Translate سكا.....

السبت، 30 أبريل 2022

مجلد 9 من كتاب: تهذيب اللغة المؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)

 

9

الكتاب: تهذيب اللغة محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
المحقق: محمد عوض مرعب
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الطبعة: الأولى، 2001م
عدد الأجزاء: 8.
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

رمس: قَالَ اللَّيْث: الرَّمْس: التُّرَاب. ورَمْسُ الْقَبْر: مَا حُثِيَ عَلَيْهِ. وَقد رَمَسْناهُ بِالتُّرَابِ. والرَّمْسُ: تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس بِهِ الآثارَ، أَي: تَعفوها. والرياحُ الرَّوَامِس وكلُّ شيءٍ نُثرَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَهُوَ مَرْمُوسٌ؛ وَقَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
يَا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ
إِذا أَتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ
لَا، بَلْ تَمِيسُ إِنَّهَا عَرُوسُ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قَالَ: دَمَسْتُ عَلَيْهِم الْأَمر ورَمَسْتُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّامُوس: القَبْر. ورُوِيَ عَن الشَّعْبي أَنه قَالَ: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ فِي الماءِ أَجْزَأَه عَن غُسل الْجَنَابَة.
قَالَ شَمِر: ارْتَمَس فِي المَاء: إِذا انْغَمَسَ فِيهِ حَتَّى يغيبَ رَأسه، وجميعُ جسدِه فِيهِ. والقبرُ يسمَّى رَمْساً. وَقَالَ:
وبينما الْمَرْء فِي الْأَحْيَاء مغتبط
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ
أَرَادَ: إِذْ هُوَ تُرَاب قد دُفِنَ فِيهِ والرياح تطيِّرْه. والرامساتُ: الرِّيَاح الدَّافناتُ.
ورَمَستُ الحديثَ: أَخْفَيْتُه وكَتَمْتهُ. قَالَ ابْن شُمَيْل: الروامس: الطيرُ الَّتِي تطير بِاللَّيْلِ. قَالَ: وكل دَابَّة تخرج بِاللَّيْلِ فَهِيَ رامس، تَرْمُس: تَدفن الْآثَار كَمَا يُرْمَس الْمَيِّت. قَالَ: وَإِذا كَانَ الْقَبْر قدومًا مَعَ الأَرْض فَهُوَ رمس، أَي: مستوياً مَعَ وَجه الأَرْض. ورمست الرجل فِي الأَرْض رمساً، أَي: دَفَنته وسوَّيْت عَلَيْهِ الأَرْض، وَإِذا رفع الْقَبْر فِي السَّمَاء عَن وَجه الأَرْض لَا يُقَال لَهُ رمس.
مسر: قَالَ اللّيث: الْمَسْرُ: فعل الماسِر، يُقَال: هُوَ يَمْسُرُ النَّاس، أَي: يُغْرِيهم.
وَقَالَ غيرُه: مَسَرْتُ بهِ ومَحَلْتُ بِه، أَي: سَعَيْتُ بِهِ. الماسِرُ: السَّاعِي.
مرس: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: المَرْس: مَصْدرُ مَرَسَ التَّمْر يَمرُسه أَو مَرَثَه يَمْرُثه: إِذا دَلَكه فِي المَاء حَتَّى يَنْماثَ فِيهِ؛ وَيُقَال للثَّرِيد المَرِيس؛ لأنّ الخُبْزَ يَنماثُ فِيهِ؛ قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المرَسُ: شِدّة العِلاَج.
يُقَال: إِنَّه لمَرِس بيّن المَرَس: إِذا كَانَ شَدِيد المِراس.
وامْتَرَسَت الشُّجعانُ فِي الْقِتَال، وامتَرَس الخُطباءُ، وامتَرَست الألسُنُ فِي الخِصام.
قَالَ: والمَرْس: الحَبْل أَيْضا.
والمَرْسُ أَيْضا مصدرُ مَرَس الحَبْل يَمْرُس مَرْساً، وَهُوَ أَن يَقع بَين القَعْو والبكْرة، وَيُقَال لَهُ: إِذا مرِس: أَمْرِس حَبْلَك وَهُوَ أَن تُعيده إِلَى مَجراه، وَنَحْو ذَلِك حَكى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ؛ وَأنْشد:

(12/294)


بئسَ مقامُ الشَّيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ
إمّا على قَعْوٍ وإمّا اقْعَنْسِسِ
وبكْرة مَرُوس: إِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن يَمْرُسَ حبلها؛ وأَنشد:
دُرْنا ودَارتْ بكْرَةٌ نخيسُ
لَا ضَيْقَةُ المَجرَى وَلَا مَرُوسُ
وَقد يكون الأمراس إزالةَ الرِّشاء عَن مجْرَاه، فَيكون بمعنيَيْن متصادَّين.
ابْن الأعرابيّ: بَيْننَا وَبَين المَاء ليلةٌ مَرَّاسةٌ لَا وَتِيرَة فِيهَا، وَهِي الدائبة الْبَعِيدَة.
وَفِي الحَدِيث: (إِن من اقتراب الساعةِ أَن يتمرّس الرجلُ بِدِينِهِ كَمَا يتمرّس البعيرُ بالشَّجرة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التمرُّس: شدّة الالتواء وشِدّة العُلُوق.
أَبُو عُبَيد فِي بَاب فعْفَعيل: من المراسة المَرْمَريس الأملس، وَمِنْه قَوْله فِي صفة فرس والكَفَل: المرمريس.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أَخذ المرمريس من المرمر وَهُوَ الرخام الأملس وكسعه بِالسِّين تَأْكِيدًا.
قَالَ شمر: المرمريس: الداهيةُ والدردبيس.
وَقَالَ القتيبِيّ فِي قَوْله: (أَن يتمرَّس الرجلُ بِدِينِهِ) ، أَي: يتلعّب بِهِ ويعبث.
قَالَ: وَقَوله: (تمرُّس البعيرِ بِالشَّجَرَةِ) ، أَي: كَمَا يتحكك بهَا.
وَقَالَ غَيره: (تمرُّسُ البعيرِ بِالشَّجَرَةِ) : تحكُّكه بهَا من جَرَب وأُكال.
وتمرُّسُ الرجلِ بدينِه: أَن يُمارِس الفِتَن ويُشادَّها ويخرُجَ على إمامِه فيضُرَّ بِدِينِهِ وَلَا يَنْفَعهُ غُلُوُّه فِيهِ، كَمَا أَن الجَرِب من الْإِبِل إِذا تحكَّك بالشَّجر أَدْماه وَلم يُبْرِئه من جَرَبه.
وَيُقَال: مَا بفلان مُتمرِّس: إِذا نُعِت بالجَلَدِ والشّدَّة حَتَّى لَا يُقاوِمه من مارَسَه.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: يُقَال للرّجل اللّئيم الّذي لَا ينظر إِلَى صَاحبه وَلَا يُعطي خيرا: إِنَّمَا تنظر إِلَى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَمْلَس لَا خيرَ فِيهِ، أَفلا يتمرَّسُ بِهِ أحدٌ لِأَنَّهُ صُلْبٌ لَا يُستغَلُّ مِنْهُ شَيْء.

(أَبْوَاب) السّين واللاّم)
س ل ن
لسن، نسل: (مستعملان) .
لسن: الحرَّاني عَن ابْن السكّيت: لسَنْتُ الرجلَ أَلْسُنُه لَسْناً: إِذا أخذتَه بلِسانِك؛ وَقَالَ طَرَفة:
وَإِذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها
إنّني لستُ بمَوْهُونٍ فَقِرْ
وَفِي حَدِيث عمر وَذكر امْرَأَة فَقَالَ: إِن دخلتْ عَلَيْك لسنتْك، أَي: أخذتك بلسانها.

(12/295)


قَالَ: وحَكى لنا أَبُو عَمْرو: لكلِّ قومٍ لِسْنٌ؛ أَي: لُغَة يتكلّمون بهَا.
وَيُقَال رجلٌ لَسِن بيّنُ اللَّسَن: إِذا كَانَ ذَا بَيانٍ وفصاحة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الخَلِيَّةُ من الْإِبِل يُقَال لَهَا المتلَسِّنة؛ وأَنشد ابْن أَحْمَر يصف بَكْراً صَغِيرا أعطَاهُ بَعضهم فِي حمالَة فَلم يَرْضَه ضئيلاً:
تلسَّنَ أهلُه عَاما عَلَيْهِ
فلُولاً عِنْد مِقْلاَتٍ نَيُوبِ
قَالَ: والخَلِيّة: أَن تَلِد الناقةُ فيُنحَر وَلدُها عَمْداً ليَدوم لَبنها، وتستَدَرّ بحُوارِ غيرِها، فَإِذا أدَرَّها الحُوار نَحُّوهُ عَنْهَا واحتَلَبوها وَرُبمَا خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أَو أَرْبعا على حُوارٍ وَاحِد، وَهُوَ التَّلسُّنُ.
وَقَالَ غيرُه: نَعلٌ مُلسَّنةٌ: إِذا جُعل طَرف مقدَّمِها كطَرَف اللِّسَان.
وَيُقَال: لسنْتُ الليف: إِذا مَشَنْتَه ثمَّ جعلتَه فتَائِلَ مهيَّأة للفَتْل، ويسمَّى ذَلِك: التّلْسين.
وَاللِّسَان يذكَّر ويؤنَّث؛ فَمن أنّثه جَمَعه أَلسنا، ومَن ذكّره جمعَه أَلسنَةٌ. وَإِذا أردتَ بِاللِّسَانِ اللّغة أنّثْتَ، يُقَال: فلانٌ يتكلّم بلسانِ قومه، وَيُقَال: إِن لسانَ الناسِ عَلَيْك لَحَسنةٌ وحَسنٌ، أَي: ثَناؤهم، وَقَالَ قَسَّاس الكِنْدِيّ:
أَلا أَبلِغْ لدَيْك أَبَا هُنَيَ
أَلَا تَنْهَى لسانَكَ عَن رَدَاها
فأَنّثها، وَيَقُولُونَ: إِن شَفَة الناسِ عَلَيْك لَحَسنة.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (إِبْرَاهِيم: 4) ، أَي: بلغَة قومه، وَقَالَ الشَّاعِر:
أَتَتْني لسانُ بَني عامرٍ
ذهب بهَا إِلَى الْكَلِمَة فأنّثها. وَقَالَ أَعشى باهلة:
إِنِّي أَتاني لسانٌ لَا أُسَرُّ بِهِ
فذكّرَه، ذَهَبَ بِهِ إِلَى الخَبر فَذكره.
والإلسان: إبلاغُ الرسَالَة.
وَيُقَال: ألْسنِّي فلَانا، وألْسنْ لي فلَانا كَذَا وَكَذَا، أَي: أَبلِغ لي. وَكَذَلِكَ أَلِكْني إِلَى فلَان، أَي: ألِك لي إِلَيْهِ. وَقَالَ عَدِيّ بنُ زَيْد:
بَلْ أَلْسنُوني سَراةَ العَمِّ إنكُمُ
لَسْتُم من الْملك والأثقال أَغْمَارًا
أَي: أَبلِغوا لي وعَني.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَلسون: الكَذّابُ. قَالَ الشَّيْخ: لَا أعرفهُ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأسْلان: الرماح الذُّبّل.
نسل: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى} (يس: 51) ،

(12/296)


قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يَنسلونَ: يَخْرُجُون بسُرعة.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّسلان: مِشْيَةُ الذِّئْب إِذا أسْرَع، وأَنشَد:
عَلاَنَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً
بَرَدَ اللّيْلُ عَلَيْهِ فنَسلْ
ابْن السِّكيت: يُقَال: أَنْسَلَتِ النَّاقةُ وَبَرها: إِذا أَلْقَتْه تُنْسِلُه، وَقد نسلَت بِولَدٍ كثير تَنْسِلُ وتَنْسُل. وَقد نَسَل الْوَبر يَنسِل ويَنْسُل: إِذا سقَطَ، وَيُقَال لِمَا سقَط مِنْهُ: النَّسيلُ والنُّسال، وَقد نسلَ فِي العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلاَناً، ونُسَالُ الطَّيْرِ: مَا سَقَطَ من ريشِهَا، وهَو النُّسَالة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: النَّسُولة من الغَنَم: مَا يُتَّخذ نَسْلُها، وَيُقَال: مَا لِبَنِي فلانٍ نَسُولة، أَي: مَا يُطلَب نَسلُه من ذَوَات الْأَرْبَع.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: فلانٌ يَنسِل الوَدِيقة، ويَحمِي الحَقيقة. والنَّسْلُ: الوَلَد، وَقد تَناسَلَ بَنو فلَان: إِذا كَثُر أولادُهم.
وَفِي الحَدِيث: أَنهم شَكَوْا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله الضَّعفَ، فَقَالَ: (عَلَيْكُم بالنَّسْل) .
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّسْل: يُنشِّط وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي المَشْي.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّسْل أَيْضا: الوَلَدُ والذُّرِّيّة.
وَفِي حَدِيث آخر: أَنهم شكوْا الإعياء فَأَمرهمْ أَن ينسلوا، أَي: يُسرعوا فِي الْمَشْي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّسَلُ: اللَّبَن الَّذِي يَخرُج من التِّين الأَخضَر.
وَقَالَ شمر: نَسَل رِيشُ الطَّائِر وأَنْسَل وأَنْسَلَه الطَّائِر وأنسل البعيرُ وبرَه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أنسَل ريشُ الطّائر: إِذا سَقَط، قَالَ: ونسَلْتُه أَنا نَسْلاً.
س ل ف
سلف، سفل، فسل، فلس: مستعملة.
فلس: قَالَ اللَّيْث: الفَلْس مَعْرُوف، وجمعُه فُلوس. وأَفْلَسَ الرجلُ: إِذا صَار ذَا فُلُوس بعد الدَّراهم، وَقد فلَّسَه الْحَاكِم تَفْليساً. وشيءٌ مُفلّسُ اللَّوْن: إِذا كَانَ على جِلْده لُمَع كالفُلوس.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أفلستُ الرجلَ: إِذا طلبتَه فأَخطأْتَ موضِعَه، وَذَلِكَ الفَلَس والإفلاس، وَأنْشد للمعطَّل الهُذَليّ:
يَا حِبُّ مَا حُبُّ القَتُولِ وحُبُّها
فَلسٌ لَا يُنْصِبْكَ حُبٌّ مُفْلِسُ
قَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: حُبُّها فَلَسٌ، أَي: لَا نَيْلَ مَعَه.
قَالَ: وأَفلَس الرجلُ: إِذا لم يَبقَ لَهُ مَال.

(12/297)


فسل: قَالَ اللَّيْث: الفَسلُ: الرَّذْلُ النَّذْلُ الَّذِي لَا مُروءة لَهُ وَلَا جَلَد. وَقد فَسلَ يفسل فُسولةً وفَسالةً. وَيُقَال: أفسلَ فلانٌ على فلانٍ مَتاعَه: إِذا أَرْذَله. وأَفْسل عَلَيْهِ دَرَاهمَه: إِذا زيَّفَها، وَهِي دَرَاهمُ فُسولٌ.
وَقَالَ الفرزدق:
فَلَا تَقبَلوا مِنْهُم أباعرَ تُشْتَرى
بوَكْسٍ وَلَا سُوداً يَصِحُّ فُسولُها
أَرَادَ: وَلَا تقبَلوا مِنْهُم دَراهمَ سُوداً.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه لعن من النِّسَاء المُسوِّفَة والمُفَسِّلة) . المفسلة من النِّسَاء: الَّتِي إِذا أَرَادَ زوجُها غِشْيَانها قَالَت: إِنِّي حَائِض، فتفسل الزوجَ عَنْهَا وتُفَتِّره وَلَا حَيضَ بهَا. والمسوِّفةُ: الَّتِي إِذا دَعاها الزّوج للفِراش ماطَلَتْ ولَمْ تُجِبْه إِلَى مَا يَدْعوها إِلَيْهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي صِغار النّخل قَالَ: أوَّل مَا يُقلَع من صغَار النَّخْل للغَرْس فَهُوَ الفسيل والوَدِيُّ، ويُجمع فسائل، وَقد يُقَال للواحدة: فَسيلة، ويُجمَع فَسيلاً.
وَقَالَ اللَّيْث: فُسالةُ الْحَدِيد: مَا تَناثَر مِنْهُ عِنْد الضَّرْب إِذا طُبِع.
أَبُو عَمْرو: الفسلُ: الرجلُ الأَحمَق.
سفل: قَالَ اللَّيْث: الأسفَل نقيضُ الأَعْلى، والسفْلَى نقيضُ العُلْيا، والسُّفْلُ نقيضُ العُلْو فِي التسفُّل والتَعلِّي.
والسافلة نَقيضُ الْعَالِيَة فِي النَّهْر والرُّمْح وَنَحْوه. والسافلُ نَقيضُ العالي، والسفْلة نقيض العِلْية، والسفَالُ نَقِيض العَلاء، يُقَال: أمْرهمْ فِي سَفال وَفِي عَلاء. والسفُول مصدرٌ، وَهُوَ نقيض العُلُوّ. والسفْلُ نقيضُ العِلْو فِي البِناء.
وَقَوله تَعَالَى: { (تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} (التِّين: 5) ، أَي: رددناه إِلَى أرذل العُمُر، كَأَنَّهُ قَالَ: رددناه أَسْفَل من سَفَل، وأسفل سافل. وَقيل: مَعْنَاهُ: رددناه إِلَى الضلال، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ} {يَفْعَلُونَ إِلاَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} (الْعَصْر: 2، 3) .
وَقَالَ ابْن السكّيت: هم السفِلة لأراذل النَّاس، هم من عِلْيَة النَّاس وَمن الْعَرَب من يخفِّف فَيَقُول: هم السفْلة. وسَفِلة الْبَعِير: قوائمُه وَفُلَان من سَفلة الْقَوْم: إِذا كَانَ من أراذلهم وأَسافل الْإِبِل: صِغارُها، وَأنْشد أَبُو عُبَيد:
تَواكلَها الأزمانُ حَتَّى أَجَأْنَها
إِلَى جَلَدٍ مِنْهَا قليلِ الأسافلِ
أَي: قَلِيل الْأَوْلَاد.
وَيُقَال: كُن فِي عُلاوة الرِّيح وسُفَالةِ الرِّيح، فَأَما عُلاوَتُها فأنْ يكون فوقَ الصَّيد، وأمّا سفَالتُها فَأن يكون تحتَ الصَّيْد، لِأَنَّهُ يستقبِل الرِّيحَ.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} (الْأَنْفَال: 42) ، قرىء بالنّصب

(12/298)


لِأَنَّهُ ظَرْف، وَلَو قرىء: (أسفلُ) بِالرَّفْع فَمَعْنَاه: أشَدُّ تَسفُّلاً.
سلف: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: السَّلَفُ: القَرْضُ، والفِعْل أسْلَفْت، يُقَال: سَلَّفتُه مَالا، أَي: أقرَضْته.
قلتُ: وكلُّ مالٍ قدَّمْته فِي ثمن سِلْعة مضمونةٍ اشتريتَها بصفَةٍ فَهُوَ سَلَف وسَلَم.
ورُوِي عَن النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَن سَلَّف فليُسَلّف فِي كَيْلٍ معلومٍ ووزْنٍ مَعْلُوم) أَرَادَ من قَدّم مَالا ودَفَعه إِلَى رجل فِي سِلعة مَضْمُونَة، يُقَال: سَلّفْتُ وأَسْلَفْتُ وأَسْلَمْتُ بِمَعْنى وَاحِد، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسمّيه عَوامُّ النَّاس عندنَا السَّلَم.
والسَّلَف فِي المعامَلات لَهُ مَعْنيانِ: أحدُهما الْقَرْض الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فِيهِ وعَلى المُقْرَض رَدُّه كَمَا أَخَذه، وَالْعرب تسمِّيه السَّلَف، كَمَا ذكره اللَّيْث فِي أول الْبَاب. وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي السَّلَف: السَّلَمُ وَهُوَ فِي المعنييْن مَعاً اسمٌ مِنْ أَسْلَفْتُ، وَكَذَلِكَ السَّلَم اسمٌ من أسلَمْتُ.
وللسَّلَف مَعْنيانِ آخَران: أحدُهما: أَن كلّ شَيْء قدّمَه العبدُ من عَمَل صالحٍ، أَو ولَدٍ فَرَطٍ تَقدَّمه فَهُوَ سَلَف، وَقد سَلَف لَهُ عَمَلٌ صَالح. والسلَف أَيْضا: مَن تَقدَّمك من آبَائِك وذَوِي قَرابَتك الَّذين هم فوقَكَ فِي السنّ والفَضْل، واحدهم سالِف، وَمِنْه قولُ طُفَيل الغَنَويّ يرثي قومه:
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ
وصَرْفُ المنَايا بالرِّجال تَقَلَّبُ
أَرَادَ أَنهم تقدَّمونا وقَصْدُ سبيلنا عَلَيْهِم، أَي: نَموت كمَا ماتُوا فنَكون سلَفاً لمن بعدَنا كَمَا كَانُوا سلَفاً لنا.
وَقَالَ الفرّاء فِي قولُ الله جلّ وعزّ: { (أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلاَْخِرِينَ} (الزخرف: 56) ، يَقُول: جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخِرون.
قَالَ: وَقَرَأَ يحيى بن وثّابٍ: (سُلُفاً) مضمومةٌ مثقّلة.
قَالَ: وَزعم القاسمُ أنّه سمع وَاحِدهَا سَلِيفاً، قَالَ: وقرىء: (سلَفاً) كأنّ واحدتها سُلْفة، أَي: قِطْعة من النَّاس مِثل أُمّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُمَم السالفة: الماضيةُ أَمامَ الغابرة، وتُجمعُ سوالف، وأَنشَدَ فِي ذَلِك:
ولاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ
كَذَلِك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ
قَالَ: والسالفةُ: أَعْلى العُنُق. وسالِفَة الفَرَس وغيرِها: هادِيَتُه، أَي: مَا تَقَدَّم من عُنُقه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السَّلْف: الجِراب، وجمعُه سُلوف، وأَنشَد شمر لبَعض الهذليِّين:

(12/299)


أَخذتُ لَهُم سَلْفَيْ حَتِيَ وبُرْنْساً
وسَحْقَ سَرَاوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ
أَرَادَ جِرَابَيْ حَتِيَ، وَهُوَ سَويق المُقْل.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للطّعام الَّذِي يتعلّل بِهِ قبلَ الْغذَاء: السُّلْفة. وَقد سلَّفْتُ القومَ، وسلّفتُ للْقَوْم، وَهِي اللُّهنة.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: قَالَ المُسْلِف من النِّسَاء: الَّتِي قد بلغتْ خمْسا وَأَرْبَعين وَنَحْوهَا، وأَنشَد:
إِذا ثَلاَثٌ كالدُّمَى
وكاعِبٌ مُسْلِفُ
ورُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الحنفيّة أَنه قَالَ: أرضُ الجَنّة مَسْلُوفةٌ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هِيَ المستوِيَة. قَالَ: وَهَذِه لُغَة أهلِ اليَمَن والطائف وتيل النَّاحِيَة يَقُولُونَ: سلَفْتُ الأرضَ أسلُفُها. وَيُقَال للحَجَر الَّذِي تُسوَّى بِهِ الأَرْض: مِسلَفة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وأحسبُه حَجَراً مُدْمَجاً يُدحرَج بِهِ على الأَرْض لتَستوِيَ.
وَقَالَ اللّيث: تُسمَّى غُرْلة الصبيِّ سُلْفةً، والسُّلْفةُ: جِلدٌ رَقِيق يُجعَل بِطانةً للخِفاف، وربّما كَانَ أحمرَ وأصفرَ. قَالَ: والسَّلُوف من نِصالِ السِّهام: مَا طَال، وأَنشَد:
شَكّ كُلاها بِسلُوفٍ سَنْدَرِيُّ
والسِّلْفانِ: رجلَانِ تزوَّجا بأختين، كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا سِلْفٌ لصَاحبه. والمرأةُ سِلْفةٌ لصاحبتها: إِذا تزوّجت أختَان بأخَوين.
قَالَ: والسُّلاَفَة من الْخمر: أخلَصُها وأفضَلُها، وَذَلِكَ إِذا تَحَلَّب من الْعِنَب بِلَا عَصْر وَلَا مَرْث وَكَذَلِكَ من التَّمْر والزَّبيب مَا لم يُعَد عَلَيْهِ المَاء بعد تَحلُّب أوّله والسُّلَفُ والسُّلَكُ: من أَوْلَاد الحَجَل، وجمعُه سِلْفان وسِلْكان.
وأَخبَرني المنذريُّ عَن الحَسَن أنّه أنشدَه بيتَ سَعْد القرقرة:
نحنُ بغَرْس الوَدِيِّ أعَلُمنا
مِنّا برَكْض الجيادِ فِي السُّلَفِ
قَالَ: والسُّلَف جمعُ السُّلْفة من الأَرْض، وَهِي الكرْدَة المسوّاة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَاءَ القومُ سُلْفة سُلْفة: إِذا جَاءَ بعضُهم فِي إثْر بعض. وسُلافُ العَسْكَر: مُقدِّمتهُم. وسَلفْتُ القومَ وَأَنا أسلُفُهم سَلَفاً: إِذا تقدّمتهم. قَالَ مرّة بن عبد الله اللحياني:
كَأَن بَنَاته سِلفانُ رَخْم
حواصِلُهن أَمْثَال الزَّقاق
قَالَ: وَاحِد السلفان سُلف، وَهُوَ الفرخ. قَالَ: سُلَكٌ وسِلكان: فِرَاخ الحَجل.
س ل ب
سلب، سبل، لسب، لبس، بلس، بسل.
سلب: قَالَ اللَّيْث: السَّلَب: مَا يُسْلَب بِهِ والجميعُ الأَسْلاب، وكلُّ شَيْء على

(12/300)


الْإِنْسَان من اللبَاس فَهُوَ سَلَب، وَالْفِعْل سَلَبْتُه أسلُبه سلَباً: إِذا أخذتَ سَلَبه. قَالَ: والسَّلوب من النوق الَّتي ترمِي بوَلدِها. وَقد أسلبتْ ناقتكُم، وَهِي سَلوب: إِذا ألقتْ ولدَها قبل أَن يتمّ، والجميعُ السلاَّئب.
اللّحياني: امرأةٌ سَلُوب وسَليبٌ: وَهِي الّتي يَمُوت زوجُها أَو حميمُها فتسَلَّب عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: يُقَال للرّجل مَا لي أراكَ مُسْلَباً: وَذَلِكَ إِذا لم يَألَفْ أحدا وَلَا يَسكُن إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا شُبّه بالوحش، يُقَال: إنّه لوحشيّ مُسْلَب، أَي: لَا يألَف وَلَا تنكسر نفسُه.
وَفِي حَدِيث ابنِ عمَر: أَن سعيدَ بنَ جُبير دخل عَلَيْهِ وَهُوَ متوسِّد مرْفَقَة أَدَمٍ حَشْوها لِيفٌ أَو سَلَب.
قَالَ أَبُو عُبيد: سألتُ عَن السَّلَب فَقيل: ليْس بلِيف المُقْل، ولكنّه شجرٌ مَعْرُوف باليَمَن يُعمل مِنْهُ الحبال وَهُوَ أجْفَى من ليفِ المُقْل وأصلَبُ.
وأَنشَد شمِر فِي السَّلَب:
فَظلَّ يَنزعِ مِنْهَا الجِلْد ضَاحِية
كَمَا يُنَشْنِشُ كَفُّ الفاتِل السَّلَبا
قَالَ: يُنشنِش أَي يُحرِّك.
قَالَ شمر: والسَّلَبُ: قِشْرٌ من قُشور الشّجر يُعمَل مِنْهُ السِّلال، يُقَال لِسوقه سوقُ السَّلاّيين، وَهِي بمكةَ مَعْرُوفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلَب: لِيف المُقْل، وَهُوَ أبيَض.
قلتُ: غَلِط اللّيث فِيهِ، وشجرةٌ سُلُبٌ: إِذا تَناثَر ورَقُها؛ قَالَ ذُو الرمّة:
أَو هَيْشَرٌ سُلُب
قَالَ شمِر: هَيْشَرٌ سُلُبٌ: لَا قِشْرَ عَلَيْهِ. وَيُقَال: اسْلبْ هَذِه القَصَبة، أَي: قَشِّرها، وسَلَبُ القصبَةِ والشَّجَرة قِشْرها. وسَلَبُ الذَّبِيحَة: إهابُها ورأسُها وأكارِعُها وبطنُها. وسَلبُ الرجل: ثيابُه.
وَقَالَ رؤبة:
يَراعُ سَيْر كاليَراعِ الأَسْلَب
اليَراعُ: القَصَب، والأَسْلابُ: الّتي قد قُشِرت، وَوَاحِد الأسلاب سَلَب وسَلِيب.
أَبُو عبيد: السُّلُب: الثِّياب السُّود الَّتِي تَلبَسها النّساء فِي المآتم، واحدُها سِلاَب، وَقَالَ لَبيد:
يَخْمشْ حُرَّ أوجُهٍ صِحاح
فِي السُّلُب السُّود وَفِي الأَمْساح
وامرأةٌ مسلِّبٌ: إِذا كَانَت مُحِدَّاً تَلبَس الثّياب السُّودَ للحِداد.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السَّلِبُ: الطَّوِيل. وَقَالَ اللَّيْث: فرسٌ سَلِبُ القوائِم: خفيفُ نَقْلِها. ورجُل سَلِب اليَدَين بالطَّعن والضَّرب: خفيفُهما. وثورٌ سَلبُ الطَّعْنِ بالقَرْنِ.

(12/301)


وَقَالَ غَيره: فرسٌ سَلِبُ القوائم، أَي: طويلُها، وَهَذَا صحيحٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّلْبة: الجُرْدَة، يُقَال: مَا أَحسَن سُلْبتَها وجُرْدَتها. وَيُقَال للسَّطر من النَّخل: أُسْلوب، وكلُّ طريقٍ ممتدَ فَهُوَ أُسْلوب. قَالَ: والأسلوبُ: الوجهُ والطّريق وَالْمذهب، يُقَال: أنتُم فِي أُسْلوبِ شَرّ، وَيجمع أَساليب.
وأَنشَد شمِر:
أُنوفُهمْ مِلْفَخْرِ فِي أُسْلُوبِ
أَرَادَ من الفَخْر، فحَذَف النُّون.
أخبرنَا ابْن منيع قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكار بن الريان، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا قَالَت: لما أُصِيب جَعْفَر أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (تسَلبي ثَلَاثًا ثمَّ اصنعي مَا شِئْت) تسلّبي، أَي: البسي ثِيَاب الْحداد السود.
سبل: قَالَ ابْن السِّكّيت وغيرُه: السَّبيل الطّريق يؤنَّثان ويذكَّران، قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} (الْأَعْرَاف: 46) ، وَقَالَ: {قُلْ هَاذِهِ سَبِيلِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (يُوسُف: 108) ، وجمعُ السَّبيل سُبُل. وابنُ السَّبِيل: المسافرُ الَّذي انقُطِع بِهِ وَهُوَ يُرِيد الرجوعَ إِلَى بلدِه وَلَا يَجد مَا يَتبلّغُ بِهِ، فلَهُ فِي الصَّدَقات نصيب. وقولُ الله: {وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 60) ، أريدَ بِهِ الّذي يُرِيد الغَزْوَ وَلَا يَجِد مَا يُبلِّغه مَغْزاه فيُعطَى مِن سَهْمه.
وكلُّ سَبِيل أُريدَ بِهِ الله جلَّ وعزّ وَفِيه بِرٌّ فَهُوَ داخلٌ فِي سَبِيل الله. وَإِذا حَبَس الرجلُ عُقْدةً لَهُ وسَبّل ثمَرَها أَو غَلتَها فإنّه يُسلَك بِمَا سَبَّل سُبُل الْخَيْر، يُعْطَى مِنْهُ ابنُ السّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرُهم.
وَقَالَ الشافعيّ: سَهْمُ سبيلِ الله فِي آيَة الصَّدَقات يُعطَى مِنْهُ من أَرَادَ الغَزْوَ مِن أهل الصَّدقة فَقِيرا كَانَ أَو غنيّاً. قَالَ: وابنُ السَّبيل عِنْدِي: ابنُ السَّبيل من أهل الصَّدَقة الّذي يُريد بَلَدا غير بلدِه لأمر يلْزمه. قَالَ: ويُعطى الْغَازِي الحَمولة والسّلاح والنفقةَ وَالْكِسْوَة. ويُعطى ابنُ السَّبِيل قدر مَا يبلّغه الْبَلَد الَّذِي يُريدهُ فِي نفَقَته وحَمُولتَه.
وَقَالَ اللّحياني: المُسْبِل من قِداح المَيْسر: السادسُ وَفِيه ستّة فُروض، وَله غُنْم ستّة أَنصِباء إِن فَازَ، وَعَلِيهِ غُرْم ستّة أنصباء إِن لم يَفُزْ، وجمعُه المسَابِل.
وَحدثنَا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هانىء، قَالَ: حَدثنَا عَفَّان قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة قَالَ: أَخْبرنِي عَليّ بن مدرك قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة بن عَمْرو بن جرير يحدّث عَن خَرشَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله: (ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم

(12/302)


يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا يزكيهم) ، قَالَ: قلت: وَمن هم خابوا وخسِروا؟ فَأَعَادَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مَرَّات: المُسبل والمَنَّان والمُنفِّق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المسبلُ: الَّذِي يطوّل ثَوْبه ويرسله إِلَى الأَرْض وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ النَّضر رِوَايَة أبي دواد.
قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} (الْإِسْرَاء: 48) ، قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ فِي أَمرك حِيلَة.
وَقَوله عز وَجل: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (آل عمرَان: 75) ، كَانَ أهل الْكتاب إِذا بايعهم الْمُسلمُونَ قَالَ بَعضهم لبَعض: لَيْسَ للأميين يَعْنِي للْعَرَب حُرمة أهل ديننَا، وَأَمْوَالهمْ حِلٌّ لنا.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبُولة: هِيَ سُنْبُلة الذُّرَة والأَرُزّ وَنَحْوه: إِذا مَالَتْ.
وَيُقَال: قد أَسْبَلَ الذرعُ إِذا سَنْبَل. والفرسُ يُسْبِل ذَنَبه، والمرأةُ تُسْبِل ذَيْلَها.
قَالَ: والسَّبَلَةُ: مَا على الشَّفَة العُلْيا من الشَّعر بِجمع الشارِبَين وَمَا بَينهمَا. والمرأةُ إِذا كَانَ لَهَا هُناك شعر قيل: امرأةٌ سَبْلاء، والسَّبَلُ: المطرُ المُسبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّبَلُ: أطرافُ السُّنْبُل.
وَيُقَال: أَسبَلَ فلانٌ ثيابَه: إِذا طوَّلها وأرسلَها إِلَى الأَرْض.
وأَسبَلَت السحابة: إِذا أَرْخَتْ عَثانينَها إِلَى الأَرْض.
قَالَ اللّيث: يُقَال: سَبَلٌ سابِلٌ، كَقَوْلِك: شِعْر شَاعِر؛ اشتَقّوا لَهُ اسْما فَاعِلا.
وَفِي الحَدِيث: (إِنَّه وافر السَّبَلة) .
قَالَ أَبُو مَنْصُور: يَعْنِي الشعرات الَّتِي تَحت اللَّحْي الْأَسْفَل.
والسَّبلةُ عِنْد الْعَرَب: مقدَّم اللِّحْيَة، وَمَا أسبل مِنْهَا على الصَّدْر.
يُقَال للرجل إِذا كَانَ كَذَلِك: رجل أسْبَلُ ومسَبَّل.
والسابلةُ: المختلفةُ فِي الطُّرُقات فِي حوائِجهم والجميع السَّوابل.
وَقَالَ غيرُه: السَّبلةُ: مقدَّم اللِّحْية، ورجُلٌ مُسَبَّلٌ: إِذا كَانَ طويلَ اللِّحية، وَقد سُبِّل تَسْبيلاً كَأَنَّهُ أُعْطِيَ سَبَلةً طَوِيلَة.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ وَقد نشرَ سَبَلَته: إِذا جَاءَ يتوعَّد، وَقَالَ الشَّمّاخ:
وجاءَتْ سُلَيْمٌ قَضَّها بقَضيضها
تُنَشِّرُ حَوْلِي بالبقيعِ سِبَالَها
وَيُقَال للأعداء: هم صُهْبُ السِّبال، وَمِنْه قولُه:
فظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسي
واعتناقِي فِي القوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّبلة: مَا ظَهَر من مقدَّم اللِّحية بعد العارِضين. والعُثْنُون: مَا بَطَن.

(12/303)


قَالَ: والسَّبلَة: المَنحر من الْبَعِير، وَهُوَ التَّريبة، وَفِيه ثُغْرة النَّحْر.
يُقَال: وجَأَ بشَفْرَته فِي سَبَلَتِها، أَي: مَنْحَرِها.
وَإِن بَعيرَك لحسَن السَّبلة: يُرِيد رِقَّة خَدّه.
قلتُ: وَقد سمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: لَتَمَ بِالتَّاءِ فلَان فِي سَبلةِ بعيره: إِذا نَحَره فطَعَن فِي نحرِه؛ وكأنّها شَعَرات تكون فِي المَنْحر. وأسْبِيل: اسمُ بلد.
قَالَ خَلَف الأَحمر:
لَا أَرضَ إلاّ اسْبِيلْ
وكلُّ أرضٍ تَضْليلْ
وَقَالَ النَّمِر بنُ تَوْلَب:
بإسْبِيلَ ألقَتْ بِهِ أُمُّهُ
على رأسِ ذِي حُبُكٍ أَيْهمَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبْلةُ: المَطْرَةُ الواسعة.
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّبل: المَطر بَين السَّحَاب والأَرض حِين يَخْرُج من السَّحَاب وَلم يَصل إِلَى الأَرض. وَقد أسبَلَتِ السماءُ إسْبالاً، ومِثْل السَّبل العثانين، واحدُها عُثْنون. ومَلأَ الإناءَ إِلَى سَبَلتِه، أَي: إِلَى رَأْسِه.
بسل: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ} (الْأَنْعَام: 70) .
قَالَ الْحسن: {أُبْسِلُواْ} أُسْلِمُوا بجرائرهم، {أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} (الْأَنْعَام: 70) ؛ أَي: تسلم للهلاك.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَي لِئَلَّا تسلم نفس إِلَى الْعَذَاب بعملها. والمسْتَبْسِلُ: الَّذِي يَقع فِي مَكْرُوه وَلَا مخلص لَهُ مِنْهُ، فيستسلم موقناً لهلكه.
وأخبرَني المنذرِيُّ عَن الأَسديّ عَن الرِّياشي قَالَ: حدّثنا أَبُو مَعْمَر، عَن عبد الوارث عَن عَمْرو، عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى: {أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ} (الْأَنْعَام: 70) قَالَ: أُسلِموا.
قَالَ: وأَنشدَنا الرِّياشيّ:
وإبْسالِي بَنِيَّ بغيرِ جُرْمٍ
بعَوْناه وَلَا بِدَمٍ مُراقِ
قَالَ: وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
هُنالِك لَا أَرْجُو حَياةً تسرُّني
سَميرَ اللَّيالي مُبْسَلاً لجرَائري
أَي: مُسلَماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} (الْأَنْعَام: 70) ، أَي: تُحبَس فِي جهنّم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ} (الْأَنْعَام: 70) ، أَي: ارُتهِنوا، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الكَلْبيّ، ورُوِي عَنهُ أُهلِكوا. وَقَالَ مُجَاهِد: فُضِحوا. وَقَالَ قَتادة: حُبِسوا.

(12/304)


وَأَخْبرنِي المنذرِيّ عَن أبي الهَيْثم أنّه قَالَ: يُقَال: أَبْسَلْته بجَرِيرَتِه، أَي: أَسَلَمْتُه بهَا. قَالَ: وَيُقَال: جَزيْتُه بهَا. قَالَ: وبسلْتُ الرّاقِيَ: أعطيتُه بُسْلَتَه، وَهِي أجرتُه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن المفضَّل بن سَلَمة أنَّه قَالَ البَسْل من الأضداد. هُوَ الحَرَام والحلال جَمِيعًا، وَقَالَ الأعشَى فِي الحَرام:
أجارَتَكُمْ بسْلٌ علينا مُخرَّمٌ
وجارَتُنا حِلٌّ لكمْ وحَلِيلُها
وَقَالَ ابْن هَمّام فِي البسل بِمَعْنى الحَلال:
أينفذ مَا زِدْتُم وتُمحَى زِيادَتِي
دَمِي إِن أجِيزَتْ هَذِه لكم بَسْلُ
وَأَخْبرنِي ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَسْل: المُخَلَّى فِي هَذَا الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو طَالب: البَسْلُ أَيْضا فِي الكِفاية. والبَسْل أَيْضا فِي الدُّعاء، وَيُقَال: بسْلاً لَهُ، كَمَا يُقَال: وَيْلاً لَهُ، قَالَ: وَقَالَ ثَعْلَب: البَسل: اللَّحْيُ فِي المَلامِ، رَوَاهُ عَن ابْن الْأَعرَابِي.
ورَوَى أَبُو عمر عَن ثَعْلب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البَسل: الْحَلَال. والبَسلُ: الْحَرَام. والبَسلُ: أخذُ الشَّيْء قَلِيلا قَلِيلا، والبَسلُ: عُصارة العُصْفُر والحِنّا، والبَسلُ: الحَبْس.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو مَالك: البَسل يكون بِمَعْنى حَلالٍ وبمعنَى حرَام، وَبِمَعْنى التَّوكيد فِي المَلام، مِثْل قولِك تَبّاً.
قلتُ: سمعتُ أعرابيّاً يَقُول لِابْنِ لَهُ عَزَم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: عَسْلاً وبسْلاً، أَرَادَ بذلك لَحْيَه ولَوْمَه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يَقُول الرَّجُل بسْلاً: إِذا أَرَادَ أمِين فِي الاستجابة.
وَقَالَ اللَّيْث: بسل الرجلُ يَبْسل بسولاً فَهُوَ باسِل. وَهِي عُبوسَةُ الشّجاعة وَالْغَضَب. وأَسَدٌ باسِلٌ. واستبسلَ الرجُل للْمَوْت: إِذا وَطَّن نَفسه عَلَيْهِ واستَيْقَنَ بِهِ. وابتَسل الرجُل: إِذا أَخَذ على رُقْيته أَجْراً. قَالَ: وَإِذا دَعَا الرجُل على صَاحبه يَقُول: قَطَع الله مَطاكَ، فَيَقُول الآخَر: بسلاً بسلاً، أَي: آمين آمين، وأَنشَد:
لَا خابَ مِن نَفْعِك من رَجَاكَا
بَسْلاً وعادَى اللَّهُ مَن عاداكا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَاف أعرابيٌّ قوما فَقَالَ: ائْتُونِي بكُسعٍ جَبِيزات وبَنسيلٍ من قَطَاميَ ناقس.
قَالَ: والبسيلُ: الفَضْلة. والقَطَاميُّ: النَّبيذ.
قَالَ: والناقس: الحامض. والكُسَع: الكِسَر. والجَبِيزَات: اليابسات.
وتَبَسَّل لي فلانٌ: إِذا رأيتَه كَرِيهَ المَنظَر.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَكنت ذنُوب الْبِئْر لما تُبُسِّلت

(12/305)


أَي: كرهت. وَيجوز: لما تَبَسَّلت. وبَسّل فلَان وَجهه تبسيلاً: إِذا كرّهه.
أَبُو عُبيد: البسالة: الشَّجاعة. والباسِلُ: الشَّديد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البسل: الشّدّة. والبسل: نَخْل الشَّيْء فِي المُنخل. والبَسْل بِمَعْنى الْإِيجَاب.
وَكَانَ عمرُ يَقُول فِي آخِر دُعَائِهِ: آمينَ وبَسْلاً، مَعْنَاهُ: يَا رَبِّ إِيجَابا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحنظل المُبَسَّل: أَن يُؤكَل وحدَه، وَهُوَ يُحرِق الكَبِد، وأَنشد:
بئسَ الطعامُ الحَنظَلُ المبَسَّلُ
تَيْجَعُ مِنْهُ كَبِدي وأَكْسَلُ
بلس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُلُس بضمّ الْبَاء وَاللَّام العَدَس وَهُوَ البَلْسُ.
قَالَ: والبَلَس: ثَمَرُ التِّين إِذا أَدْرَك، الْوَاحِدَة بَلَسة.
قَالَ: وَيُقَال: اللّبنُ الَّذِي يَسيل من خُضَر التِّين: النّسَل.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: وَكنت أَغفلت النَّسْل فِي بَابه فَأَتَيْته فِي هَذَا الْبَاب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة قَالَ: وَمِمَّا دخل فِي كَلَام العَرَب من كَلَام فَارس: المِسْحُ تُسَمِّيه البَلاَس بِالْبَاء المشبعة وجمعُه بُلُس.
قَالَ غَيره: يُقَال لبَائِعه: البَلاّس. وَقَالَ الْفراء: المبلس: اليائس، وَلذَلِك قيل للَّذي يسكت عِنْد انْقِطَاع حجَّته، وَلَا يكون عِنْده جَوَاب: قد أَبْلَس، وَقَالَ العَجّاج:
قَالَ نَعَمْ أعرِفه وأبْلَسَا
أَي: لم يُحْرِ إليَّ جَوَابا، وَنَحْو ذَلِك قَالَ يُونُس وَأَبُو عُبَيْدَة فِي المُبْلِس. وَقيل: إنَّ إبليسَ سُمّيَ بِهَذَا الِاسْم لأنّه لمّا أَوِيسَ مِن رَحمة الله أَبلَسَ إبلاساً.
وَجَاء فِي حديثٍ آخَرَ: (من أحَبَّ أَن يَرِقَّ قلبُه فليُدْمِن أكل البَلَس) ، وَهُوَ التِّين، إِن كَانَت الرّواية بِفَتْح الْبَاء وَاللَّام، وَإِن كَانَت الرّواية البُلْس فَهُوَ العَدَس.
وَفِي حَدِيث عَطاء: البُلْسنُ وَهُوَ العدس.
وَقَالَ اللّحياني: مَا ذقتُ عَلوساً وَلَا بَلُوساً، أَي: مَا أكلت شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: مَلَسانٌ: شَجَرٌ يُجعَل حَبُّه فِي الدّواء، قَالَ: ولحَبّه دُهْن يُتَنافَس فِيهِ.
قلتُ: بَلَسان: أَراه رُوميّاً.
وَقَالَ أَبُو بكر: الإبلاس: مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الْقنُوط، وَقطع الرَّجَاء من رَحْمَة الله، وَأنْشد:
وحضرتُ يَوْم خَمِيس الأخماسْ
وَفِي الْوُجُوه صفرةٌ وإبلاسْ
وَقَالَ: أبلس الرجلُ: إِذا انْقَطع فَلم تكن لَهُ حجَّة. وَقَالَ:

(12/306)


بِهِ هَدَى الله قوما من ضلالتهم
وَقد أُعِدّت لَهُم إِذا أبلسوا سَقَرُ
لبس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (الْأَنْعَام: 9) ، يُقَال: لَبَسْتُ الأمرَ على الْقَوْم ألبِسه لَبْساً: إِذا شَبهتَه عَلَيْهِم وجعلتَه مُشكِلاً، وَكَانَ رُؤَساء الكفّار يَلبِسُون على ضَعَفَتِهمْ فِي أمرِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: هلاّ أنزِل إِلَيْنَا مَلَك؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً} (الْأَنْعَام: 8) ، فَرَأَوْا المَلَك رَجُلاً لَكَانَ يَلحَقهم فِيهِ من اللَّبْس مِثْل مَا لَحِق ضَعَفَتَهم مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: اللَّبْس: اخْتِلَاط الْأَمر، يُقَال فِي أَمرهم لَبْس. قَالَ: وَيُقَال: كُشِفَ عَن الهَوْدج لِبْسُه. قَالَ: ولِبْس الكَعبة: مَا عَلَيْهَا من اللِّباس، وَقَالَ حُميدُ بن ثَور:
فلمّا كَشَفْن اللِّبْس عَنهُ مَسَحْنَه
بأطرافِ طَفْلٍ زانَ غَيْلاً مُوَشَّمَا
يصف فرسا خدمته جواري الْحَيّ.
قَالَ: وَيُقَال: لبَسَت عَلَيْهِ الأمرَ فَأَنا أَلبِسه لَبْساً: إِذا خَلَطْتَه عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَعرفَ جِهتَه. ولبِسْت الثوبَ ألبَسه لُبْساً. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ} (الْأَنْبِيَاء: 80) ، قَالُوا: هِيَ الدُّروع تُلبَس فِي الحَرْب. وثوبٌ لَبِيس: إِذا أُكثِر لُبْسه. ومُلاءَةٌ لَبِيس بِغَيْر هَاء.
وَقَالَ اللّيث: اللَّبَسة: بقْلة.
قلتُ: لَا أَعْرِف اللَّبَسَة فِي البُقول، وَلم أَسمَع بهَا لغير اللّيث. واللِّبْسة: حالةٌ من حالات اللُّبْس، ولبِستُ الثوبَ لَبْسةً وَاحِدَة، وَيُقَال: لبِستُ امْرَأَة، أَي: تمتّعت بهَا زَماناً، ولَبِستُ قوما، أَي: تملّيتُ بهم دَهْراً.
وَقَالَ الجَعْدِيّ:
لَبستُ أُناساً فأَفنَيْتُهمْ
وأفنَيْتُ بَعدَ أُناسٍ أُناسَا
وَيُقَال: ألبست الشَّيْء بِالْألف إِذا غطيته. يُقَال: ألبست السماءُ السحابَ: إِذا غَطَّتها. وَيُقَال: الْحرَّة الأَرْض الَّتِي لبستها حِجَارَة سود. ولبِست الثَّوْب لبساً. ولبَست عَلَيْهِ الْأَمر ألبِسه: إِذا خلطته.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً} (الْفرْقَان: 47) ، أَي: تَسكُنون فِيهِ، وَهُوَ مشتمِل عَلَيْكُم. وَقَالَ فِي النِّسَاء: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (الْبَقَرَة: 187) ، قيل: الْمَعْنى: تُعانِقوهُنّ ويعانِقْنَكم. وَقيل أَيْضا: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} ، أَي: كلُّ فريق مِنْكُم يَسكُن إِلَى صَاحبه ويُلابِسه. كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الْأَعْرَاف: 189) ، والعَرَبُ تسمِّي الْمَرْأَة لِباساً وإزاراً، وَقَالَ الجَعْديّ يصف امْرَأَة:
إِذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَهُ
تَثَنّتْ فكانتْ عَلَيْهِ لِباسَا

(12/307)


وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (النَّحْل: 112) ، جَاعُوا حَتَّى أَكَلوا الوَبَر بالدّم، وَبلغ مِنْهُم الجُوع الحَال الَّتِي لَا غايَة بعدَها، فضُربَ اللِّباسُ لِمَا نالهم مَثَلاً لاشْتِمَاله على لابِسه.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: من أمثالهم: (أَعرَضَ ثوبُ المُلْبِس) ، وَيُقَال: ثوبُ المُلْبَس.
وَيُقَال: ثوب المَلْبَس، وَيُقَال: ثوب المُلْبس. يضْرب هَذَا الْمثل لمن اتسعت قرفته، أَي: كثر من يتهمه فِيمَا سَرقه.
قَالَ: والمُلْبِس: الّذي يُلبِسُك ويُحلِّك. والمِلْبَس: اللبَاس بعَيْنه، كَمَا يُقَال: إِزَار ومِئْزَر، ولِحاف ومِلْحَف. وَمن قَالَ: المَلْبَس أَرَادَ ثوبَ اللُّبْس. كَمَا قَالَ:
وبَعدَ المَشيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسا
ورُوِي عَن الأصمعيّ فِي تَفْسِير هَذَا الْمثل قَالَ: يُقَال ذَلِك للرّجل يُقَال لَهُ: ممّن أَنْت؟ فَيَقُول: مِن مُضَر، أَو من رَبيعة أَو من اليمَن، أَي: عمَمْتَ ولَم تَخُصَّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إنّ فِي فلانٍ المَلْبَسا، أَي: لَيْسَ بِهِ كِبْر، وَيُقَال: كِبَر، وَيُقَال: لَيْسَ لفلانٍ لَبِيس، أَي: لَيْسَ لَهُ مِثل، وَقَالَ أَبُو مَالك: هُوَ من المُلابَسة، وَهِي المُخالَطة. قَالَ: وَيُقَال: لَبِسْتُ فُلَانَة عُمْرِي، أَي: كَانَت معي شَبابي كلّه، والتَبَس عليّ الأمرُ يَلتَبِس، أَي: اختَلَط، وتَلبَّسَ حُبُّ فلانةَ بدَمي ولَحْمي، أَي: اختَلَط.
شَمِر: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للشَّيْء إِذا غطاه كُله: ألبسهُ، وَلَا يكون لبسه، كَقَوْلِهِم: ألبسنا اللَّيْل. وألبس السماءَ السحابَ، وَلَا يكون: لبِسْنا اللَّيْل. وَلَا لبس السماءُ السحابَ.
قَالَ الشَّيْخ: وَيُقَال: هَذِه أَرض ألبستها حِجَارَة سود، أَي: غطتها. والدَّجْنُ: أَن يُلبس الغيمُ السَّمَاء. وَفِي الحَدِيث: (فيأكل مَا يتلبَّس بِيَدِهِ طَعَام) ، أَي: لَا يَلزَق بِهِ لنظافة أكله.
وَفِي المَوْلد والمَبْعَث فجَاء الْملك فشقّ عَن قلبه. قَالَ: (فَخفت أَن يكون قد التُبس بِي) ، أَي: خولطت. من قَوْلك: فِي رَأْيه لَبْسٌ، أَي: اخْتِلَاط. وَيُقَال للمجنون: مخالَط.
لسب: الحرّاني عَن ابْن السكّيت أَنه قَالَ: لَسبَتْه العقربُ تَلْسِبُه لَسْباً: إِذا لَسَعَتْه، وَيُقَال: لَسِبتُ العَسَل والسَّمْن أَلْسَبه لَسْباً: إِذا لَعِقْته.
وَقَالَ اللَّيْث: لسَبته الحيّةُ لَسْباً، وأكثرَ مَا يُستعمَل فِي الْعَقْرَب.

(12/308)


س ل م
سلم، سمل، لمس، لسم، ملس، مسل.
سلم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ} (الْأَنْعَام: 127) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي: للْمُؤْمِنين دارُ السَّلَام. قَالَ: وَقَالَ بَعضُهم: السَّلام هَهنا اسمٌ من أَسمَاء الله تَعَالَى، ودَليلُه قولُه: {الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} (الْحَشْر: 23) .
قَالَ: وَيجوز أَن تكون الجنّة سُمّيَتْ دارَ السّلام لأنّها دارُ السَّلامة الدائمة الَّتِي لَا تَنقطِع وَلَا تَغنَى.
وأَنشَد غيرُه:
تُحيَّا بالسّلامةِ أمُّ بَكْرٍ
وهلْ لكِ بعد قومِكِ من سَلامِ
وَقَالَ بعضُهم: قيل: لله السَّلامُ لِأَنَّهُ سَلِم ممَّا يَلحَق الخلقَ من آفَات الغِيَر والفَناء، وأنّه الْبَاقِي الدَّائِم الَّذِي يُفنِي الخَلْق، وَلَا يَفنَى، وَهُوَ على كلّ شَيْء قدير.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ} (الْأَنْعَام: 54) ، الْآيَة، سمعتُ محمدَ بنَ يزيدَ يَذكُر أنّ السّلام فِي لُغَة الْعَرَب أربعةُ أَشْيَاء فَمِنْهَا: سَلّمتُ سَلاما مَصدَر سلّمت، وَمِنْهَا السَّلَام جمعُ سَلامة، وَمِنْهَا السَّلام اسمٌ من أسماءِ الله تَبَارك وَتَعَالَى، وَمِنْهَا السَّلام شجر.
قَالَ: وَمعنى السلاَم الّذي هُوَ مَصدَر سَلَّمت أنَّه دعاءٌ للْإنْسَان بِأَن يَسلَم من الْآفَات فِي دِينه ونَفْسِه، وتأويلُه التَّخْليص.
وَقَالَ: والسَّلام اسمُ الله، وتأويلُه وَالله أعلم: إِنَّه ذُو السَّلَام الَّذي يَملِك السَّلَام، هُوَ تخليصٌ من الْمَكْرُوه. وأمّا السَّلَام الشَّجَر فَهُوَ شَجَر قويٌّ عَظِيم أَحْسبهُ سَمِّي سَلاما لسلامته من الْآفَات.
قَالَ: والسِّلام بِكَسْر السِّين: الْحِجَارَة الصُّلْبة، سُمِّيتْ سِلاَماً لسلامتها من الرَّخاوة وأَنشد غيرُه:
تَدَاعَيْنَ باسمِ الشِّيب فِي مُتثَلِّمٍ
جَوانِبُه من بَصْرَةٍ وسِلامِ
والواحِدَة سَلِمة.
وَقَالَ لَبيد:
خَلَقاً كَمَا ضَمِن الوُحِيَّ سِلامُها
وَأنْشد أَبُو عُبَيدة فِي السلِمة:
ذَاكَ خَليلي وذُو يُعاتِبُني
يَرمِي ورائي بِأمْسَهِم وامْسلَمهْ
أَرَادَ والسِلمة، وَهِي من لُغات حِمْيَر.
وَقَالَ أَبُو بكر بنُ الأنباريّ: سُمِّيتْ بغدادُ مدينةَ السَّلَام لِقُرْبِها من دِجْلة، وَكَانَت دجلة تسمَّى نَهْرَ السَّلَام.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: السَّلَام: جماعةُ الحِجارة، الصغيرُ مِنْهَا وَالْكَبِير لَا يوحِّدونها.

(12/309)


وَقَالَ أَبُو خَيْرة: السَّلَام: اسْم جَمِيع.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ اسمٌ لكلّ حَجَر عريض.
وَقَالَ: سَلِيمة وسَلِيم مثل سِلام، وَقَالَ رؤبة:
سالِمُه فَوَّقَك السلِيمَا
روى ابْن الْمُبَارك عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن أبي سَلمَة الْحِمصِي عَن يحيى بن جَابر أَن أَبَا بكر قَالَ: السلامُ: أَمَان الله فِي الأَرْض. وَعبد الله بن سلاَم بتَخْفِيف اللَّام وَكَذَلِكَ سلاَم بن مِشكم: رجل كَانَ من الْيَهُود مخفَّف. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَمَّا تداعَوْا بِأَسْيَافِهِمْ
وحان الطعانُ دَعونَا سَلاما
يَعْنِي: دَعونَا سلاَم بن مِشكم، وَأما الْقَاسِم بن سلاّم، وَمُحَمّد بن سلاّم، فَاللَّام فِيهَا مُشَدّدَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} (الْوَاقِعَة: 91) ، وَقد بيَّن مَا لأَصْحَاب الْيَمين فِي أوّل السُّورَة، وَمعنى: {الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} : أَي: إنَّك ترى فيهم مَا تحبّ من السَّلامَة، وَقد علمتَ مَا أُعِدّ لَهُم من الْجَزَاء.
وَأما قولُ الله جلَّ وعزَّ: {قَالُواْ سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ} (هود: 69) ، وقرئت الْأَخِيرَة: (قَالَ سَلِيم) .
قَالَ الفرّاء: وسِلْم وَسَلام وَاحِد.
وَقَالَ الزجَّاج: الأوّل منصوبٌ على سلَّموا سلاَماً، وَالثَّانِي مرفُوعٌ على معنى أَمْرِي سلاَمٌ.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السَّلَام والتحية مَعْنَاهُمَا وَاحِد، ومعناهما السلاَمة من جَمِيع الْآفَات وقولُه جلَّ وعزَّ: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} (الْفرْقَان: 63) ، أَي: سداداً من القَوْل وقصداً لَا لَغوَ فِيهِ.
ورَوَى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّلامَة والعافية، والسلاَمة شَجَرَة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت قَالَ: السلْمُ: الدَّلْوُ الّتي لَهَا عُرْوة وَاحِدَة، قَالَ: والسلْم والسلْمُ: الصُّلْح.
وَقَالَ الطِّرِمّاح فِي السلْم بمعنَى الدَّلْو:
أَخُو قَنَصٍ يَهْفُو كأنّ سراتَه
ورِجْلَيْه سلْمٌ بَين حَبْلَي مُشاطِنِ
قَالَ: والسلَم: شجرةٌ من العِضاه، الْوَاحِدَة سلَمة. والسلَم: الاستسلام، والسلَم: السلَف، يُقَال: أسلَمَ فِي كَذَا وَكَذَا وأَسلَف فِيهِ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً} (الزمر: 29) ، وقرىء: (ورجلاً سالما لرجل) ، وقرىء (سلْماً) فَمن قَرَأَ (سالما) فَهُوَ اسْم الْفَاعِل على سلِم فَهُوَ سالِم، وَمن قَرَأَ (سلْماً) و (سلَماً) فهما مَصدَران وُصِف بهما على معنى: ورجلاً ذَا سلْم لرجل وذَا سلْم لرَجُل، وَالْمعْنَى: أَن من وحَّد الله مَثلُه مَثل

(12/310)


ُ السَّالِم لرجل لَا يَشرَكه فِيهِ غَيره، ومَثَل الَّذِي أَشرَك لله، مَثَل صَاحب الشُّرَكَاء المتشاكِسين، قَالَ: وقولُه تَعَالَى: {ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} (الْبَقَرَة: 208) ، قَالَ: عُنِي بِهِ الإسلامُ وشرائعُه كلّها، والسلْم والسلْم: الصُّلح، وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (النِّسَاء: 94) ، وقرئت (السَّلَام) بِالْألف، فَأَما السَّلَام فَيجوز أَن يكون من التّسليم، وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى السلَم وَهُوَ الاستسلام وإلْقاءُ المَقادَة إِلَى إِرَادَة الْمُسلمين.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: المَسلُوم: من الدِّلاء الَّذِي قد فُرِغ من عَمله، يُقَال: سلَمْتُه أَسلِمه فَهُوَ مسلوم، وَأنْشد بَيْتَ لبيد:
بمُقابَلٍ سرِبِ المخَارِزِ عِدْلُه
قَلِقُ المَقادَةِ جارِنٌ مَسلُومُ
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: السلْم: الدَّلْو الّذي لَهُ عُرْوة وَاحِدَة يَمشِي بهَا الساقي مِثل دِلاء أصحابِ الرَّوَايا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الجِلْدُ المسلُوم: المَدْبوغُ بالسلَم.
وَقَالَ اللَّيْث: ورقُ السلَم القَرَظ الَّذِي يُدبَغ بِهِ الأدَم.
وَقَالَ الزّجّاج: السلَّم: الَّذِي يُرتَقَى عَلَيْهِ سمِّي بِهَذَا لأنّه يُسلِّمُك إِلَى حَيْثُ تُريد.
قَالَ: والسلَّمُ: السبَبُ إِلَى الشَّيْء، سمِّي بِهَذَا لأنّه يؤدِّي إِلَى غَيره كَمَا يؤدِّي السُّلَّم الَّذِي يُرْتَقَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ شمر: السَّلَمة: شَجَرَة ذَات شوك يدبغ بورقها وقشرها، وَيُسمى وَرقهَا القَرَظ، لَهَا زهرَة صفراء فِيهَا حَبَّة خضراء طيبَة الرّيح تُؤْكَل فِي الشتَاء، وَهِي فِي الصَّيف تخضر.
وَقَالَ:
كُلِي سَلَم الجرداء فِي كل صَيْفة
فَإِن سَأَلُونِي عَنْك كل غَريم
إِذا مَا نجا مِنْهَا غريمٌ بخيْبةٍ
أَتَى مَعِكٌ بالدَّين غيرُ سَؤوم
الجرداء: بلد دون الفَلْج بِبِلَاد بني جعدة، وَإِذا دُبغ الأَديم بورق السَّلَم فَهُوَ مقروظ، وَإِذا دُبغ بقشر السّلم فَهُوَ مسلوم، وَقَالَ:
إِنَّك لن تروقها فَاذْهَبْ ونمْ
إِن لَهَا رَبّاً لمِعْصال السَّلَم
وَقَالَ اللّيث: السَّلْمُ: لَدْغُ الْحَيَّة، والمَلْدُوغ مَسْلُوم وسَلِيم، ورجُلٌ سَلِيم بِمَعْنى سالِم.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِنَّمَا سُمِّي اللّدِيغ سَلِيماً لأنّهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقَلَبوا المعنَى، كَمَا قَالُوا للحَبَشِي: أَبُو البَيْضاء، وكما قَالُوا للفَلاة: مَفازَة، تَفَاءلُوا بالفَوْز وَهِي مَهْلَكة.
ورَوَى ابْنُ جَبَلة عَن ابْن الأعرابيّ أَنه

(12/311)


قَالَ: إِنَّمَا قيل للدّيغِ سَلِيم لِأَنَّهُ أُسْلِمَ لِما بِهِ.
قلت: وأمّا قولُ اللّيث: السَّلْم: اللَّدْغ فَهُوَ من غُدَدِ اللّيث، وَمَا قَالَه غَيره. ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (على كلّ سُلامَى من أَحَدِكم صَدَقة، ويُجْزِىء من ذَلِك رَكْعتان يصلِّيهما مِنَ الضُّحى) . قَالَ أَبُو عُبَيد السُّلاَمَى فِي الأَصْل عَظْم يكون فِي فِرْسِنِ البَعِير، وَيُقَال: إنَّ آخِرَ مَا يَبْقَى فِيهِ المُخّ من الْبَعِير إِذا عَجُف فِي السُّلاَمى وَفِي الْعين، وَأنْشد:
لَا يَشْتَكِينَ عَمَلاً مَا أَنْقَيْن
مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلامَى أَوْ عَيْن
قَالَ: فكأَنَّ معنى الحَدِيث: إِن على كلّ عَظْم من عِظَام ابْنِ آدمَ صَدَقة، والرّكعتان تجزئان من تِلْكَ الصَّدَقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُلامَى: عِظامُ الْأَصَابِع والأشاجعُ والأكارعُ، وَهِي كعابِرُ كأَنّها كِعَابٌ، والجميعُ سُلاَمِيّات.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ شُمَيل فِي القَدَم قَصَبُهَا وسُلامِيَاتُهَا. وَقَالَ: عِظام القَدَم كلُّها سُلاَميَات، وقَصَبُ عِظام الْأَصَابِع أَيْضا سُلاَمِيَات، والواحدة سُلاَمَى. قَالَ: وَفِي كل فِرْسِنٍ سِتُّ سُلاَمِيَات ومَنْسِمان وأظَلُّ.
الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: استلأَمتً الحَجَر بِالْهَمْز، وإنّما هُوَ من السِّلام من الْحِجَارَة، وَكَانَ الأَصْل اسْتَلَمْت. وَقَالَ غَيره: اسْتِلام الحَجَر افْتِعالٌ فِي التَّقْدِير، مأخوذٌ من السِّلام وَهِي الْحِجَارَة، واحدتها سَلِمة؛ تَقول: استَلمْتُ الحجَر: إِذا لَمَسْتَه من السّلِمة، كَمَا تَقول: اكْتَحَلْتُ من الكُحْل.
قلتُ: وَهَذَا قولُ القُتَيْبيّ، والّذي عِنْدِي فِي استلام الحجَر أنّه افتعالٌ من السَّلام وَهُوَ التَّحِيَّة، واستلامُه لَمْسُه باليَدِ تحرّياً لقَبُول السّلام مِنْهُ تبُرُّكاً بِهِ؛ وَهَذَا كَمَا يُقَال: اقْترأْتُ مِنْهُ السَّلام، وَقد أَمْلَى عَلَيَّ أعرابيٌّ كِتَاباً إِلَى بعض أهاليه فَقَالَ فِي آخرِه: اقتَرِىءْ منّي السّلام، وممّا يدلّك على صِحَة هَذَا القَوْل أنَّ أهْلَ اليَمَن يسمُّون الرُّكْنَ الأسوَد المُحَيَّا، مَعْنَاهُ: أنَّ النّاس يحيُّونه بالسَّلام فافهَمْه.
وَأما الْإِسْلَام فإنّ أَبَا بكر محمّد بنَ بشّار قَالَ: يُقَال: فلانٌ مُسْلِم، وَفِيه قَولَانِ: أحدُهما: هُوَ المُستَسْلِم لأمر الله، وَالثَّانِي: هُوَ المُخلِص لله العبادةَ، من قولِهم: سَلَّمَ الشيءَ لفلانٍ، أَي: خَلَّصَه، وسَلِمَ لَهُ الشَّيْءُ، أَي: خَلَّصَ لَهُ.
ورُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) .
قلتُ: فَمَعْنَاه: أنّه دَخل فِي بَاب السّلامة حتّى يَسلَمَ الْمُؤمنِينَ من بَوَائِقِه، وَحدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا زِيَاد بن

(12/312)


أَيُّوب قَالَ: حَدثنَا يَعْلى قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد يَعْنِي ابْن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: اسْتقْبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله الحَجَر فاستلمه، ثمَّ وضَع شَفتيه عَلَيْهِ يبكي طَويلا، فَالْتَفت فَإِذا هُوَ بِعُمَر يبكي فَقَالَ: (يَا عُمَر هَهُنَا تسكب العبرات) .
وَحدثنَا يَعْقُوب الدَّورقي قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن مَعْرُوف بن خَرْبوز قَالَ: حَدثنَا أَبُو الطُّفَيْل قَالَ: (رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله يطوف على راحلتِه يسْتَلم بمِحْجَنِهِ ويقبِّل المِحْجَن) .
وَقَالَ اللَّيْث: استلام الْحجر: تنَاوله بِالْيَدِ وبالقُبلة، ومسحُه بالكفّ. قلت: وَهَذَا صَحِيح. وَأما قولُ اللَّهِ جلّ وعزّ: {خَبِيرٌ قَالَتِ الاَْعْرَابُءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ} (الحجرات: 14) ، فإنّ هَذَا يَحتاجُ الناسُ إِلَى تفهّمه ليَعْلَموا أَيْن يَنْفَصِل الْمُؤمن من المُسلِم، وأَيْنَ يَسْتَويَان.
فالإسلامُ: إظهارُ الخُضوع والقَبول لِما أَتَى بِهِ الرسولُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَبِه يُحْقَنُ الدّم، فإِن كَانَ مَعَ ذَلِك الإظهارِ اعتقادٌ وتَصديقٌ بِالْقَلْبِ فَذَاك الْإِيمَان الّذي هَذِه صِفَتُه، فأمّا من أَظْهَر قبولَ الشّريعة واستسلَم لدَفْع المَكْروه فَهُوَ فِي الظَّاهِر مُسْلمٌ وباطنُه غيرُ مصدِّق، فَذَلِك الّذي يَقُول: أَسْلَمْتُ، لأنَّ الإيمانَ لَا بدَّ أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً لِأَن الإيمانَ التّصديقُ، فالمُؤمن مُبْطِنٌ من التّصديق مِثْلَ مَا يُظهِر؛ والمُسلِم التامُّ الْإِسْلَام مُظْهِرُ الطَّاعَة مُؤمنٌ بهَا، والمؤمنُ الّذي أَظهَرَ الإِسلام تَعوّذاً غيرَ مُؤمن فِي الْحَقِيقَة، إلاّ أنّ حُكمَه فِي الظَّاهِر حُكْمُ الْمُسلمين. وَإِنَّمَا قُلتُ: إِن المؤمِنَ مَعْنَاهُ المصدِّق لأنّ الْإِيمَان مأخوذٌ من الْأَمَانَة، لأنّ الله جَلّ وعزّ تولَّى عِلمَ السّرائر ونياتِ العَقْد، وجَعَل ذَلِك أَمَانَة ائتَمَنَ كلَّ مُسْلِمٍ على تِلْكَ الْأَمَانَة، فَمن صَدَّق بِقَلْبِه مَا أَظهَرَه لسانُه فقد أَدَّى الْأَمَانَة واستوجَب كريمَ الْمَآبِ إِذا مَاتَ عَلَيْهِ، ومَن كَانَ قلبه على خلاف مَا أظهَر بلسانِه فقد حَمَل وِزْرَ الْخِيَانَة، وَالله حَسِيبه.
وَقيل: المصدِّق مُؤمن، وَقد آمن لأنّه دخل فِي حَدِّ الْأَمَانَة الّتي ائتَمَنه الله عَلَيْهَا.
وَكَذَلِكَ سائرُ الْأَعْمَال الّتي تظهر من العَبْد وَهُوَ مُؤتمَن عَلَيْهَا.
وبالنيّة تَنفصل الْأَعْمَال الزاكية من الْأَعْمَال البائرة أَلا ترَى أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَعَل الصَّلَاة إِيمَانًا، والوضوءَ إِيمَانًا.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: كُنتُ رَاعِيَ إبلٍ فَأسلَمْتُ عَنْهَا، أَي: تركتُها، وكلُّ صَنِيعة أَو شيءٍ تركتَه وَقد كنتَ فِيهِ فقد أَسْلَمْتَ عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الاستلام للحَجَر: تَناوُله باليَدِ وبالقُبْلة ومسْحُه بالكفّ.

(12/313)


وَقَالَ ابْن السكّيت: تَقول الْعَرَب: لَا بِذِي تَسْلَم مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وللاثنين لَا بِذِي تسلَمان، وللجماعة لَا بِذِي تَسلَمون، وللمؤَنثة لَا بِذِي تَسلَمين، وللجماعة لَا بِذِي تَسْلَمْنَ، والتأويل: لَا وَالله الَّذِي يُسلِّمك مَا كَانَ كَذَا، وَكَذَا. لَا وسلامتك مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وسلمى: اسْم رجل وَأَبُو سُلْمَى: أَبُو زُهير الشَّاعِر المُزَنيّ على فُعْلى، وسلْم: من الْأَسْمَاء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُلَيمان تصغِير سلمَان. وَعبد الله بن سلاَم الحِبْر مخفَّف اللَّام. وَأما مُحَمَّد بن سَلاَّم الجُمَحيّ فَهُوَ بتَشْديد اللاّم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَبُو سَلْمان كُنْية الجُعْل، وسلامان بن غَنْم: اسْم قَبِيلة. وسلامان: ماءٌ لبني شَيْبان، وَقَول الحُطَيْئة:
جَدْلاءُ مُحْكمة من صُنع سَلام
أَرَادَ من صُنْع سُليمان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فجَعَله سلاّماً كَمَا قَالَ النَّابِغَة:
ونَسْج سُلَيم كلّ قَضّاءَ ذائلِ
أرادَ ونَسْجَ داودَ، فَجعله سُليمان، ثمَّ غَيَّر الِاسْم فَقَالَ سُلَيم، ومثلُ ذَلِك فِي أَشعار العرَب كثير.
وَحكى اللّحياني عَن أبي جَعْفَر الرُّؤاسِيّ أَنه قَالَ: يُقَال: كَانَ فلانٌ يسمَّى مُحَمَّدًا ثمَّ تمَسْلَم، أَي: تسمَّى بمُسلِم. قَالَ: وَقَالَ غَيره: كَانَ فلانٌ كَافِرًا ثمَّ تَسَلّم، أَي: أسلم.
عَمْرو: السَّلامُ: ضربٌ من الشّجر، الْوَاحِدَة سَلامَة.
وسَلَمِية: قريةٌ. وينسب إِلَى بَنِي سَلَمة: سَلَمِيّ، وَإِلَى بني سُلَيْم سُلْميّ، وَإِلَى سَلامَة: سلاميّ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: كذَّابٌ لَا تُسايرُ خيلاه، أَي: لَا يصدق فَيقبل مِنْهُ. وَالْخَيْل إِذا تسالمت وتسايرت لَا يهيج بَعْضهَا بَعْضًا. قَالَ: وأنشدنا لرجل من محَارب:
وَلَا تَسايرُ خيلاه إِذا التقيا
وَلَا يُقَرَّعُ عَن بَاب إِذا وردا
وَيُقَال: لَا يَصْدُق أَثَره: يكذب من أَيْن جَاءَ. وَقَالَ الفراءُ: فلَان لَا يُرَدّ عَن بَاب، وَلَا يُعوَجّ عَنهُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سلامان: ضرب من الشَّجر. وهما بطْنَان: بطن فِي قَضَاء، وبطن فِي الأزد. وَسلم: قَبيلَة.
وسلميّة: قَبيلَة من الأزد. قَالَ: والأسيلم: عرق فِي الْجَسَد.
ومَسلمة: اسْم، مفعلة من السَّلم وسليم بن مَنْصُور: قَبيلَة.
وسلامان بن غَنْم: قَبيلَة. وسلامان: مَاء لبني شَيبَان.

(12/314)


سمل: فِي حَدِيث قَيْلَة: (أَنَّهَا رَأَتْ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسمالَ مُلَبّتَيْن) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الأسمال: الْأَخْلَاق، وَالْوَاحد مِنْهَا سمل. وَيُقَال: قد سمل الثوبُ وأسمل: إِذا أَخْلَق.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: ثوبٌ أسمال، وثوبٌ أخلاقٌ: إِذا أخلق.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سمل الثوبُ وأسمل: إِذا أَخلَق.
سَلمَة عَن الْفراء: سمل عَينَه واستَملها: إِذا فقَأها.
وَفِي حَدِيث العُرَنِيِّين الَّذين ارتدّوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَر بسمْل أَعينهم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: السَّمْلُ أَن تفَقَأ العينُ بحديدة مُحْماةٍ أَو بِغَيْر ذَلِك، يُقَال: سملتُ عينَه أَسمُلُها سملاً. قَالَ: وَقد يكون السَّمل بالشَّوْك، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يرثي بَنِينَ لَهُ مَاتُوا:
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كَأنّ حِداقَها
سُمِلَتْ بشوْكٍ فهيَ عُورٌ تدمعُ
ولَطَم رجلٌ من العَرَب رجلا فَفقأ عينَه فسُمِّي سَمَّال، وأولادُه يُقَال لَهُم: بَنو سَمَّال؛ والسَّمَل محرَّك الْمِيم بقيّةُ المَاء فِي الْحَوْض؛ وَقَالَ حُميد الأرقَط:
خَبْطَ النِّهالِ سَمَلَ المَطائِطِ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أسْمَلْتُ بَين الْقَوْم إسْمالاً: إِذا أصلحتَ بَينهم. وَقَالَ غيرُه: سَمَلْتُ بَينهم أسمُل سَمْلاً بغيرِ ألف مِثله؛ وَقَالَ الكُمَيت:
وتَنأَى قُعودُهمُ فِي الْأُمُور
عَمَّن يَسُمُّ وَمن يُسْمِلِ
أَبُو عبيد: المُسمَئِلُّ: الضامر. واسمَألّ الظّلُّ: إِذا ارتَفَع؛ وَقَالَت الْجُهَنيَّة:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً
ورْدَ القَطاةِ إِذا اسمَأَلَّ التُّبَّعُ
وَقيل: التُّبَّع: الدَّبَران؛ واسْمِئلالُه: ارتِفاعه طالعاً.
ابْن السكّيت: هُوَ السموأل بن عادِياء بِالْهَمْز. وسَمْوِيل: اسْم طَائِر؛ وَأَبُو السَّمَّال العَدَويّ: رجلٌ من الْأَعْرَاب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَبُو بَرَاء طَائِر، واسمُه السَّمَوْأَل.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْمَلة: فيَالجة صَغِيرَة؛ وَيُقَال: فِنْجانَه صَغِيرة.
أَبُو زيد: السُمْلةُ: جُوعٌ يَأْخُذ الإنسانَ فتأخُذُه لذَلِك وَجَع فِي عَيْنَيْهِ فيُهراقُ عَيناهُ دَمْعاً، فيُدْعَى ذَلِك الدَّمْع السُّمْلة، كأنّه يفقأ العَيْن.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: السَّوْملة: الطَّرجهارة والحَوْجلة القارورةُ الْكَبِيرَة. قَالَ: وَيُقَال: حَوْجلة مثل دَوْخلة. وَأنْشد ابْن الْأَنْبَارِي قَول الرّبيع بن زِيَاد:

(12/315)


بِحَيْثُ لَو زنت لَخْمٌ بأجمعها
لم يَعْدلوا ريشةً من ريش سَمْوِيلا
قَالَ: سَمْويل: طَائِر. وَيُقَال: سَمْويل: بلد كثير الطير:
ترعى الروائمُ أَحْرَار البُقول بهَا
لَا مِثل رعيكم مِلحاً وغِسْويلاَ
قَالَ غِسويل: نبت ينْبت فِي السباخ.
لمس: قَالَ اللَّيْث: اللَّمس بِالْيَدِ: تَطلُّب الشَّيْء هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَمِنْه قولُ لَبيد:
يَلْمِس الأَحلاسَ فِي مَنزِله
بيَدَيْه كاليهودي المُصَلْ
ولَمِيس: اسْم امْرَأَة.
وَقَالَ اللّيث: إكافٌ مَلْمُوسُ الأَحْفاء: وَهُوَ الَّذِي قد أُمِرَّ عَلَيْهِ اليَدُ ونُحِت مَا كَانَ فِيهِ فرق ارْتِفَاع وأَوَد. وَفِي الحَدِيث: النَّهيُ عَن المُلامَسة، قَالَ أَبُو عُبَيد: المُلامَسة أَن يَقُول: إِذا لمَستَ ثوبي أَو لَمسْتُ ثَوْبَك فقد وَجَب البَيْع بِكَذَا وَكَذَا، وَيُقَال: هُوَ أَن يَلْمِسَ المتاعَ من وَراءِ الثّوب، وَلَا يَنظر إِلَيْهِ فَيَقَع البيعُ على ذَلِك، وَهَذَا كلّه غَرَر وَقد نُهيَ عَنهُ.
وأمّا قولُ الله جلّ وعزّ: {أَو لَمَسْتُم النِّسَاء} (النِّسَاء: 43) ، وقرىء: (أوْ لاَمَسْتُم النِّسَاء) ورُوي عَن عبد الله بن عمرَ وابنِ مَسْعُود أنّهما قَالَ: القُبْلة من اللَّمس وفيهَا الْوضُوء، وَكَانَ ابْن عبّاس يَقُول: اللَّمس واللِّماس والمُلامَسة كنايةٌ عَن الجِماع، وممّا يُستدلّ بِهِ على صحّة قولِه قولُ العَرَب فِي الْمَرْأَة: تُزَنُّ بالفُجور، هِيَ لَا تَرُدُّ يدَ لاَمِسٍ؛ وَجَاء رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إنّ امْرَأَتي لَا تَرُدّ يَدَ لامِس فأَمَره بتطليقها. أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَرُدّ عَن نَفسهَا كلَّ من أَراد مُراوَدَتها عَن نَفسهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: اللَّمْسُ: الجِماع. واللَّمِيسُ: الْمَرْأَة اللَّيّنة المَلمَس.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: لمَسْتُه لَمْساً، ولامَسْتُه مُلامَسة، وفَرَّقَ بَينهمَا فَقَالَ: اللَّمْس قد يكون مَسُّ الشَّيْء بالشَّيْء، وَيكون مَعرِفة الشَّيْء وَإِن لم يكن ثَمَّ مَسّ لجَوْهر على جَوْهر. قَالَ: والمُلامَسة أَكْثَرهَا جَاءَت من اثْنَيْنِ. قَالَ: واللَّمَاسَة واللُّمَاسة: الْحَاجة، والمتلمِّسةُ من السِّمات، يُقَال: كَواهُ المُتلَمِّسة والمتلوّمة. وكواه لمّاس: إِذا أصَاب مَكَان دائه بالتلمّس، فَوَقع على دَاء الرجل أَو على مَا يكتم وسُمّي المتلمِّس الشَّاعِر بقوله:
فَهَذَا أَوانُ العِرْض جُنَّ ذُبابُه
زَنابيرُه والأزْرَق المتلمِّسُ
يَعْنِي الذُّبَاب الْأَخْضَر.
ملس: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: المَلْسُ: سَلُّ الخُصْيَتين، يُقَال: مَلَسْتُ خُصْيَتَيه أملسُهُمَا مَلْساً.

(12/316)


وَقَالَ اللّيث: خِصْيٌ مَمْلوس. قَالَ: والمُلُوسة مصدر الأَمْلَس، وَأَرْض مَلْساء، وسَنَةٌ مَلْساء، وَإِذا جَمَعوا قَالُوا سِنُون أَمالِس وأَمالِيس. ورُمّانٌ مَلِيس: أطيَبُه وأحلاه، وَهُوَ الّذي لَا عَجم لَهُ.
ابْن الْأَنْبَارِي: المُلَيساءُ: نصف النَّهَار. قَالَ: وَقَالَ رجل من الْعَرَب لرجل: أكره أَن تزورني فِي المليساء، قَالَ: لم؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يقرب الغَداء، وَلم يتهيّأ الْعشَاء. والحُجَيْلاءُ: مَوضِع. والغُمَيْصاءُ: نجم. وناقةٌ مَلَسَى: تمَلُس، تمرّ مرّاً سَرِيعا. قَالَ ابْن أَحْمَر:
مَلسى يَمانِيّة وشيخٌ هِمّة
متقطع دون الْيَمَانِيّ المُصْعِد
أَبُو عُبَيد وَغَيره: المَلَسى: لَا عُهْدة لَهُ، يُضرَب مَثَلاً للّذي لَا يُوثق بوفائه وأَمانتِه. وَالْمعْنَى، وَالله أعلم: ذُو المَلسى لَا عُهْدة لَهُ. والمَلَسى: أَن يَبيعَ الرجلُ الشيءَ وَلَا يَضمَن عُهدته، وَقَالَ الراجز:
لمّا رأيتُ العامَ عَاما أَغْبَسَا
وصارَ بَيْعُ مالِنا بِالمَلَسَى
وَذُو المَلَسى مثلُ السّلال والخارب يَسرِق المَتاعَ فيبيعه بِدُونِ ثمنِه، ويملَس من فَوْره فيستخفِي، فَإِن جاءَ المستحقّ ووَجد مالَه فِي يَدِ الّذي اشْتَرَاه أخَذَه، وبَطل الثّمن الّذي فازَ بِهِ اللّص وَلَا يتهيّأ أَن يَرجع بِهِ عَلَيْهِ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر أَنه قَالَ: من أمثالهم فِي كَرَاهَة المَعَايِب: المَلِّسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ، أَي: إِنَّه خرج من الأمْر سالما وانقَضَى عَنهُ لَا لَه وَلَا عَلَيْهِ، وَالْأَصْل فِي الملسى مَا أَعْلَمْتُكَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الْمُلَيْسَاء: شهر صَفَر. والمُلَيْسَاءُ: نصفُ النَّهار.
وَقَالَ الأصمعيّ: المُلَيْسَاء: شهرٌ بَين الصَّفَرِيّة والشِّتاء، وَهُوَ وَقْت تَنْقَطِع فِيهِ المِيرة، وأنشَد:
أَفِينَا تَسُومُ السَّاهِرِيَّة بَعْدَمَا
بَدَا لَكَ من شَهْرِ الْمُلَيْسَاءِ كَوْكَبُ
يَقُول: أَتَعْرِض علينا الطِّيبَ فِي هَذَا الْوَقْت وَلَا مِيرَةَ. وَيُقَال: أَنَيْتُه مَلْسَ الظّلام: ومَلْثَ الظّلام: وَذَلِكَ حِين يَختلِط اللّيل بالأرْض.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: اختلَط الملْس بالمَلْث، والملْث: أوّلُ سَوادِ المَغْرِب، فَإِذا اشتدّ حَتَّى يأتيَ وقتُ الْعشَاء الْآخِرَة فَهُوَ الملْس، وَلَا يتميّز هَذَا من هَذِه، لِأَنَّهُ قد دخل الملْثُ فِي الملْس.
وَقَالَ غيرُه: مَلَّسْت الأرضَ تَمْليساً: إِذا أَجْرَيتَ عَلَيْهَا المَمْلَقَةَ بعد إثارتِهَا. وَيُقَال: مَلَسْتُ بالإبلِ أَمْلُسُ بهَا مَلْساً: إِذا سُقْتَها سَوْقاً شَدِيداً، قَالَ الراجز:
مَلْساً بذَوْدِ الحَلَسِيّ مَلْسَا

(12/317)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الملس: ضَرْبٌ من السَّيرِ الرفيقِ. والمَلْسُ: اللَّيِّن من كلّ شيءٍ قَالَ: والمَلاَسَة: لِينُ المَمْلوس. وَقد مَلَسَ الشيءُ يَمْلُسُ مَلاَسَةً. والمَلْس: التَّمْليس أَيْضا يُقَال: مَلَسْتُه مَلْساً.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَلُوسُ من الإبلِ: المِعْنَاق الّتي ترَاهَا أوَّل الْإِبِل فِي المَرْعَى والمَوْرِد. وكلِّ مَسير. وَيُقَال: خِمْسٌ أَمْلَسُ: إِذا كَانَ مُتعِباً شَدِيدا، وَقَالَ المَرّار:
يَسِيرُ فِيهَا القومُ خِمْساً أَمْلَسَا
ومَلَسَ الرجُلُ يَمْلُسُ مَلْساً: إِذا ذَهب ذَهاباً سَرِيعاً؛ وأَنشَد:
تَملُسُ فِيهِ الرِّيحُ كلَّ مَمْلَسِ
وَقَالَ شَمِر: الأماليس: مَا اسْتَوَى من الأَرْض، وَالْوَاحد: إمليس. .
وَقَالَ ابْن شُميل: الأماليس: الأَرْض الَّتِي لَيْسَ بهَا شيءٌ وَلَا شجرٌ وَلَا كلأ وَلَا يَبِيس، وَلَا يكون فِيهَا وحْش، وَقَالَ الحُطَيئة:
إِذا لم تكن إلاّ الأماليسُ أصبَحَتْ
مُحَلّقةً ضَرّاتُها شَكِراتُ
وَالْوَاحد إمليس، وَكَأَنَّهُ إفعيل من الملاسة، أَي: أَن الأَرْض الملساء لَا شيءَ بهَا. وَقَالَ أَبُو زبيد فسمّاها مليساً:
فإيّاكمْ وَهَذَا العرْقَ وآسمُوا
لمَوْماةٍ مآخِذُها مليسُ
وَيُقَال للخمر ملساءَ: إِذا كَانَت سلِسَةً فِي الحَلْق، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
بالقَهْوة الملْسَاءِ من جِرْيَالِهَا
لسم: أَبُو الْعَبَّاس عَن الأعرابيّ: اللّسْم: السُّكوت حَياءً لَا عَقْلاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ألسَمْتُه الحُجَّة وألزَمْتُه كَمَا يُلسَم ولَدَ المَنْتُوجة ضَرْعَها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإلْسام: الْقِامُ الفَصِيل الضَّرْعَ أوّلَ مَا يُولَد؛ يُقَال: ألسَمْتُه إلْسَاماً فَهُوَ مُلْسِم، وَيُقَال: ألسَمْتُه حُجّتَه إلْساماً، أَي: لَقّنْتُه إيّاها؛ وَأنْشد غيرُه:
لَا تُلْسَمَنَّ أَبَا عِمْرانَ حُجّتَه
وَلَا تَكُونَنْ لَهُ عَوْناً على عُمَرَا
مسل: عَمْرو عَن أَبِيه: المَسِيلُ: السَّيَلان، والمَصْل: القَطْر، وسمعتُ أعرابيّاً من بني سَعْد نَشَأ بالأحْساء يَقُول لجَرِيد النَّخْل الرَّطْبِ: المُسُل، وَالْوَاحد مَسِيل ويُجمَع مَسِيل المَاء مُسُلاً ومُسْلاناً.
قلتُ: وَهَذَا عِنْدِي على توهُّم ثُبوت المِيم أصليَّةً فِي المَسيل، كَمَا جَمَعوا المكانَ أمكِنة، وَأَصله مَفْعَل من كَانَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَسَالَة: طُولُ الوَجْه مَعَ حُسْنٍ.
قَالَ سَاعِدَة بن جؤبة يصف النَّحْل:
مِنْهَا جوارس للسَّراة وتحتوي
كَرَبات أَمْسلة إِذا تتصَوَّب

(12/318)


تَحتوِي: تَأْكُل اللحواء. والكَرَب: مَا غلط من أصُول جريد النّخل. والأَمْسلة: جمع المسيل، وَهُوَ الجريد الرطب، وجمعُه المُسُل. ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: ضرب بِيَدِهِ إِلَى السَّيْف فامتشقه وامتعده. واحتواه: إِذا استلّه.

(12/319)


أَبْوَاب السِّين وَالنُّون [/ كت]

(بَاب السِّين وَالنُّون مَعَ الْفَاء)
س ن ف
سنف سفن نفس نسف فنس: (مستعملة) .
سنف: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: السِّنْف: الوَرَقة، قَالَ ابْن مُقبِل:
تُقَلْقِل عَن فأْسِ اللِّجامِ لِسانَه
تَقَلْقُلَ سَنْفِ المَرْخ فِي جَعْبةٍ صِفْرِ
وَقَالَ شمر: يُقَال لأَكَمة الباقلاّء واللُّوبيَاء والعَدَس وَمَا أشبَهَها: سُنُوف، وَاحِدهَا سِنْف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّنْفُ: العُود المجرّد من الوَرَق، والسِّنْف: الوَرَقة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السِّناف: حَبْلٌ يُشَدّ من التَّصدِير إِلَى خَلْفِ الكِرْكِرَةِ حَتَّى يَثبُتَ قَالَ: وأسنَفْتُ البعيرَ: إِذا جعلتَ لَهُ سِنافاً، وَذَلِكَ إِذا خَمُص بَطنُه واضطَرَب تصديرُه، وَهُوَ الْحِزام، وَهِي إبلٌ مُسْنَفَاتٌ: إِذا جُعل لَهَا أَسنِفَة تُجعَل وراءَ كَراكِرِها، وأمّا المُسْنِفات بِكَسْر النُّون فَهِيَ المتقدِّمات فِي سَيْرها، وَقد أسنَفَ البعيرُ إِذا تقدّم أَو قَدَّم عُنُقَه للسّير، وَقَالَ كُثَيّر فِي تَقْدِيم البعيرِ زمامَه:
ومُسْنِفَةٍ فَضْلَ الزِّمام إِذا انتَحَى
بِهِزّةِ هادِيه على السَّوْمِ بازِل
وفرسٌ مُسْقِفة: إِذا كَانَت تَقدَّمُ الخيلَ، وَمِنْه قولُ ابْن كلثُوم:
إِذا مَا عَيَّ بالإسْنافِ حَيٌّ
على الأمْر المشَبَّهِ أَن يَكُونَا
أَي: عَيُّوا بالتقدُّم.
قلتُ: وَلَيْسَ قولُ من قَالَ: إِذا مَا عَيَّ بالإسناف أَن يَدْهَش فَلَا يَدرِي أينَ يُسَدّ السِّناف بِشَيْء هُوَ بَاطِل إِنَّمَا قَالَه اللّيث.
وَقَالَ أَيْضا: أسنَفَ القومُ أمرَهم: إِذا أَحكَموه.
قلت: وَهَذَا لَا يَبعُد عَن الصَّواب.
أَبُو عَمْرو: السُّنُف: ثِيابٌ تُوضَع على أكتاف الْإِبِل مِثلُ الأشِلّة على مآخيرِها والواحدُ سَنِيف.
اللَّيْث: بعيرٌ مِسْناف: إِذا كَانَ يؤخِّر

(13/5)


الرَّحْل، والجميع مَسَانِيف.
وَقَالَ ابْن شَمِيل: المِسْناف من الْإِبِل الَّتِي تُقدِّم الحِمْلَ. قَالَ: والمحنَاة: الّتي تؤخِّر الحِمْلَ، وعُرِضَ عَلَيْهِ قولُ اللّيث فأَنكَرَه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: سنَفْتُ البعيرَ وأسنَفْتُه من السِّناف.
فنس: أهمَلَه اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الفَنَس: الفَقْر المُدْقِع.
قلتُ: وَالْأَصْل فِيهِ الفَلَس، اسمٌ من الإفلاس، فأُبدِلت اللامُ نوناً كَمَا ترى.
سفن: قَالَ ابْن السِّكيت فِيمَا رَوَى عَنهُ الحَرَّاني: السَّفْنُ: القَشْرُ، يُقَال: سَفَنه يَسفِنَه سَفْناً: إِذا قَشَره.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فجاءَ خَفِيّاً يَسفِنُ الأرضَ بَطْنُه
تَرَى التُّرْبَ مِنْهُ لاصِقاً كلَّ مُلْصَقِ
قَالَ: والسَّفَنُ: جِلْدٌ أَخْشَن يكون على قائِم السّيف.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السكّيت أنّه قَالَ: السَّفَن والسّفَر والشَّفْر: شِبهُ قَدُوم يُقْشر بِهِ الأجذاع.
وَقَالَ ابْن مقبل يصف نَاقَة أنضَاها السيرُ:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تامِكاً قَرِداً
كَمَا تخوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ
قَالَ: وَزَادَنِي عَنهُ غيرُه أَنه قَالَ: السَّفَن: جِلْدُ السّمَك الّذي يُحَكّ بِهِ السِّياط والقِدْحانُ السِّهامُ والصِّحافُ، وَيكون على قَائِم السَّيف، وَقَالَ عَدِيّ بنُ زيد يَصِف قِدْحاً:
رَمَّه البَارِي فسَوَّى دَرْأَهُ
غَمْزُ كَفَّيْهِ وتَحْلِيقُ السَّفَنْ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَفِي كلِّ عامٍ لَهُ غَزْوَةً
يَحُكُّ الدَّوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ
أَي: تأكُلُ الحجارةُ دَوابِرَها من بَعْد الغَزْو.
وَقَالَ اللَّيث: وَقد يُجعَل من الْحَدِيد مَا يُسفَّن بِهِ الخَشَب: أَي: يُحَكّ بِهِ حتّى يَلين.
قَالَ: والرِّيح تَسفِن التُّرابَ. تجعَلهُ دُقَاقاً، وَأنْشد:
إِذا مَساحِيجُ الرِّياحِ السُّفَّنِ
قَالَ أَبُو عُبَيْد: السَّوافن: الرِّياحُ الّتي تَسفِن وجهَ الأَرْض كأنّها تمسَحه.
وَقَالَ غيرُه: تَقشِره، والسَّفِينة سُمِّيتْ سفينة لسَفْنها وَجْهَ الماءِ كأنّها تَكشِفُه، وَهِي فَعِيلة بِمَعْنى فاعِلَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قيل لَهَا سَفِينةٌ لأنّها تَسفِن بالرَّمْل إِذا قَلَّ الماءُ فَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنى فاعِلة. قَالَ: وَتَكون مَأْخُوذَة من السَّفَن وَهُوَ الفَأْس الّذي ينجُر بِهِ النَّجار، فَهِيَ فِي هَذِه الْحَال فَعِيلةٌ بمعْنَى مفعولة.
قَالَ: والسَّفَنُ: جِلْدُ الأَطُوم، وَهِي سَمكة بحريّة يُسوَّى قوائمُ السُّيوف مِن جِلْدِها.
وَقَالَ الْفراء: ريحٌ سَفوةٌ: إِذا كَانَت أبدا

(13/6)


هابّة وَقد سَفنت الريحُ الأرضَ سفناً: هبّت بهَا.
وَقيل: سُمّيت السَّفِينَة، سفينة لِأَنَّهَا تسفُنُ على وَجه الأَرْض، أَي تلزق بهَا.
نسف: قَالَ اللَّيث: النَّسْفُ: أَن انتِساف الرِّيحِ الشيءَ يَسلُبه.
قَالَ: وربَّما انتَسَف الطائرُ الشيءَ عَن وَجْهِ الأَرْض بمِخلَبه.
قَالَ: وضَرْبٌ من الطَّيرِ يُشبِه الخُطّاف يَتَنَسّف الشيءَ فِي الهَوَى، تسمّى النّساسِيف الْوَاحِد نُسّاف. والنِّسْفة من حِجَارَة الحَرَّة تكون نَخِرةً ذاتَ نَخارِيبَ يُنسَفُ بهَا الوَسَخ عَن الْأَقْدَام فِي الحمّامات، ويسمَّى النَّسَّاف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّسْف: القَلْع، والنَّسْف: تَنقِية الجيّد من الرَّدِيء. وَيُقَال لمُنْخلٍ مطوَّل: المِنْسَف. وَيُقَال لِفَم الحِمارِ مِنْسَف، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو وغيرُه يَقُول: مِنْسَف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَيُقَال للرَّجل: إِنَّه لكثير النَّسِيف، وَهُوَ السِّرار، يُقَال: أطالَ نَسِيفَه أَي: سِرَارَه.
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: يُقَال للْفرس: إِنَّه لنَسُوف السُّنْبك من الأَرْض، وَذَلِكَ إِذا دنا طَرف الْحَافِر من الأَرْض.
وَيُقَال للحمار بِهِ نَسِيف، وَذَلِكَ إِذا أخَذَ الفحلُ لَحْماً أَو شَعْراً فبقيَ أثرهُ. ونسَفَ الطعامَ يَنسِفه نَسْفاً: إِذا نفضه، قَالَ: والمِنسَف: هَنٌ طَويلٌ أَعْلَاهُ مرتفِع، وَهُوَ متَصوِّب الصَّدْر يكون عِنْد الفامِيّين، وَمِنْه يُقَال: أَتانا فلَان كأنّ لحيتَه مِنسَف. وَيُقَال: اتَّخذَ فلانٌ فِي جَنْب ناقتِه نَسِيفاً: إِذا انجَرَدَ وَبَرُ مَرْكَضَيه برجْلَيه.
وأَنشَد:
وَقد تَخِذَتْ رِجْلي لِدَى جَنْبِ غَرْزِها
نَسِيفاً كأُفْحوص القَطاةِ المطرِّقِ
وَيَقُول: أعزِل النُّسافةَ وكُلْ من الْخَالِص.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَسَفَ البناءَ: إِذا قَلَعه، وَالَّذِي يُنسَف بِهِ الْبناء يُدعَى مِنْسَفة. ونَسَف البعيرُ الكَلأَ نَسْفاً إِذا اقتلَعَه بمقدَّم فِيهِ. ونَسَف البعيرُ برجْله: إِذا ضَرَب بمقدَّم رِجله، وَكَذَلِكَ الْإِنْسَان.
وَيُقَال: بَيْننَا عقبَة نسوف، وَعقبَة باسطة، أَي: طَوِيلَة شاقة.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: انتسَفَ لونُه، وانتشف والتمِعَ لونُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بِشرُ بن أبي خازِم يصفُ فرسا فِي حُضرها:
نَسوفٌ للحِزامِ بمرْفَقَيْها
يَسُدُّ خَواءَ طُبْيَيْها الغُبَارُ
يَقُول: إِذا استفرَغَتْ جَرْياً نسَفَتْ حِزامَها بمرْفَقَيْ يَدَيْها، وَإِذا ملأتْ فُرُوجَها عَدْواً سَدَّ الغُبارُ مَا بَين طُبْيَيْها وَهُوَ خَوَاؤه.
وَقَالَ أَبُو زيد: نسَف البعيرَ حمْلُه نَسْفاً: إِذا مرَطَ حملُه وَبَرَ صَفْحَتَيْ جَنْبَيْه.

(13/7)


نفس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {بِوَكِيلٍ اللَّهُ يَتَوَفَّى الاَْنفُسَ حِينَ مِوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُْخْرَى إِلَى} (الزمر: 42) .
رُوِي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: لكل إنسانٍ نفسان: أَحدهمَا: نَفْسُ العَقْل الَّتِي يكون بهَا التَّمْيِيز، وَالْأُخْرَى نفسُ الرُّوح الّتي بهَا الْحَيَاة.
وَقَالَ أَبُو بكر ابنُ الأنباريّ: من اللّغويّين مَنْ سَوّى بَين النَّفْس والرُّوح. وَقَالَ: هما شيءٌ وَاحِد، إلاّ أنّ النفسَ مؤنَّثة والرُّوحَ مذكَّر.
قَالَ: وَقَالَ غيرُه: الرُّوحُ هُوَ الّذي بِهِ الْحَيَاة، والنَّفْسُ هِيَ الَّتِي بهَا العَقْل، فَإِذا نَام النائمُ قَبَض اللَّهُ نفسَه وَلم يَقبض رُوحَه، وَلَا يقبَض الرُّوحُ إلاّ عِنْد المَوْت.
قَالَ: وسمِّيَت النَّفْس نَفْساً لتولُّد النَّفَس مِنْهَا، واتصاله بهَا، كَمَا سمَّوا الرُّوح رُوْحاً، لأنّ الرَّوْحَ مَوْجُود بِهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله: {تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ} (الْمَائِدَة: 116) ، أَي: تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي غيبك.
وَقَالَ غَيره: تعلم مَا عِنْدِي وَلَا أعلم مَا عنْدك.
وَقَالَ أهل اللُّغَة: النَّفس فِي كَلَام الْعَرَب على جهين:
أَحدهمَا: قَوْلك: خرجت نفس فلَان، أَي: روحه.
وَيُقَال: فِي نفس فلَان أَن يفعل كَذَا وَكَذَا، أَي: فِي رُوعه.
والضّرْب الآخر: معنى النَّفس حَقِيقَة الشَّيْء وَجُمْلَته.
يُقَال: قتل فلَان نَفسه، وَالْمعْنَى: أَنه أوقع الْهَلَاك بِذَاتِهِ كلهَا.
وَقَالَ الزّجّاج: لكل إنسانٍ نَفْسان: إحداهُما نَفْسُ التَّمْيِيز، وَهِي الَّتي تُفَارِقهُ إِذا نَام فَلَا يَعقِل بهَا يتوَفَّاها الله، كَمَا قَالَ جلّ وعزّ، وَالْأُخْرَى نَفْس الْحَيَاة، وَإِذا زالَتْ زالَ مَعهَا النَّفَس، والنائم يَتنفَّس.
قَالَ: وَهَذَا الفرقُ بَين تَوَفِّي نَفْس النّائم فِي النَّوْم وتَوَفِّي نَفْس الحيّ.
قَالَ: ونفْسُ الْحَيَاة هِيَ الرُّوح وحركةُ الْإِنْسَان ونُمُوُّه يكون بِهِ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّفْسُ: العَظَمة والكِبْر. والنَّفْسُ: الْعِزَّة. وَالنَّفس: الهِمّة. والنَّفْسُ: الأنفة. والنَّفْس: عَينُ الشَّيْء، وكُنْهُه وجَوهَرُه. والنفسُ: العينُ الّتي تُصيب المَعينَ. والنفسُ: الدّم. والنَّفْس: قَدْرُ دَبْغة. والنَّفْس: الماءُ.
وَقَالَ الرّاجز:
أتجعَلُ النفسَ الّتي تُدِيرُ
فِي جِلْدِ شاةٍ ثمّ لَا تَسِيرُ
والنَّفْسُ: العِنْدُ، وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ} (الْمَائِدَة: 116) ، قَالَ: والنَّفْس: الرُّوح.

(13/8)


والنَّفَس: الفَرَج من الكَرْب.
الحرّاني عَنِ ابْن السكّيت. يُقَال: أَنْت فِي نَفَسٍ من أَمرك، أَي: فِي سَعَة.
وَيُقَال: اكرَعْ فِي الْإِنَاء نَفَساً أَو نَفَسين.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أجدُ نَفَسَ ربِّكم من قِبَل اليَمَن) .
يُقَال: إِنَّه عَنَى بذلك الأنصارَ، لِأَن الله جلّ وَعز نَفَّسَ الكَرْبَ عَن الْمُؤمنِينَ بهم.
وَيُقَال: أَنْت فِي نفَسٍ من أمرِكَ أَي: فِي سَعَة. واعمَلْ وأنتَ فِي نَفَس، أَي: فِي فُسْحة قَبْل الهرَم والأمراض والحوادث والآفات.
وَنَحْو ذَلِك الحَدِيث الآخَر: (لَا تَسُبُّوا الرِّيح فَإِنَّهَا من نَفَس الرّحمن) يُرِيد أَنه بهَا يُفرّج الكَرْبَ، ويَنشُر الغَيْث، ويُذْهب الجَدْب.
وَيُقَال: اللَّهُمَّ نَفِّسْ عَنِّي، أَي: فَرِّج عني.
قلت: النَّفَس فِي هَذين الْحَدِيثين اسمٌ وُضِع موضعَ المصدرَ الحقيقيّ، من نفَّس يُنفِّس تَنفيساً ونَفَساً، كَمَا يُقَال: فرَّج الهمَّ عَنهُ تفريجاً وفرجاً فالتفريجُ مصدرٌ حقيقيّ، والفَرَج اسمٌ وُضع موضعَ المصدَر، كَأَنَّهُ قَالَ: أجدُ تَنفيسَ ربِّكم عَنْكُم من جِهَة اليَمن، لِأَن الله جلّ وَعز نصرَهم بهم وأيَّدهم برجالِهم.
وَكَذَلِكَ قولُه: (الرِّيحُ من نَفَس الرَّحْمَن) أَي: من تنفيسِ اللَّهِ بهَا عَن المكروبين وتفريجِه عَن الملهوفين.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: النَّفْس: قَدْرُ دَبْغة أَو دبغتين من الدّباغ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: بعثَت امرأةٌ من الْعَرَب ببُنَيّةٍ لَهَا إِلَى جارتها فَقَالَت: تَقول لكِ أمِّي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسين أَمْعَسُ بهَا مَنِيئتِي، فَإِنِّي أَفِدَةٌ، أرادتْ قَدْرَ دَبْغة أَو دَبغتين من القَرَظ الَّذِي يُدبَغ بِهِ.
والمَنيئَةُ: المَدْبَغة، وَهِي الْجُلُود الَّتِي تُجعَل فِي الدّباغ.
قَالَ: وَيُقَال: نَفِسْت عَلَيْهِ الشَّيْء أنفَسُ نَفاسَةً: إِذا ضَنِنتَ بِهِ وَلم تحبّ أَن يصيرَ إِلَيْهِ.
وَرجل نَفُوسٌ: أَي: حَسود.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ} (المطففين: 26) ، أَي: وَفِي ذَلِك فليتراغَب المتراغِبون.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلّ وَعز: {عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير: 18) .
قَالَ: إِذا ارْتَفع النهارُ حَتَّى يصير نَهَارا بيّناً فَهُوَ تنفُّس الصُّبْح.
وَقَالَ مُجَاهِد: إِذا تَنفّس: إِذا طلع.
وَقَالَ الْأَخْفَش: إِذا أَضَاء.
وَقَالَ الزّجّاج: إِذا امتدّ يصيرُ نَهاراً بيِّناً.
وَقَالَ غيرُه: إِذا تَنفّس: إِذا انْشَقَّ الفجرُ وانفَلَق حَتَّى يتبيَّن، وَمِنْه يُقَال: تَنفَّسَت القوسُ: إِذا تصدَّعَتْ.
وَقَالَ اللّحياني: النَّفْس: الشّقّ فِي القِدْح والقَوْس.

(13/9)


قَالَ: وَيُقَال: هَذَا الْمنزل أنفَسُ المنزِلين: أَي: أبعَدُهما. وَهَذَا الثّوب أنفَسُ الثّوبين أَي: أطوَلهما وأعرضُهما وأمثَلُهما.
وَيُقَال: نفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتك، أَي: فرَّجها الله.
وَيُقَال: نَفِّس عني، أَي: فرِّجْ عني ووسِّع عليَّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: نَفَّس فلانٌ قوسه: إِذا حَطَّ وترَها.
وَقَالَ أَبُو زَيد: كتبتُ كتابا نَفَساً، أَي: طَويلا، وتنفَّس النهارُ: إِذا طَال.
وَفِي الحَدِيث: (من نفّس عَن مُؤمن كربَة نفس الله عَنهُ كربَة من كرب الْآخِرَة) . مَعْنَاهُ: من فرَّج عَن مُؤمن كربَة فِي الدُّنْيَا فرج الله عَنهُ كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة.
فِي الحَدِيث: (نهى عَن التنفس فِي الْإِنَاء) .
وَفِي حَدِيث آخر: (كَانَ يتنفّس فِي الإناءِ ثَلَاثًا) .
قَالَ بَعضهم: الحديثان صَحِيحَانِ، والتنفّس لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أَن يشرب وَهُوَ يتنفس فِي الْإِنَاء من غير أَن يُبينه عَن فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوه. والتنفس الآخر: أَن يشرب المَاء وَغَيره بِثَلَاث أنفاس، يُبين فَاه عَن الْإِنَاء فِي كل نفس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تنفَّسَتْ دِجْلةُ: إِذا زادَ ماؤُها.
وَيُقَال: مَال نَفيسٌ ومُنْفِس: وَهُوَ الَّذِي لَهُ خَطَر وقَدْر.
قَالَ: وكلُّ شَيْء لَهُ خَطَر وقَدْر قيل لَهُ نَفِيس ومُنْفِس وَقد أَنفَسَ المالُ إنفاساً، أَو نَفُس نُفوساً ونَفاسةً.
وَيُقَال: إنّ الَّذِي ذكرتَ لَمَنْفوسٌ فِيهِ: أَي مَرغوبٌ فِيهِ.
وَيُقَال: مَا رأيتُ ثَمَّ نفْساً، أَي: مَا رأيتُ أحدا.
وَيُقَال: زِدْ فِي أَجَلي نَفَساً، أَي: طَوّل الْأَجَل.
وَيُقَال: بَين الْفَرِيقَيْنِ نَفَس، أَي: متَّسَع.
وَيُقَال: نَفِسَ عَلَيْك فلانٌ يَنفَس نَفَساً ونَفَاسَة، أَي: حَسدَك.
وَيُقَال: نَفِسَت المرأةُ وَهِي تَنْفَس نِفاساً.
وَيُقَال أَيْضا: نُفِسَتْ تنفَس نَفاسَةً ونِفاساً ونَفَساً، وَهِي امْرَأَة نُفَساءُ ونَفْساء ونَفَساء، والجميع نُفَساوات ونِفاس ونُفّس ونُفّاس.
وَيُقَال: وَرِث فلانٌ هَذَا المالَ فِي بطنِ أمه قبلَ أَن يُنفَس: أَي: يُولَد. وإنّ فلَانا لنَفوسٌ: أَي: عَيُون.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: نُفِست المرأةُ ونَفِسَت. والمَنفوس: الْمَوْلُود.
وَقَالَ اللّحياني: النَّافس: الخامِسُ من قِداح المَيْسر، وَفِيه خمسةُ فُروض وَله غُنْمُ خمسةِ أنصباءَ إِن فَازَ، وَعَلِيهِ غُرمُ خمسةِ أنصباءَ إِن لم يَفُز.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: يُقَال لَك فِي هَذَا الْأَمر نُفْسَةٌ، أَي: مُهلة.

(13/10)


وَيُقَال: شَرابٌ غير ذِي نَفَس: إِذا كَانَ كريهَ الطَّعم آجِناً، إِذا ذاقَه ذائقٌ لم يتنفّس، إِنَّمَا هِيَ الشّربة الأولى قدرَ مَا يُمسِك رمقَهُ، ثمَّ لَا يعود لَهُ، وَقَالَ أَبُو وَجْزة السَّعْدِيّ:
وشَرْبةٍ من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ
فِي صَرّة من نُجوم القَيْظِ وَهّاج
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: شَرابٌ ذُو نَفَس، أَي: فِيهِ سَعَة ورِيّ، وَقَالَ فِي قَول الشَّاعِر:
ونَفَّسَني فيهِ الحمامُ المعجَّلُ
أَي: رَغّبني فِيهِ.
ورُوِي عَن النّخعيّ أَنه قَالَ: كلّ شَيْء لَهُ نَفْس سَائِلَة فماتَ فِي الْإِنَاء فإنّه ينجِّسه، أَرَادَ كلّ شَيْء لَهُ دمٌ سَائل. وَيُقَال: نَفِسَت المرأةُ: إِذا حاضَتْ. وَقَالَت أمّ سَلَمة: (كنتُ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفراش فحِضتُ فخرجتُ وشَدَوْتُ عليَّ ثِيَابِي ثمَّ رجعتُ، فَقَالَ: أَنَفِسْتِ) ، أَرَادَ أَحِضْتِ.

(بَاب السِّين وَالنُّون مَعَ الْبَاء)
س ن ب
سنب سبن نسب نبس بنس بسن.
بسن: قَالَ اللّيث واللّحياني: هُوَ حَسَنٌ بَسَن، والباسِنة: جُوالقٌ غليظٌ يُتّخذ من مُشاقة الكَتّان أغلظُ مَا يكون. قَالَ: وَمِنْهُم من يهمِزها.
وَقَالَ الفرّاء: البأسِنة: كسَاءٌ مَخِيط يُجعَل فِيهِ طَعَام، والجميعُ البآسِن.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أبْسَنَ الرجل: إِذا حَسُنتْ سَحْنَتُه.
بنس: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بنّست: تأخَّرت وَمِنْه قولُ ابنِ أحمرَ:
وبنّسَ عَنْهَا فَرَقَدٌ خَصِرُ
وَقَالَ شمر: لم أسمع بَنّس إِذا تأخَّر إِلَّا لِابْنِ الْأَحْمَر.
وَقَالَ اللحياني: بَنّسَ: إِذا قَعَد، وَأنْشد:
إِن كنت غير صائد فبنس
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنْبَس الرجلُ: إِذا هَرَب من سُلطان. قَالَ: والبنَسُ: الفِرارُ من الشّرّ.
سبن: قَالَ اللَّيْث: السّبَنِيَّةُ: ضربٌ من الثّياب يُتَّخَذ من مُشاقّة الكَتَّان أغلَظُ مَا يكون.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأسْبانُ: المقانع الرِّقاق.
قَالَ: وأسْبن إِذا نَام على السَّبَنِيَّات، ضربٌ من الثّياب.
نبس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّبُس: المُسرِعون فِي حوائجهم، والنُّبُس: الناطقون، يُقَال: مَا نبَسَ وَلَا رَتَم.
وَقَالَ ابْن أبي حفْصَةَ: فَلم ينْبِس رُؤبةُ حِين أنشدتُ السَّرِيَّ بن عبد الله أَي: لم يَنطِق.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّنْبِسُ: السَّرِيع. وسَنْبَسَ: إِذا أسرَع، يُسَنْبِس سَنْبَسةً.

(13/11)


قَالَ: وَرَأَتْ أمُّ سِنْبِسٍ فِي النّوم قبلَ أَن تَلِدَه قَائِلا يَقُول لَهَا:
إِذا وَلَدْتِ سِنْبِساءَ فأنبِسِي
أنبِسي: أَي: أسرعي.
وَقَالَ أَبُو عمر الزَّاهِد: السِّين فِي أول سِنْبِس زَائِدَة، يُقَال: نبَسَ إِذا أسرَعَ. قَالَ: والسِّين من زَوَائِد الْكَلَام.
قَالَ: ونبَس الرجلُ إِذا تكلم فأسرَعَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنبَسَ: إِذا سكَت ذُلاًّ.
سنب: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَجُلٌ سنُوب، أَي: متغضِّب.
قَالَ: والسِّنْبابُ: الرجلُ الْكثير الشَّرّ.
قَالَ: والسّنْباتُ والسَّنْبَةُ: سُوءُ الخُلُقِ وسرْعَةُ الغَضَب، وَأنْشد:
قد شِبْتُ قبلَ الشَّيْبِ من لِداتي
وذاكَ مَا ألقَى من الأذاةِ
من زَوْجةٍ كثيرةِ السَّنْباتِ
قَالَ: السَّنُوب: الرجُل الكذّاب المُغْتاب.
وَقَالَ عَمْرو عَن أَبِيه: المَسْنَبةُ: الشَّرّة. أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: سبّةٌ من الدّهر، وسَنْبَةٌ من الدَّهْر، وَأنْشد شَمِر:
مَاء الشَّبابِ عُنْفُوانَ سَنبَتِه
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: السِّناب والسِّنابة: الطويلُ الظَّهْر والبَطْن، والصِّناب بالصَّاد مِثله.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السَّنْباءُ: الاسْت.
نسب: قَالَ اللَّيْث: النّسَبُ: نَسَب الْقرَابَات، يُقَال: فلَان نَسِيبي، وهم أنسِبائي. وَرجل نَسِيبٌ حَسِيب: ذُو حَسَب ونَسَب. قَالَ: والنِّسْبة مصدَرُ الانتساب، والنُّسبَةُ: الِاسْم.
وَقَالَ غَيره: النّسْبة والنُّسْبة: لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: هُوَ يَنسِب بالنّساء ويَنسُب، وَهِي قَليلَة.
وَقَالَ شمر: النّسِيب: رقيقُ الشِّعْر فِي النِّسَاء، وَهُوَ يَنْسِبُ بهَا مَنْسِبةً.
وَقَالَ اللَّيْث: شِعْرٌ مَنسوبٌ، وَجمعه المناسيب. وأَنشَد:
هَل فِي التَّعلُّل من أسماءَ مِنْ حُوبِ
أم فِي القَرِيضِ وإهداءِ المَناسِيبِ
والنَّسَّابة: الرجلُ العالِم بالأنساب. ونَسَبتُ فلَانا إِلَى أَبِيه أنسِبُه نَسَباً: إِذا رفعتَ فِي نسَبِه إِلَى جَدِّه الْأَكْبَر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: النَّيْسَبُ: الطريقُ الْمُسْتَقيم.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الطَّرِيق المُستَدِقّ الواضحُ كطريق النَّمْل والحَيَّة، وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلَى موارِدِها، وَأنْشد الفرّاء:
غَيْثاً تَرَى الناسَ إِلَيْهِ نَيْسَبَا
من صادِرٍ أَو وَاردٍ أَيْدِي سَبَا

(13/12)


قلتُ: وبعضُهم يَقُول النَّيْسم بِالْمِيم، وَهِي لُغَة.
أَبُو زيد: يُقَال للرّجل إِذا سُئِل عَن نَسَبه: استَنْسِبْ لنا، بمعنَى انتسِبْ لنا حَتَّى نَعرِفَك.
فِي (النَّوَادِر) : نَيْسبَ فلانٌ بينَ فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبَةً: إِذا أقبَلَ وأَدبَر بَينهمَا بالنَّمِيمة وغيرِها. والنَّسَبُ يكون بِالْآبَاءِ، وَيكون إِلَى الْبِلَاد، وَيكون بالصّناعة.

(بَاب السِّين وَالنُّون مَعَ الْمِيم)
س ن م
سنم سمن نسم نمس مسن منس: (مستعملة) .
سنم: قَالَ اللَّيْث: السَّنَمُ: جِمَاعٌ. الْوَاحِدَة سَنَمة، وَهِي رأسُ شجرةٍ من دِقِّ الشّجر يكون على رأسِها كَهَيئَةِ مَا يكون على رَأس القَصَب، إلاّ أَنه ليّن تأكُلُه الْإِبِل أكلا خَضْماً.
قَالَ: وأفضَلُ السَّنَم شجرةٌ تسمَّى الأسْنَامَة، وَهِي أعظمُها سَنَمة.
قلت: السَّنَمة تكون للنَّصِيّ والصِّلِّيَّان والغَضْوَرِ والسَّنْطِ وَمَا أشبَهَها.
وَقَالَ اللَّيث: جَمَلٌ سَنِم، وناقةٌ سَنِمة: ضَخْمَةُ السَّنام. وأسْنَمَتِ النارُ: إِذا عَظُم لَهَبُها.
وَقَالَ لبيد:
كدُخانِ نارٍ ساطعٍ إسْنامُها
ويروى: أسْنامها فَمن رَوَاهُ بِالْفَتْح أرادأعاليَها، وَمن رَوَاهُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مصدر أسْنَمتْ: إِذا ارتفعَ لهَبُها إسْناماً.
وَقَالَ اللّيث: سَنَام: اسْم جَبَل بالبَصْرة يُقَال: إنّه يسير مَعَ الدَّجَّال.
قَالَ: وأسنُمةُ الرَّمْلِ: ظهورُها المرتِفعة من أَثْباجِها، يُقَال: أسنِمة وأَسنُمَة، فَمن قَالَ: أسنُمة جعَلَه اسْما لرَمْلةٍ بعَيْنها، وَمن قَالَ: أسنِمة جعلهَا جمعَ سَنَام، وَيُقَال: تسنَّمتُ الحائطَ: إِذا علوْتَه من عُرْضِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَشَيَّمه الشَّيْبُ، وتَسَنَّمَه وأوْشَمَ فِيهِ بِمَعْنى وَاحِد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} {تَسْنِيمٍ} (المطففين: 27، 28) ، أَي: من مَاء يتَنَزَّلُ عَلَيْهِم من مَعالٍ، وتُنصَب عَيْناً على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: أَن تَنوِيَ من تسنيم عينٍ فَلَمَّا نُوّنَتْ نُصِبَتْ. والجهة الْأُخْرَى: أَن تَنوِيَ من مَاء سنِّم عَيْناً، كَقَوْلِك: رُفِع عَيْناً، وَإِن لم يكن التسنيمُ اسْما للْمَاء فالعينُ نَكِرة، والتّسنيم مَعرِفة؛ وَإِن كَانَ اسْما للْمَاء فالعينُ مَعْرفة فخرجتْ نَصْباً، وَهَذَا قولُ الفرَّاء.
وَقَالَ الزَّجَّاج قولا يَقرُب مَعْنَاهُ ممّا قَالَه الفرَّاء.
وقبرٌ مُسَنَّم: إِذا كَانَ مَرْفُوعا عَن الأَرْض، يُقَال: تسنَّمَ السحابُ الأرضَ: إِذا جادَها. وتسنَّم الجملُ الناقةَ: إِذا قاعَها. والماءُ السَّنِمُ: الظاهرُ على وَجْه الأَرْض.

(13/13)


وَفِي الحَدِيث: (خيرُ الماءِ السَّنِم) . وكلُّ شَيْء عَلا شَيْئا فقد تَسَنَّمه.
أَبُو زَيد: سَنَّمْتُ الْإِنَاء تَسْنِيماً: إِذا مَلأْتَه ثمّ حَمَلتَ فوقَه مِثْلَ السَّنام من الطّعام أَو غيرِه. وتَسَنَّمَ الفحلُ الناقةَ: إِذا ركبَ ظهرَها، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا ركبته مُقْبِلاً أَو مدبِراً فقد تَسَنَّمْتَه. وَكَانَ فِي بني أَسد رجل ضمن لَهُم رزق كل بنت تولد فيهم، وَكَانَ يُقَال لَهُ: المنسِّم محيي النّسمات، وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وَمنا ابْن كور والمنسّمُ قبله
وَفَارِس يَوْم الفيلق العضْبُ ذُو العَصبِ
نسم: رَوَى شمر بإسنادٍ لَهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَن أعتق نَسَمةً مُؤمنَة وَقَى الله عزّ وجلّ بكلّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً من النَّار) . قَالَ شمر: قَالَ خَالِد: النَّسَمَة: النّفْس. قَالَ: وكلُّ دابّة فِي جَوْفها رُوح فَهِيَ نَسَمة. والنَّسَم: الرّوح. وَكَذَلِكَ النسيم. قَالَ الْأَغْلَب:
ضَرْبَ القُدَارِ نَقِيعَةَ القدِيم
يَفْرُقُ بَين النّفْس والنَّسِيم
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَرَادَ بِالنَّفسِ هَهُنَا: جسم الْإِنْسَان أَو دَمه، لَا الرّوح. وَأَرَادَ بالنسيم: الرّوح.
وَمعنى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (مَن أعتق نسَمةً) أَي: من أعتق ذَا نَسَمة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّسَمة: غُرَّةٌ عبدٌ أَو أَمَةٌ.
وحدّثنا الْحُسَيْن بنُ إدريسَ قَالَ: حدّثنا سُوَيْد عَن ابْن الْمُبَارك، عَن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حدّثني طلحةُ اليامِيَّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة عَن البَرَاء بن عَازِب قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: عَلِّمْني عَمَلاً يُدْخِلُنِي الجنَّةَ، فَقَالَ: (إِن كنت أَقْصَرت الخُطْبَة فَقَد أعرَضْتَ الْمَسْأَلَة، أَعْتِقْ النَّسَمة، وفُكَّ الرَّقبة) . قَالَ: أَوَلَيْسَا وَاحِدًا؟ قَالَ: (لَا، عِتْقُ النّسَمة أَن تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا وفكُّ الرَّقبة أنْ تُعينَ فِي ثَمَنِها والمِنْحة الوَكوف والقيءُ عَلَى ذِي الرَّحم الظَّالِم، فَإِن لم تُطِقْ ذَلِك فأَطْعِم الجائعَ واسْقِ الظمآن ومُرْ بالمعْروف وانْهَ عَن الْمُنكر، فإِنْ لم تُطِق فكُفَّ لسانَك إلاّ من خير) .
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الناسِمُ: المريضُ الَّذِي قد أَشفَى عَلَى الْمَوْت، يُقَال: فلانٌ يَنْسِم كنَسْم الرِّيح الضَّعِيف، وَقَالَ المَرَّار:
يَمْشين رَهْواً وبعْدَ الجَهْدِ من نَسمِ
وَمن حَياءِ غَضيضِ الطّرفِ مَسْتورِ
وَيُقَال: نَسّمْتُ نَسَمةً: إِذا أحيَيْتَها أَو أعتَقْتَها، قَالَ الْكُمَيْت:
ومِنَّا ابنُ كُوزِ والمُنَسِّمُ قَبلَهُ
وفَارِسُ يومِ الفَيْلَقِ العَضْبُ ذُو العَضْبِ
والمُنسِّم: مُحيِي النَّسمات.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: النّسَمة: الخَلْق يكون ذَلِك للصّغير والكَبير والدوابّ وغيرِها،

(13/14)


ولكلِّ من كَانَ فِي جَوْفه روحٌ حَتَّى قَالُوا للطَّيْر.
وَأنْشد شمر:
يَا زُفَر القَيْسِيّ ذَا الأنْف الأشَمّ
هَيَّجْتَ من نَخْلَة أمثالَ النَّسَمْ
قَالَ: النَّسَم: هَهُنَا طيرٌ سِراع خِفافٌ لَا يَستبِينُها الإِنسان من خِفَّتها وسرعتها. قَالَ: وَهِي فوقَ الخطَاطيف، غُبرٌ تعلوهنّ خُضْرة.
قَالَ: والنَّسَم كالنَّفَس، وَمِنْه يُقَال: ناسمتُ فلَانا أَي: وجدتُ ريحَه ووَجَدَ رِيحِي؛ وَأنْشد:
لَا يأمَننَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ ذُو نَسَمِ
أَي: ذُو نَفَس.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّسَمُ: نَفْس الرُّوح، وَيُقَال مَا بهَا ذُو نَسم، أَي: ذُو رُوح. قَالَ: ونَسيمُ الرِّيح: هبُوبُها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النّسِيم من الرِّياح، أَي: الرُّوَيْدُ.
قَالَ: وتَنسَّمتْ رِيحهَا بشيءٍ من نسيمٍ: أَي: هبت هُبوباً رُويداً ذَات نَسيم، وَهُوَ الرُّوَيْد.
قَالَ أَبُو عبيد: النّسيم من الرّياح الَّتِي تَجِيء بنَفَس ضَعِيف، وَفِي الحَدِيث: (تنكَّبُوا الغُبارَ فإنّ مِنْهُ تكون النّسَمة) ، قيل: النّسَمة هَهُنَا الرَّبْو، وَلَا يزَال صاحبُ هَذِه العلَّة يتَنَفّس نَفَساً ضَعِيفا، فسمِّيَت العِلَّة نَسَمة لاستراحَتِه إِلَى تنفُّسِه.
وَيُقَال: تنسَّمت الريحُ وتنسَّمتُها أَنا، وَقَالَ الشَّاعِر:
فإِنَّ الصَّبَا رِيحٌ إِذا مَا تَنسَّمتْ
على كِبْدٍ مَحْزونٍ تَجَلّتْ هُمومُها
وَإِذا تَنسَّم العليل أَو المحزون هبوبَ الرّيح الطيّبة وجَد لَهَا خَفّاً وفَرَحاً.
وَفِي حديثٍ مرفوعٍ إِلَى النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (بعثتُ فِي نَسَم السَّاعَة) ، وَفِي تَفْسِيره قَولَانِ: أحدُهما: بُعِثتُ فِي ضَعْف هُبوبها وأوّل أشراطِها وَهَذَا قَول ابْن الأعرابيّ. وَقَالَ: النَّسِيمُ: أوْل هُبوبِ الرِّيح. وَقَالَ غيرُه: معنى قَوْله: بُعِثْتُ فِي نَسَم السَّاعَة، أَي: فِي ذَوِي أرْواحٍ خَلَقهم الله وقتَ اقتراب السَّاعَة، كَأَنَّهُ قَالَ: فِي آخِر النَّشء من بني آدم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّسِيم: العَرَق، والنَّسْمَةُ: العَرْقة فِي الحمَام وَغَيره، ويُجْمَع النَّسَم بِمَعْنى الخَلْق أناسِم، يُقَال: مَا فِي الأناسِم مثلُه. كأنّه جمع النَّسَم أَنْساماً، ثمَّ أناسِمُ جمعُ الْجمع.
وَفِي حَدِيث عَمرو بن الْعَاصِ وإسلامِه أنّه قَالَ: لقد استقام المنْسِم وَإِن الرّجلَ لنبيٌ فأسلَم؛ يُقَال: قد استقام المنسِم، أَي: تَبَيّنَ الطّريقُ. وَيُقَال: رأيتُ مَنْسِماً من الْأَمر أعرِفُ بِهِ وَجْهَه؛ وَقَالَ أوسُ بنُ حَجَرَ:
لَعَمري لقد بيّنْتُ يومَ سُوَيْقَةٍ
لِمن كَانَ ذَا رأيٍ بِوجْهَةِ مَنْسِمِ

(13/15)


أَي: بوجهِ بَيان. والأصلُ فِيهِ مَنْسَمَا خُفِّ الْبَعِير، وهما كالظفْرَين فِي مقدَّمه، بهما يُستَبان أثرُ البَعير الضّال؛ لكلّ خُفَ مَنسِمان، ولخُفّ الفِيلِ منْسِم، وللنَّعامة مَنْسم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: المنْسِم: الطَّرِيق، وأنشَد للأحوص:
وَإِن أظلمْت يَوْمًا على النَّاس غَسْمةٌ
أضاءَ بكمْ يَا آلَ مروانَ مَنْسِمُ
يَعْنِي الطَّرِيق. والغَسْمَةُ: الظُّلمة.
نمس: قَالَ اللّيث: النَّمَسُ: فسادُ السَّمْن وفسادُ الغالية، وَكَذَلِكَ كلّ طِيبٍ ودُهْن إِذا تغيّر وفَسَد فَسَادًا لَزِجاً؛ والفعلُ نَمِس يَنْمسَ نَمَساً فَهُوَ نَمس.
وَقَالَ غيرُه: نَمسَ الوَدَك ونَسِم: إِذا أنتنَ. ونمَّس الأقِطُ فَهُوَ منمس: إِذا أَنتَن. قَالَ الطِّرِمّاح:
مُنمِّسُ ثيرانِ الكَرِيصِ الضَّوائِنِ
والكَرِيص: الأقِط.
وَقَالَ اللّيث: النِّمسُ: سَبعُ، من أَخبَث السِّباع.
وَقَالَ غيرُه: النمس: دُوَيْبَّة يتّخذها الناظرُ إِذا اشتدَّ خوفُه من الثّعابين، لأنّ هَذِه الدابّة تتعرّض للثّعبان وتتضاءل. وتَستَدِقّ حتّى كأنَّها قطعةُ حَبْل، فَإِذا انْطَوَى عَلَيْهَا الثُّعْبان زَفَرتْ وأَخذتْ بنَفَسِها، فانتفخ جَوْفها فيتقطّع الثعبان وَقد تطوَّى عَلَيْهِ النمس فَظَعاً من شِدّة الزَّفْرة.
وَفِي حَدِيث المَبعَث: أنّ خديجةَ وصفتْ أمرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لورَقَةَ بنَ نَوْفلَ، وَكَانَ قد قَرَأَ الكُتُب، فَقَالَ: إِن كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقّاً فإنّه ليَأْتِيه النَّاموس الّذي كَانَ يَأْتِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الناموس: صاحبُ سِرِّ الرَّجُل الّذي يَطَّلِع على سِرِّه وباطنِ أمره، ويَخُصّه بِمَا يَستُره عَن غَيره، يُقَال مِنْهُ: قد نَمَسَ يَنْمِس نَمْساً، وَقد نامَسْتُه منامَسَةً: إِذا سارَرْتَه.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
فأبلِغْ يَزِيدَ إِنْ عَرَضْتَ ومُنْذِراً
عَمَّيْهِمَا والمستسِرَّ المُنامِسَا
قَالَ: وَيُقَال: انَّمَسَ فلانٌ انِّماساً إِذا انْغَلَّ فِي سُتْرةٍ.
قَالَ: والناموسُ أَيْضا: قُترَةُ الصَّائِد الّتي يَكمُن فِيهَا للصَّيْد، وَمِنْه قولُ أَوْس بنِ حَجَر:
فلاقَى عَلَيْهَا من صُباح مُدَمِّراً
لِنامُوسِه مِن الصَّفيحِ سَقائفُ
المدمِّر: الَّذِي يدخن بأبوار الْإِبِل فِي قترته لِئَلَّا يجد الْوَحْش رِيحه فينفر.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: النّاموس: بيتُ الراهب.
وَقَالَ غيرُه: النامُوس النَّمّام، وَهُوَ النّمّاس أَيْضا.
وَيُقَال للشّرَك: ناموسٌ، لأنّه يُوارَى تحتَ التُّرَاب، وَقَالَ الراجز يصف الرِّكاب،

(13/16)


يَعْنِي الْإِبِل:
يَخْرجنَ عَن مُلتَبِسٍ مُلَبَّسِ
تَنْمِيسَ ناموسِ القَصا المُنمَّسِ
يَقُول: يخْرجن من بلدٍ مشتبِه الْأَعْلَام يَشتبه على من يسلُكُه، كَمَا يَشتبِه على القَطَا أمرُ الشَّرَك الّذي يُنصَب لَهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَمَس بَينهم، وأنمس، وأرّش بَينهم وَأكل بَينهم.
وَأنْشد:
وَمَا كنت ذَا نَيْرَب فيهمُ
وَلَا مُنْمساً بَينهم أنْملُ
أؤرّش بَينهم دائباً
أدِبّ وَذُو النملة المُدْغَلُ
ولكنني رائبٌ صَدْعَهُم
رَقوءٌ لما بَينهم مُسْمِلُ
رَقوءٌ: مُصلح. رقأت: أصلحت. رَوَاهُ ثَعْلَب عَنهُ.
سمن: ابْن السّكيت: سَمَنْتُ لَهُ: إِذا أدَمْتَ لَهُ بالسَّمْن. وَقد سمّنْتُه: إِذا زوّدْتَه السَّمْنَ. وَجَاءُوا يَسْتَسْمِنون: أَي: يَطْلبون أَن يُوهَب لهمْ السَّمْن.
وَقَالَ اللّيث: السِّمْن نَقيضُ الهُزال، وَالْفِعْل سَمِن يَسْمَن سِمْناً. وَرجل مُسْمِنٌ: سَمين. وأَسْمَن الرجلُ: إِذا اشتَرى سَميناً. والسُّمْنَة: دواءٌ تُسمَّنُ بِهِ الْمَرْأَة.
وَفِي الحَدِيث: (ويلٌ للمسمَّنات يومَ الْقِيَامَة مِنْ فَتْرةٍ فِي العِظام) . واستَسْمنتُ اللحمَ: أَي: وجَدْتَه سَمِناً.
والسَّمْن: سِلاءُ اللَّبَن، وَيُقَال: سَمَّنْتُ الطعامَ فَهُوَ مَسْمُون: إِذا جعلتَ فِيهِ السّمْنَ. والسُّمَّانيَ طائرٌ وَبَعْضهمْ يَقُول: إِنَّه السَّلوَى. وسُمْنان: مَوضِع فِي الْبَادِيَة.
وَقَالَ بعضُهم: يُقَال للطائر الْوَاحِد سُمانَى وللجميع سُمَاني. وبعضُهم يَقُول للواحدة سُمَاناة.
وَفِي الحَدِيث: أَن فلَانا أُتيَ بسَمَكٍ مَشْوي فَقَالَ سَمِّنْه.
قَالَ أَبُو عُبَيد: معنَى سَمِّنهُ: بَرِّدْه.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: التَّسْمِين: التبريدُ.
وَفِي حديثِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يكون فِي آخِر الزَّمان قومٌ يَتَسَمّنُون) ، قيل: معنى قَوْله: (يتسمنون) ، أَي: يتَكَثَّرون بِمَا ليْس فيهم من الْخَيْر ويَدّعُون مَا لَيْسَ لَهُم من الشّرف.
وَقيل: مَعْنَاهُ: جمْعُهم المالَ ليُلحَقوا بذَوِي الشّرف.
وَيُقَال: أسْمَنَ القومُ: إِذا سَمِنَتْ نَعَمُهم، فهم مُسْمِنون. ورجلٌ سامِن، أَي: ذُو سَمْن، كَمَا يُقَال: رجلٌ تامِر ولابِن، أَي: ذُو تَمْر وَلَبن. والسُّمَنيَّةُ: قومٌ من الهِند دُهْرِيّون.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأسْمالُ والأسْمانُ: الأزُر الخُلْقانُ.
قَالَ: وَيُقَال: سَمّنْتُه وأسمَنْتُه: إِذا أطعمتَه

(13/17)


السَّمْن. وَرجل سَمِين مُسْمِن بِمَعْنى، والجميعُ: السِّمان والمُسْمِنُون.
وضع مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدِيثا: (ثمَّ يَجِيء قوم يتسمّنون) فِي بَاب كَثْرَة الْأكل وَمَا يذم مِنْهُ.
قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا هشيم عَن بشر عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ. عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَخير أمتِي الْقرن الَّذِي أَنا فيهم ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ يظْهر قوم يحبونَ السّمانة يشْهدُونَ قبل أَن يُسْتشهَدوا) .
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرجل سمين ويومىء بِأُصْبُعِهِ إِلَى بَطْنه: (لَوْ كَانَ هَذَا فِي غير هَذَا لَكَانَ خيرا لَك) .
منس: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: المَنَسُ: النَّشاط. والمَنَسةُ: المَسَّةُ من كلّ شَيْء.
مسن: عَمْرو عَن أَبِيه: المَسْن: المُجُون، يُقَال: مَسَنَ فلانٌ ومَجَنَ بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي كتاب اللَّيْث: المَسْنُ: الضّرْبُ بالسَّوْط.
قلتُ: هَذَا تَصحيف، وَصَوَابه: المَشنُ: الضربُ بالسَّوط بالشين، واحتجَّ اللَّيْث بقول رؤبة:
وَفِي أخَادِيدِ السياطِ المُسَّنِ
فرَواه بِالسِّين والرُّواة روَوْه بالشين، وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المَشْن: الْخَدْش.
س ف ب، س ف م: مهمل.

(بَاب السِّين وَالْبَاء وَالْمِيم مَعَهُمَا)
س ب م
استُعمل من وجوهه: بِسم.
بِسم: قَالَ اللَّيْث: بَسَمَ يَبْسِم بَسماً: إِذا فتح شَفَتَيْه كالمُكاشِر. وَرجل بَسَّام وامرأةٌ بَسّامة. وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ جُلُّ ضَحِكه التبسُّم، يُقَال: بَسَمَ وابتَسم وتبسَّم بِمَعْنى وَاحِد.

