Translate سكا.....

السبت، 30 أبريل 2022

مجلد 4 * معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)

 

4 * معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)
 لَكُعَ الرَّجُلُ، إِذَا لَؤُمَ، لَكَاعَةً، وَهُوَ أَلْكَعُ. يُقَالُ لَهُ: يَا لُكَعُ، وَلِلِاثْنَيْنِ يَا ذَوَيْ لُكَعٍ. وَيَقُولُونَ: بَنُو اللَّكِيعَةِ، قَالُوا: وَقِيَاسُ ذَلِكَ اللَّكَعُ، وَهُوَ الْوَسَخُ. وَاللُّكَعُ أَيْضًا: الْجَحْشُ الرَّاضِعُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ اللَّكْعُ، وَهُوَ اللَّسْعُ. قَالَ:
إِذَا مُسَّ دَبْرُهُ لَكَعَا.

[بَابُ مَا جَاءَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ أَوَّلُهُ لَامٌ]
وَهُوَ قَلِيلٌ. مِنْ ذَلِكَ (اللَّهْجَمُ) : الطَّرِيقُ الْمُدَيَّثُ، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ لَهِجَ وَهَجَمَ، كَأَنَّهُ يُلْهَجُ بِهِ حَتَّى يَهْجُمَ سَالِكُهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْصِدُهُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ. وَلَعَلَّ الْمِيمَ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَقَدْ يُلْهَجُ بِسُلُوكٍ مِثْلِهِ.

وَمِنْهُ (اللَّهْذَمُ) : الْحَادُّ، وَهُوَ مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ اللَّامُ مِنَ الْهَذْمِ. وَالْهُذَامُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ الْحَادُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِهَا.

(تَمَّ كِتَابُ اللَّامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) .

(5/265)


[كِتَابُ الْمِيمِ] [بَابُ الْمِيمِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ]

بَابُ الْمِيمِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ
(مَنَّ) الْمِيمُ وَالنُّونُ أَصْلَانِ. أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى قَطْعٍ وَانْقِطَاعٍ، وَالْآخَرُ عَلَى اصْطِنَاعِ خَيْرٍ.
الْأَوَّلُ [الْمَنُّ] : الْقَطْعُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: مَنَنْتُ الْحَبْلَ: قَطَعْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6] . وَالْمَنُونُ: الْمَنِيَّةُ، لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْعَدَدَ وَتَقْطَعُ الْمَدَدَ. وَالْمَنُّ: الْإِعْيَاءُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْيِيَ يَنْقَطِعُ عَنِ السَّيْرِ. قَالَ:
قَلَائِصًا لَا يَشْتَكِينَ الْمَنَّا
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمَنُّ، تَقُولُ: مَنَّ يَمُنُّ مَنًّا، إِذَا صَنَعَ صُنْعًا جَمِيلًا. وَمِنَ الْبَابِ الْمُنَّةُ، وَهِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الْإِنْسَانِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: مَنَّ بِيَدٍ أَسْدَاهَا، إِذَا قَرَّعَ بِهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ الْإِحْسَانَ، فَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ.

(مَهْ) الْمِيمُ وَالْهَاءِ كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى زَجْرٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى مَنْظَرٍ وَلَذَّةٍ. فَالْأُولَى قَوْلُهُمْ: مَهْ. وَمَهْمَهَ بِهِ: زَجَرَهُ بِقَوْلِهِ لَهُ ذَلِكَ. وَالْمَهْمَهُ: الْخَرْقُ الْأَمْلَسُ الْوَاسِعُ.

(5/267)


وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ: لَيْسَ لَهُ مَهَهٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ جَمِيلًا. وَيَقُولُونَ: " كُلُّ شَيْءٍ مَهَهٌ وَمَهَاهٌ إِلَّا النِّسَاءَ وَذِكْرَهُنَّ ". وَالْمَهَاهُ: اللَّذَّةُ. أَنْشَدَنَا الْقَطَّانُ عَنْ ثَعْلَبٍ:
وَلَيْسَ لِعَيْشِنَا هَذَا مَهَاهٌ ... وَلَيْسَتْ دَارُنَا الدُّنْيَا بِدَارِ.

(مَتَّ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَدٍّ وَنَزْعٍ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ مَتَتُّ وَمَدَدْتُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ يَمُتُّ بِكَذَا، إِذَا تَوَصَّلَ بِقَرَابَةٍ وَمَا أَشْبَهَهَا. وَمِنْهُ الْمَتُّ: النَّزْعُ مِنَ الْبِئْرِ عَلَى غَيْرِ بَكَرَةٍ.

(مَثَّ) الْمِيمُ وَالثَّاءُ كَلِمَتَانِ. يَقُولُونَ: مَثَّ يَدَهُ: مَسَحَهَا وَمَثَّ الشَّيْءُ، إِذَا كَانَ يَرْشَحُ دَسَمًا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَثَّ شَارِبُهُ، إِذَا أَكَلَ دَسَمَاً فَبَقِيَ عَلَيْهِ.

(مَجَّ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ كَلِمَتَانِ إِحْدَاهُمَا تَخْلِيطٌ فِي شَيْءٍ، وَالثَّانِيَةُ رَمْيٌ لِلشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ.
فَالْأُولَى الْمَجْمَجَةُ: تَخْلِيطٌ فِيمَا يُكْتَبُ. وَمَجْمَجَ فِي أَخْبَارِهِ: لَمْ يَشْفِ وَلَمْ يُفْصِحْ.
وَالْأُخْرَى مَجَّ الشَّرَابَ مِنْ فِيهِ: رَمَى بِهِ. وَالشَّرَابُ مُجَاجُ الْعِنَبِ. وَالْمَطَرُ مُجَاجُ الْمُزْنِ. وَالْعَسَلُ مُجَاجُ النَّحْلِ. وَهُوَ هَرِمٌ مَاجٌّ: يَمُجُّ رِيقَهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ كِبَرِهِ. وَمِنْ بَابِ السُّرْعَةِ أَمَجَّ فِي الْبِلَادِ إِمِّجَاجًا: ذَهَبَ. وَأَمَجَّ الرَّجُلُ: أَسْرَعَ فِي عَدْوِهِ.

(5/268)


(مَحَّ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ لَا تَنْقَاسُ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ: الْأُولَى مَحَّ الشَّيْءُ وَأَمَحَّ، إِذَا دَرَسَ وَبَلِيَ. وَالْمَحُّ: الثَّوْبُ الْبَالِي.
وَالثَّانِيَةُ: الرَّجُلُ الْمَحَّاحُ: الْكَذَّابُ الَّذِي يُرِي بِكَلَامِهِ مَا لَا يَفْعَلُهُ. وَالثَّالِثَةُ الْمُحُّ: صُفْرَةُ الْبَيْضِ. وَيُقَالُ: الْمَاحُ بَيَاضُهَا.

(مَخَّ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خَالِصِ كُلِّ شَيْءٍ. مِنْهُ مُخُّ الْعَظْمِ، مَعْرُوفٌ. وَأَمَخَّتِ الشَّاةُ: كَثُرَ مُخُّهَا. وَرُبَّمَا سَمَّوُا الدِّمَاغَ مُخَّا. قَالَ:
وَلَا يَأْكُلُ الْكَلْبُ السَّرُوقُ نِعَالَنَا ... وَلَا يُنْتَقَى الْمُخُّ الَّذِي فِي الْجَمَاجِمِ
وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ مُخُّهُ.

(مَدَّ) الْمِيمُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى جَرِّ شَيْءٍ فِي طُولٍ، وَاتِّصَالِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ فِي اسْتِطَالَةٍ. تَقُولُ: مَدَدْتُ الشَّيْءَ أَمُدُّهُ مَدًّا. وَمَدَّ النَّهْرُ، وَمَدَّهُ نَهْرٌ آخَرُ، أَيْ زَادَ فِيهِ وَوَاصَلَهُ فَأَطَالَ مُدَّتَهُ. وَأَمْدَدْتُ الْجَيْشَ بِمَدَدٍ. وَمِنْهُ أَمَدَّ الْجُرْحُ: صَارَتْ فِيهِ مِدَّةٌ، وَهِيَ مَا يَخْرُجُ. وَمِنْهُ مَدَّدْتُ الْإِبِلَ مَدًّا: أَسْقَيْتُهَا الْمَاءَ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِشَيْءٍ تَمُدُّهُ بِهِ. وَالِاسْمُ الْمَدِيدُ. وَمَدُّ النَّهَارِ: ارْتِفَاعُهُ إِذَا امْتَدَّ. وَالْمِدَادُ: مَا يُكْتَبُ بِهِ، لِأَنَّهُ يُمَدُّ بِالْمَاءِ. وَمَدَدْتُ الدَّوَاةَ وَأَمْدَدْتُهَا. وَالْمَدَّةُ: اسْتِمْدَادُكَ مِنَ الدَّوَاةِ مَدَّةً بِقَلَمِكَ. وَمِنَ الْبَابِ الْمُدُّ مِنَ الْمَكَايِيلِ، لِأَنَّهُ يَمُدُّ الْمَكِيلَ بِالْمَكِيلِ مِثْلِهِ.

(5/269)


وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ مَاءٌ إِمِدَّانٌ: شَدِيدُ الْمُلُوحَةِ.

(مَرَّ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى مُضِيِّ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى خِلَافِ الْحَلَاوَةِ وَالطِّيبِ.
فَالْأَوَّلُ مَرَّ الشَّيْءُ يَمُرُّ، إِذَا مَضَى. وَمَرُّ السَّحَابِ: انْسِحَابُهُ وَمُضِيُّهُ. وَلَقِيتُهُ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ زَمَانٍ قَدْ مَرَّ. وَيَقُولُونَ: لَقِيتُهُ مَرَّةً مِنَ الْمَرِّ، يَجْمَعُونَ الْمَرَّةَ عَلَى الْمَرِّ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ أَمَرَّ الشَّيْءُ يُمِرُّ وَمَرَّ، إِذَا صَارَ مُرًّا. وَلَقِيتُ مِنْهُ الْأَمَرَّيْنِ، أَيْ شَدَائِدَ غَيْرَ طَيِّبَةٍ. وَالْأَمَرَّانِ: الْهَمُّ وَالْمَرَضُ. وَالْأَمَرُّ: الْمَصَارِينُ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْفَرْثُ. قَالَ:
وَلَا تُهْدِي الْأَمَرَّ وَمَا يَلِيهِ ... وَلَا تُهْدِنَّ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ
وَسُمِّيَ الْأَمَرَّ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَيِّبٍ. ثُمَّ سُمِّيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّ شِدَّةٍ وَشَدِيدَةٍ بِهَذَا الْبِنَاءِ. يَقُولُونَ: أَمْرَرْتُ الْحَبْلَ: فَتَلْتُهُ، وَهُوَ مُمَرٌّ. وَالْمَرُّ: شِدَّةُ الْفَتْلِ. وَالْمَرِيرُ: الْحَبْلُ الْمَفْتُولُ. وَكَذَلِكَ الْمَرِيرَةُ: الْقُوَّةُ مِنْهُ. وَالْمَرِيرَةُ: عِزَّةُ النَّفْسِ. وَكُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ. وَالْمُرَارُ: شَجَرٌ مُرٌّ.
أَمَّا الْمَرْمَرُ فَضَرْبٌ مِنَ الْحِجَارَةِ أَبْيَضُ صَافٍ. وَالْمَرْمَرَةُ أَيْضًا: نَعْمَةُ الْجِسْمِ وَتَرَجْرُجُهُ. وَامْرَأَةٌ مَرْمَارَةٌ، إِذَا كَانَتْ تَتَرَجْرَجُ مِنْ نَعْمَتِهَا.

(5/270)


(مَزَّ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا طَعْمٌ مِنَ الطَّعُومِ، وَالْآخُرُ [يَدُلُّ] عَلَى مَزِيَّةٍ وَفَضْلٍ.
فَالْأَوَّلُ: الْمُزُّ: الشَّيْءُ بَيْنَ الْحَامِضِ وَالْحُلْوِ. وَيَقُولُونَ: سُمِّيَتِ الْخَمْرُ مُزَّاءً مِنْ هَذَا، وَقِيلَ بَلْ هُوَ مِنَ الْقِيَاسِ الْآخَرِ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْفَضْلُ. وَلَهُ عَلَيْهِ مِزٌّ، أَيْ فَضْلٌ. وَالْمُزَّاءُ مِنْهُ ; يَقُولُونَ: هَذَا الشَّرَابُ أَمَزُّ مِنْ هَذَا، أَيْ أَفْضَلُ. قَالُوا: وَالْمُزَّاءُ اسْمٌ، وَلَوْ كَانَ نَعْتًا لَقِيلَ مَزَّاءُ. وَالتَّمَزُّزُ: تَمَصُّصُ الشَّرَابِ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْأَوَّلِ.

(مَسَّ) الْمِيمُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى جَسِّ الشَّيْءِ بِالْيَدِ. وَمَسِسْتُهُ أَمَسُّهُ. وَرُبَّمَا قَالُوا: مَسَسْتُ أَمُسُّ. وَالْمَمْسُوسُ: الَّذِي بِهِ مَسٌّ، كَأَنَّ الْجِنَّ مَسَّتْهُ. وَالْمَسُوسُ مِنَ الْمَاءِ: مَا نَالَتْهُ الْأَيْدِي. قَالَ:
لَوْ كُنْتُ مَاءً كُنْتُ لَا ... عَذْبَ الْمَذَاقِ وَلَا مَسُوسًا.

(مَشَّ) الْمِيمُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ وَسُهُولَةٍ وَلُطْفٍ. مِنْهُ الْمُشَاشُ، وَهِيَ الْعِظَامُ اللَّيِّنَةُ، يُقَالُ مَشَشْتُهَا أَمُشُّهَا. قَالَ:
لَحَا اللَّهُ صُعْلُوكًا إِذَا جَنَّ لَيْلُهُ ... مَضَى فِي الْمُشَاشِ آلِفًا كُلَّ مَجْزِرِ

(5/271)


وَالْمُشَاشُ: الطِّينَةُ اللَّيِّنَةُ تُغْرَسُ فِيهَا النَّخْلَةُ. قَالَ:
رَاسِي الْعُرُوقِ فِي الْمُشَاشِ الْبَجْبَاجْ
وَهُوَ طَيِّبُ الْمُشَاشِ، إِذَا كَانَ بَرًّا طَيِّبًا. وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ يَمُشُّ مَالَ فُلَانٍ، إِذَا أَخَذَ مِنْهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَمِنْهُ مَشُّ الْيَدِ، إِذَا مُسِحَتْ بِمِنْدِيلٍ، لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِسُهُولَةٍ وَلِينٍ. وَالْمَشُوشُ، هُوَ الْمِنْدِيلُ. وَمَشَشْتُ النَّاقَةَ: حَلَبْتُهَا وَتَرَكْتُ فِي الضَّرْعِ بَعْضَ اللَّبَنِ. وَمَشَّ الشَّيْءَ: دَافَهُ فِي مَاءٍ حَتَّى يَلِينَ وَيَذُوبَ. وَيُقَالُ: مَاتَ ابْنٌ لِأُمِّ الْهَيْثَمِ فَسَأَلْنَاهَا فَقَالَتْ: " مَا زِلْتُ أَمُشُّ لَهُ الْأَشْفِيَةَ أَلُدُّهُ تَارَةً وَأُوجِرُهُ أُخْرَى، فَأَبَى قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى ". وَمِنَ الْبَابِ الْمَشَشُ: كُلُّ مَا شَخَصَ مِنْ عَظْمٍ وَكَانَ لَهُ حَجْمٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ عَيْبٍ يُصِيبُ الْعَظْمَ.

(مَصَّ) الْمِيمُ وَالصَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شِبْهِ التَّذَوُّقِ لِلشَّيْءِ، وَأَخْذِ خَالِصِهِ. مِنْ ذَلِكَ مَصِصْتُ الشَّيْءَ أَمَصُّهُ، وَامْتَصَصْتُهُ أَمْتَصُّهُ. وَالْمَصْمَصَةُ: خِلَافُ الْمَضْمَضَةِ، لِأَنَّ الْمَصْمَصَةَ بِالصَّادِ يَكُونُ بِطَرَفِ اللِّسَانِ. وَمِنْهُ مُصَاصُ الشَّيْءِ: خَالِصُهُ، وَهُوَ مَقِيسٌ مِنَ امْتَصَصْتُ الشَّيْءَ، فَهُوَ الْخَالِصُ الَّذِي يُمْتَصُّ. وَفَرَسٌ مُصَامِصٌ: خَالِصُ الْعَرَبِيَّةِ.

(مَضَّ) الْمِيمُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ضَغْطِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ.

(5/272)


مِنْهُ مَضَّنِي الشَّيْءُ وَأَمَضَّنِي: بَلَغَ مِنِّي الْمَشَقَّةَ، كَأَنَّهُ قَدْ ضَغَطَكَ. وَالْمَضْمَضَةُ: تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَضَغْطُهُ. وَالْكُحْلُ يُمِضُّ الْعَيْنَ، إِذَا كَانَتْ لَهُ حُرْقَةٌ. وَمَضِيضُهُ: حُرْقَتُهُ. وَيَقُولُونَ: مِضِّ، وَهِيَ حِكَايَةٌ لِشَيْءٍ يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ بِشَفَتِهِ إِذَا أَطْمَعَ فِي الشَّيْءِ. يَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ: مِضِّ. وَمَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِهِمْ: " إِنَّ فِي مِضِّ لَطَمَعًا "، قَالُوا: وَذَلِكَ إِذَا سُئِلَ حَاجَةً فَكَسَرَ شَفَتَيْهِ.

(مَطَّ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَدِّ الشَّيْءِ. وَمَطَّهُ: مَدَّهُ. وَالْقِيَاسُ فِيهِ وَفِي الْمُطَيْطَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمَشْيُ بِتَبَخْتُرٍ، لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ مَطَّ أَطْرَافَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى، قَالُوا: أَصْلُهُ يَتَمَطَّطُ، فَجُعِلَتِ الطَّاءُ الثَّالِثَةُ يَاءً لِلتَّخْفِيفِ، وَمَطَّ حَاجِبَيْهِ: تَكَبَّرَ، وَهُوَ مِنْهُ. وَمِنْهُ الْمَطِيطَةُ: الْمَاءُ الْمُخْتَلِطُ بِالطِّينِ ; وَهَذَا يَكُونُ إِذَا مَدَّ الْمَاءَ مِيَاهُ سَيْلٍ كَدِرَةٍ.

(مَظَّ) الْمِيمُ وَالظَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَّةٍ وَمُنَازَعَةٍ. وَمَاظَظْتُهُ مُمَاظَّةً وَمِظَاظًا: شَارَرْتُهُ وَنَازَعْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُمَاظَّ جَارَكَ فَإِنَّهُ يَبْقَى وَيَذْهَبُ النَّاسُ» ". وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَظِّ: رُمَّانُ الْبَرِّ.

(مَعَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ وَجَلَبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. مِنْهُ الْمَعْمَعَةُ: صَوْتُ الْحَرِيقِ وَصَوْتُ الشُّجْعَانِ فِي الْحَرْبِ. وَالْمَعْمَعَانُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

(5/273)


حَتَّى إِذَا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بِأَجَّةٍ نَشَّ عَنْهَا الْمَاءُ وَالرُّطُبُ
وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ " مَعَ "، وَهِيَ كَلِمَةُ مُصَاحَبَةٍ، يُقَالُ: هَذَا مَعَ ذَاكَ. وَيَقُولُونَ فِي صِفَةِ النِّسَاءِ: " مِنْهُنَّ مَعْمَعْ، لَهَا شَيْئَهَا أَجْمَعْ "، وَهِيَ الَّتِي لَا تُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا يَكُونُ مَعَهَا أَبَدًا.

(مَغَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ يَدُلُّ عَلَى شِبْهِ مَا مَضَى ذِكْرُهُ. يَقُولُونَ: الْمَغْمَغَةُ: الِاخْتِلَاطُ. قَالَ رُؤْبَةُ:
الْخُلُقِ الْمُمَغْمَغِ
وَيَقُولُونَ: مَغْمَغَ طَعَامَهُ، إِذَا رَوَّاهُ دَسَمًا.

(مَقَّ) الْمِيمُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى طُولٍ وَتَجَاوُزِ حَدٍّ. وَالطَّوِيلُ الْبَائِنُ أَمَقُّ بَيِّنُ الْمَقَقِ. وَالْمُقَامِقُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِأَقْصَى حَلْقِهِ وَيَتَشَدَّقُ. وَيَقُولُونَ: مَقَقْتُ الطَّلْعَةَ: شَقَقْتُهَا.

(مَكَّ) الْمِيمُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى انْتِقَاءِ الْعَظْمِ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ. يَقُولُونَ: تَمَكَّكَتِ الْعَظْمُ: أَخْرَجَتْ مُخَّهُ. وَامْتَكَّ الْفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ: شَرِبَهُ. وَالتَّمَكُّكُ: الِاسْتِقْصَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا تُمَكِّكُوا عَلَى

(5/274)


غُرَمَائِكُمْ» ". وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ مَكَّةَ لِقِلَّةِ الْمَاءِ بِهَا، كَأَنَّ مَاءَهَا قَدِ امْتُكَّ. وَقِيلَ سُمِّيَتْ لِأَنَّهَا تَمُكُّ مَنْ ظَلَمَ فِيهَا، أَيْ تُهْلِكُهُ وَتَقْصِمُهُ كَمَا يُمَكُّ الْعَظْمُ. وَيُنْشِدُونَ:
يَا مَكَّةُ الْفَاجِرَ مُكِّي مَكَّا.

(مَلَّ) الْمِيمُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى تَقْلِيبِ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى غَرَضٍ مِنَ الشَّيْءِ.
فَالْأَوَّلُ مَلَلْتُ الْخُبْزَةَ فِي النَّارِ أَمُلُّهَا مَلًّا، وَذَلِكَ تَقْلِيبُكَ إِيَّاهَا فِيهَا. وَالْمَلَّةُ: الرَّمَادُ أَوِ التُّرَابُ الْحَارُّ. وَيُقَالُ: أَطْعَمَنَا خُبْزَ مَلَّةٍ وَخُبْزَةً مَلِيلًا. وَالْمُلْمُولُ: الْمِيلُ: لِأَنَّهُ يُقَلَّبُ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ الْكَحْلِ.
وَمِنَ الْبَابِ طَرِيقٌ مُمَلٌّ: سُلِكَ حَتَّى صَارَ مَعْلَمًا. قَالَ:
رَفَعْنَاهَا ذَمِيلًا فِي ... مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وَالْمَلِيلَةُ: حُمَّى فِي الْعِظَامِ: كَأَنَّهَا تُقَلِّبُ. وَبَاتَ يَتَمَلْمَلُ عَلَى فِرَاشِهِ، أَيْ يَقْلَقُ وَيَتَضَوَّرُ عَلَيْهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ عَلَى مَلَّةٍ ; وَالْأَصْلُ يَتَمَلَّلُ.
وَمِنَ الْبَابِ امْتَلَّ يَعْدُو، وَذَلِكَ إِذَا أَسْرَعَ بَعْضَ الْإِسْرَاعِ.

(5/275)


وَالْبَابُ الْآخَرُ مَلِلْتُهُ أَمَلُّهُ مَلَلًا وَمَلَالَةً: سَئِمْتُهُ. وَأَمْلَلْتُ الْقَوْمَ: شَقَقْتَ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَلُّوا ; وَكَذَا أَمْلَلْتُ عَلَيْهِمْ.
فَأَمَّا إِمْلَالُ الْكِتَابِ وَتَفْسِيرُ الْمَلَّةِ فَقَدْ ذُكِرَتَا فِي الْمِيمِ وَاللَّامِ وَالْحَرْفِ الْمُعْتَلِّ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَنِيَ) الْمِيمُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ، يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ وَنَفَاذِ الْقَضَاءِ بِهِ. مِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَنَى لَهُ الْمَانِي، أَيْ قَدَّرَ الْمُقَدِّرُ. قَالَ الْهُذَلِيِّ:
لَا تَأْمَنَنَّ وَإِنْ أَمْسَيْتَ فِي حَرَمٍ ... حَتَّى تُلَاقِيَ مَا يَمَنِي لَكَ الْمَانِي
وَالْمَنَا: الْقَدَرُ. قَالَ:
سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ حَتَّى يَكُفَّنِي ... غِنَى الْمَالِ يَوْمًا أَوْ مَنَا الْحَدَثَانِ
وَمَاءُ الْإِنْسَانِ مَنِيٌّ، أَيْ يُقَدَّرُ مِنْهُ خِلْقَتُهُ. وَالْمَنِيَّةُ: الْمَوْتُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ عَلَى كُلٍّ. وَتَمَنِّي الْإِنْسَانِ كَذَا قِيَاسُهُ، أَمَلٌ يُقَدِّرُهُ. قَالَ قَوْمٌ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي

(5/276)


يَرْجُو. وَالْأُمْنِيَّةُ: أُفْعُولَةٌ مِنْهُ. وَمِنَى: [مِنَى] مَكَّةَ، قَالَ قَوْمٌ: سُمِّيَ بِهِ لِمَا قُدِّرَ أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ: مِنْ قَوْلِكَ مَنَاهُ اللَّهُ.
وَمِمَّا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى الْمَنَا: الَّذِي يُوزَنُ بِهِ، لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ يُعْمَلُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُنَا: تَمَنَّى الْكِتَابَ: قَرَأَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] ، أَيْ إِذَا قَرَأَ. وَهُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَقْدِيرٌ وَوَضْعُ كُلِّ آيَةٍ مَوْضِعَهَا. قَالَ:
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ ... وَآخِرَهُ لَاقَى حِمَامَ الْمَقَادِرِ
وَمِنَ الْبَابِ: مَانَى يُمَانِي مُمَانَاةً، إِذَا بَارَى غَيْرَهُ. وَهُوَ فِي شِعْرِ ابْنِ الطَّثْرِيَّةِ:
سَلِي عَنِّيَ النُّدْمَانَ حِينَ يَقُولُ لِي ... أَخُو الْكَأْسِ مَانِي الْقَوْمَ فِي الْخَيْرِ أَوْرِدِ
وَهَذَا مِنَ التَّقْدِيرِ، لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ فِعْلَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يُسَاوِيَهُ. وَأَمَّا مُنْيَةُ النَّاقَةِ، فَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي يُتَعَرَّفُ فِيهَا أَلَاقِحٌ هِيَ أَمْ حَامِلٌ.

(5/277)


(مَنَحَ) الْمِيمُ وَالنُّونُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عَطِيَّةٍ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ امْتُنِحْتُ الْمَالَ، أَيْ رُزِقْتُهُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نَبَتْ عَيْنَاكَ عَنْ طَلَلٍ بِحُزْوَى ... مَحَتْهُ الرِّيحُ وَامْتُنِحَ الْقِطَارَا
وَالْمَنِيحَةُ: مَنِيحَةُ اللَّبَنِ، كَالنَّاقَةِ أَوِ الشَّاةِ يُعْطِيهَا الرَّجُلُ آخَرَ يَحْتَلِبُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا. وَالنَّاقَةُ الْمُمَانِحُ: الَّتِي يَبْقَى لَبَنُهَا بَعْدَ ذَهَابِ أَلْبَانِ [الْإِبِلِ] ، وَهِيَ الْمَنُوحُ أَيْضًا. وَالْمَنِيحُ: الْقِدْحُ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْقَسْمِ إِلَّا أَنْ يُمْنَحَ شَيْئًا، أَيْ يُعْطَاهُ. وَيُقَالُ الْمَنِيحُ أَيْضًا: الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ الثَّامِنُ مِنْ سِهَامِ الْمَيْسِرِ.

(مَنَعَ) الْمِيمُ وَالنُّونُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ هُوَ خِلَافُ الْإِعْطَاءِ. وَمَنَعْتُهُ الشَّيْءَ مَنْعًا، وَهُوَ مَانِعٌ وَمَنَّاعٌ. وَمَكَانٌ مَنِيعٌ. وَهُوَ فِي عِزٍّ وَمَنْعَةٍ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْهَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]

(5/278)


(مَهِيَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِمْهَالٍ وَإِرْخَاءٍ وَسُهُولَةٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ أَمْهَيْتُ الْحَبْلَ: أَرْخَيْتُهُ، وَنَاسٌ يَرْوُونَ بَيْتَ طَرَفَةَ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأَ الْفَتَى ... لَكَالطِّوَلِ الْمُمْهَى وَثِنْيَاهُ بِالْيَدِ
وَأَمْهَيْتُ الْفَرَسَ إِمْهَاءً: أَرْخَيْتُ مِنْ عِنَانِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَرَى بِسُهُولَةٍ فَهُوَ مَهْوٌ. وَلَبَنٌ مَهْوٌ: رَقِيقٌ. وَنَاقَةٌ مِمْهَاءٌ: رَقِيقَةُ اللَّبَنِ. وَنُطْفَةٌ مَهْوَةٌ: رَقِيقَةٌ. وَسَيْفٌ مَهْوٌ: رَقِيقُ الْحَدِّ، كَأَنَّهُ يَمُرُّ فِي الضَّرِيبَةِ مَرَّ الْمَاءِ. قَالَ:
وَصَارِمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ ... أَبْيَضُ مَهْوٌ فِي مَتْنِهِ رُبَدُ
وَمِنَ الْبَابِ أَمْهَيْتُ الْحَدِيدَةَ: سَقَيْتُهَا. يُرِيدُ بِهِ رِقَّةَ الْمَاءِ، وَالْمَهَا: جَمْعُ الْمَهَاةِ، وَهِيَ الْبِلَّوْرَةُ ; سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِصَفَائِهَا كَأَنَّهَا مَاءٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَتَبْسِمُ عَنْ مَهَا شَبِمٍ غَرِيٍّ ... إِذَا يُعْطَى الْمُقَبِّلَ يَسْتَزِيدُ
وَالْجَمْعُ مَهَوَاتٌ وَمَهَيَاتٌ. أَمَّا الْبَقَرَةُ فَتُسَمَّى مَهَاةً، وَأَظُنُّهَا تَشْبِيهًا بِالْبِلَّوْرَةِ.

(5/279)


وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْخَلِيلُ، أَنَّ الْمَهَاءَ مَمْدُودٌ: عَيْبٌ وَأَوَدٌ يَكُونُ فِي الْقِدْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنَ الْبَابِ أَيْضًا ; فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَرِّبُ مِنَ الْإِرْخَاءِ وَنَحْوِهِ. وَالثَّغْرُ إِذَا ابْيَضَّ وَكَثُرَ مَاؤُهُ مَهًا. قَالَ الْأَعْشَى:
وَمَهًا تَرِفُّ غُرُوبُهُ ... يَشْفِي الْمُتَيَّمَ ذَا الْحَرَارَهْ
وَفِي الْحَدِيثِ: " «جَسَدَ رَجُلٍ مُمَهًّى» " أَيْ مُصَفًّى، يُشْبِهُ الْمَهَا الْبِلَّوْرَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ: «أَمْهَيْتَ أَبَا الْوَلِيدِ» ، أَيْ بَالَغْتَ فِي الثَّنَاءِ وَاسْتَقْصَيْتَ. وَيُقَالُ: أَمْهَى الْحَافِرُ وَأَمَاهَ، أَيْ حَفَرَ وَأَنْبَطَ.
وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، وَكَذَلِكَ أَخَوَاتُهَا مِنَ الْبَابِ وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ النُّجُومُ مَهًا تَشْبِيهًا.

(مَهَجَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ سَائِلٍ. مِنْ ذَلِكَ الْأُمْهُجَانُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ. وَلَبَنٌ مَاهِجٌ: إِذَا رَقَّ وَالْمُهْجَةُ فِيمَا يُقَالُ: دَمُ الْقَلْبِ.

(مَهَدَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَوْطِئَةٍ وَتَسْهِيلٍ لِلشَّيْءِ. وَمِنْهُ الْمَهْدُ. وَمَهَّدْتُ الْأَمْرَ: وَطَّأْتُهُ. وَتَمَهَّدَ: تَوَطَّأَ وَالْمِهَادُ: الْوِطَاءُ مِنْ كُلِ شَيْءٍ. وَامْتَهَدَ سَنَامُ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ: ارْتَفَعَ. قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
وَامْتَهَدَ الْغَارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ

(5/280)


أَيِ ارْتَفَعَ وَتَسَوَّى وَصَارَ كَالْمِهَادِ. وَجَمْعُ الْمِهَادِ مُهُدٌ.

(مَهَرَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى أَجْرٍ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ، وَالْآخَرُ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ.
فَالْأَوَّلُ الْمَهْرُ: مَهْرُ الْمَرْأَةِ أَجْرُهَا، تَقُولُ: مَهَرْتُهَا بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَإِذَا زَوَّجْتَهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى مَهْرٍ قُلْتَ: أَمْهَرْتُهَا. قَالَ:
أُمُّكُمْ نَاكِحَةٌ ضُرَيْسَا ... قَدْ أَمْهَرُوهَا أَعْنُزًا وَتَيْسًا
وَامْرَأَةٌ مَهِيرَةٌ وَنِسَاءٌ مَهَائِرٌ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمُمْهِرُ: الْفَرَسُ ذَاتُ الْمَهْرِ. [وَالْمَهْرُ] : عَظْمٌ فِي زَوْرِ الْفَرَسِ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ. قَالَ:
جَافِي الْيَدَيْنِ عَنْ مُشَاشِ الْمُهْرِ.

(مَهَشَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالشِّينُ مَا أَحْسَبُهُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: نَاقَةٌ مَهْشَاءُ، أَسْرَعَ هُزَالُهَا. وَيَقُولُونَ: امْتَهَشَتِ الْمَرْأَةُ: حَلَقَتْ وَجْهَهَا بِمُوسَى.

(مَهَقَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالْقَافُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ. قَالُوا: الْأَمْهَقُ: الْأَبْيَضُ. وَيَقُولُونَ: عَيْنٌ مَهْقَاءُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الشَّدِيدَةَ بَيَاضِ بَيَاضِهَا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ بَيَاضٌ سَمِجٌ قَبِيحٌ لَا يُخَالِطُهُ صُفْرَةٌ وَلَا حُمْرَةٌ، إِلَّا

(5/281)


أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُحْمَرَّةُ الْمَآقِي. وَيَقُولُونَ: الْمَهَقُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
صَفَقْنَ أَيْدِيهِنَّ فِي الْحَوْمِ الْمَهَقْ
: شِدَّةُ خُضْرَةِ الْمَاءِ.

(مَهَكَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالْكَافُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمُمَّهِكُ، وَهُوَ الطَّوِيلُ الْمُضْطَرِبُ. وَيَقُولُونَ لِلْقَوْسِ اللَّيِّنَةِ مَهُوكٌ. وَيَقُولُونَ لِلْفَرَسِ الذَّرِيعِ: مُمَّهِكٌ أَيْضًا، وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ.

(مَهَلَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدَهُمَا عَلَى تُؤَدَةٍ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ الذَّائِبَاتِ.
فَالْأَوَّلُ التُّؤَدَةُ. تَقُولُ: مَهْلًا يَا رَجُلُ، وَكَذَلِكَ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. وَإِذَا قَالَ مَهْلًا قَالُوا: لَا مَهْلَ وَاللَّهِ، وَمَا مَهْلٌ بِمُغْنِيَةٍ عَنْكَ شَيْئًا. قَالَ:
وَمَا مَهْلٌ بِوَاعِظَةِ الْجَهُولِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّمَهُّلُ: التَّقَدُّمُ. وَهَذَا خِلَافُ الْأَوَّلِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَأَمْهَلَهُ اللَّهُ: لَمْ يُعَاجِلْهُ. وَمَشَى عَلَى مُهْلَتِهِ، أَيْ عَلَى رِسْلِهِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمُهْلُ، وَقَالُوا: هُوَ خُثَارَةُ الزَّيْتِ، وَقَالُوا: هُوَ النُّحَاسُ الذَّائِبُ.

(5/282)


(مَهَنَ) الْمِيمُ وَالْهَاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى احْتِقَارٍ وَحَقَارَةٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ قَوْلُهُمْ مَهِينٌ، أَيْ حَقِيرٌ. وَالْمَهَانَةُ: الْحَقَارَةُ، وَهُوَ مَهِينٌ بَيِّنُ الْمَهَانَةِ. وَمِنَ الْبَابِ الْمَهْنُ: الْخِدْمَةُ، وَالْمَِهْنَةُ. وَالْمَاهِنُ: الْخَادِمُ. وَمَهَنْتُ الثَّوْبَ: جَذَبْتُهُ وَثَوْبٌ مَمْهُونٌ. وَرُبَّمَا قَالُوا: مَهَنْتُ الْإِبِلَ: حَلْبَتُهَا.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْوَاوِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَوَتَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذَهَابِ الْقُوَّةِ مِنَ الشَّيْءِ.
مِنْهُ الْمَوْتُ: خِلَافُ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: أَصْلُهُ ذَهَابُ الْقُوَّةِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ آكِلِيهَا فَأَمِيتُوهَا طَبْخًا» وَالْمَوَتَانُ: الْأَرْضُ لَمْ تُحْيَ بَعْدُ بِزَرْعٍ وَلَا إِصْلَاحٍ، وَكَذَلِكَ الْمَوَاتُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يَقُولُونَ اشْتَرِ مِنَ الْمَوَتَانِ، وَلَا تَشْتَرِ مِنَ الْحَيَوَانِ. فَأَمَّا الْمُوَتَانِ، بِالسُّكُونِ وَضَمِّ الْمِيمِ، فَالْمَوْتُ، يُقَالُ: وَقَعَ فِي النَّاسِ مُوتَانٌ، وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مُمِيتٌ وَمُمِيتَةٌ لِلَّتِي يَمُوتُ وَلَدُهَا ; وَرَجُلٌ [مَوْتَانُ الْفُؤَادِ، وَامْرَأَةٌ] مَوْتَانَةٌ، وَأُمِيتَتِ الْخَمْرُ: طُبِخَتْ. وَالْمُسْتَمِيتُ لِلْأَمْرِ: الْمُسْتَرْسِلُ لَهُ. وَالْمُوتَةُ: شِبْهُ الْجُنُونِ يَعْتَرِى الْإِنْسَانَ، وَالْمَوْتَةُ: الْوَاحِدَةُ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمِيتَةُ حَالٌ مِنَ الْمَوْتِ، حَسَنَةٌ أَوْ قَبِيحَةٌ ; وَمَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً: وَالْمَيْتَةُ: مَا مَاتَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا ذُكِّيَ.

(5/283)


(مَوَثَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ: يَقُولُونَ: مُثْتُ الشَّيْءَ فِي الْمَاءِ: مَرَسْتُهُ بِيَدِي: أَمُوثُهُ مَوْثًا، وَمِثْتُهُ أَمِيثُهُ مَيْثًا كَذَلِكَ.

(مَوَجَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ فِي الشَّيْءِ، وَمَاجَ النَّاسُ يَمُوجُونَ، إِذَا اضْطَرَبُوا. وَمَاجَ أَمْرُهُمْ وَمَرِجَ: اضْطَرَبَ ; وَالْمَوْجُ: مَوْجُ الْبَحْرِ، سُمِّيَ لِاضْطِرَابِهِ، وَمَاجَ يَمُوجُ مَوْجًا وَمَوَجَانًا، وَكُلُّ شَيْءٍ اضْطَرَبَ فَقَدْ مَاجَ.

(مَوَرَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَرَدُّدٍ. وَمَارَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَمُورُ: انْصَبَّ وَتَرَدَّدَ، وَأَمَرْتُ دَمَهُ فَمَارَ، وَفِي الْحَدِيثِ: «أَمِرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ» " وَيُرْوَى " «أَمْرِ الدَّمَ» " مِنْ مَرَى يَمْرِي، وَسَيَأْتِي ; وَالْمُورُ: تُرَابٌ تَمُورُ بِهِ الرِّيحُ، وَالنَّاقَةُ تَمُورُ فِي سَيْرِهَا، وَهِيَ مَوَّارَةٌ: سَرِيعَةٌ، قَالَ طَرَفَةُ:
صُهَابِيَّةِ الْعُثْنُونِ مُوجَدَةِ الْقَرَى ... بَعِيدَةِ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةِ الْيَدِ
وَفَرَسٌ مَوَّارَةُ الظَّهْرِ. وَيَقُولُونَ: " لَا أَدْرِي أَغَارَ أَمْ مَارَ "، أَيْ لَا أَدْرِي أَتَى غَوْرًا أَمْ دَارَ فَرَجَعَ إِلَى نَجْدٍ ; وَانْمَارَتْ عَقِيقَةُ الْحِمَارِ: سَقَطَتْ عَنْهُ أَيَّامَ الرَّبِيعِ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا مُوَارَةٌ، قَالَ:
وَانْمَارَ عَنْهُنَّ مُوَارَاتُ الْعِقَقْ

(5/284)


وَسُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا إِذَا سَقَطَتْ مَارَتْ. وَالْمَوْرُ: الطَّرِيقُ، لِأَنَّ النَّاسَ يَمُورُونَ فِيهِ، أَيْ يَتَرَدَّدُونَ، وَالْمَوْرُ: الْمَوْجُ ; وَقَوْلُهُمْ: " فُلَانٌ لَا يَدْرِي مَا سَائِرٌ مِنْ مَائِرٍ " فَالْمَائِرُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ الَّذِي يَمُورُ فِي الضَّرِيبَةِ، وَالسَّائِرُ: الشِّعْرُ الْمَرْوِيُّ.

(مَوَسَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالسِّينُ: يَقُولُونَ: الْمَوْسُ: حَلْقُ الرَّأْسِ. [وَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إِلَى مُوسَى مُوسَوِيٌّ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يُنْسَبُ إِلَى مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا فِيهِ الْيَاءُ زَائِدَةٌ مَوْسِيٌّ وَعِيسِيٌّ] وَذَلِكَ أَنَّ الْيَاءَ فِيهِ زَائِدَةٌ، كَذَا قَالَ الْكِسَائِيُّ.

(مَوَصَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هُوَ الْمَوْصُ: غَسْلُ الثَّوْبِ، يُقَالُ مُصْتُهُ أَمُوصُهُ ; وَالْمُوَاصَةُ: الْغُسَالَةُ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِأَسْوَدَ مُلْتَفِّ الْغَدَائِرِ وَارِدٍ ... وَذِي أُشَُرٍ تَشُوصُهُ وَتَمُوصُ.

(مَوَعَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْعَيْنُ: مَاعَ الصُّفْرُ وَالْفِضَّةُ فِي النَّارِ يَمُوعُ وَيَمِيعُ: ذَابَ.

(مَوَقَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْقَافُ كَلِمَتَانِ لَا يَرْجِعَانِ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَالْمُوقُ: حُمْقٌ فِي غَبَاوَةٍ، وَيَقُولُونَ: مَاقَ الْبَيْعُ يَمُوقُ: رَخُصَ.

(مَوَلَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ تَمَوَّلَ الرَّجُلُ: اتَّخَذَ مَالًا، وَمَالَ يَمَالُ: كَثُرَ مَالُهُ ; وَيَقُولُونَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:

(5/285)


مَلْأَى مِنَ الْمَاءِ كَعَيْنِ الْمُولَهْ
إِنَّ الْمُولَةَ: الْعَنْكَبُوتُ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

(مَوَمَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ جِدًّا: الْمُومُ: الْبِرْسَامُ، وَمِيمَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَمُومٌ، وَالْمَوْمَاةُ: الْمَفَازَةُ الْوَاسِعَةُ الْمَلْسَاءُ، جَمْعُهَا مَوَامٍ.

(مَوَنَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْمَوْنُ: أَنْ تَمُونَ عَيَالَكَ، أَيْ تَقُومَ بِكِفَايَتِهِمْ وَتَتَحَمَّلَ مَؤُونَتَهُمْ ; وَ [أَمَّا] الْمَؤُونَةُ فَمِنَ الْمَوْنِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا مَوُونَةٌ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ.

(مَوَهَ) الْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْهَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، وَمِنْهُ يَتَفَرَّعُ كَلِمُهُ، وَهِيَ الْمَوَهُ: أَصْلُ بِنَاءِ الْمَاءِ، وَتَصْغِيرُهُ مُوَيْهٌ ; قَالُوا: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي الْمَاءِ بَدَلٌ مِنْ هَاءٍ. وَيُقَالُ: مَوَّهْتُ الشَّيْءَ، كَأَنَّكَ سَقَيْتَهُ الْمَاءَ، وَمَوَّهْتُ الشَّيْءَ: طَلَيْتُهُ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، كَأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُسْقَاهُ ; وَقَالُوا: مَا أَحْسَنَ مُوهَةَ وَجْهِهِ، أَيْ تَرَقْرُقَ مَاءِ الشَّبَابِ فِيهِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْمَاوِيَّةُ: حَجَرُ الْبِلَّوْرِ، وَكَذَلِكَ الْمَاوِيَّةُ: [الْمِرْآةُ] . قَالَ طَرَفَةُ: 206
وَعَيْنَانِ كَالْمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكَنَّتَا بِكَهْفَيْ ... حَجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ

(5/286)


يُقَالُ مَاهَتِ السَّفِينَةُ تَمُوهُ وَتَمَاهُ: دَخَلَ فِيهَا الْمَاءُ، وَأَمَاهَتِ الْأَرْضُ: ظَهَرَ فِيهَا نَزٌّ، وَأَمَاهَ الْفَحْلُ: أَلْقَى مَاءَهُ فِي رَحِمِ الْأُنْثَى ; وَرَجُلٌ مَاهُ الْقَلْبِ، أَيْ كَثِيرُ مَاءِ الْقَلْبِ، قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّكَ يَا جَهْضَمُ مَاهُ الْقَلْبِ
قَالُوا: وَيَكُونُ صَاحِبُ ذَلِكَ بَلِيدًا، أُخْرِجَ مَاهٌ مُخْرَجَ مَالٍ. وَأَمَهْتُ السِّكِّينَ وَأَمْهَيْتُهُ: سَقَيْتُهُ، وَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إِلَى مَاهٍ مَاهِيٌّ وَمَائِيٌّ، وَإِلَى مَاءٍ مَائِيٌّ وَمَاوِيٌّ.

(مَيَثَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُهُولَةٍ فِي شَيْءٍ: يُقَالُ مِثْتُ الشَّيْءَ فِي الْمَاءِ مَيْثًا، إِذَا دُفْتُهُ، وَالْمَيْثَاءُ: الْأَرْضُ السَّهْلَةُ.

(مَيَحَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِعْطَاءٍ، وَأَصْلُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ; وَمَاحَ يَمِيحُ: انْحَدَرَ فِي الرَّكِيِّ فَمَلَأَ الدَّلْوَ، قَالَ:
يَا أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا
وَمِحْتُهُ مَيْحًا: أَعْطَيْتُهُ.
وَقَوْلُهُمْ: تَمَايَحَ السَّكْرَانُ: تَمَايَلَ، وَالْعُودُ أَيْضًا وَكَذَا الْغُصْنُ لَيْسَ مِنَ الْبَابِ.

(5/287)


(مَيَدَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالدَّالُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ فِي شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى نَفْعٍ وَعَطَاءٍ.
فَالْأَوَّلُ الْمَيْدُ: التَّحَرُّكُ. وَمَادَ يَمِيدُ. وَمَادَتِ الْأَغْصَانُ تَمِيدُ: تَمَايَلَتْ. وَالْمَيْدَانُ عَلَى فَعْلَانَ: الْعَيْشُ النَّاعِمُ الرَّيَّانُ. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
. . . . . . . . . . . .
وَصَادَفَتْ نَعِيمًا وَمَيْدَانًا مِنَ الْعَيْشِ أَخْضَرَا
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمَيْدُ. وَمَادَ يَمِيدُ: أَطْعَمَ [وَ] نَفَعَ. وَمَادَنِي يَمِيدُنِي: نَعَشَنِي. قَالُوا: وَسُمِّيَتِ الْمَائِدَةُ مِنْهُ، وَكَذَا الْمَائِدُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ: قَالَ:
وَكُنْتُ لِلْمُنْتَجِعِينَ مَائِدًا
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَابَهُ مَيْدٌ، أَيْ دُوَارٌ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ. وَمِدْتُهُ: أَعْطَيْتُهُ وَأَمَدْتُهُ بِخَيْرٍ. وَامْتَدْتُهُ: طَلَبْتُ خَيْرَهُ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ [أَنَّ] أَصْلَ مَيْدٍ الْحَرَكَةُ. وَالْمَائِدَةُ: الْخِوَانُ لِأَنَّهَا تَمِيدُ بِمَا عَلَيْهَا، أَيْ تُحَرِّكُهُ وَتُزْحِلُهُ عَنْ نَضَدِهِ. وَمَادَهُمْ: أَطْعَمَهُمْ عَلَى الْمَائِدَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " «مَيْدَ أَنَّا أُوتِينَا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ» "، أَيْ غَيْرَ أَنَّا، أَوْ عَلَى أَنَّا، فَهُوَ لُغَةٌ فِي بَيْدَ أَنَّا.

(5/288)


(مَيَرَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، هُوَ الْمَيْرُ، وَمِرْتُ مَيْرًا. وَالْمِيرَةُ: الطَّعَامُ لَهُ إِلَى بَلَدِهِ. وَقَالُوا: مَا عِنْدَهُ خَيْرٌ وَلَا مَيْرٌ.

(مَيَزَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَزَبُّلِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ وَتَزْيِيلِهِ. وَمَيَّزْتُهُ تَمْيِيزًا وَمِزْتُهُ مَيْزًا. وَامْتَازُوا: تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَيَكَادُ يَتَمَيَّزُ غَيْظًا، أَيْ يَتَقَطَّعُ. وَانْمَازَ الشَّيْءُ: انْفَصَلَ عَنِ الشَّيْءِ. قَالَ يَصِفُ حَيَّةً:
قَرَى السُّمَّ حَتَّى انْمَازَ فَرْوَةُ رَأْسِهِ ... عَنِ الْعَظْمِ صِلٌّ فَاتِكُ اللَّسْعِ مَارِدُ.

(مَيَسَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَيَلَانٍ. وَمَاسَ مَيَسَانًا: تَبَخْتَرَ. وَمَاسَ الْغُصْنُ أَيْضًا. وَالْمَيْسُ: شَجَرٌ يُقَالُ إِنَّهُ أَجْوَدُ خَشَبٍ.

(مَيَشَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خَلْطِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَنَفْشِهِ. وَمَاشَتِ الْمَرْأَةُ الْقُطْنَ بِيَدِهَا بَعْدَ الْحَلْجِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ إِذَا أَخْبَرَ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ وَكَتَمَ بَعْضًا: قَدْ مَاشَ يَمِيشُ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَيْشِ النَّاقَةِ، أَنْ يَحْلُِبَ بَعْضَ مَا فِي الضَّرْعِ وَيَدَعَ بَعْضًا ; فَإِذَا جَاوَزَ الْحَلْبُ النِّصْفَ فَلَيْسَ بِمَيْشٍ.

(مَيَطَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالطَّاءُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْعٍ وَمُدَافَعَةٍ. وَمَاطَهُ عَنْهُ: دَفَعَهُ. وَمِطْتُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ. يُقَالُ أَمَاطَهُ إِمَاطَةً. وَلِذَلِكَ يُقَالُ: " هُمْ فِي هِيَاطٍ وَمِيَاطٍ ". الْهِيَاطُ: الصِّيَاحُ: وَالْمِيَاطُ: الدَّفْعُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:

(5/289)


تَمَايَطُوا: تَبَاعَدُوا وَفَسَدَ مَا بَيْنَهُمْ، تَمَايُطًا.

(مَيَعَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ شَيْءٍ وَاضْطِرَابِ شَيْءٍ وَحَرَكَتِهِ. وَمَاعَ الشَّيْءُ يَمِيعُ: جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْمَائِعُ كُلُّ شَيْءٍ ذَائِبٍ. وَمِنْهُ الْمَيْعَةُ وَالنَّشَاطُ، وَذَلِكَ لِلْحَرَكَةِ. وَالْمَيْعَةُ: أَوَّلُ الشَّبَابِ، وَذَلِكَ إِذَا تَرَعْرَعَ وَتَحَرَّكَ.

(مَيَلَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْحِرَافٍ فِي الشَّيْءِ إِلَى جَانِبٍ مِنْهُ. مَالَ يَمِيلُ مَيْلًا. فَإِنْ كَانَ خِلْقَةً فِي الشَّيْءِ فَمَيَلٌ. يُقَالُ مَالَ يَمِيلُ مَيَلًا. وَالْمَيْلَاءُ مِنَ الرَّمْلِ: عُقْدَةٌ ضَخْمَةٌ تَعْتَزِلُ وَتَمِيلُ نَاحِيَةً. وَالْمَيْلَاءُ: الشَّجَرَةُ الْكَثِيرَةُ الْفُرُوعِ، وَهِيَ مِنْ قِيَاسِ الْبَابِ. وَالْأَمْيَلُ مِنَ الرِّجَالِ، يُقَالُ إِنَّهُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عَلَى الْفَرَسِ. وَإِنْ كَانَ كَذَا فَلِأَنَّهُ يَمِيلُ عَنْ سَرْجِهِ. وَيُقَالُ الَّذِي لَا رُمْحَ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ كَذَا فَشَاذٌّ عَنِ الْبَابِ. وَجَمْعُ الْأَمْيَلِ مِيلٌ. قَالَ:
غَيْرُ مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ فِي الْهَيْ ... جَا وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكْفَالِ.

(مَيَنَ) الْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْمَيْنُ: الْكَذِبُ. وَمَانَ يَمِينُ. قَالَ:
وَزَعَمْتَ أَنَّكَ قَدْ قَتَلْ ... تَ سَرَاتَنَا كَذِبًا وَمَيْنَا.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]

(5/290)


(مَأَدَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حُسْنِ حَالٍ وَرِيٍّ فِي الشَّيْءِ. الْمَأْدُ فِي الْأَغْصَانِ: الرَّيَّانُ اللَّيِّنُ النَّاعِمُ الْمَيَّالُ. وَمَئِدَ الْعَرْفَجُ: اهْتَزَّ رِيًّا. وَمِنَ الْقِيَاسِ امْتَأَدَ خَيْرًا: كَسَبَهُ. وَيَمْؤُودُ: مَكَانٌ.

(مَأَرَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَاوَةٍ وَشِدَّةٍ. مِنْهُ الْمِئْرَةُ: الْعَدَاوَةُ. وَمَاءَرْتُهُ مُمَاءَرَةً عَلَى فَاعَلْتُهُ، مِنْ ذَلِكَ. وَأَمْرٌ مَئِرٌ: شَدِيدٌ.

(مَأَقَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ تَعْتَرِي بَعْدَ الْبُكَاءِ، [وَ] عَلَى أَنَفَةٍ.
فَالْأَوَّلُ الْمَأْقُ: مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ بَعْدَ الْبُكَاءِ. تَقُولُ: مَئِقَ يَمْأَقُ، فَهُوَ مَئِقٌ. وَيُقَالُ إِنَّ الْمَأْقَةَ: شِدَّةُ الْبُكَاءِ.
وَالْآخَرُ قَوْلُهُمْ: أَمْأَقَ: إِذَا دَخَلَ فِي الْمَأْقِةِ، وَهِيَ الْأَنَفَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «مَا لَمْ تُضْمِرُوا الْإِمَاقَ» "، أَيْ لَمْ تُضْمِرُوا أَنَفَةً مِمَّا يَلْزَمُكُمْ مِنْ صَدَقَةٍ.

(مَأَلَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَاللَّامُ. قَدْ ذَكَرُوا فِيهَا كَلِمَاتٍ مَا أَحْسَبُهَا صَحِيحَةً، لَكِنَّنِي كَتَبْتُهَا لِلْمَعْرِفَةِ. يَقُولُونَ: مَأَلْتُ لِلْأَمْرِ: اسْتَعْدَدْتُ. وَيَقُولُونَ: امْرَأَةٌ مَأْلَةٌ: سَمِينَةٌ. وَيَقُولُونَ: الْمَأْلَةُ: الرَّوْضَةُ، وَالْجَمْعُ مِئَالٌ. وَفِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ.

(5/291)


(مَأَنَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالنُّونُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ جِدًّا.
فَالْأُولَى الْمَأْنَةُ: الطِّفْطِفَةُ، وَالْجَمْعُ مَأَنَاتٌ. قَالَ:
إِذَا مَا كُنْتِ مُهْدِيَةً فَأَهْدِي ... مِنَ الْمَأَنَاتِ أَوْ قِطَعِ السَّنَامِ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَأَنْتُ الرَّجُلَ: أَصَبْتُ مَأْنَتَهُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا مَأَنْتُ مَأْنَهُ، أَيْ لَمْ أَشْعُرْ بِهِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَاءَنْتُ فِي الْأَمْرِ، مِثْلُ مَاعَنْتُ، أَيْ رَوَّأْتُ. أَمَّا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ» " فَمِنْ بَابِ إِنَّ، وَقَدْ ذُكِرَ فِيهِ.

(مَأَيَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ كَلِمَةٌ. يُقَالُ: الْمَأْيُ: النَّمِيمَةُ وَالْإِفْسَادُ بَيْنَ الْقَوْمِ. يُقَالُ مَأَيْتُ بَيْنَهُمْ. قَالَ:
وَمَأْيٌ بَيْنَهُمْ أَخُو نُكُرَاتٍ
وَإِمَّا الْمِائَةُ فَيَقُولُونَ: أَمْأَيْتُ الدَّرَاهِمَ: جَعَلْتُهَا مِائَةً.

(مَأَجَ) الْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْمَأْجُ: الْمِلْحُ. يُقَالُ مَؤُجَ يَمْؤُجُ فَهُوَ مَأْجٌ بَيِّنُ الْمُؤُوجَةِ. قَالَ:
نَأَتْ عَنْهَا الْمُؤُوجَةُ وَالْبَحْرُ.

(5/292)


[بَابُ الْمِيمِ وَالتَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَتَحَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالْحَاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَدِّ الشَّيْءِ وَإِطَالَتِهِ. وَمَتَحَ النَّهَارُ: امْتَدَّ. وَلَيْلٌ مَتَّاحٌ: طَوِيلٌ. وَمِنْهُ الْمَتْحُ وَهُوَ الِاسْتِقَاءُ ; مَتَحَ يَمْتَحُ مَتْحًا، وَهُوَ مَاتِحٌ وَمَتُوحٌ. وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِمَدِّ الرِّشَاءِ. وَبِئْرٌ مَتُوحٌ: قَرِيبَةُ الْمَنْزَعِ.

(مَتَرَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ. يَقُولُونَ، وَمَا أَدْرِي مَا هُوَ: مَتَرْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُهُ ; وَلَعَلَّهُ مِنَ الْإِبْدَالِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَتَرْتُهُ مَتْرًا. وَامْتَرَّ الْحَبْلُ: امْتَدَّ.

(مَتَسَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالسِّينُ فِيهِ كَلِمَةٌ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ، هِيَ مَتَسَهُ يَمْتِسُهُ مَتْسًا: أَرَاغَهُ لِيَنْتَزِعَهُ مِنْ بَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(مَتَعَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَنْفَعَةٍ وَامْتِدَادِ مُدَّةٍ فِي خَيْرٍ. مِنْهُ اسْتَمْتَعْتُ بِالشَّيْءِ. وَالْمُتْعَةُ وَالْمَتَاعُ: الْمَنْفَعَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور: 29] . وَمُتِّعَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالشَّيْءِ، لِأَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِهِ. وَيُقَالُ أَمْتَعْتُ بِمَالِي، بِمَعْنَى تَمَتَّعْتُ. قَالَ:
خَلِيطَيْنِ مِنْ شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجَاوَرَا ... قَدِيمًا وَكَانَا لِلتَّفَرُّقِ أَمْتَعَا
وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِيُّ: " بِالتَّفَرُّقِ ". يَقُولُ: لَمْ تَكُنْ مُتْعَةُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ إِلَّا الْفِرَاقَ. وَيَقُولُونَ: لَئِنِ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْغُلَامَ لَتَمْتَعَنَّ مِنْهُ بِغُلَامٍ صَالِحٍ. وَيَقُولُونَ: حَبْلٌ

(5/293)


مَاتِعٌ: جَيِّدٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُدَّةَ تَمْتَدُّ بِهِ. وَيَقُولُونَ: مَتَعَ النَّهَارُ: طَالَ. وَمَتَعَ النَّبَاتُ مُتُوعًا. فَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ:
إِلَى خَيْرِ دِينٍ نُسُكُهُ قَدْ عَلِمْتُهُ ... وَمِيزَانُهُ فِي سُورَةِ الْبِرِّ [مَاتِعُ]
فَقَالُوا: مَعْنَاهُ رَاجِحٌ زَائِدٌ. وَمَتَعَ السَّرَابُ: طَالَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مُتُوعًا أَيْضًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمُتْعَةُ: مَا تَمَتَّعْتَ [بِهِ] . وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ الَّتِي كُرِهَتْ أَحْسَبُهَا مِنْ هَذَا. وَالْمَتَاعُ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ: مَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ الْإِنْسَانُ فِي حَوَائِجِهِ. وَمَتَّعَ اللَّهُ بِهِ فُلَانًا تَمْتِيعًا، وَأَمْتَعَهُ بِهِ إِمْتَاعًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، أَيْ أَبْقَاهُ لِيَسْتَمْتِعَ بِهِ فِيمَا أَحَبَّ مِنَ السُّرُورِ وَالْمَنَافِعِ.
وَذَهَبَ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ التَّلَذُّذُ. وَمَتَعَ النَّهَارُ لِأَنَّهُ يُتَمَتَّعُ بِضِيَائِهِ. وَمَتَّعَ السَّرَابُ مُشَبَّهٌ بِتَمَتُّعِ النَّهَارِ. وَالْمَتَاعُ: الِانْتِفَاعُ بِمَا فِيهِ لَذَّةٌ عَاجِلَةٌ.
وَذَهَبَ مِنْهُمْ آخَرُ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِامْتِدَادُ وَالِارْتِفَاعُ، وَالْمَتَاعُ انْتِفَاعٌ مُمْتَدُ الْوَقْتِ. وَشَرَابٌ مَاتِعٌ: أَحْمَرُ، أَيْ بِهِ يُتَمَتَّعُ لِجَوْدَتِهِ.

(مَتَكَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالْكَافُ. يَقُولُونَ: الْمُتْكُ: الْأُتْرُجُّ، وَيُقَالُ الزُّمَاوَرْدُ. وَيُقَالُ: الْمُتْكُ: مَا تُبْقِيهِ الْخَاتِنَةُ.

(مَتَلَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَاللَّامُ. يَقُولُونَ: مَتَلَهُ مَتْلًا: زَعْزَعَهُ.

(مَتَنَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ فِي الشَّيْءِ مَعَ امْتِدَادٍ وَطُولٍ. مِنْهُ الْمَتْنُ: مَا صَلُبَ مِنَ الْأَرْضِ وَارْتَفَعَ وَانْقَادَ، وَالْجَمْعُ

(5/294)


مِتَانٌ. وَرَأَيْتُهُ بِذَلِكَ الْمَتْنِ. وَمِنْهُ شُبِّهَ الْمَتْنَانِ مِنَ الْإِنْسَانِ: مُكْتَنِفَا الصُّلْبِ مِنْ عَصَبٍ وَلَحْمٍ. وَمَتَنْتُهُ: ضَرَبْتُ مَتْنَهُ. وَيَقُولُونَ: مَتْنَةٌ، يَذْهَبُونَ إِلَى اللَّحْمَةِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَهَا مَتْنَتَانِ خَظَاتَا كَمَا أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ النَّمِرْ وَمَتَنَ قَوْسَهُ: وَتَّرَهَا بِعَقَبٍ مِنْ عَقَبِ الْمَتْنِ. وَمَتَنَ يَوْمَهُ: سَارَهُ أَجْمَعَ، وَهُوَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ. وَمَتَنْتُهُ بِالسَّوْطِ أَمْتِنُهُ: ضَرَبْتُهُ. وَعِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ ضَرْبًا عَلَى الْمَتْنِ. وَالْمُمَاتَنَةُ: الْمُبَاعَدَةُ فِي الْغَايَةِ. وَسَارَ سَيْرًا مُمَاتِنًا: شَدِيدًا بَعِيدًا. وَمَاتَنَهُ: مَاطَلَهُ. وَمِنَ الْبَابِ مُمَاتَنَةُ الشَّاعِرَيْنِ، إِذَا قَالَ هَذَا بَيْتًا وَذَلِكَ بَيْتًا، كَأَنَّهُمَا يَمْتَدَّانِ إِلَى غَايَةٍ يُرِيدَانِهَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ مَتَنْتُ الدَّابَّةَ: شَقَقْتُ صَفْنَهُ وَاسْتَخْرَجْتُ بَيْضَتَهُ.

(مَتَهَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالْهَاءُ. يَقُولُونَ: التَّمَتُّهُ: الذَّهَابُ فِي الْبَطَالَةِ وَالْغَوَايَةِ. وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، الْهَاءُ مِنَ الْحَاءِ، كَأَنَّهُ التَّمَتُّحُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَمَتَهْتُ الدَّلْوَ: مَتَحْتُهَا.

(مَتِيَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالْحَرْفُ فِيهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: إِحْدَاهَا يُسْتَفْهَمُ بِهَا عَنْ زَمَانٍ. تَقُولُ: مَتَى يَخْرُجُ زَيْدٌ؟ وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ. يَقُولُونَ: تَمَتَّى فِي نَزْعِ الْقَوْسِ، وَهُوَ مَنْ تَمَطَّى وَتَمَطَّطَ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

(5/295)


فَأَتَتْهُ الْوَحْشُ وَارِدَةً فَتَمَتَّى النَّزْعَ فِي يَسَرِهْ وَالثَّالِثَةُ كَلِمَةٌ هَذَلِيَّةٌ، يَقُولُونَ: جَعَلْتُهُ مَتَى كُمِّي، أَيْ فِي وَسَطِ كُمِّي. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ ... مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالثَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَثَعَ) الْمِيمُ وَالثَّاءُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: الْمَثْعَاءُ: مِشْيَةٌ قَبِيحَةٌ. يُقَالُ: مَثَعَتِ الضَّبُعُ تَمْثَعُ. قَالَ الرَّاجِزُ:
كَالضَّبُعِ الْمَثْعَاءِ عَنَّاهَا السُّدُمْ.

(مَثَلَ) الْمِيمُ وَالثَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُنَاظَرَةِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ. وَهَذَا مِثْلُ هَذَا، أَيْ نَظِيرُهُ، وَالْمِثْلُ وَالْمِثَالُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. وَرُبَّمَا قَالُوا مَثِيلٌ كَشَبِيهٍ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَمْثَلَ السُّلْطَانُ فُلَانًا: قَتَلَهُ قَوَدًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا كَانَ فَعَلَهُ. وَالْمَثَلُ: الْمِثْلُ أَيْضًا، كَشَبَهٍ وَشِبْهٍ. وَالْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ يُذْكَرُ مُوَرًّى بِهِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُمْ: مَثَّلَ بِهِ، إِذَا نَكَّلَ، هُوَ مِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إِذَا نُكِّلَ بِهِ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِكُلِّ مَنْ صَنَعَ

(5/296)


ذَلِكَ الصَّنِيعَ أَوْ أَرَادَ صُنْعَهُ. وَيَقُولُونَ: مَثَّلَ بِالْقَتِيلِ: جَدَعَهُ. وَالْمَثُلَاتُ مِنْ هَذَا أَيْضًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6] ، أَيِ الْعُقُوبَاتُ الَّتِي تَزْجُرُ عَنْ مِثْلِ مَا وَقَعَتْ لِأَجْلِهِ، وَوَاحِدُهَا مَثُلَةٌ كَسَمُرَةٍ وَصَدُقَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الَّتِي تَنْزِلُ بِالْإِنْسَانِ فَتُجْعَلُ مِثَالًا يَنْزَجِرُ بِهِ وَيَرْتَدِعُ غَيْرُهُ. وَمَثَلَ الرَّجُلُ قَائِمًا: انْتَصَبَ، وَالْمَعْنَى ذَاكَ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مِثَالٌ نُصِبَ. وَجَمْعُ الْمِثَالِ أَمْثِلَةٌ. وَالْمِثَالُ: الْفِرَاشُ وَالْجَمْعُ مُثُلٌ، وَهُوَ شَيْءٌ يُمَاثِلُ مَا تَحْتَهُ أَوْ فَوْقَهُ. وَفُلَانٌ أَمْثَلُ بَنِي فُلَانٍ: أَدْنَاهُمْ لِلْخَيْرِ، أَيْ إِنَّهُ مُمَاثِلٌ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ. وَهَؤُلَاءِ أَمَاثِلُ الْقَوْمِ، أَيْ خِيَارُهُمْ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْجِيمِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَجَدَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، يَدُلُّ عَلَى بُلُوغِ النِّهَايَةِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي مَحْمُودٍ. مِنْهُ الْمَجْدُ: بُلُوغُ النِّهَايَةِ فِي الْكَرَمِ. وَاللَّهُ الْمَاجِدُ وَالْمَجِيدُ، لَا كَرَمَ فَوْقَ كَرَمِهِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَاجَدَ فُلَانٌ فُلَانًا: فَاخَرَهُ. وَيَقُولُونَ مَثَلًا: " فِي كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ وَالْعَفَارُ "، أَيِ اسْتَكْثَرَا مِنَ النَّارِ وَأَخَذَا مِنْهَا مَا هُوَ حَسْبُهُمَا، فَهُمَا قَدْ تَنَاهَيَا فِي ذَلِكَ، حَتَّى إِنَّهُ يُقْبَسُ مِنْهُمَا. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَجَدَتِ الْإِبِلُ مُجُودًا، فَقَالُوا: مَعْنَاهُ أَنَّهَا نَالَتْ قَرِيبًا مِنْ شِبَعِهَا مِنَ الرُّطْبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَمْجَدْتُ الدَّابَّةَ: عَلَفْتُهَا مَا كَفَاهَا. وَهَذَا أَشْبَهُ بِقِيَاسِ الْبَابِ.

(مَجَرَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَالرَّاءُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ لَا تَنْقَاسُ. فَالْأَوْلَى الْمَجْرُ، وَهُوَ الدَّهْمُ الْكَثِيرُ.

(5/297)


وَالثَّانِيَةُ الْمَجْرُ: أَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ. «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَنِ الْمَجْرِ» . وَكَانَتْ [الْعَرَبُ] فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَفْعَلُهُ.
وَالثَّالِثَةُ الْمَجَرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَالشَّاءِ مِنْ دَاءٍ. وَشَاةٌ مُمْجِرٌ وَمِمْجَارٌ، إِذَا حَمَلَتْ فَهُزِلَتْ فَلَمْ تَسْتَطِعِ الْقِيَامَ إِلَّا بِمَنْ يُقِيمُهَا، وَقَلَّمَا تَسْلَمُ مِنْهُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: " الضَّأْنُ مَالُ صِدْقٍ إِذَا أَفْلَتَتْ مِنَ الْمَجَرِ ".

(مَجَسَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ مَا نَعْرِفُ لَهَا قِيَاسًا، وَأَظُنُّهَا فَارِسِيَّةٌ، وَهِيَ قَوْلُنَا هَؤُلَاءِ الْمَجُوسُ. يُقَالُ: تَمَجَّسَ الرَّجُلُ، إِذَا صَارَ مِنْهُمْ.

(مَجَعَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ. فَالْأُولَى الْمَجْعُ: أَكْلُ التَّمْرِ بِاللَّبَنِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَجِيعُ. وَالْمَجَّاعَةُ: الْمُكْثِرُ مِنْهُ. وَمَجَاعَةُ التَّمْرِ وَاللَّبَنِ: بَقِيَّتُهُ. وَشَرِبَ الْمَجَاعَةَ.
وَالْأُخْرَى تَدُلُّ عَلَى رَدَاءَةِ الشَّيْءِ وَقِلَّةِ خَيْرِهِ. يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ رَدِيءٍ مِجْعٌ. وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْمَاجِنِ مَجِعٌ. وَامْرَأَةٌ مَجِعَةٌ: تَكَلَّمُ بِالْفُحْشِ. وَفِي نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ مَجَاعَةٌ، وَهِيَ أَنْ يُصَرِّحْنَ بِمَا يُكْنَى عَنْهُ مِنَ الرَّفَثِ.

(مَجَلَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَجِلَتْ يَدُهُ تَمْجَلُ وَمَجَلَتْ تَمْجُلُ: تَنَفَّطَتْ. وَيَقُولُونَ: جَاءَتِ الْإِبِلُ كَأَنَّهَا الْمَجْلُ، أَيْ مُمْتَلِئَةٌ كَامْتِلَاءِ الْمَجْلِ، وَتَمَجَّلَ قَيْحًا: امْتَلَأَ.

(5/298)


وَغَلَطَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي هَذَا الْبِنَاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ: ذَكَرَ أَنَّ الْمَاجِلَ: مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ (أَجَلْ) ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَجَلَّةَ: الصَّحِيفَةُ، هُوَ مِنْ (جَلَّ) .

(مَجَنَ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ مَجَنَ، يُقَالُ: إِنَّ الْمُجُونَ: أَلَّا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ مَا صَنَعَ. قَالُوا: وَقِيَاسُهُ مِنَ النَّاقَةِ الْمُمَاجِنُ، وَهِيَ الَّتِي يَنْزُو عَلَيْهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُحُولَةِ، فَلَا تَكَادُ تُلَقَّحُ. وَالْمَجَّانُ، هُوَ عَطِيَّةُ الرَّجُلِ شَيْئًا بِلَا ثَمَنٍ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَحَزَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالزَّاءُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، عَلَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمَحْزُ: النِّكَاحُ، وَمَحَزَهَا مَحْزًا.

(مَحَشَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِحْرَاقِ النَّارِ شَيْئًا حَتَّى يَنْسَحِجَ جِلْدُهُ. يُقَالُ: مَحَشَتِ النَّارُ الشَّيْءَ تَمْحَشُهُ. وَامْتَحَشَ الْخُبْزُ: احْتَرَقَ. وَرَوَى ابْنُ السِّكِّيتِ: أَمْحَشَهُ الْحَرُّ. وَيُقَالُ: امْتَحَشَ، إِذَا غَضِبَ ; وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْغَضَبَ لِحَرَارَتِهِ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، كَأَنَّهُ أَحْرَقَ. وَيُقَالُ لِلسَّنَةِ الْجَدْبِ: قَدْ أَمْحَشَتْ كُلَّ شَيْءٍ. فَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ:
جَمِّعْ مِحَاشَكَ يَا يَزِيدُ، فَإِنَّنِي ... أَعْدَدْتُ يَرْبُوعًا لَكُمْ وَتَمِيمَا

(5/299)


فَقَالُوا: مَعْنَاهُ جَمِّعْ هَذِهِ الْقَبَائِلَ، وَكَانُوا قَبَائِلَ تَحَالَفُوا بِالنَّارِ.
وَمِمَّا قِيسَ عَلَى هَذَا: مَحَشَ وَجْهَهُ بِالسَّيْفِ مَحْشَةً: ضَرَبَهُ فَقَشَرَ الْجِلْدَ. وَمَرَّتْ غِرَارَةٌ فَمَحَشَتْنِي، أَيْ سَحَجَتْنِي.

(مَحَصَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالصَّادُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَخْلِيصِ شَيْءٍ وَتَنْقِيَتِهِ. وَمَحَصَهُ مَحْصًا: خَلَّصَهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. [وَ] مَحَصَ اللَّهُ الْعَبْدَ مِنَ الذَّنْبِ: طَهَّرَهُ مِنْهُ وَنَقَّاهُ، وَمَحَّصَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 141] . وَمَحَّصْتُ الذَّهَبَ بِالنَّارِ: خَلَّصْتُهُ مِنَ الشَّوْبِ. وَقَوْلُهُمْ: فَرَسٌ مُمَحَّصٌ يَقُولُونَ: إِنَّهُ الشَّدِيدُ الْخَلْقِ وَقِيَاسُهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ الْبَرِيءُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَكَذَلِكَ الْمَحِصُ مِنَ الْحِبَالِ وَالْأَوْتَارِ: مَا مُحِصَ حَتَّى ذَهَبَ زِئْبِرُهُ وَلَانَ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:
لَهَا مَحِصٌ غَيْرُ جَافِي الْقُوَى ... إِذَا مُطْيَ حَنَّ بِوَرَكْ حُدَالِ.

(مَحَضَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خُلُوصِ الشَّيْءِ. مِنْهُ اللَّبَنُ الْمَحْضُ: الْخَالِصُ ; وَعَرَبِيٌّ مَحْضٌ. وَالْمَحْضُ يُشْتَقُّ مِنْهُ مَحَضْتُهُمْ: سَقَيْتُهُمْ

(5/300)


ذَلِكَ. وَامْتَحَضْتُ أَنَا: شَرِبْتُ الْمَحْضَ. وَأَمْحَضْتُكَ الْحَدِيثَ: صَدَقْتُكَهُ. وَكَذَا النَّصِيحَةُ [وَ] الْوُدُّ. قَالَ:
قُلْ لِلْغَوَانِي أَمَا فِيكُنَّ فَاتِكَةٌ ... تَعْلُو اللَّئِيمَ بِضَرْبٍ فِيهِ إِمْحَاضُ.

(مَحَقَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالْقَافُ كَلِمَاتٌ تَدُلُّ عَلَى نُقْصَانٍ. وَمَحَقَهُ: نَقَصَهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ نَقَصَ وُصِفَ بِهَذَا. وَالْمَُِحَاقُ: آخِرُ الشَّهْرِ إِذَا تَمَحَّقَ الْهِلَالُ. وَمَحَقَهُ اللَّهُ: ذَهَبَ بِبَرَكَتِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَمْحَقَهُ ; وَهُوَ رَدِيءٌ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْإِمْحَاقُ أَنْ يَهْلِكَ كَمِحَاقِ الْهِلَالِ. وَقَوْلُهُمْ: مَاحِقُ الصَّيْفِ: شِدَّةُ حَرِّهِ، أَيْ إِنَّهُ بِشِدَّةِ الْحَرِّ يَمْحَقُ النَّبَاتَ، أَيْ يُوبِسُهُ، وَيَذْهَبُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ، فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
يُقَلِّبُ صَعَدَةً جَرْدَاءَ فِيهَا ... نَقِيعُ السُّمِّ أَوْ قَرْنٌ مُحِيقٌ
إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَحْقِ، إِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ مِنْ حُقْتُ أَحُوقُ وَحِقْتُ أَحِيقُ، أَيْ دَلَّكْتُ وَمَلَّسْتُ.

(مَحَكَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالْكَافُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْمَحْكُ: التَّمَادِي وَاللَّجَاجُ. وَتَمَاحَكَ الْخَصْمَانِ: تَلَاجَّا. وَهُوَ مَحِكٌ.

(5/301)


(مَحَلَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا قِلَّةُ الْخَيْرِ، وَالْآخَرُ الْوِشَايَةُ وَالسِّعَايَةُ.
فَالْمَحْلُ: انْقِطَاعُ الْمَطَرِ وَيُبْسُ الْأَرْضِ مِنَ الْكَلَأِ. يُقَالُ: أَرْضٌ مُحُولٌ، عَلَى فُعُولٍ بِالْجَمْعِ. قَالَ الْخَلِيلُ: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَاضِعِ. وَأَمْحَلَتْ فَهِيَ مُمْحِلٌ. وَأَمْحَلَ الْقَوْمُ. وَزَمَانٌ مَاحِلٌ.
وَالْمَعْنَى الْآخَرُ مَحَلَ بِهِ، إِذَا سَعَى بِهِ. وَفِي الدُّعَاءِ: " «لَا تَجْعَلِ الْقُرْآنَ بِنَا مَاحِلًا» "، أَيْ لَا تَجْعَلْهُ يَشْهَدُ عِنْدَكَ عَلَيْنَا بِتَرْكِنَا اتِّبَاعَهُ، أَيِ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَتْبَعُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ.
وَمَا يُبَايِنُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ: لَبَنٌ مُمَحَّلٌ، مَحَّلَهُ الْقَوْمُ، أَيْ حَقَنُوهُ.

(مَحَنَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالنُّونُ كَلِمَاتٌ ثَلَاثٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. الْأُولَى الْمَحْنُ: الِاخْتِبَارُ. وَمَحَنَهُ وَامْتَحَنَهُ. وَالثَّانِيَةُ: أَتَيْتُهُ فَمَا مَحَنَنِي شَيْئًا، أَيْ مَا أَعْطَانِيهِ. وَالثَّالِثَةُ مَحَنَهُ سَوْطًا: ضَرَبَهُ.

(مَحَوَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الذَّهَابِ بِالشَّيْءِ. وَمَحَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ: ذَهَبَتْ بِهِ. وَتُسَمَّى الشَّمَالُ مَحْوَةً، لِأَنَّهَا تَمْحُو السَّحَابَ. وَمَحَوْتُ الْكِتَابَ أَمْحُوهُ مَحْوًا. وَامَّحَى الشَّيْءُ: ذَهَبَ أَثَرُهُ، كَذَلِكَ امْتَحَى.

(5/302)


(مَحَتَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالتَّاءُ لَيْسَ بِأَصْلٍ، إِنَّمَا هُوَ مَقْلُوبٌ. يَقُولُونَ: الْمَحْتُ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَيَوْمٌ مَحْتٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ. وَالْأَصْلُ الْحَمْتُ.

(مَحَجَ) الْمِيمُ وَالْحَاءُ وَالْجِيمُ. يَقُولُونَ: مَحَجَتِ الْأَرْضَ الرِّيحُ: مَسَحَتِ التُّرَابَ عَنْهَا. وَمَحَجْتُ اللَّحْمَ: قَشَرْتُهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَالْمَحْجُ: مَسْحُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَمَحَجْتُ الْأَدِيمَ وَالْحَبْلَ، إِذَا دَلَّكْتُهُ لِيَلِينَ. قَالَ: وَمَاحَجْتُهُ مُمَاحَجَةً وَمِحَاجًا، إِذَا مَاطَلْتُهُ. وَإِنْ صَحَّ الْبَابُ فَأَصْلُهُ الْمَسْحُ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَخَرَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى شَقٍّ وَفَتْحٍ. يُقَالُ مَخَرَتِ السَّفِينَةُ الْمَاءَ مَخْرًا: شَقَّتْهُ. قَالَ الرَّاجِزُ فِي نِسَاءٍ يَخْتَصِمْنَ وَيَسْتَعِنَّ بِأَيْدِيهِنَّ، كَمَا يَفْعَلُ السَّابِحُ:
مُقَدِّمَاتٌ أَيْدِيَ الْمَوَاخِرِ
وَيُقَالُ: مَخَرْتُ الْأَرْضَ، إِذَا أَرْسَلْتَ فِيهَا الْمَاءَ. وَيُقَالُ اسْتَمْخَرْتُ الرِّيحَ، إِذَا اسْتَقْبَلْتَهَا بِأَنْفِكَ. وَقِيَاسُهُ صَحِيحٌ، كَأَنَّكَ تَشُقُّ الرِّيحَ بِأَنْفِكَ. وَقَوْلُهُمْ: امْتَخَرْتُ الْقَوْمَ، إِذَا انْتَقَيْتَ خِيَارَهُمْ، كَأَنَّهُ شَقَّ النَّاسَ إِلَيْهِ حَتَّى انْتَخَبَهُ. قَالَ:
مِنْ نُخْبَةِ النَّاسِ الَّتِي كَانَ امْتَخَرْ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ الْيَمْخُورُ: الرَّجُلُ الطَّوِيلُ. فَأَمَّا بَنَاتُ مَخْرٍ فَهِيَ

(5/303)


سَحَابٌ تَنْشَأُ فِي الصَّيْفِ، وَلَيْسَ مِنَ الْبَابِ، لِأَنَّهُ مِنَ الْإِبْدَالِ وَالْأَصْلُ الْبَاءُ " بَخْرٌ "، وَقَدْ مَرَّ.

(مَخَضَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابِ شَيْءٍ فِي وِعَائِهِ مَائِعٍ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. وَمَخَضْتُ اللَّبَنَ أَمْخُضُهُ مَخْضًا. وَالْمَخْضُ: هَدْرُ الْبَعِيرِ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ، كَأَنَّهُ يَمْخُضُ فِي شِقْشِقَتِهِ شَيْئًا. وَالْمَاخِضُ: الْحَامِلُ إِذَا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ. وَهَذَا أَيْضًا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، كَأَنَّ الَّذِي فِي جَوْفِهَا شَيْءٌ مَائِعٌ يَتَمَخَّضُ. وَالْمَخَاضُ: النُّوقُ الْحَوَامِلُ، وَاحِدَتُهَا خَلِفَةٌ. وَيُقَالُ لِوَلَدِ النَّاقَةِ إِذَا أُرْسِلَ الْفَحْلُ فِي الْإِبِلِ الَّتِي فِيهَا أُمُّهُ: ابْنُ مَخَاضٍ، لَقِحَتْ أُمُّهُ أَمْ لَا.

(مَخَطَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالطَّاءُ أُصَيْلٌ، يَدُلُّ عَلَى بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ كِنِّهِ، صَحِيحٌ. وَامْتَخَطَ السَّيْفَ: انْتَضَاهُ. وَأَمْخَطَ السَّهْمَ: أَنْفَذَهُ إِمْخَاطًا. وَرُبَّمَا قَالُوا: امْتَخَطَ مَا فِي يَدِهِ: اخْتَلَسَهُ.

(مَخَنَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالنُّونُ يَقُولُونَ: الْمَخْنُ: الرَّجُلُ الطَّوِيلُ.

(مَخَيَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. يَقُولُونَ: تَمَخَّى مِنَ الشَّيْءِ وَامَّخَى مِنْهُ: تَبَرَّأَ مِنْهُ وَتَحَرَّجَ. قَالَ:
وَلَمْ تُرَاقِبْ مَأْثَمًا فَتَمَّخِهْ ... مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ مِنْ تَشَيُّخِهْ.

(5/304)


(مَخَجَ) الْمِيمُ وَالْخَاءُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: مَخَجَ الْبِئْرَ، إِذَا خَضْخَضَهَا. قَالَ:
يَزِيدُهَا مَخْجُ الدِّلَا جُمُومَا
وَيُكَنُّونَ بِهِ عَنِ الْبِضَاعِ، فَيُقَالُ: مَخَجَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالدَّالِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَدَرَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طِينٍ مُتَحَبِّبٍ، ثُمَّ يُشَبَّهُ [بِهِ] . فَالْمَدَرُ مَعْرُوفٌ، وَالْوَاحِدَةُ مَدَرَةٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا: سُمِّيَتِ الْبَلْدَةُ مَدَرَةٌ. قَالَ:
لَيْلًا وَمَا نَادَى أَذِينَ الْمَدَرَهْ
وَالْمَدْرُ: تَطْيِينُكَ وَجْهَ الْحَوْضِ بِالطِّينِ، وَهُوَ الْمَدَرُ الْمَبْلُولُ بَلًّا بِالْمَاءِ. وَمَكَانُ ذَلِكَ الطِّينِ مَمْدَرَةٌ. وَالْأَمْدَرُ مِنَ الضِّبَاعِ، لَوْنُهُ لَوْنُ الْمَدَرِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَمْدَرُ: عَظِيمُ الْجَنْبَيْنِ، وَأَظُنُّهُ مِنْ تَرَاكُمِ اللَّحْمِ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ مَدَرٌ.

(5/305)


(مَدَسَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ. ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْمَدْسُ: الدَّلْكُ وَالْفَرْكُ. وَمَدَسْتُ الْأَدِيمَ مَدْسًا.

(مَدَشَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالشِّينُ. يَقُولُونَ مَدْشَاءُ: لَا لَحْمَ عَلَى يَدَيْهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَدِشَتْ عَيْنُهُ: أَظْلَمَتْ، وَالرَّجُلُ مَدِشٌ.

(مَدَقَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ حَكَاهَا أَبُو بَكْرٍ: مَدَقْتُ الصَّخْرَ وَغَيْرَهُ: كَسَرْتُهُ.

(مَدَلَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْمِيمُ مِنْ كَلِمَاتِ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا: الْمِدْلُ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ.

(مَدَنَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالنُّونُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا مَدِينَةٌ، إِنْ كَانَتْ عَلَى فَعِيلَةٍ، وَيَجْمَعُونَهَا مُدُنًا. وَمَدَّنْتُ مَدِينَةً.

(مَدَهَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْهَاءُ لَيْسَ بِأَصْلٍ، لِأَنَّ هَاءَهُ عَنْ حَاءٍ، التَّمَدُّحُ وَالتَّمَدُّهُ. وَمَدَهْتُهُ. قَالَ:

(5/306)


لِلَّهِ دَرُّ الْغَانِيَاتِ الْمُدَّهِ
قَالَ الْخَلِيلُ: الْمَدْهُ يُضَارِعُ الْمَدْحَ، إِلَّا أَنَّ الْمَدْهَ فِي نَعْتِ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ، وَالْمَدْحَ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

(مَدَيَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادٍ فِي شَيْءٍ وَإِمْدَادٍ. مِنْهُ الْمَدَى: الْغَايَةُ. وَالْمَدِيُّ فِيمَا يُقَالُ: الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ، وَالْحَوْضُ الَّذِي يُمِدُّ مَاؤُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالْجَمْعُ أَمْدِيَةٌ. قَالَ:
إِذَا أُمِيلَ فِي الْمَدِيِّ فَاضَا
وَالْمُدْيُ: مِكْيَالٌ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ الْمُدْيَةُ: الشَّفْرَةُ، وَجَمْعُهَا مُدًى. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِنَ الْبَابِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ إِذَا ذُبِحَتِ الذَّبِيحَةُ بِهَا كَانَ ذَلِكَ مَدَاهَا. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو عَلِيٍّ.

(5/307)


(مَدَحَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى وَصْفِ مَحَاسِنَ بِكَلَامٍ جَمِيلٍ. وَمَدَحَهُ يَمْدَحُهُ مَدْحًا: أَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءُ. وَالْأُمْدُوحَةُ: الْمَدْحُ. وَيُقَالُ الْمَنْقَبَةُ أُمْدُوحَةٌ أَيْضًا. قَالَ:
لَوْ كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ مُنْشِرًا أَحَدًا ... أَحْيَا أَبَاكُنَّ يَا لَيْلَى الْأَمَادِيحُ.

(مَدَخَ) الْمِيمُ وَالدَّالُ وَالْخَاءُ. يَقُولُونَ: الْمَدْخُ: الْعَظَمَةُ. وَالتَّمَادُخُ: الْبَغْيُ. قَالَ:
تَمَادَخُ بِالْحِمَى جَهْلًا عَلَيْنَا ... فَهَلَّا بِالْقَنَانِ تُمَادِخِينَا
وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ: تَمَدَّخَتِ النَّاقَةُ: تَلَوَّتْ فِي سَيْرِهَا. وَتَمَدَّخَتْ: امْتَلَأَتْ شَحْمًا.

[بَابُ الْمِيمِ وَالذَّالِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَذِرَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادٍ فِي شَيْءٍ. وَمَذِرَتِ الْبَيْضَةُ: فَسَدَتْ. وَأَمْذَرَتْهَا الدَّجَاجَةُ. وَالتَّمَذُّرُ: خُبْثُ النَّفْسِ. وَمَذِرَتْ لَهُ نَفْسِي. وَمَذِرَتْ مَعِدَتُهُ: فَسَدَتْ. وَالْأَمْذَرُ: الْكَثِيرُ الِاخْتِلَافِ إِلَى الْخَلَاءِ، وَهُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى.

(5/308)


وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مِنَ الْبَابِ قَوْلَهُمْ تَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ.

(مَذَعَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَالْعَيْنُ. يَقُولُونَ فِيهِ الْمَذَّاعُ: الْكَذَّابُ، وَالَّذِي لَا يَكْتُمُ السِّرَّ أَيْضًا. وَمَذَعَ بِبَوْلِهِ: رَمَى بِبَوْلِهِ.

(مَذَقَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خَلْطِ شَيْءٍ لَا عَلَى جِهَةِ النَّصَاحَةِ.
مِنْ ذَلِكَ مَذَقَ اللَّبَنَ بِالْمَاءِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِذَلِكَ تَكْثِيرُهُ. وَاشْتُقَّ مِنْهُ الْمَذَّاقُ: الَّذِي يَمْذُقُ الْوُدَّ بِمَلَلٍ يَكُونُ فِيهِ. وَالْمَذْقُ: اللَّبَنُ الْمَمْزُوجُ أَيْضًا، وَكَذَا الْمَذِيقُ.

(مَذَلَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اسْتِرْخَاءٍ وَقِلَّةِ تَشَدُّدٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ الِامْذِلَالُ: الْفَتْرَةُ فِي النَّفَسِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[وَذِكْرُ الْبَيْنِ يَصْدَعُ فِي فُؤَادِي ... وَيُعْقِبُ فِي مَفَاصِلِيَ] امْذِلَالَا
وَالْمَذِيلُ: الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَتَقَارُّ. وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ الْمَذِلُ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ مَالٍ وَسِرٍّ، إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِ نَفْسِهِ. وَمَذِلَ مِنْ كَلَامِهِ: قَلِقَ.

(مَذِيَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى سُهُولَةٍ فِي جَرَيَانِ شَيْءٍ مَائِعٍ. مِنْهُ الْمَذْيُ، وَهُوَ أَرَقُّ مَا يَكُونُ مِنَ النُّطْفَةِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ مَذَيْتُ وَأَمْذَيْتُ، [وَ] فِيهِ الْوُضُوءُ.

(5/309)


وَمِنْ هَذَا الْقِيَاسِ الْمِذَاءُ: أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ نِسَاءٍ وَرِجَالٍ يُخَلِّيهِمْ يُمَاذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ: " الْغَيْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْمِذَاءُ مِنَ النِّفَاقِ ". وَيَقُولُونَ: إِنَّ مَاذِيَّ الْعَسَلِ أَبْيَضُهُ. وَقِيَاسُ الْبَابِ أَنَّ الْمَاذِيَّ السَّهْلُ الْجِرْيَةِ اللَّيِّنُ. وَكَذَا الدُّرُوعُ الْمَاذِيَّةُ: السَّلِسَةُ. وَالْخَمْرُ مَاذِيَّةٌ، إِذَا سُهِّلَتْ فِي حَلْقِ شَارِبِهَا.

(مَذَحَ) الْمِيمُ وَالذَّالُ وَالْحَاءُ. يَقُولُونَ: الْمَذَحُ: أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فَتَسْحَجَ إِحْدَى [رِجْلَيْهِ] الْأُخْرَى.

[بَابُ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَرَزَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَقْطِيعِ شَيْءٍ وَخَدْشِهِ. وَمَرَزَتِ الْمَرْأَةُ الْعَجِينَ: قَطَّعَتْهُ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ مَِرْزَةٌ. وَيَقُولُونَ فِي الْقِيَاسِ عَلَى هَذَا: امْتَرَزَ عِرْضَهُ، إِذَا نَالَ مِنْهُ. وَمَرَزَ جِلْدَهُ: خَدَشَهُ.

(مَرَسَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُضَامَّةِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ بِشِدَّةٍ وَقُوَّةٍ.
مِنْهُ الْمَرَسُ: الْحَبْلُ، سُمِّيَ لِتَمَرُّسِ قُوَاهُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَالْجَمْعُ أَمَرَاسٌ وَمَرِسَ الْحَبْلُ يَمْرَسُ مَرَسًا: وَقَعَ بَيْنَ الْخُطَّافِ وَالْبَكْرَةِ، فَأَنْتَ تُعَالِجُهُ أَنْ تُخْرِجَهُ. وَرَجُلٌ مَرِسٌ: ذُو جَلَدٍ. وَفَحْلٌ مَرَّاسٌ: ذُو مِرَاسٍ شَدِيدٍ. يُقَالُ: امْتَرَسَتِ الْأَلْسُنُ

(5/310)


فِي الْخُصُومَاتِ: أَخَذَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَمِنْهُ الِامْتِرَاسُ: اللُّزُوقُ بِالشَّيْءِ وَمُلَازَمَتُهُ. قَالَ:
فَنَكِرْنَهُ فَنَفَرْنَ وَامْتَرَسَتْ بِهِ ... هَوْجَاءُ هَادِيَةٌ وَهَادٍ جُرْشُعُ
وَمِنْهُ تَمَرَّسَ فُلَانٌ بِالشَّيْءِ: احْتَكَّ بِهِ. وَالْمَرْمَرِيسُ: الدَّاهِيَةُ.

(مَرَشَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالشِّينُ. يَقُولُونَ: الْمَرْشُ: خَرْقُ الْجِلْدِ بِأَطْرَافِ الْأَظَافِيرِ. وَالْمَرْشُ أَيْضًا: الْخَدْشُ الْخَفِيفُ. وَالْمَرْشُ: الْأَرْضُ تَسِيلُ مِنْ أَدْنَى مَطَرٍ.

(مَرَصَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالصَّادُ. يَقُولُونَ: الْمَرْصُ مِثْلُ الْمَرْشِ. وَتَمَرَّصَ عَنِ السُّلْتِ قِشْرُهُ: طَارَ. وَهَذَا عِنْدَنَا كَلَامٌ.

(مَرِضَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَا يَخْرُجُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. مِنْهُ الْعِلَّةُ. مَرِضَ وَ. . . يَمْرَضُ. وَجَمْعُ الْمَرِيضِ مَرْضَى. وَأَمْرَضَهُ: أَعَلَّهُ. وَمَرَّضَهُ: أَحْسَنَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ. وَشَمْسٌ مَرِيضَةٌ، إِذَا لَمْ تَكُنْ مُشْرِقَةً، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِهَبْوَةٍ فِي وَجْهِهَا. وَالنِّفَاقُ مَرَضٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَقَالَ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ، قَالُوا: أَرَادَ الْقَهْرَ. وَقَدْ قُلْنَا: الْمَرَضُ: كُلُّ شَيْءٍ خَرَجَ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ. وَقِيَاسُهُ مُطَّرِدٌ.
وَقَالُوا: مَرَّضَ فِي الْحَاجَةِ: قَصَّرَ وَلَمْ يَصِحَّ عَزْمُهُ فِيهَا.

(5/311)


وَقَدْ شَذَّتْ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ كَلِمَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْمُشْكِلِ عِنْدَنَا، يَقُولُونَ: أَمْرَضَ إِذَا قَارَبَ إِصَابَةَ حَاجَتِهِ. قَالَ:
وَلَكِنْ تَحْتَ ذَاكَ الشَّيْبِ حَزْمٌ ... إِذَا مَا ظَنَّ أَمْرَضَ أَوْ أَصَابَا.

(مَرَطَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَحَاتِّ الشَّيْءِ أَوْ حَتِّهِ. وَتَمَرَّطَ الشَّعْرُ: تَحَاتَّ، وَمَرَطْتُهُ. وَالْأَمْرَطُ مِنَ السِّهَامِ: السَّاقِطُ قُذَذُهُ. وَالْأَمْرَطُ: الْفَرَسُ لَا شَعْرَ عَلَى أَشَاعِرِهِ. وَالْمُرَيْطَاءُ: مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الْعَانَةِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ شَعْرًا. وَالْمَرَطَى: سُرْعَةُ الْعَدْوِ، كَأَنَّهُ مِنْ سُرْعَتِهِ يَتَمَرَّطُ عَنْهُ شَعْرُهُ. وَنَاقَةٌ مِمْرَطَةٌ: سَرِيعَةٌ.

(مَرَعَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِصْبٍ وَخَيْرٍ. وَمَرَعَ الْمَكَانُ. وَأَمْرَعَ الْقَوْمُ: أَصَابُوهُ مَرِيعًا. وَأَمْرَعَ الْوَادِي: أَكْلَأَ.

(مَرَغَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْغَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سَيَلَانِ شَيْءٍ أَوْ إِسَالَةِ شَيْءٍ. وَالْمَرْغُ: اللُّعَابُ. وَأَمْرَغَ الْإِنْسَانُ: سَالَ لُعَابُهُ. وَمَرَّغْتُ الشَّيْءَ: أَشْبَعْتُهُ دُهْنًا. وَالْإِمْرَاغُ فِي الْعَجِينِ: أَنْ يُكَثَّرَ مَاؤُهُ. وَيَقُولُونَ: أَمْرَغَ: أَكْثَرَ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ صَوَابٍ، كَأَنَّهُ يُسِيلُهُ إِسَالَةً. وَيُقَالُ أَمْرَغَ عِرْضَهُ وَمَرَّغَهُ، كَأَنَّهُ لَطَخَهُ وَأَسَالَ عَلَيْهِ قَيْحًا.
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ مَرَّغْتُهُ فِي التُّرَابِ فَتَمَرَّغَ، أَيْ قَلَّبْتُهُ فَتَقَلَّبَ.

(5/312)


(مَرَقَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ. مِنْهُ الْمَرَقُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَمْرُقُ مِنَ اللَّحْمِ. وَأَمْرَقْتُ الْقِدْرَ وَمَرَقْتُهَا. وَالْمُرُوقُ: الْخُرُوجُ مِنَ الشَّيْءِ. وَمَرَقَ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ: نَفَذَ. وَمَرَقْتَ الْإِهَابَ، إِذَا حَلَقْتَ عَنْهُ صُوفَهُ، وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ لِأَنَّكَ كَأَنَّكَ أَبْرَزْتَ الْجِلْدَ عَنْ شَعْرِهِ. وَإِذَا عُطِنَ الْإِهَابُ حَتَّى يُنْتِنَ فَهُوَ مَرْقٌ. وَيُقَالُ إِنَّ الْمُرَاقَةَ: الْكَلَأُ الْيَسِيرُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْضَ كَأَنَّهَا تَجَرَّدَتْ وَمَرِقَتْ.

(مَرَنَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينِ شَيْءٍ وَسُهُولَةٍ. وَمَرَنَ الشَّيْءُ يَمْرُنُ مُرُونًا: لَانَ. وَالْمَارِنُ: مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ وَفَضَلَ عَنِ الْقَصَبَةِ. وَأَمْرَانُ الذِّرَاعِ: عَصَبٌ تَكُونُ فِيهَا، سُمِّيَتْ لِمُرُونِهَا، أَيْ لِينِهَا. وَالْمَرِنُ: الْحَالُ وَالْعَادَةُ. يُقَالُ: مَا زَالَ ذَاكَ مَرِنَهُ، أَيْ حَالَهُ. وَهُوَ فِي شِعْرِ الْكُمَيْتِ، وَهُوَ الْأَمْرُ يَمْرُنُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ، إِذَا اعْتَادَهُ. وَالْمَرْنُ. فِيمَا يُقَالُ: الْفِرَاءُ ; إِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَهِيَ لَيِّنَةٌ. قَالَ النَّمِرُ:
كَأَنَّ جُلُودَهُنَّ ثِيَابُ مَرْنِ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَارَنَتِ النَّاقَةُ: انْقَطَعَ لَبَنُهَا. وَالْمَرَانَةُ: نَاقَةُ ابْنِ مُقْبِلٍ. قَالَ:

(5/313)


يَا دَارَ سَلْمَى خَلَاءً لَا أُكَلِّفُهَا ... إِلَّا الْمَرَانَةَ حَتَّى تَعْرِفَ الدِّينَا.

(مَرَهَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بَيَاضٍ فِي شَيْءٍ. سَرَابٌ أَوْ شَرَابٌ، أَمْرَهُ أَيْ أَبْيَضَ. وَالْمَرْأَةُ لَا تَتَعَهَّدُ الْكُحْلَ مَرْهَاءُ.

(مَرِيَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ يَدُلُّ [أَحَدُهُمَا] عَلَى مَسْحِ شَيْءٍ وَاسْتِدْرَارٍ، وَالْآخَرُ عَلَى صَلَابَةٍ فِي شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ الْمَرْيُ: مَرْيُ النَّاقَةِ، وَذَلِكَ إِذَا مُسِحَتْ لِلْحَلْبِ، يُقَالُ مَرَيْتُهَا أَمْرِيهَا مَرْيًا. وَمِمَّا يُشَبَّهُ بِهَذَا: مَرَى الْفَرَسُ بِيَدِهِ، إِذَا حَرَّكَهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالْعَابِثِ، وَكَأَنَّهُ يُشَبَّهُ بِمَنْ يَمْرِي الضَّرْعَ بِيَدِهِ. وَالْمَرَايَا: الْعُرُوقُ الَّتِي تَمْتَلِئُ وَتَدِرُّ بِاللَّبَنِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مُرْيَةُ النَّاقَةِ: أَنْ تُسْتَدَرَّ بِالْمَرْيِ، بِضَمِّ الْمِيمِ هِيَ الْفَصِيحَةُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْكَسْرِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمَرْوُ: جَمْعُ مَرْوَةَ، وَهِيَ حِجَارَةٌ تَبْرُقُ. قَالَ:
حَتَّى كَأَنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ ... بِصَفَا الْمُشَرَّقِ كُلَّ حِينٍ تَقْرَعُ
وَعِنْدَنَا أَنَّ الْمِرَاءَ مِمَّا يَتَمَارَى فِيهِ الرَّجُلَانِ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ كَلَامٌ فِيهِ بَعْضُ الشِّدَّةِ. وَيُقَالُ: مَارَاهُ مِرَاءً وَمُمَارَاةً.

(5/314)


وَمِمَّا شَذَّ مِنْهُمَا الْمِرْيَةُ: الشَّكُّ.

(مَرَأَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ. وَإِذَا هُمِزَ خَرَجَ عَنِ الْقِيَاسِ وَصَارَتْ فِيهِ كَلِمَاتٌ لَا تَنْقَاسُ. يُقَالُ امْرُؤٌ وَامْرَآنِ، وَقَوْمُ امْرِئٍ. وَامْرَأَةٌ تَأْنِيثُ امْرِئٍ. وَالْمُرُوَّةُ: كَمَالُ الرُّجُولِيَّةِ، وَهِيَ مَهْمُوزَةٌ مُشَدَّدَةٌ، وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ. وَالْمَرَاءَةُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الْمَرِيءِ الَّذِي يُسْتَمْرَأُ، وَيُقَالُ مَرَأَنِي الطَّعَامُ وَامْرَأَنِي. وَالْمَرِيءُ: رَأَسُ الْمَعِدَةِ وَالْكَرِشِ اللَّازِقِ بِالْحُلْقُومِ.

(مَرَتَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْمَرْتُ: الْفَلَاةُ الْقَفْرُ. وَمَكَانٌ مَرْتٌ: بَيِّنُ الْمُرُوتَةِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ. وَجَمْعُ مَرْتٍ أَمْرَاتٌ وَمُرُوتٌ. وَبَلَغَنَا أَنَّ اشْتِقَاقَ مَارُوتَ مِنْهُ. وَيُقَالُ الْمَرْتُ: أَرْضٌ لَا يَجِفُّ ثَرَاهَا وَلَا يَنْبُتُ مَرْعَاهَا.

(مَرَثَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ لَيْسَتْ بِأَصْلٍ، بَلْ هِيَ مِنَ الْإِبْدَالِ. وَمَرَثَ الدَّوَاءَ يَمْرُِثُهُ مِثْلُ مَرَسَهُ يَمْرُسُهُ. وَمِنْهُ رَجُلٌ مِمْرَثٌ: صَبُورٌ عَلَى الْخُصُومَاتِ ; وَالْجَمْعُ مَمَارِثٌ، وَالْأَصْلُ السِّينُ وَقَدْ ذُكِرَتَا.

(مَرَجَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَجِيءٍ وَذَهَابٍ وَاضْطِرَابٍ.
وَمَرِجَ الْخَاتَمُ فِي الْإِصْبَعِ: قَلِقَ. وَقِيَاسُ الْبَابِ كُلِّهِ مِنْهُ. وَمَرِجَتْ أَمَانَاتُ الْقَوْمِ وَعُهُودُهُمْ: اضْطَرَبَتْ وَاخْتَلَطَتْ. وَالْمَرْجُ: أَصْلُهُ أَرْضٌ ذَاتُ نَبَاتٍ تَمْرُجُ فِيهَا الدَّوَابُّ. [وَ] قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19] ، كَأَنَّهُ جَلَّ

(5/315)


ثَنَاؤُهُ أَرْسَلَهُمَا فَمُرِجَا. وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ.

(مَرِحَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَسَرَّةٍ لَا يَكَادُ يَسْتَقِرُّ مَعَهَا طَرَبًا. وَمَرِحَ يَمْرَحُ. وَفَرَسٌ مِمْرَاحٌ وَمَرُوحٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ، وَمِنْهُ الْمِرَاحُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. قَالَ:
يَقُولُ الْعَاذِلَاتُ عَلَاكَ شَيْبٌ ... أَهَذَا الشَّيْبُ يَمْنَعُنِي مِرَاحِي
وَقَوْسٌ مَرُوحٌ: يَمْرَحُ مَنْ رَآهَا عَجَبًا بِهَا، وَيُقَالُ بَلِ الَّتِي كَأَنَّ بِهَا مَرَحًا مِنْ حُسْنِ إِرْسَالِهَا السَّهْمَ. وَيَقُولُونَ: عَيْنٌ مِمْرَاحٌ: غَزِيرَةُ الدَّمْعِ. وَهَذَا بَعْضُ قِيَاسِ الْبَابِ، لِأَنَّهُمْ ذَهَبُوا فِيهِ إِلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ قِلَّةِ الِاسْتِقْرَارِ. وَكَذَلِكَ مَرَّحْتُ الْمَزَادَةَ: مَلَأْتُهَا لِتَتَسَرَّبَ وَتَسِيلَ. وَمَرِحَتِ الْعَيْنُ مَرَحَانًا. قَالَ:
كَأَنَّ قَذًى فِي الْعَيْنِ قَدْ مَرِحَتْ بِهِ ... وَمَا حَاجَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْمَرَحَانِ
وَمَرْحَى: كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ وَإِعْجَابٍ. يُقَالُ لِلرَّامِي إِذَا أَصَابَ: مَرْحَى لَهُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَإِذَا أَخْطَأَ قَالُوا بَرْحَى. قَالَ:
مَرْحَى وَأَيْحَى إِذَا مَا يُوَالِي.

(5/316)


(مَرَخَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَلْيِينٍ فِي شَيْءٍ. وَمَرَخْتُ الْجِلْدَ بِالدُّهْنِ وَأَمْرَخْتُهُ. وَأَمْرَخْتُ الْعَجِينَ: أَكْثَرْتُ مَاءَهُ حَتَّى يَسْتَرْخِيَ. وَالْمَرْخُ: شَجَرٌ سَرِيعُ الْوَرْيِ. قَالَ:
أَمَرْخٌ خِيَامُهُمْ أَمْ عُشَرْ ... أَمِ الْقَلْبُ فِي إِثْرِهِمْ مُنْحَدِرْ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ الْمِرِّيخُ: سَهْمٌ طَوِيلٌ يُقْتَدَرُ بِهِ الْغِلَاءُ، لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ ; وَهُوَ نَجْمٌ أَيْضًا.

(مَرَدَ) الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَجْرِيدِ الشَّيْءِ مِنْ قِشْرِهِ أَوْ مَا يَعْلُوهُ مِنْ شَعْرِهِ. وَالْأَمْرَدُ: الشَّابُّ لَمْ تَبْدُ لِحْيَتُهُ. وَمَرِدَ يَمْرَدُ. وَمَرَّدَ الْغُصْنُ تَمْرِيدًا: أَلْقَى عَنْهُ لِحَاءَهُ فَتَرَكَهُ أَمْرَدَ، وَمِنْهُ شَجَرَةٌ مَرْدَاءُ. وَالْمَرْدَاءُ: رَمْلَةٌ مُنْبَطِحَةٌ لَا نَبْتَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ مَرَادَى. وَالْمَارِدُ: الْعَاتِي، وَكَذَا الْمَرِيدُ، كَأَنَّهُ تَجَرَّدَ مِنَ الْخَيْرِ. وَالْأَمْرَدُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَى ثُنَّتِهِ. وَالْمُمَرَّدُ: الْبِنَاءُ الطَّوِيلُ، وَهُوَ قِيَاسُ الْبَابِ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدٌ يُشْبِهُ الشَّجَرَةَ الْمَرْدَاءَ. وَيَقُولُونَ: الْمَرَادُ: الْعُنُقُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ إِنْ صَحَّ. وَتَمَرَّدَ فُلَانٌ زَمَانًا: بَقِيَ أَمَرَدَ. وَقَوْلُهُمْ: مَرَدَ الطَّعَامَ يَمْرُدُهُ مَرْدًا: مَاثَهُ حَتَّى يَلِينَ، هُوَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ مَرَسَ ; فَأُقِيمَتِ الدَّالُ مَقَامَ السِّينِ. وَكَذَا مَرَدَ الصَّبِيُّ ثَدْيَ أُمِّهِ يَمْرُدُهُ. وَكَذَا الْمَرِيدُ: التَّمْرُ يُنْقَعُ فِي اللَّبَنِ، كُلُّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ، وَالْأَصْلُ السِّينُ.

(5/317)


[بَابُ الْمِيمِ وَالزَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَزَعَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قَطْعٍ وَتَقَطُّعٍ. وَالْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ مُزْعَةٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمُ. وَالْمُزْعَةُ: الْجُرْعَةُ فِي الْإِنَاءِ مِنَ الْمَاءِ. وَفُلَانٌ يَتَمَزَّعُ مِنَ الْغَيْظِ، أَيْ يَكَادُ يَتَقَطَّعُ. وَمِنْهُ مَزَعَ الظَّبْيُ مَزْعًا: أَسْرَعَ، كَأَنَّهُ يَنْقَدُّ مِنْ شِدَّةِ عَدْوِهِ ; وَقَدْ يُقَالُ لِلْفَرَسِ.

(مَزَقَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَخَرُّقٍ فِي شَيْءٍ. وَمَزَقَهُ يَمْزِقُهُ، وَمَزَّقَهُ يُمَزِّقُهُ. وَالْمِزَقُ: قِطَاعُ الثَّوْبِ الْمَمْزُوقِ. وَنَاقَةٌ مِزَاقٌ: سَرِيعَةٌ جِدًّا يَكَادُ يَتَمَزَّقُ عَنْهَا جِلْدُهَا. وَمَزَقَ الطَّائِرُ بِذَرْقِهِ: رَمَى بِهِ. وَمَزَّقْتُ الْقَوْمَ: فَرَّقْتُهُمْ فَتَمَزَّقُوا.

(مَزَنَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ صَحِيحٌ فِيهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ مُتَبَايِنَةِ الْقِيَاسِ: فَالْأُولَى: الْمُزْنُ: السَّحَابُ، وَالْقِطْعَةُ مُزْنَةٌ. وَيُقَالُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ وَأَظُنُّهُ مَصْنُوعًا:
كَأَنَّ ابْنَ مُزْنَتِهَا جَانِحًا ... فَسِيطٌ لَدَى الْأُفُقِ مِنْ خِنْصَرِ
إِنَّ ابْنَ الْمُزْنَةِ: الْهِلَالُ. وَالثَّانِيَةُ الْمَازِنُ: بَيْضُ النَّمْلِ. وَالثَّالِثَةُ: مَزَنَ قِرْبَتَهُ: مَلَأَهَا. وَهُوَ يَتَمَزَّنُ عَلَى أَصْحَابِهِ، أَيْ يَتَفَضَّلُ

(5/318)


عَلَيْهِمْ، كَأَنَّهُ يَتَشَبَّهُ بِالْمُزْنِ سَخَاءً. وَلَعَلَّ الْمُزْنَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ، وَمَا سِوَاهُ فَمُفَرَّعٌ عَلَيْهِ.

(مَزِيَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالْيَاءُ. يَقُولُونَ: الْمَزِيَّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ: التَّمَامُ وَالْكَمَالُ. وَلَكَ عِنْدِي مَزِيَّةٌ. وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ.

(مَزَجَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خَلْطِ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ. وَمَزَجَ الشَّرَابَ يَمْزُجُهُ مَزْجًا. وَكَأَنَّ الْعَسَلَ يُسَمَّى الْمَزْجَ قَالُوا: لِأَنَّهُ كَانَ يُمْزَجُ بِهِ كُلُّ شَرَابٍ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَجَاءَ بِمَزْجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ ... هُوَ الضَّحْكُ إِلَّا أَنَّهُ عَمَلُ النَّحْلِ
وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ شَيْئَيْنِ مِزَاجٌ لِصَاحِبِهِ.

(مَزَحَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: مَزَحَ مَزْحًا وَمُزَاحَةً: دَاعَبَ ; وَهِيَ الْمُمَازَحَةُ.

(مَزَرَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَتَانِ: الْأُولَى الْمَزِيرُ: الرَّجُلُ الْقَوِيُّ. قَالَ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيهِ ... وَفِي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ مَزِيرٌ
وَالثَّانِيَةُ الْمَزْرُ: الذَّوْقُ وَالشُّرْبُ الْقَلِيلُ، وَكَذَا التَّمَزُّرُ. وَقَالَ:
تَكُونُ بَعْدَ الْحَسْوِ وَالتَّمَزُّرِ ... فِي فَمِهِ مِثْلُ عَصِيرِ السُّكَّرِ
وَيَقُولُونَ: الْمِزْرُ: نَبِيذُ الشَّعِيرِ. وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنَ الْبَابِ.

بَابُ الْمِيمِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا

(5/319)


(مَسَطَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خَرْطِ شَيْءٍ رَطْبٍ، وَعَلَى امْتِدَادِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
يُقَالُ إِنَّ الْمَسِيطَةَ: مَا يَبْقَى فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ بِكُدُورَةٍ قَلِيلَةٍ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ بِئْرٌ ضَغِيطٌ، وَهُوَ الرَّكِيُّ إِلَى جَنْبِهِ رَكِيٌّ آخَرُ فَيَحْمَأُ فَيُنْتِنُ فَيَسِيلُ فِي الْمَاءِ الْعَذْبِ فَلَا يُشْرَبُ، فَالْبِئْرُ ضَغِيطٌ، وَذَلِكَ الْمَاءُ مَسِيطٌ. قَالَ:
يَشْرَبْنَ مَاءَ الْآجِنِ الضَّغِيطِ ... وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ
وَمِنَ الْبَابِ الْمَسْطُ: أَنْ تَخْرِطَ فِي السِّقَاءِ مِنْ لَبَنٍ خَاثِرٍ بِأَصَابِعِكَ لِيَخْثُرَ.

(مَسَكَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالْكَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى حَبْسِ الشَّيْءِ أَوْ تَحَبُّسِهِ. وَالْبَخِيلُ مُمْسِكٌ. وَالْإِمْسَاكُ: الْبُخْلُ ; وَكَذَا الْمَسَاكُ وَالْمِسَاكُ وَالْمَسِيكُ: الْبَخِيلُ أَيْضًا وَرَجُلٌ مُسَكَةٌ، إِذْ كَانَ لَا يَعْلَقُ بِشَيْءٍ فَيَتَخَلَّصُ مِنْهُ. وَالْمَسَكُ: السِّوَارُ مِنَ الذَّبْلِ: لِاسْتِمْسَاكِهِ بِالْيَدِ، الْوَاحِدَةُ مَسَكَةٌ. قَالَ:

(5/320)


تَرَى الْعَبَسَ الْحَوْلِيَّ جَوْنًا بِكُوعِهَا ... لَهَا مَسَكًا مِنْ غَيْرِ عَاجٍ وَلَا ذَبْلِ
وَالْمَسَكَةُ مِنَ الْبِئْرِ: الْمَكَانُ الصُّلْبُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى طَيٍّ. وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهُ مُتَمَاسِكٌ. وَالْمَسْكُ: الْإِهَابُ، لِأَنَّهُ يُمْسَكُ فِيهِ الشَّيْءُ إِذَا جُعِلَ سِقَاءً.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْهُ الْمِسْكُ مِنَ الطِّيبِ.

(مَسَلَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَاللَّامُ. يَقُولُونَ: الْمَسَلُ، وَالْجَمْعُ مُسْلَانٌ: خَدٌّ فِي الْأَرْضِ يَنْقَادُ وَيَسْتَطِيلُ. وَأَمَّا الْمَسِيلُ فَالْمِيمُ [فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ] مِنْ بَابِ السِّينِ. [وَمُسَالَا الرَّجُلِ: جَانِبَا لَحْيَيْهِ، الْوَاحِدُ مُسَالٌ، يَكُونُ هَذَا مِنْ أَسِيلٍ فَهُوَ مُسَالٌ. فَإِنْ كَانَ كَذَا فَمَكَانُهُ غَيْرُ هَذَا] . قَالَ:
فَلَوْ كَانَ فِي الْحَيِّ النَّجِيِّ سَوَادُهُ ... لَمَا مَسَحَتْ تِلْكَ الْمُسَالَاتِ عَامِرُ.

(مَسَيَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ جِدًّا. الْأُولَى زَمَانٌ مِنَ الْأَزْمِنَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِصْبَاحِ. يُقَالُ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا، وَأَتَانَا لِمُسْيِ خَامِسَةٍ وَمِسْيِ خَامِسَةٍ. وَالْمَسَاءُ: خِلَافَ الصَّبَاحِ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى الْمَسْيُ: أَنْ يُدْخِلَ الرَّاعِي يَدَهُ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ يَمْسُطُ مَاءَ الْفَحْلِ مِنْ رَحِمِهَا كَرَاهَةَ أَنْ تَحْمِلَ. وَيُقَالُ إِنَّ الْمَاسِيَ: الْمَاجِنُ، وَهَذَا مِنْ بَابِ

(5/321)


الْمَهْمُوزِ، يُقَالُ مَسَأَ، إِذَا مَجَنَ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ مَسَأَ الرَّجُلُ: مَرَنَ عَلَى الشَّيْءِ.

(مَسَحَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ إِمْرَارُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ بَسْطًا. وَمَسَحْتُهُ بِيَدِي مَسْحًا. ثُمَّ يُسْتَعَارُ فَيَقُولُونَ: مَسَحَهَا: جَامَعَهَا. وَالْمَسِيحُ: الَّذِي أَحَدُ شِقَّيْ وَجْهِهِ مَمْسُوحٌ، لَا عَيْنَ لَهُ وَلَا حَاجِبَ. وَمِنْهُ سُمِّيَ الدَّجَّالُ مَسِيحًا، لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ. وَالْمَسِيحُ: الْعَرَقُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُمْسَحُ. وَالْمَسِيحُ: الدِّرْهَمُ الْأَطْلَسُ، كَأَنَّ نَقْشَهُ قَدْ مُسِحَ. وَالْأَمْسَحُ: الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي كَأَنَّهُ قَدْ مُسِحَ، وَالْمَسْحُ يَكُونُ بِالسَّيْفِ أَيْضًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ. وَمَسَحَ يَدَهُ بِالسَّيْفِ: قَطَعَهَا.
وَمِنَ الِاسْتِعَارَةِ: مَسَحَتِ الْإِبِلُ يَوْمَهَا: سَارَتْ. وَالْمَسْحَاءُ: الْمَرْأَةُ الرَّسْحَاءُ، كَأَنَّهَا مُسِحَ اللَّحْمُ عَنْهَا. وَعَلَى فُلَانٍ مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ، كَأَنَّ وَجْهَهُ مُسِحَ بِالْجَمَالِ مَسْحًا. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسِيحًا، كَأَنَّ عَلَيْهِ مَسْحَةً مِنْ جَمَالٍ، وَيَقُولُونَ: كَأَنَّ عَلَيْهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ. وَالْمَسَائِحُ: الذَّوَائِبُ، وَاحِدَتُهَا مَسِيحَةٌ، لِأَنَّهَا تُمْسَحُ بِالدُّهْنِ. فَأَمَّا الْقِسِيُّ فَهِيَ الْمَسَائِحُ، وَاحِدَتُهَا مَسِيحَةٌ، لِأَنَّهَا [تُمْسَحُ] عِنْدَ التَّلْيِينِ. قَالَ:
لَهُ مَسَائِحُ زُورٌ، فِي مَرَاكِضِهَا ... لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وَهْيٌ وَلَا رَقَقُ

(5/322)


وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: رَجُلٌ تِمْسَحٌ: مَارِدٌ خَبِيثٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَشْبِيهًا بِالَّذِي يُسَمَّى التِّمْسَاحَ.

(مَسَخَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالْخَاءُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْمَسْخُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَشْوِيهٍ وَقِلَّةِ طَعْمِ الشَّيْءِ، وَمَسَخَهُ اللَّهُ: شَوَّهَ خَلْقَهُ مِنْ صُورَةٍ حَسَنَةٍ إِلَى قَبِيحَةٍ. وَرَجُلٌ مَسِيخٌ: لَا مَلَاحَةَ لَهُ. وَطَعَامٌ مَسِيخٌ: لَا مِلْحَ لَهُ وَلَا طَعْمَ. قَالَ:
وَأَنْتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الْحُوَارِ ... فَلَا أَنْتَ حُلْوٌ وَلَا أَنْتَ مُرُّ
وَيَقُولُونَ: مَسَخْتُ النَّاقَةَ، إِذَا أَدْبَرْتَهَا بِالْإِنْعَابِ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: الْقِسِيُّ الْمَاسِخِيَّةُ، تُنْسَبُ إِلَى مَاسِخَةَ: رَجُلٍ مِنَ الْأَسْدِ. قَالَ:
فَقَرَّبْتُ مُبْرَاةً تَخَالُ ضُلُوعَهَا ... مِنَ الْمَاسِخِيَّاتِ الْقِسِيَّ الْمُوَتَّرَا.

(مَسَدَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى جَدْلِ شَيْءٍ وَطَيِّهِ. فَالْمَسَدُ: لِيفٌ يُتَّخَذُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَالْمَسَدُ: حَبْلٌ يُتَّخَذُ مِنْ أَوْبَارِ الْإِبِلِ. قَالَ:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ
وَامْرَأَةٌ مَمْسُودَةٌ: مَجْدُولَةُ الْخَلْقِ، كَالْحَبْلِ الْمَمْسُودِ، غَيْرِ مُسْتَرْخِيَةٍ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ فِي أَصْلِهِ أَنَّهُ الْفَتْلُ. وَالْمَسَدُ: اللِّيفُ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْتَلَ لِلْحَبْلِ.

(5/323)


[بَابُ الْمِيمِ وَالشِّينِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَشَطَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالطَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْمُشْطُ. وَمَشَطَ شَعْرَهُ مَشْطًا. وَالْمُشَاطَةُ: مَا سَقَطَ مِنَ الشَّعْرِ إِذَا مُشِطَ. وَيُقَالُ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ لِسُلَامَيَاتِ ظَهْرِ الْقَدَمِ: مُشْطٌ.

(مَشَظَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالظَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. مَشِظَتْ يَدُهُ: دَخَلَتْ فِيهَا شَظِيَّةٌ مِنْ قَصَبَةٍ.

(مَشَعَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْعَيْنُ فِيهِ كَلِمَاتٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. يَقُولُونَ الْمَشْعُ: ضَرْبٌ مِنَ الْأَكْلِ، كَأَكْلِكَ الْقِثَّاءَ إِذَا مَضَغْتَهَا. وَيَقُولُونَ التَّمَشُّعُ: الِاسْتِنْجَاءُ. وَذَكَرُوا حَدِيثًا: " «لَا تَمَشَّعْ بِرَوْثٍ وَلَا عَظْمٍ» "، أَيْ لَا تَسْتَنْجِ بِهِمَا. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: امْتَشَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَ صَاحِبِهِ وَاخْتَلَسَهُ. وَذِئْبٌ مَشُوعٌ. وَيَقُولُونَ مَشَعْتُ الْغَنَمَ: حَلَبْتُهَا. وَمَشَعَ: كَسَبَ وَجَمَعَ.

(مَشَغَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، مَشَّغَهُ بِالْقَبِيحِ، لَطَّخَهُ. قَالَ:
أَعْلُو وَعِرْضِي لَيْسَ بِالْمُمَشَّغِ.

(مَشَقَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سُرْعَةٍ وَخِفَّةٍ. يَقُولُونَ: مَشَقَ، إِذَا أَسْرَعَ الْكِتَابَةَ. وَمَشَقَ: طَعَنَ طَعْنًا بِسُرْعَةٍ. وَمَشَقَ فِي

(5/324)


أَكْلِهِ: أَسْرَعَ وَاشْتَدَّ. وَالْمَشْقُ: جَذْبُ الشَّيْءِ لِيَمْتَدَّ وَيَطُولَ. وَالْوَتَرُ يُمْشَقُ حَتَّى يَلِينَ. وَامْتَشَقْتُ الشَّيْءَ: اقْتَطَعْتُهُ بِسُرْعَةٍ. وَمَشَقْتُ الثَّوْبَ: مَزَّقْتُهُ. وَفَرَسٌ مَشِيقٌ وَمَمْشُوقٌ: طَوِيلٌ مُنْجَرِدٌ خَفِيفٌ. وَجَارِيَةٌ مَمْشُوقَةٌ: حَسَنَةُ الْقَوَامِ. وَالْأَصْلُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ. وَمَشِقَ الرَّجُلُ يَمْشَقُ: اصْطَكَّتْ أَلْيَتَاهُ حَتَّى تَسَحَّجَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْمَشِْقُ: الْمَغْرَةُ. وَثَوْبٌ مُمَشَّقٌ: صُبِغَ بِهَا.

(مَشَنَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالنُّونُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَنَاوُلِ الشَّيْءِ بِضَرْبٍ وَاسْتِلَالٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَالْمَشْنُ: الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ، وَمَشَنَهُ. وَامْتَشَنَ السَّيْفَ: اسْتَلَّهُ. وَامْتَشَنَ الشَّيْءَ: اقْتَطَعَهُ. وَمَشَنَ الْجِلْدَ: سَلَخَهُ. وَمِمَّا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا مَشَّنَتِ النَّاقَةُ: دَرَّتْ كَارِهَةً.

(مَشَيَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَالْآخَرُ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ.
وَالْأَوَّلُ مَشَى يَمْشِي مَشْيًا. وَشَرِبْتُ مَشُوًّا وَمَشِيًّا، وَهُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُمْشِي.
وَالْآخَرُ الْمَشَاءُ، وَهُوَ النِّتَاجُ الْكَثِيرُ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْمَاشِيَةُ. وَامْرَأَةٌ مَاشِيَةٌ: كَثُرَ وَلَدُهَا. وَأَمْشَى الرَّجُلُ: كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ.

(5/325)


(مَشَجَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْخَلْطُ. وَنُطْفَةٌ أَمْشَاجٌ، وَذَلِكَ اخْتِلَاطُ الْمَاءِ وَالدَّمِ. وَيُقَالُ إِنَّ الْوَاحِدَ مَشَجَ وَمَشَِجَ وَمَشِيجٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّ النَّصْلَ وَالْفُوقَيْنِ مِنْهُ ... خِلَافَ الصَّدْرِ سِيطَ بِهِ مَشِيجُ.

(مَشَرَ) الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَشَعُّبٍ فِي شَيْءٍ وَتَفَرُّقٍ. يُقَالُ: الْمَشْرَةُ: شَبِيهُ خُوصَةٍ تَخْرُجُ فِي الْعِضَاهِ أَيَّامَ الْخَرِيفِ لَهَا وَرَقٌ وَأَغْصَانٌ. يُقَالُ: أَمْشَرَتِ الْعِضَاهُ. وَمَشَرَتِ الْأَرْضُ: أَخْرَجَتْ نَبَاتَهَا. وَمَشَّرْتُ الشَّيْءَ. فَرَّقْتُهُ. قَالَ:
فَقُلْتُ أَشِيعَا مَشِّرَا الْقِدْرَ حَوْلَنَا ... وَأَيُّ زَمَانٍ قَدْرُنَا لَمْ تُمَشِّرِ
وَتَمَشَّرَ فُلَانٌ، إِذَا رُئِيَ عَلَيْهِ أَثَرُ الْغِنَى، وَهُوَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، كَأَنَّهُ أَوْرَقَ.

(5/326)


[بَابُ الْمِيمِ وَالصَّادِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَصَعَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَمْعٌ فِي الشَّيْءِ وَحَرَكَةٌ، وَالْآخَرُ ذَهَابُ الشَّيْءِ وَتَوَلِّيهِ.
فَالْأَوَّلُ مَصَعَ الْبَرْقُ: أَوْمَضَ. ثُمَّ يُقَالُ: مَصَعَ الرَّجُلُ: ضَرَبَ بِالسَّيْفِ. وَمِنْهُ الْمُمَاصَعَةُ: الْمُجَالَدَةُ. وَيُقَاسُ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ رَجُلٌ مَصِعٌ: شَدِيدٌ. وَمَصَعَ ضَرْعَ النَّاقَةِ بِالْمَاءِ: ضَرَبَهُ. وَمَصَعَتِ الْأُمُّ بِالْوَلَدِ: رَمَتْ بِهِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَصْعَ: الْمَشْيُ. قَالَ:
يَمْصَعُ فِي قِطْعَةِ طَيْلَسَانْ ... مَصْعًا كَمَصْعِ ذَكَرِ الْوِرْلَانْ
وَالْآخَرُ مَصَعَ الشَّيْءُ: وَلَّى وَذَهَبَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَهُوَ مَاصِعٌ. وَمَصَعَتِ الْإِبِلُ: نَقَصَتْ أَلْبَانُهَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُصَعُ: ثَمَرُ الْعَوْسَجِ.

(مَصَلَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَحَلُّبِ شَيْءٍ وَقَطْرِهِ. مِنْهُ الْمَصْلُ: مَاءُ الْأَقِطِ. وَشَاةٌ مُمْصِلٌ، وَذَلِكَ إِذَا تَزَيَّلَ لَبَنُهَا فِي الْعُلْبَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْقَنَ: وَهِيَ مِمْصَالٌ أَيْضًا. وَمَصَلَ الْجُرْحُ: سَالَ مِنْهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَيُسْتَعَارُ فَيُقَالُ أَعْطَاهُ عَطَاءً مَاصِلًا: قَلِيلًا. وَالْمُمْصِلُ: الْمَرْأَةُ تُلْقِي وَلَدَهَا وَهُوَ مُضْغَةٌ. يُقَالُ: أَمْصَلَتْ. وَأَمْصَلَ الرَّاعِي الْغَنَمَ: حَلَبَهَا فَاسْتَوْعَبَ مَا فِيهَا. وَأَمْصَلَ بِضَاعَتَهُ: أَهْلَكَهَا وَصَرَفَهَا فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ. أَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ:

(5/327)


أَمْصَلْتُ مَالِي كُلَّهُ وَنَقَصْتُهُ
وَالْمُصَالَةُ: قُطَارَةُ الْحُبِّ.

(مَصَوَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْمَصْوَاءُ: الْمَرْأَةُ لَا لَحْمَ عَلَى فَخِذَيْهَا.

(مَصَتَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالتَّاءُ. ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ الْمَصْتُ مِثْلُ الْمَصْدِ: الْجِمَاعُ، سَوَاءٌ.

(مَصَحَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذَهَابِ الشَّيْءِ. تَقُولُ: مَصَحَ الشَّيْءُ يَمْصَحُ مُصُوحًا: رَسَخَ فِي الثَّرَى وَغَيْرِهِ. وَالدَّارُ تَمْصَحُ، أَيْ تَدْرُسُ وَتَذْهَبُ. وَمَصَحَ الظِّلُّ: قَصُرَ. وَمَصَحَ النَّبَاتُ: وَلَّى وَذَهَبَ لَوْنُ زَهْرِهِ.

(5/328)


(مَصَخَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ، وَهِيَ الْأُمْصُوخُ: وَاحِدُ الْأَمَاصِيخِ، وَهِيَ أَنَابِيبُ الثُّمَامِ. وَتَمَصَّخْتُهَا: أَخَذْتُهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمَصْخُ لُغَةٌ فِي الْمَسْخِ.

(مَصَدَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ فِيهِ كَلِمَتَانِ غَيْرُ مُتَقَايِسَتَيْنِ.
فَالْأُولَى الْمَصْدُ، يُقَالُ هُوَ الرَّضَاعُ، وَيُقَالُ هُوَ الْجِمَاعُ، مَصَدَهَا مَصْدًا.
وَالْأُخْرَى الْمُصْدَانُ: أَعَالِي الْجِبَالِ، الْوَاحِدُ مَصَادٌ. قَالَ:
مَصَادٌ لِمَنْ يَأْوِي إِلَيْهِمْ وَمَعْقِلُ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَالْمَصْدُ: الْبَرْدُ. وَأَصَابَتْنَا الْعَامَ مَصْدَةٌ، أَيْ مَطَرٌ.

(مَصَرَ) الْمِيمُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ لَهُ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ.
الْأَوَّلُ جِنْسٌ مِنَ الْحَلْبِ، وَالثَّانِي تَحْدِيدٌ فِي شَيْءٍ، وَالثَّالِثُ عُضْوٌ مِنَ الْأَعْضَاءِ.
فَالْأَوَّلُ: الْمَصْرُ: الْحَلْبُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَنَاقَةٌ مَصُورٌ: لَبَنُهَا بَطِيءُ الْخُرُوجِ لَا تُحْلَبُ إِلَّا مَصْرًا.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْمَصْرُ: حَلْبُ مَا فِي الضَّرْعِ. وَيُقَالُ التَّمَصُّرُ: حَلْبُ بَقَايَا

(5/329)


اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. وَبَقِيَّةُ اللَّبَنِ: الْمَصْرُ. وَمَصَّرْتُ عَلَيْهِ الشَّيْءَ: أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ قَلِيلًا قَلِيلًا.
وَالثَّانِي: الْمِصْرُ، وَهُوَ الْحَدُّ ; يُقَالُ إِنَّ أَهْلَ هَجَرَ يَكْتُبُونَ فِي شُرُوطِهِمْ: " اشْتَرَى فُلَانٌ الدَّارَ بِمُصُورِهَا "، أَيْ حُدُودِهَا. قَالَ عَدِيٌّ:
وَجَاعِلُ الشَّمْسِ مِصْرًا لَا خَفَاءَ بِهِ ... بَيْنَ النَّهَارِ وَبَيْنَ اللَّيْلِ قَدْ فَصَلَا
وَالْمِصْرُ: كُلُّ كُورَةٍ يُقَسَّمُ فِيهَا الْفَيْءُ وَالصَّدَقَاتُ. وَالثَّالِثُ الْمَصِيرُ، وَهُوَ الْمِعَى، وَالْجَمْعُ مُصْرَانٌ ثُمَّ مَصَارِينٌ. وَمُصْرَانُ الْفَأْرَةِ: ضَرْبٌ مِنْ رَدِيءِ التَّمْرِ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالضَّادِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَضَغَ) الْمِيمُ وَالضَّادُ وَالْغَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَضْغُ لِلطَّعَامِ. وَمَضَغَهُ يَمْضُغُهُ. وَالْمَضَاغُ: الطَّعَامُ يُمْضَغُ. وَالْمُضَاغَةُ: مَا يَبْقَى فِي الْفَمِ مِمَّا يُمْضَغُ. وَالْمَضْغَةُ: قِطْعَةُ لَحْمٍ، لِأَنَّهَا كَالْقِطْعَةِ الَّتِي تُؤْخَذُ فَتُمْضَغُ. وَالْمَاضِغَانِ: [مَا] انْضَمَّ مِنَ الشِّدْقَيْنِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذِهِ الْمَضَائِغِ: الْعَقَبَاتُ اللَّوَاتِي عَلَى أَطْرَافِ سِيَتَيِ الْقَوْسِ، الْوَاحِدَةُ مَضِيغَةٌ.

(5/330)


(مَضَى) الْمِيمُ وَالضَّادُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نَفَاذٍ وَمُرُورٍ. وَمَضَى يَمْضِي مُضِيَّا. وَالْمَضَاءُ: النَّفَاذُ فِي الْأَمْرِ. وَالْمُضَوَاءُ: التَّقَدُّمُ.
قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فَإِذَا خَنَسْنَ مَضَى عَلَى مُضَوَائِهِ.

(مَضَحَ) الْمِيمُ وَالضَّادُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ مَضَحَ عِرْضَهُ يَمْضَحُهُ مَضْحًا: عَابَهُ وَطَعَنَ فِيهِ ; وَأَمْضَحَهُ أَيْضًا.

(مَضَرَ) الْمِيمُ وَالضَّادُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ قَلِيلُ الْفُرُوعِ. فَالْمَضْرُ بِنَاءُ قَوْلِكَ لَبَنٌ مَضِرٌ وَمَاضِرٌ: شَدِيدُ الْحُمُوضَةِ. وَيُقَالُ: اشْتِقَاقُ مُضَرَ مِنْهُ.
وَالتَّمَضُّرُ: التَّعَصُّبُ لِمُضِرَ. وَقَوْلُهُمْ: ذَهَبَ دَمُهُ خِضْرًا مِضْرًا، أَيْ بَاطِلًا، إِتْبَاعٌ وَلَيْسَ مِنَ الْبَابِ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالطَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَطَلَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَدِّ الشَّيْءِ وَإِطَالَتِهِ. وَمَطَلْتُ الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُهَا مَطْلًا: مَدَدْتُهَا. وَالْمَطْلُ فِي الْحَاجَةِ وَالْمُمَاطَلَةُ فِي الْحَرْبِ مِنْهُ.

(مَطَوَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَدٍّ فِي الشَّيْءِ وَامْتِدَادٍ. وَمَطَوْتُ بِالْقَوْمِ أَمْطُو مَطْوًا: مَدَدْتُ بِهِمْ فِي السَّيْرِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

(5/331)


مَطَوْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ ... وَحَتَّى الْجِيَادُ مَا يُقَدْنَ بِأَرْسَانِ
وَالْمَطِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْقِيَاسِ، وَيُقَالُ بَلْ سُمِّيَتْ لِأَنَّهُ يُرْكَبُ مَطَاهَا، أَيْ ظَهْرُهَا. وَسُمِّيَ الظَّهْرُ الْمَطَا لِلِامْتِدَادِ الَّذِي فِيهِ. وَالْمِطْوُ: الصَّاحِبُ، لِأَنَّهُ يَمْطُو مَعَكَ. قَالَ:
نَادَيْتُ مِطْوِي وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ بِهِمْ ... وَعَبْرَةُ الْعَيْنِ جَارٍ دَمْعُهَا سَجِمُ
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: اشْتِقَاقُهُ مِنِ امْتَطَيْتُ الْبَعِيرَ. وَمِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ عَلَى هَذَا الْمَِطْوِ: عَذْقُ النَّخْلَةِ، لِامْتِدَادِهِ.

(مَطَحَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ، هِيَ الْمَطْحُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ، وَرُبَّمَا كُنِّيَ بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ.

(مَطَخَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالْخَاءُ لَيْسَ هُوَ بِالْبَابِ الْمَوْثُوقِ بِصِحَّتِهِ، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَطَخَ عِرْضَهُ، مِثْلَ لَطَخَهُ. وَمَطَخَ: لَعِقَ. وَالْمَطْخُ: تَتَابُعُ السَّقْيِ.

(مَطَرَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ فِيهِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا الْغَيْثُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ الْعَدْوِ.
فَالْأَوَّلُ الْمَطَرُ، وَمُطِرْنَا مَطَرًا. وَقَالَ نَاسٌ: لَا يُقَالُ أُمْطِرَ إِلَّا فِي الْعَذَابِ

(5/332)


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: 40] . وَتَمَطَّرَ الرَّجُلُ: تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ. وَمِنْهُ الْمُسْتَمْطِرُ: طَالِبُ الْخَيْرِ.
وَالثَّانِي قَوْلُهُمْ: تَمَطَّرَ الرَّجُلُ فِي الْأَرْضِ، إِذَا ذَهَبَ. وَالْمُتَمَطِّرُ: الرَّاكِبُ الْفَرَسَ يَجْرِي بِهِ. وَتَمَطَّرَتْ بِهِ فَرَسُهُ: جَرَتْ.

(مَطَعَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالْعَيْنُ. قَالَ: هُوَ مَطَعَ فِي الْأَرْضِ مَطْعًا وَمُطُوعًا، إِذَا ذَهَبَ فَلَمْ يُوجَدْ ذِكْرُهُ.

(مَطَقَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَالْقَافُ. التَّمَطُّقُ: أَنْ يُلْصِقَ الْإِنْسَانُ لِسَانَهُ بِالْغَارِ الْأَعْلَى فَتَسْمَعَ لَهُ صَوْتًا، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَطَابَ مَا يَأْكُلُ. قَالَ الْأَعْشَى:
تُرِيكَ الْقَذَى مِنْ دُونِهَا وَهِيَ دُونَهُ ... إِذَا ذَاقَهَا مَنْ ذَاقَهَا يَتَمَطَّقُ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالظَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَظَعَ) الْمِيمُ وَالظَّاءُ وَالْعَيْنُ فِيهِ مَعْنًى وَاحِدٌ. مَظَّعْتُ الْقَضِيبَ: تَرَكْتُ عَلَيْهِ لِحَاءَهُ حَتَّى يَتَشَرَّبَ مَاءَهُ، فَيَكُونَ أَصْلَبَ لَهُ. وَمَظَّعْتُ الْأَدِيمَ الدُّهْنَ: سَقَيْتُهُ. ثُمَّ يُتَوَسَّعُ فِيهِ فَيُقَالُ: مَظَّعَ الرَّجُلُ الْوَتَرَ تَمْظِيعًا: مَلَّسَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمُظْعَةَ

(5/333)


بَقِيَّةُ اللَّبَنِ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَلَقَدْ تَمَظَّعَ مَا عِنْدَكَ، أَيْ تَلَحَّسَهُ كُلَّهُ. وَالْمُظْعَةُ: [بَقِيَّةٌ] مِنَ الْكَلَأِ. قَالَ: وَالرِّيحُ تَمْظَعُ الْخَشَبَ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ نُدُوَّتَهُ. فَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنَّ أَصْلَ الْبَابِ النَّشَفُ وَالتَّشَرُّبُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَمَظَعَ الْوَتَرَ مَظْعًا.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَعَقَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالْقَافُ لَيْسَ بِأَصْلٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ. وَأَرْضٌ مَعِيقَةٌ كَعَمِيقَةٍ. وَالْأَمَاعِقُ: أَطْرَافُ الْمَفَازَةِ. وَيُقَالُ: الْمَعْقُ: الْأَرْضُ لَا نَبَاتَ بِهَا. وَتَمَعَّقَ الرَّجُلُ: سَاءَ خُلُقُهُ.

(مَعَكَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى دَلْكِ الشَّيْءِ وَلَيِّهِ. وَمَعَكْتُ الْأَدِيمَ مَعْكًا. ثُمَّ يُسَمُّونَ الْمِطَالَ وَاللَّيَّ مَعْكًا، وَالرَّجُلَ الْمَطُولَ مَعِكًا. قَالَ زُهَيْرٌ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . لَا ... تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إِنَّ الْغَادِرَ الْمَعِكُ
قَالَ الْخَلِيلُ: رَجُلٌ مَعْكٌ: شَدِيدُ الْخُصُومَةِ. وَقَوْلُهُمْ: وَقَعَ فِي مَعْكُوكَاءِ شَيْءٍ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِبْدَالُ وَالْأَصْلُ بَعْكُوكَاءُ.

(مَعَلَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ فِيهِ كَلِمَاتٌ تَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاسِ شَيْءٍ وَسُرْعَةٍ فِيهِ. وَمَعَلَ الشَّيْءَ: اخْتَلَسَهُ. ثُمَّ يَقُولُونَ: مَعَلَ خُصْيَتَيِ الْفَحْلِ: اسْتَلَّهُمَا. وَمَعَلَ: سَارَ سَيْرًا سَرِيعًا.

(5/334)


(مَعَنَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالنُّونُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُهُولَةٍ فِي جَرَيَانٍ أَوْ جَرْيٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَمَعَنَ الْمَاءُ: جَرَى. وَمَاءٌ مَعِينٌ. وَمَجَارِي الْمَاءِ فِي الْوَادِي مُعْنَانٌ، كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ. وَالْمَعْنَةُ: مَاءٌ قَلِيلٌ يَجْرِي. وَمِنَ الْبَابِ أَمْعَنَ الْفَرَسُ فِي عَدْوِهِ. وَأَمْعَنَ بِحَقِّي: ذَهَبَ بِهِ. وَرَجُلٌ مَعْنٌ فِي حَاجَتِهِ: سَهْلٌ. وَأَمْعَنَتِ الْأَرْضُ: رَوِيَتْ. وَكَلَأٌ مَمْعُونٌ: جَرَى فِيهِ الْمَاءُ. وَقَوْلُ النَّمِرِ:
وَلَا ضَيَّعْتُهُ فَأُلَامَ فِيهِ ... فَإِنَّ ضَيَاعَ مَالِكَ غَيْرُ مَعْنِ
مَعْنَاهُ غَيْرُ سَهْلٍ. وَيَقُولُونَ: " مَا لَهُ سَعْنَةٌ وَلَا مَعْنَةٌ " وَهُوَ مِنَ الْإِتْبَاعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَابِ، أَيْ مَا لَهُ كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ يَسْهُلُ خَطَرُهُ. وَقَوْلُهُمْ لِلْمَنْزِلِ مَعَانٌ، وَزْنُهُ فَعَالٌ، وَجَمْعُهُ مُعُنٌ. وَمَعَنَ الْوَادِي: كَثُرَ فِيهِ الْمَاءُ الْمَعِينُ.

(مَعَوَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ لَيْسَ قِيَاسُهَا وَاحِدًا.
الْأُولَى: الْمَعْوُ: الرُّطَبُ قَدْ أُرْطِبَ جَمِيعُهُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ إِذَا دَخَلَهُ بَعْضُ الْيُبْسِ. وَأَمْعَى النَّخْلُ: صَارَ كَذَلِكَ. وَالثَّانِيَةُ: مِعَى الْبَطْنِ، وَالْجَمْعُ أَمْعَاءٌ. وَالثَّالِثَةُ الْمِعَى: الْمِذْنَبُ مِنْ مَذَانِبِ الْأَرْضِ.

(مَعَتَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالتَّاءُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَعْتُ: الدَّلْكُ وَمَعَتُّ الْأَدِيمَ: دَلَكْتُهُ. وَهُوَ عِنْدَ الْخَلِيلِ مُهْمَلٌ.

(5/335)


(مَعَجَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَقَلُّبٍ وَسُرْعَةٍ فِي شَيْءٍ. وَمَعَجَ الْحِمَارُ مَعْجًا: تَقَلَّبَ فِي جَرْيِهِ. وَيَقُولُونَ قِيَاسًا عَلَى هَذَا: مَعَجَ الْفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّهِ: ضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ عِنْدَ الرَّضَاعِ.

(مَعَدَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى غِلَظٍ فِي الشَّيْءِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الْمَعْدُ: الْغِلَظُ. قَالَ: وَمِنْهُ الْمَعِدَةُ. وَتَمَعْدَدَ الصَّبِيُّ: غَلُظَ. وَيَكُونُ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَعْدُ دَالًّا عَلَى جَذْبِ الشَّيْءِ وَانْجِذَابٍ. وَمَعَدْتُ الشَّيْءَ: جَذَبْتُهُ. قَالَ:
هَلْ يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْمَعْدُ، يَقُولُونَ: الْغَضُّ مِنَ التَّمْرِ.

(مَعَرَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَلَاسَةٍ وَحَصٍّ وَانْجِرَادٍ. فَالْأَمْعَرُ وَالْمَعِرُ: الْأَمْعَطُ الَّذِي لَا شَعَْرَ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ أَمْعَرَ الرَّجُلُ: افْتَقَرَ، كَأَنَّهُ تَجَرَّدَ مِنْ مَالِهِ. [وَ] مَعَرَ الظُّفْرُ: نَصَلَ وَتَمَعَّرَ لَوْنُهُ عِنْدَ غَضَبِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَتَطَايَرَ الدَّمُ عَنْهُ وَتَعْلُوَهُ صُفْرَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَهُوَ أَمْعَرُ الشَّعْرِ، وَبِهِ مُعْرَةٌ، وَهُوَ لَوْنٌ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ، وَهُوَ أَقْبَحُ الْأَلْوَانِ. وَأَمْعَرَتِ الْأَرْضُ: لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَبَاتٌ.

(5/336)


(مَعَزَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ فِي الشَّيْءِ وَصَلَابَةٍ. مِنْهُ الْأَمْعَزُ وَالْمَعْزَاءُ: الْحَزْنَ الْغَلِيظُ مِنَ الْأَمَاكِنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَجُلٌ مَاعِزٌ: شَدِيدُ عَصْبِ الْخَلْقِ وَمِنْهُ الْمَعْزُ الْمَعْرُوفُ، وَالْمَعِيزُ: جَمَاعَةٌ كَضَئِينٍ، وَذَلِكَ لِشِدَّةٍ وَصَلَابَةٍ فِيهَا لَا تَكُونُ فِي الضَّأْنِ. وَيُقَالُ لِجَمَاعَةِ الْأَوْعَالِ وَالثَّيَاتِلِ مُعُوزٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اسْتَمْعَزَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ: جَدَّ.

(مَعَسَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالسِّينُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى دَلْكِ شَيْءٍ. وَمَعَسْتُ الْأَدِيمَ فِي دِبَاغِهِ أَمْعَسُهُ: أَدَرْتُهُ فِيهِ وَدَلَكْتُهُ. وَرُبَّمَا قَالُوا: مَعَسَ، إِذَا طَعَنَ وَمِنْهُ رَجُلٌ مَعَّاسٌ فِي الْحَرْبِ: مِقْدَامٌ.

(مَعَصَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالصَّادُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنَّ نَاسًا ذَكَرُوا مَعَصَ الرَّجُلُ: حَجَلَ فِي مِشْيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْمَعَصُ: وَجَعٌ يُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِي عَصَبِهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ.

(مَعِضَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ. مَعِضَ مِنَ الْأَمْرِ: شَقَّ عَلَيْهِ وَأَوْجَعَهُ.

(مَعِطَ) الْمِيمُ وَالْعَيْنُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَجَرُّدِ الشَّيْءِ وَتَجْرِيدِهِ وَمَعِطَ

(5/337)


تَمَرَّطَ شَعْرُهُ. وَمَعَطْتُ السَّيْفَ مِنْ قِرَابِهِ: جَرَّدْتُهُ. وَيَكُونُ مِنَ الْبَابِ مَعَطَ فِي الْقَوْسِ: نَزَعَ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْغَيْنِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَغَثَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَرْسِ شَيْءٍ وَمَرْثِهِ. يَقُولُونَ: مَغَثْتُ الدَّوَاءَ فِي الْمَاءِ: مَرَثْتُهُ. وَمَغَثَ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا، إِذَا ضَرَبُوهُ ضَرْبًا لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. وَرَجُلٌ مَغِثٌ: مُصَارِعٌ شَدِيدُ الْعِلَاجِ. وَمُغِثَتْ أَعْرَاضُهُمْ: مُضِغَتْ. قَالَ:
مَمْغُوثَةٌ أَعْرَاضُهُمْ مُمَرْطَلَهْ
وَكَلَأٌ مَمْغُوثٌ وَمَغِيثٌ: أَصَابَهُ الْمَطَرُ وَصَرَعَهُ، وَالْمِيمُ أَصْلِيَّةٌ.

(مَغَدَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالدَّالُ، يَقُولُونَ إِنَّهُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَعْمَةٍ فِي الشَّيْءِ. يَقُولُونَ: الْمَغْدُ: الشَّابُّ النَّاعِمُ. قَالَ:
وَكَانَ قَدْ شَبَّ شَبَابًا مَغْدًا

(5/338)


وَأَمْغَدَ الرَّجُلُ: أَطَالَ الشَّرَابَ إِمْغَادًا، وَمَغَدَ الْفَصِيلُ الضَّرْعَ مَغْدًا: تَنَاوَلَهُ لِيَشْرَبَ اللَّبَنَ. وَاللَّبَنُ أَنْعَمُ مَا يَكُونُ مِنَ الْغِذَاءِ وَأَلْيَنُهُ. وَالْمَغْدُ فِي غُرَّةِ الْخَيْلِ كَأَنَّهَا وَارِمَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّعْرَ يُنْتَفُ ثُمَّ يَنْبُتُ فَيَكُونُ لَيِّنًا نَاعِمًا. وَيَقُولُونَ الْمَغْدُ: الْبَاذَنْجَانُ.

(مَغَرَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حُمْرَةٍ فِي شَيْءٍ، وَأَصْلٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ السَّيْرِ.
فَالْأَوَّلُ الْمَغْرَةُ: الطِّينُ الْأَحْمَرُ. وَالْأَمْغَرُ: الرَّجُلُ الْأَحْمَرُ الشَّعْرِ وَالْجِلْدِ. وَالْأَمْغَرُ فِي الْخَيْلِ: الْأَشْقَرُ. وَمِنْهُ أَمْغَرَتِ الشَّاةُ، إِذَا حُلِبَتْ فَخَرَجَ مَعَ لَبَنِهَا دَمٌ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ عَادَتَهَا فَهِيَ مِمْغَارٌ.
وَالْأُخْرَى رَوَى ابْنُ السِّكِّيتِ: مَغَرَ فِي الْبِلَادِ: ذَهَبَ وَأَسْرَعَ: وَرَأَيْتُهُ يَمْغَرُ بِهِ بَعِيرُهُ.
وَمِمَّا شَذَّ مِنَ الْبَابَيْنِ قَوْلُهُمْ: مَغَرَتْ فِي الْأَرْضِ مَغْرَةٌ، وَهِيَ مَطْرَةٌ صَالِحَةٌ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِجَرِيرٍ: " مَغِّرْنَا يَا جَرِيرُ "، أَيْ أَنْشِدْنَا كَلِمَةَ ابْنِ مَغْرَاءَ، أَحَدِ شُعَرَاءِ مُضَرَ. وَمَغْرَاءُ: تَأْنِيثُ أَمْغَرَ.

(مَغَصَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالصَّادُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ جِدًّا. فَالْأُولَى الْمَغَْصُ: تَقْطِيعٌ فِي الْمِعَى وَوَجَعٌ. وَالْأُخْرَى الْمَغَْصُ يُقَالُ هُوَ الْخِيَارُ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ:

(5/339)


أَنْتَ وَهَبْتَ هَجْمَةً جُرْجُورَا ... أُدْمًا وَحُمْرًا مَغَصًا خُبُورًا
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِبِلٌ أَمْغَاصٌ وَأَمْعَاصٌ، وَهِيَ خِيَارُ الْإِبِلِ، لَا وَاحِدَ لَهَا وَيُقَالُ فُلَانٌ مَغِصٌ، إِذَا كَانَ ثَقِيلًا بَغِيضًا ; وَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ.

(مَغَطَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادٍ وَطُولٍ. وَالْمَغْطُ: الْمَدُّ. وَمَغَطْتُهُ فَامْتَغَطَ. وَالتَّمَغُّطُ فِي عَدْوِ الْفَرَسِ: أَنْ يَمُدَّ ضَبْعَيْهِ. وَانْمَغَطَ النَّهَارُ: ارْتَفَعَ وَالْمُمَغِّطُ: الطَّوِيلُ الْمُضْطَرِبُ. وَمَغَطَ الرَّامِي فِي قَوْسِهِ: نَزَعَ فِيهَا فَأَغْرَقَ النَّزْعَ.

(مَغَلَ) الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى دَاءٍ وَفَسَادٍ، وَالْآخَرُ ضَرْبٌ مِنَ النِّتَاجِ.
الْأَوَّلُ الْمَغَلُ: وَجَعُ الْبَطْنِ، وَيَكُونُ فِي الدَّوَابِّ عَنْ أَكْلِ التُّرَابِ وَأَمْغَلُوا: أَصَابَ إِبِلَهُمْ ذَلِكَ الدَّاءُ.
وَمِنَ الْبَابِ الْإِمْغَالُ: إِفْسَادٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْوِشَايَةُ ; وَهُوَ الْمَغْلُ أَيْضًا. وَيُقَالُ إِنَّهُ صَاحِبُ مَغَالَةٍ، إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْإِمْغَالُ فِي الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ أَنْ تُنْتَجَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. يُقَالُ: عَنْزٌ مَغْلَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَغَنَمٌ مِغَالٌ. وَيُقَالُ الْمُمْغِلُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَحْمِلُ قَبْلَ فِطَامِ الصَّبِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(5/340)


[بَابُ الْمِيمِ وَالْقَافِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَقَلَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَاللَّامُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ غَيْرِ مُنْقَاسَةٍ. قَالُوا: مُقْلَةُ الْعَيْنِ. وَهِيَ نَاظِرُهَا. وَمَقَلْتُهُ: نَظَرْتُ إِلَيْهَا.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى الْمَقْلَةُ: الْحَصَاةُ تُلْقِيهَا فِي الْمَاءِ تَعْرِفُ قَدْرَهُ. قَالَ:
قَذَفُوا سَيِّدَهُمْ فِي وَرْطَةٍ ... قَذْفَكَ الْمَقْلَةَ وَسْطَ الْمُعْتَرَكْ
وَيُقَالُ: هِيَ الْحَصَاةُ الَّتِي يُقْسَمُ عَلَيْهَا الْمَاءُ فِي الْمَفَاوِزِ. وَمَقَلَهُ فِي الْمَاءِ: غَوَّصَهُ فِيهِ. وَتَمَاقَلَا: تَغَاوَصَا.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى الْمُقْلُ: حَمْلُ الدَّوْمِ.

(مَقَهَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى لَوْنٍ. يَقُولُونَ: الْمَقَهُ: بَيَاضٌ فِي زُرْقَةٍ. وَامْرَأَةٌ مَقْهَاءُ وَشَرَابٌ أَمْقَهُ. قَالَ:
إِذَا خَفَقَتْ بِأَمْقَهَ صَحْصَحَانٍ ... رُءُوسُ الْقَوْمِ وَالْتَزَمُوا الرِّحَالَا.

(مَقَوَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. يُقَالُ فِيهِ: امْقُ هَذَا مَقْوَكَ مَالَكَ، أَيْ صُنْهُ صِيَانَتَكَ مَالَكَ. وَمَقَوْتُ السَّيْفَ: جَلَوْتُهُ، وَكَذَا الْمِرْآةُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: جَاءَ بِهِمَا يُونُسُ وَأَبُو الْخَطَّابِ.

(مَقَتَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدَلُّ عَلَى شَنَاءَةٍ وَقُبْحٍ.

(5/341)


وَمَقَتَهُ مَقْتًا فَهُوَ مَقِيتٌ وَمَمْقُوتٌ. وَنِكَاحُ الْمَقْتِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ أَبِيهِ.

(مَقَدَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالدَّالُ لَا نَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، إِلَّا أَنَّ الْمَقَدِّيَّ: شَرَابٌ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ، يُتَّخَذُ مِنَ الْعَسَلِ.

(مَقَرَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْمَقِرُ: شِبْهُ الصَّبِرِ. وَأَمْقَرَ الشَّيْءُ: أَمَرَّ. وَاللَّبَنُ الْحَامِضُ مُمْقِرٌ. وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: سَمَكٌ مَمْقُورٌ. وَالْمَقْرُ: إِنْقَاعُ السَّمَكِ الْمَالِحِ فِي الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَمْقَرْتُ لِفُلَانٍ الشَّرَابَ: أَمْرَرْتُهُ لَهُ.

(مَقِسَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ مَقِسَتْ نَفْسُهُ: غَثَتْ. وَتَمَقَّسَتْ أَيْضًا. قَالَ:
نَفْسِي تَمَقَّسُ عَنْ سُمَانَى الْأَقْبُرِ.

(مَقَطَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالطَّاءُ كَلِمَاتٌ لَا تَرْجِعُ إِلَى قِيَاسٍ وَاحِدٍ، بَلْ هِيَ مُتَبَايِنَةٌ جِدًّا. فَالْمِقَاطُ: حَبْلٌ شَدِيدُ الْإِغَارَةِ. وَالْمَقْطُ: ضَرْبُكَ بِالْكُرَةِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ تَأْخُذُهَا إِذَا نَزَلَتْ. قَالَ:

(5/342)


بِكَفَّيْ مَاقِطٍ فِي صَاعِ
وَمَقَطْتُ صَاحِبِي أَمْقُطُهُ، إِذَا غِظْتَهُ. وَالْمَاقِطُ: الْحَازِي الَّذِي يَتَكَهَّنُ وَيَطْرُقُ بِالْحَصَى.

(مَقَعَ) الْمِيمُ وَالْقَافُ وَالْعَيْنُ كَلِمَاتٌ تَدُلُّ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الضَّرْبِ وَالرَّمْيِ.
وَمُقِعَ فُلَانٌ بِالشَّيْءِ رُمِيَ بِهِ. وَالْمَقْعُ: أَشَدُّ الشُّرْبِ. وَالْفَصِيلُ يَمْقَعُ أُمَّهُ، إِذَا رَضِعَهَا. وَمِنَ الْبَابِ: امْتُقِعَ لَوْنُهُ: تَغَيَّرَ، كَأَنَّهُ ضُرِبَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَتَغَيَّرَ ; وَكَذَا انْتُقِعَ، وَسَيَأْتِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَكَلَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اجْتِمَاعِ مَاءٍ. وَمَكَلَتِ الْبِئْرُ: اجْتَمَعَ مَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا. وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ مَُكْلَةٌ. وَبِئْرٌ مَكُولٌ، وَالْجَمْعُ مُكُلٌ.

(مَكَنَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْمَكْنُ: بَيْضُ الضَّبِّ. وَضَبٌّ مَكُونٌ. [قَالَ] :
وَمَكْنُ الضِّبَابِ طَعَامُ الْعُرَيْبِ ... وَلَا تَشْتَهِيهِ نُفُوسُ الْعَجَمْ

(5/343)


وَالْمُكُنَاتُ: أَوْكَارُ الطَّيْرِ، وَيُقَالُ مَكِنَاتٌ.

(مَكَا) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ، وَالْآخَرُ خُشُونَةٌ فِي الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ ضَرْبٌ مِنَ الْعَسَلِ.
فَالْأَوَّلُ مَكَا يَمْكُو: صَفَرُ فِي يَدِهِ وَقَدْ جَمَعَهَا، مُكَاءً. قَالَ عَنْتَرَةُ:
تَمْكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الْأَعْلَمِ
يَصِفُ طَعْنَةً [تَسْمَعُ] لَهَا صَوْتًا حِينَ تَنْفَرِجُ وَتَنْضَمُّ. وَالْمُكَّاءُ: طَائِرٌ، سُمِّيَ لِأَنَّهُ يَمْكُو. قَالَ:
إِذَا غَرَّدَ الْمُكَّاءُ فِي غَيْرِ رَوْضَةٍ ... فَوَيْلٌ لِأَهْلِ الشَّاءِ وَالْحُمُرَاتِ
وَيَقُولُونَ: مَكَتِ اسْتُهُ تَمْكُو، إِذَا حَبَقَ. وَأَمَّا الْمَكَا وَالْمَكْوُ فَمَجْثِمُ الْأَرْنَبِ. قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَمْ بِهِ مِنْ مَكْوِ وَحْشِيَّةٍ

(5/344)


وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ: مَكِيَتْ يَدُهُ تَمْكَى مَكًى: غَلُظَتْ وَخَشُنَتْ.
وَالثَّالِثَةُ تَمَكَّى، إِذَا تَوَضَّأَ. قَالَ:
كَالْمُتَمَكِّي بِدَمِ الْقَتِيلِ
وَأَصْلُهُ قَوْلُهُمْ تَمَكَّى الْفَرَسُ: حَكَّ عَيْنَهُ بِرُكْبَتِهِ.

(مَكَثَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَوَقُّفٍ وَانْتِظَارٍ. وَمَكَثَ مَكْثًا وَمُكْثًا وَرَجُلٌ مَكِيثٌ: رَزِينٌ غَيْرُ عَجُولٍ. وَمَكَثَ وَمَكُثَ وَالتَّمَكُّثُ: الِانْتِظَارُ.

(مَكَدَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ثَبَاتٍ. وَمَكَدَ بِالْمَكَانِ: أَقَامَ. قَالَ أَبُو عَبِيدٍ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ مَكُودٌ، إِذَا ثَبَتَ غُزْرُهَا. وَيُقَالُ إِنَّ الْبِئْرَ الْمَاكِدَةَ: الَّتِي ثَبَتَ مَاؤُهَا عَلَى قَرْنٍ وَاحِدٍ لَا يَتَغَيَّرُ. وَالْقَرْنُ. قَرْنُ الْقَامَةِ.

(مَكَرَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْمَكْرُ: الِاحْتِيَالُ وَالْخِدَاعُ. وَمَكَرَ بِهِ يَمْكُرُ. وَالْأُخْرَى الْمَكْرُ: خَدَالَةُ السَّاقِ. وَامْرَأَةٌ مَمْكُورَةُ السَّاقَيْنِ.

(مَكَسَ) الْمِيمُ وَالْكَافُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَبْيِ مَالٍ وَانْتِقَاصٍ مِنَ الشَّيْءِ. وَمَكَسَ، إِذَا جَبَى. وَالْمَكْسُ: الْجِبَايَةُ قَالَ زُهَيْرٌ:

(5/345)


وَفِي كُلِّ أَسْوَاقِ الْعِرَاقِ إِتَاوَةٌ ... وَفِي كُلِّ مَا بَاعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(مَلِيَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ الزَّمَنُ الطَّوِيلُ. وَأَقَامَ مَلِيًّا، أَيْ دَهْرًا طَوِيلًا. وَتَمَلَّيْتُ الشَّيْءَ، إِذَا أَقَامَ مَعَكَ زَمَانًا طَوِيلًا. وَالْمَلَوَانِ: طَرَفَا اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَالْمُِلَاوَةُ: الْحِينُ.
وَإِذَا هُمِزَ دَلَّ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْكَمَالِ فِي الشَّيْءِ. وَمَلَأْتُ الشَّيْءَ أَمْلَؤُهُ مَلْئًا. وَالْمِلْءُ: الِاسْمُ لِلْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْلَأُ ; وَسُمِّيَ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِوِعَائِهِ فِي قَدْرِهِ. وَيُقَالُ: أَعْطِنِي مِلْأَهُ وَمِلْأَيْهِ وَثَلَاثَةَ أَمْلَائِهِ. وَمِنْهُ أَمْلَأَ النَّزْعَ فِي الْقَوْسِ، إِذَا بَالَغَ. وَمِنْهُ الْمَلَأُ: الْأَشْرَافُ مِنَ النَّاسِ، لِأَنَّهُمْ مُلِئُوا كَرَمًا. فَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَنَادَوْا يَالَ بُهْثَةَ إِذْ لَقُونَا ... فَقُلْنَا أَحْسِنِي مَلَأً جُهَيْنَا
فَقَالَ قَوْمٌ: أَرَادَ بِهِ الْخُلُقَ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «أَحْسِنُوا أَمْلَاءَكُمْ» " وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنْ سَجَايَا الْمَلَأِ، وَهُمُ الشِّرَافُ الْكِرَامُ.

(5/346)


(مَلَّهُ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْهَاءُ. يَقُولُونَ: هُوَ مُمْتَلَهُ الْعَقْلِ: ذَاهِبُهُ.

(مَلَثَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ. يُقَالُ أَتَيْتُهُ مَلَثَ الظَّلَامِ، كَمَا يُقَالُ مَلَسَ الظَّلَامِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُهُ.

(مَلَجَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ. يُقَالُ: مَلَجَ الصَّبِيُّ: تَنَاوَلَ الثَّدْيَ لِلرَّضَاعِ بِأَدْنَى فَمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: " لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَالْإِمْلَاجَتَانِ " وَهِيَ أَنْ تُمِصَّهُ لَبَنَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ.

(مَلَحَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ لَهُ فُرُوعٌ تَتَقَارَبُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِهَا بَعْضُ التَّفَاوُتِ.
فَالْأَصْلُ الْبَيَاضُ، مِنْهُ الْمِلْحُ الْمَعْرُوفُ، وَسُمِّيَ لِبَيَاضِهِ. قَالَ:
أَحْفِزُهَا عَنِّي بِذِي رَوْنَقٍ ... أَبْيَضَ مِثْلِ الْمِلْحِ قَطَّاعِ
وَيُقَالُ مَاءٌ مِلْحٌ، وَقَدْ قَالُوا مَالِحٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:
صَبَّحْنَ قَوًّا وَالْحَمَامُ وَاقِعٌ ... وَمَاءُ قَوٍّ مَالِحٌ وَنَاقِعُ
وَمَلُحَ الْمَاءُ. وَسَمَكٌ مَمْلُوحٌ وَمَلِيحٌ. وَأَمْلَحْنَا: أَصَبْنَا مَاءً مَالِحًا. وَأَمْلَحَ الْمَاءُ أَيْضًا. قَالَ نُصَيْبٌ:

(5/347)


وَقَدْ عَادَ عَذْبُ الْمَاءِ مِلْحًا فَزَادَنِي ... عَلَى مَرَضِي أَنْ أَمْلَحَ الْمَشْرَبُ الْعَذْبُ
وَمَلَحْتُ الْقَدْرَ: أَلْقَيْتُ مِلْحَهَا بِقَدَرٍ. وَأَمْلَحْتُهَا: أَفْسَدْتُهَا بِالْمِلْحِ. وَيُقَالُ مَلَّحْتُ النَّاقَةَ تَمْلِيحًا، إِذَا لَمْ تَلْقَحْ فَعُولِجَتْ دَاخِلَتُهَا بِشَيْءٍ مَالِحٍ. وَمَلُحَ الشَّيْءُ مَلَاحَةً وَمِلْحًا. وَالْمُمَالَحَةُ: الْمُوَاكَلَةُ. ثُمَّ يُسْتَعَارُ الْمِلْحُ فَيُسَمَّى الرَّضَاعُ مِلْحًا. وَقَالَتْ هَوَازِنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْ كُنَّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمِرٍ أَوْ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ لَحَفِظَ ذَلِكَ فِينَا» "، أَرَادُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِيهِمْ.
وَيَسْتَعِيرُونَ ذَلِكَ لِلشَّحْمِ يُسَمُّونَهُ الْمِلْحَ. يُقَالُ أَمْلَحْتُ الْقِدْرَ: جَعَلْتُ فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَحْمٍ. وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ:
لَا تَلُمْهَا إِنَّهَا مِنْ نِسْوَةٍ ... مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ
هَمُّهَا السِّمَنُ وَالشَّحْمُ. وَالْمُلْحَةُ فِي الْأَلْوَانِ: بَيَاضٌ، وَرُبَّمَا خَالَطَهُ سَوَادٌ. وَيُقَالُ كَبْشٌ أَمْلَحُ. وَيُقَالُ لِبَعْضِ شُهُورِ الشِّتَاءِ مِلْحَانُ، لِبَيَاضِ ثَلْجِهِ. وَالْمَلْحَاءُ: كَتِيبَةٌ كَانَتْ لِآلِ الْمُنْذِرِ.
وَالْمَلَّاحُ: صَاحِبُ السَّفِينَةِ، قِيَاسُهُ عِنْدَنَا هَذَا، لِأَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ مِلْحٌ، وَقَالَ نَاسٌ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْمَلْحِ: سُرْعَةُ خَفَقَانِ الطَّيْرِ بِجَنَاحَيْهِ. قَالَ:

(5/348)


مَلْحَ الصُّقُورِ تَحْتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ: الْمُلَّاحُ مِنْ نَبَاتِ الْحَمْضِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَعْمِهِ مُلُوحَةٌ. وَالْمَلْحَاءُ: مَا انْحَدَرَ عَنِ الْكَاهِلِ وَالصُّلْبِ. وَالْمَلَحُ: وَرَمٌ فِي عُرْقُوبِ الْفَرَسِ.

(مَلَخَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْخَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ وِعَائِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَامْتَلَخَتِ الْعُقَابُ عَيْنَهُ: أَخْرَجَتْهَا. وَامْتَلَخْتُ اللِّجَامَ مِنْ رَأْسِ الدَّابَّةِ. وَالْمَلِيخُ: اللَّحْمُ لَا طَعْمَ لَهُ. وَ [الْمَلَّاخُ: الْمَلَّاقُ] لِأَنَّهُ يَسْتَخْرِجُ الْإِنْسَانُ أَوْ مَا عِنْدَهُ بِمَلَقِهِ. قَالَ رُؤْبَةُ:
مَلَّاخُ الْمَلَقْ
وَ [مِنْهُ] قَوْلُ الْحَسَنِ: " يَمْلَخُ فِي الْبَاطِلِ ".

(مَلَدَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى نَعْمَةٍ وَلِينٍ وَمَلَاسَةٍ. وَشَابٌّ أَمْلَدُ: نَاعِمٌ. وَالْمَلَدُ الْمَصْدَرُ. وَامْرَأَةٌ مَلْدَاءُ: مُعْتَدِلَةُ الْخَلْقِ حَسَنَةٌ. وَغُصْنٌ أُمْلُودٌ: نَاعِمٌ. وَمَلَّدْتُ الْأَدِيمَ: مَرَّنْتُهُ. وَالْإِمْلِيدُ مِنَ الصَّحَارِي كَإِمْلِيسٍ: الصَّحْصَحُ. [وَ] مِنْهُ الْمَلَدَانُ.

(مَلَذَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالذَّالُ ذَكَرُوا فِيهِ كَلِمَتَيْنِ أَيْضًا. الْمَلْذُ: أَنْ يَكُونَ يَمُدُّ الْفَرَسُ ضَبْعَيْهِ فِي عَدْوِهِ حَتَّى لَا يَجِدَ مَزِيدًا. وَمَلَذَهُ بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ بِهِ. قَالَ

(5/349)


أَبُو بَكْرٍ: الْمَلْذُ: السُّرْعَةُ فِي الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ. وَذِئْبٌ مَلَّاذٌ.

(مَلَسَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَجَرُّدٍ فِي شَيْءٍ، وَأَلَّا يَعْلَقَ بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ أَمْلَسُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا يَلْصَقُ بِهِ ذَمٌّ: هُوَ أَمْلَسُ الْجِلْدِ، قَالَ:
فَمُوتَنْ بِهَا حُرَّا وَجِلْدُكَ أَمْلَسُ
وَأَرْضٌ أَمَالِيسُ: لَا نَبَاتَ بِهَا. وَيُقَالُ فِي الْبَيْعِ: " الْمَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ "، أَيْ لَا مُتَعَلَّقَ لَهُ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ وَمِنَ الْبَابِ الْمَلْسُ: سَلُّ الْخُصْيَةِ بِعُرُوقِهَا. وَكَبْشٌ مَمْلُوسٌ. وَمِنْهُ الْمَلْسُ: السَّوْقُ الشَّدِيدُ، أَيْ إِنَّهُ يَمْضِي حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَنْ يُتَعَلَّقَ بِهِ. وَقَوْلُهُمْ: أَتَيْتُهُ مَلَسَ الظَّلَامِ مِنْ بَابِ الثَّاءِ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ وَرُمَّانٌ إِمْلِيسِيٌّ.

(مَلَصَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالصَّادُ قَرِيبٌ مِنْ مَلَسَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى إِفْلَاتِ الشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ. وَامَّلَصَ الشَّيْءُ مِنْ يَدِي: أَفْلَتَ، امِّلَاصًا. وَمَلِصَ الرِّشَاءُ مِنَ الْيَدِ يَمْلَصُ. قَالَ:
فَرَّ وَأَعْطَانِي رِشَاءً مَلِصًا
وَمِنْهُ أَمْلَصَتِ الْمَرْأَةُ: رَمَتْ بِوَلَدِهَا إِمْلَاصًا ; وَالْوَلَدُ مَلِيصٌ. وَمِنْهُ سَيْرٌ إِمْلِيصٌ: سَرِيعٌ.

(مَلَطَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالطَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَسْوِيَةِ شَيْءٍ وَتَسْطِيحِهِ.

(5/350)


وَمَلَّطْتُ الْحَائِطَ بِالْمِلَاطِ أُمَلِّطُهُ تَمْلِيطًا: طَيَّنْتُهُ وَسَوَّيْتُهُ وَالْمِلَاطَانِ: الْجَنْبَانِ، كَأَنَّهُمَا مُلِطَا مَلْطًا. وَابْنَا مِلَاطٍ: الْعَضُدَانِ. وَالْأَمْلَطُ: الَّذِي لَا شَعَْرَ عَلَيْهِ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَلِيلِ الْخَيْرِ الْمُتَمَرِّدِ: مِلْطٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ شَيْءٍ مَلَّطْتَهُ فَهُوَ مِلَاطٌ.

(مَلَعَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُرْعَةٍ وَخِفَّةٍ. وَمَلَعَتِ النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا وَنَاقَةٌ مَيْلَعٌ فَيْعَلٌ مِنْهُ. وَالْمَلْعُ: السُّرْعَةُ فِي الْمُرُورِ وَالِاخْتِطَافِ. وَمِنَ الْبَابِ الْمَلِيعُ: الْأَرْضُ لَا نَبَاتَ بِهَا.

(مَلَغَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: الْمِلْغُ: الْأَحْمَقُ. وَالتَّمَلُّغُ: التَّحَمُّقُ.

(مَلَقَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى [تَجَرُّدٍ] فِي الشَّيْءِ وَلِينٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْمَلَقُ مِنَ التَّمَلُّقِ، وَأَصْلُهُ التَّلْيِينُ. وَالْمَلَقَةُ: الصَّفَاةُ الْمَلْسَاءُ. وَيُقَالُ الْإِمْلَاقُ: إِتْلَافُ الْمَالِ حَتَّى يُحْوِجَ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ، كَأَنَّهُ تَجَرَّدَ عَنِ الْمَالِ. وَانْمَلَقَ سَاعِدُ الرَّجُلِ: انْسَحَجَ مِنْ حَمْلِ الْأَحْمَالِ. قَالَ:
وَحَوْقَلٌ سَاعِدُهُ قَدِ انْمَلَقْ ... يَقُولُ قَطْبًا وَنِعِمَّا إِنْ سَلَقْ
وَالْمَلَقَةُ: الْأَرْضُ لَا يَكَادُ يَبِينُ فِيهَا أَثَرٌ، وَالْجَمْعُ الْمَلَقُ وَالْمَلَقَاتُ. وَمَلَقْتُ الثَّوْبَ: غَسَلْتُهُ، لِأَنَّكَ تُجَرِّدُهُ عَنِ الْوَسَخِ.

(مَلَكَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ فِي الشَّيْءِ

(5/351)


وَصِحَّةٍ. يُقَالُ: أَمْلَكَ عَجِينَهُ: قَوَّى عَجْنَهُ وَشَدَّهُ. وَمَلَّكْتُ الشَّيْءَ: قَوَّيْتُهُ قَالَ:
فَمَلَّكَ بِاللِّيطِ الَّذِي فَوْقَ قِشْرِهَا ... كَغِرْقِئِ بَيْضٍ كَنَّهُ الْقَيْضُ مِنْ عَلِ
وَالْأَصْلُ هَذَا. ثُمَّ قِيلَ مَلَكَ الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ يَمْلِكُهُ مَلْكًا. وَالِاسْمُ الْمِلْكُ ; لِأَنَّ يَدَهُ فِيهِ قَوِيَّةٌ صَحِيحَةٌ. فَالْمِلْكُ: مَا مُلِكَ مِنْ مَالٍ. وَالْمَمْلُوكُ: الْعَبْدُ. وَفُلَانٌ حَسَنُ الْمَلَكَةِ، أَيْ حَسَنُ الصَّنِيعِ إِلَى مَمَالِيكِهِ. وَعَبْدُ مَمْلَكَةٍ: سُبِيَ وَلَمْ يُمْلَكْ أَبَوَاهُ. وَمَا لِفُلَانٍ مَوْلَى مَلَاكَةٍ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ لَمْ يَمْلِكْهُ إِلَّا هُوَ. وَكُنَّا [فِي] إِمْلَاكِ فُلَانٍ، أَيْ أَمْلَكْنَاهُ امْرَأَتَهُ. وَأَمْلَكْنَاهُ مِثْلُ مَلَّكْنَاهُ. وَالْمَلَكُ: الْمَاءُ يَكُونُ مَعَ الْمُسَافِرِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَلَكَ أَمْرَهُ.

(مَلَوَ) الْمِيمُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادٍ فِي شَيْءٍ زَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَأَمْلَيْتُ الْقَيْدَ لِلْبَعِيرِ إِمْلَاءً، إِذَا وَسَّعْتُهُ. وَتَمَلَّيْتُ عُمْرِي، إِذَا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. وَالْمَلَوَانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَالْمُِلَاوَةُ: مِلَاوَةُ الْعَيْشِ، أَيْ قَدْ أُمْلِيَ لَهُ. وَمِنَ الْبَابِ إِمْلَاءُ الْكِتَابِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ مَا جَاءَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ أَوَّلَهُ مِيمٌ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَمَّ كِتَابُ الْمِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَاب ِ

(5/352)


[كِتَابُ النُّونِ] [بَابُ النُّونِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ]

بَابُ النُّونِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ
(نَهَ) النُّونُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ: نَهْنَهَ فَلَانٌ فُلَانًا: كَفَّهُ وَزَجَرَهُ.

(نَأَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ فِي الشَّيْءِ. فَالنَّأْنَأَةُ: الضَّعْفُ. وَرَجُلٌ نَأْنَاءٌ، إِذَا كَانَ ضَعِيفًا. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَعَمْرُكَ مَا سَعْدٌ بِخُلَّةِ آثِمٍ ... وَلَا نَأْنَأٍ عِنْدَ الْحِفَاظِ وَلَا حَصِرْ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ: نَأْنَأْتُ رَأْيِي نَأْنَأَةً، إِذَا خَلَّطْتُ فِيهِ.

(نَبَّ) النُّونُ وَالْبَاءُ كَلِمَتَانِ. نَبَّ التَّيْسُ نَبِيبًا: صَوَّتَ عِنْدَ السِّفَادِ. وَالْأُنْبُوبُ: مَا بَيْنَ كُلِّ عُقْدَتَيْنِ مِنْ رُمْحٍ وَغَيْرِهِ.

(نَثَّ) النُّونُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نَشْرِ شَيْءٍ وَانْتِشَارِهِ. وَنَثُّ

(5/353)


الْحَدِيثِ: إِفْشَاؤُهُ. وَجَاءَ فُلَانٌ يَنِثُّ سِمَنًا، كَأَنَّهُ يَتَصَبَّبُ سِمَنًا. وَفِي الْحَدِيثِ: " «يَجِيءُ أَحَدُهُمْ يَنِثُّ كَمَا يَنِثُّ الْحَمِيتُ» ".

(نَجَّ) النُّونُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَحَرُّكٍ وَاضْطِرَابٍ، وَشِبْهُ ذَلِكَ. فَالنَّجْنَجَةُ: الْجَوْلَةُ عِنْدَ الْفَزَعِ. يُقَالُ نَجْنَجُوا. وَالنَّجْنَجَةُ: تَرْدِيدُ الرَّأْيِ. وَتَنَجْنَجُوا: أَصَافُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرْبَعُوا فِيهِ ثُمَّ عَزَمُوا عَلَى تَحَضُّرِ الْمِيَاهِ. وَتَنَجْنَجَ لَحْمُهُ: اسْتَرْخَى. وَنَجَّتِ الْقُرْحَةُ: سَالَتْ.

(نَحَّ) النُّونُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ يُحْكَى بِهَا صَوْتٌ. فَالتَّنَحْنُحُ مَعْرُوفٌ. [وَ] النَّحِيحُ: صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ الْإِنْسَانُ فِي جَوْفِهِ. وَحُكِيَتْ كَلِمَةٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ صِحَّتُهَا. وَلَيْسَ لَهَا قِيَاسٌ. يَقُولُونَ: مَا أَنَا بِنَحِيحِ النَّفْسِ عَنْ كَذَا، أَيْ طَيِّبِ النَّفْسِ.

(نَخَّ) النُّونُ وَالْخَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، غَيْرُ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَأْوِيلِهِ، وَهُوَ النُّخَّةُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ فِي الْجَبْهَةِ وَلَا فِي النُّخَّةِ صَدَقَةٌ ". قَالُوا النَّخَّةُ: الرَّقِيقُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: النَّخَّةُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ دِينَارًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ لِنَفْسِهِ. وَاللَّفْظُ لَا يَقْتَضِي هَذَا، وَلَعَلَّ لَفْظَ الَّذِي رَوَاهُ الْفِرَّاءُ: " وَلَا نَخَّةَ " وَأَنْشَدَ:

(5/354)


عَمَّيِ الَّذِي مَنَعَ الدِّينَارَ ضَاحِيَةً ... دِينَارَ نَخَّةِ كَلْبٍ وَهُوَ مَشْهُودُ
وَيُقَالُ النُّخَّةُ: الْحَمِيرُ، وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَنَخْنَخَ الْبَعِيرُ: بَرَكَ ثُمَّ مَكَّنَ لِثَفِنَاتِهِ فِي الْأَرْضِ.

(نَدَّ) النُّونُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شُرُودٍ وَفِرَاقٍ. وَنَدَّ الْبَعِيرُ نَدًّا وَنُدُودًا: ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا. وَمِنَ الْبَابِ النِّدُّ وَالنَّدِيدُ: الَّذِي يُنَادُّ فِي الْأَمْرِ، أَيْ يَأْتِي بِرَأْيٍ غَيْرِ رَأْيِ صَاحِبِهِ. قَالَ:
لِئَلَّا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتِي ... وَأَشْتُمَ أَعْمَامًا عُمُومًا عَمَاعِمَا
وَالنَّدُّ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ: التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ، وَيَكُونُ هَذَا قَرِيبًا مِنْ قِيَاسِهِ. وَالنِّدُّ مِنَ الطِّيبِ لَيْسَ عَرَبِيًّا.

(نَزَّ) النُّونُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِفَّةٍ وَقِلَّةٍ. مِنْ ذَلِكَ الظَّلِيمُ النَّزُّ: الَّذِي لَا يَكَادُ يَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ. وَالنَّزُّ: الرَّجُلُ الْخَفِيفُ الذَّكِيُّ، وَكَذَا النَّاقَةُ النَّزَّةُ. وَمِنْهُ النَّزُّ، وَهُوَ مَا تَحَلَّبَ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مَاءٍ. وَأَنَزَّتِ الْأَرْضُ: صَارَتْ ذَاتَ نَزٍّ. وَسُمِّيَ نَزًّا لِقِلَّتِهِ وَخِفَّةِ أَمْرِهِ.

(نَسَّ) النُّونُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا نَوْعٌ مِنَ السَّوْقِ، وَالْآخَرُ قِلَّةٌ فِي الشَّيْءِ وَيُخْتَصُّ بِهِ الْمَاءُ.

(5/355)


فَالْأَوَّلُ نَسَّ إِبِلَهُ يَنُسُّهَا نَسًّا: سَاقَهَا.
وَالثَّانِي قَوْلُهُمْ: نَسَّتِ الْقَطَاةُ: عَطِشَتْ. وَيُقَالُ لِمَكَّةَ النَّاسَّةُ، لِقِلَّةِ الْمَاءِ بِهَا. وَنَسَّتِ الْخُبْزَةُ نَسًّا: يَبِسَتْ. وَنَسَّتِ الْجُمَّةُ: تَشَعَّثَتْ، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الدُّهْنِ فِيهَا. وَيُقَالُ لِلْبَلَلِ الَّذِي يَكُونُ بِرَأْسِ الْعُودِ إِذَا أُوقِدَ: النَّسِيسَةُ، وَبِهِ تُشَبَّهُ بَقِيَّةُ النَّفْسِ. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ النَّسِيسُ.

(نَشَّ) النُّونُ وَالشِّينُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا يُحْكَى بِهِ صَوْتٌ. مِنْهُ النَّشِيشُ: صَوْتُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ إِذَا غُلِيَ. وَمِنْهُ أَرْضٌ نَشِيشَةٌ، إِذَا كَانَتْ مِلْحَةً لَا تُنْبِتُ، وَأَرْضٌ نَشَّاشَةٌ. وَمِنْهُ نَشَّ الْغَدِيرُ: أَخَذَ مَاؤُهُ فِي النُّضُوبِ.

(نَصَّ) النُّونُ وَالصَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى رَفْعٍ وَارْتِفَاعٍ وَانْتِهَاءٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ قَوْلُهُمْ نَصَّ الْحَدِيثَ إِلَى فُلَانٍ: رَفَعَهُ إِلَيْهِ. وَالنَّصُّ فِي السَّيْرِ أَرْفَعُهُ. يُقَالُ: نَصْنَصْتُ نَاقَتِي. وَسَيْرٌ نَصٌّ وَنَصِيصٌ. وَمِنَصَّةُ الْعَرُوسِ مِنْهُ أَيْضًا. وَبَاتَ فُلَانٌ مُنْتَصًّا عَلَى بَعِيرِهِ، أَيْ مُنْتَصِبًا.
وَنَصُّ كُلِّ شَيْءٍ: مُنْتَهَاهُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «إِذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحِقَاقِ» "، أَيْ إِذَا بَلَغْنَ غَايَةَ الصِّغَرِ وَصِرْنَ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ. وَالْحِقَاقُ: مَصْدَرُ الْمُحَاقَّةِ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ بَعْضُ

(5/356)


الْأَوْلِيَاءِ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَبَعْضُهُمْ: أَنَا أَحَقُّ. وَنَصَصْتُ الرَّجُلَ: اسْتَقْصَيْتَ مَسْأَلَتَهُ عَنِ الشَّيْءِ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ. وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّكَ تَبْتَغِي بُلُوغَ النِّهَايَةِ. وَمِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ [النَّصْنَصَةُ] : إِثْبَاتُ الْبَعِيرِ رُكْبَتَيْهِ فِي الْأَرْضِ إِذَا هَمَّ بِالنُّهُوضِ. وَالنَّصْنَصَةُ: التَّحْرِيكُ. وَالنُّصَّةُ. الْقُصَّةُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَهِيَ عَلَى مَوْضِعٍ رَفِيعٍ.

(نَضَّ) النُّونُ وَالضَّادُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى تَيْسِيرِ الشَّيْءِ وَظُهُورِهِ، وَالثَّانِي عَلَى جِنْسٍ مِنَ الْحَرَكَةِ.
الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْعَرَبِ: خُذْ مَا نَضَّ لَكَ مِنْ دَيْنٍ، أَيْ تَيَسَّرَ. وَفُلَانٌ يَسْتَنِضُّ مَالَ فُلَانٍ، أَيْ يَأْخُذُهُ كَمَا تَيَسَّرَ. وَالنَّضِيضُ مِنَ الْمَاءِ: الْقَلِيلُ. فَأَمَّا النَّاضُّ مِنَ الْمَالِ فَيُقَالُ: هُوَ مَا لَهُ مَادَّةٌ وَبَقَاءٌ، وَيُقَالُ بَلْ هُوَ مَا كَانَ عَيْنًا. وَإِلَى هَذَا يَذْهَبُ الْفُقَهَاءُ فِي النَّاضِّ.

(نَطَّ) النُّونُ وَالطَّاءُ. يَقُولُونَ النَّطَانِطُ مِنَ الرِّجَالِ: الطِّوَالُ، الْوَاحِدُ نَطْنَاطٌ، وَنَطْنَطْتُ الشَّيْءَ: مَدَدْتَهُ.

(نَعَّ) النُّونُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَيْلٍ وَاضْطِرَابٍ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا مَالَ وَاضْطَرَبَ: تَنَعْنَعَ. وَالنُّعْنُعُ: الْهَُنُ الْمُسْتَرْخِي. وَالنُّعْنُعُ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ الْمُضْطَرِبُ الْخَلْقِ. وَيَقُولُونَ: تَنَعْنَعَ مِنَّا، أَيْ تَبَاعَدَ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
النَّازِحُ الْمُتَنَعْنِعُ.

(5/357)


(نَغَّ) النُّونُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بَعْضِ الْأَعْضَاءِ. وَالنَّغَانِغُ: لَحَمَاتٌ تَكُونُ فِي الْحَلْقِ عِنْدَ اللَّهَاةِ، الْوَاحِدُ نُغْنُغٌ. قَالَ جَرِيرٌ:
غَمَزَ ابْنُ مُرَّةَ يَا فَرَزْدَقُ كَيْنَهَا ... غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغَانِغَ الْمَعْذُورِ
وَقَدْ تُسَمَّى الزَّوَائِدُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنَيْنِ النَّغَانِغُ.

(نَفَّ) النُّونُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النَّفْنَفُ: الْهَوَاءُ. وَكُلُّ مَهْوًى بَيْنَ شَيْئَيْنِ نَفْنَفٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
تُعَلَّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفُنَا ... وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعِبُ غَوْطٌ نَفَانِفُ.

(نَقَّ) النُّونُ وَالْقَافُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ. وَنَقَّتِ الضَّفَادِعُ: صَوَّتَتْ، وَهِيَ النَّقَّاقَةُ. وَكَذَلِكَ الدَّجَاجَةُ تُنَقْنِقُ لِلْبَيْضِ. وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِلنَّقَّاقَةِ، وَالنِّقْنِقُ: الظَّلِيمُ، لِأَنَّهُ يُنَقْنِقُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ نَقْنَقَتِ الْعَيْنُ: غَارَتْ.

(نَمَّ) النُّونُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا إِظْهَارُ شَيْءٍ وَإِبْرَازُهُ، وَالْآخَرُ لَوْنٌ مِنَ الْأَلْوَانِ.

(5/358)


فَالْأَوَّلُ مَا حَكَاهُ الْفَرَّاءُ، يُقَالُ: إِبِلٌ نَمَّةٌ: لَمْ يَبْقَ فِي أَجْوَافِهَا الْمَاءُ وَالنَّمَّامُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُبْقِي الْكَلَامَ فِي جَوْفِهِ. وَرَجُلٌ نَمَّامٌ. وَيَقُولُونَ: أَسْكَتَ اللَّهُ نَامَّتَهُ: مَا يَنِمُّ عَلَيْهِ مِنْ حَرَكَتِهِ. وَالنَّمِيمَةُ: الصَّوْتُ وَالْهَمْسُ، لِأَنَّهُمَا يَنُِمَّانِ عَلَى الْإِنْسَانِ. وَمِنْهُ النَّمَّامُ: رَيْحَانٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ رَائِحَتُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا بِهَا نُمِّيٌّ، أَيْ أَحَدٌ، كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ: ذُو حَرَكَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ لِلْفَلْسِ: نُمِّيٌّ لَيْسَ عَرَبِيَّا.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّمْنَمَةُ: مُقَارَبَةُ الْخُطُوطِ. وَالنُِّمْنُِمُ: الْبَيَاضُ يَكُونُ عَلَى الْأَظْفَارِ، الْوَاحِدُ نُِمْنُِمْةٌ.

