Translate سكا.....

الثلاثاء، 3 مايو 2022

كتاب التهليل وكتاب الحجاب وكتاب الخشية .

 

كتاب التهليل
التهليل لغة:
مَصْدَرُ هَلَّلَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ(هـ ل ل) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ ثُمَّ يُتَوَسَّعُ فِيهِ. فَيُسَمَّى الشَّيْءُ الَّذِي يُصَوَّتُ عِنْدَهُ بِبَعْضِ أَلْفَاظِ الهَاءِ وَاللاَّمِ (الْمُضَعَّفَةِ) ثُمَّ يُشَبَّهُ بِهَذَا الْمُسَمَّى غَيْرُهُ فَيُسَمَّى بِهِ وَالأَصْلُ قَوْلُهُمْ: أَهَلَّ بِالحَجِّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ، وَاسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صَارِخًا صَوَّتَ عِنْدَ وِلاَدَتِهِ، قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ فِي الإِهْلاَلِ:
يُهِلُّ بِالفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا …كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرْ
وَيُقَالُ: انْهَلَّ الْمَطَرُ فِي شِدَّةِ صَوْبِهِ وَصَوْتِهِ انْهِلاَلاً.

(1/1)


وَقَالَ الرَّاغِبُ: وَالإِهْلاَلُ رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلاَلِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ لِكُلِّ صَوْتٍ وَبِهِ شُبِّهَ إِهْلاَلُ الصَّبِيِّ،وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِاللهِ} (البقرة/173) أَيْ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللهِ وَهُوَ مَا كَانَ يُذْبَحُ لأَجْلِ الأَصْنَامِ، وَقِيلَ الإِهْلاَلُ وَالتَهَلُّلُ أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَمِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ رُكِّبَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ كَقَوْلِهِمْ التَّبَسْمُلُ وَالْبَسْمَلَةُ، وَالتَّحَوْقُلُ وَالْحَوْقَلَةُ إِذَا قَالَ:بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ،وَمِنْهُ الإِهْلاَل بِالحَجِّ، وَتَهَلَّلَ السَّحَابُ بِبَرْقِهِ تَلأَلأَ وَيُشَبَّهُ فِي ذَلِكَ بِالهِلاَلِ، وَثَوْبٌ مُهَلَّلٌ خَفِيفُ النَّسْجِ، وَمِنْهُ شِعْرٌ مُهَلْهَلٌ أَيْ رَقِيقٌ، وَالْخُلاَصَةُ أَنَّ اشْتِقَاقَ التَّهْلِيلِ فِيهِ لِعُلَمَاءِ العَرَبِيَّةِ رَأْيَانِ: الأَوَّلُ: أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِـ [هَلَّلَ] الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الصَّوْتِ. الآخَرُ: أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَنْحُوتٍ مِنْ قَوْلَةِ [لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ](1).
__________
(1) مقاييس اللغة(6‍/1‍‍)، مفردات الراغب (ص4‍‍‍).

(1/2)


هَلَّلَ الرَّجُلُ، أَيْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. وَيُقَالُ: قَدْ أَكْثَرْتَ مِنَ الهَيْلَلَةِ أَيْ مِنْ قَوْلِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: قَدْ أَخَذْنَا فِي الهَيْلَلَةِ، إِذَا أَخَذُوا فِي التَّهْلِيلِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: حَوقَلَ الرَّجُلُ وَحَوْلَقَ إِذَا قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَكَذَا حَيْعَلَ الرَّجُلُ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ الخَلِيلُ: العَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا إِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِلْكَلِمَتَيْنِ ضَمُّوا بَعْضَ حُرُوفِ إِحْدَاهُمَا إِلَى بَعْضِ حُرُوفِ الأُخْرَى. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ هِيَ الْحَوْقَلَةُ، وَالْبَسْمَلَةُ، وَالسَّبْحَلَةُ، وَالْهَيْلَلَةُ، أَحْرُفُهَا جَاءَتْ هَكَذَا، قِيلَ لَهُ: فَالْحَمْدَلَةُ؟ قَالَ: لاَ وَأَنْكَرَهُ، يُقَالُ أَيْضًا: أَهَلَّ الرَّجُلُ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِذِكْراللهِ تَعَالَى عَنْ نِعْمَةٍ أَوْ رُؤْيَةِ شَيْءٍ يُعجِبُهُ(1).
التهليل اصطلاحًا:
لَمْ تَذْكُرْ كُتُبُ الْمُصْطَلَحَاتِ هَذَا اللَّفْظَ: بَيْدَ أَنَّهُ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ نَسْتَخْلِصَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ أَقْوَالِ اللُّغَوَيِّينَ فَنَقُولُ: التَّهْلِيلُ: أَنْ يَرْفَعَ الْمُسْلِمُ صَوْتَهُ بِقَوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ .
انْظُرْ تَفَاصِيلَ تَعْرِيفَ ذَلِكَ فِي صِفَةِ [التَّوْحِيدِ].
[ للاستزادة:انظر صفات:التسبيح ـ التكبير ـ التوحيد ـ الحمد ـ الحوقلة ـ الذكر ـالكلم الطيب ـ تعظيم الحرمات.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الشرك ـ الإعراض ـ الغفلة ـ الكفر ـ اللغو ـ اللهو واللعب ].
الآيات الواردة في "التهليل"
__________
(1) لسان العرب (8‍/8‍‍‍‍‍‍‍‍). والصحاح (6‍/ 1‍‍‍‍- 3‍‍‍‍). و المصباح المنير (2‍/9‍‍‍).

(1/3)


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرحمن قُلْ هُوَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ(30)}(1)
{ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ(87)}(2)
{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ(35)}(3)
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ(19)}(4)
الأحاديث الواردة في " التهليل "
1 - *( عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَاِزبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أُتِيَ ثُمَّ شَهِدَ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (إبراهيم/27)])*(5).
__________
(1) الرعد :30 مدنية.
(2) الأنبياء :87 مكية.
(3) الصافات:35 مكية.
(4) محمد :19 مدنية.
(5) البخاري - الفتح 3‍(9‍‍‍‍).

(1/4)


2 - *( عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ . قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إَلَهَ إِلاَّ اللهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ . قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ . ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ . ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ. قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ])*(1).
3ـ *(عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللهِ، التَّسْبِيحَ وَالتَّهْليلَ وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ.تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا، أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ (أَوْ لاَ يَزَالَ لَهُ) مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ؟])*(2).
__________
(1) مسلم (5‍‍‍).
(2) ابن ماجة (9‍‍‍‍) في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

(1/5)


4 - *( عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ J، قَالُوا لِلنَّبِيِّ J يَارَسُولَ اللهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ. يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ،وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ . قَالَ: [ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَة صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدَقَةً، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ]. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:[ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ])*(1).
5ـ *(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } (الأحزاب/45) قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا للأُمِّيِّينَ(2)، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بَأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَيَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا وَقُلوبًا غُلْفًا)*(3).
__________
(1) مسلم (6‍‍‍‍).
(2) الأميين: العرب
(3) البخاري - الفتح 8‍(8‍‍‍‍).

(1/6)


6 - *(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ أَنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلاَثِمِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كبَّرَ اللهَ وَحَمِدَ اللهَ وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ والثَّلاَثِمِائَةِ السُّلاَمَى(1) فَإِنَّهُ يَمْشِي يَومَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ])*(2).
7 - *(عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ـِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلاَ إَلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ.لاَ يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ وَلاَ تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلاَ رَبَاحًا، وَلاَ نَجِيحًا، وَلاَ أَفْلَحَ. فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ . فَيَقُولُ: لاَ إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَيَّ])*(3).
__________
(1) السلامى: كالحبارى، عظام صغار طول الإصبع في اليد والرجل وجمعه سلاميات.
(2) مسلم (7‍‍‍‍).
(3) مسلم (7‍‍‍‍). والبخاري تعليقًا: الفتح (1‍‍/6‍‍‍).

(1/7)


8 ـ*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ J عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصَى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: [أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ] فَقَالَ:[ سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللهُ أَكْبَرُمِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ للهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ ])*(1).
9ـ*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ])*(2).
__________
(1) أبو داود (0‍‍‍‍) وهذا لفظه.والترمذي (8‍‍‍‍)وقال: حسن غريب. وذكره النووي في الأذكار (2‍‍). وعزاه للترمذي ونقل تحسينه، وقال مخرجه: قال الحافظ: حديث صحيح.
(2) الموطأ مرسلاً (ص 8‍‍‍)وهذا لفظه، وقال ابن عبد البر: روي موصولاً من طرق . وقال الألباني في السلسلة الصحيحة(4‍/6‍): الحديث ثابت بمجموع الشواهد (وقد ذكر له عدة شواهد، فانظرها هناك). وكذلك في المشكاة (8‍‍‍‍) وقال: رواه الترمذي وحسنه في بعض الروايات. وقال: هو كما قال باعتبار شاهده. وهو حديث مالك المذكور.

(1/8)


10-*(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ للهِ ])*(1).
__________
(1) الترمذي (3‍‍‍‍)، وابن ماجة (0‍‍‍‍) وهذا لفظه، وذكره في المشكاة (6‍‍‍‍)، وقال الألباني (2‍/4‍‍‍): حسنه الترمذي وهو كما قال.وكذلك في صحيح الجامع (1‍/2‍‍‍) رقم (5‍‍‍‍) وعزاه للترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان و المستدرك و هو في الصحيحة (3‍/4‍‍‍) رقم (7‍‍‍‍).

(1/9)


11ـ*(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ J، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ عَلَيْهِ جُبَّةُ سِيجَانٍ(1) مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَ:[ أَلاَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ]أَوْ قَالَ:[يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ، وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ. قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ J بِمَجَامِع جُبَّتِهِ، وَقَالَ:[ أَلاَ أُرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَن لاَ يَعْقِلُ!] ثُمَّ قَالَ:[ إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا J لَمَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاة قَالَ لابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ،وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَسُبْحَانَ اللهِ، وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ]، قَالَ: قُلْتُ أَوْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا نَعْلاَنِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ؟ قَالَ: [ لاَ ]، قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِ نَاحُلَّةٌ يَلْبَسُهَا؟، قَالَ: [ لاَ ]، قَالَ: الْكِبْرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا.؟ قَالَ: [لاَ ]، قَالَ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ
__________
(1) السيجان: جمع ساج وهو الطيلسان الأخضر، وقيل: هو الطيلسان المُقَوَّر، ينسج كذلك

(1/10)


لأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ؟.قَالَ: [لاَ]، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ:[ سَفَهُ الْحَقِّ وَغَمْصُ(1) النَّاسِ])*(2).
12- *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ
J جَالِسًا يَعْنِي وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ J لأَصْحَابِهِ: [تَدْرُونَ بِمَ دَعَا؟] قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:[وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِه أَعْطَى])*(3).
__________
(1) غمص الناس: احتقارهم والتهاون بحقهم - القاموس [غمص].
(2) أحمد (2‍/0‍‍‍) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (8‍/7‍‍) حديث (3‍‍‍‍) . والبخاري في الأدب المفرد(0‍‍، 1‍‍). وغمص الناس: ( احتقارهم والتهاون بحقهم ).
(3) النسائي (3‍/5‍‍) وذكره الألباني في الصحيح منه (1‍/9‍‍‍) حديث (3‍‍‍‍) وهذا لفظه وقال: صحيح. وابن ماجة (8‍‍‍‍).

(1/11)


13-*(عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ: [اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي،اغْفِرْلِي،فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ.مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ])*(1).
14-*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ ])*(2).
__________
(1) البخاري - الفتح 1‍‍(6‍‍‍‍).
(2) الترمذي (5‍‍‍‍)وهذا لفظه. والحاكم (1‍/5‍‍‍) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. والطبراني في الدعاء (2‍/8‍‍‍) وقال مخرجه: إسناده حسن. وقال الحافظ في الفتح: رواه النسائي والحاكم (1‍‍/5‍‍‍).

(1/12)


15-*(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِشَيْءٍأَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ؟قَالَ:[قُلِ اللَّهُمَّ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ،أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ] قَالَ:[ قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ،وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ])*(1).
16-*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ
J فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلاَمًا أَقُولُهُ. قَالَ:[ قُل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ. اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا. وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا. سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ. لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ]. قَالَ: فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ: قُلِ:[ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي])*(2) .
17- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ])*(3).
__________
(1) أبو داود (7‍‍‍‍). والترمذي (2‍‍‍‍)واللفظ له وقال: حسن صحيح.
(2) مسلم (2696).
(3) مسلم (5‍‍‍‍).

(1/13)


18- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَن لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ. أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ])*(1).
19-*(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِيءْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ اللهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ])*(2).
20- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغْطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ . إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ])*(3).
__________
(1) البخاري - الفتح 1‍(9‍‍).
(2) الترمذي (2‍‍‍‍) وقال: حسن غريب. وذكره النووي في الأذكار وقال مخرجه: حسن لشواهده وهو في المسند وصحيح ابن حبان والطبراني(4‍‍).
(3) الترمذي (3‍‍‍‍) وهذا لفظه وقال:هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه. وعزاه شاكر إلى النسائي في عمل اليوم والليلة( ص/4‍‍‍).

(1/14)


21-*(عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ مَنْ تَعَارَّ (1) مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الحَمْدُ اللهِ وَسُبْحَانَ اللهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ ـ دَعَا ـ اسْتُجِيبَ. فَإِنْ تَوَضَّأَ قُبِلَتْ صَلاَتُهُ] )*(2).
22ـ*(عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ. فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ])*(3).
__________
(1) تعارَّ: أي استيقظ مع صوت، وقيل: هو التمطي والتقلب في الفراش ليلاً، وقيل: انتبهَ.
(2) البخاري - الفتح 3‍(4‍‍‍‍).
(3) الترمذي (5‍‍) وهذا لفظه وصححه الشيخ أحمد شاكر كما في (1‍/9‍‍). ومسلم (4‍‍‍) بسياق مختلف وليس فيه (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين).