(13/18)


هَذِه أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف السِّين

(أهملت السِّين مَعَ الزَّاي فَلم تأتلفا)
(بَاب السِّين مَعَ الطَّاء)
س ط (وَا يء)
سَطَا سَوط طوس طسأ وسط وطس طيس: (مستعملة) .
سَوط: يُقَال: ساطَ دابّتَه: إِذا ضرَبَه بالسَّوط يَسُوطُه.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف فرسا:
فصوَّبْتُه كأنّه صَوْبُ غَيْبَةٍ
على الأَمْعَزِ الضّاحي إِذا سيطَ أَحْضَرَا
قَالَه الشماخ يصف فرسه. وصوَّبْتُه: أَي حملتُه على الحُضْر فِي صَبَبٍ من الأَرْض. والصَّوْب: المَطَر.
والغبية الدفعة مِنْهُ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ} (الْفجْر: 13) ، هَذِه كلمةٌ تقولُها الْعَرَب لكلّ نوع من الْعَذَاب تُدخِل فِيهِ السَّوْطَ، جَرَى بِهِ الكلامُ والمَثَل، ونرَى أَن السَّوط من عَذابهم الَّذِي يعذّبون بِهِ؛ فَجَرى لكلّ عَذاب إِذا كَانَ فِيهِ عندَهم غايةُ الْعَذَاب.
وَقَالَ اللّيث وغيرُه: السَّوْطُ: خَلْطُ الشَّيْء بعضُه بِبَعْض. والمِسْوَط الّذي يُسَاطُ بِهِ، وَإِذا خَلَّطَ إنسانٌ فِي أمره قيل: سَوَّطَ أَمْرَه تَسْويطاً؛ وأَنشَد:
فُسْطها ذَمِيمَ الرّأي غيرَ موفَّقٍ
فلستَ عَلَى تسويطِها بِمُعَانِ
وَقَالَ غيرُه: سُمِّيَ السَّوْطُ سَوْطاً لأنّه إِذا سِيطَ بِهِ إنسانٌ أَو دابَّةٌ خُلِطَ الدَّمُ باللّحم. وسَاطَه، أَي: خَلَطه.
الحرَّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: أموالُهم سَوِيطةٌ بينَهم، أَي: مختلِطَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوَيْطاءُ: مَرَقةٌ كثير ماؤُها وتمْرُها.
سَطَا: قَالَ ابْن شُمَيل: الأيدِي السَّواطِي، الَّتِي تَتناوَلُ الشَّيْء. وأنشَد:
تَلَذُّ بِأَخْذِها الأيْدِي السَّواطِي
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْءَايَاتُنَا}

(13/19)


(الْحَج: 72) ، يَعْنِي مُشْرِكي أهل مكّة، كَانُوا إِذا سَمِعوا الرجلَ من الْمُسلمين يَتْلُو القرآنَ كادُوا يَبْطشون بِهِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: فلانٌ يَسْطو عَلَى فلَان، أَي: يَتَطاول عَلَيْهِ. وأميرٌ ذُو سَطْوَة: ذُو شَتْم وظُلْم وضَرْب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّاطي من الخَيل: البَعيد الشَّحْوَةِ وَهِي الخَطْوة، وَقد سَطَا يَسْطو سَطْواً، وَقَالَ رؤبة:
غَمْرَ اليَدَيْنِ بِالجِراءِ سَاطِي
وَقَالَ اللّيث: السَّطْوُ: شِدَّة البَطْش، وَإِنَّمَا سُمّي الفرسُ ساطياً لأنّه يَسْطُو عَلَى سَائِر الْخَيل، ويقومُ عَلَى رِجْليه ويَسْطو بيدَيْهِ. قَالَ: والفَحْلُ يَسْطو عَلَى طَروقَتِه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: السَّطْوُ: أَن يُدخِل الرجلُ اليَدَ فِي الرَّحِم فيَسْتَخْرِجَ الوَلَد. والمَسْطُ: أَن يُدخِل اليدَ فِي الرّحم فيستخرِجَ الوَثْرَ، وَهُوَ ماءُ الفَحْل، وَقَالَ رؤبة:
إنْ كنتَ من أَمْرِكَ فِي مَسْماسِ
فاسْط عَلَى أُمِّكَ سَطْوَ الماسِي
قَالَ اللّيث وَقد يُسْطَى عَلَى الْمَرْأَة إِذا نَشَبَ ولدُها فِي بطنِهَا ميِّتاً فيُسْتخرَج مِنْهَا.
ورُوِي عَن بعض الفُقَهاء أنّه قَالَ: لَا بأسَ بأَن يَسْطُوَ الرجلُ على الْمَرْأَة إِذا خِيفَ عَلَيْهَا، وَلم تُوجَد امرأةٌ تتولّى ذَلِك. وَيُقَال: اتّقِ سَطْوَتَه، أَي: أَخْذَتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ساطَى فلانٌ فلَانا: إِذا شَدَّدَ عَلَيْهِ. وساطاه: إِذا رَفَقَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سَطَأَ الرجلُ الْمَرْأَة وشَطَأَها: إِذا وَطِئَها، رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
ابْن الْأَعرَابِي: سَطَا عَلَى الْحَامِل وساطَ، مَقْلُوبٌ: إِذا أَخْرَجَ وَلَدَها.
طوس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطَّوْسُ: القَمَر، والطُّوْس: دَواءُ الْمَشِيِّ.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال للشَّيءِ الحَسَن: إنّهُ لَمُطَوَّس، وَقَالَ رؤبة:
أَزْمانَ ذاتِ الغَبْغَب المُطَوَّسِ
قَالَ: والطّاوُوس: طائرٌ حَسَن، ووَجْهٌ مُطَوَّسٌ حَسَن، وَقَالَ أَبُو صَخْر الهُذَلِيّ:
إذْ تَسْتَبِي قَلْبِي بذِي عُذَرٍ
ضَافٍ يَمُجُّ المِسْكَ كالْكَرْمِ
ومُطَوَّسٍ سَهْلٍ مدامعه
لَا شاحبٍ عارٍ وَلَا جَهْمِ
وَقَالَ المؤرِّج: الطَّاؤُوسُ فِي كَلَام أهلِ الشَّام: الجميلُ من الرّجال، وأنشَد:
فَلَو كنتَ طاؤُوساً لكنتَ مُمَلَّكاً
رُعَيْنُ ولكنْ أنتَ لأْمٌ هَبَنْقَعُ
قَالَ: والَّلأْم: اللَّئِيم. ورُعَين اسْم رجُل.
قَالَ: والطاءُوس: الأرضُ المخضرَّة الَّتِي عَلَيْهَا كلُّ ضَرْب من الوَرْد أيامَ الرّبيع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طاسَ يَطوسُ طَوْساً: إِذا حَسُن وَجْهُه ونَضَر بعد عِلّة، وَهُوَ مَأْخُوذ

(13/20)


من الطَّوْس وَهُوَ القَمَر. وطاس الشيءُ يَطِيس طَيْساً: إِذا كَثُر.
أَبُو تُرَاب عَن الْأَشْجَعِيّ: يُقَال: مَا أَدْرِي أينَ طَمَسَ وَأَيْنَ طَوَّس، أَي: أَيْن ذَهَب.
وسط: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَكَذَالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (الْبَقَرَة: 143) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {أُمَّةً وَسَطًا} قَولَانِ، قَالَ بَعضهم: وَسَطاً عَدْلاً. وَقَالَ بَعضهم: خياراً، واللفظان مُخْتَلِفَانِ وَالْمعْنَى وَاحِد، لِأَن العَدْل خيْر، والخيْر عدل.
وَقيل فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ من أوْسَط قومه، أَي: من خِيارهم. والعرَب تَصِف الفاضلَ النَّسَبِ بِأَنَّهُ من أَوْسط قومه، وَهَذَا يَعرِف حقيقتَه أهلُ اللُّغَة، لِأَن العرَب تَستعمل التَّمثيل كثيرا، فتُمثِّل القبيلةَ بالوادي، والقاع، وَمَا أشبهَه، فخيْرُ الْوَادي وَسَطُه، فَيُقَال: هَذَا من وَسط قومِه، وَمن وَسط الْوَادي، وسرَر الْوَادي، وسَرارَتِه، وسِرّه، وَمَعْنَاهُ كلُّه من خيرِ مَكَان فِيهِ، فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خير مكانٍ فِي نَسَب الْعَرَب، وَكَذَلِكَ جُعِلتْ أُمّتُه أمّةً وَسَطاً، أَي: خِياراً.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفَرْق بَين الوَسْط والوَسَط: أَن مَا كَانَ يَبِينُ جُزء من جُزْء فَهُوَ وَسْط، مِثل الحَلْقة من النَّاس، والسُّبْحة والعِقْد.
قَالَ: وَمَا كَانَ مُصْمَتاً لَا يَبين جزءٌ من جُزْء فَهُوَ وَسَط، مثل وَسَط الدَّار والراحةِ والبُقعة وَقد جَاءَ فِي (وَسط) التسكين.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَسْط مخفّفاً يكون موضعا للشَّيْء، كَقَوْلِك: زيدٌ وَسْط الدَّار. وَإِذا نصبتَ السينَ صَار اسْما لما بَين طَرَفَيْ كلِّ شَيْء.
وَقَالَ المبرِّد: تَقول: وَسَط رأسِك دُهْنٌ يَا فَتَى، لِأَنَّك أخبرتَ أَنه استقرّ فِي ذَلِك الْموضع فأَسْكنْت السِّين ونصبْت لِأَنَّهُ ظرف. وَتقول: وَسَط رأْسِك صُلْب لِأَنَّهُ اسمٌ غيرُ ظَرْف.
وَتقول: ضربتُ وَسَطه لِأَنَّهُ الْمَفْعُول بِهِ بِعَيْنِه، وَتقول: حَفَرْت وسَط الدَّار بِئْرا: إِذا جعلتَ الوَسَط كلَّه بِئْرا، كَقَوْلِك: خرّبت وَسَطُ الدَّار، وكلُّ مَا كَانَ مَعَه حرْفُ خَفْض فقد خرج عَن معنى الظّرْف وَصَارَ اسْما، كَقَوْلِك: سِرْتُ من وَسَط الدَّار، لِأَن الضَّمِير ل (من) وَتقول: قمتُ فِي وَسَط الدَّار، كَمَا تَقول فِي حاجةِ زَيد، فتحرِّك السِّين من وسَط، لِأَنَّهُ هَهُنَا لَيْسَ بظرف.
سَلَمة عَن الفرّاء: أوسَطْتُ القومَ ووَسَطْتهم، وتوسْطتهم بِمَعْنى وَاحِد إِذا دخلت وَسطَهم.
قَالَ الله تَعَالَى: { (نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} (العاديات: 5) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَسَط فلانٌ جمَاعَة من النَّاس وَهُوَ يَسِطهم: إِذا صَار وَسْطَهم. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي واسطُ الرَّحْل

(13/21)


واسطاً لِأَنَّهُ وَسَطٌ بَين الآخرَة والقادِمة، وَكَذَلِكَ وَاسِطَة القِلادة، وَهِي الْجَوْهَرَة الَّتِي تكون فِي وَسَط الكِرْس المنظوم.
قلتُ: أَخطَأ اللَّيْث فِي تَفْسِير واسِطِ الرَّحْل وَلم يُثْبته، وَإِنَّمَا يَعرف هَذَا مَن شَاهد العرَب ومارس شَدَّ الرِّحال على الرَّواحل، فَأَما من يفسِّر كلامَ العرَب على قِياساتِ خواطرِ الوهْم فَإِن خطأَه يكثُر.
قلتُ: وللرَّحْل شَرْخان: وهما طَرَفاه مِثل قَرَبوس السَّرْج، فالطَّرَف الَّذِي يَلِي ذَنَب البعيرِ آخرَةُ الرَّحْل ومُؤخرته، والطرفُ الَّذِي يَلِي رَأس البعيرِ واسِطُ الرَّحْل بِلَا هَاء، وَلم يُسمَّ واسطاً لِأَنَّهُ وَسَطٌ بَين الْآخِرَة والقادمة كَمَا قَالَ اللَّيْث، وَلَا قادمةَ للرَّحْل بَتَّةً، إِنَّمَا القادمة الواحدةُ من قَوادِم الريش، ويَضرَع النَّاقة قادِمان وآخِران بِغَيْر هَاء، وكلامُ العرَب يُدَوَّن فِي الصُّحف من حَيْثُ يصحّ، إِمَّا أَن يُؤْخَذ عَن إمامٍ ثقةٍ عرَفَ كَلَام الْعَرَب وشاهَدهم، أَو يُتلقَّى عَن مُؤَدَ ثِقَة يَروِي عَن الثِّقات المقبولين، فَأَما عباراتُ من لَا معرفَة لَهُ وَلَا مُشاهَدة فَإِنَّهُ يفسِد الكلامَ ويُزيله عَن صيغته.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي بَاب الرِّحال: وَفِي الرَّحْل واسطه وآخرته ومَوْرِكُه، فواسطُه مقدَّمُه الطَّوِيل الَّذِي يلِي صدرَ الرَّاكِب، وَأما آخرَته فمؤْخِرتُه وَهِي خشبتُه العريضة الطَّوِيلَة الّتي تُحاذِي برأسِ الرَّاكِب.
قَالَ: والآخِرة والوَاسطُ: الشَّرْخان، يُقَال: رَكِب بَين شَرْخَيْ رَحْلِه.
قلتُ: فَهَذَا الّذي وصَفَه النَّضْر صحيحٌ كلُّه لَا شكّ فِيهِ، وَأما واسِطةُ القِلادة: فَهِيَ الْجَوْهَرَة الفاخرة الّتي تُجعَل فِي وَسَطها.
وَقَالَ اللّيث: فلانٌ وَسِيطُ الدّار والحَسَب فِي قومِه، وَقد وَسُط وَساطَةً وسِطَة ووسَّطه توسيطاً.
وأَنشدَ:
وسّطْتُ من حَنْظلةَ الأُصْطُمّا
طيس: قَالَ اللّيث: الطَّيْس: العَدَد الْكثير.
وَقَالَ رؤبة:
عَدَدْتُ قومِي كعَدِيد الطَّيْسِ
إذْ ذَهَبَ القومُ الكِرامُ لَيْسيِ
أَرَادَ: بقوله ليسي، أَي: غَيْرِي. قَالَ: وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الطَّيْس، فَقَالَ بَعضهم: كلُّ من على ظهرِ الأرضِ من الْأَنَام فهوَ من الطَّيْس. وَقَالَ بعضٌ: بل كلُّ خَلْق كثير النَّسْل، نَحْو: النَّمل والذُّباب والهَوام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طاسَ يَطيسُ طَيْساً: إِذا كَثُر. وحِنْطة طَيْسٌ كَثِيرَة.
طسأ: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا غَلَب الدَّسَم على قَلْب الْآكِل فاتَّخَم قيل: طَسِىءَ يَطْسَأ طَسْاً وطَنِخَ يطنخ طَنْخاً.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: طَسِئتْ نفسُه فَهِيَ طاسئةٌ: إِذا تغيّرتْ من أَكْل الدَّسَم فرأيته متكرِّهاً لذَلِك، يُهمَز وَلَا يُهمَزُ.

(13/22)


وَقَالَ أَبُو زيد: طَسِئْتُ طسْئاً: إِذا اتخَمْتَ عَن دَسَم.
وطس: أَبُو عبيد: الوَطيسُ: شيءٌ مِثْل التَّنُّور يُختَبز فِيهِ؛ يُشبَّه حَرُّ الحَرْب بِهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الوَطِيس: حجارةٌ مدَوَّرة، فَإِذا حَمِيتْ لم يُمكن أحدا الوطْءُ عَلَيْهَا، يُضرَب مَثلاً للأمْر إِذا اشتَدّ، فيقَال: حَمِي الوَطِيس.
وَقَالَ اليماميّ: يُقَال: طِسِ الشيءَ، أَي: أَحْمِ الحجارةَ وضَعْها عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الوَطِيس: الضِّراب فِي الْحَرْب، وَمِنْه قولُ عليّ عَلَيْهِ السَّلَام: الْآن حَمِيَ الوَطيس: أَي: حَمِيَ الضِّراب وجَدّتِ الحَرْب، قَالَ: وقولُ النّاس: الوَطيس: التّنّورُ، بَاطِل.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْلهم: (حمي الْوَطِيس) هُوَ الْوَطْء الَّذِي يطس النَّاس، أَي: يدقهم ويقتلهم. وأصل الوطس: الْوَطْء من الْخَيل وَالْإِبِل.
ويروى أَن النَّبِي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسلم رفعت لَهُ يَوْم مُؤتة فَرَأى معترك الْقَوْم فَقَالَ: (حمي الْوَطِيس) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: وطَسْتُ الشيءَ ووهَصْتهُ ووَقَصْتهُ: إِذا كسرتَه.
وَأنْشد:
تَطِسُ الأَكامُ بِذَات خُفَ مِيثَمِ
وَقَالَ زيد بن كُثْوَة: الوَطِيس يحتفر فِي الأَرْض ويصَغَّر رأسُه، ويُخرَق فِيهِ خَرْقٌ للدخَّان، ثمَّ يُوقَد فِيهِ حَتَّى يَحمَى، ثمَّ يوضَع فِيهِ اللَّحم ويُسَدّ، ثمَّ يُؤتَى من الغَدِ واللَّحمُ غابٌّ لم يَحترِق.
وروى ابْن هانىء عَن الْأَخْفَش نَحوه.

(بَاب السِّين وَالدَّال)
س د (وَا يء)
سود سأد دوس دسا ودس وسد سدا أَسد: (مستعملة) .
سود: قَالَ اللَّيْث: السَّوْدُ: سَفْحٌ مستوٍ بِالْأَرْضِ كثير الْحِجَارَة خَشْنُها، وَالْغَالِب عَلَيْهَا لونُ السّواد، والقِطعة مِنْهَا سَوْدَة وقَلَّما يكون إلاّ عِنْد جَبَل فِيهِ مَعدِن، والجميع الأسْواد.
قَالَ: والسِّوادُ: نقيضُ البَياض. والسَّوادُ: السِّرار.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (أُذُنُك على أَن يُرفَع الحجابَ وتَسمَع سِوادِي حَتَّى أَنهاكَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّواد: السِّرار، يُقَال مِنْهُ: سَاوَدْتُه مساوَدَةً وسِواداً: إِذا سارَرْتَه. قَالَ: وَلم يعرِفْها برَفْع السِّين سُواد.
قَالَ أَبُو عُبَيد: ويجوزُ الرّفع، وَهُوَ بمنزلةِ جِوارٍ وجُوارٍ، فالجِوارُ المَصْدَر، والجُوار الِاسْم.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: هُوَ من إدْناءِ سَوادِكَ

(13/23)


من سَواده، وَهُوَ الشّخص.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا من السِّرار، لِأَن السِّرار لَا يكون إِلَّا من إدْناءِ السَّواد من السّواد، وأنشدنا الْأَحْمَر:
مَنْ يَكُنْ فِي السِّوادِ والدّدِ
والإعْرامِ زِيراً فإنني غيرُ زِيرِ
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: فِي قَوْلهم: لَا يُزايل سوَادِي بياضك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: لَا يزايل شخصي شخصك. السوادُ عِنْد الْعَرَب: الشَّخْص وَكَذَلِكَ الْبيَاض.
وَفِي حديثِ سَلْمانَ الفارسيّ حِين دخل عَلَيْهِ سعد يعودُه فجَعَل يَبكي، فَقَالَ لَهُ: مَا يُبكِيك؟ فَقَالَ: عَهِدَ إِلَيْنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَكْفِ أحدَكُم مثلُ زَاد الرَّاكِب، وَهَذِه الأساوِدُ حَوْلي. قَالَ: وَمَا حَوْلَه إلاّ مِطْهَرة وإجَّلنةٌ أَو جَفْنَة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أَرَادَ بالأساوِد الشخوصَ من المَتاع، وكلُّ شَخْص: مَتَاعٌ من سَوَادٍ أَو إنسانٍ أَو غَيره. وَمِنْه الحَدِيث: (إِذا رأى أحدُكم سَوَاداً باللّيل فَلَا يكن أجبَنَ السَّوادَين فَإِنَّهُ يَخافُك كَمَا تخَافُه) ، قَالَ: وجَمْعُ السَّوادِ أسوِدَة ثمَّ الأساوِد جمع الْجمع، وَأنْشد:
تَناهَيْتُم عَنَّا وَقد كَانَ فيكُم
أَساوِدُ صَرْعَى لم يُوَسَّدْ قَتِيلُها
وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذَكَر الفِتَن: (لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض) .
قَالَ ابْن عُيينة: قَالَ الزُّهْريّ: وَهُوَ رَوَى الحديثَ: الأساوِدُ: الحيّات، يَقُول: ينصَبُّ بالسَّيْف على رَأس صاحِبه كَمَا تَفعَل الحيَّة إِذا ارتفعتْ فلسَعتْ من فوقُ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأَسْوَد: العظيمُ مِن الحيّات وَفِيه سَواد. وَإِنَّمَا قيل لَهُ أسوَد سالِخٌ لأنّه يَسلُخ جِلدَه فِي كلّ عامٍ. وأمَّا الأَرقَم فَهُوَ الّذي فِيهِ سوادٌ وبَياض. وذوا الطُّفْيَتَيْن: الّذي لَهُ خَطَّان أسوَدان.
وَقَالَ شَمِر: الْأسود: أخبَثُ الحيَّات وأعظَمُها وأمكَرُها، وَلَيْسَ شيءٌ من الحيّات أَجْرَأ منهُ، وَرُبمَا عَارض الرُّفْقَة وتَبِع الصَّوتَ، وَهُوَ الَّذِي يَطلُب بالذَّحْل ولاَ يَنْجو سَلِيمُه، والجميع: الأَساود. يُقَال: هَذَا أسوَدُ غيرُ مُجرًى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ بقوله: (لتعودُنَّ أساوِدَ صُبّاً) يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِي جمعُ سَوَادٍ من النَّاس أَي جَمَاعةٍ، ثمَّ أسوِدَة ثمّ أساوِد جمعُ الجَمْع. وَيُقَال: رأيتُ سَوادَ القَوْم، أَي: مُعظَمَهم، وسَوادُ العَسْكر: مَا يَشتَمِل عَلَيْهِ من المَضارِب والآلات والدّوابّ وَغيرها. أَو يُقَال: مَرَّت بِنَا أسوِدَاتٌ من النَّاس وأساوِدُ: أَي: جماعات. والسَّواد الأعظَم من النّاس: هم الجُمْهور الأَعظَم، والعَدَد الْأَكْثَر من الْمُسلمين الَّتِي تجمعت على طَاعَة الإِمَام وَهُوَ السُّلْطَان. قَالَ شمر: وَرُوِيَ عَن

(13/24)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بقتل الأسوَدين فِي الصَّلَاة. أَرَادَ بالأسوَدين: الْحَيَّة وَالْعَقْرَب. والأسودان أَيْضا: التَّمْر وَالْمَاء.
وَقَالَ أَبُو مَالك: السَّواد: المالُ. والسَّوادُ: الحَدِيث. والسَّوادُ: صُفْرَة فِي اللّون، وخُضْرة فِي الظُّفْر تُصيبُ القومَ من المَاء الملْح؛ وأَنشدَ:
فَإِن أَنْتُمو لم تَثْأَرُوا وتُسَوِّدُوا
فكونوا بَغَايا فِي الأكُفِّ عِيابها
يَعْنِي: عَيْبَة الثِّيَاب، قَالَ: تُسِّودوا: تَقْتُلوا.
وَقَالَ اللّيث: السُّودَد: مَعْرُوف. والمَسُود: الّذي سادَه غيرُه. والمسوَّد: السيّد. قَالَ: والسُّودُدُ بِضَم الدَّال الأولى: لغةُ طيّء.
قَالَ: والسُّودانية: طائرٌ من الطّير الّتي تَأْكُل العِنَب والجَراد، وبعضُهم يسمِّيها السُّوادِيّة. وسَوَّدْتُ الشيءَ: إِذا غيَّرْتَ بياضَه سَواداً. وساوَدْتُ فلَانا فسُدته: أَي: غَلَبْتُه بالسَّواد. أَو: السؤدد. وسِوِدْتُ أَنا: إِذا اسودّ وأَنشد:
سَوِدْتُ فَلم أَمْلِكْ سوَادِي وتحتَه
قميصٌ من القُوهِي بِيضٌ بَنائقُهْ
قلتُ: وأنشدِنيهِ أعرابيٌّ لعنترة يصف نَفسه بِأَنَّهُ أَبيض الْخلق، وَإِن كَانَ أَسْود الجِلد:
عَلَيَّ قميصٌ من سَوَادٍ وتحتَه
قميصُ بياضٍ لمْ تُخَيَّطْ بَنَائِقُه
وَقَالَ: أَرَادَ بقميصِ بياضٍ قلبَه، وَكَانَ عنترةُ أسوَدَ اللَّون.
ورُوِي عَن عائشةَ أنّها قَالَت: لقد رأيتُنَا وَمَا لنا طَعامٌ إِلَّا الأَسْوَدَان.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ والأحمرُ: الأَسْوَدان: الماءُ والتَّمر، وَإِنَّمَا السَّوَاد للتَّمْر دونَ الماءِ فَنَعَتَهُمَا جَمِيعًا بنعتٍ وَاحِد، والعَرَب تَفعل ذَلِك فِي الشَّيْئَيْنِ يصْطَحِبَانِ يسمَّيان مَعًا بِالِاسْمِ الأشهَر مِنْهُمَا، كَمَا قَالُوا: العُمَران لأبي بَكْرٍ وعُمَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأَسْوَدان: التّمْرُ وَالْمَاء.
قَالَ طَرَفة:
أَلا إِنَّنِي سُقِّيتُ أَسوَدَ حالِكاً
أَلا بَجَلِي من الشَّرابِ أَلا بَجَلْ
قَالَ: أَراد الماءَ.
وَقَالَ شمر: قَالَ غيرُه: أَرَادَ سُقِيتُ سُمَّ أسوَدَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العَرَب تَقول: مَا ذُقْتُ عندَه من سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وَهُوَ زَعَمُوا الماءُ نفسُه، وأَنشَد بيتَ طَرفَة أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوَيْدَاء: حَبَّةُ الشُّونِيز.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَّوَاب الشينيز، كَذَلِك تَقول الْعَرَب. وَقَالَ بَعضهم: عَنى بِهِ الْحبَّة الخضراء لِأَن الْعَرَب تسمي الْأسود أَخْضَر والأخضر أَسود، قَالَ: وَيُقَال: رَمَيْتُه فأَصَبْتُ سَوَادَ قلبِه، وَإِذا صَغَّرَوه رُدَّ إِلى سُوَيْدَاء، وَلَا يَقُولُونَ:

(13/25)


سَوْداء قلبِه، كَمَا يَقُولُونَ: حَلَّق الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاء، وَفِي كُبَيْدَاءِ السّماء.
قَالَ: والسَّواد مَا حَوالَي الكُوفة من القُرَى والرَّساتيق، وَقد يُقَال: كُورةُ كَذَا وَكَذَا وسَوادُها: أَي: مَا حَوالَيْ قَصَبَتِهَا وفُسْطَاطِهَا من قُراها ورَسَاتِيقِها.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رَمَى فلانٌ بسَهْمِه الأَسوَد وسهمِه المُدَمِّي، وَهُوَ سَهْمُه الَّذِي رَمَى بِهِ فَأصَاب الرَّمِيَّة حَتَّى اسودَّ من الدَّم، وهم يتبرَّكون بِهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
قَالَت خُلَيْدَةُ لما جِئْتُ زَائِرَها
هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْض الأسهُم السُّودِ
قَالَ بَعضهم: أرادَ بالأسهم السود هَهُنَا النُّشَّابَ، وَقيل: هِيَ سِهَام القَنَا.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الّذي صَحَّ عِنْدِي فِي هَذَا أَن الجَمُوحَ أَخَا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيَان فهُزِم أصحابُه وَفِي كِنانتِه نَبْلٌ مُعْلَم بِسَواد، فَقَالَت لَهُ امرأتُه: أَيْن النَّبْل الّذي كنتَ تَرْمِي بِهِ؟ فَقَالَ هَذَا الْبَيْت: قَالَت خُلَيْدَة.
والعَرَب تَقول: إِذا كَثُرَ البيَاض قَلَّ السّواد، يَعْنُون بالبياض اللبَن، وبالسّواد: التَّمْر، وكلُّ عامٍ يَكْثُر فِيهِ الرِّسْل يَقِلُّ فِيهِ التَّمْر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: اِسْتَادَ القومُ استياداً: إِذا قَتَلُوا سيِّدَهم أَو خَطَبوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: استادَ فلانٌ فِي بَنِي فلانٍ: إِذا تزوَّج سيِّدةً من عَقائلهم، وأَنشدَ:
أرادَ ابنُ كُوزٍ مِن سَفاهةِ رَأْيِهِ
ليَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَيالِيَا
أَي: أَرَادَ أَن يتزوَّج منّا سيّدةً لِأَن أصابتْنا سَنَة.
وقولُه جلّ وعزّ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} (آل عمرَان: 39) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: السّيّد الَّذِي يَفوق فِي الخيرِ قومَه. وَأما قولُه جلّ وعزّ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (يُوسُف: 25) ، فَمعْناه: أَلْفَيَا زَوْجَها، يُقَال: هُوَ سيِّدُها وبَعْلُها، أَي: زَوْجُها.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الخطَّاب: تفقَّهوا من قبل أَن تسوَّدوا. قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: تعلَّموا الفِقْهَ قبل أَن تزَوَّجوا فتصِيرُوا أَرْبَابَ بُيوت. قَالَ: وَيُقَال: استادَ الرّجلُ فِي بَنِي فلَان: إِذا تزَوَّج فيهم، وأنشَد بيتَ الْأَعْشَى:
فبِتُّ الْخليفةَ من بَعلِها
وسيِّدَ نُعْمٍ ومُسْتادَها
وَهُوَ سيِّدُ الْمَرْأَة: أَي زَوْجها، والعَيْر: سَيِّد عانَتِه.
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: السَّيِّدُ: الّذي فاقَ غيرَه، ذُو العَقْل والمالِ والدَّفْع والنَّفْع، الْمُعطِي مالَه فِي حُقُوقه، المُعين بِنَفسِهِ، فَذَلِك السّيّد.
وَقَالَ عِكْرِمة: السّيِّد الّذي لَا يَغْلِبُه غَضبُه. وَقَالَ قتادَة: هُوَ العابِدُ الوَرِع الحَليم.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: سُمّيَ سيِّداً لأنّه يَسودَ سوادَ النَّاس، أَي: مُعْظَمَهم.

(13/26)


ثَعْلَب عَن أبي نصرٍ عَن الأصمعيّ: العَرَب تَقول: السيّد كلُّ مَقْهُور مَغْمور بِحلْمِه.
وَقَالَ ابنُ الْأَنْبَارِي: إِن قَالَ قَائِل: كَيفَ سمّى الله يحيى سيداً وحَصُوراً، والسيِّدُ هُوَ الله، إِذْ كَانَ مَالك الْخلق أَجْمَعِينَ، وَلَا مَالك لَهُم سواهُ؟ قيل: لم يرد بالسَّيِّد هَهُنَا الْمَالِك، وَإِنَّمَا أَرَادَ الرئيس وَالْإِمَام.
قَالَ ثَعْلَب: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المسَوَّدُ: أَن تُؤْخَذ الْمُصْران فتُفْصَد فِيهَا الناقةُ ويُشَدُّ رأْسُها وتُشْوَى وتُؤكَلُ. وأَسوَد: اسمُ جَبَل. وأَسوَدَة: اسمُ جَبَل آخر. وَيُقَال: أتانِي النَّاس أَسوَدُهم وأحْمَرُهم، أَي: عَرَبُهم وعَجَمُهم. وَيُقَال: كلَّمتُه فَمَا رَدَّ عَلَيّ سوْدَاءَ وَلَا بَيْضَاء، أَي: مَا ردَّ عَلَيّ شَيْئا.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: سوَّدْتُ الإبلَ تَسْوِيداً: وَهُوَ أَن يَدُقَّ الْمِسْح البالِي من شعر فيُداوِي بِهِ أدبارَها، وَهُوَ جمعُ الدَّبَر.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السيّد: المَلِكُ. والسّيّد: الرئيسُ. والسيّد: الحليمُ. والسَّيّد: السَّخِيّ. والسيّد: الزَّوْج.
وَمن أمثالِهم: قَالَ لي الشَّرُ أَقمِمْ سوَادَك، أَي: اصبِر. وأمُّ سُوَيد: هِيَ الطَّبيجة.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا رأيتُم الاختلافَ فَعَلَيْكُم بالسَّواد الْأَعْظَم) . قيل: السَّواد الْأَعْظَم: جُملةُ النَّاس الّتي اجتمعتْ على طاعةِ السُّلْطَان، وبخَصَتْ لَهُ، برّاً كَانَ أَو فَاجِرًا، مَا أَقامَ الصّلاة.
رُوِي ذَلِك عَن أَنَس؛ قيل لَهُ: أَيْن الْجَمَاعَة؟ قَالَ: مَعَ أمرائكم.
وَفِي الحَدِيث: أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بكَبْش يَطأُ فِي سَوادٍ ويَنظُر فِي سَوَاد ويَبرُك فِي سَوَاد ليضحِّيَ بِهِ.
قولُه: (يَنظُر فِي سَوَاد) أَرَادَ أَن حَدَقَتَه سَوداء؛ لِأَن إنسانَ العينِ فِيهَا.
وَقَالَ كُثَير:
وعَن نَجلاءَ تَدمَع فِي بَيَاضٍ
إِذا دَمَعتْ وتَنْظُر فِي سَوادِ
قَوْله: (تَدمَعُ فِي بَياض) أَرَادَ أنَّ دموعَها تَسيلُ على خَدَ أبيضَ وَهِي تنظُر من حَدَقة سَوْداء.
وقولُه: (يطأُ فِي سَواد) يريدُ أنّه أَسْوَدُ القوائم، (ويَبرُك فِي سَوادٍ) يُرِيد أَن مَا يَلِي الأَرْضَ مِنْهُ إِذا بَرَك أسوَدُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: جَاءَ فلَان بفتحه سود الْبُطُون، وَجَاء بهَا حمر الكلى، مَعْنَاهُمَا مهازيل.
سأد: بِالْهَمْز: يُقَال: أَسْأَدَ الرجل السُّرَى: إِذا أَدْأَبها. قَالَ لبيد:
يُسْئِد السَّيرَ عَلَيْهَا رَاكب
رَابِطُ الجَأْشِ على كلِّ وَجَلْ
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: المِسْأَدُ من الزِّقاق: أصغَرُ من الحَمِيت.
وَقَالَ شمِر: الّذي سمعناه المُسْأَبُ

(13/27)


بِالْبَاء للزِّق الْعَظِيم؛ وَمِنْه يُقَال: سئِبْتُ من الشَّرَاب أَسْأَبُ، وَيُقَال للزِّق السَّائِب أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّأد بِالْهَمْز: انتقاضُ الجُرْح، يُقَال: سَئِد جُرْحُه يَسْأَد سَأَداً فَهُوَ سَئِيد.
وأَنشَد:
فبِتُّ مِن ذاكَ ساهِراً أَرِقاً
أَلْقَى لقَاء اللاّقِي مِن السَّأَدِ
وَقَالَ غيرُه: (بعيرٌ بِهِ سُؤاد: وَهُوَ داءٌ يَأْخُذ الناسَ، والإبلَ والغَنَم على المَاء الملْح، وَقد سُئِد فَهُوَ مَسْؤُود.
وسد: حدّثنا الحُسينُ عَن سُوَيد عَن ابْن الْمُبَارك عَن يونسَ عَن الزُّهري قَالَ: أخبَرَني السَّائِب بنُ يزيدَ: أنّ شُرَيح بن الحَضْرَمي ذُكِرَ عِنْد رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (ذَاك رجلٌ لَا يتوَسّد الْقُرْآن) .
قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ، لقَوْله: (لَا يتوسَّد الْقُرْآن) وَجْهَان: أحدُهما: مَدْح، والآخَرُ: ذَمّ؛ فَالَّذِي هُوَ مَدْح أنّه لَا يَنام عَن الْقُرْآن، وَلَكِن يتهجّد بِهِ، والّذي هُوَ ذمّ أَنه لَا يقْرَأ الْقُرْآن وَلَا يَحفَظه، فَإِذا نامَ لم يكن مَعَه من الْقُرْآن شَيْء، فَإِن كَانَ حَمِدَه فَالْمَعْنى هُوَ الأوّل، وَإِن كَانَ ذمَّه فالمعنَى هُوَ الآخَر.
قلت أَنا: وَالْأَقْرَب أنّه أَثنَى عَلَيْهِ وحَمِدَه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَسَّدَ فلانٌ فلَانا إسَادةً، وتَوَسَّدَ وِسَادَةً: إِذا وضَعَ رأسَه عَلَيْهَا، وجمعُ الوِسادة وَسائِد. والوِساد: كلُّ مَا يُوضَع تَحت الرّأس وَإِن كَانَ من تُرَاب أَو حِجارة.
وَقَالَ عبدُ بنِي الحَسْحاس:
فبِتْنَا وِسادَانَا إِلى عَلَجَانَةٍ
وحِقْفٍ تَهادَاهُ الرِّياحُ تهَادِيَا
وَيُقَال للوِسادة: إِسادة، كَمَا يُقَال وِشاح وإشاح.
سدا: قَالَ اللّيث: السَّدْوُ: مَدُّ اليَدِ نحوَ الشَّيْء كَمَا تَسْدُو الإبلُ فِي سَيْرها بأيدِيها، وكما يَسْدو الصِّبيانُ إِذا لَعِبوا بالجَوْز فرَموْا بهَا فِي الحُفْرة. والزَّد لُغَة صِبْيانِيّة، كَمَا قَالُوا للأَسْد أَزْد، وللسَّرَّاد زَرَّاد. قَالَ: وَيُقَال: فلَان يسدُو سَدْو كَذَا وَكَذَا، أَي: يَنحُو نحوَه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السَّدْوُ: رُكوبُ الرَّأْس فِي السَّير، وَمِنْه زَدْوُ الصِّبيانِ بالجَوْز.
وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَنهُ:
مائِرَةُ الرِّجْلِ سَدُوٌّ باليَدِ
قَالَ: وَيُقَال سَدِي الثَّوبَ يَسْدِيه، وسَتَاه يَسْتِيه.
وأَنشدَ أَيْضا:
عَلى عَلاةٍ لأمةِ الفُطوِرِ
تُصبِح بعد العرَق المَعْصورِ
كَدراءَ مِثل كُدْرة اليَعْفورِ
يَقُول قُطراها القُطرِ سِيري

(13/28)


ويَدُها للرِّجْل مِنْهَا مُورِي
بِهَذِهِ اسْتِي وبهذي نِيرِي
وَقَالَ غيرُه: العربُ تسمِّي أَيديَ الإبلِ السوادِيَ لسَدْوِها بهَا، ثمَّ صَار ذَلِك اسْما لَهَا. وَقَالَ ذُو الرمة:
كأنّا على حُقْبٍ خِفَافٍ إِذا خَدَتْ
سَواديهِمَا بالوَاخِداتِ الرّواحِلِ
أَرَادَ: إِذا أَخذَتْ أيدِيهما وأرجلُهما. وَيُقَال: مَا أنتَ بلُحْمَة وَلَا سَدَاة. وَيُقَال: وَلَا سَتَاة، يُضرَب لمنْ لَا يَضُرّ وَلَا يَنفَع. وأَنشَد شمر:
فَمَا تَأْتوا يَكُن حَسَناً جَميلاً
وَمَا تَسْدُو لِمكْرُمةٍ تُنِيرُوا
يَقُول: إِذا فعلتمْ أَمْراً أَبرَمْتموه.
الْأَصْمَعِي: الأُسْدِيّ والأُسْتيّ: سَدَى الثّوب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: استَيْتُ الثوبَ بستاه وأَسْدَيتُه. وَقَالَ الحطيئة:
مُسْتهلك الورْد كالأُسْدِيّ قد جَعَلتْ
أَيدي المَطِيَّ بِهِ عاديَّةً رُكُبَا
يصف طَرِيقا يُورَد فِيهِ الماءُ.
وَقَالَ الآخَر:
إِذا أَنَا أَسْدَيْتُ السَّداةَ فَألْحَما
ونِيرَ فإنّي سَوفَ أَكفِيكُما الدَّمَا
وَقَالَ الشّماخ:
على أنّ للمَيْلاء أَطْلالَ دِمْنَةٍ
بأَسْقُفَ تُسديها الصَّبا وتُنيرُها
عَمرو عَن أَبِيه: السّادي والزادي: الحَسَنُ السيرِ من الْإِبِل وأَنشَد:
يَتْبَعْن سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبدَّحُ
أَي: تَمُدّ ضَبْعَيها.
قَالَ: والسادي: السادِسُ فِي بعض اللّغات، قَالَه ابْن السّكيت.
اللَّيْث: سَدِيَتْ لَيلتُنا: إِذا كَثُر نَداها، وأَنشَد:
يَمْسُدها القَفْر ولَيْلٌ سَدِي
قَالَ: والسَدَى: هُوَ النَّدَى الْقَائِم، قَالَ: وقلَّما يُقَال: يومٌ سَدٍ إِنَّمَا يُوصَف بِهِ اللّيلُ. قَالَ: والسَّدَى الْمَعْرُوف أَيْضا، يُقَال: أَسْدَى يُسدِي، وسَدَّى يُسَدِّي.
قَالَ: والسَّدَى خِلافُ لُحمة الثّوب، الْوَاحِدَة سَدة، وَإِذا نَسَج إنسانٌ كلَاما أَو أمْراً بَين قومٍ قيل: سَدَّى بَينهم. والحائك يُسَدِّي الثَّوبَ ويَتسَدَّى لنفسِه، وأمّا التّسْدِية فَهِيَ لَهُ وَلغيره، وَكَذَلِكَ مَا أَشبَه هَذا، وَقَالَ رُؤبَة:
كفَلْكةِ الطاوِي أَدار الشّهْرَقَا
أَرسَلَ غَزْلاً وتَسَدَّى خَشتَقَا
يَصِف السَّراب.
عَمْرو عَن أَبيه: أَزْدَى إِذا اصطنَعَ مَعْرُوفا، وأَسْدَى إِذا أَصلَح بَين اثْنَيْنِ، وأَسْدَى إِذا مَاتَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّدَى والسَّتَا: البَلَح.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا وَقَع البلحُ

(13/29)


وَقد استرختْ تَفارِيقُه ونَدِيَ قيل: بَلَحٌ سَد، مِثل عَمٍ، والواحدة سَدِية، وَقد أَسْدَى النخلُ. والتُّفْروق: قِمَع البُسْرة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السادي الَّذِي يبيت حَيْثُ أَمْسَى؛ وَأنْشد:
بَات على الخَلِّ وَمَا باتت سُهدَى
وَقَالَ:
ويأمن سادِينا وَينساح سَرحُنا
إِذا أزَل السادي وهَيت المطلَعْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ السَّدَى والواحدةُ سَداة.
وَقَالَ شمِر: هُوَ السدَى والسداء ممدودٌ البَلَح بلُغة أهل الْمَدِينَة.
وَأنْشد الْمَازِني لرؤبة:
نَاجٍ يُعنَيهن بالإبعاط
والماءُ نَضَّاح من الآباط
إِذا استدَى نَوّهن بالسّياط
قَالَ: الإبعاط والإفراط وَاحِد. إِذا استدى: إِذا عرق، وَهُوَ من السدَى وَهُوَ الندَى. نَوهن: كأنهن يدعونَ بِهِ ليضربن. وَالْمعْنَى: أَنَّهُنَّ يكلّفْن من أصحابهن ذَلِك، لِأَن هَذَا الْفرس يسبقهن فَيضْرب أَصْحَاب الْخَيل خيلهم لتلحقه.
وَقَول الله تَعَالَى: {فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ} (الْقِيَامَة: 36) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَن يُترَك غيرَ مَأْمُور وَلَا مَنهي.
قلتُ: السُّدَى: المُهمَل.
ورَوى أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَسدَيْت إِبِلي إسداءً: إِذا أهمَلْتَها، وَالِاسْم السُّدَى. وَيُقَال: تَسدَّى فلانٌ الأمرَ: إِذا عَلاه وقَهَره. وتَسدّى فلانٌ فلَانا: أَخَذَه من فَوْقه، وتَسدَّى الرجلُ جاريتَه: إِذا عَلاها، وَقَالَ ابْن مُقبِل:
أَنَّى تَسَدَّيْتِ وَهنا ذَلِك البِينَا
يصفُ جَارِيَة طرقَه خيالُها من بُعْد، فَقَالَ لَهَا: كَيفَ عَلَوْت بعد وَهْن من اللَّيل ذَلِك الْبَلَد.
وَفِي الحَدِيث: أَنه كتب ليهود تيْماء أَن لَهُم الذّمة، وَعَلَيْهِم الْجِزْيَة بِلَا عَداءٍ، النهارُ فقرمَدَى، وَاللَّيْل سُدَى. والسُّدَى: التّخليةُ. والمدّى: الْغَايَة أَرَادَ أَن لَهُم ذَلِك أبدا مَا كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار.
دسا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَسا فلانٌ يَدْسوه دسوةً، وَهُوَ نقيضُ زَكَا يَزكو زَكَاة، وَهو داسٍ لَا زَاكٍ، ودَسَى نَفسه. قَالَ: ودَسِيَ يَدْسَى لُغَة، ويَدْسو أَصوب.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: دسا: إِذا استَخفَى.
قلت: وَهَذَا يَقرُب ممّا قَالَه اللَّيْث، وأحسَبُهما ذهبَا إِلَى قَلْب حرف التَّضْعِيف يَاءً، واعتَبَر اللَّيْث مَا قَالَ فِي دَسَا من قَول الله جلّ وعزّ: {للهوَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن} (الشَّمْس: 9، 10) . وَقد بيّنتُ فِي مُضاعف السّين أَن دَسّاها فِي الأَصْل دَسّسَها، وَأَن السِّيناتِ توالت فقُلبَتْ إحداهُن يَاء، وَأما دَسَا غير

(13/30)


مُحوّل عَن المضعَّف من بَاب الدَّسِّ فَلَا أعرفهُ وَلم أَسمَعْه، وَهُوَ مَعَ ذَلِك غيرُ بعيد من الصَّوَاب.
وَالْمعْنَى: خَابَ من دسّ نَفسه، أَي أخملها وخسَّسَ حظّها. وَقيل: خابت نفس دسّاها الله. وكلّ شَيْء أخفيته وقلّلته فقد دسسته.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
نزورُ امْرأ أمّا الْإِلَه فيتَّقي
وَأما بِفعل الصَّالِحين فيأتمِي
قَالَ: أَرَادَ فيأتمّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دسّ فلَان نَفسه: إِذا أخفاها وأحملها لؤماً، مَخَافَة أَن يُتنبّه لَهُ فيُستَضافَ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لرجل من طيّ:
وَأَنت الَّذِي دسّيتَ عمرا فَأَصْبَحت
نساؤهُم منهُم أراملَ ضُيّعا
قَالَ: دسّيْت: أغويت وأفسدت.
دوس: قَالَ اللَّيْث: دَوْسٌ: قبيلةٌ.
قلتُ: مِنْهَا أَبُو هريرةَ الدَّوْسِيّ.
والدَّوْس: الدِّياس، والبقرُ الَّتِي تَدُوسُ الكُدْسَ هِيَ الدَّوائس.
يُقَال: قد ألقَوا الدّوائِسَ فِي بَيْدَرِهم. والمِدْوَسُ: الدي يُداسُ بِهِ الكُدْسُ يُجَرّ عَلَيْهِ جَرّاً.
والمِدْوَسُ أَيْضا: خَشبةٌ يُشَد عَلَيْهَا مِسَنٌ يَدُوسُ بهَا الصَّيْقَلُ السيفَ حَتَّى يَجلُوَه، وجمعُه مَداوِس، وَمِنْه قولُ أبي ذُؤيب:
وكأنما هُوَ مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
فِي الكَفِّ إلاّ أنّه هُوَ أَضْلَعُ
والدَّوْسُ: شِدّة وَطْئه الشّيءَ بالأقدام وقوائِم الدّوابّ، حَتَّى يتفتّت كَمَا يتفتّتُ قَصَب السنابل فيَصير تِبْناً، وَمن هَذَا يُقَال: طَرِيق مَدُوسٌ. والخَيْلُ تَدْوسُ القَتْلى بحوافِرِها: إِذا وطئَتْهم. وَأنْشد:
فداسُوهُم دَوْس الحَصِيدِ فأُهْمِدُوا
وَقَالَ أَبُو زيد: فلانٌ دِيس من الدِّيسَة: أَي: شجاعٌ شَدِيد يَدُوس كلَّ مَنْ نازَلَه، وأصلُه دِوْس على فِعْل، فقُلِبت الواوُ يَاء لكسرةِ مَا قَبلَها، كَمَا قَالُوا: ريحٌ وأصلُه رِوْح.
وَيُقَال: نزَلَ العدوُّ بِبنِي فلانٍ فِي خَيْله فَحاسَهم وجَاسَهم وداسَهم: إِذا قَتَلهم وتخَلَّل دِيَارَهم وعاثَ فيهم. وداس الرجلُ جاريتَه دَوْساً: إِذا عَلاَها وبالغَ فِي جِماعها، ودِياس الكُدْس ودِرَاسُه وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم قد أَخذنَا بالدَّوس.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الدوس تسويةُ الحديقة وتزيينها؛ مَأْخُوذ من دياس السَّيْف، وَهُوَ صقله وجِلاؤه، وَأنْشد:
صافي الحديدة قد أضرّ بصَقْله
طولُ الدِّياس وبطنُ طيرٍ جائعُ

(13/31)


وَيُقَال للحجر الَّذِي يُجلَى بِهِ السَّيْف مِدْوَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدّوْس: الذلّ، والدوس: الصَّقلة الواحِد: دايس.
ودس: قَالَ اللَّيْث: الوادِس من النَّبات: مَا قد غَطَّى وَجْهَ الأَرْض ولمَّا يتَشعّب شُعَبُه بعد، إلاّ أنّه فِي ذَلِك كثير ملتفّ، وَقد أودسَتِ الأرضُ، وَمَكَان مُودِس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أودَسَتِ الأرضُ وألْدَسَتْ: إِذا كثُرَ نَباتُها.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّوديس: رَعْيُ الوَادِس من النّبات.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: تَوَدَّسَتِ الأرضُ وأَوْدَسَتْ، وَمَا أحسنَ وَدَسَها: إِذا خَرجَ نَباتُها.
ابْن السكّيت: مَا أَدرِي أَيْن وَدَس من بِلَاد الله: أَي: أَيْن ذَهَب.
أَسد: قَالَ اللَّيْث: الأسَدُ مَعْرُوف، وَجمعه أُسْد وأَسَاوِد. والمَأْسَدة لَهُ مَعْنيانِ. يُقَال لموْضِع الأَسَد مأْسَدة، وَيُقَال للأَسَد مَأْسَدة، كَمَا يُقَال، مَسْيَفة للسُّيوف، ومَجَنَّة للجِنّ، ومَضَبّة للضِّباب، وَيُقَال: آسَدْتُ بَين الْقَوْم. وآسدت بَين الكِلاب: إِذا هارَشْت بينَها.
وَقَالَ رؤبة:
ترمِي بِنَا خِندف يَوْم الإيساد
وآسَدْتُ بَين النَّاس. والمؤسِدُ: الكَلاّب الَّذِي يُشلِي كلبَه، يَدْعُوه ويُغرِيه بالصَّيْد.
أَبُو عُبَيد: آسدْتُ الكلبَ إيسَاداً: إِذا هَيّجتَه وأغرَيْتَه وأشْلَيْته: دَعَوْتَه. وأَسِدَ الرجُل يأسَد أَسَداً: إِذا تحَيَّر؛ كَأَنَّهُ لَقِيَ الأسَد.
قَالَ اللَّيْث: واسْتأسَدَ فلانٌ، أَي: صارَ فِي جُرْأته كالأسَد.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا بلغ النَّباتُ والتفّ قيل: قد استَأْسَد، وَأنْشد قولَ أبي النّجم:
مُسْتَأْسِدٌ ذِبَّانُه فِي غَيْطَلٍ
يَقُول الرائد أَعشَبْتَ انزِلِ
وَيجمع الأسدُ آساداً وأُسْد. والمأسدة لَهُ موضعان، يُقَال لموْضِع الْأسد: مأسدة. وَيُقَال لجمع الْأسد: مأسدة أَيْضا. كَمَا يُقَال: مشيخة لجمع الشَّيْخ، ومسْيفةٌ للسيوف، ومَجنَّة للجن، ومضبّة للضباب.

(بَاب السِّين وَالتَّاء)
س ت (وَا يء)
ستي سأت توس تَيْس: (مستعملة) .
توس: ابْن السكّيت عَن الأصمعيّ يُقَال: الكَرَم من توسِه وسُوسِه: إِذا طُبِع عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ الخَليقة. قَالَ: وَهُوَ الأَصْل أَيْضا، وَأنْشد:
إِذا المُلِمّاتُ اعتَصَرْن التُّوسَا
أَي: أخرجن طبائعَ النَّاس.
(تَيْس) : وَقَالَ اللَّيْث: التّيْس: الذّكَر من المِعْزَى. وعَنْزٌ تَيْساء: إِذا كَانَ قَرْناها

(13/32)


طويلَيْن كقَرْن التّيْس، وَهِي بَيِّنَة التّيَس.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا أَتَى على وَلَد المِعْزَى سنةٌ فالذكَر تَيْس، وَالْأُنْثَى عَنْز.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: التّيْساء من المِعْزَى: الَّتِي يُشبِه قَرْناها قَرْنَيِ الأوعال الجَبَلية فِي طولهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: من أمثالهم: (أَحْمَقى وتِيسى) يُضرَب للرّجل إِذا تَكلّم بحُمْق، ورُبّما لَا يَسبُّه سَبّاً.
وَمن أمثالهم فِي الرجل الذَّليل يتَعزَّز: كَانَت عَنْزاً فاسْتَتْيَسَتْ. وَيُقَال: بُوساً لَهُ وتُوساً وجُوساً.
قَالَه ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ القتيبي: فِي حَدِيث أبي أَيُّوب أَنه ذكر القَوْل وَقَالَ: قل لَهَا تِيسِي جَعَارِ. قَالَ وَقَوله: تيسي، كلمة تقال فِي معنى الْإِبْطَال للشَّيْء والتكذيب؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا كذبت يَا جَارِيَة. قَالَ: والعامة تغير هَذَا اللَّفْظ، تبدل من التَّاء طاء، وَمن السِّين زاياً، لتقارب مَا بَين هَذِه الْحُرُوف من المخارج قَالَ: وَجعار: معدولة عَن جاعرة؛ كَقَوْلِهِم: قطام ورقاش على فَعَال، وَقَالَ ابْن السّكيت: تَشْتُم الْمَرْأَة فَيُقَال لَهَا: قومِي جَعار، وتشبّه بالضبع. وَيُقَال للضبع تَيْس جعار. وَيُقَال: اذهبي لكاع، وذفار وبطار. وتِياس: مَوضِع بالباديةَ، كَانَ بِهِ حَرْب حِين قطعت رجل الْحَارِث بن كَعْب، فسمّيَ الْأَعْرَج.
وَفِي بعض الشّعْر:
وقتلَى تِياسٍ عَن صَلَاح تعرّبُ
ستي: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: سَدَى البَعيرُ وسَتَى: إِذا أَسرَعَ وأَنشد:
بهذِه اسْتِي وبهذِي نِيرِي
ابْن شُمَيل: أسْتَى وأَسْدَى ضِدُّ أَلْحَم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأسْتِيُّ: الثَّوْبُ المُسَدَّى.
وَقَالَ غَيره: الإسْتِيّ: الّذِي يُسَمّيه النسَّاجون السَّتَى، وَهُوَ الَّذِي يُرفَع ثمَّ تُدخَل الخُيُوط بَين الخيوط؛ فَذَلِك الأستِيّ والنِّيرُ، وَهُوَ قَول الحطيئة:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْد كالأستِيُّ قد جَعَلَتْ
وَهَذَا مثل قَول الرّاعي:
كأنّه مُسْحُلٌ بالنِّيرِ مَنْشورُ
وَقد مضى تَفْسِير الإست فِي كتاب الْهَاء وبينت فِيهِ عِلَلها.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: وساتَاه: إِذا لَعِب مَعَه الشفلقة، وتَاسَاه: إِذا آذاه واستخَفَّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقَال مالَك استٌ مَعَ استِك: إِذا لم يكن لَهُ ثَروةٌ من مَال، وَلَا عَدَدٌ مِن رجال، يُقَال: فاسْتُه لَا تُفارِقه وَلَيْسَ لَهُ مَعهَا أُخْرَى من رجال وَلَا مَال.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اسْتُ الدّهر: أَوّلُ الدّهر وأَنشَد.
مَا زَالَ مُذْ كانَ على استِ الدّهرِ
وَبَاقِي الْبَاب فِي الْهَاء.

(13/33)


سأت: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا خَنَق الرجُل الرجلَ حَتَّى يَقتلَه قيل: سَأَتَه وَسَأَبَه يَسْأَتُه وَيَسْأَبُه؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ الفرّاء: السّأَتانِ: جانِبَا الحُلْقوم حَيْثُ يَقَع فِيهَا إصبَع الخَنّاق، وَالْوَاحد سَأَت بِفَتْح الْهمزَة.
س ظ س ذ س ث
أهملت وجوهها.

(بَاب السِّين وَالرَّاء)
س ر (وَا يء)
سير، سري، سأر، (سور) ، رسا، (روس ريس) ، (رَأس) ، ورس، أرس، أسر، يسر.
(سير) : أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سارَ البعيرُ وسِرتُه، وَقَالَ خَالِد:
فَلَا تَغضَبَنْ مِنْ سُنّةٍ أَنْت سِرْتَها
وأوّلُ راضٍ سُنّةً مَن يَسيرُهَا
وَقَالَ ابْن بُزرج: سِرْتُ الدَّابة: إِذا ركبتَها، فَإِذا أردتَ بهَا المرعَى قلتَ: أَسَرْتُها إِلَى الْكلأ. وأسارَ القومُ أهلَهم ومواشِيَهم إِلَى الْكلأ وَهُوَ أَن يُرسِلوا فِيهَا الرُّعْيانَ ويُقيمُوا هُمْ. والدَّابة مسيَّرةٌ إِذا كَانَ الرجلُ راكبَها وَالرجل سائرٌ لَهَا، والماشِيةُ مُسارَةٌ، والقومُ مُسَيَّرون. والسيرُ عِنْدهم بالنَّهار وَاللَّيْل، وَأما السُّرَى فَلَا يكون إلاّ لَيْلًا.
والسَّيْر: مَا قُدَّ من الأَدِيم طُولاً، وجمعُه سُيُور وسُيورَة. وبُرْدٌ مُسَيَّر: إِذا كَانَ مخطَّطاً.
وَيُقَال: هَذَا مَثَل ساير، وَقد سَيَّر فلانٌ أَمثالاً سائِرةً فِي النّاس. وسَيَّارٌ: اسمُ رجل؛ وقولُ الشَّاعِر:
وسائلةٍ بثعلبةَ بن سَيْرٍ
وَقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ
أَرَادَ ثعلبةَ بن سَيّار، فَجعله سَيْر للضَّرُورَة.
وَيُقَال: سَار القومُ يَسِيرُونَ سَيراً ومَسِيراً: إِذا امْتَدَّ بهم السَّيْرُ فِي جهةٍ توجّهوا إِلَيْهَا.
وَأما قولُه:
وسائرُ النَّاس هَمَجٌ
فإِن أهل اللُّغَة اتَّفقُوا على أَن معنى سَائِر فِي أَمْثَال هَذَا الْموضع بِمَعْنى الْبَاقِي.
سأر (سور) : يُقَال: أسأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَةً: إِذا أبقيْتَها وأفضلتها، والسائر الْبَاقِي؛ وَكَأَنَّهُ من سَئر يَسْأَر فَهُوَ سَائِر، أَي: فَضَلَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال: سَأَر وأسْأَر: إِذا أفضل، فَهُوَ سَائِر، جَعَلَ سأر وأسأر واقعين، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ سَائِر فَلَا أَدْرِي أَرَادَ بالسائر المُسَيِّر أَو الباقيَ الفاضلَ، وَمن هَمَزَ السؤرة من سُؤر الْقُرْآن جعلهَا بِمَعْنى بقيّةٍ من الْقُرْآن وقطعةٍ؛ وَأكْثر القُرّاء على ترك الْهَمْز فِيهَا، ويُروَى بيتُ الأخطل على وَجْهَيْن:

(13/34)


وشارِبٍ مربِحٍ بالكاسِ نادَمَني
لَا بالحصُورِ وَلَا فِيهَا بسَآرِ
بِوَزْن سَعّار بِالْهَمْز، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَا يُسْئِرُ فِي الْإِنَاء سُؤراً وَلكنه يشتَفّه كُله. ورُوِيَ وَلَا فِيهَا بسَوَّارِ أَي بمُعَرْبد، من سَار يَسُور إِذا وثب المُعَرْبِدُ عَلَى من يُشَارِبه. وجائزٌ أَن يكون سأر من سَأَرَتْ، وَهُوَ الْوَجْه وَجَائِز أَن يكون من أسأَرْتُ كَأَنَّهُ ردّهُ إِلَى الثلاثي، كَمَا قَالُوا ورَّادٌ من أَدْرَكْتُ، وَجبّار من أجْبَرْتُ.
وَقَالَ ذُو الرّمة:
صَدَرْنَ بِمَا أَسَأَرْتُ من ماءِ مُقْفِرٍ
صَرًى لَيْسَ من أعطانِه غير حائلِ
يَعْنِي قطاً وَردت بَقِيَّة مَاء أسأره ذُو الرمّة فِي حَوْض سقَى فِيهِ رَاحِلَته فَشَرِبت مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أسأر فلانٌ من طعامِه وَشَرَابه سُؤراً: وَذَلِكَ إِذا أبقى مِنْهُ بقيّة.
قَالَ: وَبَقِيَّة كلِّ شَيْء سُورَة.
وَيُقَال للْمَرْأَة الَّتِي قد خَلّفت عُنْفُوَان شبَابها وفيهَا بَقِيَّة: إِن فِيهَا لسُؤْرة، وَمِنْه قَول حُمَيد بن نورٍ يصف امْرَأَة:
إزاءَ مَعاشٍ مَا يُحلُّ إزَارهَا
من الكَيْسِ فِيهَا سُؤْرة وَهِي قاعِدُ
أَرَادَ بقوله: (فَهِيَ قَاعد) قُعودها عَن الْحيض لِأَنَّهَا أسنّتْ.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: والسؤرةُ من المَال: خِيَاره، وَجمعه سُؤَر. وَالسورَة من الْقُرْآن يجوز أَن تكون من سؤرة المَال تُرك همزه لما كثر فِي الْكَلَام.
قَالَ أَبُو بكر: قد جلس على المَسْورة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: إِنَّمَا سمّيت المسورة مِسورة لعلوِّها وارتفاعها؛ من قَول الْعَرَب: سَار الرجل يَسُور سوراً: إِذا ارْتَفع وَأنْشد:
سِرت إِلَيْهِ فِيهِ أعالي السُّور
أَرَادَ: ارْتَفَعت إِلَيْهِ.
أَبُو عُبَيْد: السِّيراء: بُرُود يُخَالطها حَرِير.
سَلمَة عَن الفرّاء: السِّيراء: ضربٌ من البرُود. والسيراء: الذَّهَب الصافي أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: المِسْورة: مُتَّكَأٌ من أَدَم وجمعُهَا الْمسَاوِر.
قَالَ: والسَّوْرة تنَاول الشَّرَاب للرّأس؛ وَقد سَار سوْراً.
وَقَالَ غَيره: سَوْرَة الْخمر: حُمَيَّا دبيبها فِي شاربها.
وَقَالَ اللَّيْث: ساوَر فلَان فلَانا يساوره: إِذا تناولَ رَأسه وفلانٌ ذُو سوْرة فِي الحَرْب: أَي: ذُو بَطش شَدِيد.
وَقَالَ السّوَّارُ من الْكلاب: الَّذِي يَأْخُذ بِالرَّأْسِ، والسوار من الْقَوْم الَّذِي يسور الشَّراب فِي رَأسه سَرِيعا. والسَّوّار من الشَّرب: الَّذِي يَسُور الشَّرَاب فِي رَأسه سَرِيعا.
وَقَالَ غَيره: السَّوّار: الَّذِي يواثبُ نديمه إِذا شَرِبَ. والسورةُ: الوثْبة، وَقد سُرْتُ إِلَيْهِ، أَي: وثَبْتُ. وسُرْتُ الحائطَ سوْراً،

(13/35)


وتسوّرته: إِذا عَلَوْتَهُ.
وَأما السُّورة من الْقُرْآن فَإِن أَبَا عُبَيدة زعم أَنه مُشْتَقّ من سُورَة البِناء.
قَالَ: والسُّورة: عِرْقٌ من أعراق الْحَائِط وَيجمع سُوَراً، وَكَذَلِكَ الصُّورة تُجْمَعُ صوراً، وَاحْتج أَبُو عُبَيدة بقول العجاج:
سُرْتُ إِلَيْهِ فِي أعالي السُّورِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه ردّ على أبي عُبَيْدَة قَوْله وَقَالَ: إِنَّمَا تُجمع فُعلة عَلَى فعل بِسُكُون الْعين إِذا سبق الْجمع الْوَاحِد، مثل صُوفة وصُوف. وَسورَة الْبناء وسورٌ، فالسُّور جمع سبق وُحدانه فِي هَذَا الْموضع جَمعُهُ قَالَ الله تَعَالَى: {نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ} (الْحَدِيد: 13) .
قَالَ: والسُّور عِنْد الْعَرَب: حائطٌ الْمَدِينَة وَهُوَ أَشرف الْحِيطَان، وشبّه الله جلّ وعزّ الحائطَ الَّذِي حَجَز بَين أهل النَّار وأهلِ الْجنَّة بأشرف حَائِط عَرَفْناه فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ اسمٌ واحدٌ لشَيْء وَاحِد، إِلَّا أَنا إِذا أردنَا أَن نعرِف الْفرق مِنْهُ قُلْنَا سُور. كَمَا تَقول التَّمر وَهُوَ اسمٌ جامعٌ للْجِنْس، فَإِذا أردنَا أَن نَعْرِف الْوَاحِدَة من التّمر قُلنا تَمْرَة، وكل منزلَة رفيعة فَهِيَ سُورَة، مأخوذةٌ من سُورَة البِناء، وَقَالَ النَّابِغَة:
ألمْ ترَ أَن الله أعْطاكَ سُورةً
تَرَى كلَّ مَلكٍ دونَها يتذَبْذَبُ
مَعْنَاهُ: أَعْطَاك رِفعة ومنزلة، وَجَمعهَا سُور أَي رِفَعٌ.
فأمّا سُورَة الْقُرْآن فَإِن الله جلّ وعزّ جمعَها سُوراً؛ مثل غُرْفة وغرف، ورُتْبة ورُتَب، وزُلْفة وزُلَف، فدلَّ على أَنه لم يَجْعَلهَا من سُور البِناء، لِأَنَّهَا لَو كَانَت من سُورِ الْبناء لقَالَ: فأْتوا بعشْرِ سُورٍ، وَلم يَقل {بِعَشْرِ سُوَرٍ} (هود: 13) والقُرَّاء مجمعون عَلَى سُوَرٍ، وَكَذَلِكَ اجْتَمعُوا على قِرَاءَة سُورٍ فِي قَوْلهم: {نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم} (الْحَدِيد: 13) ، وَلم يقْرَأ بسورٍ فدلَّ ذَلِك عَلَى تميُّز سُورَة من سور الْقُرْآن عَن سُورة من سُوَرِ الْبناء، وكأَن أَبَا عُبيدة أَرَادَ أَن يؤيِّدَ قَوْله فِي الصُّور أَنه جمع صُورة، فأخطأَ فِي الصُّور والسُّورِ، وحَرَّف كَلَام الْعَرَب عَن صيغتِه، وَأدْخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ خِذْلاناً من الله لتكذيبه بِأَن الصُّور قَرْن خلقه الله للنَّفخ فِيهِ حَتَّى يُميت الْخلق أَجْمَعِينَ بالنّفخة الأولى، ثمَّ يُحييهم بالنفخة الثَّانِيَة، وَالله حسيبُه.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والسُّورة من سُوَر الْقُرْآن عندنَا: قِطعةٌ من الْقُرْآن سَبَق وُحْدانُها جَمْعَهَا كَمَا أنّ الغُرْفة سَابق للغُرَف. وأنزلَ الله جلّ وعزّ القرآنَ على نبيّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا بعد شَيْء، وجعَلَه مفصَّلاً، وبيَّن كلَّ سُورة مِنْهَا بخاتِمتِها وبادِئتِها، وميّزها من الّتي تَلِيهَا.
قلتُ: وَكَأن أَبَا الهَيْثم جَعَل السُّورة من سُور الْقُرْآن من أَسْأَرْتُ سُؤْراً: أَي أَفضَلْتُ فَضْلاً؛ إلاّ أَنَّهَا لمّا كَثُرتْ فِي

(13/36)


الْكَلَام وَفِي كتاب الله تُرك فِيهَا الْهَمْز كَمَا تُرِك فِي المَلَك وأَصلُه مَلأَك، وَفِي النّبيّ وأصلُه الْهَمْز. وَكَانَ أَبُو الهَيْثم طوّل الْكَلَام فيهمَا ردّ على أبي عُبَيْدَة، فاختصرتُ مِنْهُ مجامِعَ مقاصِدِه، وربّما غيّرتُ بعضَ أَلْفَاظه وَالْمعْنَى مَعْنَاهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: سُورَة كل شَيْء: حدّه. وَسورَة الْمجد علامته وأثره وارتفاعه. حَدثنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا سعيد بن مينا قَالَ: حَدثنَا جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: (قومُوا لقد صنع جَابر سوراً) ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَإِنَّمَا يُرَاد من هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكلّم بِالْفَارِسِيَّةِ (صنع سوراً) أَي: طَعَاما دَعَا النَّاس إِلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: السُّورة: الرِّفْعة: وَبهَا سُمِّيتْ السُّورة من الْقُرْآن أَي: رِفْعة وخَيْر، فَوافَق قولُه قولَ أبي عُبَيْدَة.
قلتُ: والبَصْريّون جَمَعوا السُّورة والصُّورة وَمَا أشبهَهَا على صُوَر وصُوْر، وسُوَر وسُوْر، وَلم يميّزوا بَين مَا سبقَ وُحْدانَه الجمعُ وَسبق الجمعَ الوُحْدانُ، والّذي حَكَاهُ أَبُو الْهَيْثَم هُوَ قولُ الكوفيّين، وَهُوَ يَقُول بِهِ إِن شَاءَ الله.
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} (الْكَهْف: 31) ، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع آخَر: {وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاوِرَ مِن} (الْإِنْسَان: 21) ، وَقَالَ أَيْضا: {يُبِينُ فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} (الزخرف: 53) ، فَإِن أَبَا إِسْحَاق النحويَّ قَالَ: الأَساوِرَ جمعُ أَسْوِرَة، قَالَ: وأَسْوِرَة جمعُ سِوار، والأَسْوار: من أَساوِرَة الفُرْس، وَهُوَ الحاذِقُ بالرَّمْي يُجمَع على أَساوِرَ أَيْضا؛ وَأنْشد:
ووَتَّر الأَساوِرُ القِياسَا
صُغْدِيّةٌ تنتزع الأَنْفاسَا
والقُلْبُ من الفضّة يسمَّى سُواراً، وَإِن كَانَ من الذّهب فَهُوَ أَيْضا سِوار، وَكِلَاهُمَا لِباسٌ لأهل الجنّة أحَلَّنا الله تَعَالَى فِيها برَحمتهِ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ سِوار الْمَرْأَة وسُوارها: ورجلٌ أسوار من أساورة فَارس، وَهُوَ الْفَارِس من فرسانهم الْمقَاتل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للرجل سُرْسُرْ: إِذا أَمَرْتَه بمعَالي الْأُمُور.
قَالَ: والسُّورة من الْقُرْآن: مَعْنَاهَا: الرِّفعة لإجلال الْقُرْآن، وَقد قَالَ ذَلِك جمَاعَة من أهل اللّغة، وَالله تَعَالَى أعلم بِمَا أَرَادَ.
سري: قَالَ الله جلّ وعزّ: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ} (الْإِسْرَاء: 1) ، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} (الْفجْر: 4) ، فَنزل القرآنُ باللُّغتين.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه: سَرَيْتُ بِاللَّيْلِ، وأَسرَيْتُ، وَأنشَد هُوَ أَو غَيره:

(13/37)


أَسْرَتْ إليكَ وَلم تكن تَسرِي
فجَاء باللغتين.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ} قَالَ: مَعْنَاهُ: سيَّر عبدَه، يُقَال: أَسرَيْتُ وسَرَيْت: إِذا سِرْتَ لَيْلًا.
وَقَالَ فِي قَوْله: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} معنى: (يَسرِي) : يَمضِي، يُقَال: سَرَى يَسرِي: إِذا مضى.
قَالَ: وحُذفت الياءُ من يَسرِي لأنّها رأسُ آيَة.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} إِذا يُسرَى فِيهِ؛ كَمَا قَالُوا: ليْلٌ نَائِم، أَي: يُنامُ فِيهِ؛ وَقَالَ: {مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ} (مُحَمَّد: 21) ، أَي: عُزِم عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَى: سَيْرُ اللَّيْل.
والسارية من السَّحَاب: الَّذِي يَجِيء لَيْلًا. والعرَب تؤنِّثُ السُّرَى وتذكِّرُه.
والساريةُ: سحابةٌ تَسرِي لَيْلًا، وجمعُها السَّواري، وَقَالَ النَّابِغَة:
سَرَتْ عَلَيْهِ من الجَوْزاء سارِيَةٌ
تُزْجي الشَّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البَرَد
والساريةُ: أُسْطُوانةٌ من حِجارة أَو آجُرّ وجمعُها السّواري.
قَالَ: وعِرْق الشَّجرِ يَسري فِي الأَرْض سَرْياً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السُّرَى: السَّراةُ من النَّاس.
وَقَالَ ابْن السّكيت وغيرُه: يُقَال: سَرُؤ الرجُل يَسْرُؤ، وسَرَا، يَسرُو، وسَرِي يَسْرَى: إِذا شَرُف؛ وَأنْشد:
تَلْقَى السَّرِيَّ من الرّجال بِنَفسِهِ
وابنُ السَّرِيِّ إِذا سَرَا أَسرَاهُمَا
أَي: أشرَفهُما. وقولُهم: قومٌ سرَاة جمعُ سَرِيّ، جاءَ على غير قِيَاس.
وسرَاةُ الفَرَس: أَعْلى مَتْنه، وتُجْمَع سَروَات. والسَّرْوُ: الشّرف. والسرْوُ من الجَبَل: مَا ارتفَعَ عَن مَجرَى السَّيْل وانحدَرَ عَن غِلَظ الْجَبَل، وَمِنْه سَرْو حِمير، وَهُوَ النَّعْف والخَيْف.
وسَراةُ النَّهَار: وَقت ارتفاعِ الشَّمْس فِي السَّمَاء، يُقَال: أتيتُه سَراةَ الضُّحَى وسَراةَ النَّهارِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: السرِيّ: الرّفْع فِي كَلَام الْعَرَب، وَمعنى سَرُوَ الرجل يَسرُو، أَي: ارْتَفع يرْتَفع فَهُوَ رفيع، مَأْخُوذ من سراة كل شَيْء: مَا ارْتَفع مِنْهُ وَعلا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الطود: الْجَبَل المشرف على عَرَفَة ينقاد إِلَى صنعاء، يُقَال لَهُ: السراة، فأوّلُه سراةُ ثَقِيف، ثمَّ سَراة فَهْم وعَدْوان، ثمَّ الأزدِ، ثمَّ الحَرّةِ آخر ذَلِك.
وَفِي الحَدِيث: أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الحساء: (إِنَّه يَرْتُو فؤادَ الحَزين ويَسرُو عَن فؤاد السَّقيم) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: (يَرْتو)

(13/38)


يَعْنِي يشدُّه ويقوِّيه، وَأما (يَسرُو) فَمَعْنَاه يكْشف عَن فُؤَاده الْأَلَم ويُزيله.
وَلِهَذَا قيل: سَرَوْتُ الثوبَ عَنهُ، وسرَيْتُه وسَرَّيْته: إِذا نَضَوْتَه.
وَقَالَ ابْن هَرْمَة:
سَرَى ثوبَه عَنْك الصِّبَا المُتخايِلُ
وَأما السَّرِيَّة من سَرايا الجُيوش: فَإِنَّهَا فعيلةٌ بِمَعْنى فاعلة، سُمّيتْ سَرِيّةً لِأَنَّهَا تسري لَيْلًا فِي خُفْيَة لئلاَّ يَنْذَر بهم العَدُوّ، فيَحْذَرُوا أَو يمتَنِعوا.
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ فِي قصّة مَرْيَم: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} (مَرْيَم: 24) .
فرُوي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: السَّرِيّ: الْجَدْوَل، وَهُوَ قَول جَمِيع أهل اللُّغَة، وَأنْشد أَبُو عبيد قولَ لَبِيد:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّهُ
عُمٌّ نَواعمُ بينهنّ كرُومُ
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: السَّرَّاء: شجر، الْوَاحِدَة سراة، وَهِي من كبار الشّجر تنْبت فِي الْجبَال، وَرُبمَا اتخذ مِنْهَا القسي الْعَرَبيَّة.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السِّرْيةُ والسُّرْوة من النِّصَال، وَهُوَ المُدَوَّرُ المُدَمْلَك الَّذِي لَا عَرْض لَهُ.
شَمر عَن ابْن الأعرابيّ: السُّرَى: نِصَالٌ رِقاق.
وَيُقَال: قِصَارٌ يُرمَى بهَا الهدَف.
قَالَ: وَقَالَ الأسَدي: السِّرْوة تُدْعَى الدِّرْعِيّة، وَذَلِكَ أَنَّهَا تدخل الدروع، ونِصَالُها مُسَلّكةٌ كالمِخْيَط.
وَقَالَ ابنُ أبي الحُقَيق يَصِف الدُّروع:
تَنفِي السُّرَى وجِيادَ النَّبْلِ تَتْرُكه
مِن بينِ مُنقصِفٍ كَسْراً ومَفْلُولُ
وَفِي الحَدِيث: أَنه طعن بالسُّروة فِي ضَبعها؛ يَعْنِي فِي ضبع النَّاقة هِيَ السّرْية والسروة، هِيَ النصال الصغار.
أَبُو عَمْرو يُقَال: هُوَ يُسَرِّي العَرَق عَن نَفسه: إِذا كَانَ يَنضَحُه، وأَنشَد:
يَنضَحن ماءَ البَدَن المُسَرِّي
وسَراةُ الطَّرِيق: مَتْنُه ومُعْظَمه، وَيُقَال: اسْتَرَيْتُ الشيءَ: إِذا اخترتَه، وأخذتُ سراتَه: أَي: خيارَه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فقد أُخرِج الكاعِبَ المُسْترا
ةَ مِن خِدْرِها وأُشِيعُ القِمارَا
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أَرض مَسْرُوَّةٌ من السّرَوَةِ، وَهِي دُودَة.
وَيُقَال: فلانٌ يُسَارِي إبَل جارِه إِذا طَرَقها ليحتلِبَها دون صاحِبِها، قَالَ أَبُو وَجْزة:
فإِنِّي لَا وَأُمِّكَ لَا أسارِي
لِقاحَ الجارِ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ
والسّارِياتُ: حُمُر الوحوش، لأنّها تَرعَى لَيْلا وتَنفَّشُ، وَيُقَال: سَرَّى قائدُ الْجَيْش سَرِيةً إِلَى العَدُوّ: إِذا جرّدهاوبعثها لَيْلاً؛

(13/39)


وَهُوَ التَّسْرِيّةُ. ورجلٌ سَرّاء: كثيرُ السُّرَى باللّيل.
رسا: قَالَ اللّيث: يُقَال: رَسَوْتُ لَهُ رَسْواً من الحَدِيث: أَي: ذكرتُ لَهُ طَرَفاً مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّسُّ والرُسُوُّ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: والرَّسْوَة: الدَّسْتِينَج، والجميع رَسَوَات؛ وَقد قَالَه ابْن السكّيت.
وَقَالَ غيرُهما: السِّوار إِذا كَانَ من خَرَز فَهُوَ رَسَوَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: رسَوتُ عَنهُ حَدِيثا أَرْسُوه رَسْواً: أَي: تحدّثْت عَنهُ.
قَالَ: ورسَسْتُ الحديثَ أَرُسُّه فِي نَفسِي؛ أَي: حدّثْتُ بِهِ نَفْسي.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرَّسِيُّ: الثابتُ فِي الخَيْر والشّر، قَالَ: ورَسَا الصَّوْمَ إِذا نَواه قَالَ: وراسَى فلانٌ فلَانا: إِذا سابَحَه؛ وسارَاه إِذا فَاخَره.
قَالَ: والرَّسِيُّ: العَمُودُ الثَّابِت فِي وَسَط الخِبَاء.
وَقَالَ اللّيث: رَسَا الجبلُ يَرْسو: إِذا ثَبَت أصلُه فِي الأَرْض؛ ورَسَت السفينةُ رَسْواً: إِذا انْتهى أسفَلُها إِلَى قَرار المَاء فبَقيتْ لَا تَسِير، والمِرْساة: أنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالحِبال وَيُرْسل فِي المَاء فيمسِك بالسفينة ويُرسيها حَتَّى لَا تسير، وَإِذا ثَبَتت السحابةُ بمَكَان تُمطِر قيل: قد أَلْقَت مَراسِيَها، والفَحلُ من الْإِبِل إِذا تَفرَّق عَنهُ شُوَّلُه فهَدَر بهَا وراغَتْ إِلَيْهِ وسَكَنَتْ قيل: رَسَا بِها، قَالَ رؤبة:
إِذا اشْمَعَلَّتْ سَنَناً رَسَا بِها
بذاتِ خَرَقَيْن إذَا حَجَا بِهَا
اشمَعلّت: انتَشَرت. وَقَوله بذاتِ خَرْقَيْن، يَعْنِي شِقشِقةَ الفَحْل إِذا هَدَر فِيهَا، وَيُقَال: رَسَتْ قَدَماه، أَي: ثَبَتَتا، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (سبأ: 13) ، قَالَ الفرّاء: لَا تُنزَل عَن مكانَها لِعظَمها، والرَّاسيةُ: الَّتي تَرْسُو وَهِي الْقَائِمَة.
والجبالُ الرَّواسِي والرّاسيات: هِيَ الثّوابت، وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصّة نوح وسفينته: (بِسم الله مجْراهَا ومُرْساها) (هود: 41) ، القرّاء كلُّهم اجتَمَعوا على ضمّ الْمِيم من مُرساها، وَاخْتلفُوا فِي (مُجراها) فَقَرَأَ الكوفيّون (مَجْراها) وَقَرَأَ نافعٌ وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عامِرٍ: (مُجْراها) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: من قَرَأَ: (مُجْراها ومُرْساها) فَالْمَعْنى باسم اللَّهِ إجراؤها وإرْساؤُها.
وَقد رَسَت السفينةُ وأَرْساها الله، وَلَو قُرئَتْ: (مُجْرِيها ومُرْسِيها) فَمَعْنَاه: أَن الله تَعَالَى يُجرِيها ويُرسِيها.
وَمن قَرَأَ: (مَجْراها ومَرْساها) فَمَعْنَاه: جَرْيُها وثباتُها غير جاريةٍ، وَجَائِز أَن يَكُونَا بِمَعْنى مُجراها وَمرْسَاهَا.
ورس: قَالَ اللَّيْث: الوَرْسُ: صِبغٌ؛

(13/40)


والتَّورِيس فعلُه. والورْسُ: أصفر كأنّه لطْخ يَخرج على الرِّمث بَين آخر القَيْظ وأوّلِ الشتَاء إِذا أصَاب الثَّوْب لوَّنَه. وَقد أورس الرِّمثُ فَهُوَ مُورِسٌ.
وَقَالَ شمر: يُقَال أَحنَطَ الرِّمْثُ فَهُوَ حانِط ومحنِط: إِذا ابيضّ وأَدْرَك، فَإِذا جاوَزَ ذَلِك قيل أَوْرَس فَهُوَ وارس، وَلَا يُقَال مورس، وَإنَّهُ لَحسَن الحانِط والوارس.
وَقَالَ اللَّيْث: الورْسيُّ من القداح النُّضار من أَجودهَا.
يسر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال إِنَّه ليَسْرٌ خفيفٌ ويَسَرٌ: إِذا كَانَ ليّنَ الانقياد، يوصَف بِهِ الْإِنْسَان والفَرَس، وَأنْشد:
إنِّي على تَحَفُّظي ونَزْرِي
أعسَرُ إِن مارَسْتَني بعُسْرِ
ويَسْرٌ لمن أَراد يُسْرِيويقال: إِن قوائمَ هَذَا الْفرس ليَسَراتٌ خفافٌ: إِذا كُنّ طوعَه، والواحدة يَسرة وعسرة.
وروى عَن عمر: أَنه كَانَ أَعسرَ أَيسر.
قَالَ أَبُو عبيد: هَكَذَا روِي فِي الحَدِيث، وَأما كَلَام الْعَرَب فَإِنَّهُ: أعسرُ يسرٌ، وَهُوَ الَّذِي يعْمل بيديْه جَمِيعًا، وَهُوَ الأضبط.
وَيُقَال: فلَان يَسرةً من هَذَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: اليَسر الَّذِي يسَاره فِي القوّةِ مثلُ يَمِينه قَالَ فَإِذا كَانَ أعْسر وَلَيْسَ بيَسرٍ كَانَت يَمِينه أضعفَ من يسَاره.
وَقَالَ أَبُو زيد: رجلٌ أعسرُ يَسرٌ، وأعسرُ أَيسر. قَالَ: وأحسَبه مأخوذاً من اليَسرة فِي الْيَد، وَلَيْسَ لهَذَا أصل، واليسرة تكون فِي اليُمنى واليُسرى، وَهُوَ خَطّ يكون فِي الرَّاحَة يُقطِّع الخطوطَ الَّتِي تكون فِي الرَّاحَة كأنّها الصَّليب.
قَالَ شمر: وَيُقَال فِي فلَان يَسر، وَأنْشد:
فتَمنَّى النَّزْعَ من يَسَرِهْ
هَكَذَا رُوِي عَن الأصمعيّ قَالَ: وفسّره حِيالَ وَجهه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الشَّزْرُ: مَا طعَنْتَ عَن يَمِينك وشِمالك، واليَسرُ: مَا كَانَ حذاءَ وجهِك.
وَقَالَ غيرُه: الشزْرُ: الفَتْل إِلَى فَوق، واليَسرُ إِلَى أَسفَل، وَرَوَاهُ ابْن الأعرابيّ: فتَمنى النَّزْع من يُسرِه.
جمعُ يُسرى. وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة فِي يُسره. يُرِيد: جمع يسَار.
قَالَ اللَّيْث: أعسرُ يَسرُ، وامرأةٌ عَسراء يَسرةٌ: تعْمل بِيَدَيْهَا جَمِيعًا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال فلَان أعسَرُ يسرٌ: إِذا كَانَ يعْمل بكلْتَا يديْه. وَكَانَ عمرُ أعسرَ يَسراً، وَلَا تقُل أعْسر أيْسَر.
وَقَالَ اللَّيْث: اليسرة مُزْجةُ مَا بَين الأسرّة من أسرارِ الرَّاحَة يُتَيَمّن بهَا، وَهِي من عَلَامَات السخاء. واليسار: اليَدُ الْيُسْرَى. والياسر كاليامِن، والمَيْسرَة كالمَيْمَنة. واليَسر واليسار: اليَدُ اليُسرى.

(13/41)


والياسر من الغِنى والسّعة وَلَا يُقَال يَسار.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: يسر فلَان فرَسَه فَهُوَ مَيْسور مصنوعٌ سمين، وَإنَّهُ لحَسن التّيْسُور إِذا كَانَ حسنَ السِّمَن.
قَالَ المرّار يصفُ فرسا:
قد بلَوْناه على عِلاّته
وعَلى التَّيْسُورِ مِنْهُ والضُّمُرْ
وَيُقَال: خُذْ مَا تَيَسَّر وَمَا اسْتَيْسَرَ؛ وَهُوَ ضِدّ مَا تَعسّر والْتَوَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَيسَّر النهارُ تَيسُّراً: إِذا بَرَدَ. وَيُقَال: أَيْسِرْ أَخَاك، أَي: نَفِّس عَلَيْهِ فِي الطَّلب وَلَا تُعْسِره، أَي: لَا تُشَدِّد عَلَيْهِ وَلَا تضيِّق.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله عز وَجل: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (اللَّيْل: 7) ، قَالَ: سنهيّئُه للعوْدة إِلَى الْعَمَل الصَّالح. وَالْعرب تَقول: قد يسّرت الْغنم: إِذا ولدت وتهيأت للولادة. قَالَ: وَقَالَ: {للهبِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (اللَّيْل: 10) يَقُول الْقَائِل: كَيفَ كَانَ تيسّره للعسرى؟ وَهل فِي العسرى تيسير؟ قَالَ الْفراء: وَهَذَا كَقَوْل الله عز وَجل: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التَّوْبَة: 3) ، فالبشارة فِي الأَصْل المفرِح. فَإِذا جمعت فِي كلامين أَحدهمَا خير، وَالْآخر شَرّ، جَازَ التبشير فيهمَا جَمِيعًا.
أَبُو عدنان عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: اليَسَرُ: الَّذِي يسَاره فِي الْقُوَّة مثل يَمِينه.
قَالَ: وَمثله الأضبط. قَالَ: وَإِذا كَانَ أعْسر، وَلَيْسَ بيَسر، كَانَت يَمِينه أَضْعَف من يسَاره.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (الْبَقَرَة: 219) ، قَالَ مُجَاهِد: كلُّ شَيْء فِيهِ قِمار فَهُوَ من المَيْسِر حَتَّى لِعبُ الصّبيان بالجَوْز.
ورُوِيَ عَن عليّ أَنه قَالَ: الشِّطْرَنْج مَيسِرُ العَجَم؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ عَطاء فِي المَيسر أَنه القِمار بالقِداح فِي كلّ شَيْء.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الياسِر: الّذي لَهُ قِدْح وَهُوَ اليَسَر واليَسُور؛ وأَنشَد:
بِمَا قَطَّعْن من قُرْبى قَريبٍ
ومَا أَتْلَفْنَ من يَسَرٍ يَسُورِ
قَالَ: وَقد يَسَر يَيْسِر: إِذا جَاءَ بقِدْحه لِلقِمار.
وَقَالَ ابْن شُميل: الياسِر: الجَزّار. وَقد يَسَروا: أَي: نَحَروا. ويَسَرْتُ الناقةَ: جَزّأْتَ لَحمَها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأيْسار واحدهم يَسرٌ: وهم الَّذين يُقامِرون، قَالَ: والياسِرُون: الَّذين يَلُون قِسمةَ الجَزُور.
وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
والجاعِلُو القُوتِ على الياسِرِ
يَعْنِي الجَزّار.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَول الشَّاعِر:

(13/42)


أقولُ لأهْل الشّعب إِذْ يَيْسرُونني
ألم تَيْأَسُوا أَنّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ
إِنَّه من المَيْسر أَي تجتزرونني وتقتَسِمُونني وجَعل لَبيدٌ الجزورَ مَيْسِراً فَقَالَ:
واعفُفْ عَن الجاراتِ وام
نَحْهُنَّ مَيْسِرَك السَّمِينَا
وَقَالَ القُتَيْبيّ: المَيسر: الجَزُور نفسُه؛ سمِّي مَيْسِراً لِأَنَّهُ يجزَّأُ أَجْزاء؛ فَكَأَنَّهُ موضعُ التّجزئة، وكلّ شَيْء جزّأتَه فقد يَسرْته، والياسِر: الجازِر. لِأَنَّهُ يُجَزِّىء لحمَ الْجَزُور.
وَهَذَا الأَصْل فِي الياسر.
ثمَّ يُقَال للضاربين بِالْقداحِ والمغامرين على الْجَزُور: ياسرون لأَنهم جازرون: إِذْ كَانُوا سَببا لذَلِك.
أَبُو عُبيد عَن أَبي عَمْرو: اليَسَرة: وَسْمٌ فِي الفَخِذَين. وجمعُها أَيْسَار.
وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
على ذَات أيسار كَأَن ضلوعها
وأحناءها الْعليا السّقيف المشبّح
يَعْنِي الوسم فِي الفخذين. وَيُقَال: أَرَادَ قَوَائِم ابْنه.
وَقَالَ غَيره: يَسَراتُ البعيرِ قوائمُه، وَقَالَ ابْن فَسْوَة:
لَهَا يَسَراتٌ للنَّجَاءِ كأَنّها
مَواقِعُ قَيْنٍ ذِي عَلاةٍ ومِبْرَدِ
قَالَ: شبَّه قوائِمَها بمطَارقِ الحَدّاد.
أَبُو عُبيد: يَسَّرَت الغَنَمُ: إِذا كَثُرت وكَثُرَ ألبانُها ونَسْلُها، وأَنشَد:
هُما سَيِّدَانا يَزْعُمانِ وإنّما
يَسُودانِنا أنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُمَا
حُكي ذَلِك عَن الْكسَائي. وَيُقَال: مَيْسَرة ومَيْسُرة: لليسار الْغَنِيّ.
أسر: فِي (كتاب الْعين) : شمر: الأُسرة: الدِّرع الحصينة؛ وَأنْشد:
والأسْرَة الحصداءُ والبَيْضُ
المكلَّلُ والرِّماح
وَقَالَ الفرّاء: أسَرَه الله أحْسن الأسْرِ، وأَطَرَه الله أحْسن الأطْر، ورجُلٌ مأسورٌ ومَأْطور: شديدٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: مَا أَحْسن مَا أسر قَتَبَهُ: أَي: مَا أحْسن مَا شَدَّه بالقِدّ، والقِدُّ: الَّذِي يُؤْسَرُ بِهِ القَتَب يُسمى الإسار، وجمعُه أُسُرٌ. وقَتَبٌ مَأْسور، وأَقْتَاب مآسيرٌ.
وَقيل للأسير من العَدُو: أَسير، لِأَن آخِذه يستوثق مِنْهُ بالإسار. وَهُوَ القِد لِئَلَّا يُفلت.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجمع الْأَسير أسرى. قَالَ: وفَعْلَى جمعٌ لكل مَا أصيبوا بِهِ فِي أبدانهم أَو عُقُولهمْ، مثل: مَرِيض ومرضى. وأحمق وحمقى، وسكران وسكرى.
قَالَ: وَمن قَرَأَ: {أُسَارَى} و (أُسَارَى) (الْبَقَرَة: 85) فَهُوَ جمعُ الْجمع.

(13/43)


وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ} (الْإِنْسَان: 28) ، أَي: شددنا خَلْقَهم، وَجَاء فِي التَّفْسِير: مفاصِلَهم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: {خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ} ، يَعْنِي مَصْرفي البَوْل. والغائِط إِذا خرج الْأَذَى تَقبضتَا.
وَيُقَال: فلانٌ شَدِيد أسْرِ الخلْق: إِذا كَانَ معصوب الخلْقِ غير مُستَرْخِ.
وَقَالَ العجاج يذكر رجلَيْنِ كَانَا مأسورين فأطلقا:
فأصبحا بنجوة بعد ضرَرْ
مسلَّمَيْنِ فِي إسار وأسَر
يَعْنِي: شُرِّفا بعد ضيق كَانَا فِيهِ.
وَقَوله: (فِي إسار وأسَرٍ) أَرَادَ: وأَسرٍ، فحرّك لاحتياجه إِلَيْهِ، وَهُوَ مصدر.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: إِذا احتَبَسَ على الرجل بَوْلُه قيل: أَخَدَه الأُسر، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِي واليزيدي: وَإِذا احتَبَسَ الغائطُ فَهِيَ الحُصر.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: هَذَا عُودُ أُسْر ويُسْر: وَهُوَ الَّذِي يعالَج بِهِ الإنسانُ إِذا احتَبَس بولُه، قَالَ: والأُسْر: تقطير البَوْل وحَزٌّ فِي المَثانة، وإضَاضٌ مثل إضاضِ المَاء خِضَ، يُقَال: أنالَه اللَّهُ أسراً.
وَقَالَ الفرّاء: قيل: هُوَ عُودُ الأسْر، وَلَا تقل عُود اليُسْر.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: أُسِر فلانٌ إساراً، وأُسِر بالإسار، قَالَ: والإسار: الرِّباط، والإسار: المَصدَر كالأَسْرِ.
وَجَاء الْقَوْم بأسرهم. قَالَ أَبُو بكر: مَعْنَاهُ: جَاءُوا بجميعهم وخلقهم. وَالْأَمر فِي كَلَام الْعَرَب: الْخلق.
قَالَ الْفراء: أُسِر فلَان أحسن الْأسر، أَي: أحسن الْخلق.
قَالَ: وتأسيرُ السَّرْج: السُيُورُ الّتي يُؤْسَر بهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أُسْرَة الرجلِ: عَشيرتُه الأَدْنَون.
أَبُو زيد: تأسَّر فلانٌ عليَّ تأسُّراً: إِذا اعتَلَّ وأَبطأَ.
قلت: هَكَذَا رَوَاهُ ابْن هانىء عَنهُ. وأمّا أَبُو عُبيد فإنّه رَوَاهُ بالنُّون: تأسَّنَ وَهُوَ عِنْدِي وهَم، وَالصَّوَاب بالرَّاء.
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: الإسَار: القَيْد، وَيكون كَبْلَ الكِتاف.
سرأ: أَبُو عبيد عَن القَنانيّ: إِذا أَلقَى الجرَادُ بَيْضَه قيل: قد سَرَأَ بَيْضَه يسْرَأ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: سَرَأتِ الجَرادةُ: إِذا ألقَتْ بَيضَها. وأَسْرَأَتْ: حَان ذَلِك مِنْهَا.
أَبُو زيد: سَرَأَت الجرادةُ: إِذا أَلقَتْ بَيضَها ورَزّتْه رَزّاً، والرَّزّ: أَن تُدخِل ذَنبَها فِي الأَرْض فتُلقِي سَرْأَها، وسَرْؤُها: بَيْضُها.
وَقَالَ الليثُ: وَكَذَلِكَ سَرْءُ السَّمَكة وَمَا أشبَهَه من البَيْض فَهُوَ سَرُءٌ. قَالَ: وَرُبمَا قيل سَرَأَت المرأةُ: إِذا كثُر ولَدُها.

(13/44)


أَبُو زيد: يُقَالُ: ضَبّةٌ سُرُوءٌ على فعول، وضِباب سُرُؤٌ على فُعُل، وَهِي الّتي بَيضُها فِي جَوْفها لم تُلْقِه.
وَقَالَ غيرُه: لَا يسمَّى البيضُ سَرْأَ حتّى تُلقِيَه. وسَرَأَتِ الصَّنّبة: إِذا باضَتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الجرادُ يكون سَرْأ وَهُوَ بَيْض؛ فَإِذا خرجَتْ سُوداً فَهِيَ دَباً. قَالَ: والسَّراءُ: ضَرْبٌ من شجر القِسِيّ، والواحدة سَراءَة.
روس ريس (رَأس) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: راسَ يَرُوس رَوْساً: إِذا أَكَل وجَوَّد. وراسَ يَريس رَيْساً: إِذا تَبَخْتَر فِي مِشيَته.
قَالَ: والرَّوْسُ: الأكْلُ الْكثير، وأمّا الرّأْس بِالْهَمْز فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَأسَةً: إِذا زاحَمَ عَلَيْهَا وَأَرَادَهَا.
قَالَ: وَكَانَ يُقَال: إِن الرِّياسةَ تَنزِل من السَّمَاء فيُعصَّب بهَا رأسُ من لَا يطْلبهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للْقَوْم إِذا كَثُروا وعَزُّوا: هم رَأس.
قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
برأْس من بَنِي جُشَم بنِ بَكْرٍ
نَدُقُّ بِهِ السُّهولَةَ والحُزُونَا
وَقَالَ اللّيث: رأسُ كلِّ شَيْء: أَعْلَاهُ، وثلاثةُ أَرؤُس، والجميعُ الرؤوس. وفَحْل أَرْأَس: وَهُوَ الضَّخْم الرّأس، وَقد رَئِس رَأْساً.
قَالَ: ورأَسْتُ القومَ أرأَسهُم، وفلانٌ رأسُ القومِ وَرَئِيس الْقَوْم وَقد تَرأسَ عَلَيْهِم، ورَوّسَوه على أنفُسِهم.
قلت: هَكَذَا رأيتُه فِي كتاب اللّيث، وَالْقِيَاس: رَأسُوه لَا رَوَّسُوه. والرُّؤَاسيُّ: العظيمُ الرَّأْس. ورجلٌ أريسٌ ومَرْءُوس: وَهُوَ الّذي رَأَسه السِّرْسام فأصابَ رأسَه. وكَلْبة رَءُوس: وَهِي الّتي تُساوِر رأسَ الصَّيْد.
وَقَالَ: وسحابةٌ رأسةٌ: وَهِي الّتي تَقدَّمُ السَّحابَ وَهِي الرَّوائس.
قَالَ ذُو الرمة:
نفَتْ عَنْها الغُثاءَ الرَّوائسُ
قَالَ: وبعضُ الْعَرَب يَقُول: أَن السّيل يَرْأَس الغُثاء، وَهُوَ جمعُه إِيَّاه ثمَّ يحْتَملهُ.
وَقَالَ الطّرماح:
كغريَ أجسدتْ رَأسه
فُرُع بَين رياس وَحَام
الغري: النصُب الَّذِي دُمِّي من النّسك. والحامي: الَّذِي حمي ظَهره. والرِّياس: تُشق أنوفها عِنْد الفَري فَيكون لَبنهَا للرِّجَال دون النِّسَاء.
وَيُقَال: أعطِني رَأْسا من ثُوم والضَّبُّ ربّما رَأَس الأَفعى وربّما ذَنَبها، وَذَلِكَ أَن الأفعَى تَأتي جُحَر الضّب فتَحرِشه فيَخرج أَحْيَانًا بِرَأْسِهِ فيستقبِلها.
فَيُقَال: خَرَج مُرَئِّساً، وَرُبمَا احترَشَه الرجلُ فيجعَل عُوداً فِي فَمِ جُحْره فيحسبَه

(13/45)


أَفعَى فَيخرج مُرْئساً أَو مُذَنِّباً، ورأَسْتُ فلَانا: إِذا ضربتَ رأسَه.
وَقَالَ لبيد:
كأنّ سحيلَه شكوَى رئيسٍ
يُحاذِر من سرايَا واغتيالِ
يُقَال: الرئيس هَهُنَا الَّذِي شُج رَأسه.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال: قد ترأَسْت على الْقَوْم، وَقد رأسْتُك عَلَيْهِم، وَهُوَ رئيسُهم، وهم الرُّؤساء، والعامة تَقول: رُيَساء.
وَيُقَال: شاةٌ رَئيس: إِذا أُصيبَ رأسُها فِي غَنَمٍ رَآسي، بِوَزْن دَعاسي.
وَيُقَال: هُوَ رائسُ الكِلابِ مثل راعِي، أَي: هُوَ فِي الْكلاب بِمَنْزِلَة الرئيس فِي الْقَوْم، ورَجلٌ رؤَاسيٌّ وأَرْأَس: للعظيم الرَّأْس، وشاةٌ أَرأَس: وَلَا تقل رُؤاسِيّ. وَيُقَال: رجُلٌ رآس بوَزْن رَعَّاس للّذِي يَبيع الرُّؤوس.
وَبَنُو رؤاس: حيٌّ من بني عَامر بن صعصعة، مِنْهُم أَبُو جَعْفَر الرُّؤاسيّ وَفِي الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يصبب من الرَّأْس وَهُوَ صَائِم. هَذَا كِنَايَة عَن الْقبْلَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا اسوَدّ رَأسُ الشَّاة فَهِيَ رأساء، فإِن ابيضَّ رأسُها من بَين جَسدها فَهِيَ رخماء وَمُخَمَّرة.
قَالَ: ورائس النَّهر والوادي أَعْلَاهُ؛ مثل رائس الْكلاب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: رئاس السَّيْف قوائمه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
ثمَّ اضطغنت سلاحي عِنْد مَغْرِضها
ومرفقٍ كرئاس السَّيْف إِن شَسفا
قَالَ شمر: لم أسمع رئاساً إِلَّا هَهُنَا.
وَقَالَ ابْن شُميل: روائسُ الْوَادي: أعاليه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاءِ قَالَ: المُرائس والرَّءُوس من الْإِبِل الَّذِي لَم يَبْقَ لَهُ طِرْق إلاّ فِي رَأسه.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: ارْتأَسني فلانٌ واكْتأَسنى: شَغلَني، وَأَصله أخذٌ بالرّقبة وخفضها إِلَى الأَرْض، ومثلُه ارتكَسني واعتَكَسني.
أرس: وَفِي الحَدِيث: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى هِرقل عَظِيم الرُّوم يدْعُوه إِلَى الْإِسْلَام، وَقَالَ فِي آخِره: (وَإِن أبَيْتَ فَإِن عَلَيْك مِثل إِثْم الإرِّيسين) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرس يأرِس أَرْساً: إِذا صَار أَرِيساً، والأريس: الأكّار. قَالَ: وأرَّسَ يؤرِّس تأريساً: إِذا صَار أَكّاراً، وجمعُ الأَرِيس أَرِيْسُون، وَجمع الإرِّيس إِرِّيسُون وأرارِسة، وأَرارِس قَالَ: وأَرارِسة ينْصَرف، وأَرارِسُ لَا ينَصرف. قَالَ: والأرْسُ: الأكْل الطّيب. والإرسُ: الأصلُ الطيّب.
قلتُ: أحسِبُ الأَرِيسَ والأَرِّيسَ بِمَعْنى الأكّار من كَلَام أهلِ الشَّام، وَكَانَ أهلُ السّواد وَمَا صاقَبَها أهلَ فلاحة وإثارَة للأرَضين، وهم رَعِيَّةُ كِسرَى، وَكَانَ أهلُ

(13/46)


الرُّوم أهلَ أَثاث وصَنْعَة، وَيَقُولُونَ للمجوسيّ: أَرِيسيٌّ، يُنسَب إِلَى الأرِيس وَهُوَ الأكّار، وَكَانَت الْعَرَب تسمِّيهم الفلاّحين، فأَعلَمَهم النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّهم وَإِن كَانُوا أهلَ كتاب فإنّ عَلَيْهِم من الْإِثْم إِن لم يُؤمنُوا بِمَا أُنْزِل عَلَيْهِ مثل إِثْم المَجوس والفلاّحين الّذين لَا كِتَاب لَهُم. وَالله أعلم. وَمن الْمَجُوس قوم لَا يعْبدُونَ النَّار ويزعمون أَنهم على دين إِبْرَاهِيم، وَأَنَّهُمْ يعْبدُونَ الله تَعَالَى، ويحرّمون الزِّنَى. وصناعهم الحراثة، ويُخرجون العُشر مِمَّا يزرعون. غير أَنهم يَأْكُلُون الموقوذة. وأحسِبهم يَسْجُدُونَ للشمس، وَكَانُوا يُدعَون الأرِيسيين.

(بَاب السِّين وَاللَّام)
س ل (وَا يء)
سيل سَوَّلَ سلأ وسل ولس ألس لوس سلا لسا لَيْسَ (أسل) .
سَوَّلَ: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل أسْوَل، وامرأةٌ سَوْلاء: إِذا كَانَ فيهمَا استرخاء. قَالَ: واللَّخَا مِثْلُه، وَقد يسول سَوَلاً، وَقَالَ المتنخِّل:
كالسُّحُلِ البِيضِ جَلاَ لَوْنَها
هَطْلُ نِجَاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ
أَرَادَ بالحَمل: السَّحابَ الأسوَد، والأسول من السَّحَاب: الّذي فِي أَسْفَله استرخاء ولهَدبه إِسْبال، وَقد سَوِلَ يَسْوَلُ سَوَلاً، وقولُ الله جلّ وعزّ: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (يُوسُف: 18) ، هَذَا قولُ يعقوبَ عَلَيْهِ السَّلَام لولدِه حِين أخبَروه بأَكلِ الذِّئب يُوسُف، فَقَالَ لَهُم: مَا أَكلَه الذِّئْب، بل سَوَّلَتْ لكم أَنفسكُم أمرا فِي شَأْنه، أَي: زَيَّنتْ لكم أنفسُكم أمرا غيرَ مَا تَصِفون، وكأنّ التَّسويلَ تفعيلٌ من سُولِ الْإِنْسَان وَهُوَ أمنيّتُه الَّتِي يتمنّاها فتُزيِّن لطالبها الباطلَ والغُرور. وأصلُ السُّؤال مهموزٌ غير أنَّ الْعَرَب استثقلوا ضَغْطَةَ الْهمزَة فِيهِ فخفَّفوا الهمزَة قَالَ الرَّاعِي فِي تَخْفيف همزِه:
اخْتَرْتُكَ الناسَ إِذْ رَثَّت خَلائقُهمْ
واعتَلَّ من كَانَ يُرجَى عِنْده السُّولُ
والدّليل على أنّ الأصلَ فِيهِ الْهَمْز قِرَاءَة القرّاء: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسَى} (طه: 36) ، أَي: أُعطيتَ أمنيتَكَ الَّتِي سأَلتَها.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال: سَأَلْتُ أسأَل وَسلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلان ويَتَسايَلان.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سَأَل يسألُ سُؤالاً ومَسألةً. قَالَ: والعربُ قاطبةً تحذِف همزَ سَلْ فَإِذا وَصلتْ بِالْفَاءِ وَالْوَاو همزتْ كَقَوْلِك: فاسأل، واسأل: وجمعُ الْمَسْأَلَة مسَائِل، فَإِذا حذَفوا الْهمزَة قَالُوا: مَسَلَة، والفقيرُ يسمَّى سَائِلًا.
وَقَرَأَ نَافِع وابنُ عَامر (سَالَ) غير مَهْمُوز (سَائل) وَقيل مَعْنَاهُ: بِغَيْر همز: سَالَ وادٍ بعذابٍ وَاقع. وَقَرَأَ سَائِر القرّاء: ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو والكوفيون {} (المعارج: 1) مَهْمُوز بِالْهَمْز على معنى دَعا

(13/47)


داعٍ. وَجمع السَّائِل الفقيرِ: سُؤَّال. وَجمع مَسِيل المَاء: مَسايِل بِغَيْر همز. وَجمع المَسأَلة: مسَائِل بِالْهَمْز.
وسل: قَالَ اللَّيْث: وسَّلَ فلانٌ إِلَى رَبِّه وَسِيلةً: إِذا عَمِل عَمَلاً تَقَرَّب بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَبيد:
بلَى كلُّ ذِي رَأْيٍ إِلَى الله واسِلُ
والوَسِيلة: الوُصْلةُ والقُرْبَى، وجمعُها الوَسائل، قَالَ الله: {أُولَائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} (الْإِسْرَاء: 57) ، وَيُقَال: توسَّل فلانٌ إِلَى فلَان بوَسيلة، أَي: تَسَبَّبَ إِلَيْهِ بسَبَب، وتقرّبَ إِلَيْهِ بحُرمةِ آصِرةٍ تَعطِفه عَلَيْهِ.
سلا: الأصمعيّ: سَلَوْتُ فَأَنا أَسْلو سُلُوّاً، وسَلِيتُ عَنهُ أسْلَى سُلِّياً بِمَعْنى سَلَوْت. وَقَالَ أَبُو زيد: معنى سلوت: إِذا نسي ذكره وَذهب عَنهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سليت فلَانا، أَي: أبغضته وَتركته. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: سلوتُ عَنهُ أَسلو سُلُوّاً وسُلُوَاناً، وسَلِيتُ أَسلَى سُلِيّاً، وَقَالَ رُؤبة:
لَوْ أَشْرَبُ السُّلْوانَ مَا سَلِيتُ
مَا بِي غنى عَنْك وإنْ غَنِيت
قَالَ: وسمعتُ محمدَ بنَ حيّان يَحكي أنّه حضَر الأصمعيَّ ونُصيْرَ بنَ أبي نُصَير يَعرِض عَلَيْهِ بالرّيّ، فأجرَى هَذَا البيتَ فِيمَا عَرَض عَلَيْهِ، فَقَالَ لنُصَير: مَا السُّلوان؟ فَقَالَ: يُقَال: إنّها خَرَزَة تُسحَق ويُشرَب مَاؤُهَا فتورِث شارِبَه سلْوَةً، فَقَالَ: اسكتْ، لَا يَسخَرْ مِنْك هَؤُلَاءِ، إنّما السُّلْوان مصدرُ قولِك: سَلَوْتُ أَسلُو سُلواناً؛ فَقَالَ: لَو أشرَب السُّلوان، أَي: السُّلوَّ شُرْباً مَا سَلوْتُ.
وَقَالَ اللّحياني فِي (نوادِره) : السَّلوانة والسَّلوان والسَّلْوَان: شَيْء يسْقى العاشقُ ليسْلو عَن الْمَرْأَة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: السُّلوانة: حَصاةٌ يسقَى عَلَيْهَا العاشقُ فيسْلُو؛ وأنشَد:
شَرِبْتُ على سُلوانةٍ ماءَ مُزْنةٍ
فَلَا وجَديد العَيْشِ يَا مَيُّ مَا أسْلو
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: قَالَ أَبُو عَمْرو السّعدي: السُّلوانة: خَرزَةٌ تُسحَق ويُشرَب مَاؤُهَا فيَسْلو شاربُ ذَلِك المَاء عَن حُبِّ من ابْتُلِيَ بحبّه. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: بل يؤخَذ تُرابُ قبرِ مَيّتٍ فيُجعَل فِي ماءٍ فَيموتَ حُبُّه؛ وأنشدَ:
يَا لَيتَ أَنّ لقلْبي منْ يُعللهُ
أَو ساقياً فسَقاني عنكِ سُلوانَا
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السُّلوانة: خَرزَةٌ للبُغض بعد المَحبّة. قَالَ: والسَّلوَى: طَائِر؛ وَهُوَ فِي غير الْقُرْآن العَسَل، وجاءَ فِي التَّفْسِير فِي قولِه: {وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (الْبَقَرَة: 57) ، أنّه طَائِر كالسُّمانيَ.
وَقَالَ اللّيث: الْوَاحِدَة سَلواة، وأَنشَد:

(13/48)


كَمَا انتفَضَ السَّلواةُ مِن بللِ القَطْرِ
أَبُو عبيد: السَّلوَى: العَسَل؛ وَقَالَ خالدُ الهُذَليّ:
وقَاسمَها بِاللَّه جَهْداً لأنتُم
ألَذُّ مِنَ السَّلوَى إِذا مَا نشُورُهَا
أَي: تأخُذُها من خَلِيّتها؛ يَعني العَسَل، وَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: المَنُّ: التَّرَنجبين، والسَّلوَى: السُّمَانيَ.
قَالَ: والسلوى عِنْد الْعَرَب العَسَل، وَأنْشد:
لَو أطْعموا المنَّ والسلوى مكانهُم
مَا أبْصر النَّاس طُعماً فيهُم نَجعَا
وَيُقَال: هُوَ فِي سَلْوة من العَيْش، أَي: فِي رَخاءٍ وغَفْلة، قَالَ الرَّاعِي:
أَخُو سَلْوةٍ مَسَّى بِهِ اللَّيلُ أَمْلَحُ
ابْن السّكيت: السلوة: السُّلُو. والسَّلوة: رخاء الْعَيْش.
وَيُقَال: أَسْلاني عَنْك كَذَا وسَلاّني. وَبَنُو مُسْليَةَ حيٌّ من بني الحَارِث بنِ كَعْب.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا سَلِيتُ أَن أقولَ ذَاك، أَي: لم أَنْسَ أَن أَقُول ذَاك وَلَكِن تركتهُ عَمْداً، وَلَا يُقَال: سَلِيتُ أَن أقولَه إلاّ فِي معنَى مَا سَلِيتُ أَن أقولَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: السَّلَي: لُفافةُ الوَلَد من الدّواب والإبلِ، وَهُوَ مِن النَّاس مَشِيمة.
وسَلِيت النَّاقة، أَي: أخذتُ سلاها.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّلَى سَلَى الشَّاة، يكْتب بِالْيَاءِ؛ وَإِذا وصفْتَ قلت: شاةٌ سلياء. وسَلِيت الشاةُ: تدلّى ذَلِك مِنْهَا. وَيُقَال لِلْأَمْرِ إِذا فَاتَ: قد انْقَطع السّلَى، يُضرب مثلا لِلْأَمْرِ يفوت وَيَنْقَطِع. وسلَيْتَ الناقةَ: أخذت سلاها وأخرجته.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّلْوة: السُّلُوّ، والسَّلْوة: رَخاءُ العَيش.
سلأ: الأصْمعي: سَلأْتُ السَّمْنَ وَأَنا أسْلأُه سَلأً. قَالَ: والسِّلاء: الِاسْم، وَهُوَ السَّمْن. وَيُقَال: سَلأَه مائةَ سَوْط، أَي: ضَرَبه. وسَلأَه مائةَ دِرْهم، أَي: نقَدَه.
وَقَالَ غيرُه: السُّلاّء: شَوْكَة النّخل، والسُّلاّء: الْجَمِيع.
وَقَالَ علقمةُ بن عَبْدة يصف فَرَساً:
سُلاّءةٌ كعَصَا النَّهدِيّ غُلَّ لَهَا
ذُو فَيْئَةٍ من نَوَى قُرَّان مَعجومُ
ألس: رُوِيَ فِي حديثِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه دَعَا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بك من الأَلْسِ والكِبر) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأَلْسُ: اخْتِلَاط العَقْل، يُقَال مِنْهُ: أُلِسَ الرجلُ فَهُوَ مَأْلوس. قَالَ: وَقَالَ الأُمويّ: يُقَال: ضَرَبه فَمَا تَأَلَّسَ، أَي: مَا تَوَجَّع.
وَقَالَ غَيره: فَمَا تحَلَّس بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَلْسُ: الْخِيَانَة. والأَلْسُ: الأَصْلُ السُّوْء.

(13/49)


وَقَالَ الهَوازِنيّ: الأَلْسُ: الرِّيبة، وتَغيُّر الخُلُق من رِيبة. أَو تغيُّر الخُلُق من مَرَض، يُقَال: مَا أَلَسَك.
وأَنشَد:
إنّ بِنَا أَو بكُمَا لأَلْسَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للغَريم: إنّه ليَتَألَّسُ فَمَا يُعطِي وَمَا يَمنعُ، والتألُّس: أَن يكون يُرِيد أَن يُعطِيَ وَهُوَ يمْنَع، يُقَال: إنّه لَمأْلُوسُ العطِيّة، وَقد أُلِسَتْ عطيّتُه: إِذا مُنِعتْ من غير إِياس مِنْهَا.
وأَنشَد:
وصَرَمَتْ حَبْلَك بالتَأَلُّسِ
قَالَ القتيبي: الألس: الْخِيَانَة والغش، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان لَا يدالس وَلَا يؤالس. فالمدالسة من الدَّلْس وَهُوَ الظلمَة، يُرَاد: أَنه لَا يعمي عَلَيْك الشَّيْء فيخفيه وَيسْتر مَا فِيهِ من عيب. والمؤالسة: الْخِيَانَة. وَأنْشد:
هم السّمن بالسنوت لَا ألس فيهمُ
وهم يمْنَعُونَ جارهم أَن يُقرَّدا
ولس: قَالَ اللّيث: الوَلُوس: الناقَةُ الّتي تَلِسُ فِي سَيْرها ولَسَاناً؛ والإبِلُ يُوالسُ بعضُها بَعْضًا وَهُوَ ضَربٌ من العَنَق. والمُوَالَسة: شِبْه المُداهَنة فِي الْأَمر.
وَيُقَال: فلانٌ مَا يُدالِسُ وَلَا يُوالِس. وَمَا لي فِي هَذَا الأمرِ وَلْسٌ وَلَا دَلْس، أَي: مَا لي فِيهِ خِيانةٌ وَلَا ذَنْب.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُوالَسة: الخِداع، يُقَال: قد تَوالَسوا عَلَيْهِ وترافدوا عَلَيْهِ، أَي: تَناصَروا عَلَيْهِ فِي خِبّ وخديعة. والوَلُوس: السَّريعة من الْإِبِل.
(لوس) : قَالَ اللَّيْث: اللَّوْس: أَن يَتتبّع الإنسانُ الحَلاواتِ وَغَيرهَا فيأكل.
يُقَال: لاسَ يَلُوس لَوْساً وَهُوَ لائسٌ ولَؤُوس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوس: الأكلُ الْقَلِيل. واللُّوس: الأشِدّاء، واحدهمْ أَلْيَس.
سيل: قَالَ اللَّيْث: السَّيْل مَعْرُوف، وجمعُه سُيول. ومَسِيل المَاء وجمعُه أَمْسِلةٌ، وَهِي ميَاهُ الأمطار إِذا سالَت.
قلت: القياسُ فِي مَسيل الماءِ مَسايِل غيرُ مَهْمُوز، ومَن جمَعَه أَمسِلَةً ومُسُلاً ومُسْلاناً فَهُوَ على توهُّم أنَّ الْمِيم فِي المَسيل أصليّة، وأنّه على وزن فَعِيل وَلم يُرَدْ بِهِ مَفعِلاً، كَمَا جَمعوا مَكَانا أمكِنة، وَلَهُمَا نَظَائِر. والمَسِيل: مَفْعِلْ من سالَ يَسيلُ مَسِيلاً ومَسالاً وسَيْلاً وسَيَلاناً. وَيكون المَسِيل أَيْضا: المكانُ الّذي يَسِيل فِيهِ ماءُ السَّيْل.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّيَال: شجَرٌ سَبْط الأَغْصان عَلَيْهِ شَوْك أبيضُ. أصولُه أَمْثَال ثَنَايا العَذارَى.
قَالَ الْأَعْشَى:
باكَرَتْها الأغْراب فِي سِنَة النَّومِ
فتَجرِي خِلال شَوْكِ السَّيَالِ

(13/50)


يصف الْخمر. والسِّيلاَنُ: سِنْخُ قائِم السَّيفِ والسِّكِّين، وَنَحْو ذَلِك.
لَيْسَ: قَالَ اللَّيْث: ليسَ: كلمةُ جُحود، قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: مَعْنَاهُ: لَا أَيْس، فطُرِحَت الْهمزَة وأُلزِقتْ اللاّم بِالْيَاءِ، وَمِنْه قولُهم: ائتِنِي من حيثُ أَيْسَ ولَيْس، وَمَعْنَاهُ: من حيثُ هُوَ وَلَا هُوَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: لَيْسَ يكون جَحداً، وَيكون اسْتثِْنَاء، يُنصَب بِهِ، كقولِك: ذهب القومُ لَيسَ زيدا بِمَعْنى مَا عَدَا زَيْداً وَلَا يكون أبدا، وَيكون بمعنَى إلاّ زَيْداً. قَالَ: وربّما جَاءَت ليسَ بِمَعْنى لاَ الّتي يُنسقُ بهَا. قَالَ لبيد:
إِنَّمَا يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْ
إِذا أُعرِب قيل: لَيْسَ الجملُ، لأنّ لَيْسَ هَهُنَا بِمَعْنى لَا النَّسَقِيَّة، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: أَرَادَ لَيْسَ يَجْزِي الجَمَل ولَيْس الجَملُ يَجْزِي، وربّما جَاءَت لَيْسَ بِمَعْنى لَا التّبرئة.
قَالَ ابْن كيسَان: (لَيْسَ) من الجَحْد، وَتَقَع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: تكون بِمَنْزِلَة كَانَ، ترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر، تَقول: لَيْسَ زيد قَائِما، وَلَيْسَ قَائِما زيد، وَلَا يجوز أَن تقدم خَبَرهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِف. وَتَكون لَيْسَ اسْتثِْنَاء فتنصب الِاسْم بعْدهَا كَمَا تنصبه بعد إِلَّا، تَقول: جَاءَنِي الْقَوْم لَيْسَ زيدا، وفيهَا مُضْمر لَا يظْهر. وَتَكون نسقاً بِمَنْزِلَة (لَا) تَقول: جَاءَنِي عمر وَلَيْسَ زيد.
وَقَالَ لبيد:
إِنَّمَا يَجزي الْفَتى لَيْسَ الْجمل
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَقد صرّفوا.
وَقد صَرفوا لَيْسَ تصريفَ الْفِعْل الْمَاضِي فثنوْا وجَمَعوا وأَنّثوا، فَقَالُوا: لَيْس ولَيْسَا ولَيْسُوا، ولَيْسَت المرأةُ ولَسْنَ، وَلم يصرِّفوها فِي الْمُسْتَقْبل، وَقَالُوا: لَسْتُ أفعَل، ولَسْنا نَفْعل.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: من أسمج الْخَطَأ: أَنا لَيْسَ مِثلك، قَالَ: والصّواب لستُ مِثْلَك، لأنّ لَيْسَ فعل واجبٌ فَإِنَّمَا يُجاء بِهِ للْغَائِب المتراخِي، تَقول: عبدُ الله لَيْسَ مِثلك.
قَالَ: وَيُقَال جَاءَنِي الْقَوْم لَيْسَ أباكَ وليْسَكَ، أَي: غيرَ أَبِيك وَغَيْرك. وجاءكَ القومُ لَيْسَ إياك ولَيْسَني بالنّون بِمَعْنى وَاحِد. وَبَعْضهمْ يَقُول: لَيْسَني بِمَعْنى وغيري.
وَقَالَ اللّيث: مصدَرُ الأَلْيَس، وَهُوَ الشجاع الَّذِي لَا يَرُوعه الحَرْب.
وأنشَد:
ألْيَسُ عَن حَوْبائهِ سَخِيُّ
يَقُوله العجاج وَجمعه ليسٌ.
وَقَالَ آخر:
تَخالُ نَدِيَّهم مَرْضَى حَياءً
وتَلقاهُمْ غَداةَ الرَّوْعِ ليْسَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأَلْيَس: الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه.

(13/51)


وَقَالَ غَيره: إِبِلٌ لِيسٌ على الحَوض: إِذا أقامتْ عَلَيْهِ فلمْ تبرحْه، وَيُقَال للرجل الشُّجاع: أَهْيَس أَلْيَس، وَكَانَ فِي الأَصْل أَهْوَس أَلْيس، فلمّا ازْدَوَج الكلامُ قَلَبوا الواوَ يَاء فَقَالُوا: أَهْيَس. والأهْوَس: الَّذِي يَدُقُّ كلَّ شَيْء ويَأْكُلُه. والألْيَس: الَّذِي لَا يُبارح قِرْنَه، وربّما ذَمُّوا بقَوْلهمْ: أهيَس ألْيس، فَإِذا أَرَادوا الذّمّ عَنَوْا بالأهْيَس: الأهْوَس، وَهُوَ الْكثير الْأكل، وبالألْيس الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه، وَهَذَا ذَمّ.
وَقَالَ بعضُ الْأَعْرَاب: الألْيَس: الدَّيُّوثي الَّذِي لَا يَغار ويُتَهزَّأُ بِهِ؛ فَيُقَال: هُوَ أَلْيَسُ بُورِكَ فِيهِ. فاللّيَس يَدخُل فِي الْمَعْنيين: فِي المدحِ والذَّمّ. وكلٌّ لَا يَخفَى على المُتَفَوِّهِ بِهِ.
وَيُقَال: تَلايَسَ الرجلُ: إِذا كَانَ حَمُولاً حَسَن الخُلُق، وتلايَسْتُ عَن كَذَا وَكَذَا: أَي: غَمّضْتُ عَنهُ، وفلانٌ أَلْيَسُ دَهْثَم: أَي: حَسَن الخُلق.
وَفِي الحَدِيث: (كُلُّ مَا أنهرَ الدّم فكُلْ لَيْسَ السِّنّ والظُّفْرَ) ، وَالْعرب تستثني بليس فَتَقول: قَامَ الْقَوْم لَيْسَ أَخَاك، وَلَيْسَ أخويك، وَقَامَ النسْوَة لَيْسَ هنداً. وَقَامَ الْقَوْم ليسي وليْسَني وَلَيْسَ إيّاي. وَأنْشد:
قد ذهب الْقَوْم الْكِرَام ليسي
وَقَالَ الآخر:
وَأصْبح مَا فِي الأَرْض مني تقيّةً
لناظره لَيْسَ العظامَ العواليا
لسا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّسَا: الْكثير الْأكل من الْحَيَوَان.
وَقَالَ: لَسَا: إِذا أَكَلَ أَكْلاً يَسيراً، وكأنّ أصلَه من اللَّسِّ وَهُوَ الأكْل.
أسل: قَالَ اللَّيْث: الأسَلُ: نباتٌ لَهُ أغصانٌ كثيرةٌ دِقاق، لَا وَرَق لَهُ، ومَنبِتُه الماءُ الراكد؛ يُتَّخَذ مِنْهُ الغرابيلُ بالعِراق، الْوَاحِدَة أَسَلة؛ وَإِنَّمَا سمِّي القَنَا أَسَلاً تَشْبِيها بِطُولِهِ واستوائه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَعْدُو المنايا على أُسامةَ فِي الخِي
سِ عَلَيْهِ الطَّرْفاءُ والأسَلُ
وأَسَلَةُ اللِّسانِ: طَرَفُ شَباتِه إِلى مُستدَقِّه.
وَمِنْه قيل للصاد وَالزَّاي وَالسِّين: أسلِيّة، لِأَن مبدأها من أسلة اللِّسَان، وَهُوَ مستدق طرفه.
وأَسَلَةُ الذِّراع: مستدَقُّ الساعِد مِمَّا يَلِي الكفّ.
وكفٌّ أَسيلةُ الْأَصَابِع: وَهِي اللطيفة، السَّبْطةُ الْأَصَابِع.
وخَدٌّ أَسيل: وَهُوَ السَّهْل اللَّيّن، وَقد أَسُل أَسالةً.
أَبُو زيد: من الخُدود الأسيل، وَهُوَ السهل اللين الدّقيق المستوي، والمَسْنُونُ اللَّطيفُ، الدّقيق الْأنف.
ورُوِي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَا قَوَد إلاّ بالأَسَل، فالأسَل عِنْد عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كلّ مَا أرِقَّ من الْحَدِيد وحُدِّد من سيفٍ أَو سكين أَو سِنان، وأَسَّلْتُ

(13/52)


الحَديدَ: إِذا رَقَّفْتَه، وَقَالَ مُزاحِم العُقَيْلِيّ:
يُبَارِي سَدِيساها إِذا مَا تَلمَّجَتْ
شَباً مِثْلَ إبْزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّلِ
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إيَّاكُمْ وحَذْفَ الأَرْنب بالعَصَا، ولْيُذَكِّ لكم الأَسَل: الرِّماح والنَّبْل.
قَالَ أَبُو عُبيدة: لم يُرد بالأَسَل الرّماحَ دُون غَيرهَا من سَائِر السِّلَاح الّذي رُقِّقَ وحُدِّد.
قَالَ: وَقَوله: الرّماح والنبل يرد قولَ من قَالَ: الأَسَل: الرِّماحُ خاصّة، لِأَنَّهُ قد جعل النَّبْل مَعَ الرماح أسلاً. وَجمع الفرزدق الأَسَل الرماحَ أسلاتٍ فَقَالَ:
قد ماتَ فِي أسلاتِنا أَو عَضَّنه
عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقتَّلُ
أَي: فِي رِماحِنا. ومأْسَل: اسْم جَبَلٍ بعَيْنه.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأسَلَةُ: طَرف اللِّسان، وَقيل للقَنَا أَسَل لما رُكِّب فِيهَا من أَطْرَاف الأسِنَّة.

(بَاب السِّين وَالنُّون)
س ن (وَا ىء)
سنا وَسن نوس نسي أسن أنس نسأ سان: (مستعملة) .
سنا: قَالَ اللَّيْث: السّانِيَة جمعُها السَّوانِي: مَا يُسقَى عَلَيْهِ الزُّروع والحيوانُ من كبيرٍ وغَيره.
وَقد سَنَتِ السّانية تَسْنُو سُنُوّاً: إِذا استَقَت وسِنايَةً وسِنَاوَة.
قَالَ: والسَّحاب يَسْنُو الْمَطَر والقومُ يَسْتنون: إِذا أسنَتوا لأَنْفُسِهِمْ، قَالَ رؤبة:
بأيِّ غَرْبٍ إِذْ عرفنَا نَسْتَنِي
ابْن هانىء عَن أبي زيد: سَنَت السماءُ تَسْنُوا سُنُوّاً: إِذا مَطَرَتْ، وسَنَوْتُ الدَّلْوَ سِناوة: إِذا جررْتها من الْبِئْر.
أَبُو عبيد: السّاني: المستقي، وَقد سنَا يَسْنُو، وَجمع الساني سُناة، قَالَ لبيد:
كأَنّ دُمُوعه غَرْباً سُنَاةٍ
يُحِيلون السِّجال على السجال
جعل السُّناة الرِّجال الَّذين يَلُون السَّواني من الْإِبِل، ويُقبلون بالغُرُوبِ فيُحيلونها، أَي: يَدْفُقون ماءها فِي الْحَوْض.
وَيُقَال: رَكيّة مَسْنَوية: إِذا كَانَت بعيدَة الرِّشاء لَا يُستقى مِنْهَا إِلَّا بالسّانية من الْإِبِل، والسانِية تقع على الْجمل والناقة، بِالْهَاءِ. والساني: يَقع على الْجمل وعَلى الرّجُل وَالْبَقر، وربّما جعلُوا السَّانية مصدرا على فَاعله بِمَعْنى الاستقاء، وَمِنْه قَول الراجز، وَأنْشد الفرّاء:
يَا مرحباهُ بحمارٍ ناهِيَهْ
إِذا دنَا قَرَّبْتُه للسانيهْ
أَرَادَ: قرْبْتُه للسانية. وَهَذَا كُله مسموع من الْعَرَب.
وَيُقَال: سَنَيْتُ الْبَاب وسَنَوْتَهُ: إِذا فتحتَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْفراء: يُقَال:

(13/53)


سناها العيثُ يَسْنُوها فَهِيَ مَسْنُوَّة ومَسْنِيَّة، يَعْنِي سَقَاهَا.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: سانيْتُ الرجل: راضيتُه وأحسنتُ معاشَرَتَه، وَمِنْه قَول لبيد:
وسانيتُ مِن ذِي بَهْجَةٍ ورَقيتُه
عَلَيْهِ السُّموط عابسٍ متغَضِّبِ
اللَّيْث قَالَ: والمُساناة: المُلاينة فِي الْمُطَالبَة. والمُساناة: المُسَانَهَة، وَهِي الْأَجَل إِلَى سنة.
وَقَالَ: المُساناة: المصانَعة، وَهِي المُداراة، وَكَذَلِكَ المُصاداة والمُداجاة.
قَالَ: وَيُقَال: إِن فلَانا لسَنِيُّ الْحسب، وَقد سَنُوَ يَسْنُو سُنُوّاً وسنَاء مَمدُود.
قَالَ: والسَّنا مَقْصُور: حدُّ مُنْتَهى ضوءِ الْبَدْر والبرق، وَقد أَسنى البرقُ: إِذا دخل سناهُ عَلَيْك بَيْتك، وَوَقع على الأَرْض أَو طَار فِي السَّحَاب.
وَقَالَ أَبُو زيد: سنَا الْبَرْق: ضَوْءُه من غير أَن تَرَى الْبَرْق أَو ترى مَخرجه فِي مَوْضِعه، وَإِنَّمَا يكون السَّنا بِاللَّيْلِ دون النَّهَار، وَرُبمَا كَانَ فِي غير سَحَاب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السناءُ من الشَّرَف وَالْمجد مَمْدود. والسَّنَا: سَنَا البَرْق وَهُوَ ضوؤه، يكْتب بالألِف ويثنَّى سَنَوان، وَلم يعرف لَهُ الْأَصْمَعِي فعلا.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَا: نباتٌ لَهُ حَمْل، إِذا يبس فحرّكته الرِّيح سمعتَ لَهُ زجلاً، والواحدة سناة.
وَقَالَ حُمَيْد:
صَوْتُ السَّنا هَبَّتْ لَهُ عُلْوِيّةٌ
هَزَّتْ أعاليه بسَهْبٍ مُقْفِرِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: السّنا: نبتٌ، وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم بالسَّنَا والسَّنُّوتِ) وَهُوَ مَقْصُور.
وَقَالَ غَيره: تُجْمع السّنة سنوات وسِنِين.
قَالَ: والمُسَناة: ضفيرةٌ تُبنى للسيل لترُدّ المَاء، سُمّيت مُسَنّاةً لِأَن فِيهَا مفاتيحَ للْمَاء بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مِمَّا لَا يغلب، مأخوذٌ من قَوْلك: سنَّيت الْأَمر: إِذا فتحتَ وَجهه، وَمِنْه قَوْله:
إِذا الله سنّى عِنْد أَمرٍ تَيَسَّرَا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وتَسَنى الرجل: إِذا تَسَهَّلَ فِي أُمُوره، وَأنْشد:
وَقد تَسَنّيْتُ لَهُ كلَّ التَّسَني
وَيُقَال: تَسَنَّيْتُ فلَانا: إِذا ترضّيته. وتسنَّى الْبَعِير الناقةَ: إِذا تسدّاها وقعَا عَلَيْهَا ليضربها.
وَسن: قَالَ اللَّيث: الوسَن: ثقل النّوْم. ووَسِنَ فلانٌ: إِذا أَخَذته سَنةُ النُّعاس. ورجُل وَسِن ووَسْنان، وَامْرَأَة وسْنى: إِذا كَانَت فاتِرَة الطَّرْف.
وَقَالَ الله عز وَجل: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} (الْبَقَرَة: 255) ، أَي: لَا يَأْخُذهُ نعاسٌ وَلَا نوم، وتأويله: أَنه لَا يَغْفُل عَن تَدْبِير أَمر الْخلق، قَالَ ابْن الرِّقاع:

(13/54)


وَسْنانُ أَقصده النُّعاسُ فَرَنَّقَتْ
فِي عينه سِنَةٌ وَلَيْسَ بنائم
ففرّق بَين السِّنَةِ وَالنَّوْم كَمَا ترى.
قلت: إِذا قَالَت الْعَرَب امرأةٌ وَسْنى: فَالْمَعْنى أَنَّهَا كَسلى من النَّعمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: مَيسَانُ: كوكبٌ، يكون بَين المعَرّة والمجرّة.
وَرُوِيَ عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الميَاسين: النُّجُوم الزاهرة.
قَالَ: والمَيسُونُ من الغِلمان: الحسنُ القَدّ الطّرِيرُ الْوَجْه.
قلتُ: أما مَيسانُ اسمُ الْكَوْكَب فَهُوَ فَعلانُ من مَاس يميس: إِذا تبختر، وَأما مَيسون فَهُوَ فَيْعُول من مَسَنَ أَو فَعْلُونَ من ماسَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: امْرَأَة مَوْسُونةٌ: وَهِي الكسلَى.
سان: وَقَالَ اللَّيْث: طُورُ سِينا: جَبَل. قَالَ: وسِينين: اسْم جَبَل بِالشَّام.
وَقَالَ الزّجّاج: قيل: إنّ سِيناء حجارةٌ، وَهُوَ وَالله أعلم اسمُ الْمَكَان فَمن قَرَأَ سَيْناء على وَزْن صَحْراء، فإنّها لَا تَنْصَرِف، وَمن قَرَأَ سِيناءَ، فَهِيَ هَا هُنَا اسمٌ للبُقْعة، فَلَا ينْصَرف، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فِعْلاء بِالْكَسْرِ ممدودة.
قَالَ اللَّيْث: السِّين حرفُ هِجاءٍ يذكَّر ويؤنَّث، هَذِه سينٌ، وَهَذَا سِينٌ، فَمن أنَّث فعلى توهُّم الْكَلِمَة، وَمن ذَكَّر فعلى توهُّم الْحَرْف.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التَّسَوُّن: استرخاءُ البَطْن.
قلتُ: كأنّه ذهب بِهِ إِلَى التَّسَوُّل، من سَوِل يَسْوَل: إِذا استرخى، فأبدَلَ من اللَّام نُوناً.
نسي: قَالَ اللَّيْث: نسيَ فلانٌ شَيْئا كَانَ يذكُرُه وَإنَّهُ لَنسِيٌّ، أَي: كثيرُ النسْيَان. والنِّسْيُ: الشيءُ المَنْسيُّ الَّذِي لَا يُذكَر.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا نَنسَخْ مِنْءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) .
قَالَ الفرّاء: عامّة القُرّاء يجعلونها من النِّسْيان.
قَالَ: والنِّسْيان هَا هُنَا على وَجْهَيْن: أحدُهما: على التَّرْك، نتْرُكُها فَلَا نَنْسَخُها، كَمَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (التَّوْبَة: 67) ، يُرِيد: تَرَكُوهُ فترَكهم.
والوجهُ الآخر من النّسْيان الَّذِي يُنْسَى، كَمَا قَالَ جلّ شَأْنه: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (الْكَهْف: 24) .
وَقَالَ الزَّجّاج: قُرىء: {أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) وقرىء: (نَنْسَهَا) ، وقرىء: (نَنْسأْها) . قَالَ: وَقَالَ أهلُ اللُّغَة فِي قَوْله: {أَوْ نُنسِهَا} .
قَالَ بَعضهم: {أَوْ نُنسِهَا} من النِّسْيان وَقَالَ: دليلُنا على ذَلِك قولُ الله تَعَالَى: {أَحْوَى سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} {إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} (الْأَعْلَى: 6، 7) ، أنّه يشاءُ أَن يَنسى.

(13/55)


قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القولُ عِنْدِي لَيْسَ بجائز؛ لأنّ الله قد أنبأ النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (الْإِسْرَاء: 86) ، أَنه لَا يَشَاء أَن يَذهَب بِمَا أوحَى بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: وَفِي قَوْله تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ} (الْأَعْلَى: 6، 7) قَولَانِ يُبْطِلان هَذَا القولَ الَّذِي حَكَيْناه عَن بعض أهل اللُّغَة: أحدُهما: {تَنسَى إِلاَّ مَا شَآءَ} أَي: فلستَ تَتْرك إِلَّا مَا شَاءَ الله أَن تَتْرُك.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون: {إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} ممّا يلْحق بالبَشَريّة، ثمَّ تذَكَّرُ بعدُ ليسَ أَنه على طَرِيق السَّلْب للنبيّ عَلَيْهِ السَّلَام شَيْئا أوتيَه من الْحِكْمَة.
قَالَ: وَقيل فِي {أَوْ نُنسِهَا} قَول آخر؛ وَهُوَ خطأ أَيْضا.
قَالُوا: أَو نَتركها، وَهَذَا إِنَّمَا يُقَال فِيهِ: نَسِيت إِذا تركت، لَا يُقَال: أُنْسيتَ تركت، وَإِنَّمَا مَعنى: {أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) أَو نتركها، أَي: نأمركم بتَرْكِها.
قلتُ: وممّا يقوِّي قولَه، مَا أخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
إنّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها
لستُ بناسِيها وَلَا مُنْسِيها
قَالَ: بناسِيها: بتارِكها، وَلَا مُنسِيها: وَلَا مؤخِّرها، فوافَق قَول ابْن الأعرابيّ قَولَه فِي النَّاسِي أنّه التارك لَا المنسيّ؛ وَاخْتلف قَوْلهمَا فِي المُنْسِي، وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي ذهبَ فِي قَوْله: (وَلَا مُنْسِيها) إِلَى ترك الْهَمْز، مِن أَنسَأْت الدَّيْنَ، أَي: أخَّرْتَه على لُغَة مَن يخفِّف الْهمزَة.
وأمّا قولُ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مريمَ: {وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً} (مَرْيَم: 23) ، فإنّه قرىء (نسْياً) و (نِسْياً) ، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه حَيْضةً مُلْقاةً، وَمن قَرَأَ (نَسْياً) فَمَعْنَاه شَيْئا مَنْسِياً لَا أُعرَف، وَقَالَ الزّجّاج: النِّسْيُ فِي كلامِ العَرَب: الشيءُ الْمَطْرُوح لَا يُؤْبَه لَهُ، وَقَالَ الشَّنْفَري:
كأنّ لَهَا فِي الأَرْض نِسْياً تَقُصُّه
على أُمِّها وإنّ تُحاطِبْك تَبْلَتِ
وَقَالَ الفرّاء: النِّسْيُ والنَّسْيُ لُغَتَانِ فِيمَا تُلْقِيه المرأةُ من خِرَق اعتلالِها. قَالَ: وَلَو أَردتَ بالنِّسْيِ مصدَر النِّسْيان كَانَ صَوَابا، والعَرَب تَقول: نَسِيتُه نِسْياناً ونِسْياً.
وأخبَرَني المُنذِريُّ عَن ابْن فَهْم، عَن محمّد بن سلاّم، عَن يونسَ أنّه قَالَ: العَرَبُ إِذا ارتَحَلوا من الدّار قَالُوا: انْظُروا أَنساءَكم: أَي: الشيءَ اليَسيرَ نَحْو العَصَا والقَدَح والشِّظاظ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: النِّسْيُ: مَا أغفِل من شَيْء حقيرٍ ونُسِيَ.
وأخبَرَني الإياديُّ عَن شمر عَن ابْن الأعرابيّ أنّه أَنشَدَه:
سَقَوْني النَّسْيَ ثمَّ تكنَّفُونِي

(13/56)


عُدَاةَ اللَّهِ من كَذِبٍ وزُورِ
بِغَيْر همز، وَهُوَ كلُّ مَا نَسَّى العَقْلَ. قَالَ: وَهُوَ اللَّبن الحليبُ يُصَب عَلَيْهِ ماءٌ.
قَالَ شمر: وَقَالَ غيرُه: هُوَ النَّسِيُّ بنَصْب النُّون بِغَيْر همز، وأَنشَد:
لَا تَشْرَبَن يومَ وُرودٍ حازِرَا
وَلَا نسِيّاً فتَجيءَ فاتِرَا
أَبُو عُبيد: يُقَال للّذي يشتكي نَساه: نَسٍ، وَقد نَسِيَ يَنْسَى، إِذا اشتَكَى نَسَاه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجلٌ أَنْسَى، وامرأةٌ نَسْيا، إِذا اشتَكَيَا عِرْقَ النَّسا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هُوَ النَّسا لهَذَا العِرْق، وَلَا تقل عِرْق النَّسا، وأَنشَد غيرُه قولَ لبيد:
مِنْ نَسَا النّاشِطِ إِذْ ثَوَّرْتَهُ
أَو رَئيسِ الأخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ
يُقَال: نَسِيتُه أَنْسِيه نَسْياً: إِذا أَصَبْتَ نَساه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّسْوَة: الجُرْعة من اللّبن. والنَّسوةُ: التَّرْك للعَمَل. والنِّسوةُ بِكَسْر النُّون لجَماعَة الْمَرْأَة من غير لفظِها، وَالنِّسَاء: إِذا كَثُرْن.
نسأ: أَبُو عبيد عَن الأمَويّ: النَّسءُ بِالْهَمْز: اللَّبَن المَحْذُوق بِالْمَاءِ، وأَنشَد بَيت عُرْوَة بن الْورْد:
سَقَوْني النَّسءَ ثُمّ تكنَّفُونِي
عُدَاةَ اللَّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وقرىءَ: {نَنسَخْ مِنْءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) الْمَعْنى: مَا نَنْسخ لَك من اللّوح الْمَحْفُوظ، أَو ننسأْها: نؤخِّرها، فَلَا نُنْزِلها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: التَّأْوِيل أنّه نَسخها بغَيْرهَا وأقرَّ خَطّها، وَهَذَا عِنْدهم الْأَكْثَر والأجوَد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {إِنَّمَا النَّسِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} (التَّوْبَة: 37) ، قَالَ الفرّاء: النَّسِيءُ: المَصْدَر، وَيكون المَنْسُوء: مِثل قَتِيل ومَقْتول، قَالَ: وَإِذا أَخَّرْتَ الرجلَ بِدَيْنِه، قلتَ أنسأْتُه، فَإِذا زدتَ فِي الأجَل زِيَادَة يَقع عَلَيْهَا تَأْخِير قلت: قد نسأْتُ فِي أيّامك، ونسأْتُ فِي أَجَلك: وَكَذَلِكَ تَقول للرجل: نسأَ اللَّهُ فِي أَجلك، لِأَن الأجَل مَزيدٌ فِيهِ، وَلذَلِك قيل للَّبن: النَّسْيء، لزِيَادَة المَاء فِيهِ، وَكَذَلِكَ قيل: نُسِئَت المرأةُ: إِذا حملتْ، جَعَل زيادةُ الْوَلَد فِيهَا كزيادة الماءِ فِي اللَّبن، يُقَال: والناقة: نسأْتها، أَي: زجرْتُها لِيَزْدَادَ سَيْرُها.
وَقَالَ الْفراء: كَانَت العربُ إِذا أَرَادَت الصَّدَرَ عَن مِنًى قَامَ رَجُل من بني كنانَة وسمّاه فَيَقُول: أَنا الّذي لَا أُعابُ وَلَا أُجاب، وَلَا يُرَدّ لي قَضَاء، فَيَقُولُونَ: صدقتَ: أَنْسئْنا شَهْراً، يُرِيدُونَ: أَخِّرْ عنّا حُرْمةَ المحرَّم واجعَلْها فِي صَفَر، وأَحِلَّ المحرَّم، فيَفعل ذَلِك، لئلاّ يتوالَى عَلَيْهِم ثلاثةُ أشهُر حُرُم، فَذَلِك الإنساء.
قلتُ: والنسيءُ فِي قَول الله مَعْنَاهُ الإِنْساء، اسمٌ وُضِع موضعَ المَصْدَر

(13/57)


الحقيقيّ من أنسَأْتُ، وَقد قَالَ بعضُهم: نَسَأْتُ فِي هَذَا الْموضع بِمَعْنى أَنْسَأْتُ؛ قَالَ عُمَير بنُ قيسِ بنِ جِذْل الطِّعان:
ألَسْنا النّاسِئين على مَعَدِّ
شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرامَا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنسأَ اللَّهُ فلَانا أَجَلَه، ونَسَأَ فِي أَجَلِه.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ مثله.
قَالَ: وأنسأْتُه الدَّينَ. قَالَ: وَيُقَال: مَا لَه نَسَأه اللَّهُ، أَي: أخَّزَاه الله. وَيُقَال: أَخَرَه الله. وَإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه. قَالَ: وَقد نُسِئَت المرأةُ: إِذا بَدَا حَمْلُها فَهِيَ نَسُوءٌ. وَقد جَرَى النَّسْء فِي الدّوابِ: يَعْنِي السِّمَن. ونَسَأْتُ الإبلَ أنسَأُها: إِذا سُقْتَها؛ قَالَ: وأنشدَنا أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء:
وَمَا أمُّ خِشْفٍ بالعَلاَيةِ شادِنٍ
تُنَسِّىءُ فِي بَرْدِ الظِّلالِ غَزَالها
قَالَ: وانتسَأَ القومُ: إِذا تبَاعَدوا.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تنَاضَلْتم فانتسِئوا عَن الْبيُوت) ، أَي: تبَاعَدوا؛ وَقَالَ مَالك بن زُغْبة:
إِذا انْتَسَئُوا فَوْتَ الرِّماح أتتْهُمُ
عَوَائِرُ نَبْلٍ كالجرادِ نُطيرُها
وَقَالَ أَبُو زيد: نَسأْتُ الإِبِلِ عَن الْحَوْض: إِذا أخَّرْتها. ونَسَأَتِ الماشيةُ تَنْسَأ: إِذا سَمِنَتْ؛ وكلُّ سَمين ناسىء. ونُسِئَت المرأةُ فِي أوّل حَمْلِها، وأَنْسَأْتُه الدَّين: إِذا أخَّرتَهُ؛ وَاسم ذَلِك الدَّين النّسِيئة. قَالَ: ونسأتُ الإبلَ فِي ظِمْئِها فَأَنا أنسؤها نسْأً: إِذا زدتها فِي ظمئها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {دَابَّةُ الاَْرْضِ} (سبأ: 14) ، هِيَ: العَصَا الضّخمة الّتي تكون مَعَ الرَّاعِي، يُقال لَهَا المنْسأة، أُخِذَت من نَسأْتُ الْبَعِير، أَي: زَجَرْتُه ليزدادَ سيرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ناسَاه: إِذا أبْعَدَه، جَاءَ بِهِ غيرَ مَهْموز، وَأَصله الهمزُ.
أسن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ} (مُحَمَّد: 15) .
قَالَ الفَرَّاء: أَي غيرُ متغيِّر وَلَا آجِن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أسَنَ الماءُ يأسِنُ أَسْناً وأُسُوناً: وَهُوَ الّذي لَا يَشْرَبه أحدٌ من نَتْنه. قَالَ: وأَجَنَ يأْجِنُ: إِذا تغيّر، غيرَ أنّه شَرُوب.
وَفِي حَدِيث عمَر: أَن قَبيصةَ بن جَابر أَتَاهُ فَقَالَ: إنِّي رَمَيْتُ ظَبياً وَأَنا مُحرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فماتَ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (أَسن) يَعْنِي أدِير بِهِ، وَلِهَذَا قيل للرَّجل إِذا دَخَل بِئْرا فاشتدَّت عَلَيْهِ ريحُها حَتَّى يصيبَه دُوار مِنْهُ فيسقُط: قد أَسِن يأسَن أَسناً، قَالَ زُهير:
يُغَادِرُ القِرْنَ مصفَرّاً أنامِلُه
يَمِيدُ فِي الرُّمْح مَيْدَ المائح الأَسِنِ
قلتُ: هُوَ الأَسِن واليَسن أُسمعتُه من غيرِ وَاحِد بِالْيَاءِ، كَمَا قَالُوا رُمْحٌ بَزَنى وأَزَنيّ،

(13/58)


وَمَا أَشْبَهَه.
أَبُو عُبيد عَن الفَرّاء قَالَ: إِذا بَقِيَتْ من شَحم النَّاقة ولحمِها بقيّةٌ فاسمُها الأسُنُ والعُسُنُ، وجمعُه آسان وأَعْسان. وَيُقَال: تَأَسَّنَ فلَان أبَاه: إِذا تَقيّله. وَهُوَ على آسانٍ من أَبِيه وآسالٍ.
وَقَالَ اللّيث: تأَسّن عَهْدُ فلَان ووُدُّه: إِذا تغبّر، وَقَالَ رُؤْبة:
راجَعَهُ عَهْداً عَن التّأسُّنِ
قَالَ: والأَسينَة: سَيْرٌ وَاحِد من سُيورٍ تُضْفَر جَمِيعًا فتُجعَل نِسْعاً أَو عِناناً، وكلُّ قُوَّة من قُوَى الوَتَر أَسينَة، والجميع أَسائن، والأسُون والآسَان أَيْضا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لقد كنتُ أَهْوَى الناقميَّةَ حِقْبَةً
فقد جعلَتْ آسانُ بَيْن تَقَطَّعُ
قَالَ ذَلِك الفَرّاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَأَسَّنَ فلانٌ عليَّ تأسُّناً: أَي: اعتَلّ وأَبطأَ.
ورَواهُ ابْن هانىء عَنهُ: تأسَّر بالراء، وَهُوَ الصَّوَاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَسِنَ الرجلُ يَأْسَنُ: إِذا غُشِيَ عَلَيْهِ من رِيح الْبِئْر.
قَالَ: وأسَنَ الرجلُ لِأَخِيهِ يأْسِنُه ويأسُنه: إِذا كَسَعَه بِرجلِهِ.
قَالَ أَبُو العبّاس: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَسْنُ: لُعْبةٌ لَهُم يسمُّونها الضَّبْطة والمَسّة.
وَقَالَ غيرُه: آسانُ الرجل: مذاهِبُه وأخلاقه، وَقَالَ ضابىء البُرْجُميّ:
وقائلةٍ لَا يُبْعدُ اللَّهُ ضابئاً
وَلَا تَبْعَدَنْ آسانُه وشمَائلُهْ
وَسن: وَقَالَ أَبو زيد: رَكِيّةٌ مُوسِنَةٌ يَوْسَنُ فِيهَا الإنسانُ وسَناً: وَهُوَ غَشْيٌ يَأْخُذهُ، وَبَعْضهمْ يَهمِز فَيَقُول: أَسِن.
قلت: وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: ترجّل فلَان فِي الْبِئْر فَأَصَابَهُ اليَسَنُ فطاح مِنْهَا، بِمَعْنى الأسن. وَقد يسن ييسن لُغَات مَعْرُوفَة عِنْد الْعَرَب كلهَا.
وَيُقَال: توسَّنْتُ فلَانا تَوَسُّناً: إِذا أتيتَه عِنْد النَّوم، قَالَ الطّرِمّاح:
أذَاكَ أم ناشطٌ توسَّنَه
جارِيَ رذاذٍ يَسْتَنُّ مُنْجِرِدُهْ
وتَوَسَّنَ الفَحلُ الناقةَ: إِذا أَتَاهَا باركةً فضَرَبها، قَالَ أَبُو دُواد:
وغَيثٍ توسّنَ مِنْهُ الرِّيا
حُ جُوناً عِشاراً وعُوناً ثقالاَ
جعل الرِّياح تُلقح السحابَ، فضَرب الجونَ والعُوْن لَهَا مَثَلا.
والجون: جمعُ الجونة، والعُونُ: جمعُ العَوَان.
ورُوي عَن ابْن عمَر أَنه كَانَ فِي بيتِه المَيْسُوس فَقَالَ: أخرِجوه فإنّه رِجْس، قَالَ شمر: قَالَ البَكْراويّ: المَيْسوسن: شيءٌ تَجْعَلهُ النِّساء فِي الغِسلة لرؤوسهنّ.