[بَابُ النُّونِ وَالْهَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَهَيَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْيَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى غَايَةٍ وَبُلُوغٍ. وَمِنْهُ أَنْهَيْتُ إِلَيْهِ الْخَبَرَ: بَلَّغْتُهُ إِيَّاهُ. وَنِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ: غَايَتُهُ. وَمِنْهُ نَهَيْتُهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِأَمْرٍ يَفْعَلُهُ. فَإِذَا نَهَيْتُهُ فَانْتَهَى عَنْكَ فَتِلْكَ غَايَةُ مَا كَانَ وَآخِرُهُ. وَفُلَانٌ نَاهِيكَ مِنْ رَجُلٍ وَنَهْيُكَ، كَمَا يُقَالُ حَسْبُكَ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ بِجِدِّهِ وَغَنَائِهِ يَنْهَاكَ عَنْ تَطَلُّبِ غَيْرِهِ. وَنَاقَةٌ نَهِيَّةٌ: تَنَاهَتْ سِمَنًا. وَالنُّهْيَةُ: الْعَقْلُ، لِأَنَّهُ يَنْهَى عَنْ قَبِيحِ الْفِعْلِ وَالْجَمْعُ نُهًى.
وَطَلَبَ الْحَاجَةَ حَتَّى نَهِيَ عَنْهَا، تَرَكَهَا، ظَفِرَ بِهَا أَمْ لَا، كَأَنَّهُ نَهَى

(5/359)


نَفْسَهُ عَنْ طَلَبِهَا. وَالنَّهْيُ وَالنِّهْيُ: الْغَدِيرُ، لِأَنَّ الْمَاءَ يُنْتَهَى إِلَيْهِ. وَتَنْهِيَةُ الْوَادِي: حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ السُّيُولُ. وَيُقَالُ إِنَّ نِهَاءَ النَّهَارِ: ارْتِفَاعُهُ. فَإِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا فَلِأَنَّ تِلْكَ غَايَةُ ارْتِفَاعِهِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ صَحَّ يَقُولُونَ النُّهَاءُ: الْقَوَارِيرُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا. وَيُنْشِدُونَ:
تَرُضُّ الْحَصَى أَخْفَافُهُنًَّ كَأَنَّمَا ... يُكَسَّرُ قَيْضٌ بَيْنَهَا وَنِهَاءُ.

(نَهَأَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ. إِذَا هُمِزَ فَفِيهِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْإِبْدَالِ، يَقُولُ: أَنْهَأْتُ اللَّحْمَ، إِذَا لَمْ تُنْضِجْهُ. وَهَذَا عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِ: أَنْيَأْتُهُ مِنَ النِّيِّ، فَقُلِبَتِ الْيَاءُ هَاءً.

(نَهَبَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَوَزُّعِ شَيْءٍ فِي اخْتِلَاسٍ لَا عَنْ مُسَاوَاةٍ. مِنْهُ انْتِهَابُ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. وَالنُّهْبَى: اسْمُ مَا انْتُهِبَ. وَمِنْهُ الْمُنَاهَبَةُ: أَنْ يَتَبَارَى الْفَرَسَانِ فِي حُضْرِهِمَا. يُقَالُ: نَاهَبَ الْفَرَسُ [الْفَرَسَ] ، كَأَنَّهُمَا يَتَنَاهَبَانِ الْحُضْرَ وَالسَّبَقَ، وَيُقَالُ نَهَبَ النَّاسُ فُلَانًا بِكَلَامِهِمْ: تَنَاوَلُوهُ بِهِ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ.

(5/360)


(نَهَتْ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ. فَالنَّهِيتُ: دُونَ الزَّئِيرِ. وَأَسَدٌّ نَهَّاتٌ. وَنَهَتَ الرَّجُلُ: زَحَرَ. وَحِمَارٌ نَهَّاتٌ.

(نَهَجَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْجِيمُ أَصْلَانِ مُتَبَايِنَانِ: الْأَوَّلُ النَّهْجُ، الطَّرِيقُ. وَنَهَجَ لِي الْأَمْرَ: أَوْضَحَهُ. وَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْمِنْهَاجِ. وَالْمَنْهَجُ: الطَّرِيقُ أَيْضًا، وَالْجَمْعُ الْمَنَاهِجُ. وَالْآخَرُ الِانْقِطَاعُ. وَأَتَانَا فُلَانٌ يَنْهَجُ، إِذَا أَتَى مَبْهُورًا مُنْقَطِعَ النَّفَسِ. وَضَرَبْتُ فُلَانًا حَتَّى أُنْهِجَ، أَيْ سَقَطَ.
وَمِنَ الْبَابِ نَهَجَ الثَّوْبُ وَأَنْهَجَ: أَخْلَقَ وَلَمَّا يَنْشَقَّ. وَأَنْهَجَهُ الْبِلَى. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يُقَالُ نَهَجَ.

(نَهَدَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِشْرَافِ شَيْءٍ وَارْتِفَاعِهِ. وَفَرَسٌ نَهْدٌ: مُشْرِفٌ جَسِيمٌ. وَنَهَدَ ثَدْيُ الْمَرْأَةِ: أَشْرَفَ وَكَعَبَ ; وَهِيَ نَاهِدٌ. وَيَقُولُونَ لِلزُّبْدَةِ الضَّخْمَةِ نَهِيدَةً.
وَمِنَ الْبَابِ الْمُنَاهَدَةُ فِي الْحُرُوبِ، كَالْمُنَاهَضَةِ، لِأَنَّ كُلًّا يَنْهَدُ إِلَى كُلٍّ، قَالُوا: غَيْرَ أَنَّ النُّهُوضَ يَكُونُ عَنْ قُعُودٍ، وَالنُّهُودُ كَيْفَ كَانَ. وَرَجُلٌ نَهْدٌ: كَرِيمٌ يَنْهَدُ إِلَى مَعَالِي الْأُمُورِ. وَالنَّهْدَاءُ: رَمْلَةٌ كَرِيمَةٌ تُنْبِتُ كِرَامَ الْبَقْلِ. وَيُقَالُ أَنْهَدْتُ

(5/361)


الْحَوْضَ: مَلَأْتُهُ، وَهُوَ حَوْضٌ نَهْدَانُ. وَيَقُولُونَ - وَمَا أَدْرِي كَيْفَ صِحَّتُهُ -: إِنَّ التَّنَاهُدَ: إِخْرَاجُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّفَقَاءِ نَفَقَةً عَلَى قَدْرِ نَفَقَةِ صَاحِبِهِ.

(نَهَرَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَفَتُّحِ شَيْءٍ أَوْ فَتْحِهِ. وَأَنْهَرْتُ الدَّمَ: فَتَحْتُهُ وَأَرْسَلْتُهُ. وَسُمِّيَ النَّهْرَ لِأَنَّهُ يَنْهَرُ الْأَرْضَ أَيْ يَشُقُّهَا. وَالْمَنْهَرَةُ: فَضَاءٌ يَكُونُ بَيْنَ بُيُوتِ الْقَوْمِ يُلْقُونَ فِيهَا كُنَاسَتَهُمْ. وَجَمْعُ النَّهْرِ أَنْهَارٌ وَنُهُرٌ. وَاسْتَنْهَرَ النَّهْرُ: أَخَذَ مَجْرَاهُ. وَأَنْهَرَ الْمَاءُ: جَرَى. وَنَهْرٌ نَهِرٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
أَقَامَتْ بِهِ فَابْتَنَتْ خَيْمَةً ... عَلَى قَصَبٍ وَفُرَاتٍ نَهِرْ
وَمِنْهُ النَّهَارُ: انْفِتَاحُ الظُّلْمَةِ عَنِ الضِّيَاءِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّهَارَ يُجْمَعُ عَلَى نُهُرٍ. وَرَجُلٌ نَهِرٌ: صَاحِبُ نَهَارٍ كَأَنَّهُ لَا يَنْبَعِثُ لَيْلًا. قَالَ:
لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ وَلَكِنِّي نَهِرْ
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: النَّهَارُ: فَرْخُ بَعْضِ الطَّيْرِ، فَهُوَ مِمَّا [لَا] يُعَرَّجُ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ.

(5/362)


(نَهَزَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ وَنُهُوضٍ وَتَحْرِيكِ الشَّيْءِ. فَالنَّهْزُ: النُّهُوضُ لِتَنَاوُلِ الشَّيْءِ ; وَمِنْهُ انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ. وَالنُّهْزَةُ: كُلُّ مَا أَمْكَنَكَ انْتِهَازُهُ يُقَالُ قَدْ أَعْرَضَ فَانْتَهِزْ. وَنَهَزَتِ النَّاقَةُ بِصَدْرِهَا: نَهَضَتْ لِلسَّيْرِ. وَنَهَزَتِ الدَّابَّةُ بِرَأْسِهَا: دَفَعَتْ عَنْ نَفْسِهَا.
وَمِنَ الْبَابِ نَاهَزَ الصَّبِيُّ الْبُلُوغَ، إِذَا دَانَاهُ، كَأَنَّهُ نَهَضَ لَهُ وَتَحَرَّكَ. وَنَهَزْتُ ضَرْعَ النَّاقَةِ عِنْدَ حَلْبِهَا لِتَدُِرَّ، إِذَا ضَرَبْتَهُ بِيَدِكَ. وَنَهَزْتُ مَاءَ الدَّلْوِ بِالْمَاءِ: ضَرَبْتُهُ لِتَمْتَلِئَ الدَّلْوُ.

(نَهَسَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَضٍّ عَلَى شَيْءٍ. وَنَهَسَ اللَّحْمَ: قَبَضَ عَلَيْهِ وَنَتَرَهُ عِنْدَ أَكْلِهِ إِيَّاهُ. وَمِنْهُ نَهَسَتْهُ الْحَيَّةُ.

(نَهَشَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ النَّهْسُ وَالنَّهْشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَخْذُ اللَّحْمِ بِالْفَمِ. وَخَالَفَهُ أَبُو زَيْدٍ فَقَالَ: النَّهْشُ: بِمُقَدَّمِ الْفَمِ.

(نَهَضَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ فِي عُلُوٍّ. وَنَهَضَ مِنْ مَكَانِهِ: قَامَ. وَمَا لَهُ نَاهِضَةٌ، أَيْ قَوْمٌ يَنْهَضُونَ فِي أَمْرِهِ وَيَقُومُونَ بِهِ. وَيَقُولُونَ: نَاهِضَةُ الرَّجُلِ: بَنُو أَبِيهِ الَّذِي يَغْضَبُونَ لَهُ. وَنَهَضَ النَّبْتُ: اسْتَوَى. وَالنَّاهِضُ:

(5/363)


الطَّائِرُ الَّذِي وَفَرَ جَنَاحَاهُ وَتَهَيَّأَ لِلنُّهُوضِ وَالطَّيَرَانِ. وَنِهَاضُ الطُّرُقِ: صُعُدُهَا وَعَتَبُهَا، الْوَاحِدَةُ نَهْضَةٌ. وَأَنْهُضُ الْبَعِيرِ: مَا بَيْنَ كَتِفِهِ إِلَى صُلْبِهِ.

(نَهَطَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالطَّاءُ. زَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ النَّهْطُ الطَّعْنُ. وَنَهَطَهُ بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ بِهِ.

(نَهَعَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. عَلَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: نَهَعَ، إِذَا تَهَوَّعَ مِنْ غَيْرِ قَلْسٍ.

(نَهَقَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ. فَالنَّهِيقُ وَالنُّهَاقُ: صَوْتُ الْحِمَارِ. وَنَوَاهِقُهُ: مَخَارِجُ نُهَاقِهِ مِنْ حَلْقِهِ وَنَوَاهِقُ الدَّابَّةِ: عُرُوقٌ اكْتَنَفَتْ خَيَاشِيمَهُ، الْوَاحِدَةُ نَاهِقَةٌ.

(نَهَكَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِبْلَاغٍ فِي عُقُوبَةٍ وَأَذًى. وَنَهَكَتْهُ الْحُمَّى: نَقَصَتْ لَحْمَهُ. وَأَنْهَكَهُ السُّلْطَانُ عُقُوبَةً: بَالَغَ.
وَمِنَ الْبَابِ انْتِهَاكُ الْحُرْمَةِ: تَنَاوُلُهَا بِمَا لَا يَحِلُّ. وَالنَّهِيكُ: الْأَسَدُ وَالشُّجَاعُ، لِأَنَّهُمَا يَنْهَكَانِ الْأَقْرَانَ.

(نَهِلَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ الشُّرْبِ. وَنَهِلَ: شَرِبَ فِي أَوَّلِ الْوِرْدِ. وَأَنْهَلْتُ الدَّوَابَّ. وَالْمَنْهَلُ: الْمَوْرِدُ. وَالنَّاهِلُ:

(5/364)


الرَّيَّانُ. وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْعَطْشَانِ نَاهِلٌ. وَهَذَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى الْفَأْلِ. قَالَ:
يَنْهَلُ مِنْهُ الْأَسَلُ النَّاهِلُ
أَيْ تُرْوَى مِنْهُ الرِّمَاحُ الْعِطَاشُ.

(نَهَمَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا صَوْتٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ وَالْآخَرُ وَلُوعٌ بِشَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ النَّهِيمُ: صَوْتُ الْأَسَدِ. وَالنَّهِيمُ: زَجْرُكَ الْإِبِلَ إِذَا صِحْتَ بِهَا. تَقُولُ: نَهَمْتُهَا، إِذَا صِحْتَ بِهَا لِتَمْضِيَ. قَالَ:
أَلَا انْهَِمَاهَا إِنَّهَا مَنَاهِيمْ ... وَإِنَّمَا يَنْهَمُهَا الْقَوْمُ الْهِيمْ
وَيُقَالُ لِلْحَذْفِ بِالْعَصَا وَالْحَذْفِ بِالْحَصَى نَهْمٌ ; وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِمَا يُحْذَفُ بِهِ أَدْنَى صَوْتٍ. قَالَ:
يَنْهَمْنَ بِالدَّارِ الْحَصَى الْمَنْهُومَا
فَأَمَّا الْآخَرُ فَالنَّهْمَةُ: بُلُوغُ الْهِمَّةِ فِي الشَّيْءِ. وَهُوَ مَنْهُومٌ بِكَذَا: مُولَعٌ بِهِ. وَيُقَالُ مِنْهُ نُهِمَ يُنْهَمُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابَيْنِ النِّهَامِيُّ: الْحَدَّادُ.

(5/365)


[بَابُ النُّونِ وَالْوَاوِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَوَى) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَقْصِدٌ لِشَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَجَمُ شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ النَّوَى. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: النَّوَى: التَّحَوُّلُ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ الْبَابُ كُلُّهُ فَقَالُوا: [نَوَى] الْأَمْرَ يَنْوِيهِ، إِذَا قَصَدَ لَهُ. وَمِمَّا يُصَحِّحُ هَذِهِ التَّآوِيلَ قَوْلُهُمْ: نَوَاهُ اللَّهُ، كَأَنَّهُ قَصَدَهُ بِالْحِفْظِ وَالْحِيَاطَةِ. قَالَ:
يَا عَمْرُو أَحْسِنْ نَوَاكَ اللَّهُ بِالرَّشَدِ ... وَاقْرَأْ سَلَامًا عَلَى الذَّلْفَاءِ بِالثَّمَدِ
أَيْ قَصَدَكَ بِالرَّشَدِ. وَالنِّيَّةُ: الْوَجْهُ الَّذِي تَنْوِيهِ. وَنَوِيُّكَ: صَاحِبُكَ نِيَّتُهُ نِيَّتُكَ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّوَى: نَوَى التَّمْرِ. وَرُبَّمَا عَبَّرُوا بِهِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْزَانِ. وَيُقَالُ إِنَّ النَّوَاةَ زِنَةُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ. وَتَزَوَّجَهَا عَلَى نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَيْ وَزْنِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْهُ.
وَبِالْهَمْزِ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى النُّهُوضِ وَنَاءَ يَنُوءُ نَوْءًا: نَهَضَ. قَالَ:
فَقُلْنَا لَهُمْ تِلْكُمْ إِذًا بَعْدَ كَرَّةٍ ... نُغَادِرُ صَرْعَى نَوْؤُهَا مُتَخَاذِلُ
أَيْ نُهُوضُهَا ضَعِيفٌ وَالنَّوْءُ مِنْ أَنْوَاءِ الْمَطَرِ كَأَنَّهُ يَنْهَضُ بِالْمَطَرِ. وَكُلُّ نَاهِضٍ

(5/366)


بِثِقْلٍ فَقَدْ نَاءَ. وَنَاءَ الْبَعِيرُ بِحِمْلِهِ. وَالْمَرْأَةُ تَنُوءُ بِهَا عَجِيزَتُهَا، وَهِيَ تَنُوءُ بِهَا. فَالْأُولَى تُثْقَلُ بِهَا، وَالثَّانِيَةُ تَنْهَضُ.
وَمِنَ الْبَابِ الْمُنَاوَأَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ يُقَالُ: نَاوَأَهُ، إِذَا عَادَاهُ. وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرْنَاهُ، لِأَنَّهَا الْمُنَاهَضَةُ، هَذَا يَنُوءُ إِلَى هَذَا وَهُوَ يَنُوءُ إِلَيْهِ أَيْ يَنْهَضُ.

(نَوَبَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى اعْتِيَادِ مَكَانٍ وَرُجُوعٍ إِلَيْهِ. وَنَابَ يَنُوبُ، وَانْتَابَ يَنْتَابُ. وَيُقَالُ إِنَّ النُّوَبَ: النَّحْلُ، قَالُوا: وَسُمِّيَتْ بِهِ لِرَعْيِهَا وَنَوْبِهَا إِلَى مَكَانِهَا. وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ جَمْعُ نَائِبٍ. وَقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
أَرِقْتُ لِذِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ نَوْبٍ ... كَمَا يَهْتَاجُ مَوْشِيٌّ قَشِيبُ.

(نَوَتَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ لَيْسَ عِنْدِي أَصْلًا. عَلَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: نَاتَ يَنُوتُ وَيَنِيتُ، إِذَا تَمَايَلَ مِنْ ضَعْفٍ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَلَعَلَّ النُّوتِيَّ وَهُوَ الْمَلَّاحُ، مِنْهُ.

(نَوَحَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى مُقَابَلَةِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ. مِنْهُ تَنَاوَحَ الْجَبَلَانِ، إِذَا تَقَابَلَا، وَتَنَاوَحَتِ الرِّيحَانِ: تَقَابَلَتَا فِي الْمَهَبِّ. وَهَذِهِ الرِّيحُ نَيِّحَةٌ لِتِلْكَ، أَيْ مُقَابِلَتُهَا. وَمِنْهُ النَّوْحُ وَالْمَنَاحَةُ، لِتَقَابُلِ النِّسَاءِ عِنْدَ الْبُكَاءِ.

(5/367)


(نَوَخَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنَخْتُ الْجَمَلَ. فَأَمَّا فِعْلُ الْمُطَاوَعَةِ مِنْهُ فَقَالُوا: أَنَخْتُهُ فَبَرَكَ، وَقَالَ آخَرُونَ: اسْتَنَاخَ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ ". وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَخْتُهُ فَتَنَوَّخَ.

(نَوَرَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِضَاءَةٍ وَاضْطِرَابٍ وَقِلَّةِ ثَبَاتٍ. مِنْهُ النُّورُ وَالنَّارُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِضَاءَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مُضْطَرِبًا سَرِيعَ الْحَرَكَةِ. وَتَنَوَّرْتُ النَّارَ: تَبَصَّرْتُهَا. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَنَوَّرْتُهَا مِنْ أَذْرِعَاتَ وَأَهْلُهَا ... بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِي
وَمِنْهُ النَّوْرُ: نَوْرُ الشَّجَرِ وَنُوَّارُهُ. وَأَنَارَتِ الشَّجَرَةُ: أَخْرَجَتِ النَّوْرَ. وَالْمَنَارَةُ: مَفْعَلَةٌ مِنَ الِاسْتِنَارَةِ، وَالْأَصْلُ مَنْوَرَةٌ. وَمِنْهُ مَنَارُ الْأَرْضِ: حُدُودُهَا وَأَعْلَامُهَا، سُمِّيَتْ لِبَيَانِهَا وَظُهُورِهَا. وَالَّذِي قُلْنَاهُ فِي قِلَّةِ الثَّبَاتِ امْرَأَةٌ نَوَارٌ، أَيْ عَفِيفَةٌ تَنُورُ، أَيْ تَنْفِرُ مِنَ الْقَبِيحِ، وَالْجَمْعُ نُورٌ. وَنَارَتْ: نَفَرَتْ نَوْرًا. قَالَ:
أَنَوْرًا سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ
وَنُرْتَ فُلَانًا: نَفَّرْتُهُ. وَالنَِّوَارُ: النِّفَارُ.

(5/368)


وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ النَّؤُورُ: دُخَانُ الْفَتِيلَةِ يَتَّخِذُهُ كُحْلًا وَوَشْمًا. وَنَوَّرْتُ اللِّثَةَ: غَرَزْتُهَا بِإِبْرَةٍ ثُمَّ جَعَلْتُ فِي الْغَرْزِ الْإِثْمِدَ.

(نَوَسَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالسِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ وَتَذَبْذُبٍ. وَنَاسَ الشَّيْءُ: تَذَبْذَبَ، يَنُوسُ. وَسُمِّيَ أَبُو نُوَاسٍ لِذُؤَابَتَيْنِ لَهُ كَانَتَا تَنُوسَانِ. وَيَقُولُونَ: نُسْتُ الْإِبِلَ: سُقْتُهَا.

(نَوَشَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَنَاوُلِ الشَّيْءِ. وَنُشْتُهُ نَوْشًا. وَتَنَاوَشْتُ: تَنَاوَلْتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 52] . وَرُبَّمَا عَدَّوْهُ بِغَيْرِ أَلْفٍ فَقَالُوا: نُشْتُهُ خَيْرًا، إِذَا أَنَلْتَهُ خَيْرًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ:
بَاتَتْ تَنُوشُ الْعَنَقَ انْتِيَاشًا.

(نَوَصَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالصَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَرَدُّدٍ وَمَجِيءٍ وَذَهَابٍ. وَنَاصَ عَنْ قَرْنِهِ يَنُوصُ نَوْصًا. وَالْمَنَاصُ الْمَصْدَرُ، وَالْمَلْجَأُ أَيْضًا. قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] . وَيَقُولُونَ: النَّوْصُ: الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ لَا يَزَالُ نَائِصًا: رَافِعًا رَأْسَهُ، يَتَرَدَّدُ كَالْجَامِحِ. وَنَاوَصَ الْجَرَّةَ: مَارَسَهَا. وَمَرَّ تَفْسِيرُهُ فِي بَابِ الْجِيمِ.

(5/369)


(نَوَضَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالضَّادُ فِيهِ كَلِمَاتٌ مُتَبَايِنَةٌ.
الْأُولَى النَّوْضُ: وُصْلَةٌ مَا بَيْنَ الْعَجُزِ وَالْمَتْنِ. وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُمْ: نَاضَ فِي الْبِلَادِ: ذَهَبَ. وَالثَّالِثَةُ الْأَنْوَاضُ: الْأَوْدِيَةُ، وَاحِدُهَا نَوْضٌ.

(نَوَطَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. وَنُطْتُهُ بِهِ: عَلَّقْتُهُ بِهِ. وَالنَّوْطُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا، وَالْجَمْعُ أَنْوَاطٌ. وَفِي الْمَثَلِ: " عَاطٍ بِغَيْرِ أَنْوَاطٍ " أَيْ إِنَّهُ يَعْطُو يَتَنَاوَلُ الشَّيْءَ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. وَالنِّيَاطُ: عِرْقٌ عُلِّقَ بِهِ الْقَلْبُ، وَالْجَمْعُ أَنْوِطَةٌ، وَهُوَ النَّائِطُ أَيْضًا. قَالَ:
قَطْعَ الطَّبِيبِ نَائِطَ الْمَصْفُورِ
وَنِيَاطُ الْمَفَازَةِ: بُعْدُهَا، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مِنْ بُعْدِهِ نِيطَ أَبَدًا بِغَيْرِهِ. وَالْأَرْنَبُ مُقَطِّعَةُ النِّيَاطِ، لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الْبَعِيدَ. وَالتُّنَوِّطُ: طَائِرٌ ; وَهُوَ قِيَاسُهُ لِأَنَّهُ يَنُوطُ كَالْخُيُوطِ مِنَ الشَّجَرَةِ يَجْعَلَهَا وَكْرًا. وَنِيطَ فُلَانٌ: أَصَابَتْهُ نَوْطَةٌ، وَهِيَ وَرَمٌ فِي الصَّدْرِ. وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ نِيَاطِ الْقَلْبِ، كَأَنَّ الْوَجَعَ أَصَابَ نِيَاطَهُ. وَيَقُولُونَ: نَوْطَةٌ مِنْ طَلْحٍ، كَمَا يُقَالُ عِيصٌ مِنْ سِدْرٍ. وَسُمِّيَتْ لِتَعَلُّقِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. وَبِئْرٌ نَيِّطٌ، إِذَا كَانَتْ قَدْرَ قَامَةٍ.

(نَوَّعَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْعَيْنُ كَلِمَتَانِ، إِحْدَاهُمَا تَدُلُّ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الشَّيْءِ مُمَاثِلَةٍ لَهُ، وَالثَّانِيَةُ ضَرْبٌ مِنَ الْحَرَكَةِ.

(5/370)


الْأَوَّلُ النَّوْعُ مِنَ الشَّيْءِ: الضَّرْبُ مِنْهُ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَوْعِ ذَاكَ.
وَالثَّانِي: قَوْلُهُمْ: نَاعَ الْغُصْنُ يَنُوعُ، إِذَا تَمَايَلَ، فَهُوَ نَائِعٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِذَلِكَ يُقَالُ جَائِعٌ نَائِعٌ، أَيْ: مُضْطَرِبٌ مِنْ شِدَّةِ جُوعِهِ مُتَمَايِلٌ. وَيَدْعُونَ عَلَى الْإِنْسَانِ فَيَقُولُونَ: جُوعًا لَهُ وَنُوعًا لَهُ.

(نَوَفَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عُلُوٍّ وَارْتِفَاعٍ. وَنَافَ يَنُوفُ: طَالَ وَارْتَفَعَ. وَالنَّوْفُ: السَّنَامُ، وَجَمْعُهُ أَنْوَافٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُمْ: مِائَةٌ وَنَيِّفٌ مِنْ هَذَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي نَيَفَ لِلَفْظِهِ.

(نَوَقَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُمُوٍّ وَارْتِفَاعٍ. وَأَرْفَعُ مَوْضِعٍ فِي الْجَبَلِ نِيقٌ، وَالْأَصْلُ الْوَاوُ، وَحُوِّلَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ النَّاقَةُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ، لِارْتِفَاعِ خَلْقِهَا. وَنَاقَةٌ وَنُوقٌ. وَ " اسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ " تَشْبِيهٌ بِهَا، وَيُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ ذَلَّ بَعْدَ عِزٍّ. وَالنَّاقَةُ: كَوَاكِبُ عَلَى هَيْئَةِ النَّاقَةِ. وَقَوْلُهُمْ: تَنَوَّقَ فِي الْأَمْرِ، إِذَا بَالَغَ فِيهِ، فَعِنْدَنَا أَنَّهُ مِنْهُ، وَهُمْ يُشَبِّهُونَ الشَّيْءَ بِمَا يَسْتَحْسِنُونَهُ، وَكَأَنَّ تَنَوَّقَ مَقِيسٌ عَلَى اسْمِ النَّاقَةِ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَحْسَنِ أَمْوَالِهُمْ. وَمَنْ قَالَ تَنَوَّقَ خَطَأٌ فَقَدْ غَلِطَ، وَقِيَاسُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالنِّيقَةُ

(5/371)


لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ تَنَوُّقٍ. يَقُولُونَ مَثَلًا: " خَرْقَاءُ ذَاتُ نِيقَةٍ "، يُضْرَبُ لِلْجَاهِلِ بِالشَّيْءِ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ بِهِ.

(نَوَكَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْكَافُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النَّوَاكَةُ وَالنُّوكُ وَهِيَ الْحُمْقُ. وَرَجُلٌ أَنْوَكُ وَمُسْتَنْوِكٌ، وَهُمْ نَوْكَى.

(نَوَلَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِعْطَاءٍ. وَنَوَّلْتُهُ: أَعْطَيْتُهُ. وَالنَّوَالُ: الْعَطَاءُ. وَنُلْتُهُ نَوْلًا مِثْلُ أَنَلْتُهُ. وَقَوْلُكَ: مَا نَوْلُكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا ; فَمِنْهُ أَيْضًا، أَيْ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا تُعْطِينَاهُ مِنْ نُوَالِكَ هَذَا. وَقَوْلُ لَبِيَدٍ:
وَقَفْتُ بِهِنَّ حَتَّى قَالَ صَحْبِي ... جَزِعْتَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالنَّوَالِ
قَالُوا: النَّوَالُ: الصَّوَابُ، وَتَلْخِيصُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِالْعَطَاءِ الَّذِي [إِنْ] أَعْطَيْتَنَاهُ كُنْتَ فِيهِ مُصِيبًا. وَكَذَا قَوْلُهُ:
فَدَعِي الْمَلَامَةَ وَيْبَ غَيْرِكِ إِنَّهُ ... لَيْسَ النَّوَالُ بِلَوْمِ كُلِّ كَرِيمِ
وَالْقِيَاسُ فِي كُلِّهِ وَاحِدٌ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْمِنْوَالُ: الْخَشَبَةُ يَلُفُّ عَلَيْهَا النَّاسِجُ الثَّوْبَ.

(نَوَمَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى جُمُودٍ وَسُكُونِ حَرَكَةٍ. مِنْهُ النَّوْمُ. نَامَ يَنَامُ نَوْمًا وَمَنَامًا. وَهُوَ نَؤُومٌ وَنُوَمَةٌ: كَثِيرُ النَّوْمِ

(5/372)


وَرَجُلٌ نَوْمَةٌ: خَامِلٌ لَا يُؤْبَهُ لَهُ. وَمِنْهُ اسْتَنَامَ لِي فُلَانٌ، إِذَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ وَسَكَنَ. وَالْمَنَامَةُ: الْقَطِيفَةُ، لِأَنَّهُ يُنَامُ فِيهَا.
وَيَسْتَعِيرُونَ مِنْهُ: نَامَتِ السُّوقُ: كَسَدَتْ. وَنَامَ الثَّوْبُ: أَخْلَقَ.

(نَوَّنَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. وَالنُّونُ: الْحُوتُ. وَ [ذُو] النُّونِ: سَيْفٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، كَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالنُّونِ.

(نَوَّهَ) النُّونُ وَالْوَاوُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُمُوٍّ وَارْتِفَاعٍ. وَنَاهَ النَّبَاتُ: ارْتَفَعَ. وَنَاهَتِ النَّاقَةُ: رَفَعَتْ رَأْسَهَا وَصَاحَتْ. وَمِنْهُ نُهْتُ بِالشَّيْءِ وَنَوَّهْتُ: رَفَعْتُ ذِكْرَهُ. وَيَقُولُونَ: نَاهَتْ نَفْسُهُ: قَوِيَتْ.

[بَابُ النُّونِ وَالْيَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نِيحَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى خَيْرٍ وَخَيْرِ حَالٍ. وَنَيَّحَهُ اللَّهُ بِخَيْرٍ: أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: النَّيْحُ: اشْتِدَادُ الْعَظْمِ بَعْدَ رُطُوبَتِهِ. وَنَاحَ يَنِيحُ نَيْحًا. وَنَيَّحَ اللَّهُ عِظَامَهُ، تَدْعُو لَهُ. وَذُكِرَتْ كَلِمَةٌ أُخْرَى إِنْ صَحَّتْ

(5/373)


فَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ، قَالُوا: نَاحَ الْغُصْنُ يَنِيحُ نَيْحًا: تَمَايَلَ. حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ.

(نَيَّرَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى وُضُوحِ شَيْءٍ وَبُرُوزِهِ. يُقَالُ لِأُخْدُودِ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ مِنْهُ نِيرٌ. قَالَ:
إِلَى كُلِّ ذِي نِيرَيْنِ بَادِي الشَّوَاكِلِ
ثُمَّ قِيسَ عَلَى هَذَا نِيرُ الثَّوْبِ: عَلَمُهُ، سُمِّيَ بِهِ لِبُرُوزِهِ وَوُضُوحِهِ. وَمِنْ هَذَا الْقِيَاسِ النِّيرُ: الْخَشَبَةُ عَلَى عُنُقِ الْفَدَّانِ بِأَدَاتِهَا، وَالْجَمْعُ نِيرَانٌ وَأَنْيَارٌ. وَرَجُلُ ذُو نِيرَيْنِ، أَيْ شِدَّتُهُ ضِعْفُ شِدَّةِ غَيْرِهِ. وَالنِّيرُ: جَبَلٌ.
وَمَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ هَذَا كُلِّهِ الْوَاوَ فَيَرْجِعَ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ النُّورِ وَالنَّارِ.

(نِيطَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالطَّاءُ. يَقُولُونَ النَّيْطُ: الْمَوْتُ. قَالَ الْأُمَوِيُّ: رَمَاهُ اللَّهُ بِالنَّيْطِ.

(نَيَفَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالْفَاءُ. قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ النُّونِ وَالْوَاوِ وَالْفَاءِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الِارْتِفَاعِ وَالزِّيَادَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَابُ رَاجِعًا إِلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ. يَقُولُونَ: مِائَةٌ وَنَيِّفٌ. وَأَنَافَتِ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْمِائَةِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: كُلُّ مَا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ نَيِّفٌ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَذَا قَوْلُ الْقَائِلِ:

(5/374)


وَرَدْتُ بِرَابِيَةٍ، رَأْسُهَا ... عَلَى كُلِّ رَابِيَةٍ نَيِّفُ
وَنَاقَةٌ نِيَافٌ وَجَمَلٌ نِيَافٌ: طَوِيلٌ فِي ارْتِفَاعٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَيَّفَ عَلَى السَّبْعِينَ، زَادَ عَلَيْهَا.

(نَيَمَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالْمِيمُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ لَيْسَتْ قِيَاسًا وَاحِدًا.
فَالْأُولَى النِّيمُ، وَهُوَ الْفَرْوُ. وَالثَّانِيَةُ النِّيمُ، وَهُوَ شَجَرٌ. قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ:
ثُمَّ يَنُوشُ إِذَا آدَ النَّهَارُ لَهُ ... بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِنْ نِيمٍ وَمِنْ كَتَمِ
وَالْكَتَمُ: شَجَرٌ أَيْضًا. وَالثَّالِثَةُ النِّيمُ: الدَّرَجُ فِي الرَّمْلِ إِذَا جَرَتْ فِيهِ الرِّيحُ. قَالَ:
حَتَّى انْجَلَى اللَّيْلُ عَنَّا فِي مُلَمَّعَةٍ ... مِثْلِ الْأَدِيمِ لَهَا فِي هَبْوَةٍ نِيمُ.

(نَيَأَ) النُّونُ وَالْيَاءُ وَالْهَمْزَةُ كَلِمَةٌ هِيَ النِّيُّ مِنَ اللَّحْمِ: الَّذِي لَمْ يَنْضَجْ وَقَدْ أَنَأْتُهُ أَنَا. وَالْأَصْلُ أَنْيَأْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(5/375)


[بَابُ النُّونِ وَالْهَمْزَةِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَأَتَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ. يُقَالُ: نَأَتَ الرَّجُلُ نَئِيتًا، مِثْلُ نَهَتَ، إِذَا أَنَّ. وَرَجُلٌ نَآتٌ مِثْلُ نَهَّاتٍ.

(نَأَجَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ. وَنَأَجَ إِلَى اللَّهِ: تَضَرَّعَ فِي الدُّعَاءِ. وَنَائِجَاتُ الْهَامِ: صَوَائِحُهَا. وَالنَّؤُوجُ وَالنَّآجَةُ: الرِّيحُ تَنْئِجُ فِي هُبُوبِهَا، أَيْ تُصَوِّتُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَصَوَّحَ الْبَقْلَ نَآجٌ تَجِيءُ [بِهِ] ... هَيْفٌ يَمَانِيَةٌ فِي مَرِّهَا نَكْبُ
وَنَأَجَ الثَّوْرُ: صَاحَ. وَفِي الْحَدِيثِ: " ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِأَنْأَجِ مَا تَقْدِرُ "، أَيْ بِأَضْرَعِ مَا يُمَكِنُ مِنَ الدُّعَاءِ.

(نَأَدَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: النَّآدُ وَالنَّآدَى: الدَّاهِيَةُ. قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَإِيَّاكُمْ وَدَاهِيَةً نَآدَى ... أَظَلَّتْكُمْ بِعَارِضِهَا الْمُخِيلِ.

(نَأَشَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالشِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَخْذٍ وَبَطْشٍ. وَرَجُلٌ نَؤُوشٌ: ذُو بَطْشٍ.

(5/376)


وَقَدْ ذُكِرَتْ كَلِمَةٌ إِنْ صَحَّتْ فَلَيْسَتْ مِنْ قِيَاسِ الْأُولَى، يَقُولُونَ لِمَنْ جَاءَ فِي أَوَاخِرِ النَّاسِ: جَاءَ نَئِيشًا. قَالَ:
تَمَنَّى نَئِيشًا أَنْ يَكُونَ أَطَاعَنِي ... وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْأُمُورِ أُمُورُ
وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ: " تَمَنَّى أَخِيرًا ".

(نَأَفَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالْفَاءُ. يَقُولُونَ: نَئِفَ يَنْأَفُ، إِذَا أَكَلَ.

(نَأَلَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَاللَّامُ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا النَّأَلَانُ: الْمَشْيُ السَّرِيعُ. يَنْهَضُ الْمَاشِي بِرَأْسِهِ إِلَى فَوْقٍ. وَرَجُلٌ نَؤُولٌ، وَضَبُعٌ نَؤُولٌ، إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ.

(نَأَمَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ. النَّئِيمُ: [صَوْتٌ] فِيهِ ضَعْفٌ كَالْأَنِينِ. وَنَأَمَ الْأَسَدُ يَنْئِمُ. وَسَمِعْتُ لَهُ نَأْمَةً وَاحِدَةً. وَنَأَمَتِ الْقَوْسُ نَئِيمًا.

(نَأَيَ) النُّونُ وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ كَلِمَتَانِ: النُّؤْيُ وَالنَّأْيُ. فَالنُّؤْيُ: حَفِيرَةٌ حَوْلَ الْخِبَاءِ، يَدْفَعُ مَاءَ الْمَطَرِ عَنِ الْخِبَاءِ. يُقَالُ أَنْأَيْتُ نُؤْيًا. وَالْمُنْتَأَى: مَوْضِعُهُ. وَأَنْشَدَ الْخَلِيلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ:

(5/377)


إِذَا مَا الْتَقَيْنَا سَالَ مِنْ عَبَرَاتِنَا ... شَآبِيبُ يُنْأَى سَيْلُهَا بِالْأَصَابِعِ
وَأَمَّا النَّأْيُ فَالْبُعْدُ، يُقَالُ نَأَى يَنْأَى نَأْيًا ; وَانْتَأَى: افْتَعَلَ مِنْهُ. وَالْمُنْتَأَى: الْمَوْضِعُ الْبَعِيدُ. قَالَ:
فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي ... وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ
وَرُبَّمَا أَخَّرُوا الْهَمْزَةَ فَقَالُوا نَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ نَأَى. قَالَ:
مَنْ إِنْ رَآكَ غَنِيًّا لَانَ جَانِبُهُ ... وَإِنْ رَآكَ فَقِيرًا نَاءَ وَاغْتَرَبَا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ النُّونِ وَالْبَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَبَتَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى نَمَاءٍ فِي مَزْرُوعٍ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. فَالنَّبْتُ مَعْرُوفٌ، يُقَالُ نَبَتَ. وَأَنْبَتَتِ الْأَرْضُ. وَنَبَّتُّ الشَّجَرَ: غَرَسْتُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ [فِي] بَنِي فُلَانٍ لَنَابِتَةَ شَرٍّ. وَنَبَتَتْ لِبَنِي فُلَانٍ نَابِتَةٌ، إِذَا نَشَأَ لَهُمْ نَشْءٌ صِغَارٌ مِنَ الْوَلَدِ. وَالنَّبِيتُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. وَمَا أَحْسَنَ نِبْتَةَ هَذَا الشَّجَرِ. وَهُوَ فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ، أَيْ أَصْلٍ كَرِيمٍ.

(5/378)


(نَبَثَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِبْرَازِ شَيْءٍ. وَنَبَثَ التُّرَابَ: أَخْرَجَهُ مِنَ الْبِئْرِ وَالنَّهْرِ، وَذَلِكَ الْمُسْتَخْرَجِ نَبِيثَةٌ، وَالْجَمْعُ نَبَائِثُ. وَالنَّابِثُ: الْحَافِرُ. وَقَوْلُهُمْ: خَبِيثٌ نَبِيثٌ، إِنَّمَا هُوَ إِتْبَاعٌ.

(نَبَجَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْجِيمُ. يَقُولُونَ: النَّبَّاجُ: الرَّفِيعُ [الصَّوْتِ] ، وَهِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ.

(نَبَحَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ نُبَاحُ الْكَلْبِ وَنَبِيحُهُ. وَرُبَّمَا [قَالُوا] لِلظَّبْيِ نَبَحَ. قَالَ أَبُو دُوَادَ:
وَقُصْرَى شَنِجِ الْأَنْسَا ... ءِ نَبَّاحٍ مِنَ الشُّعْبِ
وَفِي الْحَدِيثِ: " اقْعُدْ مَنْبُوحًا "، أَيْ مَشْتُومًا.

(نَبَخَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْخَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى عِظَمٍ وَتَعَظُّمٍ. وَأَصْلُ النَّبْخِ مَا نَفِخَ مِنَ الْيَدِ فَخَرَجَ شِبْهَ قَرْحٍ مُمْتَلِئٍ مَاءً. وَيُقَالُ لِلْمُتَعَظِّمِ فِي نَفْسِهِ: نَابِخَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
يَخْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْلَاكِ نَابِخَةً ... مِنَ النَّوَابِخِ مِثْلَ الْحَادِرِ الرُّزَمِ

(5/379)


وَالنَّبْخَاءُ: الْأَكَمَةُ، سُمِّيَتْ لِارْتِفَاعِهَا.

(نَبَذَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالذَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طَرْحٍ وَإِلْقَاءٍ. وَنَبَذْتُ الشَّيْءَ أَنْبِذُهُ نَبْذًا: أَلْقَيْتُهُ مِنْ يَدِي. وَالنَّبِيذُ: التَّمْرُ يُلْقَى فِي الْآنِيَةِ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. يُقَالُ: نَبَذْتُ أَنْبِذُ. وَالصَّبِيُّ الْمَنْبُوذُ: الَّذِي تُلْقِيهِ أُمُّهُ. وَيُقَالُ: بِأَرْضِ كَذَا نَبْذٌ مِنْ مَالٍ، أَيْ شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَفِي رَأْسِهِ نَبْذٌ مِنَ الشَّيْبِ، أَيْ يَسِيرٌ، كَأَنَّهُ الَّذِي يُنْبَذُ لِقِلَّتِهِ وَصِغَرِهِ. وَكَذَلِكَ النَّبْذُ مِنَ الْمَطَرِ.

(نَبَرَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى رَفْعٍ وَعُلُوٍّ. وَنَبَرَ الْغُلَامُ: صَاحَ أَوَّلَ مَا يَتَرَعْرَعُ. وَرَجُلٌ نَبَّارٌ: فَصِيحٌ جَهِيرٌ. وَسُمِّيَ الْمِنْبَرُ لِأَنَّهُ مُرْتَفِعٌ وَيُرْفَعُ الصَّوْتُ عَلَيْهِ. وَالنَّبْرُ فِي الْكَلَامِ: الْهَمْزُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَكُلُّ مَنْ رَفَعَ شَيْئًا فَقَدْ نَبَرَهُ. وَمِمَّا يُقَاسُ عَلَى هَذَا النِّبْرِ: دُوَيْبَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَنْبَارٌ، لِأَنَّهُ إِذَا دَبَّ عَلَى الْإِبِلِ تَوَرَّمَتْ جُلُودُهَا وَارْتَفَعَتْ. قَالَ:
كَأَنَّهَا مِنْ سِمَنٍ وَاسْتِيقَارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِبَاتُ الْأَنْبَارْ.

(نَبَسَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ: مَا نَبَسَ بِكَلِمَةٍ، أَيْ مَا تَكَلَّمَ. وَمَا سَمِعْتُ لَهُمْ نَبْسًا وَلَا نَبْسَةً.

(نَبَشَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ وَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِبْرَازِ شَيْءٍ مَسْتُورٍ. وَنَبَشَ الْقَبْرَ، وَهُوَ نَبَّاشٌ يَنْبُشُهُ. وَمِنْ قِيَاسِهِ أَنَابِيشُ الْكَلَأِ:

(5/380)


الْقِطَاعُ الْمُتَفَرِّقَةُ تَبْرُزُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

(نَبَصَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالصَّادُ. يَقُولُونَ: نَبَصَ الْغُلَامُ بِالْكَلْبِ. وَنَبَصَ الطَّائِرُ: صَوَّتَ.

(نَبَضَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالضَّادُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ أَوْ تَحْرِيكٍ. وَنَبَضَ الْعِرْقُ يَنْبِضُ، وَتِلْكَ حَرَكَتُهُ. وَمَا بِهِ حَبَضٌ وَلَا نَبَضٌ. وَأَنْبَضْتُ عَنِ الْقَوْسِ إِنْبَاضًا مِنْ هَذَا. وَنَبَضْتُ أَيْضًا. وَيَقُولُونَ: فُؤَادٌ نَبِضٌ، كَأَنَّهُ مِنْ شَهَامَتِهِ يَنْبِضُ، أَيْ يَتَحَرَّكُ، قَالَ:
وَإِذَا أَطَفْتَ بِهَا أَطَفْتَ بِكَلْكَلٍ ... نَبِضِ الْفَرَائِصِ مُجْفَرِ الْأَضْلَاعِ.

(نَبَطَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالطَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ شَيْءٍ. وَاسْتَنْبَطْتُ الْمَاءَ: اسْتَخْرَجْتُهُ، وَالْمَاءُ نَفْسُهُ إِذَا اسْتُخْرِجَ نَبَطَ. وَيُقَالُ: إِنَّ النَّبَطَ سُمُّوا بِهِ لِاسْتِنْبَاطِهِمُ الْمِيَاهَ. وَمِنَ الْمَحْمُولِ عَلَى هَذَا النُّبْطَةُ: بَيَاضٌ يَكُونُ تَحْتَ إِبِطِ الْفَرَسِ. وَفَرَسٌ أَنْبَطُ، كَأَنَّ ذَلِكَ الْبَيَاضَ مُشَبَّهٌ بِمَاءٍ نَبَطَ.

(نَبَعَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا نُبُوعُ الْمَاءِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْهُ يَنْبُوعٌ. وَالنَّوَابِعُ مِنَ الْبَعِيرِ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا عَرَقُهُ. وَمَنَابِعُ الْمَاءِ: مَخَارِجُهُ مِنَ الْأَرْضِ.
وَالْأُخْرَى النَّبْعُ: شَجَرٌ.

(5/381)


(نَبَغَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُرُوزٍ وَظُهُورٍ. وَنَبَغَ الشَّيْءُ ظَهَرَ. وَالنَّبْغُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ الدَّقِيقِ إِذَا طُحِنَ أَوْ نُخِلَ. وَنَبَغَ الرَّجُلُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي إِرْثِ الشِّعْرِ ثُمَّ قَالَ وَأَجَادَ. وَكَذَلِكَ سُمِّيَ النَّابِغَةُ الشَّاعِرُ. قَالَ:
وَحَلَّتْ فِي بَنِي قَيْسِ بْنِ جَسْرٍ ... وَقَدْ نَبَغَتْ لَنَا مِنْهُمْ شُئُونُ.

(نَبَقَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَسْوِيَةٍ وَتَهْذِيبٍ. وَالنَّخْلُ إِذَا كَانَ غِرَاسُهُ عَلَى اسْتِوَاءٍ مُنَبَّقٍ. وَقَدْ نَبَّقَهُ صَاحِبُهُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَوٍ مُهَذَّبٍ. قَالَ:
وَحَدِّثْ بِأَنْ زَالَتْ بِلَيْلٍ حُمُولُهُمْ ... كَنَخْلٍ مِنَ الْأَعْرَاضِ غَيْرِ مُنَبَّقِ
وَلَعَلَّ النَّبْقَ، وَهُوَ حَمْلُ السِّدْرِ مِنْ هَذَا. وَيُقَالُ - وَهُوَ شَاذٌّ عَنْ هَذَا:
أَنْبَقَ الرَّجُلُ، إِذَا حَصَمَ بِهَا غَيْرَ شَدِيدَةٍ.

(نَبَكَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْكَافُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ وَهُبُوطٍ فِي الْأَرْضِ. يُقَالُ نَبَكَةٌ، وَالْجَمْعُ نِبَاكٌ.

(5/382)


(نَبَلَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى فَضْلٍ وَكِبَرٍ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ مِنْهُ الْحِذْقُ فِي الْعَمَلِ، فَيُقَالُ لِلْفَضْلِ فِي الْإِنْسَانِ نُبْلٌ. وَالنَّبَلُ: عِظَامُ الْمَدَرِ وَالْحِجَارَةِ. وَيُقَالُ: نَبَلٌ وَنُبَلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَعِدُّوا النَّبَلَ ".» وَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّبَلَ هَاهُنَا الصِّغَارُ، وَإِنَّهَا مِنَ الْأَضْدَادِ، وَنَبِّلْنِي أَحْجَارًا لِلِاسْتِنْجَاءِ: أَعْطِنِيهَا. وَنَبِّلْنِي عَرْقًا: أَعْطِنِيهِ. وَحُجَّةُ أَنَّهَا الصِّغَارُ قَوْلُ الْقَائِلِ:
أَفَرْحُ أَنْ أُرْزَأَ الْكِرَامَ وَأَنْ ... أُورَثَ ذَوْدًا شَصَائِصًا نَبَلَا
وَإِذَا كَانَتْ مِنَ الْأَضْدَادِ كَانَ الْوَجْهُ الْأَقَلُّ خَارِجًا عَنِ الْقِيَاسِ. وَالْمَعْنَى فِي الْحِذْقِ قَوْلُهُمْ إِنَّ النَّابِلَ: الْحَاذِقُ بِالْأَمْرِ، وَالْفِعْلُ النَّبَالَةِ. وَفُلَانٌ أَنْبَلُ النَّاسِ بِالْإِبِلِ، أَيْ أَعْلَمُهُمْ بِمَا يُصْلِحُهَا. قَالَ:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بِالْحِبَالِ مُوَثَِّقًا ... شَدِيدَُ الْوَصَاةِ نَابِلٌ وَابْنُ نَابِلِ
وَفِي الْبَابِ قِيَاسٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى رَمْيِ الشَّيْءِ وَنَبْذِهِ وَخِفَّةِ أَمْرِهِ. مِنْهُ النَّبْلُ: السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ. وَالنَّابِلُ: صَاحِبُ النَّبْلِ، وَالنَّبَّالُ: الَّذِي يَعْمَلُهُ. وَنَبَلْتُهُ: رَمَيْتُهُ بِالنَّبْلِ. وَمِنْ هَذَا الْقِيَاسِ: تَنَبَّلَ الْبَعِيرُ: مَاتَ: وَالنَّبِيلَةُ: الْجِيفَةُ، وَسُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تُرْمَى.
وَمِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي يُقَارِبُ هَذَا: نَبَلَ الْإِبِلَ يَنْبُلُهَا: سَاقَهَا سَوْقًا شَدِيدًا. قَالَ:

(5/383)


لَا تَأْوِيَا لِلْعِيسِ وَانْبُلَاهَا.

(نَبُهَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْهَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ وَسُمُوٍّ. وَمِنْهُ النُّبْهُ وَالِانْتِبَاهُ، وَهُوَ الْيَقَظَةُ وَالِارْتِفَاعُ مِنَ النَّوْمِ. وَنَبَّهْتُهُ وَأَنْبَهْتُهُ. وَمِنْهُ رَجُلٌ نَبِيهٌ، أَيْ شَرِيفٌ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ النَّبَهَ مِنَ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ لِلضَّائِعِ نَبَهٌ وَلِلْمَوْجُودِ نَبَهٌ، فَهُوَ عِنْدَنَا صَحِيحٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا ضَاعَ انْتُبِهَ لَهُ وَإِذَا وُجِدَ انْتُبِهَ لَهُ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: النَّبَهُ: الضَّالَّةُ تُوجَدُ عَنْ غَفْلَةٍ. تَقُولُ: وَجَدْتُ هَذَا الشَّيْءَ نَبَهًا وَأَضْلَلْتُهُ نَبَهًا، إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَتَى ضَلَّ. وَالْقِيَاسُ فِي الْبَابِ مَا ذَكَرْنَاهُ. قَالَ:
كَأَنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّةٍ نَبَهٌ ... فِي مَلْعَبٍ مِنْ عَذَارَى الْحَيِّ مَفْصُومُ.

(نَبَوَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ فِي الشَّيْءِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ تَنَحٍّ عَنْهُ. [نَبَا بَصَرُهُ عَنِ الشَّيْءِ] يَنْبُو. وَنَبَا السَّيْفُ عَنِ الضَّرِيبَةِ: تَجَافَى وَلَمْ يَمْضِ فِيهَا. وَنَبَا بِهِ مَنْزِلُهُ: لَمْ يُوَافِقْهُ، وَكَذَا فِرَاشُهُ. وَيُقَالُ نَبَا جَنْبُهُ عَنِ الْفِرَاشِ. قَالَ:
إِنَّ جَنْبِي عَنِ الْفِرَاشِ لِنَابٍ ... كَتَجَافِي الْأَسَرِّ فَوْقَ الظِّرَابِ

(5/384)


وَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اسْمُهُ مِنَ النَّبْوَةِ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، كَأَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ بِرَفْعِ مَنْزِلَتِهِ. وَيَقُولُونَ: النَّبِيُّ: الطَّرِيقُ. قَالَ:
لَأَصْبَحَ رَتْمًا دُقَاقَ الْحَصَى ... مَكَانَ النَّبِيِّ مِنَ الْكَاثِبِ.

(نَبَأَ) النُّونُ وَالْبَاءُ وَالْهَمْزَةُ قِيَاسُهُ الْإِتْيَانُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. يُقَالُ لِلَّذِي يَنْبَأُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ نَابِئٌ. وَسَيْلٌ نَابِئٌ: أَتَى مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَرَجُلٌ نَابِئٌ مِثْلُهُ. قَالَ:
وَلَكِنْ قَذَاهَا كُلُّ أَشْعَثَ نَابِئٍ ... أَتَتْنَا بِهِ الْأَقْدَارُ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي
وَمِنْ هَذَا الْقِيَاسِ النَّبَأُ: الْخَبَرُ، لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَالْمُنْبِئُ: الْمُخْبِرُ. وَأَنْبَأْتُهُ وَنَبَّأْتُهُ. وَرَمَى الرَّامِي فَأَنْبَأَ، إِذَا لَمْ يَشْرِمْ، كَأَنَّ سَهْمَهَ عَدَلَ عَنِ الْخَدْشِ وَسَقَطَ مَكَانًا آخَرَ. وَالنَّبْأَةُ: الصَّوْتُ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ الصَّوْتَ يَجِيءُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ تَوَحَّسَ رِكْزًا مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ مَا فِي سَمْعِهِ كَذِبُ
وَمَنْ هَمَزَ النَّبِيَّ فَلِأَنَّهُ أَنْبَأَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(5/385)


[بَابُ النُّونِ وَالتَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَتَجَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النِّتَاجُ. وَنُتِجَتِ النَّاقَةُ ; وَنَتَجَهَا أَهْلُهَا. وَفَرَسٌ نَتُوجٌ: اسْتَبَانَ نِتَاجُهَا.

(نَتَحَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْحَاءُ. نَتَحَ الْعَرَقُ: رَشَحَ. وَمَنَاتِحُ الْعَرَقِ: مَخَارِجُهُ. وَنَتَحَ النِّحْيُ: رَشَحَ أَيْضًا.

(نَتَخَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ. وَنَتَخَ الشَّوْكَةَ مِنَ الرِّجْلِ بِالْمِنْتَاخِ، أَيْ الْمِنْقَاشِ. وَنَتَخَ الْبَازِي اللَّحْمَ بِمِنْسَرِهِ، وَنَتَخَ ضِرْسَهُ: انْتَزَعَهُ. قَالَ زُهَيْرٌ:
تَتْرُكُ أَفْلَاءَهَا فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ ... تَنْتَخُ أَعْيُنَهَا الْعِقْبَانُ وَالرَّخَمُ
وَيَقُولُونَ: الْمُتَنَتِّخُ: الْمُتَفَلِّي. وَالْبِسَاطُ الْمَنْتُوخُ بِالذَّهَبِ: الْمَنْسُوجُ بِهِ. وَالنَّتْخُ: النَّسْجُ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ.

(نَتَرَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَذْبِ شَيْءٍ. وَالنَّتْرُ: جَذْبٌ فِيهِ جَفْوَةٌ. وَالطَّعْنُ النَّتْرُ، مِثْلُ الْخَلْسِ. وَالنَّوَاتِرِ: الْقِسِيُّ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ النَّتَرَ: الْفَسَادُ وَالضَّيَاعُ، وَإِنْشَادُهُمْ:

(5/386)


أَمْرَكَ هَذَا فَاحْتَفِظْ فِيهِ النَّتَرْ
فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ، كَأَنَّهُ أَمْرٌ جُذِبَ عَنِ الصِّحَّةِ.

(نَتَغَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْغَيْنُ لَيْسَ بِشَيْءٍ غَيْرِ حِكَايَةٍ. يَقُولُونَ: أَنْتَغَ الرَّجُلُ، إِذَا ضَحِكَ ضَحِكَ الْمُسْتَهْزِئِ. وَيُقَالُ: نَتَغْتُهُ، إِذَا عِبْتَهُ وَذَكَرْتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَجُلٌ مِنْتَغٌ فَعَّالٌ لِذَلِكَ.

(نَتَفَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَرْطِ شَيْءٍ. وَنَتَفَ الشَّعَْرَ وَغَيْرَهُ يَنْتِفُهُ. وَالْمِنْتَافُ: الْمِنْقَاشُ. وَالنُّتَافَةُ: مَا سَقَطَ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا نُتِفَ. وَالنُّتْفَةُ: مَا نَتَفْتَهُ بِأَصَابِعِكَ مِنْ نَبْتٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَرَجُلٌ نُتَفَةٌ: يَنْتِفُ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَقْصِيهِ.

(نَتَقَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى جَذْبِ شَيْءٍ وَزَعْزَعَتِهِ وَقَلْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: نَتَقْتُ الْغَرْبَ مِنَ الْبِئْرِ: جَذَبْتُهُ. وَالْبَعِيرُ إِذَا تَزَعْزَعَ حِمْلُهُ نَتَقَ عُرَى حِبَالِهِ، وَذَلِكَ جَذْبُهُ إِيَّاهَا فَتَسْتَرْخِي. وَامْرَأَةٌ نَاتِقٌ: كَثُرَ أَوْلَادُهَا. وَهَذَا قِيَاسُ الْبَابِ، كَأَنَّهُمْ نُتِقُوا مِنْهَا نَتْقًا. قَالَ:
لَمْ يُحْرَمُوا حُسْنَ الْغِذَاءِ وَأُمُّهُمْ ... دَحَقَتْ عَلَيْكَ بِنَاتِقٍ مِذْكَارِ

(5/387)


وَفِي الْحَدِيثِ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَنْتَقُ أَرْحَامًا ".» وَزَنْدٌ نَاتِقٌ: وَارٍ ; وَهُوَ الْقِيَاسُ.

( [نَتَكَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْكَافُ. النَّتْكُ] ، هِيَ مِنْ يَمَانِيَّاتِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: وَهِيَ شَبِيهٌ بِالنَّتْفِ.

(نَتَلَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمٍ وَسَبْقٍ. يُقَالُ اسْتَنْتَلَ الرَّجُلُ: تَقَدَّمَ أَصْحَابَهُ. وَسُمِّيَ الرَّجُلُ بِهِ نَاتِلًا. وَنَتَلْتُهُ: جَذَبْتُهُ إِلَى قُدُمٍ. وَتَنَاتَلَ النَّبْتُ: لَمْ يَسْتَقِمْ نَبَاتُهُ وَكَانَ بَعْضُهُ أَطْوَلَ مِنْ بَعْضٍ، كَأَنَّ الْأَطْوَلَ تَقَدَّمَ مَا هُوَ أَقْصَرُ مِنْهُ فَسَبَقَ. وَقَوْلُهُمْ: النَّتَلُ الْعَبْدُ الضَّخْمُ، تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ يَقْوَى مِنَ التَّقَدُّمِ [عَلَى] مَا يَعْجِزُ عَنْهُ غَيْرُهُ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الرَّاجِزِ:
يَطُفْنَ حَوْلَ نَتَلٍ وَزْوَازِ
فَوَصَفَهُ بِوَزْوَازٍ، وَهُوَ الْخَفِيفُ.

(نَتَأَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ شَيْءٍ عَنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ. يَقُولُونَ: نَتَأَ الشَّيْءُ، إِذَا خَرَجَ عَنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِينَ، يَنْتَأُ. وَنَتَأَتِ الْجِلْدَةُ. وَيَتَوَسَّعُونَ فِي هَذَا حَتَّى يَقُولُوا: نَتَأْتُ عَلَى

(5/388)


الْقَوْمِ: طَلَعْتُ عَلَيْهِمْ. وَنَتَأَتِ الْجَارِيَةُ: بَلَغَتْ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ نَتَأَ لِي فُلَانٌ بِالشَّرِّ، إِذَا اسْتَعَدَّ. وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ، كَأَنَّهُ نَهَضَ مِنْ مَقَرِّهِ. وَفِي أَمْثَالِهِمْ: " تَحْقِرُهُ وَيَنْتَأُ لَكَ "، أَيْ تَزْدَرِيهِ لِسُكُونِهِ وَهُوَ يَنْهَضُ إِلَيْكَ مُجَاذِبًا.

(نَتَبَ) النُّونُ وَالتَّاءُ وَالْبَاءُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْبَاءَ فِيهِ زَائِدَةٌ. يَقُولُونَ: نَتَبَ الشَّيْءُ، مِثْلُ نَهَدَ. قَالَ:
أَشْرَفَ ثَدْيَاهَا عَلَى التَّرَيُّبِ ... لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ فِي النُّتُوبِ
إِنَّمَا أَرَادَ النُّتُوَّ فَزَادَ الْقَافِيَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ النُّونِ وَالثَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَثَرَ) النُّونُ وَالثَّاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِلْقَاءِ شَيْءٍ مُتَفَرِّقٍ. وَنَثَرَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا. وَنَثَرَتِ الشَّاةُ: طَرَحَتْ مِنْ أَنْفِهَا الْأَذَى. وَسُمِّيَ الْأَنْفُ النَّثْرَةَ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ يَنْثُرُ مَا فِيهِ مِنَ الْأَذَى. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ» أَوْ " فَانْثِرْ "، مَعْنَاهُ اجْعَلِ الْمَاءَ فِي نَثْرَتِكَ. [وَ] النَّثْرَةُ: نَجْمٌ

(5/389)


يُقَالُ إِنَّهُ أَنْفُ الْأَسَدِ يَنْزِلُهُ الْقَمَرُ. وَطَعَنَهُ فَأَنْثَرَهُ: أَلْقَاهُ عَلَى خَيْشُومِهِ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. قَالَ:
إِنَّ عَلَيْهَا فَارِسًا كَعَشَرَهْ ... إِذَا رَأَى فَارِسَ قَوْمٍ أَنْثَرَهْ
[وَيُقَالُ: أَنْثَرَهُ] : أَرْعَفَهُ الدَّمُ. وَالنَّثْرَةُ: الدِّرْعُ، وَهَذَا مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا.

(نَثَلَ) النُّونُ وَالثَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ أَوْ خُرُوجِهِ مِنْهُ. مِنْهُ نَثَلْتُ كِنَانَتِي: أَخْرَجْتُ مَا فِيهَا مِنْ نَبْلٍ نَثْلًا. وَنَثَلْتُ الْبِئْرَ: اسْتَخْرَجْتُ تُرَابَهَا. وَالنَّثِيلُ: الرَّوْثُ. وَالنَّثِيلَةُ: تُرَابُ الْبِئْرِ، وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ.

(نَثَا) النُّونُ وَالثَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَةٌ. يُقَالُ نَثَا الْكَلَامَ يَنْثُو: أَظْهَرَهُ. وَالنَّثَا يَقُولُونَ: أَنْ يُذْكَرَ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ جَمِيلٍ.

[بَابُ النُّونِ وَالْجِيمِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَجَحَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ظَفَرٍ وَصِدْقٍ وَخَيْرٍ. مِنْهُ النَّجَاحُ فِي الْحَوَائِجِ: الظَّفَرُ بِهَا. وَسَيْرٌ نَجِيحٌ: وَشِيكٌ. وَرَأْيٌ نَجِيحٌ: صَوَابٌ. وَتَنَاجَحَتْ أَحْلَامُهُمْ: تَتَابَعَتْ بِصِدْقٍ. وَأَنْجَحَ اللَّهُ طَلِبَتَكَ: أَسْعَفَكَ بِإِدْرَاكِهَا.

(5/390)


(نَجَخَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ. يُقَالُ: سَمِعْتُ نَجِيخَ الْمَاءِ وَنَاجِخَتَهُ: صَوْتَهُ. وَالنُّجَاخُ: صَوْتُ السَّاعِلِ. وَمَنْجِخٌ: مَوْضِعٌ.

(نَجُدَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى اعْتِلَاءٍ وَقُوَّةٍ وَإِشْرَافٍ. مِنْهُ النَّجْدُ: الرَّجُلُ الشُّجَاعُ. وَنَجُدَ الرَّجُلُ يَنْجُدُ نَجْدَةً، إِذَا صَارَ شُجَاعًا. وَهُوَ نَجْدٌ وَنَجُدٌ وَنَجِدٌ وَنَجِيدٌ. وَالشَّجَاعَةُ نَجْدَةٌ. وَالْمُنَاجِدُ: الْمُقَاتِلُ. وَلَاقَى فُلَانٌ نَجْدَةً، أَيْ شِدَّةً، أَمْرًا عَاكَهُ. قَالَ طَرَفَةُ:
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً ... يَا لَقَوْمِي لِلشَّبَابِ الْمُسْبَكِرِّ
أَيْ يَنْظُرُ النَّاظِرُ إِلَيْهَا فَتَلْحَقَهَا لِذَلِكَ شِدَّةٌ، كَأَنَّهُ أَرَادَ نَعْمَةَ جِسْمِهَا وَرِقَّتَهُ.
وَمِنَ الْبَابِ النَّجَدُ: الْعَرَقُ. وَنَجِدَ نَجَدًا: عَرِقَ مِنْ عَمَلٍ أَوْ كَرْبٍ. قَالَ:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ الْمَلَّاحُ مُعْتَصِمًا ... بِالْخَيْزُرَانَةِ بَعْدَ الْأَيْنِ وَالنَّجَدِ
وَرُبَّمَا قَالُوا فِي هَذَا: نُجِدَ فَهُوَ مَنْجُودٌ. قَالَ:
صَادِيًا يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ ... وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ

(5/391)


وَيُقَالُ: اسْتَنْجَدْتُهُ فَأَنْجَدَنِي، أَيِ اسْتَغَثْتُهُ فَأَغَاثَنِي. وَفِي ذَلِكَ الْبَابِ اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْخَصْمِ.
وَمِنَ الْبَابِ النَّجُودُ: الْمُشْرِفَةُ مِنْ حُمُرِ الْوَحْشِ. وَاسْتَنْجَدَ فُلَانٌ: قَوِيَ بَعْدَ ضَعْفٍ. وَنَجَدْتُ الرَّجُلَ أَنْجُدُهُ: غَلَبْتُهُ. حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَالنَّجْدُ: مَا عَلَا مِنَ الْأَرْضِ. وَأَنْجَدَ: عَلَا مِنْ غَوْرٍ إِلَى نَجْدٍ.
وَمِنَ الْبَابِ: هُوَ نَجْدٌ فِي الْحَاجَةِ، أَيْ خَفِيفٌ فِيهَا. وَالنِّجَادُ: حَمَائِلُ السَّيْفِ لِأَنَّهُ يَعْلُو الْعَاتِقَ. وَالنَّجْدُ: مَا نُجِّدَ بِهِ الْبَيْتُ مِنْ مَتَاعٍ.
وَالتَّنْجِيدُ: التَّزْيِينُ وَالنَّجْدُ: الطَّرِيقُ الْعَالِي. وَالْمُنَجَّدُ: الَّذِي نَجَّدَهُ الدَّهْرُ إِذَا عَرَفَ وَجَرَّبَ، كَأَنَّهُ شَجَّعَهُ وَقَوَّاهُ. وَقِيَاسُ كُلِّ وَاحِدٍ.

(نَجَذَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالذَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. النَّاجِذُ، وَهُوَ السِّنُّ بَيْنَ النَّابِ وَالْأَضْرَاسِ. ثُمَّ يُسْتَعَارُ فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: الْمُنَجَّذُ، وَهُوَ الْمُجَرَّبُ. وَبَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَحِكِهِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْأَضْرَاسَ كُلَّهَا نَوَاجِذُ. وَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِقَوْلِ الشَّمَّاخِ:
نَوَاجِذُهُنَّ كَالْحِدَأِ الْوَقِيعِ
وَلِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ضَحِكَ حَتَّى بَدَا نَاجِذُهُ، فَلَوْ كَانَ السِّنَّ الَّذِي بَيْنَ النَّابِ وَالْأَضْرَاسِ لَمْ يُقَلْ فِيهِ هَذَا، لِأَنَّ ذَاكَ بَادٍ مِنْ أَدْنَى ضَحِكٍ.

(5/392)


(نَجَرَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَسْوِيَةُ الشَّيْءِ وَإِصْلَاحُ قَدْرِهِ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ الْأَدْوَاءِ.
الْأَوَّلُ نَجْرُ الْخَشَبِ، وَنَجَرَهُ نَجْرًا، وَفَاعِلُهُ النَّجَّارُ، وَهُوَ مِنْهُ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ سُوِّيَ. نَجَرَهُ نَجْرًا. وَكَذَا النَّجْرُ: الطَّبْعُ. وَيَقُولُونَ - وَمَا أَدْرِي كَيْفَ صِحَّتُهُ -: إِنَّ نَجْرَانَ الْبَابِ: الْخَشَبَةُ الَّذِي يَدُورُ فِيهَا. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّجَرُ: قَالُوا: نَجِرَتِ الْإِبِلُ: عَطِشَتْ، وَيُقَالُ مَجِرَتْ، هُوَ أَنْ تَشْرَبَ فَلَا تَرْوَى، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ أَكْلِ الْحِبَّةِ. وَحَكَى الْخَلِيلُ النَّجْرَانُ: الْعَطْشَانُ. قَالُوا: وَشَهْرُ نَاجِرٍ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ الْإِبِلَ تَنْجَرُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّجَرُ: أَنْ يَشْرَبَ الْإِنْسَانُ اللَّبَنَ الْحَامِضَ فَلَا يَرْوَى مِنَ الْمَاءِ.

(نَجَزَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ شَيْءٍ فِي عَجَلَةٍ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ. يُقَالُ: نَجَزَ الْوَعْدُ يَنْجُزُ. وَأَنْجَزْتُهُ أَنَا: أَعْجَلْتُهُ. وَأَعْطَيْتُهُ مَا عِنْدِي حَتَّى نَجَزَ آخِرُهُ، أَيْ وَصْلِ إِلَيْهِ آخِرُهُ. وَبِعْهُ نَاجِزًا بِنَاجِزٍ، كَقَوْلِهِمْ يَدًا بِيَدٍ: تَعْجِيلًا بِتَعْجِيلٍ. وَالْمُنَاجَزَةُ فِي الْحَرْبِ: أَنْ يَتَبَارَزَ الْفَارِسَانِ، أَيْ يُعَجِّلَانِ الْقِتَالَ لَا يَتَوَقَّفَانِ.

(نَجُسَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الطَّهَارَةِ. وَشَيْءٌ نَجِسٌ وَنَجَسٌ: قَذِرٌ. وَالنَّجَسُ: الْقَذَرُ. وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ

(5/393)


مِنْهُ قَوْلَهُمْ: النَّاجِسُ: الدَّاءُ لَا دَوَاءَ لَهُ. قَالَ سَاعِدَةٌ الْهُذَلِيُّ:
وَالشَّيْبُ دَاءٌ نَجِيسٌ لَا دَوَاءَ لَهُ ... لِلْمَرْءِ كَانَ صَحِيحًا صَائِبَ الْقُحَمِ
كَأَنَّهُ إِذَا طَالَ بِالْإِنْسَانِ نَجِسَهُ [أَوْ نَجَّسَهُ] ، أَيْ قَذِرَهُ أَوْ قَذَّرَهُ. أَمَّا التَّنْجِيسُ فَشَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ، كَانُوا يُعَلِّقُونَ عَلَى الصَّبِيِّ شَيْئًا يُعَوِّذُونَهُ مِنَ الْجِنِّ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ عَظْمٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ تَنْجِيسًا. قَالَ:
وَعَلَّقَ أَنْجَاسًا عَلَيَّ الْمُنَجِّسُ.

(نَجَشَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِثَارَةِ شَيْءٍ. مِنْهُ النَّجْشُ: أَنْ تُزَايِدَ فِي الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ لِيَنْظُرَ إِلَيْكَ النَّاظِرُ فَيَقَعَ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «لَا تَنَاجَشُوا» "، كَأَنَّ النَّاجِشَ اسْتَثَارَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ. وَالنَّاجِشُ: الَّذِي يُثِيرُ الصَّيْدَ. وَنَجَشْتُ الصَّيْدَ: اسْتَثَرْتُهُ. وَكَذَا نَجَشَ الْإِبِلَ يَنْجُشُهَا: جَمَعَهَا بَعْدَ تَفَرُّقٍ. قَالَ:
غَيْرَ السُّرَى وَالسَّائِقِ النَّجَّاشِ
وَمِنَ الْبَابِ النِّجَاشَةُ: سُرْعَةُ الْمَشْيِ. وَمَرَّ يَنْجُشُ نَجِيشًا. وَكَأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ يُثِيرُ التُّرَابَ فِي مَشْيِهِ. وَيُقَالُ إِنَّ اسْمَ النَّجَاشِيِّ مُشْتَقٌّ مِنْهُ.

(5/394)


(نَجَعَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَنْفَعَةِ طَعَامٍ أَوْ دَوَاءٍ فِي الْجِسْمِ، ثُمَّ يُتَوَسَّعُ فِيهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ. وَنَجَعَ الطَّعَامُ: هَنَأَ آكِلُهُ. وَمَاءٌ نَجُوعٌ كَنَمِيرٍ، وَهُوَ النَّامِي فِي الْجِسْمِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: نَجَعَ فِيهِ الدَّوَاءُ، وَنَجَعَ فِي الدَّابَّةِ الْعَلَفُ، وَلَا يُقَالُ أَنْجَعَ.
وَمِمَّا قِيسَ عَلَى هَذَا النُّجْعَةُ: طَلَبُ الْكَلَأِ، لِأَنَّهُ مَطْلَبُ مَا يَنْجَعُ. وَانْتَجَعَهُ: طَلَبَ خَيْرَهُ. وَمِنْهُ النَّجِيعُ: الْخَبَطُ يُضْرَبُ بِالدَّقِيقِ وَالْمَاءِ يُوجَرُ الْجُمَلَ. وَنَجَعَ فِي فُلَانٍ قَوْلُكَ: أَخَذَ فِيهِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ: النَّجِيعُ: دَمُ الْجَوْفِ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ.

(نَجَفَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْفَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى تَبَسُّطٍ فِي شَيْءٍ مَكَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ شَيْءٍ. فَالْأَوَّلُ النَّجَفُ: مَكَانٌ مُسْتَطِيلٌ مُنْقَادٌ وَلَا يَعْلُوهُ الْمَاءُ، وَالْجَمْعُ نِجَافٌ. وَيُقَالُ هِيَ بُطُونٌ مِنَ الْأَرْضِ فِي أَسَافِلِهَا سُهُولَةٌ تَنْقَادُ فِي الْأَرْضِ، لَهَا أَوْدِيَةٌ تَنْصَبُّ إِلَى لِينٍ مِنَ الْأَرْضِ. وَيُقَالُ لِإِبِطِ الْكَثِيبِ: نَجَفَةُ الْكَثِيبِ.
وَمِنَ الْبَابِ النَّجِيفُ [مِنَ] السِّهَامِ: الْعَرِيضُ. وَنَجَفْتُ السَّهْمَ: بَرَيْتُهُ كَذَلِكَ وَأَصْلَحْتُهُ، وَسَهْمٌ مَنْجُوفٌ وَنَجِيفٌ. وَغَارٌ مَنْجُوفٌ: وَاسْعٌ.
وَالثَّانِي: تَيْسٌ مَنْجُوفٌ، وَهُوَ أَنْ يُعَصَّبَ قَضِيبُهُ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى السِّفَادِ، وَكَأَنَّهُ قَدْ قُطِعَ عَنْهُ مَاءٌ وَاسْتُخْرِجَ. وَالِانْتِجَافُ: اسْتِخْرَاجُ مَا فِي الضَّرْعِ مِنَ اللَّبَنِ.

(5/395)


وَالْمَنْجُوفُ: الْمُنْقَطِعُ عَنِ النِّكَاحِ. وَانْتَجَفَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ: مَرَّتْهُ وَاسْتَفْرَغَتْهُ.

(نَجَلَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى رَمْيِ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ عَلَى سِعَةٍ فِي الشَّيْءِ.
فَالْأَوَّلُ النَّجْلُ: رَمْيُكَ الشَّيْءَ. يُقَالُ: نَجَلَ نَجْلًا. وَالنَّاقَةُ تَنْجُلُ الْحَصَى بِمَنَاسِمِهَا نَجْلًا، أَيْ تَرْمِي بِهِ. وَمِنْهُ نَجَلْتُ الرَّجُلَ نَجْلَةً، إِذَا ضَرَبْتُهُ بِمُقَدَّمِ رِجْلِكَ فَتَدَحْرَجَ. وَقَوْلُهُمْ: " مَنْ نَجَلَ النَّاسَ نَجَلُوهُ "، أَيْ مَنْ شَارَّهُمْ شَارُّوهُ، وَمَنْ رَمَاهُمْ رَمَوْهُ. وَمِنَ الْبَابِ النَّجْلُ، وَهُوَ النَّسْلُ، لِأَنَّ الْوَالِدَةَ كَأَنَّهَا تَرْمِي بِهِ. وَفَحْلٌ نَاجِلٌ، كَرِيمُ النَّجْلِ. وَيَقُولُونَ: قَبَحَ اللَّهُ نَاجِلَيْهِ، أَيْ وَالِدَيْهِ. وَمِنْهُ النَّجْلُ: النَّزُّ، كَأَنَّهُ نَدًى تَقْلِسُهُ الْأَرْضُ وَتَرْمِي بِهِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّجَلُ: سَعَةُ الْعَيْنِ فِي حُسْنٍ ; وَالنُّجْلُ: جَمْعُ أَنْجَلَ. وَالْأَسَدَ أَنْجَلُ. وَطَعْنَةٌ نَجْلَاءُ: وَاسِعَةٌ. وَرُمْحٌ مِنْجَلٌ: وَاسْعُ الطَّعْنِ. وَنَجَلْتُ الْإِهَابَ: شَقَقْتُهُ عَنْ عُرْقُوبَيْهِ جَمِيعًا، كَمَا تُسْلَخُ الْجُلُودُ. وَإِهَابٌ مَنْجُولٌ. وَيُقَالُ: الْإِنْجِيلُ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ نَجَلْتُ الشَّيْءَ: اسْتَخْرَجْتُهُ، كَأَنَّهُ أَمْرٌ أُبْرِزَ وَأُظْهِرَ بِمَا فِيهِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَيْنَ الْبَابَيْنِ النَّجِيلُ: ضَرْبٌ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ مِنَ الْحَمْضِ. وَأَنْجَلَتِ الْأَرْضُ: اخْضَرَّتْ.

(نَجَمَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُلُوعٍ وَظُهُورٍ. وَنَجَمَ النَّجْمُ: طَلَعَ. وَنَجَمَ السِّنُّ وَالْقَرْنُ: طَلَعَا. وَالنَّجْمُ: الثُّرَيَّا، اسْمٌ لَهَا.

(5/396)


وَإِذَا قَالُوا: طَلَعَ النَّجْمُ، فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَهَا. وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ نَجْمٌ، أَيْ أَصْلٌ وَمَطْلِعٌ. وَالنَّجْمُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَاقٌ، مِنْ نَجَمَ، إِذَا طَلَعَ. وَالْمِنْجَمُ فِي الْمِيزَانِ: الْحَدِيدَةُ الْمُعْتَرِضَةُ الَّتِي فِيهَا اللِّسَانُ ; وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ.

(نَجَهَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْهَاءُ. كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةٍ فِي شَيْءٍ. يُقَالُ: نَجَهْتُهُ، إِذَا اسْتَقْبَلْتَهُ بِمَا يَكْرَهُهُ وَيَقْدَعُهُ عَنْكَ. وَرَجُلٌ نَاجِهٌ، إِذَا دَخَلَ الْبَلَدَ فَاسْتَنْكَرَهُ وَكَرِهَهُ.

(نَجَوَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى كَشْطٍ وَكَشْفٍ، وَالْآخَرُ عَلَى سَتْرٍ وَإِخْفَاءٍ.
فَالْأَوَّلُ: نَجَوْتُ الْجِلْدَ أَنْجُوهُ - وَالْجِلْدَ نَجًا - إِذَا كَشَطْتَهُ. وَقَالَ:
فَقُلْتُ انْجُوَا عَنْهَا نَجَا الْجِلْدِ إِنَّهُ ... سَيُرْضِيكُمَا مِنْهَا سَنَامٌ وَغَارِبُهُ
وَيَقُولُونَ: هُوَ فِي أَرْضٍ نَجَاةٍ: يُسْتَنْجَى مِنْ شَجَرِهَا الْعِصِيُّ. يُقَالُ لِلْغُصُونِ النَّجَا. الْوَاحِدَةُ نَجَاةٌ، وَأَنْجِنِي عَصًا. وَنَجَا الْإِنْسَانُ يَنْجُو نَجَاةً، وَنَجَاءً فِي السُّرْعَةِ ; وَهُوَ مَعْنَى الذَّهَابِ وَالِانْكِشَافِ مِنَ الْمَكَانِ. وَنَاقَةٌ نَاجِيَةٌ وَنَجَاةٌ: سَرِيعَةٌ. وَمِنَ الْبَابِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النِّجَاءِ: النَّجَاةُ وَالنَّجْوَةُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَعْلُوهَا سَيْلٌ. قَالَ:

(5/397)


فَمَنْ بِنَجْوَتِهِ كَمَنْ بِعَقْوَتِهِ ... وَالْمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمَّا نَجَا مِنَ السَّيْلِ فَكَأَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَنْجُو مِنْ شَيْءٍ بِذَهَابٍ عَنْهُ، فَهَذَا مَعْنَى الْمَحْمُولِ.
وَقَوْلُهُمْ: بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَجَاوَةٌ مِنَ الْأَرْضِ، أَيْ سِعَةٌ، مِنَ الْبَابِ ; لِأَنَّهُ مَكَانٌ يُسْرَعُ فِيهِ وَيُنْجَى. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَاسْتَنْجُوا» ، يُرِيدُ لَا تُبْطِئُوا فِي السَّيْرِ، وَلَكِنِ انْكَشِفُوا وَمُرُّوا.
وَمِنَ الْبَابِ النَّجْوُ: السَّحَابُ، وَالْجَمْعُ النِّجَاءُ ; وَهُوَ مِنَ انْكِشَافِهِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنْجَتِ السَّحَابَةُ: وَلَّتْ. وَقَوْلُهُمْ: اسْتَنْجَى فُلَانٌ، قَالُوا هُوَ مِنَ النَّجْوَةِ، كَأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ أَتَى نَجْوَةً مِنَ الْأَرْضِ تَسْتُرُهُ، فَقِيلَ لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ اسْتَنْجَى، كَمَا قَالُوا: تَغَوَّطَ، أَيْ أَتَى غَائِطًا.
وَمِنَ الْبَابِ نَجَوْتُ فُلَانًا: اسْتَنْكَهْتُهُ، كَأَنَّكَ أَرَدْتَ اسْتِكْشَافَ حَالٍ فِيهِ. قَالَ:
نَجَوْتُ مُجَالِدًا فَوَجَدْتُ فِيهِ ... كَرِيحِ الْكَلْبِ مَاتَ حَدِيثَ عَهْدِ

(5/398)


وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّجْوُ وَالنَّجْوَى: السِّرُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَنَاجَيْتُهُ، وَتَنَاجَوْا، وَانْتَجَوْا. وَهُوَ نَجِيُّ فُلَانٍ، وَالْجَمْعُ أَنْجِيَةٌ. قَالَ:
إِذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ
يَقُولُ: نَامَ الْقَوْمُ وَحَلُمُوا فِي نَوْمِهِمْ فَكَأَنَّهُمْ يُنَاجُونَ أَهْلِيهِمْ فِي النَّوْمِ وَنَجَوْتُهُ: نَاجَيْتُهُ. وَانْتَجَيْتُهُ: اخْتَصَصْتُهُ بِمُنَاجَاتِي. قَالَ:
فَبِتُّ أَنْجُو بِهَا نَفْسًا تُكَلِّفُنِي ... مَا لَا يُهِمُّ بِهِ الْجَثَّامَةُ الْوَرَعُ.

(نَجَبَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْبَاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى خُلُوصِ شَيْءٍ وَكَرَمٍ، وَالْآخَرُ عَلَى ضَعْفٍ.
الْأُوَلُ النَّجَابَةُ: مَصْدَرُ الرَّجُلِ النَّجِيبِ، أَيِ الْكَرِيمِ. وَانْتَجَبَ فُلَانًا: اسْتَخْلَصَهُ وَاصْطَفَاهُ. وَرَجُلٌ مُنْجِبٌ: لَهُ وَلَدٌ نَجِيبٌ. وَامْرَأَةٌ مُنْجِبَةٌ وَمِنْجَابٌ. وَرَجُلٌ نَجْبٌ: سَخِيٌّ كَرِيمٌ.
وَالْآخَرُ الْمِنْجَابُ: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ، وَالْجَمْعُ مَنَاجِيبُ. قَالَ:
إِذْ آثَرَ النَّوْمَ وَالدِّفْءَ الْمَنَاجِيبُ

(5/399)


وَمِنَ الْبَابِ الْمِنْجَابُ: النَّصْلُ يُبْرَى وَلَمْ يُرَشْ. وَالنَّجَبُ مَا فَوْقَ اللِّحَاءِ مِنْ قِشْرَةِ الشَّجَرَةِ، وَالنَّجْبُ أَخْذُهُ.

(نَجَثَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالثَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِبْرَازِ شَيْءٍ وَسَوْءَةٍ. مِنْهُ النَّجِيثَةُ: مَا أُخْرِجَ مِنْ تُرَابِ الْبِئْرِ. وَيُقَالُ: بَدَا نَجِيثُ الْقَوْمِ، أَيْ مَا كَانُوا يُخْفُونَهُ مِنْ سَوْءَةٍ. وَالنَّجِيثُ: الْهَدَفُ. قَالَ الْخَلِيلُ: سُمِّيَ نَجِيثًا لِانْتِصَابِهِ. وَهُوَ يَنْجُثُ بَنِي فُلَانٍ، إِذَا اسْتَعْوَاهُمْ مُسْتَغِيثًا بِهِمْ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْأَلُهُمُ الْبُرُوزَ لِنُصْرَتِهِ. وَالِاسْتِنْجَاثُ: التَّصَدِّي لِلشَّيْءِ، وَالْقِيَاسُ فِي كُلِّهِ وَاحِدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ النُّونِ وَالْحَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَحَرَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالرَّاءُ. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَفَرَّعُ مِنْهَا كَلِمَاتُ الْبَابِ. هِيَ النَّحْرُ لِلْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ نُحُورٌ. وَالنَّحْرُ: الْبَزْلُ فِي النَّحْرِ. وَنَحَرْتُ الْبَعِيرَ نَحْرًا. وَالنَّاحِرَانِ: عِرْقَانِ فِي صَدْرِ الْفَرَسِ. وَدَائِرَةُ النَّاحِرِ تَكُونُ فِي الْجِرَانِ إِلَى أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ. وَانْتَحَرُوا عَلَى الشَّيْءِ: تَشَاحُّوا عَلَيْهِ حِرْصًا، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُرِيدُ نَحْرَ صَاحِبِهِ. وَيُقَالُ: النَّحِيرَةُ: آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ، لِأَنَّهُ يَنْحَرُ الَّذِي يَدْخُلُ، وَأَظُنُّ مَعْنَى يَنْحَرُهُ يَلِي نَحْرَهُ. وَالْعَالِمُ بِالشَّيْءِ الْمُجَرِّبِ نِحْرِيرٌ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْحَرُ الْعِلْمَ نَحْرًا، كَقَوْلِكَ: قَتَلْتُ هَذَا الشَّيْءَ عِلْمًا.

(5/400)


(نَحَزَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالزَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى مَعْنَى النَّخْسِ وَالدَّقِّ، وَالْآخَرُ عَلَى امْتِدَادٍ فِي شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ النَّحْزُ: النَّخْسُ. وَنَحَزَهُ نَحْزًا. وَالرَّاكِبُ يَنْحَزُ بِصَدْرِهِ وَاسِطَةَ الرَّحْلِ. وَنَحَزْتُ النَّاقَةَ بِرِجْلِي: رَكَلْتُهَا. وَالنَّاحِزُ: أَنْ يُصِيبَ الْمِرْفَقُ كَرْكَرَةَ الْبَعِيرِ، يُقَالُ بِهِ نَاحِزٌ. وَالنُّحَازُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي رِئَاتِهَا. وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا وَاحِدٌ.
وَمِنَ الْبَابِ نَحَزَ الشَّيْءَ: دَقَّهُ. وَالْمِنْحَازُ: شَيْءٌ يُدَقُّ فِيهِ الْأَشْيَاءُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: النَّحِيزَةُ: طِبَّةٌ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ مُمْتَدَّةٌ كَالْفَرْسَخِ. وَالنَّحَائِزُ: نَسَائِجُ كَالْحُزُمِ وَالشُّقَقِ الْعَرِيضَةِ، تَكُونُ لِلرِّحَالِ. وَيَقُولُونَ: النَّحِيزَةُ: طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ. وَالَّذِي نَقُولُهُ أَنَّ النَّحِيزَةَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْحَالُ الَّتِي كَأَنَّهُ نُسِجَ عَلَيْهَا، فَيَقُولُونَ: هُوَ ضَعِيفُ النَّحِيزَةِ، أَيْ هَذِهِ الْحَالُ مِنْهُ ضَعِيفَةٌ.

(نَحَسَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالسِّينُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ السَّعْدِ. وَنُحِسَ هُوَ فَهُوَ مَنْحُوسٌ. وَالنُّحَاسُ: الدُّخَانُ لَا لَهَبَ فِيهِ. قَالَ:
شَيَاطِينُ يُرْمَى بِالنُّحَاسِ رَجِيمُهَا
وَالنُّحَاسُ مِنْ هَذِهِ الْجَوَاهِرِ كَأَنَّهُ لَمَّا خَالَفَ الْجَوَاهِرَ الشَّرِيفَةَ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سُمِّيَ نُحَاسًا. هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ. وَيُقَالُ: يَوْمٌ نَحْسٌ وَيَوْمٌ نَحِسٌ. وَقُرِئَ: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16] وَنَحْسَاتٍ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النُّحَاسَ: الْأَصْلُ،

(5/401)


عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَمَّا كَانَ أَصْلًا لِكَثِيرٍ مِنَ الْجَوَاهِرِ قِيلَ لِمَبْلَغِ أَصْلِ الشَّيْءِ نُحَاسٌ.

(نَحَصَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النَّحُوصُ: الْأَتَانُ الْحَائِلُ فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ. قَالَ:
أَرَنَّ عَلَيْهِ قَارِبًا وَانْتَحَتْ لَهُ ... طُوَالَةُ أَرْسَاغِ الْيَدَيْنِ نَحُوصُ.

(نَحَضَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ اللَّحْمُ. يُقَالُ لِلَّحْمِ نَحْضٌ. وَامْرَأَةٌ نَحِيضَةٌ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ، فَإِذَا ذَهَبَ لَحْمُهَا فَمَنْحُوضَةٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَحَضْتُ الْعَظْمَ: أَخَذْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ لَحْمٍ. وَيَقُولُونَ: نَحَضْتُ السِّنَانَ: رَقَّقْتُهُ، كَأَنَّكَ لَمَّا رَقَّقْتَهُ أَخَذْتَ عَنْهُ نَحْضَهُ.

(نَحَطَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالطَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ. مِنْ ذَلِكَ النَّحِيطُ كَالزَّفِيرِ. وَالنَّحَّاطُ: الرَّجُلُ الْمُتَكَبِّرُ يَنْحِطُ مِنَ الْغَيْظِ. وَالنَّحْطَةُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي صَدْرِهَا تَنْحَطُ مِنْهُ فَلَا تَكَادُ تَسْلَمُ مَعَهُ.

(نَحُفَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى دِقَّةٍ وَذُبُولٍ. نَحْوَ نَحُفَ الرَّجُلُ نَحَافَةً فَهُوَ نَحِيفٌ، إِذَا قَلَّ لَحْمُهُ وَهُزِلَ. وَهُمْ نِحَافٌ.

(نَحَلَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَاللَّامُ كَلِمَاتٌ ثَلَاثٌ: الْأُولَى تَدُلُّ عَلَى دِقَّةٍ وَهُزَالٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى عَطَاءٍ، وَالثَّالِثَةُ عَلَى ادِّعَاءٍ.

(5/402)


فَالْأُولَى نَحَلَ جِسْمُهُ نُحُولًا فَهُوَ نَاحِلٌ، إِذَا دَقَّ، وَأَنْحَلَهُ الْهَمُّ. وَالنَّوَاحِلُ: السُّيُوفُ الَّتِي رَقَّتْ ظُبَاتُهَا مِنْ كَثْرَةِ الضَّرْبِ بِهَا.
وَالثَّانِيَةُ: نَحَلْتُهُ كَذَا، أَيْ أَعْطَيْتُهُ. وَالِاسْمُ النُّحْلُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سُمِّيَ الشَّيْءُ الْمُعْطَى النُّحْلَانَ. وَيَقُولُونَ: النُّحْلُ: أَنْ تُعْطِيَ شَيْئًا بِلَا اسْتِعْوَاضٍ. وَنَحَلْتُ الْمَرْأَةَ مَهْرَهَا نِحْلَةً، أَيْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ. كَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] . وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُمْ: انْتَحَلَ كَذَا، إِذَا تَعَاطَاهُ وَادَّعَاهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: انْتَحَلَهُ، إِذَا ادَّعَاهُ مُحِقًّا ; وَتَنَحَّلَهُ، إِذَا ادَّعَاهُ مُبْطِلًا. وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا بِشَيْءٍ. وَمَعْنَى انْتَحَلَ وَتَنَحَّلَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْأَعْشَى:
فَكَيْفَ أَنَا وَانْتِحَالِي الْقَوَا ... فِ بَعْدَ الْمَشِيبِ كَفَى ذَاكَ عَارًا.

(نَحَوَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالْوَاوُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدٍ. وَنَحَوْتُ نَحْوَهُ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ نَحْوُ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُ يَقْصِدُ أُصُولَ الْكَلَامِ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِهِ. وَيُقَالُ إِنَّ بَنِي نَحْوٍ: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَأَمَّا [أَهْلُ] الْمَنْحَاةِ فَقَدْ قِيلَ: الْقَوْمُ الْبُعَدَاءُ غَيْرُ الْأَقَارِبِ. وَمِنَ الْبَابِ: انْتَحَى فُلَانٌ لِفُلَانٍ: قَصَدَهُ وَعَرَضَ لَهُ.

(5/403)


(نُحِّيَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالْيَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النِّحْيُ: سِقَاءُ السَّمْنِ.

(نَحَبَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالْبَاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى نَذْرٍ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ خَطَرٍ أَوْ إِخْطَارِ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ.
فَالْأَوَّلُ: النَّحْبُ: النَّذْرُ. وَسَارَ فُلَانٌ عَلَى نَحْبٍ، إِذَا جَهِدَ، فَكَأَنَّهُ خَاطَرَ عَلَى شَيْءٍ فَجَدَّ. قَالَ:
كَمَا سَارَ عَنْ إِحْدَى يَدَيْهِ الْمُنَحِّبُ
أَيِ الْمُخَاطِرُ. وَقَدْ كَانَ التَّنْحِيبُ فِي الْعَرَبِ، وَهُوَ كَالْمُخَاطَرَةِ، تَقُولُ: إِنْ كَانَ كَذَا فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِلَّا فَلِي عَلَيْكَ. وَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ. وَمِنْهُ نَاحَبْتُهُ إِلَى فُلَانٍ، إِذَا حَاكَمْتَهُ. وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا وَاحِدٌ. وَكَذَا النَّحْبُ: الْمَوْتُ، كَأَنَّهُ نَذْرٌ يَنْذُِرُهُ الْإِنْسَانُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّحِيبُ: [نَحِيبُ] الْبَاكِي، وَهُوَ بُكَاؤُهُ مَعَ صَوْتٍ وَإِعْوَالٍ. وَمِنْهُ النُّحَابُ: سُعَالُ الْإِبِلِ. وَنَحَبَ الْبَعِيرُ يَنْحَبُ.

(نَحَتَ) النُّونُ وَالْحَاءُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى نَجْرِ شَيْءٍ وَتَسْوِيَتِهِ بِحَدِيدَةٍ. وَنَحَتَ النَّجَّارُ الْخَشَبَةَ يَنْحَتُهَا نَحْتًا. وَالنَّحِيتَةُ: الطَّبِيعَةُ، يُرِيدُونَ الْحَالَةَ الَّتِي نُحِتَ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ، كَالْغَرِيزَةِ الَّتِي غُرِزَ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ. وَمَا سَقَطَ مِنَ الْمَنْحُوتِ نُحَاتَةٌ.

(5/404)


[بَابُ النُّونِ وَالْخَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَخَرَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ ثُمَّ يُفَرَّعُ مِنْهُ. النَّخِيرُ: صَوْتٌ يَخْرُجُ مِنَ الْمَنْخِرَيْنِ، وَسُمِّيَ الْمَنْخِرَانِ مِنْ جِهَةِ النَّخِيرِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا. وَفُرِّعَ مِنْهُ فَقِيلَ لِخَرْقَيِ الْأَنْفِ النُّخْرَتَانِ. وَالنَّخُورُ: النَّاقَةُ لَا تَدُِرُّ حَتَّى تُدْخِلَ الْإِصْبَعَ فِي مَنْخِرِهَا. وَيَقُولُونَ: النُّخْرَةُ: الْأَنْفُ نَفْسُهُ. وَيَقُولُونَ لِهُبُوبِ الرِّيحِ: نُخْرَةٌ. فَأَمَّا الشَّجَرَةُ النَّخِرَةُ وَالْعَظْمُ النَّخِرُ فَمِنْ هَذَا أَيْضًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَجَوَّفُ فَتَدْخُلُهُ الرِّيحُ، وَيَكُونُ لَهَا عِنْدَ ذَلِكَ نُخْرَةٌ، أَيْ صَوْتٌ. وَيَقُولُونَ: النَّخِرُ: الْبَالِي. وَالنَّاخِرُ: الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ الرِّيحُ وَتَخْرُجُ مِنْهُ وَلَهَا نَخِيرٌ. وَالْقِيَاسُ فِي كُلِّهِ وَاحِدٌ عِنْدَنَا. وَمَا بِهَا نَاخِرٌ، أَيْ أَحَدٌ، يُرَادُ بِهَا مُصَوِّتٌ.
وَمِمَّا يُقَارِبُ هَذَا: النَّخْوَرِيُّ: الْوَاسِعُ الْإِحْلِيلِ، وَذَلِكَ كَأَنَّهُ شَيْءٌ يَدْخُلُهُ الرِّيحُ بِنُخْرَةٍ.

(نَخَسَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بَزْلِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ حَادٍّ. وَنَخَسَهُ بِعُودٍ أَوْ حَدِيدَةٍ نَخْسًا. وَمِنْهُ النَّخَّاسُ. وَالنَّاخِسُ: جَرَبٌ يَكُونُ عِنْدَ ذَنَبِ الْبَعِيرِ أَوْ صَدْرِهِ، كَأَنَّهُ نُخِسَ بِهِ وَبَعِيرٌ مَنْخُوسٌ. وَمِمَّا شَذَّ عَنْهُ النَّخِيسَةُ.

(نَخَشَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالشِّينُ. يَقُولُونَ: نُخِشَ فَهُوَ مَنْخُوشٌ، أَيْ هُزِلَ.

(5/405)


(نَخَطَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالطَّاءُ يَقُولُونَ: انْتَخَطَ مِنْ أَنْفِهِ رَمَى بِهِ، وَكَأَنَّهُ مِنَ الْإِبْدَالِ وَالْأَصْلُ الْمِيمُ. قَالَ:
نَخَطْنَ بِذِبَّانِ الْمَصِيفِ الْأَزَارِقِ
وَمَا أَدْرِي أَيُّ النَّخْطِ هُوَ، مِنْهُ، أَيْ أَيُّ مَنِ انْتَخَطَ.

(نَخَعَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خَالِصِ الشَّيْءِ وَلُبِّهِ. مِنْهُ النُّخَاعُ: عِرْقٌ أَبْيَضُ ضَخْمٌ مُسْتَبْطِنٌ فَقَارَ الْعُنُقِ. ثُمَّ يُفَرَّعُ مِنْهُ فَيُقَالُ: نَخَعَهُ، إِذَا جَازَ بِالذَّبْحِ إِلَى النُّخَاعِ. وَدَابَّةٌ مَنْخُوعَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: " إِنَّ أَنَخَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَتَسَمَّى الرَّجُلُ بِاسْمِ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ "، أَيْ أَقْتَلُهَا لِصَاحِبِهِ. وَالْمَنْخَعُ: مَفْصِلُ الْفَهْقَةِ بَيْنَ الْعُنُقِ وَالرَّأْسِ مِنْ بَاطِنٍ. وَهُوَ مِنَ النُّخَاعِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ. وَقَوْلُهُمْ: النَّاخِعُ: الْعَالِمُ إِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنْهُ أَيْضًا، كَأَنَّهُ وَصَلَ إِلَى الْخَالِصِ الْبَاطِنِ مِنَ الْعِلْمِ وَيُنْشِدُونَ:
إِنَّ الَّذِي رَبَّضَهَا أَمْرَهُ ... سِرًّا وَقَدْ بَيَّنَ لِلنَّاخِعِ
وَمِنْهُ أَيْضًا نَخِعَ الْعُودُ: جَرَى فِيهِ الْمَاءُ، كَأَنَّهُ بَلَغَ نُخَاعَهُ. وَنَخَعَ النَّصِيحَةَ: أَخْلَصَهَا. وَالنُّخَاعَةُ: النُّخَامَةُ. وَقَوْلُهُمْ: انْتَخَعَ الرَّجُلُ عَنْ أَرْضِهِ

(5/406)


تَبَاعَدَ، هُوَ عِنْدَنَا مِنْهُ، كَأَنَّهُ بَلَغَ نُخَاعَهُ فِي سَفَرِهِ، كَمَا يَبْلُغُ النَّاخِعُ لِلشَّاةِ الْغَايَةَ فِي الذَّبْحِ.
وَمِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْإِبْدَالِ شَيْءٌ رَوَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: نَخَعَ لِي فُلَانٌ بِحَقِّي، مِثْلُ بَخَعَ، إِذَا أَقَرَّ.

(نَخَفَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: نَخَفَتِ الْعَنْزُ بِأَنْفِهَا، مِثْلُ نَفَطَتْ. وَيَقُولُونَ النَّخْفُ: النَّفَسُ الْعَالِي.

(نَخَلَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْتِقَاءِ الشَّيْءِ وَاخْتِيَارِهِ. وَانْتَخَلْتُهُ: اسْتَقْصَيْتُ حَتَّى أَخَذْتُ أَفْضَلَهُ. وَعِنْدَنَا أَنَّ النَّخْلَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ كُلِّ شَجَرٍ ذِي سَاقٍ، الْوَاحِدَةُ نَخْلَةٌ. وَالنَّخْلُ: نَخْلُكَ الدَّقِيقَ بِالْمُنْخُلِ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ فَهُوَ نُخَالَةٌ. وَالنَّخْلُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَلْيِ عَلَى صُورَةِ النَّخْلِ. قَالَ:
قَدِ اكْتَسَتْ مِنْ أَرْنَبٍ وَنَخْلٍ.

(نَخَمَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالْمِيمُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: النُّخَامَةُ: النُّخَاعَةُ. وَتَنَخَّمَ، إِذَا نَخَعَ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَسَمِعْتُ نَخْمَةَ الرَّجُلِ، إِذَا سَمِعْتَ حِسَّهُ.

(5/407)


(نَخَبَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعَظُّمٍ يُقَالُ أَحَدُهُمَا عَلَى خِيَارِ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى ثَقْبٍ وَهَزْمٍ فِي شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ النُّخْبَةُ: خِيَارُ الشَّيْءِ وَنُخْبَتُهُ. وَانْتَخَبْتُهُ، وَهُوَ مُنْتَخَبٌ أَيْ مُخْتَارٌ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: النَّخْبَةُ: الشَّرْبَةُ الْعَظِيمَةُ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النُّخْبَةُ: خَرْقُ الثَّفْرِ. وَمِنْهُ نَخَبَهَا: بَاضَعَهَا. وَاسْتَنْخَبَتِ الْمَرْأَةُ، إِذَا أَرَادَتِ الْبِضَاعَ. وَالرَّجُلُ النَّخْبُ: الَّذِي لَا فُؤَادَ لَهُ. وَالنَّخِيبُ: الذَّاهِبُ الْعَقْلِ. وَهَذَا مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ حُرِمَ النُّخْبَةَ أَيْ خِيَارَ مَا فِي الْإِنْسَانِ.

(نَخَجَ) النُّونُ وَالْخَاءُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: النَّخْجُ: السَّيْلُ [يَنْخُجُ] فِي سَنَدِ الْوَادِي حَتَّى يَجْرُفَ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ: نَاخَجَهَا، إِذَا جَامَعَهَا.

[بَابُ النُّونِ وَالدَّالِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَدَرَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ أَوْ إِسْقَاطِهِ. وَنَدَرَ الشَّيْءُ: سَقَطَ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:

(5/408)


وَإِذَا الْكُمَاةُ تَنَادَرُوا طَعْنَ الْكُلَى ... نَدْرَ الْبِكَارَةِ فِي الْجَزَاءِ الْمُضْعَفِ
أَيْ أُهْدِرَتْ دِمَاؤُهُمْ كَمَا تُنْدَرُ الْبِكَارَةُ فِي الدِّيَةِ.
وَأَنَا أَلْقَى فُلَانًا فِي النَّدْرَةِ وَالنَّدَرَةِ، إِذَا كُنْتَ تَلْقَاهُ فِي الْأَيَّامِ، فَكَأَنَّ تِلْكَ اللِّقَاءَةَ كَانَتْ نَدَرَتْ، أَيْ سَقَطَتْ. وَضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَنَدَرَتْ عَيْنُهُ، أَيْ خَرَجَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا. وَقَوْلُهُمْ: الْأَنْدَرِيُّ، مَا نُرَاهُ عَرَبِيًّا، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْأَنْدَرُونَ: الْفِتْيَانُ يَجْتَمِعُونَ مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى. وَيُنْشِدُونَ قَوْلَ عَمْرٍو:
وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الْأَنْدَرِينَا
وَقَالَ قَوْمٌ: الْأَنْدَرِينَ: قَرْيَةٌ. وَيَقُولُونَ: الْأَنْدَرِيُّ: الْحَبْلُ. وَأَنْشَدَ:
كَأَنَّهُ أَنْدَرِيٌّ مَسَّهُ بَلَلٌ
وَالْأَنْدَرُ: الْبَيْدَرُ، قَالَهُ الْخَلِيلُ.

(نَدَسَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ النَّزْكِ وَالطَّعْنِ. يَقُولُونَ: الْمُنَادَسَةُ بِالرِّمَاحِ: الْمُطَاعَنَةُ. وَالنَّدْسُ: الطَّعْنُ. قَالَ الْكُمَيْتُ:

(5/409)


وَنَحْنُ صَبَحْنَا آلَ نَجْرَانَ غَارَةً ... تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ وَالرِّمَاحَ النَّوَادِسَا
وَمِنَ الْبَابِ النَّدُسُ: الرَّجُلُ الْفَطِنُ، وَكَذَلِكَ السَّرِيعُ السَّمْعِ لِلصَّوْتِ الْخَفِيِّ. وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ قَرِيبٌ. وَكَذَلِكَ نَدَسْتُ بِهِ الْأَرْضَ، إِذَا صَرَعْتَهُ. وَنَدَسْتُ الشَّيْءَ عَنِ الطَّرِيقِ: نَحَّيْتُهُ. وَإِلَّا وَقَدْ ضَرَبْتُهُ.

(نَدَصَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ إِنْ صَحَّتْ. يَقُولُونَ: نَدَصَتْ عَيْنُهُ: جَحَظَتْ وَنَدَرَتْ.

(نَدَغَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ إِنْ صَحَّتْ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى شِبْهِ الطَّعْنِ وَالنَّخْسِ. يُقَالُ: نَدَغَهُ: طَعَنَهُ. وَنَدَغْتُ الصَّبِيَّ: دَغْدَغْتُهُ. وَيَقُولُونَ: النُّدْغَةُ: الْبَيَاضُ فِي آخِرِ الظُّفْرِ، وَكَأَنَّهُ شَيْءٌ أَثَّرَ فِي شَيْءٍ.

(نَدَفَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ شِبْهُ النَّفْشِ لِلشَّيْءِ بِآلَةٍ. وَنَدَفْتُ الْقُطْنَ بِالْمِنْدَفِ. وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا فَيُقَالُ: نَدَفَتِ الدَّابَّةُ فِي سَيْرِهَا نَدْفًا، وَهُوَ سُرْعَةُ رَجْعِ يَدَيْهَا. وَالنَّدْفُ فِي الْحَلْبِ: أَنْ تَفْطُرَ الضَّرَّةَ بِإِصْبَعِكَ: وَنَدَفَتِ السَّمَاءُ بِمَطَرٍ مِثْلُ نَطَفَتْ. وَالنُّدْفَةُ: الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ، كَأَنَّهُ قُطْنَةٌ قَدْ نُدِفَتْ.

(نَدَلَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نَقْلٍ وَاضْطِرَابٍ. يَقُولُونَ: نَدَلْتُ الشَّيْءَ نَدْلًا، إِذَا نَقَلْتَهُ. قَالُوا: وَاشْتِقَاقُ الْمِنْدِيلِ مِنْهُ. وَيَقُولُونَ: النَّدْلُ: الِاخْتِلَاسُ. قَالَ:

(5/410)


فَنَدْلًا زُرَيْقُ الْمَالَ نَدْلَ الثَّعَالِبِ
وَالْمُنَوْدِلُ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاضْطِرَابِهِ. وَنَوْدَلَتْ خُصْيَاهُ: اسْتَرْخَتَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ إِنْ صَحَّ: النَّدْلُ، يُقَالُ إِنَّهُ الْوَسَخُ: وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ.

(نَدَمَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْمِيمُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَفَكُّنٍ لِشَيْءٍ قَدْ كَانَ. يُقَالُ: نَدِمَ عَلَيْهِ نَدَمًا وَنَدَامَةً. وَشَرِيبُ الرَّجُلِ: مُنَادِمُهُ وَنَدِيمُهُ. وَقَالَ نَاسٌ: الْمُنَادَمَةُ مَقْلُوبُ الْمُدَامَنَةِ، وَذَلِكَ إِدْمَانُ الشَّرَابِ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: كَانَ الشَّرِيبَانِ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْضُ مَا يُنْدَمُ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَا نَدِيمَيْنِ.

(نَدَهَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى زَجْرٍ وَمَنْعٍ. يُقَالُ: نَدَهْتُ الْبَعِيرَ عَنِ الْحَوْضِ، أَيْ زَجَرْتُهُ. وَنَدَهْتُ الْإِبِلَ: سُقْتُهَا مُجْتَمِعَةً. وَيَقُولُونَ لِلْمُطَلَّقَةِ: اذْهَبِي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. وَشَذَّ عَنْهُ النُّدْهَةُ: كَثْرَةُ الْمَالِ. قَالَ:
وَلَا مَالُهُمْ ذُو نَدْهَةٍ فَيَدُونِي.

(نَدِيَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى تَجَمُّعٍ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى بَلَلٍ فِي الشَّيْءِ.

(5/411)


فَالْأَوَّلُ النَّادِي وَالنَّدِيِّ: الْمَجْلِسُ يَنْدُو الْقَوْمُ حَوَالَيْهِ ; وَإِذَا تَفَرَّقُوا فَلَيْسَ بِنَدِيٍّ. وَمِنْهُ دَارُ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْدُونَ فِيهَا، أَيْ يَجْتَمِعُونَ وَنَادَيْتُهُ: جَالَسْتُهُ فِي النَّدِيِّ. قَالَ:
فَتًى لَوْ يُنَادِي الشَّمْسَ أَلْقَتْ قِنَاعَهَا ... أَوِ الْقَمَرَ السَّارِيَ لَأَلْقَى الْمَقَالِدَا
وَنَدْوَةُ الْإِبِلِ: أَنْ تَنْدُوَ مِنَ الْمَشْرَبِ إِلَى الْمَرْعَى الْقَرِيبِ مِنْهُ ثُمَّ تَعُودَ إِلَى الْمَاءِ مِنْ يَوْمِهَا أَوْ غَدِهَا. وَكَذَلِكَ تَنْدُو مِنَ الْحَمْضِ إِلَى الْخَلَّةِ. وَأَنْدَى إِبِلَهُ، مِنْ هَذَا.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّدَى مِنَ الْبَلَلِ، مَعْرُوفٌ. يُقَالُ نَدًى وَأَنْدَاءٌ، وَجَاءَ أَنْدِيَةٌ، وَهِيَ شَاذَّةٌ. وَرُبَّمَا عَبَّرُوا عَنِ الشَّحْمِ بِالنَّدَى. وَهُوَ أَنْدَى مِنْ فُلَانٍ، أَيْ أَكْثَرُ خَيْرًا مِنْهُ. وَمَا نَدِيَتْ كَفِّي لِفُلَانٍ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ. قَالَ النَّابِغَةُ:
مَا إِنْ نَدِيتُ بِشَيْءٍ أَنْتَ تَكْرَهُهُ ... إِذَنْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ يَدِي
وَهُوَ يَتَنَدَّى عَلَى أَصْحَابِهِ، أَيْ يَتَسَخَّى.
وَمِنَ الْبَابِ نَدَى الصَّوْتِ: بُعْدُ مَذْهَبِهِ. وَهُوَ أَنْدَى صَوْتًا مِنْهُ، أَيْ أَبْعَدُ. قَالَ:
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُ فَإِنَّ أَنْدَى ... لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ

(5/412)


إِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ إِلَى شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى طَرَائِقَ وَآثَارٍ. وَالنُّدْأَةُ: طَرِيقَةٌ مِنَ الشَّحْمِ مُخَالِفَةٌ لِلَوْنِ اللَّحْمِ. وَالنُّدْأَةُ: قَوْسُ قُزَحَ، وَالْحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْغَيْمِ نَحْوَ الشَّفَقِ. وَنَدَأْتُ اللَّحْمَ فِي الْمَلَّةِ: دَفَنْتُهُ حَتَّى يَنْضَجَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهُوَ النَّدِئُ مِثْلُ الطَّبِيخِ.

(نَدَبَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْبَاءُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: إَحْدَاهَا الْأَثَرُ، وَالثَّانِيَةُ الْخَطَرُ، وَالثَّالِثَةُ تَدُلُّ عَلَى خِفَّةٍ فِي شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ النَّدَبُ: أَثَرُ الْجُرْحِ، وَالْجَمْعُ أَنْدَابٌ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْجِلْدِ.
وَالثَّانِي: النَّدَبُ: الْخَطَرُ. وَأَنْدَبَ نَفْسَهُ: خَاطَرَ بِهَا. قَالَ:
. . . . . . . . . . . . . . . وَلَمْ أَقُمْ ... عَلَى نَدَبٍ يَوْمًا وَلِي نَفْسُ مُخْطِرِ
وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ رَجُلٌ نَدْبٌ: خَفِيفٌ. وَالنَّدْبُ: الْفَرَسُ الْمَاضِي. وَعِنْدَنَا أَنَّ النَّدْبَ فِي الْأَمْرِ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا ; لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّدْبَ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ. وَإِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا فَلِأَنَّ الْحَالَ فِيهِ خَفِيفَةٌ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ نَدْبُ النَّادِبَةِ الْمَيِّتَ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ. وَالنَّدْبُ: أَنْ تَدْعُوَ الْقَوْمَ إِلَى الْأَمْرِ، فَانْتَدَبُوا هُمْ.

(نَدَحَ) النُّونُ وَالدَّالُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَعَةٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ النَّدْحُ: الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ، وَالْجَمْعُ أَنْدَاحٌ. وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: لَكَ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ، أَيْ

(5/413)


سَعَةٌ وَفُسْحَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَأَرْضٌ مَنْدُوحَةٌ: بَعِيدَةٌ وَاسِعَةٌ. وَإِنَّهُ لَفِي نَُدْحَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، أَيْ سَعَةٍ وَفُسْحَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ النُّونِ وَالذَّالِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَذَرَ) النُّونُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَخْوِيفٍ أَوْ تَخَوُّفٍ. مِنْهُ الْإِنْذَارُ: الْإِبْلَاغُ ; وَلَا يَكَادُ يَكُونُ إِلَّا فِي التَّخْوِيفِ. وَتَنَاذَرُوا: خَوَّفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَمِنْهُ النَّذْرُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَخَافُ إِذَا أَخْلَفَ. قَالَ ثَعْلَبٌ: نَذِرْتُ بِهِمْ فَاسْتَعْدَدْتُ لَهُمْ وَحَذِرْتُ مِنْهُمْ. وَالنَّذِيرُ: الْمُنْذِرُ، وَالْجَمْعُ النُّذُرُ. وَالنَّذْرُ أَيْضًا: مَا يَجِبُ، كَأَنَّهُ نُذِرَ، أَيْ أُوجِبُ. وَنَذْرُ الْمُوضِحَةِ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ.

(نَذَلَ) النُّونُ وَالذَّالُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خَسَاسَةٍ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ نَذْلٌ.

[بَابُ النُّونِ وَالرَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَرَبَ) النُّونُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ لَا يَأْتَلِفَانِ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا دَخِيلٌ. فَمِنْ ذَلِكَ النَّيْرَبُ: النَّمِيمَةُ، وَهُوَ نَيْرَبٌ أَيْ نَمَّامٌ، كَأَنَّهُ ذُو نَيْرَبٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(5/414)


[بَابُ النُّونِ وَالزَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَزَعَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قَلْعِ شَيْءٍ. وَنَزَعْتُ الشَّيْءَ مِنْ مَكَانِهِ نَزْعًا. وَالْمِنْزَعُ: الشَّدِيدُ النَّزْعِ. وَالْمِنْزَعَةُ كَالْمِلْعَقَةِ يَكُونُ مَعَ مُشْتَارِ الْعَسَلِ. وَنَزَعَ عَنِ الْأَمْرِ نُزُوعًا: تَرَكَهُ. وَشَرَابٌ طَيِّبُ الْمَنْزَعَةِ، أَيْ طَيِّبُ مَقْطَعِ الشُّرْبِ. وَالنَّزَعَةُ: الْمَوْضِعُ مِنْ رَأْسِ الْأَنْزَعِ، وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ شَعَْرُهُ عَنْ جَانِبَيْ جَبْهَتِهِ، وَهُمَا النَّزَعَتَانِ. وَلَا يُقَالُ امْرَأَةٌ نَزْعَاءُ وَلَكِنْ زَعْرَاءُ. وَبِئْرٌ نَزُوعٌ: قَرِيبَةُ الْقَعْرِ يُنْزَعُ مِنْهَا بِالْيَدِ. وَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى النَّزَعَةِ، أَيْ رَجَعَ إِلَى الْحَقِّ ; وَأَرَادَ بِالنَّزَعَةِ جَمْعَ نَازِعٍ، وَهُوَ الَّذِي يَنْزِعُ فِي الْقَوْسِ: يَجْذِبُ وَتَرَهُ بِالسَّهْمِ. وَفُلَانٌ قَرِيبُ الْمَنْزَعَةِ، أَيْ قَرِيبُ الْهِمَّةِ. وَمَنْزَعَةُ الرَّجُلِ: رَأْيُهُ. وَنَازَعَتِ النَّفْسُ إِلَى الْأَمْرِ نِزَاعًا، وَنَزَعَتْ إِلَيْهِ، إِذَا اشْتَهَتْهُ. وَنَزَعَ إِلَى أَبِيهِ فِي الشَّبَهِ. وَنَزَعَ عَنِ الْأَمْرِ نُزُوعًا، إِذَا تَرَكَهُ. وَبَعِيرٌ نَازِعٌ، إِذَا حَنَّ إِلَى مَرْعَاهُ أَوْ وَطَنِهِ. قَالَ:
فَقُلْتُ لَهُمْ لَا تَعْذُلُونِي وَانْظُرُوا ... إِلَى النَّازِعِ الْمَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ
وَأَنْزَعُوا، أَيْ نَزَعَتْ إِبِلُهُمْ إِلَى أَوْطَانِهَا. وَالنَّزَائِعُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي نَزَعَتْ إِلَى أَعْرَاقٍ، وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ الَّتِي انْتُزِعَتْ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ. وَالنَّزُوعُ: الْجَمَلُ الَّذِي يُنْزَعُ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَحْدَهُ. وَالنَّزَائِعُ مِنَ النِّسَاءِ: اللَّوَاتِي يُزَوَّجْنَ فِي غَيْرِ عَشَائِرِهِنَّ ; وَكُلُّ غَرِيبٍ نَزِيعٌ.

(5/415)


(نَزَغَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِفْسَادٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَنَزَغَ بَيْنَ الْقَوْمِ: أَفْسَدَ ذَاتَ بَيْنِهِمْ.

(نَزَفَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَفَادِ شَيْءٍ وَانْقِطَاعٍ. وَنُزِفَ دَمُهُ: خَرَجَ كُلُّهُ. وَالسَّكْرَانُ نَزِيفٌ، أَيْ نُزِفَ عَقْلُهُ. قَالَ:
وَإِذْ هِيَ تَمْشِي كَمَشْيِ النَّزِي ... فِ يَصْرَعُهُ بِالْكَثِيبِ الْبَهَرْ
وَالنَّزْفُ: نَزْحُ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَأَنْزَفُوا: ذَهَبَ مَاءُ بِئْرِهِمْ. وَأَنْزَفُوا: انْقَطَعَ شَرَابُهُمْ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} [الواقعة: 19] . وَالنُّزْفَةُ: الْغُرْفَةُ. وَهُوَ بَحْرٌ لَا يُنْزَفُ. وَنُزِفَ الرَّجُلُ فِي الْخُصُومَةِ: انْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ.

(نَزَقَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَجَلَةٍ. مِنْ ذَلِكَ النَّزَقِ: الْخِفَّةُ وَالْعَجَلُ. وَنَزَّقْتُ الْفَرَسَ فَنَزِقَ. وَيَقُولُونَ: أَنْزَقَ فُلَانٌ بِالضَّحِكِ.

(نَزَكَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْكَافُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى طَعْنٍ أَوْ شَبِيهٍ بِهِ. مِنْهُ النَّزْكُ: الطَّعْنُ بِالنَّيْزَكِ، وَهُوَ الرُّمْحُ الْقَصِيرُ. وَالنَّزْكُ: سُوءُ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فِي الْإِنْسَانِ، وَالطَّعْنُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ» أَيْ طَعَنُوا عَلَيْهِ، يُرَادُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ. وَمِمَّا يُشَبَّهُ بِهَذَا قَوْلُهُمْ لِذِكْرِ الضَّبِّ: نِزْكٌ. قَالَ:
سِبَحْلٌ لَهُ نِزْكَانِ كَانَا فَضِيلَةً ... عَلَى كُلِّ حَافٍ فِي الْبِلَادِ وَنَاعِلِ.

(5/416)


(نَزَلَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى هُبُوطِ شَيْءٍ وَوُقُوعِهِ. وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ نُزُولًا. وَنَزَلَ الْمَطَرُ مِنَ السَّمَاءِ نُزُولًا. وَالنَّازِلَةُ: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ تَنْزِلُ. وَالنِّزَالُ فِي الْحَرْبِ: أَنْ يَتَنَازَلَ الْفَرِيقَانِ. وَنَزَالِ: كَلِمَةٌ تُوضَعُ مَوْضِعَ انْزِلْ. وَمَكَانٌ نَزِلٌ: يُنْزَلُ فِيهِ كَثِيرًا. وَوَجَدْتُ الْقَوْمَ عَلَى نَزَلَاتِهِمْ، أَيْ مَنَازِلِهِمْ. قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. وَالنُّزُْلُ: مَا يُهَيَّأُ لِلنَّزِيلِ. وَطَعَامٌ ذُو نُزْلٍ وَنَزَلٍ، أَيْ ذُو فَضْلٍ. وَيُعَبِّرُونَ عَنِ الْحَجِّ بِالنُّزُولِ. وَنَزَلَ، إِذَا حَجَّ. قَالَ:
أَنَازِلَةٌ أَسْمَاءُ أَمْ غَيْرُ نَازِلَهْ ... أَبِينِي لَنَا يَا أَسْمَ مَا أَنْتِ فَاعِلَهْ
وَقَالَ:
وَلَمَّا نَزَلْنَا قَرَّتِ الْعَيْنُ وَانْتَهَتْ ... أَمَانِيُّ كَانَتْ قَبْلُ فِي الدَّهْرِ تُسْأَلُ
قَالَ: نَزَلْنَا: أَتَيْنَا مِنًى. وَالنُّزَالَةُ: مَاءُ الرَّجُلِ. وَالنَّزِيلُ: الضَّيْفُ. قَالَ:
نَزِيلُ الْقَوْمِ أَعْظَمُهُمْ حُقُوقَا ... وَحَقُ اللَّهِ فِي حَقِ النَّزِيلِ
وَالتَّنْزِيلُ: تَرْتِيبُ الشَّيْءِ وَوَضْعُهُ مَنْزِلَهُ.

(نَزَهَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُعْدٍ فِي مَكَانٍ وَغَيْرِهِ. وَرَجُلٌ نَزِيهُ الْخُلُقِ: بَعِيدٌ عَنِ الْمَطَامِعِ الدَّنِيَّةِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَنَزِهُ النَّفْسِ

(5/417)


وَنَازِهُ النَّفْسِ: ظَلِفُهَا عَنِ الْمَدَانِسِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ، إِذَا تَبَاعَدُوا عَنِ الْمَاءِ وَالرِّيفِ. وَمَكَانٌ نَزِيهٌ: خَلَاءٌ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ.

(نَزَوَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، هُوَ الْوَثَبَانُ وَالِارْتِفَاعُ وَالسُّمُوُّ. مِنْ ذَلِكَ النَّزْوِ. نَزَا يَنْزُو: وَثَبَ. وَنُزَاءُ الذَّكَرِ عَلَى أُنْثَاهُ. وَهُوَ يَنْزُو إِلَى كَذَا، إِذَا نَازَعَ إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ سَمَا لَهُ. وَالتَّنَزِّي مِثْلُ النَّزْوِ.
وَمِنَ الْمَهْمُوزِ: نَزَأْتُ بَيْنَهُمْ: حَرَّشْتُ بَيْنَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ مَا نَزَأَكَ عَلَى كَذَا: مَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مَنْزُوءٌ بِكَذَا: مُولَعٌ.

(نَزَبَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ. يُقَالُ: نَزَبَ الظَّبْيُ نَزِيبًا، وَهُوَ صَوْتُهُ عِنْدَ السِّفَادِ.

(نَزَحَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُعْدٍ. وَنَزَحَتِ الدَّارُ نُزُوحًا: بَعُدَتْ. وَبَلَدٌ نَازِحٌ. وَمِنْهُ نَزْحُ الْمَاءِ، كَأَنَّهُ يُبَاعَدُ بِهِ عَنْ قَعْرِ الْبِئْرِ. يُقَالُ: نَزَحْتُ الْبِئْرَ: اسْتَقَيْتُ مَاءَهَا كُلَّهُ. وَبِئْرٌ نَزُوحٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وَآبَارٌ نُزُحٌ.

(نَزَرَ) النُّونُ وَالزَّاءُ وَالرَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةٍ فِي الشَّيْءِ. وَنَزُرَ الشَّيْءُ نَزَارَةً. وَشَيْءٌ نَزْرٌ: قَلِيلٌ. وَعَطَاءٌ مَنْزُورٌ: مُقَلَّلٌ. وَامْرَأَةٌ نَزُورٌ: قَلِيلَةُ الْوَلَدِ. قَالَ:

(5/418)


بَُِغَاثُ الطَّيْرِ أَكْثَرُهَا فِرَاخًا ... وَأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلَاتٌ نَزُورُ
وَقَوْلُهُمْ: نَزَرْتُ الرَّجُلَ: أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُمْ: لَا يُعْطِي حَتَّى يُنْزَرَ، أَيْ يُلَحَّ عَلَيْهِ، فَهُوَ شَاذٌّ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلَهُ قِيَاسٌ آخَرُ.

[بَابُ النُّونِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَسَعَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَدْلِ الشَّيْءِ.
فَالنِّسْعُ: سَيْرٌ مَضْفُورٌ كَهَيْئَةِ أَعِنَّةِ الْبِغَالِ. وَيُقَالُ لِلْعُنُقِ الطَّوِيلِ نَاسِعٌ، كَأَنَّهُ طُوِّلَ وَجُدِلَ جَدْلًا. وَالْمِنْسَعَةُ: الْأَرْضُ السَّرِيعَةُ النَّبْتِ بِطُولِ نَبْتِهَا وَبَقْلِهَا.

(نَسَغَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْغَيْنُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى غَرْزِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. وَنَسَغَ الْخُبْزَةَ: غَرَزَهَا بِرِيشِ الطَّائِرِ: وَهِيَ الْمِنْسَغَةُ. وَنَسَغَتِ الْوَاشِمَةُ: غَرَزَتِ الْيَدَ بِالْإِبْرَةِ. ثُمَّ يَقُولُونَ: نَسَغْتُ الدَّابَّةَ بِرِجْلِي لِيَثُورَ.
وَيَتَوَسَّعُونَ فِيهِ فَيَقُولُونَ: نَسَغْتُ اللَّبَنَ بِالْمَاءِ: مَذَقْتُهُ. وَنَسَغَهُ بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ.

(نَسَفَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كَشْفِ شَيْءٍ. وَانْتَسَفَتِ الرِّيحُ الشَّيْءَ مِثْلَ التُّرَابِ وَالْعَصْفِ، كَأَنَّهَا كَشَفَتْهُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَسَلَبَتْهُ. وَنَسْفُ الْبِنَاءِ: اسْتِئْصَالُهُ قَطْعًا. وَيُقَالُ لِلرُّغْوَةِ: النُّسَافَةُ، لِأَنَّهَا تُنْتَسَفُ عَنْ وَجْهِ اللَّبَنِ. وَقَوْلُهُمُ انْتُسِفَ لَوْنُهُ مِنْ ذَلِكَ. وَبَعِيرٌ نَسُوفٌ: يُقْلِعُ

(5/419)


النَّبَاتَ عَنِ الْأَرْضِ بِمُقَدَّمِ فِيهِ: وَحَكَى نَاسٌ: هُمَا يَتَنَاسَفَانِ، أَيْ يَتَسَارَّانِ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ. كَأَنَّ هَذَا يَنْسِفُ مَا عِنْدَ ذَاكَ. وَذَاكَ مَا عِنْدَ هَذَا.

(نَسَقَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَتَابُعٍ فِي الشَّيْءِ. وَكَلَامٌ نَسَقٌ: جَاءَ عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ قَدْ عُطِفَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَأَصْلُهُ قَوْلُهُمْ: ثَغْرٌ نَسَقٌ، إِذَا كَانَتِ الْأَسْنَانُ مُتَنَاسِقَةً مُتَسَاوِيَةً.
وَخَرَزٌ نَسَقٌ: مُنَظَّمٌ. قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
بِجِيدِ رِيمٍ كَرِيمٍ زَانَهُ نَسَقٌ ... يَكَادُ يُلْهِبُهُ الْيَاقُوتُ إِلْهَابًا.

(نَسَكَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عِبَادَةٍ وَتَقَرُّبٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَرَجُلٌ نَاسِكٌ. وَالذَّبِيحَةُ الَّتِي تَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ نَسِيكَةٌ. وَالْمَنْسَِكُ: الْمَوْضِعُ يُذْبَحُ فِيهِ النَّسَائِكُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْقُرْبَانِ. وَزَعَمَ نَاسٌ أَنَّ الْمَنْسَِكَ: الْمَكَانُ يَأْلَفُهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

(نَسَلَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سَلِّ شَيْءٍ وَانْسِلَالِهِ. وَالنَّسْلُ: الْوَلَدُ. لِأَنَّهُ يُنْسَلُ مِنْ وَالِدَتِهِ. وَتَنَاسَلُوا: وُلِدَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَمِنْهُ النَّسَلَانُ: مِشْيَةُ الذِّئْبِ إِذَا أَعْنَقَ وَأَسْرَعَ. وَالْمَاشِي يَنْسِلُ، إِذَا أَسْرَعَ.

(5/420)


قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَعَلَا: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] . وَالنُّسَالَةُ: شَعْرُ الدَّابَّةِ إِذَا سَقَطَ عَنْ جَسَدِهِ قِطَعًا. وَنُسَالُ الطَّيْرِ: مَا تَحَاتَّ مِنْ أَرْيَاشِهَا. قَالَ:
وَتَجْلُو سَبِيخَ جُفَالِ النُّسَالِ
وَقَدْ أَنْسَلَتِ الْإِبِلُ: حَانَ لَهَا أَنْ تُنْسِلَ وَبَرَهَا. وَنَسَلَ الثَّوْبُ عَنِ الرَّجُلِ: سَقَطَ. وَيَقُولُونَ: النَّسِيلُ: الْعَسَلُ إِذَا ذَابَ، كَأَنَّهُ نَسَلَ عَنْ شَمْعِهِ وَفَارَقَهُ. وَأَنْسَلْتُ الْقَوْمَ: تَقَدَّمْتُهُمْ.

(نَسَمَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ نَفَسٍ، أَوْ رِيحٍ غَيْرِ شَدِيدَةِ الْهُبُوبِ. وَنَفَسُ الْإِنْسَانِ نَسِيمٌ. وَكَذَا الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ الْهُبُوبِ. وَيَقُولُونَ: مِنْ أَيْنَ مَنْسِمُكَ، أَيْ مِنْ [أَيْنَ] وِجْهَتُكَ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ إِذَا أَقْبَلَ أَقْبَلَ نَسِيمُهُ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ النَّفْسُ نَسَمَةً.
وَشَذَّ عَنْهُ الْمَنْسِمُ: خُفُّ الْبَعِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَابِ، لِأَنَّ خُفَّهُ هُوَ مَا يُحْمَلُ نَسَمَتُهُ.

(نَسِيَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْيَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى إِغْفَالِ الشَّيْءِ، وَالثَّانِي عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ.
فَالْأَوَّلُ نَسِيتُ الشَّيْءَ، إِذَا لَمْ تَذْكُرْهُ، نِسْيَانًا. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ النِّسْيُ مِنْهُ. وَالنِّسْيُ: مَا سَقَطَ مِنْ مَنَازِلِ الْمُرْتَحِلِينَ، مِنْ رُذَالِ أَمْتِعَتِهِمْ، فَيَقُولُونَ: تَتَبَّعُوا أَنَسَاءَكُمْ. قَالَ الشَّنْفَرَى:

(5/421)


كَأَنَّ لَهَا فِي الْأَرْضِ نِسْيًا تَقُصُّهُ ... عَلَى أُمِّهَا وَإِنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَِتِ
وَعَلَى ذَلِكَ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] ، أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَتَرَكَ الْعَهْدَ. وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْأَصْلَيْنِ النَّسَا: عِرْقٌ، وَالْجَمْعُ أَنْسَاءٌ، وَالِاثْنَانِ نَسَيَانِ وَيَقُولُونَ: هُوَ النَّسَا، وَهُوَ عِرْقُ النَّسَا، كُلُّ ذَلِكَ يُقَالُ. قَالَ:
فَأَحْذَيْتُهُ لَمَّا أَتَانِي بِقِرْبَةٍ ... كَعِرْقِ النَّسَا لَمْ يُعْطَ بَطْنًا وَلَا ظَهْرَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَصْلُ فِي الْبَابِ النِّسْيَانُ، وَهُوَ عُزُوبُ الشَّيْءِ عَنِ النَّفْسِ بَعْدَ حُضُورِهِ لَهَا. وَالنَّسَا: عِرْقٌ فِي الْفَخِذِ، لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَعَالِي الْبَدَنِ إِلَى الْفَخِذِ، مُشَبَّهٌ بِالْمَنْسِيِّ الَّذِي أُخِّرَ وَتُرِكَ.
وَإِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى إِلَى تَأْخِيرِ الشَّيْءِ. وَنُسِئَتِ الْمَرْأَةُ: تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ وَقْتِهِ فَرُجِيَ أَنَّهَا حُبْلَى. وَالنَّسِيئَةُ: بَيْعُكَ الشَّيْءَ نَسَاءً، وَهُوَ التَّأْخِيرُ. تَقُولُ: أَنْسَأْتُ. وَنَسَأَ اللَّهُ فِي أَجْلِكَ وَأَنْسَأَ أَجْلَكَ: أَخَّرَهُ وَأَبْعَدَهُ. وَانْتَسَؤُوا، تَأَخَّرُوا وَتَبَاعَدُوا. وَنَسَأْتُهُمْ أَنَا: أَخَّرْتُهُمْ. وَنَسَأْتُ نَاقَتِي، قَالَ قَوْمٌ: رَفَقْتُ بِهَا فِي السَّيْرِ. وَنَسَأْتُهَا: ضَرَبْتُهَا بِالْمِنْسَأَةِ: الْعَصَا. وَهَذَا أَقْيَسُ، لِأَنَّ الْعَصَا كَأَنَّهُ يُبْعَدُ بِهَا الشَّيْءُ وَيُدْفَعُ.

(5/422)


وَالنَّسْءُ: مَا نَبَتَ مِنْ وَبَرِ النَّاقَةِ بَعْدَ تَسَاقُطِ وَبَرِهَا. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ. كَأَنَّ هَذَا الثَّانِي تَأَخَّرَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: نَسَأْتُ الْإِبِلَ فِي ظِمْئِهَا، إِذَا زِدْتَهَا فِي ظِمْئِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ. وَالنَّسِيءُ فِي كِتَابِ اللَّهِ: التَّأْخِيرُ، كَانُوا إِذَا صَدَرُوا عَنْ مِنَى يَقُومُ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَيَقُولُ: أَنَا الَّذِي لَا يُرَدُّ لِي قَضَاءٌ. فَيَقُولُونَ: أَنْسِئْنَا شَهْرًا، أَيْ أَخِّرْ عَنَّا حُرْمَةَ الْمُحَرَّمِ فَاجْعَلْهَا فِي صَفَرَ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَا يُغِيرُونَ فِيهَا، لِأَنَّ مَعَاشَهُمْ كَانَ مِنَ الْإِغَارَةِ، فَأُحِلَّ لَهُمُ الْمُحَرَّمُ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] . وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ النَّسْءُ: بَدْءُ السِّمَنِ فِي الدَّوَابِّ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
بِهَا أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِمَا ... فَقَدْ مَارَ فِيهَا نَسْؤُهَا وَاقْتِرَارُهَا
وَالنَّسِيءُ: الْحَلِيبُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. تَقُولُ مِنْهُ: نَسَأْتُ، وَهُوَ النَّسْءُ أَيْضًا فِي شِعْرِ عُرْوَةَ:
سَقَوْنِي النَّسْءَ ثُمَّ تَكَنَّفُونِي ... عُدَاةُ اللَّهِ مِنْ كَذِبٍ وَزُورِ.

(نَسَبَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ قِيَاسُهَا اتِّصَالُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. مِنْهُ النَّسَبُ، سُمِّيَ لِاتِّصَالِهِ وَلِلِاتِّصَالِ بِهِ. تَقُولُ: نَسَبْتُ أَنْسُِبُ. وَهُوَ نَسِيبُ فُلَانٍ. وَمِنْهُ النَّسِيبُ فِي الشِّعْرِ إِلَى الْمَرْأَةِ، كَأَنَّهُ ذِكْرٌ يَتَّصِلُ بِهَا ; وَلَا يَكُونُ إِلَّا

(5/423)


فِي النِّسَاءِ. تَقُولُ مِنْهُ: نَسَبْتُ أَنْسُِبُ. وَالنَّسِيبُ: الطَّرِيقُ [الْمُسْتَقِيمُ] ، لِاتِّصَالِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ.

(نَسَجَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى وَصْلِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ فِي أَدْنَى عَرْضٍ. وَنَسَجَ الثَّوْبَ يَنْسُِجُهُ. وَضَرَبَتِ الرِّيحُ الْمَاءَ فَانْتَسَجَتْ لَهُ الطَّرَائِقَ. وَالشَّاعِرُ يَنْسُِجُ الشِّعْرَ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ قِيَاسُ الْبَابِ الِاضْطِرَابُ دُونَ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالنَّاقَةُ النَّسُوجُ: [الَّتِي] يَضْطَرِبُ حِمْلُهَا عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ اشْتُقَّ مَِنْسِجُ الْفَرَسِ، لِأَنَّهُ يَتَحَرَّكُ أَبَدًا. وَالْمَِنْسِجُ: كَاثِبَةُ الْفَرَسِ.
وَمِنَ الْبَابِ: هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ، لِانْفِرَادِهِ بِخِصَالِهِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَ الرَّفِيعَ النَّفِيسَ لَا يُنْسَجُ عَلَى مِنْوَالِهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رَفِيعًا عُمِلَ عَلَى مِنْوَالِهِ سَدَى عِدَّةِ أَثْوَابٍ.

(نَسَخَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالْخَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي قِيَاسِهِ. قَالَ قَوْمٌ: قِيَاسُهُ رَفْعُ شَيْءٍ وَإِثْبَاتُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: قِيَاسُهُ تَحْوِيلُ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ. قَالُوا: النَّسْخُ: نَسْخُ الْكِتَابِ. وَالنَّسْخُ: أَمْرٌ كَانَ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ يُنْسَخُ بِحَادِثٍ غَيْرِهِ، كَالْآيَةِ يَنْزِلُ فِيهَا أَمْرٌ ثُمَّ تُنْسَخُ بِآيَةٍ أُخْرَى. وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَفَ شَيْئًا فَقَدِ انْتَسَخَهُ. وَانْتَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَالشَّيْبُ الشَّبَابَ. وَتَنَاسُخُ الْوَرَثَةِ: أَنْ يَمُوتَ وَرَثَةٌ بَعْدَ وَرَثَةٍ وَأَصْلُ الْإِرْثِ قَائِمٌ لَمْ يُقَسَّمْ. وَمِنْهُ

(5/424)


تَنَاسُخُ الْأَزْمِنَةِ وَالْقُرُونِ. قَالَ السِّجِسْتَانِيُّ النَّسْخُ: أَنْ تُحَوِّلَ مَا فِي الْخَلِيَّةِ مِنَ الْعَسَلِ وَالنَّحْلِ فِي أُخْرَى. قَالَ: وَمِنْهُ نَسْخُ الْكِتَابِ.

(نَسَرَ) النُّونُ وَالسِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاسٍ وَاسْتِلَابٍ. مِنْهُ النَّسْرُ: تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ. وَنَسَرَهُ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ اسْتَلَبَهُ. وَمِنْهُ النَّسْرُ، كَأَنَّهُ يَنْسُرُ الشَّيْءَ. وَالْمِنْسَرُ: خَيْلٌ مَا بَيْنَ الْمِائَةِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، كَأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيَنْسُِرَ شَيْئًا، أَيْ يَخْتَطِفَهُ وَيَسْتَلِبَهُ. وَيُقَالُ: بَلِ الْمِنْسَرُ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا قَلَعَهُ.
وَمِنَ التَّشْبِيهِ النَّسْرُ: كَوَاكِبُ فِي السَّمَاءِ: النَّسْرُ الطَّائِرُ، وَالنَّسْرُ الْوَاقِعُ. وَمِنْهُ نَسْرُ الْحَافِرِ: مَا فِي بَطْنِهِ كَأَنَّهُ النَّوَى وَالْحَصَى.

[بَابُ النُّونِ وَالشِّينِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَشَصَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالصَّادُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ فِي شَيْءٍ وَسُمُوٍّ. وَنَشَصَ السَّحَابُ: ارْتَفَعَ. وَالسَّحَابَةُ الْمُرْتَفِعَةُ الْبَيْضَاءُ: النَّشَاصَةُ، وَجَمْعُهَا نَشَاصٌ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

(5/425)


أَصَدَّ نَشَاصَ ذِي الْقَرْنَيْنِ حَتَّى ... تَوَلَّى عَارِضُ الْمَلِكِ الْهُمَامِ
وَنَشَصَ الْوَبَرُ: ارْتَفَعَ. وَنَشَصْنَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ: ارْتَفَعْنَا. وَنَشَصَتِ الْمَرْأَةُ مِثْلُ نَشَزَتْ. وَنَشَصَتْ ثَنِيَّتُهُ: تَحَرَّكَتْ وَارْتَفَعَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا.

(نَشِطَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالطَّاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اهْتِزَازٍ وَحَرَكَةٍ. مِنْهُ النَّشَاطُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالِاهْتِزَازِ وَالتَّفَتُّحِ. يُقَالُ نَشِطَ يَنْشَطُ. وَأَنْشَطَ الْقَوْمُ: كَانَتْ دَوَابُّهُمْ نَشِيطَةً. وَالثَّوْرُ نَاشِطٌ، لِأَنَّهُ يَنْشِطُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَذَاكَ أَمْ نَمِشٌ بِالْوَشْيِ أَكْرُعُهُ ... مُسَفَّعُ الْخَدِّ هَادٍ نَاشِطٌ شَبَبُ
وَنَشَطْتُ الشَّيْءَ: قَشَرْتُهُ، كَأَنَّهُ لَمَّا قُشِرَ أُخْرِجَ مِنْ جِلْدِهِ. وَطَرِيقٌ نَاشِطٌ: يَنْشِطُ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ يَمْنَةً [وَيَسْرَةً] . وَنَشَطَتِ النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا، إِذَا شَدَّتْ. وَالْأُنْشُوطَةُ: الْعُقْدَةُ مِثْلُ عُقْدَةِ السَّرَاوِيلِ وَنَشَطْتُهُ بِأُنْشُوطَةٍ. وَأَنْشَطْتُ الْعِقَالَ: مَدَدْتُ أُنْشُوطَتَهُ فَانْحَلَّتْ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْإِنْشَاطُ: الْحَلُّ، وَالتَّنْشِيطُ: الْعَقْدُ. وَبِئْرٌ أَنْشَاطٌ: قَرِيبَةُ الْقَعْرِ يَخْرُجُ دَلْوُهَا بِجَذْبَةٍ. وَنَشَطْتُ الدَّلْوَ مِنَ الْبِئْرِ بِغَيْرِ قَامَةٍ. وَالنَّشِيطَةُ مِنَ الْإِبِلِ: أَنْ تُوجَدَ فَتُسَاقَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْمَدَ لَهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَوْمُ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى الْحَيِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَيْهِ، فَيَنْشِطُهُ الرَّئِيسُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ. قَالَ:

(5/426)


لَكَ الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفَايَا ... وَحُكْمُكَ وَالنَّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ.

(نَشَعَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. نَشَعْتُ الصَّبِيَّ الْوَجُورَ نَشْعًا فَانْتَشَعَهُ، أَيْ جَرَِعَهُ. وَالْمَصْدَرُ النُّشُوعُ. قَالَ:
نُشِعْتُ الْمَجْدَ فِي أَنْفِي نُشُوعَا.

(نَشَغَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْغَيْنُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ، لَيْسَ قِيَاسُهَا وَاحِدًا.
الْأُولَى النَّشْغُ: كَالشَّهِيقِ عِنْدَ الشَّوْقِ. الثَّانِيَةُ النَّاشِغُ: الَّذِي يَحْيَا بَعْدَ جَهْدٍ. الثَّالِثَةُ النَّوَاشِغُ: أَعَالِي الْوَادِي، الْوَاحِدَةُ نَاشِغَةٌ.

(نَشَفَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى وُلُوجِ نَدًى فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ. مِنْهُ النَّشْفُ: دُخُولُ الْمَاءِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ حَتَّى يَنْتَشِفَاهُ. وَالنَِّشْفَةُ: حَجَرٌ، سُمِّيَتْ لِانْتِشَافِهَا الْوَسَخَ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَالْجَمْعُ النِّشَفُ. [وَيُقَالُ: إِنَّ النَّشْفَ] فِي الْحِيَاضِ كَالنَّزْحِ فِي الرَّكَايَا. وَالنَّاقَةُ تُدِرُّ قَبْلَ نِتَاجِهَا ثُمَّ تَذْهَبُ دِرَّتُهَا: مِنْشَافٌ وَنَشُوفٌ.

(5/427)


(نَشِقَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْقَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نُشُوبِ شَيْءٍ. وَنَشِقَ الظَّبْيُ فِي الْحِبَالَةِ: عَلِقَ فِيهَا وَالنَّشِقَةُ: حَبْلٌ يُجْعَلُ فِي أَعْنَاقِ الْبَهْمِ، وَيُقَالُ هِيَ النُّشْقَةُ. وَرَجُلٌ نَشِقٌ، إِذَا وَقَعَ فِي أَمْرٍ لَا يَكَادُ يَخْلُصُ مِنْهُ.
وَمِنَ الْبَابِ: أَنْشَقْتُ الصَّبِيَّ الدَّوَاءَ: صَبَبْتُهُ فِي أَنْفِهِ. وَالنَّشُوقُ: اسْمٌ لِكُلِّ دَوَاءٍ يُنْشَقُ. وَمِنْهُ اسْتَنْشَقْتُ الرِّيحَ: تَشَمَّمْتُهَا. وَهَذِهِ رِيحٌ مَكْرُوهَةُ النَّشَقِ، أَيْ الشَّمِّ. وَالْمُتَوَضِّئُ يَسْتَنْشِقُ الْمَاءَ، عِنْدَ اسْتِنْثَارِهِ. .

(نَشَلَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى رَفْعِ بَِضْعَةٍ مِنْ قَدْرٍ. وَنَشَلَ اللَّحْمَ مِنَ الْقِدْرِ بِالْمِنْشَلِ، وَهُوَ النَّشِيلُ. وَفَخْذٌ نَاشِلَةٌ: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ ; وَالْمِنْشَلُ وَالْمِنْشَالُ: مَا يُنْشَلُ بِهِ. وَيَقُولُونَ: وَمَا أَدْرِي كَيْفَ صِحَّتُهُ: الْمَنْشَلَةُ: مَوْضِعُ الْخَاتَمِ مِنَ الْخِنْصَرِ.

(نَشَمَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْمِيمُ يَدُلُّ عَلَى نُشُوبِ شَيْءٍ. وَنَشَّمُوا فِي الْأَمْرِ: أَخَذُوا فِيهِ. وَيُقَالُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمَّا نَشَّمَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ "،» أَيْ أَخَذُوا فِيهِ وَنَالُوا مِنْهُ. وَنَشَّمَ اللَّحْمُ تَنْشِيمًا، أَيِ ابْتَدَأَتْ فِيهِ رَائِحَةٌ.
وَشَذَّ عَنْهُ النَّشَمُ: شَجَرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْقِسِيُّ.

(نَشَأَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ فِي شَيْءٍ

(5/428)


وَسُمُوٍّ. وَنَشَأَ السَّحَابُ: ارْتَفَعَ. وَأَنْشَأَهُ اللَّهُ: رَفَعَهُ. وَمِنْهُ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] ، يُرَادُ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْقِيَامُ وَالِانْتِصَابُ لِلصَّلَاةِ.
وَمِنَ الْبَابِ: النَّشْءُ وَالنَّشَأُ: أَحْدَاثُ النَّاسِ. وَنَشَأَ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ. وَالنَّاشِئُ: الشَّابُّ الَّذِي نَشَأَ وَارْتَفَعَ وَعَلَا. وَأَنْشَأَ فُلَانٌ حَدِيثًا، وَأَنْشَأَ يُنْشِدُ وَيَقُولُ، كُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ.
وَمِنَ الْبَابِ: اسْتَنْشَأْتُ الرِّيحَ: تَشَمَّمْتُهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّكَ كَأَنَّكَ تَرْفَعُهَا إِلَى أَنْفِكَ.

(نَشَجَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ. وَنَشَجَ الْبَاكِي: غَصَّ بِالْبُكَاءِ فِي حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِحَابٍ. وَنَشَجَ الْحِمَارُ بِصَوْتِهِ نَشْجًا. وَيُقَالُ لِلطَّعْنَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ فَسُمِعَ لَهُ حِسٌّ: قَدْ نَشَجَتْ. وَكَذَا الْقِدْرُ تَنْشِجُ عِنْدَ الْغَلَيَانِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَنْشَاجُ مِنْ هَذَا، وَهِيَ مَجَارِي الْمَاءِ، الْوَاحِدُ نَشَجٌ، كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِهَا لِقَسِيبِ الْمَاءِ.

(نَشَحَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالْحَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى التَّضَادِّ، فَقَالَ قَوْمٌ: نَشَحَ الشَّارِبُ، إِذَا شَرِبَ حَتَّى امْتَلَأَ. وَسِقَاءٌ نَشَّاحٌ: مُمْتَلِئٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: النُّشُوحُ: شُرْبٌ دُونَ الرِّيِّ.

(نَشَدَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ شَيْءٍ وَتَنْوِيهٍ. وَنَشَدَ فُلَانٌ فُلَانًا قَالَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَيْ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ. وَتَلْخِيصُهُ:

(5/429)


ذَكَّرْتُكَ اللَّهَ تَعَالَى. وَمِنْهُ إِنْشَادُ الشَّاعِرِ وَهُوَ ذِكْرُهُ وَالتَّنْوِيهُ بِهِ. فَأَمَّا أَنْشَدْتُ الضَّالَّةَ فَمَعْنَاهُ عَرَّفْتُهَا ; وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَحِلُّ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ» ، أَيْ مُعَرِّفٍ. وَأَمَّا نَشَدْتُ الضَّالَّةَ، يَعْنِي طَلَبْتُهَا، فَلِرَفْعِ صَوْتِهِ.

(نَشَرَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى فَتْحِ شَيْءٍ وَتَشَعُّبِهِ. وَنَشَرْتُ الْخَشَبَةَ بِالْمِنْشَارِ نَشْرًا. وَالنَّشْرُ: الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ.
وَاكْتَسَى الْبَازِي رِيشًا نَشَرًا. أَيْ مُنْتَشِرًا وَاسِعًا طَوِيلًا. وَمِنْهُ نَشَرْتُ الْكِتَابَ. خِلَافَ طَوَيْتُهُ. وَنَشَرَ اللَّهُ الْمَوْتَى فَنَشَرُوا. وَأَنْشَرَ اللَّهُ الْمَوْتَى أَيْضًا. قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ، ثُمَّ قَالَ الْأَعْشَى:
حَتَّى يَقُولُ النَّاسُ لَمَّا رَأَوْا ... يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ
وَنَشَرَتِ الْأَرْضُ: أَصَابَهَا الرَّبِيعُ فَأَنْبَتَتْ، وَهِيَ نَاشِرَةٌ، وَذَلِكَ النَّبَاتُ النَّشْرُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ لِلرَّاعِيَةِ رَدِيٌّ وَيُقَالُ: بَلِ النَّشْرُ: الْكَلَأَ يَيْبَسُ ثُمَّ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الْحَلَمِ، وَهُوَ دَاءٌ. وَعُرُوقُ بَاطِنِ الذِّرَاعِ: النَّوَاشِرُ، سُمِّيَتْ لِانْتِشَارِهَا. وَالِانْتِشَارُ: انْتِفَاخُ عَصَبِ الدَّابَّةِ مِنْ تَعَبٍ. وَالنَّشَرُ: أَنْ تَنْتَشِرَ الْغَنَمُ بِاللَّيْلِ فَتَرْعَى، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِمَنْ جَمَعَ أَمْرَهُ: " قَدْ ضَّمَ نَشَرَهُ ".

(نَشَزَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ وَعُلُوٍّ. وَالنَّشَزُ: الْمَكَانُ الْعَالِي الْمُرْتَفِعُ. وَالنَّشْزُ وَالنُّشُوزُ: الِارْتِفَاعُ، ثُمَّ

(5/430)


اسْتُعِيرَ فَقِيلَ نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ: اسْتَصْعَبَتْ عَلَى بَعْلِهَا، وَكَذَلِكَ نَشَزَ بَعْلُهَا: جَفَاهَا وَضَرَبَهَا.

(نَشَسَ) النُّونُ وَالشِّينُ وَالسِّينُ كَلِمَةٌ مِنَ الْإِبْدَالِ، يُقَالُ نَشَسَتْ، مِثْلُ نَشَزَتْ.

[بَابُ النُّونِ وَالصَّادِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَصَعَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خُلُوصٍ وَلِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ النَّاصِعُ: الْحَسَنُ اللَّوْنِ الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ. وَالنِّصْعُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ شَدِيدُ الْبَيَاضِ. وَنَصَعَ الْحَقُّ: وَضَحَ.
وَمِنْ بَابِ السُّهُولَةِ وَاللِّينِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، أَنْصَعَتِ النَّاقَةُ لِلْفَحْلِ: أَقَرَّتْ لَهُ. وَيُقَالُ: قَبَّحَ اللَّهُ أُمًّا نَصَعَتْ [بِهِ] ، أَيْ وَلَدَتْهُ، حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَالْمَنَاصِعُ: الْمَجَالِسُ: سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا فِي أَسْهَلِ الْمَوَاضِعِ وَأَمْكَنِهَا.
وَشَذَّ عَنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: أَنْصَعَ: اقْشَعَرَّ. قَالَ:
حَتَّى اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَأَنْصَعَا.

(نَصَفَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالْفَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى شَطْرِ الشَّيْءِ، وَالْأُخْرَى عَلَى جِنْسٍ مِنَ الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ.

(5/431)


فَالْأَوَّلُ نِصْفُ الشَّيْءِ وَنَصِيفُهُ: شَطْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» ، وَذَلِكَ كَثُمْنٍ وَثَمِينٍ. قَالَ:
لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ ... وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
وَيُقَالُ: إِنَاءٌ نَصْفَانُ: بَلَغَ الْمَاءُ نِصْفَهُ. وَالنَّصَفُ: بَيْنَ الْمُسِنَّةِ وَالْحَدَثَةِ، أَيْ بَلَغَتْ نِصْفَ عُمْرِهَا. وَالْإِنْصَافُ فِي الْمُعَامَلَةِ، كَأَنَّهُ الرِّضَا بِالنِّصْفِ. وَالنِّصْفُ: الْإِنْصَافُ أَيْضًا. وَنَصَفَ النَّهَارُ يَنْصُفُ: انْتَصَفَ. قَالَ:
نَصَفَ النَّهَارُ الْمَاءُ غَامِرُهُ ... وَرَفِيقُهُ بِالْغَيْبِ لَا يَدْرِي
وَنَصَفَ الْإِزَارُ سَاقَهُ: بَلَغَ نِصْفَهَا يَنْصُفُهَا. قَالَ:
تَرَى سَيْفَهُ لَا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُهُ ... أَجَلْ لَا وَإِنْ كَانَتْ طِوَالًا مَحَامِلُهُ.

(نَصَلَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى بُرُوزِ الشَّيْءِ مِنْ كِنٍّ وَسِتْرٍ أَوْ مَرْكَبٍ.
وَنَصَلَ الْحَافِرُ: خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ. وَنَصَلَ الْخِضَابُ. وَمِنْهُ تَنَصَّلَ مِنْ ذَنْبِهِ: تَبَرَّأَ، كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ. وَالنَّصْلُ: نَصْلُ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ، سُمِّيَ بِهِ لِبُرُوزِهِ

(5/432)


وَصَفَائِهِ وَجَلَائِهِ. يُقَالُ فِي تَصْرِيفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ: أَنْصَلْتُ الرُّمْحَ: نَزَعْتُ نَصْلَهُ. وَنَصَلْتُهُ: جَعَلْتُ لَهُ نَصْلًا. وَالْمُنْصَُلُ: السَّيْفُ. قَالَ فِي أَنْصَلْتُ:
تَدَارَكَهُ فِي مُنْصِلِ الْأَلِّ بَعْدَمَا ... مَضَى غَيْرَ دَأْدَاءٍ وَقَدْ كَادَ يَعْطَبُ
أَرَادَ: رَجَبٌ، كَانَ يُسَمَّى مُنْصِلَ الْأَسِنَّةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُحَارِبُونَ فِيهِ. وَقَالَ فِي الْمُنْصَُلِ:
إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ خَيْرِ عَبْسٍ مَنْصِبًا ... شَطْرِي وَأَحْمِي سَائِرِي بِالْمُنْصَُلِ
وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى التَّشْبِيهِ: النَّصِيلُ: مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالرَّأْسِ مِنْ بَاطِنٍ تَحْتَ اللَّحْيَيْنِ.

(نَصَا) النُّونُ وَالصَّادُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ - وَهَذَا الْمُعْتَلُّ أَكْثَرُهُ وَاوٌ - أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَخَيُّرٍ وَخَطَرٍ فِي الشَّيْءِ وَعُلُوٍّ. وَمِنْهُ النَّصِيَّةُ مِنَ الْقَوْمِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الْخِيَارُ. وَيُقَالُ انْتَصَيْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرْتُهُ. وَهَذِهِ نَصِيَّتِي: خِيَرَتِي. وَمِنْهُ النَّاصِيَةُ: سُمِّيَتْ لِارْتِفَاعِ مَنْبَتِهَا. وَالنَّاصِيَةُ: قُصَاصُ الشَّعْرِ.
وَفِي تَصْرِيفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ: نَصَوْتُ فُلَانًا: قَبَضْتُ عَلَى نَاصِيَتِهِ. وَنَاصَيْتُهُ: أَخَذَ كُلٌّ مِنَّا بِنَاصِيَةِ صَاحِبِهِ. وَمَفَازَةٌ تُنَاصِي أُخْرَى مِنْ هَذَا، كَأَنَّهَا تَتَّصِلُ بِهَا كَالْقَابِضَةِ عَلَى نَاصِيَتِهَا. وَهُوَ تَشْبِيهٌ. وَانْتَصَى الشَّعْرُ: طَالَ. وَقَوْلُ عَائِشَةَ:

(5/433)


" مَا لَكُمْ تَنْصُونَ مَيِّتَكُمْ " فَإِنَّهَا أَرَادَتْ تَمُدُّونَ نَاصِيَتَهُ، كَأَنَّهَا كَرِهَتْ تَسْرِيحَ رَأْسِ الْمَيِّتِ.

(نَصَبَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِقَامَةِ شَيْءٍ وَإِهْدَافٍ فِي اسْتِوَاءٍ. يُقَالُ: نَصَبْتُ الرُّمْحَ وَغَيْرَهُ أَنْصِبُهُ نَصْبًا. وَتَيْسٌ أَنْصَبُ، وَعَنْزٌ نَصْبَاءُ، إِذَا انْتَصَبَ قَرْنَاهَا وَنَاقَةٌ نَصْبَاءُ: مُرْتَفِعَةُ الصَّدْرِ. وَالنَّصْبُ: حَجَرٌ كَانَ يُنْصَبُ فَيُعْبَدُ، وَيُقَالُ هُوَ النُّصُبُ، وَهُوَ حَجَرٌ يُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّنَمِ تُصَبُّ عَلَيْهِ دِمَاءُ الذَّبَائِحِ لِلْأَصْنَامِ. وَالنَّصَائِبُ: حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَوَالَيْ شَفِيرِ الْبِئْرِ فَتُجْعَلُ عَضَائِدَ.
وَمِنَ الْبَابِ النَّصَبُ: الْعَنَاءُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَزَالُ مُنْتَصِبًا حَتَّى يُعْيِيَ. وَغُبَارٌ مُنْتَصِبٌ: مُرْتَفِعٌ. وَالنَّصِيبُ: الْحَوْضُ يُنْصَبُ مِنَ الْحِجَارَةِ. فَأَمَّا نِصَابُ الشَّيْءِ فَهُوَ أَصْلُهُ ; وَسُمِّيَ نِصَابًا لِأَنَّ نَصْلَهُ إِلَيْهِ يُرْفَعُ، وَفِيهِ يُنْصَبُ وَيُرَكَّبُ، كَنِصَابِ السِّكِّينِ وَغَيْرِهِ. وَالنَّصِيبُ: الْحَظُّ مِنَ الشَّيْءِ، يُقَالُ: هَذَا نَصِيبِي، أَيْ حَظِّي. وَهُوَ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي رُفِعَ لَكَ وَأَهْدَفَ. وَالنَّصْبُ: جِنْسٌ مِنَ الْغِنَاءِ، وَلَعَلَّهُ مِمَّا يُنْصَبُ، أَيْ يُعَلَّى بِهِ الصَّوْتُ. وَبَلَغَ الْمَالُ النِّصَابَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَأَنَّهُ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَارْتَفَعَ إِلَيْهِ. وَيَقُولُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْفَتْحِ هُوَ النَّصْبُ، كَأَنَّ الْكَلِمَةَ تَنْتَصِبُ فِي الْفَمِ انْتِصَابًا.

(نَصَتَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى السُّكُوتِ. وَأَنْصَتَ لِاسْتِمَاعِ الْحَدِيثِ، وَنَصَتَ يَنْصِتُ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَنْصِتُوا.

(5/434)


(نَصَحَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى مُلَاءَمَةٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَإِصْلَاحٍ لَهُمَا. أَصْلُ ذَلِكَ النَّاصِحُ: الْخَيَّاطُ. وَالنِّصَاحُ: الْخَيْطُ يُخَاطُ بِهِ، وَالْجَمْعُ نِصَاحَاتٌ، وَبِهَا شُبِّهَتِ الْجُلُودُ الَّتِي تُمَدُّ فِي الدِّبَاغِ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ:
فَتَرَى الْقَوْمَ نَشَاوَى كُلُّهُمْ ... مِثْلَمَا مُدَّتْ نِصَاحَاتُ الرُّبَحْ
وَمِنْهُ النُّصْحُ وَالنَّصِيحَةُ: خِلَافُ الْغِشِّ. وَنَصَحْتُهُ أَنْصَحُهُ. وَهُوَ نَاصِحُ الْجَيْبِ لِمَثَلٍ، إِذَا وُصِفَ بِخُلُوصِ الْعَمَلِ، وَالتَّوْبَةُ النَّصُوحِ مِنْهُ، كَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ وَلَا ثُلْمَةٌ وَيُقَالُ: أَنْصَحْتُ الْإِبِلَ، إِذَا أَرَوَيْتَهَا فَنَصَحَتْ، أَيْ رَوِيَتْ. وَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَنَاصِحُ الْعَسَلِ: مَاذِيُّهُ، كَأَنَّهُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا يَتَخَلَّلُهُ مَا يَشُوبُهُ. وَنَصَحْتُ لَهُ وَنَصَحْتُهُ بِمَعْنًى. وَقَمِيصٌ مَنْصُوحٌ: مَخِيطٌ.

(نَصَرَ) النُّونُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِتْيَانِ خَيْرٍ وَإِيتَائِهِ. وَنَصَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ: آتَاهُمُ الظَّفَرَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، يَنْصُرُهُمْ نَصْرًا. وَانْتَصَرَ: انْتَقَمَ، وَهُوَ مِنْهُ. وَأَمَّا الْإِتْيَانُ فَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَصَرْتُ بَلَدَ كَذَا، إِذَا أَتَيْتَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ فَوَدِّعِي ... بِلَادَ تَمِيمٍ وَانْصُرِي أَرْضَ عَامِرِ
وَلِذَلِكَ يُسَمَّى الْمَطَرُ نَصْرًا. وَنُصِرَتِ الْأَرْضُ، فَهِيَ مَنْصُورَةٌ. وَالنَّصْرُ: الْعَطَاءُ. قَالَ:

(5/435)


إِنِّي وَأَسْطَارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقَائِلٌ يَا نَصْرُ نَصْرًا نَصْرَا.

[بَابُ النُّونِ وَالضَّادِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَضَلَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَاللَّامُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى رَمْيٍ وَمُرَامَاةٍ.
وَنَضَلَ فُلَانًا: رَامَاهُ بِالنِّضَالِ فَغَلَبَهُ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ يُنَاضِلُ عَنْ فُلَانٍ: يَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِعُذْرِهِ، كَأَنَّهُ يُرَامِي دُونَهُ. وَانْتَضَلْتُ سَهْمًا مِنَ الْكِنَانَةِ. وَيُقَالُ اسْتِعَارَةً: انْتَضَلْتُ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ: اخْتَرْتُ مِنْهُمْ. وَانْتِضَالُ الْإِبِلِ: رَمْيُهَا بِأَيْدِيهَا فِي السَّيْرِ. وَانْتَضَلُوا وَتَنَاضَلُوا: رَمَوْا بِالسَّبْقِ. وَانْتَضَلْنَا بِالْكَلَامِ وَالْأَحَادِيثِ، اسْتِعَارَةٌ مِنْ نِضَالِ السَّهْمِ. قَالَ لَبِيدٌ:
فَانْتَضَلْنَا وَابْنُ سَلْمَى قَاعِدٌ ... كَعَتِيقِ الطَّيْرِ يُغْضِي وَيُجَلُّ.

(نَضَا) النُّونُ وَالضَّادُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ وَأَكْثَرُهُ الْوَاوُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سَرْيِ الشَّيْءِ وَتَدْقِيقِهِ وَتَجْرِيدِهِ. مِنْهُ نَضَا السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ. وَنَضَا السَّهْمُ: مَضَى. وَنَضَا الْفَرَسُ الْخَيْلَ: سَبَقَهَا، كَأَنَّهُ انْجَرَدَ مِمَّا بَيَّنَهَا. وَنَضَا الْحِنَّاءُ عَنِ الْيَدِ: ذَهَبَ. وَنَضَوْتُ ثَوْبِي: أَلْقَيْتُهُ عَنِّي. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا ... لَدَى السِّتْرِ إِلَّا لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ

(5/436)


وَالنِّضْوُ مِنَ الْإِبِلِ: الَّذِي أَنَضَتْهُ الْأَسْفَارُ: كَأَنَّهُ بَرَتْهُ وَجَرَّدَتْهُ مِنَ اللَّحْمِ. وَأَنْضَى الرَّجُلُ: أَصْبَحَ بَعِيرُهُ نِضْوًا. وَمِنْهُ أَنْضَيْتُ الشَّيْءَ: أَخَلَقْتُهُ. وَنِضْوُ اللِّجَامِ: حَدَائِدُهُ بِلَا سُيُورٍ. وَنَضِيُّ السَّهْمِ: قِدْحُهُ، وَهُوَ مَا جَاوَزَ الرِّيشَ إِلَى النَّصْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بُرِيَ حَتَّى صَارَ نِضْوًا. وَنَضِيُّ الرُّمْحِ: مَا فَوْقَ الْمَقْبِضِ مِنْ صَدْرِهِ. وَالنَّضِيُّ: مُنْتَصَبُ الْعُنُقِ، وَهُوَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَالْجَمْعُ أَنْضِيَةٌ. قَالَ:
وَطُولِ أَنْضِيَةِ الْأَعْنَاقِ وَاللِّمَمِ.

(نَضَبَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْكِشَافِ شَيْءٍ وَذَهَابِهِ. وَنَضَبَ الْمَاءُ: بَعُدَ، نُضُوبًا. وَنَضَبَتِ الْمَفَازَةُ، كَأَنَّهَا انْجَرَدَتْ. وَخَرْقٌ نَاضِبٌ: بَعِيدٌ.
وَشَذَّ عَنْهُ التَّنْضَبُ: شَجَرٌ.

(نَضِجَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى بُلُوغِ النِّهَايَةِ فِي طَبْخِ الشَّيْءِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَلَغَ مَدَى الْإِحْكَامِ. وَنَضِجَ التَّمْرُ وَاللَّحْمُ نُضْجًا، وَأَنْضَجْتُهُ أَنَا. وَأَنْضَجَتْهُ الشَّمْسُ إِنْضَاجًا. وَيُسْتَعَارُ هَذَا فَيُقَالُ: هُوَ نَضِيجُ الرَّأْيِ: مُحْكَمُهُ. وَالنَّاقَةُ إِذَا جَاوَزَتْ وَقْتَ وِلَادِهَا وَلَمْ تَلِدْ نَضَّجَتْ، وَهِيَ مُنَضَّجٌ، وَهُنَّ مُنَضِّجَاتٌ. قَالَ:

(5/437)


هُوَ ابْنُ مُنَضِّجَاتٍ كُنَّ قِدْمًا ... يَزِدْنَ عَلَى الْعَدِيدِ قُرَابَ شَهْرِ.

(نَضَحَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ يُنَدَّى، وَمَاءٌ يُرَشُّ. فَالنَّضْحُ: رَشُّ الْمَاءِ. وَنَضَحْتُهُ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ لِكُلِّ مَا رَقَّ: نَضْحٌ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، لِأَنَّ الرَّشَّ رَقِيقٌ. يُقَالُ: نَضَحْتُ الْبَيْتَ بِالْمَاءِ. وَنَضَحَ جِلْدُهُ بِالْعَرَقِ. وَالسَّانِيَةُ نَاضِحٌ.
وَنَضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَهَذَا عَلَى جِهَةِ التَّشْبِيهِ. وَنَضَحَ عَنْ نَفْسِهِ، كَأَنَّهُ رَامَى عَنْهَا بِالْحُجَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «انْضَحُوا عَنَّا الْخَيْلَ لَا نُؤْتَى مِنْ خَلْفِنَا "،» أَيِ ارْمُوهُمْ بِالنُّشَّابِ. وَالنَّضِيحُ وَالنَّضَحُ: الْحَوْضُ، لِأَنَّهُ يُنْضَحُ بِالْمَاءِ. وَنَضَحَ الْغَضَا: تَفَطَّرَ، وَكَأَنَّ سُقُوطَ نَوْرِهِ يُشَبَّهُ بِنَضْحِ الْمَاءِ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ:
بُورِكَ الْمَيِّتُ الْغَرِيبُ كَمَا بُو ... رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ وَالزَّيْتُونُ
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سُمِّيَ الْحَوْضُ نَضِيحًا لِأَنَّهُ يَنْضَحُ عَطَشَ الْإِبِلِ، أَيْ يَبُلُّهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَالرَّجُلُ يُقْرَفُ بِأَمْرٍ فَيَنْتَضِحُ مِنْهُ، إِذَا أَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ وَبَرَّأَ نَفْسَهُ مِنْهُ جَهْدَهُ.

(نَضَخَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالْخَاءُ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ. يَقُولُونَ: النَّضْخُ كَاللَّطْخِ مِنَ الشَّيْءِ يُبْقَى لَهُ أَثَرٌ. وَنَضَخَ ثَوْبَهُ بِالطِّيبِ. وَغَيْثٌ نَضَّاخٌ: غَزِيرٌ. وَعَيْنٌ نَضَّاخَةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ.

(5/438)


(نَضَدَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ فِي اتِّسَاقٍ وَجَمْعٍ، مُنْتَصِبًا أَوْ عَرِيضًا. وَنَضَدْتُ الشَّيْءَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ مُتَّسِقًا أَوْ مِنْ فَوْقٍ. وَالنَّضَدُ: الْمَنْضُودُ مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ النَّابِغَةُ:
خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ ... وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السَّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ
وَالنَّضَدُ: السَّرِيرُ يُنْضَدُ عَلَيْهِ الْمَتَاعُ. وَأَنْضَادُ الْجِبَالِ: جَنَادِلُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَالنَّضَدُ مِنَ السَّحَابِ كَالصَّبِيرِ، يَكُونُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، وَالْجَمْعُ أَنْضَادٌ. وَأَنْضَادُ الْقَوْمِ: جَمَاعَاتُهُمْ وَعَدَدُهُمْ. وَنَضَدُ الرَّجُلِ: أَعْمَامُهُ وَأَخْوَالُهُ الَّذِينَ يَتَجَمَّعُونَ لِنُصْرَتِهِ. وَالنَّضَدُ: الشَّرَفُ. وَنَضَائِدُ الدِّيبَاجِ: جَمْعُ نَضِيدَةٍ، وَهِيَ الْوِسَادَةُ وَمَا حُشِيَ مِنَ الْمَتَاعِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَمَا نُضِدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهُوَ نَضِيدٌ.

(نَضَرَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى حُسْنٍ وَجَمَالٍ وَخُلُوصٍ. مِنْهُ النَّضْرَةُ: حُسْنُ اللَّوْنِ، وَنَضَُِرَ يَنْضَُرُ. وَنَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ: حَسَّنَهُ وَنَوَّرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ".» وَأَخْضَرُ نَاضِرٌ. وَيُقَالُ هَذَا فِي [كُلِّ] مُشْرِقٍ حَسَنٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. وَالنَّضِيرُ: الذَّهَبُ، لِحُسْنِهِ وَخُلُوصِهِ. قَالَ:
إِذَا جُرِّدَتْ يَوْمًا حَسِبْتَ خَمِيصَةً ... عَلَيْهَا وَجِرْيَالَ النَّضِيرِ الدُّلَامِصَا
وَقَدَحٌ نُضَارٌ: اتُّخِذَ مِنْ أَثْلٍ يَكُونُ بِالْغَوْرِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا.

(5/439)


[بَابُ النُّونِ وَالطَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَطَعَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى بَسْطٍ فِي شَيْءٍ وَمَلَاسَةٍ. مِنْهُ النِّطْعُ، وَيُقَالُ لَهُ النَّطْعُ، وَهُوَ مَبْسُوطٌ أَمْلَسُ. وَالنَِّطْعُ: مَا ظَهَرَ مِنْ غَارِ الْفَمِ الْأَعْلَى. وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالتَّنَطُّعُ فِي الْكَلَامِ: التَّعَمُّقُ، وَهُوَ قِيَاسُهُ لِأَنَّهُ يُتَبَسَّطُ فِيهِ. وَيُسْتَعَارُ، فَيُقَالُ: تَنَطَّعَ الصَّانِعُ فِي صَنْعَتِهِ، أَظْهَرَ حِذْقَهُ.

(نَطَفَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالْفَاءُ أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا جِنْسٌ مِنَ الْحَلْيِ، وَالْآخَرُ نُدُوَّةٌ وَبَلَلٌ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ وَيُتَوَسَّعُ فِيهِ.
فَالْأَوَّلُ: النَّطَفُ. يُقَالُ هُوَ اللُّؤْلُؤُ، الْوَاحِدَةُ نَطَفَةٌ. وَيُقَالُ: بَلِ النَّطَفُ: الْقِرَطَةُ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النُّطْفَةُ: الْمَاءُ الصَّافِي. وَلَيْلَةٌ نَطُوفٌ: مَطَرَتْ حَتَّى الصَّبَاحِ. وَالنِّطَافُ: الْعَرَقُ. ثُمَّ يُسْتَعَارُ هَذَا فَيُقَالُ النَّطَفُ: التَّلَطُّخُ. وَلَا يَكَادُ يُقَالُ إِلَّا فِي الْقَبِيحِ وَالْعَيْبِ. وَيُقَالُ نَطِفٌ، أَيْ مَعِيبٌ. وَنَطِفَ الشَّيْءُ: فَسَدَ.

(نَطَقَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالْقَافُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا كَلَامٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ اللِّبَاسِ.

(5/440)


الْأَوَّلُ الْمَنْطِقُ، وَنَطَقَ يَنْطِقُ نُطْقًا. وَيَكُونُ هَذَا لِمَا لَا نَفْهَمُهُ نَحْنُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] . وَالْآخَرُ النِّطَاقُ: إِزَارٌ فِيهِ تِكَّةٌ. وَتُسَمَّى الْخَاصِرَةُ: النَّاطِقَةَ، لِأَنَّهَا بِمَوْضِعِ النِّطَاقِ. وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الَّتِي يُعْلَمُ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِ النِّطَاقِ بِحُمْرَةٍ: مُنَطَّقَةٌ. وَذَاتُ النِّطَاقِ: أَكَمَةٌ لَهُمْ. وَالْمِنْطَقُ: كُلُّ مَا شَدَدْتَ بِهِ وَسَطَكَ. وَالْمِنْطَقَةُ: اسْمٌ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ. وَجَاءَ فُلَانٌ مْنْتَطِقًا فَرَسَهُ، إِذَا جَانَبَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهُ، كَأَنَّهُ عِنْدَ النِّطَاقِ مِنْهُ، إِذْ كَانَ بِجَنْبِهِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ:
أَبْرَحُ مَا أَدَامَ اللَّهُ قَوْمِي ... عَلَى الْأَعْدَاءِ مُنْتَطِقًا مُجِيدَا
فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: أَرَادَ بِهِ هَذَا، وَأَنَّهُ لَا يَزَالُ يَجْنُبُ فَرَسًا جَوَادًا. وَيُقَالُ هُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَيْ مُنْتَطِقٌ قَائِلٌ مَنْطِقًا فِي الثَّنَاءِ عَلَى قَوْمِي. وَيَقُولُونَ - وَهُوَ مِنَ الثَّانِي - " مَنْ يَطُلْ ذَيْلُ أَبِيهِ يَنْتَطِقْ بِهِ "، وَهُوَ مَثَلٌ، أَيْ مَنْ كَثُرَ بَنُو أَبِيهِ أَعَانُوهُ.

(نَطَلَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: النَّاطِلُ: مِكْيَالٌ مِنْ مَكَايِيلِ الْخَمْرِ. وَيُقَالُ: بَلِ النَّاطِلُ: الْفَضْلَةُ تَبْقَى فِي الْإِنَاءِ مِنَ الشَّرَابِ. وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ:

(5/441)


وَلَوْ أَنَّ مَا عِنْدَ ابْنِ بُجْرَةَ عِنْدَهَا ... مِنَ الْخَمْرِ لَمْ تَبْلُلْ لَهَاتِي بِنَاطِلِ
وَيَقُولُونَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا: إِنَّ النَّيْطَلَ: الدَّلْوُ، وَالدَّاهِيَةُ.

(نَطَيَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَبَاعُدٍ فِي الشَّيْءِ وَتَطَاوُلٍ. وَأَرْضٌ نَطِيَّةٌ: بَعِيدَةٌ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَرَوَّحَ مِنْ أَرْضٍ لِأَرْضٍ نَطِيَّةٍ ... لِذِكْرَةِ قَيْضٍ حَوْلَ بَيْضٍ مُفَلَّقِ
وَأَنْطَاهُ، إِذَا أَعْطَاهُ. وَمَنْ أَعْطَى أَحَدًا شَيْئًا فَقَدْ جَعَلَ الشَّيْءَ عَنْ نَفْسِهِ بَعِيدًا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، مِنَ الْإِعْطَاءِ.
وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى هَذَا: لَا تُنَاطِ الرِّجَالَ، أَيْ لَا تَمَرَّسْ بِهِمْ وَتُطَاوِلْهُمُ الْعَدَاوَةَ.

(نَطَحَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ. وَهُوَ نَطَحَ. يُقَالُ: نَطَحَ الْكَبْشُ يَنْطِحُ. وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لِلْوَحْشِيِّ إِذَا أَتَاكَ مُسْتَقْبِلًا لَكَ: نَطِيحٌ وَنَاطِحٌ. وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْمَشْئُومِ: نَطِيحٌ. وَفَرَسٌ نَطِيحٌ: يَأْخُذُ فَوْدَيْ رَأْسِهِ بَيَاضٌ.
وَمِنَ الْبَابِ نَوَاطِحُ الدَّهْرِ، أَيْ شَدَائِدُهُ، وَأَصَابَهُ نَاطِحٌ: أَمْرٌ شَدِيدٌ. وَقِيَاسُ كُلِّ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ لِلشَّرَطَيْنِ: النَّطْحُ وَالنَّاطِحُ. وَقَوْلُهُمْ:
اللَّيْلُ دَاجٍ وَالْكِبَاشُ تَنْتَطِحْ
أَيْ يَنْطَِحُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنِ اقْتِتَالِ الْأَبْطَالِ، وَاصْطِدَامِ الْكُمَاةِ. وَتَنَاطَحَتِ الْأَمْوَاجُ وَالسُّيُولُ وَالرِّجَالُ فِي الْحَرْبِ.

(5/442)


(نَطَسَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالسِّينُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ لَا يَرْجِعَانِ إِلَى قِيَاسٍ وَاحِدٍ. التَّنَطُّسُ، وَهُوَ التَّقَذُّرُ وَالتَّقَزُّزُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، قِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: " لَوْلَا التَّنَطُّسُ مَا بِالْبَيْتُ أَلَّا أَغْسِلَ يَدَيَّ ".
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى النَّطِيسُ وَالنِّطَاسِيُّ: الْعَالَمُ. وَتَنَطَّسْتُ الْأَخْبَارَ: تَجَسَّسْتُهَا.

(نَطَشَ) النُّونُ وَالطَّاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ وَقُوَّةٍ. يَقُولُونَ: النَّطْشُ: شِدَّةُ الْجَبْلَةِ. وَمَا بِهِ نَطِيشٌ، أَيْ قُوَّةٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَوْلُهُمْ: عَطْشَانُ نَطْشَانُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا بِهِ نَطِيشٌ، أَيْ حَرَكَةٌ.

[بَابُ النُّونِ وَالظَّاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَظُفَ) النُّونُ وَالظَّاءُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: شَيْءٌ نَظِيفٌ: نَقِيٌّ، بَيِّنُ النَّظَافَةِ. وَقَدْ نَظُفَ يَنْظُفُ. وَاسْتَنْظَفْتُ مَا عِنْدَ فُلَانٍ: اسْتَوْفَيْتُهُ وَأَخَذْتُهُ كُلَّهُ. وَنَظَّفْتُهُ: نَقَّيْتُهُ، تَنْظِيفًا.

(نَظَمَ) النُّونُ وَالظَّاءُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَأْلِيفِ شَيْءٍ وَتَأْلِيفِهِ، وَنَظَمْتُ الْخَرَزَ نَظْمًا، وَنَظَمْتُ الشِّعْرَ وَغَيْرَهُ. وَالنِّظَامُ: الْخَيْطُ يَجْمَعُ الْخَرَزَ. وَالنِّظَامَانِ مِنَ الضَّبِّ: كُشْيَتَانِ مِنْ جَنْبَيْهِ، مَنْظُومَانِ مِنْ أَصْلِ الذَّنَبِ إِلَى الْأُذُنِ.

(5/443)


وَأَنْظَمَتِ الدَّجَاجَةُ: صَارَ فِي جَوْفِهَا بَيْضٌ. وَيُقَالُ لِكَوَاكِبِ الْجَوْزَاءِ: نَظْمٌ. وَجَاءَنَا نَظْمٌ مِنْ جَرَادٍ: أَيْ كَثِيرٌ.

(نَظَرَ) النُّونُ وَالظَّاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَرْجِعُ فُرُوعُهُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ تَأَمُّلُ الشَّيْءِ وَمُعَايَنَتُهُ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ وَيُتَّسَعُ فِيهِ. فَيُقَالُ: نَظَرْتُ إِلَى الشَّيْءِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، إِذَا عَايَنْتَهُ. وَحَيٌّ حِلَالٌ نَظَرٌ: مُتَجَاوِرُونَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وَيَقُولُونَ: نَظَرْتُهُ، أَيِ انْتَظَرْتُهُ. وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ. قَالَ:
فَإِنَّكُمَا إِنْ تَنْظُرَانِيَ لَيْلَةً ... مِنَ الدَّهْرِ يَنْفَعْنِي لَدَى أُمِّ جُنْدَبِ
وَمِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ قَوْلُهُمْ: نَظَرَتِ الْأَرْضُ: أَرَتْ نَبَاتَهَا. وَهَذَا هُوَ [الْقِيَاسُ. وَ] يَقُولُونَ: نَظَرَتْ بِعَيْنٍ. وَمِنْهُ نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَى بَنِي فُلَانٍ فَأَهْلَكَهُمْ. [وَ] هَذَا نَظِيرُ هَذَا، مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ ; أَيْ إِنَّهُ إِذَا نُظِرَ إِلَيْهِ وَإِلَى نَظِيرِهِ كَانَا سَوَاءً. وَبِهِ نَظْرَةٌ، أَيْ شُحُوبٌ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ نُظِرَ إِلَيْهِ فَشَحَبَ لَوْنُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ النُّونِ وَالْعَيْنِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَعَفَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ فِي شَيْءٍ. مِنْهُ النَّعْفُ: مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ فِي اعْتِرَاضٍ. وَالنَّعْفَةُ: ذُؤَابَةُ الرَّحْلِ، سُمِّيَتْ لِأَنَّهَا سَامِيَةٌ.

(5/444)


وَانْتَعَفَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ، إِذَا تَرَكَهُ إِلَى غَيْرِهِ، كَأَنَّهُ سَمَا بِنَفْسِهِ عَنْهُ.
وَمِنَ الْكَلِمَةِ الْأُولَى نَاعَفْتُ الرَّجُلَ: عَارَضْتُهُ. وَتَنَعَّفَ الرَّجُلُ: ارْتَقَى نَعْفًا.

(نَعَقَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ. وَنَعَقَ الرَّاعِي بِالْغَنَمِ يَنْعَقُ وَيَنْعِقِ، إِذَا صَاحَ بِهِ زَجْرًا، نَعِيقًا.

(نَعَلَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَاللَّامُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى اطْمِئْنَانٍ فِي الشَّيْءِ وَتَسَفُّلٍ. مِنْهُ النَّعْلُ الْمَعْرُوفَةُ، لِأَنَّهَا فِي أَسْفَلِ الْقَدَمِ. وَرَجُلٌ نَاعِلٌ ذُو نَعْلٍ، وَمُنْتَعِلٌ أَيْضًا. وَأَنْعَلْتُ الدَّابَّةَ. وَلَا يُقَالُ نَعَلْتُ. وَحِمَارُ الْوَحْشِ نَاعِلٌ لِصَلَابَةِ حَافِرِهِ. وَالنَّعْلُ لِلسَّيْفِ: مَا يَكُونُ أَسْفَلَ قِرَابِهِ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ فِضَّةٍ. [قَالَ] :
تَرَى سَيْفَهُ لَا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُهُ ... أَجَلْ [لَا] وَإِنْ كَانَتْ طِوَالًا مَحَامِلُهْ
وَفَرَسٌ مُنْعَلٌ: بَيَاضُهُ فِي أَسْفَلِ رُسْغِهِ عَلَى الْأَشْعَرِ لَا يَعْدُوهُ. وَالنَّعْلُ: عَقَبٌ يُلْبَسُ ظَهْرَ السِّيَةِ مِنَ الْقَوْسِ. وَالنَّعْلُ مِنَ الْأَرْضِ: مَوْضِعٌ، يُقَالُ هِيَ الْحَرَّةُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ لَا يُنْبِتُ شَيْئًا. قَالَ الْخَلِيلُ: وَالنَّعْلُ: الذَّلِيلُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يُوطَأُ كَمَا يُوطَأُ النَّعْلُ.

(5/445)


(نَعِمَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْمِيمُ فُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ، وَعِنْدَنَا أَنَّهَا عَلَى كَثْرَتِهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَى تَرَفُّهٍ وَطِيبِ عَيْشٍ وَصَلَاحٍ. مِنْهُ النِّعْمَةُ: مَا يُنْعِمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ بِهِ مِنْ مَالٍ وَعَيْشٍ. يُقَالُ: لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ نِعْمَةٌ. وَالنِّعْمَةُ: الْمِنَّةُ، وَكَذَا النَّعْمَاءُ. وَالنَّعْمَةُ: التَّنَعُّمُ وَطِيبُ الْعَيْشِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان: 27] . وَالنُّعَامَى: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ. وَالنَّعَمُ: الْإِبِلُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: النَّعَمُ ذَكَرٌ لَا يُؤَنَّثُ فَيَقُولُونَ: هَذَا نَعَمٌ وَارِدٌ ; وَتُجْمَعُ أَنْعَامًا. وَالْأَنْعَامُ: الْبَهَائِمُ، وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ. وَالنَّعَامَةُ مَعْرُوفَةٌ. لِنَعْمَةِ رِيشِهَا. وَعَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ النَّعَامَةُ، وَهِيَ كَالظُّلَّةِ تُجْعَلُ عَلَى رُءُوسِ الْجَبَلِ، يُسْتَظَلُّ بِهَا. قَالَ:
لَا شَيْءَ فِي رَيْدِهَا إِلَّا نَعَامَتُهَا ... مِنْهَا هَزِيمٌ وَمِنْهَا قَائِمٌ بِاقِ
وَيَقُولُونَ: نَعَمْ وَنُعْمَى عَيْنٍ، وَنُعْمَةَ عَيْنٍ، أَيْ قُرَّةَ عَيْنٍ. وَنَعِمَ الشَّيْءُ مِنَ النَّعْمَةِ. وَقَدْ نَعَّمَ فُلَانٌ أَوْلَادَهُ: تَرَّفَهُمْ. وَيَقُولُونَ: ابْنُ النَّعَامَةِ: صَدْرُ الْقَدَمِ. قَالَ:
فَيَكُونُ مَرْكَبُكَ الْقَعُودَ وَرَحْلَهُ ... وَابْنُ النَّعَامَةِ يَوْمَ ذَلِكَ مَرْكَبِي
وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَكَانٌ لَيِّنٌ نَاعِمٌ. وَتَنَعَّمَ الرَّجُلُ: مَشَى حَافِيًا. وَيُعَبَّرُ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِالنَّعَامَةِ فَيُقَالُ: شَالَتْ نَعَامَتُهُمْ، إِذَا تَفَرَّقُوا. وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، أَيْ كَمَا تَطِيرُ النَّعَامَةُ فَقَدْ تَفَرَّقُوا هَؤُلَاءِ. وَيَقُولُونَ: أَتَيْتُ أَرْضَ بَنِي فُلَانٍ فَتَنَعَّمَتْنِي

(5/446)


إِذَا وَافَقَتْهُ. وَنِعْمَ: ضِدُّ بِئْسَ. وَيَقُولُونَ: إِنْ فَعَلْتَ ذَاكَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، أَيْ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ هِيَ.
وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: نَعَمْ، جَوَابُ الْوَاجِبِ، ضِدُّ لَا، وَهِيَ أَيْضًا مِنَ النِّعْمَةِ.
وَعَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ النَّعَائِمُ: كَوْكَبٌ. وَالنَّعَائِمُ، خَشَبَاتٌ يُنْصَبْنَ عَلَى الرَّكِيِّ تُعَلَّقُ إِلَيْهِنَّ الْقَامَةُ، إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلرَّكِيِّ زَرَانِيقُ. وَيُقَالُ: إِنَّ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ حَمَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَنُسِبَ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: بَلِ النُّعْمَانُ هَاهُنَا: الدَّمُ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: " تَنَعَّمْتُ زَيْدًا: طَلَبْتُهُ "، كَأَنَّهُ أَرَادَ: أَعْمَلَ إِلَيْهِ نَعَامَتَهُ، وَهِيَ بَاطِنُ قَدَمِهِ. وَيَقُولُونَ: نَعِمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا، [وَنَعِمَكَ عَيْنًا] ، بِمَعْنَى.

(نَعَى) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِشَاعَةِ شَيْءٍ. مِنْهُ النَّعِيُّ: خَبَرُ الْمَوْتِ، وَكَذَا الْآتِي بِخَبَرِ الْمَوْتِ يُقَالُ لَهُ نَعِيٌّ أَيْضًا.
وَيُقَالُ: نَعَاءِ فُلَانًا، أَيِ انْعَهُ. قَالَ:
نَعَاءِ جُذَامًا غَيْرَ مَوْتٍ وَلَا قَتْلِ ... وَلَكِنْ فِرَاقًا لِلدَّعَائِمِ وَالْأَصْلِ
وَمِنَ الْبَابِ: هُوَ يَنْعَى عَلَى فُلَانٍ، إِذَا وَبَّخَهُ، كَأَنَّهُ يُشِيعُ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ. وَهُوَ يَسْتَنْعِي الظِّبَاءَ: يَدْعُوهَا، يَتَقَدَّمُهَا فَتَتْبَعُهُ. وَاسْتَنْعَيْتُ الْقَوْمَ، إِذَا تَقَدَّمْتَهُمْ لِيَتْبَعُوكَ، وَهَذَا عَلَى إِشَاعَةِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ. وَيُقَالُ: شَاعَ ذِكْرُ فُلَانٍ وَاسْتَنْعَى بِمَعْنًى. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: اسْتَنْعَى بِفُلَانٍ الشَّرُّ، أَيْ تَتَابَعَ بِهِ الشَّرُّ. وَاسْتَنْعَى بِهِ

(5/447)


[حُبُّ] الْخَمْرِ: تَمَادَى بِهِ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْخَمْرَ كَأَنَّهَا دَعَتْهُ وَصَوَّتَتْ بِهِ فَتَبِعَهَا.

(نَعَبَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْبَاءُ: أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ، وَالْآخَرُ عَلَى حَرَكَةٍ مِنَ الْحَرَكَاتِ.
فَالْأَوَّلُ نَعَبَ الْغُرَابُ: صَوَّتَ، نَعْبًا وَنَعِيبًا وَنَعَبَانًا. وَالْآخَرُ فَرَسٌ مِنْعَبٌ: جَوَادٌ. وَنَاقَةٌ نَعَّابَةٌ: سَرِيعَةٌ. وَيُقَالُ: النَّعْبُ: أَنْ تُحَرِّكَ رَأْسَهَا فِي مَشْيِهَا إِلَى قُدَّامِهَا. وَهِيَ نَاقَةٌ نَعُوبٌ.

(نَعَتَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالتَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ النَّعْتُ، وَهُوَ وَصْفُكَ الشَّيْءَ بِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنٍ. كَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ، إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ مُتَكَلِّفٌ فَيَقُولُ: ذَا نَعْتُ سُوءٍ. قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ جَيِّدٍ بَالِغٍ نَعْتٌ. وَنَاعِتُونَ: مَكَانٌ.

(نَعَجَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ. مِنْهُ النَّعَجُ: الْبَيَاضُ الْخَالِصُ. وَجَمَلٌ نَاعِجٌ ; حَسَنُ اللَّوْنِ كَرِيمٌ. وَمِنْهُ النَّعْجَةُ مِنَ الضَّأْنِ، وَيَكُونُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَمِنْ شَاءِ الْجَبَلِ. يُقَالُ لِإِنَاثِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ نِعَاجٌ. وَنِعَاجُ الرَّمْلِ: الْبَقَرُ. وَنَعِجَ الرَّجُلُ: أَكَلَ لَحْمَ نَعْجَةٍ فَأُتْخِمَ عَنْهُ. قَالَ:
كَأَنَّ الْقَوْمَ عُشُّوا لَحْمَ ضَانٍ ... فَهُمْ نَعِجُونَ قَدْ مَالَتْ طُلَاهُمْ
وَأَنْعَجُوا: سَمِنَتْ نِعَاجُهُمْ. أَمَّا نَوَاعِجُ الْإِبِلِ، فَيُقَالُ هِيَ السِّرَاعُ. وَعِنْدَنَا

(5/448)


أَنَّهَا الْكَرَائِمُ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقِيَاسِ. وَامْرَأَةٌ نَاعِجَةٌ: حَسَنَةُ اللَّوْنِ. وَالنَّاعِجَةُ مِنَ الْأَرْضِ: السَّهْلَةُ الْمُسْتَوِيَةُ، وَهِيَ مَكْرُمَةٌ لِلنَّبَاتِ، تُنْبِتُ الرِّمْثَ وَأَطَايِبَ الْعُشْبِ.

(نَعَرَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ: أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ: أَحَدُهُمَا صَوْتٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ، وَالْآخَرُ حَرَكَةٌ مِنَ الْحَرَكَاتِ.
فَالْأَوَّلُ نَعَرَ الرَّجُلُ، وَهُوَ صَوْتٌ مِنَ الْخَيْشُومِ. وَجُرْحٌ نَعَّارٌ وَنَعُورٌ، إِذَا صَوَّتَ دَمُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ. وَالنَّاعُورُ: ضَرْبٌ مِنَ الدِّلَاءِ يُسْتَقَى بِهِ، سُمِّيَ لِصَوْتِهِ.
وَالثَّانِي نَعَرَ فِي الْفِتْنَةِ: سَعَى وَجَاءَ وَذَهَبَ. وَهُوَ نَعَّارٌ فِي الْفِتَنِ: سَعَّاءٌ. وَنَعَرَ فِي الْبِلَادِ: ذَهَبَ. وَهُوَ نَعِيرُ الْهَمِّ: بَعِيدُهُ. وَإِنَّ فِي رَأْسِهِ نُعْرَةً، أَيْ نَخْوَةً وَتَكَبُّرًا، وَرُكُوبَ رَأْسٍ، يَمْضِي بِهِ عَلَى جَهْلِهِ. وَالنُّعَرَةُ: ذُبَابٌ يَقَعُ فِي أُنُوفِ الْبَعِيرِ وَالْخَيْلِ وَيُمْكِنُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ لِنَعِيرِهَا، أَيْ صَوْتِهَا. وَنَعِرَ الْحِمَارُ، وَهُوَ نَعِرٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:
وَالشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
فَإِنَّهُ شَبَّهَ أَجِنَّتَهَا فِي أَرْحَامِهَا بِذَلِكَ الذُّبَابِ. وَأَنْعَرَ الْأَرَاكُ: أَثْمَرَ، وَكَأَنَّ

(5/449)


ثَمَرَهُ شُبِّهَ بِالنُّعَرِ. وَيُمْكِنُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي جَمِيعِهَا الْأَوَّلُ. وَالنَّعَّارُ فِي الْفِتَنِ يَسْعَى فِيهَا وَيُصَوِّتُ بِالنَّاسِ.

(نَعَسَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالسِّينُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى وَسَنٍ. وَنَعَسَ يَنْعَُسُ نُعَاسًا. وَنَاقَةٌ نَعُوسٌ، تُوصَفُ بِالسَّمَاحَةِ بِالدَّرِّ، لِأَنَّهَا إِذَا دَرَّتْ نَعَسَتْ. قَالَ:
نَعُوسٌ إِذَا دَرَّتْ جَرُوزٌ إِذَا شَتَتْ ... بُوَيْزِلُ عَامٍ أَوْ سَدِيسٌ كَبَازِلِ.

(نَعَشَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى رَفْعٍ وَارْتِفَاعٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: النَّعْشُ: سَرِيرُ الْمَيِّتِ، كَذَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ. وَمَيِّتٌ مَنْعُوشٌ: مَحْمُولٌ عَلَى النَّعْشِ. وَانْتَعَشَ الطَّائِرُ: نَهَضَ عَنْ عَثْرَتِهِ. يُقَالُ: نَعَشَهُ اللَّهُ وَأَنْعَشَهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَا يُقَالُ أَنْعَشَهُ. وَبَنَاتُ نَعْشٍ: كَوَاكِبُ. وَهَذَا تَشْبِيهٌ. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: النَّعْشُ شِبْهُ مِحَفَّةٍ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَلِكُ إِذَا مَرِضَ، لَيْسَ بِنَعْشِ الْمَيِّتِ. وَأَنْشَدَ:
أَلَمْ تَرَ خَيْرَ النَّاسِ أَصْبَحَ نَعْشُهُ ... عَلَى فِتْيَةٍ قَدْ جَاوَزَ الْحَيَّ سَائِرَا

(5/450)


ثُمَّ يَقُولُ:
وَنَحْنُ لَدَيْهِ نَسْأَلُ اللَّهَ خُلْدَهُ
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَيِّتٍ.

(نَعَضَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالضَّادُ. يَقُولُونَ: النُّعْضُ: نَبْتٌ.

(نَعَطَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالطَّاءُ. يَقُولُونَ: نَاعِطٌ: حَيٌّ مِنْ هَمْدَانَ.

(نَعَظَ) النُّونُ وَالْعَيْنُ وَالظَّاءُ. يَقُولُونَ: نَعَظَ الرَّجُلُ يَنْعَظُ نَعْظًا وَنُعُوظًا: تَحَرَّكَ مَا عِنْدَهُ.

[بَابُ النُّونِ وَالْغَيْنِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَغَقَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالْقَافُ. لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نَغَقَ الْغُرَابُ نَغِيقًا. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: نَاقَةٌ نَغِيقٌ، وَهِيَ الَّتِي تَبْغَُِمُ بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ، أَيْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.

(نَغَلَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى فَسَادٍ وَإِفْسَادٍ. النَّغِلُ: الْأَدِيمُ الْفَاسِدُ. يَقُولُونَ: " وَقَدْ يُرْقَعُ النَّغِلُ ". يُقَالُ إِنَّ النَّغَلَ: الْإِفْسَادُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَالنَّمِيمَةُ.

(5/451)


(نَغَمَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالْمِيمُ لَيْسَ إِلَّا النَّغْمَةُ: جَرْسُ الْكَلَامِ وَحُسْنُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا. وَهُوَ النَّغْمُ. وَتَنَغَّمَ الْإِنْسَانُ بِالْغِنَاءِ وَنَحْوِهِ.

(نَغَى) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَلَامٍ طَيِّبٍ. يَقُولُونَ: هُوَ يُنَاغِي الصَّبِيَّ: يُكَلِّمُهُ بِمَا يَسُرُّهُ وَيُجْذِلُهُ مِنَ الْكَلَامِ. وَمِنْهُ: كَلَّمْتُهُ فَمَا نَغَى بِحَرْفٍ. وَسَمِعْتُ نَغْيَةً. قَالَ:
لَمَّا أَتَانِي نَغْيَةٌ كَالشُّهْدِ
وَمِنْهُ جَبَلٌ يُنَاغِي السَّمَاءَ، كَأَنَّهُ دَانَاهَا فَهُوَ يُكَلِّمُهَا. وَالْمُنَاغَاةُ الْمُغَازَلَةُ.

(نَغَبَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النُّغْبَةُ: الْجُرْعَةُ. وَنَغَبْتُ، إِذَا جَرَعْتَ، وَالْجَمْعُ نُغَبٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حَمِيرًا وَرَدَتْ مَاءً فَلَمْ تَرْوَ:
حَتَّى إِذَا زَلَجَتْ عَنْ كُلِّ حَنْجَرَةٍ ... إِلَى الْغَلِيلِ وَلَمْ يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ.

(نَغِرَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى غَلَيَانٍ وَاغْتِيَاظٍ. وَنَغِرَتِ الْقِدْرُ: غَلَتْ. وَنَغِرَ الرَّجُلُ: اغْتَاظَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ

(5/452)


عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «رُدُّونِي إِلَى أَهْلِي غَيْرَ نَغِرَةٍ» ". وَنَغَرَتِ النَّاقَةُ: ضَمَّتْ مُؤَخَّرَهَا وَمَضَتْ، كَأَنَّهَا اغْتَاظَتْ مِنْ شَيْءٍ فَمَضَتْ لِوَجْهِهَا. وَهُوَ يَتَنَغَّرُ عَلَيْنَا، أَيْ يَتَنَكَّرُ. وَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ. وَفِرَاخُ الْعَصَافِيرِ يُقَالُ لَهَا النَّغَرُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِصَوْتِهَا الْمُتَدَارِكِ، الْوَاحِدَةُ نُغْرَةٌ، وَالذَّكَرُ نُغَرٌ، وَالْجَمْعُ نُغْرَانٌ. قَالَ:
يَحْمِلْنَ أَوْعِيَةَ الْمُدَامِ كَأَنَّمَا ... يَحْمِلْنَهَا بِأَكَارِعِ النُّغْرَانِ
يَصِفُ عَنَاقِيدَ الْعِنَبِ.

(نَغَشَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالشِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ وَحَرَكَةٍ. مِنْهُ النَّغَشَانُ: الِاضْطِرَابُ. وَيُقَالُ: دَارٌ تَنْتَغِشُ، لِكَثْرَةِ مَنْ فِيهَا. وَيُقَالُ النُّغَاشِيُّ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ.

(نَغَصَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ عَنِ الْمُرَادِ. وَنَغِصَ الرَّجُلُ: لَمْ يَتِمَّ لَهُ مُرَادُهُ، وَنُغِّصَ عَلَيْهِ. وَالنَّغَصُ يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ تُورِدَ إِبِلَكَ الْحَوْضَ فَإِذَا شَرِبَتْ صَرَفْتَهَا وَأَوْرَدْتَ مَكَانَهَا غَيْرَهَا. وَعِنْدَنَا أَنَّ النَّغْصَ أَلَّا تُتْرَكَ تُتَمِّمُ الشُّرْبَ.

(نَغَضَ) النُّونُ وَالْغَيْنُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى هَزٍّ وَتَحْرِيكٍ.

(5/453)


مِنْ ذَلِكَ النَّغَضَانُ: تَحَرُّكُ الْأَسْنَانِ. وَالْإِنْغَاضُ: تَحْرِيكُ الْإِنْسَانِ [رَأْسَهُ] نَحْوَ صَاحِبِهِ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] . وَالنَّغِْضُ: الظَّلِيمُ ; لِاضْطِرَابِ رَأْسِهِ عِنْدَ مَشْيِهِ. قَالَ:
وَالنَّغِْضُ مِثْلُ الْأَجْرَبِ الْمُدَجَّلِ
وَالنَّاغِضُ وَالنُّغْضُ: غُرْضُوفُ الْكَتِفِ. سُمِّيَ لِاضْطِرَابِهِ، وَيَكُونُ لِلْأُذُنِ أَيْضًا. وَالنَّغُوضُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ، وَإِذَا عَظُمَ اضْطَرَبَ. وَنَغَضَ الْغَيْمُ: سَارَ.

[بَابُ النُّونِ وَالْفَاءِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَفَقَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى انْقِطَاعِ شَيْءٍ وَذَهَابِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى إِخْفَاءِ شَيْءٍ وَإِغْمَاضِهِ. وَمَتَى حُصِّلَ الْكَلَامُ فِيهِمَا تَقَارَبَا.
فَالْأَوَّلُ: نَفَقَتِ الدَّابَّةُ نُفُوقًا: مَاتَتْ، وَنَفَقَ السِّعْرُ نَفَاقًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَمْضِي فَلَا يَكْسُدُ وَلَا يَقِفُ. وَأَنْفَقُوا: نَفَقَتْ سُوقُهُمْ. وَالنَّفَقَةُ لِأَنَّهَا تَمْضِي لِوَجْهِهَا. وَنَفَقَ الشَّيْءُ: فَنِيَ يُقَالُ قَدْ نَفِقَتْ نَفَقَةُ الْقَوْمِ.
وَأَنْفَقَ الرَّجُلُ: افْتَقَرَ، أَيْ ذَهَبَ مَا عِنْدَهُ.

(5/454)


قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ. وَفَرَسٌ نَفِقُ الْجَرْيِ، أَيْ سَرِيعُ انْقِطَاعِ الْجَرْيِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّفَقُ: سَرَبٌ فِي الْأَرْضِ لَهُ مَخْلَصٌ إِلَى مَكَانٍ. وَالنَّافِقَاءُ: مَوْضِعٌ يُرَقِّقُهُ الْيَرْبُوعُ مِنْ جُحْرِهِ فَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ الْقَاصِعَاءِ ضَرَبَ النَّافِقَاءَ بِرَأْسِهِ فَانْتَفَقَ، أَيْ خَرَجَ. وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ النِّفَاقِ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَكْتُمُ خِلَافَ مَا يُظْهِرُ، فَكَأَنَّ الْإِيمَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ، أَوْ يَخْرُجُ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ فِي خَفَاءٍ. وَيُمْكِنُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْخُرُوجُ. وَالنَّفَقُ: الْمَسْلَكُ النَّافِذُ الَّذِي يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْهُ.
أَمَّا نَيْفَقُ السَّرَاوِيلِ فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

(نَفَلَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عَطَاءٍ وَإِعْطَاءٍ. مِنْهُ النَّافِلَةُ: عَطِيَّةُ الطَّوْعِ مِنْ حَيْثُ لَا تَجِبُ. وَمِنْهُ نَافِلَةُ الصَّلَاةِ. وَالنَّوْفَلُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ. قَالَ:
يَأْبَى الظُّلَامَةَ مِنْهُ النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
وَمِنَ الْبَابِ النَّفَلُ: الْغُنْمُ. وَالْجَمْعُ أَنْفَالٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يُنَفِّلُ الْمُحَارِبِينَ،

(5/455)


أَيْ يُعْطِيهِمْ مَا غَنِمُوهُ. يُقَالُ: نَفَّلْتُكَ: أَعْطَيْتُكَ نَفَلًا. وَقَوْلُهُمْ: انْتَفَلَ مِنَ الشَّيْءِ انْتَفَى مِنْهُ، فَمِنَ الْإِبْدَالِ، وَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ. قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
أَمُنْتَفِلًا مِنْ نَصْرِ بُهْثَةَ خِلْتَنِي ... أَلَا إِنَّنِي مِنْهُمْ وَإِنْ كُنْتُ أَيْنَمَا.

(نَفَهَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْهَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى إِعْيَاءٍ وَضَعْفٍ. مِنْهُ نَفِهَتِ النَّفْسُ: أَعْيَتْ وَكَلَّتْ. وَهُوَ نَافِهٌ وَنُفَّهٌ. قَالَ:
بِنَا حَرَاجِيجُ الْمَهَارَِي النُّفَّهِ
وَهُوَ مُنَفَّهٌ وَمَنْفُوهٌ: ضَعِيفٌ جَبَانٌ.

(نَفَى) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَعْرِيَةِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ وَإِبْعَادِهِ مِنْهُ. وَنَفَيْتُ الشَّيْءَ أَنْفِيهِ نَفْيًا، وَانْتَفَى هُوَ انْتِفَاءً.
وَالنُّفَايَةُ: الرَّدِيُّ يُنْفَى. وَنَفِيُّ الرِّيحِ: مَا تَنْفِيهِ مِنَ التُّرَابِ حَتَّى يَصِيرَ فِي أُصُولِ الْحِيطَانِ. وَنَفِيُّ الْمَطَرِ: مَا تَنْفِيهِ الرِّيحُ أَوْ تَرُشُّهُ. وَنَفِيُّ الْمَاءِ: مَا تَطَايَرَ مِنَ الرِّشَاءِ عَلَى ظَهْرِ الْمَائِحِ. قَالَ:
عَلَى تِلْكَ الْجِفَارِ مِنَ النَّفِيِّ
وَالْمَهْمُوزُ مِنْهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النُّفَأُ: قِطَعٌ مِنَ الْكَلَأِ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ عُظْمِ الْكَلَأِ، الْوَاحِدَةُ نُفَأَةٌ. قَالَ:

(5/456)


جَادَتْ سَوَارِيهِ وَآزَرَ نَبْتَهُ ... نُفَأٌ مِنَ الصَّفْرَاءِ وَالزُّبَّادِ.

(نَفَتْ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالتَّاءُ. يَقُولُونَ: نَفَتَتِ الْقِدْرُ: غَلَتْ وَيَبِسَ مَرَقُهَا عَلَيْهَا. قَالَ:
وَصَاحِبٍ لِصَدْرِهِ كَتِيتُ ... عَلَيَّ مِثْلَ الْمِرْجَلِ النَّفُوتِ
وَنَفَتَ صَدْرُهُ بِالْعَدَاوَةِ: غَلَا.

(نَفَثَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ فَمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدْنَى جَرْسٍ. مِنْهُ نَفَثَ الرَّاقِي رِيقَهُ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ. وَالسَّاحِرَةُ تَنْفُِثُ السُّمَّ. وَ " لَا بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ " مَثَلٌ. وَ " لَوْ سَأَلَنِي نُفَاثَةَ سِوَاكٍ مَا أَعْطَيْتُهُ "، وَهُوَ مَا بَقِيَ فِي أَسْنَانِهِ فَنَفَثَهُ. وَدَمٌ نَفِيثٌ: نَفَثَهُ الْجُرْحُ، أَيْ أَظْهَرَهُ.

(نَفَجَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ثُؤُورِ شَيْءٍ وَارْتِفَاعِهِ. وَنَفَجَ الْيَرْبُوعُ: ثَارَ. وَأَنْفَجَهُ صَائِدُهُ. وَنَفَجَتِ الْفَرُّوجَةُ مِنْ بَيْضِهَا: خَرَجَتْ. وَانْتَفَجَ جَنْبَا الْبَعِيرِ: ارْتَفَعَا. وَالنَّوَافِجُ: مُؤَخَّرَاتُ الضُّلُوعِ، وَاحِدَتُهَا نَافِجَةٌ. وَالنَّفَّاجُ: الْمُفْتَخِرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ. وَنَفَجَتِ الرِّيحُ: جَاءَتْ بِقُوَّةٍ. وَالنَّفِيجَةُ: الشَّطَبِيَّةُ مِنَ النَّبْعِ تُتَّخَذُ قَوْسًا، كَأَنَّهَا تَنْتَفِجُ عَلَى الشَّجَرَةِ.

(5/457)


(نَفَحَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْحَاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى انْدِفَاعِ الشَّيْءِ أَوْ رَفْعِهِ. وَنَفَحَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ نَفْحًا: انْتَشَرَتْ وَانْدَفَعَتْ. وَلِهَذَا الطِّيبِ نَفْحَةٌ طَيِّبَةٌ. ثُمَّ قِيسَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: نَفَحَ بِالْمَالِ نَفْحًا، كَأَنَّهُ أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ إِرْسَالًا. وَلَا تَزَالُ لِفُلَانٍ نَفَحَاتٌ مِنْ مَعْرُوفٍ. وَنَفَحَتِ الرِّيحُ. هَبَّتْ. وَقَوْسٌ نَفُوحٌ: بَعِيدَةُ الدَّفْعِ لِلسَّهْمِ. وَنَفَحَتِ الدَّابَّةُ: رَمَتْ بِحَافِرِهَا فَضَرَبَتْ بِهِ. وَكَذَلِكَ نَفَحَهُ بِالسَّيْفِ: تَنَاوَلَهُ بِهِ. وَالنَّفُوحُ مِنَ النُّوقِ: مَا يَخْرُجُ لَبَنُهَا مِنْ أَحَالِيلِهَا مِنْ غَيْرِ حَلْبٍ.

(نَفَخَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْخَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاخٍ وَعُلُوٍّ. مِنْهُ انْتَفَخَ الشَّيْءُ انْتِفَاخًا. وَيُقَالُ انْتَفَخَ النَّهَارُ: عَلَا. وَنَفْخَةُ الرَّبِيعِ: إِعْشَابُهُ ; لِأَنَّ الْأَرْضَ تَرْبُو فِيهِ وَتَنْتَفِخُ. وَالْمَنْفُوخُ: الرَّجُلُ السَّمِينُ. وَالنَّفْخَاءُ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلُ النَّبْخَاءِ ; وَقَدْ مَضَى.

(نَفِدَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى انْقِطَاعِ شَيْءٍ وَفَنَائِهِ. وَنَفِدَ الشَّيْءُ يَنْفَدُ نَفَادًا. وَأَنْفَدُوا: فَنِيَ زَادُهُمْ. وَيُقَالُ لِلْخَصْمِ مُنَافِدٌ، وَذَلِكَ أَنْ يَتَخَاصَمَ الرَّجُلَانِ يُرِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِنْفَادَ حُجَّةِ صَاحِبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «إِنْ نَافَدْتَهُمْ نَافَدُوكَ» "، أَيْ إِنْ قُلْتَ لَهُمْ قَالُوا لَكَ.

(نَفَذَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالذَّالُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَضَاءٍ فِي أَمْرٍ وَغَيْرِهِ. وَنَفَذَ السَّهْمُ الرَّمْيَةَ نَفَاذًا. وَأَنْفَذْتُهُ أَنَا. وَهُوَ نَافِذٌ: مَاضٍ فِي أَمْرِهِ.

(5/458)


(نَفَرَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَجَافٍ وَتَبَاعُدٍ. مِنْهُ نَفَرَ الدَّابَّةُ وَغَيْرُهُ نِفَارًا، وَذَلِكَ تَجَافِيهِ وَتَبَاعُدُهُ عَنْ مَكَانِهِ وَمَقَرِّهِ. وَنَفَرَ جِلْدُهُ: وَرِمَ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «أَنَّ رَجُلًا تَخَلَّلَ بِالْقَصَبِ فَنَفَرَ فَمُهُ» "، أَيْ وَرِمَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نِفَارِ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ وَتَجَافِيهِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْجَلْدَ يَنْفِرُ عَنِ اللَّحْمِ لِلدَّاءِ الْحَادِثِ بَيْنَهُمَا. وَيَوْمُ النَّفْرِ: يَوْمَ يَنْفِرُ النَّاسُ عَنْ مِنَى. وَيَقُولُونَ: لَقِيتُهُ قَبْلَ صَيْحٍ وَنَفْرٍ، أَيْ قَبْلَ كُلِّ صَائِحٍ وَنَافِرٍ. وَالْمُنَافَرَةُ: الْمُحَاكَمَةُ إِلَى الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْتَغَى تَفْضِيلُ نَفَرٍ عَلَى نَفَرٍ. وَأَنْفَرْتُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَالنَّفَرُ أَيْضًا مِنْ قِيَاسِ الْبَابِ لِأَنَّهُمْ يَنْفِرُونَ لِلنُّصْرَةِ. وَالنَّفِيرُ: النَّفَرُ، وَكَذَا النَّفْرُ وَالنَّفْرَةُ: كُلُّ ذَلِكَ قِيَاسُهُ وَاحِدٌ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ فِي النَّفْرَةِ:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قَالَتْ إِنَّ نَفْرَتَنَا ... الْيَوْمَ كُلُّهُمُ يَا عُرْوَ مُشْتَغِلُ
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: نَفَّرْتُ عَنِ الصَّبِيِّ، أَيْ لَقَّبْتُهُ لَقَبًا، كَأَنَّهُ عِنْدَهُمْ تَنْفِيرٌ لِلْجِنِّ عَنْهُ وَلِلْعَيْنِ. قَالَ أَعْرَابِيٌّ: قِيلَ لِأَبِي لَمَّا وُلِدْتُ: نَفِّرْ عَنِ ابْنِكَ! فَسَمَّانِي قُنْفُذًا، وَكَنَّانِي أَبَا الْعَدَّاءِ.

(نَفَزَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالزَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُثُوبِ وَشِبْهِ الْوُثُوبِ. وَنَفَزَ الظَّبْيُ: وَثَبَ فِي عَدْوِهِ. وَالْمَرْأَةُ تُنَفِّزُ وَلَدَهَا: تُرَقِّصُهُ. وَأَنْفَزْتُ السَّهْمَ عَلَى ظَهْرِ يَدِي: أَدَرْتُهُ. قَالَ:

(5/459)


يَخُرْنَ إِذَا أُنْفِزْنَ فِي سَاقِطِ النَّدَى ... وَإِنْ كَانَ يَوْمًا ذَا أَهَاضِيبَ مُخْضِلًا.

(نَفَسَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالسِّينُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ النَّسِيمِ كَيْفَ كَانَ، مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ فُرُوعُهُ. مِنْهُ التَّنَفُّسُ: خُرُوجُ النَّسِيمِ مِنَ الْجَوْفِ. وَنَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي خُرُوجِ النَّسِيمِ رَوْحًا وَرَاحَةً. وَالنَّفَسُ: كُلُّ شَيْءٍ يُفَرَّجُ بِهِ عَنْ مَكْرُوبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ» " يَعْنِي أَنَّهَا رَوْحٌ يُتَنَفَّسُ بِهِ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ. وَجَاءَ فِي ذِكْرِ الْأَنْصَارِ: " «أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» "، يُرَادُ أَنَّ بِالْأَنْصَارِ نُفِّسَ عَنِ الَّذِينَ كَانُوا يُؤْذَوْنَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَكَّةَ. وَيُقَالُ لِلْعَيْنِ نَفَسٌ. وَأَصَابَتْ فُلَانًا نَفْسٌ. وَالنَّفْسُ: الدَّمُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فُقِدَ الدَّمُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَقَدَ نَفْسَهُ. وَالْحَائِضُ تُسَمَّى النُّفَسَاءَ لِخُرُوجِ دَمِهَا.
وَالنِّفَاسُ: وِلَادُ الْمَرْأَةِ، فَإِذَا وَضَعَتْ فَهِيَ نُفَسَاءُ. وَيُقَالُ: وَرِثْتُ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُنْفَسَ فُلَانٌ، أَيْ يُولَدُ. وَالْوَلَدُ مَنْفُوسٌ. وَالنِّفَاسُ أَيْضًا: جَمْعُ نُفَسَاءَ. وَيُقَالُ: كَرَعَ فِي الْإِنَاءِ نَفَسًا أَوْ نَفَسَيْنِ. وَيُقَالُ: لِلْمَاءِ نَفَسٌ، وَهَذَا عَلَى تَسْمِيَتِهِ الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ قِوَامَ النَّفْسِ بِهِ. وَالنَّفْسُ قِوَامُهَا بِالنَّفَسِ. قَالَ:

(5/460)


تَبِيتُ الثَّلَاثُ السُّودُ وَهِيَ مُنَاخَةٌ ... عَلَى نَفَسٍ مِنْ [مَاءِ] مَاوِيَّةَ الْعَذْبِ
وَمِنَ الِاسْتِعَارَةِ: تَنَفَّسَتِ الْقَوْسُ: انْشَقَّتْ. وَشَيْءٌ نَفِيسٌ، أَيْ ذُو نَفْسٍ وَخَطَرٍِ يُتَنَافَسُ بِهِ. وَالتَّنَافُسُ: أَنْ يُبْرِزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَارِزَيْنِ قُوَّةَ نَفْسِهِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الدِّبَاغِ نَفَسٌ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، أَيْ يَسِيرٌ مِنْهُ قَدْرُ مَا يُدْبَغُ بِهِ الْإِهَابُ مَرَّةً، شَبَّهَهُ فِي قِلَّتِهِ بِنَفَسٍ يُتَنَفَّسُ. وَقِيَاسُ الْبَابِ فِي هَذَا وَفِيمَا مَعْنَاهُ وَاحِدٌ.

(نَفَشَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى انْتِشَارٍ. مِنْ ذَلِكَ نَفْشُ الصُّوفِ، وَهُوَ أَنْ يُطْرَقَ حَتَّى يَتَنَفَّشَ. وَنَفَشَ الطَّائِرُ جَنَاحَيْهِ. وَنَفَشَتِ الْإِبِلُ: تَرَدَّدَتْ وَانْتَشَرَتْ بِلَا رَاعٍ. وَفِعْلُهَا النَّفْشُ ; وَإِبِلٌ نُفَّاشٌ وَنَوَافِشُ.

(نَفَصَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالصَّادُ كَلِمَاتٌ يَتَقَارَبُ قِيَاسُهَا، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى إِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنَ الْبَدَنِ أَوْ إِلْقَائِهِ بِقُوَّةٍ. مِنْهُ أَنْفَصَ فُلَانٌ فِي ضَحِكِهِ: اسْتَغْرَبَ.
وَأَنْفَصَ بِبَوْلِهِ مِثْلُ أَوْزَعَ. وَيُقَالُ إِنَّ النُّفَصَ: أَنْضَاحُ الدَّمِ، الْوَاحِدَةُ نُفْصَةٌ. قَالَ:
تَرَى الدِّمَاءَ عَلَى أَكْتَافِهَا نُفَصَا

(5/461)


قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَالنُّفَاصُ: دَاءٌ يُصِيبُ الْغَنَمَ فَيَبُولُ حَتَّى يَمُوتَ.

(نَفَضَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيكِ شَيْءٍ لِتَنْظِيفِهِ مِنْ غُبَارٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. وَنَفَضْتُ الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ نَفْضًا. وَالنَّفَضُ: مَا نَفَضَتْهُ الشَّجَرَةُ مِنْ ثَمَرِهَا. وَامْرَأَةٌ نَفُوضٌ: نَفَضَتْ بَطْنَهَا عَنْ وَلَدِهَا. وَالنَّافِضُ: الْحُمَّى ذَاتُ الرِّعْدَةِ، لِأَنَّهَا تَنْفُضُ الْبَدَنَ نَفْضًا. وَأَنْفَضُوا: فَنِيَ زَادُهُمْ، أَيْ لَمَّا نَفِدَ زَادُهُمْ وَفَنِيَ نَفَضُوا أَوْعِيَتَهُمْ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ مَثَلًا: " النُّفَاضُ يُقَطِّرُ الْجَلَبَ "، إِذَا أَنْفَضُوا وَقَلَّ مَا عِنْدَهُمْ جَلَبُوا إِبِلَهُمْ لِلْبَيْعِ.
وَيُسْتَعَارُ مِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: نَفَضْتُ الْأَرْضَ، إِذَا بَعَثْتَ مَنْ يَنْظُرُ أَبِهَا عَدُوٌّ أَمْ لَا. وَنَفَضْتُ اللَّيْلَ، إِذَا عَسَسْتَ لِتَنْفُضَ عَنْ أَهْلِ الرِّيبَةِ. وَالنَّفِيضَةُ وَالنَّفَضَةُ: الْقَوْمُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. قَالَ:
يَرِدُ الْمِيَاهَ حَضِيرَةً وَنَفِيضَةً ... وِرْدَ الْقَطَاةِ إِذَا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: " إِذَا تَكَلَّمْتَ لَيْلًا فَاخْفِضْ، وَإِذَا تَكَلَّمْتَ النَّهَارَ فَانْفُضْ ". تَقُولُ: انْظُرْ حَوَالَيْكَ، فَلَعَلَّ ثَمَّ مَنْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَكَ. وَالنِّفَاضُ: إِزَارُ الصِّبْيَانِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَابِ. قَالَ:
جَارِيَةٌ بَيْضَاءُ فِي نِفَاضٍ.

(5/462)


(نَفَطَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالطَّاءُ: ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: النِّفْطُ مَعْرُوفٌ، مَكْسُورُ النُّونِ. وَالنَّفَطُ: قَرْحٌ يَخْرُجُ فِي الْيَدِ مِنَ الْعَمَلِ. وَنَفَطَ الصَّبِيُّ نَفِيطًا: صَوَّتَ. وَمَا لَهُ عَافِطَةٌ وَلَا نَافِطَةٌ. فَالنَّافِطَةُ: الشَّاةُ تَنْفِطُ مِنْ أَنْفِهَا.

(نَفَعَ) النُّونُ وَالْفَاءُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الضَّرِّ. وَنَفَعَهُ يَنْفَعُهُ نَفْعًا وَمَنْفَعَةً. وَانْتَفَعَ بِكَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ النُّونِ وَالْقَافِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَقَلَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْوِيلِ شَيْءٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، ثُمَّ يُفَرَّعُ ذَلِكَ. يُقَالُ: نَقَلْتُهُ أَنْقُلُهُ نَقْلًا. وَنَقَلَ الْفَرَسُ قَوَائِمَهُ نَقْلًا. [وَفَرَسٌ] مِنْقَلٌ: سَرِيعُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ. وَالْمُنَقِّلَةُ مِنَ الشِّجَاجِ: الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا فَرَاشُ الْعِظَامِ. وَالنُّقْلُ: مَا يَأْكُلُهُ الشَّارِبُ عَلَى شَرَابِهِ. وَكَانَ ابْنُ دُرَيْدٍ يَقُولُ: هُوَ بِالْفَتْحِ وَلَا يُضَمُّ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَهُ بِالضَّمِّ. وَالنَّقَلُ بِفَتْحِ الْقَافِ: مَا بَقِيَ مِنْ صِغَارِ الْحِجَارَةِ إِذَا قُلِعَتْ، لِأَنَّهَا تُنْقَلُ. وَالنَّقِيلُ: الطَّرِيقُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْلُكُهُ إِلَّا مُنْتَقِلٌ.
وَالْمَنْقَلَةُ: الْمَرْحَلَةُ. وَضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ يُقَالُ لَهُ نَقِيلٌ، وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ، وَكَأَنَّهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى السَّيْرِ. وَالْمُنَقَّلُ: الْخُفُّ الْخَلَقُ، لِأَنَّ عَلَيْهِ يَنْتَقِلُ الْمَاشِي حَتَّى يَنْخَرِقَ. وَكَذَلِكَ النَّقَلُ فِي الْبَعِيرِ: دَاءٌ يُصِيبُ خُفَّهُ فَيَنْخَرِقَ. وَالرِّقَاعُ الَّتِي يُرَقَّعُ بِهَا خُفُّهُ: النَّقَائِلُ.

(5/463)


وَمِنَ الْبَابِ الْمُنَاقَلَةُ: مُرَاجَعَةُ الْحَدِيثِ أَوِ الْإِنْشَادِ، كَأَنَّكَ نَقَلْتَ حَدِيثَكَ إِلَيْهِ وَنَقَلَ حَدِيثَهُ إِلَيْكَ. وَالنِّقَالُ: أَنْ تَشَرَبَ الْإِبِلُ ثُمَّ تَتْرُكُ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى الْمَاءِ فَتَشْرَبَ، وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا بَلْ تَفْعَلُهُ هِيَ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّقْلَةَ: الْقَنَاةُ. وَيُنْشِدُونَ:
يُقَلْقِلُ نَقْلَةً جَرْدَاءَ فِيهَا ... نَقِيعُ السُّمِّ أَوْ قَرْنٌ مَحِيقٌ
وَالْمَشْهُورُ: " يُقَلْقِلُ صَعْدَةً ".

(نَقَمَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْمِيمُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِنْكَارِ شَيْءٍ وَعَيْبِهِ. وَنَقَمْتُ عَلَيْهِ أَنْقِمُ: أَنْكَرْتُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ. وَالنِّقْمَةُ مِنَ الْعَذَابِ وَالِانْتِقَامِ، كَأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ فَعَاقَبَهُ. وَقَوْلُهُمْ لِلنَّفْسِ نَقِيمَةٌ، وَهُوَ مَيْمُونُ النَّقِيمَةِ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ نَقِيبَةٌ.

(نَقَهَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْبُرْءِ مِنَ الْمَرَضِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. وَنَقَهَ مِنَ الْمَرَضِ نُقُوهًا: أَفَاقَ، فَهُوَ نَاقِهٌ. وَيَقُولُونَ: نَقِهَ الْحَدِيثَ مِثْلَ فَهِمَ، بِكَسْرِ الْقَافِ، فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ إِذَا نَقِهَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الشَّكِّ فِيهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ: أَنْقِهْ لِي سَمْعَكَ، أَيْ أَرْعِنِيهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: حَتَّى تَفْهَمَ مَا أَقُولُ. وَبَلَغَنَا أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الِاسْتِفْهَامَ: الِاسْتِنْقَاهُ.

(نَقِيَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَظَافَةٍ وَخُلُوصٍ.

(5/464)


مِنْهُ نَقَّيْتُ الشَّيْءَ: خَلَّصْتُهُ مِمَّا يَشُوبُهُ تَنْقِيَةً. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: انْتَقَيْتُ الشَّيْءَ كَأَنَّكَ أَخَذْتَ أَفْضَلَهُ وَأَخْلَصَهُ. وَالنُّقَاوَةُ: أَفْضَلُ مَا انْتَقَيْتَ مِنْ شَيْءٍ. وَالنَّقَاةُ: الرَّدِيُّ فِيمَا يُقَالُ، كَأَنَّهُ الَّذِي انْتُقِيَ فَطُرِحَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَقَاةُ كُلِّ شَيْءٍ: رَدِيُّهُ إِلَّا التَّمْرَ، فَإِنَّ نَقَاتَهُ خِيَارُهُ.
وَفِي الْبَابِ النِّقْيُ: مُخُّ الْعِظَامِ، سُمِّيَ لِخُلُوصِهِ وَنَظَافَتِهِ. وَيُقَالُ لِشَحْمَةِ الْعَيْنِ مِنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ وَغَيْرِهَا: النِّقْيُ. وَنَاقَةٌ لَا تُنْقِي. قَالَ:
حَامُوا عَلَى أَضْيَافِهِمْ فَشَوَوْا لَهُمْ ... مِنْ لَحْمِ مُنْقِيَةٍ وَمِنْ أَكْبَادِ
وَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَزَعَمَ أَنَّ الْأَنْقَاءَ: كُلُّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ. وَهَذَا إِنْ صَحَّ فَهُوَ عَلَى تَسْمِيَةِ الْعَرَبِ الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ مُجَاوِرًا لَهُ.

(نَقَبَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى فَتْحٍ فِي شَيْءٍ. وَنَقَبَ الْحَائِطَ يَنْقُبُهُ نَقْبًا. وَالْبَيْطَارُ يَنْقُبُ سُرَّةَ الدَّابَّةِ لِيُخْرِجَ مِنْهَا مَاءً. وَتِلْكَ الْحَدِيدَةُ مِنْقَبٌ. وَكَلْبٌ نَقِيبٌ: نُقِبَتْ غَلْصَمَتُهُ لِيَضْعُفَ صَوْتُهُ، يَفْعَلُهُ اللِّئَامُ لِئَلَّا يَسْمَعَ صَوْتَهُ الضَّيْفُ. وَالنَّاقِبَةُ: قَرْحَةٌ تَخْرُجُ بِالْجَنْبِ تَهْجُمُ عَلَى الْجَوْفِ. وَنَقِبَ خُفُّ الْبَعِيرِ: تَخَرَّقَ نَقَبًا. وَالنُّقْبَةُ: أَوَّلُ الْجَرَبِ يَبْدُو. وَالْجَمْعُ نُقَبٌ. قَالَ:

(5/465)


مُتَبَذِّلًا تَبْدُو مَحَاسِنُهُ ... يَضَعُ الْهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبِ
وَقِيَاسُهُ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَثْقُبُ الْجِلْدَ. وَمِنَ الْبَابِ: النَّقَّابُ: الْعَالِمُ بِالْأُمُورِ، كَأَنَّهُ نَقَّبَ عَلَيْهَا فَاسْتَنْبَطَهَا، أَوِ الْعَالِمُ بِهَا الْمُنَقِّبُ عَنْهَا. قَالَ:
مَلِيحٌ نَجِيحٌ أَخُو مَأْقِطٍ ... نِقَابٌ يُحَدِّثُ بِالْغَائِبِ
وَالنَّقْبُ وَالْمَنْقَبَةُ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ، وَالْكُلُّ قِيَاسٌ وَاحِدٌ. وَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ: سَارُوا. وَأَصْلُهُ السَّيْرُ فِي النُّقُوبِ: الطُّرُقِ. وَالنَّقِيبُ: نَقِيبُ الْقَوْمِ: شَاهِدُهُمْ وَضَمِينُهُمْ. وَمَعْنَاهُ وَمَعْنَى النِّقَابِ الْعَالِمُ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ يُنَقِّبُ عَنْ أُمُورِهِمْ، أَوْ يُنَقِّبُ كَمَا يَنْقُبُ عَنِ الْأَسْرَارِ. وَالْمَنْقَبَةُ: الْفَعْلَةُ الْكَرِيمَةُ، وَقِيَاسُهَا صَحِيحٌ، لِأَنَّهَا شَيْءٌ حَسَنٌ قَدْ شُهِرَ، كَأَنَّهُ نُقِّبَ عَنْهُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ نِقَابُ الْمَرْأَةِ. وَنَاقَبْتُ فُلَانًا: لَقِيتُهُ فَجْأَةً. وَالنُّقْبَةُ: ثَوْبٌ كَالْإِزَارِ فِيهِ تِكَّةٌ، وَلَيْسَ بِالنِّطَاقِ.
أَمَّا اللَّوْنُ فَيُقَالُ لَهُ النُّقْبَةُ، وَهُوَ حَسَنُ النُّقْبَةِ، أَيِ اللَّوْنِ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ نَقَّبَ عَنْهُ شَيْءٌ ظَهَرَ.

(نَقَثَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالثَّاءُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى خَلْطِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَنَقْلِهِ. وَنَقَثَ مَا فِي مَنْزِلِي أَجْمَعَ: نَقَلَهُ كُلَّهُ. وَنَقَّثُوا حَدِيثَهُمْ: خَلَطُوهُ، كَمَا يُنَقَّثُ

(5/466)


الطَّعَامُ. وَخَرَجَ يُنَقِّثُ: يُسْرِعُ فِي نَقْلِ قَوَائِمِهِ. وَنَقَثْتُ الْعَظْمَ أَنْقُثُهُ: اسْتَخْرَجْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْمُخِّ.

(نَقَحَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَنْحِيَتِكَ شَيْئًا عَنْ شَيْءٍ. وَنَقَّحْتُ الْعَصَا: شَذَّبْتُ عَنْهَا أُبَنَهَا. وَمِنْهُ شِعْرٌ مُنَقَّحٌ، أَيْ مُفَتَّشٌ مُلْقًى عَنْهُ مَا لَا يَصْلُحُ فِيهِ. وَنَقَحْتُ الْعَظْمَ: اسْتَخْرَجْتُ مُخَّهُ.

(نَقَخَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَرْعِ شَيْءٍ. وَمَاءٌ نُقَاخٌ: بَارِدٌ عَذْبٌ، كَأَنَّهُ يَنْقَخُ الْعَطَشَ بِبَرْدِهِ، أَيْ يَقْرَعُهُ. وَالنَّقْخُ: نَقْبُ الرَّأْسِ عَنِ الدِّمَاغِ.

(نَقَدَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِبْرَازِ شَيْءٍ وَبُرُوزِهِ. مِنْ ذَلِكَ: النَّقَدُ فِي الْحَافِرِ، وَهُوَ تَقَشُّرُهُ. حَافِرٌ نَقِدٌ: مُتَقَشِّرٌ. وَالنَّقَدُ فِي الضِّرْسِ: تَكَسُّرُهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِتَكَشُّفِ لِيطِهِ عَنْهُ.
وَمِنَ الْبَابِ: نَقْدُ الدِّرْهَمِ، وَذَلِكَ أَنْ يُكْشَفَ عَنْ حَالِهِ فِي جَوْدَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَدِرْهَمٌ نَقْدٌ: وَازِنٌ جَيِّدٌ، كَأَنَّهُ قَدْ كُشِفَ عَنْ حَالِهِ فَعُلِمَ. وَيُقَالُ لِلْقُنْفُذِ الْأَنْقَدُ. يَقُولُونَ: " بَاتَ فُلَانٌ بِلَيْلَةِ أَنْقَدِ "، إِذَا بَاتَ يَسْرِي [لَيْلَهُ] كُلَّهُ. وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ. لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ يَسْرِي حَتَّى يَسْرُوَ عَنْهُ الظَّلَامَ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ

(5/467)


الشَّيْهَمَ لَا يَرْقُدُ اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا زَالَ فُلَانٌ يَنْقُدُ الشَّيْءَ، إِذَا لَمْ يَزَلْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ: النَّقَدُ: صِغَارُ الْغَنَمِ، وَبِهَا يُشَبَّهُ الصَّبِيُّ الْقَمِيُّ الَّذِي لَا يَكَادُ يَشِبُّ.

(نَقَذَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالذَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْلَاصِ شَيْءٍ. وَأَنْقَذْتُهُ مِنْهُ: خَلَّصْتُهُ. وَفَرَسٌ نَقِيذٌ: أُخِذَ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَأَفْرَاسٌ نَقَائِذُ. وَكُلُّ مَا أَنْقَذْتَهُ فَهُوَ نَقَذٌ.

(نَقَرَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قَرْعِ شَيْءٍ حَتَّى تُهْزَمَ فِيهِ هَزْمَةٌ، ثُمَّ يُتَوَسَّعُ فِيهِ.
[مِنْهُ] مِنْقَارُ الطَّائِرِ، لِأَنَّهُ يَنْقُرُ بِهِ الشَّيْءَ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ. وَنَقَرْتُ الرَّحَى بِالْمِنْقَارِ، وَهِيَ تِلْكَ الْحَدِيدَةُ.
وَمِنَ الْبَابِ نَقَّرْتُ عَنِ الْأَمْرِ حَتَّى عَلِمْتُهُ، وَذَلِكَ بَحْثُكَ عَنْهُ، كَأَنَّ عِلْمَكَ بِهِ نَقْرٌ فِيهِ. وَنَقَرْتُ الرَّجُلَ: عِبْتُهُ، كَأَنَّكَ قَرَعْتَ بِشَيْءٍ فَأَثَّرْتَ فِيهِ. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِبَعْلِهَا: " مُرَّ بِي عَلَى بَنِي نَظَرَى وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى بَنَاتِ نَقَرَى "، أَيْ مُرَّ بِي عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَنِي، وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَغْتَبْنَنِي. وَالنُّقْرَةُ: مَوْضِعٌ يَبْقَى فِيهِ مَاءُ السَّيْلِ، كَأَنَّهُ قَدْ نُقِرَ نَقْرًا فَهُزِمَ. وَوَاحِدُ الْمَنَاقِرِ مِنْقَرٌ،

(5/468)


وَهِيَ آبَارٌ صِغَارٌ ضَيِّقَةُ الرُّءُوسِ، كَأَنَّهَا قَدْ نُقِرَتْ فِي الْأَرْضِ نَقْرًا. وَنُقْرَةُ الْقَفَا: الْوَقْبَةُ فِيهِ. وَالنَّقِيرُ: نُكْتَةٌ فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ. وَالنَّقِيرُ: أَصْلُ شَجَرَةٍ يُنْقَرُ وَيُنْبَذُ فِيهِ. وَهُوَ الَّذِي جَاءَ النَّهْيُ فِيهِ. وَفُلَانٌ كَرِيمُ النَّقِيرِ، أَيِ الْأَصْلِ، كَأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي نُقِرَ عَنْهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ. وَقَوْلُهُمْ: دَعَاهُمُ النَّقَرَى: أَنْ يَدْعُوَ جَمَاعَةً وَيَدَعَ آخَرِينَ مِنْ لُؤْمِهِ. وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ لَا يُنَادِيهِمْ أَجْمَعَ، لَكِنْ يَأْتِي الْمَحْفِلَ فَيُوحِي إِلَى وَاحِدٍ كَأَنَّهُ يَنْقُرُهُ، أَوْ يَنْقُرُهُ بِيَدِهِ لِيَقُومَ مَعَهُ. وَالنَّاقُورُ: الصُّورُ الَّذِي يَنْفَخُ فِيهِ الْمَلَكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ يَنْقُرُ الْعَالَمِينَ بِقَرْعِهِ.
وَمِنَ الْبَابِ: نَقَّرْتُ عَنِ الْأَمْرِ، إِذَا بَحَثْتَ عَنْهُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: أَنْقَرَ عَنِ الشَّيْءِ إِنْقَارًا: أَقْلَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُنْقِرَ عَنْ قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ» "، كَأَنَّهُ لَا يُقْلِعُ عَنْ تَعْذِيبِهِ. قَالَ:
وَمَا أَنَا عَنْ أَعْدَاءِ قَوْمِي بِمُنْقِرِ.

(نَقَزَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالزَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى دِقَّةٍ وَخِفَّةٍ وَصِغَرٍ. مِنْهُ النَّقْزُ: الْوَثْبُ. وَنَوَاقِزُ الظَّبْيِ: قَوَائِمُهُ. وَنَقَزُ النَّاسِ: أَرْذَالُهُمْ. وَالنَّقَزُ: الرَّجُلُ الرَّدِيُّ وَالنُّقَازُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْغَنَمَ فَيَقْلَقُ عَنْهُ وَلَا يَسْتَقِرُّ. وَالنُّقَّازُ: صِغَارُ الْعَصَافِيرِ.

(5/469)


(نَقَسَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالسِّينُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى لَطْخِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ غَيْرِ حَسَنٍ. وَنَقَسْتُهُ: عِبْتُهُ، كَأَنَّكَ لَطَخْتَهُ بِشَيْءٍ قَبِيحٍ. وَأَصْلُهُ نِقْسُ الْمِدَادِ، وَالْجَمْعُ أَنْقَاسٌ.

(نَقَشَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْرَاجِ شَيْءٍ وَاسْتِيعَابِهِ حَتَّى لَا يُتْرَكَ مِنْهُ شَيْءٌ ; ثُمَّ يُقَاسُ مَا يُقَارِبُهُ. مِنْهُ نَقْشُ الشَّعْرِ بِالْمِنْقَاشِ وَهُوَ نَتْفُهُ. وَمِنْهُ الْمُنَاقَشَةُ: الِاسْتِقْصَاءُ فِي الْحِسَابِ حَتَّى لَا يُتْرَكَ مِنْهُ شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «مَنْ نُوقِشَ فِي الْحِسَابِ عُذِّبَ» ". وَيُقَالُ: شَجَّةٌ مَنْقُوشَةٌ: تُنْقَشُ مِنْهَا الْعِظَامُ، أَيْ تُسْتَخْرَجُ. وَيُقَالُ: نَقَشْتُ مَرْبِضَ الْغَنَمِ: نَقَّيْتُهُ مِنَ الشَّوْكِ.
وَالنَّقِيشُ: الْمَتَاعُ الْمُتَفَرِّقُ، كَأَنَّهُ انْتُقِشَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، أَيْ فَارَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَمِنَ الْبَابِ: نَقْشُ الشَّيْءِ: تَحْسِينُهُ، كَأَنَّهُ يَنْقُشُهُ، أَيْ يَنْفِي عَنْهُ مَعَايِبَهُ وَيُحَسِّنُهُ. ثُمَّ يُسْتَعَارُ هَذَا فَيُقَالُ: نَقَشْتُ الْعِذْقَ. وَهُوَ أَنْ تَضْرِبَهُ بِالشَّوْكِ حَتَّى يُرْطِبَ. وَيَقُولُونَ: جَادَ مَا انْتَقَشْتَ هَذَا، أَيْ مَا اخْتَرْتَهُ. وَهَذَا نَقِيشُ هَذَا، أَيْ مِثْلُهُ. وَمَا لِلَّهِ ضِدٌّ وَلَا نَقِيشٌ، أَيْ مَا لَهُ مَنْ يُمَاثِلُهُ فِي صُورَتِهِ وَنَقْشِهِ.

(نَقَصَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ النَّقْصُ: خِلَافُ الزِّيَادَةِ. وَنَقَصَ الشَّيْءُ، وَنَقَصْتُهُ أَنَا، وَهُوَ مَنْقُوصٌ. وَالنَّقِيصَةُ: الْعَيْبُ ; يُقَالُ مَا بِهِ [نَقِيصَةٌ، أَيْ] شَيْءٌ يَنْقُصُ. وَمَرْجِعُ الْبَابِ كُلِّهِ إِلَى هَذَا.

(نَقَضَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالضَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نَكْثِ شَيْءٍ،

(5/470)


وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى مَعَنًى مِنَ الْمَعَانِي عَلَى جِنْسٍ مِنَ الصَّوْتِ. وَنَقَضْتُ الْحَبْلَ وَالْبِنَاءَ. وَالنَّقِيضُ: الْمَنْقُوضُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْبَعِيرِ الْمَهْزُولِ نِقْضٌ، كَأَنَّ الْأَسْفَارَ نَقَضَتْهُ ; وَجَمْعُهُ أَنْقَاضٌ. وَالْمُنَاقَضَةُ فِي الشِّعْرِ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْقُضَ مَا أَرَّبَهُ صَاحِبُهُ. وَنَقْضُ الْعَهْدِ مِنْهُ أَيْضًا. وَالنِّقْضُ: مُنْتَقَضُ الْكَمْأَةِ مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُخْرِجَهَا. نَقَضْتُهَا نَقْضًا. وَانْتَقَضَتِ الْقَرْحَةُ، كَأَنَّهَا كَانَتْ تَلَاءَمَتْ ثُمَّ انْتَقَضَتْ.
أَمَّا الصَّوْتُ فَيُقَالُ لِصَوْتِ الْمَفَاصِلِ نَقِيضُهَا ; وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا تَنْتَقِضُ فَيُسْمَعَ لَهَا صَوْتٌ عِنْدَ ذَلِكَ. وَأَنْقَضَتِ الدَّجَاجَةُ: صَوَّتَتْ. وَالْإِنْقَاضُ: زَجْرُ الْقَعُودِ. قَالَ:
رُبَّ عَجُوزٍ مِنْ أُنَاسٍ شَهْبَرَهْ ... عَلَّمْتُهَا الْإِنْقَاضَ بَعْدَ الْقَرْقَرَهْ
يَقُولُ: سَرَقْتُ بَعِيرَهَا الَّتِي كَانَتْ تُقَرْقِرُ بِهِ وَتَرَكْتُ لَهَا بَكْرًا تُنْقِضُ بِهِ.

(نَقَطَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالطَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى نُكْتَةٍ لَطِيفَةٍ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ النَّخْلِ: نُقْطَةٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْقِلَّةِ بِالنُّقْطَةِ.

(نَقَعَ) النُّونُ وَالْقَافُ وَالْعَيْنُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ شَيْءٍ كَالْمَائِعِ فِي قَرَارِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ.
فَالْأَوَّلُ نَقَعَ الْمَاءُ فِي مَنْقَعِهِ: اسْتَقَرَّ. وَاسْتَنْقَعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءِ.
وَالنَّقُوعُ: مَا نُقِعَ

(5/471)


فِي الْمَاءِ، كَدَوَاءٍ أَوْ نَبِيذٍ. وَالْمِنْقَعُ ذَلِكَ الْإِنَاءُ. وَالْمِنْقَعُ كَالْقُدَيْرَةِ لِلصَّبِيِّ يُطْرَحُ فِيهِ اللَّبَنُ وَيُطْعَمُهُ. وَيُقَالُ لَهُ مِنْقَعُ الْبُرَمِ، وَيَكُونُ مِنْ حِجَارَةٍ. وَالنَّقِيعُ: شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ زَبِيبٍ، كَأَنَّ الزَّبِيبَ يُنْقَعُ لَهُ. وَالنَّقِيعُ: الْحَوْضُ يُنْقَعُ فِيهِ التَّمْرُ. وَالنَّقِيعُ وَالنَّقْعُ: الْمَاءُ النَّاقِعُ. وَمَاءٌ نَاقِعٌ كَالنَّاجِعِ، كَأَنَّهُ اسْتَقَرَّ قَرَارَهُ فَكَسَرَ الْغُلَّةَ. وَكَذَلِكَ النَّقُوعُ. وَالنَّقِيعُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ. وَنَقْعُ الْبِئْرِ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: مَاؤُهَا، كَأَنَّهَا قَرَارٌ لَهُ. وَالْأُنْقُوعَةُ: وَقْبَةُ الثَّرِيدِ. وَقَوْلُهُمْ: " هُوَ شَرَّابٌ بِأَنْقُعٍ "، أَيْ مُعَاوِدٌ لِلْأَمْرِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. كَذَا يَقُولُونَ، وَوَجْهُهُ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّائِرَ الْحَذِرَ لَا يَرِدُ الْمَشَارِعَ حَذَرًا عَلَى نَفْسِهِ، لَكِنَّهُ يَأْتِي الْمَنَاقِعَ يَشْرَبُ لِيَسْلَمَ ; وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الْكَيِّسُ الْحَذِرُ، لَا يَتَقَحَّمُ إِلَّا مَوَاضِعَ السَّلَامَةِ فِي أُمُورِهِ. وَالنَّقِيعَةُ: الْمَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ. فَأَمَّا النَّقِيعَةُ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَا يُحْرَزُ مِنَ النَّهْبِ قَبْلَ الْقَسْمِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ رُءُوسَهُمْ ... ضَرْبَ الْقُدَارِ نَقِيعَةَ الْقُدَّامِ
وَيُقَالُ: بَلِ النَّقِيعَةُ: الطَّعَامُ يُتَّخَذُ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ، كَأَنَّهُ إِذَا أُعِدَّ لَهُ فَقَدْ نُقِعَ أَيْ أُقِرَّ. وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا أَقْيَسُ. وَيَقُولُونَ: النَّقِيعَةُ: الْجَزُورُ تُنْقَعُ عَنْ عِدَّةِ إِبِلٍ، كَالْفَرَعَةِ تُذْبَحُ عَنْ غَنَمٍ.
وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَالنَّقِيعُ: الصُّرَاخُ، وَهُوَ النَّقْعُ أَيْضًا. وَنَقَعَ الصَّوْتُ: ارْتَفَعَ. قَالَ:

(5/472)


فَمَتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صَادِقٌ ... يَحْلِبُوهَا ذَاتَ جَرْسٍ وَزَجَلْ
وَيُقَالُ: النَّقْعُ: صَوْتُ النَّعَامَةِ. وَالنَّقَّاعُ: الرَّجُلُ يَتَكَثَّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ، كَأَنَّهُ يَصِيحُ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: انْتُقِعَ لَوْنُهُ، فَهُوَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ امْتُقِعَ، وَقَدْ ذَكَرْ [نَا] هُ.

[بَابُ النُّونِ وَالْكَافِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَكَّلَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَنْعٍ وَامْتِنَاعٍ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ فُرُوعُهُ. وَنَكَلَ عَنْهُ نُكُولًا يَنْكِلُ. وَأَصْلُ ذَلِكَ النِّكْلُ: الْقَيْدُ، وَجَمْعُهُ أَنْكَالٌ، لِأَنَّهُ يَنْكُلُ: أَيْ يَمْنَعُ. وَالنِّكْلُ: حَدِيدَةُ اللِّجَامِ. وَهُوَ نَاكِلٌ عَنِ الْأُمُورِ: ضَعِيفٌ عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: رَمَاهُ [اللَّهُ بِنُكْلِهِ وَبِنُكْلَةٍ، أَيْ رَمَاهُ بِمَا] يُنَكِّلُهُ.
وَمِنَ الْبَابِ نَكَّلْتُ بِهِ تَنْكِيلًا، وَنَكَّلْتُ بِهِ نَكَالًا، وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْمُعَاوَدَةِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إِتْيَانِ مِثْلِ صَنِيعِهِ. وَهَذَا أَجْوَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَيُقَالُ: الْمَنْكَلُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُنَكِّلُ بِالْإِنْسَانِ. قَالَ:
وَارْمِ عَلَى أَقْفَائِهِمْ بِمَنْكَلِ

(5/473)


فَأَمَّا الْحَدِيثُ: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ النَّكَلَ عَلَى النَّكَلِ» " فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ الْمُجَرَّبُ، عَلَى الْفَرَسِ الْقَوِيِّ الْمُجَرَّبِ. وَهَذَا لِلتَّفْسِيرِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

(نَكَهَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْهَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ نَكْهَةُ الْإِنْسَانِ. وَاسْتَنْكَهْتُهُ: تَشَمَّمْتُ رِيحَ فَمِهِ. وَيَقُولُونَ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ: إِنَّ النُّكَّهَ مِنَ الْإِبِلِ: الَّتِي ذَهَبَتْ أَصْوَاتُهَا مِنَ الضَّعْفِ. قَالَ:
بَعْدَ اهْتِضَامِ الرَّاغِيَاتِ النُّكَّهِ.

(نَكَبَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَيْلٍ أَوْ مَيَلٍ فِي الشَّيْءِ. وَنَكَبَ عَنِ الشَّيْءِ يَنْكُبُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: 74] . وَالنَّكْبَاءُ: كُلُّ رِيحٍ عَدَلَتْ عَنْ مَهَبِّ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ. قَالَ:
لَا تَعْدِلَنَّ أَتَاوِيِّينَ تَضْرِبُهُمْ ... نَكْبَاءُ صِرٌّ بِأَصْحَابِ الْمُحِلَّاتِ
وَالْأَنْكَبُ: الَّذِي كَأَنَّهُ يَمْشِي فِي شِقٍّ. وَالْمَنْكِبُ: مُجْتَمَعُ مَا بَيْنَ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ، وَهُمَا مَنْكِبَانِ، لِأَنَّهُمَا فِي الْجَانِبَيْنِ. وَالنَّكَبُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي مَنَاكِبِهَا فَتَظْلَعُ مِنْهُ. وَالْمَنْكِبُ: عَوْنُ الْعَرِيفِ، مُشَبَّهٌ بِمَنْكِبِ الْإِنْسَانِ، كَأَنَّهُ يُقَوِّي أَمْرَ الْعَرِيفِ كَمَا يَتَقَوَّى بِمَنْكِبِهِ الْإِنْسَانُ.

(5/474)


(نَكَتَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى تَأْثِيرٍ يَسِيرٍ فِي الشَّيْءِ كَالنُّكْتَةِ وَنَحْوِهَا وَنَكَتَ فِي الْأَرْضِ بِقَضِيبِهِ يَنْكُتُ، إِذَا أَثَّرَ فِيهَا. وَكُلُّ نُقْطَةٍ نُكْتَةٌ.
وَمِنَ الْبَابِ رُطَبَةٌ مُنَكِّتَةٌ: بَدَأَ الْإِرْطَابُ فِيهَا، كَأَنَّ ذَلِكَ كَالنُّقَطِ. وَالنَّاكِتُ بِالْبَعِيرِ: شِبْهُ الْحَازِّ، وَهُوَ أَنْ يَنْكُتَ مِرْفَقُهُ حَرْفَ كِرْكِرَتِهِ. وَمِمَّا يُقَاسُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ: نَكَتُّهُ، إِذَا أَلْقَيْتَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَانْتَكَتَ، وَلَعَلَّ ذَاكَ مِنْ أَثَرٍ يُؤَثِّرُهُ فِي الْأَرْضِ.

(نَكَثَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى نَقْضِ شَيْءٍ. وَنَكَثَ الْعَهْدَ يَنْكُثُهُ نَكْثًا. وَانْتَكَثَ الشَّيْءُ: انْتَقَضَ. وَقَالَ قَوْلًا لَا نَكِيثَةَ فِيهِ، أَيْ لَا خُلْفَ. وَمِنْهُ: طَلَبَ حَاجَةً ثُمَّ انْتَكَثَ لِأُخْرَى. كَأَنَّهُ نَقَضَ عَزْمَهُ الْأَوَّلَ. وَالنِّكْثُ: أَنْ تُنْقَضَ أَخْلَاقُ الْأَكْسِيَةِ وَتُغْزَلَ ثَانِيَةً، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ نِكْثًا. وَالنَّكِيثَةُ: خُطَّةٌ صَعْبَةٌ يَنْكُثُ فِيهَا الْقَوْمُ. قَالَ طَرَفَةُ:
مَتَى يَكُ أَمْرٌ لِلنَّكِيثَةِ أَشْهَدِ.

(نَكَحَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْبِضَاعُ. وَنَكَحَ يَنْكِحُ. وَامْرَأَةٌ نَاكِحٌ فِي بَنِي فُلَانٍ، أَيْ ذَاتِ زَوْجٍ مِنْهُمْ. وَالنِّكَاحُ يَكُونُ الْعَقْدَ دُونَ الْوَطْءِ. يُقَالُ نَكَحْتُ: تَزَوَّجْتُ. وَأَنْكَحْتُ غَيْرِي.

(نَكَدَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالدَّالُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ الشَّيْءِ إِلَى

(5/475)


طَالِبِهِ بِشِدَّةٍ. وَهَذَا مَطْلَبٌ نَكِدٌ. وَرَجُلٌ نَكِدٌ وَنَكَدٌ. وَيُقَالُ: نَكَدَ الْغُرَابُ: اسْتَقْصَى فِي شَحِيجِهِ، كَأَنَّهُ يَقِيءُ. وَنَاقَةٌ نَكْدَاءُ: لَا لَبَنَ فِيهَا.

(نَكَرَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي يَسْكُنُ إِلَيْهَا الْقَلْبُ. وَنَكِرَ الشَّيْءَ وَأَنْكَرَهُ: لَمْ يَقْبَلْهُ قَلْبُهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ لِسَانُهُ. قَالَ:
وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ ... مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
وَالْبَابُ كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى هَذَا. فَالنُّكْرُ: الدَّهْيُ. وَالنَّكْرَاءُ: الْأَمْرُ الصَّعْبُ الشَّدِيدُ. وَنَكُرَ الْأَمْرُ نَكَارَةً. وَالْإِنْكَارُ: خِلَافُ الِاعْتِرَافِ. وَالتَّنَكُّرُ: التَّنَقُّلُ مِنْ حَالٍ تَسُرُّ إِلَى أُخْرَى تُكْرَهُ. وَيَقُولُونَ لِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْحُوَلَاءِ [مِنْ] دَمٍ وَمَا أَشْبَهَهُ: نَكِرَةٌ.

(نَكَزَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالزَّاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى غَرْزِ شَيْءٍ مُمَدَّدٍ فِي شَيْءٍ. يُقَالُ: نَكَزْتُهُ بِالْحَدِيدِ أَنْكُزُهُ، وَذَلِكَ كَالْغَرْزِ. وَنَكَزَتِ الْحَيَّةُ بِأَنْفِهَا. وَمِنْهُ: نَكَزَ الْمَاءُ: غَاضَ، كَأَنَّهُ كَالشَّيْءِ يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ. وَبِئْرٌ نَاكِزٌ: غَارَ

(5/476)


مَاؤُهَا. وَأَنْكَزَهَا أَصْحَابُهَا. وَهَذَا عَلَى الْمَعْنَى، كَأَنَّهُمْ لَمَّا اسْتَقَوْا مَاءَهَا ظُنَّ بِهَا أَنَّ مَاءَهَا غَارَ وَنَكَزَ فِي الْأَرْضِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا ... ذِمَامُ الرَّكَايَا أَنْكَزَتْهَا الْمَوَاتِحُ.

(نَكَسَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالسِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى قَلْبِ الشَّيْءِ. مِنْهُ النَّكْسُ: قَلْبُكَ شَيْئًا عَلَى رَأْسِهِ. وَالْوِلَادُ الْمَنْكُوسُ: أَنْ يَخْرُجَ رِجْلَاهُ قَبْلَ رَأْسِهِ. وَالنِّكْسُ: السَّهْمُ الَّذِي يَنْكَسِرُ فُوقُهُ، فَيُجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ. وَيُقَالُ لِلْمَائِقِ: إِنَّهُ لَنِكْسٌ، تَشْبِيهًا بِذَلِكَ. وَالْمُنَكِّسُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي إِذَا جَرَى لَمْ يَسْمُ بِرَأْسِهِ وَلَا هَادِيهِ مِنْ ضَعْفِهِ.

(نَكَشَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالشِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْأَتْيِ عَلَى الشَّيْءِ. يُقَالُ: أَتَوْا عَلَى عُشْبٍ فَنَكَشُوهُ. وَيَقُولُونَ: هُوَ بَحْرٌ لَا يُنْكَشُ، كَمَا يَقُولُونَ: لَا يُنْزَفُ.

(نَكَصَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ. يُقَالُ: نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، إِذَا أَحْجَمَ عَنِ الشَّيْءِ خَوْفًا وَجُبْنًا. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ: رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ ; لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الرُّجُوعِ عَنِ الْخَيْرِ.

(نَكَظَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالظَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ النَّكْظُ: الدَّفْعُ وَالْعَجَلَةُ. قَالَ:.

(5/477)


[قَدْ] تَجَاوَزْتُهَا عَلَى نَكَظِ الْمَيْ ... طِ إِذَا خَبَّ لَامِعَاتُ الْآلِ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَنْكَظْتُهُ إِنْكَاظًا، وَنَكَظْتُهُ نَكْظًا، إِذَا أَعْجَلْتَهُ.

(نَكَعَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْعَيْنُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ، وَالْآخَرُ عَلَى حَبْسٍ وَرَدٍّ.
فَالْأَوَّلُ: الْأَنْكَعُ: الْأَحْمَرُ الْمُتَقَشِّرُ الْأَنْفِ. يُقَالُ مِنْهُ نَكِعٌ. وَنَكَعَةُ الطُّرْثُوتِ مِنْ أَعْلَاهُ إِلَى قَدْرِ إِصْبَعٍ، عَلَيْهِ قِشْرَةٌ حَمْرَاءُ. وَشَفَةٌ نَكِعَةٌ، شَدِيدَةُ الْحُمْرَةِ.
وَمِنَ الْأَصْلِ الْآخَرِ: نَكَعَهُ حَقَّهُ، إِذَا حَبَسَهُ عَنْهُ. وَنَكَعَهُ عَنْهُ: دَفَعَهُ. وَنَكَعْتُهُ بِالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ: دَفَعْتُهُ. وَنَكَعْتُهُ عَنْ حَاجَتِهِ رَدَدْتُهُ عَنْهَا. وَمِنْهُ نَكَعْتُهُ الشَّيْءَ مِثْلُ نَقَصْتُهُ، كَأَنَّكَ دَفَعْتَهُ عَنْ إِكْمَالِهِ أَكْلًا وَشُرْبًا.
وَمِنَ الْبَابِ النَّكُوعُ: الْمَرْأَةُ الْقَصِيرَةُ، وَالْجَمْعُ نُكُعٌ، كَأَنَّهَا حُبِسَتْ عَنْ أَنْ تَطُولَ. وَرَجُلٌ هُكَعَةٌ نُكَعَةٌ: يَثْبُتُ مَكَانَهُ لَا يَبْرَحُ، وَهُوَ مِنَ الْحَبْسِ أَيْضًا.

(نَكَفَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْفَاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى قَطْعِ شَيْءٍ وَتَنْحِيَتِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ. فَالْأَوَّلُ النَّكْفُ: تَنْحِيَتُكَ الدُّمُوعَ عَنْ خَدِّكَ بِإِصْبَعِكَ. وَيَقُولُونَ: رَأَيْنَا غَيْثًا مَا نَكَفَهُ أَحَدٌ سَارَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ. يَقُولُ: مَا قَطَعَهُ. وَبَحْرٌ لَا يُنْكَفُ،

(5/478)


مِثْلُ لَا يُنْزَحُ، وَالِانْتِكَافُ، خُرُوجٌ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، أَوْ أَمْرٍ إِلَى أَمْرٍ. تَقُولُ: أَرَادَ هَذَا وَانْتَكَفَ فَأَرَادَ هَذَا، كَأَنَّهُ قَطَعَ عَزْمَهُ الْأَوَّلَ. وَانْتَكَفَ الْأَثَرَ: وَجَدَهُ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّكَفُ: جَمْعُ نَكَفَةٍ، وَهِيَ غُدَّةٌ فِي أَصْلِ اللَّحْيِ. يُقَالُ: إِبِلٌ مُنَكِّفَةٌ: ظَهَرَتْ نَكَفَاتُهَا.
ثُمَّ قِيسَ عَلَى هَذَا فَقِيلَ: نَكِفَ مِنَ الْأَمْرِ وَاسْتَنْكَفَ، إِذَا أَنِفَ مِنْهُ. مَعْنَى الْقِيَاسِ فِي هَذَا أَنَّهُ لَمَّا أَنِفَ أَعْرَضَ عَنْهُ وَأَرَاهُ أَصْلَ لَحْيِهِ، كَمَا يُقَالُ أَعْرَضَ إِذَا وَلَّاهُ عَارِضَهُ وَتَرَكَ مُوَاجَهَتَهُ. وَالْأَنِفُ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ شَمَخَ بِأَنْفِهِ دُونَهُ. وَالْقِيَاسُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَاحِدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ النُّونِ وَالْمِيمِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
(نَمَى) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ وَزِيَادَةٍ.
وَنَمَى الْمَالُ يَنْمِي: زَادَ. وَنَمَى الْخِضَابُ يَنْمِي وَيَنُمُو، إِذَا زَادَ حُمْرَةً وَسَوَادًا. وَتَنَمَّى الشَّيْءُ: ارْتَفَعَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. قَالَ:
يَا حُبَّ لَيْلَى لَا تُغَيَّرْ وَازْدَدِ ... وَانْمِ كَمَا يَنْمِي الْخِضَابُ فِي الْيَدِ

(5/479)


وَانْتَمَى فُلَانٌ إِلَى حَسَبِهِ: انْتَسَبَ. وَنَمَّيْتُ الْحَدِيثَ: أَشَعْتُهُ، وَنَمَيْتُهُ بِالتَّخْفِيفِ، وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا وَاحِدٌ. وَالنَّامِيَةُ: الْخَلْقُ، لِأَنَّهُمْ يَنْمُونَ، أَيْ يَزِيدُونَ: وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا تَمْثُلُوا بِنَامِيَةِ اللَّهِ» ". وَيُقَالُ: نَمَّيْتُ النَّارَ. إِذَا أَلْقَيْتَ عَلَيْهَا شَيُوعًا. وَيُقَالُ: نَمَتِ الرَّمِيَّةُ، إِذَا ارْتَفَعَتْ وَغَابَتْ ثُمَّ مَاتَتْ، وَأَنْمَاهَا صَاحِبُهَا. قَالَ:
فَهِيَ لَا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ ... مَا لَهُ لَا عُدَّ مِنْ نَفْرِهْ
وَفِي الْحَدِيثِ: " «كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ» ".

(نَمَرَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَوْنٌ مِنَ الْأَلْوَانِ، وَالْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى نُجُوعِ شَرَابٍ.
فَالْأَوَّلُ النَّمِرُ، مَعْرُوفٌ، مِنَ اخْتِلَاطِ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ فِي لَوْنِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْبَيَاضَ أَكْثَرُ. وَمِنَ النَّمِرِ اشْتُقَّ لَوْنُ السَّحَابِ النُّمْرِ، وَكَذَلِكَ النَّعَمُ النُّمْرُ فِيهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. وَكَذَلِكَ النَّمِرَةُ، إِنَّمَا هِيَ كِسَاءٌ مُلَوَّنٌ مُخَطَّطٌ. وَتَنَمَّرَ لِي فُلَانٌ: تَهَدَّدَنِي. وَتَحْقِيقُهُ لَبِسَ لِي جِلْدَ النَّمِرِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ النَّمِيرُ، وَهُوَ الْمَاءُ الْعَذْبُ النَّامِي فِي الْجَسَدِ النَّاجِعُ. ثُمَّ يُسْتَعَارُ فَيُقَالُ [حَسَبٌ] نَمِيرٌ، أَيْ زَاكٍ.

(نَمَسَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالسِّينُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: إِحْدَاهَا تَدُلُّ عَلَى سَتْرِ شَيْءٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ، وَالثَّالِثَةُ عَلَى فَسَادِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ. فَالْأُولَى النَّامُوسُ: وَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ الْإِنْسَانِ. وَنَمَسَ: قَالَ حَدِيثًا فِي سِرٍّ

(5/480)


وَسَتْرٍ. وَالنَّامُوسُ: قُتْرَةُ الصَّائِدِ. وَفِي مُصَنَّفِ الْغَرِيبِ: النَّامُوسُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْأَصْلُ كُلُّهُ وَاحِدٌ. وَنَامَسْتُ فُلَانًا مُنَامَسَةً: سَارَرْتُهُ وَجَعَلْتُهُ مَوْضِعًا لِسِرِّي. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ نَامُوسٌ لَهُ.
وَالثَّالِثَةُ النَّمَسُ: الْكَدَرُ فِي اللَّوْنِ. يُقَالُ الْقَطَا النُّمْسُ، لِأَنَّ فِي لَوْنِهَا كُدْرَةً. وَالنَّمَسُ: فَسَادُ السَّمْنِ وَالْغَالِيَةِ وَكُلِّ طِيبٍ. وَالنِّمْسُ: دُوَيْبَّةٌ، سُمِّيَتْ لِلَوْنِهَا. فَأَمَّا قَوْلُ حُمَيْدٍ:
كَتَوَاهُقِ النِّمْسِ
فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَرَادَ هَذِهِ الدَّوَابَّ. وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ: " النُّمْسِ "، قَالَ: وَهِيَ الْقَطَا جَمْعُ أَنْمَسٍ.

(نَمَشَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالشِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَخْطِيطٍ فِي شَيْءٍ. مِنْهُ النَّمَشُ، وَهِيَ خُطُوطُ النُّقُوشِ، وَالنَّعْتُ نَمِشٌ. وَمِنَ الْبَابِ النَّمْشُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَابِثُ إِذَا الْتَقَطَ شَيْئًا وَخَطَّطَ بِأَصَابِعِهِ. قَالَ:
قُلْتُ لَهَا وَأُولِعَتْ بِالنَّمْشِ
وَنَمَشَ الْجَرَادُ الْأَرْضَ: جَرَدَهَا.

(نَمَصَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالصَّادُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِقَّةِ الشَّعْرِ أَوْ نَتْفٍ لَهُ. فَالنَّمَصُ: رِقَّةُ الشَّعْرِ. وَالْمِنْمَاصُ: الْمِنْقَاشُ. وَشَعْرٌ نَمِيصٌ، وَنَبْتٌ نَمِيصٌ: نَتَفَتْهُ الْمَاشِيَةُ بِأَفْوَاهِهَا.

(5/481)


(نَمَطَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالطَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اجْتِمَاعٍ. وَالنَّمَطُ: جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ، يَلْحَقُ بِهِمُ التَّالِي وَيَرْجِعُ إِلَيْهِمُ الْغَالِي» ".

(نَمَغَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَعْلَى شَيْءٍ. وَنَمَغَةُ الْجَبَلِ: أَعْلَاهُ. وَالنَّمَغَةُ: مَا تَحَرَّكَ مِنْ يَافُوخِ الصَّبِيِّ أَوَّلَ مَا يُولَدُ.

(نَمَقَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالْقَافُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْسِينِ شَيْءٍ وَتَجْوِيدِهِ. وَنَمَقْتُ الْكِتَابَ وَنَمَّقْتُهُ: نَقَشْتُهُ وَصَوَّرْتُهُ. قَالَ:
كَأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِسَاتِ ذُيُولَهَا ... عَلَيْهِ قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِعُ.

(نَمَلَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَاللَّامُ كَلِمَاتُهُ تَدُلُّ عَلَى تَجَمُّعٍ فِي شَيْءٍ وَصِغَرٍ وَخِفَّةٍ. مِنْهُ النَّمْلُ: جَمْعُ نَمْلَةٍ. وَطَعَامٌ مَنْمُولٌ: أَصَابَهُ النَّمْلُ. وَفَرَسٌ نَمِلُ الْقَوَائِمِ: خَفِيفُهَا، كَأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِالنَّمْلِ. وَالنَّمْلَةُ: قَرْحَةٌ تَخْرُجُ فِي الْجَنْبِ، كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِهَا لِتَفَشِّيهَا وَانْتِشَارِهَا، شُبِّهَتْ بِالنَّمْلَةِ وَدَبِيبِهَا. وَالْأَنْمُلَةُ: وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ، وَهِيَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ.
وَيَقُولُونَ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا: إِنَّ النَّمْلَةَ: شَقٌّ يَكُونُ فِي حَافِرِ الْفَرَسِ مِنَ الْأَشْعَرِ إِلَى الْمَقَطِّ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ النُّمْلَةُ بِالضَّمِّ فِي النُّونِ وَالسُّكُونِ فِي الْمِيمِ هِيَ النَّمِيمَةُ. وَيُقَالُ: نَمَلَ، إِذَا نَمَّ.

(5/482)


[بَابُ مَا جَاءَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ أَوَّلَهُ نُونٌ]
مِنْ ذَلِكَ (النَّهْشَلُ) : الذِّئْبُ، وَيُقَالُ الصَّقْرُ. وَهُوَ مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: نَشَلَ وَنَهَشَ، كَأَنَّهُ يَنْشُلُ اللَّحْمَ وَيَنْهَشُهُ، وَقَدْ فُسِّرَا جَمِيعًا.

وَمِنْ ذَلِكَ (النَّهَابِرُ) : الْمَهَالِكُ. وَهُوَ مَنْحُوتٌ مِنْ نَهَبَ وَنَهَرَ. وَالنَّهْبُ مِنَ الِانْتِهَابِ. وَنَهَرَ مِنْ نَهْرِ الْفَتْقِ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ نَهَبَ وَنَهَرَ وَضَيَّعَ. وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ.

وَ (نَهْبَرَ) الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ: أَتَى بِهِ عَلَى غَيْرِ جِهَتِهِ، وَهُوَ مِنْ نَهَبَ، كَأَنَّهُ يَنْتَهِبُ الْكَلَامَ، وَمَنْ نَهَرَ، كَأَنَّهُ يَتَوَسَّعُ فِيهِ.

وَمِنْهُ (النَّهْبَلَةُ) النَّاقَةُ الضَّخْمَةُ. وَالنَّهْبَلَةُ: الْعَجُوزُ. وَالنَّهْبَلُ: الشَّيْخُ. وَهَذِهِ مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ النُّونُ، وَالْأَصْلُ هَاءٌ وَبَاءٌ وَلَامٌ. يَقُولُونَ لِلشَّيْخِ هِبِلٌّ، وَلِلْعَجُوزِ هِبِلَّةٌ.

وَمِنْهُ (النَّقْرَشَةُ) : الْحِسُّ الْخَفِيُّ، كَحِسِّ الْفَارَةِ وَالْيَرْبُوعِ. قَالَ:
يَا أَيُّهَا ذَا الْجُرَذُ الْمُنَقْرِشُ
وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ نَقَرَ وَقَرَشَ وَنَقَشَ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ يَنْقُرُ شَيْئًا، وَيَقْرِشُهُ: يَجْمَعُهُ، وَيَنْقُشُهُ كَمَا يُنْقَشُ الشَّيْءُ بِالْمِنْقَاشِ.

وَمِنْهُ (النِّقْرِسُ) : الدَّاهِيَةُ مِنَ الْأَدِلَّاءِ. وَدَلِيلٌ نِقْرِسٌ، وَطَبِيبٌ نِقْرِسٌ وَنِقْرِيسٌ: حَاذِقٌ. وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ السِّينُ، وَأَصْلُهُ مِنَ النَّقْرِ، كَأَنَّهُ يَنْقُرُ عَنِ الْأَشْيَاءِ، أَيْ يَبْحَثُ عَنْهَا.

(5/483)


وَمِنْهُ (النَّقْثَلَةُ) : مِشْيَةٌ يُثِيرُ فِيهَا الرَّجُلُ التُّرَابَ إِذَا مَشَى. قَالَ:
وَتَارَةً أَنْبُثُ نَبْثَ النَّقْثَلَهْ
وَهُوَ مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: نَقَثَ مِنَ النَّقْثِ: الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ، وَمَنْ نَقَلَ، مِنْ نَقْلِ الْقَوَائِمِ. وَقَدْ فَسَّرْنَاهُمَا فِيمَا مَضَى.

وَمِنْهُ (النُّمْرُقَةُ) : الْوِسَادَةُ. وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الْقَافُ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ النَّمِرَةِ وَهِيَ الْكِسَاءُ الْمُخَطَّطُ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(تَمَّ كِتَابُ النُّونِ) .

(5/484)


[كِتَابُ الْهَاءِ] [بَابُ الْهَاءِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كِتَابُ الْهَاءِ
(بَابُ الْهَاءِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ)
(هُوَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ لَيْسَتْ مِنْ شَرْطِ اللُّغَةِ، وَهِيَ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْأَصْلُ هَاءٌ ضُمَّتْ إِلَيْهِ وَاوٌ. مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثَقِّلُهَا فَيَقُولُ: هُوَّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوْ.

(هِيَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ، وَالْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ يَجْرِيَانِ مَجْرَى مَا قَبْلَهُمَا. عَلَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا أَدْرِي أَيُّ هَيِّ بْنِ بَيٍّ هُوَ. مَعْنَاهُ أَيُّ النَّاسِ هُوَ. وَهَذَا عِنْدَنَا مِمَّا دَرَجَ عِلْمُهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " لَوْ كَانَ ذَاكَ فِي الْهَيْءِ وَالْجَيْءِ مَا نَفَعَهُ "، وَالْهَيْءُ:

(6/3)


الطَّعَامُ. وَالْجَيْءُ: الشَّرَابُ، وَاللَّفْظَتَانِ لَا تَدُلَّانِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ. وَيَقُولُونَ: هَأْهَأْتُ بِالْإِبِلِ، إِذَا دَعَوْتَهَا لِلْعَلَفِ. وَهَذَا خِلَافُ الْأَوَّلِ. وَأَنْشَدُوا:
وَمَا كَانَ عَلَى الْهَيْءِ ... وَلَا الْجَيءِ امْتِدَاحِيكَا
وَالْهَاءُ، هَذَا الْحَرْفُ وَهَا تَنْبِيهٌ. وَمِنْ شَأْنِهِمْ إِذَا أَرَادُوا تَعْظِيمَ شَيْءٍ أَنْ يُكْثِرُوا فِيهِ مِنَ التَّنْبِيهِ وَالْإِشَارَةِ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} [آل عمران: 66] ، ثُمَّ قَالَ الشَّاعِرُ:
هَا إِنَّ تَا عِذْرَةٌ إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ ... فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ فِي الْبَلَدِ
وَيَقُولُونَ فِي الْيَمِينِ: لَا هَا اللَّهِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ هَاءً تَكُونُ تَلْبِيَةً. قَالَ:
لَا بَلْ يُجِيبُكَ حِينَ تَدْعُو بِاسْمِهِ ... فَيَقُولُ هَاءً وَطَالَ مَا لَبَّى
هَاءَ يَهُوءُ الرَّجُلُ هَوْءًا. وَالْهَوْءُ: الْهِمَّةُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يَا هَيْءَ مَالِي، تَأَسُّفٌ.

(هَبَّ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ مُعْظَمُ بَابِهِ الِانْتِبَاهُ وَالِاهْتِزَازُ وَالْحَرَكَةُ، وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى رِقَّةِ شَيْءٍ.
الْأَوَّلُ هَبَّتِ الرِّيحُ تَهُبُّ هُبُوبًا. وَهَبَّ النَّائِمُ يَهُبُّ هَبَّا. وَمِنْ أَيْنَ هَبَبْتَ يَا فُلَانُ، كَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ، مِنْ أَيْنَ انْتَبَهْتَ لَنَا. وَحُكِيَ عَنْ يُونُسَ:

(6/4)


غَابَ فُلَانٌ ثُمَّ هَبَّ. وَيَقُولُونَ: هَبَّ يَفْعَلُ كَذَا، كَمَا يُقَالُ: طَفِقَ يَفْعَلُ. وَهَزَزْتُ السَّيْفَ فَهَبَّ هَبَّةً. وَهَبَّتُهُ: هِزَّتُهُ وَمَضَاؤُهُ فِي ضَرِيبَتِهِ. وَسَيْفٌ ذُو هَبَّةٍ. وَهَبَّ الْبَعِيرُ فِي السَّيْرِ: نَشِطَ، هِبَابًا. قَالَ لَبِيَدٌ:
فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا ... صَهْبَاءُ رَاحَ مَعَ الْجَنُوبِ جَهَامُهَا
وَهَبَّ التَّيْسُ لِلسِّفَادِ هَبِيبًا، وَاهْتَبَّ، وَهُوَ مِهْبَابٌ. وَهَبْهَبْتُ بِهِ: دَعْوَتُهُ لِيَنْزُوَ. وَيُقَالُ الْهَبْهَبِيُّ: الرَّاعِي ; وَالْفَتَى السَّرِيعُ فِي الْخِدْمَةِ هَبْهَبِيٌّ. وَيَقُولُونَ: عِشْنَا بِذَاكَ هِبَّةً مِنَ الدَّهْرِ، أَيْ سَنَةً وَوَقْتًا هَبَّ لَنَا.
وَالْبَابُ الْآخَرُ تَهَبَّبَ الثَّوْبُ: بَلِيَ. وَيُقَالُ لِقِطَعِ الثَّوْبِ: هِبَبٌ. وَهَبْهَبَ السَّرَابُ: تَرَقْرَقَ. وَالْهَبْهَابُ: السَّرَابُ. وَمَا أَقْرَبَ هَذَا مِنَ الْأَوَّلِ. وَمِمَّا يُشْكِلُ عِنْدِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُمْ: هَبْهُ فَعَلَ كَذَا، وَهَبْنِي فَعَلْتُهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ وَهَبَ لِأَنَّ اللَّفْظَةَ عَلَى هَذَا تَدُلُّ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ مُشْكِلٌ. وَيَقُولُونَ لِلْخَيْلِ: هَبِي، أَيْ أَقْبِلِي. وَهَذِهِ حِكَايَةُ صَوْتٍ.

(هَتَّ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ يَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ، لَيْسَتْ فِيهِ لُغَةٌ أَصْلِيَّةٌ. يُقَالُ: هَتَّ الْبَكْرُ فِي صَوْتِهِ: عَصَرَ صَوْتَهُ. وَهَتَتُّ الْكَلِمَةَ. وَالْهَتِيتُ: مُتَابَعَةٌ وَمُدَارَكَةٌ. يُقَالُ: هَتَّ هَتًّا وَهَتِيتًا. وَيَقُولُونَ: رَجُلٌ مِهَتٌّ: خَفِيفٌ فِي الْعَمَلِ. وَالْهَتْهَتَةُ: الْتِوَاءُ الْكَلَامِ. وَالْهَتُّ: تَمْزِيقُ الثَّوْبِ. وَالْهَتُّ: الْكَسْرُ.

(6/5)


وَيَقُولُونَ: سَمِعْتُ هَتَّ قَوَائِمِ الْبَعِيرِ عِنْدَ وَقْعِهَا بِالْأَرْضِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ، وَلَوْلَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوهُ لَمَا رَأَيْتُ لِذِكْرِهِ وَجْهًا.

(هَثَّ) الْهَاءُ وَالثَّاءُ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمُعْظَمُهُ الِاخْتِلَاطُ. يَقُولُونَ: الْهَثْهَثَةُ: الِاخْتِلَاطُ. وَهَثْهَثَتِ السَّحَابَةُ بِثَلْجِهَا وَقَطْرِهَا: أَرْسَلَتْهُ بِسُرْعَةٍ: وَهَثْهَثَ الْوَالِي: ظَلَمَ قَالَ:

وَهَثْهَثُوا فَكَثُرَ الْهَثْهَاثُ

(هَجَّ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى غُمُوضٍ فِي شَيْءٍ وَاخْتِلَاطٍ، وَمِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى حِكَايَةِ صَوْتٍ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: هَجَّتْ عَيْنُهُ: غَارَ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْغُمُوضِ. وَالْهَجَاجَةُ: الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِلْأُمُورِ، فَكَأَنَّهَا قَدْ عُمِّيَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ: رَكِبَ فُلَانٌ هَجَاجِ، عَلَى فَعَالِ، إِذَا رَكِبَ الْعَمْيَاءَ الْمُظْلِمَةَ. وَأَنْشَدَ:

وَقَدْ رَكِبُوا عَلَى لَوْمِي هَجَاجِ
وَالْهَجِيجُ: الْوَادِي الْعَمِيقُ ; وَهُوَ مِنَ الْغُمُوضِ أَيْضًا.
وَالْبَابُ الْآخَرُ قَوْلُهُمْ: هَجْهَجْتُ بِالسَّبُعِ: صِحْتُ بِهِ. وَهَجْهَجَ الْفَحْلُ فِي هَدِيرِهِ.

(6/6)


وَهَجٍْ: زَجْرٌ لِلْكَلْبِ. قَالَ:
سَفَرَتْ فَقُلْتُ لَهَا هَجٍِ فَتَبَرْقَعَتْ ... فَذَكَرْتُ حِينَ تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارَا
وَضَبَّارٌ: كَلْبٌ. وَهَجِيجُ النَّارِ: أَجِيجُهَا. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَاءٌ هُجَهِجٌ. لَا عَذْبٌ وَلَا مِلْحٌ، فَمِنَ الْإِبْدَالِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْهَاءِ وَالزَّاءِ.

(هَدَّ) الْهَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كَسْرٍ وَهَضْمٍ وَهَدْمٍ. وَهَدَدْتُهُ هَدًّا: هَدَمْتُهُ. وَيَرْجِعُ الْبَابُ كُلُّهُ إِلَى هَذَا الْقِيَاسِ. فَالْهَدُّ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّعِيفُ، كَأَنَّهُ هُدَّ. وَرِجَالٌ هَدُّونَ. وَقَدْ خُولِفَ الْأَصْمَعِيُّ فَخَبَّرَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانُ، عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَا: الْهَدُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، وَالْجَبَانُ هِدٌّ بِالْكَسْرِ. وَأَنْشَدُوا:
لَيْسُوا بِهَدِّينَ فِي الْحُرُوبِ إِذَا ... تُعْقَدُ فَوْقَ الْحَرَاقِفِ النُّطُقُ
فَإِنْ كَانَ كَذَا فَالْجَبَانُ هِدٌّ، أَيْ مَهْدُودٌ، كَذِبْحٍ لِلْمَذْبُوحِ. وَالْهَدُّ: الْكَرِيمُ الْهَادُّ لِمَالِهِ.
وَمِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْأَصْوَاتِ الْهَدَّةِ: صَوْتُ وَقْعِ الْحَائِطِ. وَالْهُدْهُدُ مَعْرُوفٌ.

(6/7)


وَهَدْهَدَ الْحَمَامُ: صَوَّتَ. وَهَدْهَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْنَهَا: حَرَّكَتْهُ لِيَنَامَ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ قِيَاسًا، قَوْلُهُمْ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ هَدَّكَ مِنْ رَجُلٍ، كَقَوْلِهِمْ: حَسْبُكَ مِنْ رَجُلٍ. وَهِيَ كَلِمَةٌ كَذَا تُقَالُ. قَالَ:
وَلِي صَاحِبٌ فِي الْغَارِ هَدَّكَ صَاحِبًا ... هُوَ الْجَوْنُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُعَلَّلُ

(هَذَّ) الْهَاءُ وَالذَّالُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى قَطْعٍ. وَهَذَّهُ: قَطَعَهُ. وَسِكِّينٌ هَذُوذٌ. وَهَذَاذَيْكَ مِنَ الْهَذِّ: سُرْعَةُ الْقَطْعِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: أَحْكِمِ الْأَمْرَ وَاقْطَعْهُ.

(هَرَّ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ: أُصَيْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ مِنَ الْأَصْوَاتِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ. يَقُولُونَ: الْهِرُّ: دُعَاءُ الْغَنَمِ. وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " لَا يَعْرِفُ هِرًّا مِنْ بِرٍّ ". وَالْبِرُّ: سَوْقُ الْغَنَمِ. وَالْهِرَّةُ: السِّنَّوْرَةُ، وَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ لِصَوْتِهَا إِذَا هَرَّتْ. [وَهَرَّ الشَّوْكُ، إِذَا اشْتَدَّ يُبْسُهُ، وَلَهُ حِينَئِذٍ هَرِيرٌ] وَزَجَلٌ. قَالَ:
رَعَيْنَ الشَّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى ... إِذَا مَا هَرَّ وَامْتَنَعَ الْمَذَاقَا
قَالَ: وَالْهُرْهُورُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ الَّذِي إِذَا جَرَى سَمِعْتَ لَهُ هَرْهَرَةً. وَيَقُولُونَ: هَرَّ فُلَانٌ الْكَأْسَ: كَرِهَهَا. وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ ذَاكَ لِأَنَّهُ يَهِرُّ فِي وَجْهِ مَنْ يَسْقِيهِ.

(6/8)


وَمِمَّا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ الْهُرَارُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ، نَاقَةٌ مَهْرُورَةٌ. وَرَأْسُ هِرٍّ: مَكَانٌ.

(هَزَّ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ فِي شَيْءٍ وَحَرَكَةٍ. وَهَزَزْتُ الْقَنَاةَ فَاهْتَزَّتْ. وَاهْتَزَّ النَّبَاتُ، وَهَزَّتْهُ الرِّيحُ. وَهَزَّ الْحَادِي الْإِبِلَ بِحُدَائِهِ وَاهْتَزَّتْ هِيَ فِي سَيْرِهَا. وَهَزِيزُ الرِّيحِ: حَرَكَتُهَا وَصَوْتُهَا.
وَمِنَ الْبَابِ الْهَزَاهِزُ: الْفِتَنُ يَهْتَزُّ فِيهَا النَّاسُ. وَسَيْفٌ هَزْهَازٌ وَهُزْهُزٌ: صَافٍ حَسَنُ الِاهْتِزَازِ. وَمَاءٌ هُزَهِزٌ: اهْتَزَّ فِي جَرَيَانِهِ. وَالْكَوْكَبُ فِي انْقِضَاضِهِ يَهْتَزُّ. وَالْهُزَهِزُ: الرَّجُلُ الْخَفِيفُ، وَالْقِيَاسُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاحِدٌ.

(هَسَّ) الْهَاءُ وَالسِّينُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى أَصْوَاتٍ وَاخْتِلَاطٍ، كَالْهَسِيسِ. وَهَسَاهِسُ الْجِنِّ مِثْلُ هَثَاهِثِهِمْ. وَقَوْلُهُمْ: رَاعٍ هَسْهَاسٌ، مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، مِثْلُ قَسْقَاسٌ، إِذَا رَعَى الْغَنَمَ اللَّيْلَ كُلَّهُ.

(هَشَّ) الْهَاءُ وَالشِّينُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى رَخَاوَةٍ وَلِينٍ. وَالرِّخْوُ اللَّيِّنُ هَشٌّ. وَمِنْهُ رَجُلٌ هَشٌّ: طَلْقُ الْمُحَيَّا، وَقَدْ هَشِشْتَ، وَذُو هَشَاشٍ. وَالْفَرَسُ الْهَشُّ: الْكَثِيرُ الْعَرَقِ. وَشَاةٌ هَشُوشٌ: ثَرَّةٌ.
وَمِنَ الْبَابِ هَشَشْتُ الْوَرَقَ هَشًّا: خَبَطْتُهُ بِعَصَا.

