقَال لَهَا: نَرْسٌ، ويُحْمل مِنْهَا الثِّياب النَّرْسيّة. ونِرْسيان: ضَرْبٌ من التَّمْر أجوده يكون بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهَا عربيّاً. وَأهل الْعرَاق يَضْربون الزبدَ بالنِّرْسيانِ مَثَلاً لما يستطاب.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (وأجررت المرسون رَسَنَه) . المرسون: الَّذِي جُعل عَلَيْهِ الرسن. يُقَال: رسنت الدَّابَّة وأرسنته؛ تُرِيدُ خلّيته وأهملته يرْعَى كَيفَ شَاءَ. أخبر عَن مسامحته وسماحة أخلاقه، وَتَركه التَّضْيِيق على أَصْحَابه.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: ثَمَرَة نرسيانة بِكَسْر النُّون؛ والجميع نرسيان.
س ر ف
سفر، سرف، فرس، فسر، رسف، رفس.
سرف: قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (الْإِسْرَاء: 33) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ: لَا يَقتُل غيرَ قَاتله، وَإِذا قَتلَ غيرَ قَاتله فقد أسرَف.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: السَّرَف: تجَاوز مَا حُدَّ لَك. والسَّرَف الْخَطَأ؛ وإخطاءُ الشَّيْء: وضعُه فِي غير مَوْضِعه.
قَالَ: والسَّرَف: الإغفال. والسَّرَف: الْجَهْل.
ورُوي عَن عائشةَ أَنها قَالَت: إِن لِلَّحم سَرَفاً كسَرَف الْخمر.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال: سَرِفْتُ الشيءَ، أَي: أخطأته وأغفَلْتُه.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد الكلابيّ فِي حَدِيث: (أَرَدْتُكُم فَسَرِفْتُكم) ، أَي: أَخْطَأْتُكم.
وَقَالَ جرير يَمْدح بني أميّة:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوها ثمانيةٌ
مَا فِي عطائِهمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ

(12/276)


يُرِيدُ أَنهم لم يُخطِئُوا فِي عَطِيَّتِهم، وَلَكنهُمْ وضَعوها موضِعَها.
وَقَالَ شَمِر: سَرَفُ الماءِ: مَا ذهب مِنْهُ فِي غير سقْي وَلَا نفع، يُقَال: أرْوَت البئرُ النخيلَ، وذهبَ بقيَّةُ الماءِ سَرَفاً؛ وَقَالَ الهُذَليّ:
فَكَأَنَّ أَوْساطَ الجَدِيَّةِ وَسَطَها
سَرَفُ الدِّلاءِ من القَلِيبِ الخِضْرِمِ
قَالَ: سَرِفْتُ يَمِينَه، أَي: لم أعرفهَا. وَقَالَ ساعِدَةَ الهُذَليّ:
حَلِفَ امرىءٍ بَرَ سَرِفْتِ يَمينَه
ولكلِّ مَا قَالَ النُّفوسُ مُجَرّبُ
يَقُول: مَا أخفَيتُ وَمَا أظهَرْت فإنّه سَيظْهر عِنْد التّجربة.
وَقَالَ سُفيانُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ} (الْفرْقَان: 67) ، أَي: لم يَضَعوه فِي غير مَوْضِعه، {وَلَمْ يَقْتُرُواْ} ، أَي: لم يقصِّروا بِهِ عَن حقّه.
قَوْله: {وَلَا تُسرِفوا} (الْأَعْرَاف: 31) : إِن الإِسراف أكلُ مَا لَا يحل أكله، وَقيل: هُوَ مُجَاوزَة الْقَصْد فِي الْأكل مِمَّا أحله الله.
وَقَالَ سُفْيَان: الْإِسْرَاف: أكل مَا أنفِق فِي غير طَاعَة الله.
وَقَالَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة: الْإِسْرَاف مَا قُصِّر بِهِ عَن حق الله. والسَّرَفُ: ضد الْقَصْد. وَقَوله تَعَالَى: {اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} (غَافِر: 34) : كَافِر شَاك. والسَّرفُ: الجهلُ. والسرفُ: الإغفال، أردتكم فسرِفتكم، أَي: أغفلتكم.
وَقَالَ شمر: رُوي عَن محمّد بن عَمْرو أَنه قَالَ فِي قَول عَائِشَة: (إنّ للّحم سَرَفاً كسرَف الْخمر) ، أَي: ضَراوةً كضَراوة الْخَمر.
قَالَ شَمِر: لم أَسمَع أحدا ذَهَب بالسَّرَف إِلَى الضَّراوة، وَكَيف يكون ذَلِك تَفْسِيرا لَهُ وَهُوَ ضدّه، والضَّراوة للشَّيْء: كثرةُ الاعتياد لَهُ، والسّرَف بالشَّيْء: الجهلُ بِهِ إِلَّا أَن تصير الضَّراوة نفسُها سَرَفاً، أَي: اعتيادُه وكثرةُ شِرائه سَرَف.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ أَنه قَالَ لرجل: إِذا أَتيتَ مِنًى، فانتهيتَ إِلَى موضِع كَذَا فَإِن هُنَاكَ سَرْحةً لم تُجْرَد وَلم تُسْرَف، سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبيا فَانْزِل تحتهَا.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ اليزيديّ: لم تُسرَف يَعنِي لم تُصِبْها السُّرْفة، وَهِي دُوَيْبَة صغيرةٌ تَثقُب الشّجر وتَبنِي فِيهَا بَيْتا. قَالَ: وَهِي الَّتِي يُضْرَب بهَا المَثَل فَيُقَال: أصنَع من سُرْفَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّرْفُ ساكنُ الرَّاء: مصدرُ سُرِفت الشّجرة تُسرَف سَرْفاً: إِذا وقعتْ فِيهَا السُّرْفة.
أَبُو عُبيد: السَّرِف: الْجَاهِل.
وَقَالَ طَرَفة:

(12/277)