(13/59)


أنس: أَبُو زيد: تَقول العَرب للرّجل: كيفَ ترى ابنَ إنسك: إِذا خاطبتَ الرجل عَن نَفسه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: فلانٌ ابْن أُنسِ فلانٍ، أَي: صفيُّه وأنيسه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء: قلت للدُّبَيْري: إيش قولُهم: كَيفَ ترى ابْن إِنسك بِكَسْر الْألف؟ فَقَالَ: عزَاه إِلَى الْإِنْس، فَأَما الأُنس عِنْدهم فَهُوَ الغَزَلُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَنسْتُ بِهِ إنساً بِالْكَسْرِ وَلَا يُقَال أُنساً، إِنَّمَا الْأنس: حديثُ النِّساء ومؤانستهُنّ، رَوَاهُ أَبُو حَاتِم عَن أبي زيد.
وَقَالَ ابْن السكّيت: أَنستُ بِهِ آنَسُ، وأَنَستُ بِهِ آنِسُ أُنساً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: إنسِيٌّ وإنْس، وجِنِّيٌّ وجِنّ، وعَرَبيّ وعرَب.
وَقَالَ: آنِسٌ وآنَاسٌ كثير وإنسان وأنَاسيَةٌ وأنَاسيّ مثل إنسيّ وأَناسيّ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَنسْتُ بفلان، أَي: فرِحْتُ بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: الإنْس: جماعةُ النَّاس، وهم الأنَس، تَقول: رأيتُ بمكانِ كَذَا وَكَذَا أنسا كثيرا، أَي: نَاسا، وأنشَد:
وَقد نرَى بالدّار يَوْمًا أَنسَا
قَالَ: والأُنْسُ والاستِئناس هُوَ التّأنُّس، وَقد أَنسْتُ بفلانٍ. وَفِي كَلَام الْعَرَب: إِذا جَاءَ الليلُ استأنَسَ كلُّ وحشيّ، واستَوْحَش كلُّ إنسيّ. قَالَ: آنسْتُ فَزَعاً وأَنستُه: إِذا أَحسسْتَ ذَلِك أَو وجدته فِي نَفسك قَالَ والبازي يتأنّس إِذا مَا جَلَّى وَنظر رَافعا رَأسه وطَرْفَه. كلْبٌ أنوسُ: وَهُوَ نقيضُ العَقور، وكلابٌ أُنُس. وَقَوله جلّ وعزّ: {وَسَارَ بِأَهْلِهِءَانَسَ مِن جَانِبِ} (الْقَصَص: 29) ، يَعْنِي: مُوسَى أبصَر نَارا، وَهُوَ الإيناس.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ} (النُّور: 27) ، مَعْنَاهُ: حَتَّى تستأذِنوا.
وَقَالَ: هَذَا مقدَّم ومؤخَّر، إِنَّمَا هُوَ: حَتَّى تُسلِّموا وتستأنسوا: السلامُ عليكمْ أَأَدخل؟ قَالَ: والاستئناسُ فِي كَلَام الْعَرَب: النّظر، يُقَال: اذهبْ فاستأنسْ هَل تَرَى أحد، فَيكون مَعْنَاهُ: انظُرْ مَن تَرَى فِي الدَّار، وَقَالَ النَّابِغَة:
بِذِي الجَليلِ على مستأنسٍ وَحِدِ
أَرَادَ على ثَوْرٍ وَحْشيّ أحسَّ بِمَا رابَه، فَهُوَ يسْتَأْنس، أَي: يتلفَّت ويتَبصَّر، هَل يرى أحدا. أَرَادَ: أنّه مَذْعُور فَهُوَ أَجَدُّ لعدْوِه وفراره وسرعته.
وَقَالَ الفرّاء فِيمَا روى عَنهُ سَلمَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً} (الْفرْقَان: 49) ، الأَناسيُّ: جِمَاعٌ، الواحدُ إنْسِيّ، وَإِن شئتَ جعلتَه إنْسَانا ثمَّ جمَعْتَه أُناسِيّ، فَتكون الياءُ عِوَضاً من النُّون.
قَالَ: وَالْإِنْسَان أصلُه؛ لأنّ العَرَب تصغّره

(13/60)


أُينسِياناً.
وَإِذا قَالُوا: أَناسِينُ فَهُوَ جمعٌ بيّنٌ، مِثْل بُسْتان وبَساتِين.
وَإِذا قَالُوا: (أَناسِيَ كثيرا) فخفّفوا الْيَاء وأَسقَطوا الْيَاء الّتي تكون مَا بينَ عَيْنِ الفِعل ولامِه؛ مثل قرَاقِير وقَراقِر، ويُبيِّن جَوازَ أَناسِي بِالتَّخْفِيفِ قولُ العَرَب: أناسِيَةٌ كَثِيرَة، وَالْوَاحد إِنْسِي وإنسان إِن شئتَ.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه سألَه عَن النّاس مَا أصلُه؟ فَقَالَ: أصلُه الأُناس، لِأَن أصلَه أُناسٌ، فالألف فِيهِ أصليّة، ثمَّ زيدتْ عَلَيْهِ اللاّمُ الّتي تُزاد مَعَ الْألف للتعريف، وأصلُ تِلْكَ اللامِ سُكُون أبدا إلاّ فِي أحرفٍ قليلةٍ، مِثل الِاسْم وَالِابْن وَمَا أشبَهَها من الألِفَات الوَصْليَّة، فَلَمَّا زادُوهُما على أُناس صَار الِاسْم الأُنَاسُ، ثمَّ كثرتْ فِي الْكَلَام فَكَانَت الهمزةُ وَاسِطَة، فاستثْقلُوها فتركُوها، وصارَ باقِي الِاسْم أَلُنَاس بتحريك اللاّم فِي الضمّة، فلمّا تحرّكت اللاّم والنّون أَدغَموا اللاّم فِي النّون فَقَالُوا: النّاس، فلمّا طَرَحوا الألفَ واللاّم ابتدأوا الاسمَ فَقَالُوا: قَالَ ناسٌ من النّاس.
قلتُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو الهَيْثم تعليلُ النحويِّين، وإنسانٌ فِي الأَصْل: إنْسِيَان وَهُوَ فِعْليانٌ من الْإِنْس، والأَلِفُ فِيهِ فاءُ الفِعل، وعَلى مِثالِه: حِرْصِيان: وَهُوَ الجِلْد الّذي يَلِي الجِلْدَ الْأَعْلَى من الْحَيَوَان، سُمِّي حِرْصِياناً لأنّه يُحرَص، أَي: يُقشَر، وَمِنْه أُخِذت الحارِصَةُ من الشِّجاج، وَيُقَال: رجلٌ حِذْرِيان إِذا كَانَ حَذِراً.
وإنّما قيلَ فِي الْإِنْسَان: أصلُه إنْسِيَان لأنّ العَرَب قاطبةً قَالُوا فِي تَصغِيره أنيْسِيَان، فدَلّت الياءُ الأخيرةُ على الْيَاء فِي تكبيره، إلاّ أنّهم حذفوها لمّا كثُر الْإِنْسَان فِي كلامِهم.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: الإنْسانُ أَيْضا: إنسانُ العَيْن، وجمعُه أَناسِيُّ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
إِذا استجْرَسَتْ آذانُها استأنَستْ لَهَا
أَناسِيُّ مَلْحودٌ لَهَا فِي الحَواحِبِ
قَالَ: والإنْسان: الأَنمُلةُ.
وأَنشَد:
تَمْرِي بأَسنانِها إنسَانَ مُقْلتِها
إنسانَةٌ فِي سَوادِ اللّيل عُطْبُول
وَقَالَ آخَر:
أشارتْ لإنسانٍ بإنسانِ كَفِّها
لتَقْتُلَ إنْسَانا بإنسانِ عَيْنِها
قلت: وأصلُ الْإِنْس والأَنَس وَالْإِنْسَان: من الإيناس وَهُوَ الإبصار، يُقَال: أَنَسْتُهُ وأَنِسْتُه: أَي: أَبْصَرْته.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَا يَسمَع المرءُ فِيهَا مَا يُؤَنِّسُه
باللَّيْل إِلَّا نَئِيمَ البُوم والضُّوَعا

(13/61)


وَقيل معنى قَوْله: مَا يؤنِّسه، أَي: يجعَلَه ذَا أُنس.
وَقيل للإِنْس إنْسٌ لأنّهم يُؤْنَسون: أَي: يُبْصَرون، كَمَا قيل للجِنّ جِنّ لأَنهم لَا يُؤنسُون: أَي: لَا يُرَوْن.
وَقَالَ مُحَمَّد بن عَرَفة الملقب بنفطويه وَكَانَ عَالما سمِّيَ الإنْسِيُّون إنْسيِّين لأنّهم يُؤْنسون، أَي: يُرَوْن، وسمِّيَ الجِنُّ جِنّاً لأَنهم مُجْتَنُّونَ عَن رُؤْيَة النَّاس، أَي: مُتَوارُون.
والإنْسِيّ من الدَّوابّ كلهَا: هُوَ الجانبُ الأيسَر الَّذِي مِنْهُ يرْكَبُ ويُحتَلَب، وَهُوَ من الإنسانِ: الْجَانِب الّذي يَلِي الرِّجْلَ الْأُخْرَى. والوَحْشِيّ من الْإِنْسَان: الجانبُ الَّذِي يَلِي الأرضَ، وَقد مرَّ تفسيرُهما فِي كتاب الْحَاء.
وَقَالَ اللّيث: جاريةٌ آنِسَة: إِذا كَانَت طَيّبة النَّفْس، تُحِبُّ قُرْبك وحديثَك، وجمعُها الآنَسَات والأوانِسُ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الأنيسة والمأْنوسة: النَّار؛ وَيُقَال لَهَا: السَّكَن، لِأَن الْإِنْسَان إِذا آنسها لَيْلاً أنِسَ بهَا وسكَن إِلَيْهَا، وزالت عَنهُ الوحْشة، وَإِن كَانَ بِالْبَلَدِ القَفْر.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للديك: الشُّقَرُ والأنيس والبَرْنيّ.
سَلمَة عَن الفرّاء: يُقَال للسلاح كلِّه من الدِّرع والمِغْفَر والتِّجْفَاف والتَّسْبِغَةِ والتُّرْس وَغَيرهَا المؤْنِسَات.
وَقَالَ اللّحياني: لغةُ طيّء مَا رأيتُ ثَمَّ إيساناً.
قَالَ: ويَجمعونه أياسِين.
قَالَ: وَفِي كتاب الله: (ياسين وَالْقُرْآن الْحَكِيم) بلُغة طَيء.
قلتُ: وقولُ أكثرِ أهلِ الْعلم بِالْقُرْآنِ إِن (يسن) من الْحُرُوف المقطَّعَة.
وَقَالَ الفرّاء: الْعَرَب جَمِيعًا يَقُولُونَ: الْإِنْسَان، إِلَّا طيّئاً فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ مكانَ النُّون يَاء فَيَقُولُونَ: إيسَان، ويجمعونه أياسين.
قلت: وَقد حدّث إِسْحَاق عَن رَوْح عَن شِبْل عَن قَيس بن سعد أنَّ ابْن عَبَّاس قَرَأَ: (ياسين وَالْقُرْآن الْحَكِيم) يُرِيد يَا إِنْسَان.
نوس: يُقَال: ناسَ الشيءُ يَنوس نَوْساً ونَوْساناً: إِذا تحرّك متدلِّياً.
وَقيل لبَعض مُلُوك حِمْيَر: ذُو نُوَاس، لضفيرتين كَانَتَا تَنُوسان على عاتِقَيْهِ.
وَفِي حَدِيث أمِّ زرْع ووصفها زوجَها: أَناسَ من حُلِيِّ أُذنَيَّ، أَرَادَت: أَنه حَلّى أُذُنيها قِرطةً تَنُوس فيهمَا.
وَيُقَال للغصن الدَّقِيق: تهبّ بِهِ الرِّيح فتهزُّه: هُوَ ينوس وينود وينُوع نَوَساناً، وَقد تَنَوَّسَ وتنَوّعَ بِمَعْنى وَاحِد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه

(13/62)


قَالَ: الموسونة: الْمَرْأَة الكسلانة.

(بَاب السِّين وَالْفَاء)
س ف (وَا يء)
سَوف سفا وسف أَسف فأس سأف سيف فسا: (مستعملة) .
سَوف: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سافَ يَسُوف سَوْفاً: إِذا شَمَّ.
قَالَ: وأنشدنا المفضَّل الضَّبِّيّ:
قَالَت وَقد سافَتْ مِجَذِّ المِرْوَدِ
قَالَ: المِرْوَد: الْميل، ومِجذُّه: طرفه، وَمَعْنَاهُ: أَن الحَسناء إِذا كحلَتْ عينيْهَا مَسَحت طرفَ المِيل بشفتيها ليَزْدَاد حُمّة، أَي: سواداً.
قَالَ: والسَّوْفُ: الصّبْر، وَأَنه لمسوِّفٌ، أَي: صبورٌ، وَأنْشد الْمفضل:
هَذَا ورُبَّ مسوِّفين صَبَحْتُهُمْ
من خَمْرِ بابل لَذَّة للشارِبِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سَوَّفْتُ الرجلَ أَمْرِي تَسْوِيفاً، أَي: ملكته أَمري، وَكَذَلِكَ سَوَّمْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: سافٌ من البناءِ وسافاتٌ وَثَلَاثَة آسُف، وَهِي السُّوف.
وَقَالَ اللَّيْث: السافُ: مَا بَين سافات البِناء، ألِفُه وَاو فِي الأَصْل.
وَقَالَ غَيره: كلُّ سطْر من اللبِن أَو الطِّين فِي الجدارِ: سافٌ ومِدْمَاكٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: التسويف: التَّأْخِير، من قَوْلك: سَوْفَ أفعل.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن المسَوِّفة من النِّسَاء: وَهِي الَّتِي تدافع زَوجهَا إِذا دَعَاهَا إِلَى فرَاشه، وَلَا تقضي حاجتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: السواف فثا يَقع فِي الْإِبِل، يُقَال: إساف الرِّجَال: إِذا هلك مَاله. قَالَ: والأسواف: موضعٌ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: أَسافَ الرجل فَهُوَ مُسيف: إِذا هلَك مالُه، وَقد سافَ المالُ نفسهُ يَسوفُ: إِذا هلَك.
وَيُقَال: رماهُ اللَّهُ بالسَّواف، هَكَذَا أرواه عَن أبي عَمْرو بفَتْح السِّين.
قَالَ: وسمعتُ هشاماً يَقُول لأبي عَمْرو: إِن الأصمعيّ يَقُول: السُّواف، بِالضَّمِّ، والأدْواء كلُّها جَاءَت بالضّمّ. فَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَا، هُو السَّوَاف.
قَالَ: وساف الشيءَ يَسُوفُه سَوْفاً: إِذا شَمَّه.
وَقَالَ اللّيث: المسافةُ: بُعد المفازَة وَالطَّرِيق.
وَقَالَ غيرُه: سُمّيَ مَسَافَة لأنّ الدّليلَ يستدلّ على الطَّرِيق فِي الفَلاة الْبَعِيدَة الطَّرَفين بِسَوْفِه تُربتَها، وَمِنْه قَول رؤبة:
إِن الدَّليلَ استافَ أَخلاق الطُّرُقْ
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس فِيهِ أَيْضا:
على لاحبٍ لَا يُهْتَدَى بمَنارِه
إِذا سَافَهُ العَوْدُ الذِّيافِيُّ جَرْجَرا

(13/63)


قَوْله: (لَا يُهتَدَى بمَناره) يَقُول: لَيْسَ لَهُ مَنارٌ يُهتَدَى بهَا، وَإِذا ساف الْجمل تُربته جَرْجَر جَزَعاً مِن بُعدِه وقلّة مَائه.
أَبُو عُبيد: أَسافَ الخارِزُ يُسيف إسافةً، أَي: أَثْأى فانخَرَمَت خُرْزَتان، وَمِنْه قولُ الرّاعي:
مَزائدُ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ مُسيفَةٍ
أخَبَّ بهنَّ المُخْلفانِ وأحفَدَا
وسف: قَالَ اللَّيْث: الوَسفُ: تَشَقُّقٌ فِي الْيَد، وَفِي فخذِ البَعير وعَجزُه أوّلَ مَا يبْدَأ عِنْد السِّمَن والاكتناز، ثمَّ يَعُمّ جسدَه فيتَوسف جِلْدُه، أَي: يتقشر وَرُبمَا توسف الْجلد من داءٍ أَو قُوباء.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا سقَطَ الوَبر أَو الشَّعَر من الْجلد وتغيَّر قيل: تَوَسف.
وَقَالَ اللّحياني: تَحسفَتْ أوبارُ الْإِبِل وتوسَّفَتْ، أَي: طارَتْ عَنْهَا.
سَلمَة عَن الفرّاء: وسَّفته ولَتّحْتُه: إِذا قَشَرْتَه، وتمرةٌ مُوسفَةٌ مقشورة.
سفا: قَالَ اللَّيْث: الرِّيح تَسفِي التّراب سفْياً وتسفِي الْوَرق اليبيس سفياً.
قَالَ: والسافِياءُ: هِيَ الرِّيح الَّتِي تَحمِل تُراباً كثيرا على وَجه الأَرْض تَهْجُمُه على النَّاس.
قَالَ أَبُو دُواد:
ونُؤْى أَضَرَّ بِهِ السافياء
كدَرْسٍ من النُّونِ حينَ امَّحَى
قَالَ: والسَّفا هُوَ اسمُ كلِّ مَا سَفَتِ الرِّيحُ من كلِّ مَا ذكرْت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّفَا: اسمُ التُّرابِ وَإِن لَم يَسْفِهِ الرِّيح، قَالَ الْهُذلِيّ:
وَقد أرْسَلوا فُرّاطهم فتأثَّلُوا
قَليباً سَفاهاً كالإماءِ الْقَوَاعِد
يصف الْقَبْر وحُفاره.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: السَّفا جمعُ سَفَاةٍ، وَهِي تُراب القَبر، والبِئْر، وَأنْشد:
وَلَا تَلمِس الأُفعى يداكَ تُريدها
ودَعْها إذَا مَا غيَّبتها سفَاتُها
قَالَ: والسّفَا: شَوك البَهمَى: الواحدةُ سَفَاةٌ، والسَّفا: مَا سفت الرّيح عَلَيكَ من التُّرَابِ، وَفعل الرِّيح السّفيُ، والسّفا: خِفَّة الناصِية.
يُقَال: نَاصيةٌ فِيهَا سَفا، وفَرَسٌ أَسَفَى: خَفِيف النّاصِية، وَأنْشد أَبُو عبيد:
لَيْسَ بأسْفى وَلَا أَقْنَى وَلَا تَغَلٍ
يُسقى دَوَاء قفِيّ السُّكن مَربُوب
قَالَ: والسّفْوَاء من البِغال السريعةُ، ومِنَ الخَيْل القليلة الناصية، حَكَاهُ أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ، وَأنْشد فِي صفة بغلة:
جاءَتْ بِهِ مُعْتَجِراً ببُرْدِهِ
سَفْواءُ تَخْدِي بنَسِيج وَحْدِهِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السافِيات: تُرابٌ يَذهَب مَعَ الرّيح، والسَّوافي من الرِّياح: اللَّواتي يَسفِين التُّراب.

(13/64)


قَالَ: والسفا: تُرَاب الْبِئْر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: أَسْفَى الرَّجلُ: إِذا أَخَذَ السَّفَى، وَهُوَ شَوْكُ البُهْمَى، وأَسْفَى: إِذا نَقَل السَّفَا، وَهُوَ التُّراب. وأَسْفَى: إِذا صَار سَفِيّاً، أَي: سَفِيهاً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للسَّفِيه سَفِيٌّ بَيّن السَّفاءَ مَمْدُود. والسفا: الخِفَّة فِي كلّ شَيْء، وَهُوَ الجَهْل، وأَنشد:
قَلائصُ فِي ألْبانِهِنْ سَفَاءُ
أَي: فِي عُقولهِن خِفّة.
وسَفَوانُ: ماءٌ على قَدْر مَرحلةٍ من بَاب المِرْبَد بالبَصْرة، وَبِه ماءٌ كثيرُ السَّافي وَهُوَ التُّرَاب وأَنشَدَنِي أعرابيّ:
جارِيَة بسَفوانَ دارُها
تمْشي الهُوَيْنَى مائِلاً خِمارُها
فسا: قَالَ اللَّيْث: الفَسْوُ: مَعْرُوف، الْوَاحِدَة فَسْوَة، والجميع الفُسَاء، والفِعْل فَسَا يَفْسُو فسواً.
قَالَ: وعبدُ الْقَيْس يُقَال لَهُم: الفُساةُ والفَسْو، يُعرَفون بِهَذَا، وَيُقَال للخُنْفساء: الفَسَّاءة لنَتْنِها. وفسا فَسْوَةً وَاحِدَة، والعَرَب تَقول: أَفْسَى مِن الظَّرِبان، وَهِي دَابَّة تَجِيء إِلَى جُحر الضّبّ فتَضَع قَبَّ اسْتِها عِنْد فَم الجُحْر، فَلَا تزَال تَفْسو حَتَّى تستخرِجَه، وتصغِير الفَسْوَة فُسَيَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد فِي قَول الراجز:
بِكْراً عَوَاساءَ تَفاسَى مُقْرِبَا
قَالَ: تَفاسَى: تُخرِج استَها، وتَبازَى: تَرفَع أَلْيَتَها.
وَحكى غيرُه عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: تفَاسأَ الرجُل تَفاسُوءاً بِالْهَمْز: إِذا أَخرَج ظَهْرَه، وَأنْشد هَذَا الرَّجزَ غيرَ مَهْمُوز.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الفَسأُ: دُخولُ الصُّلْب. والفَقَأُ: خُرُوجُ الصَّدْر، وَفِي وَرِكَيْه فَسَأٌ، وَأنْشد:
بناتىء الْجَبْهَة مَفْسُوء القَطَنْ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا تَقطَّع الثوبُ وبَلِيَ قيل: قد تَفسَّأَ. وَقَالَ الكسائيّ مثله.
قَالَ: وَيُقَال مَالك: تَفْسأ ثَوْبَك.
وَقَالَ أَبُو زيد: فسأْتُه بالعَصا ووطأْته: إِذا ضربتَ بهَا ظَهْرَه.
سأف (سيف) : أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: سَئِفَتْ يدُه وسَعِفَتْ: وَهُوَ التَّشَعُّثُ حَولَ الْأَظْفَار والشُّقاق.
وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَئِفَتْ أصابعُه وشئفت بِمَعْنى واحدٍ.
أَبُو عُبيدة: السأَفُ على تَقْدِير السّعَف شَعرُ الذّنَب والهُلْب، والسائِفةُ: مَا استرَقَّ من أَسافلِ الرَّمل، وجمعُها السَّوائف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَئِفُ اللِّيفِ، وَهُوَ مَا كَانَ ملتزِقاً بأصول السَّعَف من خِلالِ اللِّيف، وَهُوَ أَردؤُه وأخشَنُه، لِأَنَّهُ يُسأَفُ من جَوَانِب السَّعَف فَيصير كأَنّه لِيف وَلَيْسَ بِهِ، ولُيِّنَتْ همزتُه، وَقد سَئِفَتِ النخلةُ.
وَقَالَ الراجز يصف أذنابَ اللِّقاح:

(13/65)


كَأَنَّمَا اجْتُثَّ على حِلاَبِها
نخلُ جُؤاثى نِيلَ من أَرْطابِها
والسِّيفُ واللِّيف على هُدَّابها
قَالَ: والسِّيف: ساحلُ الْبَحْر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: السِّيف: الْموضع النّقِيُّ من المَاء، وَمِنْه قيل: درهمٌ مُسَيَّف: إِذا كَانَ لَهُ جوانبُ نقيّةٌ من النّقْش.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّيْف مَعْرُوف وجمعُه سُيوف وأَسْياف.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال لجَماعَة السُّيوف: مَسْيَفَة، ومِثْلُه مَشيخَة للشيوخ، وَيُقَال: تَسايَفَ القومُ واستَافُوا: إِذا تَضارَبوا بالسُّيوف.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: المُسِيف: المتقلِّد بالسَّيْف، فَإِذا ضَرَب بِهِ فَهُوَ سائف. وَقد سِفْتُ الرجلَ أُسِيفُه.
وَقَالَ الفرَّاء: سِفْتُه ورَمَحْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة سَيْفانةٌ، وَهِي الشَّطْبَة، كَأَنَّهَا نَصْلُ سَيْف، وَلَا يُوصَف بِهِ الرجُل.
سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ الْكسَائي: رجل سَيْفَانُ وَامْرَأَة سَيْفَانةٌ: وَهُوَ الطَّوِيل المَمْشوق.
أَسف: قَالَ الله تَعَالَى: {فَاسِقِينَ فَلَمَّآءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} (الزخرف: 55) ، معنى: آسفونا: أغضَبونا، وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (الْأَعْرَاف: 150) ، والأسيفُ والأسِفُ: الغَضْبان.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
أرى رَجُلاً منهمْ أسِيفاً كأَنما
يَضُمُّ إِلَى كشَحْيَهْ كَفّاً مُخَضّبا
يَقُول: كأَن يدَه قُطِعت فاختَضَبتْ بدَمِها فيَغضَب لذَلِك، ويُقَال لمَوْتِ الفَجْأَة: أَخْذَةُ أَسَف.
وَفِي حديثِ عائشةَ أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَمر أَبَا بكرٍ بِالصَّلَاةِ فِي مَرضهِ: إِن أَبَا بكرٍ رجلٌ أَسِيف، فمَتى مَا يَقُمْ مَقامَك يَغْلِبْهُ بُكاؤه.
قَالَ أَبُو عُبيد: الأَسيف: السَّريع الحُزن والكآبة فِي حَدِيث عَائِشَة. قَالَ: وَهُوَ الأَسُوف والأسِيف.
قَالَ: وأَما الأَسِف: فَهُوَ الغَضْبان المتلهِّف على الشَّيْء، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {غَضْبَانَ أَسِفًا} .
قَالَ: وَيُقَال من هَذَا كُله: أسفْتُ آسفُ أَسفاً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والأسِيف: العَبْد، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن السكّيت. وَقَالا مَعًا: العَسِيف: الأَجِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَسَف فِي حَال الحُزْن وَفِي حَال الغَضَب: إِذا جَاءَك أمرٌ ممّن هُوَ دُونَك فأنتَ أَسِف، أَي: غَضْبان، وَقد آسَفَك، وَإِذا جَاءَك أمرٌ فحَزِنْتَ لَهُ وَلم تُطِقْه فأنتَ أَسِف، أَي: حَزِين ومتأسِّف أَيْضا.

(13/66)


قَالَ: وإِسافٌ: اسمُ صَنَم كَانَ لقُرَيش، وَيُقَال: إِن إسافاً ونائلة كانَا رجلا وَامْرَأَة دَخَلا الْكَعْبَة فَوجدا خَلْوة فأَحدَثَا، فمسخَهما الله حَجَرين.
وَقَالَ الفرّاء: الأسافَة: رقّة الأرضِ، وأَنشَد:
تحَفُّها أَسافَةٌ وجَمْعَرُ
وَيُقَال للْأَرْض الرّقيقة: أَسِيفه.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَفَا: إِذا ضَعُف عَقْلُه، وسفا: إِذا خَفَّ روحُهُ، وسَفَا: إِذا تعَبَّد وتواضَع لله، وسَفَا: إِذا رَقَّ شَعرهُ، وجَلِحَ لغةُ طيّء.
فأس: قَالَ اللَّيْث: الفَأس: الّذي يفلق بِهِ الحَطَب، يُقَال: فأَسَه يَفْأَسُه، أَي: يَفْلِقُه. قَالَ: وفأْسُ القَفَا: هُوَ مؤخَّر القَمحْدُوَة. وفَأَسُ اللّجام: الّذي فِي وَسَط الشَّكِيمة بَين المسْحَلَين.
وَقَالَ ابْن شُميل: الفَأْسُ: الحَديدةُ الْقَائِمَة فِي الشَّكِيمة، ويُجمَع الفأس فُؤوساً.

(بَاب السِّين وَالْبَاء)
س ب (وَا ىء)
سيب سبي وَسَب يبس بسأ بيس أسب أبس سأب بَأْس سبأ: (مستعملة) .
سيب: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: السَّيْب: العَطاء، والسِّيبُ: مَجرَى المَاء، وجمعُهُ سُيُوب. وَقد سابَ الماءُ يَسِيب: إِذا جَرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سابَ الأَفعَى وانسابَ: إِذا خَرَج من مَكمَنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحيّة تَسِيب وتَنْساب إِذا مَرّت مستمرّة.
قَالَ: وسَيّبْتُ الدابّة أَو الشيءَ: إِذا تركْتَهُ يَسيب حَيْثُ شَاءَ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَفِي السُّيُوب الخُمس) .
قَالَ أَبُو عُبيد: السُّيوب: الرِّكاز، وَلَا أُراه أُخِذ إلاّ من السَّيْب وَهُوَ العَطِيّة. يُقَال: هُوَ من سَيْب الله وعَطائه.
وأَنشَد:
فَمَا أَنا من رَيْبِ المَنون بجبَّاءِ
وَمَا أَنا مِنْ سَيْبِ الْإِلَه بآيِسِ
وَقَالَ أَبُو سَعيد: السُّيُوب: عُروقٌ من الذَّهب والفضّة تَسِيب فِي المَعدِن، أَي: تَجرِي فِيهِ؛ سُمّيتْ سُيوباً لانسيابها فِي الأَرْض.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ} (الْمَائِدَة: 103) الْآيَة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَ الرجلُ إِذا نَذَرَ لقُدومٍ من سَفَرٍ أَو لبُرْءٍ من مَرَض أَو مَا أَشْبَه ذَلِك قَالَ: نَاقَتي سائبة، فَكَانَت لَا يُنتَفع بظهرها، وَلَا تخلَّى عَن مَاء وَلَا تُمنَع من مَرْعى.
وَكَانَ الرجلُ إِذا أعتَقَ عَبْداً قَالَ: هُوَ سائبة، فَلَا عَقْلَ بَينهمَا وَلَا مِيرَاث.
وَقَالَ غَيره: كَانَ أَبُو الْعَالِيَة سائبةً، فلمّا

(13/67)


هلك أُتِيَ مَوْلَاهُ بميراثه فَقَالَ هُوَ: سائبةً، وأبَى أَن يأخُذَه.
وَقَالَ الشافعيّ رَضِي الله عَنهُ: إِذا أعتَق عبدَه سائبةً فماتَ العبدُ وخَلَّفَ مَالا، وَلم يَدَعْ وارِثاً غيرَ مَوْلَاهُ الّذي أَعتَقَه فميراثُه لمُعتِقه، لأنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَعَل الوَلاَء لُحْمةً كلُحْمة النّسَب، فَكَمَا أَن لُحْمة النَّسب لَا تَنقَطع، كَذَلِك الوَلاء.
وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: (الوَلاء لمن أَعتَق) .
ورُوِي عَن عُمَر أنّه قَالَ: السائبة والصَّدَقة ليَوْمِهما؛ يُرِيد: يومَ الْقِيَامَة، واليومِ الّذي أعتَقَ سائِبَتَه وتصَدَّق بِصَدَقَتِهِ فِيهِ. يَقُول: فَلَا يَرجعُ إِلَى الإشفاعِ بِشَيْء مِنْهَا بعد ذَلِك فِي الدُّنْيَا.
قَالَ: وَذَلِكَ كالرَّجُل يُعتِق عبدَه سائبةً فيموتُ العَبْد ويَترك مَالا وَلَا وارثَ لَهُ، فَلَا يَنبغِي لمعتِقه أَن يَرْزأ مِن مِيراثِه شَيْئا، إلاّ أَن يَجعَلَه فِي مِثْلِه.
وَيُقَال: سابَ الرجلُ فِي مَنطقِه: إِذا ذَهَب فِيهِ كلَّ مَذْهب.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا تَعقَّد الطَّلْع حَتَّى يَصيرَ بَلَحاً فَهُوَ السَّيَاب مخفّف واحدتهُ سَيَابة. قَالَ: وَبِهَذَا سُمِّيَ الرجلُ سَيابة.
قَالَ شمر: هُوَ السَّدَى والسَّدَاءُ ممدودٌ بلُغةِ أهل الْمَدِينَة، وَهِي السَّيَابةُ بلُغة وَادي القُرَى.
وأَنشَد قولَ لبيد:
سَيَابةٌ مَا بهَا عَيْبٌ وَلَا أَثَرُ
قلتُ: وَمن العَرَب مَن يَقُول سُيَّاب وسُيَّابةٌ.
وَقَالَ الأَعشَى:
تخالُ نكْهَتَها باللَّيلِ سُيَّابَا
عَمْرو عَن أَبِيه: السَّيْبُ: مُردِيُّ السَّفِينَة.
سبي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَبَاه يسْبِيه: إِذا لَعَنه، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبيد، وأَنشَد:
فَقَالَت سَباكَ اللَّهُ
ابْن السّكيت: يُقَال: مَا لَهُ سباه الله، أَي: غربه. وَيُقَال: جَاءَ السَّيْل بعودٍ سبي: إِذا احتمله من بلد إِلَى بلد. وَأنْشد:
فَقَالَت سباك الله
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: السَّباءُ: العودُ الّذي يَحمِله السَّيْلُ من بَلَد إِلَى بَلَد، قَالَ: وَمِنْه أُخِذَ السِّباء، يُمَدّ ويُقصَر.
قَالَ: والسَّبْيُ: يَقَع على النِّساء خاصّة، يُقَال: سَبْيٌ طيّبة: إِذا طابَ مِلْكُه وحَلَّ.
وكل شَيْء حمل من بلد إِلَى بلد فَهُوَ سبي، وَكَذَلِكَ الْخمر، قَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا إِن رَحيق سَبَتْها التِّجا
رُ منْ أَذْرُعَات فوادي جَدَر
وَقَالَ لَبيد:
عَتيق سلافات سبتها سفينة
تكرّ عَلَيْهَا بالمزاج النَّياطلُ

(13/68)


أَي: حملتها. وسبأت الْخمر بِمَعْنى شربت. وَقَالَ الشَّاعِر فِي السَّيْل:
تقضُّ النبع والشريان قضا
وعُود السِّدر مقتضباً سبيّا
والعَرَب تَقول: إنَّ الليلَ لطويلٌ وَلَا أُسْبَ لَهُ. قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَعْنَاهُ لَيْسَ لي هَمٌّ فَأَكُون كالسَّبْيِ لَهُ، وجُزِم على مَذهَب الدُّعاء.
وَقَالَ اللحياني: وَلَا أُسْبَ لَهُ، أَي: لَا أكون سَبْياً لبَلائه.
أَبُو عبيد: سباك الله يَسبيك، بِمَعْنى لعنك الله.
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: سلّط الله عَلَيْك من يسبيك، وَيكون أخذك الله.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : تَسبَّى فلانٌ لفُلَان: ففَعَل بِهِ كَذَا، يَعْنِي التحبُّبَ والاستمالة.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبْي مَعْرُوف، والسَّبى الِاسْم. وتسابَى القومُ: إِذا سَبَى بعضُهم بَعْضًا، يُقَال: هُوَ لَا سَبْيٌ كثير، وَقد سَبَيْتهُم سَبْياً وسباء. وَالْجَارِيَة تَسبي قلبَ الفَتَى وتَسْتَبيه، ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تِسعةُ أعشراءِ الرِّزْق فِي التِّجارة، والجزء الْبَاقِي فِي السّابِياء) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السابِياء: هُوَ المَاء الّذي يَخرُج على رَأس الوَلَد إِذا وُلِد، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَحْمَر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ هُشَيم: معنى السّابِياء فِي الحَدِيث: النِّتاج.
قَالَ أَبُو عبيد: الأَصْل فِي السّابِياء مَا قَالَ الْأَصْمَعِي، وَالْمعْنَى يَرجِع إِلَى مَا قَالَ هُشَيم.
قلت: أَرَادَ أنّه قيل للنِّتاج السّابِياء للْمَاء الَّذِي يَخرُج على رَأس الْمَوْلُود إِذا وُلد.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا كثُر نَسلُ الغَنَم سمّيَت السّابياءَ، فَيَقَع اسمُ السّابياء على المَال الكثِير، والعدَدِ الْكثير، وأنشدَ فِي ذَلِك قَوْله:
أَلمْ تَرَ أنّ بَنِي السّابِياءِ
إِذا قارَعُوا نَهْنَهوا الجُهَّلاَ
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لَذُو سَابِياء: وَهِي الإبلُ وكثرةُ المَال وَالرِّجَال.
وَقَالَ فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت: إنّه وصَفَهم بِكَثْرَة العَدَد.
ابْن بزرج: إبل سابياء: إِذا كَانَت للنِّتاج لَا للْعَمَل.
وَقَالَ المبرّد: القاصعاء من جِحرة اليربوع يُقَال لَهُ السّابِياء.
وَقَالَ: سمّي سابياء لِأَنَّهُ لَا يُنفذه فيُتبقى بَينه وَبَين إِنْفَاذه هَنةً من الأَرْض رقيقَة.
قَالَ: وَأخذ من سابياء الْوَلَد، وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تخرج مَعَ الْوَلَد من بطن أمه، وَهَذَا غلط، لِأَن السابياء هُوَ مَاء السلَى؛ وَلكنه مَأْخُوذ من سَبِيّ الْحبَّة، وَهُوَ جلدهُ الَّذي يَسلخه.
أَبُو عبيد: الأسابيّ: الطَّرائِقُ من الدَّمِ،

(13/69)


قَالَ سَلامة بنُ جَنْدَل:
والعادياتِ أَسابيُّ الدِّماءِ بهَا
كأنّ أعناقَها أنْصابُ تَرجيبِ
وَقَالَ غَيره: واحدُها أُسْبيَّة.
قلتُ: والسَّبِيَّة: اسْم رَمْلة بالدَّهناء. والسَّبِيّةُ: دُرَّةٌ يُخرجهَا الغَوَّاص من الْبَحْر، وَقَالَ مُزَاحم:
بلَدَتْ حُسَّراً لم تَحْتَجِبْ أَو سَبيَّةً
من الْبَحْر بَزَّ القُفْلُ عَنْهَا مُفِيدها
وسَبِيُّ الْحَيَّة: جلْدُه الَّذِي يسلُخُه.
وَقَالَ الرَّاعِي:
يُجَرِّرُ سِرباً لَا عَلَيْهِ كَأَنَّهُ
سَبيُّ هلالٍ لم تُقَطَّعْ شرانِقُهُ
أَرَادَ بالشَّرَانق مَا انسلخَ من خِرْشائه، وَيُقَال لوَاحِد أسابيّ الدَّم إِسْبَاءَةٌ والإسباءةُ أَيْضا خيط من الشَّعر ممتدّ، وأسابيُّ الطَّرِيق شَركه وطرائقه الملحوبة.
أَبُو عُبيد: سبَاك اللَّهُ يَسْبيك بِمَعْنى: لَعَنك الله.
وَقَالَ شمر: مَعْنَاهُ: سَلّط اللَّهُ عَلَيْك من يَسْبِيك وَيكون أَخذك الله.
يبس: قَالَ اللَّيْث: اليُبْس: نقيضُ الرُّطوبة، وَيُقَال لكلّ شَيْء كَانَت النُّدُوَّةُ، والرّطوبة فِيهِ خلقَة فَهُوَ يَبِيسُ فِيهِ يُبْساً، وَمَا كَانَ ذَلِك فِيهِ عرَضاً.
قلت: جَفَّ يُجِف وطريقٌ يَبْسٌ: لَا نُدُوَّة فِيهِ وَلَا بَلل. واليبيس من الْكلأ: الكثيرُ اليابسُ. وَقد أيْبَسَت الأرضُ، وأَيْبَسَت الخُضر، وأرضٌ موبسة. والشَّعَر اليابسُ أردؤه وَلَا يُرى فِيهِ سَحْج وَلَا دُهْن. ووجْهٌ يَابِس: قليلُ الْخَيْر.
وَيُقَال للرجل: إيبسْ يَا رجل، أَي: اسْكُتْ، والأيابس: مَا كَانَ مِثل عُرْقُوبٍ وساقٍ. والأيْبَسَان: عظما الوظيفين من اليدِ والرِّجل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي ساقيَ الْفرس أَيْبَسان، وهُما مَا يَبس عَلَيْهِ اللحمُ من السَّاقَيْن، وَقَالَ الرَّاعِي:
فقلتُ لَهُ: ألْصِق بأيْبس ساقِها
فَإِن تَجْبُر العرقوب لَا تَجبُر النَّسا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأيْبسُ: هُوَ الْعظم الَّذِي يُقَال لَهُ الظنبوب، الَّذِي إِذا غمزته من وسط ساقك آلمك، وَإِذا كُسر فقد ذهب السَّاق، وَهُوَ اسْم لَيْسَ بنعت.
أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: يبيس المَاء: العَرق.
وَقَالَ بشر يصف الْخَيل:
ترَاهَا من يبِيسِ المَاء شُهباً
مُخَالِطَ دِرَّةٍ مِنْهَا غِرارُ
أَبُو عُبَيدة عَن الأصمعيّ: يُقَال لما يبس من أحْرار الْبُقُول وذكورها: اليَبيس، والجفيف، والقَفُّ. وَأما يبيسُ البَهْمى فَهُوَ الْعَرَب والصُّفار.
قلت: وَلَا تَقول الْعَرَب لما يَبس من الحَلِيّ والصِّلِّيان والحلمة يَبيس، إِنَّمَا

(13/70)


اليبيس مَا يبس من العُشب والبقول الَّتِي تتناثر إِذا يَبستْ، وَهُوَ اليُبْس واليَبِيسُ أَيْضا، وَمِنْه قَوْله:
من الرُّطْب إِلَّا يُبْسُها وهَجِيرُها
وَيُقَال للحطب: يَبِس، وللأرض إِذا يَبِسَت: يبسٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يباسِ: هُوَ السَّوْءةُ.
سأب: أَبُو زيد: سَأْبْتُ الرجل أَسْأَبُه سَأْباً: إِذا خَنَقْتَه.
قَالَ: وسَأَبتُ من الشَّرَاب أسأَب سَأْباً: إِذا شربتَ مِنْهُ.
وَيُقَال للزِّقِّ الْعَظِيم: السّأْب. وجمعُه السؤُوب، وَأنْشد:
إِذا ذُقْتَ فاهاً قلتَ عِلقٌ مُدَمَّسٌ
أُرِيد بِهِ: قَيْلٌ فغودر فِي سأْبِ
وَيُقَال للزِّقّ: مِسْأْب أَيْضا.
وَقَالَ شمر: المِسأب أَيْضا: وعاءٌ يُجعل فِيهِ العَسل.
(بيس) : سَلمَة عَن الْفراء: باسَ: إِذا تَبَخْتَرَ.
قلت: مَاس يميس بِهَذَا الْمَعْنى أَكثر، والباءُ والميمُ يتعاقبان.
(بَيْسانُ: مَوضِع فِيهِ كروم من بِلَاد الشَّام) .
وَقَوله:
شُرْباً بِبَيْسَان من الأُردنِّ
هُوَ مَوضِع.
أسب: قَالَ اللَّيْث: الإسْبُ: شعرُ الفَرْج.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الأصلُ فِيهِ وِسْبٌ، فقُلِبَتْ الْوَاو همزَة، كَمَا قَالُوا: إرْث، وأصلُه وِرْثٌ.
قَالَ: وأصلُ الوِسْب مأخوذٌ من وسِب العُشبُ والنباتُ وَسباً، وَقد أوسَبت الأَرْض: إِذا أعشَبتْ فَهِيَ مُؤسِبة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَانَة منبت الشّعْر من قُبُل الْمَرْأَة وَالرجل، والشَّعر النَّابِت عَلَيْهِ يُقَال لَهُ: الشِّعْرَة والإسْب، وَأنْشد:
لَعَمْرو الَّذِي جَاءَت بكم من شَفَلَّح
لَدَى نسييْها ساقِطِ الإسْبِ أهْلَبا
سبأ: أَبُو زيد: سَبأْت الْخمر أسبأُها سبأً وسِباءٍ: إِذا اشتَرَيتها. واستَبَأْتها استباءً مثله.
وَقَالَ مَالك بن أبي كَعْب:
بعثتُ إِلَى حانوتها فاستبأتها
بِغَيْر مكاسٍ فِي السِّوَام وَلَا غَصبِ
قَالَ: وَيُقَال: سبأتُه بالنَّار سبْأً: إِذا أحْرَقْتَهُ بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: إِنَّك تُرِيدُ سُبأَةً، أَي: تُرِيدُ سفرا بَعيدا، سُمِّيت سُبأَة لِأَن الْإِنْسَان إِذا طَال سفرهُ سبأَتْه الشمسُ ولوّحته، وَإِذا كَانَ السّفر قَرِيبا قيل: تُريد

(13/71)


سَرْبةً.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ} (النَّمْل: 22) ، القُرّاء على إجراءِ سبأٍ، وَإِذا لم تُجر كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وَلم يُجْرِه أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: سبأَ هِيَ مدينةٌ تُعرف بمأرِبَ من صنعاء على مسيرَة ثلاثِ لَيَال، فَمن لم يصرف فَلِأَنَّهُ اسْم مَدِينَة، وَمن صَرف فَلِأَنَّهُ اسمٌ للبلد فَيكون مذكّراً سُمِّي بِهِ مذكَّر.
وَقَوْلهمْ: ذهب القومُ أيْدِي سبَا، وأيادِي سبا، أَي: متفرِّقين، شُبهوا بأَهل سبأ لما مزّقهم الله فِي الأَرْض كلَّ ممزق، فَأخذ كلُّ طائفةٍ مِنْهُم طَرِيقا على حِدة. واليَدُ: الطَّرِيق.
وَيُقَال: أَخذ الْقَوْم يَد بحْر، فَقيل للْقَوْم إِذا تفَرقُوا فِي جِهَات مُخْتَلفَة: ذَهَبُوا أَيدي سبا، أَي: فرقتهم طرقهم الَّتِي سلكوها، كَمَا تفرق أهل سبأ فِي مَوَاطِن فِي جِهَات مُخْتَلفَة أخذوها. وَالْعرب لَا تهمز سبأ فِي هَذَا الْموضع، لِأَنَّهُ كثُر فِي كَلَامهم فاستثقلوا ضغطة الْهَمْز وَإِن كَانَت سَبأ فِي الأَصْل مَهْمُوزَة.
وَقيل: سبأ: اسمُ رجلٍ وَلد عشرَة بَنِينَ فسُميت الْقرْيَة باسم أَبِيهِم، وَالله أعلم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: حكى الْكسَائي: السبَأ: الْخمر. واللَّظَأ: الشَّيْء الثقيل. وحكاهما مهموزين مقصورين، وَلم يحكهما غَيره. وَالْمَعْرُوف فِي الْخمر السِّباء بِكَسْر السِّين وَالْمدّ.
وَيُقَال: انسبأ جلده إِذا تقشر.
وَقَالَ: (وَقد نَصل الأظفارُ وانْسبأ الجلدُ) .
وَيُقَال: سبأ الشوك جلده: إِذا قشره.
وَقَالَ أَبُو زيد: سبأتُ الرجلَ سَبْأ: إِذا جَلَدْتَهُ.
وَيُقَال: سَبأَ فلانٌ على يَمِين كاذبةٍ يسْبأُ: إِذا حلف يَمِينا كَاذِبَة.
قَالَ: وَيُقَال: أسبأتُ لأمرِ الله إسباءً: وَذَلِكَ إِذا أخبت لَهُ قَلْبك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سبا غيرُ مَهْمُوز: إِذا ملك. وسبَا: إِذا تمتّع بجارِيته شبابها كلَّه. وسبا: إِذا استخفى.
بسأ: أَبُو زيد: بَسَأْتُ بالرّجل، وبَسِئْتُ أَبْسَأُ بِهِ بَسْأً وبُسُوءاً: وَهُوَ استئناسك بِهِ، وَكَذَلِكَ بَهَأْتُ؛ وَقَالَ زُهَيْر:
بَسَأْتَ بَنِيِّها وجَوَيْتَ عَنْهَا
وَعِنْدِي لَو أردتَ لَهَا دَواءُ
وَقَالَ اللَّيْث: بَسَأ فلانٌ بِهَذَا الْأَمر: إِذا مَرَن عَلَيْهِ فلَم يكترث لقُبْحه وَمَا يُقَال فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البَسيّةُ: المرأةُ الآنسة بزَوْجها، الحَسنة التبعُّل مَعَه.
أبس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَبَسْتُ بِهِ تَأْبِيساً، وأَبَسْتُ بِهِ أبساً: إِذا صغّرْتَه وحَقَّرْتَه.

(13/72)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَبْسُ: ذَكَرُ السَّلاحِف، قَالَ: وَهُوَ الرَّقُّ والغَيْلَم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأَبْسُ: الْمَكَان الغليظ الخشن؛ وأَنشَد:
يَتْرُكْن فِي كلّ مكانٍ أَبْس
كلَّ جَنِينٍ مُشْعَرٍ فِي الغِرْسِ
والأبْس: تتبّع الرَّجُل بِمَا يَسوؤُه؛ يُقَال: أَبسْتُه آبِسُه أَبْساً؛ وَقَالَ العجّاج:
ولَيْث غابٍ لَم يُرَمْ بأَبْسِ
أَي: بزَجْر وإذْلال.
قَالَ يَعْقُوب: وامرأةٌ أُباسٌ: إِذا كَانَت سيّئةَ الخُلُق، وأَنشد:
لَيْستْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَة
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإِبْس: الأَصْل السُّوءِ، بِكسر الْهمزَة تَأْبِيساً. وأبَّسْتُه تَأْبِيساً: إِذا قابلته بالمكروه.
بَأْس: أَبُو زيد: بَؤُس الرجُل يَبْؤُس بَأْساً: إِذا كَانَ شديدَ البَأْس شُجاعاً. وَيُقَال: من البُؤْس وَهُوَ الفَقْر بَئِسَ الرجُل يَبْأسُ بُؤْساً وبَأْساً وبَئيساً: إِذا افْتَقَرَ، فَهُوَ بائس، أَي: فَقير. والشجاع يُقَال مِنْهُ: بَئِسَ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
وَقَالَ غَيره: البَأْساءُ من البُؤْس، والبُؤْسُ من البُؤْس، قَالَ ذَلِك ابْن دُرَيد. وَقَالَ غَيره: هِيَ البُؤْس والبَأساء، ضد النُّعمى والنُّعْماء، وأمّا فِي الشّجاعة والشِّدّة فَيُقَال: البَأس.
وَقَالَ اللّيث: البأساءُ: اسمٌ للحَرْب والمَشقّة والضَّرْب. والبائِسُ: الرجُل النازِلُ بِهِ بَلِيّة أَو عُدْمٌ يُرحَم لِمَا بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: بُؤْساً لَهُ وتُوساً وجُوساً بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ} (الْأَنْعَام: 42) ، قيل: البأساءُ: الجوعُ والضَّراءُ: النَّقْص فِي الْأَمْوَال والأنفس. وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} (الْأَنْعَام: 43) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} (الْأَنْعَام: 42) .
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} (الْأَعْرَاف: 165) ، فَإِن أَبَا عَمْرو وَعَاصِم والكسائيّ وَحَمْزَة قرؤوا {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} ، على فَعِيل. وَقَرَأَ ابنُ كثيرِ: (بئيسٍ) على فعيل، وَكسر الْفَاء وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا شِبل وأهْل مَكّة. وَقَرَأَ ابْن عامِر (بِئْسٍ) على فِعْلٍ بِهَمْزَة، وَقرأَهَا نَافِع وَأهل الْمَدِينَة (بِيْسٍ) على فعل بِغَيْر همز.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَئِسُ والبَيِسُ على فَعِل: الْعَذَاب الشَّديد.
قَالَ: وباس الرجل يبيس بَيْساً: إِذا تكبَّر على النَّاس وآذاهم.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ابْتَأس الرجُل: إِذا بلَغه شيءٌ يَكرَهه، قَالَ لَبيد:
فِي رَبْرَبٍ كنِعاج صا
رةَ يَبْتئسْنَ بِمَا لَقِينا

(13/73)


وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} (هود: 36) ، قيل مَعْنَاهُ: لَا تَحزَن وَلَا تَسْكُن وَقد ابتَأس فَهُوَ مُبْتَئِس.
وأَنشَد أَبُو عبيد:
مَا يَقسِمُ اللَّهُ أَقبَلْ غيرَ مُبْتَئِسٍ
مِنْهُ وأَقْعُدْ كَريماً ناعمَ البالِ
أَي: غيرَ حزينٍ وَلَا كارِه.
وخمر بيسانيةٌ: منسوبة. وبيسان: مَوضِع فِيهِ كروم من بِلَاد الشَّام.
وأمّا بِئْسَ ونِعْمَ: فإنّ أَبَا إِسْحَاق قَالَ: هما حرفان لَا يَعمَلان فِي اسْم عَلَم، إنّما يَعمَلان فِي اسْم مَنكُور دالَ على جنس، وإنّما كَانَتَا كَذَلِك لأنّ نِعْمَ مستوفيةٌ لجَمِيع الْمَدْح، وَبئسَ مستوفية لجَمِيع الذمّ.
فَإِذا قلت: بئْسَ الرجلُ، دلَلتَ على أنّه قد استوفى الذّم الَّذِي يكون فِي سَائِر جنسِه، فَإِذا كَانَ مَعَهُمَا اسمُ جِنْس بِغَيْر ألف ولامٍ فَهُوَ نَصْب أبدا، وَإِذا كَانَت فِيهِ الْألف وَاللَّام فَهُوَ رَفْعٌ أبدا.
وَذَلِكَ قَوْلك: نِعمَ رجلا زيدٌ، أَو بئسَ رجلا زيدٌ، وبئسَ الرجلُ زيدٌ. والقصدُ فِي نِعم وبئسَ أَن يَليَهما اسمٌ مَنْكور أَو اسمُ جِنْس، وَهَذَا قَول الْخَلِيل.
وَمن الْعَرَب من يَصِل بئس ب (مَا) .
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: 102) .
ورُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (بئسَما لأحدكم أَن يَقُول نَسِيتُ آيَة كَيْتَ وكَيْتَ أمَا إنّه مَا نَسِي ولكنّه أُنْسِي) .
وَالْعرب تَقول: بئسَما لَك أَن تفعلَ كَذَا وَكَذَا إِذا أدخلتَ (مَا) فِي بئس أدخلتَ بعْدهَا أَنْ مَعَ الْفِعْل، بئسَما لَك أَن تَهجُر أَخَاك، وبئسَما لكَ أَن تَشتُم الناسَ.
ورَوَى جميعُ النحويِّين: بئسَما تَزْوِيج وَلَا مَهْر؛ وَالْمعْنَى فِيهِ: بئسَ شَيْئا تزْويجٌ وَلَا مَهْر.
وَقَالَ الزّجّاج: بِئْسَ إِذا وقعتْ على (مَا) جعِلت (مَا) مَعهَا بِمَنْزِلَة اسْم منكَّر، لأنّ بِئْس ونِعْم لَا يَعمَلان فِي اسمِ عَلَم، إِنَّمَا يَعمَلان فِي اسمٍ منكور دَال على جنس.
قَالَ شمر: إِذا قَالَ الرجل لعدوّه: لَا بأسَ عَلَيْك، فقد أمّنَه، لِأَنَّهُ نفى الْبَأْس عَنهُ، وَهُوَ فِي لُغَة حِمير: لَبَاتِ؛ أَي: لَا بأسَ وَقَالَ شَاعِرهمْ:
شَربنا النومَ إِذْ غَضت غَلاب
بتسهيد وعَقْد غير مَيْن
تنادَوْا عِنْد غدرهم لَبَات
وَقد بَرَدَت مَعاذِرُ ذِي رُعَيْنِ
ولَبَاتِ بلغتهم: لَا بَأْس، كَذَا وجدته فِي كتاب شمر.
وَسَب: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَسَبُ: الوَسَخ، وَقد وَسِب وَسباً، ووَكِبَ وَكَباً، وحَشِنَ حَشَناً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إنّك لتَرُدّ السُّؤال المُحِف بالإباءِ والأَبأْسِ.

(13/74)


(بَاب السِّين وَالْمِيم)
س م (وَا يء)
سوم سما وسم وَمَسّ مسي مأس موس أمس: (مستعملة) .
سوم: السَّوْم: عَرْضُ السِّلْعة على البَيْع.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا رَوَى أَبُو عبيد عَنهُ: سُمْتُ بِالسِّلعة أسوم بهَا.
وَيُقَال: فلَان غالي السِّيمةِ: إِذا كَانَ يُغلِي السَّوْم.
قَالَ: وَيُقَال: سُمْتُ فلَانا سِلْعَتي سَوْماً: إِذا قلتَ: أتأخُذها بِكَذَا من الثّمن، ومِثْل ذَلِك سُمْتُ بسِلْعَتي سوماً أَو يُقَال استمت عَلَيْهِ بسلعتي استِياماً إِذا كنت أَنْت تذكر ثمنهَا. وَيُقَال: اسْتام مني بسَلعتي استياماً إِذا كَانَ هُوَ العارِض عليكَ الثمنَ، وسامَني الرجلُ بسِلعتِه سَوْماً. وَذَلِكَ حينَ يذكر لَك هُوَ ثمَنها، وَالِاسْم من جَمِيع ذَلِك السُّومة والسِّيمة. والسَّوْمُ أَيْضا من قَول الله جلّ وعزّ: {يَسُومُونَكُمْ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَ الْعَذَابِ} (الْبَقَرَة: 49) .
قَالَ أهل اللُّغَة: مَعْنَاهُ: يُولُونَكم سُوءَ الْعَذَاب، أَي: شديدَ العذَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْم: أَن تُجشِّمَ إنْسَانا مَشقّةً أَو سوءا أَو ظُلْماً.
وَقَالَ شمر فِي قَوْله: سامُوهم سوءَ الْعَذَاب قَالَ: أرادُوهم بِهِ.
وَقيل: عَرضوا عَلَيْهِم، والعربُ تَقول: عَرضَ عليّ فلانٌ سَوْمَ عَالةٍ.
قَالَ أَبو عبيد: قَالَ الكسائىّ: هُوَ بِمَعْنى قولِ الْعَامَّة: عَرْضٌ سابرِيّ.
قَالَ شمر: يُضرَب هَذَا مَثَلاً لمن يَعرِض عَلَيْك مَا أَنْت عَنهُ غَنيّ، كَالرّجلِ يَعلم أنّك نزلتَ دارَ رجل ضَيْفاً فيَعرِض عليكَ القِرَى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّوْم: سُرعةُ المَرِّ، يُقَال: سامَت الناقةُ تَسُوم سَوْماً، وأَنشدَ بيتَ الرَّاعِي:
مَقّاءُ مُنْفَتَق الإبْطَيْنِ ماهرةٌ
بالسَّوْم ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
وَمِنْه قولُ عبد الله ذِي النِّجادَين يُخَاطب ناقَةَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تَعرَّضي مَدارِجاً وَسُومِي
تَعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم
وَقَالَ غيرُه: السَّوْم: سرعَة المَرِّ مَعَ قَصْد الصَّواب فِي السِّير.
وَيُقَال: سامَت الراعِيةُ تَسُومُ سَوْماً: إِذا رَعَتْ حيثُ شَاءَت. والسَّوامُ: كل مَا رَعَى مِنَ المَال فِي الفَلَوات إِذا خُلِّيَ وسَوْمه يَرعَى حيثُ شَاءَ. والسائم: الذَّاهِب على وجهِه حَيْثُ شَاءَ.
يُقَال: سامَت السائمةُ وَأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها: إِذا رَعَيْتَها، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} (النَّحْل: 10) .
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: أسَمْتُ الإبلَ: إِذا خَلّيْتَها تَرعَى.

(13/75)


وَقَالَ الأصمعيّ: السَّوام والسائمة: كلُّ إبلٍ تُرسَل ترعَى وَلَا تُعلَف فِي الأَصْل. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} (آل عمرَان: 14) .
أَبُو زيد: الْخَيل المسومة: المُرسَلَة وَعَلَيْهَا رُكْبَانُها، وَهُوَ من قَوْلك: سَوّمْتُ فلَانا: إِذا خَليْته وسَوْمَه، أَي: وَمَا يُرِيد.
وَقيل: الخيلُ المسوَّمة: هِيَ الّتي عَلَيْهَا السِّيما والسُّومة، وَهِي العَلاَمة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّيَمُ: العلامات على صُوف الْغنم.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمرَان: 125) ، قرىء بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا، فَمن قَرَأَ: (مسوَّمين) أَرَادَ مُعلَّمين. من السّومة، أعلمُوا بالعمائم. وَمن قَرَأَ: {مُسوِّمين أَرَادَ معلِّمين.
وَقَالَ اللَّيْث: سَوَّم فلانٌ فَرسَه: إِذا أعلَم عَلَيْهِ بحرَيرةٍ أَو بِشَيْء يُعرَف بِهِ.
قَالَ: والسِّيمَا ياؤها فِي الأَصْل وَاو، وَهِي الْعَلامَة الَّتِي يُعرف بهَا الخيرُ والشرّ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} (الْبَقَرَة: 273) ، وَفِيه لغةٌ أُخْرَى: السِّيماء بِالْمدِّ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
غُلامٌ رَماهُ الله بالحُسْنِ يَافِعاً
لَه سِيميَاءُ لَا تَشُقُّ على البَصَرْ
وأَنشَد شمر فِي تَأْنِيث السِّيمى مَقْصُورَة:
ولهمْ سِيمَا إِذا تُبْصِرُهُمْ
بَيَّنتْ رِيبةَ مَنْ كَانَ سَأَلْ
وَأما قَوْلهم: وَلَا سِيَّما كَذَا، فَإِن تفسيرَه فِي لفيف السّين؛ لأنَّ (مَا) فِيهَا صلَة.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم عَلَيْهِ سِيمَا حسَنة؛ مَعْنَاهُ عَلامَة، وَهِي مَأْخُوذَة من وَسِمت أَسِم. والأصلُ فِي سِيما وَسْمَى، فحُوّلت الْوَاو من مَوضِع الْفَاء إِلَى مَوضِع الْعين؛ كَمَا قَالُوا: مَا أطْيَبه وأَيْطبه فَصَارَ سوْمَى، وجُعلت الواوُ يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: سَوَّمْتُ الرجلَ تسْويماً: إِذا حَكّمْتَه فِي مَالك. وسوَّمْتُ على الْقَوْم: إِذا أغَرْتَ عَلَيْهِم فَعِثْتَ فيهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: من أمثالهم عبدٌ وسُوِّم فِي يَده، أَي: وخُلِّيَ وَمَا يُريد. قَالَ: وسامَ: إِذا رَعَى. وسامَ: إِذا طلب. وسام: إِذا باعَ. وسامَ: إِذا عَذَّب.
وَقَالَ النَّضر: سامَ يَسُوم: إِذا مَرَّ. وسامَت الناقةُ: إِذا مَضَت، وخُلِّيَ لَهَا سَوْمها أَي وجهُها.
ثَعْلَب عَنهُ أَيْضا: السّامَةُ: السّاقة. والسّامة: المَوْتَةُ، والسامة: السَّبِيكة من الذَّهَب. والسّامة: السَّبِيكة من الفِضَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السّامُ: عُروقُ الذَّهب، واحدتُه سامة، قَالَ قيس بن الْحطيم:
لَو انكَ تُلقِي حَنظَلاً فَوقَ بَيْضِنا
تَدَحرَجَ عَن ذِي سامِهِ المُتقارِبِ
أَي: الْبيض الّذي لَهُ سامٌ.
وَقَالَ شمر: السّامُ: شجر، وأَنشَد قولَ

(13/76)


العجَّاج:
ودَقَلٌ أجرَدُ شَوْذَبِيُّ
صَعْلٌ من السّامِ ورُبّانِيُّ
يَقُول: الدَّقَل لَا قِشْر عَلَيْهِ، والصَّعْل: الدَّقِيق الرَّأْس، يَعْنِي رأسَ الدَّقَل. والسّامُ: شجر. يَقُول: الدَّقَل مِنْهُ ورُبَّانيّ: رَأس المَلاَّحين.
يَسُومُ: اسْم جبل، صَخْرَة ملساء، قَالَ أَبُو وجزة:
وسرنا بمطلول من اللَّهْو ليّن
يحط إِلَى السهل اليَسُومى أعصما
قَالَ أَبُو سعيد: يُقَال لِلْفِضَّةِ بِالْفَارِسِيَّةِ سيم، وبالعربية سَام.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ شُجاع: سارَ القومُ وساموا بِمَعْنى وَاحِد.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (فِي الحبَّة السَّوْداء شِفَاءٌ من كلِّ داءٍ إلاّ السَّام) . قيل: وَمَا السَّام؟ قَالَ: (المَوْت) . وَكَانَ اليهودُ إِذا سلَّموا على رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: السامُ عَلَيْكُم، فَكَانَ يَردُّ عَلَيْهِم: (وَعَلَيْكُم) ، أَي: وَعَلَيْكُم مِثلُ مَا دعَوْتُم.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه نَهَى عَن السَّوْم قبل طُلُوع الشَّمْس.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: السَّوْم: أَن يُساوِم بسِلْعَتِه، ونُهِي عَن ذَلِك فِي ذَلِك الْوَقْت لأنّه وقتٌ يُذكر الله تَعَالَى فِيهِ فَلَا يُشغَل بغيرِه.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون السَّوْم من رَعْي الإبِل، لِأَنَّهَا إِذا رَعَت الرِّعْيَ قبل شُروق الشمسِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَدٍ أصابَها مِنْهُ داءٌ ربّما قَتلهَا، وَذَلِكَ معروفٌ عِنْد أهلِ المالِ من العَرَب.
وسم: قَالَ اللَّيْث: الوَسْم والوَسْمةُ: شجرةٌ ورَقُها خِضاب.
قلتُ: كلامُ الْعَرَب الوَسِمة بِكَسْر السِّين قَالَه النَّحويون.
وَقَالَ اللَّيث: الوَسْم أَيْضا: أَثَر كَيَّةٍ، تَقول: بعيرٌ مَوْسوم: أَي قد وُسِم بِسمَةٍ يُعرَف بهَا، إِمَّا كيّةٌ أَو قَطْعٌ فِي أذُنه، أَو قَرْمَةٌ تكونُ عَلامَة لَهُ. والميسَم: المِكواة أَو الشيءُ الّذي يُوسَم بِهِ الدَّواب، والجميع المَواسِم، وَقَالَ الله تَعَالَى: {الاَْوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (الْقَلَم: 16) ، فإنّ فلَانا لموسومٌ بِالْخَيرِ وبالشّرِّ: أَي: عَلَيْهِ علامةُ الْخَيْر أَو الشرّ، وإنّ فُلَانَة لَذات مِيسَم، ومِيسَمُهَا: أَثَر الجمَال والعِتْق. وَإِنَّهَا لوَسِيمة قَسِيمة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الوَسَامة والمِيسَم: الحُسْن.
وَقَالَ ابْن كُلْثُوم:
خلطْنَ بمِيسَم حسباً ودِيناً
وَقَالَ اللَّيْث: إِنَّمَا سُمِّي الوَسْمِيُّ من الْمَطَر وَسْمِيّاً لأنَّه يَسِم الأَرْض بالنبات، فيُصَيِّر فِيهَا أثرا فِي أوّل السنَة. وأرضٌ مَوْسومة: أصابَها الوَسْمِيّ، وَهُوَ مطرٌ يكون بعد الخَرَفِيّ فِي البَرْد، ثمَّ يَتْبَعُه

(13/77)


الوَلِيُّ فِي صميم الشِّتاء، ثمَّ يَتبَعه الرِّبْعي.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أوّل مَا يَبدأ المطرُ فِي إقبالِ الشتاءِ فاسمُه الخَرِيف، وَهُوَ الّذي يَأْتِي عِنْد صِرامِ النَّخل، ثمَّ الّذي يلِيه الوَسْمِيّ، وَهُوَ أوّل الرّبيع، وَهَذَا عِنْد دُخول الشِّتاء، ثمَّ يَلِيهِ الرَّبيع فِي الصَّيف، ثمَّ الحَميم.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: نجُومُ الوَسْميِّ أوّلها فُرُوعُ الدَّلْو المؤخَّر ثمَّ الحُوت، ثمَّ الشَّرَطان ثمَّ البُطَيْن، ثمَّ النَّجْم؛ وَهُوَ آخر نُجُوم الوَسْمِيّ، ثمَّ بعد ذَلِك نُجومُ الرَّبيع، وَهُوَ مَطَر الشتَاء أول أنجمه الهَقِعَة وآخِرُها الصَّرْفة تَسقُط فِي آخِر الشّتاء.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: والوَسِيم: الثابتُ الحُسْن: كأنّه قد وُسِم.
قَالَ شمر: دِرْعٌ مَوسُومَةٌ: وَهِي المُزيّنة بالشِّبْه فِي أَسْفَلهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: مَوْسِم الحَج سُمِّي مَوْسِماً لأنّه مَعْلمٌ يُجتَمَع إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كَانَت مواسمُ أسواقِ العَرَب فِي الجاهليّة، وَيُقَال: تَوسّمتُ فِي فلَان خيرا، أَي: رأيتُ فِيهِ أَثَراً مِنْهُ، وتوسَّمْت فِيهِ الْخَيْر، أَي: تفرَّسْتُ.
يَعْقُوب: كل مجمع من النَّاس كثيرٌ فَهُوَ مَوْسِم؛ وَمِنْه موسم مِنًى. وَيُقَال: وسَمْنا موسِمنا؛ أَي: شهدناه، وَكَذَلِكَ عَرَفنا، أَي: شَهِدنَا عَرَفَة. وعيَّد القومُ: شهدُوا عيدَهم.
وَقَوله جلّ وعزّ: { (إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} (الْحجر: 75) ، أَي: للمتفرِّسين.
سما: فِي حديثِ عَائِشَة الّذي ذكرت فِيهِ أَهْلَ الإفْك: وَإنَّهُ لم يكن فِي نسَاء النبيّ امرأةٌ تُسامِيها غيرَ زينبَ، فعَصَمها الله، وَمعنى تُسامِيها: تُبارِيها وتُعَارِضُها.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المُساماةُ: المفاخَرة.
وَقَالَ اللَّيْث: سما الشيءُ يَسْمو سُمُوّاً: وَهُوَ ارتفاعُه، وَيُقَال للحَسِيب والشّريف، قد سَمَا، وَإِذا رفَعتَ بَصَرك إِلَى الشَّيْء قلتَ سمَا إِلَيْهِ بَصَري، وَإِذا رُفع لَك شيءٌ من بَعيد فاستَبَنْتَه قلتَ: سمَا لِي شَيْء قَالَ: وَإِذا خرج القومُ للصّيد فِي قِفار الأَرْض وصَحَارِيها قلت: سَمَوْا، وهم السُّماة، أَي: الصَّيّادُون.
أَبُو عبيد: خرج فلَان يَسْتَمِي الوحشَ أَي: يطلبُها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المِسْماةُ: جَوْرَبُ الصّياد يَلبَسها لتَقِيه حَرَّ الرَّمْضاء إِذا أَرَادَ أَن يتربّصَ الظِّباءَ نصفَ النَّهار. قَالَ: وَيُقَال: ذهب صِيتُه فِي النَّاس وُسمَاه، أَي: صوتُه فِي الخَيْر لَا فِي الشرّ.
اللَّيْث: سَمَا الفحلُ: إِذا تَطاوَلَ على شَوْلِه، وسُماوَتُه أَي: شخصه، وأنشَد:
كَأَن على أَثْباجها حينَ آنَسَتْ
سَماوَتُه قَيّاً من الطَّيرِ وُقَّعا
وسَماوَةُ الهِلال: شخصُه إِذا ارتَفَع عَن

(13/78)


الأُفق شَيْئا، وأنشدَ:
طَيَّ اللَّيالِي زُلَفاً فزُلفَا
سَماوَةَ الهِلالِ حتّى احقَوقَفَا
قَالَ: والسَّماوة: ماءٌ بالبادية، وَكَانَت أمُّ النُّعمان سُميتْ بهَا، فَكَانَ اسمُها ماءَ السَّماوَة فسمّتْها العربُ ماءَ السّماء.
وسَماوة كل شَيْء: شخص أغلاه. قَالَ:
سماوتهُ أسمالُ بُرْد مُحَبَّر
وصَهْوتهُ من أَتْحَمِيَ مُعَصَّب
أَبُو عُبَيْدَة: سماءُ الْفرس من لدن عَجْب الذَّنب إِلَى الصُّطرة.
قَالَ: والسَّماءُ: سَقْفُ كلِّ شَيْء وكلّ بَيت. والسَّماءُ: السَّحَاب. والسَّماء: المَطَر. والسَّماء أَيْضا: اسْم المَطْرة الجديدة.
يُقَال: أصابتْهم سَماءٌ، وسُمِى كَثيرةٌ، وثلاثُ سُمِيّ، والجميع الأَسْمِيةُ والجمعُ الكثيرُ سُمِيّ.
قَالَ: والسَّموات السَّبع: أطباق الأَرَضين، وتُجمَع سَماء وسَماوات.
قلتُ: السَّمَاء عِنْد الْعَرَب مؤنَّثة، لأنّها جمعُ سَماءَة، وَسبق الجَمعُ الوُحدانَ فِيهَا. والسماءة أَصْلهَا سَمآوَة فَاعْلَم. وَإِذا ذكّرت الْعَرَب السَّماء عَنَوْا بهَا السَّقْف.
وَمِنْه قولُ الله: {شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً} (المزمل: 18) ، وَلم يقل مُنفَطرة.
وَقَالَ الزجّاج: السماءُ فِي اللّغة: يُقَال لكلّ مَا ارتفَعَ وعَلا قد سَمَا يَسمُو، وكلُّ سَقْف فَهُوَ سَماء، وَمن هَذَا قيل للسحاب: السَّماءُ، لِأَنَّهَا عاليَة. وَالِاسْم ألِفُه ألفُ وَصْل، والدّليل على ذَلِك أنّك إِذا صَغَّرتَ الاسمَ قلتَ: سُمَيّ، وَالْعرب تَقول: هَذَا اسمٌ، وَهَذَا سُمٌ وأَنشَد:
بِاسم الَّذِي فِي كلِّ سُورةٍ سُمُهْ
وسُمَه رَوَى ذَلِك أبُو زَيْد وَغَيره من النحويِّين.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَمعنى قَوْلنَا: اسمٌ هُوَ مشتقٌّ من السُّمُو، وَهُوَ الرِّفْعة، وَالْأَصْل فِيهِ سِمْوٌ بِالْوَاو، وَجمعه أَسْماء، مثل قِنْو وأَقْناء، وَإِنَّمَا جُعِل الِاسْم تَنْويهاً على الدّلالة على الْمَعْنى، لأنّ الْمَعْنى تحتَ الِاسْم.
قَالَ: وَمن قَالَ: إنّ اسْما مأخوذٌ من وَسَمْتُ، فَهُوَ غلط؛ لأنّه لَو كَانَ اسمٌ من سِمْتهُ لَكَانَ تصغيرُه وُسَيْما مثل تَصْغِير عِدَة وصِلَة، وَمَا أشبههما.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: الاسمُ رَسْمٌ وَسِمَةٌ يُوضَع على الشيءِ يُعرَف بِهِ.
وسُئل عَن الِاسْم أهوَ المسمَّى أَو غيرُ المسمَّى؟ .
فَقَالَ: قَالَ أَبُو عُبيدة: الِاسْم هُوَ المسمَّى.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الاسمُ غيرُ المسمَّى، قيل لَهُ: فَمَا قولُك؟ فَقَالَ: لَيْسَ لي فِيهِ قَول.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال هَذَا سامَةُ غادِياً، وَهُوَ اسْم للْأَب، وَهُوَ مَعرِفة.

(13/79)


قَالَ زُهَير يَمدَح رجلا:
ولأنتَ أجرأُ من أُسامةَ إذْ
دُعِيَتْ نَزالِ ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
أمس: قَالَ الكسائيّ: العَرَب تَقول: كلّمتُك أَمْسِ، وأَعجَبَني أَمْس يَا هَذَا. وَتقول فِي النّكرة: أعجَبَني أَمْسٍ، وأَمْسٌ آخَر، فَإِذا أضفتَه أَو نكّرته أَو أدخلتَ عَلَيْهِ الْألف واللاّم للتعريف أجريتَه بالإعراب، تَقول: كَانَ أَمْسُنا طَيّباً، ورأيتُ أَمسَنا المُبارَك. وَتقول: مَضى الأَمْسُ بِمَا فِيهِ.
قَالَ الفرّاء: وَمن الْعَرَب مَن يَخفِض الأَمْسِ وَإِن أَدخل عَلَيْهِ الألفَ واللاّم.
وأَنشَد:
وإنِّي قَعَدْتُ اليومَ والأمْسِ قَبْلَه
وَقَالَ أَبُو سَعيد: تَقول: جَاءَنِي أَمْسِ، فَإِذا نَسَبْتَ شَيْئا إِلَيْهِ كسرتَ الْهمزَة فَقلت: امْسِيٌّ؛ على غير قِيَاس.
قَالَ العجّاج:
وجَفَّ عَنْهُ العَرَق الإمْسِيّ
قَالَ ابْن كيسَان فِي أمس: يَقُولُونَ إِذا نكروه: كلُّ يَوْم يصير أمساك، وكل أمس مضى فَلَنْ يعود، ومضَى أمسٌ من الأموس.
وَقَالَ البصريون: إِنَّمَا لم يتمكّن أمس فِي الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ ضارع الْفِعْل الْمَاضِي وَلَيْسَ بمعرَب.
وَقَالَ الْفراء: إِنَّمَا كسرت لِأَن السِّين طبعها الْكسر.
وَقَالَ الْكسَائي: أصلُه الْفِعْل، أَخذ من قَوْلك: أمسِ بِخَير، ثمَّ سُمّي بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السِّين لَا يُلفظ بهَا إِلَّا من كَسْر الفَم مَا بَين الثّنية إِلَى الضرس، وَكسرت إِذْ كَانَ مخرجها مكسوراً فِي قَول الْفراء، وَأنْشد:
وقافِية بَين الثَّنية والضرس
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَدخل الْألف وَاللَّام على أمس وَترك على حَاله فِي الْكسر، لِأَن أصل أمس عندنَا من الإمساء، فسمّى الْوَقْت بِالْأَمر وَلم يغيَّر لَفظه.
وَمن ذَلِك قَول الفرزدق:
مَا أَنْت بالحكم التُرْضَى حكومته
وَلَا الْأَصِيل وَلَا ذِي الرَّأْي والجدل
فَأدْخل الْألف وَاللَّام على ترْضى وَهُوَ فعل مُسْتَقْبل على جِهَة الِاخْتِصَاص بالحكاية.
وَأنْشد:
أخَفْن أطناني إِن شكيت وإنني
لفي شُغُل عَن ذَحْلِي اليَتَتَبّع
فَأدْخل الْألف وَاللَّام على (يتتبع) وَهُوَ فعل مُسْتَقْبل كَمَا وَصفنَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول: مَا رأيتُه مُذْ أَمسِ، فَإِن لم تَرَه يَوْمًا قَبْلَ ذَلِك قلتَ: مَا رأيتُه مُذْ أوَّلَ من أمسِ، فَإِن لم تَرَه مذ يَوْمَيْنِ قبل ذَلِك قلتَ: مَا رأيتُه مذْ أوّلَ مِن أوّلَ مِن أَمسِ.
وَقَالَ العجاج:

(13/80)


كَأَن أمسيّاً بِهِ من أمس
يصفَرُّ لليُبْس اصفرار الوَرْس
قَالَ ابْن بزرج: قَالَ عرّام: مَا رَأَيْته مذ أمس الأحدث.
وَكَذَلِكَ قَالَ نجاد قَالَ: وَقَالَ الْآخرُونَ بالخفض مذ أمس الأحدث.
وَقَالَ نجاد: عهدي بِهِ أمس الأحدث، وأتاني أمس الأحدث.
قَالَ: وَتقول: مَا رَأَيْته قبل أمس بِيَوْم، تُرِيدُ: أول من أمس، وَمَا رَأَيْته قبل البارحة بليلة.
موس: قَالَ اللَّيْث: المَوْسُ: لغةٌ فِي المَسْي، وَهُوَ أَن يُدخل الرَّاعِي يدَه فِي رَحِم النَّاقة أَو الرَّمَكة يَمْسُطُ مَاء الفَحل من رَحمهَا استِلاماً للفَحْل كراهيةَ أَن تحمِل لَهُ.
قلتُ: لم أسمعْ المَوْس بِمَعْنى المَسْيِ لغير اللَّيْث.
وَقَالَ اللّيث أَيْضا: المَوْس تأسيسُ اسْم الموسَى الَّذِي يُحلَق بِهِ، وبعضُهم ينوِّن مُوسًى.
قلت: جعَلَ الليثُ مُوسَى فُعْلَى من المَوْس، وجَعل الميمَ أصليّة، وَلَا يجوز تنوينُه على قِيَاسه.
لِأَن فُعلَى لَا ينْصَرف.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذِه مُوسَى حَدِيدة وَهِي فُعْلى عَن الكسائيّ.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: هُوَ مذكّر لَا غير، هَذَا مُوسَى كَمَا ترى، وَهُوَ مُفعَلٌ من أوْسَيْتُ رأسَه: إِذا حلقته بالمُوسَى.
قَالَ يَعْقُوب: وأنشدنا الفرّاء فِي تَأْنِيث المُوسَى:
فَإِن تَكُن المُوسَى جَرَت فوقَ بَظْرِها
فَمَا وُضِعَتْ إلاّ ومصّانُ قاعِدُ
وَقَالَ اللَّيْث: أما مُوسَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال: إِن اشتقاقَه من المَاء والسّاج، ف (المو) : مَاء و (سا) : شَجَر لِحالِ التابوتِ فِي المَاء.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: ماسَ يَميس مَيْساً: إِذا مَجَن.
وَقَالَ اللّيث: المَيْسُ: ضَرْبٌ من المَيسَان فِي تَبَخْتُر وتَهَادٍ؛ كَمَا تَمِيسُ العَروسُ والجَملُ وربَّما ماسَ بِهَوْدَجِه فِي مَشْيِه فَهُوَ يَميسُ مَيَساناً.
قلت: وَهَذَا الّذي قَالَه اللَّيْث صَحِيح، يُقَال: رجلٌ مَيّاسٌ وجاريةٌ مَيّاسة: إِذا كَانَا يَخْتالان فِي مِشْيَتِهِما.
وَقَالَ اللَّيْث: مَيْسان اسمُ كُورةٍ من كُوَرِ دِجْلَة والنِّسْبَة إِلَيْهَا مَيْسَانيّ ومَيْسَنَانِيّ، وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشِيّاً:
ومَيْسَنانِيّاً لَهَا مُمَيَّسَا
وَقَبله:
خَوْدٌ تخال رَيطها المدْمَقا
يَعْنِي ثيابًا تنسج بِمَيْسَان. مُمَيَّس: مُذَيَّل، أَي: لَهُ ذيل.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَيَاسِين: النُّجوم

(13/81)


الزَّاهرة. والمَيْسُون: الحَسَنُ القَدّ والوجهِ من الغِلْمَان.
وَقَالَ اللَّيْث: المَيْسُ: شجرٌ من أجوَد الشّجَر وأَصْلَبِه وأصلَحِه لضَعْفه للرّحال؛ وَمِنْه تُتَّخذ رِحالُ الشَّام، فَلَمَّا كَثُر ذَلِك قَالَت الْعَرَب: المَيْسُ: الرَّحْل.
وَقَالَ النَّضر: يسمّى الدُّشْتُ المَيْس شَجَرَة مزورة تكون عندنَا ببلخ فِيهَا البعوض.
وَفِي (النّوادر) : ماسَ اللَّهُ فيهم المَرَض يَمِيسُه، وأماسَه فيهم يُمِيسه، وبَسَّه وثَنّهُ: أَي: كَثّرَ فيهم.
مسي: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: مَسَى يَمْسِي مَسْياً: إِذا ساءَ خُلُقُه بعد حُسْن. قَالَ: ومَسَى يُمْسِي مسياً وأَمْسى ومَسَّى كلُّه: إِذا وعَدَك بأمرٍ ثمَّ أَبْطَأَ عَنْك.
أبي عُبيد عَن الأصمعيّ: الْمَاسُ خفيفٌ غيرُ مَهْمُوز، وَهُوَ الّذي لَا يلتِفت إِلَى موعظةِ أحد وَلَا يَقبَل قولَه، يُقَال: رجل ماسٌ وَمَا أَمْساهُ.
قلت: كأنّه مقلوبٌ كَمَا قَالُوا هارٍ وهارٌ وهائرٌ وَمثله رَجُلٌ شاكِي السِّلاح، وشاكُ السِّلاح.
قلت: وَيجوز أَن يكون ماسٌ كَانَ فِي الأَصْل ماسئاً بِالْهَمْز فخفّفت همزُه ثمَّ قُلِب.
قَالَ أَبُو زيد: الماسىء: الماجِنُ، وَقد مَسأ: إِذا مَجَن.
وَقَالَ اللَّيْث: المَسْيُ لُغَةٌ فِي المَسْوِ؛ إِذا مَسَطَ الناقةَ، قَالَ: مَسَيْتُها ومَسَوْتُها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: مَسَيْتُ النَّاقةَ: إِذا سَطَوْتَ عَلَيْهَا، وَهُوَ إدخالُ الْيَد فِي الرَّحم، والمَسْيُ: استخراجُ الوَلَد.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُسْيُ من الْمسَاء كالصُّبح من الصَّباح، قَالَ: والمُمْسى كالمُصْبح، قَالَ: والمَساء بعد الظُّهر إِلَى صَلاةِ الْمغرب.
وَقَالَ بَعضهم: إِلَى نصفِ اللَّيْل. وَقَول النَّاس: كَيفَ أَمْسيْت، أَي: كَيفَ أَنْت فِي وَقت الْمَساء. ومسيتُ فُلاناً قلت لَهُ كيفَ أمسيت وأمسينا نَحن صرنا فِي وَقت الْمسَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَقِيتُ من فلانٍ التَّماسِي، أَي: الدَّواهي، لَا يُعرَف لَهَا وَاحِد، وأَنشَد لِمِرْداس:
أُرَاوِدُها كَيْما تَلِينَ وإنّنِي
لأَلْقى عَلَى العِلاَّتِ مِنْهَا التّماسِيا
وَيُقَال: مَسَيْتُ الشيءَ مَسْياً: إِذا انْتَزَعْتَه، وَقَالَ ذُو الرّمة:
يَكَادُ المِراحُ العَرْبُ يَمْسِي غُروضَها
وَقد جَرَّدَ الأكتافَ مَوْرُ المَوارِكِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَمْسَى فلانٌ فلَانا: إِذا أَعَانَهُ بِشَيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَكِب فلانٌ مَسْأَ الطَّرِيق: إِذا ركب وسَطَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ماسَى فلانٌ

(13/82)


فلَانا: إِذا سَخِر مِنْهُ، وسامَاه: إِذا فاخَره.
وَمَسّ: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: المومِسَة: الْفَاجِرَة. وَقَالَ اللّيث: المُومِسات: الفَوَاجِرُ مُجاهَرَةً.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الوَمْسُ: احتِكاكُ الشَّيء بالشَّيْء حتَّى يَنْجَرِد؛ وَأنْشد قولَ ذِي الرُّمة:
وَقد حَرَّدَ الأكْتافَ وَمْسُ الحَوارِكِ
قلت: وَلم أَسْمَع الوَمْسَ لغيره، وَرَوَاهُ غيرُه: مَوْرَ المَوَارِك، والمَوَارِك: جمع المِيرَكَة والمَوْرِك.
مأس: قَالَ اللِّحيانيّ: يُقَال للنَّمام المائِسُ والمَؤُوس والمِمْآسُ؛ وَقد مأسْتُ بَينهم، أَي: أَفسَدْتُ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: مأَسْتَ بَين الْقَوْم، وأَرَّشْتَ، وأرَّثْتَ بِمَعْنى وَاحِد.

(13/83)


بَاب اللفيف من حرف السّين
وَمن حُرُوفه المستعمَلة: السَّيء. والسَّيّ. وسِوَى. وسَواء. وساوَى. واستَوى. والسويّة. والسّوِيّ. والسُّوء. والسَّوء. والسَّيِّىء. والسَّوْء. وأسْوَى. والسَّأْوُ. والسّوس. والسّيساء. والوسْواس. وأوَس. والآس. والأس. وألاس. والأيْس. والأُسّ. والأسى. والأسية. والأسْوَ. والسّيَة. والأسيس. والسواس. والساسا. والواسىء. وويس. والساية.
(سيأ) : الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: السَّيْء لبنٌ يكون فِي أَطْرَافِ الأَخلاف قبل نُزول الدِّرّة، قَالَ زُهير:
كَمَا استغاثَ بسَيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ
خافَ العُيونَ وَلم يُنظَر بِهِ الحَشَكُ
(سيي) : والسِّيّ غيرُ مَهْمُوز مكسور السِّين: أرضٌ فِي بِلَاد الْعَرَب مَعْرُوف. وَيُقَال: هما سِيّانِ أَي هما مِثْلان. وَالْوَاحد سيّ.
أَبُو عبيد: تَسَيَّأَتِ الناقةُ إِذا أَرسلتْ لَبنَها من غير حَلَب، وَهُوَ السَّيْءُ.
وَيُقَال: إِن فلَانا ليتسيَّأ لي بِشَيْء، أَي بِشَيْء قَلِيل، وَأَصله من السّيْىء وَهُوَ اللَّبن قبل الدرّةِ ونزولها.
وَيُقَال: أَرض سيّ، أَي مستوية.
قَالَ ذُو الرمة:
زهاء بَساط الأَرْض سيّ مخوفة
وَقَالَ آخر:
بِأَرْض ودعان بساطٌ سيّ
وَيُقَال: وَقع فلَان فِي سِيِّ رأسِه وسَواء رأسِه، أَي: هُوَ مغمورٌ فِي النِّعمة، حَكَاهُ ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء. وأمّا قولُ امرىء الْقَيْس:
أَلا رُبَّ يومٍ صالحٍ لكَ مِنْهُمَا
وَلَا سِيَّما يومٌ بِدَارةِ جُلْجُلِ
ويُروى وَلَا سيّما يومٍ، فَمن رَوَاهُ: (وَلَا سِيمَا يومٍ) أَرَادَ وَلَا مِثْلُ يَوْمٍ و (مَا) صلَة. ومَن رَوَاهُ (يومٌ) أرادَ وَلَا سِيَّ الَّذِي هُوَ يومٌ.
أَبُو زيد عَن العَرَب: إِن فلَانا عالمٌ وَلَا سِيّما أخُوه قَالَ: و (مَا) صلَة، ونصبُ سِيَّما بِلَا الجَحْد و (مَا) زَائِدَة، كأنّك قلتَ: وَلَا سِيَّ يَوْمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّيُّ: المكانُ المستوِي، وَأنْشد:
بأَرْضِ وَدْعانَ بَساطٌ سِيُّ
أَي: سواءٌ مُسْتَقِيم.
(سوي) : وَيُقَال للْقَوْم إِذا استوَوْا فِي الشّر: هم سَواسِية. وَمن أمثالِهم: سَواسِيّة كأسْنان الحِمار، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلهم: لَا

(13/84)


يزَال الناسُ بِخَير مَا تَبايَنوا، فَإِذا تَساوَوْا هَلَكوا، وأصلُ هَذَا أَن الخيرَ فِي النَّادِر من النّاس، فَإِذا استَوى الناسُ فِي الشرّ وَلم يكن فيهم ذُو خَيْر كَانُوا من الهلْكى.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال هم: سَواسِيَة: يَستوُون فِي الشرّ، وَلَا أَقُول فِي الْخَيْر، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد.
وحُكي عَن أبي القَمْقام: سَواسِيه، أَرَادَ سَواء، ثمَّ قَالَ سِيَة، ورُوي عَن أبي عَمْرو بن العَلاء أَنه قَالَ: مَا أشدَّ مَا هجا القائلُ وَهُوَ الفرزدق:
سَواسِيّة كأَسْنان الحِمار
وَذَلِكَ أَن أسْنَانَ الحِمار مستويَة.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاَْرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} (الْبَقَرَة: 29) .
قَالَ الْفراء: الاسْتوَاء فِي كَلَام الْعَرَب على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَن يَستوِيَ الرجلُ ويَنتهي شَبابُه وقوَّتُه، أَو يَسْتَوِي من اعوجاج، فهذان وَجْهَان، ووجهٌ ثَالِث أَن تَقول: كَانَ فلانٌ مُقبِلاً على فلَان ثمَّ استَوى عليَّ وإليّ يُشاتمُني، على معنى: أقبلَ إليَّ وعَليّ، فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} ، وَالله أعلم.
قَالَ الْفراء: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} : صَعِد، وَهَذَا كَقولِك للرجل: كَانَ قَائِما فاستوَى قاعِداً، وَكَانَ قَاعِدا فاستوَى قَائِما وكُلٌّ فِي كَلَام العَرَب جَائِز.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: { (الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه: 5) ، قَالَ: الاسْتوَاء: الإقبال على الشَّيْء.
وَقَالَ الْأَخْفَش: استَوى أَي علا، وَيَقُول: استوَيْتُ فوقَ الدّابة، وعَلى ظهر الدَّابة، أَي: عَلَوْته.
وقَال الزَّجَّاج: قَالَ قومٌ فِي قَوْله عز وَجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} عَمَد وقَصَد إِلَى السّماء، كَمَا تَقول: فَرَغ الأميرُ مِن بلدِ كَذَا وَكَذَا، ثمَّ استَوى إِلَى بلدِ كَذَا وَكَذَا، مَعْنَاهُ: قَصَد بالاستواء إِلَيْهِ.
قَالَ: وَقَول ابْن عبَّاس فِي قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} أَي: صَعِد، معنى قَول ابْن عَبَّاس، أَي: صَعد أمرُه إِلَى السَّماء. وقولُ الله جلَّ وعزَّ: {لاَ يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءَاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} (الْقَصَص: 14) ، قيل: إنّ معنى (استَوى) ههُنا بلغَ الْأَرْبَعين.
قلت: وكلامُ العَرَب أَن المجتمِع من الرِّجَال والمستوِيَ هُوَ الَّذِي تمّ شَبابُه، وَذَلِكَ إِذا تمّت لَهُ ثَمَان وَعِشْرُونَ سَنة فَيكون حِينَئِذٍ مجتمِعاً ومستوِياً إِلَى أَن تتمّ لَهُ ثلاثٌ وثلاثُون سَنَةً، ثمَّ يَدخُل فِي حَدِّ الكُهولة، ويَحتمل أَن يكون بُلوغُ الْأَرْبَعين غايةَ الاسْتوَاء وَكَمَال الْعقل والحُنْكة، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسْتوَاء فِعْلٌ لازمٌ، من قَوْلك: سوَّيْتُه فاستَوَى.

(13/85)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العَرَب تَقول: استَوَى الشيءُ مَعَ كَذَا وَكَذَا أَو بِكَذَا، إلاّ قَوْلهم للغلام إِذا تمَّ شَبابُه: قد استوَى. قَالَ: وَيُقَال: استوَى الماءُ والخَشَبَة، أَي: مَعَ الخَشَبةِ، الْوَاو هَهُنَا بمعنَى مَعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي البَيْع لَا يُساوِي: أَي لَا يكون هَذَا مَعَ هَذَا الثَّمن سِيَّيْن. وَيُقَال: ساويت هَذَا بذاكَ: إِذا رفعتَه حَتَّى بلغَ قدرَه وَمبلَغه، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} (الْكَهْف: 96) ، أَي: سوَّى بَينهَا حِين رفع السّدَّ بَينهمَا.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: يُقَال: لَا يُساوِي الثوبُ وغسيرُه كَذَا وَكَذَا، وَلم يَعرِف يَسْوِي.
وَقَالَ اللَّيْث: يَسوَى نادرةٌ، وَلَا يُقَال مِنْهُ سَوِي، وَلَا سَوَى كَمَا أنّ نكراء جَاءَت نادرةً، وَلَا يُقَال لذَكرِها أَنْكُر. قَالَ: وَيَقُولُونَ: نَكِرَ وَلَا يَقُولُونَ: يَنكَرُ.
قلت: وَقَول الفرّاء صَحِيح، وقولُهم: لَا يَسوَى لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ من كَلَام المولَّدين، وَكَذَلِكَ لَا يُسْوَى لَيْسَ بِصَحِيح.
وَيُقَال: ساوَى الشيءُ الشيءَ: إِذا عادَلَه، وساوَيْتُ بَين الشَّيْئَيْنِ: إِذا عَدَلْتَ بَينهمَا، وسَوّيتَ.
وَيُقَال: تَساوَت الأمورُ واستوتْ، وتساوَى الشيئان واستَوَيا بِمَعْنى وَاحِد، وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ} (الْبَقَرَة: 108) .
فإنّ سَلمَة رَوَى عَن الفرّاء أنّه قَالَ: {سَوَآءَ السَّبِيلِ} قصْد السَّبِيل، وَقد يكون (سواءٌ) فِي مَذْهَب (غير) كَقَوْلِك: أتيتُ سِواءك، فتمدّ.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: سَواء مَمْدُود بِمَعْنى وَسَط.
قَالَ: وحَكَى الأصمعيّ عَن عِيسَى بن عمرَ: انْقَطع سَوائي أَي وَسَطي، قَالَ: وسِواءٌ وسَوَى بِمَعْنى غير وَكَذَلِكَ سُوًى. قَالَ: وسَواء بمعنَى العَدْل والنَّصَفة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (آل عمرَان: 64) ، أَي: عَدْلٍ.
وَقَالَ زُهَيْر:
أَرُونِي خُطّةً لَا عَيْب فِيهَا
يُسوِّي بينَنا فِيهَا السَّواءُ
وَقَول ابْن مقبل:
أردّا وَقد كَانَ المزار سواهُمَا
على دُبر من صادر قد تبدّدا
قَالَ يَعْقُوب فِي قَوْله: وَقد كَانَ المزار سواهُمَا، أَي: وَقع المزار على سواهُمَا أخطأهما. يصف مزادتين، وَإِذا تنحى المزار عَنْهُمَا استرختا وَلَو كَانَ عَلَيْهِمَا لرقعهما، وقلَّ اضطرابهما.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم نَحوه، وَزَاد فَقَالَ: يُقَال: فلَان وَفُلَان سواعد، أَي: متساويان، وقومٌ سَواء لأنّه مصدر لَا يثنى وَلَا يُجمَع.

(13/86)


قَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسُواْ سَوَآءً} (آل عمرَان: 113) ، أَي: لَيْسُوا مُستَوِين.
قَالَ: وَإِذا قلتَ: سواءٌ عليّ احتجتَ أَن تُترجِم عَنهُ بشيئين، كَقَوْلِك: سواءٌ سألتَني أَو سكَتّ عني، وسواءٌ حَرَمْتَني أم أعْطيْتَني.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: عقلك سواك؛ مثل عزب عَنْك عقلك.
وَقَالَ الحطيئة:
وَلَا يبيت سواهُم حِلْمُهم عزباً
وسِوى الشَّيْء: نفسُه، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا، ذكره ابْن الْأَنْبَارِي عَنهُ.
أَبُو عبيد: سَوَاء الشَّيْء، أَي: غَيره، كَقَوْلِك: رَأَيْت سواءك. قَالَ: وسواءُ الشَّيْء: هُوَ نفسُه.
قَالَ الْأَعْشَى:
تجانف عَن جُل الْيَمَامَة نَاقَتي
وَمَا عدلت عَن أَهلهَا لسوائِكَا
وبسوائك يُرِيد بك نَفسك.
قلت: وَسوى بِالْقصرِ تكون بالمعنيين، تكون بِمَعْنى غير، وَتَكون بِمَعْنى نفس الشَّيْء.
وروى أَبُو عبيد مَا رَوَاهُ عَن أبي عُبَيْدَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: دارٌ سَواء، وثوبٌ سَوَاء، أَي: مستوٍ طولُه وعَرْضُه وَصِفَاته وَلَا يُقَال: جَمَل سَواء، وَلَا حِمارٌ سَواء، وَلَا رَجُل سَوَاء.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: لَئِن فعلتَ ذاكَ وَأَنا سِواكَ ليأتينّك مِنّي مَا تَكرَه، يُرِيد: وأَنا بأرْضٍ سِوَى أَرْضِك.
وَيُقَال: رجلٌ سواءُ البَطْن: إِذا كَانَ بَطْنه مستوياً مَعَ الصَّدر. ورجلٌ سَواءُ القَدَم: إِذا لم يكن لَهَا أَخمص، فسواءٌ فِي هَذَا الْمَعْنى: المستوِي.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: وَقع فلانٌ فِي سَواء رَأسه، أَي: فِيمَا ساوَى رَأسه من النَّعمة.
وأرضٌ سَوَاء: مستوِية.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَوّى: إِذا اسْتَوَى، ووسَّى إِذا حَسُن.
قَالَ: والوسْيُ: الاسْتوَاء. وَسوى فِي معنى غير.
قَالَ: والوسْي: الحلْق، يُقَال: وسى رأسَه وأوساه: إِذا حلقه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال هُما على سَوِيّةٍ من الْأَمر، أَي: على سَوَاء، أَي: اسْتِوَاء.
قَالَ: والسَّوِيّة: قَتَبٌ عجميٌّ للبعير، والجميع السَّوايا.
أَبُو عُبيد عَن الأَصْمَعِيّ: السَّوِيّةِ كساءٌ محشُوٌّ بثُمام أَو ليفٍ أَو نَحوه، ثُمَّ يُجعل على ظهر الْبَعِير، وَإِنَّمَا هُوَ من مراكب الْإِمَاء وأَهل الْحَاجة.
قَالَ: والحوِيّة: كسَاء يُحَوّي حولَ سَنَام الْبَعِير ثمَّ يُركَب.
وَقَول الله: {بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: 17) ، وَقَالَ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} (مَرْيَم: 10) .

(13/87)


قَالَ الزّجاج: لمّا قَالَ زَكَرِيَّا لربّه: {اجْعَل لِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَايَةً} (مَرْيَم: 10) أَي: عَلامَة أعلم بهَا وقوعَ مَا بُشِّرتُ بِهِ قَالَ: {ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} (مَرْيَم: 10) ، أَي: تمنع الكلامَ وأنتَ سَوِيٌّ لَا خرسَ بك فتعلم بذلك أنّ الله قد وهبَ لَك الْوَلَد. وسَوِيّاً مَنْصُوب على الْحَال.
وَأما قَوْله: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: 17) ، يَعْنِي جبريلَ تمثَّلَ لِمَرْيَم وهيَ فِي غرفَة مُغْلق بابُها عَلَيْهَا محجوبةٌ عَن الخلْق، فتمثل لَهَا فِي صُورَة خَلْقِ بشرٍ سويَ، فَقَالَت لَهُ: {إِنِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً} (مَرْيَم: 18) .
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السّوِيّ: فَعيل فِي معنى مُفْتَعِل، أَي: مستوٍ.
قَالَ: والمستوي: التامُّ فِي كَلَام العَرَب الَّذِي قد بلغ الْغَايَة فِي شبابه وتمامِ خلقه وعَقْلِه.
قَالَ: وَلَا يُقَال فِي شيءٍ من الْأَشْيَاء: استوَى بِنَفسِهِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَى غَيره، فَيُقَال: اسْتَوَى فلَان وَفُلَان إِلَّا فِي معنى بُلُوغ الرجل الْغَايَة، فَيُقَال: اسْتَوَى.
قَالَ: وَاجْتمعَ مثله.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {مَكَاناً سُوًى} (طه: 58) ، و (سِوًى) .
قَالَ الْفراء: أَكثر كلامِ الْعَرَب بالفَتْح إِذا كَانَ فِي معنى نَصَف وعَدْل فتحُوه ومدُّوه.
قَالَ: وَالْكَسْر وَالضَّم مَعَ الْقصر عربيّان، وَقد قرىء بهما.
وَقَالَ اللَّيْث: تَصْغِير سواءٍ الْمَمْدُود: سُوَيّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (مَكَانا سوي) وَيقْرَأ بِالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُ منصفاً، أَي: مَكَانا فِي النّصْف فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك. وَقد جَاءَ فِي اللُّغَة سَوَاء بِالْفَتْح فَهَذَا الْمَعْنى. تَقول: هَذَا مَكَان سَوَاء أَي: متوسط بَين المكانين، وَلَكِن لم يقْرَأ إِلَّا بِالْقصرِ: سُوًى وسِوًى.
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: أسْوى الرجلُ: إِذا كَانَ خَلْق ولَدِه سويّاً، وخُلُقه أَيْضا.
وَيُقَال: كَيفَ أَمْسَيْتُم؟ فَيَقُولُونَ: مُسْوون صَالِحُونَ، يُرِيدُونَ: أنّ أَوْلَادنَا ومواشينَا سَوية صَالِحَة.
ورَوَى أَبُو عبيد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السُّلَمي أَنه قَالَ: مَا رأيتُ أحدا أَقرأَ من عليّ، صَلَّينا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزَخاً، ثمّ رَجَع إِلَيْهِ فقرأه، ثمَّ عَاد إِلَى الْموضع الّذي كَانَ انْتهى إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: أسْوَى: يَعْنِي أسْقَط وأَغفَل؛ يُقَال: أَسَوَيْتُ الشيءَ: إِذا تَركتَه وأغْفَلْتَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّواءُ مَمْدُود: ليلةُ ثلاثَ عشرَة، وفيهَا يَستَوِي الْقَمَر.
وَيُقَال نزَلنَا فِي كلاَءٍ سَيَ، وأَنْبَطَ مَاء سِيّاً: أَي: كثيرا وَاسِعًا.

(13/88)


أَبُو عبيد عَن الْفراء: هُوَ فِي سيّ رَأسه، وَسَوَاء رَأسه، وَهِي النِّعْمَة.
قَالَ شمر: لَا أعرف فِي سيّ رَأسه وَسَوَاء رَأسه، وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ: فِيمَا سَاوَى رَأسه.
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السَّاية فَعْلَةٌ من التّسوية.
وقولُ النَّاس: ضَربَ لي سايَةً، أَي: هَيّأَ لي كلمة سَوَّاها عَلَيّ ليَخدَعَني.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: أَسوَى الرجلُ: إِذا أَحدَث من أم سُويد، وأَسْوَى: إِذا بَرِصَ؛ وأَسوَى: إِذا عُوفِيَ بعد عِلّة.
قَالَ: وَقيل لقوم: كَيفَ أصبحتمْ؟ فَقَالُوا: مُسْوِين صالِحين.
قلت: أرَى قَول أبي عبد الرَّحْمَن السُّلَميّ أسْوَى بَرْزَخاً، بِمَعْنى أَسقَط، أَصلُه من أَسْوَى إِذا أحدث؛ وأصلُه من السَّوْءَة، وَهِي الدُّبُر، فتُرِك الهمزُ فِي فِعلها؛ وَالله أعلم.
سوأ: قَالَ اللَّيْث: ساءَ يَسُوء: فِعلٌ لَازم ومُجاوزٌ، يُقَال: سَاءَ الشيءُ يَسُوء فَهُوَ سَيّءٌ: إِذا قَبحُ. والسُّوء: الِاسْم الجامعُ للآفات والدّاء.
وَيُقَال: سُؤْتٌ وجهَ فلانٍ، وَأَنا أَسوءه مَساءَةً ومَسائِيَة، قَالَ: والمَسايَةُ لغةٌ فِي المَساءَة، تَقول: أردتُ مَسَاءَتَك ومَسايَتَك، وَيُقَال: أسأتُ إِلَيْهِ فِي الصَّنيع، واستاء فلانٌ فِي الصَّنيع، من السوِّ بِمَنْزِلَة اهتمّ، من الهَمّ، أَو أَسَاءَ فلانٌ الخِياطةَ والعملَ.
أَبُو زيد: أَساءَ الرجلُ أساءَة، وسَوَّأْتُ على الرجلِ فعلَه.
وَمَا صَنَع تَسْوِئةً وتَسْويئاً: إِذا عِبْتَ مَا صَنَع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ساءَ مَا فَعَل صَنِيعاً يَسُوء، أَي: قَبُح صنيعُه صَنِيعاً.
قَالَ: والسَّيّء والسَّيئة: عَمَلان قبيحان؛ يصير السَّيءْ نَعْتاً للذَّكَر من الْأَعْمَال، والسَّيئة للأُنثى، وَالله يَعْفُو عَن السيِّئات والسَّيئة: اسْمٌ كالخَطيئة.
قَالَ: والسُّوءَى بوَزْن فُعْلَى: اسمٌ للفَعْلَة السِّيئة، بِمَنْزِلَة الحُسْنى للحَسَنة محمولةٌ على جِهَة النَّعْت فِي حَدّ أَفْعَل وَفُعْلَى كالأَسْوَإِ والسُّوْءَى.
وَقَالَ ابْن السَّكيت: يُقَال: إِن أخطأتُ فَخَطِيئتي وَإِن أَسَأْت فسَوِّي عليَّ، أَي: قَبِّح عليَّ إساءتي.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (سَوْءٌ وَلُودٌ خَيْرٌ من حَسْنَاء عَقِيم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأمويّ: السَّوْء: القبيحة؛ وَيُقَال للرجل من ذَلِك أَسْوَأ، مهموزٌ مَقْصور. وَقَالَ الْأَصْمَعِي مِثْله.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ كلُّ كلمة أَو فَعلة قبيحة فَهِيَ سَوْء؛ وأنْشَدَ لأبي زُبَيد:
ظَلَّ ضَيْفاً أخُوكُم لأخينَا
فِي شَرابٍ ونَعْمَةٍ وَشِواءِ

(13/89)


لَمْ يَهَبْ حُرْمَة النَّديم وَحُقَّتْ
يَا لَقَوْمِي للسَّوْءةِ السَّوْآءِ
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْء: فرج الرَّجُل وَالْمَرْأَة، قَالَ الله تَعَالَى: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا} (الْأَعْرَاف: 22) ، قَالَ: والسَّوْءة: كلُّ عملٍ وأَمرٍ شائن؛ تَقول: سَوْءَةً لفُلَان؛ نَصْبٌ لأنَّه شَتْمٌ ودُعاء.
قَالَ: والسَّوْءة السَّوْءاء: هِيَ الْمَرْأَة المخالِفة.
قَالَ: وَتقول فِي النَّكِرة: رجُل سَوْء، وَإِذا عَرَّفْتَ قلتَ هَذَا الرَّجلُ السَّوْءُ، ولَمْ تُضِف. وَتقول: هَذَا عَملُ سَوْء، ولَمْ تقُل عَمَل السَّوْء؛ لِأَن السَّوْء يكون نَعْتاً لِلعَمَل، لأنَّ الفِعْل من الرجل وليسَ الفعْلُ من السَّوْء، كَمَا تَقول: قَوْلُ صِدْق، وقولُ الصِّدْقِ، ورَجُل صِدْق، وَلَا تَقول: رَجُلُ الصِّدْق لأنَّ الرجلَ لَيْسَ من الصِّدْق.
وَقَالَ ابْن هانىء: الْمصدر السَّوْء، وَاسم الْفِعْل السوء. وَقَالَ: السَّوْء مصدر سؤته أسوءه سوءا، فَأَما السَّوْء فاسم الْفِعْل؛ قَالَ الله تَعَالَى: {قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً} (الْفَتْح: 12) ، قَالَ: وَقيل من السَّوْء من الذَّكَر أَسْوَأ، وَالْأُنْثَى سَوْءَاء. يُقَال: هِيَ السَّوْءة السَّوْءاء. وَقيل: فِي قَوْله تَعَالَى: {يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَى أَن كَذَّبُواْ بِئَايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (الرّوم: 10) أَي: هِيَ جَهَنَّم.
سَلمَة عَن الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعَزّ: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (الْفَتْح: 6) ، مِثْلُ قَوْلك: رَجُلُ السّوْء. قَالَ: ودائرة السَّوْء: الْعَذَاب. والسَّوْءُ بالفَتْح أفشَى فِي الْقِرَاءَة وَأكْثر؛ وقَلَّما. تَقول الْعَرَب: دَائِرَة السُّوء بِالضَّمِّ.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ} (الْفَتْح: 6) ، كَانُوا ظنّوا أَن لن يعودَ الرسولُ والمؤمنون إِلى أهلِيهِم، وزُيِّنَ ذَلِك فِي قُلوبهم، فَجعل اللَّهُ دائرةَ السُّوء عَلَيْهِم قَالَ: وَمن قَرَأَ (ظن السُّوء) ، فَهُوَ جَائِز؛ وَلَا أعلم أحدا قرَأَ بهَا، إِلَّا أنَّها قد رُوِيَت.
وزَعَم الخليلُ وسيبويه أنَّ معنى السُّوْء هَهُنَا: الْفساد، الْمَعْنى الظانِّين بِاللَّه ظنَّ الْفساد، وَهُوَ مَا ظَنُّوا أَن الرَّسول ومَنْ مَعَه لَا يَرْجِعون، قَالَ الله: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} أَي: الفسادُ والهلاكُ يَقع بهم.
قلتُ: قولُ الزّجاج لَا أعلم أحدا قَرَأَ (ظَنّ السُّوءِ) بضمّ السِّين مَمْدُود وهَم، وَقد قَرَأَ ابنُ كثير وَأَبُو عَمْرو: (دَائِرَة السُّوء) بِضَم السِّين ممدودة فِي سُورَة بَرَاءَة، وَسورَة الْفَتْح، وَقَرَأَ سائرُ القُرّاء السَّوْء بِفَتْح السِّين فِي السُّورتين، وكثُر تعجُّبي من أَن يَذهبَ على مِثل الزّجاج قراءةُ هذَيْن القارئَين الجليلَين مَعَ جلالةِ قَدْرِهما.
وَقَالَ الفرّاء فِي سُورَة بَرَاءَة فِي قَوْله: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (التَّوْبَة: 98) .

(13/90)


قَالَ قِرَاءَة الفرّاء: بِنصب السِّين، وَأَرَادَ بالسَّوْء الْمصدر من سُؤْتُه سَوْءاً ومَساءَةً ومَسائية وسَوائِية، فَهِيَ مَصادر.
ومَنْ رفع السِّين جعله اسْما، كَقَوْلِك: عَلَيْهِم دائرةُ الْبلَاء وَالْعَذَاب.
قَالَ: وَلَا يجوز ضمُّ السِّين فِي قَوْله: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} (مَرْيَم: 28) ، وَلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ} (الْفَتْح: 12) .
لَا يجوز فِيهِ (ظنَّ السُوء) ، وَلَا (امْرأ سُوء) ، لِأَنَّهُ ضدّ لقَوْله: هَذَا رجلُ صِدْقٍ وثوبُ صِدْق، فَلَيْسَ للسّوءْ هَهُنَا معنى فِي بلاءٍ وَلَا عَذَاب فيُضم.
قَالَ ابْن السكّيت: وَقَوْلهمْ: لَا أُنكِرُك من سوء، أَي: لم يكن إنكارِي إيّاك من سوءٍ رَأَيْته بك، إنّما هُوَ لقلّة المَعرِفة.
وَيُقَال: أنّ السوء كنايةٌ عَن اسْم البَرَص، لقَوْل الله تَعَالَى: {بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} (طه: 22) ، أَي: من غير برص.
وَيُقَال: لَا خيرَ فِي قولِ السوء، فَإِذا فتحتَ السِّين فَهُوَ على مَا وصفْنا، وَإِذا ضَمَمْتَ فَمَعْنَاه لَا تَقُل سوءا، وَفِي حديثِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيا فاستاءَ لَهَا، قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادَ أَن الرُّؤْيَا ساءَته فاستاء لَهَا، افتَعَل من المساءَة.
وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ سواءَ البَطن والصَّدْر، أَرَادَ الواصف أَن بطنَه كَانَ غيرَ مُستفيض، وَأَنه كَانَ مُسَاوِيا لصَدْره، وَأَن صدرَه عريض فَهُوَ مساوٍ لبطنِه.
(سأي) : وَقَالَ أَبُو عبيد: سأو، قَالَ أَبُو عَمْرو: فلَان بعيد السأْوِ، أَي: بعيدُ الهمّة؛ وَقَالَ ذُو الرمّة:
دامِي الأظلِّ بعيدُ السأوِ مَهْيُومُ
قَالَ أَبُو عُبيد: وَقيل السأو: الوطَن فِي قَول ذِي الرمة.
أَبُو زيد: سأوْتُ الثوبَ سأواً، وسَأيته سأياً: إِذا مَدَدْتَه فانشقَّ. وسأوْتُ بَين الْقَوْم سأواً، أَي: أفْسدْت.
سوس: قَالَ اللّيث: السُّوس والسّاس لُغَتَانِ، وهما العُثّة الّتي تقع فِي الثِّيَاب وَالطَّعَام.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ساسَ الطَّعَام يَساس، وأَساس يُسِيس، وسَوَّس يُسَوِّس: إِذا وَقَعَ فِيهِ السُّوس:
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيا
وَقَالَ أَبُو زيد: الساسُ غيرُ مَهْمُوز وَلَا ثقيل: القادِحُ فِي السَّنّ.
وَقَالَ الليثُ: السُّوس: حَشيشةٌ تُشبه القَتّ. والسِّياسة: فعل السائس، يُقَال: هُوَ يَسُوسُ الدَّوابّ: إِذا قَامَ عَلَيْهَا وراضَها.
والوالي يَسُوسُ رَعيّته.
وَقَول العجاج:
يَجلو بعُود الإسحل المُفَصَّم
غُروبَ لَا ساسٍ وَلَا مُثَلَّم
المفصّم: المكسّر. والسّاس: الَّذِي قد

(13/91)


ائتكل، وَأَصله سائس، مثل: هار وهائر، وصاف وصائف. وَقَالَ العجاجُ أَيْضا:
صافي النُّحاس لم يُوشَّغْ بالكَدَرْ
وَلم يخالط عودَه ساسُ النخَرْ
قَوْله: سَاس النخر: أَي: أكل النخر، يُقَال: نخِر يَنخر نخراً. والسَّوَس: مصدَر الأُسْوَس، وَهُوَ داءٌ يكون فِي عَجْز الدَّابَّة بَين الوَرِكَين والفَخِذ يُورِثه ضَعفَ الرِّجْل.
وَقَالَ ابْن شُميل: السُّواسُ: دَاء يَأْخُذ الخَيْلَ فِي أعناقها فيُيَبِّسها حَتَّى تَمُوت.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوَاس: شَجَر وَهُوَ من أَفضل مَا اتُّخذ مِنْهُ زَنْد، لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَصْلِد، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وأَخرَجَ أُمُّه لِسَواسِ سَلْمَى
لمَعْفُورِ الضَّنا حَزِم الجَنِينِ
والواحدة سَواسَة.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ بالأَخرَج الرّمادَ، وَأَرَادَ بأمّه الزَّنْدة أَنَّهَا قُطِعَتْ من سَواسِ سَلمَى، وقولُه:
لِمعفور الضّنا ضَرِمُ الجَنِين
أَرَادَ أَن الزَّندةَ إِذا فُتِل الزَّندُ فِيهَا أَخرجتْ شَيْئا أسوَد فيتعَفّر فِي التّراب وَلَا يُؤْبه لَهُ، لأنّه لَا نارَ فِيهِ، فَهُوَ الْوَلَد المعفور، والضنأ فِي الأَصْل الضِّنْؤ، وَهُوَ الولَد فخفّف همزُه، ثمَّ تخرج بعد السّواد المعفور النَّار، فَذَلِك الجَنِين الضَّرِم، وذَكر معفور الضَّنا لِأَنَّهُ نسبَه إِلَى أَبِيه، وَهُوَ الزَّند الأعلَى.
وَقَالَ اللّيث: أَبُو ساسان: كُنيةُ كِسْرَى، وَهُوَ أَعجَمي، وَكَانَ الحُصَين بنُ المنذِر يُكنى بِهَذِهِ الكُنْية أَيْضا.
أَبُو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفُلَان أمرا فركِبَه كَمَا تَقول: سَوَّلَ لَهُ وزَيَّنَ لَهُ.
وَقَالَ غَيره: سَوَّس لَهُ أمرا: أَي: روَّضه وذَلَّله.
وَيُقَال: سُوِّسَ فلانٌ أمرَ بني فلَان، أَي: كُلِّف سِياسَتَهم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَساسَت الشاةُ فَهِيَ مُسِيس، وساسَتْ تُساس سَوْساً، وَهُوَ أَن يَكثُر قَمْلُها.
وسس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {) النَّاسِ مِن شَرِّ} (النَّاس: 4) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الوَسْواس: ذُو الوَسْواس، وَهُوَ الشّيطان { (الْخَنَّاسِ الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ} (النَّاس: 5) .
وَقيل فِي التَّفْسِير: إِن لَهُ رَأْسا كرَأْس الحيّة يَجثِم على القَلْب، فَإِذا ذَكَر اللَّهَ العبدُ خَنَس؛ فَإِذا تَرَك ذِكْرَ الله رجَعَ إِلَى الْقلب يُوَسْوِس.
وَقَالَ الفرّاء: الوِسْواس بِالْكَسْرِ المَصدَر. والوَسْواس: الشيطانُ؛ وكلُّ مَا حَدَّثك أَو وَسْوَس إِلَيْك؛ فَهُوَ اسمٌ.
وَقَالَ اللّيث: الوَسوسَة: النَّفس. والهَمْس: الصَّوْت الخَفِيّ مِن رِيحٍ تَهُزّ قصَباً أَو سِبّاً، وَبِه سُمِّي صوتُ الحُلى وَسْواساً.

(13/92)


قَالَ ذُو الرّمّة:
تذأُبُ الرّيح والوَسْواسُ والهِضَبُ
يَعْنِي بالوَسواس هَمْسَ الصّيّاد وكلامَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رجلٌ مَوسْوِس وَلَا يُقَال: مُوسوَس.
وَإِنَّمَا قيل: موسْوسٌ لأنّه يحدِّث نفسَه بِمَا فِي ضَمِيره.
قَالَ: {الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ} (ق: 16) ، وَقَالَ رؤبة يصف الصيّاد:
وَسْوَسَ يَدْعو مخلصاً رَبَّ الفَلَقْ
يَقُول: لمّا أَحَسّ بالصّيد وَأَرَادَ رَمْيَه وَسْوَس فِي نَفسه بِالدُّعَاءِ حَذَر الخيبَة والإبراق.
سيس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: ساسَاه: إِذا عَيَّرَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السيساءُ من الفَرَس: الحارك، وَمن الْحمار الظَّهْر، وَجمعه سياسي.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السيساء: الظّهْر، والسيساء: المقادة من الأَرْض المستدقة، وَالْجمع السياسي.
ابْن السّكيت عَن الأصمعيّ: السِّيْسَاءُ: قُرْدودة الظَّهْر.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ من الْحمار والبغل: المِنْسج.
(سأسأ) : عَمْرو عَن أَبِيه: السّأَساءُ والشَّأشاءُ: زجْرُ الْحمار.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّأسأَة من قَوْلك: سأْسأْتُ بالحمار: إِذا زجرته ليمضيَ قلت سأسأ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: سأسأت بالحمار.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: هَؤُلَاءِ بنُو ساسا للسُّؤال.
أَوْس أسا: قَالَ اللَّيْث: أَوْسٌ: قبيلةٌ من الْيمن، واشتقاقه من آس يَئوسُ أَوْساً وَالِاسْم الْإِيَاس، وَهُوَ العوَض.
يُقَال: أُسْتُه: أَي: عَوّضته.
واستآسَني فأُسْته.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي والأصمعي: الأوْسُ: العِوَض، وَقد أسْته أوسُه أَوْساً: أعَضْتُه أَعُوضُه عَوْضاً.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وَكَانَ الْإِلَه هُوَ المُسْتآسا
أَي: المستعاضَ.
وَقَالَ اللَّيْث: أوْس: زجرُ الْعَرَب للعَنْز والبقَر، تَقول: أَوْس أوْس.
أَبُو عُبَيد: يُقَال للذئب: هَذَا أَوْسٌ عادياً، وَأنْشد:
كَمَا خامرَتْ فِي حِضنها أمُّ عامرٍ
لَدَى الحبْل حَتَّى غالَ أَوْسٌ عيالها
يَعْنِي أكل جراءَها وتصغيرُه، أُويس، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
فلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً
أَوْساً أويس من الهبالهْ
قَالَ: افترس الذئبُ لَهُ شَاة.

(13/93)


فَقَالَ: لأضعنّ فِي حشاكَ مشقصاً عِوَضاً يَا أُويْس من غنيمتك الَّتِي غَنِمْتَها من غنمي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي المُواساة واشتقاقها قَولَانِ: أَحدهمَا أنّها من آسى يؤاسي، من الأُسْوَة، وَهِي القُدْوَة.
وَقيل: إِنَّهَا (من) أَساهُ يَأسُوه: إِذا عالجه ودَاواه.
وَقيل: إِنَّهَا من آس يؤوس: إِذا عاضَ فأَخَّرَ الْهمزَة وليَّنها، ولكلَ مقَال.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: (مَا يؤاسي فلَان فلَانا) ثَلَاثَة أَقْوَال:
قَالَ الْمفضل بن مُحَمَّد: مَعْنَاهُ: مَا يُشارك فلَان فلَانا. والمؤاساة: الْمُشَاركَة. وَأنْشد:
فَإِن يَك عبد الله آسى ابْن أمه
وآبَ بأسلاب الكَميّ المغاور
وَقَالَ المؤرِّج: مَا يواسيه، مَا يُصِيبهُ بِخَير.
من قَول الْعَرَب: آسِ فلَانا بِخَير، أَي: أصبْه.
وَقيل: مَا يُعوضه من مودته، وَلَا قرَابَته شَيْئا، مَأْخُوذ من الْأَوْس، وَهُوَ الْعِوَض.
قَالُوا: وَكَانَ فِي الأَصْل مَا يُؤاوسه، فقدموا السِّين وَهُوَ لَام الْفِعْل، وأخروا الْوَاو وَهِي عين الْفِعْل، فَصَارَ يواسُوا؛ فَلَمَّا لم تحْتَمل الْوَاو الْحَرَكَة سكنوها وقلبوها يَا، لانكسار مَا قبلهَا، وَهَذَا من المقلوب.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون غير مقلوب، فَيكون تفَاعل من أسَوْت الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة: الآسُ: بقيّة الرّماد بَين الأثافيِّ، وَأنْشد:
فَلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ منضَّدٍ
وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ
(وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الآسُ: أَن يمُرَّ النّحل فَيسْقط مِنْهَا نقط من الْعَسَل على الْحِجَارَة فيُسْتدل بذلك عَلَيْهَا) .
وَقَالَ اللَّيْث: الآسُ: شجرةٌ وَرقهَا عَطَر.
قَالَ: والآسُ: العسلُ. والآسُ: القَبْر. والآسُ: الصاحب.
قلتُ: لَا أعرف الآسَ بِهَذِهِ الْمعَانِي من جهةٍ تصحّ، وَقد احتجّ الليثُ لَهَا بشعرٍ أَحْسبهُ مصنوعاً:
بانتْ سُلَيْمَى فالفؤاد آسى

(13/94)


أَشكو كلُوماً مَا لَهُنّ آسى
من أجلِ حَوْراء كغُصْن الآس
رِيقَتُها كَمثل طَعْم الآسِ
وَمَا استأَسْتُ بعْدهَا من آس
ويلي فَإِنِّي لاحقٌ بالآس
وَقَالَ الدينَوَرِي: للآسى برمة بَيْضَاء، طيبَة الرّيح وَثَمَرَة تسودّ إِذا أينعت، وَتسَمى القطنية.
قَالَ: وينبت فِي السهل والجبل، وتسمو حَتَّى تكون شَجرا عظاماً، وَأنْشد:
بمُشْمُخِرِّ بِهِ الظَّيَّان والآسُ
والرّند غير الأسى
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أسِيَ يأْسَى أَسى مقصورٌ: إِذا حَزِن، ورجلٌ أَسْيَانُ وأَسْوَانُ، أَي: حَزِين.
وَيُقَال: آسَيْتُ فلَانا بمصيبته: إِذا عزيته، وَذَلِكَ إِذا ضربت لَهُ الأُسَى، وَهُوَ أَن تَقول لَهُ: مالَكَ تَحزَن وفلانٌ أسْوَتُك قد أَصابَه مِثل مَا أَصَابَك، وَوَاحِد الأسا أسْوَة، وَهُوَ أسْوَتُك، أَي: أنتَ مِثله وَهُوَ مِثلك، وَيُقَال: ائْتِس بِهِ، أَي: اقْتَدِ بِهِ وكنْ مِثلَه.
وَيُقَال: هُوَ يُؤَاسِي فِي مالِه، أَي: يُساوِي، وَيُقَال: رَحم الله رجلا أَعطَى من فَضْل، ووَاسى مِنْ كَفَاف، من هَذَا، وَيُقَال: أَسَوْتُ الجُرحَ فَأَنا آسُوه أَسْواً: إِذا داويتَه وأصلحتَه، والآسى: المتطبِّب، والإساء: الدَّواء؛ وأمّا قولُ الْأَعْشَى:
عِندَه البِرُّ والتُّقى وأسى الشَّقْ
قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأثقالِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ وَعِنْده أَسْوُ الشَّقّ، فَجعل الْوَاو ألفا مَقْصُورَة.
وَقَالَ الحُطيئةُ فِي الإساء بِمَعْنى الدَّوَاء:
تَوَاكَلَها الأطِبّةُ والإساءُ
والإساء: الدّاء بعَيْنه، وَإِن شِئْت كَانَ جمعا للآسى، وَهُوَ المُعالج، كَمَا تَقول، رَاع ورِعاء، قَالَه شمر. قَالَ: ومِثل الأسو والأسا: اللَّفْو واللَّفا، وَهُوَ السيء الخَسيس.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ أَسيانُ وامرأةٌ أَسيا، وَالْجمع أسايا، وَإِن شِئْت قلت: أسيانون وأَسييات. قَالَ: وآسية اسمُ امرأةِ فرعونَ.
والآسية بِوَزْن فاعِلة: مَا أُسسَ من بُنيانٍ فأُحكم أصلُه من ساريةٍ وغيرِها، وَقَالَ النَّابِغَة:
فَإِن تَكُ قد ودّعْتَ غيرَ مذمِّمٍ
أَوَاسيَ مُلْكٍ ذَمَّمَتها الأوائلُ
وَقَالَ المؤرِّج: كَانَ جَزءُ بن الْحَارِث من حُكماء الْعَرَب، وَكَانَ يُقَال لَهُ المؤَسِّي، لِأَنَّهُ كَانَ يؤسي بَين النَّاس، أَي: يصلِح بَينهم ويعدل.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان يتأسى بفلانٍ، أَي: يرضى لنَفسِهِ مَا رَضيه ويقتَدى بِهِ، وَكَانَ فِي مِثلِ حَاله. والقومُ أسْوَة فِي هَذَا الْأَمر، أَي: حالُهم فِيهِ وَاحِدَة. قَالَ:

(13/95)


والتأسي فِي الْأُمُور من الأسوة، وَكَذَلِكَ المُؤاساة.
ابْن السّكيت: جَاءَ فلانٌ يلتمسُ لِجراحه أسواً. يَعْنِي دَواءً يأسو بِهِ جُرحَه. والأسو: المصدَر.
سيا: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: سِيَةُ القَوْس: مَا عُطف من طرفيها، وَفِي السيَة الكُظْر وَهُوَ الفَرْض الَّذِي فِيهِ الوَتَر، وَكَانَ رؤبةُ ابْن العجّاج يهمز سيةَ الْقوس.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاقُون إِذا رقُوا الحيّة ليأخذوها ففزَع أحدُهم من رُقْيَتِه قَالَ لَهَا أسْ فَإِنَّهَا تخضَع لَهُ وتلين.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِيء مهموزٌ بِالْكَسْرِ: اسْم أَرض.
قلتُ: وغيرُه لَا يهمز، وَقَالَ زُهير:
لَهُ بالسِّيٌ تنوُّم وآءُ
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: إِذْ كَانَت الْبَقِيَّة من لحم قيل: أَسيْتُ لَهُ من اللّحم أسياً، أَي: أبقيتُ لَهُ، وَهَذَا فِي اللّحم خَاصَّة.
أسس: يُقَال: هُوَ الأُس والأساس لأصل البِناء، وَجمع الأساس: أسس.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: كَانَ ذَلِك على أُسّ الدَّهْر، وأَسِّ الدَّهر، وإِسِّ الدَّهر: أَي: على قديم الدَّهْر. وَيُقَال: عَلى اسْتِ الدَّهْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَلْزِق الحَسَّ بالأُسّ، قَالَ: الحَسّ: الشَّرّ، والأَسّ: أصلُه، قَالَ: الأَسِيس: أصلُ كلّ شَيْء. والأَسِيس: العِوَض.
(قَالَ: والسُّوس: الأصْل. والسَّوْس: الرياسة؛ يُقَال: ساسوهم سَوْساً، إِذا رأسوهُمْ قيل: سَوَّسُوه وأَساسوه) .
وَقَالَ اللَّيْث: أَسستُ دَارا: إِذا بَنَيْتَ حُدودَها ورَفَعْتَ من قواعدها؛ وَهَذَا تأْسيسٌ حَسَن. قَالَ: والتأسيس فِي الشِّعر: أَلِفٌ تَلْزَم القَافِيَة؛ وَبَينهَا وَبَين أحرُف الرَّوِيّ حرف يجوزُ رفعُه وكسرُه ونصبُه؛ نَحْو: مفاعلن، ويجوزُ إِبْدَال هَذَا الْحَرْف بغيرِه، فأمّا مِثْل محمّد لَو جَاء فِي قافية لم يكن فِيهِ تأسيس حَتَّى يكون نَحْو مُجَاهِد، فالأَلف تأسيس.
أَبُو عبيد: الرَّوِيّ حرف القافية نَفسهَا، وَمِنْهَا التأسيس؛ وأَنشَدَ:
أَلا طَالَ هَذَا اللَّيلُ واخْضَلَّ جَانِبُهْ
فالقافية هِيَ الْبَاء والألِفُ قبلَها هِيَ التأسيس، وَالْهَاء هِيَ الصِّلَةُ.
وَقَالَ اللَّيث: وَإِن جَاءَ شيءٌ من غير تأْسيس فَهُوَ المؤسَّس، وَهُوَ عيبٌ فِي الشِّعر، غير أنَّه ربَّما اضطُرّ إِلَيْهِ الشَّاعِر، وَأحسن مَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ الْحَرْف الَّذِي بعد الْألف مَفْتُوحًا؛ لِأَن فَتْحَتَه

(13/96)


تغلِب على فَتْحة الْألف، كأَنَّها تُزَال مِن الوَهْم، قَالَ العجَّاج:
مُبَارَكٌ للأنبياء خاتَمُ
مُعَلِّمٌ آيَ الْهُدَى مُعَلَّمُ
وَلَو قَالَ: خاتِم بِكَسْر التَّاء لَم يَحسُن.
وَقيل: إِن لُغَة العجاج (خأتم) بِالْهَمْز، وَلذَلِك أجَازه مَعَ السأسم، وَهُوَ شجر جَاءَ فِي قصيدة الميسم والساسم.
يأس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يَئِس يَيْئِس ويَيْأْسُ، مثل: حَسِبَ يَحسِب ويَحسَب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: عَلْياء مُضَر تَقول: يَحسِب ويَيْئس، وسُفْلاها بالفَتْح.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ الَّذِينَءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ} (الرَّعْد: 31) .
قَالَ الْفراء: قَالَ المفسِّرون: (أفلم ييأس) : أفلم يَعلم. قَالَ: وَهُوَ فِي الْمَعْنى على تفسيرِهم لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى قد أَوقَع إِلَى الْمُؤمنِينَ أنّه لَو شَاءَ لَهَدى النَّاس جَميعاً، فَقَالَ: أفلم يَيْأسوا علما، يَقُول: يُؤيِسُهم الْعلم، فَكَانَ فِيهِ الْعلم مضمَراً، كَمَا تَقول فِي الْكَلَام: قد يئسْتُ مِنْك ألاّ تُفْلح، كَأَنَّك قلت: علمت علما.
قَالَ: ورُوِي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: ييأس بِمَعْنى يَعلَم لُغَة للنَّخَع، وَلم نجدْها فِي العربيّة إلاّ على مَا فسّرت.
وَأنْشد أَبُو عُبَيدة:
أقولُ لهمْ بالشّعبِ إِذا يَبْسِرُونني
أَلَم تَيْأَسُوا أنّي ابنُ فارِس زَهْدَمِ
يَقُول: ألم تَعلَموا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: القَوْل عِنْدِي فِي قَوْله تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ الَّذِينَءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ} الْآيَة: أفلم يَيْأَس الّذين آمنُوا من إِيمَان هَؤُلَاءِ الّذين وَصفهم اللَّهُ بِأَنَّهُم لَا يُؤمنُونَ لأنّه قَالَ: لَو يَشَاء الله لَهَدَى الناسَ جَمِيعًا.
ولغةٌ أُخْرَى: أَيسَ يَأيَسُ، وآيَسْتُه، أَي: أيأَسْتُه، وَهُوَ اليَأْس والإياس، وَكَانَ فِي الأَصْل الإييَاس بِوَزْن الإيعَاس.
وَيُقَال: استيْأَس بِمَعْنى يَئِس، وَالْقُرْآن نَزل بلُغة من قَرَأَ يَئس.
وَقد رَوَى بعضُهم عَن ابْن كَثير أنّه قَرَأَ: وَلَا (تايَسُوا) ، بِلَا همز.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ الْكسَائي: سمعتُ غيرَ قَبيلَة يَقُولُونَ: أَيِس يَايَسُ بِغَيْر همز، قَالَ: وسمعتُ رجلا من بني المُنْتَفِق وهم من عقيل يَقُول: لَا تيْس مِنْهُ بِغَيْر همز.
(أيس) : وَقَالَ اللَّيْث: أَيْس كلمةٌ قد أُمِيتتْ، إلاّ أَن الخليلَ ذَكَر أنّ الْعَرَب تَقول: جِيءَ بِهِ من حَيْثُ أَيْسَ ولَيْسَ، لم يُستعمَل أَيْسَ إلاّ فِي هَذِه الْكَلِمَة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا كمعنى حَيْثُ هُوَ فِي حَال الكَيْنونة والوُجْدِ.
وَقَالَ: إِن معنى أيْسَ: لَا أَيْسَ، أَي: لَا

(13/97)


وجْد. قَالَ: والتأْييس: الِاسْتِقْلَال، يُقَال: مَا أيسْنا فلَانا خَيْراً: أَي: مَا استقلَلْنا مِنْهُ خيرا، أَي: أردتُه لأستخرِجَ مِنْهُ شَيْئا فَمَا قدَرتُ عَلَيْهِ؛ وَقد أَيَّس يُؤَيِّس تَأْييساً.
وَقَالَ غيرُه: التأييس: التأثيرُ فِي الشَّيْء. وَقَالَ الشمّاخ:
وجِلْدُها مِن أَطُومٍ مَا يُؤَيِّسُه
طِلْحٌ بِنَاحِيَة الصَّيْداءِ مَهْزُولُ
وَقَالَ ابْن بُزرج: أَيسْتُ الشيءَ: ليَّنته، وَالْفِعْل مِنْهُ إسْتُ آيَسُ أَيساً، أَي: لِنْتُ.
وَيس: قَالَ اللَّيْث: وَيسٌ: كلمةٌ فِي مَوضِع رأفة واستِملاح؛ كَقَوْلِك للصبيّ: وَيسَه مَا أَمْلَحه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لقيَ فلانٌ وَيساً، أَي: لقيَ مَا يُرِيد، وأَنشَد:
عَصَت سَجَاحِ شَبَثاً وقَيساً
ولَقِيَتْ من النكاحَ وَيسا
وَقَالَ اليزيديّ: الويْحُ والوَيْسُ بِمَنْزِلَة الوَيل فِي الْمَعْنى.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ أَبَا السَّمَيْدَع، يَقُول فِي هَذِه الثَّلَاثَة: إِن مَعْنَاهَا وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي (كتاب الْأَلْفَاظ) : إِن صَحَّ لَهُ يُقَال: وَيْسٌ لَهُ، أَي: فَقْرٌ لَهُ.
قَالَ: والويْس: الفقْر.
وَيُقَال: أُسْهُ أَوْسًا، أَي: شدّ فَقْرَهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوسُّ: العِوَض. والسّوُّ: الهمّة.
وَقَالَ أَبُو عمر: سَأَلَ مَبْرُمان أَبَا العبَّاس عَن مُوسَى وَصَرفه فَقَالَ: إِن جعلته فُعْلى لم تصرفه، وإِن جعلته مُفْعَلاً من أَوْسيْته صَرَفْته.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه أمّا ويسك فَإِنَّهُ لَا يُقَال إلاّ للصبيان، وأمَّا ويْلك فكلامٌ فِيهِ غِلَظٌ وشَتْم.
قَالَ الله للْكفَّار: {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً} (طه: 61) ، وأمّا ويْح فكلامٌ ليّن حَسَن.
قَالَ: ويُروَى أنَّ ويْحاً لأهل الجنّة، ووَيْلاً لأهلِ النَّار.
قلتُ: وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يدلّ على صحّة مَا قَالَ لعمّار: (ويْحَ ابْن سُميّة تقتلُه الفئة الباغية) .
(( (سأسأ) : ورَوَى ابْن هانىء عَن زيد بن كَثْوة أَنه قَالَ: من أَمْثَال العَرَب إِذا جَعَلتَ الحمارَ إِلَى جَانب الرّدْهة فَلَا تقل لَهُ سَأْ.
قَالَ: يُقَال عِنْد الاستمكان من الْحَاجة آخِذا أَو تَارِكًا، وَأنْشد فِي صفة امْرَأَة:
لم تَدْرِ مَا سَأْ للحمارِ وَلم
تَضْرِبْ بكفِّ مُخابِطِ السَّلَم
يُقَال: سأْ للحمار عِنْد الشُّرب يُبْتار بِهِ رِيُّه، فَإِن رَوِيَ انطلَق وإلاّ لم يبرَح.
قَالَ: وَمعنى قَوْله: سأ، أَي: اشرَبْ، فَإِنِّي أُرِيد أَن أَذهَب بك.

(13/98)


قلت: والأصْلُ فِي سأْ زَجْرٌ وتحريكٌ للمُضِيّ، كأنّه يَحُثّه على الشُّرب إِن كَانَت لَهُ حاجةٌ إِلَى المَاء مخافةَ أَن يُصْدِرَه وَبِه بقيّةٌ من ظَمَأ) 1) ، وَإِذا لحِق الرجلُ قِرْنَه فِي عِلم أَو شَجاعة قيل: ساواه.
(وسس) : وَقَالَ خَليفَة الخفاجي: الوَسْوَسة: الْكَلَام الخفيّ فِي اخْتِلَاط.

(13/99)


أَبْوَاب رباعي السِّين

(بَاب السِّين والطاء)
س ط
(سرمط) : قَالَ اللَّيْث: السّرَوْمَط: الطَّوِيل من الْإِبِل، وأَنشد:
بكلّ سارِم سَرْطَم سَرَوْمَطِ
قَالَ: والسّرْطَم: الواسعُ الحَلْقِ السّريع البَلْع مَعَ جِسم وخَلْق. والسِّرْطِمُ من الرِّجَال: البَيِّن القَوْل فِي كَلَامه، وَأنْشد:
ثمَّ تَرَى فِينا الخَطيبَ السِّرْطِما
وَقَالَ لَبيد:
ومُجْتَزَفٍ جَوْنٍ كأنّ خَفاءه
قَرَى حَبَشِيَ بالسّرَوْمَط مُحْقَبِ
السَّرَوْمَط هَهُنَا: حَبل. وَقيل: هُوَ جِلد ظَبْية لُفّ فِيهِ زِقُّ الْخمر، وكلّ خِفاء لُفّ فِيهِ شيءٌ فَهُوَ سَرَوْمَط لَهُ.
(طرفس) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الطِّرْفِسان: القِطعةُ من الرمل.
وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
ووَسَّدْتُ رَأْسِي طِرْفِساناً مُنَخَّلا
شمر عَن ابْن شُميل قَالَ: الطِّرْفِساء: الظَّلْماء لَيست من الغَيْم فِي شَيْء، وَلَا تكون ظَلْماءَ إلاّ بغَيْم.
(طلمس) (طرمس) : قَالَ: والطِلِمساءُ: الرَّقيق من السَّحَاب.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: هُوَ الطِّرْمِساء بالراء. وَقَالَ بعضُهم: الأرضُ الَّتِي لَيْسَ بهَا مَنارٌ وَلَا عَلَم، قَالَ المَرّار:
لقد تعسّفْتُ الفَلاةَ الطِّلْمِسا
يسيرُ فِيهَا القومُ خِمْساً أمْلَسَا
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْمِساءُ والطِّلْمِساء: الظُّلْمة الشَّدِيدَة.
(قَالَ: والطَّرْمَسةُ: الانقِباض والنُّكوص) .
(وطَرْمَسَ الرجلُ: إِذا قطّب وَجهه، وَكَذَلِكَ طَلْمَس وطلْسم) .
(طمرس) : قَالَ: والطِّمْرِسُ: اللّئيمُ الدنيء. والطُّمْرُوس: الخَروف. والطُّمْرُوسة: خُبْزُ المَلّة، وَهِي الظُّلمة، وَهِي الطُّرْمُوسة.
(سبطر) : شمر: السِّبَطْرُ من الرِّجَال: السَّبْط الطَّوِيل.

(13/100)


وَقَالَ اللَّيْث: السِّبَطْر: الْمَاضِي، وَأنْشد:
كمِشْيةِ خادِرٍ لَيْثٍ سِبَطْرِ
والمِشْية السِّبَطْرى، قَالَ العجّاج:
يَمشي السِّبَطْرَى مِشْيةَ التَّبَخْتُرِ
وَرَوَاهُ شمر: مشْيَة التَّجَيْبُر. قَالَ: والسّبطرى: مشْيَة فِيهَا تبختر.
سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: اسْبطَرّت لَهُ البِلاد: استَقامت.
وَقَالَ: اسْبَطرت لَيْلَتُها مُسْتَقِيمَة.
وَقَالَ اللَّيث: اسْبَطّرت فِي سيْرها: أسْرَعَتْ وامتدّت.
وحاكَمت امرأةٌ صاحبتَها إِلَى شُرَيح فِي هِرّة بِيَدِهَا فَقَالَ: ادْنوهَا من هَذِه، فَإِن هِيَ قَرَّت واسبَطَرّت فَهِيَ لَهَا، وَإِن قَرّت وازْبأَرَّتْ فليستْ لَهَا معنى (اسبَطَرّت) : امتدّت واستقامت لَهَا، واسبَطَرّت الذَّبيحة: إِذا امتدت للْمَوْت بعد الذَّبح، وكلُّ ممتدّ مُسبَطِر.
(طرطس) : اللَّيْث: الطَّرْطَبيس: الماءُ الْكثير، والطَّرْطَبِيس والدّرْدَبيس وَاحِد وَهِي: العَجوز المسترخِية.
وَيُقَال: نَاقَة طَرْطَبيس: إِذا كَانَت خَوّارة فِي الْحَلب.
(فنطس) (فرطس) : وَقَالَ: فِنْطيسة الخِنْزِير: خَطْمُه، وَهِي الفِرْطِيسة، والفَرْطسة فِعلُه إِذا مَدَّ خُرطومَه.
(ورَوَى أَبُو تُرَاب للأصمعي: إِنَّه لَمنيعُ الفِنْطيسة والفرْطيسة وَهِي الأرْنبة، أَي: هُوَ مَنيع الحوْزَة حَمِيُّ الْأنف.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فنطيسة الذِّئب وفرْطيسته: أنفُه) .
والفِنْطِيس: من أَسمَاء الذَّكَر.
(وفِنْطاسُ السَّفِينَة: حَوْضُها الَّذِي يجْتَمع فِيهِ نُشافة مَائِهَا، والجميع الفَناطِيس) .
(فلطس) : أَبُو عَمْرو: الفِلْطاس والفُلْطوس: رَأس الكَمرة إِذا كَانَ عريضاً، وأنشدَ يصف إبِلا:
يَخبطْنَ بِالْأَيْدِي مَكاناً ذَا غُدَرْ
خَبْطَ المُغِيباتِ فلاطِيسُ الكَمَرْ
وَيُقَال لخَطْم الخِنْزير: فِلْطِيسٌ أَيْضا.
(سفنط) : والإسفَنْط: من أَسمَاء الخَمر.
قَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ بالروميّة.
(رسطن) : وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسَاطون: شَرابٌ يَتَّخِذُه أهلُ الشَّام من الخَمر والعَسل.
قلتُ: الرّساطون بِلِسَان الرُّوم، وَلَيْسَ بعَرَبيّ.
(نسطر) : قَالَ: والنُّسطورِيَّة أُمّةٌ من النّصارى مخالفون بقيّتهم، وَهُوَ بالرُّومية نَسطُورِس.