(6/9)


(هَصَّ) الْهَاءُ وَالصَّادُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى غَمْزِ الشَّيْءِ. يَقُولُونَ لِلذِّئْبِ: هُصْهُصٌ. وَهَصْهَصْتُ الشَّيْءَ: غَمَزْتُهُ. وَيَقُولُونَ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ: إِنَّ الْهَاصَّةَ: عَيْنُ الْفِيلِ، وَهُوَ عِنْدِي مِمَّا يُسْمَعُ.

(هَضَّ) الْهَاءُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى رَضٍّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَهَضَضْتُ الشَّيْءَ وَهَضْهَضْتُهُ: كَسَرْتُهُ. وَالْهَضْهَاضُ: الْفَحْلُ الَّذِي يَهُضُّ أَعْنَاقَ الْفُحُولِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْهَضَّاءُ: الْجَمَاعَةَ مِنَ النَّاسِ مِنْ هَذَا.

(هَفَّ) الْهَاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِفَّةٍ وَسُرْعَةٍ فِي سَيْرٍ وَصَوْتٍ. فَالْهَفِيفُ: سُرْعَةُ السَّيْرِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا مَا نَعَسْنَا نَعْسَةً قُلْتُ غَنِّنَا ... بِخَرْقَاءَ وَارْفَعْ مِنْ هَفِيفِ الرَّوَاحِلِ
وَمِنْهُ الرِّيحُ الْهَفَّافَةُ: الْخَفِيفَةُ الْهُبُوبِ. وَالظِّلُّ الْهَفَّافُ: السَّاكِنُ. وَمِنْهُ قَمِيصٌ هَفْهَافٌ: رَقِيقٌ. وَالْهِفُّ: الَّذِي هَرَاقَ مَاءَهُ وَخَفَّ مِنَ السَّحَابِ. وَالْهَفَّافُ: الْبَرَّاقُ. وَالشُّهْدُ الْهِفُّ: الرَّقِيقُ الْقَلِيلُ الْعَسَلِ، سُمِّي لِخِفَّتِهِ، وَكَذَلِكَ الْهِفُّ مِنَ الزَّرْعِ: الَّذِي يُؤَخَّرُ حَصَادُهُ فَيَنْتَثِرُ حَبُّهُ. وَمِنْهُ الْمَرْأَةُ الْمُهَفْهَفَةُ: الْخَمِيصَةُ الدَّقِيقَةُ الْخَصْرِ. وَالْيَهْفُوفُ: الْأَحْمَقُ لِخِفَّةِ عَقْلِهِ ; وَيُقَالُ هُوَ الْجَبَانُ.

(6/10)


(هَكَّ) الْهَاءُ وَالْكَافُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى انْفِرَاجٍ فِي شَيْءٍ أَوْ شَقٍّ. يُقَالُ انْهَكَّ صَلَا الْمَرْأَةِ انْهِكَاكًا: انْفَرَجَ عِنْدَ الْوِلَادِ. وَيَقُولُونَ: هَكَّهُ بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ. وَالْهَكُّ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، لِأَنَّهُ يَهُكُّ الْأَرْضَ. وَانْهَكَّتِ الْبِئْرُ: تَهَوَّرَتْ.

(هَلَّ) الْهَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ صَوْتٍ، ثُمَّ يُتَوَسَّعُ فِيهِ فَيُسَمَّى الشَّيْءُ الَّذِي يُصَوَّتُ عِنْدَهُ بِبَعْضِ أَلْفَاظِ الْهَاءِ وَاللَّامِ. ثُمَّ يُشَبَّهُ بِهَذَا الْمُسَمَّى غَيْرُهُ فَيُسَمَّى بِهِ.
وَالْأَصْلُ قَوْلُهُمْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ: رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَاسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صَارِخًا: صَوَّتَ عِنْدَ وِلَادِهِ. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ فِي الْإِهْلَالِ:
يُهِلُّ بِالْفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرْ
وَيُقَالُ: انْهَلَّ الْمَطَرُ فِي شِدَّةِ صَوْبِهِ وَصَوْتِهِ انْهِلَالًا.
وَأَمَّا الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى هَذَا لِلْقُرْبِ وَالْجِوَارِ فَالْهِلَالُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، سُمِّيَ بِهِ لِإِهْلَالِ النَّاسِ عِنْدَ نَظَرِهِمْ إِلَيْهِ مُكَبِّرِينَ وَدَاعِينَ. وَيُسَمَّى هِلَالًا أَوَّلَ لَيْلَةٍ وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، ثُمَّ هُوَ قَمَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ. يُقَالُ أَهَلَّ الْهِلَالُ وَاسْتُهِلَّ. ثُمَّ قِيلَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ تَهَلَّلَ السَّحَابُ بِبَرَقِهِ: تَلَأْلَأَ، كَأَنَّ الْبَرْقَ شُبِّهَ بِالْهِلَالِ.
وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْضًا الْهِلَالُ: سِنَانٌ لَهُ شُعْبَتَانِ. وَالْهِلَالُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي أَسْفَلِ الرَّكِيِّ. وَالْهِلَالُ أَيْضًا: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

(6/11)


إِلَيْكَ ابْتَذَلْنَا كُلَّ وَهْمٍ كَأَنَّهُ ... هِلَالٌ بَدَا فِي رَمْضَةٍ يَتَقَلَّبُ
وَيَقُولُونَ: الْهِلَالُ: سَلْخُ الْحَيَّةِ. وَالْهِلَالُ: طَرَفُ الرَّحَى إِذَا انْكَسَرَ مِنْهَا. وَيَقُولُونَ: ثَوْبٌ هَلْهَلٌ: سَخِيفُ النَّسْجِ، كَأَنَّهُ فِي رِقَّتِهِ ضَوْءُ الْهِلَالِ. وَشِعْرٌ هَلْهَلٌ: رَقِيقٌ. وَسُمِّيَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ رَبِيعَةَ مُهَلْهِلًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ رَقَّقَ الشِّعْرَ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ سُمِّيَ مُهَلْهِلًا بِقَوْلِهِ:
لَمَّا تَوَعَّرَ فِي الْكُرَاعِ هَجِينُهُمْ ... هَلْهَلْتُ أَثْأَرُ جَابِرًا أَوْ صِنْبِلَا
وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ إِدْرَاكَهُ صَوَّتَ مُتَدَارِكًا. وَيُقَالُ الْهُلَاهِلُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَهَذَا لِأَنَّ لَهُ فِي جَرَيَانِهِ صَوْتًا ; وَهُوَ [فِي] الْأَصْلِ هُرَاهِرُ. وَالْهِلَالُ: مَا يَضُمُّ بَيْنَ حِنْوَيِ الرَّحْلَ، وَالْجَمْعُ أَهِلَّةٌ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى قِرْنِهِ ثُمَّ هَلَّلَ، إِذَا أَحْجَمَ. فَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ:
وَلَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَلَكِنْ وَدِيقَةٌ ... يَظَلُّ بِهَا السَّارِي يُهِلُّ وَيَنْقَعُ

(6/12)


وَيُقَالُ لِلْخَيْلِ: هَلَا: قِرِي، صَوْتٌ يُصَوَّتُ بِهِ لَهَا.

(هَمَّ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذَوْبٍ وَجَرَيَانٍ وَدَبِيبٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ. مِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: هَمَّنِي الشَّيْءُ: أَذَابَنِي. وَانْهَمَّ الشَّحْمُ: ذَابَ. وَالْهَامُومُ: الشَّحْمُ الْكَثِيرُ الْإِهَالَةِ. وَالسَّحَابُ الْهَامُومُ: الْكَثِيرُ الصَّوْبِ. وَالْهَمُومُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ. قَالَ:

إِنَّ لَهَا قَلَيْذَمًا هَمُومًا.
وَالْهَمِيمَةُ: الْمَطْرَةُ الْخَفِيفَةُ، وَالرِّيحُ الرَّيْدَانَةُ: اللَّيِّنَةُ الْهُبُوبِ. وَالْهَوَامُّ: حَشَرَاتُ الْأَرْضِ، سُمِّيَتْ لِهَمِيمِهَا، أَيْ دَبِيبِهَا. قَالَ:
تَرَى أَثَرَهُ فِي صَفْحَتَيْهِ كَأَنَّهُ ... مِدْرَاجُ شِبْثَانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ
وَهَمَّمَ فِي رَأْسِهِ: جَعَلَ أَصَابِعَهُ فِي خِلَالِ شَعْرِهِ، يَجِيءُ بِهَا وَيَذْهَبُ لِيَنَامَ، كَأَنَّ أَصَابِعَهُ تَدِبُّ فِي خِلَالِ شَعْرِهِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْهِمُّ: الرَّجُلُ الْمُسِنُّ ; وَالْمَرْأَةُ هِمَّةٌ، كَأَنَّهُمَا قَدْ ذَابَا مِنَ الْكِبَرِ.
وَأَمَّا الْهَمُّ الَّذِي هُوَ الْحُزْنُ فَعِنْدَنَا مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لِشِدَّتِهِ يَهُمُّ، أَيْ يُذِيبُ. وَالْهَمُّ: مَا هَمَمْتَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْهِمَّةُ، ثُمَّ تُشْتَقُّ مِنَ الْهِمَّةِ: الْهُمَامُ: الْمَلِكُ الْعَظِيمُ الْهِمَّةِ. وَمُهِمُّ الْأَمْرِ: شَدِيدُهُ. وَأَهَمَّنِي: أَقْلَقَنِي. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ. وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:

(6/13)


عَادِلًا غَيْرَهُمْ مِنَ النَّاسِ طُرًّا ... بِهِمُ لَا هَمَامِ لِي لَا هَمَامِ
فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا أُهِمَّ بِذَلِكَ وَلَا أَفْعَلُهُ. وَقَدْ فَسَّرْنَا مَعْنَى الْهِمَّةِ.

(هَنَّ) الْهَاءُ وَالنُّونُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى جِنْسٍ مِنَ اللَّحْمِ، وَفِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي نَنْسُبُهُ إِلَى الْإِشْكَالِ، وَإِنْ كَانَ عُلَمَاؤُنَا قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ.
فَالْأَوَّلُ الْهَنَّةُ، يُقَالُ إِنَّهَا شَحْمَةُ بَاطِنِ الْعَيْنِ، كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ. وَالْهُنَانَةُ: الشَّحْمَةُ. وَيُقَالُ: مَا بِهَذَا الْبَعِيرِ هَانَّةٌ، كَمَا يُقَالُ: مَا بِهِ طِرْقٌ.
وَأَمَّا الْكَلَامُ الْآخَرُ فَقَالَ الْفَرَّاءُ: اجْلِسْ هَا هُنَا قَرِيبًا، وَتَنَحَّ هَا هَنَّا، أَيْ تَبَاعَدْ. فَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى:
لَاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَةٍ أَمْ مَنْ ... جَاءَ مِنْهَا بِطَائِفِ الْأَهْوَالِ
قَالُوا: مَعْنَاهُ لَيْسَتْ جُبَيْرَةً حَيْثُ تَوَهَّمْتَ، يُوئِسُهُ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الرَّاعِي:
أَفِي أَثَرِ الْأَظْعَانِ عَيْنُكَ تَلْمَحُ ... نَعَمْ لَاتَ هَنَّا إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ
قَالُوا: مَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمْرُ حَيْثُ ذَهَبْتَ. وَقَوْلُ الْآخَرِ:
حَنَّتْ نَوَارُ وَلَاتَ هَنَّا حَنَّتِ

(6/14)


يَقُولُ: لَيْسَ ذَا مَوْضِعَ حَنِينٍ. وَقَوْلُهُ:

لَمَّا رَأَيْتُ مِحْمَلَيْهَا هَنَّا.
أَرَادَ هَاهُنَا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
لَمَّا رَأَى الدَّارَ خَلَاءً هَنَّا
قَالَ: بَكَى. يُقَالُ هَنَّ، إِذَا بَكَى. وَإِنَّمَا نَقِفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ حَيْثُ وُقِّفْنَا، وَإِلَّا فَمَا أَحْسَبُ أَحَدًا مِنْهُمْ لَخَّصَهَا وَلَا فَسَّرَهَا بَعْدُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَوِيَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُلُوٍّ وَسُقُوطٍ. أَصْلُهُ الْهَوَاءُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، سُمِّيَ لِخُلُوِّهِ. قَالُوا: وَكُلُّ خَالٍ هَوَاءٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] ، أَيْ خَالِيَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ زُهَيْرٌ:
كَأَنَّ الرَّحْلَ مِنْهَا فَوْقَ صَعَلٍ ... مِنَ الظِّلْمَانِ جُؤْجُؤْهُ هَوَاءُ
وَيُقَالُ هَوَى الشَّيْءُ يَهْوِي: سَقَطَ. وَهَاوِيَةُ: جَهَنَّمُ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ يَهْوِي فِيهَا. وَالْهَاوِيَةُ: كُلُّ مَهْوَاةٍ. وَالْهُوَّةُ: الْوَهْدَةُ الْعَمِيقَةُ. وَأَهْوَى إِلَيْهِ بِيَدِهِ لِيَأْخُذَهُ،

(6/15)


كَأَنَّهُ رَمَى إِلَيْهِ بِيَدِهِ إِذَا أَرْسَلَهَا. وَتَهَاوَى الْقَوْمُ فِي الْمَهْوَاةِ: سَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي إِثْرِ بَعْضٍ. وَيَقُولُونَ: الْهَوِيُّ ذَهَابٌ فِي انْحِدَارٍ، وَالْهُوِيِّ فِي الِارْتِفَاعِ. قَالَ زُهَيْرٌ فِي الْهَوِيِّ:
يَشُقُّ بِهَا الْأَمَاعِزَ فَهْيَ تَهْوِي ... هَوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَهَا الرِّشَاءُ
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ فِي الْهُوِيِّ:
وَإِذَا رَمَيْتَ بِهِ الْفِجَاجَ رَأَيْتَهُ ... يَهْوِي مَخَارِمَهَا هُوِيَّ الْأَجْدَلِ
وَهَوَتِ الطَّعْنَةُ: فَتَحَتْ فَاهَا تَهْوِي، وَهُوَ مِنَ الْهَوَاءِ: الْخَالِي. وَهَوَتْ أُمُّهُ: شَتْمٌ، أَيْ سَقَطَتْ وَهَلَكَتْ. وَ " أُمُّهُ هَاوِيَةٌ " كَمَا يُقَالُ: ثَاكِلَةٌ. وَالْمَهْوَى: بُعْدُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمُنْتَصِبَيْنِ، حَتَّى يُقَالَ ذَلِكَ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ.
وَأَمَّا الْهَوَى: هَوَى النَّفْسِ، فَمِنَ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ خَالٍ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَيَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] ، يُقَالُ مِنْهُ هَوِيتُ أَهْوَى هَوًى. وَأَمَّا الْمُهَاوَاةُ فَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو أَنَّهَا الْمُلَاجَّةُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: شِدَّةُ السَّيْرِ. وَأَنْشَدَ:
فَلَمْ تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهَاوَاتَنَا السُّرَى ... وَلَا لَيْلَ عِيسٍ فِي الْبُرِينَ خَوَاضِعِ

(6/16)


وَالَّذِي قَالَهُ فَصِيحٌ: أَمَّا الْمُلَاجَّةُ فَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُحِبُّ هَوَى صَاحِبِهِ. وَأَمَّا السَّيْرُ فَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّرَامِي بِالْأَبْدَانِ عِنْدَ السَّيْرِ.

(هَوَبَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْبَاءُ: لَيْسَ بِأَصْلٍ جَيِّدٍ، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْهَوْبُ: الْمُخَلِّطُ. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ فِي طَرَائِفِهِ أَصَابَنِي هَوْبُ النَّارِ: وَهَجُهَا.

(هَوَتَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ: قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. يَقُولُونَ: الْهَوْتَةُ: الطَّرِيقُ إِلَى الْمَاءِ. وَصَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الْهَوْتَةَ وَالْمَوْتَةَ، شَتْمٌ، قَالَهُ الْخَلِيلُ.

(هَوَجَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَسَرُّعٍ وَتَعَسُّفٍ. يَقُولُونَ: الْأَهْوَجُ: الرَّجُلُ الْمُتَسَرِّعُ. وَالْهَوْجَاءُ: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ، كَأَنَّ بِهَا هَوَجًا. وَالْهَوْجَاءُ: الرِّيحُ الَّتِي تَقْلَعُ الْبُيُوتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَهُبُّ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ هُبُوبًا مُتَدَارِكًا. وَيَقُولُونَ: الْهَاجَةُ: الضِّفْدِعَةُ.

(هَوَدَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِرْوَادٍ وَسُكُونٍ. يَقُولُونَ: [التَّهْوِيدُ] : الْمَشْيُ الرُّوَيْدُ. وَيَقُولُونَ: هَوَّدَ، إِذَا نَامَ. وَهَوَّدَ الشَّرَابُ نَفْسَ الشَّارِبِ، إِذَا خَثَرَتْ لَهُ نَفْسُهُ. وَالْهَوَادَةُ: الْحَالُ تُرْجَى مَعَهَا

(6/17)


السَّلَامَةُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَالْمُهَاوَدَةُ: الْمُوَادَعَةُ. فَأَمَّا الْيَهُودُ فَمِنْ هَادَ يَهُودُ، إِذَا تَابَ هَوْدًا. وَسُمُّوا بِهِ لِأَنَّهُمْ تَابُوا عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ. وَفِي الْقُرْآنِ: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] ، وَفِي التَّوْبَةِ هَوَادَةُ حَالٍ وَسَلَامَةٌ.

(هَوَذَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالذَّالُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ هَوْذَةُ: الْقَطَاةُ، وَبِهَا سُمِّي الرَّجُلُ هَوْذَةُ.

(هَوَرَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَسَاقُطِ شَيْءٍ. مِنْهُ تَهَوَّرَ الْبِنَاءُ: انْهَدَمَ. وَتَهَوَّرَ اللَّيْلُ: انْكَسَرَ ظَلَامُهُ، كَأَنَّهُ تَهَدَّمَ وَمَرَّ. وَتَهَوَّرَ الشِّتَاءُ: ذَهَبَ أَشَدُّهُ. وَيَقُولُونَ لِلْقَطِيعِ مِنَ الْغَنَمِ: هَوْرٌ ; وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مِنْ كَثْرَتِهِ يَتَسَاقَطُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: هُرْتُ فُلَانًا بِكَذَا أَهُورُهُ: أَزْنَنْتُهُ بِهِ. قَالَ:
رَأَى أَنَّنِي لَا بِالْكَثِيرِ أَهُورُهُ

(هَوَسَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى طَوَفَانٍ وَمَجِيءٍ وَذَهَابٍ فِي مِثْلِ الْحَيْرَةِ. فَالْهَوْسُ: الطَّوَفَانُ ; وَكُلُّ طَلَبٍ فِي جُرْأَةٍ هَوْسٌ. وَيُقَالُ أَسَدٌ هَوَّاسٌ. وَبَاتَتْ [الْإِبِلُ] اللَّيْلَ تَهُوسُ: تَسْرِي.
وَمِنَ الْمَحْمُولِ عَلَى هَذَا الْهَوْسِ: شِدَّةُ الْأَكْلِ. يُقَالُ: أَكُولٌ هَوَّاسٌ.

(6/18)


وَمِنَ الْبَابِ نَاقَةٌ هَوِسَةٌ: ضَعِيفَةٌ، وَهِيَ إِذَا كَانَتْ كَذَا حَارَتْ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ بِهِ هَوَسٌ.

(هَوَشَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالشِّينُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ وَشِبْهِهِ. مِنْهُ هَوَّشُوا: اخْتَلَطُوا. وَهَاشَتِ الْخَيْلُ فِي الْغَارَةِ. وَالْمَهَاوِشُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا. وَيُقَالُ: هَوَّشَتِ الرِّيحُ بِالتُّرَابِ: جَاءَتْ بِهِ أَلْوَانًا. وَمِنْهُ الْهَوْشُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ. وَتَهَوَّشَ الْقَوْمُ عَلَى فُلَانٍ: تَغَاوَوْا عَلَيْهِ.
وَشَذَّ عَنْهُ الْهَوَشُ، يُقَالُ إِنَّهُ صِغَرُ الْبَطْنِ. قَالَ:
قَدْ هَوِشَتْ بُطُونُهَا وَاحْقَوْقَفَتْ
وَهُمْ مُتَهَاوِشُونَ، أَيْ مُخْتَلِطُونَ.

(هَوَعَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَتَانِ: الْهَوْعُ: سُوءُ الْحِرْصِ. يُقَالُ رَجُلٌ هَاعٌ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: الْهُوَاعُ: الْقَيْءُ. يُقَالُ: هَاعَ يَهُوعُ وَتَهَوَّعَ. قَالَ الْخَلِيلُ: لَأُهَوِّعَنَّهُ مَا أَكَلَ، أَيْ لَأَسْتَخْرِجَنَّ مِنْ حَلْقِهِ مَا أَكَلَ.

(هَوَفَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِفَّةٍ. يُقَالُ الْهُوفُ: الرِّيحُ تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ. قَالَتْ أُمُ تَأَبَّطَ شَرًّا تُؤَبِّنُهُ: " مَا هُوَ بِهُلْفُوفٍ، تَلُفُّهُ هُوفٌ " وَبِذَلِكَ يُشَبَّهُ الْأَحْمَقُ، فَيُقَالُ لَهُ هُوفٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:

(6/19)


وَرَجُلٌ هُوفٌ، إِذَا كَانَ خَاوِيًا لَا خَيْرَ عِنْدَهُ.

(هَوَكَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْكَافُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حُمْقٍ وَوُقُوعٍ فِي الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ. فَالْهَوَكُ: الْحُمْقُ. وَتَهَوَّكَ الرَّجُلُ: وَقَعَ فِي الشَّيْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَمُتَهَوِّكُونَ أَنْتُمْ كَمَا تَهَوَّكَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» .

(هَوَلَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ: كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَخَافَةٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى تَحْسِينٍ وَزِينَةٍ.
فَالْأُولَى: الْهَوْلُ، وَهِيَ الْمَخَافَةُ. وَهَالَنِي الشَّيْءُ يَهُولُنِي. وَمَكَانٌ مَهَالٌ: ذُو هَوْلٍ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَجَازَ إِلَيْنَا عَلَى بُعْدِهِ ... مَهَاوِيَ خَرْقٍ مَهَابٍ مَهَالِ
وَالتَّهَاوِيلُ: مَا هَالَكَ مِنْ شَيْءٍ. وَهَوَّلُوا عَلَى الرَّجُلِ: حَلَّفُوهُ عِنْدَ نَارٍ يُهَوِّلُونَ بِهَا عَلَيْهِ. قَالَ أَوْسٌ:
كَمَا صَدَّ عَنْ نَارِ الْمُهَوِّلِ حَالِفُ
وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ لِزِينَةِ الْوَشْيِ: تَهَاوِيلُ. وَيُقَالُ هَوَّلَتِ الْمَرْأَةُ: تَزَيَّنَتْ بِحَلْيِهَا.

(6/20)


(هَوَمَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: هَوَّمَ الرَّجُلُ، إِذَا هَزَّ رَأْسَهُ مِنَ النُّعَاسِ. وَقَدْ هَوَّمْنَا. قَالَ:

مَا تَطَعَمُ الْعَيْنُ نَوْمًا غَيْرَ تَهْوِيمِ.

(هَوَنَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالنُّونُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُكُونٍ أَوْ سَكِينَةٍ أَوْ ذُلٍّ. مِنْ ذَلِكَ الْهَوْنِ: السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] . وَالْهُونُ: الْهَوَانُ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل: 59] . وَالْهَاوُونُ لِلَّذِي يُدَقُّ بِهِ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ، كَأَنَّهُ فَاعُولٌ مِنَ الْهَوْنِ.

(هَوَهَ) الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْهَاءُ. يَقُولُونَ: الْهَوْهَاءُ: الْأَحْمَقُ. وَيَقُولُونَ: الْهَوَاهِي: الْبَاطِلُ. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
فِي كُلِّ يَوْمٍ يَدْعُوَانِ أَطِبَّةً ... إِلَيَّ وَمَا يُجْدُونَ إِلَّا الْهَوَاهِيَا
قَالَ الْخَلِيلُ: وَبِئْرٌ هَوْهَاءُ، عَلَى زِنَةِ حَمْرَاءَ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ.

(6/21)


[بَابُ الْهَاءِ وَالْيَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَيَأَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْأَلِفُ كَلِمَةٌ تَأْتِي وَهَاؤُهَا زَائِدَةٌ. يُقَالُ: هَيَا، وَالْمُرَادُ: يَا. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيُصِيخُ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ حَيًّا ... وَيَقُولُ مِنْ طَرَبٍ هَيَا رَبَّا

(هَيَبَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةُ إِجْلَالٍ وَمَخَافَةٍ. مِنْ ذَلِكَ هَابَهُ يَهَابُهُ هَيْبَةً. وَرَجُلٌ هَيُوبٌ: يَهَابُ كُلَّ شَيْءٍ. وَهَيُوبٌ: مَهِيبٌ. وَقَوْلُهُمْ: " الْإِيمَانُ هَيُوبٌ "، قَالَ قَوْمٌ: مَهِيبٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَهَابُ الِانْقِحَامَ فِيمَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ. وَتَهَيَّبْتُ الشَّيْءَ: خِفْتُهُ. وَتَهَيَّبَنِي الشَّيْءُ، كَأَنَّهُ أَخَافَنِي. قَالَ:
وَلَا تَهَيَّبُنِي الْمَوْمَاةُ أَرْكَبُهَا
والْهَيَّبَانُ: الْجَبَانُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَهَابَ بِهِ، إِذَا صَاحَ بِهِ، يُهِيبُ كَمَا يُهِيبُ الرَّاعِي بِغَنَمِهِ لِتَقِفَ أَوْ تَرْجِعَ، فَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ يُفْزِعُهُ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ وَلَا أَعْلَمُ كَيْفَ صِحَّتُهُ، قَوْلُهُمْ: الْهَيَّبَانُ: لُغَامُ الْبَعِيرِ.

(هَيَتَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الصَّيْحَةِ. يَقُولُونَ: هَيَّتَ بِهِ، إِذَا صَاحَ. قَالَ:

(6/22)


لَوْ كَانَ مَعْنِيَّا بِهَا لَهَيَّتَا
وَيَقُولُونَ فِي مَعْنَى هَيْتَ لَكَ: هَلُمَّ.

(هَيَجَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْجِيمُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى ثَوَرَانِ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى يُبْسِ نَبَاتٍ. فَالْأَوَّلُ: هَاجَ الْفَحْلُ هَيْجًا وَهِيَاجًا. وَكَذَلِكَ الدَّمُ: وَالْهَيْجَاءُ تُمَدُّ وَتُقْصَرُ. وَهِجْتُ الشَّرَّ وَهَيَّجْتُهُ. وَهَيَّجْتُ النَّاقَةَ فَانْبَعَثَتْ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ النَّزُوعِ إِلَى وَطَنِهَا: مِهْيَاجٌ.
وَالْآخَرُ قَوْلُهُمْ: هَاجَ الْبَقْلُ، إِذَا اصْفَرَّ لِيَيْبَسَ. وَأَرْضٌ هَائِجَةٌ: يَبِسَ بَقْلُهَا. وَأَهْيَجْتُ الْأَرْضَ: صَادَفْتُ نَبَاتَهَا هَائِجًا قَدْ ذَوَى. قَالَ رُؤْبَةُ:
وَأَهْيَجَ الْخَلْصَاءَ مِنْ ذَاتِ الْبُرَقْ

(هَيَدَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالدَّالُ. الْأَصْلُ الَّذِي يَنْقَاسُ مِنْهُ التَّحْرِيكُ وَالْإِزْعَاجُ وَبَاقِي ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ قِيَاسُهُ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: هِدْتُ الشَّيْءَ حَرَّكْتُهُ، هَيْدًا. وَهَادَنِي يَهِيدُنِي: كَرَثَنِي وَأَزْعَجَنِي. يَقُولُونَ: لَا يَهِيدَنَّكَ. وَالْهَيْدَانُ: الْجَبَانُ: كَأَنَّهُ يُزْعِجُهُ كُلُّ شَيْءٍ. وَهِيدَ: كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ سَوْقِ الْإِبِلِ. وَيُقَالُ: هَيَّدَ فِي [السَّيْرِ] : أَسْرَعَ.

(6/23)


وَأَمَّا الْحَدِيثُ فِي ذِكْرِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " هِدْهُ " أَيْ أَصْلِحْهُ، قَالُوا: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ الْهَدْمِ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْيَبَابَ كَانَ هَادِمًا فَلَمَّا بُنِيَ كَأَنَّهُ أُحْيِيَ.
وَأَمَّا الَّذِي يُشْكِلُ قِيَاسُهُ، وَهُوَ عِنْدَنَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي دَرَسَ عِلْمُهُ قَوْلُهُمْ: هَيْدَ مَالَكَ، وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ: مَا أَمْرُكَ، مَا شَأْنُكَ؟ وَأَنْشَدُوا:
يَا هَيْدَ مَالَكَ مِنْ شَوْقٍ وَإِيرَاقِ ... وَمَرِّ طَيْفٍ عَلَى الْأَهْوَالِ طَرَّاقِ

(هَيَسَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالسِّينُ. يَقُولُونَ: الْهَيْسُ: السَّيْرُ. قَالَ:
إِحْدَى لَيَالِيكِ فَهِيسِي هِيسِي

(هَيَشَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالشِّينُ. الْهَيْشُ: الْحَلْبُ الرُّوَيْدُ. وَالْهَيْشُ: الْحَرَكَةُ. قَالَ: وَهَاشَ فِي الْقَوْمِ يَهِيشُ: أَفْسَدَ وَعَاثَ.

(هَيَضَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالضَّادُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَسْرِ شَيْءٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ. يُقَالُ: هَاضَ عَظْمَهُ: كَسَرَهُ بَعْدَ الْجَبْرِ. وَكَذَا هِيضَ الْإِنْسَانُ: نُكِسَ فِي مَرَضِهِ بَعْدَ الْبُرْءِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: «إِنَّ هَذَا يَهِيضُكَ» .

(هَيَطَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالطَّاءُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا [الْهِيَاطُ] : الصِّيَاحُ، وَالْأُخْرَى كَلِمَةٌ حَكَاهَا الْفَرَّاءُ: تَهَايَطَ الْقَوْمُ: اجْتَمَعُوا لِإِصْلَاحِ مَا بَيْنَهُمْ.

(6/24)


(هَيَعَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْعَيْنُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْهَيْعَةُ: الصَّوْتُ الَّذِي يُفْزَعُ مِنْهُ وَيُخَافُ. يُقَالُ: رَجُلٌ هَاعٌ وَهَائِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إِلَيْهَا» . وَقَدْ هَاعَ يَهِيعُ. قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
أَنَا ابْنُ حُمَاةِ الْمَجْدِ مِنْ آلِ مَالِكٍ ... إِذَا جَعَلَتْ خُورُ الرِّجَالِ تَهِيعُ
أَيْ تَجْبُنُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَصْلَ الْبَابِ الِانْبِسَاطُ وَالِاسْتِرْسَالُ. وَالْمَهْيَعُ: الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ الْوَاضِحُ. وَالْهَيْعَةُ: سَيَلَانُ الشَّيْءِ الْمَصْبُوبِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، أَيْ يَنْبَسِطُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَأَرْضٌ هَيْعَةٌ: وَاسِعَةٌ مَبْسُوطَةٌ. مُتَهَيِّعٌ: حَائِرٌ هَائِعٌ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ.

(هَيَغَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْغَيْنُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى رَغَدٍ وَنَعْمَةِ عَيْشٍ. يُقَالُ إِنَّ الْأَهْيَغَ: أَرْغَدُ الْعَيْشِ. وَيَقُولُونَ: الْأَهْيَغَانِ: الْأَكْلُ وَالنِّكَاحُ. وَيُقَالُ: هَيَّغْتُ الثَّرِيدَةَ: أَكْثَرْتُ وَدَكَهَا. قَالَ:
يَغْمِسْنَ مَنْ غَمَسْنَهُ فِي الْأَهْيَغِ

(هَيَفَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَارَةٍ وَعَطَشٍ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ. فَالْهَيْفُ: رِيحٌ حَارَّةٌ تَجِيءُ فِي قُبُلِ الصَّيْفِ، تُعْطِشُ الْمَالَ وَتُوبِسُ الرَّطْبَ. وَرَجُلٌ مِهْيَافٌ: لَا يَصْبِرُ عَنِ الْمَاءِ. وَأَهَافُوا: عَطِشَتْ إِبِلُهُمْ. وَاسْتُعِيرَ

(6/25)


فَقِيلَ لِمَنْ دَقَّ خَصْرُهُ: أَهْيَفُ، كَأَنَّ ثَمَّ عَطَشًا ; وَالْجَمْعُ هِيفٌ. وَفَرَسٌ هَيْفَاءُ: ضَامِرَةٌ.

(هَيَقَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْهَيْقُ: الظَّلِيمُ، وَيُقَالُ لِكُلِّ طَوِيلٍ دَقِيقٍ: هَيْقٌ، تَشْبِيهًا.

(هَيَلَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ يُمَكِنُ كَيْلُهُ دَفْعًا مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ. وَهِلْتُ الطَّعَامَ أُهِيلُهُ هَيْلًا: أَرْسَلْتُهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14] . وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: " جَاءَ بِالْهَيْلِ وَالْهَيْلُمَانِ "، أَيِ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ.

(هَيَمَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْمِيمُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَطَشٍ شَدِيدٍ. فَالْهَيَمَانُ: الْعَطَشُ. وَالْهِيمُ: الْإِبِلُ الْعِطَاشُ، وَالْهِيمُ: الرِّمَالُ الَّتِي تَبْتَلِعُ الْمَاءَ. وَالْهُيَامُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ عِنْدَ عَطَشِهَا فَتَهِيمُ فِي الْأَرْضِ لَا تَرْعَوِي. وَبِهِ سُمِّي الْعَاشِقُ الْهَيْمَانَ، كَأَنَّهُ جُنَّ مِنَ الْعِشْقِ فَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ [عَلَى] غَيْرِ قَصْدٍ. وَالْهَيْمَاءُ: الْمَفَازَةُ لَا مَاءَ بِهَا.

(هَيَنَ) الْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ: الْهَيْنُ: الْأَمْرُ الْهَيِّنُ، وَهُوَ مِنَ الْوَاوِ، وَقَدْ مَرَّ.

(6/26)


[بَابُ الْهَاءِ وَالْأَلِفِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
وَلَا تَكُونُ الْأَلِفُ إِلَّا مُبْدَلَةً

( [هَالَ] ) الْهَالَةُ: دَائِرَةُ الْقَمَرِ حَوْلَهُ.

(هَامَ) الْهَاءُ وَالْأَلِفُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عُلُوٍّ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. فَالْهَامَةُ: الرَّأْسُ، وَالْجَمْعُ هَامٌ وَهَامَاتٌ. وَسَيِّدُ الْقَوْمِ: هَامَةٌ، عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ. وَأَمَّا الْهَامَةُ فِي الطَّيْرِ فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ طَيْرًا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُهُ، كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ رُوحَ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأْرِهِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَزْقُو تَقُولُ: اسْقُونِي، اسْقُونِي! فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَأْرِهِ طَارَتْ. وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ جَرِيرٌ بِقَوْلِهِ:
وَمِنَّا الَّذِي أَبْلَى صُدَيَّ بْنَ مَالِكٍ ... وَنَفَّرَ طَيْرًا عَنْ جُعَادَةَ وُقَّعَا
يَقُولُ: [قَتَلَ] قَاتِلَهُ فَنَفَّرَ الْهَامَةَ عَنْ قَبْرِهِ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْبَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَبَتَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مُتَتَابِعٍ. وَهُبِتَ الرَّجُلُ يُهْبَتُ. وَفُلَانٌ مَهْبُوتٌ، أَيْ لَا عَقْلَ لَهُ، ثُمَّ سُمِّيَ الْجَبَانُ الضَّعِيفُ هَبِيتًا، كَأَنَّهُ قَدْ هُبِتَ. قَالَ طَرَفَةُ:

(6/27)


فَالْهَبِيتُ لَا فُؤَادَ لَهُ ... وَالثَّبِيتُ ثَبْتُهُ فَهَمُهْ

(هَبَثَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالثَّاءُ. يَقُولُونَ: الْهَبْثُ: الْحَرَكَةُ.

(هَبَجَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالْجِيمُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَوَرُّمٍ وَثِقَلٍ. وَهَبِجَتِ النَّاقَةُ هَبَجًا: وَرِمَ ضَرْعُهَا. وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلثَّقِيلِ النَّفْسِ مُهَبَّجٌ. وَهَبَجَهُ بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ. وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْهَوْبَجَةُ، وَهِيَ خَبْرَاءُ فِي مَكَانٍ غَيْرِ قَعِيرٍ، فَلَا يَلْبَثُ مَاؤُهَا أَنْ يَنْضُبَ.

(هَبَخَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالْخَاءُ. الْهَبَيَّخَةُ: الْجَارِيَةُ تَمْشِي مُتَبَخْتِرَةً.

(هَبَدَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالدَّالُ الْهَبِيدُ: حُبُّ الْحَنْظَلِ. وَالتَّهَبُّدُ: أَخْذُهُ وَإِصْلَاحُهُ. وَخَرَجُوا يَتَهَبَّدُونَ.

(هَبَذَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالذَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، مَعْنَاهَا السُّرْعَةُ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْمُهَابَذَةُ: السُّرْعَةُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْهَبْذُ: سُرْعَةٌ فِي الْمَشْيِ. وَمَرَّ يَهْبُذُ هَبْذًا، وَاهْتَبَذَ اهْتِبَاذًا.

(هَبَرَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ: كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا قَطْعٌ فِي الشَّيْءِ وَتَقَطُّعٌ، وَالْأُخْرَى صِفَةُ مَكَانٍ.

(6/28)


فَالْأُولَى: الْهَبْرُ: قَطْعُ اللَّحْمِ. وَالْهَبْرَةُ: الْبَضْعَةُ مِنْهُ. يُقَالُ هَبَرْتُ لَهُ هَبْرَةً. وَنَاقَةٌ هَبْرَاءُ وَهَبِرَةٌ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ. وَالْهَوْبَرُ: الَّذِي تَقَرَّدَ شَعْرُهُ، كَأَنَّهُ قَدْ تَقَطَّعَ قِطَعًا مُجْتَمِعَةً. وَمِنْ ذَلِكَ الْهِبْرِيَةُ: مَا كَانَ فِي أَسْفَلِ الشَّعْرِ مِثْلَ النُّخَالَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَقَطِّعٌ. وَسَيْفٌ هَبَّارٌ وَهَابِرٌ: يَنْتَسِفُ الْقِطْعَةَ مِنَ اللَّحْمِ فَيَطْرَحُهَا.
وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْأُخْرَى فَالْهَبِيرُ: مُطْمَئِنٌّ مِنَ الْأَرْضِ. وَيُقَالُ الْهُبُورُ: الصُّخُورُ بَيْنَ الرَّوَابِي أَوِ الصُّخُورُ، أَنَا أَشُكُّ فِي ذَلِكَ. وَكَلِمَةٌ يَقُولُونَهَا مَا أَدْرِي مَا أَصْلُهَا. يَقُولُونَ: " لَا آتِيكَ هُبَيْرَةَ بْنَ سَعْدٍ " أَيْ أَبَدًا.

(هَبَزَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالزَّاءُ. ذَكَرُوا عَنْ أَبِي زَيْدٍ: هَبَزَ: مَاتَ

(هَبَشَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالشِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ هُوَ يَتَهَبَّشُ، أَيْ يَتَكَسَّبُ. وَالْهُبَاشَةُ: الْكَسْبُ. قَالَ:
لَوْلَا هُبَاشَاتٌ مِنَ التَّهْبِيشِ ... لِصِبْيَةٍ كَأَفْرُخِ الْعُشُوشِ
وَهُوَ يَتَهَبَّشُ لِأَهْلِهِ.

(هَبَصَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالصَّادُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْهَبَصُ: النَّشَاطُ. رَجُلٌ هَبِصٌ. قَالَ:

(6/29)


مَرَّ وَأَعْطَانِي رِشَاءً مَلِصَا ... كَذَنَبِ الذِّيبِ يُعَدِّيِ هَبِصَا

(هَبَطَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالطَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْحِدَارٍ. وَهَبَطَ هُبُوطًا. وَالْهَبُوطُ: الْحُدُورُ. وَهَبَطْتُ أَنَا وَهَبَطْتُ غَيْرِي، وَهَبَطَ الْمَرَضُ لَحْمَ الْعَلِيلِ. وَالْهَبِيطُ: الضَّامِرُ مِنَ الْإِبِلِ.

(هَبَعَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ الْمَشْيِ. وَهَبَعَ هُبُوعًا: مَشَى مَشْيَ حِمَارٍ بَلِيدٍ. وَيُقَالُ هُوَ مَدُّ الْعُنُقِ فِي الْمَشْيِ. وَالْهُبَعُ: الْفَصِيلُ يُنْتَجُ حَمَارَّةَ الْقَيْظِ، سُمِّيَ هُبَعًا لِأَنَّهُ إِذَا مَشَى هَبَعَ، أَيِ اسْتَعَانَ بِعُنُقِهِ.

(هَبَغَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالْغَيْنُ. هَبَغَ هُبُوغًا: نَامَ.

(هَبَلَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَاللَّامُ: فِيهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ، تَدُلُّ إِحْدَاهَا عَلَى ثُكْلٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى ثِقَلٍ، وَالثَّالِثَةُ عَلَى اغْتِرَارٍ وَتَغَفُّلٍ.
الْأُولَى الْهَبَلُ: الثُّكْلُ، يُقَالُ: لِأُمِّهِ الْهَبَلُ. قَالَ:
النَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيْرًا قَائِلُونَ لَهُ ... مَا يَشْتَهِي وَلِأُمِّ الْمُخْطِئِ الْهَبَلُ
وَالْهَبُولُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا يَبْقَى لَهَا وَلَدٌ.
وَالثَّانِيَةُ الْمُهَبَّلُ: الرَّجُلُ الثَّقِيلُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. قَالَ:

(6/30)


مِمَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وَهُنَّ عَوَاقِدُ ... حُبُكَ النِّطَاقِ فَشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ
وَالْهِبِلُ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالظَّلِيمُ الْمُسِنُّ.
وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُمْ: اهْتَبَلَ الْغِرَّةُ، إِذَا افْتَرَصَهَا. وَالْهَبَّالُ: الصَّيَّادُ يَهْتَبِلُ الصَّيْدَ يَغْتَرُّهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الذِّئْبُ هِبِلًّا، لِأَنَّهُ يَحْتَالُ لِصَيْدِهِ وَيَهْتَبِلُهُ.
وَأَمَّا الْمَهْبِلُ فَمُسْتَقَرُ الْوَلَدِ مِنَ الرَّحِمِ، وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَحْبِلٌ.

(هَبَوَ) الْهَاءُ وَالْبَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى غَبَرَةٍ وَرِقَّةٍ فِيهَا. .
مِنْهُ الْهَبْوَةُ: الْغَبَرَةُ. وَهَبَا الْغُبَارُ يَهْبُو فَهُوَ هَابٍ: سَطَعَ. وَالْهَبَاءُ: دُقَاقُ التُّرَابِ. قَالَ:
تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ ضَرْبَةً ... دَعَتْهُ إِلَى هَابِي التُّرَابِ عَقِيمُ
وَهَبَا الرَّمَادُ: اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ وَهَمَدَ. وَالشَّيْءُ الْمُنْبَثُّ الَّذِي تَرَاهُ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ: هَبَاءٌ.

(6/31)


[بَابُ الْهَاءِ وَالتَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَتَرَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ وَسَيِّئٍ مِنَ الْقَوْلِ، وَأُهْتِرَ الرَّجُلٍ: خَرِفَ مِنَ الْكِبَرِ. وَمَعْنَى هَذَا [أَنَّهُ] يَتَكَلَّمُ بِالْهِتْرِ، وَهُوَ السَّقَطُ مِنَ الْقَوْلِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ هَذَا، ثُمَّ يُقَالُ رَجُلٌ مُسْتَهْتِرٌ: لَا يُبَالِي مَا قِيلَ لَهُ، أَيْ كُلُّ الْكَلَامِ عِنْدَهُ سَاقِطٌ. وَتَهَاتَرَ الرَّجُلَانِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِاطِلًا. وَهَتَرَهُ: مَزَّقَ عِرْضَهُ بِبَاطِلٍ هَتْرًا، وَهَتَّرَهُ تَهْتِيرًا أَيْضًا. وَقَوْلُهُمْ لِلدَّاهِيَةِ وَالْأَمْرِ الْعَجَبِ: هِتْرٌ، هُوَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ هِكْرٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

(هَتَعَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالْعَيْنُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَتَعَ الرَّجُلُ إِلَيْنَا: أَقْبَلَ، مِثْلَ هَطَعَ، إِذَا أَقْبَلَ مُسْرِعًا.

(هَتَفَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْهَتْفُ: الصَّوْتُ. وَهَتَفَتِ الْحَمَامَةُ: صَوَّتَتْ تَهْتِفُ. وَقَوْسٌ هَتَّافَةٌ وَهَتْفَى هُتَافًا: ذَاتُ صَوْتٍ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:
عَلَى عَجْسٍ هَتَّافَةِ الْمِذْرَوَيْ ... نِ زَوْرَاءَ مُضْجَعَةٍ فِي الشِّمَالِ

(هَتَكَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالْكَافُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى شَقٍّ فِي شَيْءٍ. وَالْهَتْكُ: شَقُّ السِّتْرِ عَمَّا وَرَاءَهُ. وَهُتِكَ عَرْشُ فُلَانٍ: هُدَّ وَشُقَّ. وَسِرْنَا هُتْكَةً مِنَ اللَّيْلِ، أَيْ سَاعَةً. وَهَاتَكْنَاهَا: سِرْنَا فِي دُجَاهَا. وَالْمَعْنَى أَنَّا شَقَقْنَا الظَّلَامَ.

(6/32)


(هَتَلَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. هَتَلَتِ السَّمَاءُ: هَطَلَتْ: وَسَحَائِبُ هُتَّلٌ وَهُطَّلٌ.

(هَتَمَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَسْرِ شَيْءٍ. يُقَالُ: هَتَمْتُ الشَّيْءَ. وَالْهُتَامَةُ: مَا تَهَتَّمَ مِنْ شَيْءٍ. وَالْهَتْمُ: كَسْرُ الثَّنَايَا مِنْ أَصْلِهَا ; وَرَجُلٌ أَهْتَمُ.

(هَتَنَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. هَتَنَتِ السَّمَاءُ هَتْنًا وَهُتُونًا، مِثْلُ هَتَلَتْ.

(هَتَيَ) الْهَاءُ وَالتَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. يَقُولُونَ: الْمُهَاتَاةُ كَالْمُعَاطَاةِ. يُقَالُ: هَاتِ، أَيْ أَعْطِ، فَتَقُولُ: مَا أُهَاتِيكَ، أَيْ لَا أُعْطِيكَ.
فَإِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى. تَقُولُ تَهَتَّأَ الثَّوْبُ: خَلُقَ، وَهِيَ هَذِهِ وَحْدَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَتَأَ الشَّيْءَ يَهْتَأُ، إِذَا كَسَرَهُ وَطْئًا بِرِجْلِهِ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالثَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَثَمَ) الْهَاءُ وَالثَّاءُ وَالْمِيمُ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَنَا إِلَّا الْهَيْثَمُ، يُقَالُ: هُوَ فَرْخُ الْعُقَابِ. وَيُقَالُ الْهَيْثَمُ: الْكَثِيبُ الْأَحْمَرُ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:

(6/33)


هَثَمَ مِنْ مَالِهِ، مِثْلَ قَسَمَ، وَقَدْ مَرَّ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الْهَثْمُ: دَقُّ الشَّيْءِ حَتَّى يَنْسَحِقَ، وَهَثَمْتُهُ أَهْثِمُهُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْجِيمِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَجَدَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى رُكُودٍ فِي مَكَانٍ. يُقَالُ: هَجَدَ، إِذَا نَامَ هُجُودًا. وَالْهَاجِدُ: النَّائِمُ ; وَإِنْ صَلَّى لَيْلًا فَهُوَ مُتَهَجِّدٌ، كَأَنَّهُ بِصَلَاتِهِ تَرَكَ الْهُجُودَ عَنْهُ. وَهَذَا قِيَاسٌ مُسْتَعْمَلٌ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ آثِمٌ ; فَإِذَا كَرِهَ الْإِثْمَ وَانْتَفَى مِنْهُ قِيلَ مُتَأَثِّمٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَهْجَدَ الْبَعِيرُ: أَلْقَى جِرَانَهُ بِالْأَرْضِ.

(هَجَرَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى قَطِيعَةٍ وَقَطْعٍ، وَالْآخَرُ عَلَى شَدِّ شَيْءٍ وَرَبْطِهِ.
فَالْأَوَّلُ الْهَجْرُ: ضِدُ الْوَصْلِ. وَكَذَلِكَ الْهِجْرَانُ. وَهَاجَرَ الْقَوْمُ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ: تَرَكُوا الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ، كَمَا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَتَهَجَّرَ الرَّجُلُ وَتَمَهْجَرَ: تَشَبَّهَ بِالْمُهَاجِرِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ: «هَاجِرُوا وَلَا تَهَجَّرُوا» ، أَيْ كُونُوا مِنْهُمْ. وَ [قِيلَ] لَا يُقَالُ تَمَهْجَرُوا، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ عِنْدَنَا. وَالْهَجْرُ وَالْهَجِيرُ وَالْهَاجِرَةُ: نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَرِّ. وَهَجَّرُوا: سَارُوا

(6/34)


فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَسُمِّيَتْ هَاجِرَةً لِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَكِنُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ، كَأَنَّهُمْ قَدْ تَهَاجَرُوا. وَالْهَجِيرُ: يَبِيسُ النَّبْتِ الَّذِي كَسَرَتْهُ الْمَاشِيَةُ، وَسُمِّيَ لِأَنَّ الرَّاعِيَ يَهْجُرُهُ. قَالَ:
وَلَمْ يَبْقَ بِالْخَلْصَاءِ مِمَّا عَنَتْ ... مِنَ النَّبْتِ إِلَّا يُبْسُهَا وَهَجِيرُهَا
وَمِنَ الْبَابِ الْهُجْرُ: الْهَذَيَانُ. يُقَالُ هَجَرَ الرَّجُلُ. وَالْهُجْرُ: الْإِفْحَاشُ فِي الْمَنْطِقِ، يُقَالُ: أَهْجَرَ الرَّجُلُ فِي مَنْطِقِهِ. قَالَ:
كَمَاجِدَةِ الْأَعْرَاقِ قَالَ ابْنُ ضَرَّةٍ ... عَلَيْهَا كَلَامًا جَارَ فِيهِ وَأَهْجَرَا
وَرَمَاهُ بِالْهَاجِرَاتِ، وَهِيَ الْفَضَائِحُ، وَسُمِّيَ هَذَا كُلُّهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَهْجُورِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. وَيَقُولُونَ: هَذَا شَيْءٌ هَجْرٌ، أَيْ لَا نَظِيرَ لَهُ، كَأَنَّهُ مِنْ جَوْدَتِهِ وَمُبَايَنَتِهِ الْأَشْيَاءَ قَدْ هَجَرَهَا. وَيَقُولُونَ: هَذَا أَهْجَرُ مِنْ هَذَا، أَيْ أَكْرَمُ. وَقَدْ يُقَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ:
وَمَاءٍ يَمَانٍ دُونَهُ طَلْقٌ هَجْرُ
يَقُولُونَ: هُوَ طَلَقٌ لَا طَلَقَ مِثْلُهُ.
وَالْهَجِيرُ: الْحَوْضُ الْكَبِيرُ، سُمِّيَ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يُقْتَطَعُ لِلْمَاءِ. قَالَ:

(6/35)


تَفْرِي الْفَرِيَّ بِالْهَجِيرِ الْوَاسِعِ
وَقَالَ:
ظَلَّتْ تَلُوبُ رَشَقًا هَجِيرُهَا ... لَوْبَ الرَّعَايَا لَمْ يَجِئْ أَجِيرُهَا

(هَجَسَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ هَجَسَ الشَّيْءُ فِي النَّفْسِ: وَقَعَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْهَجْسُ: النَّبْأَةُ تَسْمَعُهَا وَلَا تَفْقَهُهَا.

(هَجَعَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى نَوْمٍ. وَهَجَعَ هُجُوعًا: نَامَ لَيْلًا. وَلَقِيتُهُ بَعْدَ هَجْعَةٍ.
وَمِمَّا قِيسَ عَلَى هَذَا: رَجُلٌ هُجَعَ، أَيْ أَحْمَقُ مُسْتَنِيمٌ إِلَى كُلٍّ.

(هَجَفَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالْفَاءُ. يَقُولُونَ: الْهِجْفَةُ، هِيَ النَّاحِيَةُ. وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. فَأَمَّا الْهِجَفُّ فَالظَّلِيمُ الْمُسِنُّ، وَأَظُنُّهُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي زِيدَتْ فِيهِ الْهَاءُ وَأُبْدِلَتْ زَاؤُهُ جِيمًا، وَهُوَ مِنَ الزِّفِّ، وَهُوَ رِيشُهُ.

(هَجَلَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى اخْتِلَاطٍ، وَالْآخَرُ عَلَى رَمْيِ شَيْءٍ.

(6/36)


فَالْأَوَّلُ: الْهَوْجَلُ: الْمَشْيُ الْمُخْتَلِطُ. وَيُقَالُ أَهْجَلْتُ الْإِبِلَ: أَهْمَلْتُهَا، وَإِذَا أُهْمِلَتِ اخْتَلَطَتْ. قَالُوا: وَمِنْهُ الْهَجُولُ: الْمَرْأَةُ الْبَغِيُّ لِأَنَّهَا تُخَالِطُ كُلًّا. وَالْمُهَاجَلَةُ، مِثْلَ الْمُسَاجَلَةِ. وَالْقِيَاسُ فِيهِ وَاحِدٌ. وَالْهَوْجَلُ مِنَ الْأَرْضِ: الْفَلَاةُ لَا أَعْلَامَ بِهَا. وَسُمِّيَتْ لِأَنَّهَا لَا يُهْتَدَى فِيهَا، فَيُخْلَطُ الْأَمْرُ عَلَى السَّفْرِ. وَالْهَوْجَلُ مِنَ الرِّجَالِ: الْبَطِيءُ الَّذِي يَخْتَلِطُ عَلَيْهِ الْأُمُورُ. قَالَ:
فَأَتَتْ بِهِ حُوشَ الْفُؤَادِ مُبَطَّنًا ... سُهُدًا إِذَا مَا نَامَ لَيْلُ الْهَوْجَلِ
وَاللَّيْلُ الطَّوِيلُ هَوْجَلٌ، سُمِّيَ لِاخْتِلَاطِ ظَلَامِهِ. قَالَ الْكُمَيْتُ:
هَوْجَاءُ لَيْلَتُهَا هَوْجَلُ
وَمِنَ الْبَابِ الْهَجْلُ: غَائِطٌ بَيْنَ الْجِبَالِ مُطْمَئِنٌّ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ هَجَلْتُ بِالشَّيْءِ: رَمَيْتُ.

(هَجَمَ) الْهَاءُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى وُرُودِ شَيْءٍ بَغْتَةً، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ. يُقَالُ: هَجَمْتُ عَلَى الْقَوْمِ بَغْتَةً أَهْجُمُ هُجُومًا. وَرِيحٌ هَجُومٌ: شَدِيدَةٌ تُقَطِّعُ الْبُيُوتَ. وَهَجْمَةُ الشِّتَاءِ: شِدَّةُ بَرْدِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ الْقِيَاسِ، لِأَنَّهَا تَهْجُمُ. وَهَجْمَةُ الصَّيْفِ: شِدَّةُ حَرِّهِ. وَالْهَجْمُ: الْقَدَحُ الْكَبِيرُ. [قَالَ] :

(6/37)


فَتَمْلَأُ الْهَجْمَ عَفْوًا وَهْيَ وَادِعَةٌ ... حَتَّى تَكَادَ شِفَاهُ الْهَجْمِ تَنْثَلِمُ
وَسُمِّيَ هَجْمًا لِأَنَّهُ يَهْجُمُ عَلَى عَطَشِ الشَّارِبِ فَيَكْسِرُهُ. وَالْهَجْمَةُ مِنَ الْإِبِلِ: مَا بَيْنَ التِّسْعِينَ إِلَى الْمِائَةِ، لِأَنَّهَا تَهْجُمُ الْمَوْرِدَ بِقُوَّةٍ. وَهَجَمَتِ الْبَيْتَ: هَدَمَتْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَعْلَاهُ يَهْجُمُ عَلَى أَسْفَلِهِ إِذَا سَقَطَ. وَهَجَمَتِ الْعَيْنُ: غَارَتْ، كَأَنَّهَا تَهْجُمُ عَلَى مَا وَرَاءَهَا، تَدْخُلُ فِيهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ هِجَاءُ الْحُرُوفِ، يُقَالُ تَهَجَّيْتُ.

(6/38)


وَإِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى. يَقُولُونَ: هَجَأَ الطَّعَامَ: أَكَلَهُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالدَّالِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَدَرَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ [يَدُلُّ] عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ وَإِسْقَاطِهِ، وَعَلَى جِنْسٍ مِنَ الصَّوْتِ. وَهَدَرَ السُّلْطَانُ دَمَ فُلَانٍ هَدْرًا: أَبَاحَهُ. وَبَنُو فُلَانٍ هَدَرَةٌ، أَيْ سَاقِطُونَ. وَرَجُلٌ هُدَرَةٌ. وَبَعْضٌ يَقُولُونَ: هَدَرَةٌ: سَاقِطٌ. قَالَ:
إِنِّي إِذَا حَارَ الْجَبَانُ الْهُدَرَهْ
وَالْمَعْنَى الْآخَرُ هَدَرَتِ الْحَمَامَةُ تَهْدِرُ، وَهَدَرَ الْفَحْلُ هَدِيرًا، وَهَدَرَ الْعَصِيرُ فِي غَلَيَانِهِ. وَهَدَرَ الْعَرْفَجُ: عَظُمَ نَبَاتُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الرِّيحُ كَانَ لَهُ كَالْهَدِيرِ.

(هَدَعَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ. هِيَ هِدَعْ، تُسَكَّنُ بِهَا صِغَارُ الْإِبِلِ عِنْدَ نِفَارِهَا. وَالْهَوْدَعُ: النَّعَامُ.

(هَدَفَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْفَاءُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى انْتِصَابٍ وَارْتِفَاعٍ. وَالْهَدَفُ: كُلُّ شَيْءٍ عَظِيمٍ مُرْتَفِعٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الرَّجُلُ الشَّخِيصُ الْجَافِي هَدَفًا. قَالَ:
إِذَا الْهَدَفُ الْمِعْزَالُ صَوَّبَ رَأْسَهُ ... وَأَعْجَبَهُ ضَفْوٌ مِنَ الثَّلَّةِ الْخُطْلِ
وَالْهَدَفُ: الْغَرَضُ. وَرَكَبٌ مُسْتَهْدِفٌ: عَرِيضٌ. قَالَ النَّابِغَةُ:

(6/39)


وَإِذَا طَعَنْتَ طَعَنْتَ فِي مُسْتَهْدِفٍ
وَامْرَأَةٌ مُهْدِفَةٌ: لَحِيمَةٌ. وَأَهْدَفَ لَكَ الشَّيْءُ: انْتَصَبَ.
وَمِنَ الْبَابِ الْهِدْفَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ:
وَحَتَّى سَمِعْنَا خَشْفَ بَيْضَاءَ جَعْدَةٍ ... عَلَى قَدَمَيْ مُسْتَهْدِفٍ مُتَقَاصِرِ
فَالْمُسْتَهْدِفُ: الْحَالِبُ الْمُنْتَصِبُ. يَقُولُ: سَمِعْنَا صَوْتَ الرِّغْوَةِ تَتَسَاقَطُ عَلَى قَدَمِ الْحَالِبِ.

(هَدَقَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْقَافُ. فِيهِ مِنْ طَرَائِفِ ابْنِ دُرَيْدٍ: الْهَدْقُ: الْكَسْرُ.

(هَدَكَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْكَافُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: انْهَدَكَ الرَّجُلُ عَلَيْنَا بِكَلَامٍ كَثِيرٍ: انْبَعَثَ.

(هَدَلَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَاللَّامُ: أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِرْخَاءٍ فِي شَيْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ الصَّوْتِ.
فَالْأَوَّلُ: الْهَدَلُ: اسْتِرْخَاءُ مِشْفَرِ الْبَعِيرِ وَكُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ مِنْهُ هَدِلَ. وَهَدَلْتُ

(6/40)


الشَّيْءَ أَهْدِلُهُ، إِذَا أَرْسَلْتَهُ إِلَى أَسْفَلَ. وَالْهَدَالُ: كُلُّ غُصْنٍ نَبَتَ مُسْتَقِيمًا فِي أَرَاكَةٍ أَوْ طَلْحَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ ثَمَّ: يَتَهَدَّلُ. قَالَ:
يَدْعُو الْهَدِيلَ وَسَاقَ حُرٍّ فَوْقَهُ ... أُصُلًا بِأَوْدِيَةٍ ذَوَاتِ هَدَالِ
وَيُقَالُ: الْهَدِيلُ: فَرْخُ الْحَمَامِ. فَإِنْ كَانَ كَذَا فَكَأَنَّهُ سُمِّيَ بِصَوْتِهِ. قَالَ:
فَقُلْتُ أَتَبْكِي ذَاتُ شَجْوٍ تَذَكَّرَتْ ... هَدِيلًا وَقَدْ أَوْدَى وَمَا كَانَ تُبَّعُ

(هَدَمَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حَطِّ بِنَاءٍ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَهَدَمْتُ الْحَائِطَ أَهْدِمُهُ. وَالْهَدَمُ: مَا تَهَدَّمَ، بِفَتْحِ الدَّالِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْهِدْمُ: الثَّوْبُ الْبَالِي، وَالْجَمْعُ أَهْدَامٍ. وَدِمَاؤُهُمْ هَدَمٌ أَيْ هَدَرٌ، كَأَنَّهَا قَدْ هُدِمَتْ فَلَمْ يُطْلَبْ بِهَا. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدَّمُ الدَّمُ، وَالْهَدَمُ الْهَدَمُ» ، قِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ: مَحْيَانَا مَحْيَاكُمْ وَمَمَاتُنَا مَمَاتُكُمْ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ هَدِمَةٌ: شَدِيدَةُ الضَّبَعَةِ كَأَنَّهَا تَنْهَدِمُ لِلْفَحْلِ. وَالْهَدْمَةُ: الدُّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ، كَأَنَّهَا تَتَهَدَّمُ فِي انْدِفَاعِهَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ: الْمَهْدُومُ مِنَ اللَّبَنِ، وَهُوَ الرَّثِيئَةُ.

(هَدَنَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالنُّونُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُكُونٍ وَاسْتِقَامَةٍ. سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ثَعْلَبًا يَقُولُ: تَهَادَنَ الْأَمْرُ: اسْتَقَامَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْهُ قِيَاسُ الْهُدْنَةِ.
وَمِنَ الْبَابِ الرَّجُلُ الْهَدَانِ: الْخَامِلُ لَا حَرَاكَ بِهِ. قَالَ:

(6/41)


وَلَا يَرْعَوْنَ أَكْنَافَ الْهُوَيْنَى ... إِذَا حَلُّوا وَلَا أَرْضَ الْهُدُونِ
وَهَدَّنَتِ الْمَرْأَةُ صَبِيَّهَا بِكَلَامِهَا، إِذَا أَرَادَتْ أَنْ يَرْقُدَ. وَالتَّهْدِينُ: الْبُطْءُ، وَهُوَ قِيَاسُ الْبَابِ.

(هَدَيَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلَانِ [أَحَدُهُمَا] التَّقَدُّمُ لِلْإِرْشَادِ، وَالْآخَرُ بَعْثَةُ لَطَفٍ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ هِدَايَةً، أَيْ تَقَدَّمْتُهُ لِأُرْشِدَهُ. وَكُلُّ مُتَقَدِّمٍ لِذَلِكَ هَادٍ. قَالَ:
إِذَا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي الْبِلَا ... دِ صَدْرُ الْقَنَاةِ أَطَاعَ الْأَمِيرَا
وَيُنْشَعَبُ هَذَا فَيُقَالُ: الْهُدَى: خِلَافُ الضَّلَالَةِ. تَقُولُ: هَدَيْتُهُ هُدًى. وَيُقَالُ أَقْبَلَتْ هَوَادِي الْخَيْلِ، أَيْ أَعْنَاقُهَا، وَيُقَالُ هَادِيهَا: أَوَّلُ رَعِيلٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ. وَالْهَادِيَةُ: الْعَصَا، لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ مُمْسِكَهَا كَأَنَّهَا تُرْشِدُهُ.
وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: نَظَرَ فُلَانٌ هَدْيَ أَمْرِهِ أَيْ جِهَتَهُ، وَمَا أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ، أَيْ هَدْيَهُ. وَيَقُولُونَ: جَاءَ فُلَانٌ يُهَادِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، إِذَا كَانَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا. وَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ ثُمَّ رَمَيْتُ بِآخَرَ هُدَيَّاهُ، أَيْ قَصْدَهُ.

(6/42)


وَالْبَابُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ كُلِّهِ وَاحِدٌ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْهَدِيَّةُ: مَا أَهْدَيْتَ مَنْ لَطَفٍ إِلَى ذِي مَوَدَّةٍ. يُقَالُ: أَهْدَيْتُ أُهْدِي إِهْدَاءً. وَالْمِهْدَى: الطَّبَقُ تُهْدَى عَلَيْهِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْهَدِيُّ: الْعَرُوسُ، وَقَدْ هُدِيَتْ إِلَى بَعْلِهَا هِدَاءً. قَالَ:
فَإِنْ تَكُنِ النِّسَاءُ مُخَبَّآتٍ ... فَحُقَّ لِكُلِّ مُحْصَنَةٍ هِدَاءُ
وَالْهَدْيُ وَالْهَدِيُّ: مَا أُهْدِيَ مِنَ النَّعَمِ إِلَى الْحَرَمِ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ هَدِيٌّ وَهَدْيٌ. قَالَ:
وَطُرَيْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ كَانَ هَدِيَّهُمْ ... ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذَالِهِ بِمُهَنَّدِ
وَقِيلَ الْهَدِيُّ: الْأَسِيرُ.
أَمَّا الْمَهْمُوزُ فَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْقِيَاسِ، وَأَكْثَرُهُ يَدُلُّ عَلَى السُّكُونِ. وَهَدَأَ هُدُوًّا، أَيْ سَكَنَ. وَهَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِذَا نَامَ النَّاسُ. وَأَهْدَأَتِ الْمَرْأَةُ صَبِيَّهَا بِيَدِهَا لِيَنَامَ، أَيْ سَكَّنَتْهُ. وَمَضَى هُدْءٌ مِنَ اللَّيْلِ: بَعْدَ نَوْمَةٍ أَوَّلَ مَا يَسْكُنُ النَّاسُ. وَالْهَدَأَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ السَّهْلِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ: الْهَدَأُ، وَهُوَ إِقْبَالُ الْمَنْكِبِ نَحْوَ الصَّدْرِ، كَالْجَنَأِ.

(هَدَبَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْبَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُرَّةِ شَيْءٍ أَوْ

(6/43)


أَغْصَانٍ تُشْبِهُ الطُرَّةَ. مِنْهُ الْهُدْبُ: طُرَّةُ الثَّوْبِ. وَالْهَدَبُ: أَغْصَانُ الْأَرْطَى، وَهِيَ الْهُدَّابُ. قَالَ:
فَظَلَّ الْعَذَارَى يَرْتَمِينَ بِلَحْمِهَا ... وَشَحْمٍ كَهُدَّابٍ الدِّمَقْسِ الْمُفَتَّلِ
وَيُقَالُ: الْهَدَبُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْرٌ. وَهَيْدَبُ السَّحَابِ: مَا تَهَدَّبَ مِنْهُ إِذَا أَرَادَ الْوَدْقَ، كَأَنَّهُ خُيُوطٌ. وَرَجُلٌ أَهْدَبُ: كَثِيرُ أَشْفَارِ الْعَيْنِ. وَهَدَبَ الثَّمَرَةَ، إِذَا اجْتَنَاهَا، يَهْدِبُهَا هَدْبًا، كَأَنَّهُ أَخَذَ هُدْبَ الشَّجَرَةِ.
وَتُسْتَعَارُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فَيُقَالُ: هَدَبَ النَّاقَةَ، إِذَا حَلَبَهَا.

(هَدَجَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ الْمَشْيِ وَالْحَرَكَةِ. مِنْهُ الْهَدَجَانُ: مِشْيَةُ الشَّيْخِ، يُقَالُ هَدَجَ. وَأَهْدَجَ الظَّلِيمُ: مَشَى فِي ارْتِعَاشٍ، وَهُوَ هَدَّاجٌ وَهَدَجْدَجٌ. وَتَهَدَّجَتِ النَّاقَةُ: مَشَتْ نَحْوَ وَلَدِهَا عَاطِفَةً عَلَيْهِ. وَهَدَجَتِ الرِّيحُ: هَبَّتْ بِحَنِينٍ.
وَالْهَوْدَجُ عِنْدَنَا مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ يَضْطَرِبُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ يُشَبَّهُ بِهِ فَيُقَالُ: هَوْدَجَتِ النَّاقَةُ، إِذَا ارْتَفَعَ سَنَامُهَا كَأَنَّهُ الْهَوْدَجُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ التَّهَدُّجُ: تَقَطُّعُ الصَّوْتِ.

(6/44)


[بَابُ الْهَاءِ وَالذَّالِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَذَرَ) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ الْهَذَرُ، وَهُوَ الْهَذَيَانُ. وَرَجُلٌ مِهْذَارٌ وَهُذَرَةٌ وَهِذْرِيَانٌ، أَيْ كَثِيرُ الْكَلَامِ فِي خَطَلٍ.

(هَذَفَ) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَالْفَاءُ. يُقَالُ سَائِقٌ هَذَّافٌ: جَادٌّ.

(هَذَلَ) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَاللَّامُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى صِغَرٍ وَخِفَّةٍ وَسُرْعَةٍ. مِنْهُ الْهُذْلُولُ: الرَّجُلُ الْخَفِيفُ. وَهَوْذَلَ الرَّجُلُ: مَشَى بِسُرْعَةٍ. وَهَوْذَلَ السِّقَاءُ: تَمَخَّضَ.
وَمِنَ الْبَابِ: الْهَذَالِيلُ: تِلَالٌ صِغَارٌ، الْوَاحِدُ هُذْلُولٌ، سُمِّيَتْ بِهَا لِصِغَرِهَا. وَمِنْ بَعْضِ هَذَا قِيَاسُ اسْمِ هُذَيْلٍ.

(هَذَمَ) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ، تَدُلُّ عَلَى قَطْعٍ لِشَيْءٍ. وَهَذْمُ السَّيْفِ: قَطْعُهُ. وَسَيْفٌ مِهْذَمٌ وَهُذَامٌ وَهَيْذَامٌ. وَيُسَمَّى الشُّجَاعُ هَيْذَامًا، تَشْبِيهًا لَهُ بِهَذَا السَّيْفِ.

(هَذَى) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ: الْهَذَيَانُ: كَلَامٌ لَا يُعْقَلُ كَكَلَامِ الْمَعْتُوهِ. يُقَالُ: هَذَى يَهْذِي. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْمَهْمُوزِ: هَذَأْتُ اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ هَذْءًا: قَطَعْتُهُ.

(هَذَبَ) الْهَاءُ وَالذَّالُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَنْقِيَةِ شَيْءٍ مِمَّا يَعِيبُهُ. يُقَالُ:

(6/45)


شَيْءٌ مُهَذَّبٌ: مُنَقًّى مِمَّا يَعِيبُهُ. وَأَصْلُهُ الْإِهْذَابُ: السُّرْعَةُ فِي الطَّيَرَانِ وَالْعَدْوِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّعَلُّقُ بِهِ. يُقَالُ مَرَّ الْفَرَسُ يُهْذِبُ. وَمَشَى الْهَيْذَبَى. كَذَلِكَ الْمُهَذَّبُ لَا يُتَعَلَّقُ مِنْهُ بِعَيْبٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالرَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَرَسَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالسِّينُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى دَقٍّ وَهَزْمٍ فِي الشَّيْءِ. وَهَرَسْتُ الشَّيْءَ: دَقَقْتُهُ. وَمِنْهُ الْهَرِيسَةُ. وَالْمِهْرَاسُ: حَجَرٌ مَنْقُورٌ، لَعَلَّهُ يُدَقُّ فِيهِ الشَّيْءُ، وَرُبَّمَا كَانَ مُسْتَطِيلًا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ. وَالْهَرْسُ: الثَّوْبُ الْخَلَقُ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، كَأَنَّهُ قَدْ هُرِسَ. وَالْمَهَارِيسُ: الْإِبِلُ الشِّدَادُ تَهْرُسُ الشَّيْءَ عِنْدَ الْأَكْلِ. وَالْهَرِسُ: الْأَسَدُ الشَّدِيدُ، كَأَنَّهُ يَهْرُسُ مَا لَقِيَ. قَالَ:
شَدِيدَ السَّاعِدَيْنِ أَخَا وِثَابٍ ... شَدِيدًا أُسَرُهُ هَرِسًا هَمُوسًا
وَأَمَّا الْهَرَاسُ فَشَجَرٌ ذُو شَوْكٍ. وَهُوَ شَاذٌّ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ. قَالَ:
طِبَاقَ الْكِلَابِ يَطَأْنَ الْهَرَاسَا

(هَرَشَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالشِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ مُهَارَشَةُ الْكِلَابِ: تَحْرِيشٌ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. وَمِنْهُ يُقَاسُ التَّهْرِيشُ، وَهُوَ الْإِفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ.

(6/46)


وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ هَرْشَى: هَضْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ. قَالَ:
خُذُوا صَدْرَ هَرْشَى [أَوْ قَفَاهَا فَإِنَّهُ ... كِلَا جَانِبَيْ هَرْشَى] لَهُنَّ طَرِيقُ

(هَرَصَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالصَّادُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْهَرِيصَةُ: مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ.

(هَرَضَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالضَّادُ، سَبِيلُهُ سَبِيلُ مَا قَبْلَهُ، إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ زَعَمَ أَنَّ الْهَرَضَ: الْحَصَفُ يَخْرُجُ بِالْإِنْسَانِ مِنَ الْحَرِّ. قَالَ: وَهَرَضْتُ الثَّوْبَ: مَزَّقْتُهُ.

(هَرَطَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالطَّاءُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَامٍ وَتَشَاتُمٍ. وَتَهَارَطَ الرَّجُلَانِ. تَشَاتَمَا. وَهَرَطَ فِي كَلَامِهِ: خَلَّطَ.

(هَرَعَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى حَرَكَةٍ وَاضْطِرَابٍ. وَأُهْرِعَ الرَّجُلُ: ارْتَعَدَ فَرَقًا. وَسُمِّيَ الْأَحْمَقُ هَيْرَعًا لِاضْطِرَابِ رَائِهِ. وَيُمْكِنُ أَنَّ الْهَاءَ فِيهِ زَائِدَةٌ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ يَرَعَ. وَيُقَالُ الْهِرْيَاعُ: سَفِيرُ الشَّجَرِ، لِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ تَحْمِلُهُ الرِّيحُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ.
وَمِنَ الْبَابِ: الْهَرِعُ: الدَّمْعُ أَوِ الدَّمُ الْجَارِي. وَتَهَرَّعَتِ الرِّمَاحُ: أَقْبَلَتْ شَوَارِعَ. وَهُمْ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ، أَيْ يُسَاقُونَ.

(6/47)


وَمِمَّا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ الْهَرْعَةُ: دُوَيْبَةٌ. يُقَالُ لَهَا هَرِيعٌ وَهُرْيُعٌ.

(هَرَفَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ. يَقُولُونَ: الْهَرْفُ كَالْهَذَيَانِ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ إِعْجَابًا بِهِ. يَقُولُونَ: " لَا تَهْرِفْ بِمَا لَا تَعْرِفُ ". وَيَقُولُونَ: هَرَّفَتِ النَّخْلَةُ، إِذَا عَجَّلَتْ إِتَاءَهَا. وَمَا أُرَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَرَبِيَّةً.

(هَرَلَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَاللَّامُ. يَقُولُونَ: الْهَرْوَلَةُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ.

(هَرَمَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْمِيمُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْهَرَمُ: كِبَرُ السِّنِّ. وَيُقَالُ: الْهَرِمَةُ: اللَّبُؤَةُ. وَابْنُ هِرْمَةَ: آخِرُ وَلَدِ الرَّجُلِ. وَالْأُخْرَى الْهُرْمَانُ: الْعَقْلُ.

(هَرَوَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ وَالْمَهْمُوزُ، بَابٌ لَمْ يُوضَعْ عَلَى قِيَاسٍ، وَأُصُولُ كَلِمِهِ مُتَبَايِنَةٌ وَمِمَّا جَاءَ مِنْهُ: هَرَوْتُهُ بِالْهِرَاوَةِ: ضَرَبْتُهُ بِهَا. وَهَرَّيْتُ الْعِمَامَةَ: صَفَّرْتُهَا. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْهَرْوُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ أَبَا مَالِكٍ جَاءَ بِحَرْفٍ أَنْكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ. قَالَ: هَرَوْتُ اللَّحْمَ: أَنْضَجْتُهُ. وَإِنَّمَا هُوَ هَرَأْتُهُ.
وَمِنَ الْمَهْمُوزِ الْهُرَاءُ: الْمَنْطِقُ الْفَاسِدُ. يُقَالُ: أَهْرَأَ الرَّجُلُ فِي مَنْطِقِهِ. قَالَ:

(6/48)


لَهَا بَشَرٌ مِثْلُ الْحَرِيرِ وَمَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الْحَوَاشِي لَا هُرَاءٌ وَلَا نَزْرُ
وَتَهَرَّأَ اللَّحْمُ: طُبِخَ حَتَّى يَتَسَاقَطَ عَنِ الْعَظْمِ. وَهَرَأَهُ الْبَرْدُ: أَصَابَتْهُ شِدَّتُهُ، وَكَذَا أَهْرَأَهُ.

(هَرَبَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ هَرَبَ، إِذَا فَرَّ. وَمَا لَهُ هَارِبٌ وَلَا قَارِبٌ، أَيْ صَادِرٌ عَنِ الْمَاءِ وَلَا وَارِدٌ، أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ.

(هَرَتَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالتَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَعَةٍ فِي شَيْءٍ. فَالْهَرَتُ: سَعَةُ الشِّدْقِ. وَالْهَرِيتُ: الْمَرْأَةُ الْمُفْضَاةُ.

(هَرَجَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ وَتَخْلِيطٍ. مِنْهُ هَرَّجَ الرَّجُلُ فِي حَدِيثِهِ: خَلَّطَ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ لِلْقَتْلِ هَرْجٌ، بِسُكُونِ الرَّاءِ. قَالَ:
لَيْتَ شِعْرِي أَأَوَّلُ الْهَرْجِ هَذَا ... أَمْ زَمَانٌ مِنْ فِتْنَةٍ غَيْرِ هَرْجِ
وَالْهَرَجُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: أَنْ تُظْلِمَ عَيْنُ الْبَعِيرِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وَالْهَرْجُ: عَدْوُ الْفَرَسِ بِسُرْعَةٍ، مَرَّ يَهْرِجُ. وَالْأَرْضُ الْمِهْرَاجُ: الْحَسَنَةُ النَّبَاتِ الْتَفَّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا بَعِيدًا مِنْهُ: هَرَّجْتُ السَّبُعَ: صِحْتُ بِهِ.

(هَرَدَ) الْهَاءُ وَالرَّاءُ وَالدَّالُ كَلِمَاتٌ تَدُلُّ عَلَى مُعَالَجَةِ شَيْءٍ بِصِبْغٍ أَوْ مَا

(6/49)


أَشْبَهَهُ. وَثَوْبٌ مَهْرُودٌ: صُبِغَ أَصْفَرَ. وَهَرَّدْتُ الثَّوْبَ شَقَقْتُهُ. وَهَرَدْتُ عِرْضَهُ: ثَلَبْتُهُ. وَهَرَّدْتُ اللَّحْمَ: أَنْضَجْتُهُ شَيْئًا، تَهْرِيدًا.

[بَابُ الْهَاءِ وَالزَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَزَعَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى وَحْشَةٍ، وَالْآخَرَ عَلَى اضْطِرَابٍ وَكَسْرٍ.
الْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ، أَيْ طَائِفَةٌ مِنْهُ. وَتَهَزَّعَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ: تَنَكَّرَ. قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ مِنْ هَزِيعِ اللَّيْلِ، لِأَنَّ تِلْكَ سَاعَةُ وَحْشَةٍ.
وَالْآخَرُ قَوْلُهُمْ: تَهَزَّعَتِ الْقَنَاةُ: اضْطَرَبَتْ. وَتَهَزَّعَتِ الْمَرْأَةُ: تَثَنَّتْ. قَالَ:
مِثْلَ الْقَطَاةِ لَدْنَةَ التَّهَزُّعِ
وَتَهَزَّعَ السَّيْفُ: اضْطَرَبَ. وَتَهَزَّعَتِ الْإِبِلُ فِي سَيْرِهَا: اهْتَزَّتْ. وَهَزَعْتُ الْعَظْمَ: كَسَرْتُهُ. وَالْمِهْزَعُ: الْأَسَدُ الْحَطُومُ. قَالَ:
كَأَنَّهُمُ يَخْشَوْنَ مِنْكَ مُذَرَّبًا ... بِحَلْيَةَ مَشْبُوحَ الذِّرَاعَيْنِ مِهْزَعَا
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابَيْنِ الْأَهْزَعُ: السَّهْمُ يَبْقَى فِي الْكِنَانَةِ، لِأَنَّهُ أَرْدَؤُهَا، وَقِيلَ يَكُونُ أَجْوَدَهَا. وَيَقُولُونَ: مَا لَهُ أَهْزَعُ، أَيْ مَا لَهُ شَيْءٌ.

(6/50)


(هَزَفَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْهِزَفُّ: الظَّلِيمُ. وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هَزَفَتْهُ الرِّيحُ: طَارَتْ بِهِ.

(هَزَقَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْقَافُ، كَلِمَاتٌ فِي قِيَاسٍ وَاحِدٍ. امْرَأَةٌ هِزْقَةٌ: لَا تَسْتَقِرُّ. وَكَذَلِكَ الْمِهْزَاقُ. وَالْهَزِقُ: الرَّعْدُ. وَأَهْزَقَ الرَّجُلُ: ضَحِكَ. وَحِمَارٌ هَزِقٌ: كَثِيرُ الِاسْتِنَانِ.

(هَزَلَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَتَانِ فِي قِيَاسٍ وَاحِدٍ، يَدُلَّانِ عَلَى ضَعْفٍ. فَالْهَزْلُ: نَقِيضُ الْجِدِّ. وَالْهُزَالُ: خِلَافُ السِّمَنِ. يُقَالُ: هَزَلْتُ دَابَّتِي وَقَدْ هُزِلَتْ. وَهَزَلَ فِي مَنْطِقِهِ. وَأَهْزَلَ: وَقَعَ فِي مَالِهِ الْهُزَالُ.

(هَزَمَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى غَمْزٍ وَكَسْرٍ. فَالْهَزْمُ: أَنْ تَغْمِزَ الشَّيْءَ بِيَدِكَ فَيَنْهَزِمَ إِلَى دَاخِلٍ، كَالْقِثَّاءَةِ وَالْبِطِّيخَةِ. وَمِنْهُ الْهَزِيمَةُ فِي الْحَرْبِ. وَغَيْثٌ هَزِيمٌ: مُتَبَعِّقٌ. وَهَزِيمُ الرَّعْدِ: صَوْتُهُ، كَأَنَّهُ يَتَكَسَّرُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: تَهَزَّمَ السِّقَاءُ: يَبِسَ فَتَشَقَّقَ.
وَمِنَ الْبَابِ اهْتَزَمْتُ الشَّاةَ: ذَبَحْتُهَا. وَالْهَزْمَةُ: مَا تَطَامَنَ مِنَ الْأَرْضِ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ الْمِهْزَامُ: عُودٌ يُجْعَلُ فِي رَأْسِهِ نَارٌ، تَلْعَبُ بِهِ صِبْيَانُ الْأَعْرَابِ. قَالَ جَرِيرٌ:

(6/51)


وَتَلْعَبُ الْمِهْزَامَا

(هَزَنَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالنُّونُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا هَوَازِنُ: قَبِيلَةٌ. يَقُولُونَ: الْهَوْزَنُ: الْغُبَارُ. وَالْهَوْزَنُ: طَائِرٌ.

(هَزَأَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْهَمْزَةُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ: هَزِئَ وَاسْتَهْزَأَ، إِذَا سَخِرَ.

(هَزَبَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْهَوْزَبُ: الْبَعِيرُ الْمُسِنُّ، فِي قَوْلِ الْأَعْشَى:
وَالْهَوْزَبَ الْعَوْدَ أَمْتَطِيهِ بِهَا ... وَالْعَنْتَرِيسَ الْوَجْنَاءَ وَالْجَمَلَا

(هَزَجَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ. يَقُولُونَ: الْهَزَجُ: صَوْتُ الرَّعْدِ، وَبِهِ شُبِّهَ الْهَزَجُ مِنَ الْأَغَانِي. قَالَ:
كَأَنَّهَا جَارِيَةٌ تَهَزَّجُ
وَتَهَزَّجَتِ الْقَوْسُ، [إِذَا صَوَّتَتْ] عِنْدَ الْإِنْبَاضِ. قَالَ الْكُمَيْتُ:
بِأَهَازِيجَ مِنْ أَغَانِيِّهَا الْجُ ... شِّ وَإِتْبَاعِهَا الزَّفِيرَ الطَّحِيرَا

(6/52)


وَفَرَسٌ هَزِجٌ: فِي مَشْيِهِ سُرْعَةٌ، كَأَنَّهُ يُذْهَبُ إِلَى مَا يُسْمَعُ مِنْ حَفِيفِهِ.

(هَزَرَ) الْهَاءُ وَالزَّاءُ وَالرَّاءُ يَدُلُّ عَلَى غَمْزٍ وَكَسْرٍ وَضَرْبٍ. وَهَزَرَهُ بِعَصَاهُ هَزَرَاتٍ: ضَرَبَهُ. وَهَزَرَهُ: غَمَزَهُ. وَإِنَّ فُلَانًا لَذُو هَزَرَاتٍ وَكَسَرَاتٍ، إِذَا كَانَ يُغْبَنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ:
إِلَّا تَدَعْ هَزَرَاتٍ لَسْتَ تَارِكَهَا ... تُخْلَعْ ثِيَابُكَ لَا ضَأْنٌ وَلَا إِبِلُ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَسَمَ) الْهَاءُ وَالسِّينُ وَالْمِيمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْهَسْمُ: [مِثْلُ الْهَشْمِ] . وَهَسَمَهُ يَهْسِمُهُ هَسْمًا: كَسَرَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالشِّينِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَشَمَ) الْهَاءُ وَالشِّينُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى كَسْرِ الشَّيْءِ الْأَجْوَفِ وَغَيْرِ الْأَجْوَفِ وَهَشَمْتُهُ هَشْمًا. وَالْهَاشِمَةُ: الشَّجَّةُ تَهْشِمُ عَظْمَ الرَّأْسِ. وَمُجْمَعٌ عَلَى أَنَّ هَاشِمًا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ هَشَمَ الثَّرِيدَ، وَاسْمُهُ عَمْرٌو. وَالْهَشِيمُ مِنَ النَّبَاتِ: الْيَابِسُ الْمُتَكَسِّرُ.

(6/53)


وَرَجُلٌ هَشِيمٌ: ضَعِيفُ الْبَدَنِ. وَرُبَّمَا قَالُوا: تَهَشَّمَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ، أَيْ تَعَطَّفَ. وَهُوَ مِنَ الْبَابِ. وَاهْتَشَمَ مَا فِي ضَرْعِ النَّاقَةِ: احْتَلَبَهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.

(هَشَلَ) الْهَاءُ وَالشِّينُ وَاللَّامُ. يَقُولُونَ: الْهَشِيلَةُ: الْبَعِيرُ يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ يَبْلُغُ بِهِ حَيْثُ يُرِيدُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ. قَالَ:
وَكُلُّ هَشِيلَةٍ مَا دُمْتُ حَيًّا ... عَلَيَّ مُحَرَّمٌ إِلَّا الْجِمَالِ

(هَشَرَ) الْهَاءُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ: كَلِمَتَانِ: الْهَيْشَرُ: نَبْتٌ. وَهَشَرَ النَّاقَةَ: حَلَبَ كُلَّ مَا فِي ضَرْعِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(6/54)


[بَابُ الْهَاءِ وَالصَّادِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَصَمَ) الْهَاءُ وَالصَّادُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْكَسْرِ، هَصَمْتُ الشَّيْءَ: كَسَرْتُهُ. وَبِهِ سُمِّيَ الْأَسَدُ هَيْصَمًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(هَصَرَ) الْهَاءُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ: يَدُلُّ عَلَى قَبْضٍ عَلَى شَيْءٍ وَإِمَالَتِهِ. وَهَصَرْتُ الْعُودَ، إِذَا أَخَذْتَهُ بِرَأْسِهِ فَأَمَلْتَهُ إِلَيْكَ. قَالَ:
هَصَرْتُ بِغُصْنٍ ذِي شَمَارِيخَ مَيَّالِ
وَبِذَلِكَ سُمِّيَ الْأَسَدُ هَصُورًا وَهَيْصَرًا وَهَصَّارًا.

[بَابُ الْهَاءِ وَالضَّادِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَضَلَ) الْهَاءُ وَالضَّادُ وَاللَّامُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْهَيْضَلَةُ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْمُتَسَلِّحَةُ ذَاتُ الْجَلَبَةِ. وَرُبَّمَا قَالُوا لِلنَّاقَةِ الْعَظِيمَةِ: هَيْضَلَةٌ.

(هَضَمَ) الْهَاءُ وَالضَّادُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كَسْرٍ وَضَغْطٍ وَتَدَاخُلٍ. وَهَضَمْتُ الشَّيْءَ هَضْمًا: كَسَرْتُهُ. وَمِزْمَارٌ مُهَضَّمٌ، لِأَنَّهُ فِيمَا يَزْعُمُونَ أَكْسَارٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. وَالْهَاضُومُ: الَّذِي يَهْضِمُ الطَّعَامَ، وَأُرَاهُ مُوَلَّدًا. وَكَشْحٌ مُهَضَّمٌ. وَامْرَأَةٌ هَضِيمَةُ الْكَشْحَيْنِ: لَطِيفَتُهُمَا، كَأَنَّهُمَا ضُغِطَا. وَالْهَضَمُ: انْضِمَامُ أَعْلَى الْبَطْنِ، وَهُوَ فِي الْخَيْلِ عَيْبٌ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: " لَمْ يَسْبِقِ الْحَلْبَةَ فَرَسٌ أَهْضَمُ قَطُّ ". وَالطَّلْعُ الْهَضِيمُ: الدَّاخِلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَهَضَمْتُ لَكَ مِنْ حَقِّي طَائِفَةً: تَرَكْتُهُ. وَالْمُتَهَضِّمُ: الظَّالِمُ. وَالْأَهْضَامُ: بُطُونٌ مِنَ الْأَوْدِيَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِغُمُوضِهَا، الْوَاحِدُ هِضْمٌ. فَأَمَّا الْأَهْضَامُ مِنَ الطِّيبِ. . . .

(هَضَبَ) الْهَاءُ وَالضَّادُ وَالْبَاءُ يَدُلُّ عَلَى اتِّسَاعٍ وَكَثْرَةٍ وَفَيْضٍ. مِنْهُ الْهَضْبَةُ: الْمَطْرَةُ الْعَظِيمَةُ الْقَطْرِ. وَالْهِضَبُّ: الْفَرَسُ الْكَثِيرُ الْعَرَقِ. وَهَضَبَاتٌ طُوَالَاتٌ. [وَالْهَضْبَةُ] : الْأَكَمَةُ الْمَلْسَاءُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(6/55)


[بَابُ الْهَاءِ وَالطَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَطَعَ) الْهَاءُ وَالطَّاءُ وَالْعَيْنُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِقْبَالٍ عَلَى الشَّيْءِ وَانْقِيَادٍ. يُقَالُ: هَطَعَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ بِبَصَرِهِ: أَقْبَلَ. وَأَهْطَعَ الْبَعِيرُ: صَوَّبَ عُنُقَهُ مُنْقَادًا. وَأَهْطَعَ: أَسْرَعَ.

(هَطَلَ) الْهَاءُ وَالطَّاءُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَتَابُعٍ فِي قَطْرٍ وَغَيْرِهِ. وَهَطَلَ الْمَطَرُ هَطَلَانًا: تَتَابَعَ، وَكَذَلِكَ الدَّمْعُ. وَدِيمَةٌ هَطْلَاءُ. وَإِبِلٌ هَطْلَى: تَجِيءُ رُوَيْدًا مُتَتَابِعَةً. وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ لِلْمُعْيِي مِنْهَا: هَطِلٌ.

(هَطَرَ) الْهَاءُ وَالطَّاءُ وَالرَّاءُ. يَقُولُونَ الْهَطْرُ: الضَّرْبُ بِالْخَشَبِ وَهَطَرَهُ يَهْطِرُهُ هَطْرًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْعَيْنِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَعَرَ) الْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِدَخِيلٍ. يَقُولُونَ: الْهَيْعَرَةُ: النَّزِقَةُ مِنَ النِّسَاءِ. وَالْهَيْعَرَةُ: الْغُولُ. وَالْهَيْعَرُورُ: الدَّاهِيَةُ.

(6/56)


[بَابُ الْهَاءِ وَالْفَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَفَا) الْهَاءُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ذَهَابِ شَيْءٍ فِي خِفَّةٍ وَسُرْعَةٍ. وَهَفَا الشَّيْءُ فِي الْهَوَاءِ يَهْفُو، إِذَا ذَهَبَ، كَالصُّوفَةِ وَنَحْوِهَا. وَهَفَا الظَّلِيمُ: عَدَا. وَهَفَا الْقَلْبُ فِي إِثْرِ الشَّيْءِ. وَهَوَافِي النَّعَمِ: ضُلَّالُهُ. وَهَفَا الْإِنْسَانُ يَهْفُو: زَلَّ وَذَهَبَ عَنِ الصَّوَابِ، وَكَذَلِكَ هَفَا، إِذَا جَاعَ. وَالْهَفْوَةُ: الزَّلَّةُ.

(هَفَتَ) الْهَاءُ وَالْفَاءُ وَالتَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ. وَتَهَافُتُ الشَّيْءِ: تَسَاقُطُهُ قِطْعَةً [قِطْعَةً] . وَالْهَفْتُ: قِطَعُ الدَّمِ الْمُتَهَافِتَةُ. وَتَهَافَتَ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ: تَسَاقَطَ. وَكُلُّ شَيْءٍ انْخَفَضَ وَاتَّضَعَ فَقَدْ هَفَتَ وَانْهَفَتَ. وَوَرَدَتْ هَفِيتَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ الَّتِي أَقْحَمَتْهُمُ السَّنَةُ، فَهُمْ سَاقِطَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(6/57)


[بَابُ الْهَاءِ وَالْقَافِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَقَلَ) الْهَاءُ وَالْقَافُ وَاللَّامُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْهِقْلُ، وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ النَّعَامِ. وَيَقُولُونَ: التَّهَقُّلُ: الْمَشْيُ الْبَطِيءُ.

(هَقَمَ) الْهَاءُ وَالْقَافُ وَالْمِيمُ: يَدُلُّ عَلَى اتِّسَاعٍ وَعِظَمٍ. وَيُقَالُ لِلْبَحْرِ هِقَمٌّ، لِعِظَمِهِ وَبُعْدِ قَعْرِهِ. وَصَوْتُهُ هَيْقَمٌ. قَالَ:
كَالْبَحْرِ يَدْعُو هَيْقَمًا وَهَيْقَمًا.
وَيُقَالُ: الْهِقَمُّ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْأَكْلِ. وَيُقَالُ: الْهَيْقَمُ: الظَّلِيمُ الْعَظِيمُ.

(هَقَبَ) الْهَاءُ وَالْقَافُ وَالْبَاءُ. يَقُولُونَ: الْهِقَبُّ: الضَّخْمُ الطَّوِيلُ الرَّغِيبُ الْبَطْنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْهِقَبُّ: الصُّلْبُ. وَالْهَقَبُ: السَّعَةُ.

(هَقَعَ) الْهَاءُ وَالْقَافُ وَالْعَيْنُ. فِيهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: الْهَقْعَةُ: نَجْمٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى الْهَقْعَةُ: دَائِرَةٌ تَكُونُ بِزَوْرِ الْفَرَسِ. قَالَ:

(6/58)


وَقَدْ يَرْكَبُ الْمَهْقُوعَ مَنْ لَسْتَ مِثْلَهُ ... وَقَدْ يَرْكَبُ الْمَهْقُوعَ زَوْجُ حَصَانِ
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: اهْتُقِعَ لَوْنُهُ، مِثْلُ امْتُقِعَ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْكَافِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَكَلَ) الْهَاءُ وَالْكَافُ وَاللَّامُ يَدُلُّ عَلَى إِشْرَافٍ وَعُلُوٍّ. مِنْهُ الْهَيْكَلُ: الْفَرَسُ الطَّوِيلُ. قَالَ:
وَقَدْ أَغْدُو بِطِرْفٍِ هَيْ ... كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَكْبِ

(هَكَمَ) الْهَاءُ وَالْكَافُ وَالْمِيمُ تَدُلُّ عَلَى تَقَحُّمٍ وَتَهَدُّمُ. وَهَكَمَ هَكْمًا: تَقَحَّمَ عَلَى النَّاسِ وَتَعَرَّضَهُمْ بِشَرٍّ. وَالتَّهَكُّمُ: التَّهَزُّؤُ. وَتَهَكَّمَتِ الْبِئْرُ: تَهَدَّمَتْ.

(هَكَرَ) الْهَاءُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ كَلِمَتَانِ: الْهَكْرُ: الْعَجَبُ. قَالَ:
فَاعْجَبْ لِذَلِكَ رَيْبَ دَهْرٍ وَاهْكَرِ.
قَالَ الْخَلِيلُ: تَقُولُ هَكْرًا لَكَ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: اعْتِرَاءُ النُّعَاسِ. قَالَ: وَهَكِرَ الرَّجُلُ: اعْتَرَاهُ نُعَاسٌ وَكَلَّ، وَاسْتَرْخَتْ عِظَامُهُ وَمَفَاصِلُهُ.