(1/15)


23- *( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ مَنْ قَال أَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْه (ثَلاَثًا) غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ])*(1).
24-*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ. وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا . غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ])*(2).
25 - *(عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللهِ
J: [مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ أَصْبَحْنَا نُشْهِدُكَ، وَنُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ بِأَنَّكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا أَصَابَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ ذَنْبٍ])*(3).
__________
(1) الترمذي (7‍‍‍‍) وفيه زيادة . وأبوداود(1517‍) من حديث بلال بن يسار بن زيد مولى رسول الله
J. والحاكم (1‍/1‍‍‍) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وهذا لفظه.
(2) مسلم (6‍‍‍).
(3) الترمذي (3501‍)، وله طريق أخرى بمعناه عند أبي داود (5069‍)، ويُنظر أيضًا: النسائي في عمل اليوم والليلة ص21‍.

(1/16)


26- *( عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مِرَارٍ. كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ])*(1).
27 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J [ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عِدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ])*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 1‍‍(4‍‍‍‍) وفيه (كمن أعتق رقبه). ومسلم (3‍‍‍‍) واللفظ له
(2) البخاري ـ الفتح1‍‍(3‍‍‍‍). ومسلم(1‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/17)


28- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ للهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ J: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟..الحَديث وَفِيهِ:[حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَقُولُ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ. تَأْكُلُ النَّارُ مِنِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ. حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ. فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا(1) فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ(2) كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيل السَّيْلِ(3)... الحَدِيثَ)*(4).
__________
(1) قد امتحشوا: معناه: احترقوا.
(2) فينبتون منه: معناه ينبتون بسببه.
(3) كما تنبت الحبة في حميل السيل: الحبة هي بذر البقول والعشب، تنبت في البراري وجوانب السيول. وجمعها حِبَب. وحميل السيل ما جاء به السيل من طين أو غثاء، ومعناه محمول السيل. والمراد التشبيه في سرعةالنبات وحسنه وطراوته.
(4) مسلم (2‍‍‍).

(1/18)


29- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ J مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ:[ مَا الَّذِي تَغْرِسُ؟] قُلْتُ: غِرَاسًا لِي. قَالَ: [أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا؟] قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: [قُلْ سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ اللهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ. يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ])*(1).
30- *( عَنْ أُمِّ رَافِعٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَأْجُرُنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ؟ قَالَ:(يَا أُمَّ رَافِعٍ إِذَا قُمْتِ إِلَى الصَّلاَةِ فَسَبِّحِي اللهَ تَعَالَى عَشْرًا وَهَلِّلِيهِ عَشْرًا وَاحْمَدِيهِ عَشْرًا وَكَبِّرِيهِ عَشْرًا وَاسْتَغْفِرِيهِ عَشْرًا. فَإِنَّكِ إِذَا سَبَّحْتِ قَالَ: هَذَا لِي،وَإِذَا هَلَّلْتِ قَالَ: هَذَا لِي، وَإِذَا حَمِدْتِ قَالَ: هَذَا لِي، وَإِذَا كَبَّرْتِ قَالَ: هَذَا لِي، وَإِذَا اسْتَغْفَرْتِ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ)*(2).
المثل التطبيقي من حياة النبي
J في " التهليل "
__________
(1) ابن ماجة (7‍‍‍‍) وقال في الزوائد: إسناده حسن.
(2) ابن السني في اليوم والليلة (5‍‍‍).وذكره النووي في الأذكار وقال مخرجه: قال الحافظ ابن حجر: حديث حسن ورجاله موثقون(7‍‍).

(1/19)


31 - *( عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَيْقظَ النَّبِيُّ J مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:[ لاَ إَلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ] وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَة ًـ قِيلَ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:[ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ])*(1).
32- *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ
J كَانَ يَقُولُ: [ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي. أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ. وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يمُوتُونَ])*(2).
33- *( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ
J: [ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ:[ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُم زِدْنِي عِلْمًا وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ])*(3).
__________
(1) البخاري- الفتح3‍‍(9‍‍‍‍)واللفظ له. ومسلم (0‍‍‍‍).
(2) البخاري ـ الفتح3‍‍(3‍‍‍‍). ومسلم(7‍‍‍‍)واللفظ له.
(3) أبو داود (1‍‍‍‍). والحاكم(1‍/0‍‍‍) وصححه وأقره الذهبي.وذكره النووي في الأذكار وعزاه مخرجه (7‍‍) إلى ابن حبان رقم (5531‍).

(1/20)


34-*(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J إِذَا أَمْسَى قَالَ: [أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ للهِ وَالْحَمْدُ للهِ،لاَ إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا،اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ،اللَّهُمّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي القَبْرِ)*(1).
35 - *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ
J كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ وَيَقُولُهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ، يَعْنِي [ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إلَهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ(2)، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ])*(3).
__________
(1) مسلم (3‍‍‍‍).والكِبَر بسكون الباء وفتحها.
(2) يروى بضم العظيم على أنه صفة لله ـ عز وجل ـ ويروى بالجر صفة للعرش وكذلك الكريم.
(3) البخاري ـ الفتح 3‍‍(6‍‍‍‍).ومسلم (0‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/21)


36-*(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J، إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ:[ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ])*(1).
37 -*(عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
J يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا سَلَّمَ:[ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ])*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 11 (6385) واللفظ له. ومسلم (1342).
(2) البخاري - الفتح 1‍‍(0‍‍‍‍). ومسلم (3‍‍‍).

(1/22)


38 - *(عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، لَمَّا سَأَلَهَا بِمَ كَانَ رَسُولُ اللهِ J يَسْتَفْتِحُ قِيَامَ اللَّيْلِ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ. كَانَ رَسُولُ اللهِ J يُكَبِّرُ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُسَبِّحُ عَشْرًا وَيُهَلِّلُ عَشْرًاَ وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا وَيَقُولُ: [اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي. أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ])*(1).
من الآثار الواردة في " التهليل "
1 - *( عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْتَى أَبَدًا بِطَعَامٍ وَلاَ شَرَابٍ، حَتَّى الدَّوَاءُ فَيَطْعَمَهُ أَوْ يَشْرَبَهُ، إِلاَّ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَنَعَّمَنَا. اللهُ أَكْبَرُ . اللَّهُمَّ أَلْفَتْنَا نِعْمَتُكَ بِكُلِّ شَرِّ، فَأَصْبَحْنَا مِنْهَا وَأَمْسَيْنَا بِكُلِّ خَيْرٍ. نَسْأَلُكَ تَمَامَهَا وَشُكْرَهَا. لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُكَ،وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، إِلَهَ الصَّالِحِينَ، رَبَّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مَا شَاءَ اللهُ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)*(2).
__________
(1) النسائي(3‍/9‍‍‍) وهذا لفظه وقال الألباني: حسن صحيح (1‍/6‍‍‍) رقم (5‍‍‍‍). وأبو داود (5‍‍‍‍). وابن ماجة (6‍‍‍‍). وذكره النووي في أذكاره وقال مخرجه: إسناده حسن (7‍‍).
(2) الموطأ (4‍‍‍‍‍‍).

(1/23)


2ـ*(قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ الذِّكْرُ ذِكْرَانِ: ذِكْرُ اللهِ بِاللِّسَانِ حَسنٌ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ الْعَبدُ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ فَيُمْسِكَ عَنْهَا)]*(1).
من فوائد " التهليل "
(1) فِيهِ مَغْضَبَةٌ لِلشَّيْطَانِ وَمَرْضَاةٌ لِلرَّحْمَنِ .
(2) فِيهِ تَحْصِيلٌ لِلثَّوَابِ وَأَمْنٌ مِنَ العَذَابِ .
(3) التَّهْلِيلُ مِنَ العَبْدِ يُقَرِّبُهُ مِنَ اللهِ وَيَكُونُ كَدَوِيِّ النَّحْلِ حَوْلَ العَرْشِ .
(4) التَّهْلِيلُ يَفْتَحُ الأَعْيُنَ العُمْيَ وَالآذَانَ الصُّمَّ وَالقُلُوبَ الغُلْفَ .
(5) فِيهِ تَأَسٍّ بِأَخْلاَقِ الرَّسُولِ
J.
(6) فِيهِ تَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ .
__________
(1) الورع لابن أبي الدنيا (8‍‍).

كتاب الحجاب
الحجاب لغةً:
لَفْظُ الحِجَابِ يُسْتَعْمَلُ فِي اللُّغَةِ مُرَادًا بِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: الأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ الْمَنْعُ وَيُرَادِفُهُ الحَجْبُ، يُقَالُ: حَجَبَ الشَّيْءَ يَحْجُبُهُ حَجْبًا وَحِجَابًا مَنَعَهُ، يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: الحَاءُ وَالجِيمُ وَالبَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَنْعُ، يُقَالُ حَجَبْتُهُ عَنْ كَذَا أَيْ مَنَعْتُهُ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الحَجْبُ وَالحِجَابُ: الْمَنْعُ مِنَ الوُصُولِ .
الآخَرُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا، وَيُرَادُ بِهِ: السِّتْرُ أَوِ السَّاتِرُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الحِجَابُ: السِّتْرُ وَحِجَابُ الجَوْفِ: مَا يُحْتَجَبُ بَيْنَ الفُؤَادِ وَسَائِرِهِ(1)(أَيِ الجَوْفِ ) وَالحَاجِبَانِ: العَظْمَانِ فَوْقَ العَيْنَيْنِ بِالشَّعْرِ وَاللَّحْمِ، وَهَذَا عَلَى التَّشْبِيهِ كَأَنَّهُمَا تَحْجُبَانِ شَيْئًا يَصِلُ إِلَى العَيْنَيْنِ، وَالحَاجِبُ: الْمَانِعُ عَنِ السُّلْطَانِ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: حَاجِبُ العَيْنِ جَمْعُهُ حَوَاجِبُ وَحَاجِبُ الأَمِيرِ (أَوِ السُّلْطَانِ) جَمْعُهُ: حُجَّابٌ، وَحَوَاجِبُ الشَّمْسِ نَوَاحِيهَا وَذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِحَوَاجِبِ الإِنْسَانِ، وَالحَجَبَةُ رَأْسُ الوَرِكِ، وَهَذَا عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْضًا لإِشْرَافِهَا عَلَيْهِ .
وَيُقَالُ: احْتَجَبَ الْمَلِكُ عَنِ النَّاسِ(فِي مَعْنَى امْتَنَعَ)، وَاسْتَحْجَبَهُ وَلاَّهُ الحِجَابَةَ ( أَيْ جَعَلَهُ حَاجِبًا لَهُ)، وَيُقَالُ: قَدِ احْتَجَبَ وَتَحَجَّبَ إِذَا اكْتَنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ .
__________
(1) هذه عبارة الصحاح (1‍/7‍‍‍) وأوضح منها عبارة ابن فارس في المقاييس (2‍/3‍‍‍) [وحجاب الجوف: مايحجب بين الفؤاد وسائر الجوف] .

(1/1)


وَامْرَأَةٌ مَحْجُوبَةٌ: قَدْ سُتِرَتْ بِسِتْرٍ. والحِجَابُ: اسْمُ مَا احْتُجِبَ بِهِ، وَكُلُّ مَا حَالَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ: حِجَابٌ، وَالجَمْعُ حُجُبٌ لاَ غَيْرُ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } مَعْنَاهُ: وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حَاجِزٌ فِي النِّحْلَةِ والدِّينِ . وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ Jقَالَ: [ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَقَعِ الحِجَابُ] قِيلَ: يَارَسُولَ اللهِ، وَمَا الحِجَابُ؟ قَالَ:[ أَنْ تَمُوتَ النَّفْسُ، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، كَأَنَّهَا حُجِبَتْ بِالْمَوْتِ عَنِ الإِيمَانِ].
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنِ اطَّلَعَ الحِجَابَ وَاقَعَ مَا وَرَاءَهُ، أَيْ إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ وَاقَعَ مَا وَرَاءَ الحِجَابَيْنِ: حِجَابِ الجَنَّةِ وَحِجَابِ النَّارِ لأَنَّهُمَا قَدْ خَفِيَا.
وَقِيلَ اطِّلاَعُ الحِجَابِ: مَدُّ الرَّأْسِ لأَنَّ الْمُطَالِعَ يَمُدُّ رَأْسَهُ يَنْظُرُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ وَهُوَ السِّتْرُ(1).
واصطلاحًا:
قَالَ الْكَفَوِيُّ: الحِجَابُ: كُلُّ مَا يَسْتُرُ الْمَطْلُوبَ، وَيَمْنَعُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ فَهُوَ حِجَابٌ، كَالسِّتْرِ وَالْبَوَّابِ وَالْجِسْمِ وَالْعَجْزِ وَالْمَعْصِيَةِ(2).
وَالحِجَابُ الْمَقْصُودُ مِن أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ سَتْرُ الوَجْهِ وَسَائِرِ البَدَنِ سَتْرًا كَامِلاً بِحَيْثُ لاَ يَبِينُ مِنْهُ شَيْءٌ(3).
__________
(1) لسان العرب1‍(/8‍‍‍- 0‍‍‍). مختصرًا ومختار الصحاح (1‍/2‍‍‍).
(2) الكليات، للكفوي (0‍‍‍).
(3) الحجاب والسفور (6‍‍‍).