إنَّ امْرأ سَرِفَ الفُؤادِ يَرَى
عَسَلاً بماءِ سَحابةٍ شَتْمِي
والأُسْرُفُّ: الآتكُ، فارسيَّة معرّبة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسرَف الرجلُ: إِذا جاوَزَ الْحَد، وأسرَف إِذا أخطأَ، وأسرَف: إِذا غَفَل.
سفر: قَالَ الله جلّ وَعز: { (مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ} {سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (عبس: 15، 16) .
قَالَ المفسِّرون: السفرة: الكَتَبَة، يَعْنِي الملائكةَ الَّذين يَكتُبون أعمالَ بني آدَم، واحدُها سَافر، مثل كاتِب وكَتَبة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: واعتباره بقوله: {لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ} {كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا} (الانفطار: 11، 12) ، وَإِنَّمَا قيل للْكتاب سِفْر وللكاتب سافِر، لأنَّ مَعْنَاهُ أَن يبيِّن الشيءَ ويوضِحه، وَمِنْه يُقَال: أسفَر الصبحُ: إِذا أضاءَ إضاءةً لَا يُشكّ فِيهِ.
وَمِنْه قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَسْفِروا بالفَجْر فَإِنَّهُ أعظَم لِلْأجرِ) يَقُول: صلُّوا صلاةَ الْفجْر بَعْدَمَا يتبيَّن الفجرُ ويَظهَر ظهوراً لَا ارتيابَ فِيهِ، فكلُّ من نَظَر إِلَيْهِ عَلِم أَنه الْفجْر الصَّادِق، وَمن هَذَا يُقَال: سفَرَت المرأةُ عَن وَجههَا: إِذا كشفتْ النِّقابَ عَن وَجههَا تَسفِر سفُوراً، وَمِنْه يُقَال: سفَرْتُ بَين القومِ أسفِر سفَارَةً: إِذا أصلحتَ بَينهم وكشفتَ مَا فِي قَلْب هَذَا وقلبِ هَذَا لتُصلح بَينهم. والسَّفِير: المُصلِح بَين النَّاس، قَالَه أَبُو عُبَيد.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: السَّفير: الرسولُ المُصلِح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السفَر: إسفارُ الْفجْر.
وَقَالَ الأخطل:
إنِّي أبِيتُ وهَمُّ الْمَرْء يَصْحَبُهُ
من أوّل اللَّيل حَتَّى يُفْرِجَ السفَرُ
يُرِيد الصُّبْح، يَقُول: أبِيتُ أسرِي إِلَى انفِجار الصّبح.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة وَذكر قوم لوط: أَو تُتُبِّعت أسفارهم بِالْحِجَارَةِ، يَعْنِي الْمُسَافِر مِنْهُم يَقُول: رُمُوا بِالْحِجَارَةِ حَيْثُ كَانُوا فألحقوا بِأَهْل الْمَدِينَة.
يُقَال: سَافر وسفْر، ثمَّ أسافر جمع الْجمع.
وَسُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَل عَن الإِسفار بِالْفَجْرِ فَقَالَ: هُوَ أَن يَضِحَ الفجرُ حَتَّى لَا يُشَكّ فِيهِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ إِسْحَاق، وَهُوَ قولُ الشافعيّ وذوِيه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} (عبس: 38) .
قَالَ الفرَّاء: أَي: مشرِقة مضيئة، وَقد أسفَر الصبحُ وأسفَر الْوَجْه.
قَالَ: وَإِذا ألقَت المرأةُ نِقَابها قيل: سفَرتْ فَهِيَ سافِرٌ بغيرِ هَاء. والسُّفْرة: الَّتِي يُؤكَل

(12/278)


عَلَيْهَا، سُمّيتْ سفْرة لِأَنَّهَا تُبسط إِذا أُكل عَلَيْهَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن عمَر دخل على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله بيتَه فَقَالَ: (لَو أمرتَ بِهَذَا الْبَيْت فسفِر) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: قَوْله: فسفِر، أَي: كُنِس، يُقَال: سفَرْتُ البيتَ وغيرَه: إِذا كنستَه، فَأَنا أسفِره سفرا، وَيُقَال للمِكنسة: المِسفَرة. وَمِنْه قيل لِما سقَط من وَرَق العُشْب: سفِير، لأنّ الرّيح تَسفِره.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
وَحَائِل من سَفِير الحَوْل جائِلُهُ
حَوْلَ الجَراثِين فِي ألوانِ شَهَبٌ
يَعْنِي الْوَرق تغيّر لونُه فحالَ وابيَضّ بعد مَا كانَ أخضَرَ.
وَيُقَال: سفَرَت الرِّيحُ الغَيْمَ عَن وجهِ السَّمَاء: إِذا كَشَطَتْه عَنهُ، وأنْشَدَ:
سَفْرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجَا
حَدثنَا السَّعْدِيّ عَن أَحْمد بن مُصعب عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عمرَان بن مُسلم عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: قَالَ عمر: صَلَاة الْمغرب فِي الفجاج مُسفرة. قَالَ أَبُو مَنْصُور: معنى قَوْله: أَي بيّنة مبصَرة لَا تخفى. وَفِي الحَدِيث: صَلَاة الْمغرب يُقَال لَهَا: صَلَاة الْبَصَر؛ لِأَنَّهَا تُؤَدّى قبل ظلمَة اللَّيْل الحائلة بَين الإبصار والشخوص. والسَّفَرُ: سفران: سفرُ الصُّبْح، وسفَرُ الْمسَاء.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: كَثُرَتْ السافِرَةُ بِموضع كَذَا، يَعْنِي المُسافِرين. قَالَ: والسَّفْر: جمعُ سافِر وسفْر أَيْضا. ورجلٌ مِسْفَر: إِذا كَانَ قويّاً على السَّفر، وَالْأُنْثَى مِسْفَرة.
قلت: وسمّي الْمُسَافِر مُسَافِرًا لكشفِه قِناعَ الكِنِّ عَن وَجهه ومنازل الْحَضَر عَن مَكَانَهُ ومنزل الْخَفْض عَن نَفسه، وبرُوزِه إِلَى الأَرْض الفضاء. وسُمِّيَ السَّفَر سفَراً لِأَنَّهُ يُسْفِر عَن وُجُوه الْمُسَافِرين وأخلاقِهِمْ فيَظْهِر مَا كَانَ خافياً مِنْهَا. وَيُقَال لبقيّةِ بياضِ النَّهَار بعد مَغيب الشَّمْس: سَفَرٌ لِوُضوحه وَمِنْه قولُ الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سفَراً لَهَا، لم تَرَ فِيهَا مَطَراً. أَرَادَ طلوعَها عِشاء. وَيُقَال: سافَر الرجلُ إِذا مَاتَ؛ وأنْشَد:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرٍ
وأنَّهُ يَوْمًا مُسافِرْ
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو زيد: السفارُ: سفارُ البَعير، وَهِي الحديدةُ الَّتِي يُخطم بهَا الْبَعِير.
قَالَ أَبُو زيد: وأَسفَرْتُ البَعيرَ إسفَاراً.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: سفَرْت البعيرَ بالسفار بِغَيْر أَلف.
وَقَالَ اللَّيْث: السفارُ: حَبْلٌ يُشَدُّ طرفُه

(12/279)