(13/101)


(فلسط) : وفِلَسطين: كُورةٌ بِالشَّام، نُونُها زَائِدَة، تَقول: مَرَرْنَا بِفَلسطِين، وَهَذِه فَلسطُون.
قلتُ: وَإِذا نَسَبوا إِلَى فلسطين، قَالُوا: فِلَسطِيّ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَقُلْه فِلَسْطيّاً إِذا ذُقت طعمه
(سنطل) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سنْطل الرجل: إِذا مَشى مطأطئاً.
قلت: وَرَأَيْت بِظَاهِر الصمان جبيلاً صَغِيرا لَهُ أنف تقدّمه يُسمى سنطلاً.
(دفطس) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَفْطَسَ الرجلُ إِذا ضيّع مَاله، وَأنْشد:
قد نامَ عَنْهَا جابرٌ ودَفْطَسَا
يَشكو عُروق خُصْيَتَيْه والنَّسَا
قَالَ أَبُو الْفضل: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أرَاهُ دَفطساً قَالَ: وَكَذَا أحفَظُه بِالدَّال غير مُعْجمَة، وَلَكِن لَا نُغيِّره وأُعَلِّمُ عَلَيْهِ.
قلت: وروى أَبُو عُمَر الزّاهد هَذَا الْحَرْف فِي كِتَابه دَفْطس بِالدَّال، وَهُوَ الصَّوَاب عِنْدِي.
(طرفس) (طنفس) : قَالَ: وطَرْفَسَ الرجلُ: إِذا حَدَّد النّظر، هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بِالسِّين.
وَرَوَاهُ أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: طَرْفَش بالشين، إِذا نظَرَ وكَسر عَيْنَيه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: طَنْفَس: إِذا سَاءَ خُلُقه بعد حُسن.
وَيُقَال للسّماء مُطَرْفِسة ومطنفسة: إِذا استَغْمدتْ فِي السَّحَاب الْكثير، وَكَذَلِكَ الْإِنْسَان إِذا لَبِس الثيابَ الْكَثِيرَة: مُطْرفِس ومُطَنْفِس.
(سرطل) : غيرُه: سَرْطَلٌ: وويلٌ مُضطرب الخَلْق.
(طرسم) : وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: طَرْسمَ الرجلُ طرْسمةً، وبَلْسمَ بَلْسمةً: إِذا أطرق وسكَت.
ويُقال: بَلْدَم تَلد مثله. واسْبَكَرّ واسبطرّ مثله، قَالَ ذَلِك اللحياني. وطرسم الْكتاب طرمسة: إِذا محاه.
وَيُقَال للرّجُل إِذا نكص هَارِبا: طَرْسم وطَرْمَسَ.
(سرمط) : والسُّرامِط: الطَّوِيل وجمعُه سُرامِط.
(وَيُقَال للفُسطاط فُسطاط وفساط) .
(سنطل) : ابْن الْأَعرَابِي: (السُّنْطالة) : المشيَة بِالسُّكُونِ ومُطأطأَة الرَّأس.
(سنطب) : والسِّنطابُ: مِطرقة الحدّاد (وَالله تَعَالَى أعلم) .

(13/102)


(طنفس) : أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه هِيَ الطِّنفسة وَجَمعهَا الطَنَافس.

(بَاب السِّين وَالدَّال)
س د
(درفس) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدِّرَفْسُ: البعيرُ الْعَظِيم، وناقةٌ دِرَفْسةٌ.
وَقَالَ شمر أَيْضا: الدِّرفسُ: الْعلم الْكَبِير، وَأنْشد قولَ ابْن قيس الرُّقيات:
تكنُّه خرْقةُ الذِّرفس من الشَّ
مْس كلَيْثٍ يُفرِّج الأجَمَا
(سندر) : قَالَ: والسَّنْدَرُ: الجَرِيء المتَشَبِّع.
وَقَالَ أحمدُ بن يحيى فِي قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ:
أَنا الَّذي سَمَّتني أمِّي حَيْدَرَهْ
كلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ
أَكيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيلَ السندرَهْ
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَاخْتلفُوا فِي السندرة، فَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ مِكيالٌ كَبِير مثلُ القَنْقَل، وَاسع كثيرا، أَي: أقتلكم قَتلاً وَاسِعًا كثيرا.
وَقَالَ غَيره: السندرة: امرأةٌ كَانَت تَبيع الْقَمْح وتُوفِي الكيلَ، أَي: أكيلُكم كَيْلا وافياً.
قَالَ: وَقَالَ آخر السندرة: العَجَلَة، يُقَال: سَنْدَريّ: إِذا كَانَ مستعجلاً فِي أُمُوره جادّاً، أَي: أقاتلكم بالعَجَلة وأبادرُكم قبل الْفِرَار.
وَيُقَال: قَوس سندرية. وَقَالَ: إِذا أدْركْت أَدْنَاهُم أخرياتهم حبوت لَهُم بالسندرى الموتلّة وَسنَان سندرِيّ: إِذا كَانَ أَزْرَق حديداً قَالَ رؤبة:
وأوتار غَيْرِي سندرى مختلق مُخَلَّق
أَي: غير نصل أَزْرَق حَدِيد. وَقَالَ أَعْرَابِي:
تعالَوْا نصيدها زريقاء سندرية
يُرِيد طائراً خَالص الزرقة.
(سرند) : أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: السرَنْدَى: الشديدُ، والسبَنْدَى: الجريء، وَفِي لُغَة هُذَيْل: الطَّوِيل.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : السنادِرَةُ والسبادُنةُ: الفَراغ وأصحابُ اللَّهو والتبطُّل.
اللَّيْث: السَّرَنْدَى: الجريء على أَمْرِه لَا يفرق من شَيْء. وَقد اسرنداه وآغرنداه: إِذا جَهِل عَلَيْهِ. وَسيف سَرَندَى: ماضٍ فِي الضريبة لَا يَنْبو.
وَقَالَ ابْن أحمَر يصف رجلا صُرِع فخرَّ قَتِيلا:
فَخَرَّ وجالَ المُهْرُ ذَات يَمينه
كسيفٍ سَرَنْدَى لاحَ فِي كفِّ صيْقَلِ
من جعل سَرَندى فَعَنْلَلاً صرفه، وَمن جعلَه فعنلى لَم يصرفهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اسرنداه واغرنداه: إِذا عَلاه وغلبه، وَأنْشد:

(13/103)


مَا لِنُعاس اللَّيْل يَغْرَنْدِينِي
أَدْفَعُه عَنّي ويَسْرَنْدِيني
(سبند) (سبنت) : والسَّبَنْدَى، والسَّبَنْتَى: النَّمر، وكلُّ جريٍ. سَبَنْدَى وسبنتى.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السبنتاة: النَّمِر. ويُوصف بهَا السَّبُع ويُجمع سبانِت، وَمن الْعَرَب من يجمعها سَباتَى. وَيُقَال للْمَرْأَة السلِيطة: سبَنتاه، يُقَال هِيَ: سبَنتاه فِي جلد حَبَنْداه.
(فردس) : وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وَعز: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 11) .
روِي أَن الله جلّ وَعز جعل لكلّ امرىء فِي الجنّة بَيْتا، وَفِي النَّار بَيْتا فَمن عَمِل عَمَل أهلِ النَّار ورِث بيتَه، وَمن عَمِل عملَ أهلِ الْجنَّة ورِث بَيته.
قَالَ: والفِردوس أصلُه رُوميُّ أعرِب، وَهُوَ البُستان، كَذَلِك جَاءَ فِي التَّفْسِير.
وَقد قيل: الْفِردوس تعرفه الْعَرَب، ويسمَّى الموضعُ الّذي فِيهِ كَرْم: فرْدوساً.
وَقَالَ أهل اللُّغَة: الفِرْدوس مُذَكَّر وَإِنَّمَا أُنِّث فِي قَوْله: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} لِأَنَّهُ عَنى بِهِ الْجنَّة.
وَفِي الحَدِيث: (نَسْأَلك الفردوس الْأَعْلَى) .
وأهلُ الشَّام يَقُولُونَ للبساتين والكُروم: الفَراديس.
وَقَالَ اللَّيْث: كَرْم مُفَرْدس، أَي: مُعَرَّش، قَالَ العجاج:
وَكَلْكَلاً وَمِنْكباً مُفَرْدساً
قَالَ أَبُو عَمْرو: مفردساً: أَي: محشوّاً مُكْتَنِزاً؛ وَيُقَال للجلة إِذا حُشيتْ فُرْدِست.
قَالَ: والفردَسة: الصَّرْع الْقَبِيح، يُقَال: أخَذَه ففَرْدَسه: إِذا ضربَ بِهِ الأَرْض.
قَالَ الزّجاج: وَقيل الفردوس: الأودية الَّتِي تنْبت ضروباً من النبت وَقيل: هُوَ بالرومية، مَنْقُول إِلَى لفظ الْعَرَبيَّة.
قَالَ: والفردوس أَيْضا بالسُّرْيَانيَّة كَذَا لَفظه فردوسٌ قَالَ: وَلم نجده فِي أشعار الْعَرَب، إِلَّا فِي شعر حسان.
قَالَ: وَحَقِيقَته أَنه الْبُسْتَان الَّذِي يجمع كل مَا يكون فِي الْبُسْتَان، لِأَنَّهُ عِنْد أهل كل لُغَة كَذَلِك.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَمِمَّا يدلُّ أَن الفردوس بِالْعَرَبِيَّةِ قَول حسان:
وَإِن ثَوَاب الله كلّ موحِّد
جِنانٌ من الفردوس فِيهَا يخلدُ
وَقَالَ عبد الله بن رَواحة:
إِنَّهُم عِنْد رَبهم فِي جنان
يشربون الرَّحِيق والسلسبيلا
الرَّحِيق: الْخمر. والسلسبيل: السهل

(13/104)


الْمدْخل فِي الْحلق. يُقَال: أثرابٌ سلسل وسلسال وسلسبيل.
وَقَالَ الْفراء: قَالَ الْكَلْبِيّ بِإِسْنَادِهِ: الفردوس: الْبُسْتَان بلغَة الرّوم.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ عَرَبِيّ أَيْضا، وَالْعرب تسمي الْبُسْتَان الَّذِي فِي الكرمُ: الفردوسَ.
وَقَالَ السّدِّي: الفردوس أَصله بالنبطية فرداساً.
وَقَالَ عبد الله بن الْحَارِث: الفردوس: الأعناب.
(سندل) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَنْدَل الرجلُ: إِذا لَبِس الجَوْرَبَيْن ليَصْطادَ الوحشَ فِي صَكَّة عُمَيّ.
(سبرد) : قَالَ: والناقة إِذا أَلْقَت وَلَدَها لَا شَعْر عَلَيْهِ فَهُوَ المُسَبْرَد؛ وَيُقَال: سَبْرَد شعرَه: إِذا حَلَقه.
(فندس) : قَالَ: وفَنْدس الرجلُ: إِذا عَدَا، وقَنْدَس بِالْقَافِ: إِذا تابَ بعد مَعْصية.
(سمدر) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: السَّمادِيرُ: ضَعْف البَصَر، وَقد اسمَدَرّ.
وَيُقَال: هُوَ الشيءُ الَّذِي يَتراءى للْإنْسَان من ضَعْف بصرِه عِنْد السُّكْر من الشَّرَاب أَو غَيره.
(دربس) : أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدِّرْباس: الكلْب العَقُور، وَأنْشد:
أعْدَدْت دِرْواساً لِدرْباسِ الحُمُتْ
(وَقَالُوا: الدُّرابِسُ: الضّخم الشديدُ من الْإِبِل وَمن الرّجال، وأَنشد:
لَو كنتَ أمسيتَ طليحاً ناعِساً
لم تُلْف ذَا راوية دُرابِسَا)
دفنس: والدِّفْنَاس: البَخِيل، وَأنْشد الْمفضل:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقَاحَه
فإنّ لنا ذَوْداً ضِخامَ المحالِبِ
أَي: سمن لقاحه.
قَالَ: والدفْنَاس: الرّاعي الكَسلان الَّذِي يَنام ويَترُك الْإِبِل ترعَى وحدَها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدِّفْنِس: المرأةُ الحَمقاء.
(سرمد) : اللَّيْث: السّرمْد: دوامُ الزّمان من لَيلٍ ونَهار.
وَقَالَ الزّجاج: السَّرمَد: الدَّائِم فِي اللّغة.
(دردبس مرمريس) : وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْدَبيسُ: الشيخُ الْكَبِير. والعجوزُ أَيْضا يُقَال لَهَا: دَرْدَبيس، وأنشَد:

(13/105)


أُمُّ عِيالٍ فَخْمَةٌ نُعُوسُ
قد دَرْدَمَتْ والشيخُ دَرْدَبيسُ
وَقَالَ شمر: الدَّرْدَبيس: الداهية. وَهَذَا صَحِيح.
(أَبُو عبيد) والمَرمريس: الأملس.
(ذكره أَبُو عبيد فِي بَاب فَعفعيل؛ أَخذ المرمريس من المرمر، وَهُوَ الرخام الأملس، وكسعه بِالسِّين تَأْكِيدًا. والمرمريس: الأَرْض الَّتِي لَا تنْبت. والمرمريس: الداهية والدَّردبيس، وَهُوَ فعفعيل، بتكرير الْفَاء وَالْعين) .
وَقَالَ شمر: المرمريس: الداهية. وقرأت فِي نُسْخَة الْإِيَادِي المسموعة من شمر: أَبُو عَمْرو: القحرُ والقَهْبُ: الشَّيْخ، ومثلُه الدِّردِبيس بِكَسْر الدالين هَكَذَا كتبه أَبُو عَمْرو الْإِيَادِي.
(سندس) : وَقَالَ المفسِّرون فِي تَفْسِير السُّنْدُس: أَنه رَقيق الدِّيباج، وَفِي تَفْسِير الإسْتَبْرق: إنّه غليظُ الدِّيباج، لم يَختلفوا فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيث: السُّنْدُس: ضَربٌ من البِزْيُونِ يُتّخذ من المِرْعِزَّى، وَلم يَخْتَلِفُوا فيهمَا أَنهما معرّبان.
(دلمس) : ادلَمّسَ الليلُ: إِذْ اشتدّت ظُلمتَهُ، وَهُوَ ليل مُدْلَمِّسٌ.

(بَاب السِّين وَالتَّاء)
س ت)
(سنتأ) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المُسَنْتأُ مهموزٌ مَقْصُور: الرجلُ يكونُ رأسُه طَويلا كالكُوخ.
(سبرت) : أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السّبارِيتُ: الأَرَضون الّتي لَا شيءَ فِيهَا، وَاحِدهَا سُبْرُوت.
قَالَ شمر: والشُّبروت أَيْضا الْمُفلس.
وَقَالَ المؤرّج نحوَه. أَبُو زيد: رجل سبروت وسبريت، وَامْرَأَة سِبريتة، وسبروتة: إِذا كَانَا فقيرين.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: السُّبروت: الْفَقِير. والسُّبروت: الشَّيْء التافه الْقَلِيل. والسبروت: الأَرْض الصَّفصف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: السَّباريت: الفلوات الَّتِي لَا شَيْء بهَا، وَاحِدهَا سبروت.
ورَوَى الرِّياشيّ عَن الأصمعيّ: السُّبْروتُ: الأرضُ الَّتِي لَا يَنبُت فِيهَا شَيْء. وَبهَا سُمّي الرجلُ المُعدِم سُبْروتاً.

(بَاب السِّين وَالرَّاء وَالسِّين وَاللَّام)
س ر س ل)
(بربس) : اللَّيْث: التَّبَرْبُس: مَشْيُ الكَلْب، وَإِذا مَشَى الْإِنْسَان كَذَلِك قيل: هُوَ يَتَبَرْبَس.

(13/106)


وَقَالَ:
فَصَبَحَتْه سلق تَبربس
أَي تمر مرا سَرِيعا.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البِرْبَاسُ: الْبِئْر العَمِيقة.
(سربل) : وَقَالَ غيرُه: السِّرْبالُ: القَمِيص، وَقيل فِي قَول الله تَعَالَى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (النَّحْل: 81) ، إِنَّهَا القُمُص تَقِي الحَرّ والبَرْد، فاكتَفَى بِذكر الحرّ، لأنّ مَا وَقَى الحرَّ وَقَى الْبرد.
وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} (النَّحْل: 81) فَهِيَ الدُّروع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّرْبَلة: ثَرِيدَةٌ قد رُوِّيَتْ دَسَماً.
(بردس) : ابْن دُرَيد: رَجُلٌ بِرْدِيس خَبيثٌ مُنكَر وجَمل سِنْدَابٌ: صُلبٌ شَدِيد.
(برطس) : قَالَ: والمُبَرْطِسُ: الَّذِي يَكترِي للنَّاس الإبلَ والحَميرَ ويأخذُ جُعْلاً، وَالِاسْم البَرْطَسة.
(سفسر) : أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ فِي قَول النَّابِغَة:
وفارقتْ وَهِي لم تَجرب وَبَاعَ لَهَا
من الفَصافص بالنّمِيّ سفسير
قَالَ: بَاعَ لَهَا: اشْترى. وسفسير: يَعْنِي السّمسار.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: السفسير: القهرمان.
وَقَالَ المؤرّج: السفسير: العبقري، وَهُوَ الحاذق بصناعته، من قَوْلهم: سفاسرة وعباقرة. وَيُقَال للحاذق بِأَمْر الْحَدِيد: سِفسير.
قَالَ حميد بن ثَوْر:
برَتْه سفاسيرُ الْحَدِيد فجرّدت
وقيعَ الأعالي كَانَ فِي الصَّوْت مكرما
(سمرت) : ابْن السّكيت فِي (الْأَلْفَاظ) : السَّمروت: الرجل الطَّوِيل.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: يُقَال للطويل: شمقمق وشَمق.
(سمسر) : وَفِي الحَدِيث: كُنَّا قوما نسمّى السماسرة بِالْمَدِينَةِ، فسمّانا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التجّار.
وَقيل: السمسار: المقيّم بِالْأَمر، الْحَافِظ لَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
فأصبحتُ لَا أَسْتَطِيع الْكَلَام
سوى أَن أراجعَ سمسارها
(سمأل) : وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَبُو بَراء كُنيةُ الطَّائِر الَّذِي يُقَال لَهُ السَّمَوْأَل بِالْهَمْز.
(سرتف) : وَقَالَ أَبُو عَمرو: السِّرْتافُ: الطَّوِيل.
(فرنس) : والفِرْناسُ: الْأسد الضَّاري.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْنَسةُ: حُسْن تَدْبِير المرأةِ لبَيْتِها، يُقَال: إِنَّهَا امْرَأَة مُفَرْنِسة.
(فرسن) : والفِرْسِنُ: فِرْسِنُ البَعير، وَهِي مؤنَّثة.
(برنس) : والبُرْنُس: كلُّ ثوب رَأسه مِنْهُ

(13/107)


مُلتَزِق بِهِ، دُرّاعةً كَانَ أَو جُبّةً أَو مِمْطَراً.
(نبرس) : يُقَال للسِّنان: نِبراس، وَجمعه النباريس.
قَالَ ابْن مقبل:
إِذْ ردّها الْخَيل تعدو وَهِي خافضة
حدّ النبارس مطروداً نَوَاحِيهَا
أَي: خافضة الرماح.
والنِّبْراس: السِّراج، وَقد رَوَاهُ أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه.
(بلسن) : والبُلْسُنُ: العَدَسُ، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: وَهل كَانَت الْأَعْرَاب تعرف بُلْسُناً.
(سنبت) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّنْبِتُ: السّيّء الخُلُق.
(سمرمل) : والسَّمَرْمَلةُ: الغول.
(سنبر) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّنْبَرُ: الرجُل العالِم بالشَّيْء المتقِن لَهُ.
(بسمل) : اللَّيْث: بَسْمَلَ الرجلُ: إِذا كَتَب باسم الله بَسْمَلةً، وَأنْشد:
لقد بَسْملَتْ هندٌ غداةَ لقيتُها
فيا حَبّذا ذاكَ الدَّلالُ المُبَسْمِلُ
سلَمة عَن الْفراء فِي البَسْملة نَحوه.
ابْن السّكيت يُقَال: قد أكثرت من الْبَسْمَلَة: إِذا أَكثر من قَول باسم الله. وَقد أَكثر من الهيللة: إِذا أَكثر من قَول لَا إِله إِلَّا الله. وَقد أَكثر من الحولقة: إِذا أَكثر من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
(سنمر) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للقمر: السِّنِّمار والطَّوْس.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الَّذِي يُجازِي الحَسَنَ بالسوأَىء قولُهم: جَزاهُ جَزاءَ سِنِّمار.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَكَانَ سنِّمار بَنّاءً مُجِيداً، فبَنَى الخَوَرْنَق للنُّعمان بن المنذِر، فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ النعمانُ كَرِه أَن يَعمل مِثله لغيره فأَلقاهُ من أَعلى الخَوَرْنَق فخرّ مَيتا، وَفِيه يَقُول الْقَائِل:
جَزَتْنا بَنو سعْدٍ بحُسن بلائِنا
جَزَاء سِنمارٍ وَمَا كَانَ ذَا ذَنْبِ
وَقَالَ يُونُس: السِّنمار من الرّجال: الَّذِي لَا ينَام باللَّيل، وَهُوَ اللِّص فِي كَلَام هُذَيل؛ ويسمّى اللّص سنِّماراً لِقلَّة نَوْمه.
(ترمس) : وَقَالَ اللَّيْث: حَبُّ التُّرْمُس حبٌّ مُضلَّع محزَّز، وَلذَلِك قيل للجُمان: ترَامِس.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَرمَس الرجلُ: إِذا تَغيَّب عَن حَرْبٍ، أَو شَغَبِ.
(أَبُو عُبَيد: المَرْمَرِيس: الأَملَسُ) .
(سلسل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لم

(13/108)


أسمَع سلْسَبيل إِلَّا فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ الزجّاج: سلْسَبيل: اسمُ الْعين؛ وَهُوَ فِي اللُّغَة صفةٌ لما كَانَ فِي غَايَة السَّلاسة، فكأنّ العَينَ سُمّيتْ بصِفَتها.
(برنس) : (أَبُو عَمْرو: يُقَال للرّجل إِذا مرّ مرا سَرِيعا: مرَّ يتَبَرْنس، وَأنْشد:
فصبَّحته سلَقٌ تَبَرْنَسُ
غير وَاحِد: مَا أَدْرِي أيُّ بَرْنَساء هُوَ وأيُّ بَرَنساءَ هُوَ، مَعْنَاهُ: مَا أَدري أَي النَّاس هُوَ) .
(برسم ((البرسام: المُومُ) : وَيُقَال لهَذِهِ العِلة: البِرْسام كأَنه مُعرب.
وبِرْ: هوَ الصَّدْر، وَسامٌ: هُوَ من أَسمَاء الْمَوْت.
وَقيل: بِرْ مَعْنَاهُ الابْن، والأوّل أصحّ، لِأَن العلّة إِذا كَانَت فِي الرَّأْس فَهِيَ السِّرْسام، وسِرْ: هُوَ الرَّأْس.
(سنبل) : والسُّنْبُل مَعْرُوف، وَجمعه السَّنابِل، السُّنْبُلة: بئرٌ قديمَة حَفَرَتْها بَنو جُمَح بمكّة، وفيهَا يَقُول قائلُهم:
نحنُ حَفَرْنا لِلْحَجِيجِ سُنْبُلَه
(والمَيْسُوسَنُ: شَرابٌ، وَهُوَ معرّب اذربطوس: دَوَاء روميّ أعرب.
أَبُو عَمرو: السَّنْتَبَةُ: الغِيبَةُ المُحْكَمة.
وَقَالَ اللّيث: حَفَر فلانٌ تُرْمُسَةً تحتَ الأَرْض.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: هِيَ السِّرْداب، وَهِي الطِّنْفِسَة.
ابنُ بزرج: أطْلَنْسأْتُ: أَي: تحوّلْتُ من منزلٍ إِلَى منزل. قَالَ: واسْلَنْطَأتُ: أَي: ارتفعتُ إِلَى الشيءِ أَنْظُر إِلَيْهِ) .
وَفِي حَدِيث سَلمانَ الفارسيّ أنّه رُئِيَ بالكُوفة عَلَى حمارٍ عَرَبيَ وَعَلِيهِ قميصٌ سُنْبُلانيّ.
قَالَ شمر: قَالَ عبد الْوَهَّاب الغنوي: السنبُلاني من الثِّيَاب: السابغُ الطَّوِيل الَّذِي قد أُسْبِل.
وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يلبس الْقَمِيص السُّنبلاني. وَكَذَا رُوِيَ عَن عليّ عَلَيْهِ السَّلَام؛ فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة من أَصْحَاب النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعنِي سلمَان وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وعليّاً عَلَيْهِ السَّلَام، هم زُهَّاد وَمَا كَانُوا لابسين القمص الطوَال الَّتِي يجرونَ ذيولها. وَالْأَقْرَب عِنْدِي أَن يكون السنبلاني مَنْسُوبا إِلَى مَوضِع، وَهُوَ من غليظ ثِيَابهمْ القالصة عَن الْكَعْبَيْنِ.
وَرُوِيَ ذَلِك فِي حَدِيث أَنه اشْترى قَمِيصًا فلبسه وانْتهى إِلَى نصف سَاقه؛ فَقَالَ: هَذَا قدر حسن.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَةَ: سَنْبَلَ الرّجُل ثوبَه. إِذا جَرَّ لَه ذَنْباً مِنْ خَلْفِه؛ فَتلك السَّنْبَلة.

(13/109)


وَقَالَ أَخُوهُ: مَا طالَ من خَلْفه أَو أَمامه فقد سَنْبَله. فَهَذَا الْقَمِيص السنبلاني.
وَقَالَ شمر: يجوز أَن يكون السُّنْبُلاني مَنْسُوباً إِلَى مَوضِع. والسَّنابلُ: سَنابلُ الزَّرع من البُرّ والشّعير والذُّرة، الواحدةُ سُنْبُلَة.
(وَقَالَ شمر: لَا أعرف الرئباس والكماني اسْما عربيّاً.
قلت: والطّرموس لَيْسَ بالرئباس الَّذِي عندنَا) .
بلسم برسم (والبلسام، البرسام) : وَقَالَ العجاج يصف شَاعِرًا غالبه فأفْحَمَه:
فَلم يزل بالْقَوْل والتهكُّمِ
حَتَّى الْتَقَيْنَا وَهُوَ مثل المُفْحَم
واصفرّ حَتَّى آضَ كالمُبَلْسَم
(المُبلسم) (2) : والمُبَرْسَم وَاحِد: قَالَ أَبُو عَمْرو ابنُ الْعَلَاء: قيسٌ تَقول للْمَرِيض مُبَلْسَمٌ. وَتَمِيم تَقول مُبَرْسَم.
(فرسن) : أَبُو زيد: هِيَ الفِرْسِنُ لفِرِسْنِ البعيرِ، وجمعُها فَراسن، وَفِي الفراسِنِ السُّلامَى، وَهِي عِظَامُ الفِرْسِن، وقَصَبها ثمَّ الرُّسْغُ فَوق ذَلِك، ثمَّ الوَظيف، ثمَّ فَوق الوظيف من يدِ البعيرِ الذّراع ثُم فَوْقَ الذِّراع العَضُد، ثمَّ فَوق العَضُد الكَتِف، وَفِي رجلِه بعد الفِرْسِن من الْخَيل: الْحَافِر، ثمَّ الرُّسْغ.
قَرَأت بِخَط الْهَيْثَم لِابْنِ بُزُرْج: (اسرنطى) ؛ أَي: حَمُق. واعلنبى بِالْحملِ، أَي: نَهَضَ بِهِ: و (اطلنسى) ، أَي: تحول من منزل إِلَى منزل. قَالَ: و (اسلنطى) ، أَي: ارْتَفع إِلَى الشَّيْء يَنظر إِلَيْهِ. قَالَ: وتهظْلأْت، أَي: وَقعت.
وَمن خُماسيّه: (لباب السِّين)
يُقَال: كَمَرَةٌ (فَنْطَلِيس) وفَنْجَلِيس، أَي: ضخمة.
وسمعتُ جَارِيَة نُمَيْرِيّةً فصيحةً تُنْشِد وَقْتَ السَّحَر والكواكبُ قد بَدأَت تَطْلُع:
قد طَلَعَتْ حَمْراءُ فَنْطَلِيسُ
لَيْسَ لِرَكْبٍ بَعْدَها تَعْرِيسُ
أَبُو سَعيد: (السَّمَنْدَل) : طائِرٌ إِذا انقَطَع نَسْلُه وهَرِم أَلْقَى نفَسه فِي الجَمْر فَيَعُود إِلَى شَبابه.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ دابّة يَدخل النَّار فَلَا تُحرِقه.
و (سَمَنْدَر) : مَوضِع.
و (سَرَنْدِيب) : بَلدٌ منْ بلادِ الهنْد.

(13/110)


كتاب الزَّاي من تَهْذِيب اللُّغَة
{أَبْوَاب المضاعف من حرف الزَّاي

(بَاب الزَّاي والطاء)
ز ط
زط: قَالَ اللّيث: الزُّطُّ أعرابُ جَتَّ بالهِنْدِيّة، وهم جِيل من أهل الْهِنْد، إِلَيْهِم تنْسَبُ الثيابُ الزُّطّية.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الزُّطُط والثُّطُط: الكَواسِج.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الأزَطّ: المستوِي الْوَجْه. والأَذَطّ: المعوَجُّ الفَكّ.
زد: مهمل.

(بَاب الزَّاي وَالتَّاء)
ز تّ
زت: أهمَلَهُ اللَّيْث. ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: زَتَتْتُ المرأةَ: إِذا زَيَّنْتَها. قَالَ: وأنْشَدَنا أَبُو زيد:
بني تميمٍ زَهْنِعُوا فَتَاتَكُمْ
إنَّ فَتَاةَ الحَيِّ بالتَّزَتُّتِ
قَالَ شمر: لَا أَعرِف الزَّاي مَعَ التَّاء موصولَين إلاّ زتَت. فأمّا مَا يكون الزّاي مَفْصُولًا من التَّاء فكثير.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الزَّتَّةُ: تَزْيِينُ العَروسِ ليلةَ الزَّفاف.
ز ظ، ز ذ، زث: مهملات.

(بَاب الزَّاي وَالرَّاء)
ز ر
زرّ. رز: مستعملان.
زر: ابْن شُمَيْل: الزِّرُ: العُرْوَة الّتي تُجعَل الحَبّة فِيهَا.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لزَرّ الْقَمِيص: الزِّير. قَالَ: وَمن العَرَب من يَقلِب أحدَ الحرفين المدغَمين فَيَقُول: فِي مَزّ مَيْز وَفِي زِرّ زِير، وَهُوَ الدُّجَة. قَالَ: وَيُقَال لعُرْوَته: الوَعْلة.
وَقَالَ اللّيث: الزِّرّ: الجُوَيْزَة الَّتِي تُجعَل

(13/111)


فِي عُرْوة الجَيْب، والجميع الأَزْرار.
قلت: القَوْل فِي الزِّر مَا قَالَ النَّضر أَنه العُروة والحَبَّة تجْعَل فِيهَا. وَيُقَال للحديدة الَّتِي تجْعَل فِيهَا الْحلقَة الَّتِي تُضم على وَجه الْبَاب لاصقاً بِهِ: الرزّة، قَالَه عَمْرو بن بَحر.
قَالَ يَعْقُوب فِي بَاب فِعْل وفُعْل بِاتِّفَاق معنى: جِلب الرجل وجُلبه، والرِّجز والرُّجز العذابُ، والزِّر والزُّر أَرَادَ زرّ الْقَمِيص. وعِضْوٌ وعُضو. والشَّحُ والشُّح: الْبُخْل.
وَفِي حَدِيث السَّائِب بن يزِيد أَنه رأى خَاتم رَسُول الله فِي كتفه مثل زِرّ الحَجَلة: أَرَادَ بزرّ الحجلة جَوزةً تضم العروة.
أَبُو عبيد: أزْرَرْتُ القَميصَ: إِذا جعلتَ لَهُ أَزْراراً، وزَرَرْتُه: إِذا شددتَ أزرارَه عَلَيْهِ، حَكَاهُ عَن اليزيديّ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الأزرار: خَشَباتٌ يُحْرَزْن فِي أَعلَى شُقَقِ الخباء وأُصولُ تِلْكَ الخَشَبات فِي الأَرْض.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزِّرّ: حَدُّ السَّيف. والزَّرّ: العَضُّ. قَالَ: والزِّرّ: قِوامُ الْقلب. قَالَ: وَرَأى عليّ أَبا ذَرّ رَضِي الله عَنْهُمَا، فَقَالَ: أَبُو ذَرّ لَهُ: هَذَا زِرُّ الدِّين.
قَالَ أَبُو العبّاس مَعْنَاهُ: أنّه قِوامُ الدّين كالزِّرّ، وَهُوَ العُظَيْم الَّذِي تَحت الْقلب، وَهُوَ قِوامه.
قَالَ: والزِّرّة: العَضَّة، وَهِي الجِراحة بزِرّ السَّيْف أَيْضا. والزّرّة: العَقْل أَيْضا، يُقَال: زَرَّ يَزرّ: إِذا زَاد عَقْلُه وتَجارِبُه. وزَرَّ يَزرّ: إِذا عَضَّ. قَالَ: وزَرِرَ: إِذا تَعدَّى على خَصْمه. وزَرِرَ: إِذا عَقْل بعد حُمْق.
وَقَالَ ابْن دُريد: زِرَّا السَّيف حَدّاه. قَالَ: وَقَالَ هِجْرِس بنُ كُلَيب فِي كَلَام لَهُ: أَمَا وَسَيْفي وزِرَّيْه. ورُمْحِي ونَصْلَيْه، لَا يَدَع الرجلُ قاتلَ أَبِيه وَهُوَ يَنظُر إِلَيْهِ، ثمَّ قَتَلَ جَساساً، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَتَل أَبَاهُ.
الْأَصْمَعِي: فلَان كيّسٌ زُرازِ، أَي: وَقّادٌ تَبرُق عَيْناه.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: عَيناهُ تَزِرّان فِي رَأسه إِذا تَوَقَّدَتا، ورجلٌ زَرِير: أَي: خَفِيف ذَكِيّ، وَأنْشد شمر:
يَبِيت العَبْدُ يَركبُ أجنَبَيْهِ
يَخِرّ كأنّه كَعْبٌ زَرِيرُ
وَقَالَ: رجُلٌ زُرازِرُ، إِذا كَانَ خَفِيفا، ورِجالٌ زَرازِر، وأَنشدَ:
ووَكْرَى تَجرِي على المَحاوِرِ
خَرْساءَ من تحتِ امرىءِ زُرازِرِ
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الزِّرُّ: العَضُّ؛ يُقَال: زَرَّه يَزُرّه زَراً. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلَ أَبُو الْأسود الدُّؤْلَي رجلا فَقَالَ: مَا فعلتِ امرأةُ فلَان الّتي كَانَت تُزارُّه وتُشارُّه وتُهارُّه.

(13/112)


وَقَالَ اللَّيْث: الزَّرُّ: الشَّلُّ والطّرد، وأَنشَد:
يَزُرّ الكتائبَ بالسَّيف زَرَّا
قَالَ: والزَّرِير: الَّذي يُصبَغُ بِهِ من كَلَام الْعَجم وَهُوَ نَبات لَهُ نَوْرٌ أصفَر.
قَالَ: والزُّرْزُور، والجميع الزَّرازِير: هَناةٌ كالقَنابِر مُلْسُ الرؤوس، تزَرْزِرُ بأصواتها زَرْزَرة شَدِيدَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زرزَرَ الرجلُ إِذا دَامَ على أكل الزَّرازِر. وزرزر: إِذا ثَبت بِالْمَكَانِ.
رز: قَالَ: ورَزَّ رَزاً: إِذا ثَبَت بِالْمَكَانِ.
وَرُوِيَ عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: من وَجَد فِي بَطْنه رِزّاً فليتوضّأ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: أَرَادَ بالرّزّ: الصوتَ فِي الْبَطن من القَرْقَرة ونحوِها.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَكَذَلِكَ كلُّ صَوت لَيْسَ بالشديد فَهُوَ رزّ.
وَقَالَ ذُو الرّمة يصف بَعِيرًا يَهدِرُ فِي الشِّقْشِقة:
رَقْشاء تَنتاحُ اللُّغام المزْبِدا
دَوَّمَ فِيهَا رِزَّة وأَرْعَدَا
وَقَالَ أَبُو النّجم:
كَأَن فِي رَبَابِه الكِبارِ
رِزَّ عِشَارٍ جُلْنَ فِي عِشَار
وَقيل: إِن معنى قَوْله: (مَن وَجَد رِزاً فِي بَطْنه) : إنّه الصَّوْت يَحدُث عِنْد الْحَاجة إِلَى الْغَائِط، وَهَذَا كَمَا جاءَ فِي الحَدِيث: أَنه يُكرَه للرجل الصَّلَاة وَهُوَ يُدافِع الأخبَثَين.
وَقَالَ القتيبي: الرّزُّ: غَمْزُ الحَدَث وحركتُه فِي الْبَطن حَتَّى يحْتَاج صَاحبه إِلَى دُخُول الْخَلَاء، كَانَ بقَرقرة أَو بِغَيْرِهِ قرقرة. قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِه: لَا يصلّي الرجل وَهُوَ يدافع الحدثَ. وأصل الرِّز: الوجعُ يجده الرجل فِي بَطْنه، يُقَال: إِنَّه ليجد رِزّاً فِي بَطْنه، أَي: وجعاً وغمزاً للحَدث. قَالَ أَبُو النَّجْم يذكر إبِلا عِطاشاً:
لَو جُرّ شنٌّ وَسْطها لم تَحْفِلِ
من شَهْوَة المَاء وزِرَ مُعْضِل
يَقُول: لَو جُرّت قربَة يابسة وسط هَذِه الْإِبِل لم تَنغِر من شدَّة عطشها وذبولها. وشبّه مَا يجده فِي أجوافها من حرارة الْعَطش بالوجع فسمّاه رِزّاً.
قَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: الزّرّ: الصَّوْت تسمعه لَا يُدرى مَا هُوَ، يُقَال: سَمِعت رِز الرَّعْد وأريز الرَّعْد: والأريز: الطَّوِيل الصَّوْت. والرِّز: أَن يسكت من سَاعَته.
قَالَ: ورِزّ الْأسد، ورزة الْإِبِل: الصَّوْت تَسمعه وَلَا ترَاهُ، يكون شَدِيدا أَو ضَعِيفا، والجرسُ مثله.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للجَراد إِذا ثَبَّتَ أذنابَه فِي الأَرْض ليَبيض: قد رَزَّ يَرُزّ رَزّاً.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: ارَزَّت الجرادةُ إرْزازاً

(13/113)


بِهَذَا الْمَعْنى. والرَّزُّ: رَزُّ كلِّ شَيْء تثبِّته فِي شَيْء، مثل: رَزَّ السكّينَ فِي الْحَائِط يرُزّه فيَرْتَزُّ فِيهِ.
وَقَالَ يُونُس النحويّ: كنّا مَعَ رُؤْبة فِي بَيت سَلَمة بن عَلْقمةَ السّعديّ فَدَعَا جَارِيَة لَهُ، فجعلتْ تَباطأُ عَلَيْهِ.
فأنشأَ يَقُول:
جاريةٌ عِنْد الدُّعاء كَزَّه
لَو رَزَّها بالقُزْبَرِيِّ رَزّه
جَاءَت إِلَيْهِ رَقْصاً مهتزّه
وأخبَرَني المنذريُّ عَن الشيخي عَن الرِّياشي أَنه قَالَ: الإرْزِيز: الطَّعن الثَّابِت؛ وأنشدَ قولَ الهُذليّ:
كأنّما بَين لحْيَيْه ولَبّتِه
من جُلْبَةِ الجُوع جَيَّارٌ وازرِيزُ
وَقَالَ الفرّاء: تقولُ: رُزٌّ للّذي يُؤْكَل، وَلَا تقل: أُرْز.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رُزّ، ورُنْز، وأَرُزّ، قَالَه ابْن السكّيت.

(بَاب الزَّاي وَاللَّام)
ز ل
زل. لزّ: مستعملان.
زل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: زَلَّ السَّهم عَن الدِّرعِ زَليلاً، وَكَذَلِكَ الإنسانُ عَن الصَّخرة يَزِلّ زَلِيلاً، فَإِذا زَلّت قَدَمُه قيل: زَلَّ، وَإِذا زَلَّ فِي مَقالٍ أَو نحوِه قيل: زَلَّ زَلَّة، وَفِي الخَطيئة ونحوِها، وأَنشَد:
هَلاَّ على غَيْري جَعَلْتَ الزَّلَّه
فسوفَ أَعْلُوا بالحُسامِ القُلَّهْ
قَالَ: والزّلّةُ من كَلَام النَّاس عِنْد الطّعام، تَقول: اتَّخَذ فلانٌ زَلّة، أَي: صَنِيعاً للنّاس.
وزلّت الدَّرَاهِم تزِل زُلولاً: إِذا نقصت فِي وَزنهَا. والزَّلول: الْمَكَان الَّذِي تزِل فِيهِ القَدم. وَقَالَ:
بِمَاء زُلال فِي زلول بمعزل
يَخِرّ ضبابٌ فَوْقه وضَريب
وَفِي مِيرَاثه ذلل، أَي: نُقْصَان.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَلَّ فِي دينِه يَزِلّ زللاً وزُلُولاً، وَكَذَلِكَ زَلَّ فِي المَزَلّة.
وَقَالَ النّضر: زَلَّ يَزِل زَلِيلاً وزَلولاً: إِذا مَرَّ مَرّاً سَرِيعا.
والمَزَلَّةُ: المكانُ الدَّحْض، والمَزَلّة أَيْضا: الزَّلَل فِي الدَّحْض، قَالَ: والزَّلَل مِثْل الزَّلّة فِي الْخَطَأ. والزَّلَل: مصدر الأَزَلّ من الذئاب وغيرِها، يُقَال: سِمْعٌ أَزَلّ. وامرأةٌ زَلاّء، لَا عَجيزة لَهَا، والجميع الزُّلُّ. وأَزَلَّ فلانٌ فلَانا عَن مَكَانَهُ إزلالاً؛ وأَزالَةً، وقرىء: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} (الْبَقَرَة: 36) ، وقرىء: (فأزالهما) ، أَي: فنحّاهما.
وَقيل: أزلهما الشَّيْطَان، أَي: كسبهما الزلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّلَّةُ عراقيّة: اسمٌ لما يُحمَل من الْمَائِدَة لقريبٍ أَو صَديق، وإنَّما

(13/114)


اشتُقَّ ذَلِك من الصَّنيع إِلَى النَّاس.
وَفِي الحَدِيث: من أُزِلّت إِلَيْهِ نعْمَة فليَشْكرْها.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من أُزِلَّت إِلَيْهِ نِعمةٌ، مَعْنَاهُ: مَن أُسديت إِلَيْهِ واصطُنِعَتْ عِنْده، يُقَال مِنْهُ: قد أزلَلتُ إِلَى فلَان نِعمةً، فَأَنا أُزِلُّها إزْلالاً، وَقَالَ كُثَيّر يذكُر امْرَأَة:
وإنِّي وَإِن صَدَّتْ لمُثْنٍ وصادِقٌ
عَلَيْهَا بِمَا كَانَت إِلَيْنَا أَزَلَّتِ
ابْن السكّيت عَن أبي عَمْرو، يُقَال: أزلَلت لَهُ زَلَّةً، وَلَا يُقَال زَلَلْت.
وَقَالَ اللّيث: الزَّليلُ: مَشيٌ خَفِيف، زَلَّ يَزِلّ زَلِيلاً، وأَنشَد:
وعاديةٍ سَومَ الجَرادِ وزَعْتُها
فكَلَّفْتها سِيداً أزَلَّ مُصَدَّرَا
قَالَ: لَم يَعْنِ بالأزَلّ الأرْسَح، وَلَا هُوَ من صفة الفَرَس، ولكنّه أَرَادَ يزِلّ زَلِيلاً خَفِيفا، قَالَ ذَلِك ابْن الأعرابيّ فِيمَا روى ثَعْلَب عَنهُ.
وَقَالَ غيرُه: بل هُوَ نعتٌ للذِّئب، جعله أَزَلَّ لِأَنَّهُ أخَفَّ لَهُ؛ شَبَّه بِهِ الفَرَس ثمَّ نَعَته.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: زُلَّ: إِذا دُقَّقَ، وزَلَّ: إِذا أَخطأَ. قَالَ: والمزلِّل: الكثيرُ الهَدايا وَالْمَعْرُوف. والمُسلِّل: الْكثير الْحِيلَة، اللَّطِيف السّرق.
وَقَالَ الفرّاء: الزّلّة: الحِجارَة المُلْس. والزُّلْزُل: الطَّبَّال الحاذق، والصُّلْصُل: الرَّاعِي الحاذق.
وَقَالَ ابْن شُميل: كنّا فِي زَلّة فلانٍ، أَي: فِي عُرْسِه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: الزَّلَزِلُ: المَتاعُ والأَثاث.
وَقَالَ شمر: هُوَ الزَّلَزُ أَيْضا، يُقَال: احْتمل القومُ بِزَلَزِهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال زَلِزَ الرجلُ: أَي: قَلِق وعَلِزَ قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: تركتُ القومَ فِي زُلْزُول وعُلْعُول، أَي: فِي قتال.
وَقَالَ شمر: وَلم يَعرِفه أَبُو سعيد.
وقالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {} (الزلزلة: 1) ، الْمَعْنى: إِذا حُرِّكتْ حَرَكَة شَدِيدَة.
قَالَ: وَالْقِرَاءَة زِلْزالها بكَسر الزَّاي وَيجوز فِي الْكَلَام زَلْزالها. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام فَعْلال بِفَتْح الْفَاء إلاَّ فِي المضاعف نَحْو الصَّلْصال والزَّلْزال.
وَقَالَ الفرَّاء: الزِّلْزالُ بِالْكَسْرِ: الْمصدر، والزَّلْزال بِالْفَتْح الِاسْم، وَكَذَلِكَ الْوِسواس المَصدَر، والوَسْواس الِاسْم، وَهُوَ الشَّيطان، وكلُّ مَا حدّثك ووَسْوَسَ إِلَيْك فَهُوَ اسْم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: أَصَابَت القومَ زلزلَةٌ، قَالَ: الزلزلة: التخويف والتحذير؛ من ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ}

(13/115)


(الْأَحْزَاب: 11) ، {وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَءَامَنُواْ مَعَهُ} (الْبَقَرَة: 214) ، أَي: خُوِّفوا وحُذِّروا. والزّلازِلُ: الْأَهْوَال، قَالَ عمرَان بن حطّان:
فقد أظلّتك أَيَّام لَهُ خِمْسٌ
فِيهَا الزّلازِل والأهوالُ والوَهَلُ
وَقَالَ بَعضهم: الزَّلزلة مَأْخُوذَة من الزَّلل فِي الرَّأْي؛ فَإِذا قيل: زُلزل الْقَوْم، فَمَعْنَاه: صُرِفوا عَن الاسْتقَامَة، وأوقع فِي قُلُوبهم الْخَوْف والحذَر. وأُزلّ الرجل فِي رَأْيه حَتَّى زَلّ. وأزيل عَن مَوْضِعه حَتَّى زَالَ. وَقَالَ شمر: جَمع زَلِزَلك، أَي: أثاثك ومتاعك بِنصب الزائين وَكسر اللَّام وَهُوَ الصَّحِيح.
وَفِي (كتاب الإبياري) : أَبُو عبيد: المحاش: المتاعُ والأثاثُ. قَالَ: والزّلَزِل مثل المحاش، وَلم يذكر الزلزلة، والصوابُ: الزّلزَل: المحاش. وَفِي كتاب (الياقوتة) : قَالَ الفراءُ: الزَّلَزِل والقُثْرُد والخُنْثُر: قماش الْبَيْت.
وَقَالَ ثَعْلَب: أَخَذته زَلزلة؛ انزعاجٌ.
وماءٌ زُلالٌ: صافٍ عَذْب بارِدٌ سُمّي زُلالاً لأنّه يَزِلّ فِي الحَلْق زَلِيلاً.
وذَهبٌ زلالٌ: صافٍ خَالص، قَالَ ذُو الرمّة:
كَأَن جلودَهُنّ مُمَوهاتٌ
على أبشارها ذهبٌ زلالُ
وماءٌ زلالٌ: يَزِل فِي الْحلق من عذوبته وصفائه.
وغلامٌ زَلْزُلٌ قُلْقُل: إِذا كَانَ خَفيفاً. وَقَالَ اللّحياني فِي (ميزانِه) : زَلَل، أَي: نُقْصان، وأَزْلَلْتُ فلَانا إِلَى الْقَوْم، أَي: قدّمْته، ومكانٌ زَلُولْ.
ابْن الأعرابيّ عَن أبي شَنْبَل أَنه قَالَ: مَا زَلْزَلْتُ مَاء قَطّ أبرَدَ من مَاء الثَّغُوب بِفَتْح الثاءِ أَي: مَا شَرِبْتُ.
قلت: أرادَ مَا جعلتُ فِي حَلْقي مَاء يَزِلُّ فِيهِ زَلُولاً أبرَدَ من ماءِ الثَّغْب، فَجعله ثَغُوباً.
لز: قَالَ اللّيث: اللَّزُّ: لُزُومُ الشَّيْء بالشَّيْء، بِمَنْزِلَة لِزازِ الْبَيْت، وَهِي الخشبةُ الَّتي يُلَزّ بهَا البابُ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال فلانٌ لِزازُ خُصومات: إِذا كَانَ موكَّلاً بهَا، يَقدِر عَلَيْهَا. قَالَ: وأصل اللِّزاز الَّذِي يُتْرَس بِهِ الْبَاب، وَرجل مِلَزٌّ: شديدُ اللُّزوم، وأَنشَد:
وَلَا امرِىء ذِي جَلَدٍ مِلَزّ
قَالَ: ورجلٌ مُلَزَّزُ الخَلْق، أَي: شديدُ الخَلْق، مُنْضَمّ بعضُه إِلَى بعض. وَيُقَال للبعيرَيْن إِذا قُرِنا فِي قَرَن وَاحِد: قد لُزَّا، وَكَذَلِكَ وَظِيفا الْبَعِير يُلَزَّان فِي القَيْد إِذا ضُيِّق، وَقَالَ جرِير:
وابنُ اللَّبُون إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ
لمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ الْبُزْلِ القَنَاعِيسِ
وَيُقَال: لَزُّ الحَقَّةِ: زُرْفينها. وَقَالَ ابْن

(13/116)


مقبل:
لم يَعْدُ أنْ فتَق النَّهِيق لهاته
وَرَأَيْت قارحة كلَزَّ المِجْمَر
يَعْنِي أزفرين المجمر إِذا فَتحته.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّهُ لكَزٌّ لَزٌّ: إِذا كَانَ ممسكاً. واللَّزِيزَةُ: مُجْتَمَعُ اللَّحم من الْبَعِير فَوق الزَّوْر ممّا يَلِي المِلاطَ؛ وأنْشَد:
ذِي مِرْفَقٍ ناءٍ عَن اللَّزائزِ
وَقَالَ اللّحياني: جعلتُ فلَانا لِزَازاً لفُلَان: لَا يَدَعه يُخالف وَلَا يُعانِد. وَكَذَلِكَ يُقَال: جعلتُهُ ضَيْزَناً لَهُ، أَي: بُنْداراً عَلَيْهِ، ضاغطاً عَلَيْهِ.
عَمرو عَن أَبِيه: اللَّزَز: المَتْرَس.
ابْن الأعرابيّ: عَجُوزٌ لَزُوز، وكَيِّسٌ لَيِّس. وَيُقَال: فلانٌ لِزُّ شَرّ، ولَزِيز شَرّ، ولِزَازُ شَرّ، ونزُّ شَرّ، ونزازُ شَرَ، ونَزِيزُ شرَ.

(بَاب الزَّاي وَالنُّون)
ز ن
زن. ن ز (مستعملان) .
زن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّزْنِينُ: الدوامُ على أكل الزِّن وَهُوَ الخُلَّرُ، والخُلَّرُ: الماشُ.
وَيُقَال: فلَان يُزَنّ بِكَذَا وَكَذَا، ويُؤبَن بِكَذَا وَكَذَا، أَي: يُتَّهم بِهِ، وَقد أزنَتْهُ بِكَذَا من الشرّ، وَلَا يكون الإزنان فِي الْخَبَر، وَلَا يُقَال: زنَنْتُه بِكَذَا بِغَيْر ألف.
وَيُقَال: ماءٌ زنَن، أَي: ضيق قَلِيل؛ ومياهٌ زَنَن، وَقَالَ الشَّاعِر:
ثمَّ استغَاثُوا بماءٍ لَا رِشَاء لَهُ
من مَاء لِينةَ لَا ملْحٌ وَلَا زَنَنُ
وَقيل: المَاء الزّنَن: الظَّنُون الَّذِي لَا يُدرى أفيه ماءٌ أم لَا. الزنَن والزنيء والزَّناء: الضّيق.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: زَنَّ عَصَبُه: إِذا يبِسَ، وَأنْشد:
نبَّهْتُ ميْموناً لَهَا فأَنَّا
(يشكو) عَصَباً قد زَنَّا

وَقَالَ اللَّيْث: أَبُو زَنة: كُنية القرْد.
نز: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، قَالَ الْكسَائي: يُقَال: نَزٌّ ونِزٌّ، والنِّزُّ أَجود.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ مَا تحلّب من الأَرْض من المَاء، وَقد نَزّت الأرضُ: إِذا صَارَت ذَات نزَ، ونزت الأرضُ: إِذا تحلّبَ مِنْهَا النزّ وَصَارَت منابع النّز.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: النّز من الرِّجَال: الذَّكي.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: النَّز: الرجلُ الْخَفِيف، وَأنْشد:
وصاحبٍ أبَداً حُلْواً مُزّاً
فِي حَاجَة القومِ خُفافاً نِزّاً
وَأنْشد بيتَ جرير يهجُو البعيث فَقَالَ:

(13/117)


لَقَى حملَتْه أمه وَهِي ضيفةٌ
فَجَاءَت بيَتْنٍ للنَّزَالة أَرْشما
ويُرْوَى فَجَاءَت بنزَ.
قَالَ: وَأَرَادَ بالنُّزّ هَهُنَا: خفةَ الطّيْشِ، لَا خفةَ الرّوح وَالْعقل.
قَالَ: وَأَرَادَ بالنزالة: المَاء الَّذِي أنزلهُ المجامع لأمه.
وَقَالَ اللَّيْث: المنَزُّ: مهدُ الصَّبِي.
أَبُو عُبيد: نزَّ الظبي ينزّ نزيزاً: إِذا عدا.
وَرُوِيَ عَن أبي الْجراح وَالْكسَائِيّ: نزب الظبي نزيباً. ونزَّ ينز نزيزاً: إِذا صَوت.
قَالَ ذُو الرُّمة:
فلاةٌ ينزُّ الظبي فِي حَجِراتها
نزيزَ خِطام القَوْس يُحدى بهَا النَّبْلُ
وروى أَبُو تُرَاب لبَعْضهِم: نزّزه عَن كَذَا، أَي: نزَّهَه.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : فلَان نزيزٌ، أَي: شَهْوَان، وَقد قتلتْه النزة، أَي: الشَّهْوَة.

(بَاب الزَّاي وَالْفَاء)
ز ف
زف. فز (مستعملان) .
زف: قَالَ الله تَعَالَى: {) ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} (الصافات: 94) .
قَالَ الفرّاء: قَرَأَ النَّاس: {فَأَقْبَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} بِنصب الْيَاء أَي: يسرعون.
قَالَ: وَقَرَأَ الْأَعْمَش: يُزَفُّون، كَأَنَّهُ من أَزَفَّت وَلم نسمعها إِلَّا زففت، يُقال للرجل: جَاءَ يزف.
قَالَ: وَيكون يزفون، أَي: يجيئون على هَيْئَة الزفيف، بِمَنْزِلَة المزفوفة على هَذِه الْحَال.
وَقَالَ الزّجاج: يزِفُّون: يسرعون، وَأَصله من زفيف النّعامة، وَهُوَ ابْتِدَاء عَدْوِها، والنَّعامة يُقَال لَهَا زَفُوف، وَقَالَ ابْن حِلِّزَة:
بزفوفٍ كَأَنَّهَا هِقْلَةٌ أُمْ
مُ رِئالٍ دَوِّيّةٌ سَقْفَاءُ
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الزِّف: ريش النعام، وَيُقَال: هَيْقٌ أَزفُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: زفت الْعَرُوس إِلَى زوْجها زفّاً وَالرِّيح تزِفّ زفوفاً: وَهُوَ هبوبٌ لَيْسَ بالشديد، وَلكنه فِي ذَلِك ماضٍ.
وَيُقَال: زفّ الطائرُ فِي طيرانه زفيفاً: إِذا ترامى بِنَفسِهِ، وَأنْشد:
زفيفَ الزُّباني بالعجاج القواصِفِ
قَالَ: والزّفزفة تَحْرِيك الشَّيْء يَبَسَ الْحَشِيش، وَأنْشد:
زفزفة الرِّيح الْحَصاد اليَبسا
قَالَ: والزّفزاف: النعام الَّذِي يُزفزف فِي طيرانه يحرِّك جناحيه إِذا عَدَا.
والمِزَفّة: المحفة الَّتِي تُزفّ فِيهَا الْعَرُوس.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الزفزافةُ من الرِّيَاح: الشَّدِيدَة الَّتِي لَهَا زَفْزفة، وَهِي الصَّوْت، وَجعلهَا الأخْطل زفزفاً فَقَالَ:
أَعاصيرُ ريحٍ زفزفٍ زفَيَان
والزفْزَفَة: من سير الْإِبِل فَوق الْجنب.

(13/118)


وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
لما ركبنَا رفعْنَا هُنَّ زفْزَفَةً
حَتَّى احتويْنَا سواماً ثمَّ أَربابُه
فز: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفزُّ: ولدُ البَقَرة، وَجمعه أَفزاز، وَقَالَ زُهَيْر:
كَمَا استغاثَ بسَيْء فزُّ غيطلة
خَان الْعُيُون وَلم يُنظَرْ بِهِ الحشكُ
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَزَّ الجُرحُ يَفِزُّ فَزِيزاً، وفَصَّ يَفِصُّ فَصِيصاً: إِذا سالَ بِمَا فِيهِ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (الْإِسْرَاء: 64) ، أَي: استخف بدعائك وصوتك، وَكَذَلِكَ قولُه: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الاَْرْضِ} (الْإِسْرَاء: 76) ، أَي: يستخفونك. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَفْزِزْ} مَعْنَاهُ: استدعه استدعاء: تستخفه بِهِ إِلَى جَانِبك. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَيَسْتَفِزُّونَكَ} أَي: ليقتلونك، رَوَاهُ لأهل التَّفْسِير. وَقَالَ أهل السّنة: كَادُوا ليستخفونك: أفزاعاً بحملك على خفَّة الْهَرَب.
قَالَ أَبُو عُبيد: أفززتُ القَوم أفزَعْتُهم سَوَاء، وأَنشَد:
شَبَبٌ أَفَزَّتْهُ الكِلابُ مُرَوِّعُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَزفَزَ: إِذا طَرَدَ إنْسَانا أَو غَيره.
قَالَ: وزَفْزَف: إِذا مَشى مِشيةً حَسَنَةً.
وَفِي (النَّوَادِر) : افتَزَزْتُ وابْتَزَزْتُ، وابْتَذَذْتُ، وَقد تَباذَذْنا وتَبازَزْنا، وَقد بَذَذْتُه: إِذا عَزَزْتَه غلَبْتَه.

(بَاب الزَّاي وَالْبَاء)
ز ب
زب. بز (مستعملان) .
زب: شمر: تَزَبَّبَ الرجُل: إِذا امْتَلَأَ غَيْظاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: زَبَّت الشَّمسُ وأَزَبَّتْ: إِذا دَنّتْ للغُروب.
وَقَالَ اللّيث: الزَّبُّ: مَلْؤُكَ القِرْبَةَ إِلَى رَأْسها، يُقَال: زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ.
وَقَالَ غَيره أَبُو عَمْرو: وزَبْزَب: إِذا غَضِب، وزَبْزَب أَيْضا إِذا انهزَمَ فِي الْحَرْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: من أسماءِ الفَأْر الزَّبابة.
قلتُ: فِيهَا طَرَش، وتُجمَع زَبَاباً وزَبابات، وَقَالَ ابْن حلِّزة:
وهُمُ زَبابٌ حائِرٌ
لَا تَسْمَع الآذانُ رَعْدَا
أَي: لَا تَسمَع آذانُهم صوتَ الرّعد لأنّهم صُمٌّ طُرُش.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّباب: ضَرْبٌ من الجِرْذان عِظام، وأَنشَد:
وَثْبةَ سُرْعوبٍ رَأَى زَبابَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الزَّبيب: زَبَدُ المَاء، وَمِنْه قولُه:

(13/119)


حَتَّى إِذا تَكَشَّفَ الزَّبيبُ
قَالَ: والزَّبيب اجتماعُ الرِّيق فِي الصِّماغَين.
والزَّبيب: السّمّ فِي فَمِ الحيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّبيب مَعْرُوف، والزَّبيبةُ الْوَاحِدَة. قَالَ: والزَّبيبةُ: قُرْحَةٌ تخرَج باليَد تُسمَّى العَرْفَة.
وَفِي الحَدِيث: (يَجيءُ كَنْزُ أحدِهم يومَ الْقِيَامَة شُجاعاً أَقرَعَ لَهُ زِبِيبَتان) الشُّجاعُ: الحيّة، والأقرَع: الّذي تمرَّط جِلْدُ رأسِه. وقولُه: (زِبيبتان) . قَالَ أَبُو عبيد: هما النُّكْتَتَان: السَّوْداوان فَوق عَيْنَيه، وَهُوَ أَوْجَش مَا يكون من الحيّات وأخبَثُه.
قَالَ: وَيُقَال: إِن الزَّبيبَتَين هما الزَّبَدَتان تَكُونَانِ شِدْقَيِ الْإِنْسَان إِذا غَضِب وأَكْثَر الكلامَ حَتَّى يُزْبِد.
وروِي عَن أمِّ عَيلانَ بنتِ جَرير أَنَّهَا قَالَت: ربّما أَنشَدْتُ أَبِي حتّى يتزَبَّتَ شِدْقَايَ.
وَقَالَ الراجز:
إنِّي إِذا مَا زَبَّبَ الأَشداقُ
وكَثُر الضِّجاجُ واللَّقلاقُ
ثَبْتُ الجَنان مِرْجَمٌ وَدّاقُ
وَقَالَ اللّيث: الزَّبَب مَصدَر الأزَبّ، وَهُوَ كَثْرَة شعر الذّراعين والحاجبين وَالْعين، والجميع الزُّبُّ.
قَالَ: والزبّ أَيْضا: زُبُّ الصبيِّ، وَهُوَ ذَكَرُه بلُغة أهلِ اليمَن.
والزُّبّ أَيْضا: اللِّحْيَة. وَأنْشد:
فاضت دموع الجحمتين بعبرة
على الزُّب حَتَّى الزُّب فِي المَاء غامس
وَقَالَ شمر: وَقيل: الزّب الْأنف بلغَة أهل الْيمن.
وزَبان اسمٌ، فَمن جعَلَه فَعّالاً من زَبَنَ صَرَفَه، وَمن جَعَلَه فَعْلانَ مِن زَبَّ لم يَصرِفه، يُقَال: زَبَّ الحمْلَ وزَأَبه وازْدَبَّهُ: إِذا حَمَله، وَيُقَال للدّاهية المنكَرة: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر، ويُقال للناقة الْكَثِيرَة الوَبَر: زَبَّاء، وللجَمَل: أزَبّ، وكلّ أزَبّ نَفُور.
وَسُئِلَ الشعبيُّ عَن مَسْأَلَة غامضة فَقَالَ: زَباءُ ذاتُ وبر لَو وَرَدَتْ على أهل بَدْرٍ لأعضَلَت بهم، أَرَادَ أَنَّهَا مُشكِلة، شَبّهها بالناقة الشّرود لغموضها.
بز: أَبُو عبيد: البَزُّ والبِزَّةُ: السِّلاح.
وَقَالَ اللَّيْث: البَزُّ: ضَرْبٌ من الثِّيَاب. والبِزازَة: حِرْفَة البَزّاز، وَكَذَلِكَ البَزُّ من المَتَاع. والبَزُّ: السَّلْب، وَمِنْه قولُهم: مَنْ عَزَّ بَزَّ، مَعْنَاهُ من غَلَب سَلَب. والاسمُ البِزِّيزَى.
وَقَول الْهُذلِيّ:
فويلُ امِّ بزَ جَرّ شَعْل على الْحَصَى
فوقّر بزُّ مَا هُنَالك ضائعُ
الوقر: الصدع. وقِّر بَزُّ، أَي: صُدع وقُلِّل وَصَارَت فِيهِ وقرأت. وشَعْلٌ: لقب تأبط شرا.

(13/120)


كَانَ أسر قيس بن العيزارة حِين أسرته فَهم، فَأخذ ثَابت بن عَامر سلاحه فَلبس سَيْفه يجره على الْحَصَى فوقره، لِأَنَّهُ كَانَ قَصِيرا.
وَيُقَال: ابتَزَّ الرجلُ جارِيتَه من ثِيابها: إِذا جَرَّدها، وَمِنْه قولُ امرىء الْقَيْس:
إِذا مَا الضَّجيع ابتزَّها مِن ثيابِها
تمِيل عَلَيْهِ هَوْنةً غيرَ مِتْفالِ
والبُزابزُ: الرجل الشديدُ القويّ وَإِن لم يكن شجاعاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجل بَزْبَزٌ وبُزابِز.
والبَزْبَزةُ: شِدّة السَّوْق، وَأنْشد:
ثمَّ اعْتَلاها قَزَحاً وارْتَهَزا
وساقَها ثمَّ سِياقاً بَزْبَزا
قَالَ: والبَزْبزة: معالَجة الشَّيْء وإصلاحه، يُقَال للشَّيْء الّذي أجيد صنعتُه: قد بَزْبَزْتُه، وأَنشَد:
وَمَا يَستوِي هِلْبَاجَةٌ متَنفِّجٌ
وَذُو شُطَبٍ قد بَزْبَزته البَزابزُ
يَقُول: مَا يستوِي رجلٌ ثقيلٌ ضَخْم كَأَنَّهُ لَبنٌ خاثرٌ ورجلٌ خفيفٌ ماضٍ فِي الْأُمُور، كَأَنَّهُ سَيْف ذُو شُطب قد سَوّاه الصانعُ وصَقَله.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَزْباز: قَصَبة من حديدٍ على فَمِ الكِير تنفخُ النارَ.
وأَنشدَ:
إيهاً خُثَيْمُ حرّك البَزْبازَا
إنّ لنا مجالساً كِنازا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البَزْبَز: الغلامُ الْخَفِيف الرُّوح. قَالَ: والبِزِّيزَى السِّلاح، وبَزْبَز الرجلُ وعَبَّدَ: إِذا انهزَم وفَرّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَزَز: السِّلاحُ التامُّ.

(بَاب الزَّاي وَالْمِيم)
ز م
زم. مز: (مستعملان) .
زم: قَالَ اللَّيْث: زَمَّ: فِعْلٌ من الزِّمام، تَقول: زَمَمْتُ الناقَة أزمّها زَماً.
قَالَ: والعُصْفورُ تزمُّ بصَوْتٍ لَهُ ضَعِيف، والعِظامُ من الزَّنابير يَفْعلن ذَلِك.
قَالَ: والذِّئب يَأْخُذ السَّخْلَة فيَحمِلها ويَذهَب بهَا زاماً، أَي: رَافعا بهَا رأسَه، تَقول: قد ازدَمَّ سَخْلةً فذَهَب بهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الزَّمُّ: التقدُّم، وَقد زَمَّ يزِمّ: إِذا تقدَّم.
وأَنشَد:
أَن اخضَرَّ أَو أَنْ زَمَّ بالأنْف بازِلُهْ
وزَمَّ الرجلُ بأَنْفه: إِذا شَمَخ، فَهُوَ زَامٌ.
وَقَالَ اللّيث: زَمزَم العِلْجُ إِذا تكَلَّف الكلامَ عِنْد الْأكل وَهُوَ مطبقٌ فَمَه.
وَمن أمثالهم: حَوْلَ الصِّلِّيَان الزَّمْزمة؛ والصِّلِّيانُ من أفْضل المَرعَى، يُضرَب مَثَلاً للرجل يَحُوم حَوْلَ الشَّيْء وَلَا يُظهِرُ مَرامَه. وأَصلُ الزَّمْزَمة: صوتُ المَجوسيّ

(13/121)


ُ وَقد حَجا؛ يُقَال: زَمْزَمَ وزَهْزَمَ؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَهُ زَهزَمٌ كالغَنّ
فَالْمَعْنى فِي المَثَل: أَن مَا تسمع من الْأَصْوَات والجَلَب لطلب مَا يُؤكَل ويتمتّع بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: زَمزم: إِذا حفظ الشَّيْء. ومزمز: إِذا تعتع إنْسَانا. قَالَ: مزمّ وزام وازدم كُله: إِذا تكبر.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الزمزِمة من النَّاس: الْخَمْسُونَ وَنَحْوهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: هِيَ زَمْزَمُ وزَمَّمُ وزُمَزِمٌ، وَهِي الشُّباعةُ، وهَزْمَةُ المَلِكِ، ورَكْضَةُ جبريلَ لبئر زمزَم الّتي عِنْد الْكَعْبَة.
والرّعدُ يُزمزِم ثمَّ يُهَدْهِد؛ وَقَالَ الراجز:
تَهِدُّ بَين السَّحْر والغَلاصمِ
هَدّاً كهَدِّ الرَّعدِ ذِي الزَّمازِمِ
ابْن السكّيت: الزَّمّ مَصدَرُ زَمَمْتُ البعيرَ: إِذا عَلّقتَ عَلَيْهِ الزَّمام.
قَالَ: وحَكَى ابنُ الأعرابيّ عَن بعض الْأَعْرَاب: لَا والّذي وَجْهِي زَمَم بَيْتِه مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، أَي: قُبالتَه.
وَقَالَ غيرُه: أمرٌ زَمَم وأَمَمٌ وصَدَرٌ، أَي: مُقارب.
والإِزْمِيم: الهِلال إِذا دَقّ فِي آخِر الشَّهْر واستَقْوَس، قَالَ ذُو الرُّمة:
قد أَقطَع الخَرْقَ بالخَرْقاءِ لاهِيةً
كَأَنَّمَا آلُها فِي الآلِ إزْمِيمُ
شَبَّه شخصَها فِيمَا شَخَص من الْآل بهلالٍ دقّ كالعُرْجون لضُمْرِها. وَيُقَال: مائَة من الْإِبِل زُمْزُوم، مِثل الجُرْجور، وَقَالَ الراجز:
زُمْزومُها جِلَّتُها الخِيارُ
أَبُو عُبَيْدَة: فرس مُزَمْزِم فِي صوتِه: إِذا اضْطربَ فِيهِ.
وزَمازِمُ النَّار: أصواتُ لَهَبِها؛ وَقَالَ أَبُو صَخْر الهُذَليّ:
زَمازِمُ فَوّارٍ من النّار شاصِب
والعَرب تَحكِي عَزِيف الجِنّ باللّيل فِي الفَلَوات بزِيزِيم، قَالَ رؤبة:
تَسمَع للجِنّ بِهِ زِيزِيمَا
وَيُقَال: ازدَمّ الشيءَ إِلَيْهِ: إِذا مَدّه إِلَيْهِ.
مز: قَالَ اللَّيْث: المِزُّ: اسمُ الشيءِ المَزِيز، وَالْفِعْل مَزَّ يَمَزّ، وَهُوَ الّذي يَقع مَوقِعاً فِي بلاغته وكثرته وجَوْدته.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِزُّ: الفَضْل، يُقَال: هَذَا شيءٌ لَهُ مِزٌّ على هَذَا أَي فَضْل. وَهَذَا أَمَزُّ من هَذَا، أَي: أَفضَل. وشَيءٌ مَزِيز: فاضِلٌ.
وَقَالَ اللّيث: المُزُّ من الرُّمّان: مَا كَانَ طعمُه بَين حُموضةٍ وحَلاوة.
قَالَ: والمُزّة: الخَمْرة اللَّذيذة الطعْم، وَهِي المُزَّاء، جُعِل ذَلِك اسْما لَهَا، وَلَو كَانَ نعتاً لقلتَ مُزَّى.

(13/122)


وَقَالَ ابنُ عُرْس فِي جُنَيد بنِ عبد الرَّحْمَن المُزِّي:
لَا تَحسَبَن الحربَ نَوْمَ الضُّحَى
وشُرْبَكَ المُزّاءَ بالباردِ
فلمّا بلغه ذَلِك قَالَ: كذَب عليّ واللَّهِ مَا شربتُها قطّ.
قَالَ: والمُزّاء: من أَسمَاء الْخمر؛ تكون فُعّالاً من المزية وَهُوَ المفضلة تكون من أمزيت فلَانا على فلَان؛ أَي: فضلته.
أَبُو عبيد: المُزّاءُ: ضَرْبٌ من الشّراب يُسكِر.
وَقَالَ الأخطل:
بئس الصُّحاةُ وبئسَ الشُّرْبُ شرْبُهُم
إِذا جَرى فيهُم المُزّاءُ والسَكَرُ
وَقَالَ شمر: قَالَ بعضُهم: المُزّة: الخمرُ الّتي فِيهَا مَزازة؛ وَهِي طَعمٌ بَين الحلاَوة والحموضة؛ وأَنشدَ:
مُزّة قبلَ مَزْجِها فَإِذا مَا
مُزِجَتْ لَذَّ طعمُها من يَذُوقُ
قَالَ: وحَكى أَبُو زيد عَن الكلابيّين: شرابكم مُزٌّ وَقد مَزَّ شَرابُكم أقبحَ المزَازة والمُزوزة، وَذَلِكَ إِذا اشتدت حُموضته.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المَزّة بِفَتْح الْمِيم: الخمرُ؛ وَأنْشد قولَ الْأَعْشَى:
وقَهوةً مُزّةً رَاوُوقُها خَضِلُ
وَأنْشد قولَ حسّان:
كأنَّ فاها قَهْوَةٌ مَزّة
حديثةُ العهدِ بفضِّ الخِتَام
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: التمزُّز: شربُ الشَّرَاب قَلِيلا قَلِيلا، وَهُوَ أقلُّ من التمزُّز، والمزّة من الرَّضَاع مثل المصَّة.
قَالَ طَاوس: المزة الْوَاحِدَة تُحرِّم، والمزْمَزة والبزبزةُ: التحريكُ الشَّديد.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَزْمَز فلانٌ فلَانا: إِذا حَرّكه وَهِي المَزْمَزَة.
قَالَ: ومَصْمَص إناءه: إِذا حرّكه وَفِيه الماءُ ليغسِلَه.

(13/123)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الزَّاي

(أَبْوَاب الزَّاي والطاء)
ز ط د، ز ط ت، ز ط ظ، ز ط ذ
ز ط ث: مهملات.
ز ط ر
طرز. رطز. زرط. طزر: (مستعملات) .
طرز: قَالَ اللَّيْث: الطِّراز مَعْرُوف، وَهُوَ الموضعُ الَّذِي تُنسج فِيهِ الثِّيَاب الْجِيَاد.
وَقَالَ غيرُه: الطِّرَاز مُعَرَّب، وأصلُه التَّقْدِير المستوِي بِالْفَارِسِيَّةِ، جُعلت التّاء طاءً، وَقد جاءَ فِي الشِّعر العربيّ، قَالَ حسّان يَمدَح قوما:
بِيضُ الوجوهِ من الطِّرازِ الأوّلِ
وروَى ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّرْز: الشَّكل، يُقَال: هَذَا طِرْزُ هَذَا، أَي: شَكله.
قَالَ: وَيُقَال للرّجل إِذا تكلّم بشيءٍ هَذَا من طرازه، أَي من استنباطِه.
طزر: قَالَ اللَّيْث: الطَّزَرُ: هُوَ النَّبْتُ الصَّيْفي.
قلتُ: هَذَا معرّب وَأَصله تَزَر.
روى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه قَالَ: الطَّزْرُ الدَّفع باللَّكْز.
يُقَال: طزَره طَزْراً: إِذا دَفعه.
رطز: أهملَه اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي كتاب (الياقوتة) : الرَّطْزُ: الضَّعِيف.
قَالَ: وشَعْرٌ رَطَزٌ، أَي: ضَعِيف.
زرط: يُقَال: سَرَطَ المَاء وزَرَطه وزرَدَه، وَهُوَ الزَّرّاط والسَّرَّاط.
وروَى أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ: الزِّرَاطَ بالزّاي خَالِصَة، وَنَحْو ذَلِك روَى عُبيد بن عقيل عَن أبي عَمْرو.
وروى الْكسَائي عَن حمزةَ: الزِّرَاط بالزاي، خَالِصَة وَكَذَلِكَ روى بن أبي مُجالد عَن عَاصِم، وَسَائِر الرُّواة رووْا عَن أبي عَمْرو الصِّرَاط بالصَّاد.
قَالَ ابْن مُجَاهِد: قَرَأَ ابْن كثير: (الصِّرَاط) بالصَّاد، وَاخْتلف عَنهُ. وَقَرَأَ بالصَّاد نَافِع وَأَبُو عمرٍ ووابن عَامر وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ.
قَالَ غَيره: وَقَرَأَ يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ: (السراط) بِالسِّين.
ز ط ل
أهمل، إلاّ مَا قَالَ ابْن دُريد: الزَّلْط:

(13/124)


المشْي السَّريع.
ز ط ن
اسْتعْمل من وجوهه: طنَزَ زنَط.
الطَّنز: السُّخرية.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هَؤُلَاءِ قومٌ مَدْنَقَةٌ ودُنّاق ومَطْنَزَة: إِذا كَانُوا لَا خير فيهم، هيّنةً أنفسُهم عَلَيْهِم.
زنط: قَالَ ابْن دُرَيْد: تزانَط القومُ: إِذا تزاحَموا.
ز ط ف
أهمل، إِلَّا مَا قَالَه ابْن دُريد.
فطزَ: إِذا مَاتَ، مثل: فَطَس.
ز ط ب
طبز زبط: مستعملان.
طبز: أهمله اللَّيْث، ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطِّبْزُ: رُكْنُ الْجَبَل. والطِّبْزُ: الجَمل: ذُو السَّنامَين الهائج.
وَقَالَ غَيره: طبز فلانٌ جَارِيَته طبْزاً: إِذا جامعَها.
زبط: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَّبْطُ: صياحُ البطة.
وروَى سَلمَة عَن الفرّاء: الزَّبِيط صِياح البطة.
ز ط م
مطز: أهمله اللَّيْث وَقَالَ ابْن دُرَيْد: المَطْز: النِّكاح.

(أَبْوَاب الزَّاي وَالدَّال)
زِدْت. زدظ. زدذ. زدث: أهملت وجوهها.
ز د ر
زرد. درز. دزر. زدر: مستعملة.
ز ر د: قَالَ اللَّيْث: الزَّرد: حِلَقُ الدِّرع والمِغْفر.
سَلمَة عَن الْفراء: الزَّرْدةُ: حَلقَة الدِّرع، والسَّرْد: ثقبها.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سرطت الطَّعَام وزردته، وازدردته. ازْرُده زَرداً وازدرده ازدراداً.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لفَلْهم الْمَرْأَة: الزَّردان، وَله مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَنه ضِيق الْخَاتم، يَزْرُد الأيْرَ إِذا أولجه أَي يخنُقُه، وَيُقَال: زرَد فلانٌ فلَانا يَزْرُدُه زرْداً: إِذا خنقه. وَالْمعْنَى الثَّانِي: أَنه سُمِّي زرداناً لازدراده الذَّكر إِذا أُولج فِيهِ.
وَقَالَت خَلِعَةٌ من نسَاء الْعَرَب إنَّ هَنى لزرَدان مُعتدل.
وَقَالَ بَعضهم: سمّيَ الفلْهم زرداناً لِأَنَّهُ يزدرد الذكَر، أَي: يخنقه لضيقه.
يُقَال: زَرَدت فلَانا أزدرده: إِذا خنقته فَهُوَ مزرود. كَأَنَّك خنقت مُزْدَرَدَه، وَهُوَ حَلقهُ.
درز: قَالَ اللَّيْث: الدَّرْزُ: دَرْزُ الثّوب وَنَحْوه، وَهُوَ مُعرب، والجميعُ الدُّروز.

(13/125)


رَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: الدَّرْز: نعيمُ الدّنيا ولذاتُها، وَيُقَال للدنيا: أمُّ دَرْز.
قَالَ: ودَرِزَ الرجلُ وذَرِزَ بِالدَّال والذال إِذا تمكَّنَ من نعيم الدُّنْيَا.
قَالَ: والعربُ تَقول للدَّعِيّ: هُوَ ابْن دَرْزة وابنُ تُرْنى، وَذَلِكَ إِذا كَانَ ابْن أَمَةٍ تُساعِي فَجَاءَت بِهِ من المُساعاة، وَلَا يُعرَف لَهُ أَب.
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ أولادُ دَرْزة. وأولادُ فَرْتَنَى للسفِلة والسُّقاط، قَالَه الْمبرد.
دزر: أهمَلَه اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّزْرُ: الدّفع، يُقَال: دَزَره ودَسَرَه ودَفَعه بِمَعْنى وَاحِد.
زدر: قَرَأَ بعضُهم: (يومئذٍ يَزْدُرُ الناسُ أشتاتاً) ، وسائرُ الْقُرَّاء قرأوا: {لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} وَهُوَ الحقّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: جاءَ فلانٌ بَضرِب أَزْدَرَيه وأسْدَرَيْه، إِذا جَاءَ فَارغًا.
زدل: مهمل.
ز د ن
استُعمِل من وجوهه: زند.
زند: قَالَ اللّيث: الزَّنْدُ والزَّنْدة: خَشَبتان يُستقدَح بهما، فالسُّفلى زَنْدة، والزَّنْدان: عَظْما الساعِد، أحدُهما أرقُّ من الآخَر، فطَرفُ الزندِ الّذي يَلي الإبهامَ هُوَ الكُوع، وطَرف الزَّند الّذي يَلِي الخنْصَرِ الكُرْسُوع، والرُّسْغُ مجتمعَ الزَّنْدَين، ومِن عندِهما تُقطَعَ يَدُ السَّارِق. ورجلٌ مُزَند: إِذا كَانَ بَخِيلًا مُمْسكاً.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال للدَّعِيّ: مُزَنَّد.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: زَنَدَ الرجلُ: إِذا كَذَب، وزَنَد: إِذا بَخل، وزَندَ: إِذا عاقَب فَوق مالَه.
قَالَ: وأخبَرَني عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: يُقَال: مَا يُزْندُك أحدٌ على فَضْل زَبد، وَلَا يَزْندُك وَلَا يُزَنِّدك وَلَا يُحبك وَلَا يحزك وَلَا يَشفك، أَي: لَا يَزِيدُك.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال للدُّرْجة الَّتِي تدَسّ فِي حَياء النَّاقة إِذا ظئرتْ على وَلدِ غَيرهَا: الزَّنْدُ والنُّدْأةُ.
وَقَالَ ابْن شُميل: وزُنِّدت الناقةُ: إِذا كَانَ فِي حيائها قَرَنٌ، فثَقَبوا حياءَها من كلّ نَاحيَة ثمَّ جَعلوا فِي تِلْكَ الثّقب سُيُوراً وعَقَدُوها عَقْداً شَدِيدا، فَذَلِك الزنيد.
وَقَالَ أَوسُ بن حَجَر:
أَبَنِي لُبَيْنَى إنّ أُمَّكُمُ
دَحَقَتْ فَخَرق ثَفْرَها الزَّنْدُ
وَيُقَال: تزيّد الرجل: إِذا ضَاقَ صَدره؛ قَالَ عديّ:
إِذا أَنْت فاكَهْتُ الرِّجَال فَلَا تلْغ
وَقل مثل مَا قَالُوا وَلَا تتزيّد
وَرجل مزنّد: سريع الْغَضَب.

(13/126)


ز د ف
فزد. زفد. زدف: مستعملة.
فزد: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: تَقول العَرَب لمن يَصِل إِلَى طَرَفٍ مِن حاجَتِه وَهُوَ يطْلب نهايَتها: لَم يحْرَمْ مَنْ فُزْدَ لَهُ، وبعضُهم يَقُول: مَنْ فُصْدَ لَهُ؛ وَهُوَ الأَصْل، فقُلِبت الصَّاد زاياً، فَيُقَال لَهُ: اقنَعْ بِمَا رُزِقْتَ مِنْهَا، فإنّك غيرُ محروم؛ وأصلُ قَوْلهم: مَنْ فُزْدَ لَهُ، أَو فُصْدَ لَهُ: فُصِدَ لَهُ، ثمَّ سُكِّنت الصَّاد فَقيل: فُصْدَ؛ لأنّه أخفّ، وأصلُه من الفَصد، وَهُوَ أَن يُؤْخَذ مَصِيرٌ فيُلقَم عِرقاً مفصوداً فِي يَد الْبَعِير حتّى يمتلىء دَماً، ثمَّ يُشوَى ويُؤكلَ، وَكَانَ هَذَا من مآكل الْعَرَب فِي الجاهليّة، فلمّا نزل تَحْرِيم الدّم تَرَكوه.
زفد: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: صَمَّمتُ الفرسَ الشعيرَ فانصَمّ سمناً، وحَشَوْتُه إيّاه، وزَفَدْتُه إِيّاه، وزَكَتُّه إِيّاه، وَمَعْنَاهُ كلّه المِلء.
زدف: يُقَال: أَسْدَفَ عَلَيْهِ السِّتر، وأَزْدَفَ عَلَيْهِ السِّتْر.
ز د ب
استُعمِل من وجوهه: زبد.
زبد: اللّيث: أَزْبَدَ البحرُ إزْباداً فَهُوَ مُزْبِد. وتَزَبَّدَ الْإِنْسَان: إِذا غَضِب فظَهر على صِماغَيْه زَبَددْان، والزُّبْدُ: زُبْد السَّمن، قَبلَ يُسْلأ، والقِطْعة مِنْهُ زُبْدة، وَهُوَ مَا خَلَص من اللّبن إِذا مُخِض، وَإِذا أَخذَ الرجلُ صفوَ الشَّيْء قيل: قد تَزَبّده، وَمن أمثالهم: قد صَرّح المَحْضُ عَن الزَّبَد، يَعنُون بالزَّبَد رغْوَةَ اللّبن، والصَّريحُ: اللبنُ المَحْض الّذي تَحت الرّغوة، يُضرَب مَثلاً للصِّدق الّذي تتبين حقيقتُه بعد الشّك فِيهِ.
وَيُقَال: ارتجنَتِ الزُّبدةُ إِذا اختلَطَتْ باللّبن فَلم تخلَص مِنْهُ، وَإِذا خَلَصت الزُّبدة فقد ذهب الارتجال، يُضرب هَذَا مَثَلاً لِلْأَمْرِ الَّذِي يَلتبِس فَلَا يُهتدَى لوجه الصَّوَاب فِيهِ.
والزَّبدُ: زبدُ الجمَل الهائج، وَهُوَ لُغامُه الأبيضُ الَّذِي يجتمِع على مَشافره إِذا هاج. وللبحرِ زَبدٌ: إِذا ثارَ مَوْجُه. وزَبدُ اللّبن: رغْوَته.
وَفِي الحَدِيث: أنّ رجلا من الْمُشْركين أهدَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هديّة فَردَّها وَقَالَ: (إِنَّا لَا نقبَل زَبْدَ الْمُشْركين) .
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: زَبدْتُ فلَانا أَزْبده: إِذا أعطيتَه، فإِن أطعمته زُبْداً قلتَ: أزبُدُهُ زَبداً بِضَم الْبَاء من أَزْبده.
أَبُو عَمْرو: تزبّدَ فلانٌ يَميناً فَهُوَ متزبِّد: إِذا حَلف بهَا؛ وأَنشد:
تزَبَّدها حَذّاءَ يَعلمُ أنّه
هُوَ الكاذبُ الْآتِي الأمورَ البُجارِيَا
قَالَ: الحَذّاء: الأُمور المنكَرة. وتَزَبَّدها: ابتَلَعها ابتلاعَ الزُّبدة، ونحوٌ مِنْهُ قَوْلهم:

(13/127)


جَذَّها جَذَّ العَيْر الصِّلِّيانة.
والزُّبّاد: نبتٌ مَعْرُوف، والزُّبّاد: الزُّبد، وَمِنْه قَوْلهم: اختَلَط الخاثِرُ بالزُّبّاد، وَذَلِكَ إِذا ارتَجَن، يُضرَب مَثلاً لاختلاط الحقّ بِالْبَاطِلِ.
وزُبَيد: قبيلةٌ من قبائل اليَمن. وزَبِيد: مدينةٌ من مُدُن اليَمَن. وزُبَيْدة: لقبُ امْرَأَة، قيل لَهَا: زُبَيدة لنَعْمة كَانَت فِي بَدَنها، وَهِي أمّ الْأمين مُحَمَّد. وَيُقَال: زَبّدَتِ المرأةُ قُطْنَها: إِذا نَتَفَته وجوّدَتّه لَتغزِلَه.
ز د م
مزد: يُقَال: مَا وَجَدْنا لَهَا العامَ مَصْدَةً وَلَا مَزْدَة، أَي: لم نَجِد لَهَا بَرْداً.

(بَاب الزَّاي وَالتَّاء)
ز ت ظ ز ت ذ ز ت ث:
أهملت وجوهها.
ز ت ر
اسْتعْمل من وجوهها: ترز. زرت.
ترز: قَالَ اللَّيْث: ترَز الرجلُ: إِذا مَاتَ ويَبِس، والتّارِزُ: الْيَابِس بِلَا رُوح.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَكَبَا كَمَا يَكْبُو فَنِيقٌ تارِزٌ
بالخَبْتِ إِلا أنّه هُوَ أَبْرَعُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَرِز الرجل: إِذا ماتَ، بِكَسْر الرَّاء. وتَرِزَ الماءُ: إِذا جَمَد.
قلتُ: وغيرهُ يُجِيز تَرَز بِالْفَتْح إِذا هَلَك.
ز ر ت: أهمَلَه اللَّيْث.
وَقَالَ غيرُه: زَرَدَه وزَرَتَه: إِذا خَنَقَهُ.
(ز ت ل)
لتز: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللَّتْز: الدَّفْع، وَقد لَتزَه لَتْزاً: إِذا دَفَعه.
ز ت ن
زتن: الزَّيْتون: مَعْرُوف، وَالنُّون فِيهِ زَائِدَة، ومِثلُه قَيْعُون أصلُه القَيْع، وَكَذَلِكَ الزَّيْتون: شَجرةُ الزَّيت وَهُوَ الدّهن.
ز ت ف
استُعمل من وجوهه: زفت.
زفت: قَالَ اللَّيْث: الزِّفْتُ: القِير. وَيُقَال لبَعض أوعيةِ الخَمْر: المزَفَّت، وَهُوَ المقيَّر بالزِّفت. ونَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الانتباذ فِي الوِعَاء المزفَّت، والزِّفتُ غيرُ القِيرِ الَّذِي تُقَيَّرُ بِهِ السُّفُن، وَهُوَ شيءٌ لَزِج أسوَدُ يُمَتَّن بِهِ الزِّقاق للخَمْر والخَلّ. وقِيرُ السُّفنِ. يُيَبّس عَلَيْهَا، وزِفْتُ الزِّقاق لَا ييْبَس.
وَفِي (النَّوادر) : زَفَتَ فلانٌ فِي أُذُن فلانٍ الحَدِيث زَفْتاً، وكَتَّه فِي أُذُنه كَتّاً بِمَعْنى.

(13/128)


ز ت ب: مهمل.
ز ت م
اسْتعْمل من وجوهه: زمت متز.
زمت: قَالَ اللَّيْث: الزَّمِيت: السَّاكت. وَرجل متزمِّت وزِمِّيت، وَفِيه زَماتَةٌ.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: الزُّمَّتُ: طَائِر أسوَد يتلوّن فِي الشَّمْس ألواناً، أحمرُ المِنقار والرِّجْلين دُونَ الغُداف شَيْئا. وَيُقَال: ازْمَأَتَّ يَزْمَئِتُّ ازمِئْتاتاً: فَهُوَ مُزمئت: إِذا تلوَّن ألواناً مُتَغَايِرَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ زَمِيت وزِمِّيت: إِذا تَوَقَّر فِي مَجلِسه.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ مِن أَزْمَتِهم فِي المَجْلس، أَي: من أَرْزَنِهِمْ وأَوْقَرِهم، وَأنْشد غَيره فِي الزِّمِّيت بِمَعْنى السَّاكِت:
والقبرُ صِهْرٌ ضامِنٌ زِمِّيتُ
لَيْسَ لمن ضُمّنه تربيت
متز: أهمَله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: مَتزَ فلانٌ بسَلْحِه: إِذا رَمَى بِهِ، ومَتَس بسَلْحِه مِثْله وَلم أسمعهما لغيره.

(وَالزَّاي قد أهمِلت مَعَ الظَّاء وَمَعَ الذَّال وَمَعَ الثَّاء إِلَى آخر الْحُرُوف.
(بَاب الزَّاي وَالرَّاء)
ز ر ل: مهمل.
زرن
نزر. رزن. زنر. رنز. نرز (مستعملة) .
نزر: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: النَّزْرُ: الإِلْحاح فِي السُّؤَال.
وَفِي الحَدِيث: أنّ عُمَر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُسَايِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَر فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَلم يُجِبه، ثمَّ عَاد فسأَله فَلم يُجِبه، فَقَالَ لنَفسِهِ كالمبكِّت لَهَا: ثَكِلَتْك أمُّك يابنَ الخَطَّاب. نَزَرْتَ برَسُول الله مرَارًا لَا يُجيبُك.
قلت: وَمَعْنَاهُ أنّك أَلححْتَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَة إلحاحاً أدَّبك بسكوته عَنْك، وَقَالَ كثيّر:
لاَ أَنْزُر النَّائلَ الخَليلَ إِذا
مَا اعْتَلَّ نَزْرُ الظُّئُور لَم تَرمِ
أَرَادَ لم تَرْأم، فَحذف الْهِجْرَة وَيُقَال: أعطَاهُ عَطاء نَزْراً، وَعَطَاء مَنْزوراً: إِذا أَلحَّ

(13/129)


عَلَيْهِ فِيهِ. وَعَطَاء غَير مَنْزور: إِذا لم يُلِحّ عَلَيْهِ فِيهِ، بل أعطَاهُ عَفْواً؛ وَمِنْه قولُه:
فَخذْ عَفْوَ مَا آتاك لَا تَنْزُرَنَّه
فعندَ بُلوغِ الكدْرِ رَنقُ المشَارِبِ
وَقَالَ اللّيث: نَزُر الشيءُ يَنزُر نَزارةً ونزراً وَهُوَ نَزْر، وعَطاءٌ مَنْزور: قَلِيل.
وامرأةٌ نَزُرٌ: قَليلَة الوَلَد، ونِسْوة نُزُر.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَجُل نَزْر ونِزر ونزيرُ نَزرُ نَزارةً: إِذا كَانَ قَليل الْخَيْر، وأَنزَره الله، وَهُوَ رجل منْزور.
وَيُقَال لكلّ شَيْء يقلّ: نَزُور؛ وَمِنْه قَول زيد بنِ عَدِيّ:
أَو كَماءِ المَثْمُودِ بعدَ جَمامٍ
رَذِمِ الدَّمْعِ لَا يئوب نَزُورَا
وَجَائِز أَن يكون النَّزُور بِمَعْنى المَنْزور، فَعولٌ بِمَعْنى مفعول.
وَجَائِز أَن يكون النزور من الْإِبِل الَّتِي لَا تكَاد تلقح إِلَّا وَهِي كارهة. نَاقَة نزور بَيِّنَة النزار. والنَّزور أَيْضا: القليلة اللَّبن؛ وَقد نزرت نزراً. قَالَ: والناتق إِذا وجدت مَسَّ الْفَحْل لَقحت. وَقد نتقت تنتق: إِذا حملت. قَالَ شمر: قَالَ عدَّة من الكلابيين: النزور: الاستعجال والاستحثاث؛ يُقَال: نزره إِذا أعجله. وَيُقَال: مَا جِئْت إِلَّا نزراً، أَي: بطيئاً. النَّضر: النزور: الْقَلِيل الْكَلَام لَا يتَكَلَّم حَتَّى تنزره. والنزور: النَّاقة الَّتِي مَاتَ وَلَدهَا وَهِي ترأم ولد غَيرهَا فَلَا يَجِيء لَبنهَا إلاّ نزراً. قَالَ الْأَصْمَعِي: نزر فلَان فلَانا: إِذا استخرج مَا عِنْده قَلِيلا قَلِيلا. وتنزّر: إِذا انتسب إِلَى نزار بن معد.
رزن: شمر: قَالَ الأصمعيّ: الرُّزون: أماكنُ مرتفِعةٌ يكون فِيهَا المَاء، وَاحِدهَا رَزْن، قَالَ: وَيُقَال: الرَّزْن: المكانُ الصُّلْب فِيهِ طُمَأنينة يُمسِك المَاء؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيب فِي الرُّزُون:
حَتَّى إِذا جَزَرَتْ مِياهُ رُزُونِه
وبأيِّ حَزِّ مُلاوَةٍ يتقطَّعُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الرَّزْن: مكانٌ مُشرِف غليظ إِلَى جَنْبِه، وَيكون منفرِداً وحدَه، ويَقُودُ على وَجْه الأَرْض للدعوة حِجَارَة لَيْسَ فِيهَا من الطِّين شَيْء لَا ينْبت وظهرُه مُسْتوٍ؛ وَيُقَال: شيءٌ رزينٌ وقَدْ رَزَنْتُه بيَدِي: إِذا ثَقَلْته. وامرأةٌ رَزانٌ: إِذا كَانَت ذَات وقارٍ وعَفاف. ورجلٌ رَزِين؛ وَقد تَرزَّنَ الرجلُ فِي مجلِسه: إِذا توقَّر فِيهِ. وَيُقَال للكوَّة النافذة: الرَّوْزَن، وَأَحْسبهُ معرّباً وَهِي الرَّوازِن، تكلّمت بهَا الْعَرَب.
وتجمَع الرِّزن أَرْزاناً. قَالَ الأصمعيّ فِيمَا رَوَى عَنهُ ابنُ السكّيت: الأَرْزان جمع رِزْن، وأَنشَد لساعدة:
ظَلَّتْ صُوافِنَ بالأرْزانِ صادِيَةً
اللَّيْث: الأرزن: شجر تتَّخذ مِنْهُ عِصِيٌّ صلبة؛ وَأنْشد:
ونبعةٍ تَكْسِرُ صُلْبَ الأَرْزَنِ
زنر: أَبُو عَمْرو: الزَّنانِيرُ: الحَصَى الصِّغار.

(13/130)


وَقَالَ أَبُو زبيد:
تَحِنُّ لِلظِّمْءِ ممّا قد أَلمَّ بهَا
بالهَجْلِ مِنْهَا كأصوات الزنانِيرِ
وَقَالَ اللَّيْث: واحدُ زَنانير الحَصى: زُنَّيْرة وزُنّارَة. والزُّنّار: مَا يَلبَسُه الذِّمِّيُّ يَشُده على وَسَطه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: زَنَرْتُ القِرْبَةَ: إِذا ملأتَها، وزَمَرْتها مِثله.
قَالَ: وامرأةٌ مُزَنَّرَة: طويلةٌ عظيمةُ الْجِسْم.
وَفِي (النَّوَادِر) : زَنَّرَ فلانٌ عينَه إليّ: إِذا شَدَّ إِلَيْهِ النَّظَر.
(وَقَالَ اللّيث: الأَرْزَن: شجرٌ تُتَّخَذ مِنْهُ عِصِيٌّ صُلْبَة؛ وأَنْشَد:
ونَبْعَةٍ تَكْسِرُ صُلْبَ الأَرْزَنِ)
(رنز) : (والتَّنَزُّر: الانتسابُ إِلَى نِزارِ بنِ مَعد) . والرُّنْز لغةٌ فِي الرُّزّ.
زرف
زفر. زرف. فرز. فزر. رزف. رفز.
فرز: قَالَ أَبُو عُبيد: فرَزتُ الشيءَ: قسَمْتُه، وَكَذَلِكَ أَفْرَزْته والفريز: النَّصِيب. قَالَ شمر: سهمٌ مُفْرزٌ ومفروز: مَعْزُول؛ كتبتُه من نُسْخَة الأيادي. والفِرزِ: الْفَرد. وَفِي الحَدِيث: (من أَخذ شفعاً فَهُوَ لَهُ، وَمن أَخذ فِرزاً فَهُوَ لَهُ) ؛ هَذَا ذكره اللَّيْث. قلت: لَا أعرف الفِرز بِمَعْنى الفَرْد؛ إنّما الفِرْز مَا فُرِزَ من النَّصيب المَفْروز لصَاحبه، وَاحِدًا كَانَ أَو اثْنَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفَرْز: فُرْجَة بَين جَبَلين.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ مَوضِع مطمئنّ من رَبْوَتَيْن؛ وَقَالَ رؤبة:
كم جاوَزَتْ مِنْ حَدَبٍ وفَرْزِ
فزر: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الفِزْرُ من الضَّأْن: مَا بَين العَشَرَة إِلَى الْأَرْبَعين.
قَالَ شمر: الصّبة مَا بَين الْعشْر إِلَى الْأَرْبَعين من المعزى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفِزْرُ: ابْن البَبْر، وبنْتُه الفِزْرَة. قَالَ: أُنْثَاهُ الفَزارة، والبَبْرُ يُقَال لَهُ: الْهَدَبَّس. قَالَ أَبُو عمر: وأَنشدنا المبرّد:
وَلَقَد رأيتُ هَدَبَّساً وفَزارةً
والفِزْرُ يَتْبَعُ فِزْرَهُ كالضَّيْوَنِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: سألتُ أَبَا العبّاس عَن البيتِ فَلم يَعْرِفه، وَهَذِه الْحُرُوف ذَكَرها اللّيث فِي كِتَابه، وَهِي كلُّها صَحِيحَة.
أَقْرَأَنا المنذريُّ لأبي عُبَيد فِيمَا قَرَأَ عَلَى ابْن الْهَيْثَم، قَالَ ابْن الكلبيّ: من أمثالهم فِي ترك الشَّيْء: لَا أفعل ذَلِك مِعْزَى الفِزْر، قَالَ: والفِزْر هُوَ سعدُ بنُ زيد مناةَ

(13/131)


ابنِ تَمِيم. قَالَ: وَكَانَ وَافَى الموسمَ بمِعزَى فأنهَبَهَا هُنَاكَ، فتفرّقتْ فِي الْبِلَاد، فمعناهم فِي مِعْزَى الْفِزْرِ أَن يَقُولُوا: حَتَّى تَجتمعَ تِلْكَ، وَهِي لَا تَجتمِع الدَّهرَ كلَّه.
قَالَ ابنُ الكلبيّ: إنَّما سُمِّيَ الفِزْرُ لأنّه قَالَ: من أَخَذَ مِنْهَا وَاحِدَة فَهِيَ لَهُ، لَا يُؤخذ مِنْهَا فِزْر وَهُوَ الِاثْنَان.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَقَالَ أَبُو عُبيدة نحوَ هَذَا الحَدِيث، وإلاّ أنّه قَالَ: الفِزْر هُوَ الجَدْي نفسُه.
وَقَالَ المنذريّ: قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: لَا أعرِفُ قولَ ابْن الكلبيّ هَذَا.
قلتُ أَنا: وَمَا رأيتُ أحدا يَعْرِفه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الفَزْرُ: الفَسْخ والفَزَر: ريح الحَدَبة. وَيُقَال: فَزَرْتُ الجُلَّة وأَفْزَرْتها وفَزَّرتَها: إِذا فَتَّتَّها.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: رجلٌ أَفْزَر: هُوَ الّذي فِي ظَهْرِه عُجْرة عَظِيمَة.
شمر: الفَزْرُ: الكَسْر.
قَالَ: وَكنت بالبادية فرأيتُ قِباباً مَضْرُوبَة فَقلت لأعرابيّ: لِمَنْ هَذِه القِباب؟ فَقَالَ: لبني فَزارة فَزَرَ اللَّهُ ظهورَهم. فَقلت: مَا تَعني بِهِ؟ فَقَالَ: كَسَرَ الله.
وَقَالَ اللّيث: الفُزُور: الشُّقوق والصُّدوع. وتَفزَّرَ الثوبُ وتَفَزَّر الحائِطُ: إِذا تَشَقَّق.
قَالَ؛ والفِزْرُ: هَنَةٌ كنَبْخَةٍ تَخْرُج فِي مَغْرِز الفَخِذ دُوَيْنَ مُنتهَى الْعَانَة كغُدَّةٍ من قرحةٍ تخرج بِالْيَدِ أَو جِراحة.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الفازِر: الطريقُ تَعلُو النِّجَافَ والقُورَ فتَفْرِزُها كأنّها تَخُدُّ فِي رؤوسِها خُدُوداً، تَقول: أَخذْنا الفازِرَ، وأَخذنا فِي طريقٍ فازِر، وَهُوَ طريقٌ أَثَّرَ فِي رُؤُوس الْجبَال وفَقَرها. وَيُقَال: فَزَرْتُ أنفَ فلانٍ فزراً، أَي: ضَربته بِشَيْء فشققته، فَهُوَ مَفْزُورُ الأنْف.
وَفِي الحَدِيث: كَانَ سَعْدٌ مَفْزُورَ الأنْف.
وَقَالَ بعضُ أهلِ اللُّغة: الفَرْزُ قريبٌ من الفَزْرِ، تَقول: فَرَزْتُ الشيْءَ من الشيْء، أَي: فصلته. وتكلَّمَ فلانٌ بكلامٍ فارِزٍ، أَي: فَصَلَ بِهِ بَين أَمريْن. قَالَ: ولسانٌ فارِزٌ: بيِّنٌ فاصل، وأنشَد:
إنِّي إِذا مَا نَشَرَ المُنَاشِرُ
فرَّجَ عَن عِرْضِي لِسَانٌ فارِزُ
وَيُقَال: فرزت الشيءَ من الشَّيْء، وأفرزته لُغَتَانِ جيدتان جَاءَ بهما أَبُو عُبيد فِي بَاب فعلت وأفعلت بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: قَالَ القُشَيْرِيّ: يُقال للقُرْصَةِ: فِرْزَة، وَهِي النَّوْبَة.
وَقَالَ اللّيث: الفارِزة: طريقةٌ تَأْخُذ فِي رَمْلة فِي دَكادِكَ ليِّنة، كأنّها صَدْع من الأَرْض مُنقاد طويلٌ خِلْقَة؛ والفِرزانُ مَعْرُوف، فرزان الشّطرنج، وَجمعه فرازين.
زرف رزف: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: زَرَف يَزرِف زُرُوفاً، وزَرَف يَزرِف زَرِيفاً: إِذا دناه مِنْهُ، وَقَالَ لَبيد:

(13/132)


بالغُراباتِ فَزَرّا فاتِها
فبِخِنزِيرٍ فأطرافِ حُبَلْ
أَي: مَا دنا مِنْهَا.
قَالَ: وأزْرَفَ وأَزلَف: إِذا تَقدَّم. وأَزْرَف: إِذا اشتَرَى الزَّرافة. قَالَ: وَهِي الزُّرافة والزَّرافة، والفتحُ وَالتَّخْفِيف أفصَحُها.
وَقَالَ اللّيث: الزرافة: اشْتُرقا وبَلَنْق.
أَبُو عبيد عَن القَنانيّ: أتَوني بزَرّافتهم: يَعْنِي بجَماعتهم.
وَقَالَ: وغيرُه القَنانيّ مخفّف الزرافة، والتّخفيف أجوَد، وَلَا أحفَظُ التَّشْدِيد عَن غَيره.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَزْرَف وأرْزَف: إِذا تقدم.
وروى عَنهُ: رَزَفَ.
أَبُو العبّاس: زَرَفتُ إِلَيْهِ وأرَزَفْتُ: إِذا تقدّمت إِلَيْهِ، وأنشَد:
تُضَحِّي رُوَيْداً وتُمسِي زَرِيفَا
وَقَالَ أَبُو عبيد فِيمَا أَقْرَأَنِي الإياديّ لَهُ: رَزَفَتِ الناقةُ: أسرَعتْ. وأزْرَفْتها أَنا: أَخْبَيْتُها فِي السَّير. وَرَوَاهُ الصرّام عَن شمر: زَرَفَت وأزرَفْتُها، الزَّاي قبل الرَّاء.
وَقَالَ اللّيث: ناقةٌ زَرُوف: طويلةُ الرِّجلين واسعةُ الخَطْو. قَالَ: وأَزْرَف القومُ إزْرافاً: إِذا أُعجلوا فِي هزيمَة أَو نَحْوهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: زَرِف الجُرحُ يَزرَفُ زَرَفاناً: إِذا انتَقَض ونُكِس.
وَقَالَ غيرُه: خِمْسٌ مُزَرِّف: مُتْعِبٌ، وَقَالَ مُلَيْح:
يَسيرُ بهَا للقَومِ خِمْسٌ مُزَرِّف
زفر: قَالَ اللّيث: الزَّفْر والزَّفير: أَن يَملأ الرجلُ صَدرَه غَمّاً ثمَّ يَزْفِرُ بِهِ. والشَّهِيق: مَدُّ النَّفَس ثمَّ يَرْمِي بِهِ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله تَعَالَى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} (هود: 106) ، الزَّفير: أوّل نَهِيق الْحمار وشبهِه، والشَّهِيقُ آخرُه.
وَقَالَ الزّجاج: الزَّفِير من شَديد الأَنين وقَبيحِه. والشَّهِيق: الأنينُ الشديدُ الْمُرْتَفع جدّاً.
وَقَالَ اللّيث: المزفورُ من الدّوابُ: الشديدُ تلاحم المفَاصِل. وَتقول: مَا أشَدّ زَفْرَةَ هَذَا الْبَعِير، أَي: هُوَ مَزْفُور الحَلق.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقَال للفَرسِ: إِنَّه لعظيمُ الزُّفْرة، أَي: عظيمُ الْجوف، وَقَالَ الجَعْدِيّ:
خِيطَ على زَفْرَةٍ فتَمَّ وَلَمْ
يَرْجِع إِلَى دِقّةٍ وَلَا هَضَمِ
يَقُول: كأنَّه زافِرٌ أبدا من عظم جَوْفه، فكأنَّه زَفَرَ فَخِيطَ على ذَلِك.
وَقَالَ ابْن السكّيت فِي قَول الرّاعي يصف إبِلا:
حُوزيةٌ طُوِيَتْ على زَفَراتها
طَيَّ القَنَاطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا
فِيهِ قَولَانِ: أحدُهما: كأنّها زَفَرَتْ ثمَّ خَلِقتْ على ذَلِك، وَالْقَوْل الآخَر: الزَّفْرَة: الوَسَط، والقَناطِرُ الأزَج.
شمر: الزُّفَر من الرِّجال: القَوِيُّ على

(13/133)


الحمالاتِ، يُقَال: زفَر وازْدَفَرْ: إِذا حمل.
وَقَالَ الكُمَيت:
رِئابُ الصُّدوع غِياثُ المَضو
عِ لأمَتُكَ الزُّفَرُ النَّوْفَلُ
وَفِي الحَدِيث: أنّ امْرَأَة كَانَت تَزْفِر القِرَب يومَ خَيْبر تَسْقِي الناسَ، أَي: تَحمِل القِرب المملوءَة مَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الزِّفْر: القِرْبة. والزّافر: الّذي يُعِين على حَمْل القِرْبة، وأَنشَد:
يَا بنِ الّتي كَانَت زَمَانا فِي النَّعَمْ
تَحمِل زَفْراً وتَؤُولُ بالغَنَمْ
وَقَالَ آخر:
إِذا عَزَبوا فِي الشاءِ عَنّا رأَيتَهمْ
مَداليجَ بالأزْفارِ مِثْلَ العَواتِقِ
والزَّوافِر: الْإِمَاء اللّواتي يَزْفِرْن القِرَب.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: زافرةُ القومِ أنصارُهم.
سلَمَة عَن الفرّاء: جَاءَنَا فلَان وَمَعَهُ زافِرَتُه، يَعْنِي رَهْطَه وقومَه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: مَا دُونَ الرِّيش من السَّهم فَهُوَ الزّافرة، وَمَا دُون ذَلِك إِلَى وَسَطه فَهُوَ المَتْن.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: زافرةُ السهْم أَسفلُ من النِّصف بِقَلِيل إِلَى النَّصل.
أَبُو الْهَيْثَم: الزافرة الْكَاهِل وَمَا يَلِيهِ. وَزفر يزفر: إِذا استقى فَحمل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزِّفْر: السِّقاء الّذي يَحمِل الرَّاعِي فِيهِ ماءَه، وَيُقَال: للجَمَل الضَّخْم: زَفَر، وللأسَدَ: زُفَر، وللرّجل الجَواد: زُفَر.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي جُؤْجُؤ الفَرَس: المُزْدَفَر، وَهُوَ الْموضع الّذي يَزْفِر مِنْهُ، وأَنشَد:
ولَوْحُ ذِرَاعَيْنِ فِي برْكَةٍ
إِلَى جُؤجؤٍ حَسَنِ المُزْدَفَرْ
رفز: أهمَلَه اللَّيْث.
وقرأت فِي بعض الكُتب شعرًا لَا أَدرِي مَا صحّته:
وبلدة للدّاءُ فِيهَا غامِر
مَيْتٌ بهَا العِرْق الصحيحُ الرّافِزُ
هَكَذَا قيّده كاتبُه، وفسّره: رَفَزَ العِرْق إِذا ضَرَب. وَإِن عِرْقه لرَفّاز، أَي: نَبَّاض.
قلت: لَا أعرف الرَّفّاز بِمَعْنى النَّبّاض؛ ولعلّه راقِزٌ بِالْقَافِ بِمَعْنى راقِص.
ز ر ب
ز ر ب زبر برز ربز بزر رزب: مستعملات.
بزر: قَالَ اللَّيْث: البَزْر: كلُّ حَب يُنثَر للنَّبات، تَقول: بزَرْتُه وبَذَرتُه.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: بَزرْتهُ بالعَصَا بَزْراً: إِذا ضَربتَه بهَا.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال للعَصَا: البَيْزارةُ والقَصيدةُ.
وَقَالَ اللّيث: المبْزَرُ: مِثلُ خَشَبة القَصّارِين

(13/134)


تُبزَر بِهِ الثّياب فِي المَاء.
قَالَ: والبَيْزارُ: الّذي يَحمِل البازيّ.
قلتُ: وغيرُه يَقُول: البازِيار، وكلاهُمَا دخيل. والبُزُور: الحُبُوب الّتي فِيهَا صِغَر، مثل حُبُوب البَقْل وَمَا أَشبَهها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المبْزورُ: الرجلُ الكثيرُ الوَلَدِ، يُقَال: مَا أكثَر بَزْرَه، أَي: وَلَده. وعزَّةٌ بَزَرَى: ذاتُ عَدَد كثير وأنشدَ:
أَبَتْ لي عِزّةٌ بَزَرَى بزوخ
إِذا مَا رامَها عِزٌّ يَدُوخُ
قَالَ: بَزَرَى عددٌ كثير، وأَنشَد:
قد لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذَا لُهًى
وعَدَداً فَخْماً وعِزّاً بَزَرَى
قَالَ: والبَزَرى لَقب لبني أبي بكر بن كلاب، وتبزَّر الرجلُ: إِذا انْتَمَى إِلَيْهِم. وَقَالَ القَتّال الكِلابيّ:
إِذا مَا تَجَعْفَرتُمْ علينا فإنّنا
بَنُو البَزَرَى من عِزّةٍ تَتَبزّرُ
قَالَ: والبَزْراء: المرأةُ الكثيرةُ الوَلَد. والزَّبْراءُ: الصُّلْبة على السَّير.
والبَزْر: المُخاط. والبَزْرُ: الأَوْلاد.
زبر: قَالَ اللَّيْث: الزَّبْر: طيُّ البِئْر، تَقول: زَبَرْتُها، أَي: طَوَيتُها.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا لم يكن للرجل رأيٌ قيل: مَا لَه زَبْر وجُولٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَّبْرُ: الصَّبْر، يُقَال: مَا لَه صَبْرٌ وَلَا زَبْر.
وأخبَرَني المُنذِريّ عَن أبي الهَيْثَم يُقَال للرجل الّذي لَا عَقَل لَهُ وَلَا رَأْي لَهُ زَبْرَ وجُول وَلَا زبْرَ لَهُ وَلَا جُول.
قَالَ: وأصلُ الزَّبْر طَيُّ الْبِئْر إِذا طُوِيت تماسكتْ واستَحكمتْ.
قَالَ: والزَّبْر: الزَّجْر، لأنّ من زَبَرْتَه عَن الغَيّ فقد أحكَمْتَه، كزَبْر البِئْر بالطَّي.
قَالَ: وأخبَرَني الحَرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: زَبَرْتُ الكتابَ وذَبَرْتُه: إِذا كتَبْتَه.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: زَبَرْتُ الكتابَ: كتبتُه، وذَبَرْتُه: قَرأْتُه.
وَقَالَ أعرابيّ: إِنِّي لأعرِف تَزْبِرَتي، أَي: كتابتي.
وَقَالَ اللّيث: الزَّبُور: الْكتاب، وكلُّ كتابِ زَبُور، وَقَالَ الله جَلَّ وعزّ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ} (الْأَنْبِيَاء: 105) .
ورُوِي عَن أبي هُرَيرة أنّه قَالَ: الزَّبور: مَا أُنزِل على دَاوُد {مِن بَعْدِ الذِّكْرِ} من بَعْدَ التَّوْرَاة.
وَقَرَأَ سَعِيد بنُ جُبَير: (وَلَقَد كتبنَا فِي الزُّبور) بِضَم الزَّاي.
وَقَالَ: الزُبُور: التّوراة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن.
قَالَ: والذِّكر: الّذي فِي السَّمَاء.
وَقيل: الزَّبور فَعولٌ بِمَعْنى مفعول، كَأَنَّهُ زُبِر، أَي: كُتِب.

(13/135)


وَقَالَ ابْن كناسَة: من كواكب الأسَد: الخراتانِ، وهما كوكبان بَينهمَا قَدْرُ سَوْط، وهما كَتفًا الْأسد، وهما زُبْرةُ الْأسد، وَهِي كلُّها يَمَانِية، وأصلُ الزُّبرة: الشَّعر الَّذِي بَين كتفَي الْأسد.
وَقَالَ اللَّيْث: الزُّبْرةُ: شعْرٌ مجتمعٌ على مَوضِع الْكَاهِل من الْأسد، وَفِي مِرْفَقَيْهِ، وكلُّ شعر يكون كَذَلِك مجتمعاً فَهُوَ زُبْره.
قَالَ: وزُبْرَة الْحَدِيد: قطعةٌ ضخمةٌ مِنْهُ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {فَتَقَطَّعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً} (الْمُؤْمِنُونَ: 53) ، من قَرَأَ بِفَتْح الْبَاء أَرَادَ قِطعاً، مثل قَوْله: {ءَاتُونِى زُبَرَ الْحَدِيدِ} (الْكَهْف: 96) .
قَالَ: وَالْمعْنَى فِي زُبُر وزُبَر وَاحِد، وَالله أعلم.
وَقَالَ الزّجّاج: وَمن قَرَأَ زُبُراً أَرَادَ كُتُباً، جمع زبور وَمن قَرَأَ زُبَراً، أَرَادَ قِطَعاً، جمع زُبْرة، وَإِنَّمَا أَرَادَ تفرَّقوا فِي دينهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الأزْبَرُ: الضخمُ زُبْرة الْكَاهِل، وَالْأُنْثَى زَبْرَاء، وَكَانَ للأحنف خادمٌ تسمَّى زَبْرَاء، فَكَانَت إِذا غضِبتْ قَالَ الْأَحْنَف: هاجتْ زَبْرَاء، فذهبَتْ مثلا حَتَّى قيل لكل من هاج غضبُه: هَاجَتْ زَبْرَاؤُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ زِئْبِر الثَّوب. وَقد قيل: زِئْبُرُ بِضَم الْبَاء، وَلَا يُقَال زِئْبَر وَقد زأْبَرَ الثّوبُ فَهُوَ مُزَأْبَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الزِّئبُرُ بِضَم الْبَاء زِئْبرْ الخزِّ والقَطيفة وَالثَّوْب وَنَحْوه؛ وَمِنْه اشتُق ازبِئْرَار الهِرِّ: إِذا وفَى شَعرُه وكَثُرْ، وَقَالَ المرَّار:
فهْوَ وَرْدُ اللّون فِي ازْبِئْرَارِه
وكُمَيْتُ اللَّوْنِ مَا لم يَزْبَئِرّ
أَبُو زيد: ازبأَرَّ الوبَر والنبات: إِذا نَبَتَ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الزِّبِرُّ من الرِّجَال: الشَّديد.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الفَقْعَسِيّ:
أكون ثَمّ أسداً زِبِرّا
وزُبْرة الأسَد: منزلٌ من منَازِل القَمر، وَقد مَرَّ تَفْسِيره.
سَلمة عَن الفرّاء: الزَّبير: الدّاهية. والزّبير: الحمأَة. وأَنشد:
تُلاقي من آلِ الزُّبيْرِ الزَّبِيرَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ازْبَرَّ الرجلُ: إِذا عَظمَ جسمُه، وازْبَر: إِذا شَجُع.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أَخذ الشَّيْء بزَغْبَرِه: إِذا أَخذه كُله، فَلم يدعْ مِنْهُ شَيْئا، وَكَذَلِكَ أخذَه بزَوْبَرِه وبزأبره.
وَقَالَ ابْن حبيب: الزَّوْبر: الداهية فِي قَول الفَرَزْدَق:
إِذا قَالَ غاوٍ من مَعَدَ قصيدةً
بهَا جَرَبٌ قَامَت عليَّ بَزَوْبَرَا
أَي: قَامَت عليَّ بداهيَة.
وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ: أَنها تُنسَب إليَّ كلُّها وَلم أَقُلْها.

(13/136)


ربز: روَى شَمر فِي كِتَابه حَدِيثا لعبد الله بن بُسْر أَنه قَالَ: جاءَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى دَاري فوضعْنا لَهُ قطيفةً رَبيزَةً.
قَالَ شمر: حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد عَن المظفّر أَنه قَالَ: كَبْشٌ ربيز، أَي: ضخم، وَقد رَبُزَ كَبْشُكَ ربازةً، أَي: ضَخْم. وَقد أَرْبَزْته أَنا إرْبازاً.
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عَدْنان: الرَّبيز: الرجلُ الظريف الْكيس.
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّبيز والزَّميز من الرِّجَال: الْعَاقِل الثّخين. وَقد رَبُزَ ربازَة، ورَمُز رمازةً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ رَبيز ورَمِيز: إِذا كَانَ كثيرا فِي فنِّه، وَهُوَ مُرْتَبزٌ ومُرْتمز.
زرب رزب: أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: الزُّرِيبةُ: حظيرةٌ من خَشب تُعمل للغنم، يُقَال مِنْهُ: زَرَبْتُها أَزْرُبُها زَرْباً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزَّرْبُ: المَدْخَل، وَمِنْه زَرْبُ الغَنَم.
وَقَالَ غَيره: انْزَرَب فِي الزَّرْب انْزِراباً: إِذا دَخَل فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزِّرْب: مَسِيل المَاء. والزَّرْبُ: الحَظِيرة.
قَالَ: وزَرِب الماءُ وسَرِب: إِذا سالَ.
وَقَالَ ابْن السَكّيت: زَرِيبةُ السَّبع: موضعهُ الّذي يَكتنُّ فِيهِ.
وَقَالَ الليْث: الزَّرِبُ: موضعُ الغَنَم، يسمَّى زَرْباً وزَرِيبة.
قَالَ: والزَّرْبُ: قُتْرة الرّامي، قَالَ رُؤبةُ:
فِي الزَّرْب لَو يَمضَغُ شَرْباً مَا بَصَقْ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} (الغاشية: 16) ، الزَّرابيّ: البُسُطُ واحدتُها زَرْبِيَّة.
وَقَالَ الفرّاء: هِيَ الطَّنافِس لَهَا خَمْل رَقيق.
وأخبَرَني ابْن رزين عَن محمّد بنِ عَمْرو عَن الشاه المؤرّج أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} قَالَ: زَرابيّ النَّبت إِذا اصفَرَّ واحمَرَّ وَفِيه خُضْرة وَقد ازْرَبَّ، فلمّا رأَوا الألْوان فِي البُسُط والفُرُش والقُطُف شَبَّهوها بزَرابيِّ النَّبْت، وَكَذَلِكَ العَبْقَرِيّ من الثِّياب والفُرُش.
وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: ويل للْعَرَب من شَرّ اقْترب. ويل للزَّرْبيّة. قيل: وَمَا الزربيّة؟ قَالَ: الَّذين يدْخلُونَ على الْأُمَرَاء، فَإِذا قَالُوا شرا أَو قَالُوا شَيْئا قَالُوا صَدَقَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزِّرْيابُ: الذَّهب.
والزِّريابُ: الأصفَر من كل شَيْء. قَالَ: وَيُقَال للمِيزابِ: المِزْرابُ والمِرْزابُ. وَقَالَ اللّيث: المِرْزابُ لُغَة المِيزابُ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هُوَ المِيزَابُ، وجمعُه المَآزِيب وَلَا يُقَال المِزْرَاب وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء وَأَبُو حَاتِم.
وَقَالَ اللّيث: المِرْزَابَة: شِبه عُصَيَّةٍ من

(13/137)


حَديد، والإرْزَبَّة لغةٌ فِيهَا إِذا قالوها بِالْمِيم خفّفوا الْبَاء، وأَنشَدَ:
ضَرْبك بالمِرْزَبَة العُودَ النَّخِرْ
قلتُ: وَنَحْو ذَلِك رَوى أَبُو عبيد عَن الفرّاء.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابنُ السكّيت مثله فِي المرزبة والإرزبة. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: رجلٌ أرْزَبٌّ: إِذا كَانَ قَصِيرا غليظاً.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ أرْزَبٌّ: كَبِير، ورجلٌ قِرْشَبٌّ: سَيّءُ الْحَال.
وَقَالَ أَيْضا: الإرْزَبُّ: العظيمُ الجِسم الأحمقُ، وأَنشَد الأصمعيّ:
كَزُّ المُحَيَّا أُنَّحٌ أرْزَبُّ
برز: فِي حَدِيث أمّ مَعبد الخُزاعية: أَنَّهَا كَانَت امْرَأَة بَرزَة تَختبىء بِفنَاء قُبتها.
قَالَ أَبُو عُبيد: البَرْزَةُ من النِّساء: الجليلةُ الَّتِي تظهَر للنَّاس وَيجْلس إِلَيْهَا القومُ.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرِيّ: البرزةُ من النِّسَاء الَّتِي ليستْ بالمُتزايلة وَلَا المُحْزَمِّقة.
قَالَ: والمتزايلة: الَّتِي تُزايلك بوجهها تستُره عَنْك وتنكَبُّ إِلَى الأَرْض.
قَالَ: والمحْزَمِّقة: الَّتِي لَا تَتَكَلَّم إِذا كُلِّمت.
اللَّيْث: رجلٌ بَرْز طاهرُ الْخُلُق عفيف.
وامرأةٌ برْزة: موثوقٌ برأيها وعفافِها، وَقَالَ العجاج:
بَرْزٌ وذُو العفافة البَرْزِيُّ
وَيُقَال: برزٌ، أَي: هُوَ منكشف الشَّأْن ظَاهره.
قَالَ: والبَرازُ: المكانُ الفضاء من الأَرْض البعيدُ الْوَاسِع، وَإِذا خرج الإنسانُ إِلَى ذَلِك الْموضع قيل: قد برَز. وَإِذا تسابقت الخيلُ قيل لسابقها: قد برَّز عَلَيْهَا، وَإِذا قيل مخفَّف فَمَعْنَاه ظهرَ بعدَ الخفاء، وَإِنَّمَا قيل فِي التَغوُّط: تَبرَّز فلانٌ كِنَايَة أَي خرج إِلَى بَرازٍ من الأَرْض.
والمبارزة: الْحَرْب. والبِرازُ: أُخذ من هَذَا، تبارزَ القِرْنان.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبرز الرجلُ: إِذا عزم على السَّفر.
وبرزَ: إِذْ ظهر بعد خموله. وبرز: إِذا خرج إِلَى البِراز وَهُوَ الْغَائِط.
وَقَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: {وَتَرَى الاَْرْضَ بَارِزَةً} (الْكَهْف: 47) ، أَي: ظَاهِرَة بِلَا جبل وَلَا تلّ وَلَا رمل.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المبْرُوز من أبرَزْت، قَالَ لبيد:
أَو مُذْهَبٌ جَدَدٌ على ألواحه
الناطقُ المَبروزُ والمختومُ
وَقَالَ ابْن هانىء: أبرزتُ الكتابَ: أخرجته، فَهُوَ مَبْروز.
وَقد أعطَوْه كتابا مَبْروزاً، وَهُوَ المنْشور، وَقد برزته برزاً.

(13/138)


وَقَالَ الفرّاء: إنّما أَجَازُوا المَبْرُوزَ وَهُوَ من أَبرَزْت لِأَن يَبرُز لَفظه وَاحِد من الْفِعْلَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي بَيت لَبيد إِنَّمَا هُوَ:
النّاطقُ المُبْرَزُ
مُزاحَف، فغيّره الرُّواة فِراراً من الزِّحاف.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإبرِيزُ: الحَلْيُ الصافي من الذَّهَب، وأَبرَزَ إِذا اتَّخَذ الإبْرِيزَ.
وَعَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله ليُجرّب أحدَكم بالبلاءَ كَمَا يُجرّب أحدُكم ذهبَه بالنَّار فَمِنْهُ مَا يخرج كالذهب الإبريز، فَذَلِك الَّذِي نجاه الله من السَّيِّئَات. وَمِنْهُم من يخرج من الذَّهَب دُون ذَلِك، وَهُوَ الَّذِي يشك بعض الشَّك، وَمِنْهُم من يخرج كالذهب الأموه، فَذَلِك الَّذِي أُفْتِن) . قَالَ شمر: الإبريز من الذَّهَب: الْخَالِص، وَهُوَ الإبرزي والعِقيانُ والعسجدُ. وَقَالَ النَّابِغَة:
مزيّنة بالإبرزي وُجُوهًا بأرضع
الثّدي والمُرْشفاتِ الحواضِنِ
ز ر م
رمز زرم زمَز رزم مرز مزر: مستعملات.
زرم: فِي الحَدِيث: (أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتِي بالحَسَن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فوُضع فِي حِجْره فبَال عَلَيْهِ، فأُخذ فَقَالَ: لَا تُزْرِموا ابْني، ثمَّ دَعَا بماءٍ فصَبّه عَلَيْهِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الإزرامُ: الْقطع، يُقَال للرجل إِذا قطع بَوْله: قد أزرمْتَ بَوْلَك. وأَزرمه غيرُه، أَي: قطعه. وزَرِمَ الْبَوْل نَفسه إِذا انْقَطع. وَقَالَ عَدِيّ بن زيد:
أَو كَمَاء لثمودَ بعد جمام
زرِم الدَّمعِ لَا يَئُوب نزورَا
قَالَ: فالزَّرِم الْقَلِيل الْمُنْقَطع.
قَالَ اللَّيْث: الزَّرم من السَّنانير وَالْكلاب: مَا يبْقى جَعْرُه فِي دُبُرِه، وَالْفِعْل مِنْهُ زَرِم، وَكَذَلِكَ السِّنَّوْرُ يُسمى أزْرم.
وَيُقَال: زرمَ البيعُ: إِذا انْقَطع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ زرِم: وَهُوَ الذَّليل القليلُ الرَّهْط، قَالَ الأخطل:
لَوْلَا بلاءُكُم فِي غيرِ واحدةٍ
إِذا لقُمْتُ مقامَ الْخَائِف الزَّرِم
أَبُو عَمْرو: الزرمُ: النَّاقة الَّتِي يَقع بولها قَلِيلا قَلِيلا، يُقَال لَهَا إِذا فعلت ذَلِك: قد أوزغت وأوسغت وشلشلت وأنعصت وأزرمت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الزَّرم: الْمضيق عَلَيْهِ.

(13/139)


أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: المزْرَئِمُّ: المنقبض، الزايُ قبلَ الرَّاء.
قَالَ أَبُو عبيد: والمرْزَئِمُّ: المقشعِرُّ الْمُجْتَمع الرَّاء قبل الزَّاي.
قلت: الصَّوَاب: (المزرئم) الزَّاي قبل الرَّاء: كَذَا رَوَاهُ ابْن جعلة. شكّ أَبُو بكر فِي (المقشعر الْمُجْتَمع) أَنه مزرئم أَو مزدنم.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : ارزَأَمَّ الرجلُ فَهُوَ مُرْزَئِمٌّ: إِذا غضب.
وَقَالَ الأصمعيّ: المُرْمَئزُّ: اللازمُ مكانَه لَا يَبرَح.
رزم: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الرّازمُ: البعيرُ الّذي لَا يتحرّك هُزالاً، وَقد رَزَم يَرْزُم رُزاماً. والرازِخُ نحوَه.
قَالَ: وَيُقَال: أرْزَمَت الناقةُ أرْزاماً: وَهُوَ صوتٌ تُخرِجه من حَلْقها، لَا تَفتَح بِهِ فاها، وَالِاسْم مِنْهُ الرَّزمة، وَذَلِكَ على ولدِها حِين ترْأَمُه، والحَنينُ أشدُّ من الرَّزَمة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والإرزام: صوتُ الرّعد، وأنشَد:
وعَشِيّةٍ مُتجاوِبٍ إرْزامُها
شَبّه رَزَمة الرّعد برزَمة النَّاقة.
اللّيث: الرِّزْمةُ من الثِّيَاب: مَا شُدَّ فِي ثوبٍ وَاحِد، يُقَال: رَزَّمْت الثيابَ تَرْزيماً.
ورُوِي عَنْ عمرَ أنّه قَالَ: إِذا أَكلْتم فرازِمُوا.
رُوِي عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: المُرازَمة فِي الطّعام المعاقَبة، يَأْكُل يَوْمًا لَحماً، وَيَوْما عَسَلاً، وَيَوْما لَبَناً، وَمَا أشبَه ذَلِك لَا يُداوِم على شَيْء وَاحِد. وأصلُه فِي الْإِبِل إِذا رَعَت مرّة حَمْضاً، ومَرّة خُلّة فقد رازمَتْ.
وَقَالَ الرَّاعِي يُخَاطب ناقتَه:
كلِي الحَمْضَ عامَ المُقْحِمين ورازِمِي
إِلَى قابِلٍ ثمَّ اعذِرِي بعدَ قابِلِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه سُئِلَ عَن قَوْله: إِذا أكلْتُم فرازِمُوا، فَقَالَ مَعْنَاهُ: اخلِطوا الأكلَ بالشُّكْر، وَقُولُوا بَين اللُّقَم: الْحَمد لله.
وَقيل: المُرازَمة: أَن تَأْكُل اللّين واليابس، والحلوَ والحامضَ، والجَشَب والمأدوم، فكأنّه قَالَ: كلوا سائغاً مَعَ جَشِب غير سَائِغ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: رازَمَ القومُ دارَهمْ: إِذا أَطالوا المُقامَ بهَا.
ابْن الْأَنْبَارِي: الرِّزْمة مَعْنَاهَا فِي كَلَام الْعَرَب: الَّتِي فِيهَا ضروب من ثِيَاب وأخلاط.
قَوْلهم: رازم فِي أكله: إِذا خلط بَعْضًا بِبَعْض.
وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه أعْطى رجلا ثَلَاث جزائر وَجعل غَرَائِر عَلَيْهِنَّ

(13/140)


فِيهِنَّ رزم من دَقِيق.
قَالَ شمر: الرِّزمة: قدر ثلث الغرارة أَو ربعهَا من تمر أَو دَقِيق.
قَالَ: وَقَالَ زيد بن كَثوة: القوْسُ قدر ربع الجُلة من الثَّمر. قَالَ: وَمثلهَا الرِّزمة.
والمِرْزَمان من النّجوم. قَالَ ابْن كُناسَة: هما نَجْمان وهما مَعَ الشِّعْرَيَيْن، فالذّراعُ المقبوضة هِيَ إحْدَى المِرْزَمَين ونظم الجَوْزاء هِيَ أحدُ الْمِرزَمَين ونظمهما كواكب مَعَهُمَا فهما مِرْزَما الشِّعْرَيَين، والشِّعْرَيان نَجْماهُما اللّذان مَعَهُمَا الذِّراعان يكونَانِ مَعَهُمَا.
من أَسمَاء الشمَال: أم مِرزم، مَأْخُوذ مِنْ رزمت النَّاقة وَهُوَ جَنِينهَا إِلَى وَلَدهَا.
قَالَ صَخْر الْهُذلِيّ:
كَأَنِّي أراء بالحلاءة شاتياً
تقشر أَعلَى أَنفه أم مرزم
وَيُقَال للأسد: رزم: إِذا برك على فريسته.
وَقَالَ اللّحياني: رَزَم الشِّتاءُ رَزْمةً شَديدة. إِذا برد، فَهُوَ رازِمٌ، وَبِه سُمِّي نَوْءُ المِرْزَم.
قَالَ: ورَزَم الرجُل على قِرْنه: إِذا نَزَل عَلَيْهِ. والأسدُ يُدعَى رُزَماً، لأنّه يَرزُم على فَرسته. قَالَ: ورزَّمَ القومُ ترْزيماً: إِذا ضربوا بأنفسِهم الأَرْضَ لَا يَبرَحون.
وَقَالَ أَبُو المثلَّم الْهُذلِيّ:
مَصَالِيتُ فِي يَوْم الهِياجِ مَطاعِمٌ
مَطاعِينُ فِي جَنْبِ الفِئامِ المُرَزِّمِ
قَالَ: والمرزّم: الحذِر الَّذِي قد جرّب الْأَشْيَاء يترزّم فِي الْأُمُور لَا يثبت على أَمر وَاحِد لِأَنَّهُ حَذِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّزَمة والرَّزْمَة: الصوتُ الشَّديد.
رمز: قَالَ الله جلَّ وعزّ فِي قصّة زَكَرِيَّاء: {ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} (آل عمرَان: 41) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى الرَّمْز: تحريكُ الشَّفَتين بِاللَّفْظِ من غير إبانة بصَوْت، إِنَّمَا هُوَ إِشَارَة بالشَّفَتَين. وَقد قيل: إِن الرَّمْز إشارةٌ بالعَيْنين والحاجبَيْن والفَم.
والرَّمْزُ فِي اللّغة: كلُّ مَا أَشرْتَ إِلَيْهِ مِمَّا يُبان بِلَفْظ بأيّ شَيْء أشرتَ إِلَيْهِ بيَدٍ أَو بعَيْن.
قَالَ: والرَّمْزُ والترمُّز فِي اللّغة: الحَرَكة والتحرُّك.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّمازة من أَسمَاء الفنفعة، وَالْفِعْل ترمز. وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ الغمازة بِعَينهَا: رمّازة، أَي: ترمز بفيها وتغمز بِعَينهَا.
وَقَالَ الأخطل: فِي الرَّمّازة من النِّساء، وَهِي الْفَاجِرَة:
أحاديثُ سَدّاها ابنُ حَدْراء فَرْقَد
ورَمّازةٍ مالَت لمن يستَمِيلُها

(13/141)


وَقَالَ شمر: الرَّمّازة هَهُنَا: الْفَاجِرَة الّتي لَا تَرُدُ يَدَ لامِس.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: كَتِيبة رَمّازة: إِذا كَانَت تَمُوجُ من نَواحيها.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: رَمَزَ فلانٌ غَنَمَهُ: إِذا لم يَرْضَ رِعْيَةَ الرَّاعِي فحوَّلَها إِلَى راعٍ آخَر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التُّرامِزُ: الشَّديد القويّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جملٌ تُرامِز: إِذا أَسَنَّ، فتُرى هامَتُه ترمّزُ إِذا اعتَلَفَ، وأَنشَد:
إِذا أردتَ السَّيرَ فِي المَفاوِزِ
فاعمِدْ لَهَا لبازِلٍ تُرامِزِ
قَالَ: وارتَمَزَ رأسُه: إِذا تحرّك، وَقَالَ أَبُو النّجم:
شمّ الذُّرَى مُرْتمِزاتُ الهامِ
وَقَالَ اللحياني: رجلٌ رَمِيزُ الرَّأْي ورَزِينُ الرّأي، أَي: جيّد الرَّأْي.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: مَا ارْمأَزّ فلَان من ذَاك، أَي: مَا تحرَّك.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المُرْمَئِزُّ: اللَّازِم مكانَه لَا يَبرَح.
وَأنْشد ابْن الْأَنْبَارِي:
يُدلج بعد الْجهد والترميز
إراحة الجِدابة النَّفوز
قَالَ: الترميز من رَمزت الشَّاة إِذا هُزلت. ثمَّ ذكر قَول ابْن الْأَعرَابِي.
زمر: قَالَ اللَّيْث: الزَّمْر بالمِزْمار، وفِعلُه زَمَر يَزْمر زَمْراً.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: يُقَال للّذي يُغنِّي الزامر والزَّمّار؛ وَيُقَال: زَمَّرَ إِذا غَنَّى، وَيُقَال للقَصَبة الّتي يُزْمَرُ بهَا: زَمّارة، كَمَا يُقَال للْأَرْض الَّتِي يُزْرَع فِيهَا زَرَّاعة.
قَالَ: وَقَالَ فلَان لرجلٍ: يابنَ الزَّمّارة، يَعْنِي المُغنِّية.
ورَوَى مُحَمَّد بنُ سِيرِينَ عَن أبي هُريرة أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَنْ كَسْب الزَّمّارة.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الحجّاج: الزَّمارة: الزَّانِيَة.
قَالَ: وَقَالَ غيرُه: إِنَّمَا هِيَ الرّمّازة، وَهِي الّتي تومِىءُ بشفَتَيها أَو بعَيْنَيها.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَهِي الزّمْارة كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث.
وَقَالَ القُتَيْبيّ فِيمَا يرُدّ على أبي عبيد: الصوابُ الرمّازة، لأنّ من شَأَن البَغيِّ أَن ترمزَ بعَيْنَيْها وحاجِبَيْها، وأنشَد فِي صفة البَغايَا:
يُومِضْنَ بالأعْيُن والحَواجبِ
إيماضَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناضِبِ
قلت: وَقَول أبي عبيد عِنْدِي الصّواب.
وَسُئِلَ أَبُو العبّاس عَن معنى الحَدِيث: أنَّه نَهَى عَن كَسْب الزّمّارة، فَقَالَ: الحرفُ صَحِيح، زَمارة ورمَّازة، وَقَالَ: ورَمّازة ههانا خطأ.

(13/142)


قَالَ: والزَّمارة: البَغِيُّ الحَسْناء، وَإِنَّمَا كَانَ الزِّنا مَعَ المِلاح لَا مَعَ القِباح. قَالَ: وأنشَدَنا ابْن الأعرابيّ:
دَنّان حَنّانانِ بَينهمَا
صَوْتٌ أَجَشُّ غِناؤُه زَمِرُ
أَي: غناؤُه حَسَن.
وَمِنْه قيل للْمَرْأَة الْمُغنيَة: زمّارة؛ وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع قِرَاءَة أبي مُوسَى: (أَنه أُوتِيَ مِزْمَارًا من مَزَامِير آل دَاوُد) أَي: أُوتِيَ صَوتا حسنا كَأَنَّهُ صَوت دَاوُد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمرو: والزَّميرُ: الحَسَن من الرّجال، والزَّوْمَرُ: الْغُلَام الجميلُ الْوَجْه.
قلتُ: للزَّمارة فِي تَفْسِير مَا جَاءَ فِي الحَدِيث وَجْهَان: أحدُهما أَن يكون النَّهيُ عَن كَسْب المغنِّية.
كَمَا رَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ، أَو يكون النَّهيُ عَن كَسْب البَغِيّ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيد وَأحمد بن يحيى، وَإِذا رَوَى الثِّقاتُ حَدِيثاً بلفظٍ لَهُ مَخرَج فِي العربيّة لم يَجُز رَدُّه عَلَيْهِم، واختراعُ لفظ لَم يُرْوَ، أَلاَ تَرى أنّ أَبَا عُبيد وَأَبا العبّاس لمّا وَجَدا لِما قَالَ الحجّاج مَذهباً فِي اللّغة لَم يَعْدُواه، وعَجل القُتيبيُّ فَلم يتثبت ففسّر لفظا لَم يَرْوِه الثِّقات، وَقد عَثرتُ على حُرُوف كثيرةٍ رَواها الثِّقات بألفاظٍ كَثِيرَة حفِظوها، فغَيَّرها مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بهَا وَهِي صَحِيحَة، وَالله يوفِّقنا لقَصْد الصّواب.
وَقَالَ اللّيث: الزُّمْرَة: فَوْجٌ من النّاس.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الزِّمَارُ: صَوتُ النَّعامة، وَقد زَمَرَتْ تَزْمِرُ زِماراً. وشاةٌ زَمِرةٌ: قليلةُ الصُّوف، ورجلٌ زَمِرُ الْمُرُوءَة.
سَلمَة عَن الفرّاء: زَمَّر الرجلُ قِرْبتَه وزَنَرها: إِذا مَلأَها.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزَّمّارةُ: الساجُور.
وكَتَب الحَجّاج إِلَى بعض عُمّاله أَن ابعثْ إليّ فلَانا مُسمَّعاً مُزَمَّراً، فالمسَمَّع: المقيَّد، والمُزَمَّرُ: المُسَوْجَر.
وَأنْشد:
ولي مُسمِعانِ وزَمّارَةٌ
وظِلٌّ ظَلِيل وحِصْنٌ أمَقّ
والمُسمِع: القَيْد. والزمّارة: الغُلّ. وَأَرَادَ بالحِصْنِ الأمَقّ: السِّجْن.
مزر: قَالَ أَبُو عبيد: المَزِيرُ: الشّديدُ القَلْب؛ حَكَاهُ عَن الأصمعيّ.
وَقَالَ شمر: المَزِيرُ: الظَّرِيف، قَالَه الفرّاء، وأَنشَد:
فَلَا تَذْهَبن عَيناكَ فِي كلِّ شَرْمَحٍ
طوالٍ فإنّ الأقْصَرِينَ أَمازِرُه
أَرَادَ أمازِر مَا ذكرنَا، وهم جمعُ الأمْزَر ورُوِي عَن أبي الْعَالِيَة أنّه قَالَ: اشرَبِ النّبِيذَ وَلَا تمَزِّر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: مَعْنَاهُ: اشربْه كَمَا تَشْرَب

(13/143)


الماءَ، وَلَا تَشربه قَدَحاً بعد آخر، وأَنشَدَنا الأمويّ:
تَكونُ بَعْدَ الْحَسْوِ والتَّمَزُّرِ
فِي فَمِه مِثلَ عَصير السكرِ
قَالَ: والتَّمَزُّرُ: شُرْبُ المَاء قَلِيلا قَلِيلا، بالراء، ومثلُه التمزُّز وَهُوَ أقل من التمزر.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المزْرُ: نَبِيذ الذُّرَة والشَّعير.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَزَّر قِرْبَته تمْزِيراً، ومَزَرها مَزْراً: إِذا مَلأَها فَلم يَترُك فِيهَا أَمْناً. وَأنْشد شمر:
فَشرب الْقَوْم وأبقوا سورا
ومزروا وطابها تمزيرا
مرز: فِي حَدِيث عُمَر: أنّه أَرَادَ أَن يَشهَد جَنازة رجل فمَرَزه حُذَيفَة، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَكُفّه عَن الصّلاة عَلَيْهَا، لِأَن الميّت كَانَ عِنْده مُنافِقاً.
قَالَ أَبُو عُبيد: المَرْزُ: القَرْصُ بأَطْراف الْأَصَابِع، وَقد مَرَزْته أَمْرُزه: إِذا قَرصْتَه قَرْصاً رَقِيقا لَيْسَ بالأظفار. وَيُقَال: أُمْرُزْ لي من هَذَا العَجِين مِرْزةً، أَي: اقطَعْ لي مِنْهُ قِطعة، حَكَاهُ عَن الْفراء.
قَالَ: والمَرْزُ: العَيْب والشَّيْن.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: عِرْضٌ مَرِيز، ومُمترَزٌ مِنْهُ، أَي: قد نِيلَ مِنْهُ. وَإِذا نِلتَ من مالِه. قلتَ: قد امترَزْتُ مِنْهُ مَرْزةً.

(بَاب الزَّاي وَاللَّام)
ز ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لزن نزل.
لزن: أَبُو عُبَيد: اللّزن: الشِّدّة.
قَالَ الأعشَى:
فِي ليلةٍ هيَ إحْدَى اللَّزَنْ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: اللَّزْنُ: جمعُ لَزْنة، وَهِي السَّنة الشَّدِيدَة.
قَالَ: وليلةٌ لَزْنةٌ، أَي: ضيّقة، من جُوع كَانَ أَو من خوفٍ أَو بَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّزَنُ: اجْتِمَاع القومِ على البئرِ للاستسقاء حتّى ضَاقَتْ بهم وعَجَزتْ عَنْهُم. وَيُقَال: ماءٌ مَلْزُون؛ وأَنشَد:
فِي مَشْرَبٍ لَا كَدِرٍ وَلَا لَزِنْ
قَالَ: ولَزَن القومُ يَلْزَنون لَزْناً، وأنشَد غيرُه:
ومَعاذِراً كَذِباً ووَجْهاً بَاسِراً
وتَشكَّيَا عَضَّ الزمانِ الأَلْزَنِ
نزل: أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيْدَة: طَعامٌ قليلُ النُّزْل والنَزَل: قليلُ الرَّيْع.
وَقَالَ اللّحياني: طعامٌ نَزِل وأَرضٌ نزِلَة ومَكانٌ نَزِل: سريعُ السَّيْل.
وَقَالَ غيرُه: مكانٌ نَزِل: يُنْزَل فِيهِ كثيرا.
وَيُقَال: إنّ فلَانا لَحَسنُ النُّزْل والنُزُل، أَي: الضِّيَافَة، ونزَلْت القومَ، أَي: أنزَلْتهم المنازِل، ونزَّل فلانٌ غَيره، أَي: قَدَّر لَهَا المَنازِل.