(1/2)


وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ نَاصِرُ بْنِ السَّعْدِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور/ 1‍‍). وَهَذَا لِكَمَالِ الاسْتِتَارِ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزِّينَةَ الَّتِي يَحْرُمُ إِبْدَاؤُهَا يَدْخُلُ فِيهَا جَمِيعُ البَدَنِ . وَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } كَالثِّيَابِ الجَمِيلَةِ، وَجَمِيعُ البَدَنِ كُلِّهِ مِنَ الزِّينَةِ(1).
من معاني كلمة الحجاب في القرآن الكريم:
ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ الحِجَابَ فِي القُرْآنِ عَلَى أَوْجُهٍ، مِنْهَا:
أَحَدُهَا: السُّورُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الأَعْرَافِ: { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } (آية/ 6‍‍).
الثَّانِي: السَّتْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي [مَرْيَمَ]: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} (آية /7‍‍) . وَفِي الأَحْزَابِ: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (آية/3‍‍)، وَهُوَ السَّتْرُ الشَّرْعِيُّ .
الثَّالِثُ: الْجَبَلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ(2).
الرَّابِعُ: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُطَفِّفِينَ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (آية/5‍‍)(3).
زينة المرأة وحجابها:
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ الزِّينَةُ زِينَتَانِ: زِينَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَزِينَةٌ بَاطِنَةٌ لاَ يَرَاهَا إِلاَّ الزَّوْجُ. فَأَمَّا الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ: فَالثِّيَابُ، وَأَمَّا الزِّينَةُ البَاطِنَةُ: فَالكُحْلُ وَالسِّوَارُ وَالخَاتَمُ (4).
__________
(1) تفسير الكريم المنان ( 5‍/ 1‍‍‍، 2‍‍‍).
(2) النهاية، لابن الأثير(1‍/0‍‍‍).
(3) نزهة الأعين النواظر( 6‍‍‍) .و انظر بصائر ذوي التمييز: (2‍/3‍‍‍).
(4) أضواء البيان(6‍/5‍‍‍).

(1/3)


قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الأَمِينُ الشِّنْقِيطِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: أَظْهَرُ القَوْلَيْنِ عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: إِنَّ الزِّينَةَ الظَّاهِرَةَ: هِيَ مَالاَ يَسْتَلْزِمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا رُؤْيَةَ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا القَوْلُ هُوَ الأَظْهَرُ؛لأَنَّهُ هُوَ الأَحْوَطُ، وَأَبْعَدُهَا عَنْ أَسْبَابِ الفِتْنَةِ وَأَطْهَرُهَا لِقُلُوبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ وَجْهَ الْمَرْأَةِ هُوَ أَصْلُ جَمَالِهَا، وَرُؤْيَتَهُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الافْتِتَانِ بِهَا ـ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ـ.وَالجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الكَرِيمِ هُوَ تَمَامُ الْمُحَافَظَةِ وَالابْتِعَادُ عَنِ الوُقُوعِ فِيمَا لاَ يَنْبَغِي.
وَقَالَ أَيْضًا: فَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا (آيَةُ الحِجَابِ ) يَدْخُلُ فِيهِ سَتْرُ الوَجْهِ وَتَغْطِيَتُهُ عَنِ الرِّجَالِ، وَأَنَّ سَتْرَ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَمَلٌ بِالقُرْآنِ كَمَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ(1).
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ: وَقَوْلُهُ:{ أَوْ نِسَائِهِنَّ } قَالُوا: احْتِرَازٌ عَنِ النِّسَاءِ الْمُشْرِكَاتِ، فَلاَ تَكُونُ الْمُشْرِكَةُ قَابِلَةً لِلْمُسْلِمَةِ وَلاَ تَدْخُلُ الْمُشْرِكَةُ مَعَهُنَّ الحَمَّامَ . وَلَيْسَ لِلذِّمِّيَّاتِ أَنْ يَطَّلِعْنَ عَلَى الزِّينَةِ البَاطِنَةِ، وَيَكُونُ الظُّهُورُ وَالبُطُونُ بِحَسَبِ مَا يَجُوزُ لَهَا إِظْهَارُهُ. وَلِهَذَا كَانَ أَقَارِبُهَا تُبْدِي لَهُنَّ البَاطِنَةَ، وَلِلزَّوْجِ خَاصَّةً مَا لَيْسَ لِلأَقَارِبِ(2).
__________
(1) أضواء البيان(6‍/0‍‍‍).
(2) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور( 9‍‍‍).

(1/4)


وَقَدْ نَصَّ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ عَلَى وُجُوبِ احْتِجَابِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ فَقَالَ فِي الفَتَاوَى الْمَطْبُوعَةِ أَخِيرًا (ص 0‍‍‍جـ 2‍من الفقه و2‍‍مِنَ الْمَجْمُوعِ): [وَحَقِيقَةُ الأَمْرِ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الزِّينَةَ زِينَتَيْنِ: زِينَةً ظَاهِرَةً، وَزِينَةً غَيْرَ ظَاهِرَةٍ، وَيَجُوزُ لَهَا إِبْدَاءُ زِينَتِهَا الظَّاهِرَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ وَكَانُوا قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ آيَةُ الحِجَابِ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ بِلاَ جِلْبَابٍ يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا، وَكَانَتْ إِذْ ذَاكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ الوَجْهَ وَالكَفَّيْنِ وَكَانَ حِينَئِذٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا؛ لأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إِظْهَارُهُ ثُمَّ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الحِجَابِ بِقَوْلِهِ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} (الأحزاب / 9‍‍) حُجِبَ النِّسَاءُ عَنِ الرِّجَالِ ثُمَّ قَالَ: وَالجِلْبَابُ هُوَ الْمُلاَءَةُ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ الرِّدَاءَ وَتُسَمِّيهِ العَامَّةُ الإِزَارَ، وَهُوَ الإِزَارُ الكَبِيرُ الَّذِي يُغَطِّي رَأْسَهَا وَسَائِرَ بَدَنِهَا ثُمَّ قَالَ فَإِذَا كُنَّ مَأْمُورَاتٍ بِالْجِلْبَابِ؛ لِئَلاَّ يُعْرَفْنَ وَهُوَ سَتْرُ الوَجْهِ أَوْ سَتْرُ الوَجْهِ بِالنِّقَابِ كَانَ الوَجْهُ وَاليَدَانِ مِنَ الزِّينَةِ الَّتِي أُمِرَتْ أَن لاَ تُظْهِرَهَا لِلأَجَانِبِ، فَمَا بَقِي يَحِلُّ لِلأَجَانِبِ النَّظَرُ أَيْ إِلَى الثِّيَابِ الظَّاهِرَةِ (1).
أدلة وجوب الحجاب:
__________
(1) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور(8‍‍-9‍‍).

(1/5)


وَقَدْ سَاقَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الأَمِينُ الشَّنْقِيطِيُّ أَدِلَّةَ وُجُوبِ الحِجَابِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
1‍- قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ}: أَنَّهُنَّ يَسْتُرْنَ بِهَا جَمِيعَ وُجُوهِهِنَّ، وَلاَ يَظْهَرُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ إِلاَّ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تُبْصِرُ بِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
2‍- قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا }، مِنْ أَنَّ اسْتِقْرَاءَ القُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الْمُلاَءَةُ فَوْقَ الثِّيَابِ، وَأَنَّهُ لاَ يَصِحُّ تَفْسِيرُ {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بِالوَجْهِ وَالكَّفَيْنِ.

(1/6)


وَأَنَّ عَامَّةَ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ فَسَّرُوا الآيَةَ مَعَ بَيَانِهِمْ سَبَبَ نُزُولِهَا، بِأَنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِنَّ خَارِجَ البُيُوتِ، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْضُ الفُسَّاقِ يَتَعَرَّضُونَ لِلإِمَاءِ، وَلاَ يَتَعَرَّضُونَ لِلْحَرَائِرِ، وَكَانَ بَعْضُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يَخْرُجْنَ فِي زِيٍّ لَيْسَ مُتَمَيِّزًا عَنْ زِيِّ الإِمَاءِ، فَيَتَعَرَّضُ لَهُنَّ أُولَئِكَ الفُسَّاقُ بِالأَذَى ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُنَّ إِمَاءٌ. فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ J أَنْ يَأْمُرَ أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتِهُ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَمَيَّزْنَ فِي زِيِّهِنَّ عَنْ زِيِّ الإِمَاءِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ، فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ وَرَآهُنَّ الْفُسَّاقُ، عَلِمُوا أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِأَنَّهُنَّ حَرَائِرُ لاَ إِمَاءٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ } فَهِيَ مَعْرِفَةٌ بِالصِّفَةِ لاَ بِالشَّخْصِ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُنْسَجِمٌ مَعَ ظَاهِرِ القُرْآنِ ـ كَمَا تَرَى ـ.
وَفِي الجُمْلَةِ: فَلاَ إِشْكَالَ فِي أَمْرِ الحَرَائِرِ بِمُخَالَفَةِ زِيِّ الإِمَاءِ لِيَهَابَهُنَّ الْفُسَّاقُ، وَدَفْعُ ضَرَرِ الفُسَّاقِ عَنِ الإِمَاءِ لاَزِمٌ، وَلَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ لَيْسَ مِنْهَا إِدْنَاءُ الجَلاَبِيبِ (1).
__________
(1) أضواء البيان(6‍/6‍‍‍- 8‍‍‍) .

(1/7)


وَقَالَ أَيْضًا: وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ حُكْمَ آيَةِ الحِجَابِ عَامٌّ، وَأَنَّ مَا ذَكَرْنَا مَعَهَا مِنَ الآيَاتِ فِيهِ الدِّلاَلَةُ عَلَى احْتِجَابِ جَمِيعِ بَدَنِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، عَلِمْتَ أَنَّ القُرْآنَ دَلَّ عَلَى الحِجَابِ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ آيَةَ الحِجَابِ خَاصَّةٌ بِأَزْوَاجِهِ J فَلاَ شَكَّ أَنَّهُنَّ خَيْرُ أُسْوَةٍ لِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الآدابِ الكَرِيمَةِ الْمُقْتَضِيِةِ لِلطَّهَارَةِ التَّامَّةِ وَعَدَمِ التَّدَنُّسِ بِأَنْجَاسِ الرِّيبَةِ، فَمَنْ يُحَاوِلُ مَنْعَ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ ـ كَالدُّعَاةِ لِلسُّفُورِ وَالتَّبَرُّجِ وَالاخْتِلاَطِ اليَوْمَ ـ مِنَ الاقْتِدَاءِ بِهِنَّ فِي هَذَا الأَدَبِ السَّمَاوِيِّ الْكَرِيمِ الْمُتَضَمِّنِ سَلاَمَةَ العِرْضِ وَالطَّهَارَةَ مِنْ دَنَسِ الرِّيبَةِ غَاشٌّ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ J مَرِيضُ القَلْبِ ـ كَمَا تَرَى ـ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَعَ دِلاَلَةِ القُرْآنِ عَلَى وُجُوبِ احْتِجَابِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، قَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَحَادِيثُ نَبَوِيَّةٌ .

(1/8)


3‍- فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ J قَالَ: [ إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ] . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَارَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: [ الْحَمْوُ الْمَوْتُ] أَخْرَجَ البُخَارِيُّ هَذَا الحَدِيثَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ إلخ . وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ السَّلاَمِ فِي بَابِ: تَحْرِيمِ الخَلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا، فَهَذَا الحَدِيثُ الصَّحِيحُ صَرَّحَ فِيهِ النَّبِيُّ J بِالتَّحْذِيرِ الشَّدِيدِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، فَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَنْعِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ، وَسُؤَالِهِنَّ مَتَاعًا إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ؛ لأَنَّ مَنْ سَأَلَهَا مَتَاعًا لاَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَالنَّبِيُّ J حَذَّرَهُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَلَمَّا سَأَلَهُ الأَنْصَارِيُّ عَنِ الحَمْوِ الَّذِي هُوَ قَرِيبُ الزَّوْجِ الَّذِي لَيْسَ مَحْرَمًا لِزَوْجَتِهِ كَأَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ وَعَمِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . قَالَ لَهُ J: الْحَمْوُ الْمَوْتُ، فَسَمَّى J دُخُولَ قَرِيبِ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْرَمٍ لَهَا بِاسْمِ الْمَوْتِ، وَلاَشَكَّ أَنَّ تِلْكَ العِبَارَةَ هِيَ أَبْلَغُ عِبَارَاتِ التَّحْذِيرِ؛ لأَنَّ الْمَوْتَ هُوَ أَفْظَعُ حَادِثٍ يَأْتِي عَلَى الإِنْسَانِ فِي الدُّنْيَا .

(1/9)


فَتَحْذِيرُهُ J هَذَا التَّحْذِيرَ البَالِغَ مِنْ دُخُولِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَتَعْبِيرُهُ عَنْ دُخُولِ الْقَرِيبِ عَلَى زَوْجَةِ قَرِيبِهِ بِاسْمِ الْمَوْتِ، دَلِيلٌ صَحِيحٌ نَبَوِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:{ فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} عَامٌّ فِي جَمِيعِ النِّسَاِء ـ كَمَا تَرَى ـ. إِذَ لَوْ كَانَ حُكْمُهُ خَاصًّا بِأَزْوَاجِهِ J، لَمَا حَذَّرَ الرِّجَالَ هَذَا التَّحْذِيرَ البَالِغَ العَامَّ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، وَظَاهِرُ الحَدِيثِ التَّحْذِيرُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلِ الخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَالدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ، وَالخَلْوَةُ بِهِنَّ كِلاَهُمَا مُحَرَّمُ تَحْرِيمًا شَدِيدًا بِانْفِرَادِهِ، كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّ مُسْلِمًا (رَحِمَهُ اللهُ) أَخْرَجَ هَذَا الحَدِيثَ فِي بَابِ تَحْرِيمِ الخَلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كِلَيْهِمَا حَرَامٌ . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ البَارِي فِي شَرْحِ الحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ، بِالنَّصْبِ عَلَى التَّحْذِيرِ، وَهُوَ تَنْبِيهُ الْمُخَاطَبِ عَلَى مَحْذُورٍ لِيَتَحَرَّزَ عَنْهُ ـ كَمَا قِيلَ: إِيَّاكَ وَالأَسَدَ.
وَتَقْدِيرُ الكَلاَمِ اتَّقُوا أَنْفُسَكُمْ أَنْ تَدْخُلوا عَلَى النِّسَاءِ، وَتَضَمَّنَ مَنْعُ الدُّخُولِ مَنْعَ الخَلْوَةِ بِهَا بِطَرِيقِ الأَوْلَى .