عَلَى خِطام الْبَعِير فيُدار عَلَيْهِ ويُجْعَل بقيَّته زِماماً، وَرُبمَا كَانَ السفارُ من حَدِيد، وجمعُه الأسفِرَة، وأمّا قولُ الله جلَّ وَعز: {يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ} (الْجُمُعَة: 5) ، فَإِن الزّجّاج قَالَ: الأسفارُ: الْكتب الْكِبَار، وَاحِدهَا سفْر، أعلَمَ اللَّهُ أنَّ اليَهودَ مَثَلُهم فِي تَركهم استِعمالَ التَّوْرَاة وَمَا فِيهَا كَمَثَلِ الْحمار يُحْمَلُ عَلَيْهِ الكُتُب وَهُوَ لَا يَعرِف مَا فِيهَا وَلَا يَعِيها. وواحدُ الْأَسْفَار: سفْرٌ، يُقَال: السّفر مقدَّم رأسِه من الشَّعْر: إِذا صَار أَجْلَح. وانسفَرَتْ الْإِبِل: إِذا ذَهَبَتْ فِي الأرْض. وفرسٌ سافِرُ اللَّحْمِ: أَي قَلِيلُهُ. وَقَالَ ابنُ مُقْبِل:
لَا سافِرُ اللَّحمِ مَدْخُولٌ وَلَا هَيجٌ
كاسِي العِظامِ لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المُسفَّرَة: كُبَّة الغَزْل.
ورُوِي عَن سعيد بنِ المُسَيِّب أَنه قَالَ: لَوْلَا أصواتُ السافِرة لسمعتم وَجْبَة الشَّمس. قَالَ: والسافرة: أمّةٌ من الرُّوم جَاءَ متَّصلاً بِالْحَدِيثِ ووجبةُ الشَّمْس: وُقوعُها إِذا غَرَبَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ قَالَ: السفْسير: الفَيْجُ، والتّابع وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه فِي قَول أَوْس:
مِن الفَصافِصِ بالنُّمِّيّ سفْسيرُ
إنّه يَعْنِي السمسارَ.
قلت: وَهُوَ معرّب عِنْده. وَقَالَ شمر: هُوَ القيّمُ بِالْأَمر الْمُصلِح لَهُ، وَأنكر أَن يَكونَ بيّاعَ القَتّ. وَيُقَال للثور الوحشيّ: مُسَافر ونابىء وناشط وَقَالَ:
كَأَنَّهَا بعد مَا خفّتْ ثَمِيلَتُهَا
مسافرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسفَرُ: الْأَثر يبْقى عَلَى جِلد الْإِنْسَان وغيرِه، وَجمعه سفور. قَالَ أَبُو وجزَة:
لقد ماحت عَلَيْك مؤبَّدَاتٌ
يلوح لهنَّ أندابٌ سفُورُ
قَالَ ابْن عَرَفَة: سُمِّيت الْمَلَائِكَة سُفَرةٌ لأَنهم يَسفِرون بَين الله وَبَين أنبيائه. قَالَ أَبُو بكر: سمُّوا سفرةً لأَنهم ينزلون بِوَحْي الله وتأديته، وَمَا يَقع بِهِ الصّلاح بَين النَّاس، فشُبِّهوا بالسفير الَّذِي يصلح بَين الرجلَيْن فيصلح شَأْنهمَا.
فرس: سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الفِرسة: الحَدْبة، والفَرْصَة: رِيحُ الحَدَب. والمَفْزُورُ والمَفْرُوس: الأحدَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَرَس السَّبُعُ الدابّة فَرْساً: إِذا دَقّ عُنُقُه.
وَقَالَ: الأَصْل فِي الفَرْس: دَقُّ العُنُق، ثمَّ جُعِل كلُّ قَتْل فَرْساً.
يُقَال: ثورٌ فَرِيس، وبقرةٌ فَريس، وَيُقَال للرجل إِذا ذَبح فنَخع: قد فَرس. وَقد كُرِه الفَرْسُ فِي الذَّبيحة. رَوَاهُ أَبُو عُبيد بإسنادٍ لَهُ عَن عُمر.

(12/280)


قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الفَرْس: هُوَ النَّخْع. يُقَال: فَرَسْتُ الشاةَ ونَخْعتُها، وَذَلِكَ أَن يَنتهيَ بالذبْح إِلَى النُّخاع، وَهُوَ الخَيْط الَّذِي فِي فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فَهِيَ أَن يُنتهىَ بِالذبْحِ إِلَى ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أما النَّخْع فعلى مَا قَالَ أَبُو عُبيدة. وَأما الفَرْس فقد خُولِف فِيهِ، فَقيل: هُوَ الْكسر، كَأَنَّهُ نهَى أَن تُكسَر رقبةُ الذَّبِيحَة قبلَ أَن تَبرُد، وَبِه سمّيت فريسة الْأسد للكسْر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْسُ بِالسِّين الْكسر وبالصاد: الشَّقّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الفَرْس: أَن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أَن تُذبح الشَّاة قَالَ: والفَرْس: رِيح الحَدب، والفِرْس أَيْضا ضَرْبٌ من النَّبَات، واختلَف الأعرابُ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو المكارم: هُوَ القَضْقاض.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ الشِّرْشِر. وَقَالَ غَيره: هُوَ الحَبْن. وَقَالَ غَيره: هُوَ البَرْوَق.
قَالَ: ويكنَى الأسدُ: أَبَا فِراس، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: من أَسماء الأَسد: الفِرْناسُ، مَأْخُوذ من الفَرْس وَهُوَ دقُّ العُنُق وَالنُّون زَائِدَة.
الْأَصْمَعِي: يُقَال: فارسٌ بيّنُ الفُروسة والفَراسة، وَإِذا كَانَ فَارِسًا بعَينه ونَظَره فَهُوَ بيّن الفِرَاسة بِكَسْر الْفَاء.
وَيُقَال: إِن فلَانا لفارِسٌ بذلك الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.
وَيُقَال: اتّقُوا فِراسة الْمُؤمن، فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله. وَقد فَرُس فلَان يَفرسُ فُروسة وفَراسةً: إِذا حَذق أمرَ الْخَيل.
وَيُقَال: هُوَ يتفرّس: إِذا كَانَ يُرِي الناسَ أَنه فَارس على الْخَيل.
وَيُقَال: فلانٌ يتفرَّس: إِذا كَانَ يَتثبَّتُ ويَنظُر.
وروَى شَمِر بإسنادٍ لَهُ حَدِيثا أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَرَض يَوْمًا الخيلَ وعندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري، فَقَالَ لَهُ: (أَنا أعلمُ بِالْخَيْلِ مِنْك) ، فَقَالَ عُيَيْنة: وَأَنا أعلم بِالرِّجَالِ مِنْك. فَقَالَ: خِيارُ الرِّجَال الَّذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم، ويعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كذبتَ، خِيارُ الرِّجَال رجالُ أهلِ الْيمن، الإيمانُ يَمانٍ وَأَنا يَمانٍ) .
وَفِي حديثٍ آخر: (وَأَنا أَفْرَس بِالرِّجَالِ مِنْك) ، يُرِيد: أبصَر.
يُقَال: رجلٌ فَارس بيّن الفُروسة والفَراسة فِي الْخَيل، وَهُوَ الثَّبَات عَلَيْهَا والْحِذْق بأمرِها. قَالَ: والفِراسة بِكَسْر الْفَاء فِي النّظر والتثبّت والتأمّل للشَّيْء والبَصَر بِهِ.
يُقَال: إِنَّه لفارسٌ بِهَذَا الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.

(12/281)