(6/59)


(هَكَعَ) الْهَاءُ وَالْكَافُ وَالْعَيْنُ يَدُلُّ عَلَى تَطَامُنٍ وَخُضُوعٍ. وَهَكَعَتِ الْبَقَرُ تَحْتَ ظِلِّ الشَّجَرِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ: سَكَنَتْ. وَيُقَالُ لِلْعَظْمِ إِذَا انْكَسَرَ بَعْدَ جَبْرٍ: قَدْ هَكَعَ. وَاهْتَكَعَ الرَّجُلُ: خَشَعَ. وَهَكَعَ اللَّيْلُ: أَرْخَى سُدُولَهُ. وَذَهَبَ فَمَا يُدْرَى أَيْنَ هَكَعَ، كَأَنَّهُ اسْتَخْفَى وَتَوَارَى، كَمَا تَهَقَّعَ الْبَقَرُ. وَالْهُكْعَةُ: الرَّجُلُ الْعَاجِزُ يَهْكَعُ لِكُلٍّ، أَيْ يَخْشَعُ. وَيَقُولُونَ: الْهُكَاعُ: السُّعَالُ. وَهَكَعَ يَهْكَعُ هُكَاعًا: سَعَلَ.

(هَلَمَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَوْلُهُمْ هَلُمَّ: كَلِمَةُ دَعْوَةٍ إِلَى شَيْءٍ. قَالُوا: وَأَصْلُهَا هَلْ أَؤُمُّ، كَلَامُ مَنْ يُرِيدُ إِتْيَانَ الطَّعَامِ، ثُمَّ كَثُرَتْ حَتَّى تَكَلَّمَ بِهَا الدَّاعِي، مِثْلَ قَوْلِهِمْ: تَعَالَ، أَيِ اعْلُ، ثُمَّ كَثُرَتْ حَتَّى قَالَهَا مَنْ كَانَ أَسْفَلَ لِمَنْ كَانَ فَوْقَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا هَلْ لَكَ فِي الطَّعَامِ أُمَّ، أَيِ اقْصِدْ. وَالَّذِي عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُشْكِلِ. وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ.

(هَلَا) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. يَقُولُونَ: هَلَا. كِمْلَةٌ تُسَكَّنُ بِهَا الْإِنَاثُ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْفَحْلِ إِيَّاهَا. قَالَ:
أَلَا حَيِّيَا لَيْلَى وَقُولَا لَهَا هَلَا
وَيُقَالُ: ذَهَبَ بِذِي هِلِيَّانِ، أَيْ حَيْثُ لَا يُدْرَى

(6/60)


(هَلَبَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْبَاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُبُوغٍ فِي شَيْءٍ وَسَعَةٍ. فَالْهُلْبُ: مَا غَلُظَ مِنَ الشَّعْرِ، كَشَعْرِ الذَّنَبِ. وَعَيْشٌ أَهْلَبُ: وَاسِعُ، كَمَا يُقَالُ: عَيْشٌ أَزَبُّ. وَيَوْمٌ هَلَّابٌ، إِذَا كَانَ مَطَرُهُ دَائِمًا فِي لِينٍ. وَالْهَلَّابَةُ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ مَعَ قَطْرٍ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِشِدَّةِ الزَّمَانِ هُلْبَةٌ. وَإِنَّمَا قِيلَ فَرَسٌ مَهْلُوبٌ لِأَنَّهُ قَدْ جُزَّ هُلْبُ ذَنَبِهِ.

(هَلَتَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالتَّاءُ. لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْهَلْتُ: الْجَمَاعَةُ. [وَالْهُلَاتُ] : الِاسْتِرْخَاءُ.

(هَلَجَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْجِيمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَيَقُولُونَ: هَلَجَ: أَتَى بِكَلَامٍ وَلَا يُوثَقُ بِهِ.

(هَلَسَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالسِّينُ يَدُلُّ عَلَى إِخْفَاءِ شَيْءٍ: مِنْ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: أَهْلَسَ فِي الضَّحِكِ: أَخْفَاهُ. قَالَ:
تَضْحَكُ مِنِّي ضَحِكًا إِهْلَاسَا
وَهَالَسَ فُلَانًا: سَارَّهُ. وَالْمَهْلُوسُ: الضَّعِيفُ الْعَقْلِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَالْهُلَاسُ

(6/61)


[شِبْهُ السُّلَالِ مِنَ الْهُزَالِ] ، كَأَنَّ لَحْمَهُ خَفِيَ وَتَوَارَى.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْهَلْسُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.

(هَلَعَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْعَيْنُ: يَدُلُّ عَلَى سُرْعَةٍ وَحِدَّةٍ. وَنَاقَةٌ هِلْوَاعٌ: حَدِيدَةٌ سَرِيعَةٌ. وَنَعَامَةٌ هَالِعٌ كَذَلِكَ. وَمِنْهُ الْهَلَعُ فِي الْإِنْسَانِ: شِبْهُ الْحِرْصِ. وَرَجُلٌ هَلِعٌ وَهَلُوعٌ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ هُلْعَةٌ يَهْلَعُ وَيَجْزَعُ سَرِيعًا. وَيُقَالُ: مَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعَةٌ، أَيْ جَدْيٌ وَلَا عَنَاقٌ، وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِنَزَقِهِمَا.

(هَلَفَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ: كَلِمَاتٌ مُتَقَارِبَةُ الْقِيَاسِ تَدُلُّ عَلَى كِبَرٍ وَضِخَمٍ. وَالْهِلَّوْفُ: الشَّيْخُ الضَّخْمُ. وَاللِّحْيَةُ الضَّخْمَةُ هِلَّوْفَةٌ، وَالْجَمَلُ الْكَبِيرُ هِلَّوْفٌ.

(هَلَكَ) الْهَاءُ وَاللَّامُ وَالْكَافُ: يَدُلُّ عَلَى كَسْرٍ وَسُقُوطٍ. مِنْهُ الْهَلَاكُ: السُّقُوطُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْمَيِّتِ هَلَكَ. وَاهْتَلَكَتِ الْقَطَاةُ خَوْفَ الْبَازِي: رَمَتْ بِنَفْسِهَا عَلَى الْمَهَالِكِ. فَأَمَّا قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وَلَا هُلُكِ الْمَفَارِشِ عُزَّلِ
فَيَقُولُ: لَيْسَ أُمَّهَاتُهُمْ أُمَّهَاتِ سَوْءٍ. وَامْرَأَةٌ هَلُوكٌ، إِذَا تَهَالَكَتْ فِي غُنْجِهَا مُتَكَسِّرَةً. وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ هَلُوكٌ. وَالْمُهْتَلِكُ: الَّذِي يَهْتَلِكُ أَبَدًا إِلَى مَنْ يَكْفُلُهُ، وَنَاسٌ مُهْتَلِكُونَ وَهُلَّاكٌ. وَقَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:

(6/62)


مُسْتَهْلِكُ الْوِرْدِ كَالْأَسْدِيِّ قَدْ جَعَلَتْ ... أَيْدِي الْمَطِيِّ بِهِ عَادِيَّةً رُغُبَا.
قَالُوا: مُسْتَهْلِكٌ: جَادٌّ وَالْقِيَاسُ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صِفَةِ الْقَطَاةِ إِذَا اهْتَلَكَتْ مِنْ خَوْفِ الْبَازِي. وَالْأَرْضُ الْهَلَكِينُ: الْجَدْبَةُ. وَالْهَلَكُ: الشَّيْءُ الْهَالِكُ. وَالْهَلَكُ: الْمَهْوَى بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَرَى قُرْطَهَا فِي وَاضِحِ اللِّيتِ مُشْرِفًا ... عَلَى هَلَكٍ فِي نَفْنَفٍ يَتَطَوَّحُ
أَمَّا الْهَالِكِي فَالْحَدَّادُ، يَقُولُونَ: نُسِبَ إِلَى الْهَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَانَ يَعْمَلُ الْحَدِيدَ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِبَنِي أَسَدٍ: الْقُيُونُ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَمَنَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَأَمَّا الْمُهَيْمِنُ، وَهُوَ الشَّاهِدُ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا، إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ أَمِنَ، وَالْهَاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ هَمْزَةٍ.

(هَمَى) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى ذَهَابِ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ. وَهَمَى الْمَاءُ: سَالَ. وَهَمَتِ الْمَاشِيَةُ تَهْمِي: ذَهَبَتْ عَلَى وَجْهِهَا لِرَعْيٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّا نُصِيبُ هَوَامِيَ الْإِبِلِ» : الضَّوَالَّ.

(6/63)


وَإِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى. تَقُولُ: تَهَمَّأَ الثَّوْبُ: بَلِيَ.

(هَمَجَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْجِيمُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ وَاضْطِرَابٍ. فَالْهَامِجُ: الْمَتْرُوكُ يَمُوجُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. قَالَ:
يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هَامِجٌ
وَقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
مُوَلَّعَةٌ بِالطُّرَّتَيْنِ هَمِيجُ
فَيُقَالُ: الْهَمِيجُ: كُلُّ لَوْنَيْنِ اخْتَلَطَا.
وَمِنَ الْبَابِ الْهَمَجُ: الْبَعُوضُ، وَيُقَالُ لِرُذَالِ النَّاسُ الْهَمَجُ تَشْبِيهًا. وَالْهَمَجُ: الدَّبَا مِنَ الْجَرَادِ. [وَ] يُقَالُ: أَهْمَجَ الْفَرَسُ إِهْمَاجًا: اضْطَرَبَ فِي جَرْيِهِ. وَالْهَمَجُ: الْجُوعُ، لِمَا يَعْتَرِي صَاحِبَهُ مِنَ الِاخْتِلَاطِ وَالِاضْطِرَابِ. قَالَ:
قَدْ هَلَكَتْ جَارَتُنَا مِنَ الْهَمَجْ

(6/64)


وَهَمَجَتِ الْإِبِلُ، وَرَدَتِ الْمَاءَ فَشَرِبَتْ مِنْهُ. وَيُقَالُ: الْهَمَجَةُ: الشَّاةُ الْمَهْزُولَةُ، كَأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِالْبَعُوضَةِ.

(هَمَدَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خُمُودِ شَيْءٍ. وَهَمَدَتِ النَّارُ: طَفِئَتِ الْبَتَّةَ. وَأَرْضٌ هَامِدَةٌ: لَا نَبَاتَ بِهَا. وَنَبَاتٌ هَامِدٌ: يَابِسٌ. وَالْإِهْمَادُ: الْإِقَامَةُ بِالْمَكَانِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِهْمَادَ: السُّرْعَةُ فِي الْمَشْيِ. قَالَ:
مَا كَانَ إِلَّا طَلَقُ الْإِهْمَادِ

(هَمَذَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالذَّالُ، يَدُلُّ عَلَى سُرْعَةٍ. يُقَالُ الْهَمَاذِيُّ: السُّرْعَةُ. [وَ] هَمَاذِيُّ الْمَطَرِ: شِدَّتُهُ.

(هَمَرَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالرَّاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى صَبٍّ وَانْصِبَابٍ. وَهَمَرَ دَمْعَهُ. وَهَمَرَ الدَّمْعُ وَانْهَمَرَ: سَالَ. وَفُلَانٌ يُهَامِرُ الشَّيْءَ، إِذَا أَخَذَهُ جَرْفًا. وَهَمَرَ فِي كَلَامِهِ: أَكْثَرَ. وَهُوَ مِهْمَارٌ، أَيْ كَثِيرِ الْكَلَامِ. وَهَمَرَ لَهُ مِنْ مَالِهِ، كَأَنَّهُ صَبَّهُ لَهُ صَبًّا.

(هَمَزَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالزَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَغْطٍ وَعَصْرٍ. وَهَمَزْتُ الشَّيْءَ فِي كَفِّي. وَمِنْهُ الْهَمْزُ فِي الْكَلَامِ، كَأَنَّهُ يَضْغَطُ الْحَرْفَ. وَيَقُولُونَ: هَمَزَ بِهِ

(6/65)


الْأَرْضَ. وَقَوْسٌ هَمْزَى: شَدِيدَةُ الدَّفْعِ لِلسَّهْمِ. وَالْهَمَّازُ: الْعَيَّابُ، وَكَذَا الْهُمَزَةُ. قَالَ:
تُدْلِي بِوُدِّيَ إِذْ لَاقَيْتَنِي كَذِبًا ... وَإِنْ أُغَيَّبْ فَأَنْتَ الْهَامِزُ اللُّمَزَهْ
وَهَمْزُ الشَّيْطَانِ كَالْمُوتَةِ تَغْلِبُ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ تَذْهَبُ بِهِ

(هَمَسَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالسِّينُ يَدُلُّ عَلَى خَفَاءِ صَوْتٍ وَحِسٍّ. مِنْهُ الْهَمْسُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَهَمْسُ الْأَقْدَامِ أَخْفَى مَا يَكُونُ مِنْ وَطْءِ الْقَدَمِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمُ الْهَمَّاسُ: الْأَسَدُ الشَّدِيدُ، فَمِنْ هَذَا عِنْدَنَا أَيْضًا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ هَمْسُهُ إِمَّا فِي وَطْئِهِ وَإِمَّا فِي عَضِّهِ. قَالَ:
عَادَتُهُ خَبْطٌ وَعَضٌّ هَمَّاسُ

(هَمَشَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالشِّينُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُرْعَةِ عَمَلٍ أَوْ كَلَامٍ. يَقُولُونَ: الْهَمِشُ: السَّرِيعُ الْعَمَلِ بِأَصَابِعِهِ. وَامْرَأَةٌ هَمَشَى الْحَدِيثِ، إِذَا تَسَرَّعَتْ فِيهِ. قَالَ:
أَيَّامُ زَيْنَبَ لَا خَفِيفٌ حِلْمُهَا ... هَمَشَى الْحَدِيثِ وَلَا رَوَادٌ سَلْفَعُ
وَالْهَمْشُ: حَلْبٌ بِسُرْعَةٍ. وَالْهَمْشُ: الصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ.

(6/66)


(هَمَطَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالطَّاءُ لَيْسَ بِأَصْلٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَمَطَ: خَلَطَ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالظُّلْمِ. وَأَهْمَطَ عِرْضَ فُلَانٍ: شَتَمَهُ.

(هَمَعَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْعَيْنُ. يَدُلُّ عَلَى سَيَلَانِ شَيْءٍ. وَهَمَعَتِ الْعَيْنُ: سَالَ دَمْعُهَا. وَتَهَمَّعَ الرَّجُلُ: تَبَاكَى. وَسَحَابٌ هَمِعٌ: مَاطِرٌ. وَيُقَالُ: الْهِمْيَعُ: الْمَوْتُ الْوَحِيُّ.

(هَمَقَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يَقُولُونَ: كَلَأٌ هَمِقٌ: هَشٌّ.

(هَمَكَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْكَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. انْهَمَكَ فِي الْأَمْرِ: جَدَّ وَلَجَّ.

(هَمَلَ) الْهَاءُ وَالْمِيمُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ. أَهْمَلْتُ الشَّيْءَ، إِذَا خَلَّيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. وَالْهَمَلُ: السُّدَى. وَالْهَمَلُ: الْمَالُ لَا مَانِعَ لَهُ. وَهَمَلَتِ الْعَيْنُ، مِثْلَ هَمَرَتْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْهَاءِ وَالنُّونِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(هَنَا) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ، فِيهِ كَلِمَاتٌ مُشْكِلَةٌ، وَأَشْيَاءُ لَيْسَ لَهَا قِيَاسٌ. يَقُولُونَ: هُنَا كَلِمَةُ تَقْرِيبٍ، وَهَاهُنَا تَبْعِيدٌ. فَأَمَّا قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

(6/67)


وَحَدِيثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنَا ... وَحَدِيثٌ مَا عَلَى قِصَرِهْ
فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ إِنَّهُ الْيَوْمُ الْمَاضِي، وَهُوَ عَلَى التَّقْرِيبِ، يَقُولُ: عَهْدِي بِهِمْ يَوْمَ هُنَا. وَيُقَالُ بَلْ هُوَ اللَّعِبُ. وَيُقَالُ هُنَا: مَوْضِعٌ.
وَهَنٌ: كَلِمَةُ كِنَايَةٍ، تَقُولُ: أَتَاهُ هَنٌ، وَفِي فُلَانٍ هَنَاتٌ، أَيْ خَصَلَاتُ شَرٍّ، وَلَا يُقَالُ فِي الْخَيْرِ.

(هَنَأَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْهَمْزَةُ: يَدُلُّ عَلَى إِصَابَةِ خَيْرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. فَالْهَنْءُ: الْعَطِيَّةُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ وَالِاسْمُ الْهِنْءُ. وَالْهَنِئُ: الْأَمْرُ يَأْتِيكَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. وَمَا كَانَ هَذَا الطَّعَامُ هَنِيئًا وَلَقَدْ هَنُؤَ. وَهَنِئَتِ الْمَاشِيَةُ: أَصَابَتْ حَظًّا مِنْ بَقْلٍ. وَإِبِلٌ هَنْأَى. وَأَمَّا الْهِنَاءُ فَضَرْبٌ مِنَ الْقَطِرَانِ. هَنَأْتُ الْبَعِيرَ، وَنَاقَةٌ مَهْنُوءَةٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ مَضَى هِنْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، أَيْ طَائِفَةٌ.

(هَنَبَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْبَاءُ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا هِنْبٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنَّ الْهَنَبَ: الْوَخَامَةُ وَالثِّقَلُ. يُقَالُ امْرَأَةٌ هَنْبَاءُ: بَلْهَاءُ. قَالَ:
مَجْنُونَةٌ هُنَّبَاءُ بِنْتُ مَجْنُونِ

(6/68)


(هَنَدَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالدَّالُ لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَفِيهِ أَسْمَاءٌ مَوْضُوعَةٌ وَضْعًا، فَهِنْدُ: اسْمُ امْرَأَةٍ. وَهُنَيْدَةٌ: مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةً يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ ... مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
وَيُقَالُ لِلْمِائَتَيْنِ هِنْدٌ. أَمَّا قَوْلُهُمْ: هَنَّدَتْ فُلَانَةُ قَلْبِي: ذَهَبَتْ بِهِ، وَهَنَّدَتْ فُلَانَةُ فُلَانًا: أَوْرَثَتْهُ عِشْقًا بِمُغَازَلَةٍ - فَكَلَامٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُمْ: التَّهْنِيدُ: شَحْذُ السَّيْفِ الْمُهَنَّدِ، إِنَّمَا هُوَ طَبْعٌ عَلَى سُيُوفِ الْهِنْدِ.

(هَنَعَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَطَامُنٍ فِي شَيْءٍ. فَالْهَنَعُ: تَطَامُنٌ فِي الْعُنُقِ. وَأَكَمَةٌ هَنْعَاءُ: قَصِيرَةٌ. وَظَلِيمٌ أَهْنَعُ: فِي عُنُقِهِ تَطَامُنٌ وَالْهَنْعَةُ: سِمَةٌ فِي مُنْخَفَضِ الْعُنُقِ. وَالْهَنْعَةُ: كَوْكَبٌ.

(هَنَفَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ: هِيَ الْمُهَانَفَةُ: الضَّحِكُ فَوْقَ التَّبَسُّمِ. قَالُوا: وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ تَهَانَفَ ; فَهُوَ نَعْتٌ فِي ضَحِكِ النِّسَاءِ خَاصَّةً، حَكَاهُ الْخَلِيلُ. وَيُقَالُ: بَلِ التَّهَانُفُ: ضَحِكُ الْمُسْتَهْزِئِ.

(هَنَقَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْقَافُ. حَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ: الْهَنَقُ شِبْهُ الضَّجَرِ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ. وَأَنْشَدَ:

(6/69)


أَهْنَقَنِي الْيَوْمَ وَفَوْقَ الْإِهْنَاقْ

(هَنَمَ) الْهَاءُ وَالنُّونُ وَالْمِيمُ. الصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّ الْهَيْنَمَةَ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. [قَالَ] :
وَلَا أَشْهَدُ الْهُجْرَ وَالْقَائِلِيهِ ... إِذَا هُمْ بِهَيْنَمَةٍ هَتْمَلُوا
وَمِمَّا قَدْ ذُكِرَ: الْهِنَّمَةُ: خَرَزَةٌ يُؤْخَذُ بِهَا.

(6/70)


[بَابُ مَا جَاءَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ أَوَّلُهُ هَاءٌ]
مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ (الْهِبْلَعُ) : الْأَكُولُ. وَهَذِهِ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: هَلَعٌ وَبَلْعٌ. فَالْهَلَعُ: الْحِرْصُ، وَالْبَلْعُ: بَلْعُ الْمَأْكُولِ.

وَمِنْهُ (الْهِدْلِقُ) : الْمُسْتَرْخِي، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ هَدِلَ، أَيِ اسْتَرْخَى وَاسْتَرْسَلَ ; وَدَلَقَ، إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ بِهِ.

وَمِنْهُ (الْهِبْرِقِيُّ) : الْحَدَّادُ أَوِ الصَّائِغُ، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مَنْ هَبَرَ وَبَرَقَ، كَأَنَّهُ يَهْبِرُ الْحَدِيدُ، أَيْ يَقْطَعُهُ وَيُصْلِحُهُ حَتَّى يَبْرُقَ.

وَمِنْهُ (الْهِلْقَامُ) : الضَّخْمُ الْوَاسِعُ الْبَطْنِ، وَهُوَ مِنْ هَقَمَ، مِنَ الْبَحْرِ الْهَيْقَمِ: الْوَاسِعِ، وَلَقْمٌ مِنْ لَقْمِ الشَّيْءِ.

وَمِنْهُ (الْهَزْرَقَةُ) : أَسْوَأُ الضَّحِكِ، وَهُوَ مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الرَّاءُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْ هَزِقَ إِذَا ضَحِكَ، وَقَدْ فُسِّرَ.

وَمِنْهُ (الْهَبْرَكَةُ) النَّاعِمَةُ، وَالْكَافُ زَائِدَةٌ مِنْ هَبْرِ اللَّحْمِ. يَقُولُ: لَحْمُهَا كَثِيرٌ.

وَمِنْهُ (الْهَمْرَجَةُ) : الِاخْتِلَاطُ، وَهُوَ مِنْ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ: هَمَجَ، وَهَرَجَ، وَمَرَجَ، قَدْ فُسِّرَتْ كُلُّهَا. وَهَمْرَجْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ هَمْرَجَةً، مِثْلُ خَلَّطْتُهُ.

وَمِنْهُ (الْهِلْبَاجَةُ) : الْأَحْمَقُ، وَاللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْهَبَجِ. وَقَدْ قُلْنَا: التَّهَبُّجُ: الِاخْتِلَاطُ وَالثِّقَلُ.

(6/71)


وَمِنْهُ (الْهِزْلَاجُ) : الذِّئْبُ الْخَفِيفُ وَزِيدَتْ فِيهِ الْهَاءُ، مِنْ زَلَجَ كَمَا يَزْلَجُ السَّهْمُ وَمِنَ الْأَزَلِّ أَيْضًا، وَهُوَ الْأَرْسَحُ الْخَفِيفُ الْمُؤَخَّرِ.

وَمِنْهُ عَجُوزٌ (هَمَّرِشٌ) مِنْ هَمَّ وَهَرَشَ، أَيْ هِمَّةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ، تَهَارُشٌ.
وَمِنْهُ (الْهِرْشَمُّ) : الْحَجَرُ الرَّخْوُ، وَالرَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، مِنَ الْهَشْمِ، كَأَنَّهُ يَنْهَشِمُ سَرِيعًا.

وَمِنْهُ (الْهِرْمَاسُ) : الْأَسَدُ، وَالْمِيمُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ هَرَسَ، كَأَنَّهُ يُحَطِّمُ مَا لَقِيَ.

وَمِنْهُ (الْهِزَبْرُ) : الْأَسَدُ، زِيدَتْ فِيهِ الْهَاءُ، مِنْ بَرَزَ أَيْ إِنَّهُ مُبَارِزٌ.

وَمِنْهُ (الْهَذْرَمَةُ) : سُرْعَةُ الْكَلَامِ مِنْ هَذَرَ وَهَذَمَ، وَقَدْ فُسِّرَا.

وَمِنْهُ (الْهَمَرْجَلُ) : الْفَرَسُ الْجَوَادُ، مَنْ هَمَرَ وَهَجَلَ، كَأَنَّهُ يَهْمِرُ فِي جَرْيِهِ وَيَهْجُلُ.

وَمِنْهُ (الْهِرْجَابُ) : الطَّوِيلُ، وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، مِنْ هَرَجَ. وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ هَذَا بِنَاءً يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ.

وَمِنْهُ (الْهِجْرِعُ) : الْخَفِيفُ الْأَحْمَقُ، مِنْ هَرِعَ وَهَجَعَ. وَالْهَرِعُ: الْمُتَسَرِّعُ. وَالْهُجَعُ: الْأَحْمَقُ.

وَمِنْهُ (الْهَجَنَّعُ) : الشَّيْخُ، وَالْجِيمُ زَائِدَةٌ، مِنَ الْهَنَعِ، وَهُوَ التَّطَامُنُ، كَأَنَّهُ خُلُقُهُ قَدْ تَطَامَنَ. وَيُوصَفُ بِهِ الظَّلِيمُ وَغَيْرُهُ.

وَمِنْهُ (الْهَطَّلِعُ) : الرَّجُلُ الطَّوِيلُ، زِيدَتْ فِيهِ الْهَاءُ، مِنْ طَلَعَ.

وَمِنْهُ (اهْرَمَّعَ) الْمَاءُ. سَالَ، مَنْ هَمَعَ وَهَرِعَ، وَكِلَاهُمَا سَالَ. وَكَذَا اهْرَمَّعَ الرَّجُلُ: أَسْرَعَ.

(6/72)


وَمِمَّا وُضِعَ وَضْعًا وَلَا نَعْلَمُ لَهُ قِيَاسًا:

(الْهَمَلَّعُ) : الَّذِي تَوَقَّعَ خُطَاهُ تَوْقِيعًا شَدِيدًا.

وَ (الْهَبَنْقَعُ) : الْأَحْمَقُ يَجْلِسُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ يَسْأَلُ. وَقَدْ قَعَدَ الْهَبَنْقَعَةَ.

وَ (هَبَنَّقَةٌ) : رَجُلٌ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ. وَالْهِبْنِيقُ: الْوَصِيفُ.

[وَ] (الْهِرْكَوْلَةُ) : الْمَرْأَةُ الْجَسِيمَةُ.

وَ (الْهِلَّكْسُ) الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَهُوَ الرَّجُلُ الدَّنِيُّ الْأَخْلَاقِ.

وَ (الْهِجْرِسُ) : وَلَدُ الثَّعْلَبِ.
وَ (الْهَيْجُمَانَةُ) : الذَّرَّةُ.
وَ (الْهِرْشَفَّةُ) : الْعَجُوزُ الْبَالِيَةُ، وَالدَّلْوُ الْخَلَقُ. وَ [لَيْسَ] لَهُ (هَلْبَسِيسٌ) ، أَيْ شَيْءٌ.

وَ (الْهِرْطَالُ) : الطَّوِيلُ.
وَ (الْهِرْدَبُّ) : الْجَبَانُ.
وَ (الْهِدَمْلَةُ) : رَمَلَةٌ.
وَ (هَرْثَمَةُ) الْأَسَدُ: أَنْفُهُ وَخَطْمُهُ. وَشَعْرُهُ (هَرَامِيلُ) ، إِذَا سَقَطَ.
وَ (الْهَنَابِثُ) : الْأُمُورُ الشَّدَائِدُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ.

(تَمَّ كِتَابُ الْهَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) .

(6/73)


[كِتَابُ الْوَاوِ] [بَابُ الْوَاوِ وَمَا مَعَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ]

بَابُ الْوَاوِ وَمَا مَعَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ
(وَجَّ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ لَيْسَ إِلَّا " وَجٌّ " بَلَدُ الطَّائِفِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «آخِرُ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِوَجٍّ» ، يُرِيدُ غَزَاةَ الطَّائِفِ.

(وَخَّ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ. يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ وَاضْطِرَابٍ. وَرَجُلٌ وَخْوَاخٌ مُخْتَلِطٌ ضَعِيفٌ. قَالَ:
لَمْ أَكُ فِي قَوْمِي امْرَأً وَخْوَاخَا

(وَدَّ) الْوَاوُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّةٍ. وَدِدْتُهُ: أَحْبَبْتُهُ. وَوَدِدْتُ أَنَّ ذَاكَ كَانَ، إِذَا تَمَنَّيْتَهُ، أَوَدُّ فِيهِمَا جَمِيعًا. وَفِي الْمَحَبَّةِ الْوُدُّ، وَفِي التَّمَنِّي الْوَدَادَةُ. وَهُوَ وَدِيدُ فُلَانٍ، أَيْ يُحِبُّهُ.

(6/75)


فَأَمَّا الْوَدُّ: [فَ] الْوَتِدُ. وَقَدْ ذُكِرَ.

(وَزَّ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ: حَرْفٌ [يَدُلُّ عَلَى] خِفَّةٍ وَسُرْعَةٍ. وَرَجُلٌ وَزْوَازٌ: خَفِيفٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَزْوَزَةُ: الْخِفَّةُ وَالسُّرْعَةُ.

(وَسَّ) الْوَاوُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ غَيْرِ رَفِيعٍ. يُقَالُ لِصَوْتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاسٌ. وَهَمْسُ الصَّائِدِ وَسْوَاسٌ. وَإِغْوَاءُ الشَّيْطَانِ ابْنَ آدَمَ وَسْوَاسٌ. قَالَ فِي الصَّائِدِ:
[فَبَاتَ] يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ وَيُسْهِرُهُ ... تَذَاؤُبُ الرِّيحِ وَالْوَسْوَاسُ وَالْهِضَبُ

(وَشَّ) الْوَاوُ وَالشِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْوَشْوَشَةُ: الِاخْتِلَاطُ، وَرَجُلٌ وَشْوَاشٌ.

(وَصَّ) الْوَاوُ وَالصَّادُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى نَظَرٍ مِنْ خَرْقٍ، أَوْ خَرْقٍ يُنْظَرُ مِنْهُ. الْوَصْوَاصُ: الْبُرْقُعُ. وَوَصْوَصَ الْجَرْوُ: فَتَّحَ عَيْنَيْهِ. وَوَصْوَصَ فُلَانٌ: نَظَرَ بِعَيْنَيْهِ يُصَغِّرُهُمَا. وَحِجَارَةٌ الْأَيَادِيمِ، أَيْ مُتُونِ الْأَرْضِ: وَصَاوِصُ عَلَى التَّشْبِيهِ، لِأَنَّهَا تَبْرُقُ كَالْعُيُونِ. قَالَ:
بِصُلَّبَاتٍ تَقِصُ الْوَصَاوِصَا

(6/76)


(وَطَّ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَطْوَاطُ: الْخُطَّافُ، وَبِهِ سُمِّي الْجَبَانُ وَطْوَاطًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَطْوَطَةُ: الضَّعْفُ.

(وَعَّ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ. يُقَالُ وَعْوَعَ الذِّئْبُ وَعَلَى التَّشْبِيهِ يُقَالُ لِلشَّهْمِ الظَّرِيفِ: وَعْوَعِيٌّ. وَكُلُّ صَوْتٍ مُخْتَلِطٍ: وَعْوَاعٌ. قَالَ:
فَيَظَلُّ مِنْهُ الْقَوْمُ فِي وَعْوَاعٍ

(وَلَّ) الْوَاوُ وَاللَّامُ. وَالْوَلْوَلَةُ: الْإِعْوَالُ وَأَصْوَاتُ النِّسَاءِ بِالْبُكَاءِ.

(وَهَّ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ. لَيْسَ فِيهِ إِلَّا وَهْوَهَ الْحِمَارُ حَوْلَ عَانَتِهِ شَفَقَةً عَلَيْهَا. قَالَ:
مُقْتَدِرُ الضَّيْعَةِ وَهْوَاهُ الشَّفَقْ

[بَابُ الْوَاوِ وَالْيَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَيَحَ) الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَالْحَاءُ. يُقَالُ وَيْحَ: كَلِمَةُ رَحْمَةٍ لِمَنْ تَنْزِلُ بِهِ بَلِيَّةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: لَمْ يُسْمَعْ عَلَى بِنَائِهِ إِلَّا وَيْحَ، وَوَيْسَ، وَوَيْهَ، وَوَيْلَ، وَوَيْبَ. وَهِيَ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى.

(6/77)


[بَابُ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَأَبَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالْبَاءُ: كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى تَقْعِيرِ شَيْءٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى غَضَبٍ.
فَالْأُولَى: الْحَافِرُ الْوَأْبُ: الْمُقَعَّبُ. وَالْوَأْبَةُ: نُقَيْرَةٌ فِي صَخْرَةٍ تُمْسِكُ الْمَاءَ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى أَوْأَبْتُ فُلَانًا: أَغْضَبْتُهُ. وَيُقَالُ إِنَّ الْإِبَةَ مِنْهُ.

(وَأَدَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِثْقَالِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. يُقَالُ لِلْإِبِلِ إِذَا مَشَتْ بِثَقَلِهَا: لَهَا وَئِيدٌ. قَالَ:
مَا لِلْجِمَالِ مَشْيُهَا وَئِيدَا
أَيْ مَشْيًا بِثِقَلٍ. وَالْمَوْءُودَةُ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهَا تُدْفَنُ حَيَّةً، فَهِيَ تُثْقَلُ بِالتُّرَابِ الَّذِي يَعْلُوهَا. وَأَدَهَا يَئِدُهَا وَأْدًا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ

(6/78)


(وَأَرَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالرَّاءُ. يَقُولُونَ: اسْتَوْأَرَتِ الْإِبِلُ: تَتَابَعَتْ. وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ إِلَى أَنَّ أَصْلَ الْبَابِ شِدَّةُ الْحَرِّ. قَالَ: وَوَئِرَ يَوْمُنَا: اشْتَدَّ حَرُّهُ وَأْرًا. [وَ] يَوْمٌ وَئِرٌ. قَالَ: وَمِنْهُ الْإِرَةُ: حُفْرَةٌ تَكُونُ لِمُسْتَوْقَدِ النَّارِ، وَوَأَرَ الْمَكَانَ: اتَّخَذَ حُفْرَةً لِلنَّارِ. قَالَ: وَالْوَأْرُ: شِدَّةُ الْفَزَعِ، كَأَنَّهُ فَزَعٌ يُحْرِقُ مِنْ شِدَّتِهِ. وَوَأَرْتُهُ أَئِرُهُ وَأْرًا: أَفْزَعْتُهُ. وَوُئِرَ زَيْدٌ: ذُعِرَ.

(وَأَصَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالصَّادُ. يَقُولُونَ: مَا أَدْرِي أَيُّ الْوَئِيصَةِ هُوَ، أَيْ أَيُّ النَّاسِ هُوَ. وَالْوَئِيصَةُ: الْجَمَاعَةُ

(وَأَقَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالْقَافُ. يَقُولُونَ: الْوَأْقُ: الصُّرَدُ. قَالَ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ وَكُنْتُ لَا ... أَغْدُو عَلَى وَأْقٍ وَحَاتِمْ

(وَأَلَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَجَمُّعٍ وَالْتِجَاءٍ. يُقَالُ اسْتَوْأَلَتِ الْإِبِلُ: اجْتَمَعَتْ. وَالْمَوْئِلُ: الْمَلْجَأُ مِنْ وَأَلَ إِلَيْهِ يَئِلُ. وَالْوَأْلَةُ: الْبَنَّةُ مِنَ الْبَعْرِ الْمُتَجَمِّعِ.

(6/79)


(وَأَمَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ. كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةٍ وَمُقَارَبَةٍ. يَقُولُونَ: الْوِئَامُ: الْمُوَافَقَةُ ; وَوَاءَمْتُهُ. وَمَثَلُهُمْ:
لَوْلَا الْوِئَامُ هَلَكَ الْأَنَامُ

(وَأَهَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ: كَلِمَةٌ يَقُولُونَ عِنْدَ اسْتِطَابَةِ الشَّيْءِ: وَاهًا لَهُ.

(وَأَيَ) الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ: الْأُولَى الْوَعْدُ، يُقَالُ وَأَيْتُهُ أَئِيهِ وَأْيًا، وَهُوَ صَادِقُ الْوَأْيِ.
وَالثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ أَوْ تَجَمُّعٍ وَعِظَمٍ. يُقَالُ حِمَارٌ وَأًى: قَوِيٌّ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. وَقِدْرٌ وَئِيَّةٌ: عَظِيمَةٌ. وَقَوْلُ أَوْسٍ:
وَحَطَّتْ كَمَا حَطَّتْ وَئِيَّةُ تَاجِرٍ ... وَهَى عَقْدُهَا فَارْفَضَّ مِنْهَا الطَّوَائِفُ
وَيُقَالُ الْوَئِيَّةُ: الْجُوَالِقُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(6/80)


[بَابُ الْوَاوِ وَالْبَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَبَخَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. وَبَّخَهُ: لَامَهُ، تَوْبِيخًا.

(وَبَدَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُوءِ حَالٍ. يُقَالُ: أَرْضٌ وَبِدَةٌ، إِذَا سَاءَتْ حَالُ أَهْلِهَا. وَيَقُولُونَ: الْوَبْدُ: نُقْرَةٌ فِي صَخْرَةٍ. وَرَجُلٌ مُسْتَوْبِدُ الْمَكَانِ: جَاهِلٌ بِهِ.

(وَبَرَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَاتٌ لَا تَنْقَاسُ، بَلْ هِيَ مُنْفَرِدَةٌ. فَالْوَبَرُ مَعْرُوفٌ. وَالْوَبْرُ: دَابَّةٌ. وَبَنَاتُ أَوْبَرَ: شِبْهُ الْكَمْءِ الصِّغَارِ. وَمَا بِالدَّارِ وَابِرٌ، أَيْ أَحَدٌ.
وَحَكَى بَعْضُهُمْ: وَبَّرَ فِي مَنْزِلِهِ تَوْبِيرًا: لَمْ يَبْرَحْهُ. وَوَبْرٌ: أَحَدُ أَيَّامِ الْعَجُوزِ.

(وَبَشَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالشِّينُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ. يُقَالُ: جَاءَ أَوْبَاشٌ مِنَ النَّاسِ، أَيْ أَخْلَاطٌ. وَأَوْبَشَتِ الْأَرْضُ: اخْتَلَطَ نَبَاتُهَا.

(وَبَصَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالصَّادُ: يَدُلُّ عَلَى ظُهُورِ شَيْءٍ فِي بَرِيقٍ. وَبَصَ يَبِصُ: بَرَقَ. وَقَدْ أَوْبَصْتُ نَارِي. وَوَبَّصَ الْجِرْوُ: فَتَحَ عَيْنَيْهِ. وَأَوْبَصَتِ الْأَرْضُ: ظَهَرَ نَبَاتُهَا، كَأَنَّهُ يَلْمَعُ.

(6/81)


وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا: إِنَّ فُلَانًا لَوَابِصَةُ سَمْعٍ، إِذَا كَانَ يَسْمَعُ الْكَلَامَ فَيَعْتَمِدُهُ وَيَظُنُّهُ.

(وَبَطَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالطَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ. يُقَالُ: وَبِطَ رَأْيُهُ: ضَعُفَ. وَالْوَابِطُ: الْجَبَانُ. وَوَبَطَنِي فُلَانٌ عَنْ حَاجَتِي: حَبَسَنِي.

(وَبَقَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالْقَافُ كَلِمَتَانِ. يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ حَالَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مَوْبِقٌ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: وَبَقَ: هَلَكَ. وَأَوْبَقَهُ اللَّهُ. وَيُقَالُ: الْمَوْبِقُ: الْمَوْعِدُ.

(وَبَلَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ فِي شَيْءٍ وَتَجَمُّعٍ. الْوَبْلُ وَالْوَابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ. وَيُقَالُ: وَبَلَتِ السَّمَاءُ: أَتَتْ بِوَابِلٍ. قَالَ:
إِنْ دَيَّمُوا جَادَ وَإِنْ جَادُوا وَبَلْ
وَوَبَلَةُ الشَّيْءِ: ثِقَلُهُ. وَمِنْهُ يُقَالُ شَيْءٌ وَبِيلٌ أَيْ وَخِيمٌ. وَاسْتَوْبَلْتُ الْبَلَدَ، إِذَا لَمْ يُوَافِقْكَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِبًّا. وَالْوَبِيلُ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ. وَالْوَبِيلُ: الرَّجُلُ الثَّقِيلُ فِي أَمْرٍ يَتَوَلَّاهُ لَا يُصْلِحُهُ. وَالْمَوْبِلُ: الْأَمْعَزُ الشَّدِيدُ. وَالْوَبِيلُ: خَشَبَةُ

(6/82)


الْقَصَّارِ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا الثِّيَابَ. وَالْوَبِيلُ: الْحُزْمَةُ مِنَ الْحَطَبِ. وَيُقَالُ: الْوَبِيلُ الْكَلَأُ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا. وَالْوَابِلَةُ: عَظْمُ مَفْصِلِ الرُّكْبَةِ.

(وَبَأَ) الْوَاوُ وَالْبَاءُ وَالْهَمْزَةُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. هِيَ الْوَبَاءُ. وَأَرْضٌ وَبِئَةٌ عَلَى فَعِلَةٍ وَقَدْ وَبِئَتْ، وَمَوْبُوءَةٌ وَقَدْ وُبِئَتْ. وَقَوْلُهُمْ: وَبَأْتُ إِلَيْهِ وَأَوْبَأْتُ، أَيْ أَشَرْتُ، مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ الْمِيمُ. وَقَدْ أَنْشَدُوا بِالْبَاءِ:
تَرَى النَّاسَ مَا سِرْنَا يَسِيرُونَ خَلْفَنَا ... وَإِنْ نَحْنُ أَوْبَأْنَا إِلَى النَّاسِ وَقَّفُوا

[بَابُ الْوَاوِ وَالتَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَتَحَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةٍ فِي شَيْءٍ. فَالْوَتْحُ وَالْوَتَحُ الْقَلِيلُ. يُقَالُ وَتَحَ الْعَطِيَّةَ. وَتَوَتَّحْتُ مِنَ الشَّرَابِ: شَرِبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا. وَأَوْتَحْتُ حَظَّهُ: أَقْلَلْتُهُ.

(وَتَدَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَتِدُ، يُقَالُ: وَتَدَهُ، وَتِدْ وَتِدَكَ. وَيُقَالُ وَتْدٌ أَيْضًا. وَوَتِدُ الْأُذُنِ: الَّذِي فِي بَاطِنِهَا كَأَنَّهُ وَتِدٌ.

(وَتَرَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ: بَابٌ لَمْ تَجِئْ كَلِمُهُ عَلَى قِيَاسٍ وَاحِدٍ، بَلْ هِيَ مُفْرَدَاتٌ لَا تَتَشَابَهُ. فَالْوَتِيرَةُ: غُرَّةُ الْفَرَسِ مُسْتَدِيرَةً. وَالْوَتِيرَةُ: شَيْءٌ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهِ

(6/83)


الطَّعْنُ. وَالْوَتِيرَةُ: الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ: هُوَ عَلَى وَتِيرَةٍ. وَالْوَتَرُ: الذَّحْلُ، يُقَالُ وَتَرْتُهُ أَتِرُهُ وَتْرًا. وَالْوِتْرُ وَالْوَتْرُ: الْفَرْدُ. وَوَتَرُ الْقَوْسِ مَعْرُوفٌ. يُقَالُ وَتَرْتُهَا وَأَوْتَرْتُهَا. وَالْوَتَرَةُ: طَرَفُ الْأَنْفِ.
أَمَّا الْمُوَاتَرَةُ فِي الْأَشْيَاءِ فَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَكُونُ مُوَاتَرَةً إِلَّا إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مُدَارَكَةٌ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مُوَاتِرَةٌ: تَضَعُ رُكْبَتَهَا، ثُمَّ تَمْكُثُ ثُمَّ تَضَعُ الْأُخْرَى.

(وَتَشَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالشِّينُ. الْوَتْشُ: الْقَلِيلُ الرُّذَالُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَتَغَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالْغَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِثْمٍ وَبَلِيَّةٍ. فَالْوَتَغُ: الْإِثْمُ. وَأَوْتَغَهُ: أَلْقَاهُ فِي بَلِيَّةٍ. وَوَتِغَ وَتَغًا: هَلَكَ. وَأَوْتَغَهُ: أَهْلَكَهُ.

(وَتَنَ) الْوَاوُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ثَبَاتٍ وَمُلَازَمَةٍ. وَاتَنَ الْأَمْرَ: لَازَمَهُ. وَمَاءٌ وَاتِنٌ: دَائِمٌ. وَمِنْهُ الْوَتِينُ: عِرْقٌ مُلَازِمٌ لِلْقَلْبِ يَسْقِيهِ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالثَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَثَجَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالْجِيمُ يَدُلُّ عَلَى اكْتِنَازٍ. وَوَثُجَ الْفَرَسُ وَثَاجَةً:

(6/84)


اكْتَنَزَ لَحْمُهُ، وَهُوَ وَثِيجٌ. وَاسْتَوْثَجَ نَبْتُ الْأَرْضِ: عَلِقَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَأَرْضٌ مُؤْتَثِجَةٌ: كَثِيرَةُ الْكَلَأِ.

(وَثَرَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى وَطَاءَةٍ فِي شَيْءٍ. وَفِرَاشٌ وَثْرٌ وَوَثِيرٌ: وَطِيٌّ. وَالْمَيَاثِرُ: ثِيَابٌ حُمْرٌ تَكُونُ فِي مَرَاكِبِ الْأَعَاجِمِ. وَقَوْلُهُمْ: وَثَرَ الْجَمَلُ النَّاقَةَ: ضَرَبَهَا، كَأَنَّهَا لَهُ فِرَاشٌ وَثِيرٌ.

(وَثَقَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالْقَافُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَقْدٍ وَإِحْكَامٍ. وَوَثَّقْتُ الشَّيْءَ: أَحْكَمْتُهُ. وَنَاقَةٌ مُوَثَّقَةُ الْخَلْقِ. وَالْمِيثَاقُ: الْعَهْدُ الْمُحْكَمُ. وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَدْ وَثِقْتُ بِهِ.

(وَثَلَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: الْوَثِيلُ: اللِّيفُ أَوِْ رِشَاءٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ.

(وَثَمَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى جَمْعٍ وَتَجَمُّعٍ. وَالْأَصْلُ الْوَثِيمَةُ: الْحَجَرُ. يَقُولُونَ: وَالَّذِي أَخْرَجَ النَّارَ مِنَ الْوَثِيمَةِ. ثُمَّ يُقَالُ لِلْحُزْمَةِ مِنَ الْحَشِيشِ وَثِيمَةٌ. يُقَالُ ثِمْ، أَيِ اجْمَعْ. وَالْوَثِيمُ: الْمُكْتَنِزُ لَحْمًا.

(وَثَنَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالنُّونُ. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَثَنُ وَاحِدُ الْأَوْثَانِ: حِجَارَةٌ كَانَتْ تُعْبَدُ. وَأَصْلُهَا قَوْلُهُمُ اسْتَوْثَنَ الشَّيْءُ: قَوِيَ. وَأَوْثَنَ فُلَانٌ الْحِمْلَ: كَثَّرَهُ. وَأَوْثَنْتُ لَهُ: أَعْطَيْتُهُ جَزِيلًا.

(6/85)


(وَثَأَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالْهَمْزَةُ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا وُثِئَتْ يَدُهُ، وَهِيَ مَوْثُوءَةٌ.

(وَثَبَ) الْوَاوُ وَالثَّاءُ وَالْبَاءُ يَدُلُّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ عَلَى الظَّفْرِ، إِلَّا فِي لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ حِمْيَرَ فَإِنَّهُ بِخِلَافِ هَذَا. وَوَثَبَ مِنْ مَكَانِهِ: طَفَرَ. وَفِي لُغَةِ حِمْيَرَ يَقُولُونَ لِمَنْ قَعَدَ: قَدْ وَثَبَ. وَإِذَا أَمَرُوا بِالْقُعُودِ قَالُوا ثِبْ. وَيَقُولُونَ لِلْمَلِكِ إِذَا قَعَدَ وَلَمْ يَغْزُ: الْمَوْثَبَانُ. وَيَقُولُونَ: وَثَّبَهُ وِسَادَةً: أَلْقَاهَا لَهُ لِيَقْعُدَ عَلَيْهَا.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْجِيمِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَجَحَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْحَاءُ. كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَتْرِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ. وَكُلُّ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ وِجَاحٌ وَوَجَاحٌ. وَيُقَالُ الْوِجَاحُ: الشَّخْصُ، لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَسْتُرُ مَا وَرَاءَهُ. وَمِنْهُ: حَفَرْتُ حَتَّى أَوْجَحْتُ، أَيْ بَلَغْتُ الصَّفَا. وَالصَّفَا يَسْتُرُ مَا تَحْتَهُ وَيَمْنَعُهُ.

(وَجَدَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ، يَدُلُّ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الشَّيُّ يُلْفِيهِ. وَوَجَدْتُ الضَّالَّةَ وِجْدَانًا. [وَحَكَى بَعْضُهُمْ: وَجَدْتُ فِي الْغَضَبِ وِجْدَانًا] . وَأَنْشَدَ:

(6/86)


كِلَانَا رَدَّ صَاحِبَهُ بِيَأْسٍ ... عَلَى حَنَقٍ وَوِجْدَانٍ شَدِيدِ

(وَجَذَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالذَّالُ. كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ، هِيَ الْوَجْذُ، نُقْرَةٌ فِي الصَّخْرَةِ، وَالْجَمْعُ وِجَاذٌ. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ يُقَالُ، أَوْجَذَهُ عَلَى الْأَمْرِ، أَكْرَهَهُ.

(وَجَرَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى جِنْسٍ مِنَ السَّقْيِ. وَوَجَرْتُ الصَّبِيَّ الدَّوَاءَ وَأَوْجَرْتُهُ. وَيَسْتَعِيرُونَهُ فَيَقُولُونَ، أَوْجَرْتُهُ الرُّمْحَ، إِذَا طَعَنْتَهُ فِي صَدْرِهِ. وَالْوِجَارُ، سَرَبُ الضَّبُعِ، لِأَنَّهَا تَغِيبُ فِيهِ كَمَا يَغِيبُ الْمَشْرُوبُ فِي الْحَلْقِ.

(وَجَزَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالزَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ كَلَامٌ وَجْزٌ وَوَجِيزٌ. وَرُبَّمَا قَالُوا: تَوَجَّزْتُ الشَّيْءَ، مِثْلَ تَنَجَّزْتُ.

(وَجَسَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِحْسَاسٍ بِشَيْءٍ وَتَسَمُّعٍ لَهُ. تَوَجَّسَ الشَّيْءَ: أَحَسَّ بِهِ فَتَسَمَّعَ لَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: 67] . ثُمَّ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا تَوَجَّسَ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الْمُشْكِلِ: قَوْلُهُمْ: لَا أَفْعَلُهُ سَجِيسَ الْأَوْجَسِ: الدَّهْرُ. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ أَوْجَسَ، أَيْ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ.

(6/87)


(وَجَعَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَجَعُ: اسْمٌ يَجْمَعُ الْمَرَضَ كُلَّهُ. وَهُوَ يِيجَعُ وَيَاجَعُ، وَأَنْتَ تِيجَعُ مِنْ كَذَا. وَقَالَ رَائِدٌ مِنَ الرُّوَّادِ: " رَأَيْتُ كَلَأً تِيجَعُ لَهُ كَبِدُ الْمُصْرِمِ ". وَهُوَ وَجِعٌ وَقَوْمٌ وَجَاعَى. وَأَنَا أَوْجَعُ رَأْسِي، وَيُوجِعُنِي رَأْسِي. وَتَوَجَّعْتُ لَهُ: رَثَيْتُ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْوَجْعَاءَ: السَّهُ.

(وَجَمَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ: يَدُلُّ عَلَى سُكُوتٍ فِي اهْتِمَامٍ. وَوَجَمَ مِنَ الْأَمْرِ يَكْرَهُهُ: أَسْكَتَ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا لِي أَرَاكَ وَاجِمًا» . وَيَقُولُونَ: يَوْمٌ وَجِيمٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَمَصْدَرُهُ الْوَجْمُ وَالْوُجُومُ.

(وَجَنَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالنُّونُ يَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ فِي الشَّيْءِ. وَمِنْهُ الْوَجِينُ: الْعَارِضُ مِنَ الْأَرْضِ يَنْقَادُ، وَهُوَ صُلْبٌ، وَبِهِ سُمِّيَتِ النَّاقَةُ وَجْنَاءَ. وَقِيَاسُ وَجْنَةِ الْإِنْسَانِ مِنْهُ، لِأَنَّ فِيهَا صَلَابَةً وَشِدَّةً، وَالْجَمْعُ وَجَنَاتٌ. وَرُبَّمَا سَمَّوْا شَطَّ الْوَادِي وَجِينًا. وَوَجَنَ ثَوْبَهُ: ضَرَبَهُ بِالْمِيجَنَةِ، هِيَ الْخَشَبَةُ يُدَقُّ بِهَا.

(وَجَهَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْهَاءُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُقَابَلَةٍ لِشَيْءٍ. وَالْوَجْهُ مُسْتَقْبِلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ وَجْهُ الرَّجُلِ وَغَيْرُهُ. وَرُبَّمَا عُبِّرَ عَنِ الذَّاتِ بِالْوَجْهِ. [وَ] تَقُولُ: وَجْهِي إِلَيْكَ. قَالَ:

(6/88)


أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ ... رَبَّ الْعِبَادِ إِلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ
وَوَاجَهْتُ فُلَانًا: جَعَلْتُ وَجْهِيَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ
وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: هُوَ وَجِيهٌ بَيِّنٌ الْجَاهِ. وَالْجَاهُ مَقْلُوبٌ. وَالْوِجْهَةُ: كُلُّ مَوْضِعٍ اسْتَقْبَلْتَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ} [البقرة: 148] . وَوَجَّهْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ عَلَى جِهَةٍ. وَأَصْلُ جِهَتِهِ وِجْهَتُهُ. وَالتَّوْجِيهُ: أَنْ تَحْفِرَ تَحْتَ الْقِثَّاءَةِ أَوِ الْبِطِّيخَةِ ثُمَّ تُضْجِعَهَا. وَتَوَجَّهَ الشَّيْخُ: وَلَّى وَأَدْبَرَ، كَأَنَّهُ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْآخَرِ. وَيُقَالُ لِلْمُهْرِ إِذَا خَرَجَتْ يَدَاهُ مِنَ الرَّحِمِ: وَجِيهٌ.

(وَجَى) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: يَقُولُونَ: تَرَكْتُهُ وَمَا فِي قَلْبِي مِنْهُ أَوْجَى، أَيْ يَئِسْتُ مِنْهُ. وَيَقُولُونَ: سَأَلْتُهُ فَأَوْجَى عَلَيَّ، أَيْ بَخِلَ عَلَيَّ.

(وَجَبَ) الْوَاوُ وَالْجِيمُ وَالْبَاءُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ الشَّيْءِ وَوُقُوعِهِ، ثُمَّ يَتَفَرَّعُ. وَوَجَبَ الْبَيْعُ وُجُوبًا: حَقَّ وَوَقَعَ. وَوَجَبَ الْمَيِّتُ: سَقَطَ، وَالْقَتِيلُ وَاجِبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» ، أَيْ إِذَا مَاتَ. وَقَالَ اللَّهُ فِي النَّسَّائِكِ: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا. قَالَ قَيْسٌ:
أَطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَمِيرًا نَهَاهُمُ ... عَنِ السَّلْمِ حَتَّى كَانَ أَوَّلَ وَاجِبِ

(6/89)


وَجَبَ الْحَائِطُ: سَقَطَ، وَجْبَةً. وَالْوَجِيبَةُ: أَنْ تُوجِبَ الْبَيْعَ، فِي أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ بَعْضًا فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَإِذَا فَرَغَ قِيلَ: اسْتَوْفَى وَجِيبَتَهُ. وَيَقُولُونَ: الْوَجْبُ: الْجَبَانُ. قَالَ:
طَلُوبُ الْأَعَادِي لَا سَئُومٌ وَلَا وَجْبُ
سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالسَّاقِطِ. وَيَقُولُونَ الْمُوَجِّبُ: النَّاقَةُ لَا تَنْبَعِثُ مِنْ كَثْرَةِ لَحْمِهَا.
وَمِنَ الْبَابِ: الْمُوَجِّبُ مِنَ النُّوقِ: الَّتِي يَنْعَقِدُ اللِّبَأُ فِي ضَرْعِهَا.
وَأَمَّا وَجِيبُ الْقَلْبِ فَمِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ الْوَجِيفُ، وَقَدْ مَرَّ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْحَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَحَدَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ. مِنْ ذَلِكَ الْوَحْدَةِ. وَهُوَ وَاحِدُ قَبِيلَتِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِثْلُهُ، قَالَ:
يَا وَاحِدَ الْعُرْبِ الَّذِي ... مَا فِي الْأَنَامِ لَهُ نَظِيرُ
وَلَقِيتُ الْقَوْمَ مَوْحَدَ مَوْحَدَ. وَلَقِيتُهُ وَحْدَهُ. وَلَا يُضَافُ إِلَّا فِي قَوْلِهِمْ: نَسِيجُ

(6/90)


وَحْدِهِ، وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ، وَجُحَيْشُ وَحْدِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ، أَيْ لَا يُنْسَجُ غَيْرُهُ لِنَفَاسَتِهِ، وَهُوَ مَثَلٌ. وَالْوَاحِدُ: الْمُنْفَرِدُ. وَقَوْلُ عُبَيْدٍ:
وَاللَّهِ لَوْ مِتُّ مَا ضَرَّنِي ... وَمَا أَنَا إِنْ عِشْتُ فِي وَاحِدَهْ
يُرِيدُ: مَا أَنَا إِنْ عِشْتُ فِي خَلَّةٍ وَاحِدَةٍ تَدُومُ، لِأَنَّهُ لَا بُدَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنِ انْقِضَاءٍ.

(وَحَرَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَحَرَةُ: دُوَيْبَةٌ شِبْهُ الْعَظَايَةِ إِذَا دَبَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَحِرَ، ثُمَّ شُبِّهَ الْغِلُّ فِي الصَّدْرِ بِهَا، فَيُقَالُ وَحِرَ صَدْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «يَذْهَبُ وَحَرُ صَدْرِهِ» .

(وَحَشَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالشِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْإِنْسِ. تَوَحَّشَ: فَارَقَ الْأَنِيسَ. وَالْوَحْشُ: خِلَافُ الْإِنْسِ. وَأَرْضٌ مُوحِشَةٌ، مِنَ الْوَحْشِ. وَوَحْشِيُّ الْقَوْسِ: ظَهْرُهَا ; وَإِنْسِيُّهَا: مَا أَقْبَلَ عَلَيْكَ. وَوَحْشِيُّ الدَّابَّةِ فِي قَوْلِ الْأَصْمَعِيِّ: الْجَانِبُ الَّذِي يَرْكَبُ مِنْهُ الرَّاكِبُ وَيَحْتَلِبُ الْحَالِبَ. قَالَ: وَإِنَّمَا قَالُوا:
فَجَالَ عَلَى وَحَشِيِّهِ
وَ:
انْصَاعَ جَانِبُهُ الْوَحْشِيُّ

(6/91)


لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَى فِي الرُّكُوبِ وَالْحَلَبِ وَالْمُعَالَجَةِ إِلَّا مِنْهُ، فَإِنَّمَا خَوْفُهُ مِنْهُ، وَالْإِنْسِيُّ: الْجَانِبُ الْآخَرُ.
وَيَقُولُونَ: لَقِيتُ فُلَانًا بِوَحْشٍ إِصْمِتَ، أَيْ بِبَلَدٍ قَفْرٍ. وَيُقَالُ: وَحَشَ بِثَوْبِهِ رَمَى بِهِ. وَبَاتَ الْوَحْشَ، أَيْ جَائِعًا. كَأَنَّهُ كَانَ بِأَرْضٍ وَحْشٍ لَا يَجِدُ مَا يَأْكُلُهُ.

(وَحَفَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَوَادٍ فِي شَيْءٍ. وَشَعْرٌ وَحْفٌ: أَسْوَدُ لَيِّنٌ. وَالْوَحْفَاءُ: أَرْضٌ فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ. وَعُشْبٌ وَحْفٌ: كَثِيرٌ، وَإِذَا كَثُرَ تَبَيَّنَ أَسْوَدَ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْهُ كَلِمَتَانِ: الْمُوَحَّفُ، يَقُولُونَ: الْبَعِيرُ الْمَهْزُولُ. قَالَ:
لَمَّا رَأَيْتُ الشَّارِفَ الْمُوَحَّفَا
وَالْوَاحِفُ: الْغَرْبُ الَّذِي يَنْقَطِعُ مِنْهُ وَذَمَتَانِ وَيَتَعَلَّقُ بِوَذَمَتَيْنِ.

(وَحَلَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَحَلُ. وَاسْتَوْحَلَ الْمَكَانُ: صَارَ فِيهِ الْوَحَلُ. وَالْمَوْحِلُ: مَوْضِعُ الْوَحَلِ. وَوَحِلَتِ الدَّوَابُّ تَوْحَلُ: وَقَعَتْ فِي الْوَحَلِ.

(6/92)


(وَحَمَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَتَانِ. الْوَحَمُ وَالْوَِحَامُ. وَالْوَحَمُ: شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ لِلشَّيْءِ عَلَى الْحَبَلِ. وَامْرَأَةٌ وَحْمَى، وَقَدْ وَحَّمْنَاهَا. قَالَ:
أَيَّامَ لَيْلَى عَامَ لَيْلَى وَحَمِي
أَيْ شَهْوَتِي وَغَايَتِي وَطَلِبَتِي.
وَمِنْ هَذَا الِاشْتِقَاقِ: وَحَمْتُ وَحْمَهُ: كَأَنَّكَ اشْتَهَيْتَ مَا اشْتَهَاهُ.
وَأَمَّا الْوَِحَامُ فَيُقَالُ: الْأُنْثَى إِذَا حَمَلَتِ اسْتَعْصَتْ، فَيُقَالُ وَحِمَتْ.

(وَحَى) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِلْقَاءِ عِلْمٍ فِي إِخْفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى غَيْرِكَ. فَالْوَحْيُ: الْإِشَارَةُ. وَالْوَحْيُ: الْكِتَابُ وَالرِّسَالَةُ. وَكُلُّ مَا أَلْقَيْتَهُ إِلَى غَيْرِكَ حَتَّى عَلِمَهُ فَهُوَ وَحْيٌ كَيْفَ كَانَ. وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى وَوَحَى. قَالَ:
وَحَى لَهَا الْقَرَارَ فَاسْتَقَرَّتِ
وَكُلُّ مَا فِي بَابِ الْوَحْيِ فَرَاجِعٌ إِلَى هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَالْوَحِيُّ: السَّرِيعُ: وَالْوَحَى: الصَّوْتُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(6/93)


[بَابُ الْوَاوِ وَالْخَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَخَدَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ وَخَدَتِ النَّاقَةُ تَخِدُ وَخَدَانًا، وَهُوَ سَعَةُ الْخَطْوِ.

(وَخَزَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالزَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَخْزُ: الطَّعْنُ بِالرُّمْحِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ نَافِذًا.

(وَخَشَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالشِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ الْوَخْشُ: الدُّنَاةُ مِنَ الرِّجَالِ وَالْأَخْلَاطُ. وَيُقَالُ: أَوْخَشُوا الشَّيْءَ: خَلَطُوهُ. قَالَ:.
وَأَلْقَيْتُ سَهْمِي بَيْنَهُمْ حِينَ أَوْخَشُوا
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَخْشُ: الرَّدِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

(وَخَضَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالضَّادُ: كَلِمَةٌ، وَهِيَ الطَّعْنُ غَيْرُ جَائِفٍ. وَوَخَضَهُ بِالرُّمْحِ.

(وَخَطَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالطَّاءُ: كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا وَخَطَ الشَّيْبُ فِي رَأْسِهِ. وَالْأُخْرَى: الْوَخْطُ: الطَّعْنُ. وَوَخَطَهُ بِالسَّيْفِ: تَنَاوَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ. وَذَكَرُوا كَلِمَةً ثَالِثَةً، قَالُوا: مَرَّ يَخِطُ، وَهُوَ مَشْيٌ فَوْقَ الْعَنَقِ.

(6/94)


(وَخَفَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ، هِيَ الْوَخِيفُ. ضَرْبُكَ الْخِطْمِيَّ فِي الطَّسْتِ، تُوخِفُهُ لِيَخْتَلِطَ.

(وَخَمَ) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَخِمُ: الْوَبِيُّ مِنَ الشَّيْءِ. وَاسْتَوْخَمْتُ الْبِلَادَ، وَبِلَادٌ وَخِْمَةٌ وَوَخِيمَةٌ: لَا تُوَافِقُ سَاكِنَهَا. وَرَجُلٌ وَخِمٌ وَوَخِيمٌ: ثَقِيلٌ. وَالتُّخَمَةُ مِنْ هَذَا، وَالتَّاءُ فِي الْأَصْلِ وَاوٌ.

(وَخَى) الْوَاوُ وَالْخَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سَيْرٍ وَقَصْدٍ. يُقَالُ: وَخَتِ النَّاقَةُ تَخِي وَخْيًا. قَالَ:
يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيَافِ
وَهَذَا وَخْيُ فُلَانٍ، أَيْ سَمْتُهُ. وَمَا أَدْرِي أَيْنَ وَخَى، أَيْ تَوَجَّهَ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالدَّالِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَدَسَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ: كَلِمَتَانِ:
الْأُولَى الْوَدِيسُ: النَّبَاتُ، يُقَالُ أَوْدَسَتِ الْأَرْضُ: أَخْرَجَتْ نَبْتَهَا.
وَالْأُخْرَى: وَدَسَ الشَّيْءَ: خَبَّأَهُ. وَمَا أَدْرِي أَيْنَ وَدَسَ، أَيْ ذَهَبَ.

(وَدَصَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالصَّادُ. يَقُولُونَ: وَدَصَ إِلَيَّ بِكَلَامٍ: أَلْقَاهُ وَلَمْ يُتِمَّهُ.

(6/95)


(وَدَعَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْعَيْنُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى التَّرْكِ وَالتَّخْلِيَةِ. وَدَعَهُ: تَرَكَهُ، وَمِنْهُ دَعْ. وَيُنْشِدُ:
لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلِي مَا الَّذِي ... غَالَهُ فِي الْحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ
وَمِنْهُ وَدَّعْتُهُ تَوْدِيعًا. وَمِنْهُ الدَّعَةُ: الْخَفْضُ، كَأَنَّهُ أَمْرٌ يَتْرُكُ مَعَهُ مَا يُنْصِبُ. وَرَجُلٌ مُتَّدِعٌ: صَاحِبُ رَاحَةٍ، وَقَدْ نَالَ الشَّيْءَ وَادِعًا مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. وَالْوَدِيعُ: الرَّجُلُ السَّاكِنُ. وَالْمُوَادَعَةُ: الْمُصَالَحَةُ وَالْمُتَارَكَةُ. [وَ] وَدَّعْتُ الثَّوْبَ فِي صُوَانِهِ، وَالثَّوْبَ مِيدَعٌ.

(وَدَفَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْفَاءُ. يَقُولُونَ: الْوَدْفَةُ: الرَّوْضَةُ الْخَضْرَاءُ. وَوَدَفَ الشَّحْمُ: ذَابَ وَسَالَ.

(وَدَقَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِتْيَانٍ وَأَنَسَةٍ. يُقَالُ وَدَقْتُ بِهِ، إِذَا أَنِسْتُ بِهِ وَدْقًا. وَالْمَوْدِقُ: الْمَأْتَى وَالْمَكَانُ الَّذِي تَقِفُ فِيهِ آنِسًا. وَمَوْدِقُ الظَّبْيِ: الْمَكَانُ يَقِفُ فِيهِ إِذَا تَنَاوَلَ الشَّجَرَةَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تُعَفِّي بِذَيْلِ الْمِرْطِ إِذْ جِئْتُ مَوْدِقِي
وَمِنْهُ أَتَانٌ وَدِيقٌ، إِذَا أَرَادَتِ الْفَحْلَ، وَبِهَا وِدَاقٌ كَأَنَّهَا تَأْنَسُ إِلَيْهِ وَتَسْتَأْنِسُهُ. وَالْوَدْقُ: الْمَطَرُ، لِأَنَّهُ يَدِقُّ، أَيْ يَجِيءُ مِنَ السَّمَاءِ.

(6/96)


وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْوَدَقُ: نُقَطٌ حُمْرٌ تَخْرُجُ فِي الْعَيْنِ، الْوَاحِدَةُ وَدَقَةٌ.

(وَدَكَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْكَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَدَكُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ. وَيُقَالُ دَجَاجَةٌ وَدِيكَةٌ، أَيْ سَمِينَةٌ. وَرَجُلٌ وَادِكٌ: لَهُ وَدَكٌ.

(وَدَنَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالنُّونُ، فِيهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ غَيْرُ مُنْقَاسَةٍ: إِحْدَاهَا الْوَدْنُ، وَهُوَ حُسْنُ الْقِيَامِ عَلَى الْعَرُوسِ. يُقَالُ: أَخَذُوا فِي وِدَانِهِ.
وَالْأُخْرَى الْمُودَنُ وَالْمَوْدُونُ. قَالَ:
وَأُمُّكَ سَوْدَاءُ مَوْدُونَةٌ ... كَأَنَّ أَنَامِلَهَا الْحُنْظُبُ
وَالْكَلِمَةُ الثَّالِثَةُ وَدَنْتُ الشَّيْءَ: بَلَلْتُهُ، وَالْأَمْرُ مِنْهُ دِنْ. وَاتَّدَنَ: ابْتَلَّ.

(وَدَهَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْهَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. اسْتَوْدَهَتِ الْإِبِلُ وَاسْتَيْدَهَتْ، إِذَا اجْتَمَعَتْ وَانْسَاقَتْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَهَنِي عَنْ هَذَا، أَيْ صَدَّنِي عَنْهُ.

(وَدَى) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ غَيْرُ مُنْقَاسَةٍ: الْأُولَى وَدَى الْفَرَسُ لِيَضْرِبَ أَوْ يَبُولَ، إِذَا أَدْلَى. وَمِنْهُ الْوَدْيُ: مَاءٌ يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ كَالْمَذْيِ.

(6/97)


وَالثَّانِيَةُ: وَدَيْتُ الرَّجُلَ أَدِيهِ دِيَةً.
وَالثَّالِثَةُ: الْوَدِيُّ: صِغَارُ الْفُسْلَانِ.
وَإِذَا هُمِزَ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى وَصَارَ إِلَى بَابٍ مِنَ الْهَلَاكِ وَالضَّيَاعِ. يَقُولُونَ: الْمُوَدَّأَةُ: الْمَهْلَكَةُ، وَهِيَ عَلَى لَفْظِ الْمَفْعُولِ بِهِ. وَيَقُولُونَ: وَدَّأْتُ عَلَيْهِ الْأَرْضَ، إِذَا دَفَنْتُهُ. وَوَدَّأَ بِالْقَوْمِ، إِذَا أَرْدَاهُمْ.

(وَدَجَ) الْوَاوُ وَالدَّالُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ: الْوَدَجَانِ: عِرْقَانِ فِي الْأَخْدَعَيْنِ. ثُمَّ يُشَبَّهُ بِذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلْأَخَوَيْنِ: وَدَجَانِ. قَالَ:
فَقُبِّحْتُمَا مِنْ وَافِدَيْنِ اصْطُفِيتُمَا ... وَمِنْ وَدَجَيْ حَرْبٍ تَلَقَّحُ حَائِلِ
وَوَدَجْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَدَجَيْنِ، أَيِ اتَّفَقُوا كَاتِّفَاقِ الْوَدَجَيْنِ.

(وَذَرَ) الْوَاوُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْوَذَرَةُ، وَهِيَ الْفِدْرَةُ مِنَ اللَّحْمِ. وَالتَّوْذِيرُ: أَنْ يُشْرَطَ الْجُرْحُ فَيُقَالُ: وَذَّرْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِآخَرَ: " يَا ابْنَ شَامَّةِ الْوَذَرِ " فَحُدَّ، كَأَنَّهُ عَرَّضَ لَهَا بِأَعْضَاءِ الرِّجَالِ.
وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ: ذَرْذَا. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَمَاتَتِ الْعَرَبُ الْفِعْلَ مِنْ ذَرَّ فِي الْمَاضِي، فَلَا يَقُولُونَ وَذَرْتُهُ.

(6/98)


(وَذَفَ) الْوَاوُ وَالذَّالُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ التَّوَذُّفُ: التَّبَخْتُرُ. يُقَالُ: أَقْبَلَ يَتَوَذَّفُ.

(وَذَلَ) الْوَاوُ وَالذَّالُ وَاللَّامُ: كَلِمَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَشْهُورَةٌ قَدْ قِيلَتْ، الْوَذِيلَةُ، وَهِيَ الْمِرْآةُ. وَالْأُخْرَى: الْوَذَالَةُ: مَا يَقْطَعُ الْجَزَّارُ مِنَ اللَّحْمِ بِغَيْرِ قَسْمٍ، يُقَالُ: تَوَذَّلُوا مِنْهُ شَيْئًا.

(وَذَمَ) الْوَاوُ وَالذَّالُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. مِنْهُ قَوْلُهُمْ: وَذَّمْتُ الْكَلْبَ، إِذَا جَعَلْتُ لَهُ قِلَادَةً. وَالْوَذَمَةُ: الْحُزَّةُ مِنَ الْكَرِشِ الْمُعَلَّقَةُ، وَالْجَمْعُ وِذَامٌ. وَالْوَذَمُ: جَمْعُ وَذَمَةٍ، وَهِيَ سُيُورٌ تُشَدُّ بِعَرْقُوَةِ الدَّلْوِ. [وَ] وَذِمَتِ الدَّلْوُ: انْقَطَعَ وَذَمُهَا. أَمَّا وَذَائِمُ الْأَمْوَالِ فَهِيَ الَّتِي نُذِرَتْ فِيهَا النُّذُورُ. وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خَالِصِ الْمَالِ الَّذِي يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، بَلْ هِيَ مُعَلَّقَةٌ عَلَى الْمَالِ. وَيُقَالُ: بَلِ الْوَذِيمَةُ: الْهَدْيُ يُهْدَى لِلنُّسُكِ. وَقَوْلُهُمْ: وَذَّمَ فُلَانٌ عَلَى الْمِائَةِ: زَادَ، مِنْ هَذَا أَيْضًا، كَأَنَّ الزِّيَادَةَ مُعَلَّقَةٌ بِالْمِائَةِ.

(وَذَحَ) الْوَاوُ وَالذَّالُ وَالْحَاءُ كَلِمَةٌ. فَالْوَذَحُ: مَا تَعَلَّقَ بِأَصْوَافِ الْغَنَمِ مِنَ الْبَعَرِ، ثُمَّ يُقَالُ امْرَأَةٌ وَذَاحٌ: غَيْرُ عَفِيفَةٍ.

(6/99)


[بَابُ الْوَاوِ وَالرَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَرَسَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَرْسُ: نَبْتٌ. وَأَوْرَسَ الْمَكَانُ: أَنْبَتَهُ، وَهُوَ وَارِسٌ، وَهُوَ نَادِرٌ. وَمِلْحَفَةٌ وَرِيسٌ: صُبِغَتْ بِالْوَرْسِ.

(وَرَشَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالشِّينُ كَلِمَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْقِيَاسِ.
فَالْأُولَى قَوْلُهُمْ لِلدَّاخِلِ عَلَى الْقَوْمِ لِطَعَامِهِمْ وَلَمْ يُدْعَ: الْوَارِشُ.
وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُمْ لِلدَّابَّةِ الَّتِي تَفَلَّتُ فِي الْجَرْيِ وَصَاحِبُهَا يَكُفُّهَا: الْوَرِشَةُ.

(وَرَطَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالطَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ كَالْبَلِيَّةِ وَالْوُقُوعِ فِيمَا لَا مَخْلَصَ مِنْهُ. وَتَوَرَّطَ فِي الْبَلِيَّةِ. وَأَصْلُهُ الْوَرْطَةُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهِيَ الَّتِي لَا طَرِيقَ فِيهَا. قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْحَدِيثِ: " «لَا خِلَاطَ وَلَا وِرَاطَ» ". الْوِرَاطُ: الْخَدِيعَةُ فِي الْغَنَمِ، أَيْ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ.

(وَرَعَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الْكَفِّ وَالِانْقِبَاضِ. مِنْهُ الْوَرَعُ: الْعِفَّةُ، وَهِيَ الْكَفُّ عَمًّا لَا يَنْبَغِي ; وَرَجُلٌ وَرِعٌ. وَالْوَرَعُ: الرَّجُلُ الْجَبَانُ، وَوَرُعَ يَوْرُعُ وُرْعًا، إِذَا كَانَ جَبَانًا. وَوَرَّعْتُهُ: كَفَفْتُهُ، وَأَوْرَعْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «وَرِّعِ اللِّصَّ وَلَا تُرَاعِهِ» ، أَيْ بَادِرْ إِلَى كَفِّهِ

(6/100)


وَقَدْعِهِ وَلَا تَنْتَظِرْهُ. وَوَرَّعْتُ الْإِبِلَ عَنِ الْمَاءِ: رَدَدْتُهَا. وَالْوَرِيعَةُ: اسْمُ فَرَسٍ فِي قَوْلِهِ:
وَرُدَّ خَلِيلَنَا بِعَطَاءِ صِدْقٍ ... وَأَعْقِبْهُ الْوَرِيعَةَ مِنْ نِصَابِ

(وَرَفَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِقَّةٍ وَنَضْرَةٍ. وَنَبَاتٌ وَارِفٌ. وَرَفَ وَرِيفًا، إِذَا رَأَيْتَ لَهُ مِنْ رِيِّهِ بَهْجَةً. وَظِلٌّ وَارِفٌ: مَمْدُودٌ. وَمَا رَقَّ مِنْ نَوَاحِي الْكَبِدِ: الْوَرْفُ. وَيُقَالُ إِنَّ الرُّفَةَ: التِّبْنُ. وَأَظُنُّ أَنَّ النَّاقِصَ مِنْ أَوَّلِهَا وَاوٌ.

(وَرَقَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْقَافُ: أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى خَيْرٍ وَمَالٍ، وَأَصْلُهُ وَرَقُ الشَّجَرِ، وَالْآخَرُ عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ.
فَالْأَوَّلُ الْوَرَقُ وَرَقُ الشَّجَرِ. وَالْوَرَقُ: الْمَالُ، مِنْ قِيَاسِ وَرَقِ الشَّجَرِ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ إِذَا تَحَاتَّ وَرَقُهَا انْجَرَدَتْ كَالرَّجُلِ الْفَقِيرِ. قَالَ:

(6/101)


إِلَيْكَ أَدْعُو فَتَقَبَّلْ مَلَقِي ... وَاغْفِرْ خَطَايَايَ وَثَمِّرْ وَرَقِي
وَالرِّقَةُ مِنَ الدَّرَاهِمِ، وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ غَيْرَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْحَرَكَاتِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْوَارِقَةُ: الشَّجَرَةُ الْخَضْرَاءُ الْوَرَقِ الْحَسَنَةُ. قَالَ: فَأَمَّا الْوَرَاقُ فَخُضْرَةُ الْأَرْضِ مِنَ الْحَشِيشِ، وَلَيْسَ مِنَ الْوَرَقِ. قَالَ:
كَأَنَّ جِيَادَهُنَّ بِرَعْنِ زُمٍّ ... جَرَادٌ قَدْ أَطَاعَ لَهُ الْوَرَاقُ
وَوَرَقْتُ الشَّجَرَ: أَخَذْتُ وَرَقَهُ. وَقَوْلُهُمْ أَوْرَقَ الصَّائِدُ: لَمْ يَصِدْ، هُوَ مِنَ الْوَرَقِ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّائِدَ يُلْقِي حِبَالَتَهُ وَيَغِيبُ عَنْهَا وَيَأْتِيهَا بَعْدَ زَمَانٍ وَقَدْ أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ وَسَقَطَ الْوَرَقُ عَلَى الْحِبَالَةِ فَلَا يَهْتَدِي لَهَا، فَلِذَلِكَ يُقَالُ أَوْرَقَ، أَيْ صَادَفَ الْوَرَقَ قَدْ غَطَّى حِبَالَتَهُ. ثُمَّ كَثُرَ هَذَا حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ مَنْ طَلَبَ حَاجَةً وَلَمْ يُصِبْهَا: قَدْ أَوْرَقَ. وَالْوَرْقَةُ، بِسُكُونِ الرَّاءِ: أُبْنَةٌ فِي الْغُصْنِ خَفِيَّةٌ. فَأَمَّا الْوَرَقَةُ الَّتِي هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الدَّمِ فَجَمْعُهَا وَرَقٌ، هِيَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْوَرَقِ الَّذِي يَتَسَاقَطُ. وَالْوَرَقُ: الرِّجَالُ الضُّعَفَاءُ، شُبِّهُوا فِي ضَعْفِهِمْ بِوَرَقِ الشَّجَرِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: الْوُرْقَةُ: لَوْنٌ يُشْبِهُ لَوْنَ الرَّمَادِ. وَبَعِيرٌ أَوْرَقُ وَحَمَامَةٌ وَرْقَاءُ، سُمِّيَتْ لِلَوْنِهَا، وَالرَّجُلُ كَذَلِكَ أَوْرَقَ. وَيَقُولُونَ: عَامٌ أَوْرَقُ، إِذَا كَانَ جَدْبًا، كَأَنَّ لَوْنَ الْأَرْضِ لَوْنُ الرَّمَادِ. وَسُمِّيَ عَامُ الرَّمَادَةِ لِهَذَا.

(6/102)


(وَرَكَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْكَافُ. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَرِكُ: مَا فَوْقَ الْفَخِذِ مِنْ مُؤَخَّرِ الْإِنْسَانِ. وَجَلَسَ مُتَوَرِّكًا: أَلْصَقَ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ. وَتَوَرَّكَ عَلَى الدَّابَّةِ، فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَهَذِهِ نَعْلٌ مَوْرِكَةٌ، إِذَا كَانَتْ مِنَ الْوَرِكِ. وَالْوِرَاكُ: ثَوْبٌ يُنْسَجُ وَحْدَهُ يُزَيَّنُ بِهِ وَيُحَفُّ بِهِ الرَّحْلُ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَنْ يُوضَعَ عَلَيْهِ الْوَرِكُ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يَسْجُدَ الرَّجُلُ مُتَوَرِّكًا،» فَيُقَالُ هُوَ أَنْ يَرْفَعَ وَرِكَهُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُفْحِشَ. وَيُقَالُ هُوَ أَنْ يُلْصِقَ وِرِكَهُ بِعَقِبَيْهِ فِي السُّجُودِ وَالْوَرْكُ فِي قَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
بِهَا مَحِصٌ غَيْرُ جَافِي الْقُوَى ... إِذَا مُطْيَ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدَالِ
فَإِنَّهُ وَتَرٌ فُتِلَ مِنَ الْوَرِكِ.

(وَرَلَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَاللَّامُ: لَيْسَ إِلَّا وَرَلَ، وَهُوَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ.

(وَرَمَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَرَمُ، أَنْ يَنْفِرَ اللَّحْمُ. يُقَالُ وَرِمَ يَرِمُ. وَعَلَى مَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ: وَرِمَ أَنْفُهُ: غَضِبَ.

(وَرَهَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْهَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابٍ وَخُرْقٍ.

(6/103)


فَالْوَرْهَاءُ: الْمَرْأَةُ الْحَمْقَاءُ. وَالْوَرَهُ: الْخُرْقُ: وَرِيحٌ وَرْهَاءُ. فِي هُبُوبِهَا خُرْقٌ وَعَجْرَفَةٌ. وَسَحَابٌ وَرِهٌ: لَا يُمْسِكُ مَاءَهُ. وَيَقُولُونَ الْوَرِهُ: اللَّحْمُ الرَّخْصُ. فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِاضْطِرَابِهِ.

(وَرَى) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: بِنَاءٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَكَلِمُهُ أَفْرَادٌ. فَالْوَرْيُ: دَاءٌ يُدَاخِلُ الْجِسْمَ. يُقَالُ وَرِيَ جِلْدُهُ يَرِي وَرْيًا، وَوَرَّاهُ غَيْرُهُ يَرِيَهُ وَرْيًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» . قَالَ عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ:
وَرَاهُنَّ رَبِّي مِثْلَ مَا قَدْ وَرَيْنَنِي ... وَأَحْمَى عَلَى أَكْبَادِهِنَّ الْمَكَاوِيَا
وَيُقَالُ وَرَى الزَّنْدُ يَرِي وَرْيًا، وَوَرَاهُ، خَرَجَتْ نَارُهُ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ وَرِيَ يَرِي، مِثْلَ وَلِيَ يَلِي. وَاللَّحْمُ الْوَارِي: السَّمِينُ. وَالْوَرَى: الْخَلْقُ. وَمَا أَدْرِي أَيُّ الْوَرَى هُوَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَرَاءَكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ خَلْفٍ، وَيَكُونُ مِنْ قُدَّامٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:.
{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] أَيْ أَمَامَهُمْ. وَيُقَالُ الْوَرَاءُ: وَلَدُ الْوَلَدِ، أَرَادُوا بِذَلِكَ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] .

(وَرَبَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ: كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْوَرِبُ وَهُوَ الْفِتْرُ. وَالثَّانِيَةُ الْوَرَبُ: الْفَسَادُ، يُقَالُ عِرْقٌ وَرِبٌ، أَيْ فَاسِدٌ.

(6/104)


(وَرَثَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوِرْثُ. وَالْمِيرَاثُ أَصْلُهُ الْوَاوُ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ لِقَوْمٍ ثُمَّ يَصِيرَ إِلَى آخَرِينَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ. قَالَ:
وَرِثْنَاهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقَ ... وَنُورِثُهَا إِذَا مِتْنَا بَنِينَا

(وَرَخَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالْخَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ: وَرِخَ الْعَجِينُ وَرَخًا: اسْتَرْخَى. وَأَوْرَخْتُهُ أَنَا إِيرَاخًا ; وَالِاسْمُ الْوَرِيخَةُ. وَأَمَّا تَوْرِيخُ الْكِتَابِ وَتَأْرِيخُهُ فَمَا نَحْسَبُهَا عَرَبِيَّةً.

(وَرَدَ) الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالدَّالُ: أَصْلَانِ، أَحَدُهُمَا الْمُوَافَاةُ إِلَى الشَّيْءِ، وَالثَّانِي لَوْنٌ مِنَ الْأَلْوَانِ.
فَالْأَوَّلُ الْوِرْدُ: خِلَافُ الصَّدَرِ. وَيُقَالُ: وَرَدَتِ الْإِبِلُ الْمَاءَ تَرِدُهُ وِرْدًا. وَالْوِرْدُ: وِرْدُ الْحُمَّى إِذَا أَخَذَتْ صَاحِبَهَا لِوَقْتٍ. وَالْمَوَارِدُ: الطُّرُقُ، وَكَذَلِكَ الْمِيَاهُ الْمَوْرُودَةُ وَالْقُرَى، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ جَرِيرٌ:
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِرَاطٍ ... إِذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيمِ
وَالْوَرِيدَانِ: عِرْقَانِ مُكْتَنِفَا صَفْقَيِ الْعُنُقِ مِمَّا يَلِي مُقَدَّمَهُ غَلِيظَانِ. وَيُسَمَّيَانِ مِنَ الْوُرُودِ أَيْضًا، كَأَنَّهُمَا تُوَافِيَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْوَرْدُ ; يُقَالُ فَرَسٌ وَرْدٌ، وَأَسَدٌ وَرْدٌ، إِذَا كَانَ لَوْنُهُ لَوْنَ الْوَرْدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(6/105)


[بَابُ الْوَاوِ وَالزَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَزَعَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْعَيْنُ: بِنَاءٌ مَوْضُوعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَوَزَعْتُهُ عَنِ الْأَمْرِ: كَفَفْتُهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17] ، أَيْ يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ. وَجَمْعُ الْوَازِعِ وَزَعَةٌ. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: " مَا يَزَعُ السُّلْطَانُ أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ الْقُرْآنُ "، أَيْ إِنَّ النَّاسَ لِلسُّلْطَانِ أَخْوَفُ.
وَبِنَاءٌ آخَرُ، يُقَالُ: أَوْزَعَ اللَّهُ فُلَانًا الشُّكْرَ: أَلْهَمَهُ إِيَّاهُ. وَيُقَالُ هُوَ مَنْ أُوزِعَ بِالشَّيْءِ، إِذَا أُولِعَ بِهِ، كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُولِعُهُ بِشُكْرِهِ. وَبِهَا أَوْزَاعٌ مِنَ النَّاسِ، أَيْ جَمَاعَاتٌ.

(وَزَغَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْغَيْنُ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْوَزَغَةُ: الْعَظَايَةُ. وَيُقَالُ لِلرِّجَالِ الضِّعَافِ أَوْزَاغٌ.

(وَزَفَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْفَاءُ يُقَالُ وَزَفَ الرَّجُلُ: أَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ. وَقُرِئَتْ: " فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُونَ " مُخَفَّفَةً.

(وَزَمَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْمِيمُ: بِنَاءٌ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَفِيهِ كَلِمَاتٌ مُنْفَرِدَةٌ. فَالْوَزْمَةُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْوَجْبَةِ. يُقَالُ: وَزَمُوا وَزْمَةَ

(6/106)


شِتَائِهِمْ: امْتَارُوا لَهُ كِفَايَتَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ. وَالْوَزْمَةُ وَالْوَزِيمُ: حُزْمَةٌ مِنْ بَقْلٍ. وَالْوَزِيمُ: اللَّحْمُ يُجَفَّفُ. وَالْوَزْمَةُ مِنَ الضِّبَابِ: أَنْ يُطْبَخَ لَحْمُهَا ثُمَّ يُيَبَّسُ. وَالْمُتَوَزِّمُ: الشَّدِيدُ الْوَطْءِ.

(وَزَنَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالنُّونُ: بِنَاءٌ يَدُلُّ عَلَى تَعْدِيلٍ وَاسْتِقَامَةٍ: وَوَزَنْتُ الشَّيْءَ وَزْنًا. وَالزِّنَةُ قَدْرُ وَزْنِ الشَّيْءِ ; وَالْأَصْلُ وَزْنَةٌ. وَيُقَالُ: قَامَ مِيزَانُ النَّهَارِ، إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ. وَهَذَا يُوَازِنُ ذَلِكَ، أَيْ هُوَ مُحَاذِيهِ. وَوَزِينُ الرَّأْيِ: مُعْتَدِلُهُ. وَهُوَ رَاجِحُ الْوَزْنِ، إِذَا نَسَبُوهُ إِلَى رَجَاحَةِ الرَّأْيِ وَشِدَّةِ الْعَقْلِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ ذُكِرَ عَنِ الْخَلِيلِ: أَنَّ الْوَزِينَ: الْحَنْظَلُ الْمَعْجُونُ كَانَ يُتَّخَذُ طَعَامًا. وَيُقَالُ الْوَزْنُ: الْفِدْرَةُ مِنَ التَّمْرِ.

(وَزَاَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَوِ الْمَهْمُوزُ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى تَجَمُّعٍ فِي شَيْءٍ وَاكْتِنَازٍ. يُقَالُ لِلْحِمَارِ الْمُجْتَمِعِ الْخَلْقِ: وَزًى، وَلِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ وَزًى. وَهَذَا غَيْرُ مَهْمُوزٍ.
وَأَمَّا الْمَهْمُوزُ فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَزَّأْتُ الْوِعَاءَ تَوْزِيئًا وَتَوْزِئَةً، إِذَا أَجَدْتَ كَنْزَهُ.

(6/107)


(وَزَرَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: أَحَدُهُمَا الْمَلْجَأُ، وَالْآخَرُ الثِّقَلُ فِي الشَّيْءِ.
الْأَوَّلُ الْوَزَرُ: الْمَلْجَأُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 11] . وَحَكَى الشَّيْبَانِيُّ: أَوْزَرَ فُلَانٌ الشَّيْءَ: أَحْرَزَهُ. [وَ] الْوِزْرُ: حِمْلُ الرَّجُلِ إِذَا بَسَطَ ثَوْبَهُ فَجَعَلَ فِيهِ الْمَتَاعَ وَحَمَلَهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الذَّنْبُ وِزْرًا. وَكَذَا الْوِزْرُ: السِّلَاحُ، وَالْجَمْعُ أَوْزَارٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا ... رِمَاحًا طِوَالًا وَخَيْلًا ذُكُورًا
وَالْوَزِيرُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الثِّقَلَ عَنْ صَاحِبِهِ.
وَحَكَى نَاسٌ - لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا - أَوَزَرْتُ مَالَهُ: ذَهَبْتُ بِهِ. وَوَزَرْتُهُ: غَلَبْتُهُ. قَالَ:
قَدْ وَزَرَتْ جِلَّتَهَا أَمْهَارُهَا

[بَابُ الْوَاوِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَسَطَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالطَّاءُ: بِنَاءٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الْعَدْلِ وَالنِّصْفِ. وَأَعْدَلُ الشَّيْءِ: أَوْسَطُهُ وَوَسَطُهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] . وَيَقُولُونَ: ضَرَبْتُ وَسَطَ رَأْسِهِ بِفَتْحِ السِّينِ، وَوَسْطَ الْقَوْمِ بِسُكُونِهَا. وَهُوَ أَوْسَطُهُمْ حَسَبًا، إِذَا كَانَ فِي وَاسِطَةِ قَوْمِهِ وَأَرْفَعِهِمْ مَحَلًّا. وَالْوَسُوطُ: بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الشَّعَرِ أَكْبَرُ مِنَ الْمِظَلَّةِ. وَيُقَالُ الْوَسُوطُ مِنَ النُّوقِ كَالصَّفُوفِ تَمْلَأُ الْإِنَاءَ.

(6/108)


(وَسَعَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الضِّيقِ وَالْعُسْرِ. يُقَالُ وَسُعَ الشَّيْءُ وَاتَّسَعَ. وَالْوُسْعُ: الْغِنَى. وَاللَّهُ الْوَاسِعُ أَيِ الْغَنِيُّ. وَالْوُسْعُ: الْجِدَةُ وَالطَّاقَةُ. وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ. وَقَالَ تَعَالَى فِي السَّعَةِ: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] . وَأَوْسَعَ الرَّجُلُ: كَانَ ذَا سَعَةٍ. وَالْفَرَسُ الذَّرِيعُ الْخَطْوِ: وَسَاعٌ.

(وَسَفَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ تَوَسَّفَتِ الْإِبِلُ: أَخْصَبَتْ وَسَمِنَتْ وَسَقَطَ وَبَرُهَا الْأَوَّلُ وَنَبَتَ الْجَدِيدُ.

(وَسَقَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حَمْلِ الشَّيْءِ. وَوَسَقَتِ الْعَيْنُ الْمَاءَ: حَمَلَتْهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17] ، أَيْ جَمَعَ وَحَمَلَ. وَقَالَ فِي حَمْلِ الْمَاءِ:
وَإِنِّي وَإِيَّاهُمْ وَشَوْقًا إِلَيْهِمُ ... كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُهْ
وَمِنْهُ الْوَسْقُ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا. وَأَوْسَقْتُ الْبَعِيرَ: حَمَّلْتُهُ حِمْلَهُ. قَالَ:
وَأَيْنَ وَسْقُ النَّاقَةِ الْمُطَّبَعَهْ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْهُ طَائِرٌ مِيسَاقٌ، وَهُوَ مَا يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طَارَ. وَقَدْ يُهْمَزُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

(6/109)


(وَسَلَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَاللَّامُ: كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ جِدَّا.
الْأُولَى الرَّغْبَةُ وَالطَّلَبُ. يُقَالُ وَسَلَ، إِذَا رَغِبَ. وَ [الْوَاسِلُ: الرَّاغِبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ فِي] قَوْلِ لَبِيَدٍ:
بَلَى كُلُّ ذِي دِينٍ إِلَى اللَّهِ وَاسِلُ.
وَمِنْ ذَلِكَ الْقِيَاسِ الْوَسِيلَةُ.
وَالْأُخْرَى السَّرِقَةُ: يُقَالُ: أَخَذَ إِبِلَهُ تَوَسُّلًا.

(وَسَمَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى أَثَرٍ وَمَعْلَمٍ. وَوَسَمْتُ الشَّيْءَ وَسْمًا: أَثَّرْتُ فِيهِ بِسِمَةٍ. وَالْوَسْمِيُّ: أَوَّلُ الْمَطَرِ، لِأَنَّهُ يَسِمُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: تَوَسَّمَ: طَلَبَ الْكَلَأَ الْوَسْمِيَّ. قَالَ:
وَأَصْبَحْنَ كَالدَّوْمِ النَّوَاعِمِ غُدْوَةً ... عَلَى وِجْهَةٍ مِنْ ظَاعِنٍ مُتَوَسِّمِ
وَسُمِّيَ مَوْسِمُ الْحَاجِّ مَوْسِمًا لِأَنَّهُ مَعْلَمٌ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ. وَفُلَانٌ مَوْسُومٌ بِالْخَيْرِ، وَفُلَانَةُ ذَاتُ مِيسَمٍ، إِذَا كَانَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْجَمَالِ. وَالْوَسَامَةُ: الْجَمَالُ. وَقَوْلُهُ:
حِيَاضُ عِرَاكٍ هَدَّمَتْهَا الْمَوَاسِمُ.
فَيُقَالُ أَرَادَ أَهْلَ الْمَوَاسِمِ، وَيُقَالُ أَرَادَ إِبِلًا مَوْسُومَةً. وَوَسَّمَ النَّاسُ: شَهِدُوا

(6/110)


الْمَوْسِمَ، كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] : النَّاظِرِينَ فِي السِّمَةِ الدَّالَّةِ.

(وَسَنَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالنُّونُ: كَلِمَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ. الْوَسَنُ: النُّعَاسُ، وَكَذَا السِّنَةُ. وَرَجُلٌ وَسْنَانُ. وَتَوَسَّنَ الْفَحْلُ أُنْثَاهُ: أَتَاهَا نَائِمَةً.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى قَوْلُهُمْ: دَعْ هَذَا الْأَمْرَ فَلَا يَكُونَنَّ لَكَ وَسَنًا، أَيْ لَا تَطْلُبْهُ وَلَا يَكُونَنَّ مِنْ هَمِّكَ.

(وَسَبَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْبَاءُ. يَقُولُونَ: أَوْسَبَتِ الْأَرْضُ: أَعْشَبَتْ. وَالنَّبَاتُ وِسْبٌ. وَكَبْشٌ مُوَسَّبٌ: كَثِيرُ الصُّوفِ. حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ.

(وَسَجَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ: الْوَسِيجُ، وَهُوَ السَّيْرُ الشَّدِيدُ.

(وَسَخَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْخَاءُ كَلِمَةٌ. الْوَسَخُ: الدَّرَنُ.

(وَسَدَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوِسَادَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَجَمْعُهَا وَسَائِدُ. وَتَوَسَّدْتُ يَدِيَ. وَالْوِسَادُ: مَا يَتَوَسَّدُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ مَنَامِهِ، وَالْجَمْعُ وُسُدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(6/111)


[بَابُ الْوَاوِ وَالشِّينِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَشَظَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالظَّاءُ: قِيَاسٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِلْصَاقُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْهُ. وَالْوَشِيظُ: عُظَيْمٌ يَكُونُ زِيَادَةً فِي الْعَظْمِ الصَّمِيمِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِمَنِ انْتَمَى إِلَى قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ: وَشِيظٌ. وَشَظْتُ الْفَأْسَ أَشِظُهَا: ضَيَّقْتُ خُرْتَهَا مِنْ عَيْرِ نِصَابِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَشَعَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْعَيْنُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى نَسْجِ شَيْءٍ أَوْ تَزْيِينِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. الْوَشِيعَةُ: خَشَبَةٌ يُلَفُّ بِهَا الْغَزْلُ مِنْ أَلْوَانٍ شَتَّى، كُلُّ لَفِيفَةٍ مِنْهُ وَشِيعَةٌ. وَيُقَالُ: أَوْشَعَتِ الْأَرْضُ: بَدَا زَهْرُهَا. وَالْوَشِيعُ: حَصِيرٌ يُتَّخَذُ مِنْ ثُمَامٍ. وَالتَّوْشِيعُ: رَقْمُ الثَّوْبِ. وَالْوَشَائِعُ: طَرَائِقُ الْغُبَارِ. وَوَشَّعَهُ الشَّيْبُ. وَمِمَّا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ وَشَعْتُ الْجَبَلَ: صَعِدْتُ.

(وَشَقَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَشِيقَةُ: لَحْمٌ يُقَدَّدُ. يُقَالُ وَشَقْتُ وَاتَّشَقْتُ. قَالَ:
إِذَا عَرَضَتْ مِنْهَا كَهَاةٌ سَمِينَةٌ ... فَلَا تُهْدِ مِنْهَا وَاتَّشِقْ وَتَجَبْجَبِ
وَوَاشِقٌ: اسْمُ كَلْبٍ.

(6/112)


(وَشَكَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْكَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ مِنَ السُّرْعَةِ. وَأَوْشَكَ فُلَانٌ خُرُوجًا: أَسْرَعَ وَعَجِلَ. وَوَشْكَانَ مَا كَانَ ذَلِكَ، فِي مَعْنَى عَجْلَانَ. وَأَمْرٌ وَشِيكٌ. وَأَوْشَكَ يُوشِكُ.
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ طَاهِرِ بْنِ النَّجْمِ يَقُولُ: [سَمِعْتُ ثَعْلَبًا يَقُولُ] : أَوْشَكَ يُوشِكُ لَا غَيْرَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَاشَكَ وِشَاكًا: أَسْرَعَ السَّيْرَ.

(وَشَلَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَاللَّامُ، يَدُلُّ عَلَى سَيَلَانِ مَاءٍ قَلِيلٍ. فَالْوَشَلُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَجَمْعُهُ أَوْشَالٌ. وَجَبَلٌ وَاشِلٌ: يَقْطُرُ مِنْهُ الْمَاءُ. وَهُوَ وَاشِلُ الْحَظِّ: نَاقِصُهُ. وَالْوُشُولُ: قِلَّةُ الْغَنَاءِ وَالضَّعْفُ. وَنَاقَةٌ وَشُولٌ: يَسِيلُ ضَرْعُهَا، وَذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ اللَّبَنِ.

(وَشَمَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَأْثِيرٍ فِي شَيْءٍ تَزْيِينًا لَهُ. مِنْهُ وَشْمُ الْيَدِ، إِذَا نُقِشَتْ وَغُرِزَتْ. وَأَوْشَمَتِ الْأَرْضُ: ظَهَرَ نَبَاتُهَا. وَأَوْشَمَ الْبَرْقُ: لَمَعَ لَمْعًا خَفِيفًا. وَيَتَّسِعُونَ فِي هَذَا فَيَقُولُونَ: مَا أَصَابَتْنَا الْعَامَ وَشْمَةٌ، أَيْ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بِالْقَطْرِ تُوشَمُ الْأَرْضُ. وَرُبَّمَا قَالُوا: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَشِيمَةٌ، أَيْ كَلَامٌ. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي كَلَامِ عَدَاوَةٍ. وَهَذَا تَمْثِيلٌ. وَأَوْشَمَ: نَظَرَ إِلَى الشَّيْءِ، كَأَنَّهُ نَظَرَ وَتَأَمَّلَ وَشْمَهُ.

(6/113)


(وَشَى) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى تَحْسِينِ شَيْءٍ وَتَزْيِينِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى نَمَاءٍ وَزِيَادَةٍ.
الْأَوَّلُ: وَشَيْتُ الثَّوْبَ أَشِيهِ وَشْيًا. وَيَقُولُونَ لِلَّذِي يَكْذِبُ وَيَنِمُّ وَيُزَخْرِفُ كَلَامَهُ: قَدْ وَشَى، وَهُوَ وَاشٍ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: الْمَرْأَةُ الْوَاشِيَةُ: الْكَثِيرَةُ الْوَلَدِ. وَيُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَا يَلِدُ. وَالْوَاشِي: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ النَّسْلِ. وَالْوَشْيُ: الْكَثْرَةُ. وَوَشَى بَنُو فُلَانٍ: كَثُرُوا. وَمَا وَشَتْ هَذِهِ الْمَاشِيَةُ عِنْدِي، أَيْ مَا وَلَدَتْ.

(وَشَبَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ. يُقَالُ: أَوْبَاشٌ مِنَ النَّاسِ وَأَوْشَابٌ.

(وَشَجَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اشْتِبَاكٍ وَتَدَاخُلٍ. يُقَالُ: وَشَجَتِ الْأَغْصَانُ. اشْتَبَكَتْ. وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَكَ فَهُوَ وَاشِجٌ. وَالْوَشِيجُ مِنَ الْقَنَا ; مَا نَبَتَ مِنَ الْأَرْضِ مُعْتَرِضًا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَشْتَبِكُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.

(وَشَحَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ الْوِشَاحُ. وَتَوَشَّحَ بِثَوْبِهِ، كَأَنَّهُ جَعَلَهُ وِشَاحَهُ، وَكَذَا اتَّشَحَ بِهِ. وَشَاةٌ مُوَشَّحَةٌ: بِجَنْبَيْهَا خَطَّانِ.

(وَشَرَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْوَشْرُ وَالتَّوْشِيرُ: أَنْ تُحَدِّدَ الْمَرْأَةُ أَسْنَانَهَا. وَالْمِيشَارُ بِلَا هَمْزٍ مِنْ هَذَا.

(6/114)


(وَشَزَ) الْوَاوُ وَالشِّينُ وَالزَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَشْزُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ، كَالنَّشْزِ، ثُمَّ قِيسَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِشَدَائِدِ الْأُمُورِ: أَوْشَازٌ، الْوَاحِدُ وَشْزٌ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالصَّادِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَصَعَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَصْعُ: طَائِرٌ صَغِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ إِسْرَافِيلَ يَتَوَاضَعُ لِلَّهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْوَصْعِ» .

(وَصَفَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ، هُوَ تَحْلِيَةُ الشَّيْءِ. وَوَصَفْتُهُ أَصِفُهُ وَصْفًا. وَالصِّفَةُ: الْأَمَارَةُ اللَّازِمَةُ لِلشَّيْءِ، كَمَا يُقَالُ وَزَنْتُهُ وَزْنًا، وَالزِّنَةُ: قَدْرُ الشَّيْءِ. يُقَالُ اتَّصَفَ الشَّيْءُ فِي عَيْنِ النَّاظِرِ: احْتَمَلَ أَنْ يُوصَفَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَصَفَتِ النَّاقَةُ وُصُوفًا، إِذَا أَجَادَتِ السَّيْرَ فَهُوَ [مِنْ قَوْلِهِمْ] لِلْخَادِمِ وَصِيفٌ، وَلِلْخَادِمَةِ وَصِيفَةٌ. وَيُقَالُ أَوْصَفَتِ الْجَارِيَةُ ; لِأَنَّهُمَا يُوصَفَانِ عِنْدَ الْبَيْعِ.

(وَصَلَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى يَعْلَقَهُ. وَوَصَلْتُهُ بِهِ وَصْلًا. وَالْوَصْلُ: ضِدُّ الْهِجْرَانِ. وَمَوْصِلُ الْبَعِيرِ: مَا بَيْنَ عَجُزِهِ وَفَخِذِهِ. وَالْوَاصِلَةُ فِي الْحَدِيثِ: الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشِعْرٍ آخَرَ زُورًا. وَيَقُولُ وَصَلْتُ الشَّيْءَ وَصْلًا، وَالْمَوْصُولُ بِهِ وِصْلٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ.

(6/115)


وَمِنَ الْبَابِ الْوَصِيلَةُ: الْعِمَارَةُ وَالْخِصْبُ. لِأَنَّهَا تَصِلُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، وَإِذَا أَجْدَبُوا تَفَرَّقُوا. وَالْوَصِيلَةُ: الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ، كَأَنَّهَا وُصِلَتْ فَلَا تَنْقَطِعُ. أَمَّا الْوَصِيلَةُ مِنَ الْغَنَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] . . .

(وَصَمَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالْمِيمُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كَسْرٍ وَضَعْفٍ. وَوَجَدَ تَوْصِيمًا فِي جَسَدِهِ، أَيْ تَكْسِيرًا وَفَتْرَةً وَكَسَلًا. قَالَ:
وَإِذَا رُمْتَ رَحِيلًا فَارْتَحِلْ ... وَاعْصِ مَا يَأْمُرُ تَوْصِيمُ الْكَسَلْ
وَالْوَصْمُ: الصَّدْعُ غَيْرُ بَائِنٍ. يُقَالُ: أَصَابَ الْقَنَاةَ وَصْمٌ.
وَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ لِلْعَارِ وَالْعَيْبِ: وَصْمٌ. قَالَ:
فَإِنْ تَكُ جَرْمٌ ذَاتَ وَصْمٍ فَإِنَّنَا ... دَلَفْنَا إِلَى جَرْمٍ بِأَلْأَمَ مِنْ جَرْمِ

(وَصَى) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى وَصْلِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. وَوَصَيْتُ الشَّيْءَ: وَصَلْتُهُ. وَيُقَالُ: وَطِئْنَا أَرْضًا وَاصِيَةً، أَيْ إِنَّ نَبْتَهَا مُتَّصِلٌ قَدِ امْتَلَأَتْ مِنْهُ. وَوَصَيْتُ اللَّيْلَةَ بِالْيَوْمِ: وَصَلْتُهَا، وَذَلِكَ فِي عَمَلٍ تَعْمَلُهُ. وَالْوَصِيَّةُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ، كَأَنَّهُ كَلَامٌ يُوصَى أَيْ يُوصَلُ. يُقَالُ: وَصَّيْتُهُ تَوْصِيَةً، وَأَوْصَيْتُهُ إِيصَاءً.

(6/116)


(وَصَبَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى دَوَامِ شَيْءٍ. وَوَصَبَ الشَّيْءُ وُصُوبًا: دَامَ. وَوَصَبَ الدِّينُ: وَجَبَ. وَمَفَازَةٌ وَاصِبَةٌ: بَعِيدَةٌ لَا غَايَةَ لَهَا. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: 9] ، أَيْ دَائِمٌ. وَالْوَصَبُ: الْمَرَضُ الْمُلَازِمُ الدَّائِمُ. رَجُلٌ وَصِبٌ وَمُوَصَّبٌ: دَائِمُ الْأَوْصَابِ.

(وَصَدَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ. وَأَوْصَدْتُ الْبَابَ: أَغْلَقْتُهُ. وَالْوَصِيدُ: النَّبْتُ الْمُتَقَارِبُ الْأُصُولِ. وَالْوَصِيدُ: الْفِنَاءُ لِاتِّصَالِهِ بِالرَّبْعِ. وَالْمُوصَدُ: الْمُطْبَقُ. وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 8] .

(وَصَرَ) الْوَاوُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْوَصِيرَةُ: الصَّكُّ. وَيُقَالُ الْوِصْرُ: السِّجِلُّ يَكْتُبُهُ الْمَلِكُ لِمَنْ يُقْطِعُهُ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «إِنَّ هَذَا اشْتَرَى مِنِّي أَرْضًا وَقَبَضَ مِنِّي وِصْرَهَا، فَلَا هُوَ يَرُدُّ عَلَيَّ الْوِصْرَ وَلَا يُعْطِينِي الثَّمَنَ» .

[بَابُ الْوَاوِ وَالضَّادِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَضَعَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالْعَيْنُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْخَفْضِ [لِلشَّيْءِ] وَحَطِّهِ. وَوَضَعْتُهُ بِالْأَرْضِ وَضْعًا، وَوَضَعَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا. [وَ] وُضِعَ فِي تِجَارَتِهِ يُوضَعُ: خَسِرَ. وَالْوَضَائِعُ: قَوْمٌ يُنْقَلُونَ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ يَسْكُنُونَ بِهَا.

(6/117)


الْوَضِيعُ: الرَّجُلُ الدَّنِيُّ. وَالدَّابَّةُ تَضَعُ فِي سَيْرِهَا وَضْعًا، وَهُوَ سَيْرٌ سَهْلٌ يُخَالِفُ الْمَرْفُوعَ. قَالَ:
مَرْفُوعُهَا زَوْلٌ وَمَوْضُوعُهَا ... كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وَسْطَ رِيحْ
يُقَالُ مِنْهُ: إِنَّهَا لَحَسَنَةُ الْمَوْضُوعِ. وَقَدْ أَوْضَعَهَا رَاكِبُهَا. وَوَضَعَ الرَّجُلُ: سَارَ ذَلِكَ السَّيْرَ. وَذُكِرَ أَنَّ [الْوَاضِعَاتِ] : الْإِبِلُ تَأْكُلُ الْخَلَّةَ. وَأَنْشَدُوا:
رَأَى صَاحِبِي فِي الْوَاضِعَاتِ نَجِيبَةً ... وَأَمْثَالَهَا فِي الْغَادِيَاتِ الْقَوَامِسِ
وَالرَّجُلُ الْمُوَضَّعُ: الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَحْكِمِ الْأَمْرِ.

(وَضَمَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَضَمُ: كُلُّ شَيْءٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ اللَّحْمُ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ. وَضَمْتُ اللَّحْمَ: اتَّخَذْتُ لَهُ وَضَمًا. وَأَوْضَمْتُهُ: جَعَلْتُهُ عَلَى الْوَضَمِ. وَيُقَالُ: اسْتَوْضَمْتُ الرَّجُلَ، أَيِ اسْتَضَمْتُهُ وَجَعَلْتُهُ تَحْتِي كَالْوَضَمِ. وَتَوَضَّمَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ: وَقَعَ عَلَيْهَا. وَالْوَضِيمَةُ: الْقَوْمُ يَقِلُّ عَدَدُهُمْ، يَنْزِلُونَ عَلَى الْقَوْمِ فَيُحْسِنُونَ إِلَيْهِمْ.

(6/118)


(وَضَأَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالْهَمْزَةُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى حُسْنٍ وَنَظَافَةٍ. وَضُؤَ الرَّجُلُ يَوْضُؤُ، وَهِيَ وَضِيءٌ. وَالْوَضُوءُ: الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَالْوُضُوءُ فِعْلُكَ إِذَا تَوَضَّأْتَ، مِنَ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ، كَأَنَّ الْغَاسِلَ وَجْهَهُ وَضَّأَهُ، أَيْ حَسَّنَهُ.

(وَضَحَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالْحَاءُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى ظُهُورِ الشَّيْءِ وَبُرُوزِهِ. وَوَضَحَ الشَّيْءُ: أَبَانَ. [وَ] فِي الشِّجَاجِ الْمُوضِحَةُ، وَهِيَ تُبْدِي وَضَحَ الْعَظْمِ. وَاسْتَوْضَحْتُ الشَّيْءَ، إِذَا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى عَيْنَيْكَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَاهُ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «صُومُوا مِنْ وَضَحٍ إِلَى وَضَحٍ» أَيْ مِنْ ضَوْءٍ إِلَى ضَوْءٍ. وَالْوَضَّاحُ: الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ اللَّوْنِ الْحَسَنُ. وَأَوْضَحَ الرَّجُلُ: وُلِدَ لَهُ الْبِيضُ مِنَ الْأَوْلَادِ. وَمِنْ أَيْنَ أَوْضَحْتَ، أَيْ مِنْ أَيْنَ بَدَا [وَضَحُكَ] ، أَيْ مِنْ أَيْنَ طَلَعْتَ. وَوَضَحُ الطَّرِيقِ: مَحَجَّتُهُ. وَالْوَاضِحَةُ: الْأَسْنَانُ تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ. قَالَ:
كُلُّ خَلِيلٍ كَنْتُ خَالَلْتُهُ ... لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ وَاضِحَهْ
وَالْأَوْضَاحُ: بَقَايَا الْحَلِيِّ وَالصِّلِّيَانِ. وَالْأَوْضَاحُ: حَلْيٌ مِنْ فِضَّةٍ.

(وَضَخَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالْخَاءُ:. . . . .

(6/119)


( [وَضَرَ) الْوَاوُ وَالضَّادُ وَالرَّاءُ] : كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى لَطْخِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. فَالْوَضَرُ مِثْلُ الدَّرَنِ وَالزَّهَمِ. قَالَ:
أَبَارِيقُ لَمْ يَعْلَقْ بِهَا وَضَرُ الزُّبْدِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِبَقِيَّةِ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ: الْوَضَرُ، كَبَقِيَّةِ الْهِنَاءِ عَلَى الْبَعِيرِ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالطَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَطَفَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُولِ شَيْءٍ وَرَخَاوَتِهِ. مِنْ ذَلِكَ: الْوَطْفُ: طُولُ الْأَشْفَارِ وَتَهَدُّلُهَا. وَالْوَطْفُ: انْهِمَالُ الْمَطَرِ. وَالْأَوْطَفُ: الْبَعِيرُ الْقَصِيرُ شَعْرِ الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ. وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ بِهِ وَطَفُهُ أَنْ يَكُونَ أَزَبَّ، لِأَنَّ كُلَّ أَزَبَّ نَفُورٌ. فَهَذَا دُونَ الْأَزَبِّ، وَإِلَّا فَهُوَ تَامُّ الشَّعْرِ. وَيُسْتَعَارُ فَيُقَالُ: هُوَ فِي عَيْشٍ أَوْطَفَ، أَيْ وَاسِعٍ رَخِيٍّ.

(وَطَنَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالنُّونُ: كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ. فَالْوَطَنُ: مَحَلُّ الْإِنْسَانِ. وَأَوْطَانُ الْغَنَمِ: مَرَابِضُهَا. وَأَوْطَنْتُ الْأَرْضَ: اتَّخَذْتُهَا وَطَنًا. وَالْمِيطَانُ: الْغَايَةُ.

(وَطَأَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالْهَمْزَةُ. كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَمْهِيدِ شَيْءٍ وَتَسْهِيلِهِ. وَوَطَّأْتُ لَهُ الْمَكَانَ. وَالْوِطَاءُ: مَا تَوَطَّأْتَ بِهِ مِنْ فِرَاشٍ. وَوَطِئْتُهُ بِرِجْلِي أَطَؤُهُ.

(6/120)


وَفِي الْحَدِيثِ: «اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ» ، وَالْمُوَاطَأَةُ: الْمُوَافَقَةُ عَلَى أَمْرٍ يُوَطِّئُهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ.

(وَطَبَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ وَطْبُ اللَّبَنِ: سِقَاؤُهُ. وَيُشَبَّهُ بِهِ الْمَرْأَةُ الْعَظِيمَةُ الثَّدْيِ، فَيُقَالُ وَطْبَاءُ. وَالْوَطْبُ: الرَّجُلُ الْجَافِي، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ التَّشْبِيهِ.

(وَطَحَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُزَاحَمَةٍ وَمُدَاوَلَةٍ. يُقَالُ: تَوَاطَحَ عَلَى الْمَاءِ وِرْدٌ كَثِيرٌ، أَيِ ازْدَحَمَ. وَتَوَاطَحُوا عَلَى الشَّيْءِ: تَدَاوَلُوهُ. وَيَقُولُونَ: الْوَطَحُ: مَا تَعَلَّقَ بِالْأَظْلَافِ وَمَخَالِبِ الطَّيْرِ مِنْ طِينٍ وَعُرٍّ.

(وَطَدَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ تُثَبِّتَ شَيْئًا بِوَطْثِكَ حَتَّى يَتَصَلَّبَ. وَوَطَدْتُهُ أَطِدُهُ إِلَى الْأَرْضِ، عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ، إِذَا أَهَانَهُ. وَالْمِيطَدَةُ: خَشَبَةٌ يُوطَدُ بِهَا الْمَكَانُ حَتَّى يَصْلُبَ. وَيُقَالُ لِأَثَافِيِّ الْقِدْرِ: الْوَطَائِدُ. وَالطَّادِي فِي شِعْرِ الْقَطَامِيُّ، فِي قَوْلِهِ:
تَقَضَّى [بَوَاقِي] دَيْنِهَا الطَّادِي
الْوَاطِدُ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ. وَعَادَتْهُ طَادِيَّةٌ: قَدِيمَةٌ.

(6/121)


(وَطَرَ) : الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. الْوَطَرُ: الْحَاجَةُ وَالنَّهْمَةُ، لَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ.

(وَطَسَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى وَطْءِ شَيْءٍ حَتَّى يَنْهَزِمَ. وَيُقَالُ: وَطَسْتُ الْأَرْضَ بِرِجْلِي أَطِسُهَا وَطْسًا، أَيْ هَزَمْتُ فِيهَا هَزْمَةً. وَالْوَطِيسُ: التَّنُّورُ، مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالْهَزْمِ فِي الْأَرْضِ. وَيُعَبَّرُ [بِهِ] عَنِ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ.

( [وَطَشَ) الْوَاوُ وَالطَّاءُ وَالشِّينُ] : كَلِمَتَانِ إِنْ صَحَّتَا. يَقُولُونَ: ضَرَبُوهُ فَمَا وَطَشَ إِلَيْهِمْ، أَيْ لَمْ يَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ.
وَالْأُخْرَى: وَطِّشْ لِي شَيْئًا أَذْكُرُهُ، مَعْنَاهُ افْتَحْ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالظَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَظَفَ) الْوَاوُ وَالظَّاءُ وَالْفَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ. يُقَالُ: وَظَّفْتَ لَهُ، إِذَا قَدَّرْتَ لَهُ كُلَّ حِينٍ شَيْئًا مِنْ رِزْقٍ أَوْ طَعَامٍ. ثُمَّ اسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي عَظْمِ السَّاقِ، كَأَنَّهُ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الرُّسْغِ مِنْ قَائِمَةِ الدَّابَّةِ إِلَى السَّاقِ. وَيُقَالُ وَظَفْتُ الْبَعِيرَ، إِذَا قَصَرْتَ لَهُ الْقَيْدَ. وَيُقَالُ: مَرَّ يَظِفُهُمْ، أَيْ يُتْبِعُهُمْ كَأَنَّهُ يَجْعَلُ وَظِيفَهُ بِإِزَاءِ أَوْظِفَتِهِمْ.

(6/122)


(وَظَبَ) الْوَاوُ وَالظَّاءُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُدَاوَمَةٍ. يُقَالُ: وَظَبَ يَظِبُ وَظْبًا. وَوَاظَبْتُ عَلَى الشَّيْءِ مُوَاظَبَةً، وَهِيَ الْمُدَاوَمَةُ. وَيُقَالُ: أَرْضٌ مَوْظُوبَةٌ، أَيِ اسْتَقْصَتِ الرَّاعِيَةُ رَعْيَهَا، وَهِيَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْعَيْنِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَعَقَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالْقَافُ: كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْوَعِيقُ: صَوْتٌ يَخْرُجُ مِنْ قُنْبِ الدَّابَّةِ. وَالثَّانِيَةُ الْوَعْقَةُ، هُوَ الرَّجُلُ السَّيِّئُ الْخُلُقِ، وَكَذَلِكَ الْوَعْقُ.

(وَعَكَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالْكَافُ، يَدُلُّ عَلَى عَرْكِ شَيْءٍ وَتَذْلِيلِهِ. مِنْهُ وَعْكُ الْحُمَّى، كَأَنَّهَا تَعْرُكُ الْجِسْمَ عَرْكًا. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَوْعَكَتِ الْكِلَابُ الصَّيْدَ، إِذَا مَرَّغَتْهُ فِي التُّرَابِ. وَالْوَعْكَةُ: مَعْرَكَةُ الْأَبْطَالِ. وَأَوْعَكَتِ الْإِبِلُ: ازْدَحَمَتْ، وَهُوَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ.

(وَعَلَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَاللَّامُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْوَعْلُ: ذَكَرُ الْأَرْوَى. [وَ] عَلَى التَّشْبِيهِ قِيلَ لِكِبَارِ النَّاسِ وُعُولٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «تَظْهَرُ التُّحُوتُ وَ [تَذْهَبُ] الْوُعُولُ» . التُحُوتُ: الدُّونُ. وَالْوُعُولُ: الْأَشْرَافُ.
وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُمْ: لَا وَعْلَ عَنْهُ، أَيْ لَا مَلْجَأَ.

(6/123)


(وَعَنَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالنُّونُ: لَيْسَ بِأَصْلٍ، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْوَعْنَةُ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ. وَيَقُولُونَ: تَوَعَّنَتِ الْإِبِلُ: أَخَذَ فِيهَا السِّمَنُ.

(وَعَيَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالْيَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ. وَوَعَيْتُ الْعِلْمَ أَعِيهِ وَعْيًا. وَأَوْعَيْتُ الْمَتَاعَ فِي الْوِعَاءِ أُوَعِّيهِ. قَالَ:
وَالشَّرُّ أَخْبَثُ مَا أَوَعَيْتَ مِنْ زَادِ
وَأَمَّا الْوَعَى فَالْجَلَبَةُ وَالْأَصْوَاتُ. وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ الْغَيْنُ. وَالْوَعِيَّةُ: الصَّارِخَةُ، مِنَ الْوَعَى. وَيَقُولُونَ: لَا وَعْيَ عَنْ كَذَا.

(وَعَبَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اسْتِيظَافِ الشَّيْءِ. وَأَوْعَبْتُ الشَّيْءَ: اسْتَوْظَفْتُهُ كُلَّهُ. وَيَقُولُونَ: " فِي الْأَنْفِ إِذَا اسْتُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ "، أَيِ اسْتُؤْصِلَ فَلَمْ يُتْرَكْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَجَاءَ فُلَانٌ مُوعِبًا، أَيْ جَمَعَ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَمْعٍ. وَأَتَى الْفَرَسُ بِرَكْضٍ وَعِيبٍ، أَيْ جَاءَ بِأَقْصَى مَا عِنْدَهُ.

(وَعَثَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالثَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُهُولَةٍ فِي الشَّيْءِ وَرَخَاوَةٍ. وَمَكَانٌ أَوْعَثُ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْوَعْثُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا غَابَتْ فِيهِ الْقَوَائِمُ. وَامْرَأَةٌ وَعْثَةٌ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ. وَوَعِثَ لِسَانُهُ: الْتَاثَ فَلَمْ يُبَيِّنْ، كَأَنَّهُ اسْتَرْخَى وَلَانَ.

(6/124)


فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ قَالَ: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءَ السَّفَرِ» ، وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى السُّهُولَةِ؟ قِيلَ: الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا الرَّمْلُ إِذَا غَابَتْ فِيهِ الْقَوَائِمُ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْمَشَقَّةِ، فَلِذَلِكَ قِيلَ: نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءَ السَّفَرِ. وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ.

(وَعَدَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَرْجِيَةٍ بِقَوْلٍ. يُقَالُ: وَعَدْتُهُ أَعِدُهُ وَعْدًا. وَيَكُونُ ذَلِكَ بِخَيْرٍ وَشَرٍّ. فَأَمَّا الْوَعِيدُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا بِشَرٍّ. يَقُولُونَ: أَوْعَدْتُهُ بِكَذَا. قَالَ:
أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ وَالْأَدَاهِمِ
. . . .
وَالْمُوَاعَدَةُ مِنَ الْمِيعَادِ. وَالْعِدَةُ: الْوَعْدُ. وَجَمْعُهَا عِدَاتٌ: وَالْوَعْدُ لَا يُجْمَعُ. وَوَعِيدُ الْفَحْلِ: [هَدِيرُهُ] إِذَا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. قَالَ:
يُوعِدُ قَلْبَ الْأَعْزَلِ.
وَأَرْضُ بَنِي فُلَانٍ وَاعِدَةٌ، إِذَا رُجِيَ خَيْرُهَا مِنَ الْمَطَرِ وَالْإِعْشَابِ. وَيَوْمٌ وَاعِدٌ: أَوَّلُهُ يَعِدُ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ.

(وَعَرَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ وَخُشُونَةٍ. وَمَكَانٌ

(6/125)


وَعْرٌ بَيِّنُ الْوُعُورَةِ، وَوَعِرَ يَوْعُرُ وَتَوَعَّرَ. وَفُلَانٌ وَعْرُ الْمَعْرُوفِ: نَكِدُهُ. وَسَأَلْنَاهُ حَاجَةً فَتَوَعَّرَ عَلَيْنَا، أَيْ تَشَدَّدَ.

(وَعَزَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالزَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ فِي التَّقْدِمَةِ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ: وَعَزْتُ إِلَيْهِ: تَقَدَّمْتُ فِي الْأَمْرِ، وَأَوْعَزْتُ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ إِذَا تَقَدَّمْتَ إِلَيْهِ فَأَمَرْتَهُ بِهِ.

(وَعَسَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالسِّينُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سُهُولَةٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ الْوَعْسَاءُ: الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ ذَاتُ الرَّمْلِ. وَالْمِيعَاسُ: الْأَرْضُ لَمْ تُوطَأْ. وَالْمُوَاعَسَةُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الْإِبِلِ سَهْلٌ. يُقَالُ: وَاعَسْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ: أَدْلَجْنَا. وَلَا تَكُونُ الْمُوَاعَسَةُ إِلَّا بِاللَّيْلِ.

(وَعَظَ) الْوَاوُ وَالْعَيْنُ وَالظَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. فَالْوَعْظُ: التَّخْوِيفُ. وَالْعِظَةُ الِاسْمُ مِنْهُ ; قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ التَّذْكِيرُ بِالْخَيْرِ وَمَا يَرِقُّ لَهُ قَلْبُهُ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْغَيْنِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَغَفَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالْفَاءُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ.
الْوَغْفُ: سُرْعَةُ الْعَدْوِ، وَيُقَالُ هُوَ الْإِيغَافُ، وَأَوْغَفَ يُوغِفُ.
وَالثَّانِيَةُ الْوَغْفُ، يُقَالُ: ضَعْفُ الْبَصَرِ.
وَالثَّالِثَةُ: الْوَغْفُ: قِطْعَةُ أَدَمٍ، يُشَدُّ عَلَى بَطْنِ التَّيْسِ لِئَلَّا يَنْزُوَ.

(6/126)


(وَغَقَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالْقَافُ. يَقُولُونَ: الْوَغِيقُ كَالْوَعِيقِ.

(وَغَلَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَقَحُّمٍ فِي سَيْرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَأَوْغَلَ الْقَوْمُ: أَمْعَنُوا فِي مَسِيرِهِمْ. وَمِنَ التَّقَحُّمِ الْوَاغِلُ: الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى الْقَوْمِ يَشْرَبُونَ وَلَمْ يُدْعَ ; وَذَلِكَ الشَّرَابُ الْوَغْلُ. قَالَ:
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْمًا مِنَ اللَّهِ وَلَا وَاغِلِ
وَيُقَالُ: وَغَلَ يَغِلُ، إِذَا تَوَارَى فِي الشَّجَرِ. وَيُقَالُ: الْوَغْلُ: الرَّجُلُ لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ، كَأَنَّهُ خَفِيَ. وَالْوَغْلُ: السَّيِّئُ الْغِذَاءِ.

(وَغَمَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوَغْمُ: الْغَيْظُ فِي الصَّدْرِ، وَالْحِقْدُ. قَالَ:
يَقُومُ عَلَى الْوَغْمِ فِي قَوْمِهِ ... فَيَعْفُو إِذَا شَاءَ أَوْ يَنْتَقِمْ
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَغَمَ بِالْخَبَرِ فَأَصْلُهُ نَغَمَ.

(وَغَا) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. الصَّحِيحُ مِنْهُ الْوَغَى: الْجَلَبَةُ وَالْأَصْوَاتُ. وَكَلِمَةٌ يُقَالُ إِنَّ الْأَوَاغِيَ: مَفَاجِرُ الدِّبَارِ فِي الْمَزَارِعِ.

(وَغَبَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى سُقُوطٍ وَضَعْفٍ. مِنْهُ الْوَغْبُ: الرَّجُلُ الْجَبَانُ. قَالَ:
وَلَا بِبِرْشَاعِ الْوِخَامِ وَغْبِ

(6/127)


وَالْأَوْغَابُ: أَسْقَاطُ الْبَيْتِ كَالْقَصْعَةِ وَالْبُرْمَةِ وَنَحْوِهَا.

(وَغَدَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى دَنَاءَةٍ. وَرَجُلٌ وَغْدٌ وَهُوَ الدَّنِيُّ، مِنْ قَوْلِكَ وَغَدْتُهُمْ أَغِدُهُمْ، إِذَا خَدَمْتَهُمْ. وَالْأَصْلُ الْوَغْدُ: قِدْحٌ لَا حَظَّ لَهُ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: الْمُوَاغَدَةُ فِي السَّيْرِ: سَيْرٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ.

(وَغَرَ) الْوَاوُ وَالْغَيْنُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حَرَارَةٍ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ. فَالْوَغْرَةُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. وَالْوَغِيرُ: لَحْمٌ يُشْوَى عَلَى الرَّمْضَاءِ. وَوُغِرَ صَدْرُهُ يَوْغَرُ: اغْتَاظَ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَيُقَالُ: الْإِيغَارُ: أَنْ تُحْمَى الْحِجَارَةُ ثُمَّ تُلْقَى فِي الْمَاءِ لِتُسَخِّنَهُ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ:
وَلَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَهُمْ فَكَرِهْتَهُمْ ... كَكَرَاهَةِ الْخِنْزِيرِ لِلْإِيغَارِ
وَالْإِيغَارُ: أَنْ يُوغِرَ الْمَلِكُ الْأَرْضَ الرَّجُلَ: يَجْعَلُهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْفَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَفَقَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُلَاءَمَةِ الشَّيْئَيْنِ. مِنْهُ الْوَفْقُ: الْمُوَافَقَةُ. وَاتَّفَقَ الشَّيْئَانِ: تَقَارَبَا وَتَلَاءَمَا. وَوَافَقْتُ فُلَانًا: صَادَقْتُهُ، كَأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا مُتَوَافِقَيْنِ.

(6/128)


(وَفَلَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَعَرٍ وَخُشُونَةٍ. وَدُبِغَ السِّقَاءُ حَتَّى ذَهَبَ وَفْلُهُ، أَيْ مَا عَلَيْهِ مِنْ شَعْرٍ وَخُشُونَةٍ. وَالْوَفْلُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ الْجِلْدِ مِنْ شَعَرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَفَى) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِكْمَالٍ وَإِتْمَامٍ. مِنْهُ الْوَفَاءُ: إِتْمَامُ الْعَهْدِ وَإِكْمَالُ الشَّرْطِ. وَوَفَى: أَوْفَى، فَهُوَ وَفِيٌّ. وَيَقُولُونَ: أَوْفَيْتُكَ الشَّيْءَ، إِذَا قَضَيْتَهُ إِيَّاهُ وَافِيًا. وَتَوَفَّيْتُ الشَّيْءَ وَاسْتَوْفَيْتُهُ ; [إِذَا أَخَذْتَهُ كُلَّهُ] حَتَّى لَمْ تَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا. وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمَيِّتِ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ.

(وَفَدَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِشْرَافٍ وَطُلُوعٍ. مِنْهُ الْوَافِدُ: الْقَوْمُ يَفِدُونَ. وَالْوَفْدُ: ذِرْوَةُ الْحَبْلِ مِنَ الرَّمْلِ الْمُشْرِفِ. وَالْوَافِدُ مِنَ الْإِبِلِ: مَا يَسْبِقُ سَائِرَهَا. وَالْإِيفَادُ: الْإِسْرَاعُ، وَالْوَافِدَانِ هُمَا عَظْمَانِ نَاشِزَانِ مِنَ الْخَدَّيْنِ عِنْدَ الْمَضْغِ. وَإِذَا هَرِمَ الْإِنْسَانُ غَارَ وَافِدُهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
رَأَتْ رَجُلًا غَائِرَ الْوَافِدَيْ ... نِ مُخْتَلِفَ اللَّوْنِ أَعْشَى ضَرِيرًا
وَأَوْفَدَ عَلَى الشَّيْءِ وَأَوْفَى: أَشْرَفَ.

(وَفَرَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَثْرَةٍ وَتَمَامٍ. وَفَرَ الشَّيْءُ يَفِرُ، وَهُوَ مَوْفُورٌ، وَوَفَرَهُ اللَّهُ. وَمِنْهُ وَفْرَةُ الشَّعْرِ: دُونَ الْجُمَّةِ. وَاشْتِقَاقُ اسْمِ الْمَالِ الْوَفْرِ مِنْهُ. قَالَ:

(6/129)


تَمَنَّيْتُ مِنْ حُبِّي بُثَيْنَةَ أَنَّنَا ... عَلَى رَمَثٍ فِي الشَّرْمِ لَيْسَ لَنَا وَفْرُ
وَالْوَفْرَاءُ: الْمَزَادَةُ لَمْ يُنْقَصْ مِنْ أَدِيمِهَا شَيْءٌ.

(وَفَزَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالزَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَجَلَةٍ وَقِلَّةِ اسْتِقْرَارٍ. وَأَنَا عَلَى وَفْزٍ وَأَوْفَازٍ، أَيْ عَجَلَةٍ. قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: هُوَ عَلَى أَوْفَازٍ، وَلَمْ يُقَلْ مِنْهُ وَاحِدٌ. وَالْوَفَزُ: النَّشْزُ مِنَ الْأَرْضِ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: جَلَسَ مُسْتَوْفِزًا، كَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.

(وَفَضَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالضَّادُ: ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ مُتَبَايِنَةٌ: الْأُولَى أَوْفَضَ إِيفَاضًا: أَسْرَعَ. وَجَاءَ عَلَى وَفْضٍ وَأَوْفَاضٍ، أَيْ عَجَلَةٍ.
وَالثَّانِيَةُ الْأَوْفَاضُ: الْفِرَقُ مِنَ النَّاسِ.
وَالثَّالِثَةُ الْوَفْضَةُ: الْكِنَانَةُ، وَجَمْعُهَا وِفَاضٌ.

(وَفَعَ) الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَالْعَيْنُ. يَقُولُونَ: الْوَفْعَةُ: خِرْقَةٌ يُقْتَبَسُ فِيهَا نَارٌ. وَالْوَفِيعَةُ كَالسَّلَّةِ تُتَّخَذُ مِنَ الْعَرَاجِينِ. وَيُقَالُ الْوَفْعَةُ: صِمَامُ الْقَارُورَةِ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْقَافِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَقَلَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَاللَّامُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى عُلُوٍّ فِي جَبَلٍ. وَتَوَقَّلَ فِي الْجَبَلِ: عَلَا. وَكُلُّ صَاعِدٍ فِي شَيْءٍ مُتَوَقِّلٌ. وَفَرَسٌ وَقِلٌ: حَسَنُ السَّيْرِ فِي الْجِبَالِ. وَالْوَقْلُ: شَجَرُ الْمُقْلِ.

(6/130)


(وَقَمَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْمِيمُ. يَدُلُّ عَلَى غَلَبَةٍ وَإِذْلَالٍ. وَوَقَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ وَقْمًا: أَذَلَّهُ. وَتَوَقَّمَ فُلَانٌ الْعِلْمَ: قَتَلَهُ خُبْرًا. وَتَوَقَّمْتُ الصَّيْدَ: خَتَلْتُهُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الْمَوْقُومُ: الشَّدِيدُ الْحُزْنِ. وَحَرَّةُ وَاقِمٍ بِالْمَدِينَةِ.

(وَقَهَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْهَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. اسْتَيْقَهَ الْقَوْمُ: أَطَاعُوا، مِنْ وَقِهْتُ.

(وَقَى) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْيَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ بِغَيْرِهِ. وَوَقَيْتُهُ أَقِيهِ وَقْيًا. وَالْوِقَايَةُ: مَا يَقِي الشَّيْءَ. وَاتَّقِ اللَّهَ: تَوَقَّهُ، أَيِ اجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ كَالْوِقَايَةِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِ تَمْرَةٍ» ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ: اجْعَلُوهَا وِقَايَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْوَقْيُ، قَالُوا: هُوَ الظَّلْعُ الْيَسِيرُ.

(وَقَبَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى غَيْبَةِ شَيْءٍ فِي مَغَابٍ. يُقَالُ وَقَبَ الشَّيْءُ: دَخَلَ فِي وَقْبَةٍ، وَهِيَ كَالنُّقْرَةِ فِي الشَّيْءِ. وَوَقَبَتْ عَيْنَاهُ: غَارَتَا. [وَ] وَقَبَ الشَّيْءُ: نَزَلَ وَوَقَعَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] ، قَالُوا: هُوَ اللَّيْلُ إِذَا نَزَلَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْوَقْبَ هُوَ الْأَحْمَقُ فَهُوَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ وَغْبٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

(وَقَتَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالتَّاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حَدِّ شَيْءٍ وَكُنْهِهِ فِي زَمَانٍ وَغَيْرِهِ. مِنْهُ الْوَقْتُ: الزَّمَانُ الْمَعْلُومُ. وَالْمَوْقُوتُ: الشَّيْءُ الْمَحْدُودُ. [وَ] الْمِيقَاتُ:

(6/131)


الْمَصِيرُ لِلْوَقْتِ. وَقَتَ لَهُ كَذَا وَوَقَّتَهُ، أَيْ حَدَّدَهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] .

(وَقَحَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ فِي الشَّيْءِ. وَالْحَافِرُ الصُّلْبُ وَقَاحٌ، شُبِّهَ بِهِ الرَّجُلُ الْقَلِيلُ الْحَيَاءِ فَقِيلَ وَقَاحٌ. وَوَقِحٌ: بَيِّنُ الْقِحَةِ وَالْوَقَاحَةِ. وَالتَّوْقِيحُ: أَنْ يُوَقَّحَ الْحَافِرُ بِشَحْمَةٍ تُذَابُ يُكْوَى بِهَا الْأَشْعَرُ. وَاسْتَوْقَحَ الْحَافِرُ: صَلُبَ. وَرَجُلٌ مُوَقَّحٌ: مُجَرَّبٌ.

(وَقَدَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى اشْتِعَالِ نَارٍ. وَقَدَتِ النَّارُ تَقِدُ وَاتَّقَدَتْ وَتَوَقَّدَتْ، وَأَوْقَدْتُهَا أَنَا. وَالْوَقُودُ: الْحَطَبُ. وَالْوُقُودُ: فِعْلُ النَّارِ إِذَا وَقَدَتْ. وَالْوَقَدُ: نَفْسُ النَّارِ. وَوَقْدَةُ الصَّيْفِ: أَشَدُّهُ حَرًّا.

(وَقَذَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالذَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ بِخَشَبٍ. مِنْهُ الْوَقْذُ: الْإِيلَامُ بِالضَّرْبِ. وَشَاةٌ مَوْقُوذَةٌ: ضُرِبَتْ بِالْخَشَبِ حَتَّى مَاتَتْ.
وَمِمَّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ وُقِذَتِ النَّاقَةُ: دَرَّتْ عَلَى كَرْهٍ فَقَلَّ لَبَنُهَا.

(وَقَرَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ: أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ثِقَلٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْهُ الْوَقْرُ: الثِّقَلُ فِي الْأُذُنِ. يُقَالُ مِنْهُ: وَقِرَتْ أُذُنُهُ تَوْقَرُ وَقْرًا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وُقِرَتْ أُذُنُهُ فَهِيَ مَوْقُورَةٌ. وَالْوِقْرُ: الْحِمْلُ. وَيُقَالُ نَخْلَةٌ مُوَقَّرَةٌ وَمُوقِرٌ، أَيْ ذَاتُ حَمْلٍ كَثِيرٍ. وَمِنْهُ الْوَقَارُ: الْحِلْمُ وَالرَّزَانَةُ. وَرَجُلٌ ذُو قِرَةٍ، أَيْ وَقُورٌ. يُقَالُ مِنْهُ وَقَرَ وَقَارًا. وَإِذَا أَمَرْتَ قُلْتَ اوقُرْ، فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ اومُرْ. قَالَ الْأَحْمَرُ فِي قَوْلِهِ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] : لَيْسَ مِنَ الْوَقَارِ، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْجُلُوسِ. يُقَالُ مِنْهُ وَقَرْتُ

(6/132)


أَقِرُ وَقْرًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْوَقَارِ. يُقَالُ: قِرْ، كَمَا يُقَالُ: عِدْ. وَرَجُلٌ مُوَقَّرٌ: مُجَرَّبٌ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْوَقِيرَةُ: نُقْرَةٌ فِي الصَّخْرِ. فَأَمَّا وَقِيرٌ فَهُوَ إِتْبَاعُ الْفَقِيرِ. وَالْوَقْرَةُ فِي الْعَظْمِ. وَالْوَقِيرُ: الْقَطِيعُ مِنَ الضَّأْنِ.

(وَقَصَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالصَّادُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَسْرِ شَيْءٍ. مِنْهُ الْوَقْصُ: دَقُّ الْعُنُقِ، وُقِصَتْ عُنُقُهُ فَهِيَ مَوْقُوصَةٌ. أَمَّا قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
فَبَعَثْتُهَا تَقِصُ الْمَقَاصِرَ بَعْدَ مَا ... كَرَبَتْ حَيَاةُ النَّارِ لِلْمُتَنَوِّرِ
فَمِنْ وَقْصِ الدَّابَّةِ إِذَا سَارَ فِي رُءُوسِ الْآكَامِ فَيَقِصُهَا. وَمِنْهُ التَّوَقُّصُ فِي الْمَشْيِ: شِدَّةُ الْوَطْءِ، كَأَنَّهُ يَقِصُ مَا تَحْتَهُ. وَالْوَقَصُ: دِقَاقُ الْعِيدَانِ. يُقَالُ وَقِّصْ لِنَارِكَ، وَهِيَ كِسَرُ الْعِيدَانِ. وَيُقَالُ لِمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ: وَقَصٌ ; وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ تَامَّةٍ، فَكَأَنَّهَا مَكْسُورَةٌ.

(وَقَطَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالطَّاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى وَقْعِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ. وَوَقَطَ الدِّيكُ الدَّجَاجَةَ: سَفِدَهَا. وَيُقَالُ: أَصَابَتْنَا سَمَاءٌ فَوَقَطَتِ الْأَرْضَ، كَأَنَّهَا وَقَعَتْ بِهَا، وَذَلِكَ الْمَكَانُ الَّذِي يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ وَقْطٌ، وَوَقِيطٌ.

(وَقَعَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فُرُوعُهُ، يَدُلُّ

(6/133)


عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ. يُقَالُ: وَقَعَ الشَّيْءُ وُقُوعًا فَهُوَ وَاقِعٌ. وَالْوَاقِعَةُ: الْقِيَامَةُ، لِأَنَّهَا تَقَعُ بِالْخَلْقِ فَتَغْشَاهُمْ. وَالْوَقْعَةُ: صَدْمَةُ الْحَرْبِ. وَالْوَقَائِعُ: مَنَاقِعُ الْمَاءِ الْمُتَفَرِّقَةُ، كَأَنَّ الْمَاءَ وَقَعَ فِيهَا. وَمَوَاقِعُ الْغَيْثِ: مَسَاقِطُهُ. وَالنَّسْرُ الْوَاقِعُ، مِنْ وَقْعِ الطَّائِرِ، يُرَادُ أَنَّهُ قَدْ ضَمَّ جَنَاحَيْهِ فَكَأَنَّهُ وَاقِعٌ بِالْأَرْضِ. وَمَوْقَعَةُ الطَّائِرِ: مَوْضِعُهُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ. وَكَوَيْتُ الْبَعِيرَ وَقَاعِ: دَائِرَةٌ وَاحِدَةٌ يُكْوَى بِهَا بَعْضُ جِلْدِهِ أَيْنَ كَانَ فَكَأَنَّهَا قَدْ وَقَعَتْ بِهِ. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي فُلَانٍ وَأَوْقَعَ بِهِ. وَأَمَّا وَقَعْتُ الْحَدِيدَةَ أَقِعُهَا وَقْعًا، إِذَا أَنْتَ حَدَّدْتَهَا، فَمِنَ الْقِيَاسِ، لِأَنَّكَ تُوَقِّعُهَا عَلَى حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَمْتَدَّ، فَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ فَعَلَ الشَّيْءُ وَفَعَلْتُهُ. وَحَدِيدَةٌ وَقِيعٌ. وَوَقَعَ الْغَيْثُ: سَقَطَ مُتَفَرِّقًا. وَمِنْهُ التَّوْقِيعُ، وَهُوَ أَثَرُ الدَّبَرِ بِظَهْرِ الْبَعِيرِ. وَمِنْهُ التَّوْقِيعُ: مَا يُلْحَقُ بِالْكِتَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ. وَتَوَقَّعْتُ الشَّيْءَ: انْتَظَرْتُهُ مَتَى يَقَعُ. وَالْحَافِرُ الْوَقِيعُ: الَّذِي قَطَّطَتْهُ الْحِجَارَةُ تَقْطِيطًا ; وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيدِ الْوَقِيعِ. وَالسَّيْفُ الْوَقِيعُ: مَا شُحِذَ بِالْحَجَرِ ; وَقَدْ مَرَّ قِيَاسُهُ. وَالْوَقَعُ: الْحَفَى. وَالْوَقِعُ: الْحَفِيُّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كَأَنَّهُ حَجَرٌ قَدْ وَقَعَ بِمِيقَعَةٍ فَحَفِيَ. وَالْوَقِعُ: الطِّخَافُ مِنَ السَّحَابِ، كَأَنَّهُ يَقَعُ بِغَيْثِهِ. وَأَمَّا الَّذِي حَكَاهُ أَبُو عَمْرٍو، أَنَّ الْوَقْعَ: الْمَكَانَ الْمُرْتَفِعَ مِنَ الْجَبَلِ، فَكَأَنَّهُ سُمِّي بِهِ لِأَنَّ الَّذِي يَعْلُوهُ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ.

(6/134)


(وَقَفَ) الْوَاوُ وَالْقَافُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى تَمَكُّثٍ فِي شَيْءٍ ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ. مِنْهُ وَقَفْتُ أَقِفُ وُقُوفًا. وَوَقَفْتُ وَقْفِي، وَلَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ أَوْقَفْتُ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلَّذِي يَكُونُ فِي شَيْءٍ ثُمَّ يَنْزِعُ عَنْهُ: قَدْ أَوْقَفَ. قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
جَامِحًا فِي غَوَايَتِي ثُمَّ أَوْقَفْ ... تُ رِضًا بِالتُّقَى وَذُو الْبِرِّ رَاضِ
وَحَكَى الشَّيْبَانِيُّ: " كَلَّمْتُهُمْ ثُمَّ أَوْقَفْتُ عَنْهُمْ " أَيْ سَكَتُّ. قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ أَمْسَكْتَ عَنْهُ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَوْقَفْتُ. وَمَوْقِفُ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ: حَيْثُ يَقِفُ.
وَالْوِقَافُ: الْمُوَاقَفَةُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَقِيفَةُ الْوَعِلِ: أَنْ تُلْجِئَهُ الْكِلَابُ أَوِ الرُّمَاةُ إِلَى صَخْرَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ، حَتَّى يُصَادَ. قَالَ:
فَلَا تَحْسَبَنِّي شَحْمَةً مِنْ وَقِيفَةٍ ... مُطَرَّدَةٍ مِمَّا تَصِيدُكَ سَلْفَعُ
وَسَلْفَعُ: كَلْبَةٌ.
وَمِنْهُ الْوَقْفُ: سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى وَقْفًا لِأَنَّهُ قَدْ وَقَفَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ. وَيُقَالُ عَلَى التَّشْبِيهِ: حِمَارٌ مُوَقَّفٌ، إِذَا كَانَ بِأَرْسَاغِهِ بَيَاضٌ، كَأَنَّهُ وَقَفَ. وَمَوْقِفَا الْفَرَسِ الْهَزْمَتَانِ فِي كَشْحَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(6/135)


[بَابُ الْوَاوِ وَالْكَافِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَكَلَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ غَيْرِكَ فِي أَمْرِكَ. مِنْ ذَلِكَ الْوُكَلَةُ، وَالْوَكَلُ: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ. يَقُولُونَ وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ. وَالتَّوَكُّلُ مِنْهُ، وَهُوَ إِظْهَارُ الْعَجْزِ فِي الْأَمْرِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى غَيْرِكَ. وَوَاكَلَ فُلَانٌ، إِذَا ضَيَّعَ أَمْرَهُ مُتَّكِلًا عَلَى غَيْرِهِ. وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ يُوكَلُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ. وَالْوِكَالُ فِي الدَّابَّةِ: أَنْ يَتَأَخَّرَ أَبَدًا خَلْفَ الدَّوَابِّ، كَأَنَّهُ يَكِلُ الْأَمْرَ فِي الْجَرْيِ إِلَى غَيْرِهِ. وَفِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَا يُوَاكِلُ نَهْزَهَا
أَيْ لَا يُبْطِئُ ; وَأَصْلُهُ مِنَ الْمُوَاكَلَةِ. [وَ] وَاكَلْتُ الرَّجُلَ، إِذَا اتَّكَلْتَ عَلَيْهِ وَاتَّكَلَ عَلَيْكَ. وَيَقُولُونَ: الْوَِكَالُ فِي الدَّابَّةِ: أَنْ يَسِيرَ بِسَيْرِ الْآخَرِ.

(وَكَمَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْمِيمُ كَلِمَةٌ. يَقُولُونَ: وُكِمَتِ الْأَرْضُ إِذَا وُطِئَتْ. وَوَكَمَهُ الْأَمْرُ: حَزَنَهُ. وَوُكِمَ: رُدَّ.

(وَكَنَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالنُّونُ. يَقُولُونَ لِعُشِّ الطَّائِرِ: وَكْنٌ، وَيُجْمَعُ وُكُنَاتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي وَكَنَاتِهَا» . وَيَقُولُونَ: تَوَكَّنَ،

(6/136)


فِي مَعْنَى تَمَكَّنَ.

(وَكَاَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى شَدِّ شَيْءٍ وَشِدِّةٍ. مِنْهُ الْوِكَاءُ: الَّذِي يُشَدُّ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» . وَتَقُولُ: سَأَلْتُهُ فَأَوْكَى عَلَيَّ، أَيْ بَخِلَ، كَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ، وَإِنَّ فُلَانًا لَوِكَاءٌ مَا يَبِضُّ بِشَيْءٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ: " «أَنَّهُ كَانَ يُوكِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» "، قَالَ: أَيْ يَمْلَأُ مَا بَيْنَهُمَا سَعْيًا، كَمَا يُوكَى السِّقَاءُ بَعْدَ الْمَلْءِ.
وَمِنَ الْبَابِ تَوَكَّأْتُ عَلَى كَذَا، أَيِ اتَّكَأْتُ، لِأَنَّهُ يَتَشَدَّدُ بِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِ. وَأَوْكَأْتُ فُلَانًا إِيكَاءً: نَصَبْتُ لَهُ مُتَّكَأً.

(وَكَبَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْبَاءُ: كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى الِانْتِصَابِ وَالْأُخْرَى عَلَى ضَرْبٍ مِنَ السَّيْرِ.
الْأَوَّلُ الْوَكْبُ: الِانْتِصَابُ. وَالْوَاكِبَةُ: الْقَائِمَةُ مِنْ قَوَائِمِ السَّرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنَ الْبَابِ: وَكَبَ الْعِنَبُ: أَخَذَ فِي النُّضْجِ. وَذَلِكَ حِينَ يَمْتَلِئُ مَاءً وَيَنْضَجُ حَبُّهُ.
وَالثَّانِي الْوَكَبَانُ: مِشْيَةٌ فِي دَرَجَانٍ. يُقَالُ ظَبْيَةٌ وَكُوبٌ. وَالْمُوكِبُ: الطَّائِرُ إِذَا تَهَيَّأَ لِلطَّيَرَانِ.

(وَكَتَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالتَّاءُ: كَلِمَةٌ وَهِيَ الْوَكْتَةُ، كَالنُّكْتَةِ فِي الشَّيْءِ. وَيُقَالُ لِلرُّطَبَةِ إِذَا تَقَطَّعَتْ: قَدْ وَكَّتَتْ.

(6/137)


(وَكَحَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ وَشِدَّةٍ. مِنْهُ الْأَوْكَحُ: الْحَجَرُ. وَحَفَرَ حَتَّى أَوْكَحَ، أَيْ وَصَلَ إِلَى حَجَرٍ لَا يَنْفُذُ فِيهِ الْحَدِيدُ. وَاسْتَوْكَحَ الْفَرْخُ: غَلُظَ. وَهَذِهِ فِرَاخٌ وُكَحٌ.

(وَكَدَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَدٍّ وَإِحْكَامٍ. وَأَوْكِدْ عَقْدَكَ، أَيْ شُدَّهُ. وَالْوِكَادُ: حَبْلٌ تُشَدُّ بِهِ الْبَقَرَةُ عِنْدَ الْحَلْبِ. وَيَقُولُونَ: وَكَدَ وَكْدَهُ، إِذَا أَمَّهُ وَعُنِيَ بِهِ.

(وَكَرَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ لَيْسَتْ كَلِمُهُ عَلَى قِيَاسٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهَا أَفْرَادٌ. فَالْوَكَرَى: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ. وَالْوَكَّارُ: الرَّجُلُ الْعَدَّاءُ. وَالْوَكَرَى مِنَ النِّسَاءِ: الشَّدِيدَةُ الْوَطْءِ إِذَا مَشَتْ. وَكَرْتُ الْإِنَاءَ: مَلَأْتُهُ. وَوَكَرَ بَطْنَهُ: مَلَأَهُ. وَالْوَكِيرَةُ: الطَّعَامُ يُتَّخَذُ لِلْبِنَاءِ. وَالْوَاكِرُ: الطَّائِرُ يَدْخُلُ وَكْرَهُ. وَالْوُكْرَةُ: الْمَوْرِدَةُ إِلَى الْمَاءِ.

(6/138)


(وَكَزَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالزَّاءُ بِنَاءٌ صَحِيحٌ ; يُقَالُ وَكَزَهُ: طَعَنَهُ. وَوَكَزَهُ: ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ. [وَ] وَكَزَهُ: دَفَعَهُ.

(وَكَسَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ وَخُسْرَانٍ. فَالْوَكْسُ: النَّقْصُ. وَكَسْتُهُ: نَقَصْتُهُ. وَوُكِسَ الرَّجُلُ وَأُوكِسَ: خَسِرَ. وَبَرَأَتِ الشَّجَّةُ عَلَى وَكْسٍ، إِذَا لَمْ يَتِمَّ بُرْؤُهَا.

(وَكَعَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْعَيْنُ كَلِمَتَانِ. إِحْدَاهُمَا تَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى نَوْعٍ مِنَ الضَّرْبِ.
الْأُولَى قَوْلُهُمْ: سِقَاءٌ وَكِيعٌ، أَيْ قَوِيٌّ لَا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُقَالُ: اسْتَوْكَعَتْ مَعِدَتُهُ اشْتَدَّتْ. وَمِنْهُ قِيَاسُ اسْمِ وَكِيعٍ. وَالْوَكَعُ فِي الْإِمَاءِ مِنْ هَذَا، وَهُوَ مَيَلَانٌ فِي صَدْرِ الْقَدَمِ نَحْوَ الْخِنْصَرِ. وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْإِمَاءِ لِأَنَّهُنَّ يَكْدُدْنَ. وَفَرَسٌ وَكِيعٌ: صُلْبٌ.
وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ: وَكَعَتْهُ الْعَقْرَبُ بِإِبْرَتِهَا: ضَرَبَتْهُ. وَكَعَتْ تَكَعُ وَكْعًا. وَمِنْهُ وَكَعَ النَّاقَةَ: حَلَبَهَا. وَبَاتَ الْفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّهُ اللَّيْلَةَ.

(وَكَفَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَالْفَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ لَيْسَتْ كَلِمُهُ عَلَى قِيَاسٍ وَاحِدٍ. فَالْوَكْفُ وَكْفُ الْبَيْتِ، وَهُوَ الْوَكِيفُ أَيْضًا. وَاسْتَوْكَفَ: اسْتَقْطَرَ.

(6/139)


وَالْوِكَافُ لُغَةٌ فِي الْإِكَافِ. وَالْوَكَفُ: الْإِثْمُ وَالْعَيْبُ. وَالتَّوَكُّفُ: التَّوَقُّعُ، وَلَعَلَّهُ أَصْلُهُ انْتِظَارُ الْوَكْفِ. وَالْوَكَفُ: مُطْمَئِنٌّ مِنَ الْأَرْضِ. وَوَكَفُ الْجَبَلِ: أَسَافِلُهُ قَالَ:
يَعْلُو دَكَاكِيكَ وَيَعْلُو وَكَفَا
وَالْوَكْفُ النِّطْعُ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَكَفٌ، أَيْ فَسَادٌ وَضَعْفٌ.

[بَابُ الْوَاوِ وَاللَّامِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَلَمَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ، فِيهِ كَلِمَاتٌ تَتَشَاكَلُ. يَقُولُونَ: الْوَلْمُ: الْحِزَامُ. وَالْوَلْمُ: حَبْلٌ يُشَدُّ بَيْنَ التَّصْدِيرِ وَالسَّفِيفِ لِئَلَّا يَقْلَقَا. وَيُقَالُ الْوَلْمُ: كُلُّ خَيْطٍ شَدَدْتَ بِهِ شَيْئًا. وَلَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ اشْتِقَاقُ الْوَلِيمَةِ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ. وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: طَعَامُ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ.

(وَلَهَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْهَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اضْطِرَابِ شَيْءٍ أَوْ ذَهَابِهِ [يُقَالُ: رَجُلٌ] وَالِهٌ وَامْرَأَةٌ وَالِهٌ وَوَالِهَةٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
فَأَقْبَلَتْ وَالِهًا ثَكْلَى عَلَى عَجَلٍ ... كُلٌّ دَهَاهَا وَكُلٌّ عِنْدَهَا اجْتَمَعَا
وَالْمُوَلَّهُ: الَّذِي وُلِّهَ عَقْلُهُ. وَعَيْنٌ مُوَلَّهَةٌ، إِذَا أُرْسِلَ مَاؤُهَا فَذَهَبَ فِي الصَّحَارِي.

(6/140)


وَمِنْهُ التَّوْلِيهُ: أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» .

(وَلَيَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْيَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قُرْبٍ. مِنْ ذَلِكَ الْوَلْيُ: الْقُرْبُ. يُقَالُ: تَبَاعَدَ بَعْدَ وَلْيٍ، أَيْ قُرْبٍ. وَجَلَسَ مِمَّا يَلِينِي، أَيْ يُقَارِبُنِي. وَالْوَلِيُّ: الْمَطَرُ يَجِيءُ بَعْدَ الْوَسْمِيِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلِي الْوَسْمِيَّ.
وَمِنَ الْبَابِ الْمَوْلَى: الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ، وَالصَّاحِبُ، وَالْحَلِيفُ، وَابْنُ الْعَمِّ، وَالنَّاصِرُ، وَالْجَارُ ; كُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ. وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ آخَرَ فَهُوَ وَلِيُّهُ. وَفُلَانٌ أَوْلَى بِكَذَا، [أَيْ أَحْرَى بِهِ وَأَجْدَرُ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الشَّتْمِ: أَوْلَى لَكَ فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ ثَعْلَبًا] يَقُولُ: أَوْلَى تَهَدُّدٌ وَوَعِيدٌ. وَأَنْشَدَ:
فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى ... وَهَلْ لِلدَّرِّ يُحْلَبُ مِنْ مَرَدِّ
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَعْنَاهُ قَارَبَهُ مَا يُهْلِكُهُ، أَيْ نَزَلَ بِهِ. وَأَنْشَدَ:
فَعَادَى بَيْنَ هَادِيَتَيْنِ مِنْهَا ... وَأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ
أَيْ قَارَبَ أَنْ يَزِيدَ. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ [أَحْسَنَ] مِمَّا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ فِي أَوْلَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَوْلَى تَحْسِيرٌ لَهُ عَلَى مَا فَاتَهُ. وَالْوَلَاءُ: الْمُوَالُونَ. يُقَالُ هَؤُلَاءِ وَلَاءُ فُلَانٍ. وَالْوَلَاءُ أَيْضًا: وَلَاءُ الْمُعْتَقِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ، كَأَنَّهُ يَكُونُ أَوْلَى بِهِ فِي الْإِرْثِ مِنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ وَارِثُ نَسَبٍ. وَهُوَ الَّذِي جَاءَ

(6/141)


فِي الْحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ» . وَوَالَيْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، إِذَا عَادَيْتَ بَيْنَهُمَا وِلَاءً. وَافْعَلْ هَذَا عَلَى الْوِلَاءِ أَيْ مُرَتِّبًا. وَالْبَابُ كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْبِ.

(وَلَبَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْبَاءُ. يَقُولُونَ: إِنَّ فِيهَا بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى نَمَاءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى ذَهَابٍ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْوَالِبَةُ: الزَّرْعَةُ تَنْبُتُ مِنْ عُرُوقِ الزَّرْعَةِ الْأُولَى. وَوَالِبَةُ الْإِبِلِ: نَسْلُهَا. وَوَلَبَ الشَّيْءَ: وَصَلَهُ.
وَالْآخَرُ الْوَالِبُ، قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: هُوَ الذَّاهِبُ فِي وَجْهِهِ. يُقَالُ: وَلَبَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ. قَالَ:
رَأَيْتُ جُرَيًّا وَالِبًا فِي دِيَارِهِمْ ... وَبِئْسَ الْفَتَى إِنْ نَابَ أَمْرٌ بِمُعْظَمِ

(وَلَثَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالثَّاءُ، فِيهِ كَلِمَتَانِ. يُقَالُ: بَيْنَهُمْ وَلْثٌ، أَيْ عَهْدٌ
وَالْأُخْرَى وَلَثَهُ بِالْعَصَا يَلِثُهُ وَلْثًا. وَوَلَثَتِ الْمَطَرَةُ الْأَرْضَ، إِذَا ضَرَبَتْ

(وَلَجَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى دُخُولِ شَيْءٍ. يُقَالُ وَلَجَ فِي مَنْزِلِهِ وَوَلَجَ الْبَيْتَ يَلِجُ وُلُوجًا. وَالْوَلِيجَةُ: الْبِطَانَةُ وَالدُّخَلَاءُ. [وَ] يُقَالُ رَجُلٌ خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ: كَثِيرُ الْخُرُوجِ وَالْوُلُوجِ. وَالْوَلِجَةُ: وَجَعٌ يَلِجُ جَوْفَ

(6/142)


الْإِنْسَانِ. وَيَقُولُونَ: الْوَلَجُ: الطَّرِيقُ فِي الرَّمْلِ، وَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ.

(وَلَحَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْحَاءُ. يَقُولُونَ: الْوَلِيحُ: الْجُوَالِقُ، الْوَاحِدَةُ وَلِيحَةٌ. قَالَ:
جُلِّلْنَ فَوْقَ الْوَلَايَا الْوَلِيحَا

(وَلَخَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْخَاءُ. يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ. يُقَالُ ائْتَلَخَ الْعُشْبُ ائْتِلَاخًا، إِذَا عَظَمَ وَطَالَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَوَقَعَ الْقَوْمُ فِي ائْتِلَاخٍ، أَيِ اخْتِلَاطٍ. وَزَعَمَ نَاسٌ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَالْخَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ هُنَالِكَ.

(وَلَدَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ دَلِيلُ النَّجْلِ وَالنَّسْلِ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. مِنْ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَهُوَ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ، وَيُقَالُ لِلْوَاحِدِ وُلْدٌ أَيْضًا. وَالْوَلِيدَةُ الْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ وَلَائِدُ. وَتَوَلَّدَ الشَّيْءُ عَنِ الشَّيْءِ: حَصَلَ عَنْهُ. وَاللِّدَةُ نُقْصَانُهُ الْوَاوُ لِأَنَّ أَصْلَهُ وِلْدَةٌ.

(وَلَذَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالذَّالُ. مِنْ غَرَائِبِ ابْنِ دُرَيْدٍ: الْوَلْذُ: سُرْعَةٌ فِي الْمَشْيِ وَالْحَرَكَةِ، وَوَلَذَ يَلِذُ.

(6/143)


(وَلَسَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالسِّينُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ السَّيْرِ. الْوَلَسَانُ: الْعَنَقُ فِي السَّيْرِ.

(وَلَعَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى اللَّهَجِ بِالشَّيْءِ، وَالْأُخْرَى عَلَى لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ.
فَالْأُولَى قَوْلُهُمْ: أُولِعْتُ بِالشَّيْءِ وَلُوعًا. وَرَجُلٌ وُلَعَةٌ، إِذَا لَهِجَ بِالشَّيْءِ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ وَلَعَ الظَّبْيُ، إِذَا أَسْرَعَ. وَوَلَعَ الرَّجُلُ: كَذَبَ.
وَالْأُخْرَى قَوْلُهُمْ لِلْمُلَمَّعِ مُوَلَّعٌ. وَالتَّوْلِيعُ: اسْتِطَالَةُ الْبَلَقِ. قَالَ:
كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
وَالْوَلِيعُ: الطَّلْعُ فِي قِيقَائِهِ.

(وَلَغَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْغَيْنُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ يَلَغُ، وَيُولَغُ إِذَا أَوْلَغَهُ صَاحِبُهُ. أَنْشَدَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانُ قَالَ: أَنْشَدَنَا ثَعْلَبٌ:
مَا مَرَّ يَوْمٌ إِلَّا وَعِنْدَهُمَا ... لَحْمُ رِجَالٍ أَوْ يُولَغَانِ دَمَا

(6/144)


وَرَجُلٌ مُسْتَوْلِغٌ: لَا يُبَالِي ذَمًّا وَلَا عَارًا.

(وَلَقَ) الْوَاوُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِسْرَاعٍ وَخِفَّةٍ. يُقَالُ جَاءَتِ الْإِبِلُ تَلِقُ، أَيْ تُسْرِعُ. قَالَ:
جَاءَتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّامِ تَلِقْ
وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: (إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) . وَنَاقَةٌ وَلَقَى: سَرِيعَةٌ. وَالْوَلْقُ: أَخَفُّ الطَّعْنِ، وَلَقَهُ بِالسَّيْفِ وَلَقَاتٍ. وَوَلَقَ يَلِقُ: كَذَبَ ; كُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ.
وَمِنَ الْبَابِ الْأَوْلَقُ الْجُنُونُ. يُقَالُ: أَخَذَهُ الْأَوْلَقُ. وَرَجُلٌ مُؤَوْلَقٌ عَلَى مُعَوْلَقٍ: بِهِ جُنُونٌ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْمِيمِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَمَأَ) الْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالْهَمْزَةُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. يُقَالُ: وَمَأْتُ إِلَيْهِ وَمْئًا، وَأَوْمَأْتُ إِيمَاءً أُومِئُ، إِذَا أَشَرْتَ. وَإِذَا تَرَكْتَ الْهَمْزَةَ فَالْوَامِيَةُ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ.

(6/145)


(وَمَدَ) الْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالدَّالُ: كَلِمَتَانِ. وَالْوَمَدُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. وَيُقَالُ: وَمِدَ: غَضِبَ.

(وَمَضَ) الْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالضَّادُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى لَمَعَانِ شَيْءٍ. يُقَالُ: وَمَضَ الْبَرْقُ وَمِيضًا، وَأَوْمَضَ إِيمَاضًا. وَأَوْمَضَ بِعَيْنِهِ مِنْ هَذَا.

(وَمَقَ) الْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالْقَافُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْوَمَقُ: الْحُبُّ. وَمِقَ يَمِقُ. وَالْمِقَةُ الِاسْمُ أَيْضًا.

[بَابُ الْوَاوِ وَالنُّونِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَنَى) الْوَاوُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ. يَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ. يُقَالُ: وَنَى يَنِي وَنْيًا. وَالْوَانِي: الضَّعِيفُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42] . وَالْوَنَى: التَّعَبُ. يُقَالُ: أَوْنَيْتُهُ: أَتْعَبْتُهُ. وَنَاقَةٌ وَانِيَةٌ. وَلَا يَنِي يَفْعَلُ، كَمَا يُقَالُ لَا يَزَالُ. وَامْرَأَةٌ وَنَاةٌ، إِذَا كَانَ فِيهَا فُتُورٌ عِنْدَ الْقِيَامِ.

(وَنَمَ) الْوَاوُ وَالنُّونُ وَالْمِيمُ. قَالَ: وَنَمَ الذُّبَابُ يَنِمُ وَنْمًا وَوَنِيمًا: ذَرَقَ.

[بَابُ الْوَاوِ وَالْهَاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(وَهَيَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى اسْتِرْخَاءٍ فِي شَيْءٍ. يُقَالُ: وَهَتْ عَزَالِيُّ السَّحَابِ بِمَائِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَرْخَى رِبَاطُهُ فَهُوَ وَاهٍ. وَالْوَهْيُ: الشَّقُّ فِي الْأَدِيمِ وَغَيْرِهِ.

(6/146)


(وَهَبَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْبَاءُ: كَلِمَاتٌ لَا يَنْقَاسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. تَقُولُ: وَهَبْتُ الشَّيْءَ أَهَبُهُ هِبَةً وَمَوْهِبًا. وَاتَّهَبْتُ الْهِبَةَ: قَبِلْتُهَا. وَالْمَوْهِبَةُ: قَلْتٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ ; وَالْجَمْعُ مَوَاهِبُ. وَيُقَالُ أَوْهَبَ إِلَيَّ مِنَ الْمَالِ كَذَا، أَيِ ارْتَفَعَ. وَأَصْبَحَ فُلَانٌ مُوهَبًا لِكَذَا، أَيْ مُعَدًّا لَهُ.

(وَهَتَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالتَّاءُ. يُقَالُ: أَوْهَتَ اللَّحْمُ، إِذَا أَنْتَنَ، يُوهِتُ إِيهَاتًا.

(وَهَثَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالثَّاءُ. يَقُولُونَ: الْوَهْثُ: الِانْهِمَاكُ فِي الشَّيْءِ.

(وَهَجَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْجِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْوَهَجُ: حَرُّ النَّارِ وَتَوَقُّدُهَا. وَيُسْتَعَارُ ذَلِكَ فَيُقَالُ: تَوَهَّجَ الْجَوْهَرُ: تَلَأْلَأَ. وَتَوَهَّجَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ وَوَهَجُ الطِّيبِ: أَرَجُهُ وَرَائِحَتُهُ. وَسِرَاجٌ وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وَكَذَلِكَ نَجْمٌ وَهَّاجٌ.

(وَهَدَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْوَهْدَةُ: الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ، وَالْجَمْعُ وِهَادٌ.

(وَهَزَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالزَّاءُ. يَقُولُونَ: الْوَهْزُ: الْمُلَزَّزُ الْخَلْقِ. وَوَهَزْتُ: دَفَعْتُ. وَالتَّوَهُّزُ: التَّوَثُّبُ.

(وَهَسَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالسِّينُ: كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الشِّدَّةُ فِي الْأُمُورِ، وَالثَّانِيَةُ مِنَ السِّرَارِ.
فَالْأُولَى الْوَهْسُ: شِدَّةُ السَّيْرِ. وَالْوَهْسُ: شِدَّةُ الْأَكْلِ. وَالْوَهْسُ: شِدَّةُ الْوَطْءِ. وَقَالَ حُمَيْدٌ:

(6/147)


بِتَنَقُّصِ الْأَعْرَاضِ وَالْوَهْسِ
فَهَذَا مِنَ التَّوَهُّسِ، وَهُوَ التَّشَدُّدُ وَالتَّطَاوُلُ عَلَى الْعَشِيرَةِ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: الْوَهْسُ السِّرَارُ. وَالْوَهْسُ: النَّمِيمَةُ.

(وَهَصَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالصَّادُ: كَلِمَاتٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَهِيَ الْوَهْصُ: شِدَّةُ الْوَطْءِ لِلشَّيْءِ بِالْقَدَمِ. يُقَالُ: وَهَصَ يَهِصُ. وَرَجُلٌ مَوْهُوصُ الْخَلْقِ: تَدَاخَلَتْ عِظَامُهُ. وَوَهَصْتُ الشَّيْءَ: كَسَرْتُهُ.

(وَهَطَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالطَّاءُ. يُقَالُ: أَوْهَطَهُ، إِذَا ضَرَبَهُ وَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ. وَوَهَطَهُ: كَسَرَهُ. وَوَهَطَهُ: وَطِئَهُ. وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ. وَالْوَهْطُ: مَكَانٌ مُطْمَئِنٌّ. وَالْوَهْطُ: غَيْضَةُ الْعُرْفُطِ. قَالَ الرَّاعِي:
جَوَاعِلُ أَرْمَامًا يَسَارًا وَحَارَةً ... شِمَالًا وَقَطَّعْنَ الْوِهَاطَ الدَّوَافِعَا

(وَهَفَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْفَاءُ: كَلِمَتَانِ. يُقَالُ: أَوْهَفَ مِنَ الْمَالِ كَذَا: ارْتَفَعَ. وَوَهَفَ النَّبَاتُ: أَوْرَقَ وَاهْتَزَّ.

(وَهَقَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْقَافُ: كَلِمَتَانِ. إِحْدَاهُمَا الْوَهَقُ، وَأَظُنُّهُ فَارِسِيًّا مُعَرَّبًا.

(6/148)


وَالْأُخْرَى عَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ الْمُوَاهَقَةُ: مَدُّ الْأَعْنَاقِ فِي السَّيْرِ. وَيُقَالُ: تَوَاهَقَتِ الرِّكَابُ. أَمَّا قَوْلُهُمْ تَوَهَّقَ الْحَصَى، إِذَا اشْتَدَّ حَرُّهُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، إِنَّمَا هُوَ تَوَهَّجَ. وَأَنْشَدَ:
حَتَّى إِذَا حَامِي الْحَصَى تَوَهَّقَا

(وَهَلَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَاللَّامُ كَلِمَاتٌ لَا تَنْقَاسُ، وَهِيَ الْوَهَلُ: الْفَزَعُ. يُقَالُ: وَهِلَ يَوْهَلُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَهَلْتُ عَنِ الشَّيْءِ: نَسِيتُهُ. وَوَهَلْتُ إِلَيْهِ: ذَهَبَ وَهْمِي إِلَيْهِ. وَلَقِيتُهُ أَوَّلَ وَهْلَةٍ، أَيْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ.

(وَهَمَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَاتٌ لَا تَنْقَاسُ، بَلْ أَفْرَادٌ. مِنْهَا الْوَهْمُ، وَهُوَ الْبَعِيرُ الْعَظِيمُ. وَالْوَهْمُ: الطَّرِيقُ. وَالْوَهْمُ: وَهْمُ الْقَلْبِ. يُقَالُ: وَهَمْتُ أَهِمُ وَهْمًا، إِذَا ذَهَبَ وَهْمِي إِلَيْهِ. وَمِنْهُ قِيَاسُ التُّهْمَةِ. وَأَوْهَمْتُ فِي الْحِسَابِ، إِذَا تَرَكْتُ مِنْهُ شَيْئًا. وَوَهِمْتُ: غَلِطْتُ، أَوْهَمَ وَهَمًا.

(وَهَنَ) الْوَاوُ وَالْهَاءُ وَالنُّونُ: كَلِمَتَانِ تَدُلُّ إِحْدَاهُمَا عَلَى ضَعْفٍ، وَالْأُخْرَى عَلَى زَمَانٍ.
فَالْأُولَى: وَهَنَ الشَّيْءُ يَهِنُ وَهْنًا: ضَعُفَ، وَأَوْهَنْتُهُ أَنَا. وَمِنْ هَذَا الْوَاهِنَةُ: الْقُصَيْرَى مِنَ الْأَضْلَاعِ، وَهِيَ أَسْفَلُهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَاهِنَةُ: دَاءٌ يُصِيبُ

(6/149)


الْإِنْسَانَ فِي أَخْدَعَيْهِ. وَالْوَهْنَانَةُ: الْمَرْأَةُ الْقَلِيلَةُ الْحَرَكَةِ، الثَّقِيلَةُ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ.
وَالْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَهَنُ وَالْمَوْهِنُ: سَاعَةٌ تَمْضِي مِنَ اللَّيْلِ. وَأَوْهَنَ الرَّجُلُ: صَارَ أَوْ سَارَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.

(تَمَّ كِتَابُ الْوَاوِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) .

(6/150)


[كِتَابُ الْيَاءِ] [بَابُ الْيَاءِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ]

بَابُ الْيَاءِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمُضَاعَفِ وَالْمُطَابِقِ
( [يَا] ) الْيَاءُ وَالْأَلِفُ: أَدَاةٌ، وَهِيَ يَاءٌ تَصْلُحُ لِلنِّدَاءِ نَحْوَ يَا زَيْدُ، وَقَدْ يَكُونُ تَعَجُّبًا وَتَلَذُّذًا نَحْوَ قَوْلِهِمْ: يَا بَرْدَهَا عَلَى الْفُؤَادِ. وَيَكُونُ تَلَهُّفًا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: يَا حَسْرَتَا عَلَى كَذَا.

(يَبَّ) الْيَاءُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْيَبَابُ، إِتْبَاعٌ لِلْخَرَابِ، وَرُبَّمَا أَفْرَدُوهَا فَقَالُوا:
أَخْبَرَتْ عَنْ فِعَالِهِ الْأَرْضُ وَاسْتَنْ ... طَقَ مِنْهَا الْيَبَابَ وَالْمَعْمُورَا

(يَدَّ) الْيَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلُ بِنَاءِ الْيَدِ لِلْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَيُسْتَعَارُ فِي الْمِنَّةِ فَيُقَالُ: لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ. وَيُجْمَعُ عَلَى الْأَيَادِي وَالْيُدِيِّ. قَالَ:
فَإِنَّ لَهُ عِنْدِي يُدِيًّا وَأَنْعُمَا
وَالْيَدُ: الْقُوَّةُ، وَيُجْمَعُ عَلَى الْأَيْدِي. وَتَصْغِيرُ الْيَدِ يُدَيَّةٌ. وَجَمَعَ نَاسٌ يَدَ الْإِنْسَانِ عَلَى الْأَيَادِي، فَقَالَ:
سَاءَهَا مَا تَأَمَّلَتْ فِي أَيَادِي ... نَا وَإِشْنَاقُهَا إِلَى الْأَعْنَاقِ

(6/151)


وَحَكَى الشَّيْبَانِيُّ امْرَأَةٌ يَدِيَّةٌ، أَيْ صَنَاعٌ، وَرَجُلٌ يَدِيٌّ. وَمَا أَيْدَى فُلَانَةَ. وَيَدِيَ مِنْ يَدِهِ يُدْعَى عَلَيْهِ. وَيَدَيْتُ عَلَى الرَّجُلِ: مَنَنْتُ عَلَيْهِ. قَالَ:
يَدَيْتُ عَلَى ابْنِ حَسْحَاسِ بْنِ عَمْرٍو ... بِأَسْفَلِ ذِي الْجَدَاةِ يَدَ الْكَرِيمِ
وَيَدَيْتُهُ: ضَرَبْتُ يَدَهُ.

(يَرَّ) الْيَاءُ وَالرَّاءُ. يَقُولُونَ: الْحَجَرُ الْأَيَرُّ: الصُّلْبُ. وَالْمَصْدَرُ الْيَرَرُ. وَيَقُولُونَ: حَارٌّ يَارٌّ، إِتْبَاعٌ.

(يَلَّ) الْيَاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْيَلَلُ: قِصَرُ الْأَسْنَانِ. قَالَ:
يَكْلَحُ الْأَرْوَقُ مِنْهَا وَالْأَيَلُّ

(يَمَّ) الْيَاءُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الشَّيْءِ وَتَعَمُّدِهِ وَقَصْدِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] . قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ تَيَمَّمْتُ فُلَانًا بِسَهْمِي وَرُمْحِي، إِذَا قَصَدْتَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ. وَأَنْشَدَ:
يَمَّمْتُهُ الرُّمْحَ شَزْرًا ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ... هَذِي الْبَسَالَةُ لَا لِعْبُ الزَّحَالِيقِ

(6/152)


قَالَ الْخَلِيلُ: وَمَنْ قَالَ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَمَّمْتُهُ فَقَدْ أَخْطَأَ، لِأَنَّهُ قَالَ " شَزْرًا ". وَلَا يَكُونُ الشَّزْرُ إِلَّا مِنْ نَاحِيَةٍ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَمَامَهُ فَيَقُولُ أَمَّمْتُهُ. وَحَكَى الشَّيْبَانِيُّ: رَجُلٌ مُيَمَّمٌ، إِذَا كَانَ يَظْفَرُ بِكُلِّ مَا طَلَبَ. وَأَنْشَدَ:
إِنَّا وَجَدْنَا أَعْصُرَ بْنَ سَعْدِ ... مُيَمَّمَ الْبَيْتِ رَفِيعَ الْجَدِّ
وَهَذَا كَأَنَّهُ يُقْصَدُ بِالْخَيْرِ. فَأَمَّا الْبَحْرُ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ. وَحَكَى الْخَلِيلُ: يُمَّ الرَّجُلُ فَهُوَ مَيْمُومٌ، إِذَا وَقَعَ فِي الْيَمِّ فَغَرِقَ. وَالْيَمَامُ طَائِرٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ الطَّيْرُ الَّذِي يُسْتَفْرَخُ فِي الْبُيُوتِ.

(يَهَّ) الْيَاءُ وَالْهَاءُ. يَقُولُونَ: يَهْيَهَ بِالْإِبِلِ، إِذَا قَالَ: يَاهْ يَاهْ.

[بَابُ الْيَاءِ وَمَا بَعْدَهَا مِمَّا جَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ]
ٍ وَكَتَبْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ بَابًا وَاحِدًا لِقِلَّتِهِ

(يَأَسَ) الْيَاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالسِّينُ. كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْيَأْسُ: قَطْعُ الرَّجَاءِ. وَيُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَتْ يَاءٌ فِي صَدْرِ كَلِمَةٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ إِلَّا هَذِهِ. يُقَالُ مِنْهُ: يَئِسَ يَيْأَسُ وَيَيْئِسُ، عَلَى يَفْعَلُ وَيَفْعِلُ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: أَلَمْ تَيْأَسْ، أَيْ أَلَمْ تَعْلَمْ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الرعد: 31] ، أَيْ أَفَلَمْ يَعْلَمْ. وَأَنْشَدُوا:

(6/153)


أَقُولُ لَهُمْ بِالشِّعْبِ إِذْ يَأْسِرُونَنِي ... أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمِ

(يَبَسَ) الْيَاءُ وَالْبَاءُ وَالسِّينُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى جَفَافٍ. يُقَالُ: يَبِسَ الشَّيْءُ يَيْبَسُ وَيَيْبِسُ. وَالْيَبْسُ: يَابِسُ النَّبْتِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ جَمْعُ يَابِسِ. وَالْيَبَسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ: الْمَكَانُ يُفَارِقُهُ الْمَاءُ فَيَيْبَسُ. وَيُقَالُ يَبِسَتِ الْأَرْضُ: ذَهَبَ مَاؤُهَا وَنَدَاهَا ; وَأَيْبَسَتْ: كَثُرَ يَبْسُهَا. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: امْرَأَةٌ يَبَسٌ، إِذَا لَمْ تَنَلْ خَيْرًا. قَالَ:
إِلَى عَجُوزٍ شَنَّةِ الْوَجْهِ يَبَسْ
وَيَبِيسُ الْمَاءِ: الْعَرَقُ إِذَا يَبِسَ. وَالْأَيْبَسَانِ: مَا لَا لَحْمَ عَلَيْهِ مِنَ السَّاقِ وَالْكَعْبِ.

(يَتَمَ) الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالْمِيمُ. يُقَالُ: الْيُتْمُ فِي النَّاسِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. وَيَقُولُونَ لِكُلِّ مُنْفَرِدٍ يَتِيمٌ، حَتَّى قَالُوا بَيْتٌ [مِنَ الشِّعْرِ] يَتِيمٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ رَامِيًا أَصَابَ أَتَانًا وَأَيْتَمَ أَطْفَالَهَا:
فَنَاطَ بِهَا سَهْمًا شِدَادًا غِرَارُهُ ... وَأَيْتَمَتِ الْأَطْفَالَ مِنْهَا وُجُوبُهَا

(6/154)


(يَتَنَ) الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْيَتْنُ، وَهُوَ الْفَصِيلُ يَخْرُجُ رِجْلَاهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ قَبْلَ رَأْسِهِ. يُقَالُ: أَيْتَنَتِ النَّاقَةُ وَالْمَرْأَةُ، إِذَا وَلَدَتْ يَتْنًا.

(يَدَعَ) الْيَاءُ وَالدَّالُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ، إِحْدَاهُمَا الْأَيْدَعُ: صِبْغٌ أَحْمَرُ. وَيُقَالُ مِنْهُ يَدَّعْتُ الشَّيْءَ أُيَدِّعُهُ تَيْدِيعًا.
وَالْأُخْرَى يَقُولُونَ: أَيْدَعَ الْحَجَّ عَلَى نَفْسِهِ: أَوْجَبَهُ. قَالَ جَرِيرٌ:
[وَرَبِّ الرَّاقِصَاتِ إِلَى الثَّنَايَا ... بِشُعْثٍ أَيْدَعُوا حَجًّا تَمَامًا]

(يَزَنَ) الْيَاءُ وَالزَّاءُ وَالنُّونُ. لَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذُو يَزَنَ، مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ، يُنْسَبُ إِلَيْهِ الرِّمَاحُ، فَيُقَالُ يَزَنِيَّةٌ وَأَزَنِيَّةٌ.

(يَسَرَ) الْيَاءُ وَالسِّينُ وَالرَّاءُ: أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى انْفِتَاحِ شَيْءٍ وَخِفَّتِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ.
فَالْأَوَّلُ: الْيُسْرُ: ضِدُّ الْعُسْرِ. وَالْيَسَرَاتُ: الْقَوَائِمُ الْخِفَافُ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ حَسَنُ التَّيْسُورِ، أَيْ حَسَنُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ. قَالَ:
قَدْ بَلَوْنَاهُ عَلَى عِلَّاتِهِ ... وَعَلَى التَّيْسُورِ مِنْهُ وَالضُّمُرْ
وَمِنَ الْبَابِ: يَسَّرَتِ الْغَنَمُ، إِذَا كَثُرَ لَبَنُهَا وَنَسْلُهَا. قَالَ:
هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمَانِ وَإِنَّمَا ... يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَمَاهُمَا

(6/155)


وَيُقَالُ رَجُلٌ يَسْرٌ وَيَسَرٌ، أَيْ حَسَنُ الِانْقِيَادِ. وَالْيَسَارُ: الْغِنَى. وَتَيَسَّرَ الشَّيْءُ وَاسْتَيْسَرَ. وَيُسْرٌ: مَكَانٌ.
وَمِنَ الْبَابِ الْأَيْسَارُ: الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْمَيْسِرِ، وَاحِدُهُمْ يَسَرٌ. قَالَ:
وَهُمُ أَيْسَارُ لُقْمَانَ إِذَا ... أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبْدَاءَ الْجُزُرْ
وَالْمَيْسِرُ: الْقِمَارُ. وَمِنَ الْبَابِ الْيَسَرَةُ: أَسْرَارُ الْكَفِّ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُلْتَزِقَةٍ.
وَالْكَلِمَةُ الْأُخْرَى: الْيَسَارُ لِلْيَدِ. يُقَالُ: تَيَاسَرُوا، إِذْ أَخَذُوا ذَاتَ الْيَسَارِ. وَيُقَالُ يَاسَرُوا، وَهُوَ أَجْوَدُ.

(يَعَرَ) الْيَاءُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ. يُقَالُ: الْيَعْرُ: الْجَدْيُ. قَالَ:
كَمَا رُبِطَ الْيَعْرُ
[أَيْ كَمَا رُبِطَ] عِنْدَ الزُّبْيَةِ لِلذِّئْبِ. وَالْيُعَارُ: صَوْتُ الشَّاءِ. يُقَالُ: يَعَرَتْ تَيْعَِرُ يُعَارًا.

(6/156)


(يَعَطَ) الْيَاءُ وَالْعَيْنُ وَالطَّاءُ. يَقُولُونَ لِلذِّئْبِ إِذَا زَجَرُوهُ: يَعَاطِ.
قَالَ: وَيُقَالُ أَيْعَطْتُ بِهِ قَالَ:
يَهْفُو إِذَا قِيلَ لَهُ يَعَاطِ

(يَفَنَ) الْيَاءُ وَالْفَاءُ وَالنُّونُ. يَقُولُونَ: الْيَفَنُ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ.

(يَفَعَ) الْيَاءُ وَالْفَاءُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِارْتِفَاعِ. فَالْيَفَاعُ: مَا عَلَا مِنَ الْأَرْضِ. وَمِنْهُ يُقَالُ: أَيْفَعَ الْغُلَامُ: إِذَا عَلَا شَبَابُهُ، فَهُوَ يَافِعٌ، وَلَا يُقَالُ مُوفِعٌ.

(يَقَنَ) الْيَاءُ وَالْقَافُ وَالنُّونُ: الْيَقَنُ وَالْيَقِينُ: زَوَالُ الشَّكِّ. يُقَالُ يَقِنْتُ، وَاسْتَيْقَنْتُ، وَأَيْقَنْتُ.

(يَقَهَ) الْيَاءُ وَالْقَافُ وَالْهَاءُ. سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ثَعْلَبًا يَقُولُ: أَيْقَهَ يُوقِهُ إِيقَاهًا، إِذَا فَهِمَ. يُقَالُ أَيْقِهْ لِهَذَا، أَيِ افْهَمْهُ. وَيُقَالُ بَلْ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَةِ. قَالَ:
وَاسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ

(6/157)


(يَلَبَ) الْيَاءُ وَاللَّامُ وَالْبَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا. وَهِيَ الْيَلَبُ، قَالَ قَوْمٌ: الْيَلَبُ: الْبَيْضُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْيَلَبُ: التُّرْسُ. وَأَنْشَدُوا:
عَلَيْهِمْ كُلُّ سَابِغَةٍ دِلَاصٍ ... وَفِي أَيْدِيهِمُ الْيَلَبُ الْمُدَارُ
وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْيَلَبُ: الْفُولَاذُ. [قَالَ] :
وَمِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ الْيَلَبْ

(يَلَقَ) الْيَاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ. يَقُولُونَ: الْيَلَقُ: الْأَبْيَضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَأَنْشَدُوا:
وَأَتْرُكُ الْقِرْنَ فِي الْغُبَارِ وَفِي ... حِضْنَيْهِ زَرْقَاءُ مَتْنُهَا يَلَقُ
وَيُقَالُ الْيَلَقَةُ: الْعَنْزُ الْبَيْضَاءُ.

(يَمَنَ) الْيَاءُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ: كَلِمَاتٌ مِنْ قِيَاسٍ وَاحِدٍ. فَالْيَمِينُ: يَمِينُ الْيَدِ. [وَ] يُقَالُ: الْيَمِينُ: الْقُوَّةُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ:
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
أَرَادَ الْيَدَ الْيُمْنَى. وَالْيُمْنُ: الْبَرَكَةُ، وَهُوَ مَيْمُونٌ. وَالْيَمِينُ: الْحَلِفُ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى. وَكَذَلِكَ الْيَمَنُ، وَهُوَ بَلَدٌ. يُقَالُ: رَجُلٌ يَمَانٍ، وَسَيْفٌ يَمَانٍ.

(6/158)


وَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّ الْمُتَحَالِفَيْنِ كَأَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْفِقُ بِيَمِينِهِ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ.

(يَنَفَ) الْيَاءُ وَالنُّونُ وَالْفَاءُ. يَنُوفُ فِي شِعْرٍ امْرِئِ الْقَيْسِ:
هَضْبَةٌ فِي جَبَلَيْ طَيٍّ

(يَنَمَ) الْيَاءُ وَالنُّونُ وَالْمِيمُ. الْيَنَمَةُ: نَبْتٌ.

(يَهَرَ) الْيَاءُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ. يَقُولُونَ: الْيَهْرُ: اللَّجَاجُ. وَاسْتَيْهَرَ الرَّجُلُ: لَجَّ.

(يَهَمَ) الْيَاءُ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ. الْيَهْمَاءُ: الْمَفَازَةُ لَا عَلَمَ بِهَا. وَيُقَالُ الْأَيْهَمَانِ: السَّيْلُ وَالْحَرِيقُ. وَيُقَالُ الْأَيْهَمُ مِنَ الرِّجَالِ: الْأَصَمُّ. وَيُقَالُ لِلشُّجَاعِ أَيْهَمُ، وَهُوَ مِنَ الْبَابِ، كَأَنَّهُ لَا مَأْتَى لِأَحَدٍ إِلَيْهِ.

(يَوَحَ) الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالْحَاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِي يُوحُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّمْسِ.

(يَوَمَ) الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْيَوْمُ: الْوَاحِدُ مِنَ الْأَيَّامِ، ثُمَّ يَسْتَعِيرُونَهُ فِي الْأَمْرِ الْعَظِيمِ وَيَقُولُونَ نِعْمَ فُلَانٌ فِي الْيَوْمِ إِذَا نَزَلَ. وَأَنْشَدَ:

(6/159)


نِعْمَ أَخُو الْهَيْجَاءِ فِي الْيَوْمِ الْيَمِي
وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَقْلُوبٌ كَانَ فِي الْيَوِمِ. وَالْأَصْلُ فِي أَيَّامٍ أَيْوَامٌ، لَكِنَّهُ أُدْغِمَ.

أَمَّا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، مِثْلُ (الْيَرْبُوعِ) وَهِيَ دُوَيْبَةٌ، وَ (يَبْرِينَ) وَهُوَ مَوْضِعٌ، وَ (يَمْؤُودَ) وَ (يَلَمْلَمَ) وَهُمَا مَوْضِعَانِ، وَ (الْيَرَنْدَجِ) ، وَهِيَ جُلُودٌ سُودٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - فَإِنَّ سَبِيلَ الْيَاءِ فِي أَوَائِلِهَا سَبِيلُ الْهَمْزَةِ فِي الرُّبَاعِيِّ وَالْخُمَاسِيِّ، فَإِنَّهُمَا زَائِدَتَانِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِمَا يَجِيءُ بَعْدَ الْيَاءِ، كَمَا هُوَ الِاعْتِبَارُ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ بِمَا يَجِيءُ بَعْدَهَا. وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْكِتَابِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ السَّعِيدُ، أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَجْزَلَ لَهُ الثَّوَابَ.
قَدْ ذَكَرْنَا مَا شَرَطْنَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ أَنْ نَذْكُرَهُ، وَهُوَ صَدْرٌ مِنَ اللُّغَةِ صَالِحٌ. فَأَمَّا الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ كَلَامِ الْعَرَبِ [فَهُوَ] مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - بِوَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَزَّ، ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَبَاطِنًا وَظَاهِرًا. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ، الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. .
قَدْ وَقَعَتِ الْفَرَاغَةُ مِنْ كِتَابَةِ كِتَابِ الْمَقَايِيسِ اللُّغَةِ.

==========

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...