(1/10)


4‍- *{وَعَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: (يَرْحَمُ اللهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا) (1). وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: (أَنَّ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ كَانَتْ تَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ فَشَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الحَوَاشِي، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا . انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ البُخَارِيِّ(2). قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ فِي شَرْحِ هَذَا الحَدِيثِ: قَوْلُهُ: فَاخْتَمَرْنَ: أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ تَضَعَ الخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَرْمِيهِ مِنَ الجَانِبِ الأَيْمَنِ عَلَى العَاتِقِ الأَيْسَرِ، وَهُوَ التَّقَنُّعُ . قَالَ الفَرَّاءُ: كَانُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ تُسْدِلُ الْمَرْأَةُ خِمَارَهَا مِنْ وَرَائِهَا وَتَكْشِفُ مَا قُدَّامَهَا فَأُمِرْنَ بِالاسْتِتَارِ(3). انْتَهَى مَحَلُّ الغَرَضِ مِنْ فَتْحِ البَارِي . وَهَذَا الحَدِيثُ الصَّحِيحُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النِّسَاءَ الصَّحَابِيَّاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ فَهِمْنَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يَقْتَضِي سَتْرَ وُجُوهِهِنَّ، وَأَنَّهُنَّ شَقَقْنَ أُزُرَهُنَّ، فَاخْتَمَرْنَ أَيْ سَتَرْنَ وُجُوهَهُنَّ بِهَا امْتِثَالاً لأَمْرِ اللهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} الْمُقْتَضِي سَتْرَ وُجُوهِهِنَّ، وَبِهَذَا
__________
(1) البخاري - الفتح 8‍(8‍‍‍‍- 9‍‍‍‍). والمروط: جمع مرط، وهو الإزار .
(2) البخاري ـ الفتح 8‍(9‍‍‍‍).
(3) معاني القرآن للفراء (2‍/9‍‍‍) باختلاف في لفظه، وينظر فتح الباري (8‍/7‍‍‍).

(1/11)


يَتَحَقَّقُ الْمُنْصِفُ: أَنَّ احْتِجَابَ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ وَسَتْرَهَا وَجْهَهَا عَنْهُمْ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَثْنَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ عَلَى تِلْكَ النِّسَاءِ بِمُسَارَعَتِهِنَّ لامْتِثَالِ أَوَامِرِ اللهِ فِي كِتَابِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُنَّ مَا فَهِمْنَ سَتْرَ الوُجُوهِ مِنْ قَوْلِهِ:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ

(1/12)


عَلَى جُيُوبِهِنّ } إِلاَّ مِنَ النَّبِيِّ؛ لأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَهُنَّ يَسْأَلْنَهُ عَنْ كُلِّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِنَّ فِي دِينِهِنَّ، وَاللهُ ـ جَلَّ وَعَلاَ ـ يَقُولُ: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل/4‍‍). فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرْنَهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِنَّ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ البَارِي: وَلابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ صَفِيَّةَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: ذَكَرْنَا عِنْدَ عَائِشَةَ نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ فَقَالَتْ: إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْشٍ فَضْلاً، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللهِ، وَلاَ إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ، لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فَانْقَلَبَ رِجَالُهُنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أُنْزِلَ فِيهَا، مَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ قَامَتْ إِلَى مِرْطِهَا فَأَصْبَحْنَ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مُعْتَجِرَاتٍ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الغِرْبَانَ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي، وَمَعْنَى مُعْتَجِرَاتِ: مُخْتَمِرَاتٍ كَمَا جَاءَ مَوَضَّحًا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا . فَتَرَى عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ مَعَ عِلْمِهَا، وَفَهْمِهَا وَتُقَاهَا أَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ هَذَا الثَّنَاءَ العَظِيمَ، وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهَا مَا رَأَتْ أَشَدَّ مِنْهُنَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللهِ، وَلاَ إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ . وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ فَهْمَهُنَّ لُزُومَ سَتْرِ الوُجُوهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} مِنْ

(1/13)


تَصْدِيقِهِنَّ بِكِتَابِ اللهِ وَإِيمَانِهِنَّ بِتَنْزِيلِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ احْتِجَابَ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ وَسَتْرَهُنَّ وُجُوهَهُنَّ تَصْدِيقٌ بِكِتَابِ اللهِ وإِيمَانٌ بِتَنْزِيلِهِ كَمَا تَرَى، فَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِمَّنْ يَدَّعِي مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الكِتَابِ وَلاَ فِي السُّنَّةِ، مَا يدُلُّ عَلَى سَتْرِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَنِ الأَجَانِبِ، مَعَ أَنَّ الصَّحَابِيَّاتِ فَعَلْنَ ذَلِكَ مُمْتَثِلاَتٍ أَمْرَ اللهِ فِي كتَابِهِ إِيمَانًا بِتَنْزِيلِهِ، وَمَعْنَى هَذَا ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ البُخَارِيِّ، وَهَذَا أَعْظَمُ الأَدِلَّةِ وَأَصْرَحُهَا فِي لِزُومِ الحِجَابِ لِجَمِيعِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا تَرَى(1).
[للاستزادة:انظر صفات: الاتباع ـ غض البصر ـ الحياء ـ العفة ـ حسن السمت ـ حفظ الفرج ـ الستر ـ الغيرة ـ المروءة ـ التقوى.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: التبرج ـ إطلاق البصر ـ اتباع الهوى ـ الزنا ـ الفتنة ـ انتهاك الحرمات ـ التفريط والإفراط ـ العصيان ].
الآيات الواردة في " الحجاب "
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا(16)فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِ الرحمن مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا(18)قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا(19)قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيًّا(20)قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا(21)}(2)
__________
(1) أضواء البيان(6‍/2‍‍‍- 5‍‍‍)
(2) مريم : 16 - 21 مكية.

(1/14)


{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31)}(1)
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا(53)}(2)
__________
(1) النور :30 - 31 مدنية.
(2) الأحزاب :53 مدنية.

(1/15)


{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(59)}(1)
الآيات الواردة في "الحجاب" لفظًا ولها معنًى آخر
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ(51)}(2)
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(10)الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ(11)وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(12)إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(13)كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(14)كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ(15)}(3)
الأحاديث الواردة في" الحجاب "
__________
(1) الأحزاب : 59 مدنية.
(2) الشورى :51 مكية.
(3) المطففين : 10 - 15 مكية.

(1/16)


1‍*(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللهِ J وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ J، فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللهِ J يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ: [عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّئِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ]. قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ . ثُمَّ قَالَ:أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ J؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ J. قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ])*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 7‍(3294‍) واللفظ له. ومسلم (6‍‍‍‍).

(1/17)


2‍-*( عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهُ جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا. بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ. وَكَانَ أَبُو القُعَيْسِ أَبَا عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ آذَنُ لأَفْلَحَ، حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ J فَإِنَّ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي. وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ J قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ جَاءَنِي يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ. فَكَرِهْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ .قَالَتْ: فَقَالَ النَّبِيُّ J [ائْذَنِي لَهُ] قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ)*(1).
__________
(1) مسلم (5‍‍‍‍).

(1/18)


3‍-*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ. قَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي . فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ J زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولُ اللهِ J وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ . فَقَالَ سَعْدٌ: يَارَسُولَ اللهِ هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَارَسُولَ اللهِ هَذَا أَخِي، ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ . فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ J إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَإذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ]. قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ]. مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ . وَكَانَتْ سَوْدَةُ زوْجَ النَّبِيِّ J)*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 5‍(3‍‍‍‍).

(1/19)


4‍-*( عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ . وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللهِ J قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ(1). وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ وَخَرَجُوا بِفُئُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِمْ(2). فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَالخَمِيسُ . قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ] قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ . وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ J بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ . ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا(3) لَهُ وَتُهَيِّؤُهَا.قَالَ: ـ وَأَحْسِبُهُ قَالَ ـ: وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا(4) وَهِي صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ J وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فُحِصَتِ الأَرْضُ أَفَاحِيصَ(5)
__________
(1) حين بزغت الشمس: معناه عند ابتداء طلوعها.
(2) وخرجوا بفؤوسهم ومكاتلهم ومرورهم: أما الفؤوس فجمع فأس، وهو الذي يشق به الحطب.والمكاتل جمع مكتل وهو القفة والزنبيل . والمرور جمع مر، بفتح الميم، وهو معروف نحو المجرفة . وأكبر منها . يقال لها: المساحي . هذا هو الصحيح في معناه . وحكى القاضي قولين: أحدهما هذا . والثاني أن المراد بالمرور هنا، الحبال . كانوا يصعدون بها إِلى النخيل . قال: واحده مر، بفتح الميم وكسرها، لأنه يمر حين يفتل.
(3) تصنعها: أي لتحسن القيام بها وتزينها له عليه الصلاة والسلام .
(4) تعتد في بيتها: أي تستبرىْ؛ فإِنها كانت مسبية يجب استبراؤها . وجعلها في مدة الاستبراء في بيت أم سليم. فلما انقضى الاستبراء جهزتها أم سليم وهيأتها . أي زينتها وجملتها على عادة العروس .
(5) فحصت الأرض أفاحيص: أي كشف التراب من أعلاها وحفرت شيئًا يسيرًا لتجعل الأنطاع في المحفور ويصب فيها السمن، فيثبت ولا يخرج من جوانبها . وأصل الفحص الكشف .والأفاحيص: جمع أفحوص.

(1/20)


، وَجِيءَ بِالأَنْطَاعِ، فَوُضِعَتْ فِيهَا.وَجِيءَ بِالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَشَبِعَ النَّاسُ، قَالَ: وَقَالَ النَّاسُ: لاَ نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ . قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ . فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا، فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ(1) فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا . فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ المَدِينَةِ دَفَعَ رَسُولُ اللهِ J. وَدَفَعْنَا، قَالَ: فَعَثَرَتِ النَّاقَةُ الْعَضْبَاءُ(2) وَنَدَرَ(3) رَسُولُ اللهِ J وَنَدَرَتْ فَقَامَ فَسَتَرَهَا . وَقَدْ أَشْرَفَتِ النِّسَاءُ. فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللهُ الْيَهُوِدَّيَةَ.قَالَ قُلْتُ:يَا أَبَا حَمْزَةَ أَوَقَعَ رَسُولُ اللهِ J؟ قَالَ: إِي، وَاللهِ لَقَدْ وَقَعَ)*(4).
__________
(1) عجز البعير: عجز كل شي ء مؤخره .
(2) فعثرت الناقة العضباء: أي كبت وتعست . والعضباء هو لقب ناقة النبي
J.
(3) وندر ... وندرت: أي سقط . وأصل الندور الخروج والانفراد . ومنه كلمة نادرة، أي فريدة النظائر .
(4) البخاري ـ الفتح9‍(9‍‍‍‍). ومسلم (5‍‍‍‍) كتاب النكاح ( ص 5‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/21)


5‍-*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ J كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزَنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ ـ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ ـ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ J: احْجُبْ نِسَاءَكَ . فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ J يَفْعَلُ. فَخَرَجَتْ سَوْدةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ J لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ . حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ . فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ)*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 1‍(6‍‍‍) واللفظ له. ومسلم (0‍‍‍‍). ومناصع: جمع منصع، وهي أماكن معروفه من ناحية البقيع، والأفيح: المتسع.

(1/22)


6‍-*( عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ (1) قَالَ رَسُولُ اللهِ J لِزَيْدٍ(2): [فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ (3) ] قَالَ: فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا(4) قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي(5) حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ J ذَكَرَهَا، فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي، فَقُلْتُ: يَازَيْنَبُ أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ J يَذْكُرُكِ. قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي. فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا(6) وَنَزَلَ الْقُرْآنُ(7). وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ J فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ . قَالَ فَقَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا(8)
__________
(1) لما انقضت عدة زينب: هي زينب بنت جحش التى زوجها الله سبحانه بنبيه لمصلحة تشريع .
(2) لزيد: هو زيد بن حارثة الذي سماه الله سبحانه في تلك السورة من كتابه .
(3) فاذكرها علي: أي فاخطبها لي من نفسها .
(4) تخمر عجينها: أي تجعل في عجينها الخمير . قال المجد: وتخمير العجين تركه ليجود.
(5) فلما رأيتها عظمت في صدري
: معناه أنه هابها واستجلها من أجل إِرادة النبي J تَزَوُّجَهَا . فعاملها معاملة من تزوجها J، في الإِعظام والإِجلال والمهابة. وقوله: أن رسول الله J.. هو بفتح الهمزة من أن: أي من أجل ذلك. وقوله: نكصت: أي رجعت . وكان جاء إِليها ليخطبها وهو ينظر إِليها، على ما كان من عادتهم . وهذا قبل نزول الحجاب . فلما غلب عليه الإِجلال تأخر . وخطبها وظهره إِليها، لئلا يسبقه النظر إِليها
(6) إِلى مسجدها: أي موضع صلاتها من بيتها.
(7) ونزل القرآن: يعني نزل قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطرًا زَوَّجْنَاكَهَا } (الأحزاب/36‍) فدخل عليها بغير إِذن، لأن الله تعالى زوجها إياه بهذه الآية.
(8) ولقد رأيتنا أي رأيت أنفسنا .