وَفِي حديثٍ آخر: (أفرَسُ النَّاس ثَلَاثَة) ، ثمَّ ذكَر الحَدِيث.
وَفِي حديثٍ آخر: (عَلِّموا رجالَكم العَوْم والفَرَاسة) .
قَالَ: والفَراسة: العِلْم بركوب الْخَيل ورَكْضِها.
قَالَ: والفارس: الحاذقُ بِمَا يمارس من الْأَشْيَاء كلِّها، وَبهَا سمّيَ الرجُل فَارِسًا.
وَفِي حديثِ يأجوجَ ومأجوجَ: (إنّ الله يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى) ، أَي: قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ، وَمِنْه فَريسة الْأسد. وفَرْسى جمعُ فَريس، مِثلُ قَتِيل وقَتلى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال أصابتْه فَرْسة: إِذا زَالَت فَقْرةٌ من فِقَر ظَهره. وَأما الرّيح الَّتِي يكون مِنْهَا الحَدَب فَهِيَ الفَرْصة بالصَّاد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَراس: تَمرٌ أسوَد، وَلَيْسَ بالشِّهْرِيز، وأَنشد:
إِذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً
على الأَنْباكِ مِنْهُم والغُيوبِ
قَالَ: والأَنباكُ: التِّلال.
ابْن السكّيت: الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق، ثمَّ صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً، وبالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس، وَقد رأيتُها. والفِرْس: ضَربٌ من النَّبت.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرِيس: حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ فِي طرف الحَبْل، وَأنْشد غَيره:
فَلَو كَانَ الرِّشا مائتَين باعاً
لَكَانَ مَمَرُّ ذَلِك فِي الفَرِيسِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الفَرْسة: قَرحة تكون فِي الْعُنُق فتَفْرِسها.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفرسة: الحدب.
قَالَ: والفِرسة بِكَسْر الْفَاء: الحَدب. قَالَ: والأحدب مفروس، وَمِنْه فرست عُنُقه.
وَفِي حَدِيث الضَّحَّاك فِي رجل آلَى من امْرَأَته ثمَّ طَلقهَا، قَالَ: هما كفرسيْ رِهان، أَيهمَا سبق أُخِذ بِهِ. تَفْسِيره: بِأَن الْعدة وَهِي ثَلَاث حيض، إِذا انْقَضتْ قبل انْقِضَاء إيلائه وَهُوَ أَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ الْمَرْأَة بِتِلْكَ التطليقة، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ من الْإِيلَاء؛ لِأَن الْأَرْبَعَة الْأَشْهر تَنْقَضِي وَلَيْسَت لَهُ بِزَوْج، وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة الْأَشْهر وَهِي فِي الْعدة بَانَتْ مِنْهُ بالإيلاء مَعَ تِلْكَ التطليقة، فَكَانَت اثْنَتَيْنِ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: فارسٌ فِي النَّاس بيّن الفَراسة، والفِراسة وعَلى الدَّابَّة بيّن الفروسية والفرُوسةِ لُغَة فِيهِ.
فسر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَسْرُ: كشفُ مَا غُطِّيَ.

(12/282)


وَقَالَ اللَّيْث: الفَسْر: التَّفْسِير وَهُوَ بيانٌ وتفصيلٌ للْكتاب.
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّفْسِير والتأويل، وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّفْسِرةُ: اسمٌ للبَوْل الَّذِي يَنظُر فِيهِ الْأَطِبَّاء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل وكلُّ شَيْء يُعْرَف بِهِ تَفْسِير الشَّيْء وَمَعْنَاهُ فَهُوَ تَفسرَته.
وَقَوله عز وَجل: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} (الْفرْقَان: 33) ، الفَسرُ: كشف المغطَّى.
وَقَالَ بَعضهم: التَّفْسِير: كشف المُرَاد عَن اللَّفْظ الْمُشكل. والتأويل: رد أحد المحتملين إِلَى مَا يُطَابق الظَّاهِر.
رسف: قَالَ اللَّيْث: الرَّسْف والرَّسِيف والرَّسَفان: مَشْيُ المقيّد، وَقد رَسَف فِي القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فَهُوَ راسف.
أَبُو الْهَيْثَم عَن نصير: يُقَال للبعير إِذا قَارب الخطو وأسرع الْإِجَارَة، وَهِي رفع القوائم ووضعها: رَسف يرسُف. فَإِذا زَاد عَن ذَلِك فَهُوَ الرَّتَكان. ثمَّ الْحَفْد بعد ذَلِك.
رفس: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْسَةُ: الصَّدمة بالرِّجل فِي الصَّدر. يُقَال: رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.

س ر ب
سرب، سبر، رسب، ربس، بسر. برس.
رسب: قَالَ اللَّيْث: الرُّسوبُ: الذَّهابُ فِي المَاء سفْلاً. وَالْفِعْل رَسب يَرْسب.
قَالَ: وَالسيف الرَّسوبُ: الْمَاضِي فِي الضريبة، الغائبُ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: كَانَ لخَالِد بن الْوَلِيد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً، وَفِيه يَقُول:
ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ
بصارمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيق
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
قُبِّحْتَ من سالفةٍ ومِن قَفَا
عبدٌ إِذا مَا رَسَب القومُ طَفَا
قَالَ أَبُو العبّاس: مَعْنَاهُ: أَن الحُكَماء إِذا مَا تَرزَّنوا فِي مَحافِلهم طَفَا هُوَ بجَهْله، أَي: نَزا بجهله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المرسب: الأواسِي. والرَّسُوب: الْحَكِيم. وَفِي (النّوادر) : الرَّوْسَب والرَّوْسَم: الداهية.
ربس: قَالَ اللَّيْث: الرَّبْسُ مِنْهُ الارتباس؛ يُقَال: عُنقودٌ مرتَبس، وَمَعْنَاهُ: انهضامُ حَبِّه وتداخُلُ بعضِه فِي بعض، وكبشٌ رِبيس ورَبِيز، أَي: مكتنزٌ أَعجَر.
ابْن السّكيت: الرَّبِيس من الرِّجال: الشُجاع.

(12/283)


وأَنشَد:
ومِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جَاءَ بمالٍ ربيس، أَي: كثير. وَجَاء بالدِّبْس والرَّبْس وهما الداهية. وَقَالَ أَبُو زيد: جِئْت بأمورٍ دُبْس وبأمورٍ رُبْس، وَهِي الدّواهي بِالدَّال وَالرَّاء.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: اربَسَّ الرجلُ اربساساً، أَي: ذَهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ارْبسّ: إِذا غَدا فِي الأَرْض.
برس: ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء، وَأَبُو عُبيد عَن الأَصْمَعِي: البُرْسُ: القُطْن، وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ قُطن البَرْدِيّ.
وأَنشَد:
كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ
وبَرْبَسْتُ فلَانا، أَي: طَلَبتُه.
وأَنشَد:
وبَرْبَسْتُ فِي تَطْلابِ أرضِ ابْن مالكٍ
فأعجَزَني والمرءُ غيرُ أَصيلِ
ابْن السّكيت: يُقَال جَاءَ فلَان يَتبربس، أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ دُكين:
فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس
أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَاءَنَا فلَان بتبربس: إِذا جَاءَ متبختراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِرْباسُ: البئرُ العَمِيقة. قَالَ: والبَرْس: حَذاقَة الدَّليل. وبرَسَ: إِذا تَشدَّد على غَرِيمه.
سبر: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْرُ: مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً: إِذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه، وَيُقَال: إِنَّه لحَسَن السِّبْر: إِذا كَانَ حَسَن السَّحَناء والهَيْئة، والسَّحْناء اللّون، وجمعُه أَسْبار.
وَفِي الحَدِيث: (يَخرُج رجلٌ من النَّار قد ذَهَب حِبْرُه وسِبْرُه) ، أَي: هَيئته.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّبْر: اسْتِخْرَاج كُنْه الأَمْر. والسَّبْر: حُسْن الوَجه، وَمِنْه الحَدِيث: (قد ذهب حِبْرُه وسِبرهُ) . والمَسْبور: الحَسْن السبْر. وَفِي حَدِيث الزُّبير أنّه قيل لَهُ: مُرْبَنِيك فليتزوّجوا فِي الغَرانب، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر ونُحولُه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّبر هَهُنَا الشَّبَه. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن، فأمَرَه الرجُل أَن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لَهُم حُسنُ أبي بكر وشدّة غَيره.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السِّبر: مَا عرفت بِهِ لؤمَ الدَّابَّة أَو كرمها أَو لَوْنهَا من قِبَل أَبِيهَا. والسبْرُ أَيْضا: معرفتك الدَّابَّة بخِصب أَو جَدْب.
وَيُقَال: عرفتُه بسبر أَبِيه، أَي: بهَيْئته