(13/144)


وَيُقَال: تنزلت الرحمةُ عَلَيْهِم.
أَبُو عبيد: النَّزِلُ: الْمَكَان الصلب السريعُ السَّيْل، ورجلٌ ذُو نزَل، أَي: ذُو عَطاء وفَضْل، وَقَالَ لبيد:
وَلنْ يَعدَموا فِي الحَرْب لَيثاً مجَرَّباً
وَذَا نزَل عِنْد الرَّزيَّة باذِلاَ
وَقَالَ ابْن السكّيت: نزَل القومُ: إِذا أتَوا مِنًى، وَقَالَ عَامر بن الطُّفَيل:
أنازلة أسماءُ أمْ غير نازِلَهْ
أَبِيني لنا يَا أَسْمَ مَا أنتِ فاعِلَه
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وافَيتُ لما أَتاني أنّها نزَلَتْ
إِن المَنازِل ممّا يَجمَع العَجَبا
وَقَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً} (الْكَهْف: 102) ، قَالَ الزجّاج: يَعْنِي مَنزِلاً.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ} (آل عمرَان: 198) .
قَالَ: {تَدَّعُونَ} : مصدر مؤكِّد لقَوْله: {خَالِدِينَ فِيهَا} لِأَن خلودهم فِيهَا إنزالُهم فِيهَا. وأَنزالُ القوْم: أَرْزَاقهم.
وَقَالَ اللَّيْث: النزُول: مَا يُهيأ للضيف إِذا نَزَل. وأَنزل الرجلُ ماءَه: إِذا جَامع، وَالْمَرْأَة تستنزل ذَلِك. والنَّزلة: المرَّة الْوَاحِدَة من النُّزُول، والنازلة الشديدةُ تنزل بالقوم، وجمعُها النّوازل.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
فجاءتْ بيَتن للنزالةِ أَرْشَما
ويروى: مرشما.
قَالَ: أَرَادَ الضيافةَ للنَّاس، يَقُول: هُوَ مُخْفٍ لذَلِك.
وَقَالَ أَبُو عمر: مَكَان نزلٌ: واسعٌ بعيد. وأَنشد:
وإنْ هدَى مِنْهَا انتقالُ النَّقْلِ
فِي مَتن ضَحَّاك الثنايَا نَزْل
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مكانٌ نزِلٌ: إِذا كَانَ مِحْلالاً مَرَباً.
وَقَالَ غَيره: النزِلُ من الأوْدِية: الضّيِّقُ مِنْهَا.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ أَذَالِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً} (الصافات: 62) . يَقُول: أذلك خيرٌ فِي بَاب الْإِنْزَال الَّتِي يُتقوَّتُ بهَا وَيُمكن مَعهَا الْإِقَامَة أم نُزُل أَهلِ النَّار.
قَالَ: وَمعنى أَقمت لَهُم نُزُلهم، أَي: أقمتُ لَهُم غذاءهم وَمَا يَصلح مَعَه أَن ينزلُوا عَلَيْهِ. والنُّزْلُ: الرَّيْع والفضْل، وَكَذَلِكَ النَّزَلُ.
ز ل ف
زلف زفل فلز فزل: (مستعملة) .
زفل: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأزْفَلة بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء: الجماعةُ، وَكَذَلِكَ الزرافة.

(13/145)


وَقَالَ الفرّاء: جَاءُوا بأزْفَاتهم وبأجْفَلتهم.
وَقَالَ غَيره: جَاءُوا الأجْفَلَى: والأزْفَلَى: الْجَمَاعَة من كل شَيْء.
قَالَ الزَّفَيان:
حَتَّى إِذا أظماؤها تكشفتْ
عَنِّي وَعَن صَيْهَبَةٍ قد شرفتْ
عَادَتْ تُبَاري الأزْفَلَى واستأنفتْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الفرّاء: الأزْفَلَة: الْجَمَاعَة من الْإِبِل. وزَنفل: اسمُ رجل.
زلف: أَبُو عبيد: الزَّلَف: التقدُّم، وأَنشد:
دَنَا تَزَلُّفَ ذِي هِدْمَيْنِ مَقْرورِ
وَقَول الله تَعَالَى: {) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الاَْخَرِينَ} (الشُّعَرَاء: 64) .
قَالَ الزّجاج: أَي: وقرَّبنا الآخرين من الْغَرق، وهم أصحابُ فِرْعَوْن.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: (أزْلفنَا) : جمعْنا، ثمَّ الآخرين. قَالَ: وَمن ذَلِك سُمِّيت مُزْدَلفةُ جمْعاً، قَالَ: وكلا الْقَوْلَيْنِ حَسَن جميل، لِأَن جمعهم تقريبُ بَعضهم من بعض.
وأصلُ الزُّلْفى فِي كَلَام الْعَرَب: القُرْبى، وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَأَقِمِ الصَّلَواةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ} (هود: 114) ، فطرفا النهَار: غُدْوَةٌ وعَشِيّة، وصلاةُ طرفِي النَّهَار الصبحُ فِي أحد الطَّرفَيْنِ وَالْأولَى والعصرُ فِي الطّرف الْأَخير، وَهُوَ العَشِيّ.
وَقَوله تَعَالَى: {وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ} . قَالَ الزّجّاج: نصب {وَزُلَفاً} عَلَى الظّرْف، كَمَا تَقول: جئتُ طرفِي النَّهَار وأوّلَ النَّهَار وأوّلَ اللَّيْل. وَمعنى (زُلفاً من اللَّيْل) : الصَّلَاة الْقَرِيبَة من أول اللَّيْل. أَرَادَ بالزُّلف: المغرِبَ وَالْعشَاء الْأَخير. وَمن قَرَأَ: (وزُلفاً) فَهُوَ جمع زَليف، مثلُ: قريب وقُرَب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {مُّبِينٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَاذَا} (الْملك: 27) ، أَي: رَأَوْا الْعَذَاب قَرِيبا.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن هَدْيه طفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ بأيَّتهنّ يبْدَأ، أَي: يَقتربن.
وَقَوله: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} (الشُّعَرَاء: 90) ، أَي: قُرِّبَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: المَزَالفُ وَاحِدهَا مَزْلفة وَهِي الْقرى الَّتِي بَين البَرِّ والريف مِثل الْقَادِسِيَّة والأنْبَار وَنَحْوهَا.
قَالَ: والزَّلَف: المصانعُ، واحدتُها زَلفة، قَالَ لَبيد:
حَتَّى تحيَّرَت الدِّيارُ كأنّهَا
زَلَفٌ وألْقِيَ قِتْبُهَا المحزُوم
قَالَ: وَهِي المزالف أَيْضا.
وَفِي حَدِيث يأجوجَ ومأجوجَ: يُرسل اللَّهُ مَطَرا فيغْسِلُ الأرضَ حَتَّى يَتْرُكهَا كالزُّلفة.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الزَّلَفُ وَجه الْمَرْأَة، يُقَال: البِرْكة تطفح مثل الزَّلف.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّلفة: الصَّحفة وجمعُهَا

(13/146)


زَلف، وروى ابْن دُرَيْد عَن الأُشناندانيِّ عَن الثَّوْرِيِّ عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول العُمَاني:
من بَعْدَمَا كَانَت مِلاَءً كالزَّلَفْ
قَالَ: هِيَ الأجَاجِين الخُضْر.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: يُقَال: فلَان يُزَلِّفُ فِي حَدِيثه ويُزَرِّفُ، أَي: يزِيد.
قَالَ: والزَّلَف والزَّلَفة: الدرجَة والمنزلة. 6
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاس: قولُه: {وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ} (هود: 114) ، قَالَ: الزُّلَف: أولُ سَاعَات اللَّيْل، واحدتُهَا زُلْفَة، وَقَالَ شمر فِي قَول العجّاج:
طيَّ الليالِي زُلَفاً فزُلَفَا
أَي: قَلِيلا قَلِيلا، يَقُول: طوَى الإعياءُ هَذَا البعيرَ كَمَا تَطوِي اللَّيَالِي سمَاوَة الْهلَال أَي: شخصه قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى دَقّ واستقْوَسَ.
فلز: قَالَ اللَّيْث: الفِلْزُ والفُلُزُّ: نُحاس أبيَضُ، يُجعَل مِنْهُ القُدور الْعِظَام المُفرَغة والهاوُونات، قَالَ: ورَجُلٌ فِلِزٌّ غليظٌ شديدٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الفِلَزّ: جَواهرُ الأَرْض من الذَّهب والفِضّة والنُّحاس، وأشباهِ ذَلِك.
فزل: رَوَى ابْن دُريْد عَن أبي عبد الرَّحْمَن عَن عمّه الأصمعيّ: أرضٌ فَيْزَلَة سريعةُ السَّيْل: إِذا أَصَابَهَا الغَيث.
ز ل ب
زلب زبل لزب لبز بزل بلز: مستعملات.
زلب: قَالَ اللَّيْث ازْدَلبَ بِمَعْنى آسْتَلَبَ، وَهِي لغةٌ رَدِيئَة.
لزب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن} (الصافات: 11) .
قَالَ الفرّاء: اللاَّزِب واللاّتِب واللاّصق وَاحِد والعَرَب تَقول: لَيْسَ هَذَا بضَرْبةِ لازِم ولازِب، يُبدِلون الباءَ ميماً، لتقارب المخارج، وَقَالَ ابْن السّكّيت: صَار كَذَا وَكَذَا ضربةَ لازِب، وَهِي اللّغة الجيّدة، وأَنشَد للنابغة:
وَلَا يَحسَبون الخيرَ لَا شَرَّ بَعْدَه
وَلَا يَحسِبون الشّرَّ ضَربَة لازِبِ
قَالَ: لازِم لُغَيَّة.
وَقَالَ غيرُه: أصابتْهم لَزْبةٌ يعنِي شِدّةَ السَّنَة، وَهِي الأزْمة والأزبَة، كلُّها بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: (مَا هَذَا) هَذَا بضربة لازب، أَي: مَا هَذَا بِلَازِم وَاجِب، أَي: مَا هُوَ بضربة سيف لازب، وَهُوَ مثلٌ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: اللِّزْبُ: الطّرِيق الضَّيّق.
أَبُو سعيد: رَجُل عَزَبٌ لَزَب.

(13/147)


قَالَ ابْن بُزُرج: مثله. وامرأةٌ عَزَبَةٌ لَزَبَة.
لبز: قَالَ اللَّيْث: اللَّبْزُ: الأكلُ الجيّد، يُقَال: هُوَ يَلبِز لَبْزاً.
وَقَالَ ابْن السكّيت: اللَّبْزُ: اللّقْمُ، وَقد لَبَزه يَلْبِزُه.
وَقَالَ غيرُه: لَبَزَ فِي الطّعام: إِذا جَعَل يَضرِب فِيهِ، وكلُّ ضَربٍ شديدٍ هُوَ لَبز وَقَالَ رؤبة:
خَبْطاً بأخفافٍ ثِقالِ اللُّبْزِ
وَقَالَ:
تَأْكُل فِي مقعدها قَفِيزا
تَلقَم أَمْثَال الْحَصَى ملبوزا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللِّبزُ بِكَسْر اللَّام: ضمدُ الجُرح بالدّواء، رَوَاهُ مَعَ حُرُوف جاءتْ على مِثال فعْل قَالَ: واللَّبْزُ: الأكلُ الشَّديد.
بلز: أَبُو عَمْرو: وامرأةٌ بِلِزٌ: خَفِيفة. قَالَ: والبِلِزُ: الرّجلُ الْقصير.
سَلمَة عَن الفرَّاء من أَسمَاء الشَّيطان البَلأَز والحَلأَز والجانُّ.
وَقَالَ ابْن السكّيت يُقَال للرّجل الْقصير بَلأَز وزَأْبَل ووَزواز وزَوَنْزَى.
أَبُو عمر: بلأَز بَلأذه: إِذا أكل حَتَّى شبع.
زبل: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والزِّبالُ: مَا حَمَلَت النملةُ بفِيها، وَقَالَ ابْن مقبل:
كَريم النِّجارِ حَمَى ظَهرَه
فَلَم يُرْتَزَأْ برُكوبٍ زِبالاَ
ابْن السّكيت: يُقَال: مَا فِي الْإِنَاء زُبالة، وَكَذَلِكَ فِي السِّقاء، وَفِي الْبِئْر. وَبِه سميت زُبالة، منزل من مناهل طَرِيق قلَّة.
اللَّيْث: الزِّبْلُ: السِّرْقِين وَمَا أَشْبَهَه، والمُزْبَلَة مُلقَى ذَلِك. والزَّبِيلُ: الجِراب، وَهُوَ الزِّنْبِيل، فَإِذا جَمعوا قَالُوا زَنَابيل. وَقيل: الزِّنبيل خَطأ، وَإِنَّمَا هُوَ زَبِيل، وَجمعه زُبُل وزُبْلان.
وَقَالَ غيرُه: زَبَلْتُ الشيءَ وازدَبَلْته: إِذا احتملَته، وَكَذَلِكَ زمَلْته وازدَمَلْته.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الزُّبْلة: اللُّقمة، والزُّبلة: النَّيْلة.
بزل: قَالَ ابْن السكّيت: يُقَال مَا عِنْدهم بازِلة: أَي: لَيْسَ عِنْدهم شَيْء من مالِ، وَلَا تَرَكَ اللَّهُ عندَه بازِلةَ. وَيُقَال: لَم يُعطِهم بازِلَةً، أَي: لم يُعطِهم شَيْئا.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الأصمعيّ: يُقَال للبعير إِذا استَكْمَلَ السَّنة الثامنةَ وطَعَنَ فِي التَّاسِعَة وفَطَرَ نابُه: فَهُوَ حِينَئِذٍ: بازل وَكَذَلِكَ النّاقة بازِل بغَيْرهَا، والذَّكَر وَالْأُنْثَى سَوَاء، وَهُوَ أقْصَى أسنانِ الْبَعِير، سُمّيَ بازِلاً من البَزْل وَهُوَ الشَّقّ، وَذَلِكَ أنَّ نابَه إِذا طَلَع يُقَال لَهُ بازِل، لِشَقِّه اللَّحمَ عَن مَنْبَتِه شَقّاً، وَقَالَ النَّابِغَة فِي تَسْمِيَة النّاب بازِلاً يَصِف نَاقَة:
مَقْذوفة بدْخيسِ النَّحْض بازِلُها
لَهُ صرِيفٌ صَرِيفَ القَعْو بالمَسَدِ
أَرَادَ ببازِلِها نابَها. وتَبزّل الشيءُ: إِذا

(13/148)


تشقّق، وَقَالَ زُهير:
تَبزَّلَ مَا بَين العَشيرةِ بالدَّمِ
وَمن هَذَا يُقَال للحديدة الَّتِي يفْتَح بِهَا مِبْزَل الدَّنّ: بِزالٌ ومِبْزَل، لأنّه يُفتَح بِهِ.
والبَزْلاءُ: الرأيُ الجَيّد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَا لِفُلانٍ بَزْلاَءُ يَعيش بهَا، أَي: مَا لَهُ صَرِيمةُ رَأْي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِنَّه لذُو بَزْلاء: إِذا كَانَ ذَا رَأْي، وأَنشَد:
بَزْلاَءُ يَعْيَا بهَا الْجَثَّامة اللُّبَدُ
سَلمَة عَن الفرّاء: إنّه لذُو بَزْلاء، أَي: ذُو رأْي وعَقْل، وَقد بَزَل رَأْيُه بزُولاً.
وَقَالَ اللَّيْث: البَزْلُ: تَصْفِيةُ الشَّراب ونحوِه. والمِبْزَلُ: هُوَ الَّذِي يُصَفَّى بِهِ، وأَنشد:
تَحَدَّرَ مِنْ نَوَاطِبَ ذِي ابتِزال
قلت: لَا أعرف البَزْل بِمَعْنى التّصْفية. وَفِي (النّوادر) : رجل تبْزِلَةٌ وتَبْزِلّة وتُبَيْزِلة.
ز ل م
زلم زمل لزم لمز ملز: مستعملة.
زلم: قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذاَلِكُمْ فِسْقٌ} (الْمَائِدَة: 3) ، أما الاستقسام فقد مَرَّ تفسيرُه فِي كتاب الْقَاف، وأمَّا الأَزْلام: فَهِيَ قِداحٌ كَانَت لقُريش فِي الجاهليّة، مكتوبٌ على بعضِها الأمْر، وعَلى بَعْضهَا النَّهي: اِفعَلْ وَلَا تَفْعَل، قد زُلِّمَتْ وسُوِّيتْ ووُضِعتْ فِي الْكَعْبَة يقوم لَهَا سَدَنَةُ الْبَيْت، فَإِذا أَرَادَ رجلٌ سَفَراً أَو نِكاحاً أَتَى السادِقَ فَقَالَ لَهُ: أخرِجْ لي زَلَماً، فيُخْرِجه ويَنظُر إِلَيْهِ، فَإِن خَرَج قِدْحُ الأمْر مَضَى على مَا عَزَم، وَإِن خَرجَ قِدْح النَّهي قَعَد عمَّا أَرَادَهُ. وربّما كَانَ مَعَ زَلَمان وضعَهما فِي قِرَابه، فَإِذا أَرَادَ الاستقسام أخرَجَ أحَدَهما.
وَقَالَ الحطيئةُ يمدَح أَبَا مُوسَى الأشعريّ:
لَا يَزْجُرُ الطَّيرُ إِن مَرّت بِهِ سُنُحاً
وَلَا يُفيض على قِسْمٍ بأَزْلامِ
وَقَالَ طَرَفة:
أَخَذَ الأَزْلامَ مُقْتَسِماً
فَأَتَى أَغواهُما زُلَمُهْ
والاقتسامُ والاستقسامُ: أَن يميلَ بَين شَيْئَيْنِ أَيَفْعل أَو لَا يَفْعَل، وَيُقَال: مَرَّ بِنَا فلَان يَزْلم زَلَماناً ويَحذِمُ حَذَماناً.
وَقَالَ ابْن شُميل: ازْدَلم فلانٌ رَأس فلَان، أَي: قَطَعه، وزَلَم اللَّهُ أنفَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ العَبْد زُلماً وزُلْمَه، أَي: قَدُّه قَدُّ العَبد، وَيُقَال للرجُل إِذا كَانَ خَفِيف الْهَيْئَة، وللمرأَة الّتي لَيست بطويلة: رجُلٌ مُزلَّم، وامرأَةٌ مزلَّمة. وَيُقَال: قِدْحٌ مُزَلَّم، وقِدْح زَليم: إِذا طُرّ وأجيد صنْعَتُه. وعَصاً مزَلَّمة. وَمَا أَحْسنَ مَا زَلَّمَ سَهْمَه، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كأَرْحاءِ رَقْطٍ زَلَّمَتْهَا المَناقِرُ
أَي: أخذَت المَناقرُ من حُروفها وسَوَّتها. وأَزلامُ البَقَر: قوائمُها، قيل لَهَا أَزْلام

(13/149)


لِلَطَافتها، شُبِّهتْ بأزلام القِداح.
أَخْبرنِي بذلك المنذريُّ عَن الحرّاني عَن الثوريّ، وَأنْشد:
تَزِلُّ عَن الأَرْض أَزْلامُه
كَمَا زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شبَّهها بأَزلام القِداح، وَاحِدهَا زَلَم، وَهُوَ القِدْح المَبْرِيّ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: وَاحِد الأزْلام زُلَم وزَلَم وأَنشَد:
باتَ يقاسِيها غلامٌ كالزُّلَمْ
وَيُقَال زلمت الْحَوْض فَهِيَ مزلوم: إِذا ملأته.
وَقَالَ: حابية كالثَّغب المزلوم.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّلَمةُ: تكون للمِعزى فِي حُلوقها مُتَعَلقَة كالقُرْطِ، وَإِذا كَانَت فِي الأذُن فَهِيَ زَنَمة، والنعت أَزْلَم وأزْنَم، وَالْأُنْثَى زَلْماء وزَنْماء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأزْلام: الوِبَار، وَاحِدهَا زَلم، وَقَالَ قحيف:
يبيتُ مَعَ الأزلامِ فِي رأسِ حالقٍ
ويَرْتَادُ مَا لم تَحترزه المخَاوفُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ العَبْد زَنْمة وزُنْمَة، أَو زَلْمة وزُلْمَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المزلَّم: الرجل الْقصير.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المزلَّمُ والمزنَّمُ: الصَّغِير الجُثة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: الأزلَمُ: الجَذَعُ: هُوَ الدَّهر، يُقَال: لَا آتيه الأزْلَمَ الجَذَع، أَي: لَا آتيه أبدا. وَمَعْنَاهُ: أَن الدَّهر بَاقٍ عَلَى حَاله لَا يتغيَّر على طول أَيَّامه، فَهُوَ أبدا جَذَع لَا يُسِنّ.
وَقَالَ اللّحياني: أوْدَى بِهِ الأزْلَمُ، الجذَعُ، والأزْنَمُ: الْجذع، أَي: أهلكه الدَّهْر.
أَبُو زيد: غلامٌ مزلَّم: إِذا كَانَ سَيء الغِذَاء، وَيُقَال للوعل مُزَلّم، وَقَالَ الشَّاعِر:
لَو كَانَ حَيٌّ ناجياً لنجا
من يومِه المُزَلَّمُ الأعْصَمْ
وَقَالَ يَعْقُوب فِي قَوْله: كَأَنَّهَا ربابيح تنزو أَو فرارٌ مُزلم.
قَالَ: الربابيح والقرد الْعِظَام، وَاحِدهَا رُبَّاح. والمزلم: الْقصير الزلم.
وَقَالَ أَبُو زيد: المزلَّمُ: السيء الْغذَاء.
أَبُو زيد: ازْلأَمَّ الْقَوْم ازْلِئْماماً: إِذا ارتَحلوا. وَقَالَ العجاج:
وَاحْتَملُوا الْأُمُور فازْلأمُّوا
يُقَال للرجل إِذا نَهَضَ فانتصب: ازْلأَمَّ. وازلأمّ النهارُ: إِذا ارْتَفع.
لزم: قَالَ اللَّيْث: اللُّزوم مَعْرُوف، والفِعل لَزِم يَلزم، وَالْفَاعِل لَازم، والمفعولُ بِهِ ملزوم. والمِلزَمُ: خُشَيْبَتَان قد شدَّ أوساطهما بحديدةٍ تكون مَعَ الصَّياقلة والأبَّارِين تُجعل فِي طرفه قُنَّاحة، فَيلْزم مَا فيهمَا لُزُوما شَدِيدا.

(13/150)


قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله تَعَالَى: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} (الْفرْقَان: 77) :
جَاءَ فِي التَّفْسِير عَن الْجَمَاعَة أَنه عَنى بِهِ يومَ بدر، جَاءَ أَنه لوزم بَين الْقَتْلَى لزاماً، قَالَ: وتأويله: فَسَوف يكون تكذيبُكم لزاماً يلزمكم، فَلَا تُعْطَوْنَ التَّوبة، وتلزمكم بِهِ الْعقُوبَة، فَيدْخل فِي هَذَا يومَ بَدْر وَغَيره مِمَّا يلْزمهُم من الْعَذَاب.
وَقَالَ أَبو عُبَيدة: {لِزَاماً} فَيْصَلاً وَهُوَ قريب مِمَّا قُلْنَا، قَالَ الهُذَليّ:
فإِما يَنْجُوَا من حَتْفِ أَرْضٍ
فقد لقيَا حُتُوفهما لِزامَا
وتأويلُ هَذَا: أَن الحتْف إِذا كَانَ مقدَّراً فَهُوَ لَازم، إِن نجا من حَتْفِ مكانٍ آخر لزاماً.
قَالَ: وَمن قَرَأَ: (لَزاماً) فَهُوَ على مصدر لَزِم لَزاماً.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: لأضربنَّك ضَرْبَة تكون لَزام يَا هَذَا، كَمَا يُقَال: دَرَاك ونظَارِ. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي. اللَّزْمُ: فَصْلُ الشيءِ من قَوْله: {كَانَ لزاما} (طه: 129) أَي: فَيْصَلاً.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ من اللُّزوم وشَرٌّ لازِب ولازم: دَائِم. ولازم جَارِيَته: إِذا عانقها مُلَازمَة.
لمز: قَالَ اللَّيْث: اللَّمْزُ، كالغَمْز فِي الْوَجْه تَلمِزُه بفيك بِكَلَام خَفِي.
قَالَ: وقولُه تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ} (التَّوْبَة: 58) ، أَي: يُحرِّك شفَتَيْه: ورجلٌ لُمَزةٌ: يَعيبك فِي وَجْهك. ورجلٌ هُمزةٌ يَعيبك بالغَيْب.
وَقَالَ الزّجّاج: الهُمَزة اللُّمَزة الَّذِي يَغتاب الناسَ ويغضُّهُم، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السّكيت، وَلم يفرق بَينهمَا. وَكَذَلِكَ قَالَ الْفراء.
قلتُ: والأصلُ فِي الهَمْز واللّمْزِ: الدَّفْعُ.
قَالَ الكسائيّ: يُقَال: هَمَزْتُه ولَمَزْتُه ولَهَزْتُه: إِذا دفعتَه.
سَلمَة عَن الفرَّاء: الهَمْزُ واللَّمْزُ والمَرْزُ واللَّقْسُ والتِّقْسُ: العَيْب.
وَقَالَ اللّحياني: اللَّمَّاز والغَماز: النَّمام.
ملز: ابْن السّكيت: مَا كدت أَتملّص من فلَان وَمَا كِدْت أتمَلَّزُ من فلَان، أَي: مَا كِدْت أتخَلّص مِنْهُ. وَكَذَلِكَ مَا كدتُ أتَفَصَّى وَاحِد.
أَبُو زيد: تملَّز فلانٌ تمَلُّزاً، وتمَلَّس تمَلُّساً من الْأَمر: إِذا خَرَج مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو تُراب: امَّلَزَ من الأَمْرِ، وامَّلَس: إِذا انفَلَت، وَقد مَلّزْتُه ومَلَّسْتُه: إِذا فعلت بِهِ ذَلِك.
زمل: قَالَ اللّيث: الدابةُ تَزْمُل فِي مِشيَتها وعَدْوِها زِمالاً: إِذا رأيتَها تَتحامل على يَدَيْها بَغْياً ونَشاطاً، وأَنشَد:
تَراهُ فِي إحدَى اليَدَيْن زامِلاَ
أَبُو عبيد: الزّاملُ: من حُمُر الْوَحْش، الَّذِي كأنّه يَطْلَع من نَشاطه.

(13/151)


وَقَالَ اللَّيْث: الزّاملةُ الَّذِي يُحمَل عَلَيْهِ الطعامُ وَالْمَتَاع.
قَالَ: والزَّميلُ: الرَّديف على الْبَعِير، والرَّدِيف على الدَّابَّة، يتكلّم بِهِ الْعَرَب.
وَقَالَ طرفَة:
فطوْراً بِهِ خلف الزميل وَتارَة
أَرَادَ بالزميل: الرديف.
أَبُو زيد: خرج فلانٌ وخَلّف أَزْمَلةً.
وخَرَج بأَزْمَلَةٍ: إِذا خرج بأهلِه وإِبِله وغنِمه وَلم يُخلِّف من مالِه شَيْئا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلْإِبِلِ: اللَّطِيمةُ، والعِيرُ، والزَّوْمَلة. قَالَ: والزَّوْمَلة واللَّطِيمة: مَا كَانَ عَلَيْهَا أحمالُها، والعِيرُ: مَا كَانَ عَلَيْهِ حِمل أَو لم يكن؛ وأَنشَد:
نَسَّى غُلامَيْكِ طِلابَ العِشْقِ
زَوْملةٌ ذَات عَباءٍ بُرْقِ
وَقَالَ اللَّيْث: الازدِمالُ: احتمالُ الشَّيْء كلِّه بمَرّة وَاحِدَة.
وَقَالَ أَبُو بكر: ازْدَمل فلَان الْحمل إِذا حمله. والزّمل عِنْد الْعَرَب الْحمل. وازدمل افتعل مِنْهُ، أَصله ازتمله، فَلَمَّا جَاءَت التَّاء بعد الزَّاي قلبت دَالا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {} (المزمل: 1، 2) ، أصلُه المتَزمِّل، وَالتَّاء تُدغَم فِي الزّاء لقُربِها مِنْهَا، يُقَال: تَزمَّل فلانٌ: إِذا تلفَّفَ بثيابِه، وكلُّ شَيْء لُفِّف فقد زُمِّل.
قلتُ: وَيُقَال لِلفافة الرّاوية: زِمال، وجمعُه زَمُل، وثلاثةُ أَزمِلة. ورجلٌ زُمّالٌ وزُمَّيْلة وزِمْيَلٌّ: إِذا كَانَ ضَعِيفا فَسْلاً، وَهُوَ الزَّمِل أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الأَزمَلُ: الصَّوت، وجمعُه الأَزامل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأزْمُولَة من الأَوعال المصوِّت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأزْمُولة من الأوْعَال: الّذي إِذا عدا زَمَل فِي أَحَد شِقّيه، من زَمَلَت الدَّابَّة: إِذا فَعلتْ ذَلِك. وَقَالَ لبيد:
لاحِقُ الْبطْنِ إِذا يَعْدو زَمَلْ
سَلمَة عَن الْفراء: فرشٌ أُزمولة أَو قَالَ: إزْمَولة: إِذا تشمرَ فِي عدْوه وأسرع. وَيُقَال للوعل أَيْضا: أزمولة، من سرعته، وَقَالَ ابْن مقبل:
عَوداً أحَمّ القَرا أزمولةً وقلاً
على تراث أَبِيه يتبع القُذَفَا
وَقَالَ: والقُذَف: القُحَم والمهالك. يُرِيد المفاوز. وَقيل: أَرَادَ قُذَف الْجبَال وَهُوَ أَجود.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: خلَّف فلَان أَزْملة من عِيَال وزملة وقرة من عِيَال، ورعلة من عِيَال.
وَرَأَيْت فِيمَا قرىء على مُحَمَّد بن حبيب: وَخرج فلَان وَخلف أزملة، يَعْنِي أَهله وَمَاله. قَالَ أَبُو عَمْرو: والإزميل: الشَّديد.

(13/152)


والإِزْمِيلُ: شَفْرةُ الحذّاء، ورَجُلٌ إزْمِيل: شديدُ الْأكل، شُبّه بالشَّفْرة، وَقَالَ طَرَفة:
تَقُدُّ أَجْواز الفَلاة كَمَا
قُدَّ بإزْمِيل المعينِ حَوَرا
والحَور: أديمٌ أحمَر.
ابْن دُرَيْد: زَمَلْتُ الرجلَ على الْبَعِير فَهُوَ زَمِيل ومَزْمول: إِذا أَرْدَفْتَه. وزامَلْتُه: عادَلْته.
والزّاملة: بعيرٌ يَستَظهِر بِهِ الرجلُ يَحمِل عَلَيْهِ متاعَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجُل العالِم بِالْأَمر: هُوَ ابْن زَوْمَلَتِها، أَي: عالِمُها، قَالَ: وابنُ زَوْمَلَة أَيْضا: ابْن الأمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الزُّمْلَةُ: الرُّفْقة. وأَنشَد:
لَم يمْرِها حالبٌ يَوْمًا وَلَا نُتِجتْ
سَقباً وَلَا ساقَها فِي زُمْلة حادِي
النضرُ: الزوملة مثل الرُّفقة.

(بَاب الزَّاي وَالنُّون)
ز ن ف
زنف زفن نزف نفز.
زفن: قَالَ اللَّيْث: الزَّفْنُ: الرَّقْص. قَالَ: والزِّفْن بلُغة عُمانَ: ظلَّةٌ يتّخذونها فوقَ سطُوحِهم تَقِيهم وَمَدَ البَحْرِ، أَي: حَرّه ونَداه.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: الزِّفنُ لغةٌ أَزْدية: وَهِي عُسُب النّخل يُضَمّ بعْضُها إِلَى بعض، تَشبيهاً بالحَصير.
قلت: وَالَّذِي أَرَادَهُ اللّيث هُوَ الَّذِي فَسّره ابنُ دُرَيد.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ زَفُون وزَبُون: وَهِي الّتي إِذا دَنَا مِنْهَا حالبُها زبَنَتْه برِجلها، وَقد زَفَنَتْ وزَبَنَتْ، وأَتَيتُ فلَانا فزَفَنني وزَبَنَني.
وَيُقَال للرّقّاص: زَفّان.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجلٌ زِيْفَنٌّ: إِذا كَانَ شَدِيدا خَفِيفا، وأَنشَد:
إِذا رأيتَ كَبْكَباً زِيْفَنا
فادْعُ الَّذِي مِنْهُم بعمرٍ ويُكْنَى
وَرَوَاهُ بَعضهم: (زيفنا) على فَيْعل كَأَنَّهُ أصوب. وزيفن مثل بيطر وحيفس.
نفز: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَفَز الظَّبْي يَنفِزُ نَفْزاً: إِذا وَثَب فِي عَدْوِه.
قَالَ: والتَّنْفِيزُ: أَن تَضَع سَهْماً على ظُفْرك، ثمّ تُنَفِّزُه بيَدِك الْأُخْرَى حتّى يدورَ على الظُّفر ليستبينَ لَك اعوِجاجُه من استقامته والمرأةُ تُنفِّزُ ابنَها كَأَنَّهَا تُرَقِّصه.
قَالَ: والنَّفِيزة: زُبدةٌ تتفرّق فِي المِمْخَض لَا تجتَمع.

(13/153)


أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: نَفَز الظَّبْي يَنفِز، وأَبَز يَأْبِزُ: إِذا نَزَا فِي عَدْوِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَّفْز أَن يَجمَع قوائمُه ثمَّ يَثب؛ وأَنشَد:
إراحَةَ الجِدايةِ النَّفُوزِ
قَالَ: والقوائمُ يُقَال لَهَا نَوافِز، واحدتها نافِزة، وأَنشَد:
إِذا رِيعَ مِنْهَا أسْلَمَتْه النَّوافزُ
يَعْنِي القوائم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّفْزَةُ: عَدْوُ الظَّبْي من الفَزع.
وَقَالَ ابْن دُريد: القَفْزُ: انضمامُ القوائِم فِي الوَثْب، والنَّفْز: انتشارُها.
نزف: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: نزَفْتُ البئرَ وأنزَفْتُها بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: نزَّفَت المرأةُ تَنْزيفاً: إِذا رَأَتْ دَماً على حَمْلها، وَذَلِكَ يَزيد الوَلَد صِغَراً وحَمْلَها طُولاً.
ونُزِف الرجلُ دَماً: إِذا زَعَف فَخرج دَمُه كلّه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: نَزَفتُ الْبِئْر، أَي: استقَيْتُ ماءَها كلَّه.
ونزف فلانٌ دمَه ينزِفه نزفاً: إِذا استخرجه بحجامةٍ أَو فَصْد، ونزفه الدمُ ينزفُه نزْفاً.
قَالَ: وَهَذَا من المقلوب الَّذِي يُعرف مَعْنَاهُ، وَالِاسْم من ذَلِك كلّه النُّزْف، وَأنْشد:
تَغْتَرِفُ الطّرْفَ وَهِي لاهيةٌ
كَأَنَّمَا شَفَّ وَجههَا نُزْفُ
قلتُ: أَرَادَ أَنَّهَا رقيقَة المحاسن حَتَّى كَأَن دمَها منزوف.
وَأما قولُ الله جلّ وَعز فِي صفة الْخمر الَّتِي فِي الْجنَّة: {) الْمُزَّمِّلُ قُمِ الَّيْلَ} (الصافات: 47) ، وقرئتْ (يُنزِفون) .
قَالَ الفرّاء: وَله معنَيان: يُقَال: قد أنزف الرجلُ: إِذا فَنِيَتْ خمرُه. وأَنزَف: إِذا ذهبَ عَقْلُه من السكْر، فهذان وَجْهَان فِي قِرَاءَة من قَرَأَ: (يُنْزِفون) . وَمن قَرَأَ: (يُنزَفون) فَمَعْنَاه: لَا تذْهب عقولُهم، أَي: لَا يَسْكرون، يُقَال: نزِف الرجلُ فَهُوَ منزوف ونزيف أَيْضا، وَأنْشد غَيره فِي أنزف:
لَعَمري لَئِن أَنْزَفْتُمُ أَو صَحَوْتُمُ
لبئسَ النَّدامَى كُنْتُم آلَ أَبْجَرَا
وَيُقَال للرجل الَّذِي عَطش حَتَّى يَبِسَتْ عُروقه وجف لسانُه: نزيف ومنزوف، وَمِنْه قولُه:
شَرْبُ النَّزِيفِ ببرْدِ ماءِ الحَشْرُجِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النزيفُ: السّكران. والنزيفُ: المَحْمُوم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الحَشْرَجُ: النَّقْرة فِي الجَبل يجْتَمع فِيهَا الماءُ فيَصفو.
أَبُو عبيد: النزفة: القليلُ من الماءُ وَالشرَاب، وَقَالَ ذُو الرمة:

(13/154)


تَقَطَّعَ ماءِ المزْنِ فِي نُزفِ الخمرِ
وَقَالَ العجاج:
فشَنَّ فِي الإبريق مِنْهَا نُزفَا
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: تَقول الْعَرَب: فلانٌ أجبنُ من المنزوف ضَرَطاً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المنزوف ضرَطاً: دَابَّة تكون بالبادية إِذا صِيحَ بهَا لم تزَلْ تَضرَط حَتَّى تَمُوت.
وَقَالَ ابْن دُريد: المِنزَفة: دُلَيَّةٌ تُشَدّ فِي رَأس عودٍ طَوِيل، ثمَّ يُنصب عودٌ ويعوَّض الْعود الَّذِي فِي طَرَف الدَّلو على الْعود يُستقى بِهِ المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث قَالَت بنتُ الجَلْندَى ملك عُمان حِين أَلبستِ السُّلَحْفاةَ حُليها وَدخلت البحرَ فصاحت وَهِي تَقول: نَزَاف نَزاف، لم يبْق فِي الْبَحْر غير قَذاف، أَرَادَت: انْزِفن الماءَ فَلم يبْق غير غَرفة.
ز ن ب
زبن نبز نزب بزن زنب: (مستعملة) .
بزن: أما بزن فقد أهمله اللَّيْث، وَقد جَاءَ فِي شِعر قديم، وَقَالَ أَبُو دَاوُد الإياديّ يصف فَرَساً، وَوَصفه بانتفاخِ جَنْبيه:
أجوَفُ الجَوْف فَهُوَ فِيهِ هواءٌ
مثلُ مَا جافَ أَبْزَناً نَجّارُ
الأبْزَنُ: حوضٌ من نُحَاس يَستنقع فِيهِ الرجلُ، وَهُوَ معرّب، وَجعل صانعَه نجّاراً لتجويده إِيَّاه.
أَصله أوزن فَجَعله أبزن. جافَهُ: وسع جَوْفه.
ورَوى أَبُو تُرَاب لأبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: إبْزِيم وإبْزِين، ويُجمَع أَبازِين، وَقَالَ أَبُو دُواد أَيْضا فِي صفة الخَيْل:
مِن كلِّ جَرْداء قد طارَتْ عَقيقَتُها
وكلِّ أَجْرَدَ مُسْترخِي الأبازِينِ
جمع الإبْزِين وَقَبله:
إِن يَك ظَنِّي بهمْ حَقّاً أتيتكُمُو
حُواً وكُمْتاً تَعاوَى كالسَّراحِينِ
زبن: اللّيث: الزَّبْنُ: دَفْعُ الشَّيْء عَن الشَّيْء كالناقة تَزْبِنُ وَلدَها عَن ضَرْعها برِجلها. وتَزْبِن الحالب. والحَرْبُ تَزْبِن الناسَ إِذا صدمتهم، وحَرْبٌ زَبون. وَيُقَال: أخذْتُ زِبْني من هَذَا الطّعام، أَي: حَاجَتي.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهى عَن الْمُزَابَنَة.
قَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ غَير وَاحِد من أهل العِلم يَقُول: المُزابَنةُ: بَيعُ التَّمَر فِي رُؤوس النَّخل بالتَّمْر؛ فَإِنَّمَا نُهِي عَنهُ لأنّ التّمر بالتّمر لَا يجوز إلاّ مِثْلاً بمِثل، وَهَذَا مَجْهول لَا يُعلَم أيُّهما أَكثر. وأمّا قولُ الله تَعَالَى: {نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} (العلق: 18) . فإنّ سَلمَة رَوَى عَن الفرّاء أَنه قَالَ: يَقُول الله: {نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} وهم يَعمَلون بِالْأَيْدِي والأرجُل، فهم أَقْوى. والناقة تَزْبِن الحالبَ برِجْلَيْها.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: وَاحِد الزَّبانِيَة زِبْنيّ.

(13/155)


وَقَالَ قَتَادَة: الزبّانيةُ: الشُّرَط فِي كَلَام الْعَرَب.
وَقَالَ الزّجّاج: الزَّبانِيَة الغِلاظ الشِّداد، واحدهم زِبْنِيَّة، وهم هَؤُلَاءِ الملائكةُ الّذين قَالَ الله: {وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ} (التَّحْرِيم: 6) ، وهم الزَّبانية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: خُذ بقرْدَنِه وبَزبُّونَته، أَي: بعُنُقه.
وَقَالَ حسّان:
زَبانِيةٌ حَوْلَ أبياتهمْ
وخُورٌ لَدَى الحَرْبِ فِي المَعْمَعَهْ
وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو زَبُّونة، أَي: ذُو دَفْع.
وَقَالَ ابْن كُناسة: من كواكب العَقْرب زُبَانيا العَقْرب، وهما كوكبان متفرّقان أَمَام الإكْليل، بَينهمَا قيدُ رُمْح أكبر من قامَةِ الرجل.
قَالَ: والإكْلِيل ثلاثةُ كواكب معترِضة غير مستطيلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد:
فِداك نِكسٌ لَا يَبضِ حَجَرهُ
مُخْرّق العِرض حَدِيد مِمْطره
فِي ليل كانونٍ شديدٍ حصرُه
عَضَّ بأطرَاف الزُّبَاني قَمْره
قَالَ: يَقُول: هُوَ أقلف لَيْسَ بمجنون إِلَّا مَا قلص مِنْهُ القَمَر. شبه قلفته بالزباني. قَالَ: وَيُقَال من ولد وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب فَهُوَ نحس.
قَالَ ثَعْلَب: نقل هَذَا إليّ عَنهُ أَنه يَقُول، فَسَأَلته عَنهُ فَأبى هَذَا القَوْل، وَقَالَ: لَا، وَلكنه لَا يطعم فِي الشتَاء. قَالَ: وَإِذا عض بأطراف الزُّبانى الْقَمَر وَكَانَ أَشد الْبرد، وَأنْشد:
وَلَيْلَة إِحْدَى اللَّيَالِي العُرَّم
بَين الذراعيْن وَبَين المرزم
تهُمُّ فِيهَا العَنْز بالتّكلُّم
وَقَالَ النّضر: الزَّبونةُ من الرِّجال: الشديدُ الْمَانِع لُما وراءَ ظَهْرِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: زُبانَى وزُبانَيان وزُبانَيات للنّجم، وزُبانَيا الْعَقْرَب: قَرْناها، وزُبانَيات.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الزِّبِّينُ: الدافعُ للأخبَثَين.
ورُوِي عَن ابْن شُبرُمة: مَا بهَا زَبِّين، أَي: لَيْسَ بهَا أحد. وَقَالَ:
فعفى ثمَّ عفى فدَاك مِنْهَا
معالمها فَمَا فِيهَا زبين
أَي: مَا بهَا أحد.
وَقيل: لبَيْع الثَّمر بالثَّمر مُزابَنة، لِأَن كلّ وَاحِد مِنْهَا إِذا نَدِم زَبَنَ صاحبَه عمّا عَقَد عَلَيْهِ، أَي: دَفعه.
نزب: أَبُو عَمْرو وَغَيره: نَزَبَ الظَّبيُ يَنزِب نَزيباً: إِذا صَاح.
والنَّزَبُ والنَّبَزُ: اللَّقب.
نبز: عَمْرو عَن أَبِيه: النِّبْز: قشورُ الجُدام وَهُوَ السَّعَف. قَالَ: وَهُوَ النَبَز والنَزَبُ

(13/156)


والقِزْي والنَّقَزُ والنَّقِزُ: اللَّقَب.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ} (الحجرات: 11) .
قَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ: لَا يَقُول المُسلِم لمن كَانَ نَصْرَانِيّا أَو يهوديّاً فأَسلَم لقباً يُعيِّره فِيهِ بأنّه كَانَ نَصْرَانِيّا أَو يهوديّاً، ثمَّ وكَّدَه فَقَالَ: {بِالاَْلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ} (الحجرات: 11) ، أَي: بئس الِاسْم أَن يَقُول لَهُ يَا يهوديّ وَقد آمن.
قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون فِي كلّ لقب يَكرَهه الْإِنْسَان، لأنّه إِنَّمَا يجب أَن يُخاطِب الْمُؤمن أَخَاهُ بأحبّ الأسماءِ إِلَيْهِ.
زنب: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الأزْنَبُ: السَّمين، وَبِه سمّيتِ المرأةُ زَيْنَب، وَقد زَنبَ يَزْنَب زنباً: إِذا سَمِن.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الزَّيْنَبُ: شجرٌ حَسن المنظر طيب الرَّائِحَة، وَبِه سُمِّيت الْمَرْأَة زَينب بِهَذِهِ الشَّجَرَة.
قَالَ: والزَّنَب: السِّمن. وواحدُ الزَّينبِ للشجر: زيْنَبة.
وَقَالَ الْخَلِيل: الْأَسْمَاء على وَجْهَيْن: أسماءُ نَبز مثل: زيد وَعَمْرو، وأسماءُ عامَ مثل: فَرَس ورجُل وَنَحْوه.
وَقَالَ: والنّبزُ: الْمصدر، والنّبَزُ: الِاسْم وَهُوَ كاللَّقب.
قَالَ أَبُو عبيد: الزُّنابَى: شِبه المخاط يَقع من أُنوف الْإِبِل.
ز ن م
زنم زمن مزَن: (مستعملات) .
زنم: قَالَ اللَّيْث: الزَّنمتان: زَنَمَتَا الفُوق.
قلتُ: وهما شرخا الفُوق، وهما مَا أَشرف من حَرْفيه.
قَالَ: وزَنمتَا العَنز من الأُذن. والزَّنمة أَيْضا: اللَّحمة المتدلِّية فِي الْحلق تسمّى مُلازة.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُزَنّم والمُزلَّم الَّذِي يُقطع أُذُنه ويُترك لَهُ زَنمة.
وَيُقَال: المُزنَّم المُزلّمُ للكريم، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك بالكرام مِنْهَا.
اللَّيْث: الزَّنيمُ: الدعِيّ، والمُزَنّم: الدَّعي، وأَنشد:
يَقْتَنُون المُزَنَّمَا
أَي: يستعبِدونه.
قَالَ: والمزنَّم: صغَار الْإِبِل.
قلتُ: وَهَذَا باطلٌ أَعني مَا قَالَ فِي المزنَّم إنّه الدّعيّ، وَإنَّهُ صغَار الْإِبِل. إِنَّمَا المزنّم من الْإِبِل الكريمُ الَّذِي جُعِل لَهُ زنمةٌ عَلامَة لكَرمه.
وَأما الزنيمُ فَهُوَ الدّعيّ.
قَالَ الفرّاء فِي قَول الله تَعَالَى: {أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (الْقَلَم: 13) ، الزنيم: الدّعيّ المُلصق بالقوم وَلَيْسَ مِنْهُم. فَقَالَ الزّجاج مثله.
قَالَ: وَقيل: الزنيمُ الَّذِي يُعرف بِالشَّرِّ كَمَا

(13/157)


تُعرف الشَّاة بزنمتها. والزنمتان: المعلَّقتان عِنْد حلوق المِعزى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزنيمُ: ولدُ العيْهَرة. والزَّنيمُ أَيْضا: الْوَكِيل.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: من السمات فِي قَطْع الْجلد الرَّعْلَة، وَهُوَ أَن يشق من الأُذُن شَيْء ثمَّ يتْرك مُعَلّقا، وَمِنْهَا الزنمة، وَهِي أَن تبين تِلْكَ القطعةُ من الْأذن والمُفْضَاة مثلهَا.
اللحياني: أَودى بِهِ الأزلمُ الْجذع، والأزنَم: الْجذع، قَالَ رؤبة يصف الدَّهْر:
أَفنى القُرون وَهُوَ باقٍ زَنَمُه
وأصلُ: الزّنمة: الْعَلامَة.
مزن: عمر عَن أَبِيه قَالَ: المزْنُ: الْإِسْرَاع فِي طلب الْحَاجة.
وَقَالَ اللَّيْث: مزن يمزُن مزوناً: إِذا مضى لوجهه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: هَذَا يَوْم مُزنٍ: إِذا كَانَ يَوْم فرار من العدوّ.
وَقَالَ: مُزينة تَصْغِير مُزنة، وَهِي السَّحابة الْبَيْضَاء.
قَالَ: وَيكون تَصْغِير مَزْنة، يُقَال: مَزَن فِي الأَرْض مَزنةً وَاحِدَة، أَي: سَار عُقْبة وَاحِدَة. وَمَا أَحسن مُزْنَتَه، وَهُوَ الِاسْم مثل حُسْوة وحَسْوة.
أَبُو عُبيد وَغَيره: المازِنُ: بيضُ النّمْل، وأَنشد:
وتَرَى الذّنين على مراسِنِهم
يَوْم الهياجِ كمازِنِ الجثلِ
وَقَالَ قُطربُ: التمزُّنُ: التَّطرُّف، وَأنْشد:
بعد ارقدادِ العزَب الجموح
فِي الجهلِ والتمزُّن الرَّبيحِ
قلتُ: التمزُّن عِنْدِي هَهُنَا تفعّل، من مزَن فِي الأَرْض: إِذا ذهب فِيهَا، وَهُوَ كَمَا يُقَال: فلَان شاطرٌ، وفلانٌ غيّار، وَقَالَ رؤبة:
وكُنّ بعد الضّرْحَ والتَّمزُّن
يَنقَعْنَ بِالْعَذَابِ مشاشَ السنْسِنِ
هُوَ من المزُون، وَهُوَ البُعد.
وَقَالَ ابْن دُريد: فلانٌ يتمزَّن على أَصْحَابه: كَأَنَّهُ يتفضّل عَلَيْهِم وَيظْهر أكثرَ مِمَّا عِنْده.
وَقَالَ المبرّد: مزنتُ الرجلَ تمزيناً: إِذا فَرّظته من وَرَائه عِنْد خليفةٍ أَو والٍ.
قَالَ: وَقيل: التمزنُ، أَي: تَرى لنَفسك فضلا على غَيْرك، ولستَ هُنَاكَ، وَقَالَ رَكّاض الدُّبيري:
يَا عُروَ إنْ تكذب عليّ تمزُّناً
بِمَا لم يكن فاكذِبْ فلستُ بكاذِبِ
وَقَالَ الْمبرد: مزون اسْم من أَسمَاء عُمان.
قَالَ الْكُمَيْت:
فَأَما الأزْدُ أزْدُ أبي سعيد
فأكره أَن أُسميها المَزُونا

(13/158)


وَقَالَ جرير:
وأطفأتُ نيرانَ المَزُونِ وأهلِها
وَقد حاولوها فتْنَة أَن تُسَعَّرا
زمن: قَالَ اللَّيْث: الزَّمن من الزَّمَان: والزَّمِن ذُو الزمانة وَالْفِعْل زمِن يزْمن زَمنا وزمانةً والقومُ زمْنَى: وأَزمنَ الشيءُ: طَال عَلَيْهِ الزَّمَان.
شَمر: الدهرُ والزمانُ وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَخطَأ شمر، لِأَن الزَّمَان زمانُ الرطب والفاكهة، وزمانُ الحرّ وَالْبرد، وَيكون الزَّمَان شَهْرَيْن إِلَى سِتَّة أشهر، قَالَ: والدهر لَا يَنْقَطِع.
قلتُ أَنا: الدهرُ عِنْد العَرب يَقع عَلَى قدْر الزَّمَان من الْأَزْمِنَة، وَيَقَع على مدَّة الدُّنْيَا كلِّهَا، سمعتُ غيرَ وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: أقمنَا بِموضع كَذَا دَهْراً، وَإِن هَذَا الْمَكَان لَا يحملنا دَهْراً طَويلا، وَالزَّمَان يَقع على الْفَصْل من فُصول السّنة، وعَلَى مُدة ولَايَة والٍ، وَمَا أَشبهه.
ز ف ب: مهمل.
ز ف م: مهمل.

(بَاب الزَّاي وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ز ب م
اسْتعْمل مِنْهُ: بزم.
بزم: قَالَ اللَّيْث: البزْمُ: شدَّة العَض بمقدَّم الْفَم، وَهُوَ أخف من العَض، وأَنشد:
وَلَا أَظنُّكَ إنْ عَضّتكَ بازمَةٌ
من البَوازم إلاّ سَوْف تَدْعُوني
وأهلُ الْيمن يسمّون السِّن: البزم.
وَقَالَ أَبُو زيد: بزمْت الشَّيْء: وَهُوَ العَض بالثّنايا دون الأنياب والرَّباعيات، أُخذ ذَلِك من بزْم الرَّامِي، وَهُوَ أَخذُه الوتَر بالإبهام والسَّبابة، ثمَّ يُرسل السّهم.
قَالَ: والكدْم بالقَوادِم والأنياب.
وَقَالَ اللَّيْث: الإبْزِيمُ: الّذي فِي رَأس المِنْطَقَة وَمَا أشبَهها.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الحَلْقة الّتي لَهَا لِسانٌ يُدْخَل فِي الخَرْق فِي أَسْفَل المِحمَل، ثمَّ تَعضّ عَلَيْهَا حَلْقَتها، والحَلْقة جَمِيعًا أبْزِيم، وهُنّ الْجَوَامِع تَجمَع الْحَوَامِل، وَهِي الأوازِم وَقد أَزَمْن عَلَيْهِ.
وَأَرَادَ بالمِحمل حمّالة السّيف؛ قَالَ ذُو الرُّمة يصف فلاة أجهضت الركابُ فِيهَا أولادَها:
بهامى مكَففة أكفانُها قَشَب
فكّتْ خواتيمها عَنْهَا الأبازيمُ
بهَا بِهَذِهِ الفلاة أَوْلَاد إبل أجهضتها فَهِيَ مكفّفة فِي أغراسها فكّت خَوَاتِيم رَحمهَا عَنْهَا الأبازيم؛ وَهِي أبازيم الأنساع.
وَقَالَ اللَّيْث: البَزِيم وَهُوَ الوَزِيم: حُزْمة من البَقْل؛ وَأنْشد:
بأبْلُمَةٍ تُشَدُّ على وَزِيمِ
وَقَالَ الفرّاء: البَزْمُ والمَصْرُ: الحَلْب بالسّبابة والإبهام.

(13/159)


والبَزْم: ضرِيمة الْأَمر، وَهُوَ ذُو مُبازَمةٍ، أَي: ذُو صَرِيمه للأمدِ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: البَزْمةُ: وَزْنُ ثَلَاثِينَ، والأوقيّةُ: وزنُ أَرْبَعِينَ، والنَّشُّ: وزنُ عِشرين.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: هُوَ يَأْكُل وَزْمَة. وبَزْمَة: إِذا كَانَ يَأْكُل وَجْبةً فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة.
وَيُقَال: بزمته بازمةٌ من بوازم الدَّهْر؛ أَي: أَصَابَته شدّةٌ من شَدَائِد. وَفُلَان ذُو بازمة، أَي: ذُو صريمة.

(13/160)


أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الزَّاي

(بَاب الزَّاي والطاء)
ز ط (وَا يء)
زيط: أهملها اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الزِّياطُ: الجُلْجُل؛ وَأنْشد:
كأنّ وَغَى الخَموشِ بجانبَيْهِ
وَغَى رَكْبٍ أمَيْمَ ذَوِي زِياطِ
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: أزْوَطوا وغَوّطوا ودَبَّلوا: إِذا عظَّموا اللَّقم وازدَرَدُوا.
ز د (وَا يء)
زود زدو زيد زأد أَزْد:
(مستعملات) .
زود: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْدُ: تأسيسُ الزّاد، وَهُوَ الطَّعَام الّذي يُتّخذ للسّفر والحَضَر جَمِيعًا.
والمِزْوَدُ: وعاءٌ يُجعَل فِيهِ الزّاد، وكلُّ من انْتقل مَعَه بخيرٍ أَو شَرَ مِن عمَلٍ أَو كسبٍ فقد تَزَوَّد.
وزُوَيْدة: اسمُ امرأةٍ من المَهالِبة، قَالَ: والْمَزادَة بمنزلةِ رِاويَةٍ لَا عَزْلاَءَ لَهَا.
قلتُ: المَزادُ بِغَيْر هَا هِيَ الفَرْدة الّتي يَحتقِبُها الرَّاكِب خَلف رَحْله وَلَا عَزْلاءَ لَهَا؛ وَأما الرّاوية فَهِيَ مَجمَع المزادتَين اللَّتَين تعكمان على جَنْبَي الْبَعِير ويُرَوَّى عَلَيْهِمَا بالرِّواءِ، وكلّ واحدةٍ مِنْهُمَا مَزادة، والجميع المَزايد وربّما حَذَفوا الْهَاء فَقَالُوا مَزاد، أَنْشدني أَعْرَابِي:
تَميميٌّ رَفيقٌ بالمَزادِ
وَقَالَ النَّضر: السطيحة: جلدان مقابلان. قَالَ: والمزادة تكون جلدين وَنصفا وَثَلَاثَة جُلُود. سميت مزادة لِأَنَّهَا تزيد على السطيحتين، وهما المزادتان.
(زيد) : أَبُو عبيد: زادَ الشيءُ يَزيد، وزِدْتُه أَنا أَزِيدُه زِيادةً.
سمعتُ العربَ تَقول للرّجل يُخبِرُ عَن أمرٍ أَو يَستفْهم خَبَراً، فَإِذا أخبرَ حَقّقَ الخَبَرَ وَقَالَ لَهُ: وزادَ وزادَ؛ كَأَنَّهُ يَقُول: زَاد الأَمْرُ على مَا وَصَفْتَ وأخبرتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه إبلٌ كَثِيرَة الزَّيايِد، أَي: كثيرةُ الزِّيادات؛ وأنشَد:
بهَجْمةٍ تَملأُ عينَ الحاسدِ
ذاتِ سُروحٍ جَمَّة الزَّيَايِد
وَمن قَالَ: الزَّوَائِد: فَإِنَّهَا هِيَ جماعةُ الزَّائِدَة، وإنَّما قَالُوا الزَّوَائِد فِي قَوَائِم الدَّابة. وَيُقَال للأَسد: إنّه لذُو زَوائد، وَهُوَ الّذي يتزيّد فِي زَئيره وصوته.

(13/161)


والناقةُ تتزيّد فِي سَيْرها: إِذا تكلّفَتْ فوقَ قَدْرها. والإنسانُ يتزيّد فِي حدِيثِه وكلامِه: إِذا تَكلّف مجاوَزَة مَا يَنبغِي؛ وأَنشَد:
إِذا أنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فَلَا تَلَعْ
وقُلْ مِثلَ مَا قَالُوا وَلَا تَتزَيَّدِ
قَالَ: وزائدة الكَبِد: قطعةٌ معلَّقةٌ مِنْهَا، والجميع الزّيائد.
قَالَ: والمَزادَة: مَفْعلة من الزّيادة والجميع المزايد. قلت: الزادة مفعلة من الزَّاد يُتزَوَّد فِيهَا الماءُ.
والمِزْوَدُ: شبه جِرابٍ من أَدَم يُتزوَّد فِيهِ الطعامُ للسّفر، وجمعُه المزَاوِد.
وزوَّدتُ فلَانا الزادَ تَزْوِيداً فتزوّدَ تزوُّداً. واستزَادَ فلانٌ فلَانا: إِذا عَتَب عَلَيْهِ أمْراً لم يَرضَه. وَإِذا أَعطَى رجلٌ رَجلاً مَالا وطلبَ زِيَادَة على مَا أعطَاهُ، قيل: قد استزادَه. وَيُقَال للرّجل إِذا أُعطِيَ شَيْئا: هَل تزدادُ؟ الْمَعْنى: هَل تَطلُب زِيَادَة على مَا أعطيْتُك. وتَزايَدَ أهلُ السُّوق على السِّلعة: إِذا بِيعَت فِيمَن يزِيد.
زأد: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: زُئِدَ الرجلُ زُءدُداً فَهُوَ مَزْءُود: إِذا زُعِر، وسُئفَ سأْفاً مِثله، وَهُوَ الزُّؤْد والزُّؤُد وأَنشَد:
يُضحِي إِذا العِيسُ أدرَكْنا نكايتَها
خَرْقاءُ يعتادُها الطُّوفانُ والزُّؤُدُ
زدو: قَالَ اللَّيْث: الزَّدْوُ لغةٌ فِي السَّدْوِ، وَهُوَ من لعب الصِّبيان بالجَوْز، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الزَّاي، يَسْدُونَه فِي الحَفِيرة.
أَزْد: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: أزدَى: صَنَع مَعْروفاً، وأَسْدَى: إِذا أَصلَح بَين اثْنَيْنِ. والأزْداءُ: لغةٌ فِي الأصْداء، جمعُ صَدًى. والأزْد: لغةٌ فِي الأَسْد، يجمع قبائلَ وعمائرَ كَثِيرَة من اليَمَن.

(بَاب الزَّاي وَالتَّاء)
زت (وايء)
زَيْت تيز توز: (مستعملات) .
زَيْت: قَالَ اللَّيْث: الزّيْتُ: عُصارةُ الزَّيتون، وَيُقَال: زِتُّ الثَّرِيد، فَهُوَ مَزيت، وزِتُّ رأسَ فلانٍ، وأَنشَد:
وَلَا حِنْطة الشَّأمِ المَزِيت خَمِيرُها
وازدَاتَ فلانٌ: إِذا ادَّهَن بالزَّيت، وَهُوَ مُزْدَات، وتصغيره بتمامِه مُزَيْتيت، وَقَالَ الله تَعَالَى: {} (التِّين: 1) .
قَالَ ابْن عبّاس: هُوَ تِينُكمْ هَذَا، وزَيْتونكم هَذَا. وَقَالَ الفرّاء: وَيُقَال: هما مَسجِدان بالشَّام: أحدُهما الّذي كلّم الله جلَّ وعزَّ عندَه مُوسَى. وَقيل: الزّيْتون: جبالُ الشّام، وَيُقَال للشَّجرة نفسِها: زَيْتونة، ولثمرها زَيتونَة، والجميعُ الزّيْتون، والدَّهْن الَّذِي يُستخرَج مِنْهُ زَيْتٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: زِتُّ الطَّعامَ أَزِيتُه

(13/162)


زَيْتاً؛ فَهُوَ مَزِيت ومَزْيوت: إِذا عَمِلْته بالزَّيت. وَيُقَال للَّذي يَبِيعه ويَعْتصِره: زَيَّات.
تيز: أَبُو عبيدةَ عَن الأمويّ: يُقَال للرّجل إِذا كَانَ فِيهِ غِلَظٌ وشِدّة: تَيَّاز.
وَقَالَ القُطاميّ يصفُ بَكرَةً صَعْبَةً اقتَضَبَها:
إِذا التّيّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا
إليكَ إليكَ ضاقَ بهَا ذِراعَا
وَقَالَ اللَّيْث: التَّيَّازُ: الرجلُ الملززُ المَفاصِل الَّذي تَتَيَّزُ فِي مِشيته كأَنه يتقلّع من الأَرْض تقلُّعاً، وأنشَد:
تَيّازَةٌ فِي مَشْيِها قُنَاخِرَهْ
وَقَالَ الفرّاء: التَّيَّاز: القصيرُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: رجل تَيَّازٌ كثير العَضَل وَهُوَ اللَّحم، وتازَ يَتُوز تَوْزاً، ويَتيز تَيْزاً: إِذا غلُظَ. وأَنْشَد:
تَسْوَّى على عُشَ فتَازَ خَصِيلُها
قَالَ: فَمن جعل تازَ مِن يَتيز جعل التَّيّاز فَعَّالاً، وَمن جعلَه من يَتُوز جَعَله فَيْعالاً، كالقيَّام والدَّيَّار، مِن قامَ ودَارَ. وَقَوله: (تازَ خصيلها) ، أَي: غَلُظ.
(توز) : ابْن الْأَعرَابِي: التُّوْزُ: الأصْل. والأتْوَزُ: الْكَرِيم الأَصْل هُوَ التوز والتوس للْأَصْل.

(أُهمِلت الزَّاي مَعَ الظَّاء، وأُهمِلت مَعَ الذَّال وَمَعَ الثَّاء.
(بَاب الزَّاي وَالرَّاء)
ز ر (وَا يء)
زور روز وزر زير زري زأر أرز أزر (زرأ رزأ: مستعملات) .
زور زأر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: زارَني فلانٌ يَزورُني زَوْراً وزِيَارَةً. والزَّوْرُ: الَّذي يَزُورك، رَجُل زَوْرٌ، رِجَالٌ زَوْرٌ، وامرأَةٌ زَوْرٌ، ونِسَاءٌ زَوْرٌ. وأَصل زار إِلَيْهِ: مَال، وَمِنْه تزاور عَنهُ، أَي: مَال عَنهُ. وزَوِر يزوَر، أَي: مَال. والزَّوْرُ: الصَّدرُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الزَّوْرُ: الْعَزِيمَة، والزَّوْرُ: الصَّدْر.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا لَهُ زَوْر، أَي: مَا لَه رَأْيٌ.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الزّوْرُ: أعْلَى الصَّدْر. قَالَ: والزُّورُ: الباطلُ والكَذِب. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: كلُّ مَا عُبد من دون الله فَهُوَ زُور. وَقَالَ: وَيُقَال: مَا لَه زُورٌ وَلَا صَيُّور بِضَم الزَّاي، أَي: رَأْي يرجع إِلَيْهِ.
وَأما أَبُو زَيد فإنّه قَالَ: مَا لَهُ زَوْرٌ بِهَذَا الْمَعْنى فَفتح الزَّاي، وهما لُغَتان.
وَفِي حَدِيث عمر أنّه قَالَ: كنت زَوَّرْتُ فِي نَفسِي كلَاما يومَ سَقيفة بني سَاعِدَة. قَالَ شمر: التَّزويرُ: إصلاحُ الشيءِ.

(13/163)


وسمعتُ ابْن الأعرابيّ يَقُول: كل إصْلَاح من خيرٍ أَو شرّ فَهُوَ تَزْوِير. قَالَ: وَمِنْه شاهدُ الزُّور يُزَوِّر كلَاما.
قَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم: قد زوَّر عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال:
يكون التزوير فعلُ الْكَذِب أَو الْبَاطِل أَو الزُّور الكَذب، وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم التزوير: التَّشْبِيه، وَقَالَ أَبُو زيد: التزوير: التزويق والتحسين. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تهيئة الْكَلَام وَتَقْدِيره.
وَفِي صَدْره زَوَرٌ، أَي: فَساد يَحتاج أَن يُزَوَّر. قَالَ: وَقَالَ الْحجَّاج: رحم الله امْرأ زوَّر نفسَه على نفسِه، أَي: اتْهمهَا عَلَيْهَا.
وَتقول: أَنا أُزَوِّرُك على نفسِك، أَي: أتَّهِمك عَلَيْهَا، وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي:
بِهِ زَوَرٌ لَم يَستَطِعْه المزَوِّرُ
وناقَة زِوَرّة أسْفار، أَي: مُهَيَّأة للأسفار، مُعَدة.
وَيُقَال: فِيهَا ازورَار من نَشاطِها.
وكلُّ شَيْء كَانَ صَلاحاً لشَيْء وعِصمةً لَهُ، فَهُوَ زِوَارٌ لَهُ وزِيَارٌ لَهُ، وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
كانُوا زِواراً لأهلِ الشَّام قد عَلِموا
لَمّا رأوْا فِيهمُ جَوْراً وطُغْيانا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: زِوارٌ وزِيار، أيْ: عصمَة كزيار الدّابة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي الزوار هُوَ الشكال، وَهُوَ حَبل يكون بَين الحقبِ والتصدير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُجْعل بَين الحَقَبِ والتصدير كي لَا يَدْنو الحَقَبُ من الثِّيل، وَقَالَ الفرزدق:
بأرْحُلِنا يَحِدْنَ وَقد جَعَلْنا
لكل نَجيبةٍ مِنْهَا زِيَارا
وَقَالَ الْقِتَال:
ونحنُ أناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ
صَلِيبٌ وَفينَا قَسوةٌ لَا تُزَوَّرُ
وَقَالَ أَبُو عدنان: أَي: لَا تغمز لقسوَتها وَلَا تُستضعَف.
قَالَ: وقولُهم: زَوَّرْتُ شَهادة فلانٍ راجعٌ إِلَى هَذَا التَّفْسِير، لأنّ مَعْنَاهُ: أَنه استضعِف فغُمِز وغُمزت شهادَتهُ فأُسقِطتْ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التزْوِيرُ: إصْلَاح الْكَلَام وتهيئَتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَوِّرُوا فلَانا، أَي: اذبَحوا لَهُ وأَكْرِموه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمزَوّرُ من الْإِبِل: الَّذِي إِذا سَلَّه المُزَمِّر من بطن أمه اعوَجَ صَدرُه فيغمزه ليُقيمَه، فَيبقى فِيهِ مِن غَمزه أثرٌ يعلم أنّه مُزَوَّر. وَالْإِنْسَان يزوِّر كلَاما، وَهُوَ أَن يقوِّمه ويُتقِنَه قبل أَن يتَكَلَّم بِهِ.
قَالَ: والزُّورُ: شهادةُ الباطلِ وقولُ الكَذِب، وَلم يشتق مِنْهُ تَزْوير الْكَلَام، وَلكنه اشتقّ من تَزْوير الصَّدر.
قَالَ: والزِّيارُ: سِنافٌ يُشَدّ بِهِ الرَّحْل إِلَى صَدْر الْبَعِير بِمَنْزِلَة اللَّبَب للدّابة، ويسمَّى

(13/164)


هَذَا الَّذِي يَشُدّ بِهِ البَيْطارُ جَحْفلة الدَّابَّة: زِياراً، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن شُميل عَن أبي عبيد: الزُّورُ والزُّونُ كلُّ شَيْء يتّخذ رَبّاً يُعبَد.
قَالَ الْأَغْلَب:
جاءُوا بزُورَيْهِمْ وجِئْنا بالأصَم
قَالَ: وَكَانُوا جاءُوا ببَعيرَين فعَقَلوهما وَقَالُوا: لَا نَفرّ حَتَّى يَفرَّ هَذَانِ.
وَقَالَ شمر: الزُّورَانِ رئيسان؛ وأَنشَد:
إِذا قُرِن الزُّورَانِ زُورٌ رازِحٌ
زارٌ وزُورٌ نِقْيهُ طُلافِحُ
قَالَ: الطُّلافحُ: المَهْزول.
وَقَالَ بَعضهم: الزُّورُ: صَخْرة، وَيُقَال: هَذَا زُويْر القومِ، أَي: رئيسُهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الزُّوَيْرُ: صَاحب أمرِ الْقَوْم.
وَقَالَ:
بأيدي رجال لَا هوادة بَينهم
يسوقون للمزن الزُّوَيْر البَلَنْدَدَى
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ للمرار:
أَلا لَيْتَني لم أدر مَا أخْت بارق
وَيَا ليتها كَانَت زوبَراً أنازله
فَأدْرك ثَأْرِي أَو يُقَال أَصَابَهُ
جَمِيع السِّلَاح عَنْبَس الْوَجْه باسله
قَالَ: الزّوبر: الْأسد.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الزون: الصَّنَم وَهُوَ بالفارسيّة زوْن، بشمّ الزَّاي والسّين.
قَالَ حميد:
ذَات المَجُوسِ عَكَفْت للزُّونِ
قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ} (الْكَهْف: 17) ، قَرَأَ بَعضهم: (تزاور) ، يُرِيد تتزاور، وَقَرَأَ بَعضهم: (تزْوَرُّ) و (تزْوَارُّ) ، قَالَ: وازْوِرارُها فِي هَذَا الْمَوْضُوع أَنَّهَا كَانَت تطلُع على كهفِهم ذَات الشمَال فَلَا تصيبهم.
وَقَالَ الْأَخْفَش: تزاوَرُ عَن كهفِهم، أَي: تَميل، وَأنْشد:
ودُون لَيْلَى بَلدٌ سَمَهْدَرُ
جَدْبُ المُنَدَّى عَن هوانا أَزْوَرُ
يُنْضِي المطَايا خِمْصه العَشَنْزَرُ
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّوَرُ: مَيَلٌ فِي وَسَط الصَّدْر.
والكلبُ الأزوَرُ: الَّذِي استدقّ جَوْشَنُ زوْرِهِ وَخرج كَلْكَلُه كَأَنَّهُ قد عُصِر جانباه، وَهُوَ فِي غَيْر الْكلاب مَيَلٌ لَا يكون معتدلَ التربيع نَحْو الكِرْكِرة واللِّبْدة.
أَبُو عبيد: الزّأرَةُ: الأجمة.
قَالَ اللَّيْث: الزّأْرَةُ: الأجمة ذاتُ الحَلْفاءِ والقصب.
وَعين الزّأرَة بِالْبَحْرَيْنِ مَعْرُوفَة، والزارة قريةٌ كبيرةٌ بهَا، وَكَانَ مَرْزُبانُ الزّارة مِنْهَا، وَله حَدِيث مَعْرُوف.
ومدينةُ الزَّوْراء ببغدادَ فِي الْجَانِب الشَّرْقِي، سميتْ زوْراءَ لازوِرارٍ فِي

(13/165)


قِبْلَتِها.
والزوراء: القَوْس المعْطوفة.
والزوراء: دارٌ بناها النعمانُ بِالْحيرَةِ، وفيهَا يَقُول النَّابِغَة:
بزَوْراء فِي أَكنافها المسْكُ كارعُ
وَيُقَال: إِن أَبَا جَعْفَر هدم الزَّوْرَاء بالحِيرَة فِي أَيَّامه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: زوراءُ هَهُنَا مَكُّوكٌ من فضَّة فِيهِ طول مثل التَّلْتَلَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الزِّوَرُّ: السَّيْر الشَّديد، وَقَالَ القُطاميّ:
يَا ناقُ خُبِّي زِوَرَّاً
وقَلّبي منْسِمِك المُغْبَرّا
وناقة زوْرةٌ: قَوِيَّة غَلِيظَة.
وفلاةٌ: بعيدةٌ فِيهَا ازوِرار.
وَقَالَ أَبُو زيد: زوَّر الطائرُ تزْويراً: إِذا ارتفعتْ حَوْصَلَتُهُ.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال للحوْصلة الزّارةُ والزاوُورة والزّاورةُ.
قَالَ: والتزوِيرُ: أَن يُكرم المزُورُ زائرَه وَيعرف لَهُ حقَّ زيارته.
وَقد زوّرَ القومُ صَاحبهمْ تزْويراً: إِذا أَحْسنوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْلهم: لَيْسَ لَهُ زور، أَي: لَيْسَ لَهُ قوّة وَلَا رَأْي.
وحَبْل لَهُ زوْر، أَي: قُوَّة، قَالَ: وَهَذَا وفاقٌ وَقع بَين الْعَرَبيَّة والفارسية.
قلت: وقرأت ... .
وَفِي كتاب اللَّيْث فِي هَذَا الْبَاب: يُقَال للرجل إِذا كَانَ غليظاً إِلَى القِصَر مَا هُوَ: إِنَّه لَزُوَّار وزوَارِية. وَهَذَا تَصْحِيف مُنكَر وَالصَّوَاب: إِنَّه لَزُوازٌ وزُوَازية بزاءين، قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي وَأَبُو عَمْرو وغيرُهما.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للبعير المائل السَّنام، هَذَا بعيرٌ أزْوَر. وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول صَخْر الغَيّ:
وماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرةٍ
كمَشيِ السَّبَنتَى يراح الشفِيفا
قَالَ: على زَورَةٍ: نَاقَة شَدِيدَة.
ويروى زورة بِالضَّمِّ، أَي: على بعد. وَهِي اسْم من الزَّوْرَاء، أَي: الْبَعِيدَة، فلاة زوراء، أَي: وَردت على انحراف مني.
وَيُقَال: على نَاقَة فِيهَا ازوِرار وحَدْر.
وَقيل: إِنَّه أَرَادَ على فلاةٍ غير قاصدة.
وزر: قَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {الْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ} (الْقِيَامَة: 11) ، الوَزرُ فِي كَلَام الْعَرَب: الجبَلُ الَّذِي يُلتجأ إِلَيْهِ، هَذَا أصلُه، وكلُّ مَا التجأتَ إِلَيْهِ وتحصّنْتَ بِهِ فَهُوَ وَزرٌ.
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَاجْعَل لِّى وَزِيراً مِّنْ أَهْلِى} (طه: 29) ، قَالَ: الْوَزير فِي اللُّغَة اشتقاقهُ من الْوزر، والوزر: الجَبل الَّذِي يُعتَصم بِهِ ليُنجي من الهلكة، وَكَذَلِكَ وزيرُ الْخَلِيفَة مَعْنَاهُ الَّذِي يَعتمِد على رَأْيه فِي أمورِه، ويلتَجىء إِلَيْهِ.
وَقَوله: {الْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ} (الْقِيَامَة: 11) ، مَعْنَاهُ: لَا شيءَ يُعتَصم بِهِ من أمرِ الله.

(13/166)


وَقَالَ غيرُه: قيل لوَزِير السُّلْطَان وزيرُ، لأنّه يَزِر عَن السّلطان أَعْباءَ تَدْبِير المملكة، أَي: يَحْمل ذَلِك.
وَقد وَزَرْتُ الشيءَ أَزِره وَزْراً، أَي: حملتَه.
وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (الْأَنْعَام: 164) ، أَي: لَا تَحمِل نفسٌ آثِمةٌ وِزْرَ نفسٍ أُخْرَى، وَلَكِن كلّ يُجزَى بِمَا كَسَب؛ والآثامُ تسمَّى أوزاراً، لأنّها أحمالٌ مثقِلة، واحدُها وِزْر.
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ مَوْزورٌ غيرُ مأجور، وَقد وُزِر يُوزَرُ.
وَقَالَ: مأزور غير مأجور؛ لمّا قابَلوا المَوْزور بالمأجور قلَبوا الواوَ همزَة ليأتلفَ اللّفظان ويزدَوِجَا.
وَقَالَ غيرُه: كأنّ مأزُور فِي الأَصْل مَوْزُوراً، فبنَوْه على لفظ مَأْجور.
وَفِي الحَدِيث: (ارْجِعْن مَأْزُورات غيرَ مَأْجُورَات) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ} (مُحَمَّد: 4) .
قَالَ: يريدُ آثامَها وشِرْكَها حَتَّى لَا يبقَى إلاّ مُسلِم أَو مُسَالم.
قَالَ: وَالْهَاء فِي {الْحَرْبُ} للحرب، وَأَتَتْ بِمَعْنى أوزار أَهلهَا.
وَقَالَ غيرُه: الأوْزارُ ههانا السّلاح وآلةُ الحَرْب. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وأعدَدْت للحَرْبِ أوزارَها
رِماحاً طِوَالاً وخَيْلاً ذُكُورا
قَالَه أَبُو عبيد.
زير: قَالَ ابْن السكّيت وغيرُه: الزِّيرُ: الكَتّان. وَيُقَال: فلَان زِيرُ نِساء: إِذا كَانَ يحِب زِيارَتُهن ومحادَثتَهن.
وَقَالَ رؤبة:
قُلتُ لِزيرٍ لم تَصِلْه مَرْيمُهْ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: جمعُ الزِّير زِيرَة وأَزْيار.
قَالَ: وامرأةٌ زِيرٌ أَيْضا، ولَم أسمَعْه لغيره.
وَقَول الْأَعْشَى:
ترى الزير تبْكي لَهَا شجوهُ
مَخَافَة أَن سَوف يدعى لَهَا
(لَهَا) للخمر. يَقُول: زير الْعود تبْكي مَخَافَة أَن يطرب الْقَوْم إِذا شربوا، فيعملوا الزير لَهَا للخمر، وَبهَا للخمر.
وَأنْشد يُونُس:
تَقول الحارثية أم عَمْرو
أَهَذا زيره أبدا وزيري
قَالَ: مَعْنَاهُ: فَهَذَا دأبه أبدا ودأبي.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الزِّيرُ من الرِّجال: الغَضْبانُ المُقاطِع لصاحِبِه.
قَالَ: والزِّيرُ: الزِّرُّ. قَالَ: ومِن العَرَب من يَقْلِب أحدَ الحرفين المدغَمين يَاء، فَيَقُول فِي مز ميز، وَفِي زِرّ: زِيرِ، وَهُوَ الدُجَهْ،

(13/167)


وَفِي رز رِيزٌ، وأصلُ الزِّير الغَضْبان بالهَمْز، من زأَر الأَسَدَ يزْأَرُ.
وَيُقَال للعَدُوِّ: زائر، وهم الزائرون. وَقَالَ عنترة:
حَلَّتْ بأَرْضِ الزائرِين فأصبَحَتْ
عَسِراً عَلَيّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
قَالَ بَعضهم: أَرَادَ أنّها حلّت بِأَرْض الْأَعْدَاء. والفَحْل أَيْضا يَزْئرُ فِي هَدِيره زَأْراً: إِذا أَوْعد.
قَالَ رؤبة:
يَجمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَحْضاً
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزّائر: الغَضْبان بِالْهَمْز. والزاير: الحَبيب.
وبيتُ عنترةَ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ؛ فمَن هَمَز أَرَادَ الأعداءَ، وَمن لَم يَهمِز أرادَ الأحْباب.
روز: قَالَ اللّيث: الرَّوْزُ: التّجربة؛ يُقَال: رُزْ فلَانا، ورُزْ مَا عِنْده.
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَوْلهم: قد رُزت مَا عِنْد فلَان، أَي: طلبته وأردته.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف الْبَقر وطلبها الكنس من الْحر:
إِذْ رازت الكُنْس إِلَى قعورها
واتقت الملافح من حَرورها
يَعْنِي: طلبت الظل فِي قعور الكنس.
قَالَ: والرّازُ: رأسُ البنائين، والجميع الرّازَة، وحِرْفَته الرِّيازة.
قلتُ: أَرَى الليثَ جَعَل الرّازَ وَهُوَ البَنّاء مِن رازَ يَرُوز: إِذا امتحن عَمَله فحَذَقه وعاوَدَ فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث: كَانَ رَازَ سفينة نوح جبريلُ، والعاملُ نوح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: يُقَال: رازَ الرَّجلُ صَنْعته: إِذا قَامَ عَلَيْهَا وأَصلَحها؛ وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
فعادَ لَهُنّ ورَازَا لَهُنّ
واشتَرَكا عَمَلاً وائتِمارا
يُرِيد: قاما لهنّ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: المَرازَانِ: الثَّدْيان، وهما النَّجْدان؛ وأَنشَد ابْن الأعرابيّ:
فرَوِّزَا الأمرَ الَّذِي تَرُوزَانْ
وَقَالَ ذُو الرمة:
وليل كأثناء الرّوَيْزِيّ جبتُه
بأَربعة والشخص فِي الْعين وَاحِد
إحم علا فيّ وأبيض صارمٌ
وأعيس مهريّ وأَشعب ماجد
أَرَادَ بالرويْزِي: كسَاء نسج بالبري.
زري: قَالَ أَبُو زيد: زَرَيْتُ عَلَيْهِ مَزْرِيةٌ وزَرَياناً: إِذا عبْتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: زَرَّيْت عَلَيْهِ: إِذا عِبته، وأنشَد:
يَا أيّها الزّارِي على عُمرٍ
قد قلتَ فِيهِ غيرَ مَا تَعَلَمْ
قَالَ: وأَزرَيْت بِهِ بِالْألف إزْراءً: إِذا

(13/168)


قَصَّرْتَ بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: زَرَى عَلَيْهِ عمَله: إِذا عَاب وعَنّفَه. قَالَ: وَإِذا أَدخَل على أَخِيه عَيْباً فقد أَزرَى بِهِ وَهُوَ مُزْرى بِهِ.
وَأما أرْزَيْتُ بِهِ الرَّاء قبل الرَّازِيّ فَإِن أَبَا عُبَيد روى عَن الأمويّ: أَرْزَيْتُ إِلَيْهِ، أَي: استَنَدْت.
وَقَالَ شمر: إِنَّه ليُرْزِي إِلَى قوّةٍ، أَي: يَلجأُ إِلَيْهَا؛ وأَنشَد قولَ رؤبة:
يُرْزِي إِلَى أَيْدٍ شَديد إيَاد
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْزَا فلانٌ إِلَى كَذَا، أَي: صَار إِلَيْهِ، وَالصَّحِيح تركُ الْهَمْز.
وزر: قَالَ ابْن بُزرج: يَقُول الرجل مِنا لصَاحبه فِي الشَّرِكة بَينهمَا: إنّك لَا تَوَزَّرُ حُظوظَةَ الْقَوْم. وَقد أَوْزَر الشيءَ: ذهبَ بِهِ واغتَبَاه، وَيُقَال: قد استَوْزَره. قَالَ: وَأما الاتِّزار فَهُوَ من الوِزْر؛ يُقَال: اتّزَرْتُ وَمَا اتَّجَرْت، ووَزَرتُ أَيْضا.
أزر: قَالَ: وَيُقَال: وأزرني فلَان على الْأَمر وآزرني، وَالْألف أفْصح. وَقَالَ: أَوْزَرتُ الرجل فَهُوَ مُزْوَرٌ جَعلتُ لَهُ وَزَراً يأوِي إِلَيْهِ. وأَوْزَرْت الرجلَ من الوِزْر، وآزرتُ من المُوَازَرة، وفَعَلْتُ مِنْهَا أَزَرْتُ أَزْراً، وتأَزَّرْتُ.
سَلمَة عَن الفرّاء: أَزَرْت فلَانا آزُرُه أَزْراً: قوّيته، وآزَرْتهُ: عاوَنْته.
وَقَرَأَ ابْن عَامر وحدَه: (فأَزَرَه فاستغلظ) (الْفَتْح: 29) ، على فِعلِه، وَقَرَأَ سائرُ القُرُّاء: {شَطْأَهُ} .
وَقَالَ الزّجّاج: آزرتُ الرجلَ على فلانٍ: إِذا أعنْتَه عَلَيْهِ وقوّيْتَه.
قَالَ: وقولُه: {شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} ، أَي: فآزَرَ الصغارُ الكبارَ حتّى استوَى بعضُه مَعَ بعض.
قَالَ الأصمعيّ فِي قَول الشَّاعِر:
بمحنِيةٍ قد آزَرَ الضّالَ نَبْتُها
مَجَرّ جُيوشٍ غانِمين وخُيَّبِ
أَي: سَاوَى نَبْتُها الضال، وَهُوَ السدر البَرّيّ، أَرَادَ فآزره الله جلّ وعزّ فساوى الفِراخ الطِّوالَ، فَاسْتَوَى طولهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله جلّ وَعز: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (طه: 31) .
قَالَ: الأزرُ: الْقُوَّة. والأزرُ: الظَّهْر. والأزرُ: الضَّعْف.
قَالَ: والإزرُ: الأصلُ بكسْر الْهمزَة، قَالَ: فَمن جعل الأزرَ الْقُوَّة قَالَ فِي قَوْله: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (طه: 31) ، أَي: اشدُد بِهِ قوتي، وَمن جعله الظّهْر، قَالَ: شُدَّ بِهِ ظَهْري، أَي: قوِّ بِهِ ظَهْري، وَمن جعله الضَّعف قَالَ: شُدَّ بِهِ ضعْفي وقوِّ بِهِ ضعْفي.
وَيُقَال للإزار: مِئزر؛ وَقد ائتَزَر فلانٌ إزْرَةً حَسَنَة، وتأزر: لبس الْإِزَار، وجائزٌ أَن تَقول: اتّزَرَ بالمئْزَر أَيْضا، فِيمَن يدغم الهمزةَ فِي التَّاء، كَمَا يُقَال اتَّمنْتُه، وَالْأَصْل ائتَمَنْته.

(13/169)


قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال فلانٌ عفيفٌ المئْزَر، وعفيفُ الْإِزَار إِذا وُصف بالعِفّة عَمَّا يحرُم عَلَيْهِ من النِّسَاء. ويُكنى بالإزار عَن النَّفس، كَقَوْلِه:
فِدى لَك من أخي ثِقَةٍ إزَارِي
وجمعُ الْإِزَار: أُزر. أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ آزَرُ: وَهُوَ الأبيضُ الفخذين، ولونُ مقادِيمه أسوَد، أَو أيُّ لون كَانَ. وأَزَّرْتُ فلَانا: إِذا أَلْبستَه إزاراً فتأَزَّر بِهِ تأزّراً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَِبِيهِءَازَرَ} (الْأَنْعَام: 74) ، يُقرأ بِالنّصب: {ءَازَرَ} ، وَيقْرَأ بِالضَّمِّ: (آزَرُ) ، فَمن نصب فموضع آزرَ خفضٌ بَدَلا من (أَبِيه) ، وَمن قَرَأَ: (آزَرُ) بِالضَّمِّ فَهُوَ على النِّداء.
قَالَ: وَلَيْسَ بَين النّسّابين اختلافٌ أَن اسْم أَبِيه كَانَ تارَخَ.
قَالَ: وَالَّذِي فِي الْقُرْآن يدلّ على أَن اسْمه آزَرَ. وَقيل: آزر عِنْدهم ذَمٌّ فِي لغتهم، كَأَنَّهُ قَالَ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَِبِيهِ} الخاطىء.
ورَوَى سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً} (الْأَنْعَام: 74) .
قَالَ: لم يكن بِأَبِيهِ، ولكنّ آزرَ اسمُ صَنَم فموضعُه نصب كَأَنَّهُ قَالَ: وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ: أتتَّخذ آزرَ إِلَهًا، أَي: أتتخذ أصناماً آلِهة.
رزأ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رزَأَ فلانٌ فلَانا: إِذا قَبل بِرّه. وَأَصله الْهَمْز فخفّفه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: قد رَزَأْتُ الرجلَ أَرْزأُه رُزْءاً ومَرْزِئَةً: إِذا أصبتَ مِنْهُ خيرا مَا كَانَ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: رُزِئْته: إِذا أَخذ مِنْك، وَلَا يُقَال: رُزِيْتُه، وَقَالَ الفرزدق:
رُزِئْنَا غَالِبا وأباهُ كانَا
سِمَاكَيْ كلِّ مُهتلِكٍ فَقير
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَا رَزأَ فلانٌ فلَانا شَيْئا، أَي: مَا أصَاب من مَاله شَيْئا، وَلَا انتقَصَ مِنْهُ.
قَالَ: والرُّزْء: المصيبةُ، وَالِاسْم الرَّزِيئة والمرْزئة. وفلانٌ قليلُ الرَّزْء للطعام، وَقد أصابَه رُزْءٌ عَظِيم، وجمعُه أَرْزاء.
ورجُل مُرَزَّأٌ: وَهُوَ الَّذِي يُصيب النَّاس من مالِه. وقومٌ مُرَزءُون: وهُم الَّذين تصيبهم رَزايَا فِي خِيَارهم.
أرز: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (إنَّ الْإِسْلَام ليأْرِز إِلَى الْمَدِينَة كَمَا تأْرزُ الحيّة إِلَى جُحْرها) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام (يأْرزُ) ، أَي: ينضمّ إِلَيْهِ ويجتمع بعضه إِلَى بعض فِيهَا، قَالَ رُؤبة:
فذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأرْزِ
يَعْنِي أَنه لَا ينبسط للمعروف، وَلكنه ينضمّ بعضُه إِلَى بعض.

(13/170)


وَقَالَ الأصمعيّ: أَخْبرنِي عِيسَى بنُ عمر عَن أبي الْأسود الدؤليّ أَن فلَانا إِذا سُئِل أَرز، وَإِذا دُعيَ اهتزّ.
يَقُول: إِذا سُئل المعروفَ تضَامّ، وَإِذ دُعِي إِلَى طعامٍ أسرَع إِلَيْهِ.
وَقَالَ زهيرٌ يصف نَاقَة:
بآرزة الفَقارة لَم يَخنهَا
قِطَافٌ فِي الرِّكاب وَلَا خِلاَءُ
وَقَالَ: الآرِزة: الشَّدِيدَة الْمُجْتَمع بَعْضهَا إِلَى بعض.
قلت: أَرَادَ أنّهَا مُدْمَجة الفَقار متداخِلَته، وَذَلِكَ أشدّ لظهرها.
وَفِي حديثٍ آخر: أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: (مثل الْكَافِر كَمثل الأرْزة المجدِبة على الأَرْض حَتَّى يكون انجعافها مرّة واحدةٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي الأَرزة بِفَتْح الرَّاء من الشّجر الأرْزنِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَالْقَوْل عِنْدِي غيرُ مَا قَالَا، إِنَّمَا هُوَ الأرْزَة بِسُكُون الرَّاء وَهِي شجرةٌ معروفةٌ بِالشَّام تسمى عندنَا الصَّنَوْبَرَ، من أجْلِ ثمره.
وَقد رأيتُ هَذَا الشّجر يسمَّى الأرْز واحدتُهَا أَرْزة، وَتسَمى بالعراق الصَّنَوْبر، وَإِنَّمَا الصَّنَوْبر ثمرُ الأرْز فسمِّي الشجرُ صنوبراً من أجل ثمره.
أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْكَافِر غير مُرَزَّءٍ فِي نَفسه ومالِه وأهلِه وولدِه حَتَّى يَمُوت، فشبّه مَوته بانجعاف هَذِه الشَّجَرَة من أصلِها حَتَّى يلقى الله بذنوبه حامّة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الأرْز أَيْضا: أَن تتدخل الحيةُ جُحرها على ذَنبها؛ فآخر مَا يبْقى مِنْهَا رَأسهَا فَيدْخل بعدُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْإِسْلَام خرج من الْمَدِينَة فَهُوَ ينْكص إِلَيْهَا حَتَّى يكون آخِره نكوصاً كَمَا كَانَ أَوله خُرُوجًا. وَإِنَّمَا تأرِز الْحَيَّة على هَذِه الصّفة، إِذا كَانَت خائفة، وَإِذا كَانَت آمِنَة فتبدأ بِرَأسها فتدخله، وَهَذَا هُوَ الانمحار.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الليلةُ الآرِزة: الْبَارِدَة، وَقد أَرَزتْ تأرزُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه سُئل أعرابيٌّ عَن ثَوْبَيْنِ لَهُ فَقَالَ: إِذا وجدتُ الأرِيزَ لبسْتُهما.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يومٌ أَرِيزٌ: إِذا اشتدّ بَرْدُه.
قَالَ: والأرِيزُ والحَلْيت شبهُ الثَّلج يَقع بِالْأَرْضِ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: رأيتُ أَرِيزته وأَرَائِزَه تَرْعُد. وأَريزة الرجل: نفسُه. وأَريزة القومِ: عميدُهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رَازَ فلانٌ فلَانا إِذا عايَبَه، ورازهُ إِذا اختَبره ورَازَاه إِذا قَبِل بِرّه.
قلتُ: قَوْله: رَازاه: إِذا اختَبَره مقلوبٌ،

(13/171)


أصلُه راوَزَه، فأَخّر الواوَ وجعَلَها ألفا سَاكِنة وَالنِّسْبَة إِلَى الرَّيّ رَازِي، وَمِنْه قَول ذُو الرمّة:
ولَيْلٍ كأَثناءِ الرُّوَيْزِيِّ جُبْتُه
أَرَادَ بالرُّوَيْزِيّ ثوبا أخضرَ من ثِيَابهمْ، شَبّهَ سوادَ اللّيل بِهِ.

(بَاب الزَّاي وَاللَّام)
ز ل (وَا يء)
(لوز لزأ ألز زول: (مستعملة) .
لوز: اللَّوزُ: مَعْرُوف من الثّمار، اسمُ للجِنس، الْوَاحِدَة لَوْزَة، وَرجل مُلوَّز: إِذا كَانَ لطيفَ الصّورة.
واللَّوْزِينَجُ من الحَلْواءِ أشبه بالقطايف تُؤدَم بدُهن اللَّوْز.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القُمْرُوص: اللَّوْز.
قَالَ: والجِلَّوْزُ: البُنْدُق.
لزأ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: لزَأْتُ الإبلَ: إِذا أحسَنْتَ رِعْيتها. ولَزَأْتُ الرجلَ: إِذا أعطيتَه.
قَالَ: وتلزّأتْ رِيّاً: إِذا امْتَلَأت رِيّاً، وَكَذَلِكَ توزّأَتْ رِيّاً. ولزأْتُ القِربة: إِذا ملأتَها.
ألز: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الألْز: اللُّزوم للشَّيْء، وَقد أَلَزته يألِزُ أَلْزاً.
زول: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الزَّوْل: الغلامُ الظّريف. والزَّوْل: الصَّقْر. والزَّوْل: فَرْجُ الرجل. والزَّوْل: العُجْب. والزَّوْلُ: الشّجاع. والزَّوْل: الجَواد. والزَّوْلة: الْمَرْأَة البَرْزَة. والزَّوْل: الزَّوَلان.
أَبُو عبيد: الزَّوْل من الرِّجَال الخفيفُ الظريفُ، وجمعُه أزْوال، وَالْمَرْأَة زَوْلة، قَالَ: والزَّوْل: العُجْب، وأَنشَد للكميت:
زَوْلاً لَدَيْهَا هُوَ الأزْوَلُ
والمُزاوَلة: معالجةُ الرّجل الشيءَ ومحاوَلتُه، يُقَال: فلانٌ يُزاوِل حَاجَة لَهُ.
قلتُ: وَهَذَا كلُّه من زَالَ يَزول زَوْلاً وزَوَلاناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الزّوْل: الْحَرَكَة، يُقَال: رأيتُ شَبَحاً، ثمَّ زَالَ، أَي: تحَرَّك.
قَالَ: وزالَ يَزُول زَوْلاً: إِذا تَظَرَّف.
وَقَالَ اللّيثُ: الزّوال: زَوالُ الشّمس، وَزَوَال المُلْك وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَزُول عَن حَاله؛ وَقد زَالَت الشمسُ زَوالاً. وزَال القومُ عَن مكانِهم: إِذا حاصُوا عَنهُ وتَنَحَّوا.
وَقَالَ الأصمعيّ: زُلْت من مَكَاني أَزُول زَوَالاً، وأَزَلْتُه عَن مَكَانَهُ إِزَالَة. وزاوَلْتُه مُزَاوَلةً: إِذا عالجَته.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: استَحِلّ هَذَا الشخصَ واستزِلَّه، أَي: انظرْ هَل يَحُول، أَي: يتحرّك أَو يَزُول، أَي: يُفَارق مَوْضِعه. وَيُقَال: أخَذَه العَوِيل والزّوِيل

(13/172)


لأمرٍ مَا، أَي: أخذَه البُكاءُ والقَلَق والحَرَكة.
وَفِي الحَدِيث أنّ رجلا من الْمُشْركين رَمَى رجلا من الْمُسلمين كَانَ يُرايغ العدوّ فِي قُلَّة جَبل، فَرَمَاهُ رجلٌ من الْمُشْركين بسهمَين، وَلم يتحرّك.
فَقَالَ الرَّامِي: قد خالَطَه سهمايَ، وَلَو كَانَ زايلهُ لتحرّك وَلم يتحرّك الْمُسلم لئلاّ يَشعُر بِهِ الْمُشْركُونَ فيُجهِزوا عَلَيْهِ.
والزائلةُ: كلُّ ذِي رُوح من الْحَيَوَان يَزُول عَن مَوْضِعه وَلَا يقَرّ فِي مَكَانَهُ، يَقع على الْإِنْسَان وغيرِه وَقَالَ الشَّاعِر:
وكنتُ امْرأ أَرمِي الزَّوائل مَرّةً
فأصبحتُ قد ودّعْت رَمْيَ الزَّوائلِ
وعَطّلْتُ قوسَ الجهلِ عَن شَرَعاتِها
وعادَتْ سِهامي بينَ رَثَ وناصِلِ
وَهَذَا رجلٌ كَانَ يَختِل النساءَ فِي شبيبَته بحُسْنه، فلمّا شَاب وأسَنَّ لَمْ تَصْبُ إِلَيْهِ امْرَأَة.
وَيُقَال: فلَان يَرمِي الزَّوائل: إِذا كَانَ طَبّاً بإصْباء النّساء إِلَيْهِ.
وَيُقَال للرجل إِذا فَزِع، من شَيْء وحَذِر: زِيلَ زَوِيلهُ.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: زيل زويله، أَي: بلغ مَكْنُون نَفسه.
وَقَالَ اللحياني يُقَال: لما رَآنِي زيل زويله وزواله من الذعر والفَرَق؛ أَي: جَانِبه. وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
إِذا مَا رأتنا زيل منا زويلها
وَيُقَال: فلَان لَا يَسْتَطِيع من منزلَة زويلاً وَلَا حويلاً، أَي: تحويلاً. قَالَ الرَّاعِي:
لَا يَسْتَطِيع عَنِ الديار حويلا
ويروى: زويلا.
وَيُقَال: زَالَ الشَّيْء: إِذا ترك عَن مَكَانَهُ وَلم يبرحه؛ وَمِنْه قيل: ليلٌ زائل النُّجُوم، إِذا وصف بالطول؛ أَي: تلوح نجومه وَلَا تغيب. وَقَالَ الشَّاعِر:
ولي مِنْك أَيَّام إِذا شحط النَّوَى
طوال وليلاة نزُول نجومها
أَي: تلمع وَلَا تغيب. وَقَول الشَّاعِر:
وَلَا مَال إِلَّا زائل وشريم
أَرَادَ بالزائل: الْوَحْش. والشريم: الْقوس يصيد بهَا.
وَيُقَال فلَان عوْز لوز؛ اتِّبَاع لَهُ.
وَيُقَال: مَا زالَ يَفعل كَذَا وَكَذَا، وَلَا يزَال يَفعَل كَذَا، كَقَوْلِك: مَا بَرح وَمَا فَتِىء وَمَا انفَكّ، ومضارِعُه لَا يَزال، وَلَا يُتكلّم بِهِ إِلَّا بحرفِ نفيٍ.
قَالَ ابْن كيسَان: لَيْسَ يُرَاد بِمَا زَالَ وَلَا يزَال الْفِعْل من زَالَ يَزُول إِذا انْصَرف من حَال إِلَى حَال، وزَال من مَكَانَهُ، وَلَكِن يُرَاد بهما مُلَازمَة الشَّيْء والحالُ الدائمة.
وَأما زالَ يَزيل فَإِن سَلمَة روى عَن الفرّاء أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} (يُونُس: 28) قَالَ: لَيست من زُلْتُ، وَإِنَّمَا هِيَ من زِلْتُ الشيءَ فَأَنا أَزِيله: إِذا فَرّقْتَ

(13/173)


ذَا مِن ذَا.
وأبنت ذَا من ذَا، كَقَوْلِك: مِزْ ذَا من ذَا.
وَقَرَأَ بعضُهم: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} (يُونُس: 28) ، أَي: فرّقنا، وَهُوَ مِن زالَ يَزُول، وأَزلْتُه أَنا.
قلت: وَهَذَا غلط مِنْهُ، وَلم يُميز بَين زَالَ يَزُول وزالَ يَزِيل، كَمَا مَيّز بَينهمَا الفرّاء. وَكَانَ القُتَيبيّ ذَا بَيان عَذْب، إلاّ أَنه منحوسُ الحظّ من النّحو والصّرف ومقايِسهما؛ وَأما قولُ ذِي الرّمة:
وبَيْضَاءَ لَا تَنْحاشُ مِنّا وأُمُّها
إِذا مَا رأتْنا زِيلَ مِنّا زَوِيلُها
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالبيضاء بيضةَ النعامة: (لَا تَنحاشُ منّا) ، أَي: لَا تَنفِر منّا، لأنّ الْبَيْضَة لَا حَراكَ لَهَا، وأمُّ البيضةِ: النّعامةُ الّتي باضَتْها إِذا رأَتْنا ذُعِرَتْ منّا وجَفَلَتْ نافرةً، وَذَلِكَ معنى قَوْله:
زِيلَ منّا زَوِيلُها
وَأما قَول الْأَعْشَى:
هَذَا النهارُ بدَا لَها من هَمِّها
مَا بالُها باللّيل زالَ زَوالَها
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاء: إِنَّمَا هُوَ مَا بالُها باللّيل زَالَ زَوالُها، بِالضَّمِّ؛ وَتقول: هَذَا إقواء، وَرَوَاهُ غيرُه بالنَّصْب على معنى زَالَ عَنْهَا طَيْفُها باللّيل كزَوالِها هِيَ بالنّهار.
وَقَالَ أَبُو بكر: زَالَ زَوَالهَا؛ أَزَال الله زوالَها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس أحمدُ بن يحيى فِي قَوْله: (زالَ زَوالَها) تقديرُه: زالَ خَيالُها؛ أَي: زَالَ خيالها حِين تَزُولُ فَنَصب زوالَها فِي قَوْله على الْوَقْت. وَمذهب المحلّ.
وَيُقَال: ركوبي ركوبَ الْأَمِير، أَي: وَقت ركُوب الْأَمِير، والمصادر المؤقتة تجْرِي مجْرى الْأَوْقَات. وَيُقَال: ألْقى عبد الله خروجَه من منزله، أَي: وَقت خُرُوجه من منزله.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أَزَال الله زوالَه، وزَالَ زَوالَه: إِذا دعى عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ. وَحكى زيل زوالُه وَيُقَال: زَالَ الشَّيْء من الشَّيْء يَزيله زيلاً: إِذا مازه. وزِلته فَلم يزل قلت: وَهَذَا يُحَقّق مَا قَالَه أَبُو بكر فِي قَوْله: زَالَ زَوَالهَا، أَنه بِمَعْنى أَزَال الله زَوَالهَا. أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: زلت الشَّيْء وأزلته، هَكَذَا رَوَاهُ فِي الْأَمْثِلَة.
وَرُوِيَ عَن عليّ كرم الله وجهَه أَنه ذَكَر المهديَّ من وَلد الحُسَين فَقَالَ: وَأَنه يكون: أزْيَلَ الفَخِذين، أَرَادَ أنّه مُتزايِل الفخذين وَهُوَ الزَّيْل بِمَعْنى التَّزَيُّل.

(بَاب الزَّاي وَالنُّون)
ز ن (وَا يء)
زين زون زني زنأ وزن نزا نزأ نوز: (مستعملة) .
زين: الزَّيْن: نقيضُ الشَّين، وسمعتُ صبيّاً من بني عُقَيل يَقُول لصبيّ آخَر: وجهِي زَيْن ووجهُك شَيْن، أَرَادَ أَنه صَبيح

(13/174)


الْوَجْه، وَأَن الآخر قبيحُه، وَالتَّقْدِير: وجهِي ذُو زَيْن، ووجهُك ذُو شَيْن، فنعتهما بالمَصْدَر، كَمَا يُقَال: رجلٌ صَوْم وعَدْل، أَي: ذُو عَدْل.
وَقَالَ اللّيث: زانَه الحُسُن يَزِينه زيناً. وازدانت الأرضُ بنباتها ازدِياناً، وازَّيّنَتْ وتَزَيّنَتْ، أَي: حَسُنت وبَهُجَتْ.
قَالَ: والزِّينة اسمٌ جامعٌ لكلّ شَيْء يُتَزيَّن بِهِ.
(زون) : قَالَ: والزُّون موضعٌ تُجمَع فِيهِ الْأَصْنَام وتُنصَب، وَقَالَ رؤبة:
وَهْنانة كالزُّون يُجْلى صَنَمُهْ
وَقَالَ غَيره: كلُّ مَا عُبِد من دون الله فَهُوَ زُون وزُور. نقلت عَن مُحَمَّد بن حبيب قَالَت أعرابية لِابْنِ الْأَعرَابِي: إِنَّك تَزونُنا إِذا طلعت كَأَنَّك هِلَال فِي قثمان. قَالَ: تَزوننا وتَزينُنا وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ زَوَن وَامْرَأَة زِونّةٌ إِذا كَانَا قَصِيرين وَقد قَالَه غَيره.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الزَّوَنْزسي: الرجلُ ذُو الأبّهة والكِبْر؛ والزَّوَنَّكُ: المُخْتالُ فِي مِشْيَته، النّاظرُ فِي عِطْفَيه، يُرى أَن عندَه خيرا وَلَيْسَ عِنْده ذَاك.
قلتُ: وَقد شدّده بعضُهم فَقَالَ: رجلٌ زَوَنّكٌ، والأصْل فِيهِ الزَّوَنُّ فزيدت الْكَاف وَترك التَّشْدِيد.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الزُّوَنَةُ: المرأةُ الْعَاقِلَة، والزِّوَنّة: الْمَرْأَة القصيرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي الطَّعَام زُوَان وزُؤان وزِوان: وَهُوَ الزريُّ مِنْهُ الّذي يُرمَى بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: الزُّوَان: حَبٌّ يكون فِي الحِنْطَة يسمِّيه أهلُ الشَّام الشَّيْلَم، الْوَاحِدَة زُوَانةٌ.
ورَوَى سلمةُ عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الأزناء: الشَّيْلَم.
قلت: وَلَا أَدْرِي لم جمعه أزناء.
وزن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} (الْكَهْف: 105) .
قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: العَرَب تَقول: مَا لِفلان عندنَا وَزْن، أَي: قَدْرٌ لخِسّته.
وَقَالَ غيرُه: مَعْنَاهُ: خِفّة موازِينهم من الحَسنات.
وَيُقَال: وَزَن فلانٌ الدراهمَ وَزْناً بالمِيزان، وَإِذا كالَ فقد وَزَنه أَيْضا.
وَيُقَال: وزنَ الشيءَ إِذا قَدَّره، ووَزَن ثمرَ النّخل إِذا خَرَصه.
وأخبَرَني ابْن منيع عَن عليّ بن الْجَعْد عَن شُعبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي البَخْتَريّ قَالَ: سَأَلت ابنَ عبّاس عَن السلَف فِي النَّخْل فَقَالَ: نَهَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع النَّخل حَتَّى يُؤكل مِنْهُ وحتّى يُوزَن. قلتُ: وَمَا يُوزَن؟ فَقَالَ رجلٌ عندَه: حتّى يَحْزَر.

(13/175)


قلتُ: جَعَل الحَزْرَ وَزْناً، لأنّه خَرْصٌ وَتَقْدِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَزْن ثَقْلُ شيءٍ بِشَيْء مِثله، كأوزان الدّراهم، ومِثلُه الرَّزْن.
قلتُ: ورأيتُ العَرَب يسمُّون الأوزانَ الّتي يُوزَن بهَا التّمر وَغَيره الّتي سُوّيتْ من الْحِجَارَة كالأمْناء وَمَا أشبَهَها: الموازين، وَاحِدهَا ميزَان، وَهُوَ المَثاقيل وَاحِدهَا مِثْقال، وَيُقَال للآلهة الّتي يُوزَن بهَا الْأَشْيَاء: مِيزان أَيْضا، وجمعُه الموازين. وجائزٌ أَن يُقَال للميزان الْوَاحِد بأوزانِه وجميعِ آلَتِهِ: المَوازين؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (الْأَنْبِيَاء: 47) ، يُرِيد: نَضَع الميزانَ ذَا القِسْطِ.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الْأَعْرَاف: 8) .
أَرَادَ، وَالله أعلم: فَمن ثَقلتْ أعمالُه الَّتي هِيَ حَسناتُه.
وَقَالَ الزجّاج: اختَلفت الناسُ فِي ذكر الْمِيزَان يومَ الْقِيَامَة، فجَاء فِي بعض التّفسير أنّه ميزَان لَهُ كِفّتان، وأنّ الْمِيزَان أُنزِل فِي الدّنيا ليتَعامَل النَّاس بالعَدْل وتُوْزَنَ بِهِ الْأَعْمَال.
وَقَالَ بعضُهم: المِيزان: العدلُ، وَذهب إِلَى قَوْلهم، هَذَا فِي وزن هَذَا، وَإِن لم يكن مِمَّا يُوزن، وتأويله أَنه قد قَامَ فِي النَّفس مُسَاوِيا لغيره؛ كَمَا يقوم الْوَزْن فِي مرْآة الْعين. قَالَ بَعضهم: الْمِيزَان: الكتابُ الّذي فِيهِ أعمالُ الخَلْق. هَذَا كلُّه فِي بَاب اللُّغَة، والاحتجاجُ سائغٌ، إلاّ أَن الأوْلى من هَذَا أَن يُتَّبعَ مَا جَاءَ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحاح، فَإِن جَاءَ فِي الخَبَر أنّه مِيزانٌ لَهُ كِفَّتان من حَيْثُ يَنقُل أهلُ الثّقة، فَيَنْبَغِي أَن يُقبَل ذَلِك.
وَقد رُوِي عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحاك أنّ الْمِيزَان العَدْلُ، وَالله أعلم، بحقيقةِ ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: امرأةٌ مَوْزُونة: قصيرةٌ عاقلةٌ. قَالَ: والوَزْنة: المرأةُ القصيرة.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة مَوْزونة: فِيهَا قِصَر. قَالَ: والوَزِين: الحَنظَل المطحون، وَكَانَت العَرَب تتَّخذ طَعَاما من هِبِيد الحَنظَل يَبلُونه، بِاللَّبنِ فيأكلونه، يسمُّونه الوَزِين؛ وأَنشَد:
إِذا قَلَّ العُثَانُ وصارَ يَوْمًا
خَبيئةَ بيتِ ذِي الشرفِ الوَزِين
أَي: صَار الوزين يَوْمًا خبيئة بِبَيْت ذِي الشّرف.
ورجلٌ وَزِينُ الرأيِ، وَقد وَزُنَ وَزانةً: إِذا كَانَ متثبِّتاً.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: أَوْزَنَ فلانٌ نفسَه على الْأَمر وأَوْزَمَها: إِذا وطّن نفسَه عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أكلَ فلانٌ وَزْمة ووَزْنَةً، أَي: وَجْبةً؛ وَقَالَهُ أَبُو عَمْرو.
وَيُقَال: وَزَنْتُ فلَانا شَيْئا، وَوَزَنْتُ لَهُ شَيْئا

(13/176)


ً بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ الله: {يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 3) ، الْمَعْنى: إِذا كالُوا لَهُم أَو وَزَنوا لَهُم.
نزا: قَالَ اللَّيْث: النَّزْوُ: الوَثَبان، وَمِنْه نَزْوَ التّيْس وَلَا يُقَال إلاّ للشّاة والدّواب وَالْبَقر فِي معنى السِّفاد.
وَقَالَ الفرّاء: الإنزاء: حَرَكات التّيُوس عِنْد السِّغاد، رَوَاهُ سَلمَة عَنهُ.
أَبُو بكر: يُقَال للفحل: إِنَّه لكبير النزاء، أَي: النزو. وَقَالَ: وَحكى الْكسَائي: النزاء بِالْكَسْرِ قَالَ: والهُذَاء من الهذيان بِضَم الْهَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّازِيةُ: حِدَّةُ الرجل المتَنَزِّي إِلَى الشرّ، وَهِي النَّوازِي. وَيُقَال: إِن قلبَه ليَنْزُو إِلَى كَذَا، أَي: ينْزع إِلَيْهِ.
قَالَ: وقَصْعةٌ نازِية القَعْرِ، أَي: قَعيرة، وَإِذا لم تُسَمِّ قعرَها قلتَ: هِيَ نَزِيةٌ أَي قَعيرة. والنزَاءُ: هُوَ النزَوان فِي الوَثْب.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: وقَع فِي الغَنَم نُزاء ونُقازٌ وهما مَعًا داءٌ يَأْخُذهَا فتَنْزُو مِنْهُ وتَنقُزُ حتّى تَمُوت.
وَيُقَال: نزا الطعامُ يَنْزُو: إِذا غَلاَ سِعْرُه.
وَفِي حَدِيث أبي عَامر الأشعريّ أَنه كَانَ فِي وقْعَة هَوَازنَ رُمِيَ بَهْمٌ فِي رُكبتيه فنُزيَ مِنْهُ فَمَاتَ، معناهُ: أنَّه نزِف مِنْهُ بِكثرةِ مَا سالَ من دَمِه.
وَيُقَال: نزِيَ ونزِف، وأصابتهُ جراحةٌ فنُزِيَ مِنْهَا وَمَات.
نزأ: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ونَزأْت عَلَيْهِ، عَمَلت عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَزَأْتُ بَين الْقَوْم أنْزَأ نَزْأً: إِذا أفسَدْتَ بَينهم، وَكَذَلِكَ نَزَغتُ بَينهم.
ابْن بُزُرج قَالَ: الْوَاحِد من النزآت نَزأة، فعلة مَفْتُوحَة الْفَاء خَفِيفَة، وَهِي الْحَاجة تنزأ؛ أَي: تطرأ على صَاحبهَا وَهُوَ عَاقل، وَهُوَ مَهْمُوز.
زني (زنأ) : يُقَال: زَنيَ الزّاني يَزنِي زِناً، مقصورٌ، وزِناءً مَمْدُود.
وَقَالَ الفرّاء فِي (كتاب المصادر) : هُوَ لغَيّةٍ ولِزَنْيَةٍ، وَهُوَ لغَيْرِ رَشْدة، كلُّه بِالْفَتْح.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: ويجوزُ رَشْدة ورِشْدة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح، فَأَما غَيَّة فَهُوَ بِالْفَتْح لَا غير. وَمن أمثالهم: (لَا حِصْنُها حِصْنٌ وَلَا الزِّنا زِنا) .
قَالَ أَبُو زيد: يضْرب مثلا للَّذي يَكُفّ عَن الْخَيْر ثمَّ يُفرِّط فِيهِ، أَو الّذي يَكُفّ عَن الشَّرّ ثمَّ يفرّط فِيهِ وَلَا يَدوم على طريقةٍ وَاحِدَة.
وَقَالَ زيد بن كُثوة: الزِّنْءُ: الزُّنُوّ فِي الجَبَل.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال زَنَأ عَلَيْهِ: إِذا ضَيّق عَلَيْهِ؛ مثقّلة مَهْمُوزَة. والزّناءُ: الضيِّق.
وأنشَدَني ابْن الْأَعرَابِي:
لَا هُمَّ إنَّ الحارِثَ بنَ جَبَلَةَ
زَنَّى على أَبِيه ثمَّ قَتَلَهْ

(13/177)


ورَكِبَ الشادِخةَ المُحَجَّلةَ
قَالَ: وَكَانَ أصلُه زَنَّا على أَبِيه بِالْهَمْز، للضَّرورة. وَقد زَنّاه من التزنِية، أَي: قَذَفه.
قَالَ: وَيُقَال: زَنَأَ فِي الجَبَل يَزْنَأُ زَنْأً: إِذا صَعِد فِيهِ.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب:
أشْبِه أَبَا أمِّكَ أَو أشبهْ حَمَلْ
وارقَ إِلَى الْخيرَات زَنْأً فِي الجَبَلْ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الزَّناء، مَمْدُود: القَصِير، وَقَالَ ابْن مقبل:
وتولِجُ فِي الظِّل الزَّناء رُؤُوسَها
وتحسبها هِيماً وهُنّ صَحائحُ
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه نَهَى أَن يصلِّيَ الرجُل وَهُوَ زَنَاء.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: الزّناءُ هُوَ الحاقِن بَوْلَه، يُقَال مِنْهُ قد زَنأَ بَوْلَه يَزْنَأُ زُنُوءاً إِذا احتَقَن. وأَزْنَأ الرجُل بَوْلَه إزْناءً: إِذا حَقَنَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ الزَّناء مَمْدُود، وأصلُه الضيّق، وكلُّ شَيْء ضَيِّق فَهُوَ زَناء، وَقَالَ الأخطلُ يذكر القَبر:
وَإِذا قذِفْتُ إِلَى زنَاءٍ قَعْرُها
غَبراءَ مُظْلِمةٍ مِن الأَحْفارِ
وَقَالَ: وكأنّ الحاقِنَ سمِّي زَنَاءً لأنّ البولَ يَحتقِن فيُضيِّق عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: زَنأْتُ إِلَى الشَّيْء: دَنَوْت.
وَقَالَ الفرّاء: زَنَأَ فلانٌ للخمسين إِذا دَنَا لَهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَنَأَ إِلَيْهِ يَزْنَأ: إِذا لَجَأَ إِلَيْهِ، وأَزْنَأْتُه: ألجأتُه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: زنأتُ إِلَى الشَّيء: دَنَوْت مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال للسِّقَاء: الّذي لَيْسَ بضخمٍ آدِيٌ، فَإِذا كَانَ صَغِيرا فَهُوَ نزىء مَهْمُوز.
وَقَالَ: النَّزِيّةُ بِغَيْر همز: مَا فاجَأَك من مَطَر أَو سوقٍ أَو أَمْرٍ، وَأنْشد:
وَفِي العارِضِين المُصْعِدين نَزِيّةٌ
من الشَّوْقِ مَجْتُوبٌ بِهِ القَلبُ أَجْمَعُ
سَلمَة: قَالَت الدُّبَيْرِيّة: الزَّانُ: التُّخمة، وأنشدت:
مُصَحَّحٌ لَيْسَ يَشْكو الزانَ خَشْلَتُه
وَلَا يُخافُ على أمعائه العَرَبُ
وَيُقَال: رمح يَزَنّي وأَزني، مَنسوبٌ إِلَى ذِي يَزَن، أحد مُلُوك الأَزواءِ من الْيمن. وَبَعْضهمْ يَهمِزُ فَيَقُول: رُمْح يَزْدَنِيّ وأَزْأَنِيّ، ذكره ابْن السكّيت.
نوز: شَمر عَن القَعْنَبيّ عَن حِزام بن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ: رأيتُ عمرَ أَتَاهُ رجلٌ بالمصلَّى عامَ الرَّمادة من مُزينة فَشَكا إِلَيْهِ سوءَ الْحَال، وإشراف عيالِه على الْهَلَاك، فَأعْطَاهُ ثَلَاثَة أنْبَابٍ جزائر، وَجعل عَلَيْهِنَّ

(13/178)


غَرائر فيهنّ رِزَمٌ من دَقِيق، ثمَّ قَالَ لَهُ: سِرْ، فَإِذا قدمْتَ فانحرْ نَاقةً فأطعمهم بوَدكِها ودقيقها، وَلَا تُكثر إِطعامهم فِي أوَّل مَا تُطعمهم ونَوِّزْ ثمَّ لَبِثَ حينا، فَإِذا هُوَ بالشيخ المُزَنَّى فسأَله، فَقَالَ: فعلتُ مَا أَمرتني بِهِ، وأتَى اللَّهُ بالحيَا، فبعْتُ الناقتين، واشتريتُ للعيال صُبّةً من الْغنم، فَهِيَ تروح عَلَيْهِم.
قَالَ شمر: قَالَ القَعْنَبِيُّ: قَوْله: نَوِّزْ، أَي: قَللْ.
قَالَ شمر: وَلم أسمعْ هَذِه الْكَلِمَة إلاَّ لَهُ.

(بَاب الزَّاي وَالْفَاء)
ز ف (وَا يء)
زوف وزف زيف زفي فوز أزف وفز أفز (زأف) .
زوف: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْف، يُقَال: إِن الغِلمان يتزاوَفون، وَهُوَ أَن يجيءَ أحدُهم إِلَى رُكن الدّكان فَيَضَع يَده على حرفه ثمَّ يزُوف زَوْفَةً فيستقلّ من مَوْضِعه ويدور حواليْ ذَلِك الدكّان فِي الْهَوَاء حَتَّى يعودَ إِلَى مَكَانَهُ، وَإِنَّمَا يتعلمون بذلك الخفّة للفُروسية.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزَّوفُ: زَوْفُ الْحَمَامَة: إِذا نَشَرَتْ جناحيها وذنبها عَلَى الأَرْض. وَكَذَلِكَ زَوْف الْإِنْسَان إِذا مَشى مسترخِيَ الْأَعْضَاء.
وزف (زيف) : قَالَ: وزفْتُه وَزفاً: إِذا استعجَلْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: قرىء: (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُون) (الصافات: 94) ، بتَخْفِيف الْفَاء، من وَزَفَ يَزِف: إِذا أسْرع، مثل: زَفّ يَزِفُّ.
قَالَ الفرّاء: لَا أعرف وَزَف فِي كَلَام الْعَرَب، وَقد قرىء بِهِ.
وَزعم الكسائيُّ أَنه لَا يعرفهَا.
وَقَالَ الزّجاج: عرف غيرُ الفرّاء: (يَزفُون) بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنى يُسْرِعون، وَقَالَ: هِيَ صَحِيحَة.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: وزَفَ وأَوْزَفَ ووَزَّفَ: إِذا أَسرع.
وَقَالَ غَيره: التّوازُف: المُنَاهَدة فِي النّفقات، يُقَال: توازَفوا بَينهم، وَأنْشد:
عِظَامُ الجِفانِ بالعَشِيّة والضُّحا
مَشاييطُ للأبْدَانِ عِنْد التَّوَازف
وَأما زافَ يَزِيف، فَإِنَّهُ يُقَال للجمَل هُوَ يَزِيف فِي مشيَتِه زيفاناً وَهِي سُرْعةٌ فِي تَمَايل؛ وأَنشد:
أَنْكَبُ زَيافٌ وَمَا فِيهِ نكَبْ
وَالْمَرْأَة تَزِيف فِي مِشْيتها كأنّها تَستدِير. والحمامةُ تَزِيف عِنْد الحَمامِ الذَّكَر إِذا تمشّت بَين يَدَيْهِ مُدلِة. والزَّيف من حنقه الدَّرَاهِم، وَيُقَال: زافَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُه، وَهِي تَزِيف، أَي: صارتْ مَرْدُودَة الغِشِّ فِيهَا، وَقد زُيِّفَتْ: إِذا رُدّت.
ورُوِي عَن عُمَر أَنه قَالَ: من زافَتْ عَلَيْهِ

(13/179)


دراهمهُ فليأتِ بهَا السُّوق وليشترِ بهَا سَحْقَ ثوب، وَلَا يُحالِف الناسَ عَلَيْهَا أنّها جِيَاد.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: زَافَ الدِّرهمُ والقَوْلُ يَزِيف، وَهُوَ زَيْف وزأيف، وزِفْتُه أَنا وزَيّفْته.
قَالَ: وزفتُ الحائطَ: إِذا قفزته.
وَقَول عدي بن زيد:
تركوني لَدَى قُصُور وأعرا
ض لقُصُور لزيفهن مراقي
الزيف: شُرَف الْقُصُور واحدتها زيفة: سميت بذلك لِأَن الْحمام يزيف عَلَيْهَا من شرفة إِلَى شرفة.
(أفز) : عَمْرو عَن أَبِيه: الأفْزُ بالزاي: الوَثْبة بالعَجَلة. والأفْرُ بالراء: العَدْو، يُقَال: أَفَرَ يأْفِرُ والأبْزُ مِثْل الأفْر.
وفز: قَالَ اللَّيْث: الوَفَزةَ: أَن تَرَى الْإِنْسَان مستوفِزاً، قد استقلّ على رِجْليه، وَلما يستوِ قَائِما، وَقد تهَيَّأ للأفْز والوُثُوب والمُضِيِّ يُقَال لَهُ: اطمئِنّ فإنّي أراكَ مستوفِزاً.
قلتُ: والعَرَب تَقول: فلانٌ على أوْفازٍ وعَلى وَفْزٍ، أَي: على حَدِّ عَجَلة.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ: المستوفِز: الّذي قد رَفَع أليَتَه ووَضع رُكبتيه، قَالَه فِي تفسيرِ قَوْله: {الْمُبْطِلُونَ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ} (الجاثية: 28) .
قَالَ مُجَاهِد: على الرُّكَب مستَوْفِزين.
قَالَ أَبُو بكر: الوَفْز: أَلا يطمئن فِي قعوده؛ يُقَال: قعد على أوفاز من الأَرْض، ووِفاز، وأَنشد:
أَسُوق عيْراً مائلَ الجَهاز
صَعْباً يُنزيّني على أوفاز
فوز: قَالَ اللَّيْث: الفَوْز: الظَّفَر بالخَيْر، والنَّجاة من الشرّ، يُقَال: فازَ بالخَيْر، وفاز من الْعَذَاب. .
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} (آل عمرَان: 188) .
قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ بِبَعِيد من الْعَذَاب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: بمَنجاة، قَالَ: وأصلُ المفَازة مَهلَكة فتفاءَلوا.
وَقَالَ: فازَ إِذا لَقِي مَا يَغتبِط بِهِ، وتأويلُه: التباعُد من المكْروه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَوَّزَ الرجلُ: إِذا رَكِب المَفَازَة. وفَوَّز: إِذا مَاتَ، وأَنشَد:
فَوَّزَ مِن قُراقِرٍ إِلَى سُوَى
خَمْساً إِذا مَا ركب الجَيْشَ بَكَى
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سُمِّيت الفَلاةُ مفَازةً لأنَّ مَن خَرَج مِنْهَا وقطَعَها فَازَ.
وَيُقَال: فاوَزْتُ بينَ القومِ وفارَضْتُ بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي: سميت الْمَفَازَة من فوَّز الرجل إِذا مَاتَ، يُقَال: فوَّز إِذا مضى.

(13/180)


وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المفَازة: الفَلاة الَّتِي لَا ماءَ فِيهَا، وَإِذا كَانَت لَيْلَتَيْنِ لَا ماءَ فِيهَا فَهِيَ مَفَازة، وَمَا زَاد على ذَلِك كَذَلِك، وَأما اللَّيْلَة وَالْيَوْم فَلَا تُعَدُّ مفَازة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المفَازةُ والفَلاةُ: إِذا كَانَ بَين الماءَين رِيْع من وِرْدِ الْإِبِل وغِبٌّ مِن وِرْدِ سائرِ الْمَاشِيَة وَهِي الفَيْفَاةُ وَلم يعرف الفَيْف.
وَقَالَ اللَّيْث: فَوّزَ الرجلُ تفويزاً: إِذا رَكِب المفَازةَ ومَضى فِيهَا. وَيُقَال للرّجل إِذا مَاتَ: قد فَوَّز، أَي: صَار فِي مَفازةٍ مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة من البَرْزخ الْمَمْدُود.
قَالَ: وَإِذا تَسَاهَم القومُ على المَيْسر فكُلّ مَا خَرَج قِدْحُ رجلٍ قيل: قد فَازَ فَوْزاً، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وَابْن سَبِيلٍ قَرَيْتُهُ أُصُلاً
مِنْ فَوْزِ قِدْحٍ منسوبةٍ تُلُدهْ
قَالَ: والفَازةُ من أبنية الحِزَق وغيرِها تُبنى فِي العساكر.
زأف: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: موْتٌ زُؤافٌ وزؤام. وَقد أَزأَفْتُ عَلَيْهِ، أَي: أجهَزْتُ عَلَيْهِ وأزأمْتُه على الشَّيْء: إِذا أكرهتَه.
زفي: قَالَ اللَّيْث: الرِّيحُ تَزْفِي الغُبارَ والسّحابَ وكلَّ شَيْء: إِذا رَفَعَتْه وطرَدَتْه على وَجْهِ الأَرْض، كَمَا تَزفِي الأمواجُ السفينةَ.
وَقَالَ العجّاج:
يَزْفيه والمُفَزّعُ المَزْفِيُّ
من الجَنُوبِ سَنَنٌ رَمْلِيُّ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الزَّفَيان ميزانُه فعَيال فينصرِف فِي حالَيه، مِن زفَن: إِذا نَزَا.
قَالَ: وَإِذا أخذتَه من الزَّفْيِ وَهُوَ تَحْرِيك الرِّيح للقصب والتّراب فاصرِفْه فِي النَّكرة وامنْعه الصَّرْفَ فِي الْمعرفَة، وَهُوَ فَعَلانُ حينئذٍ.
وَيُقَال: زَفَى السَّرابُ الآلَ، وزَهَاه وحَزَاه: إِذا رفَعَه، وأنشَد:
وتحتَ رَحْلي زفَيانٌ مَيْلَعُ
قَالَ أَبُو سعيد: هُوَ يزفي بِنَفسِهِ، أَي: يجود بِنَفسِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَزفَى: إِذا نَقَل شَيْئا من مكانٍ إِلَى مَكَان، وَمِنْه: أزفَيْتُ العَروسَ: إِذا نقَلْتَهَا من بيتِ أبوَيْها إِلَى بيتِ زَوجهَا.
أزف: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: كلّ شَيْء اقتربَ فقد أَزِف أَزفاً.
وَقَالَ الله تَعَالَى: { (الاُْوْلَى أَزِفَتِ الاَْزِفَةُ} (النَّجْم: 57) ، أَي: دنَت الْقِيَامَة.
قَالَ: والمتآزفُ: الْمَكَان الضيّق.
والمتآزفْ: الخَطْوُ المتقارِبُ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: المتآزف: القصيرُ من الرّجال، وأَنشَد:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتآزفٌ
وَلَا رَهِلٌ لَبّاتُه وبآدِلُه

(13/181)


(بَاب الزَّاي وَالْبَاء)
ز ب (وَا يء)
زبي زوب بزِي بوز أزب أبز أزيب.
أزب (أزيب) : سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الإزبُ: الرجلُ الْقصير.
وَقَالَ اللَّيْث: الإزبُ: الَّذِي تَدِق مَفاصِله يكون ضئيلاً فَلَا تكون زيادتُه فِي ألواحه وعظامِه، وَلَكِن تكون زيادتُه فِي بطنِه وسَفِلَتِه كَأَنَّهُ ضاوِيٌّ مُحْتَلٌ، وأنشدني أَبُو بكر الإياديّ بَيت الْأَعْشَى:
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصبْتَ فأَصبحتْ
غَرْثَى وآزبةٍ قَضبتَ عِقالَها
(غَرْثَى) جمع غريث هَكَذَا رَوَاهُ لي (آزبة) بِالْبَاء.
وَقَالَ: هِيَ الَّتِي تعَاف الماءَ وتَرفَع رأسَها.
وَقَالَ الْمفضل: إبل آزبة، أَي: ضامِزَة بجرّتها لَا تَجترّ.
وَرَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: (وآزية) بِالْيَاءِ، وَقَالَ هِيَ: العَيُوفُ والقَذُور كَأَنَّهَا تَشرَب من الإزاء وَهُوَ مَصَبُّ الدَّلْو.
وَيُقَال للسّنة الشَّدِيدَة: أزبة وأزمة بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد: الأزيب: الدَّعِي. وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وَمَا كنت قُلاًّ قبل ذَلِك أزيبا
قَالَ: والزَّميم مثله.
وَحدثنَا حاتمُ بن مَحْبوب قَالَ: حَدثنَا عبد الجبّار بن دِينَار، عَن يزِيد بن جُعل عَن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار (عَن يزِيد بن جعدبة، عَن عبد الرحمان) بن مِخْرَاق، عَن أبي ذَرّ أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله خَلَق فِي الجنّة رِيحاً بعد الرِّيح بسبعِ سِنينَ من دُونها بابٌ مُغْلَق فَالَّذِي يأتيكم من الرّيح مِمَّا يخرج من خِلال ذَلِك الْبَاب، وَلَو أَن ذَلِك الْبَاب فُتِح لأذرت مَا بينَ السماءِ وَالْأَرْض من شَيْء اسمُها عِنْد الله الأزيب، وَهُوَ فِيكُم الجَنُوب) .
قَالَ شَمِر: أهل الْيمن وَمن يركب الْبَحْر فِيمَا بَين جُدة وعَدن يُسمّون الْجنُوب الأزيب لَا يعْرفُونَ لَهَا اسْما غَيره. وَذَلِكَ أَنَّهَا تعصف الرِّيَاح وتثير الْبَحْر حَتَّى تسوده وتقلب أَسْفَله فتجعله أَعْلَاهُ.
قَالَ النَّضر: كل ريح شَدِيدَة ذاتُ أزيب،

(13/182)


وَإِنَّمَا زيْبُها شدتها.
وروى أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأزْيَب: القنفذُ والأزيب من أَسمَاء الشَّيْطَان. والأزيَب: الرِّيحُ الْجنُوب.
والأزيبُ: النَّشاط. يُقَال: أَخذه الأزْيب.
قَالَ: والأزيب: الدّاهية. قَالَ: وَقَالَ أَبُو المكارم: الأزيب: البُهْثَة، وَهُوَ وَلَد المُساعاة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَمَا كنتُ قَلاًّ قبل ذَلِك أَزيبَا
عَمْرو عَن أَبِيه: الأزيب: النَّشيط.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الْقصير المتقارِب الخَطو: أَزيب.
قَالَ: والأزيب: الجنوبُ، بلُغة هُذَيل.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجُل أزبَةٌ وقومٌ أزبٌ: إِذا كَانَ جَلْداً.
ورجلٌ زَيبٌ أَيْضا. وَيُقَال: تزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّمَ: إِذا تكتَّلَ وَاجْتمعَ زيَماً زيَماً.
بزِي: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أخذتُ مِنْهُ بزْوَ كَذَا وَكَذَا، أَي: عِدْلَ ذَلِك وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: والبازي يَبْزُو فِي تطاوُلِه وتأنُّسِه.
قَالَ: والأبزَى والبَزْواء وَهُوَ الرجل الَّذِي فِي ظَهره انحناء عِنْد العَجُز فِي أصل القَطَن، ورُبما قيل: هُوَ أبزَى أبزخ كالعجوز البزواء والبزخاء الَّتِي إِذا مَشت كَأَنَّهَا راكعة، وَقد بزِيَتْ بزًى، وَأنْشد:
بزْواءُ مُقْبِلةً بزخاءُ مُدبرَة
كَأَن فَقْحَتَها زقٌّ بِهِ قارُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: البزْواء من النِّسَاء: الَّتِي تُخرج عجيزَتَها ليراها النَّاس.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْفراء الأبزي: الَّذِي قد خرج صدرُه وَدخل ظهرُه، وَقَالَ كُثَيِّر:
من القوْم أَبْزَى مُنْحنٍ مُتَباطِن
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: التَّبزِّي: أَن يسْتَأْخر العَجُز ويستقدم الصَّدْر، رجُل أَبْزي، وامرأةٌ بزواء، وَأنْشد:
فتبازتْ فتبازخْتُ لَهَا
جلْسَة الجازر يَسْتَنْجِي الوترْ
تبازتْ، أَي: رفعتْ مؤخّرها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البزي: الصَّلَف، والزَّبِيُّ: الغَضْبان.
وَقَالَ اللَّيْث: أبزيت بفلان إِذا بطشتَ بِهِ وقهرْتَه، وَأنْشد:
لَو كَانَ عَيْناكَ كَسيْل الرَّاوِيَهْ
إِذا لأبزَيْتُ بِمن أَبزَى بِيَهْ
أَبُو عُبيد: الإبزاء: أَن يرفَع الرَّجل مؤخِّره، يُقَال: أَبْزَى يَبزِي.
وَأما قَول أبي طَالب يمدَح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كذبتُمْ وبيتِ الله يُبزَى محمدٌ
وَلما نُطاعنْ دُونَه ونقاتلِ
فَإِن شمر قَالَ: مَعْنَاهُ: يُقهَر ويُستذَلُ. والبزْو: الغَلبةُ والقَهْر، وَمِنْه سمِّي

(13/183)


الْبَازِي، قَالَه المؤرخ.
وَقَالَ الجعديّ:
فَمَا بَزِيتْ من عُصبَةٍ عامِرِيَّةٍ
شهدْنا لَهَا حَتَّى تفوزَ وتغلِبَا
أَي: غَلَبَتْ.
زبي: أَبُو عُبيد عَن أَصْحَابه: زَبيْتُ الشَّيْء وأَزدَبَيْتُه: إِذا حَملته وزبْته مثله، وَأنْشد:
أَهَمدانُ مَهْلاً لَا يُصبِّحْ بُيوتَكُمْ
بجُرمكم حِمْل الدُّهَيْم وَمَا تزْبى
يضْرب الدّهيم وَمَا تزبي مَثلاً للداهية الْعَظِيمَة إِذا تفاقمت.
ابْن الْأَعرَابِي: الأُزبيُّ: الْعجب من السَّيْر والنشاط، وَأنْشد:
أَرْأَمْتُهَا الأنساعَ قبل السقْبِ
حَتَّى أَتَى أُزبيُّها بالأدْبِ
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأزابيُّ: ضروبٌ مختلفةٌ من السّير. واحدُها أُزبي.
وَقَالَ الأُمويّ: الأزبيّ: السُّرعة والنشاط فِي السّير.
وَكتب عثمانُ إِلَى عليّ رَضِي الله عَنْهُمَا لما حُوصر: (أما بعد، فقد بلغ السَّيْلُ الزُّبَى، وجاوَز الحِزامُ الطُّبْيَيْن، فَإِذا أَتَاك كتابي هَذَا فأَقبلْ إليّ عَلَيّ كنتَ أم لي) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الزُّبْيَةُ: الرّابية لَا يعلوها الماءُ. الزَّبية أَيْضا بئرُ تُحفَر للأسد، وَهِي أَيْضا حُفَر النَّمْل والنملُ لَا تفعل ذَلِك إلاّ فِي مَوضِع مُرْتَفع.
وَقَالَ اللَّيْث: الزُّبية: حُفرةٌ يتزبى فِيهَا الرجلُ للصَّيْد، وتحتفر للذئب فيُصطاد فِيهَا.
وَقَوله: (بلغ السيلُ الزُّبا) يُضرَب مثلا لِلْأَمْرِ يَتفاقَم ويُجاوِز الحَدَّ حَتَّى لَا يُتلافَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الزّبيان: نهران فِي سافِلة الفُرات، وَرُبمَا سمّوْهما مَعَ مَا حَوَليْهما من الْأَنْهَار الزَّوَابي، وعامَّتُهم يحذفون مِنْهُ الْيَاء وَيَقُولُونَ: الزّاب، كَمَا يَقُولُونَ للبازي باز.
وَقَالَ الْفراء: سُمّيت زبيَة الْأسد زبْيَةً لارتفاعها عَن المَسيل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَنْشدني المفضّل:
يَا إِبلِي مَا ذَامُه فَتَيْبَيَهْ
ماءٌ رَواءٌ وتَصِيٌّ حَوْلَيْه
هَذَا بأَفْواهِك حَتَّى تأْبَيْهْ
حَتَّى تُروحي أُصُلاً تزابَيْهْ
تزابي العانةِ فوقَ الزّازيْه
قَالَ: (تزابيه) : ترفَّعي عَنهُ تكبُّراً فَلَا تُريدِينه وَلَا تَعرِضين لَهُ لِأَنَّك قد سَمِنتِ.
والتزابي أَيْضا: مِشْيةٌ فِيهَا تَمدُّدٌ وَبُطء، قَالَ رُؤبة:
إِذا تزابى مِشية أزابيَا
أَرَادَ الأزابيّ وَهُوَ النشاط. وَيُقَال: أَزبتْه أزْبَة أَزمَتْه أزمَة، أَي: سنة.
زوب: سَلمَة عَن الْفراء: زاب يزوب: إِذا انسلّ هَرَباً.

(13/184)


وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زابَ: إِذا جرى. وسابَ: إِذا انْسَلَّ فِي خَفاء. ووَزبَ الشيءُ يزب وزُوباً: إِذا سالَ.
بوز أبز: عَمْرو عَن أَبِيه: البَوْز: الزوَلان من مَوضِع إِلَى مَوضِع.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأبُوز: القَفّاز من كلّ الْحَيَوَان، وَقد أَبَز يأبِزُ أَبْزاً فَهُوَ أَبُوز. وأَنشَد:
يَا ربَّ أَبّاز من العُفْرِ صَدَعْ
تَقَبَّضَ الذئبُ إِلَيْهِ فاجتَمعْ
قَالَ: الأبّاز: القَفّاز.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَاز الرجلُ يَبُوز: إِذا زالَ من مَكَان إِلَى مكانٍ آمِناً.
زأب: قَالَ اللّيث: الزَّأْب: أَن تَزْأَب شَيْئا فتحتمِله بمرّة وَاحِدَة. وازدَأَبَ الشيءَ: إِذا احتَمَله ازدئاباً. والازدئاب: الِاحْتِمَال.
وزأَبْتُ القربةَ وزَعبتُها: وَهُوَ حَمْلكُها محتضِناً.
أَبُو تُرَاب: قَالَ الْأَصْمَعِي: زأَبْتُ وقَأَبْتُ، أَي: شَرِبْتُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزَّبازاة: القصيرة، وَقَالَهُ غَيره.

(بَاب الزَّاي وَالْمِيم)
ز م (وَا يء)
وزم زيم مزي ميز موز زأم أزم: (مستعملة) .
وزم: قَالَ اللَّيْث: الوَزم والوَزيم: دَسْتَجةٌ من بَقْل، وبعضُهم يَقُول وَزيمَة، وَيُقَال: البَزِيم أَيْضا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: وزمه بفِيه: إِذا عَضّه عَضّةً خَفِيفَة.
قَالَ: والوَزمة: الأكْلة فِي اليومِ إِلَى مِثلِها من الْغَد، وَكَذَلِكَ البَزمة.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: فلانٌ يَأْكُل وَجْبة ووَزمَة. قَالَ: وَقَالَ الْفراء: وَكَذَلِكَ البَزْمة.
ابْن الْأَعرَابِي: الوَزِيم: لَحمُ العَضَل، يُقَال: رجلٌ ذُو وزِيم: إِذا تَعضّل لحمُه واشتدّ، وَقَالَ الراجز:
إنْ سَرَّك الرِّيُّ أَخا تَميمِ
فاعجَلْ بعَبْدَيْن ذَوَيْ وزِيمِ
بفارِسيّ وأخٍ للرُّومِ
يَقُول: إِذا اختَلفَ لساناهما لم يَفهَم أحدُهما كلامَ صَاحبه، فَلم يَشْتغِلا عَن عَملِهما.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجرَاد إِذا جُفِّف وَهُوَ مطبوخٌ فَهُوَ الوَزِيمة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الوَزِيمة من الضِّباب: أَن يُطبخَ لحمُها ثمَّ يُيَبَّس ثمَّ يُدَقّ فيؤكل، وَهُوَ من الجَراد وَزِيمةٌ أَيْضا.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:

(13/185)


الوَزِيم: اللحمُ المقطَّع. والوَزِيم: الباقةُ من البَقْل. والوَزِيمة: الخُوصة.
وَقَالَ ابْن دُريد: الوَزْم: جمْعُك الشيءَ القليلَ إِلَى مِثلِه. والوَزِيمُ: مَا يَبقَى من المَرَق ونحوِه فِي القِدْر. والوَزِيمُ: مَا تَجمَعُه العُقاب فِي وَكْرها من اللَّحْم.
زيم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: اللَّحْمُ يتزَيّم ويتزيَّبُ: إِذا صارَ زِيماً زِيماً، وَهُوَ شدّة اكتنازِه وانضمامُ بعضه إِلَى بعض.
وَقَالَ سَلامَة بن جندَل يصف فرسا:
رَقَاقُها ضَرِمٌ وجَرْيها خَذَم
ولحمها زِيمٌ والبَطنُ مَقْبوبُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله:
هَذَا أوانُ الشَّدِّ فاشتَدِّي زِيمْ
قَالَ: زِيَمْ اسمُ فَرَس. قَالَ: والزِّيمُ: الْغَارة، كأنّه يخاطبها. والزِّيمُ: المتفرِّقة.
سَلمَة عَن الفرّاء: لحمُه زِيم: وَهُوَ المتعَضِّل المتفرِّق.
ومررتُ بمنازلَ زِيَم: متفرِّقة.
قلتُ: كأنّ زِيما جمعُ زِيمة.
ميز موز: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: مَاز الرجلُ: إِذا انتَقَل من مَكَان إِلَى مَكَان. وزامَ: إِذا ماتَ. والزَّويم: المجتمِع من كل شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه: المَيْزُ: التمييزُ بَين الْأَشْيَاء، تَقول: مِزْتُ بعضَه من بعض فأناأَمِيزُه مَيْزاً، وَقد انمازَ بعضُه من بعض. وَيُقَال: امتاز القومُ: إِذا تنحَّى عِصابةٌ مِنْهُم نَاحيَة، وَكَذَلِكَ استمازوا.
وَقَالَ الأخطل:
فَإِن لَا تغيرها قُرَيْش بملكها
يَكُنْ عَن قُرَيشٍ مُسْتَمازٌ ومَزْحَلُ
وقرىء قَول الله: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (آل عمرَان: 179) ، من ماز يمِيز.
وَمن قَرَأَ: (حَتَّى يُميِّز) فَهُوَ من مَيَّز يُمَيِّز.
وقولُه جلّ وعزّ: { (رَّبٍّ رَّحِيمٍ وَامْتَازُواْ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} (يس: 59) ، أَي: تميَّزوا.
وَقَالَ اللّيث: إِذا أَرَادَ الرجلُ أَن يَضرِب عُنُقَ آخَرَ فَيَقُول: أَخْرِج رأسَك، فقد أَخطَأ حتّى يَقُول: مازِ رأسَك، أَو يَقُول: مازِ، وَيَسكُت، مَعْنَاهُ: مُدَّ رأسَك.
قلت: لَا أعرِفُك مازِ رأسَكَ بِهَذَا الْمَعْنى، إِلَّا أَن يكون بِمَعْنى مايِزْ، فأخّر اليَاء، فَقَالَ: مازِ وسَقَطت الياءُ فِي الْأَمر.
والمَوْز: مَعْرُوف، والواحدة مَوْزة.
قَالَ اللَّيْث: ورجُلٌ متوزِّم: شديدُ الوَطء.
زأم: سَلَمة عَن الفرّاء: الزُّؤامِيُّ: الرجلُ القَتَّال، من الزُّؤام وَهُوَ الْمَوْت.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: موتٌ زُؤامٌ مُجْهز.
وَقَالَ اللّيث: زأمْتُ الرجُلَ: ذَعَرته. وَقد زَئِمَ وازْدَأم: إِذا فَزَع، ورجلٌ زَئِمٌ فَزِع، وَرجل مُزْدَئم، وَهُوَ غايةُ الذُّعر والفَزَع.
الأصمعيّ: مَا سمعتُ لَهُ زَأْمة وَلَا زَجمة، أَي: صَوتا.