(1/23)


أَنَّ رَسُولَ اللهِ Jأَطْعَمَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ(1). فَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ رِجَالٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ الطَّعَامِ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ J وَاتَّبَعْتُهُ . فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ. وَيَقُلْنَ: يَارَسُولَ اللهِ كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أَخْبَرَنِي . قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ . فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ مَعَهُ فَأَلْقَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَنَزَلَ الْحِجَابُ . قَالَ: وَوُعِظَ الْقَوْمُ بِمَا وُعِظُوا بِهِ .
زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِي حَدِيثِهِ: لاَتَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ(2)؛إِلَى قَوْلِهِ: وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ])*(3).
__________
(1) حين امتد النهار: أي ارتفع . هكذا هو في النسخ: حين، بالنون .
(2) غير ناظرين إِنَاهُ: أي غير منتظرين لإدراكه . والإنى كإلى، مصدر أنى يأني، إِذا أدرك ونضج، ويقال: بلغ هذا إِناه أي غايته . ومنه: حميم آن وعين آنية . وبابه رمى . ويقال: أنى يأنى أيضًا: اذا دنا وقرب . ومنه: {ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ } (الحديد/ 6‍‍) وقد يستعمل على القلب فيقال: آن يئين أينًا فهو آين .
(3) البخاري الفتح8‍(3‍‍‍‍). ومسلم (8‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/24)


7‍-*( عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ اللهَ فِي ثَلاَثٍ أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلاَثٍ قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى. وَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ . قَالَ: وَبَلَغَنِي مُعَاتبَةُ النَّبِيِّ J بَعْضَ نِسَائِهِ. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ قُلْتُ: إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللهُ رَسُولَهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ قَالَتْ: يَاعُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللهِ J مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ}... الآيَةُ)*(1).
الأحاديث الواردة في " الحجاب " معنًى
8‍-*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ
J: [صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا])*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 8‍(3‍‍‍‍) وهذا لفظه. ومسلم (9‍‍‍‍) مختصرًا.
(2) أبو داود (0‍‍‍) وقال الألباني في صحيح أبي داود (1‍/4‍‍‍): صحيح. وقال محقق [جامع الأصول] (0‍‍/0‍‍‍): إِسناده حسن.

(1/25)


9‍-*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ J مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ])*(1).
__________
(1) أبوداود (3‍‍‍‍) وقال محقق جامع الأصول:(3‍/1‍‍) في سنده يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي الكوفي وهو ضعيف ولكن يشهد له حديث أسماء وهو ما روته فاطمة بنت المنذر قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر. وقال عنه: إِسناده صحيح.

(1/26)


0‍‍-*( عَنْ حَفْصَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا(1) أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ، فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ J ثِنْتَيْ عَشَرَةَ، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ، قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى(2)، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ J: أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَن لاَ تَخْرُجَ؟ قَالَ: [لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا(3)، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ]. فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ J؟ قَالَتْ: بِأَبِي نَعَمْ . وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّقَالَتْ: بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ:[تَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِـ أَو الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ ـ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ الْمُصَلَّى]. قَالَتْ حَفْصَةُ:[ فَقُلْتُ: الْحُيَّضُ؟] فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا)*(4).
__________
(1) العواتق:جمع عاتق: من بلغت الحلم، أو قاربت، أو استحقت التزويج.
(2) الكلمى: جمع كليم وهو الجريح .
(3) قوله: من جلبابها: قيل المراد به الجنس، أي تعيرَها من ثيابها مالا تحتاج إِليه. وقيل: المراد تشركها معها في لبس الثوب الذي عليها، وهذا ينبني على تفسير الجلباب وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف قيل هو المقنعة أو الخمار أو أعرض منه، وقيل الثوب الواسع يكون دون الرداء، وقيل الازار، وقيل الملحفة، وقيل الملاءة، وقيل القميص . أ.هـ، الفتح (1‍/ 5‍‍‍، 5‍‍‍).
(4) البخاري ـ الفتح 1‍(4‍‍‍) واللفظ له. ومسلم 2‍(890‍).

(1/27)


1‍‍-*( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ:[ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ])*(1).
2‍‍*( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ كَانَتْ تَقُولُ: [ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } (النور/31‍) أَخَذْنَ أَزُرَهُنَّ فَشَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ])*(2).
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ:[ يَرْحَمُ اللهَ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا])*(3).
3‍‍-*( عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذِيُولِهِنَّ؟ قَالَ:[ يُرْخِينَ شِبْرًا ]، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ:[ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ])*(4).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في " الحجاب "
__________
(1) الترمذي (3‍‍‍‍) وقال: حسن غريب. وقال محقق جامع الأصول (6‍/5‍‍‍): إِسناده حسن. ومعنى استشرفها: تَطَلَّعَ إليها وَتَعَرَّضَ لَهَا.
(2) البخاري ـ الفتح 8‍(9‍‍‍‍) .
(3) البخاري ـ الفتح 8‍( 8‍‍‍‍).
(4) الترمذي (1173‍) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (8‍/9‍‍‍). وأبو داود(9‍‍‍‍) وقال الألباني (2‍/6‍‍‍): صحيح . وهو عند ابن ماجة (1‍‍‍‍).

(1/28)


1‍-*( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: [[إِنَّمَا النِّسَاءُ عَوْرَةٌ وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا وَمَا بِهَا مِنْ بَأْسٍ فَيَسْتَشْرِفُهَا الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: إِنَّكِ لاَ تَمُرِّينَ بَأَحَدٍ إِلاَّ أَعْجَبْتِهِ . وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَلْبَسُ ثِيَابَهَا فَيُقَالُ: أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ فَتَقُولُ: أَعُودُ مَرِيضًا أَوْ أَشْهَدُ جِنَازَةً أَوْ أُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ، وَمَا عَبَدَتِ امْرَأَةٌ رَبَّهَا، مِثْلَ أَنْ تَعْبُدَهُ فِي بَيْتِهَا ])*(1).
2‍-*( عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: [ كُنَّا نُغَطِّي وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ وَكُنَّا نَمْتَشِطُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الإِحْرَامِ ])*(2).
__________
(1) رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات . وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد(2‍/5‍‍).
(2) أخرجه في الموطأ (1‍/8‍‍‍). ورواه الحاكم (1‍/4‍‍‍) وصححه ووافقه الذهبي . واللفظ له.

(1/29)


3‍-*( حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ:[ يَارَسُولَ اللهِ أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِأَجْرَيْنِ وَأَرْجِعُ بَأَجْرٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَنْطَلِقَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ(1) قَالَتْ: فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ . قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ خِمَارِي(2) أَحْسُرُهُ(3) عَنْ عُنْقِي، فَيَضْرِبُ رِجْلِي بِعِلَّةِ الرَّاحِلَةِ(4). قُلْتُ لَهُ: وَهَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ(5)؟ قَالَتْ: فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ . ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ J وَهُوَ بِالْحَصْبَةِ(6)])*(7).
4‍-*( عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: [لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ السَّكِينَةِ وَعَلَيْهِنَّ أَكْسِيَةٌ سُودٌ يَلْبَسْنَهَا])*(8).
__________
(1) التنعيم: موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة . أقرب أطراف الحل إِلى البيت سمي بالتنعيم؛ لأن على يمينه جبل نعيم وعلى يساره جبل ناعم .
(2) خماري: الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها.
(3) أحسره: بكسر السين وضمها . لغتان: أي أكشفه وأزيله.
(4) فيضرب رجلي بعلة الراحلة: المعني أنه يضرب رِجْلَ أخته بعود بيده، عامدًا لها، في صورة من يضرب الراحلة حين تكشف خمارها، غيرة عليها .
(5) وهل ترى من أحد: أي نحن في خلاء، ليس هنا أجنبي أستتر منه .
(6) بالحصبة: أي بالمحصب . وهو موضع رمي الجمار بمنى.
(7) مسلم (1‍‍‍‍).
(8) تفسير ابن كثير: 3‍/6‍‍‍(6‍/1‍‍‍- محقق).

(1/30)


5‍- *( عَنْ عَطَاءٍ: إذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ . قَالَ: [كَيْفَ تَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ J مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ . قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ تَطُوفُ حَجْرَةً(1) مِنَ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ(2)، وَأَبَتْ . فَكُنَّ يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ(3)، قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: هِي فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا)*(4).
6‍*(قَالَ عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ: [ أَمَرَ اللهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِنَّ بِالْجَلاَبِيبِ وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً])*(5).
__________
(1) حَجْرَة: أي معتزلة عنهم لا تخالطهم وفي رواية حجزة أي محجوزًا بينها وبين الرجال .
(2) انطلقي عنك: أي عن جهة نفسك.
(3) ثبير: جبل صغير في مكة. قرب منى
(4) البخاري ـ الفتح 3‍(8‍‍‍‍).
(5) الحجاب والسفور (2‍‍).

(1/31)


7‍-*( قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِين:[سَأَلْتُ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ عَنْ قَوْلِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } فَغَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَأَبْرَزَ عَيْنَهُ الْيُسْرَى])*(1).
8‍-*( قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ: الْحِجَابُ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَائِرِ دُونَ الإِمَاءِ، كَمَا كَانَتْ سُنَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ
J وَخُلَفَائِهِ . إِنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَجِبُ وَالأَمَةُ تَبْرُزُ . وَكَانَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ إِذَا رَأَى أَمَةً مُخْمِّرَةً ضَرَبَهَا وَقَالَ: [أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ، أَيْ لَكَاعِ، فَيَظْهَرُ مِنَ الأَمَةِ رَأْسُهَا وَيَدَاهَا وَوَجْهُهَا])*(2)
9‍-*( وَقَالَ:[ الْجَيْبُ هُوَ شَقٌّ فِي طُولِ الْقَمِيصِ، فَإِذَا ضَرَبَتِ الْمَرْأَةُ بِالْخِمَارِ عَلَى الْجَيْبِ سَتَرَتْ عُنُقَهَا . وَأُمِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُرْخِيَ مِنْ جِلْبَابِهَا، وَالإرْخَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فِي الْبَيْتِ فَلاَ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ])*(3).
0‍‍*( وَمِنْ كَلاَمِهِ:[ الْمَرْأَةُ يَجِبُ أَنْ تُصَانَ وَتُحْفَظَ بِمَا لاَ يَجِبُ مِثْلُهُ فِي الرَّجُلِ وَلِهَذَا خُصَّتْ بِالاحْتِجَابِ، وَتَرْكِ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ وَتَرْكِ التَّبَرُّجِ. فَيَجِبُ فِي حَقِّهَا الاسْتِتَارُ بِاللِّبَاسِ وَالْبُيُوتِ مَالاَ يَجِبُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، لأَنَّ ظُهُورَ النِّسَاءِ سَبَبُ الْفِتْنَةِ، وَالرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَيْهِنَّ])*(4).
__________
(1) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور( 6‍‍).
(2) المرجع السابق (6‍‍).
(3) المرجع السابق (6‍‍- 7‍‍).
(4) المرجع السابق (23).

(1/32)


1‍‍-*( وَقَالَ: [لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ آيَةَ الْحِجَابِ: { يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } حَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ])*(1).
2‍‍*(يَقُولُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ ـ حَفِظَهُ اللهُ ـ: [يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ تَأَدَّبُوا بِتَأْدِيبِ اللهِ وَامْتَثِلُوا أَمْرَ اللهِ وَأَلْزِمُوا نِسَاءَ كُمْ بِالْحِجَابِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الطَّهَارَةِ وَوَسِيلَةُ النَّجَاةِ وَالسَّلاَمَةِ])*(2).
3‍‍-*(قَالَ الشَّيْخُ صَالِحُ بْنُ عُثَيْمِين:[ اعْلَمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ أَنَّ احْتِجَابَ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ وَتَغْطِيَةَ وَجْهِهَا أَمْرٌ وَاجِبٌ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ كِتَابُ رَبِّكَ تَعَالَى وَسُنَّةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ
J وَ هُوَ الاعْتِبَارُ الصَّحِيحُ وَالْقِيَاسُ الْمُطَّرِدُ])*(3).
من فوائد " الحجاب "
(1‍) فِي الْحِجَابِ طَهَارَةٌ لِقَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ.
(2‍) فِي الْحِجَابِ مَا يَمْنَعُ إِيذَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ.
(3‍) الحِجَابُ أَمَامَ الرَّجُلِ دَلِيلٌ عَلَى الْهَيْبَةِ وَالتَّوْقِيرِ.
(4‍) الْحِجَابُ يَمْنَعُ الشَّيْطَانَ مِنْ أَنْ يَسْتَشْرِفَ الْمَرأَةَ أَيْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَيَتَعَرَّضَ لَهَا.
(5‍) فِي الْتِزَامِ الْحِجَابِ تَنْفِيذٌ لأَمْرِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاتِّبَاعٌ لأَوَامِرِهِ.
(6‍) فِي الْحِجَابِ سَكِينَةٌ وَوَقَارٌ لِمَنْ يَرْتَدِيهِ.
(7‍) الْحِجَابُ سِمَةٌ لِلْحَرَائِرِ، أَمَّا التَّبَرُّجُ وَالْبُرُوزُ فَهُوَ سِمَةٌ لِلإِمَاءِ.
__________
(1) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور(7‍).
(2) الحجاب والسفور( 1‍‍).
(3) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور(1‍‍).