(12/284)


وشَبَهِه وَقَالَ الشَّاعِر:
أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل
وهَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ
علينا سبْرُهُ ولِكلّ فَحْلٍ
على أولادِه مِنْهُ نِجارُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبْرة: طَائِر: تصغيرُه سُبَيرة.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: السُّبَر والنُّهس: طائران.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبَر: طائرٌ دونَ الصَّقر. وأَنشَد:
حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ والسُّبُر
قَالَ: والسَّبر: من أَسماء الأَسَد. وَلم أسمعهُ لغير اللَّيْث. وَقَالَ المؤرّج فِي قَول الفرزدق:
بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو
خَوادِرُ فِي الأخْياسِ مَا بَينهَا سِبْرُ
قَالَ: مَعْنَاهُ: مَا بينَها عَدَاوَة. قَالَ: والسِّبر: الْعَدَاوَة، وَهَذَا غَرِيب.
وَقَالَ اللّيث: السبر: التجربة، وَيُقَال: اسْبرُه مَا عندَ فلَان، أَي: ابلُه. قَالَ: والمِسبار: مَا يُقدَّر بِهِ غَوْر الجِراحات، قَالَ: والسِّبار: فَتيلةٌ تُجعَل فِي الجُرح.
وأَنشَد:
ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا
وَحدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا الْمحَاربي عَن مُسَافر الْعجلِيّ عَن الْحسن عَن أنس قَالَ: لم يخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي سفر قطّ إِلَّا قَالَ حِين ينْهض من جُلُوسه: (اللَّهُمَّ بك ابتسرْت، وَإِلَيْك تَوَجَّهت، وَبِك اعتصمت، أَنْت رَبِّي ورجائي. اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أهمني وَمَا لم أهتم بِهِ؛ وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني. وزودني التَّقْوَى، واغفر لي ذَنبي، ووجهني للخير حَيْثُ تَوَجَّهت) ثمَّ يخرج.
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله: (ابتسرت) ، أَي: ابتدأت سَفَرِي. وكلّ شَيْء أخذتَه غضاً فعد بسرته.
وَمِنْه قَول لبيد:
بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه
والبَسْرُ: المَاء الطري سَاعَة ينزل من المزن.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الْوضُوء فِي السَّبرَات.
قَالَ أَبُو عُبيد: السَّبْرة: شِدّة البَرْد.
وأَنشَد قولَ الحطيئة يصف الْإِبِل:
عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها
يُباكِرْنَ حَدَّ المَاء فِي السبراتِ
يَعْنِي شدّه بَرْد الشّتاء والسَّنة.

(12/285)


بسر: قَالَ الله جلّ وَعز: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} (الْقِيَامَة: 24) .
وَقَالَ تَعَالَى: {نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ} (المدثر: 22) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: (بَسَر) ، أَي: نظر بكراهية شَدِيدَة. وَقَوله عز وَجل: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} ، أَي: مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أَن الْعَذَاب نازِلٌ بهَا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فَذَلِك البَسَر، وَقد بَسَرها الفحلُ فَهِيَ مَبْسورة.
قَالَ شمر: وَمِنْه يُقَال: بَسَرْتُ غَريمي: إِذا تقاضيته قبل محلّ المَال. وبَسَرْت الدُّمُّل: إِذا عَصَرْتَه قبل أَن يتقيّح، وَكَأن البَسْر مِنْهُ.
أَبُو عُبَيْدَة: إِذا هَمت الْفرس بالفحل وأرادت أَن تستودق، فَأول وداقها المباسرة وَهِي مباسِرة، ثمَّ تكون وديقاً. والمباسِرَةُ: الَّتِي هَمت بالفحل قبل تَمام وداقها: فَإِذا ضربهَا الحصان فِي تِلْكَ الْحَال فَهِيَ مبسورة.
قَالَ شمر: وبَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً: إِذا رعيتَه غَضّاً وكنتَ أوّلَ من رَعاه.
وَقَالَ لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه
بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ
سَلَمةَ عَن الفرّاءِ قَالَ: البُسْرُ: الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن، والبَسْرُ: حَفْرُ الْأَنْهَار إِذا عَرا الماءُ أوطانَه.
قلتُ: وَهُوَ التبسّر؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرْض عَنهُ
تبسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسارَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَنَاتُ الأَرْض الأنهارُ الصِّغار، وَهِي الغُدْرانُ فِيهَا بَقايا المَاء، وَيُقَال للشمس بُسْرَة: إِذا كَانَت حَمْراء لم تَصْفُ؛ وَقَالَ البَعِيثُ يذكرهَا:
فَصَبَّحَه والشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ
بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ
وَقَالَ أَبو عُبيدة: إِذا همّت الفَرسُ بالفحْل وَلم تَسْتَوْدِق فَهُوَ مباسَرة، ثمَّ تكون وَدِيقاً؛ فَإِذا سفِدَها الحِصان فِي تِلْكَ الْحَال قيل: تَبَسَّرَها وبَسَرَها.
ورُوِيَ عَن الأشجع العَبْدِيّ أَنه قَالَ: لَا تَبْسُروا وَلَا تَثْجُروا؛ فَأَما البَسْرُ فَهُوَ خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب وانْتِبَاذُهُما مَعاً. والثَّجْرُ: أَن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مَعَ التَّمر، وكرِه هَذَا حِذار الخليطين؛ لنهي النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا. والبُسْر: مَا لَوَّنَ وَلم يَنضَج، وَإِذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدار فَهُوَ جَدالٌ، فَإِذا عَظُمَ فَهُوَ البُسْرُ، فَإِذا احْمَرَّت فَهِيَ شِقْحَةٌ.
اللَّيْث: البسرَة من النّبات مَا قد ارْتَفع عَن وَجْه الأَرْض ولَم يَطُل وَهُوَ غَضٌّ أطيَب

(12/286)