(13/186)


وَقَالَ ابْن شُمَيْل: زَئمْتُ الطعامَ زأْماً.
قَالَ: والزَّأْمُ أَن يَملأ بطنَه. وَقد أَخذَ زأْمَتَه، أَي: حاجَتَه من الشِّبَع والرِّيّ، وَقد اشتَرَى بَنو فلانٍ زأْمَتَهم من الطّعام، أَي: مَا يكفيهم سَنَتهم. وزَئمْتُ الْيَوْم زأْمة، أَي: أَكَلْتُ أكلَةً. والزَّأْمُ: شِدّة الْأكل وأزْأَمْتُ الجُرحَ بدَمِه، أَي: غَمزْته حتْى لَزِقتْ جِلدتُه بدَمِه ويَبِس الدمُ عَلَيْهِ، وجُرْح مُزْأَم.
قلتُ: هَكَذَا قَالَ ابْن شُمَيْل: أزأَمْتُ الجرحَ بالزّاي.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (كتاب الْهَمْز) : أزْأمْتُ الجُرح: إِذا داويْتَه حَتَّى يَبرَأَ إِرآماً بالراء، والّذي قَالَه ابْن شُمَيْل بِمَعْنَاهُ الّذي ذهبَ إِلَيْهِ صَحِيح.
وَقَالَ أَبُو زيد: أزأمْتُ الرجل على أمرٍ لم يكن من شَأْنه إزءاماً: إِذا أكرَهْتَه عَلَيْهِ.
قلتُ: وكأنّ أزأَمَ الجُرحَ فِي قَول ابْن شُمَيْل مِن هَذَا أَخذ.
قَالَ النَّضر: زأَمه القُرّ، وَهُوَ أَن يمْلَأ جَوْفه حَتَّى يرعُد مِنْهُ وَيَأْخُذهُ لذَلِك قِلٌّ وقِفة أَي: رعدة. وَمَوْت زؤام: سريع مجهز. وَمَا عصيتُه زأْمةً وَلَا وَشْمةً. يَعْقُوب: أزأمته على الْأَمر، أَي: أكرهته عَلَيْهِ. وأظأرته بِمَعْنَاهُ.
أزم: قَالَ اللَّيْث: أَزمْتُ يدَ الرجلِ آزِمُها أَزماً: وَهُوَ أَشدُّ العَضّ.
وَيَقُول: أَزم علينا الدهرُ يأزم أَزماً: إِذا مَا اشتدّ وقلّ خَيره.
وأزم علينا عيشنا يأزم أزماً إزاماً: اشْتَدَّ.
قَالَ: وأَزمْتُ الحبلَ آزمُه أَزْماً: إِذا فَتَلْتَه، والأَزمُ: ضربٌ من الضَّفْر، وَهُوَ الفَتْل.
وَقَالَ اللّيث: سَنةٌ أزمة وأَزوم.
وَقَالَ: أزمْتُ العِنان أَزماً: إِذا أحكمْتَ ضَفْرَهُ، وَهُوَ مأزوم.
والأزمُ: شِدّة العَضّ بالأنْياب، والأنْياب هِيَ الأوازم. والأزمُ: الجَدْبُ والمَحْل. والأزمُ: إغلاقُ البابِ.
وسُئِل الحارثُ بن كَلْدة عَن الطبّ فَقَالَ: هُوَ الأَزْم، وفسّره الناسُ أنّه الْحَميَة والإمساكُ عَن الاستكثار من الطَّعَام.
وَقَالَ الأصمعيّ: قَالَ عِيسَى بن عُمر: كَانَت لنا بَطّةٌ تأزِم، أَي: تَعَضّ، وَمِنْه قيل للسّنة أَزْمة وأَزُوم وأَزامِ بِكَسْر الْمِيم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَصَابَتْهُم سنة أزمتهم أزماً، أَي: استأصلتهم. وَقَالَ شمر: إِنَّمَا هُوَ أرمتهم بالراء. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأُزُم: المحافَظة على الضَّيعة، أَزَم على الضَّيْعة: إِذا حافَظَ عَلَيْهَا.
مزي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لَهُ: عِنْدِي قَفِيّةٌ ومَزِيّةٌ: إِذا كَانَت لَهُ مَنزِلة ليستْ لغيره.
وَيُقَال: أقفيْتُه، وَلَا يُقَال: أَمْزَيْته.

(13/187)


وَقَالَ اللّيث: المَزْيُ والمَزِيّةُ فِي كلّ شَيْء: تمامٌ وَكَمَال.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الزِّيزِيمُ: صوتُ الجِنّ باللّيل. قَالَ: ومِيمُ زِيزِيم مِثالُ دالِ زَيْد يَجرِي عَلَيْهَا الْإِعْرَاب، وأنشَد غَيره لرؤبة:
تَسمَع للجِنِّ لَهَا زِيزِيمَا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: بعير أزْيَمُ وأَسْجَم، وَهُوَ الّذي لَا يَرْغُو.
وَقَالَ شمر: الَّذِي سمعتُ: بعير أَزْجَم بالزاي وَالْجِيم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: لَيْسَ بَين الأزْيَم والأزْجم إِلَّا تحويلة الْجِيم يَاء، وَهِي لغةٌ فِي تَمِيم مَعْرُوفَة.
وَقَالَ شمر: أنشدنا أَبُو جَعْفَر الهُذَيمي:
مِن كلِّ أزْجَمَ شائكٍ أَنْيابُه
ومُقصِّفٍ بالهَدْرِ كَيفَ يَصُولُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: هَذَا سِرْبُ خَيْل غارةٍ، قد وَقَعتْ على مزاياها، أَي: على مَواقِعها الَّتِي نهضت عَلَيْهَا متقدِّم ومتأخِّر.
وَيُقَال لفلانٍ على فلانٍ مازِية، أَي: فَضْل، وَكَانَ فلانٌ عَنِّي مازِيةً العامَ، وقاصِيةً وكالِية وراكِيةً. وقَعَدَ فلانٌ عنّي مازياً ونازياً ومُتمازياً، وناصياً، أَي: مُخَالفا بَعيدا.

(13/188)


بَاب لفيف الزَّاي
الزَّاي: قَالَ اللَّيْث: الزَّاي والزاء لُغَتَانِ، وألفها يرجع فِي التصريف إِلَى الْيَاء، وتصغيرها زُيَيَّة. وقرىء قَول الله جلّ وعزّ: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً} (مَرْيَم: 74) ، بالراءَ والزّاي.
(زيي) (زوي) : قَالَ الفرّاء: من قَرَأَ: (وزيَّا) فالزِّيّ: الهيئةُ والمَنظَر، وَالْعرب تَقول: قد زَيّيْتُ الجاريةَ، أَي: زيّنتُها وهيّأتُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَزَيَّا فلَان بزِي حَسَن، وَقد زَييّتُه تَزِيّةً. وَقَالَ ابْن بزرج: قَالُوا من الزي ازدييت، افتعلت، وتزينت تفعّلت وزَييت على فَعِلت، قيل: رضيت. قَالَ: وَالْعرب لَا تَقول فِيهَا فعِلت إِلَّا شَاذَّة. اللَّيْث: والزِّيُّ مَصدَر زَؤَيْتُ الشيءَ أَزْوِيه زَيّاً. وَرُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (إِن الله تَعَالَى زَوَى لِي الأرضَ فَأرَانِي مشارِقَها ومغَاربَها) .
قَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عُبيدة يَقُول فِي قَوْله: (زُوِيَتْ لي الأرضُ) ، أَي: جُمِعَتْ.
قَالَ: وانزَوَى القومُ بَعضهم إِلَى بعض: إِذا تدانَوْا وتضامُّوا. وانزَوَت الجِلْدة فِي النَّار: إِذا تقبّضتْ واجتمعتْ.
وَفِي حديثٍ آخَرَ: (إِن المسجدَ ليَنْزَوِي من النُّخامة كَمَا تَنزَوِي الجِلْدة فِي النَّار) .
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يزيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني كأنَّما
زَوَى بَين عَيْنَيْه عليَّ المَحاجِمُ
فَلَا يَنْبَسِطْ من بينِ عَيْنيكَ مَا انْزَوَى
وَلَا تَلْقَني إلاّ وأَنفُك راغِمُ
وَقَالَ آخر:
فَلَمَّا رَآنِي زوى وجهَه
وقرّب من حَاجِب حاجبا
فَلَا برح الزِّي من وَجهه
وَلَا زَالَ رَائدهُ جادبا
قَالَ شمر: زواهم الدَّهْر، أَي: ذهب بهم. قَالَ بشر:
فقد كَانَت لنا ولهن حَتَّى
زوتها الحربُ أيامٌ قصارُ
قَالَ: (زوتها) : زدّتها. وَقد زووهم، أَي: ردّوهم. وزوى الله عني الشَّرّ، أَي: صرف. وزويت الشَّيْء عَن فلَان، أَي: نحيته عَنهُ. وَأنْشد الْبَاهِلِيّ لعنترة:
حَالَتْ رماحُ ابْني بغيض دونكم
وزوت جواني الْحَرْب من لم يُجرم
قَالَ: زوت، أَي: نحت وباعدت، أَي:

(13/189)


صيرتها فِي راوية الْحَرْب وضمت الأقاصي. وجَواني الْحَرْب: الَّذين جنوها. وَمن لم يجرم: من لَيْسَ لَهُ جِنَايَة وذنب، أَي: لم يقدر أحد أَن ينْفَرد عَن عشيرته مَخَافَة أَن يُقتل وَإِن لم يكن لَهُ ذَنْب.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: زَوَى إِذا عَدَل، كَقَوْلِك: زَوَى عَنهُ كَذَا وَكَذَا، أَي: عَدَله وصَرَفه عَنهُ: وزَوَى: إِذا قَبَضَ. وزَوَى: إِذا جَمَع، ومصدَرُه كلّه الزِّيُّ.
والزُّوِيُّ: العُدولُ من الشَّيْء إِلَى شيءٍ.
والوَزَى: الطُّيورُ.
قلتُ: كأنّه جمعُ وَزِّ وَهُوَ طَيرُ المَاء.
وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا مَال براحلته وقدّ أُصْبُعه وَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر والخليفة فِي الْأَهْل. اللَّهُمَّ أصحَبْنا بنصح وأقْلِبْنَا بِذِمَّة. اللَّهُمَّ زَوِّ لنا الأَرْض وهون علينا السّفر. اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنقلب) .
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَزْوَى الرجلَ: إِذا جاءَ وَمَعَهُ آخَرُ، والعَرَب تَقول لكل مُفْرَد: تَوٌّ، وَلكُل زَوْج: زَوّ.
اللَّيْث: الزَّيُّ فِي حالِ التَّنْحِيَة وَفِي حالِ القَبْض.
وَقَالَ: الزَّاوية فِي الْبَيْت اشتقاقُها من ذَلِك؛ يُقَال: تَزَوَّى فلانٌ فِي زاوِيَة.
قَالَ: والزاوية: موضعٌ بالبصَرة.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: زَوَّرتُ الكلامَ وزَوْيْتُه، أَي: هيّأتُه فِي نَفسِي.
وأخبرَني المنذريُّ عَن إبراهيمَ الحربيّ أَنه قَالَ: رُوِي عَن عمَر أَنه قَالَ للنبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عجبتُ لما زَوَى اللَّهُ عَنْك من الدّنيا) . قَالَ إِبْرَاهِيم: مَعْنَاهُ: لما نُحِّيَ عَنْك وباعَدَه مِنْك. وَكَذَلِكَ قولُه عَلَيْهِ السَّلَام: (أعطانِي اثْنَتَيْنِ وزَوَى عنّي وَاحِدَة، أَي: نحّاها وَلم يُجِبْني إِلَيْهَا) . وَمِنْه قولُه:
فيا لِقُصَيَ مَا زَوَى اللَّهُ عنكُم
الْمَعْنى: أيُّ شَيْء نَحَّى اللَّهُ عَنْكُم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كل شَيْء تامّ فَهُوَ مربَّع كالبيت والدّار والأَرْض والبِساطة لَهُ حُدُود أَرْبَعَة، فَإِذا نقصَتْ مِنْهُ ناحيةٌ فَهُوَ أزوَرُ مُزَوًّى.
(زوأ) : ويروى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الْإِيمَان بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فطوبى للغرباء إِذا فسد الزَّمَان. وَالَّذِي نفسُ أبي الْقَاسِم بِيَدِهِ ليزْوَأنَّ الإيمانُ بَين هذَيْن المسجدين كَمَا تأرِز الْحَيَّة فِي جُحرها) .
قَالَ شمر: لم أسمع زوأت بِالْهَمْز، وَالصَّوَاب: ليزْوَيَنّ، أَي: ليُجْمَعن وليُضَمّنّ، من زوَيتُ الشَّيْء إِذا جمعته، وَكَذَلِكَ ليأرِزن أَي ليَنْضَمنّ.
وأمّا الزَّوْءُ بِالْهَمْز فَإِن أَبَا عبيد رَوَى عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: زوْءُ المَنِيّة: مَا يَحدُث من المَنيّة.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت أَنه قَالَ: قَالَ ابْن الأعرابيّ:

(13/190)


الزَّوُّ: القَذَرُ، وأَنشَد:
من ابْن مامةَ كَعبٍ ثمّ عَيَّ بهِ
زؤُّ المَنِيَّة إلاّ حَرّةً وقَدَى
ويروى زَوُّ الحوادثِ؛ رَوَاه ابْن الأعرابيّ بِغَيْر همزٍ، وهَمزَه الأصمعيّ.
ورَوَى أَبُو سَعيد عَن أبي عَمْرو أنّه قَالَ: تَقول قد زاءَ الدهرُ بفلانٍ، أَي: انقَلَب بِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: فرحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة: قلتُ: زاءَ فعلٌ مِنَ الزِّوْء، كَمَا يُقَال من الزَّوْغ زاغَ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: زأَى: إِذا تَكبَّر. وسَأَى: إِذا عَدَا، وسَأْ: زجرُ الحمارِ.
وزي: قَالَ اللَّيْث: الوَزي: من أَسمَاء الحمارِ المِصَكّ الشّديد.
وَقَالَ غَيره: الوَزي: الرجلُ القصيرُ الملزَّزُ الخَلْق المقتَدِر؛ وَقَالَ الْأَغْلَب:
تاحَ لَهَا بعدَكَ خِنْزَابٌ وَزَى
والمسْتَوزِي: المنتصِب، يُقَال: مَا لي أراكَ مُستَوْزياً، أَي: منتصِباً، وَقَالَ ابْن مقبل يصفُ فرسا لَهُ:
ذَعَرْتُ بهَا العَيْرَ مُسْتوْزياً
شَكِيرُ جَحافِلِه قد كَتِنْ
وَفِي (النّوادر) : استوْزى فِي الْجَبَل واستولَى، أَي: أَسْنَد فِيهِ.
زوزى زيز: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْزاةُ شِبْه الطَّرْد والشَّلّ، تَقول: زوْزى بِهِ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الزَّوْزاةُ: أَن يَنصِب ظهرَه ويقارِبَ الخَطْو ويُسرِع، يُقَال: زَوْزى يُزوْزي زَوْزَاةً، وأَنشَد:
مُزَوْزياً لمّا رَآها زوْزتِ
يَعْنِي: نعَامَة ورِئالها.
وَقَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطّه: الزِّيزاءَةُ تقديرُها زيزاعَة: الأرضُ الغليظة.
وَقَالَ الفرّاء: الزِّيزاءُ من الأَرض ممدودٌ مكسورُ الأوّل. وَمن العَرب من يَنصِب فَيَقُول: الزَّيْزاءُ. قَالَ: وبعضُهم يَقُول: الزَّازاءُ: كلُّه مَا غَلُظ من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الزِّيزَاةُ من الأَرْض: القُفُّ الغليظ المشرِف الخَشِن وجمعُها الزَّيازي، وَقَالَ رؤبة:
حتّى إِذا زَوْزَى الزَّيازِي هَزَّقَا
ولَفَّ سِدْر الهَجَرِيّ حَزَّقا
وَقَالَ:
تزازي العانةِ فَوق الزازيه
أَرَادَ فَوق الزيزاء من الأَرْض، الغليظة يُقَال الزازية. فِي (النَّوَادِر) : يُقَال: زازيت من فلَان أمرا شاقّاً، وصاحيْتُ. والمرأةُ تُزازي صَبيها. وزازيت المَال وصاحيته: إِذا جمعته. وصعصعته تَفْسِيره جمعته.
(زأزأ) : وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَزَأْزأ عنّي فلانٌ: إِذا هابَكَ وفَرِقَ مِنْك. قَالَ: وتزَأْزأَت المرأةُ: إِذا اختبأتْ.
وَقَالَ جَرِير:

(13/191)


تَدْنو فتُبدِي جَمالاً زانَه خَفَرٌ
إِذا تَزَأْزأتِ السُّودُ العَناكِيبُ
وَقَالَ أَبُو زيد: تزأزأْتُ من الرّجل تزأْزُؤاً شَدِيدا: إِذا تصاغَرْتَ لَهُ وفَرِقْتَ مِنْهُ.
أزز: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مَرْيَم: 83) .
قَالَ الفرّاء: أَي: تُزعِجهم إِلَى الْمعاصِي وتُغرِيهم.
وَقَالَ مُجَاهِد: تُشْلِيهم بهَا إشْلاءً.
وَقَالَ الضحّاك: تُغْرِيهم إغراءً.
وأخبَرَني المنذريّ عَن إبراهيمَ الحربيّ أَنه قَالَ: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الأزّ: الحَرَكة؛ قَالَ رؤبة:
لَا يَأْخُذُ التَّأْفِيكُ والتَّحَزِّي
وَلَا طَيخُ العِدَا ذُو الأَزِّ
عَمْرو عَن أَبِيه: قد أَزَّ الكتائبَ: إِذا أضافَ بعضَها إِلَى بعض؛ وَقَالَ الأَخطَل:
ونَقْضُ العُهود بأَثْرِ العُهودْ
يَؤُزّ الْكَتَائِب حتّى حَمِينَا
وَعَن مطرف عَن أَبِيه أَنه قَالَ: أتيت النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصلي ولجَوْفه أَزِيز كأَزِيز المِرْجَل؛ يَعْنِي أَنه يبكي. قَالَ شمر: يَعْنِي أَن جَوْفه تجيش وتغلي بالبكاء.
قَالَ: وسمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول فِي تَفْسِيره: لَهُ حَنِين فِي الجَوْف إِذا سمعَه كأنّه يَبكِي.
قَالَ: وَأَخْبرنِي عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الأزّةُ: الصَّوت، والأزيز: النَّشِيش.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الأزيز: الالتهاب وَالْحَرَكَة كالتهاب النارِ فِي الْحَطب؛ يُقَال: أُزَّ قِدْرَك، أَي: أَلْهِب النّار تحتهَا. وائْتَزَّتِ القِدْر: إِذا اشتَدّ غَلَيانُها.
وَقَالَ شمر: أقرأَنا ابنُ الْأَعرَابِي عَن المفضَّل: أَن لقمانَ قَالَ لِلُقَيم: اذهبْ فَعشِّ الإبِلَ حتّى تَرى النجمَ قِمَّ رَأْسِي، وحتّى تَرَى الشِّعْرَى كأنّها نَار، فَإِن لَا تكن عَشَّيْتَ فقد آنَيْتَ فَقَالَ لَهُ لُقَيم: واطبُخْ أنتَ جَزُورك فأُزَّ مَاء وغَلِّه حَتَّى تَرى الكَرادِيسَ كأنّها رؤوسُ شُيوخ صُلْع، وحتّى تَرى اللحمَ يَدْعُو غطيفاً وغَطَفان، فَإِن لَا تَكُنْ أنضَجْتَ فقد آنَيْتَ.
قَالَ: يَقُول: إِن لم تُنضجْ فقد أنَيت، وأَبطأتَ: إِذا بلغتَ بهَا هَذَا وَلم تَنضَج.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَزَزتُ الشَّيْء أؤُزهُ أزاً: إِذا ضممتَ بعضَه إِلَى بعض.
وَفِي حَدِيث سَمُرة بنِ جُندَب: انكسفتِ الشمسُ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانتهيتُ إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ يَأْززُ.
قَالَ المنذريّ: قَالَ الْحَرْبِيّ: الأَزز: الامتلاءُ منَ النَّاس.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: البيتُ مِنْهُم يأزَز: إِذا لم يكن فِيهِ متَّسَع، وَلَا يُشتقّ مِنْهُ فعل.
قَالَ: والأز: ضَرَبانُ عِرْقٍ يأتَزُّ، أَو وجَعٌ فِي خُراج.
عَمْرو عَن أَبِيه: الأَزز: الجَمعُ الكثيرُ من

(13/192)


النَّاس. وَقَوله: (الْمَسْجِد يأزز) ، أَي: منْغَصٌّ بِالنَّاسِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو الجَزْل الأعرابيّ: أتيتُ السوقَ فرأيتُ النساءَ أَززاً، قيل: مَا الأزز؟ قَالَ: كأَزز الرُّمّانة المحتَشِية.
وَقَالَ الأسديّ فِي كَلَامه: أتيتُ الواليَ والمجلسُ أَزز، أَي: ضيّق كثيرُ الزّحام.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
أَنا أَبُو النّجم إِذا شُدَّ الحُجَزْ
واجتَمَع الأقدامُ فِي ضَيْق الأَزز
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأُزاز: الشّياطين الّذين يَؤُزُّزون الكفّار.
وَقَالَ اللّيث: الأزز: حسابٌ من مَجَارِي الْقَمَر، وَهُوَ فُضول مَا يَدخل بَين الشّهور والسنين.
أزي: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أزيْتُ لفلانٍ آزي لَهُ أزْياً: إِذا أتيتَه من وَجْه مَأْمَنِه لتَختِلَه.
قلت أَنا: أخال اللَّيْث، أَرَادَ أدّيت لَهُ بِالدَّال: إِذا ختلته، فصحفه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَزَى الظِّلُّ يَأْزى أُزياً: إِذا قَلَص ودَنا بعضُه إِلَى بعض.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: أزى الظِّلُّ يأزو ويَأْزى ويَأْزَى، وأَنشَد:
الظِّلُّ آزٍ والسُّقاة تَنْتَحِي
قَالَ أَبُو النّجم:
إِذا زاء مَخْلوقاً أَكَبَّ برأْسِه
وأبْصَرْته يَأْزي إليّ ويَزْحَلُ
أَي: ينقبض إليّ وينضمّ.
قَالَ: وأَزوْتُ الرجلَ وآزيْتَه فَهُوَ مَأزوْ ومُؤْزي، أَي: جَهَدْته فَهُوَ مَجْهود.
قَالَ الطِّرِمّاح:
قد باتَ يأْزوهُ نَدًى وصَقِيعُ
أَي: يَجهَده ويُشْئِزه.
الحرّاني عَن عَمْرو عَن أَبِيه: تأَزَّى القِدْح: إِذا أصابَ الرَّمِيّة فاهتَزّ فِيهَا. وتَأَزَّى فلانٌ عَن فلَان: إِذا هابَه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ أَبُو حَازِم العُكْلي: جَاءَ رجلٌ إِلَى حَلْقة يونسَ فأَنشَدَنا قصيدة مَهْمُوزَة أوّلها:
أُزى مُسْتَهْنِىءٌ فِي البَدِىء
فَيَرْمَأُ فِيهِ وَلَا يَبْذَؤُهْ
قَالَ: (أزى) : جُعِل فِي مكانٍ. والمستهنِىء: المستعطِي. أرادَ: أَن الّذي جَاءَ يَطلب خَيْري أجعله فِي البَدِىء، أَي: فِي أوّلِ مَن يَجِيء. (فَيرْمَأُ فِيهِ) : أَي: يُقِيم فِيهِ. (وَلَا يَبْذَؤُه) ، أَي: لَا يكرَهُه وَلَا يذُمّه.
وفيهَا:
وعندِي زُؤَازيةٌ وأبَة
تُزَأْزِىءُ فِي الدَّأْث مَا تَهْجَؤه
قَالَ: زؤازية: قِدْرٌ ضخمة، وَكَذَلِكَ الوَأبة. تُزَأزِي: أَي: تَضُمّ. والدأث: اللّحم والوَدَك. مَا تَهْجَؤه، أَي: مَا تَأْكُله.

(13/193)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للنّاقة الّتي لَا تَرِد النَّضِيحَ حَتَّى يخلوَ لَهَا الأزية والآزِيَة والأزْيَة والقَذُور.
وَقَالَ اللّيث: أَزى الشيءُ بعضه إِلَى بعض يَأْزِي نَحْو اكتناز اللّحم وَمَا انضَمّ من نَحوه، قَالَ رؤبة:
عَضَّ السِّفارِ فهوَ آز زَيمُهْ
أَبُو عُبَيد: هم إزاءٌ لِقومِهم، أَي: يُصلِحون أمرَهم، وأَنشَد:
لقد عَلِم الشَّعْبُ أنّا لَهُمْ
إزاءٌ وأَنّا لَهُمْ مَعْقلُ
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الإزاء: مَصَبّ المَاء فِي الْحَوْض، وأَنشَد:
مَا بَينَ صُنْبورٍ إِلَى الإزاء
قَالَ: وَيُقَال: للنّاقة الَّتِي تَشربُ من الإزاء أَزِيَة على فَعِلة.
وَقَالَ أَبُو زيد: أزيتُ الحَوضَ على أفعلتُ وأزيته: جعلت لَهُ إزاءً، وَهُوَ أَن يُوضَع على فَمِه حَجر أَو جُلّة أَو نَحْو ذَلِك.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: آزَيْت على صَنِيع فلانٍ إيزاءً، أَي: أضعَفْت عَلَيْهِ.
وأنشَد لرؤبة:
تَغْرِفُ من ذِي غَيِّث وتُوزي
أَي: تُفضِل عَلَيْهِ.
وَيُقَال: هُوَ بِإِزَاءِ فلَان، أَي: بحِذائه ممدودَان.
ابْن السكّيت عَن الأصمعيّ: هُوَ إزاءُ مالٍ، وَهُوَ القائمُ بِهِ، وأَنشَد:
ولكنّي جُعِلتُ إزاءَ مالٍ
فأَمْنَعُ بَعد ذَلِك أوْ أُنيلُ
وَقَالَ حُمَيد:
إزاءُ مَعاشٍ لَا يَزالُ نِطاقُها
شَدِيدا وفيهَا سَوْرةٌ وَهِي قاعِدُ
يصف امْرَأَة تقوم بمعاشِها.
وَقَالَ زُهَيْر يصف قوما:
تَجدْهمْ على مَا خَيّلتْ همْ إزاؤها
وَإِن أفْسَدَ المالَ الجَماعاتُ والأزلُ
أَي: تجدهم الّذين يقومُونَ بهَا، وكلُّ مَن جُعِل قيّماً بأمرٍ فَهُوَ إزاؤه.
وَمِنْه قولُ قيسِ بن الخَطيم:
ثأزْتُ عَدِيّاً والخَطيمَ فلَم أضِعْ
وصيّةَ أَشْيَاخ جُعِلت إزاءَها
أَي: جُعِلت القَيِّمَ بهَا.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال بَنو فلَان إزاءُ بني فلانٍ: إِذا كَانُوا لَهُم أَقْراناً.
وَفِي الحَدِيث: (اخْتلف من كَانَ قَبْلَنا على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فِرقةً، نجا مِنْهَا ثَلَاث، وَهلك سائرُها) ، فرقة آزت الملوكَ، أَي: قاتَلَتْهم وقاوَمَتْهم، مِن آزيْته: إِذا جاذَبْته. وفلانٌ إزاءُ فلَان: إِذا كَانَ قِرْناً لَهُ يُقاوِمه.
وزأ: أَبُو زيد: وزأْتُ الوِعاءَ تَوْزيئاً: إِذا شَددْتَ كَنْزَه.
قَالَ: وَرجل متآزِي الخَلْق ومتآزِف الخَلْق: إِذا تَدانَى بعضُه إِلَى بَعْض.

(13/194)


أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: وزأْتُ اللَّحمَ: إِذا شويتَه فأيْبَسْتَه.
ووزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها: إِذا صَرَعَتْه.
(زوز) : وَقَالَ الأمويّ: قِدْرٌ زُؤازيَةٌ، وَهِي الَّتِي تَضُمّ الجَزور.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل زُوَأَزُ، وزُوَازِيةٌ: إِذا كَانَ غليظاً إِلَى القِصَر مَا هُوَ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل وَزْوَازٌ: طَيّاشٌ خَفِيف.
النَّضْر عَن الجَعْديّ قَالَ: الوَزوَزُ: خشبةٌ عَرِيضةٌ يُجَحّر بهَا تُرابُ الأَرْض المرتفعة إِلَى الأَرْض المنخفضة. وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ زوزم.
(أوز) : الأوَزُّ: طيرُ المَاء، الواحدةُ إِوَزّة بِوَزْن فِعَلَّة. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يكون المَفْعلة مِنْهَا مَأْوَزةٌ وَلَكِن من الْعَرَب من يحذف الهمزةَ مِنْهَا فيصيِّرها وَزّةً كَأَنَّهَا فَعْلة ومَفْعَلَة، مِنْهَا أَرض مَوَزَّة، وَيُقَال: هُوَ البط.
قَالَ: ورجلٌ أَوَزُّ وامرأةٌ إوَزَّةٌ، أَي: عَظِيم غليظٌ لَحِيم فِي غير طول. وأَنشد المفضّل:
أَمشي الأوَزَّى ومعِي رُمْحٌ سَلِبْ
قَالَ: وَهُوَ مشيُ الرجل توقُّصاً فِي جانبيه، ومَشْيُ الفَرَس النشيط.
(زوز) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزونزي: الَّذِي يرى فِي نَفسه مَا لَا يرَاهُ غَيره، وَهُوَ المتكبر؛ وَأنْشد:
ثرى الزونزي منهمُ ذَا البردين
يرميه سوّار الْكرَى فِي الْعَينَيْنِ
بَين الحاجبين وَبَين المآقين
وَقَالَ:
وبَعلُها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَي
وَيُقَال: زَوَّيْتُ زاياً فِي لُغَة من يَقُول الزّاي، وَمن قَالَ: الزاء قَالَ: زيَّيْتُ زاءً، كَمَا يُقَال: بَيَّبْتُ بَاء، ونظيرُ زَوَّيْتُ زاياً، أَو نَظِير زَوَّيْتُ زاءً: كَوَّفْتُ كَافاً.

(13/195)


أَبْوَاب الرباعي من حرف الزَّاي
(ز ط)
(طنبز) : قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال لجهازِ الْمَرْأَة وَهُوَ فَرْجُهَا: طنْبَزِيزُها.
(طبرزن) (طبرزل) : وَقَالَ ابنُ السّكيت: هُوَ الطَّبَرْزن والطَّبرْزَلُ لهَذَا المُسكِر، بالنُّون وَاللَّام.
(ز د)
(زردم) : وَقَالَ اللَّيْث: الزَّرْدَمة: الابتلاع.
قلتُ: وَالْمِيم فِيهِ زَائِدَة.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: يُقَال: زَرْدَبَه. وزَرْدَمَه: إِذا خنقه.
وَقَالَ: إزْدَرَدْتُ اللقمةَ: إِذا بلعتها.
(دلمز) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء الشَّيْطَان: الدُّلَمِزُ والدُّلاميزُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرَّباص من الرّجال الفخم: دُلامِز ودُلَمِز ودُولامِص ودُلَمِص.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّلمز: الْمَاضِي القويُّ وَهُوَ الدّولامِزُ.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ الشَّديد الضَّخم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّلْمَزَة فِي اللَّقم تضخيم اللُّقم الكِبار، يُقَال: دَلْمَزَ دَلْمَزَة.
(ز ر ز ل)
(زرنب) : والزَّرْنَبُ: ضَرْبٌ من الطّيب والعِطْر. وَقيل: الزَّرْنَب: نباتٌ طيِّب الرِّيح.
وَقَالَت امْرَأَة فِي زَوجهَا: مَسَّهُ مَسُّ أَرْنَبٍ، وريحُه ريحُ زَرْنَبٍ، وَقَالَ الراجز:
وابِأَبي أنتِ وفُوكِ الأشْنَبُ
كأنمَا ذُرّ عَلَيْهِ زَرْنَبُ
(زردن) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَيْنَةُ: لحمةٌ دَاخل الزَّرْدَان.
قَالَ: والزَّرْنَبَةُ: خلفهَا لحمةٌ أُخرى.
(زنبر) : اللَّيْث: الزُّنْبُور: طَائِر يلسع. والزّنْبرية الضخمة من السّفن. والزَّنبريّ: الثقيل من الرِّجَال. وأَنشد:
كالزَّنْبري يُقادُ بالأجلالِ
أَرَادَ بالزنبري: السّفين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: من غَريب شجرِ البرّ الزّنابيرُ وَاحِدهَا زِنْبِيرَة وزِنْبَارَة وزُنْبورة.
قَالَ: وَهُوَ ضَرْب من التِّين، وأهلُ الحضَر يُسمّونه الحُلْوَانيّ. وغلامٌ زُنْبور: خَفِيف. والزُّنْبور من الفأر: الْعَظِيم وَجمعه زنَابر، وَقَالَ جُبَيْهَاءُ:
فأَقنع كفَّيْه وأَجنحَ صَدْرَه
بجَرْعٍ كأثباج الزَّبَابِ الزَّنَابر

(13/196)


(وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ أَبُو الجرّاح: غلامٌ زُنْبورٌ. وزُنبرٌ: إِذا كَانَ خَفِيفا سريعَ الْجَواب. قَالَ: وسألتُ رجلا من بني كلاب عَن الزُّنْبور فَقَالَ: هُوَ الْخَفِيف الظريف.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: يُقَال: تَزَنْبرَ علينا: إِذا تكبر) .
(فنزر) : وَقَالَ اللَّيْث: فَنزَر: بيتٌ صَغِير يُتَّخذ على رأسِ خشبةٍ طولهَا ستّون ذِرَاعا يكون الرجلُ ربيئةً فِيهِ.
(زرفن) : وَقَالَ: زِرْفِين وزُرْفين لُغَتَانِ: حلْقة الْبَاب.
قلت: الصَّواب زِرْفِين بِالْكَسْرِ على بناءِ فِعلين، وَلَيْسَ فِي كَلَامهم فُعليل.
وَقَالَ ابْن شُميل: الزَّرافين: الحلَق.
(زمرذ) : والزّمُرّذ، بالذّال: من الْجَوَاهِر، جوهرٌ مَعْرُوف.
(برزن) : وَقَالَ النَّضر: البرزيْنِ: كوزٌ يُحْمل بِهِ الشَّرابُ من الخابية.
وَقَالَ: لقحتنا خابية جونة يتبعهَا برزينها. ويروى باطية.
وَقَالَ الدينَوَرِي: البرزين: قشر الطلعة يتَّخذ من نصفه تلتلة. والباطية: الناجود.
(زنفل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: زَنْفَل فلَان: إِذا رَقَص رقْصَ النَّبَط. وَقَالَ غَيره: زَنْفَل فلَان فِي مِشيته: إِذا تحرّك كَأَنَّهُ مُثْقل من الحِمْل. وزَنْفَل: من أَسمَاء الْعَرَب.
(زنتر) : وَقَالَ ابْن دُريد: الزَّنْتَرَةُ: الضّيق، يُقَال: وقَعُوا فِي زَنْتَرَةٍ من أَمرهم، أَي: فِي ضِيق وعُسْر. وَقَالَ: زَبَنْتَرَ: اسمٌ وَهُوَ الْقصير من الرِّجَال. يَبرِز: مَوضِع.
(برزل) : ورجلٌ بُرْزُلٌ، وَهُوَ الضخم، وَلَيْسَ بثَبَت.
(قرزم) : شمر عَن ابْن الأعرابيّ: القُرزومُ: خَشَبَة الحَذّاء، وَقَالَهُ ابْن السّكيت بِالْفَاءِ.
وَفِي كتاب مُحَمَّد بن حبيب: الفرزوم بِالْفَاءِ: خَشَبَة الْحذاء. قَالَ: والقصيرة: السّندان، وَهِي العلاة. وَمِنْهُم من يَقُول: قرزوم بِالْقَافِ وَقد مر فِي كِتَابه.
(فرذن) : وفِرْزَانُ: الشَّطرنج معرّب، وَجمعه الفَرازين.
(زنبل) : والزِّنْبِيل لغةٌ فِي الزّبيل.
وَمن خُماسيّه
قَالَ ابْن السّكيت: (الزّبَنْتَر) من الرِّجَال: المنْكرُ الدَّاهية، إِلَى القِصَر مَا هُوَ. وَأنْشد:
تمَهْجَرُوا وأيُّمَا تَمَهْجُرِ
بَنى اسْتِهَا والجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ

(13/197)


أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: هُوَ الْفِيل والكُلْتوم و (الزَّنْدَبِيل) .
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وَعز: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} (الْكَهْف: 50) ، قَالَ: وَلد إِبْلِيس خَمْسَة داسِمَ وأعور ومِسْوَط وثبْرَ و (زَلَنْبُور) .
قَالَ سُفْيَان: زَلَنْبُورٌ يُفرِّق بَين الرجل وَأَهله، ويُبَصِّرُ الرجلَ عيوبَ أَهله.

(تمَّ كتاب الزَّاي)

(13/198)


كتاب الطَّاء من تَهْذِيب اللُّغَة
{أَبْوَاب المضاعف مِنْهُ

(بَاب الطَّاء والطاء)
ط ط
(طط) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأطَطُ: الطويلُ، وَالْأُنْثَى طَطَّاء.
قلت: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الطَّاط والطُّوط، وَهُوَ الطَّوِيل وَكَذَلِكَ القوف وَالْقَاف.

(بَاب الطَّاء والذال)
ط د
طد: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأدَطُ: المعوَجُّ الفَكّ.
قلت: المعروفُ فِيهِ الأدْوَط، فَجعله الأدَط، وهما لُغَتَانِ.
ط ت ط ظ ظ ذ: مهملات.

(بَاب الطَّاء والثاء)
(طث ثط:} مستعملات) :
طث: قَالَ اللَّيْث: الطّثُّ: لعبةٌ للصبيان يَرمون بخشبةٍ مستديرةٍ تسمَّى المطثّة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: المِطَثّةُ: القُلَة. والمِطَثُّ: اللّعب بهَا.
قلت: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُمَر، وَالصَّوَاب: الطّثُّ: اللّعِب بهَا.
ثط: قَالَ اللَّيْث: الثّطُّ والنَّطُّ لُغَتَانِ، والثَّطُّ أَكثر وأصوب. قَالَ: والثَّطَطُ مصدرُ الأثطّ، يُقَال: ثَطّ يَثُطُّ ثَطَطاً.
قَالَ: وَمن قَالَ رجلٌ ثَطٌّ، قَالَ: ثَطّ يَثِطّ ثطّاً وثُطُوطاً.
قَالَ: والثَّطّاء مِن النِّساء: الّتي لَا إِسْبَ لَهَا؛ يَعْنِي شِعْرةَ رَكَبِها.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَثَطّ الرّقيق الحاجِبَين. قَالَ: والثُّطَطُ والزُّطَطُ: الكَوْسَج.
ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الثَّطّة:

(13/199)


خُشَيْبة الغال.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رَجُلٌ ثَطٌّ من قَوْم ثُطّان وثِطط وثِطاطٍ، بيّن الثُّطوطة والثُّطاطة، وَهُوَ الكَوْسَج.
قَالَ: ورجلٌ ثَطَّ الحاجِبَين، وَامْرَأَة ثَطّة الحاجِبين؛ لَا يُستغنَى فِيهِ عَن ذِكر الحاجبين، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَطرَط الحاجِبَين، وَرجل أَمرَط وَامْرَأَة مَرْطاء الحاجبين، لَا يُستغنَى عَن ذِكر الحاجبين.
قَالَ: وَرجل أَنْمَص: وَهُوَ الّذي لَيْسَ لَهُ حاجبان، وَامْرَأَة نَمْصاء، يُستغنَى فِي الأنْمص والنَّمصاء عَن ذِكر الحاجبين.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر
طر، رط، طرط: مستعملات.
طرط: قَالَ أَبُو زيد: رجُلٌ أطرَط الحاجِبَين، وأَمرَط الحاجِبَين: لَيْسَ لَهُ حاجبان، وَلَا يُستغنَى عَن ذِكر الحاجِبين.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فِي حاجِبَيه طَرَط، أَي: رِقّة شَعر. قَالَ: والطّارِط: الحاجبُ الخفيفُ الشّعر.
رط: أهمَلَه اللَّيْث.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الرَّطِيطُ والرَّطِيءُ: الأحمَقُ، وجمعُه رَطائِط؛ وأَنشد:
أَرِطُّوا فقد أقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكُمْ
عسَى أَن تَفُوزُوا، أَن تَكُونُوا رَطائطا
يَقُول: قد اضطرَبَ أمرُكم من جِهَة الجِدّ والعَقْل، فأحمُقُوا لعلّكم تَفوزُون بجَهْلِكم وحُمْقِكم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَقول للرّجل رُطّ، رُطْ: إِذا أمرتَه أَن يَتحامَق مَعَ الحَمْقَى ليَكُون لَهُ فيهم جَدّ.
وَيُقَال: استَرْطَطتُ الرّجلَ واستَرْطَأْتُه: إِذا استَحْمَقْتَه.
طر: قَالَ اللَّيْث: الطَّرُّ كالثَّلّ، يطُرُّهم بالسّيف طرّاً.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَطَرَّه يُطِرُّه إطْرَاراً: إِذا طَرَدَه؛ قَالَ أَوس:
حتّى أُتيحَ لَهُ أَخُو قَنَصٍ
شَهْمٌ يُطِرُّ ضَوارياً كُثَبا
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أطَرَّ يُطِرُّ: إِذا أَدَلَّ، وَيُقَال: غَضَبٌ يُطِر: إِذا كَانَ فِيهِ إدْلال.
وَقَالَ غيرُه: غَضَبٌ مُطِرٌّ: جاءَ مِن أطْرارِ البِلاد.
قَالَ: وَيُقَال: طَرَّ الإبلَ يَطِرّها: إِذا مَشَى من أحد جانِبَيْها ثمّ مِن الآخَر ليقوِّمها.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: جَاءَ فلانٌ مُطِرّاً، أَي: مستطيلاً مُدِلاًّ؛ وأَنشد:
غَضِبْتُم علينَا أَن قَتَلْنا بخالدٍ
بَنِي مالكٍ هَا إنّ ذَا غَضَبٌ مُطِرُّ
قَالَ: وَمن أمثالهم فِي جَلادةِ الرَّجل: أَطِرِّي فإنّك ناعِلةِ، أَي: اركب الأمرَ

(13/200)


الشديدَ فإِنّكَ قوي عَلَيْهِ، وأصلُ هَذَا أنّ رجلا قَالَ لراعية لَهُ وَكَانَت تَرعَى فِي السُّهولة وتَترك الحُزونة، قَالَ: وأَطِرِّي: خُذي طُرَرَ الْوَادي وَهِي نواحيه، فإِنّكِ ناعلَة، فإِن عَلَيْك نَعلَين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أطرِّي، أَي: خُذِي أطرَارَ الْإِبِل أَي: نَوَاحِيهَا، يَقُول: حُوطيها من قواصيها، واحفَظيها من جَمِيع نَوَاحِيهَا يُقَال: طرِّي وأَطِرِّي، وَنَحْو ذَلِك روى ابْن هانىء عَن الْأَخْفَش.
وَقَالَ ابْن السكّيت فِي قَوْلهم: أَطرِّي فَإنَّك ناعِلة، أَي: أدلِّي فإنّ عليكَ نَعْلَين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيَّ: طُرَّ الرجلُ: إِذا طُرِدَ.
قَالَ: والطُّرِّي: الأتان المطرودة.
والطُّرَّى: الحمارُ النشيط.
قَالَ: وَيُقَال: طَرّ شارِبُه، بَعضهم يَقُول: طُرَّ، وَالْأولَى أفْصح.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: طَرَّ النَّبَات يَطُرّ طُروراً: إِذا نبت، وَكَذَلِكَ الشارِب، وَكَذَلِكَ شعر الوحْشي إِذا أنسَلَه ثمَّ نبت.
وَقَالَ اللَّيْث: فَتى طارٌّ: إِذا طَرَّ شَاربه.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: طررتُ الحديدةَ أطرُّها طُرُراً: إِذا أَحَدْدَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: سِنانٌ مَطْرور وطَرِير: محدَّد، ورجلٌ طريرٌ: ذُو طرَّةٍ وهيئةٍ حَسَنَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجل جميلٌ طرِيرٌ، وَمَا أطرَّه، أَي: مَا أجملَه.
وَمَا كَانَ طريراً، وَلَقَد طرَّ.
وَيُقَال: رأيتُ شَيخا طريراً جميلاً. وقومٌ طرارٌ بيِّنُو الطَّرارة.
وَقَالَ المتلمِّس:
ويُعجِبُك الطَّرِيرُ فتَبْتَليه
فيُخلِفُ ظَنك الرجلُ الطَّرير
أَي: الْحسن.
وَقَالَ اللَّيْث: الطُّرَّة: الثَّوْب، وَهِي شبه عَلَمين يُخاطان بجانبي البُرْد على حَاشِيَته.
والطُّرَّة: طُرة الْجَارِيَة، وَذَلِكَ أَن يُقطع لَهَا من مقدَّم ناصيتها، كالطُّرة تَحت التَّاج.
قَالَ: والطُّرُور: طُرّة تُتَّخذ من رامِكٍ.
وَقَالَ الأعرابيّ: الطَّرِير السهْم الْحسن القُذَذ.
قَالَ: والطَّرَّة: الإلقاحُ من ضَرْبة وَاحِدَة.
وَقَالَ الْكسَائي: طَرّت يَده تطرّ، وترّت تَتُرّ.
قَالَ: وأطرَّها الْقَاطِع وأترَّها.
وَفِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء: ونشأتْ طرَيْرةٌ من السَّحَاب، وَهِي تَصْغِير طُرّة، وَهِي قطعةٌ مِنْهَا تبدُو من الأُفق مستطيلة.
وَيُقَال: طَرَّرَت الْجَارِيَة تطريراً: اتَّخذت لنَفسهَا طُرّة.
وَيُقَال: رأيتُ طرّة بني فلَان: إِذا نظرت إِلَى حِلَّتهم من بعيد: إِذا آنست بُيُوتهم.
وَقَالَ الْفراء وَغَيره: يُقَال للطبق الَّذِي

(13/201)


يُؤكل عَلَيْهِ الطَّعَام: الطِّرِّيان، بِوَزْن الصِّلِّيان؛ وَهُوَ فِعْلِيان من الطَّرّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل طُرْطُرْ: إِذا أَمرته بالمجاورة لبيت الله الْحَرَام، والدوام على ذَلِك.
قَالَ: والطُّرْطورُ: الوغْد الضَّعِيف من الرِّجَال والجميع الطِّراطير، وَأنْشد:
قد عَلمتْ يَشْكُرُ مَن غُلامُها
إِذا الطَّراطيرُ اقشعرَّ هامُها
وَقَالَ غَيره: الطَّرّ: الْقطع، وَمِنْه قيل للَّذي يقطع الهمايين: طَرّار.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطُّرّتان من الْحمار الوحشيّ: مَخَطُّ الجنبين.
وَقَالَ أَبُو ذؤيبٍ يصف رامياً رَمْى عَيْراً وأُتُناً:
فَرَمَى فأنفذَ مِن نحوص عائطٍ
سَهْما فأنفَذَ طُرَّتيه المِنزَعُ
وَقَالَ أَبُو زيد: المِطرة والمَطَرة: الْعَادة، بتَشْديد الرَّاء.
وَقَالَ الْفراء: هِيَ المطرة مُخَفّفَة الرَّاء.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَأَيْت بني فلَان بطِرَ: إِذا رَأَيْتهمْ بأجمعهم.
قلت: وَمِنْه قَوْلهم: جَاءَ القومُ طُرّاً، أَي: جَمِيعًا.
قَالَ الْمبرد: قَالَ يُونُس: الطُّراسم للْجَمَاعَة اسمٌ.
قَالَ: وَقَوْلهمْ: جَاءَنِي الْقَوْم طُرّاً، نصب على الْحَال. وَيُقَال: طَرَرْت الْقَوْم، أَي: مَرَرْت بهم جَمِيعًا.
وَقَالَ غَيره: طرٌّ: أقيم مقَام الْفَاعِل وَهُوَ مَصدر، كَقَوْلِك: جَاءَنِي القومُ جَمِيعًا.
وَقد قَالَ بَعضهم: طُرّاً، أَي: طَرَأَ يطْرَأ، أَي: أقبَل كَأَنَّهُ فِعْل مِنْهُ. وَالْقَوْل مَا قَالَ يُونُس.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أطرّ الله يدَ فلَان وأطنَّها، فطرَّت وطَنّت، أَي: سَقَطت. وأطْرارُ الْبَلَد: نواحيه، الْوَاحِدَة طُرّة، وطرة كلِّ شَيْء: ناحيتُه.

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
(ط ل)
طل لط: (مستعملات) .
طل: قَالَ اللَّيْث: الطَّلُّ: المطرُ الصغارُ الْقطر الدَّائِم وَهُوَ أرسخُ الْمَطَر ندًى. وَيُقَال: طلّت الأرضُ، وَيُقَال: رحُبتْ بلادُك وطلّتْ.
أَبُو عبيد: الْأَصْمَعِي: أخفُّ الْمَطَر وأضعفُه: الطّلُّ، ثمَّ الرذاذ، ثُم البغْشُ. وَقد طُلت السَّمَاء.
وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مَطْلُولة من الطَّلّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإطلالُ: الإشراف على الشَّيْء. وطَللُ السَّفِينَة: جِلالها، والجميع الأطلال.
وطللُ الدَّار: يُقَال: إِنَّه مَوْضِعه من صَحْنها يُهيّأُ لمجلس أَهلهَا.

(13/202)


وَقَالَ أَبُو الدُّقَيش: كَأَن يكون بِفنَاء كلِّ بَيت دُكّان عَلَيْهِ المأكل وَالْمشْرَب، فَذَلِك الطَّلل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطلل: مَا شَخَصَ من الدِّيار، والرَّسمُ مَا كَانَ لاصقاً بِالْأَرْضِ.
سَلمَة عَن الفرّاء: الطُّلّة: الشَّرْبة من اللَّبن. والطَّلَّة: النِّعْمَة. والطَّلَّة: الْخمْرَة السلسلة. والطِّلّة: الحُصر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطليل: الْحَصِير. قَالَ: والمطلل: الضباب.
ورُوَي عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الطليلة: البُورِياءُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْبَارِي لَا غير.
وَقَالَ أَبُو زيد: للنّدى الَّذِي تخرجه عروقُ الشّجر إِلَى غُصونها: طَلٌّ، وَيُقَال: رَأَيْت نسَاء يتطالَلْنَ من السطوح، أَي: يتشوفْن. وَيُقَال: حيّا الله طُلَلَك وأطلالك، أَي: مَا شخص من جسدك.
وخمرةٌ طلّة، أَي: لذيذة.
وحديثٌ طلّ، أَي: حَسَن.
وَيُقَال: مَا بالناقة طَلّ، أَي: مَا بهَا لبن.
وَيُقَال: فرسٌ حَسن الطّلالة: وَهُوَ مَا ارتفَعَ من خَلْقه.
أَبُو العَمَيثل: تطاللْتُ للشَّيْء، وتطاوَلْتُ لَهُ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّطالُّ: الاطَّلاع من فَوق الْمَكَان، أَو من السِّتر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: طَلَّة الرجل: امرأتُه، وَكَذَلِكَ خَتَنُه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: طُلَّ دَمُه وطَلَّه اللَّهُ. قَالَ: وَلَا يُقَال طَلّ، وَلَكِن يُقَال أُطِلّ.
وَقَالَ الكسائيّ: طَلَّ الدمُ نفسُه.
وَفِي الحَدِيث: أنّ رجلا عَضَّ يدَ رجل فانتَزَع يدَه مِن فِيهِ فسقطتْ ثَناياه فطَلَّها، أَي: أهدَرها وأَبْطَلها.
شمر عَن خَالِد بن جَنْبة: طَلَّ بَنو فلانٍ فلَانا حَقَّه يَطُلُّونه: إِذا مَنَعوه إِيَّاه وحَبَسوه مِنْهُ.
وَقَالَ غَيره: طَلَّه حَقه، أَي: مَطَله، وَمِنْه قولُ يحيى بن يَعمَر لزوْج المرأةِ الَّتِي حاكمتْه إِلَيْهِ طالبةً مَهَرها: أنشَأتَ تَطُلُّها: وتَضْهَلُها. تطلُّها، أَي: تمْطُلُها.
عَمْرو عَن أَبِيه: الطِّلَّ: الْحَيَّة. والطُّلَى: الشَّرْبةُ من اللَّبن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الطَّل بِالْفَتْح للحيّة، وَيُقَال: أطَلّ فلانٌ على فلانٍ بالأذَى: إِذا دَامَ على إيذائه. قَالَ: والطُلْطُل: المَرَض الدَّائِم.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: رَمَاه اللَّهُ بالطُّلاطِلة، وَهُوَ الداءُ العُضال الَّذِي لَا يُقدَر لَهُ على حِيلة، وَلَا يَعرِف المُعالج موضعَه.
قَالَ: والطُّلاَطلة: من أَسمَاء الداهية.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطّلطلُ: الداهية.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: رَمَاه الله بالطُّلاطلة،

(13/203)


وَهِي الذِّبْحة الَّتِي تُعْجِله.
قَالَ: وسمعتُ الأصمعيّ يَقُول: الطّلاطلة: هِيَ اللحمة السائلةُ على طَرَف المسْتَرَط.
وَيُقَال: وقعتْ طلاطِلَته، يَعْنِي لَهَاتَه: إِذا سَقطتْ.
لط: أَبُو عبيد: لطَطْتُ الشَّيْء أَلُطّه لَطّاً، أَي: سَتَرْته وأَخفَيْتُه؛ وأَنشد:
وَلَقَد ساءَها البياضُ فلَطَّتْ
بحجابٍ من دُوننا مَصْدوف.
واللّطّ فِي الْخَبَر: أَن تكتُمه وتُظْهَر غيرَه، وَهُوَ من السّتر أَيْضا، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
وَإِذا أَتاني سَائل لَم أعْتَلِلْ
لألُطَّ مِنْ دُونِ السَّوامِ حِجابِي
وَقَالَ اللَّيْث: ثَطّ فلانٌ الحَقّ بِالْبَاطِلِ، أَي: سَتَره، والناقةُ تَلِطُّ بذَنبِها: إِذا ألزَقَتْه بفَرْجِها وأدخَلَتْه بَين فَخذَيها، وقَدِم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعشَى بني مازِن فَشكَا إِلَيْهِ حَليلَته، وأنشده:
إليكَ أَشْكو ذِرْيَةً مِنَ الذِّرَبْ
أَخْلَفت العَهْدَ ولَطّتْ بالذَّنَبْ
أَرَادَ أَنَّهَا منعت موضعَ حَاجته مِنْهَا كَمَا تَلِطّ النَّاقة فرجَها بذَنبها إِذا امتنعتْ على الْفَحْل أَن يضْرِبها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لَطَّ الغَريمُ وأَلَطّ: إِذا مَنع الحَقّ، وفلانٌ مُلِطٌّ، وَلَا يُقَال: لاطٌّ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تُلْطِط فِي الزَّكاة) ، أَي: لَا تَمنَعْها.
وَقَالَ أَبُو سعيد: إِذا اختَصَم رجلَانِ فَكَانَ لأحدِهما رَفِيد يَرفِده ويَشُدّ على يدِه فَذَلِك المُعين هُوَ المُلِطّ، والخَصْم هُوَ اللاّطّ.
ورَوَى بعضُهم قولَ يحيى بن يَعْمَر: أنشَأْتَ تَلُطُّها، أَي: تَمنَعُها حَقَّها من المَهْرَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: اللِّطْلِط: العَجوزُ الْكَبِيرَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ من النُّوق المُسِنَّة الَّتِي قد أُكِلَت أَسنانُها.
وَقَالَ اللَّيْث: المِلْطاط: حَرْفٌ من الجَبَلَ فِي أَعْلَاهُ. ومِلْطاطُ البعيرِ: حَرْفٌ فِي وَسَط رَأسه.
وَقَالَ غَيره: المِلْطاط: طَرِيق على سَاحل الْبَحْر.
وَقَالَ رؤبة:
نحنُ جَمعْنا الناسَ بالمِلْطاطِ
فِي وَرطَةٍ وَأَيُّما إيراطِ
وَقَالَ ابْن دُرَيد: مِلْطاط الرَّأْس: جُمْلَته.
سَلَمة عَن الْفراء: يُقَال لصُوَيْج الخَبّاز: المِلْطاط والمِرْقاق.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّط: السَّتْر. واللُّط: القلادة من حَبّ الحَنْظَل.
وأَنشد:

(13/204)


إِلَى أميرٍ بالعراقِ تَطِّ
وَجْهِ عَجوز جُلِيَتْ فِي لَطِّ
تَضحك عَن مِثل الَّذِي تُغَطِّي
أَرَادَ أَنَّهَا بَخْراءُ الفَمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هَذَا لِطاط الجَبَل، وَثَلَاثَة أَلِطّة، وَهُوَ طَرِيق فِي عُرض الجَبَل. قَالَ: والقِطاطُ حافَةُ أَعْلَى الكَهْف، وَهِي ثلاثَةُ أقِطّة.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
(ط ن)
طن نط: (مستعملة) .
طن: قَالَ اللَّيْث: الطُّنّ: ضَرْبٌ من التَّمر. والطُّنُّ: الحُزْمةُ من القَصَب، والطَّنِين: صوتُ الأُذُن، والطَّسْتِ وَنَحْوه: وطنَّ الذُّباب: إِذا مَرَج فسمِعتَ لطَيَرانه صَوتا. قَالَ: والإطْنانُ: سُرعةُ القَطْع، يُقَال: ضربتُه بِالسَّيْفِ فأَطْنَنْتُ بِهِ ذِراعَه، وَقد طَنّتْ تَحْكِي بذلك صوتَها حِين سَقطَتْ.
وَقَالَ غيرُه: ضَرَب رِجلَه فأَطنَّ ساقَه وأَطرَّها، وأَتَنَّها، وأَترّها، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طَنَّ الْإِنْسَان إِذا مَاتَ، وَكَذَلِكَ لَعِق إصبَعَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لبَدَن الْإِنْسَان وغيرِه من سَائِر الْحَيَوَان: طُنٌّ وأَطْنَانٌ وطِنان وطنان، وَمِنْه قولُهم: فلَان لَا يَقوم بطُنّ نَفْسِه، فَكيف بغيرِه.
أَبُو الْهَيْثَم: الطُّنّ: العِلاَوَة بَين العِدْلَين، وأَنشَد:
بَرَّح بالصِّينيِّ طُولُ المَنِّ
وسَيْرُ كلِّ رَاكب أَدَنِّ
معترِضٍ مِثلِ اعتراضِ الطُّنّ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطُّنِّيّ من الرِّجَال: العظيمُ الْجِسْم.
شمر عَن ابْن السَّمَيْدع: رَجلٌ ذُو طَنْطانٍ، أَي: ذُو صَخَب، وأَنشَد:
إِنَّ شَرِيَبْيك ذَوا طَنْطانِ
خلوذْ فأَصْدِرْ يومَ يُورِدَانِ
قَالَ: وطَنين الذُّباب صوتُه. وَيُقَال: طَنْطَن طَنْطَنَةً، ودَنْدَنَ دَنْدَنة بمعنَى وَاحِد. والطَّنْطَنة أَيْضا: ضَرْب الْعود ذِي الأوتار.
نط: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: النَّطّ: الشَّدّ، يُقَال: نَطَّه ونَاطَه، قَالَ: والأَنَطّ: السَّفَرُ الْبعيد وعَقَبةٌ نَطَّاء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رجلٌ نَطّاطٌ: مِهْذارٌ كثيرُ الْكَلَام.
وَقَالَ عَمْرو بنُ أَحمَر:
وَإِن كُنْت نطّاطاً كثير المَجاهِلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: نَطْنَط الرجلُ: إِذا باعَدَ سَفَره. والنُّطُط: الْأَسْفَار الْبَعِيدَة. انْتهى وَالله أعلم.

(13/205)


(بَاب الطَّاء وَالْفَاء)
(ط ف)
طف فط: (مستعملة) .
فط: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: فَطْفَط الرجلُ: إِذا لم يُفهَم كلامُه. قَالَ: والأَفَطّ: الأفْطَس.
طف: قَالَ اللَّيْث: الطَّفُّ: طَفُّ الفُراتِ، وَهُوَ الشاطىء.
قَالَ: والطُّفاف: مَا فَوْقَ المِكْيال. والتَّطفِيف: أَن يُؤْخَذ أَعْلاَه وَلَا يُتم كَيْلَه، فَهُوَ طَفّاف. وإناء طَفّاف.
وَيُقَال: هَذَا طَفُّ المِكْيال وَطِفافُه: إِذا قَارب ملأَهُ وَلما يمتلىء، وَلِهَذَا قيل للَّذي يُسيء الكيلَ وَلَا يُوفِّيه: مطفِّف، يَعْنِي إِنَّه إِنَّمَا يبلغ الطِّفاف.
ابْن السّكيت عَن أبي عُبَيْدَة: يُقَال: طَفاف المَكّوك وطِفافُه، مثل جَمام المَكّوكِ وجِمامه، فِي مثل بَاب فَعالٍ وفِعال.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: إناءٌ طَفّافُ وَهُوَ الَّذِي يبلغ الكَيلُ طفافَه. وجَمّان بلَغَ جِمامه، وَقد أطفَفْته وأجْمَمتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الْإِنَاء طِفافَه وطَفَفه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طِفاف المَكوكِ وطَفافه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {} (المطففين: 1) قَالَ: المطفِّفون: الَّذين يَنقُصون المكيالَ وَالْمِيزَان، وَإِنَّمَا قيل للْفَاعِل مُطَفِّف لأنّه لَا يكَاد يَسرِق فِي المِكيال والمِيزان إلاّ الشيءَ الخفيَّ الطفيفَ، وَإِنَّمَا أُخِذ من طَفّ الشيءِ وَهُوَ جانِبُه، وَقد فسّره بقوله تَعَالَى: {يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 3) ، أَي: يَنقُصون.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: خُذ مَا أطَفَّ لَك، أَي: مَا أَشرَف لَك.
وَقَالَ الكسائيّ: خذْ مَا طَفّ لَك، وأَطَفَّ لَك، واستَطَفّ.
قَالَ أَبُو زيد: ومِثلُه خُذْ مَا دَقَّ لَك واستَدَقّ، أَي: تهيّأ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ فِي بَاب قَناعة الرجل بِبَعْض حَاجته: كَانَ الكسائيُّ يَحكِي عَنْهُم خُذْ مَا طَفَّ لَك، ودَعْ مَا استَطَفَّ لَك، أَي: ارْضَ بِمَا أَمكَنكَ مِنْهُ.
اللَّيْث: أطَفَّ فلانٌ لفُلَان: إِذا طَبَنَ لَهُ وَأَرَادَ خَتْلَه، وأَنشَد:
أَطَفَّ لَهَا شَثْنُ البَنان جُنَادِفُ
قَالَ: واستَطَفَّ لنا شيءٌ، أَي: بَدَا لنا شَيْء لنأخذه.
وَقَالَ عَلْقمة يصفُ ظَلِيماً:
يَظَلُّ فِي الْحَنظَل الخطْبانِ يَنقفُه
وَمَا استَطَفَّ من التَّنُّومِ مَحْذُومُ
قَالَ: والطَّفيفُ: الشيءُ الخَسِيس الدُّون. قَالَ: والطَّفْطفة مَعْرُوفَة وَجَمعهَا طَفاطِف؛ وأَنشَد:

(13/206)


وتَارَةً يَنْتهِسُ الطَّفاطِفَا
قَالَ: وبعضُ العَرَب يَجعل كلَّ لَحم مضطرِب طفْطَفة. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
قليلٌ لَحمُها إلاّ بقايا
طَفاطِفِ لَحْمِ مَنْحُوصٍ مَشِيقِ
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَّقَ بينَ الخيلِ فطفَّفَ بِي الفَرَسُ مسجَد بني زُرَيق. قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي أنّ الْفرس وَثَب حتّى كَاد يُساوِي الْمَسْجِد، وَمن هَذَا قيل: إناءٌ طَفّان، وَهُوَ الّذي قَرُب أَن يَمتلىءَ ويُساوِي أَعلَى المِكْيال، وَمِنْه التَّطفيف فِي الكَيْل.
وَفِي حَدِيث آخر: (كلُّكم قريبُ بَنو آدمَ طَفُّ الصّاع لصاع) ، أَي: كلُّكم قريبٌ بعضُكم من بعض، لأنّ طَفَّ الصّاع قريبٌ من ملْئِه، (فَلَيْسَ لأحد فضلٌ على أحدٍ إلاّ بالتقوى) ، ويُصدِّق هَذَا قولَه: (الْمُسلمُونَ تتكافَأُ دِمَاؤُهُمْ) . والتّطفيف فِي المِكْيال: أَن يَقرُب الإناءُ من الامتلاء. يُقَال: هَذَا طَفُّ المِكْيال وطِفافُه.
أَبُو زيد: أَطَلَّ على مالِه وأَطَفَّ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ: أنّه اشتَمَل عَلَيْهِ فَذَهب بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الطَّفْطَفة والطِّفْطِفة، والْخَوشُ والصُّقْل والسولا والأفَقَة: كلُّه الخاصرة.
ابْن هانىء عَن أبي زيد: خُذ مَا طَفَّ لَك وَمَا استَطَفّ، أَي: مَا دَنَا وقَرُب. وَالله أعلم انْتهى.

(بَاب الطَّاء وَالْبَاء)
(ط ب)
طب بط: (مستعملة) .
طب: قَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه احتَجَم بقَرْن حينَ طُبَّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: طُبَّ، أَي: سُحِر، يُقَال مِنْهُ: رجلٌ مَطْبوب. ونرى أنّه إنّما قيل لَهُ: مَطْبوب لأنّه كُنِيَ بالطِّبّ عَن السِّحْر، كَمَا كَنَوْا عَن اللَّديغ فَقَالُوا: سَلِيم، وَعَن الفَلاةِ وَهِي مَهْلَكة فَقَالُوا: مَفازَة، تَفاؤلاً بالفَوْز والسلامة.
قَالَ: وأصلُ الطَّبِّ: الحِذْقُ بالأشْياء والمَهارةُ بهَا، يُقَال: رجُل طَبٌّ وطَبيب: إِذا كَانَ كَذَلِك، وَإِن كَانَ فِي غير علاج المَرَض، قَالَ عنترة يُخَاطب امْرَأَة:
إنْ تُغْدِ فِي دَونِي القِناعَ فإِنّنِي
طَبٌّ بأَخْذ الفارِسِ المُسْتلئِم
وَقَالَ عَلقمة بن عَبَدة:
فَإِن تَسأَلوني بالنِّساء فَإِنِّي
بصيرٌ بأدْواءِ النِّساء طَبيبُ
بِالنسَاء، أَي: عَن النِّسَاء.
ابْن السكّيت: فلَان طَبٌّ بِكَذَا وَكَذَا، أَي: عالمٌ بِهِ وفَحْلٌ طَبٌّ: إِذا كَانَ حاذِقاً بالضِّراب، قَالَ: والطِّبُ: السِّحْر، وَيُقَال: مَا ذَاك بِطَبِّي، أَي: بدَهْرِي، وأَنشَد:
إنْ يَكُن طِبُّكِ الزَّوَالَ فَإِن الْ

(13/207)


بَيْنَ أَن تَعطِفي صُدورَ الجِمالِ
وَقَالَ اللَّيْث: بَعيرٌ طَبّ: وَهُوَ الّذي يتعاهدُ موضعَ خُفّه أينَ يَضَعه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الطِّبّة والخِبّةُ والخَبِيبة والطَّبابة، كلُّ هَذَا طرائق من رَمْل وسَحَاب.
وَقَالَ اللّيث: الطِّبّة: شُقّةٌ مستطيلة من الثَّوْب، وَكَذَلِكَ طِبَبُ شُعاعِ الشّمس.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الطِّبَابة الَّتِي تجعَل على مُلتقَى طَرَفَي الجِلْد إِذا خُرِز فِي أَسْفَل القِرْبة والسِّقاء والإداوة.
أَبُو زيد: فَإِذا كَانَ الجِلد فِي أسافِل هَذِه الْأَشْيَاء مَثْنِيّاً ثمَّ خُرِز عَلَيْهِ فَهُوَ عِراقٌ، وَإِذا سُوِّيَ ثمَّ خُرِز غيرَ مَثْنِيَ فَهُوَ طِبَاب. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي نَحْو قَول الْأَصْمَعِي وَأبي زيد، وَقَالَ الْأمَوِي مثله. وَقَالَ: طَبِبْتُ السِّقاء: رَفَعْتُه. وَقَالَ اللَّيْث: الطِّبَابَة من الخُرَز: السَّيْر بَين الخُرْزَتين. قَالَ: والتَّطْبيب: أَن يعلِّق السِّقاء من عَمُود البَيْت ثمَّ تَمخَضُهُ. قلتُ: لم أَسمَع التطبيبَ بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللَّيْث وأَحسِبه التّطنيب كَمَا يُطنَّب البَيْت. وَيُقَال لكل حاذقٍ بعملِه: طَبِيب. وَقَالَ المرّار فِي الطَّبِيب وَأَرَادَ بِهِ القَيْن:
تَدِينَ لمَزْرُورٍ إِلَى جَنْبِ حَلْقَةٍ
من الشِّبْهِ سَوَّاها بِرفقٍ طبيبُها
وَجَاء رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى بَين كتِفَيْه خاتَمَ النُّبُوَّة، فَقَالَ: إِن أذنتَ لي عالجتُها، فَإِنِّي طَبِيب، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَبيبُها الّذي خَلَقَها مَعْنَاهُ: العالِمُ بهَا خالِقُها الّذي خَلَقها لَا أَنْت.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: من أمثالهم فِي التَّنَوُّق فِي الْحَاجة وتحسينِها: اصْنَعْه صنْعَة مَن طَبّ لمن حَبّ، أَي: صَنعةَ حاذِق لمن يُحبُّه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: إِن كنت ذَا طِبّ فطِبَّ لنَفْسِك وَطِبَّ لنَفسك، وَطبّ لنَفسك، أَي: ابدأ أَولا بإصلاح نَفسك، وَيُقَال: جاءَ فلانٌ يَستطِيب لوَجَعه، أَي: يستَوْصِفُ.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: قَرُبَ طِبٌّ، قَرُبَ طِبّاً، كَقَوْلِك نعِمَ رجلا وَهَذَا مَثَلٌ يُقَال للرجل يَسأَل عَن الْأَمر الّذي قد قَرُب مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن رجلا قَعَد بَين رِجْلَي امرأةٍ فَقَالَ لَهَا: أبِكْرٌ أم ثيّب؟ فَقَالَت قرُبَ طِبٌّ: والطِّبابُ من السَّماء: طريقةٌ، وطُرَّة. وَقَالَ أُسامة الْهُذلِيّ:
أَرَتْهُ من الجَرْباءِ فِي كلِّ مَنْظَرٍ
طِباباً فمثواه النهارَ المرَاكِدُ
وَذَلِكَ أَن الأُتُن ألجأَت المِسْحَل إِلَى مَضيقٍ فِي الجَبَل لَا يَرى فِيهِ إِلَّا طُرةً من السَّمَاء.
وَقيل: الطِّبابُ: طرائِقُ الشَّمْس إِذا طَلَعتْ، وَيُقَال: طَبَّبْتُ الدِّيباجَ تطبيباً: إِذا أدخلتَ بِنيقَة تُوسِعُه بهَا، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطُّبّة: السيرُ الَّذِي يكون أسفَلَ القِرْبة،

(13/208)


وَهُوَ تَقارُب الخُرَز قَالَ: وَيُقَال: طَبطَب الماءَ: إِذا حركه. وَقَالَ اللَّيْث: طَبْطَب الْوَادي طَبْطَةً: إِذا سالَ بِالْمَاءِ فسمعتَ لصوتهِ طَباطِبَ، وأَنشَد:
طَبْطَبةَ المِيثِ إِلَى جِوائها
قَالَ: والطَّبطَبةُ: شيءٌ عَريض يُضرَب بعضُه بِبَعْض والطَّبْطابةُ: خَشَبةٌ عريضةٌ يَلعَب الفارسُ بهَا بالكُرَة.
بَطَّ: قَالَ اللَّيْث: بَطَّ الجُرحَ بَطّاً، وبَجَّه بَجّاً: إِذا شَقّه. والمِبَطّة: المِبْضَع. قَالَ: والبَطّة بلُغة أهلِ مكّة: الدّبة. والبَطّ مَعْرُوف. والواحدة بَطّة.
يُقَال: بطّةٌ أُنْثَى وبَطّةٌ ذَكَر.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: جاءَنا بأمْرٍ بَطيطٍ؛ أَي: عَجَب، وأَنشَد غيرُه:
ألَمْ تتعَجَّبِي وتَرَيْ بَطِيطاً
مِن الحِقَبِ الملوِّنةِ الفنُونَا
قَالَ: والبَطِيطة: صوتُ البَطّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُطُطُ: الأعاجِيب. والبُطُطُ: الأجْواعُ. والبُطُط: الكَذِب. والبُطُط: الحَمْقَى.
انْتهى، وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْمِيم)
(ط م)
طم مط: (مستعملة) .
طم: قَالَ اللَّيْث: الطَّمّ: طَمُّ البئرِ بالتّراب، وَهُوَ الكَبْس.
الْأَصْمَعِي: جَاءَ السَّيل فَطَمَّ رَكيّةَ آلِ فلَان: إِذا دَفَنها حتّى يُسوِّيَها.
وَيُقَال للشَّيْء الّذي يَكثُر حَتَّى يَعْلُو قَد طَمَّ، وَهُوَ يَطمُّ طَمّاً. وَجَاء السَّيل فَطَّم على كلّ شَيْء، أَي: عَلاَه، وَمن ثَم قيل: فوقَ كلِّ طامَّة طامّةٌ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَِنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ} (النازعات: 34) ، قَالَ: هِيَ القيامةُ تَطُمُّ على كلّ شَيْء، وَيُقَال: تَطِم.
وَقَالَ الزّجّاج: الطامّة: هِيَ الصَّيْحة الّتي تَطِمُّ على كلّ شَيْء.
وَقَالَ الأصمعيّ: طَمَّ البعيرُ يَطُمُّ طميماً: إِذا مَرّ يَعْدُو عَدْواً سَهْلاً.
وَقَالَ عمر بنُ لَجَأَ:
حَوَّزها مِن بُرَق الغَمِيمِ
بالحَوْز والرِّفْق وبالطَّميمِ
وَيُقَال للطائر إِذا وَقَع على غُصْن: قد طَمَّمَ تَطمِيماً. الأمويّ: الرجل يَطُمّ فِي سَيْره طميماً، وَهُوَ مَضاؤه وخِفّتُه، ويَطمُّ رأسُه طَمّاً.
ابْن السكّيت: جَاءَ فلانٌ بالطِّمّ والرِّمّ.
قَالَ أَبُو عُبيد: الطِّمُّ: الرَّطْبُ، والرِّمّ: الْيَابِس.
وَقيل: الطِّم: البَحْر. والرِّمّ: الثَّرَى. والطَّم بِالْفَتْح هُوَ البَحْر، فكُسِرت الطَّاء ليَزْدَوِج مَعَ الرِّم، والطِّمْطِمِيُّ والطُّمْطُمَاني: هُوَ الأعجَم الّذي لَا يُفصِح وَفِي لِسَانه طَمْطانِية.

(13/209)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطَمِيم: الفرسُ المُسرِع.
وَفِي (النَّوَادِر) : طمةُ الْقَوْم: جماعتُهم ووَسَطُهم. وَيُقَال للفَرَس الْجواد: طِمٌّ.
وَقَالَ أَبُو النَّجم يصف فرسا:
أَلْصَقُ مِنْ رِيشٍ على غِرائِهِ
والطِّمُّ كالسّامي إِلَى ارْتقائه
يَقْرَعُه بالزَّجْر أَو إشْلائِه
قَالُوا: يجوز أَن يكون سَمّاه طِمّاً لِطَميم عَدْوِه، وَيجوز أَن يكون شبَّهه بالبَحر، كَمَا يُقَال للفَرَس: بَحْر وغَرْب وسَلْب، وَيُقَال: لقيتُه فِي طُمة الْقَوْم، أَي: فِي مجتَمِعهم.
وَقَالَ الفرّاء: سمعتُ المفضّل يَقُول: سألتُ رجلا مِن أَعلَم النَّاس عَن قَول عنترة:
تَأْوِي إِلَى قُلُص النَّعام كَمَا أَوَتْ
حِزَقٌ يَمانِيةٌ لأعجَمَ طِمْطَم
فَقَالَ: يكون باليَمَن من السّحاب مَا لَا يكون لغيره من البُلْدان فِي السّماء.
قَالَ: وربّما نشأتْ سحابةٌ فِي وَسَط السّماء فَيسمع صوتُ الرّعد فِيهَا كأنّه من جَمِيع السَّمَاء، فيَجتمع إِلَيْهِ السّحابُ من كلّ جَانب؛ فالحِزَقُ اليمانيّة تِلْكَ السّحائب، والأَعجَمُ: الطِمِطمُ صوتُ الرَّعد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول ابْن مُقبِل يصف نَاقَة:
باتت على ثَفِنٍ لأمٍ مَراكِزُه
جَافَى بِهِ مُسْتَعِدّاتٌ أَطامِيمُ
ثَفِنٍ لأَمٍ: مُسْتَوِياتٌ، مَراكزُه: مَفاصِلُه، وَأَرَادَ بالمستعِدات القوائمَ، وَقَالَ: أَطاميمُ: نَشيطة لَا واحدَ لَهَا.
وَقَالَ غيرُه: أطاميمُ: تَطِم فِي السَّيْر، أَي: تُسرِع.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَمطَم: إِذا سَبَح فِي الطَّمْطام، وَهُوَ وَسَطُ البَحْر. ومَطْمَط: إِذا تَوانَى فِي خَطِّه وكَلامِه.
وَفِي الحَدِيث أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: هَل نَفَع أَبَا طالبٍ قرابَتُه مِنْك ونضحه عَنْك. فَقَالَ: (بَلى وإنّه لَفِي ضَحْضاح من نارٍ، ولولايَ لكانَ فِي الطّمْطام، أَي: فِي وَسَط النَّار. وطَمْطَامُ البَحرِ: وَسَطُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِذا نَصحتَ الرجلَ فَأبى إِلَّا استبداداً برأْيه: دَعْه يترَمّعُ فِي طُمّته، ويُبدِع فِي خَرئهِ.
مط: قَالَ اللّيث: المطُّ: سَعَةُ الخَطْو، وَقد مَطّ يمُطّ. وتَكلّم فمَطَّ حاجِبَيه، أَي: مَدَّهما.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ} (الْقِيَامَة: 33) ، أَي: يتبختر لِأَن الظَّهْر هُوَ المَطَا فيُلَوّي ظهرَهُ تَبختراً.
قَالَ: ونزلتْ فِي أبي جهل.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا مَشَت أمّتي المُطَيْطاء، وخَدَمَتْهم فارسُ والرُّوم كَانَ بأسُهم بينَهم) .

(13/210)


قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وغيرُه: المُطَيْطاء: التّبخترُ ومَدُّ الْيَدَيْنِ فِي المَشْي.
قَالَ: ويُروَى فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى} (الْقِيَامَة: 33) أَنه التبخترُ. وَيُقَال للْمَاء الخانز فِي أسفَل الْحَوْض: المَطِيطة، لِأَنَّهُ يتمطَّط، أَي: يتمدّد، وجمعُه مطائط.
قَالَ حُمَيد الأرقط:
خَبْط النِهالِ سَمَلَ المَطائِط
قَالَ أَبُو عُبيد: من ذَهَبَ بالتمطّي إِلَى المَطِيطة فإنّه يَذهب بِهِ مَذهَب تَظَنَّيتُ من الظنّ، وتقضَّيتْ من التقضُّض، وَكَذَلِكَ التمطِّي يُرِيد التمطُّط.
قلتُ أَنا: المَطُّ والمَطْو والمَدّ وَاحِد.
وَقَالَ الأصمعيّ: المَطِيطة: الماءُ فِيهِ الطِّين يتمطّط، أَي: يتلزّج ويمتدّ.
وَقَالَ اللّيث: المطَائِطُ: مواضعُ حَفرِ قَوائم الدّوابّ فِي الأَرْض تَجْتَمِع فِيهَا الرِّداغ وأَنشَد:
فلَم يَبقَ نُطْفةٌ فِي مَطِيطَة
مِن الأَرْض فاستَصْفَيْتُها بالجَحافِلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المُطُط من جَمِيع الْحَيَوَان.

(13/211)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الطَّاء

(بَاب الطَّاء وَالدَّال)
ط د ت ط د ظ ط د ذ
ط د ث: مهملات.
ط د ر
اسْتعْمل من وجوهه: طرد، دطز.
دطر: أما دَطر: فَإِن ابْن المظفَّر أهمَلَه، ووجدتُ لأبي عَمْرو الشَّيباني فِيهِ حَرْفاً.
رَوَاهُ أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب، عَن عَمْرو عَن أَبِيه فِي بَاب السَّفينة قَالَ: الدَّوْطيرَة كَوثلُ السّفينة.
طرد: أَبُو عبيد: طَرَدتُ الرجلَ أطرُده طَرْداً: إِذا نحَّيْتَه. قَالَ: وأطردتُ الرجلَ إِذا نَفَيْتَه وجعلتَه طَرِيداً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أطردْتُ الرجلَ جعلتَه طَرِيداً لَا يأمَنُ. وطَردْتُه: نحّيتُه ثُمّ يَأْمن. قَالَ: وقولُه لَا بَأْس بالسِّباق مَا لَم تُطْرِدْه ويُطْرِدُك.
قَالَ: الإطراد أَن تَقول: إِن سبقتَني فلك عليّ كَذَا، وَإِن سبقتُك فلي عَلَيْك كَذَا.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: يُقَال: اطْرِد أَخَاك فِي سَبَق أَو قِمارٍ أَو صِراع، فَإِن ظَفِر كَانَ قد قَضَى مَا عَلَيْهِ، وإلاّ لَزِمه الأوّل والآخِر.
وَقَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول: أطْرَدْنا الغَنَم وأَطْردْتم، أَي: أرسلْنا التُّيوسَ فِي الغَنَم.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطَّرِيدةُ: القَصَبة الّتي فِيهَا حُزّةٌ فتُوضع على المغَازِل والعُود فتَنحتُ عَلَيْهَا.
قَالَ الشمّاخ:
أقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْءَها
كَمَا أخرجتْ ضِغْنَ الشَّموسِ المَهامِزُ
قَالَ: والطَّريدةُ: مَا طَرَدْتَ من صَيدٍ أَو غَيره. والطَّرِيدُ: المطرود من النّاس. والطَّرِيدُ: الرجلُ الّذي يولَد بعد أَخِيه، فَالثَّانِي طريدُ الأوّل. والمُطارَدة فِي القِتال أَن يَطرُد بعضُهم بَعْضًا. والفارِسُ يَستطرد ليَحمِل عَلَيْهِ قِرنه ثمَّ يَكُرّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أنّه يتحيّز فِي استطراده إِلَى فئتِه، وَهُوَ ينتهز الفرصةَ لمطاردتَه.
أَبُو عَمْرو: الجُبَّةُ: الخِرْقةُ المدوَّرة، فَإِن كَانَت طَوِيلَة فَهِيَ الطَّرِيدة. وَيُقَال لِلخرْقة الّتي تُبَلّ ويُمسَح بهَا التَّنُّور المِطْرَدَة والطَّرِيدة. وطرَدَت الأشياءُ: إِذا تَبِع بعضُها بَعْضًا. واطّرد الكلامُ: إِذا تَتَابع. واطّرَد الماءُ: إِذا تَتابَع سَيَلانهُ.
وَقَالَ قيسُ بنُ الخَطيم:
أتعرِف رَسْماً كاطِّراد المَذاهِبِ

(13/212)


أَرَادَ بالمَذاهب جُلوداً مُذْهَبة بخُطُوط يُرَى بعضُها إثْر بعض، فَكَأَنَّهَا متتابِعة.
وَقَالَ الرّاعي يصف الْإِبِل واتباعَها مواضعَ القَطْر:
سَيَكْفيك الإلهُ ومُسْنَماتٌ
كجنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالاَ
أَي: تتبع مواقعَ القَطْر.
وَقَالَ شمر: الطَّرِيدة: لُعبةٌ لصبيانِ الأَعْراب.
وَقَالَ الطِّرمّاح يصف جَواريَ أَدْركن فترفَّعْن عَن لَعِب الصِّغار والأحداث فَقَالَ:
قَضَتْ مِنْ عَيَاف والطَّريدةِ حَاجَة
فهنّ إِلَى لَهْوِ الحَديثِ خُضوعُ
وَقَالَ اللّيث: مُطارَدة الفُرْسان وطِرادُهم: هُوَ أَن يَحمل بعضُهم على بعض فِي الحَرْب وَغَيرهَا. والمِطْرَدُ: رُمْح قصيرٌ يُطعَن بِهِ حُمُر الوَحْش.
وَخرج فلانٌ يَطردُ حمرَ الْوَحْش وَالرِّيح تطرد الحَصَا والجَوْلانَ على وَجْه الأَرْض، وَهُوَ عَصْفُها وذَهابُها بهَا. والأرضُ ذاتُ الآلِ تَطرُد السَّراب طَرْداً.
وَقَالَ ذُو الرّمة:
كأنّه والرَّهاءُ المَوْتُ يَطْرُدهُ
أَغْراسُ أَزْهرَ تحتَ الرِّيح مَنتوج
وجَدوَلٌ مطَّرِد: سريعُ الجرْية. وأمرٌ مُطّرِدٌ: مُسْتَقِيم على جِهته.
وَيُقَال: طردتُ فلَانا فذَهَب، وَلَا يُقَال: فاطَّرَدَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الطّريدةُ: نَحِيزَة من الأَرْض قليلةُ العَرْض إنّما هِيَ طَرِيقة. والطَرِيدة: شُقةٌ من الثّوب شُقت طُولاً. والطَّرِيدة: الوَسيقة من الْإِبِل يُغير عَلَيْهَا قومٌ فيَطْرُدونها.
وَيُقَال: مرّ بِنَا يومٌ طَرِيد وطرّاد، أَي: طَوِيلٌ. واللّيلُ والنَّهارُ طَرِيدان، كل وَاحِد مِنْهُمَا طَرِيدُ صاحبِه.
قَالَ الشَّاعِر:
يُعِيدَانِ لي مَا أَمْضَيَا وهُما مَعاً
طَرِيدانِ لَا يَسْتَلهِيَانِ قَرارِي
ط د ل ط د ن ط د ف ط د ب
ط د م: مهملات.

(أَبْوَاب: الطَّاء وَالتَّاء)
والطاء والظاء: مهملات) .

(بَاب الطَّاء والذال)
اسْتعْمل من بَاب الطَّاء والذال إِلَى آخر الْحُرُوف حرف وَاحِد قد أهمَله اللَّيْث.
ذمط: ووجدتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : طعامٌ ذِمِطٌ وزَرِدٌ، أَي: ليّنٌ سريع الانحدار.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء والثاء)
ط ث ر
طرث. طثر. ثرط. رثط: مستعملة.

(13/213)


طرث: قَالَ اللَّيْث: الطُّرْثُوثُ: نَباتٌ كالقُطْر مستطيلٌ دَقيقٌ يَضرِب إِلَى الحُمرة يَيبسُ وَهُوَ دِباغ للمعدة مِنْهُ مُرّ، وَمِنْه حُلو، يُجعَل فِي الْأَدْوِيَة.
قلتُ: رأيتُ الطرْثُوث الَّذِي وَصَفه اللَّيْث فِي الْبَادِيَة وأَكَلْت مِنْهُ، وَهُوَ كَمَا وَصَفه، وَلَيْسَ بالطُّرْثوث الحامض الَّذِي يكون فِي جبال خُراسانَ، لِأَن الطُرْثوث الَّذِي عندنَا لَهُ وَرَق عريضٌ، مَنبِتة الْجبَال، وطُرْثوث الْبَادِيَة لَا وَرَق لَهُ وَلَا ثمَرَ، ومَنبِتة الرِّمال وسهولةُ الأَرْض، وَفِيه حَلاوةٌ مُشرَبة عُفوصَة، وَهُوَ أحمرُ مستديرُ الرَّأْس كَأَنَّهُ ثُومَة ذَكَر الرَّجُل.
والعَرَب تَقول: طَراثِيثُ لَا أَرْطى لَهَا وذآنِينُ لَا رمْثَ لَهَا، لِأَنَّهُمَا لَا يَنْبُتانِ إِلَّا مَعَهُمَا، يُضرَبان مَثَلاً للَّذي يُستأصَل فَلَا تَبقَى لَهُ بقيّة بعد مَا كَانَ لَهُ أصلٌ وقَدْرٌ وَمَال.
وأَنشَد الأصمعيّ:
فالأَطيَبان بهَا الطُّرْثوث والضَّرَب
طثر: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا عَلاَ اللبنَ دَسَمُه، وخُثورتهُ رأسَه فَهُوَ مطثَّر، ينَال: خُذْ طَثْرةَ سِقائك.
وَقَالَ اللَّيْث: لبنٌ خاثرٌ. قَالَ: وأسَدٌ طَيْثارٌ لَا يُبالِي على مَا أَغارَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطثْرة: الحمأَة تَبقَى أسفلَ الحَوْض.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِنَّهُم لفي طثرة عَيْشٍ: إِذا كَانَ خَيرُهم كثيرا. وَقَالَ مرّة: إِنَّهُم لفي طثْرة، أَي: فِي كَثرةٍ من اللَّبن والسَّمْن والأَرقط، وأَنشَد:
إنّ السَّلاءَ الَّذِي تَرْجِينَ طثرته
قد بعْتُه بأَمورٍ ذاتِ تَبْغيلِ
والطّثْر: الخيرُ الْكثير، وَبِه سُمّي ابنُ الطَّثْرِيّة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطثَارُ: البَقُّ، واحدُها طثرة.
ثرط: أهمَلَه اللَّيْث، ورَوَى أَبُو عُبيد عَن أبي عَمرو الشَّيْباني أَنه قَالَ: الثَّرطئةُ بِالْهَمْز بعد الطاءَ: الرَّجُل الثقيل.
قلتُ: إِن كَانَت الْهمزَة أَصْلِيَّة فالكلمة رُباعية، وَإِن لم تكن أَصْلِيَّة فَهِيَ ثلاثية، والعِزْقيءُ مثلُه وَنَظِيره.
رثط: أهمله اللَّيْث.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَرثَط الرجلُ فِي قُعوده.
ورَثَط ورَطم ورَضم وأَرطم. كُله بِمَعْنى وَاحِد.
ط ث ل
ثلط لطث طلث لثط: مستعملة.
لطث: قَالَ اللَّيْث: الثلْطُ: هُوَ سَلْخُ الفِيل ونحوِه وَمن كلّ شَيْء إِذا كَانَ رَقِيقا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ثَلَط البعيرُ يثلِط ثَلْطاً: إِذا أَلْقَاهُ سَهْلاً رَقِيقا.
قلتُ: وَيُقَال للْإنْسَان إِذا رَقَّ نَجوُه وَهُوَ يَثلِط ثَلْطاً.

(13/214)


وَفِي الحَدِيث: (كَانَ من قبلكُمْ يَبْعَرُون بعراً وأَنتم تثلِطون ثلْطاً) .
وَيُقَال: أثَلْطته ثَلطاً: إِذا رمَيتَه بالثلْط ولطخْتَه بِهِ.
قَالَ جَرير:
يَا ثَلْطَ حامِضةٍ تَربَع ماسِطاً
مِنْ واسطٍ وتَربَّعَ القُلاَّما
ثلط: أهمله اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللطثُ: الفَساد. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لطثته ولطستُه: إِذا رَماه.
وَقَالَ رؤبة:
مَا زالَ بَيْعُ السَّرَق المُهايثُ
بالضعف حَتَّى استوقَرَ المُلاطِثُ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الملاطث يَعني بِهِ البَائِع. قَالَ: ويروى المَلاطِث، وَهِي الْمَوَاضِع الّتي لُطِثَتْ بالحمْل حتّى لُهِدَتْ.
لثط: أهمَلَه اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: واللَّثْطُ: ضَرْبُ الكَفّ للظَّهْر قَلِيلا قَلِيلا. قَالَ: والثَّلْطُ: رمْيُ العاذر سهلاً.
وَقَالَ غَيره: اللَّطْثُ واللثْط كِلَاهُمَا: الضّربُ الخَفيف.
طلث: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطُلْثَةُ: الرجلُ الضعيفُ الْعقل، الضعيفُ الْبدن الجاهلُ. قَالَ: وَيُقَال: طَلَّثَ الرجلُ على الخَمسين ورَمَّثَ عَلَيْهَا: إِذا زَاد عَلَيْهَا، هَكَذَا أَخبرني بِهِ.
المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس. وروَى أَبُو عَمْرو عَنهُ: طَلَثَ الماءُ يَطْلُثُ طُلُوثاً: إِذا سَال. ووزَب. يَزِب وُزُوباً مثله.
ط ث ن
نثط ثنط: مستعملات.
نثط (ثنط) : قَالَ اللَّيْث: النَّثْطُ: خروجُ الكمْأَةِ من الأَرْض. والنباتُ إِذا صَدَع الأرضَ فَظهر. قَالَ: وَفِي الحَدِيث: كَانَت الأَرْض تميدُ فوقَ المَاء فنثطهَا الله تبَارك وَتَعَالَى بالجبال، فَصَارَت لَهَا أوتاداً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: النَّثْط: التثقيل، وَمِنْه خبرُ كَعْب: أنَّ الله جلَّ وعزّ لمَّا مدّ الأَرْض مادَتْ فنَثَطها بالجبال، أَي: شقَّها فَصَارَت كالأوتاد لَهَا، ونَثَطها بالآكام فَصَارَت كالمُثْقِلات لَهَا.
قلت: فرّق ابْن الأعرابيّ بَين الثَّنْط والنَّثط، فَجعل النثط شقّاً، وجعَل النثط أثقالاً، وهما حَرْفان غَرِيبَانِ وَلَا أَدْرِي أعربيَّان أم دَخيلان، وَمَا جَاءَا إِلَّا فِي حَدِيث كَعْب.
ط ث ف
ثطف: أهملَ الليثُ وجوهها.
واستَعمل ابْن الْأَعرَابِي من وجوهها

(13/215)


الثَّطَف وَقَالَ: الثَّطَفُ: النَّعْمة فِي الْمطعم والمشرَب والمنَام.
ط ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: ثبط.
ثبط: قَالَ اللَّيْث: ثَبَّطه الله عَن الْأَمر تَثْبِيطاً: إِذا شغله عَنهُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَاكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} (التَّوْبَة: 46) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: التَّثبيط: رَدُّك الْإِنْسَان عَن الشَّيْء يَفْعَله، أَي: كَرِه اللَّهُ أَن يخرجُوا مَعكُمْ فردّهم عَن الْخُرُوج.
ط ث م
استُعمل من وجوهه: طمث.
طمث: قَالَ اللَّيْث: طَمَثْتُ البعيرَ أَطْمِثُه طَمْثاً: إِذا عَقَلْتَه، وطَمَثْتُ الْجارية: إِذا افترعْتَها. قَالَ: والطَّامث فِي لغتهم الْحَائِض.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ} (الرَّحْمَن: 56) ، أَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن فهم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، عَن يونسَ أَنه سأَله عَن قَوْله: {الطَّرْفِ لَمْ} فَقَالَ: تَقول العَرَب: هَذَا جَملٌ مَا طمثه حَبل قَطّ، أَي: لم يمَسَّه.
قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبيدة. قَالَ: (لم يطمثهنّ) : لم يمسَسْهنّ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: الطَّمْثُ: الافتضاض وَهُوَ النِّكاح بالتَّدْمية. قَالَ: والطَّمْث: هُوَ الدَّم، وهما لُغتان: طَمَث ويطْمِثُ: والقُراء أَكْثَرهم على {الطَّرْفِ لَمْ} بِكَسْر الْمِيم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للْمَرْأَة طُمِثَتْ تُطمَثُ، أَي: أُدْمِيَت بالافتضاض، وطَمِثَتْ على فَعِلَتْ تَطمثُ إِذا حَاضَت أول مَا تحيض، فَهِيَ طامث.
وَقَالَ فِي قَول الفَرَزدق:
دفعنَ إليَّ لم يُطمثنَ قبْلِي
فهنَّ أصَحُّ من بَيْض النّعامِ
أَي: هُنَّ عذارى غير مُفْتَرعَات. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر ل
استُعمل من وجوهه: رَطْل.
رَطْل: سمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ إبراهيمَ الحربيَّ يقُول: السُّنةُ فِي النِّكاح رِطْل، قَالَ: والرِّطْل اثْنَتَا عشرةَ أوقيَّة. قَالَ: وَالْأُوقِية: أَرْبَعُونَ دِرْهماً، فَتلك أربعمائةٍ وَثَمَانُونَ دِرهماً.
قَالَ الْأَزْهَرِي: السّنة فِي النِّكَاح ثنتا عشرَة أُوقِيَّة ونشٌّ، والنَّشُّ: عشرُون فَذَلِك خَمْسمِائَة دِرْهَم.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: هُوَ الرِّطل المِكْيال بِكَسْر الرَّاء، هَكَذَا قَالَ. والأوقيّة: مِكْيالٌ أَيْضا. قَالَ: والرِّطْل أَيْضا المسترخي من الرِّجال، كِلَاهُمَا بِكَسْر الرَّاء.

(13/216)


وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ قَالَ: الرِّطل بِكَسْر الرَّاء الَّذِي يُوزن أَو يُكالُ بِهِ، وَأنْشد بيتَ ابْن أحمَر الْبَاهِلِيّ قَالَ:
لَهَا رِطْلٌ: تكيلُ الزَّيتَ فِيهِ
وفَلاّحٌ يَسوق بهَا حمارا
وَأما الرَّطل بِالْفَتْح فالرَّجل الرِّخْوُ اللّيّن. قَالَ: وَمِمَّا تخطىء العامّةُ فِيهِ قَوْلهم: رَطَّلتُ شعْرِي: إِذا رَجَّلْته، وإمَّا الترطيل فَهُوَ أَن يليِّن شعره بالدهن والمسْح حَتَّى يلين ويبرُق. وَهُوَ من قَوْلهم: رجل رَطْل، أَي: رخو.
قَالَ: ورَطَلْتُ الشَّيْء رَطْلاً بِالتَّخْفِيفِ: إِذا ثقلته بِيَدِك، أَي: رَزَّنْته لتعلم كم وَزنُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّطل مقدارُ مَنَ، وتكسر الرَّاء فِيهِ. والرَّطْلُ من الرِّجال: الَّذِي فِيهِ قَضَافة.
أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ رَطْل، وَالْأُنْثَى رَطْلة، والجميع رطال، وَهُوَ الضَّعِيف الْخَفِيف، وَأنْشد:
تراهُ كالذِّئب خَفِيفا رَطلاً
ط ر ن
رطن طرن نطر: (مستعملة) .
رطن: قَالَ اللَّيْث: الرِّطانة: تكلُّم الأعجمية، تَقول: رَأَيْت عَجْمِيَّيْنِ يتراطنان، وَهُوَ كلامٌ لَا تفهمُه الْعَرَب، وَأنْشد:
كَمَا تَرَاطَنَ فِي حافاتها الرّومُ
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هِيَ الرَّطانة والرِّطانة، لُغَتَانِ، وَقد رَطَن العَجَميّ لفلانٍ إِذا كلّمه بالعجمية؛ يُقَال: مَا رُطَّيْناك هَذِه، أَي: مَا كلامُك، وَمَا رُطَيْناك بِالتَّخْفِيفِ أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَت الإبِل كَثِيرَة رِفاقاً وَمَعَهَا أهلُها فَهِيَ الرَّطانة والرّطون، والطَّحّانة والطّحُون.
نطر: قَالَ اللَّيْث: النَّاطر من كَلَام أهلِ السّود وَهُوَ الَّذِي يحفظ لَهُم الزَّرْع، لَيست بعربيَّة مَحْضة، وَأنْشد الباهليّ:
أَلا يَا جَارَتا بأَباضَ إنّا
وجَدْنا الرِّيحَ خَيْراً منكِ جارَا
تُفَدِّينا إِذا هَبّت عَلَينا
وتَملأ وجهَ ناظِرِكُمْ غُبارَا
قَالَ: الناطر: الْحَافِظ.
قلتُ: وَلَا أَدْرِي أخَذَه الشاعرُ من كَلَام السَّواديين أَو هُوَ عربيّ. ورأيتُ بالبَيْضاء من بِلَاد بني جَذيْمة، عَرازِيل سُوِّيتْ لمن يَحفَظ تمر النّخيل وقتَ الصِّرام، فسألتُ رَجُلاً عَنْهَا، فَقَالَ: تعي مَظالُّ النَّواطير كَأَنَّهُ جمعُ الناطُور.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: النَّطْرة: الْحِفظ بالعَيْنَين، بِالطَّاءِ، وَمِنْه أُخِذ النّاطُور، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو عَنهُ.
طرن: قَالَ اللّيث: الطَّرْنُ: الخَزّ، والطّارُنيّ: ضَرْبٌ مِنْهُ. وَفِي (النَّوَادِر) :

(13/217)


طَرْيَنَ الشَّرْبُ وطَرْيَموا: إِذا اختلطوا من السكر.
ط ر ف
طرف طفر فرط فطر رفط: مستعملات.
طرف: الحَرّانيُّ عَن ابْن السِّكيت قَالَ: الطَّرْفُ: طَرْفُ الْعين، والطَّرَف: النَّاحِيَة من النواحي.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطَّرْفَ: اللّطم. والطَّرْف: إطباقُ الجَفن على الجفنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّرْفُ: تَحْرِيك الجفون فِي النّظر، يُقَال: شَخَص بصرُه فَمَا يَطْرِف. قَالَ: والطَرْفُ: اسمٌ جَامع لِلْبَصَرِ، لَا يُثنَّى وَلَا يُجمع. والطَّرْفُ: إصابتك عيْناً بِثَوْب أَو غَيره، الِاسْم الطُّرْفة: يَقُول: طُرِفتْ عينُه، وأصابتها طُرْفَةٌ. وطَرَفها الحزنُ بالبكاء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: طُرِفت عينهُ فَهِيَ تُطْرَف طَرْفاً إِذا حَرّكت جفونها بِالنّظرِ، وَيُقَال: هِيَ بمَكَان لَا ترَاهُ الطَّوارف: يَعْنِي الْعُيُون. وَيُقَال: امرأةٌ مطروفةٌ بِالرِّجَالِ: إِذا كَانَت لَا خيرَ فِيهَا، تَطمح عينُها إِلَى الرِّجَال.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المطروفةُ من النِّسَاء: الَّتِي تَطْرِفُ الرِّجَال لَا تثبت على وَاحِد.
قلت: وَهَذَا التَّفْسِير مُخَالف لأصل الْكَلِمَة، والمطروفَة من النِّسَاء الَّتِي قد طَرفها حبُّ الرِّجال، أَي: أصَاب طَرْفها، فَهِيَ تَطمح وتُشرِف لكل من أشرف لَهَا وَلَا تغُضّ طرفها، كَأَنَّمَا أصَاب طَرفَها طُرفةٌ أَو عودٌ، وَلذَلِك سُمّيت مطروفة.
وَقَالَ زِيَاد فِي خطبَته: إِن الدُّنْيَا قد طَرَفتْ أعينكُم، أَي: أصابتها فطَمَحت بأبصاركم إِلَى زُخرفها وَزينتهَا، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
ومطروفة الْعَينَيْنِ خفّاقة الحشا
منعّمة كالرِّيم طابت فَطُلّتِ
وَقَالَ طَرَفة يذكر جَارِيَة مغنية:
إِذا نَحن قُلْنَا أسمعينا انبرت لنا
على رِسلِها مطروفةً لم تُسَدَّدِ

قَالَ أَبُو عَمْرو: والمطروفة: الَّتِي أصابتها طرفَة فَهِيَ مطروفة فَأَرَادَ أَنَّهَا كَأَن فِي عينيها قذى من استرخائهما.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مطروفةٌ: منكسرةُ الْعين كَأَنَّهَا طُرفت عَن كل شَيْء تنظر إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْن السِّكيت: يُقَال: طرفتُ فلَانا أطرفه: إِذا صرفته عَن شَيْء، وَأنْشد:

(13/218)


إنّك واللَّهِ لذُو مَلة
يَطْرِقك الْأَدْنَى عَن الأَبْعَدِ
أَي: يصرفك.
قلت: وعَلى هَذَا الْمَعْنى كَأَن المطروفةَ من النّساء، الَّتِي طرف طرْفها عَن زَوجهَا إِلَى غَيره من الرِّجَال؛ أَي: صُرف فَهِيَ طمّاحة إِلَى غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الأطرافُ: اسْم الْأَصَابِع، وَلَا يفردون إِلَّا بِالْإِضَافَة إِلَى الْأصْبع؛ كَقَوْلِك: أشارتْ بطَرف إصْبَعها؛ وَأنْشد الْفراء:
يُبْدِين أطرافاً لِطافاً عَنَمُه
قلت: جعل الْأَطْرَاف بِمَعْنى الطّرف الْوَاحِد وَلذَلِك قَالَ عنَمُه. قَالَ: وأطرافُ الأَرْض: نَوَاحِيهَا، الْوَاحِد طَرَف، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى الاَْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (الرَّعْد: 41) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة، وَهَذَا على من فسّر نقصَها من أطرافها فتوح الْأَرْضين. وَأما من جعل نقصَها من أطرافها موتَ علمائها فَهُوَ من غير هَذَا، وَالتَّفْسِير على القَوْل الأول.
وأطرافُ الرِّجَال: أشرافَهم، وَلِهَذَا ذهب بالتفسير الآخر، قَالَ ابْن أَحْمَر:
عَلَيْهِنَّ أطرافٌ من الْقَوْم لم يكن
طعامهُم حبّاً بزَغْبَة أغثرا
وَقَالَ الفَرَزْدق:
واسئلْ بِنَا وبكم إِذا وردتْ مِنًى
أطرافَ كلِّ قبيلةٍ مَن يُمنعُ
يُرِيد: أشرافَ كلِّ قَبيلَة.
قلت: والأطرافُ بِمَعْنى الْأَشْرَاف جمعُ الطّرَف أَيْضا، وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
هم الطَّرَفُ النَّاكُو العدُوِّ وأنتُم
بقصوى ثَلَاث تَأْكُلُونَ الوَقَائِصا
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطُّرُف فِي بَيت الْأَعْشَى جمع طَريف، وَهُوَ المنحدِر فِي النَّسب، وَهُوَ عِنْدهم أشرفُ من القُعْدُد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: فلَان طريفُ النّسَب، والطَّرافة فِيهِ بيّنة: وَذَلِكَ إِذا كَانَ كثيرَ الْآبَاء إِلَى الْجد الْأَكْبَر.
وَقَالَ اللّيث: الطّرَفُ: الطّائفةُ من الشَّيْء، يَقُول: أصبتُ طَرَفاً من الشَّيْء.
قلت: وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (آل عمرَان: 127) ، أَي: طَائِفَة.
والطَّرَفُ أَيْضا: اسمٌ يَجمع الطَّرفاء وقلّ مَا يُستعمل فِي الْكَلَام إلاّ فِي الشّعر، والواحدة طَرَفة، وقياسُه قَصَبة وقَصَب وقَصْباءَ، وشَجَرةٌ وشَجَر وشَجْراء.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: الطِّرْفُ: العَتِيقُ الْكَرِيم، من خَيْل طُرُوف، وَهُوَ نعت للذُّكور خاصّةً.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: فرسٌ طِرْفةٌ بِالْهَاءِ للْأُنْثَى، وصِلْدِمةٌ: وَهِي الشَّدِيدَة.

(13/219)


وَقَالَ اللّيث: الطِّرْفُ: الْفرس الكريمُ الْأَطْرَاف، يَعْنِي الْآبَاء والأمهات.
وَيُقَال: هُوَ المُسْتَطْرِف لَيْسَ من نِتاج صَاحبه، وَالْأُنْثَى طِرْفة، وَأنْشد:
وطِرْفة شُدّتْ دِخالاً مُدْمَجا
وَالْعرب تَقول: لَا يُدْرَى أَيُّ طَرَفيْه أطول، وَمَعْنَاهُ: لَا يدْرِي أنَسَبُ أَبِيه أفضل أم نسب أمه.
وَقَالَ: فلَان كريمُ الطَّرَفين: إِذا كَانَ كريم الْأَبَوَيْنِ، وَأنْشد أَبُو زيد فَقَالَ:
فَكيف بأَطرافي إِذا مَا شَتَمتَني
وَمَا بعدَ شَتْمِ الوالِدين صُلوحُ
جَمعهمَا أطرافاً لِأَنَّهُ أَرَادَ أَبَوَيْهِ وَمن اتَّصل بهما من ذوِيهما.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي قَوْله: (فَكيف بأطرافي) قَالَ: أَطْرَافه أَبَوَاهُ وَإِخْوَته وأعمامه، وكلُّ قريب لَهُ مَحْرَم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} (طه: 130) ، قَالَ: ساعاته.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أَرَادَ طَرَفيه فَجمع. وَيُقَال فِي غير هَذَا: فلَان فَاسد الطّرَفين: إِذا كَانَ خَبيثَ اللِّسَان والفرج. وَقد يكون طرَفا الدّايةِ مُقدّمَها ومؤخّرَها؛ قَالَ حُميد بن ثَور يصف ذئباً وسُرعتَه:
تَرى طَرَفيه يَعْسِلان كِلَاهُمَا
كَمَا اهتزّ عُودُ السّاسمِ المتتابِعُ
أَبُو عبيد: يُقَال فلَان لَا يَملك طَرَفيه؛ يَعْنون استَه وفمَه: إِذا شَرِب دَوَاء وخمراً فقاء وسَلَح. وَجعل أَبُو ذُؤَيْب الطِّرْف الْكَرِيم من النَّاس فَقَالَ:
وإنَّ غُلَاما نِيل فِي عهد كاهلٍ
لَطِرْفٌ كنَصْل السَّمْهَرِيِّ صَريحُ
والأسودُ ذُو الطَّرَفين: حيّةٌ لَهُ إبرتان، إِحْدَاهمَا فِي أَنفه، وَالْأُخْرَى فِي ذَنبه، يُقَال: إِنَّه يضْرب بهما فَلَا يُطْنِي.
ابْن السّكيت: أَرض مُطرفة: كَثِيرَة الطّرِيفة، والطّريفةُ من النَّصِي والصِّلِّيَان إِذا اعْتمَّا وتمَّا، وَقد أطرفت الأَرْض.
الأصمعيّ: ناقةٌ طَرِفة: إِذا كَانَت تُطْرِف الرِّياضَ رَوْضَة بعد رَوْضَة، وَأنْشد فَقَالَ:
إِذا طَرِفَتْ فِي مَرْبَع بكَرَاتُها
أَو استأخرت عَنْهَا الثِّقالُ القَنَاعِسُ
ويروى: إِذا أطرفت. وَقَالَ غَيره: رجلٌ طَرِفٌ، وَامْرَأَة طَرِفة: إِذا كَانَا لَا يثبتان على عهد، وكلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يُحِبُّ أَن يَستطرف آخَر غيرَ صَاحب، فيطرف غير مَا فِي يَده، أَي: يَستحدث. وبعير مُطْرَفْ، قد اشْترِي حَدِيثا، قَالَ ذُو الرّمة:
كأنني من هوَى خَرْقاء مُطَّرفٌ
دامِي الأظَلّ بَعيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ
أَرَادَ: أَنه من هَواهَا كالبعير الَّذِي اشتُرِيَ حَدِيثا فَهُوَ لَا يزَال يَحِنّ إِلَى أُلاّفه.
وَالْعرب تَقول: فلانٌ مَا لَهُ طارِفٌ وَلَا تالِد، وَلَا طَرِيف وَلَا تَلِيد. فالطارِف والطرِيف: مَا استحدثت من المَال

(13/220)


واستطرفته، والتَّالدُ والتَّليدُ: مَا ورِثْتَه عَن الْآبَاء قَدِيما.
وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول لآخَرَ وَقد قَدِم من سفر: هَل وَرَاك طَريفَةُ خَبر تُطْرفنا؛ يَعْنِي خَبرا جَدِيدا قد حَدث. وَمثله: هَل من مُغربة خَبرٍ.
والطُّرْفَةُ: كلُّ شَيْء استحدثْتَهُ فأعجبك، وَهُوَ الطَّرِيفُ وَمَا كَانَ طريفاً وَلَقَد طَرُف يَطْرُف. وأطرفت فلَانا شَيْئا، أَي: أعطيتُه شَيْئا لم يملك مثله فأعجَبَه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: طَرّفَ الرجلُ حَوْلَ العَسْكر: إِذا قَاتل على أَقْصَاهُم وناحيتهم، وَبِه سُمِّيَ الرّجلُ مُطَرِّفاً.
وَقيل: المُطَرِّفُ: الَّذِي يَأْتِي أَوَائِل الْخَيل فَيرودُها على آخرهَا، وَقيل: هُوَ الَّذِي يُقَاتل أَطْرَاف النَّاس، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَلِيّ:
مُطَرِّفٍ وَسْطَ أُولَى الْخَيل مُعْتَكِرٍ
كالفَحْل قَرْقَر وسْط الهَجْمَة القَطِمِ
وَقَالَ المفضّل: التَّطريف أَن يرد الرجلُ الرجلَ عَن أخريات أَصْحَابه، يُقَال: طَرَّف عَنَّا هَذَا الفارسُ. وَقَالَ متمم:
وَقد عَلِمَتْ أُولَى الْمُغيرَة أننا
نُطَرِّف خلْف المُرقصَاتِ السَوَابِقا
وَقَالَ شَمِر: أعْرِفُ طَرْفَه: إِذا طرده. ابْن السكِّيت عَن الْفراء: المِطْرَفُ من الثِّيَاب: مَا جُعل فِي طَرَفيه علمَان. قَالُوا: والأصلُ مُطْرَف، فكسروا الْمِيم لتَكون أخفّ: كَمَا قَالُوا: مِغْزَل، وَأَصله مُغْزَل من أُغْزِل، أَي: أدير. وَكَذَلِكَ المِصْحَف والمِجْسَد.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نعجة مُطَرَّفةٌ: وَهِي الَّتِي اسودّت أَطْرَاف أذنيها وسائرها أَبيض، وَكَذَلِكَ إِن ابيض أطرافُ أذنيها وسائرها أسود.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: من الْخَيل أبلقُ مُطَرَّف: وَهُوَ الَّذِي رَأسه أبيضُ، وَكَذَلِكَ إِن كَانَ ذَنبُه ورأسُه أبيضَ فَهُوَ أيلقُ مُطَرَّف. وَقيل: تطريف الْأُذُنَيْنِ تأْلِيهما وَهُوَ دقةُ أطرافهما.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطِّرَافُ: بيْتٌ من أَدَم، قَالَ: وَقَالَ الأموِيّ: الطّوارفُ من الخِبَاء: مَا رفعتَ من نواحيه لتنظُرَ إِلَى خَارج. وَكَانَ يُقَال لبني عَدِيِّ بن حَاتِم الطَّائِي، الطَّرَفاتُ، قتلُوا بصفِّينَ، أَسمَاؤُهُم: طَرِيف وطَرَفة ومُطَرِّف، وَفِي الحَدِيث: أَن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (عَلَيْكُم بالتَّلْبينَة) : كَانَ إِذا اشْتَكَى أحدهم من بَطْنه لم تُنْزَل البُرْمَة حَتَّى يَأْتِي على أحد طَرَفيه، مَعْنَاهُ: حَتَّى يُفيق من عِلَّته أَو يَمُوت. وَإِنَّمَا جُعل هَذَانِ طَرفَيْهِ لِأَنَّهُمَا مُنْتَهى أَمر العليل فِي عِلّته.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْلهم: لَا يُدْرَى أيّ طَرَفيه أطول. يُرِيد: لسانَه وفرجَه، لَا يُدرى أيُّهما أعف.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَالْقَوْل قَول ابْن زيد وَقد مرّ فِي أول هَذَا الْبَاب. وَيُقَال:

(13/221)


طَرّفتِ الجاريةُ بنَانَها: إِذا خَصَبت أطرافَ أصابِعها بالحنّاء وَهِي مُطَرّفة.
فطر: قَالَ اللّيث: الفُطْرُ: ضربٌ من الكَمْأة، والواحدة فُطْرة. قَالَ: والفُطْرُ: شَيْء قليلٌ من اللَّبن يُحلب ساعتئذ، تَقول: مَا حَلينا إلاّ فُطْراً. وَقَالَ المرَّار:
عاقِزٌ لم يُجتَلب مِنْهَا فُطُرْ
عَمْرو عَن أَبِيه: الفَطِيرُ: اللَّبنُ سَاعَة يُحلب. وَسُئِلَ عمر عَن المَذْي فَقَالَ: ذَاك الفَطْرُ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة بِالْفَتْح. وَأما ابْن شُمَيْل فَإِن رَوَاهُ ذَاك الفُطْرُ بِضَم الْفَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِنَّمَا سمي فَطْراً لِأَنَّهُ شُبّه بالفَطْر فِي الْحَلب، يُقَال: فَطَرْتُ النّاقةَ أفطرها فَطْراً: وَهُوَ الحَلْب بأطراف الْأَصَابِع، فَلَا يخرج اللَّبن إِلَّا قَلِيلا، وَكَذَلِكَ المَذْي يخرج قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الفَطْرُ مأخوذٌ من تفطّرت قَدَماه دَمًا، أَي: سالتا. قَالَ: وفَطَر نابُ الْبَعِير: إِذا طلع.
وَقَالَ غَيره: أصلُ الفَطْر الشقّ، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {} (الانفطار: 1) ، أَي: انشقت. وتفطّرت قدماه، أَي: انشقتَا، وَمِنْه أُخِذ فِطْرُ الصَّائِم لِأَنَّهُ يفتح فَاه. والفَطُور: مَا يَفطر عَنهُ.
وَيُقَال: فطَّرت الصائمَ فَأفْطر، ومثلُه فِي الْكَلَام بشَّرته فأبْشَر.
وَفِي الحَدِيث: (أفطر الحاجم والمحجُوم) .
وَقَالَ الله عزَّ وَجل: {} (فاطر: 1) .
قَالَ ابْن عبَّاس: كنتُ مَا أَدْرِي مَا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى احتكم إِلَيّ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْر، فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فَطَرْتها، أَي: أَنا ابتدأت حفْرها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه سَمع ابْن الأعرابيّ يَقُول: أَنا أوّل من فطَر هَذَا، أَي: ابتدأه.
قَالَ: وفطرنَا بِهِ: إِذا بزل. وأنشدنا:
حَتَّى نَهَى رائضَه عَن فَرِّه
أَنيابُ عاسٍ شاقِىءٍ عَن فَطْره
وَيُقَال: قد أَفْطرتَ جِلْدك: إِذا لم تروه من الدّباغ.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: خمرت الْعَجِين وفطرته بِغَيْر ألف.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} (الرّوم: 30) ، قَالَ: نَصبه على الْفِعْل.
وَأَخْبرنِي المُنْذِري عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الفِطْرَة: الخِلقة الَّتِي يُخلق عَلَيْهَا الْمَوْلُود فِي بطن أمه. قَالَ: وَقَوله جلّ وَعز حِكَايَة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِى فَطَرَنِى فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (الزخرف: 27) ، أَي: خلقني. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:

(13/222)


{وَهُمْ مُّهْتَدُونَ وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى} (يس: 22) .
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولَد على الفِطرة) ، يَعْنِي الخِلْقة الَّتِي فُطِر عَلَيْهَا فِي الرَّحِم من سَعَادَة أَو شقاوةٍ، فَإِذا وَلَدَ يَهودِيَّان هوّدَاه فِي حُكم الدُّنْيَا، أَو نصرانِيّان نصّراه فِي الحكم، أَو مجوسِيان مَجَسَّاه فِي الحُكم، وَكَانَ حُكمه حكمَ أَبَوَيْهِ حتّى يُعَبّر عَنهُ لِسَانه، فَإِن مَاتَ قبل بُلُوغه مَاتَ على مَا سَبق لَهُ من الفِطرة الَّتِي فُطر عَلَيْهَا، فَهَذِهِ فِطرةُ الْمَوْلُود.
قَالَ: وفِطْرَةٌ ثَانِيَة: وَهِي الكلمةُ الَّتِي يصيرُ بهَا العبدُ مُسلما، وَهِي شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رسولُه جَاءَ بالحقّ من عِنْد الله عزّ وَجل، فَتلك الفِطْرةُ: الدِّينُ.
وَالدَّلِيل على ذَلِك: حديثُ البَراء بن عازِب عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه علّم رجلا أَن يَقُول إِذا نَام.
وَقَالَ: (فإنّك إِن مُتَّ من ليلتك مُتَّ على الفِطْرة) .
قَالَ: وَقَوله: {مِّن نَّاصِرِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ} (الرّوم: 30) فَهَذِهِ فِطرة فُطر عَلَيْهَا الْمُؤمن.
قَالَ: وَقيل: فُطر كلُّ إِنْسَان على مَعْرفَته بِأَن الله ربُّ كلِّ شَيْء وخالقه، وَالله أعلم.
قَالَ: وَقد يُقَال: كلُّ مَوْلُود يُولَد على الفِطرة الَّتِي فَطر الله عَلَيْهَا بني آدم حِين أخرجَهم من صُلب آدم كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الْأَعْرَاف: 172) ، الْآيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: بَلغنِي عَن ابْن المبارَك أَنه سُئِلَ عَن تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: تَأْوِيله الحديثُ الآخرُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل عَن أَطْفَال الْمُشْركين فَقَالَ: (اللَّهُ أعلمُ بِمَا كَانُوا عاملين) يذهبُ إِلَى أَنهم إِنَّمَا يُولدون على مَا يَصِيرون إِلَيْهِ من إسلامٍ وَكفر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَسَأَلت مُحَمَّد بنَ الحسَن عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: كَانَ هَذَا فِي أوّل الْإِسْلَام قبل نزُول الْفَرَائِض. يذهب إِلَى أَنه لَو كَانَ يُولد على الفِطرة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يهوِّده أبوَاه مَا وَرِثهما وَلَا وَرِثاه؛ لِأَنَّهُ مُسلم وهما كَافِرَانِ.
قلتُ: غَبا على مُحَمَّد بن الْحسن معنى الحَدِيث، فَذهب إِلَى أَن معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) .
حُكمٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام قبل نزُول الْفَرَائِض ثمَّ نسخ ذَلِك الحكم من بعدُ، وَلَيْسَ الْأَمر على مَا ذهب إِلَيْهِ، لِأَن معنى قَوْله: (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) خبرٌ أخبر بِهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قضاءٍ سَبق من الله للمولود، وكتابٍ كتبه المَلَك بِأَمْر الله جلّ وعزّ لَهُ من سَعَادَة أَو شقاوة، والنّسخُ لَا يكون فِي الْأَخْبَار، إِنَّمَا النّسخ فِي الْأَحْكَام.
وقرأت بِخَط شَمِر فِي تَفْسِير هذَيْن الْحَدِيثين: أَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحَنْظَلِيّ

(13/223)


روَى حديثَ أبي هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) الحَدِيث.
ثمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة بَعْدَمَا حدّث بِهَذَا الحَدِيث: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} (الرّوم: 30) .
قَالَ إِسْحَاق: وَمعنى قولِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا فَسّر أَبُو هُرَيْرَة حِين قَرَأَ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً} ، وَقَوله: {النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} يَقُول لتِلْكَ الخِلقةِ الَّتي خلَقهم عَلَيْهَا إمّا لجنّةٍ أَو نارٍ حِين أخرَج من صُلب آدمَ كلَّ ذريةٍ هُوَ خالقُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ للجنة، وَهَؤُلَاء للنار، فَيَقُول كلّ مَوْلُود يُولد على تِلْكَ الفِطرة، أَلا تَرى غلامَ الخَضِر. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (طَبَعه الله يومَ طَبَعه كَافِرًا وَهُوَ بَين أبويْن مُؤمنين، فَأعْلم الله الخضرَ بخِلقته الَّتِي خلقه عَلَيْهَا وَلم يعلم مُوسَى ذَلِك، فَأرَاهُ الله تِلْكَ الْآيَة لِيَزْدَادَ عِلماً إِلَى عِلمه) .
قَالَ: وَقَوله: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ) يَقُول: بالأبويْن يُبيَّن لكم مَا تحتاجون إِلَيْهِ فِي أحكامكم من الْمَوَارِيث وَغَيرهَا.
يَقُول: إِذا كَانَ الأبوان مُؤمنين فاحكموا لولدهما بِحكم الأبويْن فِي الصَّلَاة والمواريث وَالْأَحْكَام، وَإِن كَانَا كَافِرين فاحكموا لولدهما بِحكم الْكَافِر أَنْتُم فِي الْمَوَارِيث وَالصَّلَاة، وأمّا خِلْقته الَّتِي خُلق لَهَا فَلَا عِلم لكم بذلك.
أَلا تَرى أنّ ابْن عَبَّاس حِين كَتب إِلَيْهِ نَجْدةُ فِي قتْل صِبْيَان الْمُشْركين كتب إِلَيْهِ: إِن عَلمتَ من صبيانهم مَا عَلِم الخَضِرُ من الصّبيّ الَّذِي قَتَله فاقتلهم. أَرَادَ أَنه لَا يَعلم عِلم الخَضِر أَحَدٌ فِي ذَلِك، لمَا خَصّه الله بِهِ، كَمَا خصَّه بِأَمْر السَّفينة والْجِدار، وَكَانَ مُنْكَراً فِي الظَّاهِر، فعلّمه الله عِلم الْبَاطِن فحَكم بِإِرَادَة الله فِي ذَلِك.
قلت: وَكَذَلِكَ القَوْل فِي أَطْفَال قوم نوح الَّذين دَعَا على آبَائِهِم وعليْهم بالغَرق، إِنَّمَا استجاز الدّعاء عَلَيْهِم بذلك وهم أَطْفَال، لِأَن الله جلّ وعزّ أعلمهُ أَنهم لَا يُؤمنُونَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْءَامَنَ} (هود: 36) ، فَأعلمهُ أَنهم فُطِروا على الْكفْر.
قلت: وَالَّذِي قَالَه إِسْحَاق هُوَ القَوْل الصَّحِيح الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب ثمَّ السُّنة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ} (الرّوم: 30) منصوبٌ بِمَعْنى اتّبِع فِطرةَ الله؛ لِأَن معنى قَوْله: {مِّن نَّاصِرِينَ} (الرّوم: 30) ، اتّبِع الدِّين القَيِّم، اتّبِع فطرةَ الله، أَي: خِلقة الله الَّتِي خلَق عَلَيْهَا البَشَر.
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولد على الْفطْرَة) مَعْنَاهُ: أَن الله فَطَر الْخلق على الْإِيمَان بِهِ؛ على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (أَن الله أخرج من صُلب آدم ذُريّةً كالذَّرِّ وأشهدهم على أنفسهم بِأَنَّهُ خالِقهُم) ، وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ} الْآيَة إِلَى قَوْله

(13/224)


تَعَالَى: {قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ} (الْأَعْرَاف: 172) .
قَالَ: فكلُّ مَوْلُود هُوَ من تِلْكَ الذُّرية الَّتِي شَهِدَت أَن الله خالقُها؛ فَمَعْنَى (فطْرَة الله) أَي: دين الله الَّتِي فطَر النَّاس عَلَيْهَا.
قلت: والقولُ مَا قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي تَفْسِير الْآيَة وَمعنى الحَدِيث، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: فطَرْتُ العَجِين والطِّين: وَهُوَ أَن تَعْجِنَه ثمَّ تخبزه من سَاعَته. وَإِذا تركْتَه ليَختمِر فقد خمّرته، واسمُه الفَطِير.
قَالَ: وانفطر الثَّوب: إِذا انشقّ، وَكَذَلِكَ تفطّر. وتَفَطَّرت الأرضُ بالنبات: إِذا انصدعت. وفطَرتُ أصْبع فلَان، أَي: ضربتَها فانفطرت دَمًا.
وَقَالَ غَيره: الفَطِير من السِّيَاط: المُحَرّم الَّذِي لم يُجَد دباغه. وَسيف فُطَار: فِيهِ شقوق؛ وَقَالَ عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقة وَهِي كِمْعِي
سلاحي لَا أفَلَّ وَلَا فُطارَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُطَارِيُّ من الرِّجَال: الفَدْمُ الَّذِي لَا خير عِنْده وَلَا شَرّ؛ مأخوذٌ من السَّيْف الفُطَار الَّذِي لَا يقطع.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الفَطْرُ: الشق، وَجمعه فُطُور. والفِطَّرُ: الِاسْم من الْإِفْطَار. والفِطْرُ: القومُ المُفْطِرون، يُقَال: هَؤُلَاءِ قوم فِطْرٌ.
طفر: قَالَ اللّيث: الطّفْرُ: وثبةٌ فِي ارْتِفَاع كَمَا يَطْفِرُ الْإِنْسَان حَائِطا، أَي: يَثِبُه إِلَى مَا وَرَاءه. قَالَ: وطَيْفُورٌ: طُوَيْئر صَغِير.
وَقَالَ غَيره: أطفر الرَّاكِب بَعيره إطفاراً: إِذا أَدخل قدميْه فِي رفْغَيْهَا: إِذا ركبهَا وَهُوَ عيْبٌ للراكب، وَذَلِكَ إِذا عدا الْبَعِير.
فرط: الحرانيُّ عَن ابْن السِّكيت: الفَرْطُ: أَن يُقَال: آتِيك فَرْطَ يومٍ أَو يَوْمَيْنِ، أَي: بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ، وَأنْشد أَبُو عُبيد للَبِيد:
هَل النّفسُ إلاّ مُتعةٌ مستعارةٌ
تُعارُ فتأتي ربّها فَرْطَ أشْهُرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْطُ: أَن يَلقَى الرجل بعد أَيَّام، يُقَال: إِنَّمَا أَلْقَاهُ فِي الفَرْط.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفَرْطُ: الَّذِي يتقدَّم الواردةَ فيهيِّىء الدِّلاء والرِّشاء، ويَمْدُرُ الحوْضَ ويَسقي فِيهِ.
يُقَال: رجل فَرَط، وقومٌ فَرَط. وَمِنْه قيل للطّفل الْمَيِّت: اللهُمّ اجْعَلْهُ لنا فَرَطاً، أَي: أجرا يتقدّمُنا حَتَّى نَرِد عَلَيْهِ.
وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا فَرَطُكم على الْحَوْض) . وَيُقَال: رجل فارطٌ وقومٌ فُرّاط.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الفارِطُ والفَرَطُ: المتقدِّمُ فِي طلب المَاء، يُقَال: فَرَطت الْقَوْم، وَأَنا أفْرُطهم فُروطاً: إِذا تقدمتَهم، وَأنْشد:

(13/225)


فأثار فارِطهم غَطَاطاً جُثّماً
أصواتها كتراطُنِ الفُرْس
قَالَ: وفَرّطْتُ غَيْرِي: قدّمْتُه. وأَفرطتُ السِّقاء: ملأته. وأنشدني:
ذَلِك بَزِّي فَلَنْ أُفَرِّطَه
أخافُ أَن يُنْجِزوا الَّذِي وَعدُوا
قَالَ: يَقُول: لَا أُخَلِّفه فأتقدّم عَنهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غَيره: فرَّطْت فِي الشَّيْء: ضَيّعته. وأفْرَطْت فِي القَوْل، أَي: أكثرتُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، يُقَال: مَا أفرطت فِي الْقَوْم وَاحِدًا، أَي: مَا تركت.
وَقَالَ الْفراء: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيون فِي النَّار.
وَالْعرب تَقول: أفرطت مِنْهُم نَاسا، أَي: خَلّفْتهُم ونَسِيتُهم. قَالَ: وَيقْرَأ: (مُفْرِطون) يَقُول: كَانُوا مُفرِطين على أنفسهم فِي الذُّنُوب وَيقْرَأ: (مُفَرِّطُون) يَقُول: كَانُوا مُفَرِّطين كَقَوْلِه: {نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} (الزمر: 56) يَقُول: فِيمَا تركتُ وضيَّعت.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الماءُ بَينهم فُرَاطة، أَي: مُسابقة.
قَالَ شمر: وسمعتُ أعرابيّةً فصيحةً تَقول: افترطتُ ابْنَيْنِ.
قَالَ: وافترط فلانٌ فَرَطاً لَهُ، أَي: أَوْلَادًا لم يبلغُوا الْحلم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَرَطُ: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط.
ورُوِيَ عَن سعيد بن جُبير فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيُّون مضيَّعون.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ} (طه: 45) ، قَالَ: يَعْجَل إِلَى عقوبتنا.
والعربُ تَقول: فرط مِنْهُ أمرٌ، أَي: بَدَرَ وسَبَق: إِذا أسرف. وفَرَط: تَوانى ونَسِيَ. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الْكَهْف: 28) ، أَي: متروكاً ترك فِيهِ الطَّاعَة وغَفَل عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: أمرهُ فُرُطٌ، أَي: مُتهاوَنٌ بِهِ مضيَّعٌ.
وَقَالَ الزّجاج: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: كَانَ أمره التَّفريطَ، وَهُوَ تَقْدِيم الْعَجز.
وَقَالَ غَيره: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: نَدَماً، وَيُقَال: سَرفًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفُرُطُ: الفرسُ السريعة، وَقَالَ لبيد:
وَلَقَد حَمَيْتُ الحَيّ تحمل شِكّتِي
فُرُطٌ وِشاحِي إذْ غَدوْتُ لجَامُها
قَالَ: والفَرْطُ أَيْضا: الجبلُ الصَّغِير، وَقَالَ وَعْلَةُ الجَرْمِيّ:
وَهل سمَوْتُ بجَرّار لَهُ لَجَبٌ
جَمِّ الصَّواهل بَين السَّهْل والفُرُط

(13/226)


وَجمع الفُرُطِ أفراط، وَهِي آكامٌ شَبيهاتٌ بالجبال. وَيُقَال: فرطت الرجل: إِذا أمهلتَه. وفَرَطت الْبِئْر: إِذا تركتَها حَتَّى يَثُوب مَاؤُهَا، قَالَ ذَلِك شمر، وَأنْشد فِي صفة بِئْر:
وهْيَ إِذا مَا فُرِطت عَقْدَ الوَذَمْ
ذاتُ عِقَابٍ هَمشٍ وذاتُ طَمّ
يَقُول: إِذا أُجِمَّت هَذِه الْبِئْر قدرَ مَا يُعْقد وذمُ الدَّلو ثابتْ بِمَاء كثير، والعِقَابُ: مَا يثوب لَهَا من المَاء، جمعُ عَقَب. وَأما قَول عَمْرو بن مَعْدي كَرب:
أَطلْت فِراطَهُم حَتَّى إِذا مَا
قتَلْتُ سَراتَهم كَانَت قَطاطِ
أَي: أطلتُ إمهالهم والتأنّي بهم إِلَى أَن قتلتُهم.
وَقَالَ اللَّيْث: أفراطُ الصَّبّاح: أوّلُ تباشيره، الْوَاحِد فُرْط؛ وَأنْشد لرُؤبة:
باكرتُه قبلَ الغَطَاط اللُّغَّطِ
وقبلَ أفراط الصّباح الفُرَّطِ
قَالَ: والإفراط: إعجال الشَّيْء فِي الْأَمر قبل التثبُّت؛ يُقَال: أفرط فلَان فِي أمره، أَي: عَجِل فِيهِ. والفَرَطُ: الأمرُ الَّذِي يُفرِّط فِيهِ صاحبُه، أَي: يضيّع. وكلُّ شَيْء جَاوز قدْرَه فَهُوَ مُفْرِط؛ يُقَال: طولٌ مُفْرِط، وقِصَرٌ مُفْرِط وفلانٌ تفارطته الهموم، أَي: لَا تصيبه الهمومُ إلاّ فِي الفَرْط. وَقَالَ غَيره: هَذَا مَاء فُراطة بَين بني فلَان وَبني فلَان، وَمَعْنَاهُ: أيّهم سَبق إِلَيْهِ سَقَى وَلم يزاحمه الْآخرُونَ.
ابْن السّكيت: افترط فلانٌ أَوْلَادًا، أَي: قدّمهم.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: فلَان مُفترِط السِّجَال فِي العُلا، أَي: لَهُ فِيهِ قُدْمة، وَأنْشد:
مَا زلتُ مفترِطَ السّجال إِلَى العُلا
فِي حَوْض أبلجَ تَمْدُر التّرنُوقَا
ومَفارطُ الْبَلَد: أَطْرَافه. وَقَالَ أَبُو زبَيْد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّ
مِّ لعَمْيَاء فِي مَفارِط بِيدِ
وَفُلَان ذُو فُرْطة فِي الْبِلَاد: إِذا كَانَ صاحبَ أسفار كَثِيرَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: ألفَاه وصَادَفَهُ وفارَطَه وفالطه ولاقطه، كُله بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: والفَرْطُ اليومُ بَين الْيَوْمَيْنِ. والفَرَط: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط. والإفراطُ: الزِّيَادَة على مَا أمرت. والإفراطُ: أَن تبْعَث رَسُولا مجرّداً خاصّاً فِي حوائجك.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: فلانٌ لَا يُفْتَرط إحسانه وبِرُّهُ، أَي: لَا يُفْتَرص وَلَا يخَاف فوْته.
ط ر ب
طرب طبر رطب ربط برط بطر: مستعملات.
طرب: قَالَ اللَّيْث: الطَّربُ: الشوق. والطَّربُ: ذهَاب الْحزن وحلول الْفَرح.

(13/227)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطَّربُ: خفّةٌ يجدهَا الرجلُ لشوقٍ أَو فَرح أَو هَمّ، وَقَالَ النَّابِغَة الجَعْدِيّ فِي الهَمّ:
وَأرَانِي طرِباً فِي أَثَرهم
طَربَ الواله أَو كالمُخْتَبَلْ
وَيُقَال: طَرّب فلانٌ فِي عنائه تطريباً: إِذا رَجّع صوتَه وزيّنه، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كَمَا طرّب الطائرُ المُسْتَحر
إِذا رجّع صَوته وَقت السحر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأطرابُ: نقاوة الرّياحين وأذكاؤها.
وَقَالَ غَيره: واستطرب الحدأة الإبلَ: إِذا خفت فِي سَيرهَا من أجل حدأتهم، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
واستطْرَبت ظُعْنهمُ لمّا احْزَألّ بهمْ
آلُ الضُّحى ناشطاً من داعِيات دَدِ
يَقُول: حملهمْ على الطَّرَب شوقٌ نَازع. وَقيل: أَرَادَ بالناشط غناء الْحَادِي.
أَبُو عُبَيد: المَطارِبُ: طرقٌ ضيّقة واحدتها مَطْرَبة؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْق الرَّأْس تَخْجِلُه
مَطارِبٌ زَقَبٌ أميَالُها فِيحُ
وَقَالَ اللّيث: الطَّرْطُبُّ الْبَاء مثقلة: الثَّدْيُ الضخمُ المسترخِي؛ يُقَال: أخزى الله طُرْطُبَّيْها. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول طُرْطُبّة للواحدة فِيمَن يؤنث الثدي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَرْطَبْتُ بالغنم طَرْطَبة: إِذا دعوتَها. والطرطبة بالشفتين؛ قَالَ ابْن حَبْناء:
فَإِن استَك الكَوْماء عَيْبٌ وعورةٌ
يُطَرْطبُ فِيهَا ضاغطانِ وناكثُ
وإبلٌ طِرَابٌ: إِذا طَرِبتْ لحُداتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَطْرَبُ والمَقْرَب: الطَّرِيق الْوَاضِح.
طبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: طَبَرَ الرجلُ: إِذا قَفَز. وطَبر: إِذا اختَبَأ.
أَبُو الحَسن اللَّحياني: وَقَع فلانٌ فِي بَنَات طَبَارٍ وطَمار: إِذا وَقع فِي داهية.
ابْن الأعرابيّ قَالَ: من غَرِيب شجر الضَّرِف الطبّارُ وَهُوَ على صُورَة التِّين إِلَّا أَنه أَرقّ.
بطر: قَالَ الله عز وَجل: {لاَ يَعْلَمُونَ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (الْقَصَص: 58) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نصب معيشتها. قَالَ: والبَطَرُ: الطُّغيان فِي النِّعْمَة.
وروى الْفراء عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: يُقَال: رَشِدْتَ أمرَك، وبَطِرْتَ عيْشَك، وغَنيْتَ رأْيكَ.
قَالَ: أوقعت الْعَرَب هَذِه الْأَفْعَال على هَذِه المعارف الَّتِي خرجت مفسّرةً لتحويل الْفِعْل عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: بَطِرت معيشتُها وَكَذَلِكَ أخواتها.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطِر الرّجلُ وبَهِت بِمَعْنى وَاحِد.

(13/228)


وَقَالَ اللَّيْث: البَطَرُ كالحَيْرة والدَّهَش. والبَطَرُ: كالأشَر وغَمْط النِّعْمَة.
وَيُقَال: لَا يُبْطِرنّ جهْلُ فلانٍ حلْمكَ، أَي: لَا يُدْهشك. قَالَ: ورجلٌ بطريرٌ، وَامْرَأَة بطريرة، وأكثرُ مَا يُقَال للْمَرْأَة.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِذا بَطِرت وتمادَت فِي الغَيّ.
وَيُقَال للبعير القَطُوف إِذا جارَى بَعِيرًا وسَاعَ الْخَطْو فقصُرت خُطاه عَن مباراته قد أبطره ذَرعَه، أَي: حمّله على أَكثر من طَوْقه. والهُبَعَ إِذا ماشى الرُّبَعَ أبطرَه ذَرْعَه فهَبع، أَي: اسْتَعَانَ بعُنُقه ليَلْحَقه.
وَيُقَال لكلّ من أرهق إنْسَانا فحمّله مَا لَا يطيقه: قد أَبطره ذَرْعَه.
شَمر: يُقَال للبَيْطار: مُبَيْطِر وبِيَطر.
وَقَالَ الطرماح:
كبَزْغ البَيْطرِ الثقْفِ رَهْصَ الكَوادن
قَالَ: وَقَالَ سَلمَة بن عَاصِم: البِيَطْرُ: الخَياط فِي قَول الراجز:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَج الظّلام
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ
قَالَ شَمِر: صيَّرَ البيطار خيّاطاً كَمَا صَيّروا الرجلَ الحاذِقَ إسكافاً.
وَقَالَ غيرُه: البَطْرُ: الشقُّ وَبِه سُمّيَ البَيْطار بَيْطاراً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ يُبيطر الدوابَّ، أَي: يعالجها.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ذهب دَمه خَضِراً مَضراً، وَذهب بِطْراً، أَي: هدَراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أَصله أَن يكون طُلاّبه حُرّاصاً باقتدار وبَطَر فيحرموا إِدْرَاك الثّأر.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الكِبْرُ بطرُ الحقّ وغمضُ النَّاس) ، وبَطرُ الحقِّ: أَلا يرَاهُ حقّاً، ويتكبّر عَن قبُوله، من قَوْلهم: بَطِر فلانٌ هِدْيَة أمرِه: إِذا لم يهتد لَهُ، وجهله وَلم يقبله. والبَطَرُ: الطغيان عِنْد النّعمة؛ وعَلى هَذَا بطرُ الحقّ: أَن يطغى عِنْد الْحق؛ أَي: يتكبر عِنْد قبُوله.
وَقَالَ الْكسَائي: ذهب دمُه بطراً: إِذا ذهب بَاطِلا، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: بطرُ الحقِّ أَن يرَاهُ بَاطِلا.
وَيُقَال: بطر فلَان: إِذا تحيّر ودَهِش، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: أَن يتحيّر فِي الْحق فَلَا يرَاهُ حقّاً.
ربط: حَدثنَا عبدُ الله بنُ مُحَمَّد بن هاجك قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر قَالَ: أَنبأَنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَلا أدلُّكم على مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وترفع بِهِ الدَّرَجَات) قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: (إسباغُ الْوضُوء على المكاره وكثرةُ الخُطَا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظارُ الصَّلَاة بعدَ الصَّلَاة فذلكم الرِّباط) .
قلتُ: أَرَادَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (فذلكم

(13/229)


الرِّبَاط) قولَ الله جلّ وَعز: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} (آل عمرَان: 200) .
جَاءَ فِي تَفْسِير الْآيَة: ومصدر رابطت رِبَاطًا، واصبروا على دِينكم، وَصَابِرُوا عدوَّكم. ورابِطُوا، أَي: أقِيمُوا على جهاده بِالْحَرْبِ.
قلت: وأَصلُ الرِّباط من مُرابطة الْخَيل، أَي: ارتباطها بِإِزَاءِ العدوّ فِي بعض الثغور.
والعربُ تسمِّي الخيلَ إِذا رُبطت بالأفنِية وعُلِفت: رُبُطاً، وَاحِدهَا رَبيط، وَتجمع الرَّبُطُ رِباطاً، وَهُوَ جمع الْجمع.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 60) .
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} . قَالَ: يُرِيد الإناثَ من الْخَيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّباطُ: مرابطةُ الْعَدو، وملازمةُ الثغْر، وَالرجل مُرابطِ.
قَالَ: والمُرَابطاتُ: جماعاتُ الْخُيُول الَّذين رابطُوا.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرابطُ الجأشِ: الَّذِي يَربُط نفسَه عَن الْفِرَار، يكفُّها لجرأته وشجاعته.
وَيُقَال: رَبط الله على قلبه بالصّبر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الرابط: الراهب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا بلغ الرُّطبُ اليُبْس فوُضع فِي الجِرار وصُبَّ عَلَيْهِ الماءُ فَذَلِك الرَّبيط؛ فَإِن صُبّ عَلَيْهِ الدِّبس فَهُوَ المُصفَّر.
رطب: قَالَ الليثُ: الرُّطبُ الْوَاحِدَة رُطبة، وَهُوَ النَّضيج من البُسْر قبل إثماره. وَقد أرطبتِ النخلةُ، وأرطَب القومُ: أرطب نخلُهم، فهم مرطبون. ورَطبتُ القومَ، أَي: أطعمتُهم الرُّطب.
والرُّطْبُ: الرِّعْيُ الْأَخْضَر من بقول الرّبيع، اسمٌ جَامع. وأرضٌ مرْطبة، أَي: مُعشبة؛ ذاتُ رطب وعشب. وَالرّطب: المبتلُّ بالماءِ. والرَّطْبُ: الناعم. وجاريةٌ رَطبةٌ: رَخْصةٌ ناعمةٌ.
والرَّطْبةُ: رَوْضةُ الفِسْفِسة مَا دَامَت خضراء، والجميع الرِّطاب.
وَيُقَال: رَطُب الشَّيْء يَرْطُب رُطوبةً ورَطابةً.
وَيُقَال للغلام الَّذِي فِيهِ لين النِّسَاء ورَخاوتُهن: إِنَّه لَرَطب. وَالرّطب: كلُّ عود رَطب، هُوَ جمعُ رَطْب.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
بأجةٍ نشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطْب
أَرَادَ هَيْجَ كل عودٍ رَطْب أَيَّام الرّبيع، والرُّطْبُ جمعُ الرَّطب. أَرَادَ: ذَوَى كلُّ عود رَطْب فهاج. وَيُقَال: رَطّب فلَان ثَوْبه: إِذا بلّه.