(1/33)


(8‍) الْحِجَابُ وَسِيلَةٌ مِنْ وَسَائِلِ الْحَيْطَةِ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِحِفْظِ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ.
(9‍) فِي الْحِجَابِ مَا يُرْضِي اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَيُسْخِطُ الشَّيْطَانَ وَيَسُدُّ عَلَيْهِ بَعْضَ مَنَافِذِ سِهَامِهِ الْقَاتِلَةِ، وَهُوَ بِذَلِكَ يَحْمِي النِّسَاءَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلإِيذَاءِ مِنْ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ.
(10‍‍) الْتِزَامُ الْحِجَابِ فِيهِ عَمَلٌ بِسِيرَةِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ الَّذِينَ كَانُوا أَطْهَرَ قُلُوبًا وَأَنْقَى سَرِيرَةً.
(11‍) فِي الْحِجَابِ نَشْرٌ لِلْفَضِيلَةِ وَهَدْمٌ لِلرَّذِيلَةِ.
(12‍) الْحِجَابُ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ تَمَيُّزِ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْيَهُودِ والنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ.
(13‍) الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْحِجَابِ وَالدَّعْوَةُ إِلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى عِفَّةِ النَّفْسِ، وَمَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ التَّقْوَى وَتَعْظِيمِ حُرُمَاتِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ  =


 كتاب الخشية
الخشية لغةً :
الخَشْيَةُ مَصْدَرُ خَشِيَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (خ ش ي) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى خَوْفٍ وَذُعْرٍ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي مَعْنَى العِلْمِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَقَدْ خَشِيتُ بِأَن َّ مَنْ تَبِعَ الهُدَى……سَكَنَ الجِنَانَ مَعَ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الخَشْيَةُ هِيَ خَوْفٌ يَشُوبُهُ تَعْظِيمٌ،وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ عِلْمٍ بِمَا يُخْشَى مِنْهُ، وَلِذَلِكَ خُصَّ العُلَمَاءُ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}( فاطر/8‍‍)، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ} (ق3‍‍)، أَيْ لِمَنْ خَافَ خَوْفًا اقْتَضَاهُ مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ .
وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ:الخَشْيَةُ: الخَوْفُ .يُقَالُ خَشِيَ الرَّجُلُ يَخْشَى خَشْيَةً أيْ خَافَ . قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقالُ فِي الخَشْيَةِ الخَشَاةُ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَغْلَبَ مِنْ أُسُودِ كِرَاءَ وَرْدٍ،……يَرُدُّ خَشَايَةَ الرَّجُلِ الظَّلومِ  ... وَيُقَالُ: هَذَا الْمَكَانُ أخْشَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ أَشَدُّ خَوْفًا، وَخَاشَى: فَاعَلَ مِنَ الخَشْيَةِ . وَخَاشَيْتُ فُلاَنًا: تارَكْتُهُ . وخَشَّاهُ بِالأَمْرِ تَخْشِيَةً أَيْ خَوَّفَهُ . يُقَالُ: خَشِيَهُ يَخْشَاهُ خَشْيًا وَخَشْيَةً وَخَشَاةً وَمَخْشَاةً وَمَخْشِيَةً وَخِشْيَانًا وَتَخَشَّاهُ كِلاَهُمَا خَافَهُ وَهُوَ خَاشٍ وَخَشٍ وَخَشْيَانُ، وَالأُنْثَى خَشْيَا وَجَمْعُهُمَا مَعًا خَشَايَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} (الكهف:0‍‍) قَالَ الفَرَّاءُ: مَعْنَى (فَخَشِينَا) أَيْ فَعَلِمْنَا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فَخَشِينَا مِنْ كَلاَمِ الْخَضِرِ، وَمَعْنَاهُ: كَرِهْنَا،وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَخَشِينَا عَنِ اللهِ(1).
واصطلاحًا:
الْخَشْيَةُ: خَوْفٌ يَشُوبُهُ تَعْظِيمٌ(2)، وَقِيلَ هِيَ الْخَوْفُ الْمَقْرُونُ بإِجْلاَلٍ . وَقِيلَ: هِيَ تأَلُّمُ الْقَلْبِ بِسَبَبِ تَوَقُّعِ مَكْرُوهٍ فِي المُسْتَقْبَلِ يَكُونُ تَارَةً بِكَثْرَةِ الْجِنَايَةِ مِنَ الْعَبْدِ، وَتَارَةً بِمَعْرِفَةِ جَلاَلِ اللهِ وَهَيْبَتِهِ(3).
الفرق بين الخشية والخوف:
__________
(1) الصحاح للجوهري (6‍/327‍‍)، ولسان العرب لابن منظور (4‍‍/8‍‍‍، 9‍‍‍)، ومقاييس اللغة لابن فارس (2‍/4‍‍‍).
(2) المفردات للراغب (9‍‍‍).
(3) التعريفات، للجرجاني(3‍‍‍). 


قَالَ الفَيْرُوزابَادِيُّ: الْخَشْيَةُ أَخَصُّ مِنَ الخَوْفِ، فَإِنَّ الخَشْيَةَ لِلْعُلَمَاءِ بِاللهِ تَعَالَى،فَهِيَ خَوْفٌ مَقْرُونٌ بِمَعْرِفَةٍ، قَالَ النَّبِيُّ J: [ إِنِّي أَتْقَاكُمْ اللهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً ]. فَالخَوْفُ حَرَكَةٌ، والخَشْيَةُ انْجِمَاعٌ وانْقِبَاضٌ وسُكُونٌ. فَالخَوْفُ لِعامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالخَشْيَةُ لِلعُلَمَاءِ العَارِفِينَ، والهَيْبَةُ للمُحِبِّينَ، وَالوَجَلُ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَعَلَى قدْرِ العِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ تَكُونُ الخَشْيَةُ . قَالَ رَسُولُ اللهِ J [لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى] فَصَاحِبُ الْخَوْفِ يَلْتَجِىءُ إِلَى الهَربِ والإِمْسَاكِ، وصَاحِبُ الخَشْيَةِ يَلْتَجِىءُ إِلَى الاعْتِصَامِ بِالعِلْمِ، وَمَثَلُهُمَا كَمَثَلِ مَنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالطِّبِّ ومَثَلِ الطَّبِيبِ الحَاذِقِ فَالأَوَّلُ يَلْتَجِىءُ إِلَى الحِمْيَةِ وَالهَرَبِ، وَالطَّبِيبُ يَلْتَجِىءُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِالأَدْوِيَةِ وَالأَدْوَاءِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ إِذَا خِفْتَهُ هَرَبْتَ مِنْهَ، إِلاَّ اللهُ، فإنَّكَ إِذَا خِفْتَهُ هَرَبْتَ إليْهِ فالخَائِفُ هَارِبٌ مِنْ رَبِّهِ إلَى رَبِّهِ(1).
__________
(1) انظر بصائر ذوي التمييز للفيرروزآبادي (2‍/4‍‍‍6‍‍‍)، ودليل الفالحين لابن علان (2‍/7‍‍‍). 


وَقَالَ الكَفَوِيُّ: الْخَشْيَةُ أَشَدُّ مِنَ الخَوْفِ لأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ شَجَرَةٌ خَاشِيَةٌ أَيْ يَابِسَةٌ وَهُوَ مَوَاتٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالخَوْفُ النَّقْصُ مُطْلَقًا مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ خَوْفَاءُ أَيْ بِهَا دَاءٌ وَلَيْسَ بِفَوَاتٍ، وَلِذَلِكَ خُصَّتِ الخَشْيَةُ بِاللهِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} (الرعد/1‍‍) وَالخَشْيَةُ تَكُونُ مِنْ عِظَمِ الْمَخْشِيِّ وَإِنْ كَانَ الخَاشِي قَوِيًّا، وَالخَوْفُ يَكُونُ مِنْ ضَعْفِ الخَائِفِ وَإِنْ كَانَ الْمَخُوفُ أَمْرًا يَسِيرًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ أَصْلَ الخَشْيَةِ خَوْفٌ مَعَ تَعْظِيمٍ وَلِذَلِكَ خُصَّ بِهَا العُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}(فاطر:8‍‍) عَلَى قِرَاءَةِ نَصْبِ لَفْظِ الْجَلاَلَةِ(1).
[للاستزادة: انظر صفات: الرجاء ـ التقوى ـ الخشوع ـ الخوف ـ الرهبة ـ الورع ـ الإخبات ـ الإنابة.
وفي ضد ذلك:انظر صفات:العصيان ـ الغرور ـ الفجور ـ الكبر والعجب ـ القسوة ـ الغفلة ـ الأمن من المكر].
الآيات الواردة في "الخشية"
الأمر بخشية الله :
{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ(172)الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(173)}(2)
{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ(21)}(3)
{ طه(1)مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2)إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى(3)}(4)
__________
(1) الكليات، للكفوي (2‍/2‍‍‍).
(2) آل عمران :172 - 173 مدنية.
(3) الرعد :21 مدنية.
(4) طه : 1- 3 مكية.

(1/4)


{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43)فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)}(1)
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ(26)لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ(27)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ(28)}(2)
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ(48)الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ(49)}(3)
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(33)}(4)
{ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(17)فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى(18)وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى(19)فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى(20)فَكَذَّبَ وَعَصَى(21)ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى(22)فَحَشَرَ فَنَادَى(23)فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى(24)فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى(25)إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى(26)}(5)
الخشية من عذاب الله :
{ يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا(42)فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا(43)إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا(44)إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا(45)}(6)
__________
(1) طه: 43-44مكية.
(2) الأنبياء : 26 - 28مكية.
(3) الأنبياء : 48 - 49 مكية.
(4) لقمان : 33 مكية.
(5) النازعات :17- 26 مكية.
(6) النازعات :42- 45مكية.

(1/5)


{ عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6)وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى(7)وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى(8)وَهُوَ يَخْشَى(9)فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى(10)}(1)
{ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى(9)سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى(10)}(2)
{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(150)}(3)
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً(77)}(4)
__________
(1) عبس:1 - 10 مكية.
(2) الأعلى :9 - 10 مكية.
(3) البقرة :150 مدنية.
(4) النساء : 77 مدنية.

(1/6)


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(3)}(1)
{ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ(44)}(2)
{ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ(12)أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(13)}(3)
{ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى(77)}(4)
__________
(1) المائدة :3 نزلت بعرفات.
(2) المائدة : 44 مدنية.
(3) التوبة :12 - 13 مدنية.
(4) طه :77 مكية.

(1/7)


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً(37)مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا(38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا(39)}(1)
{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ(18)}(2)
{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ(57)وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ(58)}(3)
{ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(52)}(4)
{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ(12)}(5)
__________
(1) الأحزاب :37- 39 مدنية.
(2) التوبة :18 مدنية.
(3) المؤمنون :57 - 58 مكية.
(4) النور :52 مدنية.
(5) الملك : 12 مكية.

(1/8)


{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ(7)جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ(8)}(1)
الخشية من الله أعلى صفات العلماء والمؤمنين :
{ أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ(27)وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)}(2)
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23)}(3)
{ وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ(32)مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ(33)ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ(34)لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ(35)}(4)
المتعظ بالنذارة هو الذي يخشى الله :
__________
(1) البينة :7- 8 مكية.
(2) فاطر: 27 - 28مكية.
(3) الزمر:23 مكية.
(4) ق: 31 - 35 مكية.

(1/9)


{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(18)}(1)
{ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(10)إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11)}(2)
المتجرد من العقل يخشى الله :
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(74)}(3)
{ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(21)}(4)
الخشية من عذاب الدنيا بالمتاعب والمصائب وسوى ذلك :
{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(9)}(5)
__________
(1) فاطر :18 مكية.
(2) يس : 10 - 11 مكية.
(3) البقرة :74 مدنية.
(4) الحشر :21 مدنية.
(5) النساء :9 مدنية.

(1/10)


{ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(25)}(1)
{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24)}(2)
{ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا(31)}(3)
{ قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لاَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا(100)}(4)
{ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا(80)}(5)
{ قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي(94)}(6)
__________
(1) النساء :25 مدنية.
(2) التوبة :24 مدنية.
(3) الإسراء :31 مكية.
(4) الإسراء :100 مكية.
(5) الكهف :80 مكية.
(6) طه :94 مكية.

(1/11)


الأحاديث الواردة في "الخشية"
1‍ـ *(عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J أَعْطَى رَهْطًا(1)، وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ . قَالَ سَعْدٌ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ J مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعطِهِ . وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ(2) فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [أَوْمُسْلِمًا]. قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ. فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:
[ أَوْ مُسْلِمًا]. قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلاً. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ . فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [أَوْ مُسْلِمًا . إِنِّي لأَُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ. خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ(3)])*(4).
__________
(1) رهطًا: أي جماعة، وأصله الجماعة دون العشرة.
(2) وهو أعجبهم إِليّ: أي أفضلهم عندي.
(3) معناه أني أعطي أناسًا مؤلفة في إيمانهم، لو لم أعطهم كفروا فيكبهم الله في النار، وأترك أقوامًا هم أحب إلي من الذين أعطيتهم ولا أتركهم لنقص دينهم .
(4) مسلم (0‍‍‍).

(1/12)


2‍ـ *( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبِيِّ J يَسْتَفْتِيهِ، وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ. فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ تُدْرِكُنِي الصَّلاَةُ وَأَنَا جُنُبٌ . أَفَأَصُومُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلاَةُ وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَصُومُ ] فَقَالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا يَارَسُولَ اللهِ، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ . فَقَالَ: [وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي])*(1).
3‍ـ*(عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ . ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ J. فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ: [ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ])*(2).
__________
(1) مسلم (0‍‍‍‍).
(2) البخاري ـ الفتح 3‍(9‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (1‍‍‍).