مَا يكون، وأَنشد:
رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعَاءَ حَتَّى آنَفَتْهَا فِصالْها
والبَيَاسِرَةُ: جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم، ورجُلٌ بَيْسرِي. والبِسَارُ: مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد فِي الصَّيف لَا يُقلِع عَنْهُم سَاعَة، فَتلك أيَّامُ البِسار.
والبَاسورُ: داءٌ مَعروفٌ، وَهُوَ معرَّب ويُجْمَع البواسير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البسرةُ رأسُ قضيبِ الْكَلْب، والمبْسُور: طالبُ الْحَاجة فِي غير موضعِها. وبَسَر النهرَ: إِذا حفر فِيهِ بِئْرا وَهُوَ جافّ؛ وَأنْشد:
تَبَسّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسَارَا
وَقَالَ: انبَسَر وبَسَرَ: إِذا خَلَط البُسْرَ بِالتَّمْرِ أَو الرطب فَنَبَذَهُما. وأَبْسرَ وبَسَرَ: إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه، وأَبْسَرَ: إِذا حَفَرَ فِي أرضٍ مَظْلومة.
سرب: قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} (الرَّعْد: 10) ، قَالَ: ساربٌ بِالنَّهَارِ أَي ظاهرٌ بِالنَّهَارِ؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
قَالَ: (وسارِبٌ بِالنَّهَارِ) ظاهرٌ بِالنَّهَارِ فِي سِرْبِه؛ يُقَال: خَلِّ لَهُ سِرْبَه، أَي: طَرِيقَه. فَالْمَعْنى: الظاهرُ فِي الطُّرُقات، والمستخفِي فِي الظُّلُماتِ، والجاهرُ بِنُطْقه، والمُضْمِرُ فِي نَفسه، عِلْمُ الله تَعَالَى فيهم سَوَاء.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله عز وَجل: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ} ، أَي: ظَاهر. والسارب: المتواري.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: المستخفِي: الْمُسْتَتر. قَالَ: والساربُ: الظَّاهِر، الْمَعْنى الظَّاهِر والخفِيّ عِنْده واحِدٌ.
وَقَالَ قَتَادة فِي قَوْله: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} : ظَاهر، وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عبَّاس.
وَقَالَ قُطْرُب: (ساربٌ بالنّهار) ومستتر، يُقَال: انسَرَبَ الوحشُ: إِذا دخلَ فِي كِنَاسِه.
قلت: تَقول العَرَب: سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ، وسَرَبَ الفحلُ سُرُوباً، أَي: مضتْ فِي الأَرْض ظَاهِرَة حَيْثُ شَاءَت. وَقَالَ الْأَخْنَس بن شهَاب التّغْلبي:
وكلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ
وَنحن خَلَعْنَا قَيْدَه فَهُوَ سَارِبُ
وأمّا الانسِراب فَهُوَ الدُّخُول فِي السّرَب كَمَا قَالَ. وَفِي الحَدِيث: (من أصبحَ آمنا فِي سِرْبِه) أَخْبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السِّرْبُ: النَّفْسُ، بِكَسْر السِّين. وفلانٌ آمِنٌ فِي سِرْبِه، أَي: فِي نَفْسِه، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السكّيت. قَالَ: والسِّرْبُ أَيْضا بالكَسْر: القَطيع من

(12/287)


الظِّبَاء والبَقَر والنِّساء.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السِّرْب والسُّرْبة من القَطا والظِّباء والشَّاء: القَطِيعُ.
وَيُقَال: فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب، أَي: وَاسعُ الصَّدر، بَطِيءُ الغَضَب. قَالَ: وفلانٌ آمنٌ فِي سِرْبه بِالْكَسْرِ. وَأما السَّرْبُ بِالْفَتْح فَإِن ابْن السكّيت قَالَ: السَّرْبُ: المالُ الرّاعي يُقَال: أَغير على مَال سَرْب بني فلَان وَيُقَال للْمَرْأَة عِنْد الطَّلَاق: اذهبِي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. وَنَحْو ذَلِك.
حَكَى أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أَنِّي لَا أَرُدُّ إبلك لتذهب حَيْثُ شَاءَت وأَصْلُ النَّدْه: الزَّجْرُ. وَقَالَ غَيره: كَانَ هَذَا من طَلاق أهلِ الْجَاهِلِيَّة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: خَلِّ سَرْبَ الرجل بِالْفَتْح، أَي: خَلِّ طريقَه قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: خل سِرْبَ الرَّجُل بِالْكَسْرِ. وَأنْشد بَيت ذِي الرّمة:
خَلَّى لَهَا سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهَا
مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ
قَالَ شمر: الرِّوَايَة: خَلَّى لَهَا سَرْبَ أُولاها بالفَتح.
قلتُ: وَهَكَذَا سمعتُ العَرَبَ تَقول: خَلِّ سَرْبَه، أَي: طَرِيقه.
وَكَانَ الْأَخْفَش يَقُول: أصبح فلانٌ آمِناً فِي سَرْبه بِالْفَتْح، أَي: فِي مَذْهبه ووَجْهه. والثِّقاتُ من أهل اللّغة قَالُوا: أصبح آمِناً فِي سِرْبه، أَي: فِي نَفْسِه.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: سَرِّبْ عليَّ الْإِبِل، أَي: أَرْسِلْها قِطْعَة قِطْعَة. قَالَ: وَيُقَال: خَرَج الماءُ سَرِباً، وَذَلِكَ إِذا خرج من عُيون الخُرَز؛ وَيُقَال: سَرِّب قِرْبَتَك، أَي: اجْعَل فِيهَا الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ؛ وأَنشد قَول جرير:
نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ
كَمَا عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السرَب: الماءُ السَّائِل.
قَالَ: وَقَالَ الْأمَوِي: السَّرَب: الْخَرز. وَأما قَوْله:
كَأَنَّهُ من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ
فَإِن الروَاة رَوَوْهُ بِالْفَتْح، وَقَالُوا: السَّرَبُ: المَاء. والسربُ: السَّائِل.
يُقَال: سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً: إِذا سَالَ فَهُوَ سَرِب.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} (الْكَهْف: 61) ، قَالَ: كَانَ الْحُوت مالحاً، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من الْعين فوَقَع فِي الْبَحْر جَمَد مَذْهَبُه فِي الْبَحْر، فَكَانَ كالسَّرَب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَت فِيمَا رؤيَ سَمَكةً مملوحةً، وَكَانَت آيَة لمُوسَى فِي الْموضع الّذي يَلقَى فِيهِ الْخَضِر، فاتّخذ سبيلَه فِي البحرَ سَرَباً، أَحْيَا الله تَعَالَى السّمكةَ حتّى

(12/288)