(13/230)


برط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَرط الرجلُ: إِذا اشْتغل عَن الحقّ باللهْو.
قلت: هَذَا حرفٌ لم أسمعهُ لغيره.
ط ر م
طرم طمر مرط مطر رطم رمط: مُسْتَعْمل.
طرم: قَالَ اللّيث: الطِّرْمُ فِي قَول: الشَّهْدُ. وَفِي قَول: الزُّبد، وَأنْشد:
ومنهنَّ مثلُ الشّهْد قد شِيبَ بالطِّرْمِ
قلت: الصوابُ:
ومنهنّ مثلُ الزُّبد قد شِيبَ بالطِّرم
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْيمُ: اسمٌ للسحاب الكثيف، قَالَ رُؤبة:
فِي مُكْفَهِرّ الطّرْيم الطَّرنبث
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال للنَّحل إِذا مَلأ أبنيته من الْعَسَل: قد خَتَم، فَإِذا سَوَّى عَلَيْهِ قيل: قد طَرِم، وَلذَلِك قيل للشَّهْد: طَرِم.
قَالَ: والطَّرَم: سَيَلانُ الطِّرْم من الخلِيّة، وَهُوَ الشّهد.
وَقَالَ اللَّيْث: والطُّرْمُ: اسْم الكانون.
قلت: وَغَيره يَقُول: هِيَ الطُّرْمة.
قَالَ اللَّيْث: الطرمة: نُتوء فِي وسط الشَّفة الْعليا، والتُّرْفَةُ فِي السُّفْلى، فَإِذا جمعُوا قَالُوا: طُرْمَتيْن لتغلب الطُّرْمة على التُّرْفة. قَالَ: والطّارِمةُ: بَيت كالقُبّة من خشب، وَهِي أَعْجَمِيَّة.
رطم: قَالَ الليثُ: رَطَمتُ الشَّيْء رَطماً فِي الوَحل فارتطم فِيهِ، وَكَذَلِكَ ارتَطم فلانٌ فِي أمْرٍ لَا مخرجَ لَهُ مِنْهُ إلاّ بغمّة لَزِمته.
قَالَ: والرَّطُومُ من نعت النِّسَاء: الواسعة.
قلت: هَذَا غلط. روى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الرَّطُومُ: الضيِّقةُ الحَياء من النوق، وَهِي من لِنسَاء الرّتقاء، ومِنَ الدَّجَاج الْبَيْضَاء. قلت: والرَّطوم كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ شَمِر مِمَّا قَرَأت بِخَطِّهِ: أرْطَم الرجل وطرْسم واشتبا واضْلَخَمّ واخْرَنْبقّ وضَمر. وأَضّ وأخْذَم، كلُّه إِذا سكت. وَقَالَ غَيره: رَطم الرّجلُ جاريتَه رَطماً: إِذا جَامعهَا فَأدْخل ذَكره كلَّه فِيهَا.
مطر: قَالَ اللَّيْث: المَطْرُ: المَاء المنسكبُ مِنَ السَّحَاب. والمَطْرُ فعلُه وَهُوَ فِي الشّعْر أحسن. والمَطْرَةُ الْوَاحِدَة. ويومٌ مطيرٌ: ماطِرٌ. ووادٍ مطيرٌ، أَي: مَمْطُور. وَقد مَطَرَتنا السَّمَاء، وأَمطرتنا، وَهُوَ أقبحهما. وأمطرهم الله مَطْراً أَو عذَاباً. وَقَالَ غَيره: وادٍ مَطِرٌ بِغَيْر يَاء: إِذا كَانَ مَمْطُوراً.
وَمِنْه قَوْله:
فوادٍ خِطاءٌ ووادٍ مَطِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ مَمْطُورٌ: إِذا كَانَ كثيرَ السِّوَاك، طيّبُ النّكْهة. وامرأَةٌ مَطِرةٌ: كثيرةُ السِّوَاك عَطِرَةٌ، طيّبَةُ الْجِرْم وَإِن لَمْ تَتَطَيّب.
قَالَ: وَيُقَال: مَزَرَ فلَان قِرْبَته ومَطَرَها: إِذا

(13/231)


ملأَها؛ رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
وَحكي عَن مبتكر الْكلابِي: كلّمتُ فلَانا فَأمْطر واستمطر: إِذا أَطرقَ؛ يُقَال: مَا لَك مُسْتَمْطِراً، أَي: ساكِتاً.
وقا اللَّيْث: رجل مُسْتَمْطِر: طالبُ خيرٍ من إِنْسَان ورجلٌ مُسْتَمْطَرٌ: إِذا كَانَ مُخِيلاً للخير، وَأنْشد:
وصاحبٍ قلتُ لَهُ صالحٍ
إِنَّك للخير لَمُسْتَمْطَرُ
قَالَ: ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: قد احْتَاجَ إِلَى الْمَطَر وَإِن لم يُمْطَر، وَقَالَ خُفَاف بن نُدْبة:
لم يَكْسُ من ورَق مُسْتَمْطِرٍ عوداً
وَقَالَ غَيره: جَاءَت الْخَيل مُتَمَطَّرَة، أَي: مسرعةً يسابق بعضُها بَعْضًا، وَقَالَ رُؤبة:
والطَّيْرُ تهوِي فِي السَّماء مُطَّراً
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي قَالَ: مَطَر الرجل فِي الأَرْض مُطُوراً، وقَطَرَ قُطُوراً: إِذا ذهبَ فِي الأَرْض. وَقَالَ غَيره: تَمَطَّر بِهَذَا الْمَعْنى، وَأنْشد:
كأَنهن وَقد صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ
سِيدٌ تَمَطَّر جُنْحَ اللَّيْل مَبْلولُ
تَمَطَّر، أَي: تسرع فِي عَدْوِهِ. وَقيل: تَمَطَّر، أَي: بَرَزَ للمطر وبَرْده.
شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: مِنْ دُعاء صبيان الْعَرَب إِذا رَأَوْا خالاً للمطر: مُطَّيْرَى. وَيُقَال: نزل فلَان بالمُسْتَمْطِر، أَي: فِي بَراز من الأَرْض مُنْكَشف. وَقَالَ الشَّاعِر:
وَيَحِلّ أَحْيَاءٌ وَرَاء بُيُوتنا
حَذَرَ الصّبَاح وَنَحْنُ بالمُسْتَمْطَر
وَقيل: أَرَادَ بالمستمطَر: مَهْوَى الغارات ومُخْتَرقَها. وَيُقَال: لَا تَسْتَمْطر للخيل، أَي: لَا تَعْرِض لَهَا. سَلمَة عَن الْفراء: إِن تِلْكَ الفَعلة من فلَان مَطِرَة، أَي: عادَة بِكَسْر الطَّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: مَا زَالَ على مَطْرَةٍ وَاحِدَة، ومِطِرَّة وَاحِدَة وقَطَرٍ وَاحِد إِذا كَانَ على رَأْي وَاحِد لَا يُفَارِقهُ. قَالَ: والمَطَرَةُ: القِرْبَةُ، مسموعٌ من الْعَرَب. ومَطار: موضعٌ بَين الدّهنا والسَّمان. والماطِرون مَوضِع آخر وَمِنْه قَوْله:
وَلها بالماطِرُون إِذا
أكل النّملُ الّذي قد جَمَعا
طمر: قَالَ اللَّيْث: طَمَرَ فلانٌ نَفسه أَو شَيْئا: إِذا خَبَأَه حَيْثُ لَا يُدْرَى. قَالَ: وَالْمَطْمُورَةُ: حُفرةٌ أَوْ مكانٌ تَحت الأَرْض قد هُيِّىءَ خَفِيّاً، يُطْمَرُ فِيهِ طعامٌ أَو مالٌ. قَالَ: والطُّمُورُ: شبهُ الوُثُوب فِي السَّماء، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فَزِعاً لِوَقْعَتِهَا طُمُورَ الأَخْيلِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَمَرَ: إِذا عَلا. وطَمَرَ: إِذا سَفَلَ. قَالَ: وطَمر: إِذا تغيَّب واسْتخفى. وسمِعْتُ عُقَيْلِيّاً يَقُول لِفَحْل ضرب نَاقَة: قد طَمَرَها، وَإنَّهُ لكثيرُ الطُّمُور. وَكَذَلِكَ الرجل إِذا وُصِفَ بِكَثْرَة الْجِمَاع. يُقَال: إِنَّه لكثيرُ الطُّمُورِ. وَقَالَ

(13/232)


ابْن الْأَعرَابِي: الْمَطْمُور: العالي. والمَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. قَالَ: والطُّمَّرُ وَالطِّمَّوْرُ: الأصلُ، يُقَال لأَرُدّنّه إِلَى طُمره، أَي: إِلَى أَصله. قَالَ: والطَّوَامرُ: البراغيثُ، يُقَال: هُوَ طَامرُ بن طامر للبَرغوث. وَجَاء فلانٌ على مِطمار أَبِيه: إِذا جَاءَ يُشْبهه فِي خَلقِه وأخْلاقه، وَقَالَ أَبُو وَجْزَة يمدح رجلا:
يَسْعَى مَسَاعِيَ آباءٍ لَهُ سَلَفَتْ
مِنْ آلِ قَيْن عَلَى مِطْمارِهِمْ طَمَرُوا
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: انْصَبَّ عَلَيْهِم فلانٌ من طَمَارِ، وَهُوَ المكانُ العالي، وَأنْشد:
فَإن كُنْت لَا تَدْرِينَ مَا الْموْتُ فَانظُرِي
إلَى هانىء فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ
إِلى بَطَلٍ قد عَفَّرَ السَّيْفُ وَجْهَه
وآخَر يَهْوِي مِنْ طَمارِ قَتيلِ
قَالَ أَبُو عبيد: يُنْشَد: من طَمَارَ وَمن طَمارِ مُجْرَى وَغير مُجْرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطمْرُورُ: الشِّقْراق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطُّمْرُورُ: نعتُ الْفرس الجَواد.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: الطمْرُ من الْخَيل: المُشمر الْخَلْق. وَيُقَال: المسْتَعِدُّ لِلْعَدْوِ.
أَبُو عبيد: الطِمْرُ: الثوبُ الخَلقُ، وَجمعه أطمار. وَفِي الحَدِيث: (رُبَّ ذِي طِمْرَيْن لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَو أقْسَمَ على الله لأَبَرّه) ، يُرِيد: رُبَّ فَقير ذِي خَلَقَين أطاعَ الله حَتَّى لَو سَأَلَ الله وَدعَاهُ أَجَابَهُ.
قَالَ أَبُو عُبيد وَعَن الْأَصْمَعِي: المِطْمَرُ هُوَ الْخَيط الَّذِي يُقدِّرُ بِهِ البَنّاء يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ التِسرْفال وَقَالَ أَبُو عُبيدة مثلُه.
وَقَالَ نَافِع بن أبي نُعيم: كنت أَقُول لِابْنِ دَأب إِذا حدَّث أقِم المِطْمَرَ، أَي: قَوِّم الحَدِيث ونَقِح ألفاظَه. وَيُقَال: وَقع فلَان فِي بَنات طَمَارِ: إِذا وَقع فِي بَلِيّة وشِدّة. والمطاميرُ: حُفَرٌ تُحْفر فِي الأَرْض يُوسَع أَسافلُها يُخبأ فِيهَا الحبوبُ.
رمط: قَالَ اللَّيْث: الرَّمْطُ مَجمع العُرْفُطِ وَنَحْوه من الشّجر كالغَيْضَة.
قلت: هَذَا تَصْحِيف، سَمِعت الْعَرَب تَقول للحَرْجةِ الملْتَفَّة من السِّدْر: غَيْضُ سِدْر، ورَهْطُ سِدْر. أَخْبرنِي الأيادي عَن شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: فَرشٌ من عُرْفُط، أَيْكَةٌ من آثل، ورَهْطٌ من عُشَر، وجَفْجَفٌ من رِمْث؛ وَهُوَ بِالْهَاءِ لَا غير، وَمن رَوَاهُ بِالْمِيم فقد صحّف.
مرط: قَالَ اللَّيْثُ: المَرْطُ: نَتفُك الرِّيشَ والشّعَر والصُّوفَ عَن الجَسد، تَقول: مَرَطْتُ شعرَه فانمرط. وَقد تمرّط الذّئبُ: إِذا سقط شعرُه وَبَقِي عَلَيْهِ شعرٌ قليلٌ، فَهُوَ أَمرط. وَرجل أمْرَطُ: لَا شعرَ على جَسَده وصدره إِلَّا قَلِيل، فَإِذا ذهب كلُّه فَهُوَ أَمْلَطُ. قَالَ: وسَهم أمرطُ: قد سقط عَنهُ

(13/233)


قُذَذه. قَالَ: وسَهم مرطٌ: لَا ريش عَلَيْهِ، والجميع أمراط، وَفِي حَدِيث عمر: أَنه قَالَ لأبي مَحْذُورةَ حِين سمع أذانَه: لقد خشيتُ أَن تَنشَقَّ مُرْبَطاؤكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المُرْبطاء ممدودة، وَهِي مَا بَين السُّرة إِلَى العانَة، وَكَانَ الْأَحْمَر يَقُول: هِيَ مَقْصُورَة، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: تُمد وتُقصر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرى المحفُوظ من هَذَا إِلَّا قولَ الْأَصْمَعِي، وَهِي كلمة لَا يتكلَّم بهَا إِلَّا بِالتَّصْغِيرِ قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَاقَة مَرَطَى: وَهِي السَّريعة. وَقَالَ اللَّيْث: المُرُوطُ: سُرْعةُ المَشْيِ والعَدْو. وَيُقَال للخيل: هن يمرُطْنَ مُرُوطاً. وفرسٌ مَرَطَى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال: المُرُوطُ: أكسِيَةٌ من صُوف أَو خَزّ كَانَ يؤتَزر بهَا، واحدُها مِرْط. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُغَلّس بِالْفَجْرِ فَيَنْصَرِف النِّسَاء مُتَلَفّعَات بمُروطهن مَا يُعرَفْن من الغَلَس.
وروى أَبُو تُرَاب عَن مُدْرِك الْجَعْفَرِي: مَرَط فلَان فُلاناً: وهَرَدَه: إِذا أَذَاهُ.
وَقَالَ شَمِر: المُرَيْطاوان: جانبا عَانة الرَّجل اللَّتَان لَا شعرَ عَلَيْهَا، وَمِنْه قيل: شَجَرَة مَرْطاء: إِذا لم يكن عَلَيْهَا ورَق قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المَرِيطُ من الْفرس مَا بَين الثُّنَّة وأمِّ القِرْدان من بَاطِن الرُّسْغ. وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: (نطل) .
نطل: قَالَ اللَّيْث: الناطِلُ: مكيالٌ يُكال بِهِ اللّبن وَنَحْوه وَجمعه النَّواطل. قَالَ: وَإِذا أنْقَعْتَ الزَّبِيبَ فأولُ مَا يُرْفَع مِن عُصارته هُوَ السُّلاف، فَإِذا صُبَّ عَلَيْهِ المَاء ثَانِيَة فَهُوَ النَّطْل. وَقَالَ ابْن مقبل يصف الْخمر:
مِمَّا تُعَتَّق فِي الدِّنان كَأَنَّهَا
بشفاه ناطِلِه ذَبِيحُ غَزَال
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّأْطَلُ يُهْمز وَلَا يُهمز: القدَح الصَّغِير الَّذِي يَرَى الخمارُ فِيهِ النُّمُوذَج. وَأنْشد قَول أبي ذُؤيب:
فَلَو أَن مَا عندَ ابنِ بُجْرَة عِنْدهَا
من الخَمْر لم تَبْلُلُ لَهاتِي بنَاطِل
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: النَّياطِلُ: مَكاييلُ الْخمر، وَاحِدهَا نَأْطَل. وَبَعْضهمْ يَقُول ناطِل، بِكَسْر الطَّاء غير مَهْمُوز وَالْأول مَهْمُوز. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: النَّيْطَل: الدَّلْو مَا كَانَ؛ فَأَنْشد:
ناهَبْتهم بِنَيْطَلٍ صَرُوف
وَقَالَ الفَرّاء: إِذا كَانَت الدَّلْو كَبِيرَة فَهِيَ النَّيْطَل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يَقُول: جَاءَ فلَان بالنِّئْطِل والضِّئبِل: وَهِي الداهية.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب يُقَال: انتطَل فلانٌ من الزِقِّ نَطلةً وامتَطلَ مطلة: إِذا اصْطَبَّ مِنْهُ

(13/234)


شَيْئا يَسِيرا. وَيُقَال: نَطَل فلانٌ نفسَه بِالْمَاءِ نَطْلاً: إِذا صبَّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء يَتَعالَج بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطْل: اللّيّن الْقَلِيل.
ط ل ف
لطف فلط طلف طِفْل: (مستعملة) .
لطف: اللَّطيفُ: اسْم من أَسمَاء الله الْعَظِيم، وَمَعْنَاهُ، وَالله أعلم: الرفيق بعباده.
عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: اللَّطيفُ: الَّذِي يُوصل إِلَيْك أَرَبك فِي رِفْق.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: لَطف فلَان لفُلَان يَلْطُف: إِذا رَفَق لُطْفاً. وَيُقَال: لَطَف الله لَك، أَي: أوْصل إِلَيْك مَا تُحِب برِفْق.
قَالَ: ولَطُف الشَّيْء يَلْطُف: إِذا صَغُر. قَالَ: وجاريةٌ لَطِيفةُ الخَصْر: إِذا كَانَت ضامرةَ البَطْن.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطَفُ: البِرُّ والتَّكْرِمة. وَأم لَطِيفَة بِوَلَدِهَا تُلْطف إلطافاً. واللَّطَفُ أَيْضا: من طُرَف التُّحَف مَا ألْطَفْتَ بِهِ أَخَاك ليَعْرف بِهِ بِرَّك. وفلانٌ لَطِيفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي: رَفِيقٌ. قَالَ: واللَّطيف من الْكَلَام: مَا غَمُض مَعْنَاهُ وخَفِي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للجمل إِذا لم يَسْتَرْشِد لطَرُوقته فَأدْخل الرَّاعي قَضِيْبَهُ فِي حَيائها قد أَخْلَطه إخْلاطاً، وألطفه إلطافاً وَهُوَ يُخْلطه ويُلْطفه. وَقد استخْلط الْجمل واسْتَلْطَف: إِذا فعل ذَلِك من تِلْقَاء نَفسه.
وَحكى ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي صاعدة الْكلابِي: يُقَال: ألطفتُ الشَّيْء بجنبي، واستلطفته: إِذا أَلْصَقته، وَهُوَ ضد جافيته عني، وَأنْشد:
سوَيْتُ بهَا مستلطفاً دونَ رَيْطَتِي
ودُونَ رِدائي الجَرْدِ ذَا شُطَبٍ عَضْبا
طِفْل: الحَرّاني عَن ابْن السِّكيت: الطَّفْلُ: البَنانُ الرَّخْصُ، يُقَال: جاريةُ طَفْلَة إِذا كَانَت رَخْصةً. والطِفْلُ والطِفْلة: الصَّغيران.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: الصَّبِيُّ يُدْعَى طِفْلاً حِين يسقُط من أمّهِ إِلَى أَن يَحْتلم، قَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ} (غَافِر: 67) ، وَقَالَ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ} (النُّور: 31) ، قَالَ: وَالْعرب تَقول: جاريةٌ طِفْلٌ وطِفْلَةٌ. وجاريتان طِفْلٌ، وجَوَارٍ طِفْلٌ وغلامٌ طِفْلٌ وَيُقَال: طِفْلٌ، وطِفْلَةٌ، وطِفْلانٌ، وأطفالُ، وطِفلتَان، وطِفْلاتٌ فِي الْقيَاس.
وَقَالَ اللَّيْث: غُلامٌ طَفْلٌ: إِذا كَانَ رَخْصَ الْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ. وَامْرَأَة طفلة البَنان رخْصَتهَا فِي بَيَاض، بيِّنةُ الطفولة. وَقد طَفُلَ طفالة أَيْضا.
قَالَ: والطِّفلُ: الصغيرُ من الْأَوْلَاد، للنّاس وَالدَّوَاب. وأَطفلت المرأةُ والظَّبْيَةُ والنَّعمُ: إِذا كَانَ مَعهَا ولد طِفْل؛ وَقَالَ لَبيد:

(13/235)


فعلاَ فُروعَ الأيْهفَانِ وأطفلتْ
بالْجَلْهَتَينِ ظباؤها ونعامُها
أَبُو عُبيد: ناقةٌ مُطفلٌ، ونوقٌ مطافلُ ومَطافيل: مَعهَا أولادُها.
وَفِي الحَدِيث: (سارَتْ قريشٌ بالعُوذ المطَافيل) ، فالعُوذ: الْإِبِل الَّتِي وضعت أَوْلَادهَا حَدِيثا. والمطافيل: الَّتِي مَعهَا أَوْلَادهَا.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
مطافيل أبكارٍ حديثٍ نتاجُها
يُشَابُ بِمَاء مثل مَاء المفاصل
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّفَلُ: طَفلُ الْغَدَاة وطَفَلُ العشيّ من لَدُن أَن تهمّ الشَّمْس بالذُّرور إِلَى أَن يستمكن الصّبْحُ من الأَرْض؛ يُقَال: طَفَلت الشمسُ، وَهِي تطفَل طفْلاً. وَقد يُقَال: طفّلت تطفيلاً: إِذا وَقع الطَفَلُ فِي الْهَوَاء وعَلى الأَرْض، وَذَلِكَ بالعَشيّ، وَأنْشد:
باكرتُهَا طفَلَ الْغَدَاة بغارةٍ
والمُبْتَغُون خِطارَ ذَاك قليلُ
وَقَالَ لَبيد:
وعَلى الأَرْض غَيايَاتُ الطَّفَل
وَقَالَ ابْن بُزُرج: يُقَال: أَتَيْته طفَلاً، أَي: مُمْسِياً وَذَلِكَ بَعْدَمَا تَدْنُو الشَّمْس للغروب. وأَتيته طَفلاً: وَذَلِكَ بعد طُلُوع الشَّمْس؛ أُخِذ من الطفْل الصَّغِير، وَأنْشد:
وَلَا مُتلافياً والشمسُ طِفلٌ
بِبَعْض نواشغ الوادِي حُمولا
قَالَ: وَقَالُوا جَارِيَة طِفلةٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة. وجاريةٌ طَفلةٌ: إِذا كَانَت رقيقةَ الْبشرَة ناعمةً.
وَيُقَال للنار ساعةَ تُقْدَح: طِفلٌ وطفلةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّفلَةُ: الجاريةُ الرَّخصة الناعمة؛ وَكَذَلِكَ البَنان الطَّفْلُ. والطِّفلةُ: الحديثة السِّنّ، والذَّكَرُ طِفْلٌ.
أَبُو عبيد: التّطفيلُ: السَّيْرُ الرويد، يُقَال: طفّلتُهَا تطفيلاً: يَعْنِي الْإِبِل. وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَعهَا أَوْلَادهَا فَرَفَقْتَ بهَا ليَلْحَقها أولادُها. وأطفالُ الْحَوَائِج: صغارُها، وَاحِدهَا طِفْل، وَقَالَ زُهير:
لأرتحلَنْ بالفَجْر ثمَّ لأدأَبَنْ
إِلَى اللَّيْل إلاّ أَن يُعَرِّجَنِي طِفْلُ
يَعْنِي حَاجَة يسيرَة، مثل قَدْح نارٍ، أَو نزولٍ لبولٍ، وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: فِي قَوْلهم فلانٌ طُفَيلِيّ للَّذي يدْخل المآدبَ وَلم يُدْع إِلَيْهَا هُوَ منسوبٌ إِلَى طُفيل، رجل من بني عبد الله ابْن غَطفَان من أهل الْكُوفَة، وَكَانَ يَأْتِي الولائمَ دون أَن يُدْعَى إِلَيْهَا، وَكَانَ يُقَال لَهُ: طُفيل الأعراس أَو العرائس، وَكَانَ يَقُول: ودِدْتُ أنَّ الْكُوفَة بِرْكَةٌ مُصَهْرَجة فَلَا يخفى عليّ مِنْهَا شَيْء.
قَالَ: وَالْعرب تسمي الطُّفَيلِيَّ: الرّاشِنَ والوارِش.
وَقَالَ اللَّيْث: التّطفيلُ من كَلَام أهل الْعرَاق، وَيُقَال: هُوَ يتطفّل فِي الأعراس.

(13/236)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: الطفيليُّ هُوَ الَّذِي يدْخل على الْقَوْم من غير أَن يَدعُوهُ، مأخوذٌ من الطِّفْل، وَهُوَ إقبال اللَّيْل على النَّهَار بظلمته.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطفلُ: الظلمَة بِعَينهَا، وَأنْشد لِابْنِ هَرمة:
وَقد عراني من فَوق الدُّجى طِفْل
يُرِيد أَنه يُظلم عَلَى الْقَوْم أمره، فَلَا يَدْرُونَ من دَعَاهُ، وَلَا كَيفَ دخل عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نُسب إِلَى طفيل بن زَلاّل، رجل من أهل الْكُوفَة.
وَقَالَ غَيره: ريحٌ طِفْلٌ: إِذا كَانَت ليّنة الهبوب. وعُشْبٌ طِفل: لم يَطُلْ. وطَفْلٌ، أَي: ناعم.
فلط: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: صادفه، وفارطه، وفالطه، ولاوطه كلُّه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا روى ابْن هانىء عَنهُ: أفلطني فلانٌ لُغَة تميمية فِي أفلتني. ورُفع إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز رجلٌ قَالَ لآخر فِي يتيمة كفلها: إِنَّك تبوكها، فَأمر بحده، فَقَالَ: أفأضرب فلاطاً.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِلاط: الفَجْأَة، وَهِي لُغَة هُذَيْل، يَقُولُونَ فلاطاً.
وَقَالَ المُتَنَخّل الهُذَليّ:
أفْلَطها الليلُ بعيرٍ فتَسْ
عَى ثوبُهَا مُجْتَنِبُ المعدِلِ
طلف: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: ذهب دَمُه طَلْفاً وظَلفاً، أَي: هدرا، سَمعه بِالطَّاءِ والظاء. وَقَالَ غَيره: الطليف والطلف المجَّان.
وروى أَبُو تُرَاب عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: لَا تذهبْ بِمَا صنعتَ طلفاً وَلَا ظلفاً، أَي: بَاطِلا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أسلفتُه كَذَا، أَي: أقرضتُه. وأطلفْتُه كَذَا، أَي: وهبته.
ط ل ب
طلب طبل لبط بلط بَطل: مستعملة.
طلب: قَالَ اللَّيْث: الطلَبُ: محاولةُ وِجدانِ الشَّيْء وأخذِه. والطِّلْبَةُ: مَا كَانَ لَك عِنْد آخر من حقّ تطالبه بِهِ. والمُطَالَبَةُ: أَن تُطالب إنْسَانا بِحَق لَك عِنْده، وَلَا تزَال تطالبُه وتتقاضاه بذلك. والغالبُ فِي بَاب الْهوى: الطِّلابُ. والتّطَلُّبُ: طلب فِي مهلة من مَوَاضِع.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: أطليتُ الرجل: أعطيتُه مَا طلَب. وأطلبته: ألجأته إِلَى أَن يطْلب إليّ قَالَ ذُو الرُّمة:
أضلّه رَاعياً كلْبِيَّةً صَدَرَا
عَن مُطْلَبٍ قارِبٍ وُرّادُه عُصَب
يَقُول: بَعُد المَاء عَنْهُم حَتَّى ألجأهم إِلَى طلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: كلأٌ مُطْلِبٌ بعيد الْمطلب.

(13/237)


وَقد أطلب الْكلأ: تباعَد وَطَلَبه الْقَوْم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلَبَة: الْجَمَاعَة من النَّاس. والطُّلْبَة: السَّفْرة الْبَعِيدَة. وطَلِب: إِذا اتّبع وطَلِب: إِذا تبَاعد.
وَقَالَ غَيره: بئْرٌ طلُوب: بعيدَة المَاء، وآبارٌ طُلُب: والمطلِّبُ: اسمٌ أَصله مُتَطلب، فأُدغمت التّاء فِي الطَّاء وشدّدت فَقيل: مطَّلب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ماءٌ قاصدٌ كلؤه: قريب. وَمَاء مُطْلِبٌ كلؤه بعيد.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
عالجتُها طُلباً هُنَاكَ نزاحَا
ومطلُوب: اسْم بلد. وَيُقَال: طَالب وطلَبَ، كَمَا يُقَال: خادِم وخَدَم.
بلط: شَمِرَ: البَلاَطُ: الأرضُ، وَمِنْه يُقَال: بالطناهم، أَي: نازلناهم بِالْأَرْضِ، وَقَالَ رُؤبة:
لَو أحلبَتْ حلائبُ الفُسطاط
عَلَيْهِ ألقاهُنّ بالبَلاَط
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: البلاطُ: الْحِجَارَة المفروشة، يُقَال: دارٌ مُبَلّطةٌ بآجُرّ أَو حِجَارَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بلَطَنا الدّار فَهِيَ مبلوطةٌ: إِذا فرشتها بآجُرّ أَو حِجَارَة. قَالَ: والبَلُّوط: ثمرُ شجرٍ يُؤْكَل ويُدبغ بقشره.
قَالَ: والتّبليط عراقيَّة: وَهُوَ أَن يضْرب فَرْع أُذن الْإِنْسَان بِطرف سَبّابته ضربا يوجعه، تَقول: بلّطتُ أُذُنه تبليطاً. قَالَ: وأبلَط المطرُ الأَرْض: إِذا أصَاب بلاطها، وَهُوَ أَن لَا ترى عَلَى مشيها تُرَابا وَلَا غباراً، وَقَالَ رؤبة:
يَأوي إِلَى بَلاطِ جَوْفٍ مُبْلَط
قَالَ: وبلاط الأَرْض: مُنْتَهى الصُّلب من غير جَمع، يُقَال: لَزم فلَان بلاطَ الأَرْض.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: أُبلط الرّجل فَهُوَ مُبْلَط.
وَقَالَ أَبُو زيد: أبْلط فَهُوَ مُبْلط: إِذا قل مالُه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أبلَط: إِذا أفلس. فلَزِق بالبَلاَط.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نزلتُ على عَمْرو بن دَرْمَاءَ بلطةً
فيا كُرْم مَا جَار وَيَا كُرْمَ مَا مَحَلّ
قَالَ: أَرَادَ فيا أكرمَ جَار، على التَّعَجُّب وَاخْتلف النَّاس فِي (بلطة) فَقَالَ بَعضهم: يُرِيد بِهِ حللت على عَمْرو بن درماء بُلطةً، أَي: بُرْهةً ودهراً.
وَقَالَ آخَرُونَ: بلطه أَرَادَ أنّ دَاره مبلطةٌ مفروشة بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَال لَهَا البلاط.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة، أَي: مُفْلساً.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة: قَرْيَة فِي جَبَلي طَيء كَثِيرَة التِّين والعِنب.
وَقَالَ الْفراء: أبلطني فلَان إبلاطاً. وأحجاني إحجاءً: إِذا ألح عَلَيْك حَتَّى

(13/238)


يُبْرِمَك ويُمِلِّك.
وَقَالَ اللَّحياني: أبلطه اللِّصُّ إبلاطاً: إِذا لم يَدَعْ لَهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المبالَطة: المجاهدةُ. نزلَ فبالطْه، أَي: جاهده وَفُلَان مبالِطٌ لَك، أَي: مُجْتَهد فِي صَلَاح شَأْنك، وَأنْشد:
فَهْو لَهُنْ حَابلٌ وفارطُ
أَن وَرَدَتْ وَمَا دِرٌّ ولاَ بَطُ
لحوضها وماتح مُبالِطُ
وَيُقَال: تبالَطُوا بِالسُّيُوفِ: إِذا تجالدوا بهَا على أَرجُلهم، وَلَا يُقَال: تبالطوا إِذا كَانُوا رُكباناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُلُطُ: الفارُّون من الْعَسْكَر، والبُلْطُ: المُجَّان، والمُتَخرِّفون من الصُّوفِيَّة، قَالَ: والبَلْطُ: تطبينُ الطاية، وَهِي السّطح إِذا كَانَ لَهَا سُميط، وَهِي الْحَائِط الصَّغِيرَة.
لبط: قَالَ اللَّيْث: لَبَط فلَان بفلان الأرضَ لَبْطاً: إِذا صَرَعَهُ صَرْعاً عنيفاً. ولُبط بفلان: إِذا صُرِع من عيْن أَو حُمَّى. وَفِي الحَدِيث: أَن عَامر بن أبي ربيعَة رأى سَهْل بن حُنيف يغْتَسل فعانه فلُبِط بِهِ حَتَّى مَا يَعقل؛ وَكَانَ قَالَ حينَ رَآهُ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأةٍ، فَأمر النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامر بن أبي ربيعَة العائن حَتَّى غَسَل لَهُ أعضاءه، وجَمع الماءَ ثمَّ صَبّ على رَأس سهل فراح مَعَ الرَّكب. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لُبِط بِهِ: يَعْنِي صُرع، يُقَال: لبِط بِالرجلِ يُلْبَط لَبْطاً: إِذا سَقط، وَمِنْه حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خرج وقريشٌ مَلْبُوطٌ بهم) ، يَعْنِي أَنهم سُقوط بَين يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ لُبِجَ بِهِ بِالْجِيم مثل: لُبِط سَواء. وسُئل النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشُّهَدَاء فَقَالَ: (أُولَئِكَ يَتلبّطُون فِي الغُرَف العُلَل من الْجنَّة فِي النّعيم) ، أَي: يتمرّغون ويَضْطَجعون. وَيُقَال: يتصرّعون. وَيُقَال: فلَان يتَلبّط فِي النَّعيم، أَي: يتمرغ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: اللَّبَطةُ والكَلطَةُ: عَدْوُ الأَقْزَل: ثَعْلَب عَن الْفراء قَالَ: اللَّبَطةُ: أَن يَضرب البعيرُ بيدَيْهِ، وَفِي الحَدِيث: أَن عَائِشَة كَانَت تضرب الْيَتِيم حَتَّى يَتَلَبّط، أَي: يَتصرعُ مُسبِطاً على الأَرْض، أَي: ممتداً. والْتَبَطَ البعيرُ يَلْتبط التباطاً: إِذا عدا فِي وَثْب. وَقَالَ الرّاجز:
مَا زلتُ أسعَى مَعَهم وأَلْتَبِطْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّبْطُ: التَّقلُّب فِي الرياض، وَفِي حَدِيث مَاعِز: أَنه ليتلبَّط فِي رياض الْجنَّة بَعْدَمَا رُجم، أَي: يتمرّغ فِيهَا. قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ بَعْدَمَا رجم.
بَطل: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: بَطَلٌ بَيِّنُ البَطالة والبُطولة. وبطّالٌ بيِّنُ البِطَالة.
شَمِر: بَطّالٌ بينَ البَطالة والبِطالة. وبَطُلَ البَطالة. وبَطَل الأجِيرُ يَبْطُل بِطَالة. وَفِي الْبَاطِل أَيْضا: بطَل الشيءُ يبطل بطالة.

(13/239)


قَالَ: وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: إنّما سُمّيَ البَطَلُ بطلاً لِأَنَّهُ يُبْطل العظائمَ بسيْفه فيُبَهْرِجها. وَقَالَ غَيره: سُمِّيَ: بطلاً لِأَن الْأَشِدَّاء يَبْطلون عِنْده. وَيُقَال: الدِّماءُ تَبْطُل عِنْده، فَلَا يُدرك عِنْده ثأر. وَقَالَ: البَطَلَة: السَّحَرة، وَجَاء فِي الحَدِيث: (وَلَا تستطيعه البَطَلة) .
اللَّيْث: أبطلتُ الشَّيءَ جعلتُه بَاطِلا. وأبْطَل فلَان: جَاءَ بكذب وادْعَى بَاطِلا. والتَّبَطُّلُ: فعلُ البَطالة، وَهُوَ اتِّبَاع اللَّهْو والجهالة. وبَطَل الشيءُ بُطْلاً فَهُوَ بَاطِل، وَجمع البَطل أبطال وجمعُ الْبَاطِل بواطل وأباطيل جمع أبطولة.
طبل: قَالَ اللَّيْث: الطَّبْلُ معروفٌ، وفعلُه التَّطبيل، وحِرْفتُه الطِّبَالة. وَيجوز: طَبَل يَطْبُل، وَهُوَ ذُو الْوَجْه الْوَاحِد والوجهين.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الطَّبْلُ: الرَّبْعة للطِّيب. والطَّبْلُ: سَلّةُ الطَّعَام والطَّبْلُ: ثيابٌ عَلَيْهَا صُورةُ الطَّبْل تسمَّى الطَّبْليَّة. وَيُقَال لَهَا: أرِيَه الطَّبْل، تُحمل من مصر، وَقَالَ أَبو النَّجم:
مِن ذِكر أيامٍ ورَسمِ ضاحِي
كالطَّبل فِي مُخْتَلَف الرِّياحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطَّبْلُ: الخَزَاجُ، وَمِنْه قَوْلهم: فلانٌ يُحِب الطَّبْليَّة، أَي: يُحبّ دراهمَ الخَراج بِلَا تَعبٍ.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: مَا أَدْرِي أيُّ الطَّبْل هُوَ؟ وأيُّ الطَّبْنِ هُوَ؟ مَعْنَاهُ: مَا أَدْرِي أيُّ النَّاس هُوَ وَقَالَ الراجز:
سَتَعْلَمُونَ مَن خيارُ الطَّبْل
سَلمَة عَن الفَرّاء: الطُّوبالة: النعجة، وَأنْشد لطرفة:
نَعَانِي حَنَانة طُوبالةً
تَسُف يبيساً من العِشْرِق
نصب طوبالة على الذَّم لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعنِي طوبالة.
ط ل م
طلم طمل مطل ملط لطم لمط: مستعملات.
طلم: فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمّا مَرّ بِرَجُل يعالج طلْمَةً وَقد عَرق من حَرّ النَّار، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَا تَطعمه النَّار بعْدهَا) .
قَالَ شَمِر: الطلمةُ: الخبْزَةُ. قَالَ: وَمثل للْعَرَب: أَن دُونَ الطُّلمة خَرْط قَتاد هَوْبَر. قَالَ: وهَوْبَر: مَكَان. وَأنْشد شمر:
تكَلفْ مَا بدا لَك غير طُلْمٍ
فَفِيمَا دُونَه خَرْطُ الْقَتادِ
والطُّلمُ: جمعُ الطلْمة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي الطلمة مثلُه. قَالَ: والتطليمُ: ضربُك الخُبزة.
وَقَالَ حسان:
يُطلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النِّساء
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلاَمُ: التَنُّومُ، وَهُوَ حب الشاهْدانج، قَالَ: والطَّلَمُ:

(13/240)


وسَخ الْأَسْنَان من ترك السِّواك.
لمط: أهمله اللَّيْث.
وروَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّمْطُ: الاضطرابُ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: التمَط فلانٌ بحقِّي الْتماطاً: إِذا ذهب بِهِ.
لطم: الليثُ: اللطْمُ: ضَربُ الخدِّ وصفحاتِ الجَسد ببَسْط اليَد، والفِعلُ لَطَم يَلْطم لطْماً. قَالَ: واللَّطِيمُ بِلَا فِعْل من الْخَيل الَّذِي يَأْخُذ خَدّيه بَيَاض.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا رجعت غَرّةُ الفَرس فِي أحد شِقّي وَجهه إِلَى أحد الْخدّين فَهُوَ لَطِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشدهُ لِعاهان بن كَعْب بن عَمْرو بن سعْد:
إِذا اصْطَكّت بضَيْق حُجْرتاها
تلاقِي العَسْجَدِية واللَّطيم
قَالَ: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل كريم يُقَال لَهُ عَسْجَدِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْأَصْمَعِي: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبة إِلَى سُوقٍ يكون فِيهَا العَسْجَد وَهُوَ الذَّهَب.
قَالَ: واللَّطِيمُ منسوبٌ إِلَى سوقٍ يكون أكثرُ بَزها اللَّطِيم، وَهُوَ جمعُ اللطيمة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطيمُ: الفصيلُ إِذا قوي على الرُّكوب لُطم خدُّه عِنْد عين الشَّمْس.
ثمَّ يُقَال: أغْرُبْ فَيصير ذَلِك الفصِيل مؤدَّباً، ويُسَمَّى لطيماً.
قَالَ: واللطيمةُ والزَّوْمَلة: العِيرُ عَلَيْهَا أحمالها.
قَالَ: وَيُقَال لِلْإِبِلِ: اللطيمةُ والعِيرُ والزّوْملة وَهِي العِير كَانَ عَلَيْهَا حِمل أَو لم يكن، وَلَا تُسمَّى لطيمةً وَلَا زَوْملةً، حَتَّى يكون عَلَيْهَا أحمالها.
وَقَالَ اللَّيْث: اللطيمةُ: سوقٌ فِيهَا أوْعيَةٌ من العِطْر وَنَحْوه من الْبياعَات.
وَأنْشد:
يطوف بهَا وسْطَ اللطِيمة بائعُ
وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمة:
لَطائم المِسْك يحوِيها وتنتهب
يَعْنِي أوعية المِسْك.
قَالَ: وكلُّ سوقٍ يُحمل إِلَيْهَا غيرُ الْميرَة فَهِيَ اللطيمة من حُرّ الْبياعَات غير مَا يُؤْكَل والميرةُ لما يُؤْكَل.
وَقَالَ أَبُو سعيد: اللطيمةُ: العَنْبرةُ الَّتِي لُطمت بالمسك فَفُتقت بِهِ حَتَّى نَشِبت رائحتُها وَهِي اللطمِيَّة.
وَمِنْه قولُ أبي ذُؤيب:
كأنّ عَلَيْهَا بالةً لطميّةً
لَهَا من خلال الدَّأْيتيْن أريجُ
وَقَالَ: أَرَادَ بالبال الرائحةَ والشمّة، مَأْخُوذَة، من بلوته، أَي: شممتَه، وَأَصلهَا بَلوة، فَقدم الْوَاو وصيّرها ألفا، كَقَوْلِهِم: قاع وَقعا.

(13/241)


قَالَ: واللطِيمةُ فِي قَول النَّابِغَة: السُّوق، سُمّيت لَطيمةً لتصافق الْأَيْدِي فِيهَا.
قَالَ: وَأما لطائم الْمسك فِي قَول ذِي الرمة: فَهِيَ الغوالي المُعنبرة، وَلَا تُسمى لطيمة حَتَّى تكون مخلوطة بغَيْرهَا.
وَقيل: اللطْمُ: الإلصاق، يُقَال: لطمْت الشَّيْء بالشَّيْء: إِذا ألزقته. وَمِنْه لطمُ الْوَجْه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
كَأَن مَا بَين جَنْبَيْهِ ومنكبه
من جوزه ومَقط القُنب ملطوم
بتُرس أعجَم لم تنخَر مناقبه
مِمَّا تخيَّرُ فِي أوطانها الرّوم
أَي: ألصق بِهِ ترس هَذِه صفته.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الْعَرَب من يَقُول فِي اضطَموا: إلطموا، يجْعَلُونَ الضَّاد لاماً، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: اضجع والتطجع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اللطيمةُ: عيرٌ فِيهَا طيب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللطيمة الَّتِي تحمل بزَّ التُّجَّار والطِّيب، والعَسْجَدِية: رِكابُ الْمُلُوك الَّتِي تحمل الدِّق، والدقُ: الكثيرُ الثّمن، وَلَيْسَ بجافٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: سُوق فِيهَا بَزٌ وطِيب.
وَيُقَال: أعظم لطيمة ومسك.
قَالَ ابْن حبيب: المَلاطمُ: الخدود. وَاحِدهَا مِلْطم.
وَأنْشد:
خَصِمون نَفاعون بِيضُ المَلاطم
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطْمُ: إنضاجُ الخبزة.
سَلمة عَن الْفراء: اللطِيمة: سوقُ العطارين، واللطِيمةُ: العيرِ تحمل البَزّ والطِّيب.
ملط: قَالَ اللّيث: الأَمْلطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا شَعر على جسده كلّه إلاّ الرَّأْس واللّحية؛ والفعلُ مَلِط مَلَطاً ومُلْطةً. وَكَانَ الأحنفُ بن قيس أَمْلَط. والمَلِطُ: السَّخْلة. قَالَ: والمِلْطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا يُرفع لَهُ شَيْء إِلَّا ألْمَأ عَلَيْهِ فذهبَ بِهِ سَرِقةً واستحلالاً؛ والجميع المُلُوطُ والأملاطُ؛ يُقَال: هَذَا مِلْطٌ من المُلوط. والفِعْلُ مَلَط مُلوطاً.
قَالَ الأصمعيّ: قَوْلهم فلَان مِلْطٌ، المِلْطُ: الَّذِي لَا يُعرف لَهُ نَسبٌ وَلَا أبٌ، من قَوْلك: أملط ريش الطَّائِر: إِذا سقط عَنهُ. قَالَ: والمَليط: الجَدْي أوّل مَا تضعه العنز، وَكَذَلِكَ من الضَّأْن. وسَهْمٌ أَمْلط وأنزط: لَا ريش عَلَيْهِ. وَيُقَال: أمْلطت النَّاقة وأمْلَصت: إِذا أَلْقَت وَلَدهَا، فَهِيَ مملاط ومملاص، والولدُ مليط ومميص.
والمَلاّطُ: الَّذِي يَملُط الطين، يُقَال: مَلَطت مَلَطاً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِلاَط هُوَ الطين الَّذِي يُجعل بَين سافَي البِناء.

(13/242)


وَقَالَ اللَّيْث: المِلاَطان: جانِبَا السَّنام مِمَّا يَلِي مُقَدّمه. وَقَالَ غَيره: المِلاَطان: الجنبان، سُمّيَا بذلك لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا قد مُلط اللّحم عَنْهُمَا مَلْطاً، أَي: نُزع. وابْنَا مِلاط: العَضُدان، لِأَنَّهُمَا يَليان الجنبيْن، وجمعُ المِلاط مُلُط. وَقَالَ القَطِرانُ السَّعدِيّ:
وجَوْن أعانته الضُّلوع بزَفْرةٍ
إِلَى مُلُطٍ بَانَتْ وَبَان خَصِيلُها
يَقُول: بَان مِرفقاها عَن جنبِها فَلَيْسَ بهَا حازٌّ وَلَا ناكت. وَقيل للعَضُد مِلاط، لِأَنَّهُ سُمّيَ باسم الجَنْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ابْنَا مِلاط: العَضُدان، وَقَالَ الرّاجز يصف بَعِيرًا:
كِلاَ مِلاطَيْه إِذا تَعطّفَا
بانا فَمَا رَاعى برَاع أَجْوَفا
فالمِلاطان هَهُنَا العَضُدان لِأَنَّهُمَا المايران، كَمَا قَالَ الراجز:
عَوْجاء فِيهَا مَيَل غيرُ حَرَدْ
تُقَطّع العِيسَ إِذا طَال النّجُدْ
كِلاَ مِلاطيْها عَن الزَّوْر أَبَدْوقال النَّضر: المِلاطان مَا عَن يَمِين الكِركِرة وشمالها. وابنا مِلاطَي البَعير: هما العَضُدان.
أَبُو عبيد عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ: المِلْطى مَقْصُور، وَيُقَال الملطاة بِالْهَاءِ: القِشرَة الرقيقة الَّتِي بَين عَظْم الرَّأْس ولحمه.
وَقَالَ شمر: يُقَال: شَجّه حَتَّى رَأَيْت الملطى، وشَجّةُ المِلْطى مَقْصُور.
وَقَالَ اللَّيْث: تقديرُ الملطاء أَنه مَمْدُود مذكَّر وَهُوَ بِوَزْن الحرْباء.
وشمر عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه ذكر الشّجاج، فَلَمَّا ذَكر الباضعة قَالَ: ثمَّ المُلْطئة وَهِي الَّتِي تخرق اللَّحْم حَتَّى تَدْنُو من الْعظم. قَالَ: وَغَيره يَقُول: الملطَى.
قلت: وَقَول ابْن الأعرابيّ يدل على أَن الْمِيم من الملطى ميمُ مِفْعل، وَأَنَّهَا لَيست بأصلية كَأَنَّهَا من لَطَيْتُ بالشَّيْء: إِذا لَصِقَت بِهِ. وَيُقَال: مالَط فلانٌ فلَانا إِذا قَالَ: هَذَا نصف بَيت، وأتمّه الآخر بَيْتا. يُقَال: مَلّط لَهُ تمليطاً.
وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن الْأَصْمَعِي: بِعتهُ المَلَسَى والمَلَطَى، وَهُوَ البَيْع بِلَا عُهدة.
طمل: قَالَ اللَّيْث: الطِّمْلُ: الرجل الفاحشُ الْبَذِيء، الَّذِي لَا يُبالي مَا أَتَى وَمَا قيل لَهُ: وَأَنه لَمِلْطٌ طملٌ، والجميع طُمول.
وَقَالَ لبيد:
أطاعُوا فِي الغَواية كلُّ طِمْل
يَجُرّ المُخْزِيات وَلَا يُبَالِي
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطِّمْل: اللص.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطِّمْلُ: الذِّئْب. والطملُ: المَاء الكَدِر. والطملُ: الثَّوْب الَّذِي أُشبِع صَبغه. والطملُ: النَّصيب. وانْطمل فلانٌ: إِذا شَارك اللُّصُوص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السهمُ

(13/243)


الطَّمِيلُ والمطمول: المُلَطَّخُ بِالدَّمِ.
وَقَالَ: المُطْمَل: الملطوخ بقيح أَو دَمِ أَو غير ذَلِك، وَقَالَ:
فَكيف أبيتُ الليلَ وابنةُ مالكٍ
بزينتها لمّا يُقَطَّعْ طَمِيلُها
يَقُول أَبوهَا مَالك ثَأْرِي، أَي: قتل لي حميماً وَأَنا أطلبه بدمه فَيَقُول: كَيفَ يأخذني النّوم وَلم تُسْبَ هِيَ وَلم يُؤْخَذ أَبوهَا، وَلم يُقطّع قِلادتها وَهِي طميلها.
وَإِنَّمَا سُمّيت القِلادة طميلاً لِأَنَّهَا تُطمل بالطِّيب، أَي: تُلطّخ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: صَار المارد كَلَّة وطملة وتُرْمُطة، كلُّه الطينُ الرَّقِيق قَالَ: والطملُ: السَّيْرُ العنيف، يُقَال: طَمَلت الْإِبِل أطمُلها طَمْلاً، وَكَذَلِكَ القروح.
سَلمَة عَن الفرّاء: الطِّملالُ: اللص. والطملالُ: الذؤب.
مطل: قَالَ الليثُ: المَطْلُ: مدافعتُك الدَّين، يُقَال: ماطلني بحقي ومطلني بحقي، وَهُوَ مطُول ومطّال.
وَفِي الحَدِيث: (مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلم) قَالَ: والمطل أَيْضا مَدُّ المطال حديدةَ البَيْضة الَّتِي تُذاب للسيوف، ثمَّ تحمى وتُضرب، وتمد وتُربَّع، يُقَال: مطلها المطال ثمَّ طبَعها بعد المطل فيجعلها صفيحة. والمطيلةُ: اسمُ الحديدة الَّتِي تُمطَل من البَيْضة وَمن الزَّندة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المطلُ: الطُّول.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الممطُول: الْمَضْرُوب طولا.
قلت: أَرَادَ الْحَدِيد أَو السَّيْف الَّذِي ضُرب طولا كَمَا ذكره اللَّيْث. والمطْلُ فِي الْحق مأخوذٌ مِنْهُ، وَهُوَ تَطْوِيل العِدَة الَّتِي يضْربهَا الْغَرِيم للطَّالِب.
والماطِلِيّةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل، وَقَالَ أَبُو وَجْزة السَّعديُّ:
كفَحل الهِجان الماطلِيِّ المُرَفّلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِمْطَلُ: اللص. والممطل: مِيقَعةُ الْحداد. المطمل: الذِّئْب والمطمل: مكتب ثِيَاب العرائس بِالذَّهَب، انْتهى.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن ف
طنف طفن نطف نفط فطن: مستعملات.
طنف: ابْن شُمَيْل: يُقَال: طنّف فلَان للظِّنّة، أَي: قارف لَهَا، يُقَال: طنَّف لِلْأَمْرِ فاعلوه.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّنفُ: نفس التُّهْمَة، يُقَال: رجل مُطنَّف، أَي: مُتهم. وطنّفته، أَي: اتهمته. وفلانٌ يطنّف بِهَذِهِ السّرقَة. وَإنَّهُ لطَنفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي مُتهم.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطُّنُفُ:

(13/244)


(السيور) وَأنْشد قَول الأفوه الأودي:
كَأَن أطرافها لما اجتَلى الطَّنفُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطُّنفُ: شاخصٌ يخرج من الْجَبَل فيتقدم كَأَنَّهُ جَناح.
قلت: وَمن هَذَا يُقَال: طنَّف فلانٌ جَدار جَاره وجِدار دَاره: إِذا فَوْقه شَجرا أَو شوكاً يَصفُ تسلّقه لمجاوزة أَطْرَاف العيدان المشوِّكة رَأسه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للجناح يُشْرع فَوق بَاب الدَّار. طنف أَيْضا، شبّه بطنف الْجَبَل.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف خَلِيّة عَسَل فِي طُنف الْجَبَل:
فَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ يأوي مليكُها
إِلَى طُنُف أعيَا بِراقٍ ونازلِ
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّنَف والطُّنُف جَمِيعًا: السَّقيفة تُشرَع فَوق بَاب الدَّار، وَهِي الكُنّة وَجَمعهَا الكنَّات.
طفن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطَّفْنُ: الْحَبْس، يُقَال: خَلِّ عَن ذَلِك المَطْفُون.
قَالَ: والطَّفَانينُ: الحَبْسُ والتَّخَلُّف.
وَقَالَ المُفَضَّل: الطَّفْنُ: الموتُ، يُقَال: طَفَن إِذا مَاتَ، وَأنْشد:
ألْقى رُحَى الزَّوْر عَلَيْهِ فطَحَنْ
قَذْفاً وفَرثاً تحتَه حَتَّى طَفَنَ
اللّيث: الطَّفَانِيَةُ: نَعتُ سوء فِي الرجل وَالْمَرْأَة.
نفط: أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح وَالْكسَائِيّ: نزب الظبي نزيباً، ونفطَ يَنْفِظُ نفيطاً: إِذا صوّت.
أَبُو عبيد من أمثالهم: مَا لَه عافِطة وَلَا نافِطة، فالعاطفة: من دُبُرها، والنافطة: من أنفها.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ عافطة وَلَا نافطة، فالعافطة: الضائنة، والنافطة: الماعزة.
قَالَ: وَقَالَ غَيره من الْأَعْرَاب: العافطة: الماعزة إِذا عَطِسَت.
وَقَالَ اللَّيْث عَن أبي الدُّقيش: العافطةُ: النعجةُ، والنّافطةُ: العنز.
وَقَالَ غَيره: العافطةُ: الأمَة، والنافطة: الشَّاة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَفْطُ: الحُصَاص للشاة والنّفْطُ: عُطاسُها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا كَانَ بَين الْجلد وَاللَّحم ماءٌ قيل: نَفِطت تَنْفَط نَفَطاً ونَفِيطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَغْوَةٌ نافِطةٌ: ذاتُ نَفّاطاتٍ، وَأنْشد:
وحَلَبٌ فِيهِ رُغاً نَوافِطُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفْطَةُ: بَثْرةٌ تخرج فِي اليَدِ من الْعَمَل ملأى مَاء.

(13/245)


قَالَ: والنَّفْط والنِّفْط لُغَتَانِ: حلابة جبل فِي قَعْر بِئْر توقد بِهِ النَّار.
والنَّفاطات: ضَرْبٌ من السُّرَج يُستصبَح بهَا.
قَالَ: والنّفاطات: أدَوَاتٌ تعْمل من النّحاس يُرمى فِيهَا بالنّفط وَالنَّار. والنّفاطةُ أَيْضا: الْموضع الَّذِي يُستخرج مِنْهُ النفط.
فطن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: رجل فَطِنٌ بيِّنُ الفِطنة والفَطَن وَقد فَطَن لهَذَا يَفْطُن فِطنةً، فَهُوَ فاطنٌ لَهُ. فَأَما الفَطِنُ فذُو فِطْنة للأشياء، وَلَا يمْتَنع كلُّ فعلٍ من النُّعوت من أَن يُقَال: قد فَعُل وفَطُن، أَي: صَار فَطِناً إلاّ الْقَلِيل.
قَالَ: وفطّنْتُه لهَذَا الْأَمر تفطِيناً.
وَقَالَ اللحياني: رجلٌ فَطِن وفَطُن وفَطُون وفَطونة وفَطين.
قَالَ: وَيُقَال: فَطِنْتُ لَهُ وَبِه وَإِلَيْهِ فِطْنَةً وفَطانةً وفِطانة؛ وَيُقَال: لَيْسَ لَهُ فُطْنٌ، أَي: فِطْنَة.
نطف: أَبُو زيد: النَّطْفُ: الرّجُل المُريب.
سَلمَة عَن الْفراء: النَّطْف والوَحْرُ: العَيْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون وَحِرُون نجسون كفّار.
اللَّيْث: النّطْفُ: التَّلَطُّخ بالعَيب، وَقَالَ الْكُمَيْت:
فدع مَا لَيْسَ مِنْك ولسْتَ مِنْهُ
هما رِدْفَين من نَطَف قريبُ
قَالَ: (ردفين) على أَنَّهُمَا اجْتمعَا عَلَيْهِ مترادفين فنصَبهما على الْحَال. وَفُلَان يُنطف بِسوء أَي يلطخ. وَفُلَان يُنْطف بفجور، أَي: يُقذف بِهِ.
قَالَ: والنَّطْف: عَقْرُ الجُرح، يُقَال: أنطَف الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَعِيرُ: النَّطْفُ: الَّذِي قد أشرفَتْ دَبَرتُه على الجَوْف، يُقَال: نَطف نَطفاً، وَكَذَلِكَ الَّذِي أشرفت شَجّته على الدِّمَاغ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: النَّطَفُ: الفُرْطة، الْوَاحِدَة نَطفة.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّطف: اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة نَطفة، وَهِي الصافية اللّون.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للواحدة نُطفة وَجَمعهَا نطف، شُبّهت بقطرة المَاء. ووَصِيفة مُنَطَّفة، أَي: مُقَرَّطة بتُومَتَى قُرْط. وَلَيْلَة نطوف: تمطر حَتَّى الصَّباح.
وَقَالَ العجاج:
كأنّ ذَا فَدّامةٍ مُنطَفَّا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يَسْعى بهَا ذُو زجاجات لَهُ نُطَفٌ
مُقلَّص أسفلَ السِّربال مُعْتَمِل
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: يُقَال فِي القِربة نُطفةٌ من مَاء مثلُ الجُرْعة. قَالَ: وَلَا فعل للنُّطفة.

(13/246)


قلت: وَالْعرب تَقول للمويهة القليلة: نُطفة، وللماء الْكثير نُطفة. وَرَأَيْت أعرابيّاً شَرب من رَكِيّة يُقَال لَهَا: شَفِيّة، وَكَانَت غزيرةَ المَاء فَقَالَ: وَالله إِنَّهَا لنطفة بَارِدَة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة فَجعل الْخمر نُطفةً:
تَقطع ماءِ المُزْن فِي نُطفِ الخمرِ
وسَمّى الله جلّ وعزّ المَنِيَّ نُطْفَة فَقَالَ: {سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ} (الْقِيَامَة: 37) .
وَرُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يزالُ الْإِسْلَام يزِيد وأهلُه حتّى يسيرَ الرَّاكِب بَين النُّطفتيْن لَا يخْشَى إِلَّا جوراً) .
أَرَادَ بالنطفتين: بحرَ المَشْرِق وبحرَ الْمغرب؛ فأمّا بَحر الْمشرق فَإِنَّهُ يَنْقَطِع عِنْد نواحي الْبَصْرَة، وَأما بَحر الْمغرب فمنقطعه عِنْد القُلْزم.
وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بالنطفتين ماءَ الفُرات وَمَاء الْبَحْر الَّذِي يَلِي جُدّة وَمَا والاها؛ فَكَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن الرجل يسير فِي أَرض الْعَرَب بَين مَاء الْفُرَات وَمَاء الْبَحْر لَا يخَاف فِي طَرِيقه غير الضلال والجَوْر عَن الطَّرِيق.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَطف فلَان يَنطف نَطفاً: إِذا بَشِم. والنّطفُ: القَطز، يُقَال: نَطف الماءُ يَنْطفُ نَطفاً ونَطفاناً: إِذا قَطر، وَمن هَذَا قيل للقُبَيْط ناطف؛ لِأَنَّهُ يَنْطف قبل استضرابه، أَي: يَقطر قبل خُثورته، وَجعل الجَعْدِيُّ الْخمر ناطفاً فَقَالَ:
وَبَات فريق ينضحُون كَأَنَّمَا
سُقُوا ناطفاً من أذرِعاتٍ مُفَلْفَلاَ
وَفِي الحَدِيث: قَطَعنا إِلَيْهِم النُّطفة، أَي: الْبَحْر وماه.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنطُّف: التعَزُّز.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون نَضِفُون صقارون، أَي: نجسون كفار.
ط ن ب
طُنب طبن نطب نبط بطن بنط: مستعملات.
بنط: أما بنط فَهُوَ مهمل، فَإِذا فُصل بَين الْبَاء وَالنُّون بياءٍ كَانَ مُسْتَعْملا، يَقُول أهلُ اليَمن للنساج: البِيَنطُ، وعَلى وَزنه البِيَطْر، وَقد مرَّ تَفْسِيره.
طُنب: قَالَ اللَّيْث: الطُّنْبُ: حَبلُ الخِباء والسُّرادق وَنَحْوهمَا. وأطنابُ الشّجر: عروقٌ تتَشعّب من أُرومتها. وأطنابُ الْجَسَد: عَصب تصل المفاصل وَالْعِظَام وتشدّها.
وَقَالَ شمر: يُقَال: هُوَ جارِي مطانِبِي، أَي: طُنْبُ بَيته إِلَى طُنْب بَيْتِي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زِيَاد والكلابيّ: الأواخِيُّ: الْأَطْنَاب، واحدتها أَخِيّة. والأطنابُ: الْمُبَالغَة فِي مدح أَو ذَمِّ، والإكثار فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الإطنابةُ: السَّيرُ الَّذِي على رَأس الوَتَر من القَوس.

(13/247)


وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ سَير يُوصل بِوتْر القَوس العربيّة، ثمَّ يُدار على كُظْرها. وقَوْسٌ مُطَنَّبةٌ.
وَقَالَ النَّمِر بن تَوْلب:
كأنّ امْرأ فِي النَّاس كنتَ ابنَ أُمَّه
على فَلَجٍ من بطن دَجلة مُطْنِبِ
على فَلج، أَي: على نَهْر مُطْنِب: بعيد الذّهاب، يَعْنِي هَذَا النَّهر، وَمِنْه: أطنب فِي كَلَامه: إِذا أبعد، يَقُول: من كنت أَخَاهُ فَإِنَّمَا هُوَ على بَحر من البحور من الخصب والسَّعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُطْنِبُ: المدّاحُ لكل أحد. والمِطْنَبُ: المِصفاة.
وَقَالَ غَيره: الإطنابةُ: سَيرُ الحِزام الْمَعْقُود إِلَى الإبزيم، وَجمعه الأطانيب.
وَقَالَ سَلامَة:
حَتَّى استغثن بِمَاء الْملح ضاحِيَةً
يرْكُضْنَ قد قَلِقَتْ عَقدُ الأطانيبِ
وَقيل: عقدُ الأطانيب: الألبابُ والحُزُم إِذا استرخت، وحيلٌ أطانيبُ: يتبَعُ بعضُها بَعْضًا، وَمِنْه قَول الفَرَزدق:
وَقد رأى مُصْعَبٌ فِي ساطعٍ سَبِطٍ
مِنْهَا سوابقُ غاراتٍ أطانيبِ
يُقَال: رَأَيْت إطْنابةً من خيل وطير. وفرسٌ أطنبُ: إِذا كَانَ طويلَ القَرَى، وَهُوَ عيب، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
لقد لَحِقْتُ بأولَى الْخَيل يَحْمِلُني
كبْداءُ لَا شَنَجٌ فِيهَا وَلَا طَنَبُ
وجيشٌ مِطْنَابٌ: بعيدُ مَا بَين الطَّرَفين، لَا يكَاد يَنْقَطِع، قَالَ الطَّرِمّاح:
عَمِّي الَّذِي صَبَح الحَلائبَ غُدْوَةً
من نَهْرَوان بجَحْفَل مِطْنابِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّطنيبُ: أَن تُعلِّق السقاءَ من عَمُود الْبَيْت ثمَّ تَمخَضه. والمَطْنَبُ: حبلُ العاتق، وَجمعه مَطانِب.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَإِذ هِيَ سَوداءُ مثلُ الفَحيم
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكَبا
وَيُقَال للشمس إِذا تَقَضَّبَتْ عِنْد طُلُوعهَا: لَهَا أطناب، وَهِي أشعَّةٌ تمتدّ كَأَنَّهَا القُضُب.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن الأشْعث تزوّج امْرَأَة على حكمهَا، فردّها إِلَى أطناب بَيتهَا، يَعْنِي ردّها إِلَى مهر مثلهَا من نسائِها.
والأطناب: الطوَال من حِبَال الأخْبية، والأُصُرُ: القِصارُ، واحدُها إصار.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأطنابُ: مَا شَدُّوا بِهِ الْبَيْت من الحبال بَين الأَرْض والطرائق. والأصر إِلَى الْكسر.
طبن: قَالَ اللَّيْث: طَبِنَ فلانٌ لفُلَان يَطْبَن طَبانةً وطَبَناً: إِذا فَطِنَ لَهُ فَهُوَ طَبِن.
شمر: قَالَ أَبُو زيد: طَبِنتُ بِهِ أطبَنُ طَبَناً،

(13/248)


وطَبَنتُ أَطْبَن طبانةً، وَهُوَ الخَدْع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الطَّبانة والتَّبانة واحدٌ، وهما شدَّة الفِطْنة.
وَقَالَ اللحياني: هِيَ الطّبانة والطبانية، والتّبانة والتَّبانية، واللّقانة واللَّقانية، واللَّحانةُ واللَّحانية، معنى هَذِه الْحُرُوف وَاحِد. ورجلٌ طَبِنٌ تَبِنٌ لَقِنٌ لَحِنٌ.
وَفِي الحَدِيث: أَن حبشيّاً زُوِّج روميّةً فطَبِنَ لَهَا غُلَام رومي فَجَاءَت بِولد كَأَنَّهُ وزغة.
قَالَ شمر: طبن لَهَا غُلَام، أَي: خيّبها وخَدَعها، وَأنْشد:
فَقلت لَهَا بل أَنْت حَنّةُ حَوقَلٍ
جَرَى بالفِرَى بيني وبينكِ طابِنُ
أَي: رفيقٌ بذلك، داهٍ خِبٌّ عَالم بِهِ.
أَبُو عُبيد: مَا أَدْرِي أيُّ الطبن هُوَ، كَقَوْلِك: مَا أَدْرِي أَي النَّاس هُوَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطبَن لعبة يُقَال لَهَا السُّدَّر، وَأنْشد:
يَبتْنَ يلعَبْنَ حوَالَي الطَّبَنْ
وَقَالَ اللَّيْث: الطّبنُ: خطّةٌ يخطها الصّبيان يَلْعَبُونَ بهَا مستديرةٌ يسمونها الرحا. وَيُقَال: الطِّبْر، وَأنْشد:
من ذكر أطلالٍ ورَسْمٍ ضاحِي
كالطِّبن فِي مختلَفِ الرِّياح
وَرَوَاهُ بَعضهم كالطَّبْل.
اللحياني: اطمأنّ قلبُه، واطبأنَّ، وطامَن لَهُ ظَهره، وطابنه، وَهِي الطُّمأنينة والطُبَأنينة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطُّنْبَةُ: صوتُ الطُّنبور، وَيُقَال للطنبور: طُبْنٌ.
وَأنْشد:
فإنّك منّا بيْن خيلٍ مُغيرةٍ
وخَصم كعُورِ الطُّبْن لَا يَتَغَيّبُ
نطب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطَابُ: حبلُ العاتِق، وَأنْشد:
نَحن ضَربناه على نِطابه
قُلْنَا بِهِ قُلْنا بِهِ قُلْنَا بِهِ
قُلْنَا بِهِ، أَي: قَتَلْنَاهُ، قَالَ: والمِنْطَبَةُ والمِنْطَبُ: المِصْفاةُ، وخُرُوق المِصفاة تُدْعَى النَّواطب، وَأنْشد:
ذِي نَواطِبَ وابتزالِ
عَمْرو عَن أَبِيه: النَّطْبُ: نَقْرُ الأُذن؛ يُقَال: أنْطب أُذنَه، وأنقر، وبَلّط أُذُنه بِمَعْنى وَاحِد.
نبط: قَالَ اللّيث: النَّبَطُ: المَاء الَّذِي يَنْبُطُ من قَعر الْبِئْر إِذا حُفرت؛ وَقد نَبَط مَاؤُهَا يَنْبِط نَبْطاً ونُبوطاً وأنبطنا المَاء، أَي: استنبطناه وانتهينا إِلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا يتحلّب من الْجَبَل كَأَنَّهُ عَرَقٌ يخرج من أَعْرَاض الصخر؛ يُقَال لذَلِك المَاء: النَّبَط.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: حَفَر فأثلجَ إِذا بلغ الطين، فَإِذا بلغ المَاء قيل: أنبط،

(13/249)


فَإِذا كَثُر الماءُ قيل: أماهَ وأمْهَى، فَإِذا بلغ الرّملَ قيل: أسْهب.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل: إِذا كَانَ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ: فلانٌ قريبُ الثّرَى، بعيدُ النَّبَط.
وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ لَا يُنالُ نَبَطُه، إِذا وُصف بالعِزّ والمَنَعة حَتَّى لَا يجد عدوّه سَبِيلا إِلَى أَن يَتهَضّمه فِيمَا تَحت يَده، وَقَالَ الشَّاعِر:
قريبٌ ثَراه مَا ينالُ عَدُوُّه
لَهُ نَبَطاً آبِي الهَوانِ قَطُوبُ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد فِي شيات المعزى قَالَ: النَّبطاءُ: البيضاءُ الجنبيْن. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا كَانَ الْفرس أبيضَ الْبَطن فَهُوَ أنبط، وَقَالَ ذُو الرُّمة يَصِف الصُّبْح:
كمِثل الحِصان الأنْبطِ البَطْن قَائِما
تمايل عَنهُ الجُلُّ فاللّوْنُ أشقرُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبَطُ والنُّبْطةُ: بياضٌ تَحت إبط الْفرس، ورُبّما عَرُض حَتَّى يَغْشَى الْبَطن والصدر. قَالَ: وشاةٌ نَبطاءُ: مُوَشّحةٌ، أَو نَبطاء مُحْوَرّة، فَإِذا كَانَت بَيْضَاء فَهِيَ نَبطاء بسوادٍ، وَإِن كَانَت سَوْدَاء فَهِيَ نَبطاء ببياض. قَالَ: والنَّبَطُ والنَّبِيطُ كالحَبَش والحَبِيش فِي التَّقْدِير. قَالَ: والنِّسبة نَبَطِيّ، وَهُوَ اسْم جِيل ينزلون السَّواد، والجميع الأنباط. قَالُوا: وعِلَلُ الأنْباط: هُوَ الكامان المُذاب يُجعل لَزوقاً للجرح.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال رجل نُبَاطِي وبِنَاطي، وَلَا تقل بَنَطِيّ.
وَقَالَ غَيره: تَنَبّط فلَان: إِذا انْتَمَى إِلَى النبط. واسْتنبط الْفَقِيه: إِذا استخرج الفِقَه الباطنَ بِاجْتِهَادِهِ وفَهْمِه. وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النِّسَاء: 83) ، وَقَالَ الزَّجاج: معنى يستنبطونه فِي اللُّغَة: يستخرجونه، وَأَصله من النَّبَط، وَهُوَ المَاء الَّذِي يخرج من الْبِئْر أوّلَ مَا تُحفر، يُقَال من ذَلِك: أنبط فِي غَضْراء، أَي: استنبط المَاء من طين حُرّ قَالَ: والنَّبَطُ إِنَّمَا سُمُّوا نَبطاً لاستنباطهم مَا يخرج من الْأَرْضين. ووعْسَاءُ النُّبيط وَيُقَال: النُّمَيْط رَمْلةٌ مَعْرُوفَة بالدَّهْناء.
بطن: البَطْنُ: بَطْنُ الْإِنْسَان مَعْرُوف، وَهِي ثَلَاثَة أبْطُن إِلَى الْعشْر، وبطونٌ كَثِيرَة لما فَوق الْعشْر، وتصغيرُ البَطْن: بُطيْن.
والبُطَيْنُ: نجمٌ من منَازِل الْقَمَر بَين الشَرطَيْن والثُّرَيا وأكثرُ مَا جَاءَ مصغّراً عَن الْعَرَب وَهُوَ بطن بُرج الحَمَلُ والشرطَان قرناه.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: بَطَن فلَان بفلان يبْطُن بِهِ بُطوناً: إِذا كَانَ خَاصّا بِهِ، دَاخِلا فِي أمره. وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو بِطانة بفلان، أَي: ذُو علم بداخلة أمره. وَيُقَال: أَنْت أبْطنتَ فلَانا دوني، أَي جعلتَه أخَصَّ بك مني، وَهُوَ مُبْطَن: إِذا أدخلهُ فِي أمره وخُصّ بِهِ دون غَيره، وَصَارَ من أهل دَخْلَتِه وَقَالَ الله جلّ وعزّ:

(13/250)


{ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} (آل عمرَان: 118) .
قَالَ الزّجاج: البِطَانةُ: الدُّخلاء الَّذين يُنبسط إِلَيْهِم ويُستبطنون، يُقَال: فلَان بِطانةٌ لفُلَان، أَي: مُداخِلٌ لَهُ مؤانس. وَالْمعْنَى: أَن الْمُؤمنِينَ نهُوا أَن يَتّخذوا الْمُنَافِقين خاصّتهم، ويُفضوا إِلَيْهِم بأسرارهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أبطن فلَان السّيفَ كَشّه: إِذا جعله تَحت خَصْره. وَيُقَال: بطّن فلَان ثَوْبه تَبْطيناً وَهِي البِطَانة والظِّهارة، قَالَ الله تَعَالَى: {فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ} (الرَّحْمَن: 54) .
قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا} (الرَّحْمَن: 54) قد تكون البِطانة ظِهارة، والظِّهارة بطانة، وَذَلِكَ أَن كل وَاحِد فِيهَا قد يكون وَجها. وَقد تَقول الْعَرَب: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاء لظاهرها الَّذِي ترَاهُ.
وَقَالَ غير الْفراء: البِطَانةُ: مَا بَطَن من الثَّوْب وَكَانَ من شَأْن النَّاس إخفاؤه. والظِّهارةُ: مَا ظهر وَكَانَ من شَأْن النَّاس إبداؤه وَإِنَّمَا يجوز مَا قَالَه الْفراء فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ المتساويين، إِذْ وَلى كلّ وَاحِد مِنْهُمَا قوما لحائط يَلِي أحدُ صَفْحيه قوما، والصَّفْحُ الآخَرُ قوما آخَرين، فكلُّ وَجه من الْحَائِط ظهرٌ لمن يَليه، وكلُّ واحدٍ من الْوَجْهَيْنِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، وَكَذَلِكَ وَجْها الْجَبَل وَمَا شاكله. فَأَما الثّوبُ فَلَا يجوز أَن تكون بِطانتهُ ظهارة، وظهارتهُ بِطانة، وَيجوز أَن يُجعل مَا يلينا من وَجه السَّمَاء وَالْكَوَاكِب ظهرا وبَطناً، وَكَذَلِكَ مَا يَلينا من سُقوفِ الْبَيْت.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضَرب فلَان البعيرَ فبَطَن لَهُ: إِذا ضربه تَحت البَطْن، وَأنْشد:
إِذا ضَربت مُوقَراً فابْطُنْ لَهُ
تَحت قُصَيْرَاه ودونَ الجُلّهْ
وَيُقَال: بطَنَه الدَّاء، وَهُوَ يَبْطُنه: إِذا دَخله بُطوناً. والبَطْنُ من الأَرْض: الغامض الدَّاخِل، والجميع البُطْنان. وَيُقَال: شأوٌ بَطين، أَي: بعيد.
وَأنْشد:
وبَصْبَص بَين أدَاني الغَضَى
وَبَين عُنَيزةَ شَأْواً بَطينَا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بُطَانُ الريش: مَا كَانَ تَحت العَسِيب، وظُهْرانُه: مَا كَانَ فَوق العَسِيب.
وَيُقَال: رَأَسَ سَهْمه بظُهران. وَلم يَرِشْه ببُطْنان، لِأَن ظُهرانَ الرِّيش أَوْفَى وَأتم، وبطنانُ الريش قصارٌ، وَوَاحِد البُطْنان بطن، وَوَاحِد الظُّهران ظهر. والعَسِيبُ: قضيبُ الريش فِي وَسَطه.
وَقَالَ غَيره عَن الْأَصْمَعِي: بَطِنَ الرجلُ يَبْطَن بطَناً وبِطْنةً: إِذا عَظُم بطنهُ.
وَقَالَ القُلاخ:
وَلم تَضَع أولادَها من البَطَنْ
وَلم تُصِبه نَعْسَةٌ على غَدَنْ

(13/251)


وَيُقَال: ثَقُلت عَلَيْهِ البِطْنة: وَهِي الكِظة.
وَيُقَال: لَيْسَ للبِطْنة خيرٌ من خَمصة تتبعها، أَرَادَ بالخَمصة: الجوْعة.
وَيُقَال: مَاتَ فلَان بالبَطَن. وأتى فلَان الوادِيَ فتبطّنه، أَي: دخل بطنَه. والبِطَانُ: الحِزامُ الَّذِي يَلِي البَطْن.
وَيُقَال للَّذي لَا يزَال ضَخم البَطْن: مِبطان، فَإِذا قَالُوا: رجلٌ مُبطَّنٌ فَمَعْنَاه أَنه خميص البَطن.
قَالَ مُتَمّم بن نُويْرة:
فَتى غيرَ مِبطان العشيات أرْوَعا
الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت: رجلٌ مُبَطَّن: خميصُ الْبَطن. وَامْرَأَة مُبَطَّنة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
رَخِيماتُ الكلامِ مُبَطّناتٌ
جواعل فِي البُرى قَصَبا خِدالا
ورجلٌ بَطين: عَظِيم الْبَطن. ورجلٌ مبطونٌ: يشتكي بطنَه.
وَفِي الحَدِيث: (المبطون شهيدٌ) : إِذا مَاتَ بالبطن. ورجلٌ بَطن: لَا يهمه إِلَّا بَطنُه. وَرجل مِبطانٌ: إِذا كَانَ لَا يزَال ضخم الْبَطن من كَثْرَة الْأكل.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب الَّتِي تُضرب لِلْأَمْرِ إِذا اشْتَدَّ: التَقَتْ حَلْقتا البِطان. وَمن صِفَات الله جلّ وعزّ: (الظَّاهِر وَالْبَاطِن) تَأْوِيلهَا:
مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تمجيد الرّب: (اللهُم أَنْت الظّاهرُ فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الباطنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْء) .
وَقيل مَعْنَاهُ: أَنه علم السرائر والخفيات، كَمَا علم كلَّ مَا هُوَ ظَاهر لِلْخلقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الباطِنةُ من البَصرة والكوفة: مجتمَع الدُّور والأسواق فِي قصبتها. والضاحيةُ: مَا تنَحَّى عَن المساكن وَكَانَ بارزاً.
وَيُقَال: بَطْنُ الرَّاحَة، وظَهر الْكَفّ. وَيُقَال: باطنُ الْإِبِط، وَلَا يُقَال بطنُ الْإِبِط. وباطنُ الْخُف: الَّذِي يَلِيهِ الرِّجْل. والنِّعمةُ الباطنةُ: الَّتي قد خَصّت. والظاهرةُ: الَّتِي قد عَمّت.
والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْن وَهِي الأَشَر من كَثْرَة المَال أَيْضا.
ورُويَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ أَنه كَانَ يُبَطِّن لحيته وَيَأْخُذ من جوانبها.
قَالَ شمر: معنى يُبَطن لحيته، أَي: يَأْخُذ من تَحت الحنك والذّقَن الشعرَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: بُطْنانُ الأَرْض: مَا تَواطَأ فِي بطُون الأَرْض سهلِها وحَزْنِها ورياضِها، وَهِي قَرَار المَاء ومُستنْقعُه، وَهُوَ البواطن والبطون.
يُقَال: أَخذ فلانٌ بَاطِنا من الأَرْض، وَهِي: أَبْطَأَ جُفوفاً من غَيرهَا. ورجلٌ بِطين الكُرْز: إِذا كَانَ يخبأ زَاده فِي السّفر وَيَأْكُل زَاد صَاحبه.
وَقَالَ رُؤبة يَذمّ رجلا:
أَو كُرّزُ يمْشي بَطينَ الكرَّزْ
وَيُقَال: ألْقت الْمَرْأَة ذَا بَطنِها، أَي:

(13/252)


وَلدت. وألْقت الدَّجاجةُ ذَا بَطنِها: إِذا باضت.
وَقَالَ اللَّيْث: لحافٌ مَبْطون ومُبَطن. وَيُقَال: أَنْت أبْطَنُ بِهَذَا الْأَمر، أَي: أخْبرُ بباطنه. وتبطنْتُ الْأَمر، أَي: عَلِمت باطنَه. وتبطنْتُ الواديَ، أَي: دَخلْت بطنَه وجولْتُ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البِطَانُ للقَتَب خاصّةً، وجمعُه أبطنة والحِزامُ للسّرج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: أبطنتُ الْبَعِير: إِذا شَددت بِطانه.
وَقَالَ ذُو الرمة فِي بَيت لَهُ:
أوْ مُقحمٌ أضعفَ الإبطانَ خَادجُه
بالأمْس فاستأخر العِدْلان والقَتَبُ
شبّه الظليم بِحمْل أدعج أَضْعَف حَادجُه شَدَّ بطانه عَلَيْهِ فاسترخى، فشبّه استرخاء عِكْمَيه عَلَيْهِ باسترخاء جناحيِ الظليم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطَنت البعيرَ أبطنه: شَددتَ بِطانة.
قلت: وَقد أنكر أَبُو الْهَيْثَم هَذَا الْحَرْف على الْأَصْمَعِي: بَطَنت وَقَالَ: لَا يجوز إِلَّا أبطنت؛ وَاحْتج بِبَيْت ذِي الرُّمة، قلت: وبَطَنت لغةٌ أَيْضا.
ابْن شُميل: يُقَال: بُطِن حَملُ البعيرِ وواضَعَه حَتَّى يَتضع، أَي: حَتَّى يسترخي على بَطْنه ويتمكن الحملُ مِنْهُ. وَيُقَال: تبطّن الرجل جاريتَه: إِذا بَاشَرَهَا ولَمَسها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلم أتبطن كاعباً ذاتَ خَلْخال
وَقَالَ شمر: تبطنها: إِذا بَاشر بطنُه بطنَها فِي قَوْله:
إِذا أَخُو لذّة الدُّنْيَا تبطنها
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي بَاطِن وظيفَي الْفرس أَبطَنان، وهما عِرقان استبطنا الذِّرَاع حَتَّى انغمسا فِي عَصَب الوَظيف.
وَيُقَال: استبطن الفَحْلُ الشَّوْلَ: إِذا ضربهَا كلَّها فلُقحت، كَأَنَّهُ أودع نُطفَته بطونها.
وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وخَبَّ السَّفا واستبطنَ الفَحْلُ والتَقَتْ
بأمْعَزها بُقْعُ الجنادبِ تَرْتَكلْ
ط ن م
طمن طنم نمط نطم: مستعملة.
أمَّا نطم وطنم فَإِن اللَّيْث أهملهما.
(نطم) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: النطْمةُ: النّقْرة من الدِّيل وَغَيره، وَهِي النطْبَة بِالْبَاء أَيْضا.
(طنم) : وَأما الطَنمة: فصوت العُود المُطرِب.
طمن: قَالَ اللَّيث: اطْمَأَن قلبه: إِذا سكَن. واطمأنت نفسُه.
وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {أَحَدٌ ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (الْفجْر: 27) ، هِيَ الَّتِي قد اطمأنت بِالْإِيمَان وأخبتت لربّها.
وَقَوله تَعَالَى: {وَلَاكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} (الْبَقَرَة: 260) ، أَي: ليسكن إِلَى المعاينة

(13/253)


بعد الْإِيمَان بِالْغَيْبِ. والاسمُ: الطُّمأنينة.
وَيُقَال: طامن ظَهره: إِذا حناه، بِغَيْر همز؛ لِأَن الْهمزَة الَّتِي حلت فِي اطْمَأَن إِنَّمَا حلَّت فِيهَا حِذارَ الْجمع بَين الساكنين.
وَمِنْهُم من يَقُول: طأمن، بِالْهَمْزَةِ الَّتِي لَزِمت اطْمَأَن.
نمط: رُوِيَ عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: خيرُ هَذِه الْأمة النَّمطُ الأوْسط، يَلحق بهم التّالي ويَرجع إِلَيْهِم الغالي.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي النَّمط: هُوَ الطَّرِيقَة. يُقَال: الزم هَذَا النَّمط.
قَالَ: والنمط أَيْضا: الضَّرب من الضُّروب والنَّوْعُ من الْأَنْوَاع.
يُقَال: لَيْسَ هَذَا من ذَلِك النمط، أَي: من ذَاك النَّوْع.
يُقَال هَذَا فِي الْمَتَاع وَالْعلم وَغير ذَلِك. وَالْمعْنَى الَّذِي أرادَه عليُّ أَنه كَرِه الغُلُو والتَّقصير كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الأُخر.
قلت: والنمط عِنْد الْعَرَب والزَّوْج: ضروبُ الثّياب المُصَبَّغة، وَلَا يكادون يَقُولُونَ: نمط وَلَا زَوْجٌ إِلَّا لما كَانَ ذَا لوْنٍ من حُمرة أَو خُضرة أَو صُفرة، فَأَما البياضُ فَلَا يُقَال لَهُ نمط، ويُجمع أنماطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: النمط: طِهارةُ الْفراش. ووَعْسَاءُ النُّميط والنُّبيط معروفةٌ، تُنبِت ضُروباً من النَّبَات.
ذكرهَا ذُو الرُّمة فَقَالَ:
فأضْحتْ بوَعْساء النَميط كَأَنَّهَا
ذُرَا الأَثل من وَادي القُرَى ونخيلُها
ط ف ب: مهمل.
ط ف م
اسْتعْمل من وجوهه: فطم.
فطم: قَالَ اللَّيْث: فطَمْتُ الصّبيَّ، وفطمتْه أمُّه تَفْطِمه: إِذا فصلته عَن رَضاعها. وغلامٌ فَطِيم ومفْطُوم. وفَطَمت فلَانا عَن عَادَته.
وَقَالَ غَيره: أصل الفَطْم القطعُ وفَطْمُ الصّبيّ فَصله عَن ثَدْي أمّه ورَضاعِها، وتُسَمَّى الْمَرْأَة فَاطِمَة وفطَام وفطيمة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعليّ فِي بُرد سِيَرَاء: (اقطعه خُمُراً واقسمه بَين الفواطم) .
قَالَ القُتيبي: إحداهنّ فَاطِمَة بنتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالثَّانيَِة فَاطِمَة بنتُ أَسد ابْن هَاشم، أمُّ عَليّ بن أبي طَالب، وَكَانَت أسلمت، وَهِي أول هاشمية وَلدت لهاشمي.
قَالَ: وَلَا أعرف الثَّالِثَة.
قلت: وَالثَّالِثَة فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة، وَكَانَت هَاجَرت وبايعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن الفواطم: فَاطِمَة بنتُ حَمْزَة بن عبد الْمطلب سيد الشُّهَدَاء، رَضِي الله عَنهُ، ولعلها الثَّالِثَة، لِأَنَّهَا من أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام.

(13/254)


(بَاب الطَّاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ط ب م
بطم: اللَّيْث: البُطُم: شجرُ الْحبَّة الخضْراء، والواحدة بُطْمة، وَيُقَال بِالتَّشْدِيدِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُطم والضَّرْو: حَبةُ الخضراء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البُطَّم مُثقل: الْحبَّة الخضراء.
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الطَّاء [/ كت]

(13/255)


(بَاب الطَّاء وَالدَّال)
ط د (وايء)
(أطد) ، وطد، تطا، طدي، طود.
وطد طدي أطد: فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن زيادَ بنَ عَدِي أَتَاهُ فَوَطَده إِلَى الأَرْض، وَكَانَ رجلا مجبولاً، فَقَالَ عبد الله: أعْلُ عَنِّي، فَقَالَ: لَا حَتَّى يُخْبِرنِي مَتى يَهلِكُ الرجلُ وَهُوَ يعلم؟ قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إمامٌ إِن أطاعه أكفَره، وَإِن عَصَاهُ قَتَله.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الوطْد غَمْزُك الشيءَ إِلَى الأَرْض، وإثباتُك إيّاه، يُقال مِنْهُ: وطَدْتُه أَطِدُه وطداً إِذا وَطِئْتَه وغَمَزْتَه، وأَثْبَتّه، فَهُوَ مَوْطود، وَقَالَ الشَّمَّاخ:
فالْحَق بِبِجْلَة نَاسِبْهم وكُن مَعَهم
حَتَّى يُعيروك مَجداً غيرَ مَوْطودِ
اللَّيْث: المِيطَدَةُ خَشبةٌ يُوطّدُ بهَا المكانُ فيُصلَبُ الأَسَاسُ بِنَاء أَو غَيره.
عَمْرو عَن أَبِيه: الطّادِي: الثابتُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول الْقطَامِي:
وَلَا تَقَضّى بواقِي دَيْنها الطادِي
قَالَ: يُرَاد بِهِ الواطِدُ، فأَخَّر الْوَاو وقَلبَها ألفا، وَيُقَال: وَطّدَ اللَّهُ لِلسلطان مُلكَه وأَطّدَه إِذا ثَبَّته.
سَلمَة عَن الفراءِ: طادَ إِذا ثَبتَ، وطَادَ إِذا حَمُق، وَوَطَد إِذا سارَ.
طود: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَوَّدَ إِذا طوَّف فِي الْبِلَاد لِطلب المعاش.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الطّوْدُ الجبلُ الْعَظِيم، وَجمعه أَطوادٌ، وَقَالَ غَيره: طوَّد فلانٌ بفلان تَطْويداً وطَوَّحَ بِهِ تَطويحاً، وطَوَّد بنفْسه فِي المطاودِ، وطوَّح بهَا فِي المطاوِح، وَهِي الْمذَاهب.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
أَخُو شُقّةٍ جَاب البلادَ بِنَفْسِه
على الهول حَتَّى طَوَّحَتْه المطَاوِدُ

(14/5)


وابنُ الطَّودِ الجُلمودُ الَّذِي يَتَدَهْدَى مِن الطّوْد.
وَقَالَ الشَّاعِر:
دعوتُ خُلَيْداً دَعْوَةً فكأَنَّما
دَعَوْتُ بِهِ ابْن الطّود أوْ هُوَ أَسْرعُ

(بَاب الطَّاء وَالتَّاء)
ط ت (وايء)
أهمله اللَّيْث.
(تطا) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَطَا إِذا ظَلَم، وتَطَا إِذا هَرَب. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ.
ط ظ
أهملت وجوهها.

(بَاب الطَّاء والذال)
(ط ذ (وايء))
(ذوط) : قَالَ عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الذَّوَطُ أَن يَطولَ الحَنَك الْأَعْلَى ويَقْصُرَ الأسفلُ.
وَقَالَ أَبُو زيد نَحْوَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الذَّوَطُ سُقَّاطُ النَّاس، قَالَ: والذَّوَطُ أَيْضا صِغَرُ الذَّقَنِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ذَاطَه يَذُوطه ذَوْطاً، وَهُوَ الخَنْقُ حَتَّى يَدْلَعَ لِسانهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الذَّوْطةُ وَجَمعهَا أذْواط: عَنْكبوتٌ لَهَا قوائِم، وذنبُها مثلُ الحبَّة من العِنَب الأَسْوَد، صَفْراء الظّهْر صَغِيرَة الرَّأْس، تَكَعُ بِذَنبِها فتُجهِدُ من تَكَعُه، حَتَّى يَذُوطَ، وذَوْطهُ أَن يَخْدَرَ مَراتٍ، وَمن كَلَامهم: يَا ذَوْطَةُ ذُوطِيه.
انْتهى وَالله أعلم.
(3 ((ط ث (وايء)
ثطا، ثاط، وطث، طثا: (مستعملة) .
ثطا ثطأ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثَطَا إِذا خَطا، وثَطا إِذا لَعِبَ بالقُلّة، قَالَ: والثُّطى العناكب، والثُّطَى الخشباتُ الصِّغار.
وروى عمرُو عَن أَبِيه: الثُّطَاةُ العَنْكبوتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّطْأَةُ دُويبة، يُقَال لَهَا: الثُّطَاةُ، وَجَاء فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّ بِامْرَأَة سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لَهَا وَهِي تَقول:
ذُؤَالَ يَا بنِ القَرْمِ يَا ذُؤَالة
يَمشي الثّطَا ويَجْلِسُ الهَبَنقَعهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الثّطَا إفراطُ الحُمق، يُقَال: رجل ثَطَ بَيِّنُ الثَّطَا، وأرادت أَنه يَمشي مشي الحَمقَى، كَمَا يُقَال: فلَان يمشي

(14/6)


بالحمق، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان من ثطاته لَا يعرف قُطَاته من لَطَاتِهِ، قَالَ: القطاةُ مَوضِع الرديف من الدَّابة، واللّطاة غُرَّة الْفرس، أَرَادَ أَنه لَا يَعْرِف من حُمْقه مُقَدَّم الفرسِ من مُؤْخره.
ثأط: قَالَ وَيُقَال: إِن أصل الثَّطا من الثَّأْطَةِ وَهِي الحَمأَة، وَقيل للَّذي يُفْرِطُ فِي الْحمق: ثَأْطَةٌ مُدَّتْ بمَاءٍ وَكَأَنَّهُ مقلوب.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: أَنه قَالَ: الثَّأْطَةُ والدَّكَلَةُ والعَطَّاءةُ: الحَمأَةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة نَحوه فِي الثَّأْطِ. وَأنْشد شمر لتبع:
فَأتى مَغيبَ الشمسِ عِندَ غُروبِها
فِي عينِ ذِي خُلْبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ
طثا: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طثا إِذا لعِبَ بالقلة، قَالَ: والطّثا الخشبات الصغار.
وطث: الوَطْثُ والوَطْسُ الكَسْر، يُقَال: وَطَثَه يَطِثُه وَطْثاً فَهُوَ مَوْطوث، ووَطَسَه فَهُوَ مَوْطوس إِذا تَوَطَّأَه حَتَّى يَكْسره) 3) .

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر (وايء)
طرا، (طري، طرُو) ، طَرَأَ، طير، رطى، ريط، ورط، وطر، أطر، أرّط، وطر، طور.
طرا طَرَأَ: الحرَّاني عَن ابْن الأعرابيّ: لحمٌ طريٌّ غير مَهْمُوز، وَقد طَرُوَ يَطْرُو طَراوة وطراءة.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرِي يَطْري طراوة وطَرَاءَة، وقلما يُستَعْمل لِأَنَّهُ لَيْسَ بحادثٍ.
قَالَ: والمطرَّاةُ ضرب من الطِّيب، قلت: يُقَال لِلألُوَّة: مُطَراةٌ إِذا طُرِّيتْ بِطيب، أَو عَنْبَر أَو غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّرَى يُكَثّر بِهِ عَدَدَ الشَّيء يقالُ: هم أَكثر من الطّرَى والثّرَى.
وَقَالَ بعضُهم: الطّرَى فِي هَذِه الْكَلِمَة: كلُّ شَيْء من الخَلْق لَا يُحصى عدده وأصنافه، وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ: كل شيءٍ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ من جِبِلّة الأَرْض من التُّرَاب والحَصْباءِ وَنَحْوه، فَهُوَ الطّرَى.
أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: طرأتُ على الْقَوْم أَطْرأَ طَرْأً وطُروءاً، إِذا أتَيتهم من غير أَن يعلمُوا.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرَأ فلانٌ علينا إِذا خرج عَلَيْك من مَكَان بعيد فَجْأَة، قَالَ: وَمِنْه اشْتَق الطُرْآني.
وَقَالَ بَعضهم: طَرَآنُ جبل فِيهِ حمام كثير إِلَيْهِ ينْسب الْحمام الطُّرآني.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حمام طُرْآني، من طَرَأَ علينا فلانٌ أَي طَلَع وَلم نعرفه، قَالَ: والعامة تَقول: حمام طُورانيٌّ، وَهُوَ خطأ، وسُئل عَن قَول ذِي الرمة:

(14/7)


أَعاريبُ طُورِيُّون عَن كُل قريةٍ
يَحيدونَ عَنْهَا مِن حِذَار المقادِر
فَقَالَ: لَا يكون هَذَا من طَرَأَ، وَلَو كَانَ مِنْهُ لقَالَ: طَرْئيَّون، الْهمزَة بعد الرَّاء، فَقيل لَهُ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: أَرَادَ أَنهم من بِلاد الطَّور يَعْنِي الشَّام فَقَالَ: (طوريون) كَمَا قَالَ العجاج:
دَانَى جَنَاحَيْهِ مِن الطُّور فَمرْ
أَرَادَ أَنه جاءَ من الشَّام، يُقَال: أَطْرَى فلانٌ فلَانا إِذا مَدَحَه بِمَا لَيْسَ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أطرى فلانٌ فلَانا إِذا مدحه بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تُطروني كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَإِنَّمَا أَنا عبد الله. وَلَكِن قُولُوا: عبد الله وَرَسُوله) ، وَذَلِكَ أَنهم مدحوه بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَالُوا: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة وَإنَّهُ ابْن الله وَمَا أشبهه من شِرْكهم وكفرهم.
عَمْرو عَن أَبِيه: أطْرَى إِذا زَاد فِي الثَّنَاء، وَفُلَان مُطَرًّى من نَفسه أَي مُتَحَيِّر.
قَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الطِرِيّان للَّذي يُؤْكَل عَلَيْهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب حروفٍ شدِّدتْ فِيهَا الْيَاء مثل البارِيّ والسَّرَارِيّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطِرِيَّانُ الطَّبقُ والطَّرِيُّ الْغَرِيب، وَطَرى إِذا أَتَى، وطَرَى إِذا مَضَى، وطَرَى إِذا تَجَدَّد، وأَطْرَى إِذا زَادَ فِي الثَّنَاء.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: طَرِيَ يَطْرى إِذا أقبل، وطَرِيَ يَطرَى إِذا مرَّ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: رجلٌ طارِيٌّ وطُوَرانِيٌّ وطورِيٌّ وطُخرور وطُمْرُور وطُحْرُور أَي غَرِيبٌ.
وَيُقَال: لكلِّ شيءٍ أُطْرُوَانِيَّةٌ: يَعْنِي الشبابَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هِيَ الإِطرية بِكَسْر الْهمزَة، وَقَالَ شَمِر: الإطْرِيَّةُ شَيْء يُعمل مثلُ النَّشاستج المتَلَبِّقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال لَهُ: الأُطْرِيةُ، وَهُوَ طَعَام يَتَّخِذُه أهلُ الشَّام لَيْسَ لَهُ وَاحِد، قَالَ: وَبَعْضهمْ يَكْسِر الْألف فَيَقُول: إطرية، مثل زبْنِيَة، قلت: وَالصَّوَاب إِطرية بِالْكَسْرِ، وَفتحهَا لَحْنٌ عِنْدهم، وَيُقَال لِلغرباء: الطُّرَّاء، وهم الَّذين يأْتونَ من مَكَان بعيد، قلت: وَأَصله الْهمزَة من طَرَأَ يطْرَأ.
أَبُو زيد: أَطْرَيْتُ العَسَلَ إطراءً وأعْقَدتُه وأخْثَرتُه سَوَاء.
أطر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَظَالِم الَّتِي وَقعت فِيهَا بَنو إِسْرَائِيل، والمعاصي فَقَالَ: (لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا على يَدِيَ الظَّالم تَأْطِروه على الْحق أَطْراً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: قَوْله: تَأْطِروه يَقُول: تَعْطِفوه عَلَيْهِ، وكل

(14/8)


شَيْء عَطَفْتَه على شيءٍ فقد أَطَرْتَه تأطِرُه أَطْراً.
قَالَ طرفةُ يذكر نَاقَة وضلوعَها:
كأَن كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها
وأَطْرَ قِسِيِّ تَحتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدٍ
شبَّه انْحِنَاءَ الأضلاع بِمَا حُنِيَ مِن طَرَفَيْ القَوْس.
وَقَالَ المغيرةُ بن حَبْنَاءَ التَّمِيمِي:
وَأَنْتُم أناسٌ تقمِصونَ مِن القَنا
إِذا مارَفِي أَكْتافِكم وتَأَطَّرا
أَي إِذا انْثَنَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهْم أَطْراً إِذا لَفَفْتَ على مجمع الفُوقِ عَقبةً، وَاسم تِلْكَ العَقَبةِ أُطْرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهمَ أَطْراً. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأَطْرَةُ أَنْ يُؤخذ رَمادٌ ودَمٌ فيُلطَخَ بِهِ كَسْرُ القِدْر، وَأنْشد:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَةْ
وَقَالَ أَبُو زيد: تَأَطَّرتِ الْمَرْأَة تَأَطُّراً إِذا قَامَت فِي بَيتهَا، وَأنْشد:
تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ لَسْنَ بَوارِحاً
وذُبْنَ كَما ذَابَ السَّدِيفُ المسَرْهَدُ
وسُئل عمر بن عبد الْعَزِيز عَن السُّنّة فِي قصّ الشَّارِب، فَقَالَ: أنْ تَقُصَّه حَتَّى يَبْدُوَ الإطار.
قَالَ أَبُو عبيد: الإطار الحَيْدُ الشَّاخِصُ مَا بَين مَقَصِّ الشَّارِبِ والشّفَة الْمُحِيط بالفم، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء أحَاط بِشَيْء فَهُوَ إطار لَهُ، قَالَ بشر بن أبي حَازِم:
وَحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ
قرَاضِبَة وَنحن لَهُمُ إطارُ
أَي وَنحن محدقون بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الإطار إطار الدُّف وإطار المُنْخُل، وإطار الشَّفة، وإطار الْبَيْت، كالمِنْطقة حول الْبَيْت، وانأَطَرَ الشيءُ انْئِطاراً أَي عَطَفْته، فانْعَطف كالعُود ترَاهُ مُستديراً إِذا جمعتَ بَين طَرفَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: الأطِيرُ الذّنْبُ، وَيُقَال فِي الْمثل: أَخَذَني بأَطِيرِ غَيْري أَي بذَنْب غَيْرِي.
وَقَالَ مِسْكين الدَّارمي: أَبصَّرْتَنِي بِأَطِيرِ الرِّجالْ وكَلّفْتَنِي مَا يقولُ البَشَرْ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنَّ بَينهم لأَوَاصِرَ رَحم وأَوَاطِرَ رحم، وعَوَاطِفَ رحم بِمَعْنى وَاحِد، الواحدةُ آصِرةٌ وآطِرةٌ.
أَبُو عُبَيْدَة: فِي كتاب الْخَيل: الأُطْرَةُ طَفْطَفَةٌ غَليظةٌ كَأَنَّهَا عَصَبة مُرَكّبةٌ فِي رَأس الحَجَبَةِ وضِلَع الْخَلف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّأْطيرُ أَنْ تَبْقَى الجاريةُ زَمَانا فِي بَيت أَبَوَيْها لَا تَتَزَوَّج.
وطر: قَالَ اللَّيْث: الوَطَر كل حاجةٍ كَانَ

(14/9)


لصَاحِبهَا فِيهَا هِمَّة، فَهِيَ وَطَرُه، وَلم أسمع لَهُ فِعلاً أَكثر من قَوْلهم: قَضَيتُ مِن أَمر كَذَا وَكَذَا وطَري أَي حَاجَتي، وَجمع الوَطَر أَوْطار. طَار يطور.
طور: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) الطُّورُ فِي كَلَام الْعَرَب الجَبلُ وَقيل: إِن سيناء حجارةٌ، وَقيل: إِنَّه اسْم الْمَكَان؛ وَالْعرب تَقول: مَا بِالدَّار طُورِيٌّ وَلَا دُورِيٌّ.
قَالَ اللَّيْث: وَلَا طُورَانِيٌّ مثله، وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة فِي قَول ذِي الرمة:
أَعَارِيبُ طُوريُّون عَن كُلِّ قَرْيةٍ
حِذَارَ المنايا أَو حِذَارَ المقادِرِ
وَقَالَ طُورِيُّون: أَي وَحْشِيُّون يَحِيدون عَن القُرَى حِذَار الوَباء والتَّلف، كَأَنَّهُمْ نُسبوا إِلَى الطُّور، وَهُوَ جَبَل بِالشَّام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجلٌ طُورِيٌ أَي غَريبٌ، وحمام طُورِيٌّ إِذا جَاءَ من بَلَد بعيد.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} (نوح: 14) قَالَ: نُطفةً ثمَّ عَلَقةً ثمَّ مُضْغة ثمَّ عظما، وَقَالَ غَيره: أَرَادَ جلّ وعزّ اخْتِلَاف المناظر والأخلاق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّوْرُ التّارةُ يَقُول: طَوْراً بعد طَوْرٍ أَي تَارَة بعد تارةٍ، وَالنَّاس أطوارٌ أَي أَصنافٌ على حالات شَتَّى وَأنْشد:
والمرْءُ يُخْلَق طَوْراً بعد أَطْوَارِ
وَيُقَال: لَا تَطُرْ حَرَانَا وَفُلَان يَطُور بفلان: أَي كَأَنَّهُ يحوم حَوَاليه وَيَدْنُو مِنْهُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّوْر الحَدُّ، يُقَال: قد تعدَّى فلَان طَوْرَه أَي حدَّه، والطَّوْرَةُ فِناء الدَّار والطَّوْرة الأَتْيَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّوارُ مَا كَانَ حَذْوِ الشيءِ وَمَا كَانَ بِحِذائه، يُقَال: هَذِه الدَّار على طَوارِ هَذِه الدَّار، أَي حائطُها مُتصلٌ بحائطها على نَسَقٍ وَاحِد، وَتقول: رَأَيْت مَعه حَبْلاً بِطَوَار هَذَا الْحَائِط، أَي بِطوله، والطَوار أَيْضا مصدر طَار يطور.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فِي أمثالهم فِي بُلُوغ الرجل النِّهَايَة فِي الْعلم: بلغ فلَان أَطورَيْه وأطوَرِيه بِكَسْر الرَّاء أَي أقصاه.
طير: قَالَ اللَّيْث: الطَّيْرُ معروفٌ، وَهُوَ إسم جَامع مُؤَنثٌ، وَالْوَاحد طَائِر، وقلما يَقُولُونَ: طائرةٌ للْأُنْثَى، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: النَّاس كلهم يَقُولُونَ للْوَاحِد: طَائِر، وَأَبُو عُبَيْدَة مَعَهم، ثمَّ انْفَرد فَأجَاز أَن يُقَال: طَيْر للْوَاحِد، وجَمَعَه على طُيور، وَقَالَ وَهُوَ ثِقَة.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} (الْإِسْرَاء: 13) قَالَ: طائِره فِي عُنُقه عَمَلُه إنْ خيرا فخيراً، وإنْ شرا فشراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: شقاؤه، أفادني المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ قَالَ: قُرِىءَ طائِره وَطَيْرَه،

(14/10)


وَالْمعْنَى فيهمَا: قيل: عملُه، وخيرُه وشرُه، وَقيل: شَقاؤُه وسعادَتُه.
قلت: وَالْأَصْل فِي هَذَا كلِّه أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لما خَلَقَ آدم عَلِم قبل خَلْقِه ذريتَه أَنه يَأْمُرهُم بتوحيده وطاعته وينهاهم عَن مَعْصيته، وَعلم المطيعَ مِنْهُم مِن العاصِين، والظالِم لِنَفْسِهِ من النَّاظر لَهَا، فكتبَ مَا علِمَه مِنْهُم أَجْمَعِينَ، وقَضَى بسعادة مَن عَلِمه مُطِيعاً، وشقاوَة من علمه عَاصِيا، فَصَارَ لكل مَن عَلِمَه مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ عِنْد إنشائِه. فَذَلِك قَوْله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} أَي مَا طَار لَهُ بَدْءاً فِي عِلْم الله من الشرّ وَالْخَيْر، وعِلْم الشَّهَادَة عِنْد كَونهم، يُوَافق عِلْمَ الغيبِ، وَالْحجّة تَلْزَمُهم بِالَّذِي يَعْمَلُون، وَهُوَ غير مُخالف لما عَلِمه الله مِنْهُم قبل كَوْنهم، وَالْعرب تَقول: أَي صَار لَهُ وَخرج لَدَيه سهْمُه أَطرتُ المالَ وطَيَّرته بَينَ الْقَوْم فَطَارَ لكل مِنْهُم سَهْمُه، وَمِنْه قَول لبيد يَذكرُ ميراثَ أَخِيه أرْبِد بَين ورثته وحيازة كل ذِي سهم مِنْهُم سَهْمَه. فَقَالَ:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشراك شفْعاً
وَوِتْراً والزعامةُ لِلغُلام
والأشْراك: الأنْصِباءُ، وَأَحَدهمَا شِرْكٌ، وَقَوله: شفْعاً وَوِتْراً أَي قُسِمَ لَهُم للذَّكر مِثلٌ حَظِّ الأنْثيين، وخَلَصَتْ الرياسةُ والسِّلاحُ للذكور من أَوْلَاده.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصّة ثَمُود وتشاؤمهم بنبيِّهم الْمَبْعُوث إِلَيْهِم، صَالح عَلَيْهِ السَّلَام: {تُرْحَمُونَ قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ} (النَّمْل: 47) وَمعنى قَوْلهم: اطَّيّرنا تَشاءَمْنا، وَهِي فِي الأَصْل تَطَيَّرنا، فأجابهم فَقَالَ الله عز وجلّ: {أَلِيمٌ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَءِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} (يس: 19) أَي شؤْمكم مَعكُمْ، وَهُوَ كفرهم وَقيل للشُّؤم: طَائِر وطَيْر وطِيَرة، لِأَن الْعَرَب كَانَ من شَأْنهَا عِيَافَةُ الطَّير، وزجرُها، والتَّطَيُّر ببارحها وبِنَعِيق غِرْبانها، وَأَخذهَا ذاتَ الْيَسَار إِذا أَثَارُوهَا فَسَمَّوْا الشؤمَ طَيْراً وطائِراً وطِيَرَةً لِتشاؤُمِهم بهَا وبأفعالها، فأعْلَم الله جلّ ثناؤُه على لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن طِيرَتَهم بهَا بَاطِلَة وَقَالَ: لَا طِيرَةَ وَلَا هَامة.
وَكَانَ النبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يتفاءل وَلَا يَتَطَيَّر، وأصل التفاؤُلِ الْكَلِمَة الْحَسَنَة يَسْمَعُها عليل فتُوهِمُه بسلامته من عِلَّته، وَكَذَلِكَ المضِلُّ يسمع رجلا يَقُول يَا واجِدُ فيجد ضالَّته والطِّيَرة مُضادةٌ للفال، على مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر، وَكَانَت العربُ مذهبها فِي الفال والطِّيَرة واحدٌ، فَأثْبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الفالَ وَاسْتَحْسنهُ، وأَبْطَل الطِّيرَة وَنهى عَنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال طارَ الطائِر يَطير طيرَاناً، قَالَ: والتَّطايُرُ التَّفرُّق والذهاب، والطِّيرَة اسمٌ من اطَّيرتُ وتَطَيَّرت، وَمثل الطِّيرَة الخِيرَةُ.

(14/11)


وَيُقَال: استطارَ الغُبَارُ إِذا انْتَشَر فِي الْهَوَاء، واستطار الفَجْرُ إِذا انْتَشَر فِي الأفُق ضَوْؤُه، فَهُوَ مُسْتَطِيرٌ، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِق البيّن الَّذِي يُحَرِّم على الصَّائِم الْأكل والشربَ والجماعَ، وَبِه تحل صلاةُ الْفجْر، وَهُوَ الْخَيط الأبيضُ الَّذِي ذكره الله تَعَالَى فِي كِتَابه، وَأما الْفجْر المستطيل بِاللَّامِ فَهُوَ المستَدقُّ الَّذِي يُشَبّه بذَنَبِ السِّرحان، وَهُوَ الخيطُ الأسودُ، وَلَا يُحرِّم على الصَّائِم شَيْئا، وَهُوَ الصُّبْح الْكَاذِب عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفَحْل من الإبِل: هائجٌ، وللكلب مُسْتَطير.
وَقَالَ غَيره: أَجْعَلتْ الكلبةُ واستطارتْ إِذا أَرَادَت الفحلَ، أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرَّاني عَن التَّوْزيّ وثابتُ بن أبي ثَابت فِي كتاب الفروق.
روى ابْن السّكيت عَن أبي صاعد الْكلابِي: يُقَال: استطار فلانٌ سيفَه إِذا انتزعه من غِمده مُسرِعاً.
وَأنْشد فِي صفة سيوف ذكرهَا رؤبة:
إِذا استُطيرتْ من جُفون الأغمادْ
فَقَأنَ بالصَّقَع يَرابيعَ الصَّادْ
واستطار الصَّدْع فِي الْحَائِط إِذا انْتَشَر فِيهِ، واستطار البَرْق إِذا انْتَشَر فِي أُفُقُ السَّمَاء، وَيُقَال: استُطِيرَ فلانٌ يُستطارُ استطارةً فَهُوَ مُسْتَطارٌ إِذا ذُعِرَ.
وَقَالَ عنترة:
مَتى مَا تلْقَنِي فَرْدَيْنِ ترْجُفْ
رَوَانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارَا
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا هادئين ساكنين: كَأَنَّمَا على رؤوسهم الطَّير، وَأَصله أنَّ الطيرَ لَا تقع إِلَّا على شَيْء سَاكن من المَوَات، فَضُرِبَ مثلا للْإنْسَان ووقارِه وسكونِه. وَيُقَال للرجل إِذا ثار غَضَبُه: ثار ثَائِرُه، وطار طَائِره، وفار فائره، وأرضٌ مَطارة كَثِيرَة الطَّيْر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال طائِر الله لَا طائِرك، وَلَا يُقَال طَيْر الله.
وَرَوى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله:
ذَكِيُّ الشذَى والمَنْدَلِيُّ المُطَيَّرُ
قَالَ: المنْدَلِيُّ العُود الهِنْدَيُّ، والمُطَيَّرُ المُطَرَّى فَقَلَب، وَقَالَ غَيره: المطيَّرُ المشقّقُ المُكَسَّرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: بَلَغْتُ من فلَان أطْوَرَيهْ أَي الجُهْدَ والغاية فِي أمره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لقيتُ مِنْهُ الأمَرّينَ والأطورِين والأقورِين بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعت الْكلابِي يَقُول: ركب فلَان الدَّهْر وأَطْوَرَيْه أَي طَرَفَيْه.
ورط: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمفضل بن سَلَمة أَنه قَالَ فِي قَول الْعَرَب: وَقع فلَان

(14/12)


فِي وَرْطةٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الهَلَكَةُ.
وَأنْشد:
إنْ تأْتِ يَوْمًا مثلَ هذِي الخُطَّة
تلاق من ضَرْبِ تُميْرٍ ورْطهْ
قَالَ: وَقَالَ غَيره: الورْطةُ الوَحَلُ والرَّدَعَةُ تقَعُ فِيهَا الْغنم فَلَا تقدر على التَّخلُّص مِنْهَا يُقَال: تَورَّطَتِ الْغنم إِذا وقعتْ فِي ورْطة، ثمَّ صَارَت مَثلاً لِكل شدَّة وَقع فِيهَا الْإِنْسَان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَرْطَةُ أُهْوِيَّةٌ مُتصوِّبةٌ تكون فِي الْجَبَل تَشُقُّ على من وَقع فِيهَا.
وَقَالَ طُفَيل يصف الْإِبِل:
تهابُ طريقَ السَّهْل تحسَبُ أنّه
وعُورُ وِراطٍ وَهُوَ بَيْداء يلْقَعُ
وَقَالَ شمر: يُقَال: تَوَرَّط فلانٌ فِي الْأَمر، واستَوْرَطَ فِيهِ إِذا ارتبك فِيهِ فَلم يَسْهُلْ لَهُ المَخرج مِنْهُ، وَفِي حَدِيث وَائِل بن حُجْر وَكتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ: (لَا خِلاطَ وَلَا وِرَاطَ) قَالَ أَبُو عبيد: الوِراطُ الخَديعةُ والغِشُّ. قَالَ: وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ كَقَوْلِه: لَا يُجمَع بَين مُتفرِّق وَلَا يُفرَّق بَين مُجتمِع، وَقَالَ شمر الوِراط: أَن يُورِط إِبِلَه فِي إبلٍ أُخْرَى، أَو فِي مَكَان لَا تُرى بِعَيْنها فِيهِ، قَالَ وَقَالَ ابْن هاني: الوِراط مأخوذٌ من إيراطِ الجَرِير فِي عُنُق الْبَعِير إِذا جَعَلْتَ طَرَفة فِي حَلْقَتِه، ثمَّ جذبْتَه حَتَّى تَخْنُقَ البَعيرَ، وَأنْشد لبَعض الْعَرَب:
حَتَّى ترَاهَا فِي الجَرير المُورَطِ
سُرْحَ القِيادِ سَمْحَةَ التَّهبُّط
قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِراط أَن يَخْبَأها ويُفَرِّقها. يُقَال: قد وَرَطَها وأَوْرَطَها أَي سَتَرها.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِرَاط أَن يُغَيِّب مالَه ويجحد مَكَانهَا.
ريط: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الرَّيْطَةُ مَلاءَةٌ لَيْسَتْ بِلِفْقَين كلهَا نَسْجٌ وَاحِد وَجَمعهَا رِياطٌ، قلت: وَلَا تكون الرَّيْطَةُ إِلَّا بَيْضاءَ، ورَيْطَةُ اسْم الْمَرْأَة وَلَا يُقَال رَائِطَةُ.
أرط: ورطى ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الأرِيطُ: العَاقِر من الرِّجَال وَأنْشد:
مَاذَا تُرجِّين من الأرِيط
حَزَنْبَلٍ يَأْتِيكِ بالبَطِيطِ
ليسَ بِذِي حَزْم وَلَا سَفِيطِ
قَالَ الليثُ فِي الأريط مِثْله.
أَبُو عبيد: المأروطُ من الْجُلُود المدبوغُ بالأَرْطَى؛ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إهَاب مَأْرُوطٌ ومُؤَرْطِيٌ إِذا دُبغ بالأرْطَى، قلت: والأرْطَاةُ شجرةٌ ورقُها عَبْلٌ مفتولٌ وجمعُها الأراطَى، منبِتها الرمال لَهَا عروق حُمر يُدْبغُ بورقها أَساقِي اللّبن، فيطيبُ طعمُ اللَّبن فِيهَا، وَقَالَ الْمبرد: أَرْطَى على بِنَاء فَعْلى مثل عَلْقَى، إلاَّ أَن الْألف فِي آخرهَا

(14/13)


لَيست للتأنيث لِأَن الْوَاحِدَة أرطاةٌ وعَلْقَاةٌ، قَالَ: وَالْألف الأولى أَصْلِيَّة.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِيمَا أَقْرَأَنِي الْإِيَادِي عَن شمر: أَرْطَت الأَرْض إِذا أخرجت الأَرْطَى، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أرْطَتْ لَحْنٌ وَإِنَّمَا هُوَ آرَطَتْ بِأَلفَيْنِ لِأَن ألف الأرطى أَصْلِيَّة.
قلت: الصَّوَاب مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
(طرا) اطرورى: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا انتفخ بطنُ الرجل قيل: اطْرَوْرَى اطْرِيراءً. قَالَ الْأَصْمَعِي: وحُبِطَ مثلهُ سَوَاء، وَأَخْبرنِي الأياديّ عَن شَمِر قَالَ: أطرورَى بِالطَّاءِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي بالظاء، قلت: وَقد رَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: ظَرِي بطنُ الرجلِ يَظْرَى إِذا لم يَتَمَالَك لِيناً، قلت: وَالصَّوَاب اظْرَوْرَى بالظَّاء كَمَا قَالَ شَمِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوِرَاط أَن يُغَيِّبَ مالَه ويَجْحَدُ مَكَانهَا. انْتهى وَالله أعلم) .

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل (وايء)
طول، طلي، أطل، لأط، لطأ، لوط، ليط.
طول: اللَّيْث: طَال فلانٌ فلَانا إِذا فاقَه فِي الطُّول، وَأنْشد:
تَخُطُّ بقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ
وتَعْطُو بِظِلْفَيْها إِذا الغُصْنُ طالها
أَي طاوَلَهَا فَلم تَنَلْه.
قَالَ: وَيُقَال للشَّيْء الطَّوِيل: طَال يَطُول طُولاً فَهُوَ طَوِيل، قَالَ: والأطوَل نقيضُ الأقصَر، وتأنيثُ الأطوَل الطُّولى، وجمعُها الطُّوَل. قَالَ: ويُقَال لِلرَّجل إِذا كَانَ أهوَجَ الطُّولِ: رجلٌ طُوَالٌ وطُوَّالٌ، وامرأةُ طَوالةٌ وطُوّالة. قَالَ: والطِّوَل هُوَ الحَبْلُ الطويلُ جدّاً، وَقَالَ طَرَفة:
لَعمرُكَ إنّ الموتَ مَا أَخطَأ الفَتَى
لكالطِّوَلِ المُرْخَى وثُنْياهْ باليَدِ
وجمعُ الطَّويل: طِوال وطِيَال، وهما لُغتان، وَيُقَال: قد طالَ طِوَلُك يَا فلَان، إِذا طَال تمادِيه فِي أمرٍ أَو تَراخِيه عَنهُ، وبعضُهم يَقُول: قد طَال طِيَلُه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج يُقَال: طَال طِوَلُك وطِيَلُك: أَي طالتْ مُدَّتُهُ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت، يُقَال: قد طَال طِوَلُك وطِيَلُك وطُولُك وطَوالُك. قَالَ: والطِّوَل: الحَبْل الَّذِي يُطوِّل للدابَّة فتَرعَى فِيهِ، وَقَالَ طَرَفة لكالطول المرخى وثنياه بِالْيَدِ.

(14/14)


ثمَّ قَالَ: وَقد شَدّدَ الراجز الطِوَلَ للضَّرُورَة فَقَالَ:
تعرّضتْ لَم تَأْلُ عَن قَتْلٍ لِي
تَعرُّضَ المُهْرَةِ فِي الطِّوَلِّ
وَقَالَ القَطَاميّ:
إِنّا مُحَيُّوكَ فاسَلْم أيُّها الطَّلَلُ
وإنْ بَلِيتَ وَإِن طالَتْ بكَ الطِّيَلُ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً} (النِّسَاء: 25) الْآيَة، مَعْنَاهُ من لم يَقدِر مِنْكُم على مَهْرِ الحُرّة. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والطول هُنَا القُدْرة على المَهْر، وَقد طالَ الشيءُ طُولاً، وأَطَلْتُه إطَالةً، وقولُ الله جلّ ثَنَاؤُهُ {الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ} (غَافِر: 3) أَي ذِي القُدْرة، وَقيل: الطَّوْلُ الغِنَى: والطَّوْلُ الفَضل، يُقَال: لفِلان على فلانٍ طَوْل، أَي فَضْل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنّه لَيتطوَّلُ على النَّاس بفضلِه وخيرِه. قَالَ: واشتقاق الطائل من الطُّولِ، وَيُقَال للشَّيْء الخسيس الدُّون: هَذَا غيرُ طائِل، والتذكير والتأنيث فِيهِ سَوَاء، وَأنْشد:
لقد كلّفوني خُطَّةً غيرَ طائِل
قَالَ: والطَّوَال: مَدَى الدَّهر، يُقَال: لَا آتَيك طَوَالَ الدَّهْر، قَالَ: والطَّوَل: طُولٌ فِي المِشْفَر الْأَعْلَى على الأسْفَل. يُقَال: جَمَل أطوَل، وَبِه طَوَل، والمُطاولة فِي الْأَمر هِيَ التَّطْوِيل، والتطاوُل فِي مَعْنًى: هُوَ الاستطالةُ على النّاس إِذْ هُوَ رَفَع رأسَه ورأَى أنّ لَهُ عَلَيْهِم فَضْلاً فِي القَدْر. قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنًى آخر: أَن يقوم قَائِما، ثمّ يَتطاوَل فِي قِيامه، ثمَّ يَرفَعَ رأسَه، ويَمُدَّ قَوامَه للنَّظر إِلَى الشَّيْء.
قلت: والتَّطَوُّلُ عِنْد العَرَب مَحْمُود، يُوضع مَوْضعَ المحاسن. ويمتدح مِنْهُ فَيُقَال: فلَان يتطول وَلَا يَتَطَاوَل. والتّطاوُل مَذْمُوم، وَكَذَلِكَ الاستطالة يُوضَعان مَوضِع التكبُّر.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّويلةُ: اسمُ حَبْل تُشدُّ بِهِ قائمةُ الدَّابةِ، ثمَّ تُرسَل فِي المَرعَى، وَكَانَت العربُ تتكلَّم بِهِ، يُقَال: طَوِّل لِفرسِك يَا فلَان، أَي أَرْخِ لَهُ حَبْلَه فِي مَرْعاه.
قلت: وَلم أسمع الطَّويلة بِهَذَا الْمَعْنى، من الْعَرَب، ورأَيْتهم يسمونه هَذَا الحَبْل الطَّوِيل.
وَفِي الحَدِيث: (لَا حِمًى إلاّ فِي ثَلَاث) طِوَلِ الفَرَس، وثَلَّةِ البِئر، وحَلْقَةِ الْقَوْم.
ورأيتُ بالصَّمَّانِ رَوْضةً وَاسِعَة يُقَال لَهَا الطّويلة، وَكَانَ عَرْضُها قَدْرَ مِيلٍ فِي طولِ ثلاثةِ أَمْيال، وفيهَا مَسَاكٌ لِماءِ السَّمَاء إِذا امْتَلَأَ شَربوا مِنْهُ الشهرَ والشهرين. ومَطاوِلُ الخَيل أَرْسانُها، والسبْعُ الطُّوَلُ من سُوَر الْقُرْآن سَبْعُ سُوَر، وَهِي:
سُورَة الْبَقَرَة، وَسورَة آل عمرَان، وَسورَة

(14/15)


النِّسَاء، وَسورَة الْمَائِدَة، وَسورَة الْأَنْعَام، وَسورَة الْأَعْرَاف، فَهَذِهِ ستُّ سُوَر متواليةٌ.
وَاخْتلفُوا فِي السَّابِعَة، فَمنهمْ من قَالَ: هِيَ الْأَنْفَال وَبَرَاءَة، وعدَّهما سُورَة وَاحِدَة، وعَلى هَذَا قولُ الأكْثرين، وَمِنْهُم من جَعل السابعةَ سورةَ يُونُس، والطُّوَل: جمعُ الطُّولَى، يُقَال: هِيَ السورةَ الطُّوَلى، وهُنَّ الطُّوَل، والطوائل الأوْتارُ والذُّحُول، واحدتُها طائلة، يُقَال: فلانٌ يَطلب بَني فلانٍ بِطَائلةٍ أَي بوتْرٍ، كأَنَّ لَهُ فيهم ثَأْراً فَهُوَ يَطلبُه بِدَمِ قتيلٍ لَهُ.
أطل: أَبُو عُبيد: الإطْل والأيْطَل: الخاصرة، وَجمع الإطْل آطال وَجمع الأيْطَل أياطل، وأيْطلٌ فَيْعَل. والألفُ أصليّة.
طلي: قَالَ اللَّيْث: الطَّلا: هُوَ الْوَلَد الصَّغِير من كلِّ شَيْء، وَحَتَّى قد شُبّه رَمادُ المَوْقِد بيْن الأثافيّ بالطّلا، والأطلاء جِمَاعُه. قَالَ: والطُّلْيان والطِّليان جِماعهُ.
أَبُو عُبيد عَن الفرَّاء: طَلَيْتُ الطلَى وطَلَوْتُه وَهُوَ الطَّلَى مَقْصُور يَعْنِي رَبَطْتُه برِجْله.
سَلمَة عَن الفرّاء: اطْلُ طَلِيَّكَ والجميع الطُّلْيانُ أَي ارْبِطْه برِجلِه. حَكَاهُ عَن ابْن الجرَّاح قَالَ: وَغَيره يَقُول: أَطْلِ طَلِيَّك، وَقَالَ العجّاج:
طَلَي الرَّمَادِ اسْتُرئِمَ الطَّلِيُّ
قَالَ أَبُو الهيْثم: هَذَا مثَلٌ جَعل الرّمادَ كالوَلَدِ لثَلَاثَة أَيْنُق، وَهِي الأثافِيّ عُطِفْنَ عَلَيْهِ، يَقُول: كأنّما الرّمادُ وَلَدٌ صغيرٌ عُطِفْتَ عَلَيْهِ ثَلَاثَة أينُق.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أوَّل مَا يُولَدُ الظِّبَاءُ فَهُوَ طَلاً. قَالَ: وَقَالَ غيرُ وَاحِد من الْأَعْرَاب: وَهُوَ طَلاً ثمَّ خِشف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَلَّى إذَا شَتَمَ شَتْماً قبيحاً.
وَقَالَ شَمِر: الطَّلَوانُ: الرِّيق الخاثِر. قَالَ: والطُّلاوَة: دُوَايةُ اللبَن.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: بِأَسْنَانِهِ طَلِيٌّ وطِلْيَان وَقد طَلِيَ فُوهُ فَهُوَ يَطْلَى طَلًى مقصورٌ وَهُوَ القَلَحُ.
وَقَالَ اللّيث: الطُّلاوة الرِّيق الَّذِي يجِفّ على الْأَسْنَان من الْجُوع، وَهُوَ الطَّلَوَانُ. قَالَ: والطُّلاةُ هِيَ العُنق وَالْجمع طُلًى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَاحِدَة الطلى طلاة وطلية. مِثل: تقاةٍ وتقى، وَقَالَ اللَّيْث: وَبَعْضهمْ يَقُول: طُلْوَةً وطُلّى.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الطُّلَي: جمعُ الطُّلْيَة، وَهِي صَفْحَةُ العُنُق. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمرو والفرّاء: واحدتُها طُلاَةٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
مَتَى تُسْقَ من أَنْيَابِها بَعْد هَجْعَةٍ
من اللّيل شِرْباً حينَ مالَت طُلاتُها
الأصمعيّ يَقُول: طُلْيَة وطُلًى.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الطُلاوَة: البَهجَة

(14/16)


والحُسْن، يُقَال: حديثٌ عَلَيْهِ طُلاوَة، وَكَذَلِكَ غيرُه.
قلتُ: وَأَجَازَ غيرُه. طَلاوَة، يُقَال: مَا على وَجْهِه حَلاوة وَلَا طَلاَوة، والضّمُ اللّغةُ الجيّدة.
عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: المُطَلِّي هُوَ المغنِّي، وَهُوَ المُرَبِّي وَالْمُهَنِّي والنَّاخِمُ كلُّه بِمَعْنى المغنِّي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طَلَيْتُه فَهُوَ مَطْلِيٌّ وطَلِيٌّ: أَي حَبسته.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: طَلَيْتَ فلَانا تَطْلِيَةً إِذا مَرَّضْتَه وقمتَ عَلَيْهِ فِي مَرَضه. وَقد أطلَى الرجلُ إطْلاءً فَهُوَ مُطْلٍ، وَذَلِكَ إِذا مالتْ عنقُه لموتٍ أَو غيرِه، وَأنْشد:
تَرَكْتُ أَباكِ قد أطلَي ومالَتْ
عَلَيْهِ القَشْعَمَانِ من النُّسُورِ
أَبُو سعيد، الطِّلْوُ الذِّئب، والطِّلْو: القانِص اللّطيف الجِسم، شُبِّه بالذئب؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
صادَفَت طِلْواً طَوِيلَ القَرَا
حافظَ العَيْن قَلِيلَ الشَّآم
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلٌ طالٍ أَي مُظلِم، كأنَّه طَلى الشُّخُوصَ فَغطَّاها، وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
أَلا طَرَقَتْنَا بالمدينةِ بعدَ مَا طَلَى
الليلُ أذنابَ النِّجادِ فأَظْلَما
أَي غَشَّاها كَمَا يُطْلَى البَعيرُ بالقَطِران.
وَيُقَال: فلانٌ مَا يُساوِي طُلْيَةً، وَهِي الصُّوفة الَّتِي يُطْلَى بهَا الجَرْيَى، وَهِي الرِّبْذَة أَيْضا.
قَالَه ابْن الأعرابيّ. قَالَ: والطِّلاءُ: الشَّرَابُ، شبه بِطِلاءِ الْإِبِل، وَهُوَ الهِناء. قَالَ: والطِّلاء: الشَّتْم، وَقد طلَّيْتُه أَي شَتَمْتُه. قَالَ: والطِّلاء: الخَيط، وَقد طَلَيْتُ الطِّلاء: أَي شدَدْتُه. قَالَ: والطُّلاَّء: الدمُ، يُقَال: تركته يتَشَحَّط فِي طُلاّئه، أَي يضطرب فِي دمِه مقتولاً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الطُّلاّء: شيءٌ يَخرج بعدَ شُؤْبُوب الدَّمِ الَّذِي يُخَالف لَوْنَ الدَّمِ، وَذَلِكَ عِنْد خُروج النَّفْس من الذَّبيحِ وَهُوَ الدَّم الَّذِي يُطلَى.
ابْن نجدة عَن أبي زيد قَالَ: أَطَلى الرجلُ إِذا مالَ إِلَى هوى.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَطَلى نَبِيٌّ قطّ أَي مَا مَال إِلَى هَوَاهُ، وَقَالَ غيرُه فِي قَوْلهم: مَا يُسَاوِي طِلْيَة، إنّه الْخَيط الّذي يُشَد فِي رِجْل الجَدْي مَا دَامَ صَغِيرا، وَقَالَ: الطُّلْية خِرْقَةُ العَارِك، وَقيل: هِيَ الثَّمَلَة الّتي يُهْنأ بهَا الجَرَبُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أمرٌ مَطْلِيٌّ أَي مُشكِل مُظلِم، كأنَّهُ قد طُلِي بِمَا لَبَّسه، وَأنْشد ابْن السكّيت:
شَامِذاً تَتَّقِي المُبِسَّ على المُرْ
يَةِ كَرْهاً بالصِّرفِ ذِي الطُّلاّء

(14/17)


قَالَ: الطُّلاّء الدَّمُ فِي هَذَا الْبَيْت، قَالَ: وَهَؤُلَاء قومٌ يُرِيدُونَ تسكينَ حَرْب، وَهِي تَسْتعصِي عَلَيْهِم وتَزْبِنُهُم لِما هُرِيق فِيهَا من الدِّماء. وَأَرَادَ بالصِّرْف، الدَّمَ الْخَالِص.
أَبُو عبيد: المَطالِي: الأرضُ السَّهْلَةُ اللّيّنة تُنْبِت الغَضَا واحِدتها مِطْلاءٌ على مِفْعال.
عَن أبي عَمْرو وَابْن الأعرابيّ: تَطَلّى فلَان إِذا لَزِمَ اللهوَ والطرب، وَيُقَال: قَضَى فلانٌ طَلاهُ مِن حَاجته أَي هَوَاهُ.
لأط: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الهَمْزة: لأَطْتُ فلَانا لأْطاً، إِذا أمَرْته بأمرٍ فألَحّ عَلَيْهِ، وتَقَضّاه فألَحّ عَلَيْهِ. وَيُقَال: لأَطتُ الرجلَ لأْطاً إِذا تتبعتَه بِبَصَرِك فَلم تَعْرِفه عَنهُ حَتَّى يَتوارَى.
لطأ: قَالَ أَبُو زيد: لَطِىءَ فلانٌ بِالْأَرْضِ يَلْطَأُ لَطْأً إِذا لَزِق بهَا، وَأَجَازَ غَيره: لَطَأَ يَلْطَأَ، وَقَالَ شَمِر: لَطَا يَلْطَا بِغَيْر همز إِذا لَزق بِالْأَرْضِ وَلم يَكد يَبْرح، وهما لغَتان.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
فأَلْقَى التِّهَامِي مِنْهَا بِلَطَاتِه
وأَحْلَطَ هَذَا لَا أَعُودُ وَرَائِيا
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله بلَطَاته: أرضه وموضعه، وَقَالَ شمِر: لم يجد أَبُو عبيد فِي لَطاته قَالَ: وَيُقَال: ألقَى لَطاتَه إِذا أَقَامَ فَلم يَبرَح، كَمَا تَقول: ألْقَى أَرْواقَه وجَرَاميزه. قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ألقَى لَطاتَه طَرَحَ نفسَه، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَطاتُه متاعُه وَمَا مَعَه.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بيّضَ الله لَطَاتَك، أَي جَبهَتك. قَالَ: واللُّطاةُ أَيْضا اللُّصوص، قومٌ لُطاةٌ، وَيُقَال: فلَان من ثطاته لَا يَعرف قَطاتَه من لَطاتِه، أَي لَا يَعرِف مقدَّمَه من مُؤَخَّرِه، وَقَالَ الليْث: اللَّطْءُ لُزوقُ الشّيء بالشَّيْء، يُقَال: رَأَيْت فلَانا لاطِئاً بِالْأَرْضِ. ورأيتُ الذئبَ لاطئاً للسَّرِقة، وَهَذِه أَكَمة لاطئة، قَالَ: واللاطئة خُرَاج يَخْرج بالإنسان فَلَا يكَاد يَبرأ مِنْهُ ويَزعمون أنّها من لَسْعة الثُّطْأَةِ.
ابْن السّكيت عَن الْأَحْمَر: لَطَأَتُ بِالْأَرْضِ ولَطِئتُ أَي لَزِقْتُ، وَقَالَ الشمّاخ فتَركَ الْهمزَة:
فَوافَقَهُنَّ أطلَسُ عامِرِيٌّ
لَطَا بصَفائحٍ مُتسانِداتِ
أَرَادَ لطأَ، يَعْنِي الصيّاد أَي لَزِقَ بِالْأَرْضِ فتَركَ الْهَمْز.
(لوط ليط) : فِي حَدِيث أبي بكر أَنه قَالَ: إنّ عمَر لأحَبُّ النَّاس إليَّ. ثمَّ قَالَ: اللهمّ أَعَزُّ، والوَلَدُ أَلْوَطُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه والوَلَد ألوَط أَي أَلْصَق بالقَلْب، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء لَصِق بِشَيْء فقد لاطَ بِهِ يَلُوطُ لَوْطاً. قَالَ: وَمِنْه حَدِيث ابْن عبّاس فِي الّذي سأَلَه عَن مالِ يَتِيم وَهُوَ وَاليهِ: أَيُصيبُ من لَبَن إبِلِه؟ فَقَالَ: إِن كنتَ تَلُوطُ حَوْضها، وتَهْنَأْ

(14/18)


جَرْباها، فَأَصِبْ من رِسْلِهَا، قَالَ: قَوْله: تَلوطُ حَوْضَها أَرَادَ باللَّوْطَ تطْيِين الحَوْض، وإصلاحَه، وَهُوَ من اللصوق، وَمِنْه قيل للشَّيْء إِذا لم يكن يُوافِق صاحبَه: مَا يَلْتاطُ هَذَا بِصَفَرِي أَي لَا يَلصَق بقَلْبي، وَهُوَ مُفْتَعِل من اللَّوْط، قَالَ: وَمِنْه حديثُ عليّ بن الحَسَنْ فِي المُستَلاط أَنه لَا يَرِث، يَعْنِي المُلصَق بالرجُل فِي النَّسَب الَّذِي وُلِد لغير رِشْدَة.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: الْتاطَ فلانٌ ولَداً واستَلاطه وَأنْشد:
فَهَلْ كُنتَ إلاّ بُهْثَةً استلاطَها
شَقيٌّ من الأقوام وَغدٌ ومُلْحَقُ
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: إنّي لأجد لَهُ لَوْطاً ولِيطاً بِالْكَسْرِ، وَقد لاطَ حُبَّه يَلُوط ويَلِيط أَي لَصِق.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّياط الريَا سُمِّي لِياطاً لأنّه شيءٌ لَا يَحِلّ، أُلْصِق بِشَيْء، وَمِنْه حديثُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَتبَ لثَقِيفَ حِين أَسلَموا كِتاباً فِيهِ: (وَمَا كَانَ لَهُم مِن دَيْن إِلَى أجَلٍ فَبلغ أجلَه فإنّه لِياط مُبرَّأٌ من الله) ، فاللِّياط هَهُنَا الرِّبا الّذي كَانُوا يُرْبُونه فِي الجاهليّة، رَدَّهم اللَّهُ إِلَى أَن يَأْخُذُوا رُؤُوس أَمْوَالهم، ويَدَعُوا الفَضْلَ عَلَيْهَا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جمعُ اللّياط وَهُوَ الرِّبا، ليطٌ وَأَصله لُوطٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: لُوطٌ كَانَ نبيّاً بَعَثه الله إِلَى قومه فكذّبوه وأحدَثوا مَا أَحدَثوا، فاشتَقّ الناسُ من اسْمه فِعلاً لمن فَعلَ فِعْلَ قومِه. قَالَ: واللِّيطُ قِشْرُ القَصَب اللاّزق بِهِ، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَناة، وكلُّ قِطعة مِنْهُ لِيطةٌ. قَالَ: ويُقال للْإنْسَان اللَّيِّن المجَسَّة: إنّه لَلَيِّنُ اللِّيط، وأنشدَ:
فَصبَّحتْ جابيَةً صُهارِجَا
تَحسَبُها لَيْطَ السماءِ خارِجَا
شَبَّه خُضرة المَاء فِي الصِّهريج بجِلد السَّمَاء، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَوْس العربيّة تُمسَح وتُمرَّن حتّى تَصْفَرَّ وَيصير لَهَا لون ولِيط.
قلتُ: ولِيطُ العُودِ: القِشْر الَّتِي تَحت القِشْر الْأَعْلَى، وَقَالَ أَوْس بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَن لَك باللِّيطِ الَّذِي تحتَ قِشْرِها
كَغِرقِىء بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ من عَلِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّيط اللَّوْن وَهُوَ اللّياط أَيْضا.
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يصف قوساً:
عاتكةُ اللِّياط
وَقَالَ اللَّيْث: تَلَيَّطْتُ لِيطةً أَي تَشَظَّيتها من قشر الْقصب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّوْط الرِّداء، يُقَال: انتُقْ لَوْطَك فِي الغزالة حَتَّى يَجِف، ولَوْطُه رِداءُه ونتقُه بَسطه. قَالَ: وَيُقَال: استلاطَ القومُ وأطلوا إِذا أَذْنبوا ذُنوبا

(14/19)


ً تَكون لِمَنْ عاقَبَهم عذرا، وَكَذَلِكَ أَعذَروا.
وَفِي الحَدِيث: أنّ الْأَقْرَع بنَ حَابِس قَالَ لِعُيَينة بن حِصْن: بمَ استَلطْتُم دمَ هَذَا الرجل؟ قَالَ: أَقْسَمَ منّا خَمْسون أنّ صاحبنا قُتِلَ وَهُوَ مُؤمن، فَقَالَ الْأَقْرَع: فَسألكم رسُولُ الله أَن تَقْبَلُوا الدّيَهْ وتَعْفُوا فَلم تَقْبَلُوا، وليُقْسِمَنَّ مائةٌ من بني تَمِيم أنّه قُتِل وَهُوَ كَافِر، قَوْله: بمَ استلَطتم؟ أَي استوجَبْتم واستَحقَقْتُم، وَذَلِكَ أنّهم لمّا استحقّوا الذَّمَ وَصَارَ لَهُم ألصَقُوه بِأَنْفسِهِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: استلاط القَوْمُ واستَحَقوا وأَوْجَبُوا وأَعْذَروا ودَنُّوا إِذا أَذْنبوا ذُنوباً تكونُ لمن يُعاقِبُهم عذْراً فِي ذَلِك لاستحقاقهم.
أَبُو زيد، يُقَال: فلَان مَا يَليطُ بِهِ النَّعيم وَلَا يَليق بِهِ، مَعْنَاهُ وَاحِد، انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن (وايء)
طين، طنى، وَطن، نوط، نيط، نطا، طون، (نأط) .
طين: قَالَ اللَّيْث: الطِّين مَعْرُوف، يُقَال: طِنْتُ الكتابَ طَيْناً جَعَلْتُ عَلَيْهِ طِيناً لأخْتِمه بِهِ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَالَ أَءَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} (الْإِسْرَاء: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَصَب طيناً على الْحَال، أَي خلقْتهُ فِي حَال طِينيَّتِهِ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال طَيَّنْتُ البيتَ والسَّطح، والطِّيانَة حِرْفَة الطَّيَّان، وَأما الطيّان من الطَوَى، وَهُوَ الْجُوع فَلَيْسَ من هَذَا، والطِّينةُ، قِطعة من الطِّين يُختَم بهَا الصَّكّ ونحوُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه اللَّهُ على الخَيْر وطامَه يَعني جَبَلَه، وَهُوَ يطِينُه، وأَنشدَ:
أَلا تِلكَ نفسٌ طِينَ مِنْها حَياؤُها
وَيُقَال: لقد طانَنِي اللَّهُ على غير طِينتك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طانَ فلانٌ وطَام إِذا حَسُنَ عَملُه. يُقَال: مَا أحسنَ مَا طَامَه وطَانه. اللّحياني: يَوْم طانٌ ذُو طِين.
طنى: قَالَ اللَّيْث: الطنَى لزُوق الرِّئة بالأضلاع حَتَّى رُبمَا عَفِنتْ واسودّت وأكثرُ مَا يُصيبُ الْإِبِل، وبعيرٌ طَنٍ، وَقَالَ رؤبة:
مِن داءِ نَفْسِي بَعْدَمَا طَنيتُ
مِثلَ طَنَى الإبلِ وَمَا ضَنِيتُ
أَي بَعْدَ مَا ضَنِيت، أَبُو عبيد: الطنَى لُزوق الطِحَال بالجَنْب.
وَقَالَ الْحَارِث بن مُصرف:

(14/20)


أَكْويه إمَّا أَرادَ الكَيَّ مُعْترِضاً
كيَّ المُطَنِّي من النَّحْرِ الطَّنَى الطَّحِلاَ
قَالَ: المُطنِّي: الّذي يُطَنِّي البعيرَ إِذا طَنَى.
قلت: الطنَى يكون فِي الطِّحال كَمَا قَالَ أَبُو عبيد ورَواه عَن الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجُلٌ طَنٍ، وَهُوَ الّذي يُحَمّ غِبّاً فيعظُمُ طِحَالُه، وَقد طَنِيَ طَنى.
قَالَ: وبعضُهم يهمِز فَيَقُول: طَنِىء يطنأ طَنَأً فَهُوَ طَنيءٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيْ: أطْنَى الرجلُ إِذا مَال إِلَى الطَّنَى وَهُوَ الرِّيبَةُ والتُّهْمَةُ، أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطّنّى وَهُوَ البِساط فَنَامَ عَلَيْهِ كَسَلاً. قَالَ: أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى، وَهُوَ الْمنزل، وأَطنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى فشَرِبه وَهُوَ المَاء يَبْقَى أسفلَ الحَوض، وأَطْنَى إِذا أَخَذَه الطَّنَى وَهُوَ لُزوق الرّئة بالجَنْب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الطَنْءُ الرِّيبة والطِّنْءُ: الأَرْض البَيْضاء، والطِّنءُ الرَّوْضَة، وَهِي بقيّة المَاء فِي الحَوْض.
أَبُو عُبيد عَن الأُمَويّ: الطِّنءُ: المنزِل. وَقَالَ شِمر: الطَّنْءُ الرِّيبة والتهمة. وَأنْشد الفرّاء:
كَانَ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرة
وَفِي النَّوَادِر: الطِّنْءُ شيءٌ يُتَّخَذ لصَيد السِّباع مثل الزُّبْية.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّنْء فِي بعض الشعْر اسمٌ للرّماد الهامد، والطِّنْء: الفُجور، قَالَ: وَيُقَال: قوم طُنَاةٌ زُناةٌ. وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم أنّه يُقال: لدَغَتْهُ حيّة فأطنَتْهُ إِذا لم تَقتُله، وَهِي حيَّةٌ لَا تُطْنِىءُ أَي لَا تُخطِىء. والإطناء مِثل الإشواء.
سَلمَة عَن الفرّاء: الأطناءُ الأهواءُ، والأطناء: العَطيَّات.
أَبُو تُرَاب عَن شمِر: طَنَأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا استحْيَيْتُ. قَالَ: وَقَالَهُ الأصمعيّ، وَلم يَعْرِفه أَبُو سعيد. أَبُو زيد، يُقَال: رُمِيَ فلانٌ فِي طِنْئِه وَفِي نَيْطِه، وَذَلِكَ إِذا رُمِيَ فِي جَنازَتِه وَمَعْنَاهُ إِذا مَاتَ.
وَطن: قَالَ اللَّيْث: الوَطنُ مَوْطِن الْإِنْسَان ومَحَلُّه قَالَ: وأَوْطانُ الغَنَم مَرابِضُها الَّتِي تأْوِي إِلَيْهَا. وَيُقَال: أَوْطَن فلانٌ أرضَ كَذَا وَكَذَا، أَي اتَّخَذَها مَحَلاًّ ومَسْكناً يُقيم فِيهَا، قَالَ رؤبة:
حَتَّى رأى أهلُ العراقِ أنَّني
أوطنْتُ أَرضًا لم تكن من وَطَني
وأمّا الوَطَن فكلّ مَكَان قَامَ بِهِ الْإِنْسَان لأمرٍ فهوَ مَوْطن لَهُ، كَقَوْلِك: إِذا أتيتَ فوقفتَ فِي تِلْكَ المواطنِ فادْعُ اللَّهَ لي ولإخواني، وَتقول: واطَنْتُ فلَانا على هَذَا الْأَمر إِذا جعلْتُما فِي أَنْفُسِكُما أَن تَفْعَلاه، فَإِذا أردتَ معنَى وافَقْتَهُ قلتَ: وأَطَأْته، وَتقول: وَطَّنْتُ نَفسِي على أمرٍ

(14/21)


فتوطَّنَتْ، أَي حَمْلتُها فذَلَّتْ، وَقَالَ كُثَيّر:
وقلتُ لَهَا يَا عَزُّ كلُّ مصيبَةٍ
إِذا وُطِّنتْ يَوْمًا لَهَا النفسُ ذَلّتِ
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: هُوَ المَيْدَان والمِيطان بِفَتْح الْمِيم من الأوَّل وكسرِها من الثَّانِي: وَرَوَى عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: هِيَ المَياطِين والمَيادِين.
نوط نيط: قَالَ اللَّيْث: النَّوْط مصدرُ ناط يَنُوط نَوْطاً، تَقول: نُطْتُ القِرْبةَ بنِياطها نَوْطاً.
أَبُو عُبيد: النَّوْطُ: الجُلّةُ الصَّغِيرَة فِيهَا التَّمر، رَوَاهُ عَن أبي عَمرو، وسمعتُ البَحْرانِيِّينَ يُسمُّون الجِلالَ الصِّغار المكنوزة بِالتَّمْرِ الَّتِي تُعلَّق بعُراها من أَقْتاب الحَمولة نِياطاً، واحدُها نَوْط.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ وَفْدَ عبد الْقَيْس قَدِموا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَهدَوا لَهُ نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَرَ) ، أَي أهْدَوا لَهُ جُلَّةً صَغِيرَة من تَمْر التَّعْضُوض، وَهُوَ من أسرَى تُمْرَان هَجَرَ أَسْود جَعْدَ لَحيم عَذْب الطَّعم شَدِيد الْحَلَاوَة. وَقَالَ اللَّيْث: النِّياط عِرْقٌ غَلِيظٌ قد عُلِّق بِهِ القَلْب من الوَتِين وجمعُه أَنْوِطَة فَإِذا لم تُرِد العَدَدَ جَازَ أَن تَقول: للْجمع: نوطٌ لأنّ الْيَاء الَّتِي فِي النِّيَاط واوٌ فِي الأَصْل، وَإِنَّمَا قيل لبُعْدِ الفَلاة: نِيَاط لأنّها مَنُوطةٌ بفَلاةٍ أُخْرَى تَتَّصِل بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
وبلدةٍ بَعيدةِ النِّياطِ
وَيُقَال: انتاطَتْ الْمَغَازِي أَي بَعُدَتْ، من النَّوط، وانْتَطَتْ جائزٌ على الْقَلْبِ. قَالَ رؤبة:
وبلدةٍ نِياطُها نَطِيُّ
أَرَادَ نَيِّطٌ فَقلب، كَمَا قَالُوا: فِي جمع قَوْسٍ قِسِيّ.
وَقَالَ الْخَلِيل: المدّاتُ الثلاثُ مَنُوطات بِالْهَمْز، وَلذَلِك قَالَ بعضُ الْعَرَب فِي الْوُقُوف: أفْعَلِىءْ وأَفْعَلَأْ وأفْعَلؤْ فهَمَزوا الألفَ وَالْيَاء وَالْوَاو حِينَ وَقفوا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّنَوُّطُ طَيرٌ واحدتُها تَنَوُّطة، وَيُقَال: تُنَوِّط، واحدتها تُنَوِّطةٌ.
قَالَ الأصمعيّ: وإنَّما سُمِّيَ تنَوّطاً لأنَّه يُدَلِّي خُيوطاً من شجرةٍ ثمَّ يُفرخُ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَحْو ذَلِك.
شَمِر عَن ابنَ الْأَعرَابِي: بِئْر نَيِّط إِذا حُفِرَتْ فأتَى الماءَ من جانبٍ مِنْهَا فَسَالَ إِلَى قَعْرِها، وَلم تَعِنْ من قعرها بِشَيْء، وَأنْشد فَقَالَ:
لَا تَسْتَقِي دِلاؤُها من نَيِّطِ
وَلَا بَعيدٍ قَعْرُها مَخْرَوِّطِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: النَّيِّط: المَوْت، والنَّيِّط: العَيْن فِي الْبِئْر قبل أَن تصلَ إِلَى القَعْر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: بعيرٌ مَنُوطٌ، وَقد نِيطَ: لَونه نَوْطةٌ إِذا كَانَ فِي حَلْقِه وَرَم، وَرجل

(14/22)


مَنُوطٌ بالقوم: لَيْسَ من مُصاصِهِمْ وَقَالَ حسّان:
وَأَنت مَنُوط نِيطَ من آلِ هاشمٍ
كَمَا نِيطَ خَلْفَ الراكبِ القَدَح الفَرْدُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد والأمويّ: النَّيْط الْمَوْت، قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للبعير إِذا وَرِمَ نَحْرُه وأرفاغُه قد نِيطَ: لَهُ نَوْطةٌ، قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَلَا عِلْمَ لي مَا نَوْطَةٌ مُستكنَّةٌ
وَلَا أيُّ مَن فَارَقت أَسْقِي سِقائيا
قَالَ: وَيُقَال: رَماه الله بالنَّيْط، وَهُوَ الْمَوْت.
قلت: إِذا خُفِّف فَهُوَ مِثلَ الهَيْن والهَيِّن واللَّيْن واللَّيِّن، ورُوِي عَن عليّ أَنه قَالَ لمعاوية: إِنَّه مَا بَقِيَ من بني هَاشم نافخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طُعِنَ فِي نَيْطه، مَعْنَاهُ مَا بقيَ مِنْهُم أحد وَأَنَّهُمْ مَاتُوا كلهم.
شَمِر عَن ابْن شُمَيل: النَّوْطةُ لَيست بوادٍ ضَخْم وَلَا بتَلْعةٍ هِيَ بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّوْطةُ: الْمَكَان فِيهِ شجرٌ فِي وَسطه وطَرَفَاهُ لَا شجرَ فِيهَا، وَهُوَ مُرتفِع عَن السَّيْل.
وَقَالَ أَعْرَابِي وصف غيثاً: أَصَابَنَا مَطرُ جَوْد، وإنَّا لَبِنَوْطَةٍ فجَاء بِجارِّ الضَّبُع.
نطا: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الإنطاء لغةٌ فِي الْإِعْطَاء.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ مالَ اللَّهِ مَسْؤُولٌ ومُنْطًى، أَي مُعْطًى.
ورَوَى سَلمة عَن الفرّاء: الأنطَاء: العَطِيَّات.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَوَى الشَّعْبِيُّ أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: أنِطه كَذَا وَكَذَا، أَي أَعْطِه.
قَالَ: وَقَالَ زيد بن ثَابت: كنتُ مَعَ النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُملي عليَّ كِتاباً، وَأَنا أستَفْهِمه، فَاسْتَأْذن رجلٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لي: أنْطُ أَي اسكُت. قَالَ ابْن الأعرابيّ: فقد شَرَّف النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه اللُّغة وَهِي حميريَّة.
قَالَ: وَقَالَ المفضَّل: وزَجْرٌ للعَرَب تَقُولُ للبعير تسكيناً لَهُ إِذا نَفَر: أنْطُ، فيسكُن.
قَالَ: وَهُوَ أَيْضا إشْلاء الكَلْب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّطاةُ حُمَّى تَأْخُذ أَهْلَ خَيْبَر.
قلتُ: هَذَا غَلَط، ونَطاةُ عَيْنُ مَاء بخَيْبَر تَسقِي نَخِيلَ بعضِ قُراها وَهِي فِيمَا زَعَمُوا وَبِيئَةٌ، وَقد ذكَرَها الشَّاعِر فَقَالَ يذكر محموماً:
كأنَّ نَطاةَ خَيبرَ زَوَّدتْهُ
بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوع
فظنّ اللَّيْث، أنّها اسْم للحمَّى، وَإِنَّمَا نَطاةُ اسمُ عَيْن بِخَيْبَر. وَمِنْه قَول كثير:

(14/23)


حُزِيَتْ لي بحَزْم فَيدَةً تُحْدَى
كاليهودي من نطاةَ الرِّقالِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: تَناطيْتُ الرِّجال ولاَ تُناطِ الرِّجال، أَي لَا تَمرَّس بهم وَلَا تُشارَّهم.
وَمِنْه قولُ لبيد يَمدَح قومَه:
وهمُ العشيرةُ إنْ تَناطَى حاسِدٌ
أَي همْ عَشيرتي الَّتِي أفتخر بهم إِن تمرّسَ بِي عدوّ يَحسُدني.
عَمرو عَن أَبِيه: النَّطْوَة: الشفْرة الْبَعِيدَة. وَيُقَال: نَطَتِ المرأةُ غَزْلَها أَي شَدَّتْه تَنْطُوه نَطْواً، وَهِي ناطيَةٌ، والغَزْلُ مَنْطُوٌ ونَطِيٌّ، أَي مُسَدًّى، والنّاطِي: الْمُسَدِّي.
قَالَ الراجز:
ذَكَّرْتُ سَلمَى عَهْدَهُ فَشوَّقَا
وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرّقاقَ السَّمْلَقا
ذَرْعَ النَّوَاطِي السُّحُل المدَقَّقا
طون: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّونةُ كَثْرَة المَاء.
نأَط: وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: نأَطَ بالحِمْل نأْطاً إِذا زَفَر بِهِ، ونَئِيطاً. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْفَاء)
ط ف (وايء)
طفا، طفأ، طوف، طيف، وَطف، فطأ، فوط.
(طفا) : رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكَر الدَّجَّالَ فَقَالَ: كَأَن عينَه عِنَبَةٌ طافِيَة.
قَالَ أَبُو العبَّاس: وسُئل عَن تَفْسِيره فَقَالَ: الطافِية من العِنَب: الحَبَّة الَّتِي قد خَرجتْ عَن حَدِّ نِبْتَةِ أَخواتِها من الحَبّ فنتأتْ وظهرتْ. قَالَ: وَمِنْه الطّافي من السَّمَك لِأَنَّهُ يَعْلُو، ويَظهرُ على رَأس المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: طَفَا الشيءُ فوقَ الماءِ يطفو طَفْواً، وَقد يُقَال للثور الوحشيّ إِذا عَلاَ رَمْلَةً: طَفَا فَوْقها.
قَالَ العجّاج:
إِذا تَلَقَّتْه الدِّهاسُ خَطْرَفا
وَإِن تَلقَّتْه العقاقِيل طَفَا
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: اقْتلُوا الجانّ ذَا الطفيَتين والأبتَر.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الطفْيَةُ: خُوصة المُقْل وَجَمعهَا طُفًى. قَالَ: وأراهُ شَبَّه الخَطَّين اللذَين على ظهرِه بخُوصتَين من خُوص المُقْل، وَأنْشد بيتَ أبي ذُؤَيْب:
عَفَتْ غيرَ نُؤْيِ الدارِ مَا إِن تُبِينُه
وأَقْطاعِ طُفْيٍ قد عَفتْ فِي المَعَاقِلِ
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
عَبْدٌ إِذا مَا رَسَبَ القومُ طَفَا
قَالَ: طَفَا أَي نزَا بجَهلِه إِذا تَرَزَّنَ الحَليم.
سلمَةُ عَن الفرّاء: الطُّفاوِيُّ مأخوذٌ من الطُّفاوَة، وَهِي الدارة حولَ الشَّمْس.