(1/13)


4‍ـ *(عَنْ حُذَيْفَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ J يَقُولُ:[إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ:إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا،حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَامْتَحَشْتُ(1). فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا(2) فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ، فَفَعَلُوا. فَجَمَعَهُ اللهُ فَقَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ، فَغَفَرَ اللهُ لَهُ])*(3).
__________
(1) فامتحشت: أي احترقت .
(2) يومًا راحًا: أي شديد الريح .
(3) البخاري ـ الفتح 6‍(2‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (6‍‍‍‍).

(1/14)


5‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[سَلُونِي ]. فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ. فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ. فَقَالَ:يَارَسُولَ اللهِ مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: [لاَ تُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ]. قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ:[أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بَالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ]. قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: [أَنْ تَخْشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ]. قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ: متَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ:[مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا. إِذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الأَرْضِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ، وَإِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. فِي خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللهُ. ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ](سورة لقمان /آية 4‍‍). قَالَ: ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ رُدُّوهُ عَلَيَّ]. فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [ هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إِذْ لَمْ

(1/15)


تَسْأَلُوا])*(1).
6‍ـ *(عَنِ السَّائِبِ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ صَلاَةً فَأَوْجَزَ فِيهَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ لَقَدْ خَفَّفْتَ أَوْ أَوْجَزْتَ الصَّلاَةَ. فَقَالَ أَمَّا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ
J، فَلَمَّا قَامَ تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ هُوَ أُبَيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ فَسَألَهُ عَنِ الدُّعَاءِ ثُمَّ جَاءَ فَأَخْبَرَ بِهِ الْقَوْمَ: [اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَي، وَأَسأَلُكَ نَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ،وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ])*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 1‍(0‍‍). ومسلم (0‍‍) واللفظ له.
(2) النسائي (3‍/4‍‍، 5‍‍) وصححه الألباني ـ صحيح سنن النسائي (7‍‍‍‍). وقال محقق [جامع الأصول] (4‍/211‍): إسناده جيد.

(1/16)


7‍ـ *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ J يَقُولُ:[عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ])*(1).
8‍ـ *( عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ
J يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ:[ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ . وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا،وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا،وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا])*(2).
__________
(1) الترمذي ( 9‍‍‍‍) وقال: هذا حديث حسن، وقال محقق جامع الأصول (9‍/7‍‍‍): حديث صحيح بشواهده.
(2) الترمذي (2‍‍‍‍) وقال: هذا حديث حسن غريب والحاكم في المستدرك (1‍/8‍‍‍)، وصححه ووافقه الذهبي .وحسَّنه محقق[جامع الأصول] (4‍/280‍).

(1/17)


9‍ـ *( عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ اللهِ J مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي(1) ـ وَكَانَ سَكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ـ فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ J أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِيُّ J:[ عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ]. فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللهِ يَارَسُولَ اللهِ . قَالَ:[إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا ]. أَوْ قَالَ: [شَيْئًا])*(2).
0‍‍ـ *( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[لاَ يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ ]. قَالُوا: يَارَسُولَ اللهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟. قَالَ: [يَرَى أَمْرًا للهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ، ثُمَّ لاَ يَقُولُ فِيهِ . فَيَقُولُ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِيَّ كَذَا وَكَذَا؟، فَيَقُولُ: خَشْيَةُ النَّاسِ،فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى])*(3).
1‍‍*( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J:[ لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ])*(4).
__________
(1) لِيَقْلِبَنِي من الانقلاب وهو العود إلى الوطن أو الرجوع مطلقًا.
(2) البخاري ـ الفتح 6‍(1‍‍‍‍).
(3) ابن ماجة (8‍‍‍‍) وفي الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات.
(4) الترمذي (3‍‍‍‍) واللفظ له، وقال هذا حديث حسن صحيح، والنسائي ( 6‍/2‍‍)، وابن ماجة (4‍‍‍‍).

(1/18)


2‍‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنْ رَسُولِ اللهِ J قَالَ:[ لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلى مَا أَعَدَّ اللهُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالمَكَارِهِ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ:وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ . قَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ:وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ:وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا])(1).
الأحاديث الواردة في "الخشية" معنًى
__________
(1) الترمذي (0‍‍‍‍)، وقال: حديث حسن صحيح، وقال محقق [جامع الأصول] (10‍/521‍): وهو كما قال. وأبو داود (4‍‍‍‍).

(1/19)


3‍‍ـ *( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J قَالَ:[ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ:قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللهِ وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهْرَاقُ فِي سَبِيلِ اللهِ . وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ])*(1).
4‍‍ـ *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ
J قَالَ:[مَنْ ذَكَرَ اللهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يُصِيبَ الأَرْضَ مِنْ دُمُوعِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ])*(2).
__________
(1) الترمذي (9‍‍‍‍)،وقال:حديث حسن غريب .وقال محقق جامع الأصول(9‍/6‍‍‍):إسناده حسن.
(2) أخرجه الحاكم في المستدرك (4‍/0‍‍‍) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

(1/20)


5‍‍ـ *( عَنْ أَبِي اليَسَرِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أَتَتْنِي امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا، فَقُلْتُ: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبَ مِنْهُ، فَدَخَلَتْ مَعِي فِي الْبَيْتِ فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ وَلاَ تُخْبِرْ أَحَدًا . فَلَمْ أَصْبِرْ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ J فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: [أَخَلَفْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فِي أَهْلِهِ بِمِثْلِ هَذَا؟]، حَتَّى تَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ إِلاَّ تِلْكَ السَّاعَةَ، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ: وَأَطْرَقَ رَسُولُ اللهِ J طَوِيلاً، حَتَّى أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ:{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ أَبُو اليَسَرِ: فَأَتَيْتُهُ، فَقَرَأَهَا عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ J، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَارَسُولَ اللهِ أَلِهَذَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ:[بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً])*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 8‍(7‍‍‍‍)، ومسلم (3‍‍‍‍). والترمذي (5‍‍‍‍) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح.

(1/21)


6‍‍ـ *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ J، افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ يَارَسُولَ اللهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌ . كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ J فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ J فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ مُوسَى: فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: [اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ])*(1).
7‍‍ـ *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ
J عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ، فَخَطَبَ فَقَالَ: [ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ]. قَالَ: فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ J يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ . قَالَ: غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ(2).. الحديث)*(3).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 8‍(6‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (9‍‍‍).
(2) خنين:صوت البكاء وهو نوع من البكاء دون الانتحاب .
(3) البخاري ـ الفتح8‍(1‍‍‍‍)،ومسلم(9‍‍‍‍) واللفظ له.

(1/22)


8‍‍ـ *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ رَسُولِ اللهِ J، أَنَّهُ قَالَ: [ بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ...] الحديثَ وَفِيهِ:[ وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا(1) قَالَتْ: يَا عَبْدَاللهِ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ(2)، فَقُمْتُ عَنْهَا . فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ لَهُمْ ...] الحديثِ )*(3).
9‍‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ:[ سَبْعَةٌ يَظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ])*(4).
__________
(1) فلما وقعت بين رجليها: أي جلست مجلس الرجل للوقاع.
(2) لا تفتح الخاتم إلا بحقه: الخاتم كناية عن بكارتها. وقولها بحقه: أي بنكاح لا بزنى .
(3) البخاري ـ الفتح0‍‍(4‍‍‍‍)،ومسلم (3‍‍‍‍)واللفظ له
(4) البخاري ـ الفتح3‍(3‍‍‍‍)،ومسلم (1‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/23)


0‍‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J: قَالَ:[ يَقُولُ اللهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمائَةٍ])*(1).
1‍‍ـ *( عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَوَرَّعُ عَنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ، أَرْعَدَتْ فَبَكَتْ، فَقَالَ:مَا يُبْكِيكِ،أَكَرِهْتِ؟ قَالَتْ: لاَ. وَلَكِنَّ هَذَا عَمَلٌ لَمْ أَعْمَلْهُ قَطُّ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ الْحَاجَةُ. قَالَ:فَتَفْعَلِينَ هَذَا وَلَمْ تَفْعَلِيهِ قَطُّ؟ قَالَ:ثُمَّ نَزَلَ: فَقَالَ اذْهَبِي وَالدَّنَانِيرُ لَكِ.قَالَ: ثُمَّ قَالَ:وَاللهِ لاَ يَعْصِي الْكِفْلُ رَبَّهُ أَبَدًا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ: قَدْ غُفِرَ لِلْكِفْلِ])*(2).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 3‍‍(1‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (9‍‍‍).
(2) الحاكم في المستدرك (4‍/4‍‍‍، 5‍‍‍) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

(1/24)


2‍‍ـ *( عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ . قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ J يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ J عَافَسْنَا(1) الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ(2) فَنَسِينَا كَثِيرًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا . فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ J، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَارَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [وَمَا ذَاكَ؟ ]. قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ. نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ .وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً]ثَلاَثَ مَرَّاتٍ)*(3).
__________
(1) عافسنا: أي عالجنا معايشنا وحظوظنا .
(2) الضيعات: جمع ضيعة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة .
(3) مسلم (0‍‍‍‍).

(1/25)


3‍‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ J:{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي اْلأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة/ آية 4‍‍‍) قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ J فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ J. ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ . فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ . الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ . وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ . وَلاَ نُطِيقُهَا . قَالَ رَسُولُ اللهِ J [أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا:{ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. قَالُوا:سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ . فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا:{ أَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ أَمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة / آية 5‍‍‍) فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى . فَأَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ:{ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (قَالَ:نَعَمْ) {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ

(1/26)


عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (قَالَ:نَعَمْ) {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَالاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (قَالَ:نَعَمْ) {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (قَالَ:نَعَمْ ) البقرة/آية 6‍‍‍)*(1).
4‍‍ـ*(عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ
J يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَارَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:[ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى(2) اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ،فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ،عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ])*(3).
المثل التطبيقي من حياة النبي
J في "الخشية"
__________
(1) مسلم (5‍‍‍).
(2) يرى: هكذا هي موجودة في الترمذي بدون جزم مع وقوعها في جواب الشرط.
(3) الترمذي(6‍‍‍‍)، وقال: حديث حسن صحيح. وأبوداود(7‍‍‍‍)، وابن ماجة(1‍/2‍‍).

(1/27)


5‍‍ـ*(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ J فَقَامَ رَسُولُ اللهِ J إِلَى الصَّلاَةِ وَقَامَ الَّذِينَ مَعَهُ،فَقَامَ قِيَامًا فَأَطاَلَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَجَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ، فَجعَلَ يَنْفُخُ فِي آخِرِ سُجُودِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيَبْكِي، وَيَقُولُ:[لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَأَنَا فِيهِمْ، لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ].ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ J فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: [إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنَ آيَاتِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفَ أَحَدِهِمَا فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ أُدْنِيَتِ الْجَنَّةُ مِنِّي حَتَّى لَوْ بَسَطْتُ يَدِي لَتَعَاطَيْتُ مِنْ قُطُوفِهَا،وَلَقَدْ أُدْنِيَتِ النَّارُ مِنِّي حَتَّى لَقَدْ جَعَلْتُ أَتَّقِيهَا خَشْيَةَ أَنْ تَغْشَاكُمْ،حَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ حِمْيَرَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ فَلاَ هِي أَطْعَمَتْهَا وَلاَ هِي سَقَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا تَنْهَشُهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَإِذَا وَلَّتْ تَنْهَشُ أَلْيَتَهَا،وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ(1)
__________
(1) السِّبْتِيَّتَيْنِ مُفردها سِبْتِيَّةٌ وهي جلود البقر المدبوغة، وقيل: المدبوغة وغير المدبوغة تحذى منها النِّعَالُ وَسُمِّيتْ بذلك لأن شعرها قد سُبت عنها أي حُلِقَ وأزيل وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت ودفعه في النار لاختياله في مشيه بها.

(1/28)


أَخَا بَنِي الدَّعْدَاعِ يُدْفَعُ بِعَصًا ذَاتِ شُعْبَتَيْنِ فِي النَّارِ، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ(1) الَّذِي كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ مُتَّكِئًا عَلَى مِحْجَنِهِ فِي النَّارِ يَقُولُ أَنَا سَارِقُ الْمِحْجَنِ])*(2).
6‍‍ـ *(عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ J هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُوعُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ، فَوَافَقَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللهِ J فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ J حِينَ رَآهُمُ وَقَالَ: [أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ]. قَالُوا: أَجَلْ يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ:[فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ])*(3).
__________
(1) الْمِحْجَنُ: عَصَا مُعَقَّفَة الرَّأْسِ كَالصَّوْلَجَانِ.
(2) رواه مسلم مختصرًا (910‍) وهو في الصحيحين من حديث عائشة وابن عباس وجابر ـ رضي الله عنه ـ، وأبوداود (4‍‍‍‍)، والنسائي (3‍/7‍‍‍ـ9‍‍‍) واللفظ له، وصححه الألباني، صحيح سنن النسائي (1‍/0‍‍‍) حديث رقم (1‍‍‍‍).
(3) البخاري - الفتح 1‍‍(5‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (1‍‍‍‍).

(1/29)


7‍‍ـ*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍوـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ J تَلاَ قَوْلَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (إِبْرَاهِيمِ/6‍‍). وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(المائدة /8‍‍‍)، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى . فَقَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: يَاجِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟. فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَسَألَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ J بِمَا قَالَ ـ وَهُوَ أَعْلَمُ ـ فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوؤُكَ])*(1).
8‍‍ـ *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ:[إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لآِكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا])*(2).
__________
(1) مسلم (2‍‍‍).
(2) البخاري الفتح 5‍(2‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (0‍‍‍‍).

(1/30)


9‍‍ـ *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ J يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ J. فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ J؟، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَنَا أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ J فَقَالَ:[ أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَن رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي])*(1).
__________
(1) البخاري ـ الفتح 9‍(3‍‍‍‍) واللفظ له، ومسلم (8‍‍‍‍).