سَرَبتْ فِي البحرَ قَالَ: (وسَرَبا) منصوبٌ على جِهَتَيْنِ: على الْمَفْعُول، كَقَوْلِك: اتّخذتُ طريقي فِي السَّرَب، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كَذَا وَكَذَا، فَيكون مَفْعُولا ثَانِيًا؛ كَقَوْلِك: اتّخذت زيدا وَكيلا. قَالَ: وَيجوز أَن يكون (سَرَباً) مصدرا يَدُلَّ عَلَيْهِ (اتّخذ سبيلَه فِي الْبَحْر) ؛ فَيكون الْمَعْنى: نَسِيَا حُوتَهما. فجَعل الحوتُ طريقَه فِي الْبَحْر، ثمَّ بيّن كَيفَ ذَلِك، فكأنّه قَالَ: سَرِب الحوتُ سَرَباً.
وَقَالَ المُعْترِض الظَّفرى فِي السَّرب وَجعله طَرِيقا:
تركنَا الضَّبع سَارِيَة إِلَيْهِم
تنوب اللحمَ فِي سَرَب المَخِيم
قيل: تنوبه، تَأتيه. والسَّربُ: الطَّرِيق. والمَخِيمُ: اسْم وَاد؛ وعَلى هَذَا معنى الْآيَة: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ} (الْكَهْف: 61) ، أَي: سَبِيل الْحُوت طَرِيقا لنَفسِهِ، لَا يحيد عَنهُ. الْمَعْنى: اتخذ الْحُوت سَبيله الَّذِي سلكه طَرِيقا اطّرقه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} قَالَ: أظنّه يُرِيد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً؛ كَقَوْلِك: يَذهَب ذَهاباً.
وَقَالَ شمِر: الأَسراب من النَّاس: الأَقاطيع، واحدُها سِرْب. قَالَ: وَلم أَسمَع (سِرْبَ) فِي النَّاس إِلَّا للعجّاج:
ورَبِّ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً، أَي: يَجرِي جَرْياً؛ يُقَال: سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السراب: مَا لَصِقَ بِالْأَرْضِ، والآلُ: الّذي يكون ضُحًى كالمُلاَء بَين السَّماء وَالْأَرْض.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السراب: الّذي يَجرِي على وَجْه الأَرْض كأنّه المَاء، وَهُوَ يكون نِصفَ النَّهَار، وَهُوَ الّذي يَلصِق بِالْأَرْضِ؛ وَفِي صفة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ دقيقَ المَسْرُبَة؛ قَالَ أَبُو عبيد: المَسرُبة: الشَّعْرُ النَّابِت وَسطَ الصَّدْر إِلَى البَطْن؛ وأَنشَد:
الآنَ لما ابيَضَّ مَسْرُبَتي
وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: سُرِب الرجلُ فَهُوَ مَسروب سَرْباً، وَهُوَ دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الْإِنْسَان وفمه ودُبُرَه فَيَأْخذهُ حَصَرٌ عَلَيْهِ فرُبما أفرَق وربّما مَاتَ وَالِاسْم الأُسرُبُ.
وَقَالَ شمِر: الأُسرُبُ مخفف الْبَاء، وَهُوَ بالفارسيّة سُرْب.
قَالَ أَبُو عبيد: مَسربةُ كلّ دَابَّة: أعاليه من لدن عُنُقه إِلَى عَجْبه، وَأنْشد:
جلال أَبوهُ عمُّه وَهُوَ خَاله
مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ
قَالَ: أقرابه: مَراقّ بَطْنه. قَالَ الشَّيْخ:

(12/289)


وَفِي الحَدِيث فِي الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ يمسح صفحتيه بحجرين، وَيمْسَح بالثالث المَسْرُبة، يُرِيد أَعلَى الْحلقَة. وَقَالَ بَعضهم: السُّربة: كالصُّفة بَين الغرفة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: تسرّبْتُ من المَاء وَمن الشَّرَاب، أَي: تملأتُ مِنْهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل إِذا حَفَر: قد سرَّب: أَي: أخَذَ يَميناً وشِمالاً. وَإنَّهُ لبَعيد السرْبة: أَي: بَعيد المَذْهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ الشَّنْفَرَى، وَهُوَ ابْن أختِ تأبّط شَرّاً:
خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ
وبَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي
أَي: مَا أَبعدَ الموضعَ الّذي مِنْهُ ابتدأتُ مَسيرِي.
اللَّيْث: فلانٌ آمِن السِّرْب، أَي: آمنُ القَلْب، أَي: لَا يُغزَى مالُه ونعَمُه. . وَفُلَان مُنساح السّرب، يُرِيدُونَ شعر صَدره. قَالَ: ومَسَارِب الدّوابّ: مَراقُّها فِي بطونها وأرفاغِها، ومَسارِب الحيّات: مواضعُ آثارِها إِذا انسابت فِي الأَرْض على بطونها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْبةُ: جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون ويَرجِعون. والسِّرْب: النَّفْس.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السربة: السّفر الْقَرِيب، والسبأة: السّفر الْبعيد، يُقَال: سبأته الشَّمْس، أَي: لوّحته وغيرته. وَيُقَال: إِنَّك تُرِيدُ سبأة، أَي: سفرا بَعيدا.
س ر م
سرم، سمر، مسر، رمس، رسم، مرس.
سرم: أخبرَني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يَقُول: اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً، ومَعِدةً هَضُوماً، وسُرْماً نَثُوراً.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْم: أمُّ سويْد، وَقَالَ اللَّيْث: السرْم: باطنُ طَرف الخَوْران. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السَّرَم: وَجَع العَوَّاء، وَهِي الدُّبُر.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْمُ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب، تَقول: سَرْماً سَرْماً: إِذا هيَّجتَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الطائفيّ: السُّرْمانُ: ضَرْب من الزَّنابير صُفْر، ومِنْها مَا هُوَ مجزَّع بحُمْرة، وصُفْرة، وَهُوَ من أخبثِها، وَمِنْهَا سُودٌ عِظام.
سمر: قَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله عز وَجل: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) ، قَالَ: سامراً بِمَعْنى سمّاراً. قَالَ: والسَّامرُ: الجماعةُ يتحدّثون لَيْلًا. والسَّمَرُ: ظِلُّ الْقَمَر، والسُّمْرة مأخوذةٌ من هَذَا. وأَخبَرني المنذريُّ عَن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً} ، أَي فِي السَّمر،

(12/290)


وَهُوَ حديثُ اللَّيْل، يُقَال: قومٌ سامرٌ وسمْر وسُمَّار وسمَّر.
سلَمة عَن الفرّاء فِي قولِ العَرب: لَا أَفعَل ذَلِك السَّمَرَ والقَمر، قَالَ: السَّمَرُ: كلُّ ليلةٍ لَيْسَ فِيهَا قمر تسمَّى السمر، المعنَى: مَا طَلَع القَمر وَمَا لَم يَطلُع. وَقَالَ غيرُه: السمَر: اللّيل، وأَنشَد:
لَا تَسقِني إِن لَمْ أَزُرْ سمَراً
غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ
وسامِرُ الْإِبِل: مَا رَعى مِنْهَا باللّيل، يُقَال: إنّ إبِلَنا تَسمُر، أَي: تَرعَى لَيْلًا. وسمَر القومُ الخَمرَ: شَرِبوها لَيْلًا، وَقَالَ القُطاميّ:
ومُصَرّعِينَ من الكلاَلِ كأَنّما
سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ
وَقَالَ ابْن أَحْمَر فَجعل السمَر لَيْلاً:
مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً
حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ
أَرَادَ: إِن جئتَهم لَيْلًا.
وَقَالَ اللَّيْث: السامرُ: المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فِيهِ للسمَر. وأَنشَد:
وسامِرٍ طالَ فِيهِ اللَّهْوُ والسمَرُ
قلتُ: وَقد جَاءَت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل وَهِي جمعٌ عَن العَرَب، فَمِنْهَا الجَامِل والسامِر والباقر والحاضِر، فالجَاملُ: الإبلُ فِيهَا الذُّكور وَالْإِنَاث. والسامِرُ: جماعةُ الْحَيّ يَسمُرون لَيْلًا. والحاضرُ: الحيُّ النُّزول على الماءِ. والباقرُ: البقرُ فِيهَا الفُحولُ وَالْإِنَاث.
وَقَالَ اللَّيْث: السمْرُ: شَدُّك شَيْئا بالمسمار والسمْرةُ: لونٌ يَضرِب إِلَى سَوادٍ خَفِيّ. وقَناةٌ سمراءُ وحِنْطةٌ سمْراء.
أَبُو العَبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السمْرة فِي النَّاس: هِيَ الوُرْقة. والسمَرة: الأُحْدوثة باللّيل. قَالَ: وَيُقَال: لَا آتيكَ مَا سمَر السمِير. وهم النَّاس يسمُرون، وَمَا سمَر ابنَا سمِير: وهما اللّيل والنّهار. وَلَا آتِيك السمَرَ والقَمَر، أَي: لَا آتِيك دَوامَهما. وَالْمعْنَى لَا آتِيك أبدا.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: حلف بالسمَر وَالْقَمَر. قَالَ الْأَصْمَعِي: السمر عِنْدهم الظلمَة. وَالْأَصْل اجْتِمَاعهم يسمرون فِي الظلمَة. ثمَّ كثر الِاسْتِعْمَال حَتَّى سمُّوا الظلمَة سمَراً. قَالَ أَبُو بكر: السمَر أَيْضا جمع السامر. وَرجل سامر وَرِجَال سمّر. وَأنْشد:
من دونهم إِن جئتهم سمراً
عَزفُ القِيان ومجلسٌ غَمْرُ
قَالَ: وَيُقَال فِي جمع السامر: سُمَّار وسمَّر. وَقَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) : تهجرون الْقُرْآن فِي حَال سمركم. وقرىء: (سمَّراً) وَهُوَ جمع السامر. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن

(12/291)


ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتِيك مَا سمر السمير. وهم النَّاس يسمرون بِاللَّيْلِ. وَمَا اخْتلف ابْنا سمير، أَي: مَا سمر فيهمَا. وَمَا سمر ابْنا سمير، وهما اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السميرُ: الدهرُ. وابناه: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة أَنه سمع الْفراء قَالَ: بعثت من يسمُر الْخَبَر. قَالَ: وَيُسمى السمر بِهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: لَا آتِيك مَا سمر ابنَا سَمِير، وَلَا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي، وَقَالَ الشَّنْفَرَي:
هُنالِك لَا أرجُو حَياةً تسرُّني
سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلاً بالجَرائرِ
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّميرُ: الدَّهْر. وَفِي (النّوادر) : رجلٌ مَسْمور: قليلُ اللَّحم؛ شديدُ أسْرِ العِظام والعَصَب.
وَفِي حَدِيث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا الْمَدِينَة فأَسلَموا ثمّ ارْتَدُّوا فسَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعينَهم، ويُروَى سمَلَ، فَمن رَوَى سَمَر بالراء فَمَعْنَاه: أنّه أَحْمَى لَهُم مَساميرَ الْحَدِيد ثمَّ كَحَلهم بهَا ومَن رَوَاهُ سَمَل بِاللَّامِ فَمَعْنَاه: فقَأَها بشَوْك أَو غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السِّمسار فارسيّة معرَّبة، والجميع السَّماسرة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمّاهم التُّجّار بَعْدَمَا كَانُوا يُعرَفون بالسَّماسرة والمَصدَر السَّمْسَرة؛ وَهُوَ أَن يتوكّل الرجلُ مِن الْحَاضِرَة للبادية فيَبيع لَهُم مَا يَجلبونه. وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (وَلَا يَبيع حاضرٌ لِباد) أَرَادَ أَنه لَا يكون لَهُ سِمْسَاراً، وَالِاسْم السَّمْسَرة؛ وَقَالَ:
قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة
والسَّمُرُ: ضَرْبٌ من العِضَاه، الْوَاحِدَة سَمُرة.
سَمَر إبِله وسمّرها: إِذا أكمشها. وسَمَّر شوكه: إِذا خَلاهَا، وَكَذَلِكَ شمَّرها إِذا سيّبها، وَالْأَصْل الشين فأبدلوا مِنْهَا السِّين، قَالَ:
أرى الْأسود الحلبوب سمّر شولنا
لشول رَآهَا قد شتَتْ كالمجادل
قَالَ: رأى إبِلا سماناً فَترك إبِله وسمّرها، أَي: خلاّها وسَيّبها.
قَالَ شمر: وناقة سَمُور: نجيبة سريعة. وَأنْشد:
فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل فألحقت
بِنَا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ
وَفِي حَدِيث عمرَ أنّه قَالَ فِي الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها: إِن عَلَيْهِ أَن يحصِّنها فَإِنَّهُ يُلْحِقُ بِهِ وَلدَها. قَالَ: وَمن شَاءَ فليُسَمِّرها.
قَالَ أَبُو عُبيد: الرِّوَايَة فليُسَمِّرها بالسِّين، والمعروفُ فِي كَلَام الْعَرَب التَّشْمير، وَهُوَ الْإِرْسَال، وَقَالَ شَمِر: هما لُغَتان بالشين وَالسِّين مَعْنَاهُمَا الْإِرْسَال.

(12/292)


ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: التّسمير: إرسالُ السَّهْم بالعجلة. والخَرْقَلة: إرْسَاله بالتأني، يُقَال للْأولِ: سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ، وللآخَر: خَرْقِل حَتَّى يُخْطِبك الصَّيْد.
وَقَالَ اللّيث: السامِرةُ: قومٌ من اليَهود يخالفونهم فِي بعض دِينهم، وإليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الَّذِي سُمِع لَهُ خوَار.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السَّمَّار: اللَّبَن الممذوقُ بِالْمَاءِ.
وأَنشَد:
وليَأْزِلَنّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه
ويُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ
وَقَالَ غيرُه: السَّمُّور: دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غَالِيَة الأَثْمان، وَقد ذَكره أَبُو زُبَيد الطَّائِي فَقَالَ يَذكر الأَسد:
حَتَّى إِذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَّ سمُّورِ
جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا، أَرَادَ جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَبَرَه واجتَاب: دَخَل فِيهِ ولَبسهُ.
أَبُو عُبَيدة: الأسمَران: الماءُ والحِنْطة.
رسم: قَالَ اللّيث: الرَّسْمُ: الأثَر. وترسمتُ، أَي: نظرتُ إِلَى رُسُوم الدَّار. والرَّوْسَمُ: لُوَيحٌ فِيهِ كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم بِهِ الطَّعام، والجميع الرَّواسِم والرَّوَاسِيم.
وَقد جَاءَ فِي الشِّعر:
قُرْحة رَوْسَم
أَي: بوجهِ الْفرس، وناقةٌ رَسُومٌ: وَهِي ترسُمُ رَسِيماً، وَهِي الَّتِي تؤثّر فِي الْأَمر من شدَّة وَطْئِهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: تَرَسَّمْتُ المنزلَ: إِذا تأَمَّلتَ رَسْمَه وتفرّسْتَه.
أَبُو عبيد: الارتسامُ: التَّكْبِير والتعوُّذ، وَقَالَ القطاميّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة
إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُول: هُوَ الرَّسْمُ والرّشْمُ للأَثَر، ووَسَمَ على كَذَا ورشَم، أَي: كَتَب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للّذي يُطْبَع بِهِ: رَوْسَم ورَوْشَم، وراسُوم وراشُوم، مثل رَوْسَم الأكداس، ورَوْسَمِ الْأَمِير، وَقَالَ ذُو الرمّة:
ودِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها
كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ
والهِدَمْلاتُ: رمالٌ مَعْرُوفَة بِنَاحِيَة الدَّهْناء.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّسِيم من سَيْرِ الْإِبِل فوقَ الذَّمِيل.
ابْن الأعرابيّ: الرَّسَمُ: حُسْنُ المَشْي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الثَّوْبُ المُرَسَّم: المخطَّط.
======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...