(1/31)


0‍‍ـ *( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ J فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: [لاَ وَاللهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلاَّ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا ]. فَقَالَ رَجَلٌ: يَارَسُولَ اللهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ(1)؟فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ J سَاعَةً . ثُمَّ قَالَ: [ كَيْفَ قُلْتَ؟ ]. قَالَ: قُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ J:[ إِنَّ الْخَيْرَ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ(2). أَوَ خَيْرٌ هُوَ(3)؟ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطا(4) أَوْ يُلِمُّ(5). إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضِرِ(6). أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ . ثَلَطَتْ أَوْ بَالَتْ. ثُمَّ اجْتَرَّتْ(7). فَعَادَتْ فَأَكَلَتْ . فَمَنْ يَأْخُذْ مَالاً بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ . وَمَنْ يَأْخُذْ مَالاً بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ])*(8).
__________
(1) أيأتي الخير بالشر: أي إن ما يحصل لنا في الدنيا من خير إِذا كان من جهة مباحة فهل يترتب عليه شر؟.
(2) إِن الخير لا يأتي الا بخير: أي إن الخير الحقيقي لا يأتي إلا بالخير.
(3) أو خير هو: أي إن هذا الذي يحصل لكم من زهرة الدنيا ليس بخير وإنما هو فتنة.
(4) حَبَطًا: أي تخمة، والمعنى أن نبات الربيع وخضره يقتل حبطًا بالتخمة لكثرة الأكل
(5) أَوْيُلِمُّ: أي قارب الاهلاك.
(6) إلا آكلة الخضر: أي إلا الماشية التي تأكل الخضر.
(7) ثَلَطت: ثلط البعير يثلطُ إذا ألقى رجيعًا سهلاً رقيقًا. واجترَّت: أي أخرجت الجرّة وهي ما تخرجه الماشية من كرشها لتمضغه ثم تبلعه.
(8) البخاري ـ الفتح6‍(2‍‍‍‍)،ومسلم (2‍‍‍‍)واللفظ له.

(1/32)


1‍‍ـ *( عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ زَوْجِ النَّبِيِّ J قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ J:إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ. فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرَّ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ . فَقَالَ:[إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي]. وَيَقُولُ: إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: [رَحْمَةٌ]، وَفِي لَفْظٍ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ J مُسْتَجْمِعًا(1) ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ(2) . إِنَّمَا كَانَ يتَبَسَّمُ. قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ . فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا . رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ . وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ، عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ؟. قَالَتْ فَقَالَ: [ يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ. قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ . وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ])*(3).
__________
(1) مستجمعًا: المستجمع: المجد في الشي ء، القاصد له .
(2) لهواته:اللهوات جمع لهاة، وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك.
(3) البخاري ـ الفتح 8‍(8‍‍‍‍، 9‍‍‍‍)،ومسلم (9‍‍‍) واللفظ له.

(1/33)


2‍‍ـ *( عَنْ حُذَيْفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ يَجْمَعُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ . فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ(1) لَهُمُ الْجَنَّةُ . فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ؟، لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ . اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ. قَالَ:فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ . إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيْلاً مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ. اعْمِدُوا إِلَى مُوسَى J الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَكْلِيمًا. فَيَأْتُونَ مُوسَى J فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ. اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ. فَيَقُولُ عِيسَى J: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ . فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا J فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ. وَتُرْسَلُ الأمَانَةُ(2) وَالرَّحِمُ .فَتَقُومَانِ جَنْبَتَيِ(3) الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً. فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ] قَالَ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ:[ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ. ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ(4) تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ(5).
__________
(1) تزلف: أي تقرب، كما قال الله تعالى:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}(الشعراء/90‍) أي قربت.
(2) وترسل الأمانة والرحم: إرسال الأمانة والرحم لعظم أمرهما وكثير موقعهما، فتصوران مشخصتين على الصفة التي يريدها الله تعالى .
(3) جنبتي الصراط: معناهما جانباه، ناحيتاه اليمنى واليسرى.
(4) وشد الرجال: الشد هو العدو البالغ والجري .
(5) تجري بهم أعمالهم: هو تفسير لقوله
J:[ فيمر أولكم كالبرق ثم كمر الريح]... إلى آخره .

(1/34)


وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ . حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ.حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَحْفًا.قَالَ وَفِي حَافَّتَيِ الصِّرَاطِ(1) كَلاَلِيبُ مُعَلَّقَةٌ. مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ. فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ(2) فِي النَّارِ])*(3).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في "الخشية"
1‍ـ *( قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: [لاَ تَصْحَبِ الْفُجَّارَ، لِتَعَلَّمَ مِنْ فُجُورِهِمْ، وَاعْتَزِلْ عَدُوَّكَ، وَاحْذَرْ صَدِيقَكَ إِلاَّ الأَمِينَ، وَلاَ أَمِينَ إِلاَّ مَنْ خَشِيَ اللهَ، وَتَخَشَّعْ عِنْدَ الْقُبُورِ. وَذِلَّ عِنْدَ الطَّاعَةِ، وَاسْتَعْصِمْ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ،وَاسْتَشِرِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ])*(4).
2‍ـ *( قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: [آخِ الإِخْوَانَ عَلَى قَدْرِ التَّقْوَى، وَلاَ تَجْعَلْ حَدِيثَكَ بَذْلَةً إِلاَّ عِنْدَ مَنْ يَشْتَهِيهِ، وَلاَ تَضَعْ حَاجَتَكَ إِلاَّ عِنْدَ مَنْ يُحِبُّ قَضَاءَهَا، وَلاَ تَغْبِطْ الأَحْيَاءَ إِلاَّ بِمَا تَغْبِطُ الأَمْوَاتَ، وَشَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ])*(5).
__________
(1) حافتي الصراط: هما جنباه .
(2) ومكدوس: قال في النهاية: أي مدفوع، وتكدس الإنسان إذا دفع من ورائه فسقط.
(3) مسلم (5‍‍‍).
(4) الدر المنثور للسيوطي (7‍/2‍‍).
(5) الإخوان لابن أبي الدنيا (ص 6‍‍‍).

(1/35)


3‍ـ *( قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: [إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا])*(1).
4‍ـ *( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:[خَائِفًا مُسْتَجِيرًا تَائِبًا مُسْتَغْفِرًا رَاغِبًا رَاهِبًا])*(2).
5‍ـ *( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: [لَيْسَ الْعِلْمُ مِنْ كَثْرَةِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّ الْعِلْمَ مِنَ الْخَشْيَةِ])*(3).
6‍ـ *( قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: [تَمَامُ التَّقْوَى أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ الْعَبْدُ حَتَّى يَتَّقِيَهُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وحَتَّى يَتْرُكَ بَعْضَ مَا يَرَى أَنَّهُ حَلاَلٌ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا يَكُونُ حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَامِ ])*(4).
7‍ـ *( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قالَ: [إِنَّمَا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَا يَسْأَلُنِي عَنْهُ رَبِّي أَنْ يَقُولَ: قَدْ عَلِمْتَ فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟])*(5).
__________
(1) البخاري - الفتح 1‍‍(8‍‍‍‍) واللفظ له، وشرح السنة للبغوي (4‍‍/4‍‍‍).
(2) الزهد للإمام وكيع بن الجراح (2‍/5‍‍‍).
(3) الدر المنثور للسيوطي (7‍/0‍‍).
(4) الدر المنثور للسيوطي (1‍/1‍‍)، وأحمد في الزهد، والفتح (1‍/3‍‍).
(5) انظر:اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص1‍‍).

(1/36)


8‍ـ *( قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: [إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَتَّكِلُ عَلَيْهَا، وَيَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ وَقَدْ حُظِرَ بِهِ(1)، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَفْرَقُ مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ آمِنًا])*(2).
9‍ـ *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر/2‍‍)قَالَ: الْعُلَمَاءُ بِاللهِ الَّذِينَ يَخَافُونَهُ ])*(3).
__________
(1) حُظِرَ به: أي مُنِعَ وفي رواية أخرى أُخطِرَ به من الخطر وهو الإشراف على الهلاك، ولعلها الصواب لوجود القرينة الدالة على ذلك وهو قوله [آمِنًا].
(2) الزهد لابن المبارك (2‍‍، 3‍‍).
(3) الدر المنثور للسيوطي (7‍/0‍‍).

(1/37)


0‍‍ـ *( عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ لابْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ:[ هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لأَبِيكَ؟]، قَالَ:[ قُلْتُ: لاَ ]. قَالَ: [فَإِنَّ أَبِي قَالَ لأَبِيكَ يَا أَبَا مُوسَى هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ J وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ وَجِهَادُنَا مَعَهُ وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ بَرَدَ لَنَا(1) وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا(2) رَأْسًا بِرَأْسٍ] . فَقَالَ أَبِي:[ لاَ وَاللهِ قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِJ وَصَلَّيْنَا وَصُمْنَا وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ ]، فَقَالَ أَبِي:[ لَكِنِّي أَنَا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ]. فَقُلْتُ: [إِنَّ أَبَاكَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي])*(3).
1‍‍ـ *( عَنِ الْحَسَنِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ: [ لَقَدْ مَضَى بَيْنَ يَدَيْكُمْ أَقْوَامٌ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَنْفَقَ عَدَدَ هَذَا الْحَصَى لَخَشِيَ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْ عِظَمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ])*(4).
2‍‍ـ *( قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: [عَمِلُوا للهِ بِالطَّاعَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِيهَا وَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ . إِنَّ الْمُؤْمِنَ جَمَعَ إِيمَانًا وَخَشْيَةً، وَالْمُنَافِقَ جَمَعَ إسَاءَةً وَأَمْنًا ])*(5).
__________
(1) بَرَدَ لنا: أي ثبت لنا ودام.
(2) كَفَافًا: أي سواءً بسواء والمراد:لا موجبًا ثوابًا ولا عقابًا.
(3) البخاري ـ الفتح 7‍(5‍‍‍‍).
(4) الزهد لابن المبارك (ص 1‍‍).
(5) بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي(2‍/5‍‍‍).

(1/38)


3‍‍ـ*(عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ: [الإِيمَانُ مَنْ خَشِيَ اللهَ بِالْغَيْبِ، وَرَغِبَ فِيمَا رَغِبَ اللهُ فِيهِ، وَزَهِدَ فِيمَا أَسْخَطَ اللهَ])*(1).
4‍‍ـ *( عَنْ مَسْرُوقٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ: [ كَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ يَخْشَى اللهَ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ ])*(2).
5‍‍ـ *( قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِاللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ:[يَا إِخْوَتِي اجْتَهِدُوا فِي الْعَمَلِ فَإِنْ يَكُنِ الأَمْرُ كَمَا نَرْجُو مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَعَفْوِهِ كَانَتْ لَنَا دَرَجَاتٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ يَكُنِ الأَمْرُ شَدِيدًا كَمَا نَخَافُ وَنُحَاذِرُ لَمْ نَقُلْ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، نَقُولُ، قَدْ عَمِلْنَا فَلَمْ يَنْفَعْنَا])*(3).
6‍‍ـ *(عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: [ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو. وَهُوَ سَاجِدٌ فِي الْحِجْرِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: أَتَعْجَبُ أَن أَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَهَذَا الْقَمَرُ يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللهِ؟ قَالَ: وَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ حِينَ شَفَّ أَنْ يَغِيبَ ])*(4).
7‍‍ـ *( قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: [حَقٌّ عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ. وَالْعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرَهُ ])*(5).
__________
(1) الدر المنثور للسيوطي (7‍/0‍‍).
(2) المرجع السابق (7‍/0‍‍).
(3) انظر:اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي( ص9‍‍)
(4) الزهد للإمام وكيع بن الجراح (1‍/1‍‍‍).
(5) حلية الأولياء لأبي نعيم (6‍/0‍‍‍).

(1/39)


8‍‍ـ *( قَالَ سَرِيٌّ السَّقَطِيُّ:[ لِلْخَائِفِ عَشْرُ مَقَامَاتٍ مِنْهَا الْحُزْنُ الَّلازِمُ، وَالهَمُّ الْغَالِبُ، وَالْخَشْيَةُ الْمُقْلِقَةُ، وَكَثْرَةُ الْبُكَاءِ، وَالتَّضَرُّعُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْهَرَبُ مِنْ مَوَاطِنِ الرَّاحَةِ، وَوَجَلُ الْقَلْبِ])*(1).
9‍‍ـ *( عَنِ الْعَبَّاسِ الْعَمِّيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ: [بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: سُبْحَانَكَ تَعَالَيْتَ فَوْقَ عَرْشِكَ، وَجَعَلْتَ خَشْيَتَكَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، فَأَقْرَبُ خَلْقِكَ إِلَيْكَ أَشَدُّهُمْ لَكَ خَشْيَةً، وَمَا عِلْمُ مَنْ لَمْ يَخْشَكَ، وَمَا حِكْمَةُ مَنْ لَمْ يُطِعْ أَمْرَكَ؟])(2).
0‍‍ـ*( عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ:[ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ أَشُدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً])مدنية.(3).
من فوائد "الخشية"
(1‍) الْفَوزُ بِالْجَنَّةِ والنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ.
(2‍) الأمنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ.
(3‍) تُثْمِرُ مَحَبَّةَ اللهِ وَطَاعَتَهُ.
(4‍) سَبَبُ سَعادَةِ العَبْدِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
(5‍) دَلِيلُ هِدَايةِ الْقَلْبِ.
(6‍) الْبُعْدُ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ.
__________
(1) المرجع السابق (0‍‍/8‍‍‍).
(2) الدر المنثور للسيوطي (7‍/1‍‍)، والكتاب المصنف لابن أبي شيبة (7‍/7‍‍).
(3) الدر المنثور للسيوطي (7‍/0‍‍).

===========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...