(14/24)


وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الطفَاوَة الدَّارة الَّتِي حَوْل الْقَمَر، وَكَذَلِكَ طُفَاوَةُ القِدْر مَا طفَا عَلَيْهَا من الدّسَم.
قَالَ العجّاج:
طُفَاوَةُ الأُثْرِ كَحَمِّ الجُمَّلِ
والجُمّل الَّذين يُذيبُون الشّحْمَ.
طفأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} (الْمَائِدَة: 64) أَي أَهمَدَها حَتَّى تبْرُدَ، وَقد طَفِئَتْ تطفَأ طُفُوءًا، وَالنَّار سَكَن لهبُها وجَمْرُها يتَّقد فَهِيَ خامدة، فَإِذا سَكَن لهبُها وبرَدَ جمرُها فَهِيَ هامدة طافئة.
طوف طيف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ} (الْأَعْرَاف: 133) .
قَالَ الفرّاء: أَرسل اللَّهُ عَلَيْهِم السماءَ سَبْتاً فلَم تُقلِع لَيْلاً وَلَا نَهَارا، فضاقَتْ بهم الأرضُ، فسألوا مُوسى أَن يُرْفع عَنْهُم، فرُفع، فَلم يتوبوا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي بكر الخطّابي، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن يحيى بن يمَان عَن الْمنْهَال بن خَليفَة، عَن الحجّاج، عَن الحكم بن حَبْناء عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطوفان المَوْت.
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} قَالَ: واحدتُه فِي الْقيَاس طُوفَانَةٌ، وَأنْشد فَقَالَ:
غيَّرَ الجِدَّةَ من آياتِها
خُرُقُ الرِّيح وطوفانُ المطَرْ
قَالَ: وَهُوَ من طافَ يطوف.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الطوفان مصدرٌ مثلُ الرُّجحان والنُّقصان، فَلَا حَاجَة إِلَى أَن نطلبَ لَهُ وَاحِدًا.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لِشدّة سوادِ اللَّيْل طُوفان.
وَقَالَ الرّاجز:
وعَمَّ طوفان الظَّلامِ الأثأَبَا
وَقَالَ الزجّاج: الطوفان من كلّ شَيْء، مَا كَانَ كثيرا مُحيطاً مُطيفاً بِالْجَمَاعَة كلهَا كالغَرَق الَّذِي يَشمل المدُن الكثيرَة، يُقَال لَهُ: طُوفَانٌ، وَكَذَلِكَ القَتْل الذَّريع طُوفان، وَالْمَوْت الجارفُ طوفان.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {طَوَافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (النُّور: 58) هَذَا كَقَوْلِك فِي الْكَلَام: إِنَّمَا هُمْ خَدَمُكم، وطوَّافون عَلَيْكُم، قَالَ: وَلَو كَانَ نَصباً كَانَ صَوَابا تُخْرِجه مِن عَلَيْهِم.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم قَالَ: الطَّائِف هُوَ الْخَادِم الَّذِي يَخدمُك برفِق وعناية، وَجمعه الطوّافون، وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الهرّة: إِنَّمَا هِيَ من الطوّافات فِي الْبَيْت، أَرَادَ وَالله أعلم أَنَّهَا من خَدَم الْبَيْت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {إِذَا

(14/25)


مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} (الْأَعْرَاف: 201) وقرىء {إِذَا مَسَّهُمْ طَيّفٌ الطَّائِف والطيْف سَوَاء، وَهُوَ مَا كَانَ كالخَيال، والشيءُ يُلمّ بك.
وَقَالَ الهذَلي:
فَإِذا بهَا وأَبِيكَ طَيْفُ جُنونِ
وروى ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} قَالَ: الغَضَب. رَوَى الحكمُ عَن عكرمةَ فِي قَوْله: إِذا مَسَّهم طَيْفٌ من الشَّيْطَان تَذكرُوا، قَالَ ابْن عَبَّاس: الطيْفُ الغَضَبُ:
قلتُ: الطَّيْفُ فِي كَلَام العَرَب الجُنون، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر، وَقيل: الغضَبُ طيفٌ لِأَن عَقْلَ من استفزّه الغَضَبُ يَعزُبُ حَتَّى يَصيرَ فِي صُورَة الْمَجْنُون الَّذِي زَالَ عقلُه، وَيَنْبَغِي للعاقل إِذا أحسَّ من نَفسه إفراطاً فِي الغَضب أَن يَذكُر غَضَب الله على المُسْرِفين، فَلَا يُقدم على مَا يوبِقُه، ونسألُ الله توفيقَنا للقَصْد فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِنَّه الْمُوفق لَهُ.
وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ.
وَقَالَ غَيره: طُفْت أطوفُ طَوْفاً وطَوَافاً، وَطَاف الخيالُ يَطيف طَيْفاً.
وَقَالَ اللّيث: كلُّ شيءٍ يَغشى البصَر مِن وَسْواسِ الشَّيْطَان فَهُوَ طَيْف؛ قَالَ: وَيُقَال أَطافَ فلانٌ بِالْأَمر إِذا أَحَاطَ بِهِ، والطائف: العاسُّ باللّيل، قَالَ: والطائفُ الّتي بالغَوْرِ سُمِّيت طَائِفًا لحائِطها المبنيِّ حولَها المحدق بهَا، والطائفة من كل شَيْء قِطْعةٌ، يُقَال: طائفةٌ من النَّاس، وطائفةُ من اللّيل، وَيُقَال: طَاف بِالْبَيْتِ طَوَافاً، واطَّوَّف اطِّوّافاً، وَالْأَصْل تَطَوّفَ تَطَوُّفاً، وطافَ طَوْفاً وطِوافاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: يُقَال لأوّل مَا يَخرُج من بطن الصَّبِي: عِقْيٌ، فَإِذا رضِعَ فَمَا كَانَ بعد ذَلِك قيل: طافَ يَطوفُ طَوْفاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي مِثلَه، وَزَاد فَقَالَ: أطَّاف يَطاف اطِّيافاً، إِذا أَلقَى مَا فِي جَوفِه، وَأنْشد:
عَشَّيْتُ جابَانَ حَتَّى اشْتدَّ مَغْرِضُه
وكادَ يَنْقَدُّ إِلَّا أنهُ أطَّافَا
جَابَان: اسْم جمَل، والمطاف، موضعُ الطّواف حولَ الْكَعْبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطوف قِرَبٌ ينْفخ فِيهَا ثمَّ يشد بَعْضهَا إِلَى بعض كَهَيئَةِ سطح فوقَ المَاء يُحمل عَلَيْهَا الْميرَة، ويُعبَر عَلَيْهَا.
قلتُ: الطَّوْف الّذي يُعبَر عَلَيْهِ فِي الأنْهار الْكِبَار تُسَوَّى من القَصَب والعِيدان يُشَدّ بعضُها فوقَ بعض، ثمَّ تُقَمَّطُ بالقمُط حتّى يُؤمَنَ انحلالها، ثمَّ تُركَبُ ويُعْبَرُ عَلَيْهَا، وربّما حُمِل عَلَيْهَا الجَمَل على قَدْر قُوّته، وثَخانته، وَهُوَ الرِّمْثُ أَيْضا، وتَسمَّى العَامَة بتَخْفِيف الْمِيم.

(14/26)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا} (الْقَلَم: 19) لَا يكون الطَّائِف إِلَّا لَيْلاً، وَلَا يكون نَهَارا، وَقد تتكلّم بِهِ الْعَرَب فَيَقُولُونَ: أطفْتُ بِهِ نَهَارا، وَلَيْسَ موضعُه بِالنَّهَارِ، وَلكنه بِمَنْزِلَة قولِك: لَو تُرِك القَطَا لَيْلاً لَنَام، لأنَّ القطا لَا يَسْرِي لَيْلاً، أَنْشدني أَبُو الجرّاح:
أطفْتُ بهَا نَهاراً غيرَ لَيْلٍ
وألْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَاف: سوادُ اللّيل، وَأنْشد:
عِقْبَان دَجْنٍ بادَرَتْ طِيافَا
فطأ: أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: فَطأْتُ الرجَل أفْطَؤُهُ فَطْأً إِذا ضرَبْتَه بعَصاً، أَو بظهرِ رِجلِك.
قَالَ: وتَفاطَأَ فلانٌ عَن الْقَوْم بَعْدَمَا حَمَل عَلَيْهِم تَفاطُؤاً، وَذَلِكَ إِذا انكَسَر عَنْهُم ورَجَع.
قَالَ: وَيُقَال: تَبازَخ عَنْهُم تَبازُخاً فِي مَعْنَاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَطَأُ فِي سَنامِ الْبَعِير، بعيرٌ أفطأُ الظَّهْر، وَالْفِعْل فَطِىءَ يَفْطَأ فَطَاءً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر وَأبي عَمْرو: الأفْطأُ مَهْمُوز: الأفطَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفَطَأ الرجلُ إِذا جامَعَ جماعاً كثيرا، وأَفْطَأ إِذا اتّسعتْ حالُه، وأَفطَأ إِذا ساءَ خُلُقُهُ بعد حُسْن.
وَطف: قَالَ اللَّيْث: الوَطَفُ كثرةُ شَعَرِ الحاجبَين والأشفار واسترخاؤه.
وَيُقَال: سَحَابَة وَطْفَاء، كَأَنَّمَا بوجهها حِمْلٌ كثير، وَيُقَال فِي اللَّيْل: ظلامٌ أوطَفُ.
وَمن صفة رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه كَانَ بأشْفارِه وَطَف، الْمَعْنى أنّه كَانَ فِي هُدْب أشفارِ عَيْنيه طولٌ، يُقَال: رجلٌ أوطَف، وَامْرَأَة وَطْفاء، إِذا كَانَا كثيرَيْ شعرِ أهْداب العَيْن.
وَفِي حَدِيث آخر أنّه كَانَ أهدَبَ الأشفار أَي طويلَها.
أَبُو زيد: الوَطْفاء الدِّيمة السَّحُّ الحَثِيثةُ طَال مطرُها أَو قَصُر إِذا تَدَلَّتْ ذُيولُها، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فِيهَا وَطَفْ
فوط: قَالَ اللَّيْث: الفُوَطُ: ثيابٌ تُجلَب من السِّند، الْوَاحِدَة فُوطَة، وَهِي غِلاظٌ قصارٌ تكون مآزِرَ.
قلت: لم أسمعْ فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب العاربة الفُوَطَ، ورأيتُ بِالْكُوفَةِ أُزُراً مخطّطةً يَشْتَرِيهَا الجَمّالون والخَدَم فيتَّزرون بهَا، الْوَاحِدَة فوطة، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا. انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(14/27)


(بَاب الطَّاء وَالْبَاء)
ط ب (وايء)
طيب، طوب، طَابَ، طبي، وطب، وبط، أبط، بوط، بطأ.
وبط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوابِطُ الضَّعيفُ، وَقد وَبَطَ يَبِط وَبْطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: وَبَط رأيُ فلانٍ فِي هَذَا الْأَمر وُبُوطاً، إِذا ضَعُف.
أبط: أَبُو عَمْرو الشيْباني: وَبَطه الله: وأَبَطَه الله وهَبَطَه بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبَطَه الله وهَبَطه بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
أَذاكَ خيرٌ أيُّها العَضارِطُ
أم مُسْبَلاتٌ شبينُهُنَّ وابِطُ
أَي واضِعُ الشرَف. والإبْطُ إبْطُ الرجُل والدّواب، وجمعُه الآباطِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإبْط أسفَلُ حَبْلِ الرَّمْل ومَسْقَطُه.
ورُوِي عَن أبي هُريرة: أنّه كَانَت رِدْيَتُه التأبُّط.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ أَن يُدخِلَ الثوبَ تحتَ يدهِ اليُمْنَى، فيلقِيَه على منكبِه الأيسَر، حَكَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَأَبَّطَ فُلانٌ سَيْفاً أَو شَيْئا، إِذا أخذَه تحتَ إبْطِه، وَلذَلِك قيل لِثَابِت بن العَمَيثل الشَّاعِر تأبَّط شَرّاً.
بوط: قَالَ اللَّيْث: البُوطة الّتي يُذِيب فِيهَا الصَّاغةُ وَنَحْوهم من الصُّنَّاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: باطَ الرجلُ يَبُوط إِذا افتَقَر بعد غِنًى وذَلّ بعد عِزّ.
(بطأ) : وَقَالَ أَبُو زيد: تَبَأَّط الرجلُ تَبَؤُّطاً إِذا أَمْسَى رَخِيَّ البال غير مهموم صَالحا.
قَالَ اللَّيْث: البُطْؤُ: الإبطاء، يُقَال: بَطُؤَ فِي مَشيه يَبْطُؤُ بُطْءاً، فَهُوَ بَطِيءٌ، وَمِنْه الإبْطاء والتَّباطُؤُ.
وَيُقَال: مَا أبْطأَ بك يَا فلَان عنّا، وبطَّأَ فلانٌ بفُلان إِذا ثَبَّطه عَن أمرٍ عَزَم عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّيْث: بَاطيَةُ: اسمٌ مجهولٌ أصلُه.
قلت: الباطيَة النَّاجودُ الَّذِي يُجعَل فِيهِ الشَّرَاب وَجمعه البَواطِي، وَقد جَاءَ فِي أشعارِهم.
وطب: الوَطْبُ: سِقاءُ اللّبن، وجمعُه وِطاب وأَوْطاب، وامرأَة وَطْباء إِذا كَانَت ضخمَة الثَّدْيَين، كأنّها تَحمِل وَطْباً من اللّبن، وَيُقَال للرّجل إِذا ماتَ أَو قُتِل: صَفِرَتْ وِطابه، أَي فَرغَتْ وخَلَتْ.
وَقيل: إِنَّهُم يَعْنون بذلك خُروجَ دَمِه من جَسَدِه، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وأَفْلَتَهنَّ عِلْباءٌ جَريضاً
وَلَو أدْرَكْتَه صَفِرَ الوِطابُ
وَيُقَال ذَلِك للرّجل يُغار على نَعَمِه ومالِه.

(14/28)


طيب طوب: قَالَ اللَّيْث: الطِّيْبُ على بِناءِ فِعْل: وَالطّيب نَعْت، والفِعلُ طابَ يَطيب طِيباً.
قَالَ: والطابّة: الخَمْر.
قلتُ: كأنَّها بِمَعْنى طَيّبة، والأصْل طَيْبة، وَكَذَلِكَ اسمُ مدينةِ الرَّسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طابَه وطَيْبة، وَمِنْه قَوْله:
فأَصْبَحَ مَيْموناً بطَيْبَةَ راضِياً
وَيُقَال: مَا أطيَبَه وأَيطَبَه وأَطيبْ بِهِ وأيْطِبْ بِهِ كلَّه جَائِز.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئَابٍ} (الرَّعْد: 29) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوبَى فُعْلَى من الطِّيبِ. قَالَ: والمعنَى العيشُ الطيّب لَهُم، قَالَ: وَقيل: إِن طُوبَى اسمُ شجرةٍ فِي الجنَّة، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} (الرَّعْد: 29) حُسنَى لَهُم، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} خَيْرٌ لهُمْ، وَقيل: طوبَى اسمْ الجَنَّة بالهِنْدِيَّة. وَقيل: طوبَى لَهُم خِيرَةٌ لَهُم. قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِير كلّه يُسَدِّد قَول النحويِّين أَنَّهَا فُعلى من الطِّيب.
وَقَالَ غيرُه العَرَب: تَقول طُوبَى لَك، وَلَا تَقول طوبَاك. وَهَذَا قولُ أَكثر النحويِّين إِلَّا الْأَخْفَش فَإِنَّهُ قَالَ: من الْعَرَب من يُضيفُها فَيَقُول طوبَاك.
ورُوِي عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: طُوبَى اسمُ الجنّة بالحبشية.
قلت: وطُوبَى كَانَت فِي الأَصْل طُيْبَى فقُلِبت الْيَاء واواً لانضمام الطَّاء.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: سَبْيٌ طِيَبة، أَي سَبْيٌ طَيّبٌ يَحِلّ سَبْيُه، وَلم يُسْبَوْا وَلَهُم عَهدٌ وذِمّةٌ، وَهُوَ بوَزْن خِيرَة وتِوَلَة.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهَى أَن يَستَطِيبَ الرجلُ بِيمِينه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الاستطابةُ الِاسْتِنْجَاء. سُمِّي استطابةً لأنّه يُطيّبُ جَسَده ممّا عَلَيْهِ من الخَبَث بالاستنجاء فَيُقَال مِنْهُ: استطابَ الرجلُ فَهُوَ مُستطِيب، وأطَاب نفسَه فَهُوَ مُطِيب. قَالَ الْأَعْشَى:
يَا رَخَماً قَاظَ على مطلوبِ
يُعجِلُ كفَّ الخارِىء المُطِيبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أطابَ الرجلُ واستطابَ إِذا استَنْجى وأَزال الأذَى، وأَطابَ إِذا تَكلّم بكلامٍ طيّب، وأطابَ قَدَّم طَعاماً طَيِّباً، وأطابَ: وَلَدَ بنينَ طيّبين، وأطابَ: تَزوَّج حَلالاً، وأنشدَ:
لَما ضُمِّنَ الأحشاءُ مِنكَ عَلاقةٌ
وَلَا زُرتَنا إلاَّ وأنتَ مُطِيبُ
أَي متزوّج، وَهَذَا قالتْه امرأةٌ لِخدْنها. قَالَ: والحرَام عِنْد العشَّاق أطيَب وَلذَلِك قَالَت:
وَلَا زرتنا إِلَّا وَأَنت مُطيب
قَالَ اللَّيْث: مَطايِبُ اللَّحْم، وكلّ شَيْء لَا يُفْرد فإنْ أُفرِد فواحدُه مَطابٌ ومَطَابة. وَهُوَ أطيبه.

(14/29)


ورَوَى اللّحياني عَن الأصمعيّ قَالَ: يُقَال: أَطعِمْنان مَطايبها وأطايِبها وَاذْكُر مَنَاتِنَها وأَناتِنَها، وامرأةٌ حَسنة المَعارِي، والخيلُ تَجرِي على مَساويها، والمَحاسنُ، والمقاليدُ لَا يُعرف لهَذِهِ وَاحِدَة.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: وَاحِد المطَايِب مَطْيَبٌ، وَوَاحِد المعارِي مَعْرًى وَوَاحِد المَساوِي مَسْوًى.
وَقَالَ اللَّيْث: الطيِّبَاتُ من الكلامِ أفضَلُه وأحسَنُه، وَيُقَال: طابَ القتالُ أَي حَلّ، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: طابَ المضرب وَالْقَتْل، يُرِيد طابَ الضَّرْبُ والقتلُ أَي حَلّ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَائِكَ مُبَرَّءُونَ} (النُّور: 26) .
قَالَ الفرّاء: أَي الطيّبات من الْكَلَام للطيِّبِين من الرِّجَال.
وَقَالَ غَيره: الطَّيِّبَات من النِّسَاء للطيبين من الرِّجَال.
وأمّا قولُه جلّ وَعز: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (الْمَائِدَة: 4) .
الْخطاب للنَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمرَاد بِهِ العَرَب، وَكَانَت العربُ تستقذِر أشياءَ كَثِيرَة فَلَا تأْكُلها، وتستطيب أَشْيَاء تأكلها فأحَلَّ اللَّهُ جلَّ وعزّ لَهُم مَا استطابوه، ممَّا لم يَنزِل بِتَحْرِيمِهِ تِلاوةٌ مِثل لُحومِ الْأَنْعَام وألبانِها، وَمثل الدَّوابّ الّتي كَانُوا يأكلونها من الضِّباب واليرابيع والأرانب والظباء وَغَيرهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الأطيَبان الفَمُ والفَرْج.
ثَعْلَب عَن ابْن الإعرابيّ: ذهب أطيَبَاه أكلهُ ونِكاحُه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هما النَّوْم والنِّكاح، والطُّوبة: الآجُرَّةُ ذَكَرَها الشافعيّ، قَالَ: والطوبُ الآجُرُّ.
ورَوَى شمر عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: فلَان لَا آجُرَّة لَهُ وَلَا طُوبَة. قَالَ: الطُّوب الآجرُّ.
وَيُقَال: فلَان طيّب الْإِزَار، إِن كانَ عَفيفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
رِقاقُ النِّعال طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ
يُحيَّون بالريحان يَوْم السَّبَاسِبِ
أَرَادَ أنَّهم أعفّاء الْفروج عَن المحارِم، وَمَاء طيّبٌ وطُيّابٌ. قَالَ الراجز:
إِنَّا وَجَدنا ماءَها طُيَّابا
إِذا كَانَ عَذباً، وَطَعَام طَيّب إِذا كَانَ سائغاً فِي الحَلْق، وفلانٌ طيِّب الأخْلاق إِذا كَانَ سَهْلَ المعاشرة. وبَلد طيبٌ لَا سِباخَ فِيهِ، والكلمة الطيّبة: شَهَادَة أَن لَا إلاه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله؛ وَمَاء طيب: أَي طَاهِر؛ وَيُقَال: طيَّبَ فلانٌ فلَانا بالطِّيب، وطيَّب صَبيَّهُ إِذا قارَبَه وناغَاه بِكَلَام يُوَافقهُ. وماءٌ طيَّاب؛ أَي طيّب، وَقَالَ:
إِنَّا وَجدْنا ماءَهَا طُيّاباً

(14/30)


طبي: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ، يُقَال للسِّباع كلِّها: طُبْيٌ وأَطْباء، وذواتُ الْحَافِر كلُّها مِثلُها، وللخُفّ والظِّلْف خِلْف وأَخْلاف.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: طَبَاني الشَّيْء يَطْبيني ويَطبُوني إِذا دَعاك، وَقَالَ اللَّيْث: طَبى فلانٌ فلَانا يَطْبِيه عَن رَأْيه وأَمرِه. وكل شَيْء صَرَف شَيْئا عَن شَيْء، فقد طَبَاه عَنهُ، وأنشدَ:
لَا يَطَّبيني العَمَلُ المُقَذِّي
أَي لَا يستميلُني. قَالَ: والطُبيْ: الواحدُ من أَطْباء الضَّرْع وكل شَيْء لَا ضرع لَهُ مثل الكلبة فَلها أَطْباء.
وَقَالَ شَمِر: طَبَاهُ وأَطْباهُ واستئعاه دُعَاء لطيفاً.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْمِيم)
ط م (وايء)
طيم، طما، أَطَم، مطى، ميط، ومط.
طيم: يُقَال: مَا أحسنَ مَا طامَه الله وطانَه، أَي جَبَلَه، يَطيمُهُ طَيْماً ويَطِينه طيْناً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه الله على الخَيْر وطامَه، أَي جَبَلَه.
طما: قَالَ اللَّيْث: يُقَال طَمَى الماءُ يَطمِي طُمِيّاً ويَطْمُو طُمُوّاً فَهُوَ طامٍ، وَذَلِكَ إِذا امْتَلَأَ البحرُ أَو النَّهر أَو الْبِئْر.
ابْن السكّيت عَن أبي عُبيدة: طَمَا الماءُ يَطْمُو طموّاً ويَطمِي طُمِيّاً إِذا ارْتَفع، وَمِنْه يُقَال: طَمَتْ المرأةُ بزَوجها أَي ارتَفَعت بِهِ.
مطا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: مَطَى إِذا صاحَبَ صَدِيقاً، وَهُوَ مِطْوِي أَي صَاحِبي.
قَالَ: وَمَطى إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وأَصلُ المطو المدُّ فِي هَذَا، ومَطَا إِذا تَمَطَّى، وَإِذا تَمطّى على الحُمَّى فَذَلِك المُطَوَاء، وَقد مَرَّ تفسيرُ المَطِيطاء فِي بَاب المضاعَف، وَهُوَ الْخُيَلاَء والتَّبختُر، وَقَوله عز وَجل. {وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى} (الْقِيَامَة: 33) أَي يتبختر، يكون من المَطّ والمَطْوِ، وهما المدّ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه مَرَّ ببلال وَقد مُطِيَ فِي الشّمس، فَاشْتَرَاهُ وأَعتَقه، معنَى مُطِيَ أَي مُدَّ، وكلّ شَيْء مَدَدْتَه فقد مَطَوْتَه؛ وَمِنْه المَطْو فِي السَّيْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَا الرجُل يَمْطو إِذا سارَ سَيْراً حَسَناً، وَقَالَ رؤبة:
بِهِ تَمَطّتْ غَوْلَ كلِّ رَسيلَة
بِنَا جَراجيحُ المَطِيِّ النُّفّهِ
تمطّت بِنَا، أَي سَارَتْ بِنَا سَيْراً طَويلا ممدوداً، وَقَالَ الآخر:
تمطّت بِهِ أُمُّه فِي النِّفاسِ
فَلَيْسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوأَمِ
أَي نَضّجَتْ بِهِ وجَرَّت حَمْلَه، وَقَالَ الآخر:

(14/31)


تَمطّت بِهِ بيضاءُ فرعٌ نَجِيبَةٌ
هِجانٌ وبعضُ الوَالِداتِ غَرامُ
والمَطّية. الناقةُ الّتي يُركَبَ مَطاها.
أَبُو عبد عَن الأسوى: المَطْوُ الشِّمْراخ بلُغة بَلْحارث بنِ كَعْبٍ، وجمْعه مِطاء، وَهِي الكِناب والعَاسي.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَأَ الرجلُ إِذا أكَل الرُّطَب من الكُبَاسَة، قَالَ: والأُمْطِيُّ الّذي يُعمَل مِنْهُ العِلْكُ.
قَالَ: واللُّبَايةُ: شجر الأُمْطِيّ، وَقَالَ النَّضر: الْمِطوُ سَبَلُ الذُّرَة. والمَطَا: مقصورٌ. والمطيّة: البعيرُ يُمْتَطَى ظَهْرُه، وَجمعه المَطايا يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى؛ وَقَالَ ابنْ بزرج: سمعتُ الباهليِّين يَقُولُونَ: مَطَا الرجلُ المرأةَ ومَطأَها بِالْهَمْز أَي وَطِئَها.
قلت: وشَطَأَها بالشين بِهَذَا الْمَعْنى لُغةٌ.
أَطَم: عَمْرو عَن أَبِيه، الأطُوم: سمكةٌ فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا المَلِصَة، والزالِخة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأطُوم سَمَكةٌ من الْبَحْر وأَنشد:
وجِلْدُها من أَطُومِ مَا يؤيِّسُه
طِلْحٌ بضاحِيَة البَيْداء مَهْزُولُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأُطُوم: القُصور؛ والأطُوم: السُّلَحْفَاة.
أَبُو عبيد: الأطيمةُ مَوْقِدُ النّار، وَجَمعهَا أَطائِم، وَقَالَ الأفْوَه الأوْدِيُّ:
فِي مَوْطِنٍ ذَرِب الشَّبَا فَكأنما
فِيهِ الرجالُ على الأطائِم واللُّظى
وَقَالَ شَمِر: الأطِيمةُ توثق الْحمام بالفارسيّة. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأتُّون والأطيمةُ الدَّاسْتورن.
ابْن بُزُرْجَ: أَطَمْتُ على الْبَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْتُ سُتُورَه، وأَطَمْتُ أُطُوماً إِذا سَكَتَّ، وتأطّم فلانٌ عليَّ تأطُّماً إِذا غَضِبَ، وأَطَمْتُ البئرَ أَطْماً إِذا ضَيَّقْتَ فَاها. وَيُقَال للرّجل إِذا عسُرَ عَلَيْهِ بُروزُ غائِطه: قد أُطِم أَطْماً وأْتطِمَ ائْتِطاماً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هِيَ الْآطَام وَالْآجَام للحصون، وَاحِدهَا أطْمٌ وأُجْمٌ.
اللَّيْث: تأطّم السَّيْلُ: إِذا ارتفَعتْ فِي وَجْهِه طَحَماتٌ كالأمواج، قَالَ رؤبة:
إِذا ارتَمَى فِي وَأْدِه تأَطُّمُهْ
وَأْدُهُ: صَوْتُه.
وَيُقَال: أَصَابَهُ أُطام وإطام إِذا احتَبَس بطنُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: بعيرٌ مَأْطوم، وَقد أُطِم إِذا لم يَبُل من داءٍ يكون بِهِ، والتَّأْطِيمُ فِي الهَوْدج: أَن يُسَتَّرَ بِثِيَاب، يُقَال: أَطَّمْتُه تَأْطِيماً، وَأنْشد:
تَدخُل جَوْزَ الهَوْدَجِ المؤطَّمِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّأَطُّمُ سُكُوتُ الرجلُ على مَا فِي نفسِه، وتَأَطُّمُ اللّيلِ ظُلْمَتُه،

(14/32)


وَقَالَ خَليفَة: أزَمَ بيَده وأَطَمَ إِذا عَضَّ عَلَيْهَا.
ميط: أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: مِطْتُ عَنهُ وأَمَطْتُ إِذا تَنَحَّيْتَ عَنهُ، وَكَذَلِكَ مِطْتُ غَيْرِي وأَمَطْتُه أَي نَحَّيْتُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: مِطْت أَنا، وأَمَطْتُ غَيْرِي، وَمن قَالَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ باطلٌ، وَأنْشد:
فَمِيطي تَمِيطي بصُلْبِ الفُؤادِ
وَوَصْلِ كَرِيمٍ وكنَّادِها
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: مِطْ عَنِّي أَمِطْ وَأَسِط عنِّي بِمَعْنى، وَرَوَى بيتَ الْأَعْشَى:
أَمِيطي تَمِيطي
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: تَهايَط القومُ تَهايُطاً إِذا اجتَمَعوا وأَصلَحوا أمرَهم، وتَمايَطوا تمايُطاً إِذا تباعدوا وفَسَد مَا بَينهم.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي طَالب النَّحوي، عَن مسلمة قَالَ: قولُهم مَا زِلنا بالهياطِ والمِيَاطِ، قَالَ الفرّاء: الهياطُ أشدُّ السَّوْق فِي الوِرد، والمِياط أشدُّ السَّوق فِي الصَّدَرِ، قَالَ: ومَعْنى ذَلِك بالمجيء والذَّهاب.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: الهِياط: الإقبال، والمِياط: الإدبار.
وَقَالَ غَيره: الهِياط: اجتماعُ النَّاس للصُّلح، والمِياط التفرُّق عَن ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الهِياط المُزَاوَلة، والمِياط المَيْل، وَيُقَال: أَماطَ اللَّهُ عَنْك الأذَى أَي نَحَّاه. وَيُقَال: أَرَادوا بالهِياط الجَلَبة والصَّخَب، والمِياط التباعُد والتنحّي والمَيْل.
أَبُو زيد: يُقَال: أَمِطْ عنّي أَي اذهَبْ عنّي واعدِل. وَقد أماطَ الرجلُ إمَاطَة.
وَقَالَ أَبُو الصَّقر: ماطَ عنّي مَيْطاً ومِطْ وأَمِطْ عنّي الْأَذَى إمَاطَة. لَا يكون غيرُه.
ومط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمْطةُ الصَّرعةُ من التَّعب.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/33)


بَاب اللفيف من حرف الطَّاء
طاء، طوي، وطأ، طاط، وطوط، طوط، أَطَأ، طأطأ، أطط، طيا.
طاء طوي: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الطاءُ حرْف من حُرُوف الْعَرَبيَّة ألفُها ترجع إِلَى الْيَاء، إِذا هَجَّيْتَه جزمْتَه وَلم تُعْرِبْهُ كَمَا تَقول: طَ. دَ. مرْسَلَة اللّفْظ بِلَا إِعْرَاب، فَإِذا وصَفْتَه وصيّرْتَه اسْما أعربتَه، كَمَا يعرب الِاسْم فَيُقَال: هَذِه طاء طَوِيلَة، لما وَصفته أعربته. وَتقول: طويتُ الصَّحِيفَة أطوِيها طيّاً فالطيُّ المصدرُ، وطوَيْتُها طَيَّة وَاحِدَة، أَي مَرّة وَاحِدَة، وَإِنَّه لَحسَن الطِّيّة بِكَسْر الطَّاء يُرِيدُونَ ضَرْباً من الطَّيّ، مِثل الجِلْسة والمِشْية، وَقَالَ ذُو الرمّة:
كَمَا تُنْشَر بعد الطِّيّةِ الكتُب
فكَسَر الطَّاء لأنّه لم يُرِدْ بِهِ الطَّية الْوَاحِدَة وَيُقَال للحيَّة ومَا يُشْبِهها انْطَوَى يَنْطَوِي انطِواء، فَهُوَ منطوٍ على مُنْفَعِل.
قَالَ: وَيُقَال اطَّوَى يَطَّوِي اطِّوَاءً، إِذا أردتَ بِهِ افْتَعَل فأَدْغِمْ التَّاء فِي الطَّاء، فَتَقول: مُطَّوٍ مُفْتَعِل. قَالَ: والطِّيّة تكون مَنزِلاً، وَتَكون مُنْتَوًى، يُقَال: مَضَى لطيَّته أَي لِنيَّته الَّتِي انْتواها، وبعُدَتْ عنّا طِيَّتُه، وَهُوَ المَوْضع الّذي انْتواه، وَيُقَال: طَوَى اللَّهُ لنا البُعْدَ، أَي قَرَّبه، وفلانٌ يَطوِي البلادَ أَي يَقْطَعُها بَلَداً عَن بلد، وَيُقَال: طِيَّةٌ وطِيَةٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
أصَمّ القَلْب حُوشِيَّ الطِّيَاتِ
وَقَالَ: طوَى فلانٌ كَشحَه إِذا مَضَى لوجهه، وَأنْشد:
وصاحبٍ قد طَوَى كَشحاً فقُلْتُ لَهُ
إنّ انطواءَكَ هَذَا عَنْك يَطوِيني
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، يُقَال: طَوَى فلانٌ فُؤَاده على عَزِيمَة أمرٍ إِذا أسَرَّها فِي فُؤَاده، وطوَى فلانٌ كَشحَه على عَدَاوَة إِذا لم يُظهِرها.
وَيُقَال: طَوَى فلانٌ حَدِيثا إِلَى حديثٍ، أَي لم يُخْبر بِهِ أسَرَّهُ فِي نَفسه، فجازَه إِلَى آخَر كَمَا يَطوِي المسافرُ منزلا إِلَى منزل فَلَا يَنزِلُ، وَيُقَال: اطْوِ هَذَا الحديثَ أَي اكتُمْه.
وَيُقَال: طوَى فلَان عنّي كَشحه أَي أَعرَض عنْي مُهاجِراً. وطَوَى كَشحَه على أمرٍ إِذا أَخْفاه وَقَالَ زُهير:
وَكَانَ طَوَى كَشحاً على مُستَكنَّةٍ
فَلَا هوَ أَبْداها وَلم يَتَقَدَّمِ
أَرَادَ بالمستكِنّة عَداوةً أكَنّها فِي ضَمِيره.

(14/34)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَوَى إِذا أَبَى، وطَوَى إِذا جازَ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الطَّيُّ الْإِتْيَان، والطيُّ الْجَوَاز يُقَال: مَر بِنَا فَطَوانَا أَي جَلَس عندنَا، ومرَّ بِنَا فَطَوَانا أَي جازَنا.
وَقَالَ اللَّيْث: أطْواءُ النَّاقة: طَرائِقُ شَحم جَنْبَيْها وسنَامِهَا طيٌّ فَوق طي، ومَطاوِي الحيّة ومَطاوِي الأَمعاءَ والشحمِ والبَطن والثَّوب أطواؤُها، وَالْوَاحد مَطْوًى وَكَذَلِكَ مطاوي الدِّرْع إِذا ضُمّت غُضُونُها، وأَنشد:
وعِنْدِي حَصْداءُ مَسْرودَةٌ
كأنّ مطاوِيَها مِبْرَدُ
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} (طه: 12) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوَى اسمُ الْوَادي وَهُوَ مذكَّر، سمِّي بمذكَّر على فعل نَحْو حطم وصُرد وَمن لم يُنوِّنه ترك صرفه من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن يكون معدولاً عَن طاوٍ، فَيصير مثل عُمَر المعدول عَن عَامر، فَلَا يَنْصَرف، كَمَا لَا ينْصَرف عُمَر، والجهة الْأُخْرَى أَن يكون اسْما للبُقْعة، كَمَا قَالَ: {الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} (الْقَصَص: 30) ، وَإِذا كسِر فنُوِّن طِوًى فَهُوَ مِثل مِعًى وضِلَع مَعْرُوف، وَمن لم ينون جعله اسْما للبقعة.
وَسُئِلَ الْمبرد عَن وادٍ يُقَال لَهُ: طُوًى أَنصرِفه؟ قَالَ: نعم، لِأَن إِحْدَى العلتين قد انخَرَمَتْ عَنهُ. وَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ طُوَى وَأَنا وطوى اذْهَبْ غيرَ مُجْرًى. وَقَرَأَ الْكسَائي وَعَاصِم وَحَمْزَة وَابْن عَامر: طُوًى منوَّناً فِي السُّورتين.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: رجلٌ طَيّانٌ لم يَأْكُل شَيْئا. وَقد طَوِيَ يَطْوَى طَوًى، فَإِذا تعمَّد ذَلِك، قيل: طَوَى يَطْوِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَّان الطَّاوي البَطين، وَالْمَرْأَة طَيَّا وطاوِيَة. وَقَالَ: طَوَى نَهارَه جائعاً يَطوِي طَوًى فَهُوَ طاوٍ طَوٍ. قَالَ: طَيِّءٌ قبيلةٌ بِوَزْن فَيْعِل والهمزة فِيهَا أصليّة. قَالَ: وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا طائيٌّ لِأَنَّهُ نُسِب إِلَى فَعِل فَصَارَت الْيَاء ألفا، وَكَذَلِكَ نَسَبوا إِلَى الْحيرَة حارِيّ، لِأَن النِّسْبَة إِلَى فَعِل فَعَلِيّ، كَمَا قَالُوا فِي رَجُل من النَّمِر: نَمَرِيٌ. قَالَ: وتأليف طيِّء من همزَة وطاء وياء، وَلَيْسَت من طَوَيْت، وَهُوَ ميّتُ التصريف.
وَقَالَ بعض النّسابين: سُمِّيت طَيِّءٌ طَيِّئاً لِأَنَّهُ أوّل من طَوَى المنَاهِل، أَي جازَ مَنْهَلاً إِلَى مَنهَلٍ آخَر وَلم يَنزِل.
ابْن السكّيت. مَا بِالدَّار طُوئيٌّ بوَزْن طُوعِيَ وطُؤْوِيٌّ بِوَزْن طُعْوِيّ، وَقَالَ العجّاج:
وبلدة لَيْسَ بهَا طُوئيٌّ
أَي لَيْسَ بهَا أحد. والطَّوِيُّ: البئرُ المَطْوِيّة بالحِجارة، وَجَمعهَا أَطْواء.

(14/35)


وطأ: قَالَ اللَّيْث: الموطِىء: المَوْضع. قَالَ: وكلُّ شَيْء يكون الفعلُ مِنْهُ على فَعِل يَفعَل فالفِعْل مِنْهُ مَفْتُوح الْعين إلاّ مَا كَانَ من بَنات الْوَاو على بِنَاء وَطِىءَ يَطَأُ وَطْأً. قَالَ: وإنّما ذَهَبت الواوُ من يَطأُ فَلم تَثْبُت كَمَا تَثْبُتُ فِي وَجِل يوْجَل، لِأَن وَطِىءَ يَطَأُ مَبْنِيٌّ على تَوَهُّمِ فَعِلَ يَفعِل مِثلَ وَرِم يَرِمُ غيرَ أنَّ الْحَرْف الَّذِي يكون فِي مَوضِع اللَّام مِن يَفعَل من هَذَا الحدّ إِذا كَانَ من حُرُوف الْحلق السِّتَّة، فإنَّ أكثرَ ذَلِك عِنْد الْعَرَب مَفْتُوح، وَمِنْه مَا يُقَرُّ على أصلِ تأسيسه مِثل وَرِمَ يَرِم، وأمّا وَسِع يَسَع فُتِحَت يَسَعَ لِتِلك العلّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الوطْءُ بالقَدم والقَوائم، تَقول: وطَّأْتُه بقدمي إِذا أردتَ بِهِ الْكَثْرَة. ووطَّأْتُ لَك الأمرَ إِذا هيأتَه. ووطأْتُ لَك الفِراشَ، وَقد وَطؤَ يَوْطؤُ وَطْأً والوطْءُ بالخَيْل أَيْضا. وَيُقَال: وَطِئْنا العدُوَّ وَطاةً شَدِيدَة. والوَطأَةُ: الأخْذَةُ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطأَتَك على مُضَر) ، أَي خُذْهم أخْذاً شَدِيدا، فأَخذَهم الله بالسِّنِين، والوَطَأَةُ هم أبناءُ السَّبيل من النَّاس، سُمُّوا وَطَأَةً لأنّهم يطِئون الأرضَ.
وَيُقَال: أوطأْتُ فلانٌ دابّتي حَتَّى وَطِئَتْهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء: الإيطاء لَيْسَ بعَيْب فِي الشِّعر عِنْد الْعَرَب وَهُوَ إِعَادَة القافية مرَّتين وَقد أوطأَ الشَّاعِر.
قَالَ اللَّيْث: إِنَّمَا أُخِذ من المُواطأَة، وَهِي المُوافقة على شَيْء وَاحِد، يُقَال: واطأ الشاعرُ وأَوْطأَ إِذا اتّفقتْ لَهُ قافيتان على كلمة وَاحِدَة مَعْنَاهُمَا وَاحِد. قَالَ: فَإِذا اختَلَفَ الْمَعْنى واتّفق اللَّفْظ فَلَيْسَ بإيطاء.
وَأَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد المُزَني عَن أبي خَليفَة، عَن مُحَمَّد بن سلاّم الجُمحي أَنه قَالَ: إِذا كثُرَ الإيطاء فِي قصيدة مَرّاتٍ فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدهم.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول. واطأْتُ فلَانا وتواطأْنا، أَي اتَّفقنا على أمرٍ. ووَطئْتُ الجاريَة، أَي جامعتُها، قَالَ: والوطيءُ من كل شَيْء مَا سَهُل ولانَ حَتَّى إنّهم يَقُولُونَ: رجلٌ وطيءٌ، ودابّته وطيئة، بيّنة الوَطاءةِ، وَيُقَال: ثَبَّت اللَّهُ وطأَتَه.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَأَن آخِرَ وطأَةٍ لِلَّهِ بوجَ) ، والوَطأَة كالأخذة الوَقْعَة، ووَجّ هِيَ الطَّائِف، وَكَانَت غَزْوةُ الطَّائِف آخرَ غَزاةٍ غَزاها النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللهمّ اشْدُدْ وَطأَتَك على مُضَر) . وَقد وطِئْتهم وَطْأً ثقيلاً. وَيُقَال: هَذِه أرضٌ مستويةٌ لَا رِباءَ فِيهَا وَلَا وِطاء: لَا صَعودَ فِيهَا وَلَا انخفاض.
قَالَ: ووطَّأْتُ لَهُ المجلسَ توطئَةً. والوَطيئة طعامٌ للعَرَب تُتّخذ من التّمر.

(14/36)


وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو أسْلَم لوطيئة التّمر ويُجعَل فِي بُرْمة ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ والسَّمن إِن كَانَ، وَلَا يُخلَط بِهِ أَقِط، ثمَّ يُشرَب كَمَا تُشْرَب الحَسِيّةُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: والوطيئة مِثلُ الحيْس تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسَّمن. قَالَ: الوطيئة الغِرَارةُ أَيْضا، وَرجل مُوَطّأُ الأكناف إِذا كانَ سَهْلاً دَمِثاً كَرِيمًا يَنزل بِهِ الأضيافُ فيَقْرِيهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَطيئة الحَيْسة، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ} (المزمل: 6) .
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: (وِطاءً) بِكَسْر الْوَاو وَفتح الطَّاء والمدّ والهمزة، من المُواطأَة والموافَقة.
وَقَرَأَ ابنُ كَثير وَنَافِع وَحَمْزَة وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ: (وَطْأَى) بِفَتْح الْوَاو سَاكِنة الطَّاء مَهْمُوزَة مَقْصُورَة.
وَقَالَ الفرّاء: معنى هِيَ أشدَّ وَطْأً، يَقُول: هِيَ أثبتُ قِياماً. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أشدُّ وَطْأً أَي هِيَ أشدُّ على المصلِّي من صَلَاة النَّهَار، لأنَّ اللّيل للنّوم، فَقَالَ: هِيَ وَإِن كَانَت أشدُّ وَطأً فَهِيَ أقوَم قِيلاً.
قَالَ: وَقَرَأَ بعضُهم هِيَ أشَدُّ وِطاءً على فِعال يُرِيدُونَ أشدَّ عِلاجاً ومُواطأَةً. وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِم فِيمَا أخبَرَني أَبُو بكر بنُ عُثْمَان عَنهُ أشدُّ وِطاء بِكَسْر الْوَاو والمدّ.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: أَنه اخْتَار هَذِه الْقِرَاءَة. وَقَالَ: مَعْنَاهُ أنَّ سمعَه يُواطىءُ قلبَه وبَصَرَه، ولِسانه يواطِىءُ قلبَه وطاء، يُقَال: واطَأَني فلَان على الْأَمر: إِذا وافَقَك عَلَيْهِ لَا يَشتغل القلبُ بِغَيْر مَا اشتَغَل بِهِ السَّمع، يُقَال: واطأَنِي فلانٌ على الْأَمر وَهَذَا واطأَ ذَاك يُرِيد قيامَ اللَّيْل، والقراءةَ فِيهِ.
وَقَالَ الزّجاج: أَشد وِطاءً لقلَّة السَّمْع، ومَن قَرَأَ (وَطْأً) فَمَعْنَاه هِيَ أبلغ فِي الْقيام وأبينُ فِي القَوْل.
أَبُو زيد: ابْتَطَأَ الشَّهْر وَذَلِكَ قبلَ النِّصف بيَوم وبعدَه بِيَوْم، بوَزن ايَتَطَعَ.
وطوط: روِي عَن عَطاء أنّه قَالَ فِي الوَطواط يَصيدُه المُحْرِم: ثُلُثا دِرْهم. قَالَ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الوَطواط الخُفّاش. قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: إنّه الخُطّاف، وَهَذَا أشْبَهُ القَوْلَين عِنْدِي بالصَّواب، وَقد يُقَال للرجل الضَّعيف: الوَطواطُ وَلَا أرَاهُ يسمَّى بذلك إلاّ تَشْبِيها بالطَّائر، وجمعُ الوَطواط وَطاوط.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال للرّجل الصَّيّاح وَطواط.
قَالَ: وَزَعَمُوا: أنَّه الّذي يُقارِب كلامَه كأنَّ صوتَه صوتُ الخَطاطيف، وَيُقَال للْمَرْأَة وَطْواطة.
طوط (طاط) : قَالَ اللَّيْث: الطَّاط الفَحْل

(14/37)


الهائجُ يوصَف بِهِ الرجلُ الشّجاع والجميع الطّاطونَ، وفُحولٌ طاطَةٌ.
قَالَ: وَيجوز فِي الشِّعر فُحولٌ طاطاتٌ وأَطْواطٌ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي الطاطِ مثله، قَالَ ذُو الرُّمة:
فربَّ امرىء طاطٍ عَن الحقّ طامِحٍ
بعَيْنيْه عمّا عوَّدَتْه أقارِبُهْ
قَالَ: طاطٍ يَرْفَعُ عَيْنَهُ عَن الحقّ لَا يكَاد يُبصِره، كَذَلِك البعيرُ الهائجُ الّذي يَرفَع أنفَه ممّا بِهِ؛ وَيُقَال: طائطٌ، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ طاطٌ طَوِيل، قَالَ: وطَوَّطَ الرّجُل إِذا أَتَى بالطَاطةِ من الغِلْمَان، وهم الطِّوال.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: فَحْلٌ طاطٌ، وَقد طاطَ يَطِيط طُوُوطاً وطُيُوطاً.
وَقَالَ غيرُه: يَطَاط، وَهُوَ الّذي يُهَدِّرُ فِي الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جمع الوَطْواط، الوُطُطُ الضعيفُ الْعقل والأبدان، من الرّجال، والواحِد وَطْواط.
شمِر عَن الفرّاء: رجل طاطٌ وطوطٌ إِذا كَانَ طَويلا، والطَّاط: الشَّديد الخُصومة. قَالَ اللَّيْث: الطُّوطُ. الحيَّة وَأنْشد:
مَا إنْ يَزالُ لَهَا شَأْوٌ يُقَوِّمُها
مقوِّمٌ مِثلُ طُوط الماءَ مَجدولُ
يَعْنِي الزِّمَام شبَّهه بالحيّة.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطُوط: الحيّة. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطُّوطُ: القُطْنُ. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطِّيطانُ: الكُرَّاثُ.
أطط: ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: الأطَطُ الطَّوِيل، والأُنثى طَطَّاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَطُّ والأَطِيط تَقَبُّضُ صَوت المحامل والرِّحال إِذا أَثقَلَ عَلَيْهَا الرُّكْبان. وأَطِيط الإبلِ صوتُها. يُقَال: لَا أفعلَ ذَلِك مَا أَطَت الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَطِيطُ البَطْن صوتٌ يُسمَع عِنْد الْجُوع، وأنشدَ:
هَل فِي دَجُوبِ الْحرَّة المخِيطِ
وَذِبْلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ
طأطأ: عَمْرو عَن أَبِيه: الطأطاء الْمَكَان المطمئنّ الضّيق، وَيُقَال لَهُ: الصّاعُ والمِعَى. والطّأْطاء: الجَمَل الخَرْبَصِيص، وَهُوَ الْقصير الشِّبْر.
قَالَ اللَّيْث: الطأطأةُ مَصدَرُ طأطأ فلانٌ رأسَه طَأْطَأَةً، وَقد تَطَأْطأَ إِذا خَفَض رأسَه، والفارِسُ إِذا نَهَزَ دابّته بفَخِذَيه ثمَّ حرّكه للحُضْر يُقَال طَأْطَأَ فَرسَه.
وَقَالَ المَرّار:
شُنْدُفٌ أشْدَفُ مَا وَرَّعته
وَإِذا طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِرُّ

(14/38)


وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي طَأْطَأَةِ الفَرَس نَحوه، وطأَطأَ فلانٌ من فلَان وَضَع من قَدْرِه.
طيا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطايَة: السَّطْح الّذي يُنام عَلَيْهِ وبِوَزْنه التَّايَة، وَهُوَ أَن يُجمَع بَين رُؤوسِ ثَلاثِ شَجَرات أَو شجرتين، ثمَّ يُلْقِي عَلَيْهَا ثوبٌ فيُستظلُّ بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّايَة صخرةٌ عظيمةٌ فِي رَمْلة، وأَرْضٌ لَا حِجَارَة فِيهَا، وَقَالَ غيرُه: جَاءَت الْإِبِل طاياتٍ، أَي قُطْعاناً، واحدتها طايَة.
وَقَالَ عَمرو بنُ لَجأ يصفُ إِبِلاً:
تَرِيعُ طاياتٍ وتَمشِي هَمْساً
والطِّيطوَى: ضَرْبٌ من الطيرِ مَعْرُوف، وعَلى وَزنه نِينَوَى، وكلاهُما دَخِيلان.
وَقَالَ بعض الْمُحدثين:
أَمَا وَالَّذِي أرسى ثَبِيراً مَكَانَهُ
وأنبَتَ زَيْتوناً على نهرِ نينَوَى
لَئِن عابَ أقوامٌ مَقالِي بقَوْلِهمْ
لمَا زِغْتُ عَن قَوْلي مدى فِنْر طيطوَى
وذُكِر عَن بَعضهم أنّه قَالَ: الطِّيطَوى ضَرْبٌ من القَطَا طِوال الأَرْجُل.
قلت: وَلَا أصلَ لهَذَا القَوْل. وَلَا نظيرَ لهَذَا فِي كَلَام الْعَرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ عَن المفضّل قَالَ: الوَطِيءُ والوَطِيئةُ العَصيدةُ الناعمةُ، فَإِذا ثَخُنَتْ فَهِيَ النَّفيتَةُ، فَإِذا زادتْ قَلِيلا فَهِيَ النّفيثة بالثاء، فَإِذا زادَتْ فَهِيَ اللَّفِيتةُ، فَإِذا تعلَّكَت فَهِيَ العَصِيدةُ.
أَبُو تُرَاب عَن الْحصين يُقَال: الحَقْ بطيّتك وبيّتك أَي بحاجَتك.
وَقَالَ الفرّاء وَابْن الْأَعرَابِي: الحَقْ بِطِيتكَ وبِبَيتِكَ مِثلها.
(وطوط) : شمر قَالَ: الوطواط الضَّعِيف، وَيُقَال: الْكثير الْكَلَام وَقد وَطوَطُوا أَي ضَعفوا.
وَيُقَال إِذا كثر كلامُهم. وَقَالَ الفرزدق:
إِذا كره الشَّعْبُ الشِّقَاق وَوَطَوطَ
الضِّعَاف وَكَانَ العِزُّ أمْرَ بَزازِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوطواط: الرجلُ الضَّعيف العَقل والرَّأْي. قَالَ: والوَطواط الخُفّاش. وأهلُ اليَمن يسمّونه السَّرْوَع، وَهِي البحرية، وَيُقَال لَهَا: الخفاش. وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) الرباعي من حرف الطَّاء

(بَاب الطَّاء والثاء)
ط ث)
(طرمث) : قَالَ اللَّيْث: الطُّرْمُوث الرَّغيف. قَالَ: والطُّرْمُوسَة الظّلمة.
(ثرمط) : أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: وَقَع فلَان

(14/39)


ٌ فِي ثُرْمُطةٍ أَي فِي طِينٍ رطْب.
قَالَ شَمِر: واثْرَنْمَطَ السِّقاء إِذا انتَفخ، وأنشدَني ابْن الأعرابيّ:
تأكلُ بَقْلَ الرِّيف حتّى تَحْبَطا
فبطْنُها كالوَطْبِ حِين اثْرَنْمَطَا
وَقَالَ شَمِر: الاثْرِنْمَاطُ اطْمِحْرار السِّقاء إِذا رابَ ورَغا وكَرْثأَ.
قَالَ: وكَرْثَأَ إِذا ثَخُنَ اللبَنُ عَلَتْهُ كَرْثَأَة مثلَ اللِّبَإ الخَثِرِ، حَكَاهُ عَن أبي العَطَّاف الغَنَوِيّ.
(ثنطب) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الثُّنْطُبُ مِجْوَابُ القَفَّاصِ.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء والطاء وَاللَّام)
ط ر ط ل)
(برطل) : شمر، قَالَ أَبُو عَمْرو: والبَراطِيل: المَعَاوِل، وَاحِدهَا بِرْطيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البِرْطيل البَيْرَم، والبِرْطيل: خَطْمُ الفَلْحَس، وَهُوَ الكَلْب، والفَلحَس: الدُّبّ المُسِنّ.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: البِرْطيل الحَجَر الطَّوِيل الرَّقيق وَهُوَ النَّصِيل، قَالَ: وهما ظُرَوَانِ مَمْطولانِ تُنقَر بهما الرَّحَى وهما من أَصْلَب الحِجارة مسلكة محدّدة، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:

كأنّ مَا فَاتَ عَيْنَيْها ومَذْبَحها
مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
اللَّيْث: البُرْطُلَة هِيَ المِظَلّة الصَّيْفيّة.
وَقَالَ غيرُه: إِنَّمَا هُوَ ابنُ الظُّلَّة.
(طربل) : ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا مَرَّ أحدُكم بطِرْبَالٍ مائلٍ فليُسرع المشيَ) . قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ أَبُو عُبيدة يَقُول: هُوَ شَبيهٌ بالمنظَرَة من مناظِر العَجَم كهيْئَة الصَّومَعة وَالْبناء المرتفِع، قَالَ جرير:
أَلْوَى بهَا شَذبُ العُروق مُشذَّبٌ
فكأنَّما وَكَنَتْ على طِرْبالِ
ورأيتُ أهل النَّخْل فِي بَيْضَاءَ بَني جَذِيمة يَبْنون خِياماً من سَعَف النّخل فَوق نُقْيان الرِّمال فيتظلَّل بهَا نَوَاطِيرُهم أَيَّام الصرام ويسمونها الطَّرابيل والعَرازيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْبال عَلَم يُبنى.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: الطرابيل الأَمْيال، وَاحِدهَا طِربال.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الطِّرْبال بناءٌ يُبْنى عَلماً للخَيل يُسْتَبق إِلَيْهِ، وَمِنْه مَا هُوَ مِثلُ المنَارة وبالمنْجَشانية وَاحِد مِنْهَا وَأنْشد بِموضع قريب من الْبَصْرَة قَالَ دُكَيْن:
حَتَّى إِذا كَانَ دُوَيْنَ الطِّرْبالْ
بشِّرْ مِنه بصَهِيلٍ صَلْصَالْ
مُطَهَّمِ الصُّورة مِثل التِّمْثال سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الطِّرْبال الصَّوْمعَة.

(14/40)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ الهَدَف المشرِف.
بلنط: قَالَ اللَّيْث: البَلَنْط شيءٌ يُشبه الرُّخام، إلاّ أَنَّ الرُّخامَ أَهَشُّ مِنْهُ وأرْخَى، وَأنْشد بَيت عَمْرو بن كُلْثوم:
وسَارِيَتَيْ رُخام أَو بَلَنْط
يَرِنُّ خشاشُ حَلْيِهمَا رَنِينا
(طربل) : وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن حَمُّوَيْه قَالَ: سمعتُ أَبَا تُرَاب يَقُول: كتب أَبُو محكّم إِلَى رجل: اشترِ لنا جَرَّة ولْتكن غيرَ قَعْراء وَلَا دَنّاء وَلَا مُطَرْبَلة الجوانب، قَالَ: ابنُ حَمُّويه: فسألتُ شِمراً عَن الدَّنّاء فَقَالَ: القصيرة، قَالَ: والمطربلة الطَّوِيلَة.
(مرطل) : أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَرْطَلَ الرجلُ ثوبَه بالطين إِذا لَطَخَه، وَأنْشد:
مَمْعُوثةٌ أعراضُهُمْ مُمَرْطَلَهْ
(طلنف) : قَالَ: والْمُطْلَنْفِىءُ اللاطىءُ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: هُوَ المستلقِي على ظهرِه.
قَالَ أَبُو زيد: اطلنفَأت اطلنفاء إِذا لزقت بِالْأَرْضِ.
(طنبر) : وَقَالَ اللَّيْث: الطُّنبورُ الَّذِي يُلعَب بِهِ معرّب. وَقد اسْتعْمل فِي لفظ العربيّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: الطُّنبور دخيل وإنّما شبِّه بألْيَة الحَمَل، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ ذُنْبَهِ بَرَهْ فَقيل: طُنْبُور.
(برطم) : أَبُو عبيد عَن الأمويّ: البِرْطام: الرجلُ الضَّخْمُ الشفةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: البرطَمة عُبوسٌ فِي انتفاخ وَغَيْظ، تَقول: رأيتُه مُبَرْطِماً، وَلَا أَدْرِي مَا الّذي بَرْطَمَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل قد بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غَضِبَ. ومِثلُه اخْرَنطَم، وبَرْطَمَ الليلُ إِذا اسودّ.
(فرطم) : وَقَالَ اللَّيْث: الفُرطومة مِنقار الخُفّ إِذا كَانَ طَويلا محدَّد الرّأس.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ شيعَةَ الدَّجال شوارِبُهم طَوِيلَة، وخِفافُهُم مُفَرْطَمَة.
قلتُ: وَقد رَوَى أَبُو عمرَ عَن أحمدَ بنِ يحيى، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: قَالَ أعرابيّ: جَاءَنَا فلَان فِي نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْن بِالْقَافِ، أَي لَهما منقاران، والنِّخافُ: الخُفُّ رَوَاهُ بِالْقَافِ، وَهُوَ عِنْدِي أصحّ ممّا رَوَاهُ اللَّيْث بِالْفَاءِ.
(برطم) : عَمْرو عَن أَبِيه، جَاءَ فلَان مُبْرَنْطِما إِذا جَاءَ متغضّباً.
(تفطر) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التفاطير: البَثْر، قَالَ وأنشدني المفضّل:
تفاطيرُ المِلاَح بِوَجْهِ سَلْمَى
زَمَاناً لَا تَفاطيرُ القِباحِ
وقرأتُ بخطّ أبي الهَيْثَم بَيْتا لِلْحُطَيْئة فِي صفة إبلٍ نَزَعَت إِلَى نبت بلد ذكره فَقَالَ:
طبَاهُنّ حَتَّى أطفَلَ الليلُ دونَها

(14/41)


تفاطيرُ وَسْمِيَ رِوَاءً جُذورُها
أَي رَعاهنّ تفاطير وَسْمِيّ. قَالَ: والتفاطير نَبْذٌ من النبت يَقع فِي مواقعَ من الأَرْض مُخْتَلفَة قَالَ: وَيُقَال: التَّفاطِير أوّل النبت.
قلتُ: من هَذَا أَخذ تَفاطير البَثْر. وأطفَل اللَّيْل، أَي أظلمَ.
وقرأت فِي نَوَادِر اللِّحياني عَن الْإِيَادِي: فِي الأَرْض تَفاطير من عُثْب بالثاء أَي نَبْذٌ متفرّق، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد. وَقَالَ بَعضهم: التفاطير من النَّبَات، وَهُوَ رِوَايَة الأصمعيّ وَالنَّاس، والتفاطير بِالتَّاءِ النوْر.
طرطب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثَدْيٌ طُرْطبٌّ أَي طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عمر: امرأةٌ طرْطُبّة مسترخيَة الثَّدْيَين وأنشدَ:
أُفَ لتِلْك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّةْ
العَنْقَفِير الجَلْبَح الطُّرْطُبَّهْ
قَالَ: والطَّرْطبَه دُعاء الْحمار وأنشدَ:
وَجَالَ فِي جِحاشِه وطَرْطبَا
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طرْطبَ بالنَّعْجَةِ طرْطَبَةً إِذا دَعَاهَا.
(طمطم) : أَبُو تُرَاب: الطَّواطم والطَّماطمُ العُجْم، وَأنْشد للأَفْوَه الأوْدي:
كالأسوَد الحَبَشِيّ الْحَمْشِ يَتْبَعُه
سُودٌ طماطمُ فِي آذانها النُّطَفُ
(بربط) : اللَّيْث: البَرْبَطُ معرَّب، وَهُوَ من مَلاهِي العَجَم، شَبيه بصَدْر البَطّ والصَّدْر بالفارسيّة بَتْر فقِيلَ: بَرَبَط، والبِرْبيطيَّاءُ موضعٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الوَشْيُ، ذكَرَه ابنُ مُقبِل فِي شعره، فَقَالَ:
خُزَامَى وسَعْدانٌ كأَنَّ رِياضَها
مُهِدْنَ بِذِي البِرْبيطيَاءِ المهذَّبِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البِرْبيطياء: ثيابٌ.
(برطم) : ورُوي عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: الْبَرْطَمَةُ والبَرْهَمَةُ كهَيْئَةِ التَّخَاوُصِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد نَحوا مِنْهُ، وَالله تَعَالَى أعلم. انْتهى.
آخر كتاب الطَّاء وَالْحَمْد لله على نعمه.

(14/42)


كتاب حرف الدَّال
أَبْوَاب المضاعف من حرف الدَّال
د ت: مهمل.

(بَاب الدَّال والظاء)
د ظ)
دظ: قَالَ اللَّيْث: الدَّظّ هُوَ الشَّلّ بلُغَة أهلِ اليَمن، يُقَال: دَظَظْناهم فِي الْحَرْب، وَنحن نَدُظُّهمْ دَظّاً.
قلت: لَا أحفَظُ الدّظّ لغير اللّيث.
د ذ: مهمل.

(بَاب الدَّال والثاء)
د ث)
دث: أهمَلَهُ اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتَعْمل عِنْد الثِّقات.
روَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: من الأمطار الدّثّ وَهُوَ الضَّعِيف، وَقد دَثَّتْ السَّمَاء تَدِثّ دَثّاً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدّثّة والهَدْنةُ للمطر الضَّعِيف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرض مَدثُوثةٌ وَقد دُثّتْ دثّاً، قَالَ: وَيُقَال: دَثَثْتُه أَدُثُّه دثّاً وَهُوَ الرَّمْيُ المتقارِبُ من وراءِ الثِّيابِ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدُّثَّةُ الزُّكام الْقَلِيل. قَالَ: والدُّثَّاثُ صَيَّادُو الطَّيْر بالمِخْذَفَة.
ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدّثّ والدَّفّ الْجَنب، والدّثّ: الضرْب المؤلم، والدّثّ: الرمْيُ بالحِجَارة، والدّث الزُّكام، ودُثّ فلانٌ دثّاً وَهُوَ التواءٌ فِي بعض جسدِه.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالرَّاء)
د ر، ر د: (مستعملة) .
در: قَالَ اللَّيْث: دَرّ اللبنُ يَدِر دَرّاً، وَكَذَلِكَ النَّاقة إِذا حُلِبَتْ فأَقبَل مِنْهَا على الحالب شَيْء، كثير، قيل: دَرّتْ وَإِذا اجْتمع فِي الضَّرْع من العُرُوقِ وَسَائِر الجَسَد قيل: درَّ اللبنُ ودرّت العُرُوق إِذا امتلأتْ دَماً. ودَرّت السماءُ إِذا كثُرَ مطرُها، وسحابةٌ مِدْرار وناقةٌ دَرُرْوٌ.
ورُوي عَن عمر بن الخطّاب أَنه أَوصَى عُمَّاله حِين بَعثهمْ فَقَالَ فِي وصيَّته لَهُم: أُدِرُّوا لِقحة الْمُسلمين.
قَالَ اللَّيْث: أَرَادَ بذلك فَيْئَهم وخراجهم،

(14/43)


قَالَ: وَالِاسْم من ذَلِك الدَّرّة.
وَقَالَ غَيره: يُقَال دَرَّت الناقةُ تَدِر وتَدُرّ إِذا امْتَلَأت لَبَنًا، وأدَرّها فصيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُون الفصيل، إِذا مَسَح ضَرْعها، وَيُقَال للسماء إِذا أخالتْ: دُرِّي دُبَسْ بضمّ الدَّال، رَوَى ذَلِك عَن الْعَرَب ابنُ الْأَعرَابِي وَهَذَا من دَرَّ يدُرّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَرّتْ الناقةُ تَدِر دُرُوراً ودرّاً، وتدُرّ أَيْضا، قَالَ: ودرَّ السِّراجُ وسراج درّارٌ ودَرِير، ودَرَّ الفَرَسُ دِرّة فَهُوَ دَرِير إِذا أسْرَعَ فِي عَدْوه، قَالَ: وأصلُ الدّرّ فِي كَلَام الْعَرَب اللّبَن. قَالَ: وَيُقَال: لله دَرُّك.
وَقَالَ اللَّيْث: لله دَرّك مَعْنَاهُ لله خيْرُك وفِعالُكَ، يُقَال هَذَا لمن يُمدح ويتعجب من عمله، وَإِذا شتَموا قَالُوا: لَا درّ درُّهُ أَي لَا كثُر خيْرُه. قَالَ: والدَّرِير من الخيْل السَّريع المكتَنز الخلْق المقتدِر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْلهم: لله دَرُّك، أَي لله مَا خرج مِنْك من خير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدَّرّ الْعَمَل من خير أَو شرّ، وَمِنْه قولُهم: لله درُّك يكون مدحاً، وَيكون ذمّاً كَقَوْلِهِم: قاتَله الله مَا أكفره، وَمَا أشعَرَه.
قَالَ: والدَّرُّ النّفْس. والدَّرّ اللَّبن، ودَرَّ وجهُ الرجل يَدِرّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد العِلة، ودرَّ الخَراج يدرّ إِذا كثُر، ودرَّ الشَّيْء إِذا جُمِع، ودرّ إِذا عُمِل.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدِّرَّة فِي الأمطار أَن يَتبَع بعضُها بَعْضًا، وجمعُها دِرَرٌ.
سَلمَة عَن الفرَّاء قَالَ: الدَّردَرَّى الَّذِي يذهب وَيَجِيء فِي غير حَاجَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الإدرار فِي الْخَيل أَن يُقلَّ الفرسُ يدَه حينَ يعْتَق فيرفعها وَقد يضعُها فِي الْخَببِ.
وَقَالَ الزجَّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ} (النُّور: 35) من قَرَأَ بِغَيْر همز، نسبَه إِلَى الدُّر فِي صفائِه وحُسْنه. قَالَ: وقرئت (دِرِّيٌّ) بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ الْفراء: من الْعَرَب من يَقُول: كَوْكَب دِرّيّ ينسبُه إِلَى الدُّر، كَمَا قَالُوا: بَحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ، وقرئتْ دِرِّيءٌ بِالْهَمْز وسنذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّر العِظام من اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة دُرّة، قَالَ: والكوكب الدُّرّيّ: الثاقبُ المضيء وَجمع الْكَوَاكِب دراريّ. قَالُوا: ودَرَّايةُ: من أَسمَاء النِّسَاء. والدُّرْدُورُ: موضعٌ من الْبَحْر يجيشُ مَاؤُهُ وقلَّما تسلم السَّفِينَة مِنْهُ، يُقَال: لجَّجُوا فوقعوا فِي الدُّرْدُور، وَيُقَال: دَرِدَ الرجُل فَهُوَ أَدْرَدُ إِذا سَقطتْ أسنانُه وظهرَتْ دَرادِرُها وجمعُه الدُّرْدُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: أَعيَيْتني بأُشُرٍ، فكيفَ أرجوكِ بدُرْدُرٍ.

(14/44)


قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: هَذَا يُخاطب امرأتَه يَقُول: لم تقبَلي الأدبَ وَأَنت شَابَّةٌ ذَات أشُرٍ فِي ثغرك، فَكيف الْآن وَقد أسنَنْتِ حَتَّى بدتْ دَرَادرُك وَهِي مَغارِزُ الْأَسْنَان، ودرَّد الرجل إِذا سَقَطت أَسْنَانه وَظَهَرت درادره.
قَالَ: ومثلُه: أعتيتني من شُبَّ إِلَى دُبَّ، أَي من لدن شبَبتَ إِلَى أَن دَببْتَ، والدِّرّة: درَّة السُّلْطَان الَّتِي يضْرب بهَا.
الْأَصْمَعِي، يُقَال: فلَان دَرَرَكَ أَي قُبالتك.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
كَانَت مَناجعَها الدَّهْنا وجَانِبُها
والقُفُّ ممّا ترَاهُ فوْقَهُ دَرَرَا
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال هُوَ على درَر الطَّرِيق، أَي على مَدْرَجته.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: فلَان على دُرَر الطَّرِيق، ودَارِي بِدَرَرِ دَارك أَي بحذائها إِذا تقابلَتا.
وَفِي حَدِيث عَمرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لمعاوية: أتيتُك وأَمرُك أشدُّ انفِضاحاً من حُقِّ الكهول، فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تركتُه مثل فلكة المُدِرِّ.
وَذكر القُتيبيّ هَذَا الحَدِيث فأخطأَ فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ: وحُقُّ الكهول بَيتُ العنْكبوت وَقد مرَّ تفسيرُه، وَأما المُدِرُّ فَهُوَ الغزّال: وَيُقَال للمغزَل نَفسهَا الدَّرّارَة، وَقد أدرَّت الغزَّالة درّارَتها، إِذا أدارتْها لتستحكم قوَّة مَا تغزله من قطن أَو صُوف، وضرَب فلكةَ المُدرّ مثلا لاستحكام أمرِه بعد استرخائه، واتساقه بعد اضطرابه، وَذَلِكَ أَن الغزَّال يُبالغ فِي إحكام فلكة مِغزَله وتقويمها لِئَلَّا تقلقَ إِذا أدَرَّ الدّرّارَة.
أَبُو عبيد: سمعتُ الأمويّ يَقُول: يُقَال للمِعزَى إِذا أَرَادَت الفحلَ قد استدرّت استدرِاراً، وللضأن قد استوْبلتْ استِبيالاً.
وَفِي حَدِيث ذِي الثُّديّة الْمَقْتُول بالنهْروان، كَانَت لَهُ ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعة تدَرْدَرُ أَي تمرْمَرُ وترجرَج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت عظيمَة الألْيَتين، فَإِذا مشتْ رَجفَتا هِيَ تَدَرْدَرُ. وَأنْشد فَقَالَ:
أُقسم إِن لم تأْتنا تَدَرْدَرُ
ليُقطعنَّ من لسانٍ دُرْدُرُ
قَالَ والدُّردُرُ هَاهُنَا طرف اللِّسَان، وَيُقَال: هُوَ أصلُ اللِّسَان، وَهُوَ مَغرز السنّ فِي أَكثر الْكَلَام.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
لما رأتْ شَيخا لَهَا دَوْدرَّى
فِي مثل خيْط العهْن المُعَرَّى
قَالَ: الدوْدرّى من قَوْلهم فرس درير، والدليلُ عَلَيْهِ قولُه:
فِي مثل خيْط العِهن المُعرى

(14/45)


يُرِيد بِهِ الْخذرُوفَ، والمُعرّى: جُعلتْ لَهُ عُروَة، والدَّرْدارُ ضرب من الشّجر مَعْرُوف.
رد: قَالَ اللَّيْث: الردُّ مصدرُ رددتُ الشيءَ، ورُدُودُ الدَّراهِم واحدُها رَدُّ، وَهُوَ مَا زُيِّفَ، فرُدَّ على ناقِدِه بعدَ مَا أُخذَ مِنْهُ.
قَالَ: والرَّدّ مَا صَار عِماداً للشَّيْء يَدفَعه ويَردّه.
قَالَ: والرَّدّةُ: تَقاعُس فِي الذّقَن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْإنْسَان إِذا كَانَ فِيهِ عيب: فِيهِ نَظْرة ورَدَّة وخَيْلة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَبُو ليلى: فِي فلَان رَدَّة أَي يَرتدّ البَصَر عَنهُ من قُبحِه.
قَالَ: وفِيه نَظْرة أَي قُبْح.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرْأَة إِذا اعتراها شَيْء من جمالٍ وَفِي وجهِها شَيْء من قَباحة: هِيَ جميلَة، وَلَكِن فِي وجهِها بعض الرَّدَّة. ورَدّادٌ: اسْم رجل كَانَ مُجَبِّراً يُنسب إِلَيْهِ المُجَبِّرون، وكلُّ مجبِّر يُقَال لَهُ: رَدَّادٌ.
وَفِي حَدِيث الزُّبير فِي دَار لَهُ وقَفَها فَيكْتب: وللمَرْدُودة من بَنَاتِي أَن تسكُنَها، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المردُودة من النِّسَاء المطلَّقة.
ورُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ لسُراقَة بن مَالك: (أَلا أدُلُّك على أفضل الصّدَقة ابنتُكَ مَرْدُودَةٌ عَلَيْك لَا كاسبَ لَهَا غَيرُك) ، أَرَادَ أنّها مطلَّقة من زَوجِها، فأَنفِق عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرُّدَّى: الْمَرْأَة الْمَرْدُودَة المطلّقة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ على مثالِ مُكرِم، ومُرِدٌّ مِثَال مُقِل إِذا أشرق ضَرْعها ووَقَع فِيهِ اللَّبن.
قَالَ أَبُو عبيد: وأَنشد غيرُه:
تَمشِي من الرِّدّة مَشْيَ الحُفَّلِ
وَقَالَ غَيره: ناقةٌ مُرِدّ إِذا شَربت الماءَ فَورِم ضَرعُها وحياؤها من كثْرة الشّرْب، يُقَال: نُوقٌ مَرادٌّ، وَكَذَلِكَ الجِمال إِذا أَكْثرتْ من الشّرب فثَقُلتْ.
ورَجُلٌ مُرِدّ إِذا طَالَتْ عُزْبَتُه فَتَرَادَّ الماءُ فِي ظَهره.
وَيُقَال: بَحْر مُرِدّ أَي كثيرُ المَاء، وأَنشدَ:
رَكبَ البحرُ إِلَى البحرِ إِلَى
غَمَراتِ الْمَوْت ذِي المَوْجِ المُرِدّ
ورُوِي عَن عمرَ بن عبد الْعَزِيز أنّه قَالَ: لَا رِدِّ يدَي فِي الصَّدَقة. يَقُول: لَا تُردُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرِّدِّيدَى من الرَّدّ فِي الشَّيْء.
أَبُو تُرَاب عَن زَائِدَة: يُقَال: رَدَّه عَن الْأَمر ولَدَّه، أَي صَرَفه عَنهُ بِرِفْق، قَالَ: والرِّدّ الظَّهْر والحَمُولة من الْإِبِل.
قلتُ: سمّيتْ رِدّاً لأنّها تُرَدّ مِن مَرتَعها إِلَى الدَّار إِذا احتَمَلَ أهلُها، قَالَ زُهير:

(14/46)


رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحَيِّ فاحْتَملوا
إِلَى الظَّهيرة وأَمْرٌ بيْنهم لَبِكُ
ابْن الأعرابيّ: الرُّدُدُ: القِباحُ من النَّاس، يُقَال: فِي وَجهه رَدَّة وَهُوَ رَادٌّ، وارتَدَّ الرجُل عَن دِينه رِدّة إِذا كَفَر بعد إِسْلَامه، وأَمرُ الله لَا مَرَدّ لَهُ. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَاللَّام)
(د ل)
دلَّ، لدَّ: مُسْتَعْمل.
دلّ: فِي الحَدِيث: أَن أصحابَ عبد الله بنِ مَسْعُود كَانُوا يَرحَلُون إِلَى عمرَ بن الْخطاب فينظرُون إِلَى سَمْتِه وهَدْيه ودَلِّهِ فَيَتشَبَّهون بِهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: أما السَّمْت فَيكون بمعنيين: أحدُهما حُسْنُ الهيئةِ والمَنظَر فِي الدِّين وهيئة أهلِ الْخَيْر، وَالْمعْنَى الثَّانِي أَن السَّمْتَ الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السَّمْتَ، وَكِلَاهُمَا لَهُ معنى، إمَّا أَرَادوا هَيْئَةَ الْإِسْلَام أَو طَريقَة أهْلِ الْإِسْلَام.
وقولُه: إِلَى هَدْيِه ودَلِّهِ فإنّ أحدَهما قريب من الآخر، وهما من السكينَة والوَقار فِي الْهَيْئَة والمَنظَر وَالشَّمَائِل وغيرِ ذَلِك.
وَقَالَ عدِيّ بن زَيْد يمدح امْرَأَة بحُسن الدَّلّ فَقَالَ:
لمَ تَطَلَّعْ من خِدْرِها تبتغي خِبَّا
وَلَا سَاءَ دَلُّها فِي العِناقِ
ورُوِي عَن سعد أنَّه قَالَ: بَينا أَنا أَطُوف بِالْبَيْتِ إذْ رأيْتُ امْرَأَة أعجبَني دَلُّها، فأردتُ أَن أَسأَل عَنْهَا، فخِفتُ أَن تكون مَشْغُولَة وَلَا يَغُرَّكَ جَمالُ امْرَأَة لَا تَعرِفها.
وَقَالَ شمر: الدَّلاَلُ للْمَرْأَة، والدَّلُّ حُسْن الحَدِيث وحُسْن المَزْح والهيئة، وَأنْشد فَقَالَ:
فَإِن كَانَ الدَّلاَلُ فَلَا تلِحّي
وَإِن كَانَ الوَداعُ فبالسَّلامِ
قَالَ: وَيُقَال هِيَ تَدِلّ عَلَيْهِ، أَي تجترىءُ عَلَيْهِ، يُقَال: مَا دَلَّك عليَّ أَي مَا جَرَّأك عليَّ، وأَنشدَ:
فَإِن تَكُ مَدْلولاً عليّ فإنني
لِعَهْدِكَ لَا غُمْرٌ ولستُ بِفانِي
أَرَادَ، فَإِن جَرَّأَكَ عَلَيَّ حِلْمِي فإنّي لَا أُقِرُّ بالظُّلْم.
وَقَالَ قيس بنُ زُهَيْر:
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عليَّ قومِي
وَقد يُسْتَجهَلُ الرجلُ الحَليمُ
قَالَ مُحَمَّد بنُ حبيب: دَلَّ عليّ قومِي، أَي جَرَّأَهم، وفيهَا يَقُول:
وَلَا يُعْيِيكَ عُرْقوب لِلأيٍ
إِذا لم يُعْطِكَ النَّصفَ الخَصِيمُ
وَقَوله: عُرْقوب لِلأْي، يَقُول: إِذا لم يُنْصِفك خَصْمُك فأَدخِل عَلَيْهِ عُرْقوباً يَفْسَخُ حجّته، والمُدِلُّ بالشجاعة: الجَريء.

(14/47)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُدَلِّل الّذي يتجنَّى فِي غيرِ موضعِ تَجَنَ. قَالَ: ودَلَّ فلَان إِذا هَدَى، ودَلَّ إِذا افتخرَ.
سَلَمة عَن الفرّاءَ، الدَّلّ: المِنَّةُ، والدَّلَّةُ الإدْلال.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: دَلَّ يَدُلُّ إِذا هَدَى، ودَلَّ يَدِلّ إِذا مَنَّ بعَطائه، والأدَلُّ المَنّان بعَمَله.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تدلَّلَتِ المرأةُ على زَوْجِها، وَذَلِكَ أَن تُرِيَه جَراءةً عَلَيْهِ فِي تَغَنُّجِ وشَكْلٍ كأنّها تُخالِفه، وَلَيْسَ بهَا خلاف.
قَالَ: والبازِيُّ يُدِلّ على صَيْده. والدِّلّةُ مِمّن يُدِلّ على من لَهُ عِنْده مَنزِلة شِبهُ جَراءة مِنْهُ.
ابْن السكّيت عَن الفرّاء: دَليلٌ من الدِّلالة والدَّلالة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدِّلِّيلَى من الدَّلالة.
وَقَالَ شمر: دَلَلْتُ بِهَذَا الطَّرِيق دَلالةً، أَي عرفتُه، ودلَلْتُ بِهِ أَدُلّ دَلالة، وَقَالَ أَبُو زيد: أَدْلَلْتُ بالطّريق إدلالاً.
قَالَ: وقلتُ: وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول لآخَر: أما تَندَلّ على الطّريق، وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي:
مَا لَكَ يَا أحمقُ لَا تَنْدَلُّ
وَكَيف يَندَلُّ امرؤٌ عِثْوَلُّ
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّلْدُل شيءٌ عَظِيم أعظمُ من القُنْفُذ ذُو شوك. والتّدلدُل كالتَّهدُّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: من أَسمَاء الْقُنْفُذ، الدُّلْدُل والشَّيْهمَ والأَزْيبُ.
اللّحياني: وَقع القومُ فِي دَلدال وبَلْبالٍ إِذا اضطَرَب أمرُهم وتذَبذَب، وقومٌ دَلْدال إِذا تَدَلْدَلُوا بَين أَمريْن فَلم يستقيموا، وَقَالَ أَوْس:
أمْ مَنْ لِحَيَ أَضاعوا بعضَ أمرِهُم
بَين القُسوطِ وَبَين الدِّين دَلْدال
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ القومُ دُلْدُلا إِذا كَانُوا مُذَبذَبين لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، وَقَالَ أَبُو مَعْدان الباهليّ:
جَاءَ الحَزَائمُ والزَّبائنُ دُلْدُلا
لَا سابِقِين وَلَا مَعَ القُطَّانِ
فعَجِبتُ مِن عَمرو وماذا كُلِّفتْ
وتجيءَ عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ
قَالَ: والحَزيمَتان والزَّبينَتانِ من باهلة، وهما حَزيمة وزَبينة، فجمعهما، وَتَدَلْدَلَ الشَّيءُ وَتَدَرْدَرَ إِذا تحرَّك.
وَقَالَ الكسائيَّ: دلدَل فِي الأَرْض وبَلْبَل وقَلْقَل ذهبَ فِيهَا.
لد: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خير مَا تداويتُم بِهِ اللَّدُود والحِجامةُ والمشيُّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّدُود: مَا سُقِيَ الإنسانُ فِي أحد شِقَّي الفَمِ، وَإِنَّمَا

(14/48)


أَخذ اللَّدُودُ من لَدِيدَيِ الْوَادي وهما جانِباه، وَمِنْه قيل للرجل: هُوَ يتلدَّد إِذا تلفَّت يَمِينا وشِمالاً، ولَدَدْتُ الرُّجلَ ألُدُّه لَدَّا إِذا سقيتَه، كَذَلِك وجمعُ اللَّدود أَلِدَّة. وَقَالَ ابْن أحمَر:
شَربتُ الشُّكاعَى والْتَدَدْتُ أَلِدَّةً
وأقبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المكَاوِيَا
والوَجُور فِي وَسَط الفَم.
وَقَالَ الفرَّاء: اللَّد: أَن يُؤخَذ بِلِسَان الصبيّ فيُمَدَّ إِلَى أحَدِ شِقَّيه ويُوجَر فِي الآخر الدواءُ فِي الصَّدَف، بَين اللِّسَان وَبَين الشَّدْق.
قَالَ: والدَّيدَان صَفْحتا العُنُق، وأَنشدَ:
لَدَدْتُهُمُ النَّصِيحة كلَّ لَدِّ
فَمَجُّوا النُّصْحَ ثمَّ ثَنَوْا فقاءُوا
وَقَالَ رؤبة:
على لَدِيديْ مُصْمَئِل صِلْخادْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّديد الرَّوْضة الزَّهراء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (الْبَقَرَة: 204) معنى الْخصم فِي اللُّغَة الألَدُّ الشديدُ الخصومةِ، واشتقاقُه من لَدِيدَيِ العُنُق، وهما صَفْحتاه، وتأويلُه أنّ خصمَه أيّ وجهٍ أخَذ من وُجُوه الْخُصُومَة غَلَبَهُ فِي ذَلِك، يُقَال رجُلٌ ألَدُّ، وامرأةٌ لَداء، وقومٌ لدٌّ وَقد لَدِدْتَ يَا هَذَا تَلَد لَدّاً، ولَدَدْتُ فلَانا ألُدّه لَدّاً إِذا جادَلْته فغلبْتَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل أَلَنْدَد ويَلَنْدَد وَهُوَ الشَّديد الخُصومة، وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نَاقَة:
بعيدةُ بَينَ العَجْبِ والمتلدَّدِ
أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة مَا بَين الذنَب والعُنُق.
وَقَالَ اللَّيث: هُذَيل تَقول: لَدّهُ عَن كَذَا وَكَذَا أَي حَبَسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لَدَّدَ بِهِ وبَدَّدَ بِهِ إِذا سَمَّع بِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّلِيلة: المحجة البَيْضاء وَهِي الدُّلى.

(بَاب الدَّال وَالنُّون)
(د ن)
دن، ند، (دوان) ددن: (مستعملة) .
الدَّدَن: اللهْو واللَّعب.
ددن: ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ اللَّهْو، والديْدَيون، وَهُوَ دَدٌ ودَدَا ودَيْدٌ ودَيدَانٌ وَدَدَنٌ كلُّها لُغَات صَحِيحَة.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَنا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِني.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: فِيهِ لُغات، يُقَال: اللَّهْو دَدٌ مثل يَدٍ ودَداً مثل قَفَّا وعَصاً، ودَدَنٌ مِثل حَزَن، وأَنشد:
أيّها القلبُ تَعلّقْ بِدَدَنْ
إِن هَمِّي فِي سَماعٍ وَأَذَنْ

(14/49)


وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكنتَ كَمَنْ قَضَى اللُّبَانَةَ من دِدِ
(دنّ) : وَقَالَ: سَيْفٌ دَدَانٌ أَي كَهام.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنّ مَا عَظُم من الرّواقيد، والجميع الدِّنان، وَهُوَ كَهَيئَةِ الجُبِّ، إلاّ أنَّه طَوِيل مُستوِي الصَّنْعَة، فِي أَسْفَله كَهَيئَةِ قَوْنَس البَيْضة.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأَدَنّ من النّاس: المُنحنِي الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: الأدَنُّ من الدوابّ الّذي يَدَاهُ قصيرَتان وعُنْقُه قريبَة من الأَرْض، وأَنشد:
بَرَّحَ بالصِّينيّ طُول المَنّ
وسَيْرُ كلِّ راكبٍ أَدّنِّ
معترِضٍ مثل اعتراضِ الطُّنّ
وَقَالَ الراجز:
وَلَا دَنَنٌ فيهِ وَلَا إخْطاف
والإخطاف صِغَر الجَوف، وَهُوَ شَرّ عُيُوب الْخَيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَدَنّ الّذي كأنّ صُلْبه دَنّ، وأَنشد:
قد حَطَأت أُمُّ خيْثَمٍ بِأَدَنْ
بناتِىء الْجَبْهَة مَفْسُوء القَطَنْ
قَالَ: والفَسَأُ: دُخُول الصُّلْب، والفَقَأُ: خُروج الصَّدْر.
وَيُقَال: دَنٌ وأَدْنَنٌ ودِنَّانٌ ودِنَنَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأدَنّ الْبَعِير المائل قُدُماً، وَفِي يَدَيْه قِصَر، وَهُوَ الدَّثَمُ، والدَّنَن: اسمُ بلدٍ بعَينِه، وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
يَثْنِينَ أَعْناق أُدْمٍ يَختَلِينَ بهَا
حَبَّ الأَراك وحَبَّ الضَّال مِن دَنَنْ
وَفِي الحَدِيث: (فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعاذ فَلَا تُحْسِنها) .
قَالَ أَبُو عبيد: الدَّنْدَنة أَن يتكلّم الرجلُ بالْكلَام تَسمَع نَغْمَته وَلَا تفهمه عَنهُ لأنّه يُخفيه. والهَيْنَمَةُ نحوٌّ مِنْهَا.
وَقَالَ شمر: طَنْطَن طَنْطَنة ودَنْدَن دَنْدَنةً بِمَعْنى وَاحِد، وأَنشد:
تُدَنْدِن مِثلَ دَنْدَنَة الذُّبابِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنين والدَّنْدَنة أصواتُ النَّحْل والزَّنَابير، وأَنشد:
كَدَنْدَنَةِ النَّحْلِ فِي الخَشْرَمِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اسود اليَبِيسُ من القِدَم فَهُوَ الدِّنْدِن، وأَنشدَ. مِثل الدِّنْدِن البَالِي:
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّنْدِن أصولُ الشّجر.
قلت: الدِّنْدِن مَا فَسَّرَهُ الأصمعيّ وَهُوَ الدَّرِين.
أَبُو تُرَاب: أَدَنّ الرّجُل بالمَكان إدْنانا وأَبَنَّ ابْناناً إِذا أَقَامَ، ومِثلُه ممَّا يعاقِب فِيهِ الدَّال وَالْبَاء، انْبَرَى وانْدَرَى بِمَعْنى وَاحِد.
ند: قَالَ ابْن المظفَّر: النَّدُّ ضَرْبٌ من

(14/50)


الدُّخْنَةِ.
وروَى أَبُو يَعْلَى عَن الأصمعيِّ عَن أبي عَمْرو بن العَلاء.
وَيُقَال للعنْبرِ: النَّدّ، وللبَقَّم: العَنْدَمُ ولِلْمِسك: العتيقُ.
وَيُقَال: نَدَّ البعيرُ يَنِدّ نُدوداً إِذا شَرَد.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَيْكُمْ يَوْمَ} {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} (غَافِر: 32، 33) القُرَّاء على تَخْفيف الدَّال من التَّنادِ؛ وقرأَ الضّحاك وحدَه: (يومَ التَّنادِّ) بتَشْديد الدَّال.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هُوَ من نَدَّ الْبَعِير نِداداً أَي شَرَد. قَالَ: وَقد يكون التَّنادِ بتَخْفِيف الدَّال من نَدَّ فليَّنوا تَشْدِيد الدَّال وجَعلوا إِحْدَى الدالين يَاء، ثمَّ حَذَفوا الْيَاء، كَمَا قَالُوا: دِيوان ودِيباج ودِينار وقِيراط. وَالْأَصْل دِوّان ودِبّاج وقِرّاط ودِنّار. والدليلُ على ذَلِك جمعُهم إيّاها على دَوَاوِين وقَرَارِيط ودَبابِيج ودَنانير، قَالَ: وَالدَّلِيل على صحّة قِرَاءَة من قَرَأَ (التّنادّ) بتَشْديد الدَّال قولُه: {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} .
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَدَّدْتُ بالرجلِ تَنْدِيداً، وسمَّعْتُ بِهِ تسميعاً إِذا أسمعتَه القبيحَ وشتمتَه.
شمِر عَن الْأَخْفَش فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا} (الْبَقَرَة: 165) . قَالَ: النِّدّ الضِّدّ والشِّبْه. قَالَ: وَقَوله: {قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ} (الزمر: 8) أَي أضْداداً وأَشْبَاهاً، وفلانٌ نِدّ فلَان، ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أَي مِثْلُه وشِبهُه، وأنشدَ للَبيد:
كَيْلا يكونُ السَّنْدَرِيّ نَدِيدَتِي
وأجْعَلُ أَقْواماً عُمُوماً عَمَاعِما
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للرجل إِذا خالفَكَ فأَرَدْتَ وَجْهاً تذهَبُ فِيهِ ونازعك فِي ضدِّه: فلانٌ نِدِّي ونَدِيدِي للّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تُرِيدُ وَهُوَ يستقِلّ من ذَلِك بِمثل مَا تَسْتَقِلُّ بِهِ.
وَقَالَ حسّان:
أتَهْجُوه ولستَ لَهُ بِنِدَ
فَشَرُّكما لخيرِكما الفِداءُ
أَي لستَ لَهُ بمِثْلٍ فِي شَيْء من مَعَانِيه.
وَيُقَال: نادَدْتُ فلَانا أَي خالَفْتُه، والتَّنْدِيدُ: رفْعُ الصَّوتِ، وَقَالَ طرفَة:
لِهجْسٍ خَفِيَ أَو لصَوْتٍ مُنَدَّدِ
والصَّوتُ المندَّد المُبَالِغُ فِي النداء. وَيُقَال: ذهب الْقَوْم ينادِيدَ وأَنادِيدَ إِذا تفَرقُوا فِي كلّ وَجه.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: فُلَانَة نِدُّ فُلَانَة، وخَتَنُ فلانةَ وتِرْبُها، وَلَا يُقَال: فلانةُ نِدُّ فُلانٍ وَلَا خَتَنُ فلَان، فَتُشَبِّهُها بِهِ.
قَالَ: وَأما قولُه:
قَضَى على النَّاس أمرا لَا نِدَادَ لَهُ
عَنْهُم وَقد أَخَذَ الميثاقَ واعْتَقَدَا

(14/51)


فَمَعْنَاه أَنه لَا يَندُّ عَنْهُم وَلَا يَذهب.

(بَاب الدَّال وَالْفَاء)
(د ف)
دف، فد: (مستعملة) .
(دف) : قَالَ اللَّيْث: الدَّفّ والدَّفّة: الجَنْب لكلّ شَيْء، وَأنْشد فِي الدَّفّة:
ووَانِيَةٍ زَجَرْتُ على وَجَاها
قَرِيح الدَّفّتين من البِطانِ
قَالَ: ودَفّتا الطَّبْل. اللّتان على رَأسه، ودَفّتَا المُصْحَفِ ضِمَامَتاه من جانبيه.
وَفِي حَدِيث عمرَ أَنه قَالَ لمَالِك بنِ أوْس: أَنه قد دفّت علينا من قَوْمك دافَّةٌ وَقد أَمَرْنَا لَهُم بِرَضْخ فاقسِمه فيهم.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّافّة: القومُ يَسِيرُونَ جمَاعَة سيراً لَيْسَ بالشَّديد، يُقَال: هم يَدِفُّون دَفيفاً.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر أنّ أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله هَل فِي الجنَّة إِبل؟ فَقَالَ: (نعم إنَّ فِيهَا النَّجائب تَدِفّ بِرُكْبانها) ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: خُذْ مَا دَفَّ لَك واسْتَدَفّ، أَي مَا تَهَيَّأ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دفَّ على وَجه الأَرْض وزَفَّ بِمَعْنى وَاحِد، ونادَى منادِي خَالِد بن الْوَلِيد فِي بعض غَزَوَاته: أَلا مَن كَانَ مَعَه أسيرٌ فليُدافِّه. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو والأمويّ قَوْله: فيلدافِّه، يَعْنِي ليُجْهِز عَلَيْهِ، يُقَال: دافَفْتُ الرجلَ دِفافاً ومُدافَّةً، وَهُوَ إجهازك عَلَيْهِ، قَالَ رُؤبة:
لمَّا رَآنِي أُرْعِشتْ أَطْرَافي
كَانَ مَعَ الشَّيْبِ من الدِّفافِ
وَكَانَ الأصمعيّ يَقُول: تَدافَّ القومُ إِذا ركبَ بعضُهم بَعْضًا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ من هَذَا. قَالَ: وَفِيه لُغَة أُخْرَى فليدَافِهِ بتَخْفِيف الْفَاء من دافَيْتُه، وَهِي لغةٌ لجهينَة.
وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: أَنه أُتِي بأسير فَقَالَ: (أَدْفُوه) ، يُرِيد الدِّفْءَ من البَرْدِ، فَقَتَلُوه فَوَاداه رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لغةٌ ثَالِثَة بِالذَّالِ فليذافِّه، يُقَال: ذفَفْتُ عَلَيْهِ تَذْفيفاً إِذا أجهزتَ عَلَيْهِ، وَمِنْه حديثُ عَلِيّ: لَا يُذَفَّفُ على جريح، والدُّفّ: الّذي يُضرَبُ بِهِ، يُقَال لَهُ: دَفٌّ أَيْضا، وَأما الدَّف بِمَعْنى الجَنْب فَهُوَ بالفَتْح لَا غير، وَجمعه دُفُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّفيف أَن يَدُفّ الطائرُ على وَجه الأَرْض يحرِّك جناحيه، ورِجلاه بالأَرْض وَهُوَ يطير، ثمَّ يستقلُّ، وَقَالَ رؤبة:
والنسرُ قد يَركُض وَهُوَ دافِ
فخفّف وكسَرَ على كَسرةِ دافِفٍ، وحَذَف إِحْدَى الفاءين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: دُفوف الأَرْض أسنادُها، وَهِي دَفادِفُها، الْوَاحِدَة دَفْدَفة، وَدَفّ

(14/52)


َ العُقاب يَدُف: إِذا دَنا من الأَرْض فِي طَيَرانه، والدَّفيف: العَدْو أَيْضا.
فد: فِي حَدِيث النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنَّ الجفاءَ والقسوةَ من الفدَّادِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ مخفّفة وَاحِدهَا فَدَّان مشدّدة، وَهِي الْبَقر الّتي يُحرَث بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: لَيْسَ الفَدادِين من هَذَا فِي شَيْء، وَلَا كَانَت الْعَرَب تعرفها، إنَّما هَذِه للرُّوم وأهلِ الشَّام، وَإِنَّمَا افتُتحت الشَّام بعد النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكنهُمْ الفَدَّادونَ بتَشْديد الدَّال واحدُهم فَدَّاد.
وَقَالَ الأصمعيّ: وهم الَّذين تَعْلُو أصواتُهم فِي حروثِهم وأموالِهم ومَواشيهم وَمَا يعالجون بهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَحْمَر. يُقَال مِنْهُ: فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فَدِيداً. إِذا اشتَدَّ صوتُه. وَأنْشد:
أُنْبئْتُ أَخْوَالي بَني يَزيدُ
ظُلماً علينا لهمُ فَدِيدُ
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول غير ذَلِك كَأَنَّهُ قَالَ: الفدادون المكثِرون من الْإِبِل الَّذين يملك أحدهم المئتين من الْإِبِل إِلَى الْألف يُقَال لَهُ: فَدَّاد إِذا بلغ ذَلِك. وهم مَعَ هَذَا: جُفاةٌ أهلُ خُيَلاء.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول أبي عُبَيْدَة هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي. وَمِنْه الحَدِيث الآخر إنَّ الأَرْض إِذا دُفن فِيهَا الإنسانُ قَالَت لَهُ: مَشَيْتَ على ظَهرِي فَدَّاداً ذَا مالٍ كثير وذَا خُيَلاء، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَدَّدَ الرجلُ: مَشَى على وَجه الأَرْض كِبَراً وبَطَراً. وَفَدَّدَ إِذا صاحَ فِي بَيْعه وشرائه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: (الجَفاء والقسْوة فِي الفَدّادين) ، هم الجَمَّالُونَ والرُّعْيان والبَقّارون والحَمّارون. وفَدْفَدَ: إِذا عَدَا هَارِباً من عَدُوّ أَو سَبُع.
قَالَ اللَّيْث: الفديدُ صوتٌ كالخفيف، وَقد فَدَّ يَفِدّ فَديداً، وَمِنْه الفَدْفَد.
وَقَالَ النَّابِغَة:
أوَابِدُ كالسّلام إِذا استمرَّت
فَلَيْسَ يَرُدُّ فَدْفَدَهَا التَّظَنِّي
وفَلاةٌ فَدْفَد لَا شيءَ فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الفَدْفَد الْمَكَان الْمُرْتَفع فِيهِ صَلابةٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلَّبن الثَّخين فُدَفِدٌ.

(بَاب الدَّال وَالْبَاء)
(د ب)
دب (ديدبون) ، بُد: (مستعملة) .
دب ديدبون: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّيْدَبون: اللَّهْو، والدَّيْدَبان: الطَّلِيعة وَهُوَ الشَّيِّفَةُ قلتُ: أَصله ديذَبان، فَغَيَّرُوا

(14/53)


الحركةَ وَقَالُوا دَيْدَبان وَجعلُوا الذَّال دَالا. لمّا أُعرب.
قَالَ ابْن المظفَّر: دَبّ النَّمْل يَدب دَبيباً أَي مَشَى على هِينتيه، وَلم يُسْرع ودب الشَّرَاب فِي شَاربه دبيباً؛ ودب الْقَوْم إِلَى الْعَدو دبيباً، أَي مَشَوْا على هِينتهم لم يسرعوا قَالَ: والدَّبْدَبة العُجْرُوفُ من النَّمْل، وَذَلِكَ أنَّهُ أَوْسَع خَطْواً وأَعجَل نَقْلاً، والدَّبّابة آلَة تُتَّخَذ فِي الحُروب يَدخُل فِيهَا الرِّجَال ثمَّ تدْفَع فِي أصلِ حصْن فينقبونَهُ وهم فِي جَوْف الدّبّابة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّبَّة الكَثيب بِفَتْح الدَّال.
قَالَ: ودُبَّةُ الرجلِ طريقتُه من خيرٍ أَو شرّ بالضمّ.
وَقَالَ ابْن عبّاس: اتَّبِعوا دُبّة قُرَيْش وَلَا تُفارقوا الْجَمَاعَة، والدَّبَّة: الْموضع الكثيرُ الرّمل يُضرَبُ مَثلاً لِلْأَمْرِ الشَّديد، وَقَع فلانٌ فِي دَبّةٍ من الرّمل، لِأَن الجملَ إِذا وَقع فِيهِ تَعِب، ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّة والدَّببُ الزّغب على الْوَجْه وَأنْشد:
قَشْر النِّسَاء دَبَبَ الْعَرُوس
والدَّبيب: الزَّحف على الْوَجْه. وَأنْشد:
تِرْعِيبَةٌ فِي دَمٍ أَو بَيْضةٌ جُعِلَتْ
فِي دَبَّةٍ من دِبابِ الرَّمل مِهيار
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: دَبّ إِذا اخْتَبَأَ، ودَبّ إِذا مَشَى من قَوْلهم: أكْذَبُ مَنْ دَبّ ودَرَجَ، فدَبّ مَشَى، ودَرَج ماتَ وانْقَرَض عَقِبُه وَقَالَ رؤبة:
إِذا تَزَابَى مِشيَةً أَزَائِبا
سمعتَ من أَصواتِها دبَادِبا
قَالَ: تَزَابَى مَشَى مشيَةً فِيهَا بُطْءٌ. قَالَ: والدَّبادِب صَوت كأَنَّهُ دُبْ دُبْ، وَهُوَ حكايةُ الصّوت. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الدُّبادِب والجُباجِب الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة، وأنشدَ:
إيّاكِ أَنْ تَستَبدِلي قَرِدَ القَفَا
حَزَابِيَةً وَهَيَّبَاناً جُبَاجِبَا
وَمعنى قَوْلهم: فلانٌ أَكَذَب مَنْ دَبَّ ودَرَج، أَي أكذَبُ الْأَحْيَاء والأموات.
وَفِي الحَدِيث: لَا يَدخُل الجنَّة دَيْبُوبٌ وَلَا قَلاّع، الدَّيْبُوب الَّذِي يَدِب بالنميمة بَين الْقَوْم، وَهُوَ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يَدخُل الْجنَّة قَتاتٌ) .
وَيُقَال: رَجَل دبُوب ودَيْبُوب الَّذِي يجمع بَين الرِّجَال والنساءِ، سُمِّي دَيْبُوباً لأنَّهُ يَدِبُّ بَينهم ويَستخفِي.
قَالَ أَبُو عَمْرو: دَبدَبَ الرجلُ إِذا جَلّب، ودَرْدَب إِذا ضَرَبَ بالطَّبل.
أَبُو عبيد: أَرض مَدَبة كَثِيرَة الدِّبَبَةِ، وَاحِدهَا دُبّ وَالْأُنْثَى دُبَّة.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه: لَيْتَ شِعْري أيَّتُكن صاحبةُ الْجمل الأدْبَبِ تنبحَها كِلابُ الحَوْأَبِ) قَالُوا: أَرَادَ

(14/54)


بالأدْبب الأدَبِّ فأظهر التَّضْعِيف، وَهُوَ الكثيرُ الوَبَر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: جملٌ أدَبّ كثير الدَّبَبِ، وَقد دَبَّ يَدِب دَبَباً، قَالَ: والدَّبَبُ: الشَّعْر الّذي على وَجه الْمَرْأَة.
قلتُ: والخَلْصاء: رَمْلٌ يُقَال لَهُ الدَّبَّابُ، وبحِذائه دُحْلانُ كَثِيرَة، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يذكرهُ:
كَأَن هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها
لمّا التَقَيْنَا على أَدْحَالِ دَبَّابِ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ} (النُّور: 45) الدَّابةُ اسمٌ لكلّ حَيَوَان مميِّز وغيرِه، فلمّا كَانَ لِما يَعقل ولِما لَا يَعقل قَالَ: فمِنْهم، وَلَو كَانَ لِما لَا يعقِل قِيلَ فَمِنْهَا أَو فمنهنّ، وتَصْغِيرُ الدَّابَّة دُويبَة، الْيَاء سَاكِنة، وفيهَا إشمامٌ من الْكسر، وَكَذَلِكَ كلُّ يَاء التصغير إِذا جَاءَ بعدَها حرفٌ مُثقَّلٌ فِي كل شَيْء، والمِدَبُّ: موضعُ دَبِيب النّمل وغيرِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِدْبَبُ الجَملَ الّذي يمشي دَبَادِب، والدَّبُوب: النَّاقة السَّمينة، وجمعُها دُبُبٌ، والدُّباب مَشْيُها.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال للضَّبُع: دَبابِ، يُرِيدُونَ دِبِّي كَمَا يُقَال: نَزالِ وحَذَارِ، وَدُبّ فِي بني شيْباب، دُبّ بن مُرة بن ذُهْل بن شَيبَان.
بُد: قَالَ اللَّيْث: البُدُّ: بيتٌ فِيهِ صَنَمٌ وتصاويرُ. وَيُقَال: البُدُّ هُوَ الصَّنَم نَفسه، وَهُوَ إِعْرَاب: بُتْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأنْشد:
لقد عَلِمَتْ تَكاكرة ابْن تِيرِي
غَداةَ البُدِّ أنِّي هِبْرِزِيُّ
وَيُقَال: ليسَ لهَذَا الْأَمر بُدٌّ أَي لَا محَالة.
عَمْرو عَن أَبِيه: البُدُّ: الفِراق، يُقَال: لَا بُدَّ الْيَوْم مِنْ قَضَاء حَاجَتي: أَي لَا فِراق، وَمِنْه قَول أم سَلمَة: أيِّديهم تَمْرَةً تَمرة: أَي فَرِّقي فيهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَبْدَدتُهم العَطَاء إِذا لم تجمعْ بَين اثْنَيْنِ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف صيّاداً، فرّق سهامَه فِي حُمر الوَحش:
فأَبَدَّهَن حُتُوفَهن فهاربٌ
بذِمائِه أَو بَارك مُتَجَعْجِعُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الإبْدَادُ فِي الهِبة أَن يُعطي وَاحِدًا وَاحِدًا، والقِرانُ أَن تُعطِيَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَقَالَ رجل من الْعَرَب: إِن لي صِرْمة أُبِدُّ مِنْهَا وأَقْرُنُ.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه: البَدُّ التَّعبُ، وَهُوَ بِدُّه وبَدِيداهُ أَي مِثلُه، قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَدادُ والعِدَادُ: المُناهَدَةُ قَالَ: وبَدَّدَ إِذا تَعِب، وبَدَّد إِذا أخرج نَهْدَه، والبَديدُ التَّطْهِيرُ يُقَال: مَا أَنْت بِبَدِيدٍ لي فتكلمني، والبِدَّان المثْلان.

(14/55)


أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: أَبِدَّ هَذَا الجَزوز فِي الحيّ فأعطِ كلَّ إِنْسَان بُدَّتَهُ أَي نَصِيبَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البُدَّة: القِسْم. وَأنْشد:
فمَنَحتْ بُدّتَها رَفِيقًا جامِحاً
والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوارِها
أيْ أطَعمتْه بعضَها: أيْ قِطعة مِنْهَا، قَالَ: والبِدَادُ أَن تبِدّ المالَ القومَ فتَقْسِمه بَينهم، وَقد أَبْدَدْتهم المَال وَالطَّعَام، وَالِاسْم البُدّةُ والبِدادُ، والبُدَدُ جمع البُدَّةِ، والبُدُدُ جمع البِدادِ؛ وَقَالَ: جَاءَت الْخَيل بَدَادِ بدادِ إِذا جَاءَت مُتَبَدِّدة، وَقَالَ ذَلِك أَبُو زيد وَأنْشد:
كُنَّا ثَمَانِيَة وَكَانُوا جَحْفلاً
لجباً فشُلُّوا بالرِّماح بَدَادِ
أَي متبددين.
وَقَالَ الأصمعيّ: العربُ تَقول: لَو كَانَ البَدَاد لما أطاقونا. قَالَ: والبَدَاد: البِرازُ تَقول: لَوْ بارَزُونا رجل لرجلٍ. قَالَ: فَإِذا طرحوا الْألف وَاللَّام خَفَضُوا، فَقَالُوا: يَا قوم بَدَادِ بَدَادِ مرَّتَيْنِ أَي، لِيأخذْ كلُّ رجلٍ رَجُلاً، وَقد تبادَّ القومُ إِذا أخذُوا أقرانَهم. وَيُقَال: لَقُوا قَوْماً أبدادَهم، ولَقِيَهم قومٌ أَبْدَادُهم، أَي أعدادُهم لكل رجلٍ رجلٌ.
وَيُقَال: لقَي فلانٌ وفلانٌ فلَانا فابتدَّاه بِالضَّرْبِ، أَي أخَذاه مِن ناحِيَتَيْه، والسَّبُعَانِ يَبْتَدَّان الرجلَ، والرضيعان التَّوْأَمان يبتدَّان أمَّهما، يرضع هَذَا من ثَدْيٍ وَهَذَا من ثَدْيٍ، وَيُقَال: لَو أنَّهُما لَقِياه بخَلاءٍ فابتدَّاه لما أطاقاهُ، وَيُقَال: لما أطاقه أحدُهما، وَهِي المُبادَّة. وَلَا يُقَال: ابتدَّها ابْنهَا وَلَكِن ابتدها ابْناها، وَيُقَال: إِن رَضَاعَها لَا يَقع مِنْهُمَا موقعاً فأَبِدَّهما تِلْكَ النَّعْجةَ الْأُخْرَى، فَيُقَال: قد أبْدَدْتهما.
غَيره: تَبَدَّدَ الْقَوْم: إِذا تفَرقُوا، وَذهب الْقَوْم بَدَادِ بَدَادِ، وَجَاءَت الْخَيل بَدَادِ بَدَادِ أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، واستَبَدّ فلَان بِرَأْيهِ إِذا تفرَّدَ بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: البِدَادان فِي القَتَب بِمَنْزِلَة الكرِّ فِي الرَّحْلِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: البِدَادُ بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تَحت القَتَبِ وِقايةً للبعير أَلاَّ يصيبَ ظهرَه القَتَبُ، وَمن الشق الآخر مثله، وهما مُحيطان مَعَ القتب، والجَدَياتُ من الرَّحل شِبْهُ الْصَدَغَةِ يُبطَّن بِهِ أعالي الظَّلِفاتِ إِلَى وَسَط الحِنْوِ.
قلت: البِدَادان فِي القتب شِبْهُ مِخْلاتَيْنِ تُحشيان وتُشدَّان بالخيوط إِلَى ظَلِفات القَتَب وأَحْنَائه. وَيُقَال لَهَا: الأبِدَّة وَاحِدهَا بِدٌّ، وللاثنين بِدَّان فَإِذا شُدَّتْ إِلَى القَتَب فَهي مَعَ القتب حِداجَةٌ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِدادُ لِبْدٌ يُشدُّ مَبْدُوداً على الدَّابة الدَّبِرَة، تَقول: بُدَّ عَن دَبَرِها أَي

(14/56)


شُقَّ.
قَالَ: وفَلاةٌ بَدْبَدٌ لَا أَحَد فِيهَا.
أَبُو عبيد: رجل أبدّ وامرأةٌ بَدَّاء عَظِيمَة الخَلْق وَأنْشد:
بَدَّاء تَمشي مِشيَةَ الأبَدِّ
وَيُقَال: هُوَ العريض مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ، وَقَالَ اللَّيْث: برذون أبدّ، وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ تبَاعد عَن جَنْبَيْهِ، وَهُوَ البدد، قَالَ: والحائِل أبدّ أبدّاً، وَقَالَ أَبُو زيد فِي بعير أبدّ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَتلَ. وَقَالَ أَبُو مَالك: الأَبدُّ الواسِعُ الصَّدر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي فَخْذَيه بَدَد أَي طول مُفرِط. وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: البَدَد تباعدُ مَا بَين الفَخِذين فِي النَّاس من كَثْرة لحمهما، وَفِي ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ، وَيُقَال للْمُصَلِّي أَبِدَّ ضَبْعَيْك، وإبدادُهما تفريجُهما فِي السُّجود، وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ يدَه إِذا مدَّها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: قَالَ: قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ دُرَيْدُ بن الصّمة قد بَرِص بادَّاهُ مِن كَثرة رُكوب الخَيلِ إِعْرَاء، وبادَّاه مَا يَلِي السَّرْج مِن فَخِذيه.
وَقَالَ القُتَيْبَي: يُقَال لذَلِك الْموضع من الفَرَس: بادٌّ، والبَدَّاء المرأةُ كَثِيرَة لَحْم الفَخِذين.
ورَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: قيل لامرأةٍ من الْعَرَب: عَلاَم تمْنَعِين زوجَك القِضَّةَ؟ فَقَالَت: كذَبَ وَالله إِنِّي لأطأْطِىءُ لَهُ الوسادَ، وأُرْخي لَهُ الْبَادَّ، تُرِيدُ أَنَّهَا لَا تضمّ فخذيها، وَقَالَ الراجز:
جاريةٌ يَبُدُّها أَجَمُّها
قد سمَّنتْها بالسَّوِيق أُمُّها
وَالرجل إِذا رأى مَا يَسْتَنْكِره فأَدام النظرَ إِلَيْهِ يُقال: أَبَدَّهُ بَصَرُه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا لَك بِهَذَا بُدٌّ، وَمَا لَك بِهِ بِدَّةٌ، أَي مَا لَك بِهِ طاقةٌ وَلَا يَدَان.
الْكسَائي: ذهب الْقَوْم عَباديدَ إِذا تفَرقُوا. وَقَالَ الْفراء: يَبَادِيدَ إِذا تفَرقُوا وَأنْشد:
يَرَونَنِي خَارِجا طيرٌ يَبَادِيدُ
وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ نظرَه إِذا مَدّه، وأبددتُه بَصرِي وأبددتُ يَدي إِلَى الأَرْض فأَخذتُ مِنْهَا شَيْئا، أَي مَدَدْتُها.
عَمْرو عَن أَبيه: البديدة التَّفَرُّقُ.

(بَاب الدَّال وَالْمِيم)
(د م)
مد، دم: (مستعملة) .
دم: قَالَ اللَّيْث: الدَّمُّ الفِعْل من الدِّمامِ وَهُوَ كل دَوَاءٍ يُلْطَخ على ظَاهر العَيْن. وأَنشد:
تَجْلُو بقادمَتيْ حمامةِ أَيْكَةٍ
بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بِدِمامِ
يَعْنِي النَّؤُور قد طُلِيَتْ بِهِ حَتّى رَسَخَ.

(14/57)


وَيُقَال للشَّيْء السمين كَأَنَّمَا دُمَّ بالشحم: دَمّاً، وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
كأنَّهُ من دَمِ الأَجْوَافِ مَدْمُوم
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَمَّ الرجلُ فلَانا إِذا عَذَّبه عذَابا مَا، ودُمَّ الشيءُ إِذا طُلِيَ. سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} (الشَّمْس: 14) ، قَالَ: دَمْدَم أَرْجَفَ، وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله: {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ} أَي غضب، قَالَ: وَتَكون الدَّمْدَمةُ الْكَلَام الَّذِي يُزْعج الرجلَ إِلَّا أَن أكْثر الْمُفَسّرين قَالُوا فِي دَمْدَم عَلَيْهِم أَي أطْبَق عَلَيْهِم العذابَ، يُقَال: دَمْدَمتُ على الشَّيْء أَي أطبقتُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ القَبْرَ وَمَا أشبهه، لذَلِك يَقُول: ناقةٌ مَدمُومة أَي قد أُلْبِسها الشحمُ فإِذا كَرَّرْتَ الإطباقَ، دَمْدَمت عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدمدم مَا يبس من الْكلأ قلت: هُوَ الدِّنْدِنُ، قَالَ: والدُّمادِمُ هُوَ شَيْء يشبه القَطِران يسيل من السَلَم والسَّمُرِ أحمرُ الْوَاحِد دُمَدِمٌ وَهُوَ حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يَعْني شَجَرَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الخرقاء: تَقول للشَّيْء يُدفن: قد دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ أَي سَوَّيْتُ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الدُّوَدِمُ شِبْهُ الدَّم يخرج من السَّمُرة وَهُوَ الحَذَال، يُقَال: قد حَاضَتْ السَّمُرة إِذا خرج ذَلِك مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدِمْدِم أصُول الصِّلِّبان المُحِيل، فِي لُغَة بني أَسد، وَهُوَ فِي لُغَة بني تَمِيم الدِّنْدِنُ.
اللحياني: ورَجُلٌ دَميم وَقوم دِمام وَامْرَأَة دَمِيمة من نسْوَة دمائِم ودِمام، وَمَا كَانَ دميماً وَلَقَد دمَّ وَهُوَ يَدِمُّ دَمامة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: دَمَّ يَدِمُّ دَمامةً. قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: دَمَمْتَ بَعْدي تَدِم دَمامة.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للرجل إِذا طَحَن القومَ فأهلكهم: قد دَمَّهم يَدُمُّهم دَمّاً.
وَيُقَال لليربوع إِذا سَدَّفَا حُجْرِه بِنبيثَتِهِ: قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، وَاسم الجُحْر الدَّمَّاءُ مَمْدُود والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ.
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا طَلَتْ مَا حول عينهَا بِصَبْرٍ أَو زعفران: قد دَمَّتْ عينهَا تَدُمُّها دَمّا، ودُمَّ البعيرُ دَمّاً إِذا كَثُر شحمُه ولَحمُه حَتَّى لَا يجدِ اللاَّمس مَسَّ حجْم عَظْمٍ فِيهِ.
وَيُقَال لِلْقِدر إِذا طُلِيتْ بالدّم أَو بالطِّحال بعد الجَبْر: قد دُمَّت دَمّاً، وَهِي بُرْمةٌ مَدْمُومة، ودَمِيمٌ ودَمِيمةٌ، وَيُقَال: دَمَمْتُ ظَهْره بآجُرَّة أَدُمُّه دَمّاً، أَي ضربتُ ظَهْره، ودَمَمْتُ الْبَيْت أَدُمُّه دَمّاً أَي طَيّنْتَه، جَصَّصْتَه، ودَمَمْتُ رأسَه إِذا ضَربتَه فَشَجَجتَه.

(14/58)


قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: لم أسمع أحدا يُثَقِّل الدَّمَ، وَيُقَال مِنْهُ: قد دُمِّيَ الرجل وأُدْمِيَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدّميمُ بِالدَّال فِي قَدِّه، والذّميم فِي أخلاقه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَسَاءَ فلَان وأَدَمّ أَي أقبح، الفِعْل اللَّازِم دَمّ يَدِم وَقد قيل: دَمَمْتَ يَا فلَان تَدُمّ وَلَيْسَ فِي المضاعف مثله.
ابْن الأعرابيّ: الدّمّ نَبَات والدُّمُّ القُدورُ المطْلِيَّةِ والدِّم القُوليِّة. وَقَالَ: دَمْدَم إِذا عَذَّب عذَابا تَاما، ومَدْمَدَ إِذا هَرَب.
مد: قَالَ اللَّيْث: المَدُّ كثرةُ الماءِ أَيَّام المُدُودِ، يُقَال: مَدّ النهرُ، وامْتَدّ الحبلُ، وَهَكَذَا تَقول الْعَرَب.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: المَدُّ مَدُّ النهرِ، والمَد الحَبْلُ، والمَدّ أَن يَمُدّ الرجلُ الرجلَ فِي غَيِّه.
وَيُقَال: وَادِي كَذَا يَمُد فِي نهر كَذَا، أَي يزِيد فِيهِ، وَيُقَال مِنْه: قَلّ مَاء رَكِيّتِنا فمَدّتْها رَكِيّةٌ أُخْرَى، فَهِيَ تَمُدّها مدّاً وَأنْشد:
سَيْلٌ أتِيٌّ مَدّهُ أَتِيُّ
وَقَالَ الأصمعيّ: امْتَد النهرُ، ومَدَّ إِذا امْتلأ، ومَدّه نهرٌ آخر، ومددتُ الحبلَ وامْتَد.
قَالَ: والإمْداد: أَن يُرْسِلَ الرجلُ للرجل بمَدَدٍ، يُقَال: أَمْدَدْنا فلَانا بجيشٍ.
قَالَ جلّ وعزّ: {هَاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِءَالا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - فٍ} (آل عمرَان: 125) .
وَقَالَ فِي المَال: { ((أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 55) . هَكَذَا رُوِيَ نُمِدهم بِضَم النُّون.
وَقَالَ: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} (الْإِسْرَاء: 6) . قَالَ: يكون مِداداً كالمِدَادِ الَّذِي يُكتب بِهِ، والشيءُ إِذا مَد الشيءَ فَكَانَ زِيَادَة فِيهِ فَهُوَ يَمُدُّه، يَقُول: دِجْلةُ تَمُدُّ بِئَارَنا وأنهارَنا، وَالله يَمُدُّنا بهَا، وَتقول: قد أَمْدَدتُك بِأَلف فَمُدّ. وَلَا يُقاسُ على هَذَا كلُّ مَا وَرَدَ.
الأصمعيّ: أَمَد الجُرْحُ يَمُدُّ إمْداداً وأَمْدَدْتُ الدَّوَاة إمْداداً.
وَقَالَ أَبُو زيد: مَدَدْتُ الْإِبِل أَمُدها مَدّاً، وَالِاسْم المَدِيدُ، وَهُوَ أَن يَسقيها الماءَ بالبَزْر أَو الدَّقِيق أَو السِّمسم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مَدَدت الدواة، وأمْدَدتُها جعلتُ فِيهَا مَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: مَد النهرُ جرى فِيهِ، ومَدَدْنا القومَ صِرنا لَهُم مَدَداً، وأَمْدَدْناهم، بغيرنا؛ وأمَد الجُرْحُ، وَأَمْدَدْتُ الرجلَ مُدةً وَأَمْدَدْت الدوَاة إِذا جعلت فِيهَا مِداداً.
وَقَالَ اللَّيْث: المَدَدُ مَا أمْددتَ بِهِ قومَك فِي حَرْب أَو غير ذَلِك من طَعَام أَو أَعوان، والمادةُ كلُّ شَيْء يكون مداداً

(14/59)


لغيره، وَيُقَال: دَعْ فِي الضَّرع مادَّةَ اللّبن، فالمتروكُ فِي الضَّرع هُوَ الدَّاعِيةُ، وَمَا اجْتمع إِلَيْهِ فَهُوَ المادّة، والأعرابُ مادةُ الْإِسْلَام، والمِدَادُ مَا يُكتبُ بِهِ، يُقَال: مُدَّني يَا غلامُ أَي أَعْطِنِي مَدّة من الدَّواة، وَإِن قلت: امْدُدني مُدة كَانَ جَائِزا، وخُرِّج على مجْرى المَدَد بهَا وَالزِّيَادَة، والمديدُ شعير يُجَشُّ ثمَّ يُبلُّ فيضفرُ البعيرَ والمدّة الْغَايَة، يُقَال لهَذِهِ الْأمة مُدَّةٌ أَي غَايَة من بَقَائِهَا، ويُقال: أمدّ الله فِي عمرك، أَي جعل لعمرك مُدةً طَوِيلَة، والمُدُّ مكيال معلومٌ وَهُوَ ربع الصاعِ، ولُعبة للصبيان تسمى مداد قيْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مُدٌّ وثلاثةُ أَمداد ومِددٌ ومدادٌ كَثِيرَة، والتَّمدُّدُ كتهدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كل شَيْء تبقى فِيهِ سَعةُ المدِّ، وَيُقَال: امتدّ بهم السيْر أَي طَال.
وَقَوله سُبْحَانَ الله: مداد كَلِمَاته أَي عَدَدَها وَكَثْرَتهَا، والأمدَّة المِساكُ فِي حافتي الثَّوْب إِذا ابتُدىء فِي عَمله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مدْمد أَي هربَ، قَالَ: والمددُ العَساكر الَّتِي تلْحق بالمغازي فِي سَبِيل الله، ويُقال: جَاءَ هَذَا على مدادٍ وَاحِد أَي على مِثَال وَاحِد.
وَقَالَ جَندل:
لم أقْو فيهنّ وَلم أساند
على مدادٍ ورَوِيٍ وَاحِد
والإمدّان مياهُ السِّباخ.
وَقَالَ أَبُو الطّمحَان:
فأَصبحن قد أقْهيْن عنِّي كَمَا أَبتْ
حِياض الإمدَّان الظِّباءُ القوامحُ
وَقَالَ أَبُو زيد: الأمدان المَاء الْملح الشَّديد الملوحة، وَفُلَان يُمادُّ فلَانا، أَي يُماطله ويجاذبُه وَيُقَال: مددتُ الأَرْض مدّاً إِذا زِدْت فِيهَا تُرَابا أَو سماداً من غَيرهَا، ليَكُون أعمر لَهَا وَأكْثر ريعاً لزرعها.
وَقَالَ شمر: كل شَيْء امْتَلَأَ وارتفع فقد مدّ وأمددتُه أَنا، ومدّ النهارُ: إِذا ارْتَفع.
وَقَالَ يُونُس: مَا كَانَ من الْخَيْر فَإنَّك تَقول: أَمددتُه، وَمَا كَانَ من الشَّرّ، فَهُوَ مددتُهُ، ومدَّ النهرُ النَّهر إِذا جرى فِيهِ.
وَمَدَدْنَا الْقَوْم صرنا لَهُم مدَدا وأمددناهم بغيرنا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الإمدَّانُ الماءُ المالح الشديدُ الملوحة.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/60)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الدَّال

(أَبْوَاب الدَّال وَالتَّاء)
د ت ظ د ت ذ د ت ث د ت ر:
مهملات الْوُجُوه.
د ر ط د ب د د ت ث د ق ر
مهملات.
د ت ل
اسْتعْمل مِنْهُ: (تَلد، لتد) .
تَلد: قَالَ اللَّيْث: التِّلادُ كل مَال قديم يَرِثهُ الرجلُ عَن آبَائِهِ وَهُوَ التّالِدُ والتَّليدُ والمُتلدُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تلّد الرجلُ، إِذا جمع وَمنع.
وَقَالَ غَيره: جاريةٌ تليدة إِذا وَرِثها الرجلُ، فَإِذا وُلدتْ عِنْده فَهِيَ وليدةٌ.
الأصمعيّ: تَلد بِالْمَكَانِ تُلوداً: أَي أَقَامَ بِهِ، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ؛ وأتلد، أَي اتَّخَذَ المَال.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَلَد المالُ يتلِد ويتلُد وأتْلدْتُه أَنا.
ورُوي عَن شُريح أَن رجلا اشْترى جَارِيَة وَشرط أَنَّهَا مُولَّدة فَوَجَدَهَا تليدةً فَردهَا شُريح.
قَالَ القتيبي: التليدةُ هِيَ الَّتِي وُلدتْ بِبِلَاد الْعَجم، وحملت فَنَشَأَتْ بِبِلَاد الْعَرَب. والمولدةُ الَّتِي وُلدت فِي بِلَاد الْإِسْلَام، قَالَ: وَذكر الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: التليدُ مَا وُلد عِنْد غَيْرك؛ ثمَّ اشتريتَه صَغِيرا فَشَبَّ عنْدك، والتِّلاد مَا ولدتَ أنتَ.
قلت: وسمعتُ رجلا من أهل مَكَّة يَقُول: تلادي بِمَكَّة: أَي ميلادي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التليدُ الَّذِي وُلد عنْدك وَهُوَ المولد؛ والأُنثى المولّدةُ؛ قَالَ: والموَلَّد والمولَّدةُ والتليد وَاحِد عندنَا؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد المصاحفي عَنهُ.
لتد: قَالَ: (أَبُو مَالك: لَتَدَه بِيَدِهِ مثل وكزه) فَهُوَ لاتد، (والأتلادُ بطونٌ من بني عبد الْقَيْس) .

(14/61)


د ت ن د ت ف د ت ن: أهملت وجوهها.
د ت م
(متد) : قَالَ ابْن دُرَيْد: متد بِالْمَكَانِ يمتُدُ فَهُوَ ماتدٌ إِذا أَقَامَ بِهِ.
قلت: وَلَا أحفظه لغيره.

(أَبْوَاب الدَّال والظاء)
د ظ)
أهملت الدَّال مَعَ الظَّاء غير (دلظ) : حرف وَاحِد وَهُوَ دَلظ يُقال: دَلَظَه يدلِظُه ويدْلُظُه دلظاً إِذا وَكزه ولَهَزَهُ، ورَجلٌ مِدْلَظٌ أَي مِدْفعٌ.

(أَبْوَاب الدَّال والذال)
د ذ)
أهملا فِي الثلاثي الصَّحِيح إِلَى آخر الْحُرُوف انْتهى.

(أَبْوَاب) الدَّال والثاء)
(فِي الثلاثي الصَّحِيح)
(د ث ر)
دثر، ثرد، رثد: مستعملة.
دثر: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ذهب أهل الدُّثور بِالْأُجُورِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَاحِد الدُّثُور دَثْر؛ وَهُوَ المالُ الْكثير، يُقال: هم أهل دثر ودُثور.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هم أهل دثر؛ وَمَال دثر، وَمَال دَبْر أَيْضا بِمَعْنَاهُ.
ورُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: حادثوا هَذِه الْقُلُوب بِذكر الله فَإِنَّهَا سريعة الدُّثُور.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله سريعةُ الدُّثُور، يَعْنِي دُروسَ ذِكرِ الله، يُقال للمنزل إِذا عَفا ودرس: قد دَثَر دُثوراً.
قَالَ ذُو الرّمة:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسومِ الدواثِرِ
وَقَالَ شمر: دُثُور القُلوب امِّحاءُ الذِّكْر مِنْهَا ودُروسُها قَالَ: ودُثُورُ النُّفُوس سُرعةُ نسْيانها، ودَثَر الرجلُ إِذا عَلَتْه كَبْرةٌ واسْتِسْنانٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدثَرُ الوَسَخُ، وَقد دَثر دثوراً إِذا اتَّسَخَ، ودَثر السَّيفُ إِذا صَدِىءَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سيفٌ دَاثرٌ وَهُوَ البعيدُ الْعَهْد بالصقال.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، يدل عَلَيْهِ قَوْله: حادثوا هَذِه الْقُلُوب أَي اجلوها واغْسلوا عَنْهَا الرَّيْن والطَّبَع بِذكر الله كَمَا يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِل وجُلِيَ وَمِنْه قَول لَبيد:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ

(14/62)


أَي جُلِيَ وصُقِلَ، والدِّثار الثوبُ الَّذِي يُستَدْفَأ بِهِ من فَوق الشِّعار، يُقَال: تَدَثَّرَ فلَان بالدِّثار تَدَثُّراً وادِّثاراً فَهُوَ مُدَّثِّرٌ وَالْأَصْل مُتَدَثِّر فأدْغِمَتْ التاءُ فِي الدَّال وشُدِّدتْ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {} (المدثر: 1) يَعْني المُتَدَثرِّ بثيابه إِذا نَام.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَتَدَثِّر من الرِّجَال: المأْبُونُ، قَالَ: وَهُوَ المُتدَأَّم، والمُتَدَهَّمْ والمِثْفَر والمِثْفارُ.
ثرد: قَالَ اللَّيْث: الثَّرِيدُ: معروفٌ، قلت: أصل الثَّرْد الهَشْم، وَمِنْه قيل لما يُهْشَمُ مِن الخُبْزِ ويُبَلُّ بِمَاء القِدْر وَغَيره: ثريدٌ.
وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الذَّبِيحَة بالعُود فَقَالَ: كُلّ مَا أَفْرَى الأَوْداجَ غير مُثرِّد.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي: المُثرِّدُ الَّذِي يَقْتلُ بِغَيْر ذَكاةٍ يُقَال: تَثَرَّدتَ ذَبيحتكَ.
وَقَالَ غَيره: التَّثريدُ أَن تَذبحَ الذبيحةَ بشيءٍ لَا يُنْهِرُ الدّمَ وَلَا يُسيله، فَهَذَا المُثَرِّدُ، وَمَا أفرى الأوداجَ من حديدٍ أَو لِيطَةٍ أَو ظُرَرٍ أَو عُودٍ لَهُ حَدٌّ، فَهُوَ ذَكِيٌ غيرُ مُثَرَّدٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ثَرِد الرجلُ حُمِل من المعركة مُرْتثّاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب مَثْرودٌ أَي مَغْموس فِي الصِّبْغ، وَيُقَال: أكلنَا ثَرِيدة دَسِمَة بِالْهَاءِ على معنى الِاسْم أَو الْقطعَة من الثَّرِيد.
رثد: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّثْدُ مَصدرُ رَثَدْتُ المتاعَ إِذا نَضَدْتَ بعضَه فَوق بعض، وَهُوَ طَعَام مَرْثُودٌ ورَثيدٌ، ويُقال: تركتُ فلَانا مُرْتثِداً مَا تَحمَّل بعد: أَي نَاضِداً مَتَاعَه وَمِنْه اشتُق مَرْثَدٌ، وَقَالَ ثعلبةُ بنُ صُعَيْرٍ:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثيداً بَعْدَ مَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمينَها فِي كَافِرِ
قَالَ: والرَّثَدُ متاعُ الْبَيْت المنضُود بَعْضُه فَوق بعض.
وَقَالَ غَيره: الرِّثْدَةُ واللِّثْدَةُ الجماعةُ من النَّاس الْكَثِيرَة، وهم المقيمون وسائرهم يَظْعَنُون. 5
د ث ل
دلث، لثد: (مستعملة) .
(دلث) : قَالَ اللَّيْث: الدِّلاثُ من الْإِبِل السريعُ، قَالَ كُثيِّر:
دِلاثُ العَتِيقِ مَا وَضَعت زِمامَه
مُنِيفٌ بِهِ الْهَادِي إِذا احتَثَ ذَامِلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي الدِّلاثِ مثله، قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الانْدِلاثُ: التَّقَدُّم. وَقَالَ الأصمعيّ: انْدَلَثَ فلَان انْدلاثاً إِذا رَكِب رَأسه فَلم يُنَهْنِهْه شيءٌ فِي قتال: وَيُقَال: هُوَ يَدْلِف ويَدْلِث دليفاً دَلِيثاً إِذا قَارب خَطْوَه مُتَقَدِّماً.

(14/63)


لثد: يُقَال: لَثَدْت القَصْعَةَ بالثَّريد مثل رَثَدْتُ إِذا جمعتَ بعضه على بَعْضٍ وسوَّيتَه، فَهُوَ لَثِيدٌ ورَثِيدٌ، واللِّثدةُ والرِّثدةُ الجماعةُ يُقِيمون وَلَا يَظْعَنون.
د ث ن
ثدن، ثند، دثن: مستعملة.
ثند: قَالَ اللَّيْث: الثُّنْدُوَةُ لحمُ الثَّدَي. وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ الثَّنْدُوَةُ اللَّحْم الَّذِي حول الثدي للْمَرْأَة.
غير مَهْمُوز. قَالَ: وَمن همزها ضم أَولهَا فَقَالَ: ثندُؤة. وَقَالَ غَيره الثندوة للرجل والثَّدي للْمَرْأَة.
ثدن: يُقَال: رجل مُثَدَّنٌ إِذا كَانَ كَثِير اللَّحْم على الصَّدْر وَقد ثُدِّنَ تَثْدِيناً وَقَالَ:
رِخْوُ العِظام مُثَدَّنٌ عَبْلُ الشوَى
وَفِي حديثِ عليَ: أنهُ ذَكرَ الْخَوَارِج فَقَالَ: فيهم رَجلٌ مَثْدُون اليَدِ وَرَوَاهُ بَعضهم: مُثَدَّنُ الْيَد أَي تُشْبِهُ يدُه ثديَ المرأةِ.
دثن: قَالَ الْفراء: الدّثينَةُ والدّفِينَةُ منزلٌ لبني سُلَيم، وَقَالَ:
ونحنُ تَرَكْنا بالدّثينةِ حاضِراً
لآلِ سُلَيم هَامة غير نائمِ
وَقَالَ ابنُ دريدٍ: دَثّن الطائرُ تَدْثِيناً إِذا طَارَ وأسرع السُّقوط فِي مواضعَ مُتقارِبة.
د ث ف
أهمله اللَّيْث.
(ثفد) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثفافيد سحائبُ بيضٌ بعضُها فَوق بعض، والثفافيدُ بطائِنُ كلِّ شيءٍ من الثِّيَاب وَغَيرهَا، وَقد ثَفَّدَ دِرْعَه بالحديد أَي بَطْنه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَغَيره تَقول: فَثَافِيدُ.
د ث ب: أهمل.
د ث م
دمث، ثَمد، مثد، ثدم: (مستعملة) .
ثدم: أهمل اللَّيْث. ثدم: ورجلٌ فَدْمٌ ثَدْمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
مثد: أهمله اللَّيْث. وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الماثِد الدّيْدَبَان وَهُوَ اللابدُ والمختَبىءُ الشَّيِّفَةُ والرَّبيئة.
دمث: شمر عَن ابْن شُمَيْل: الدِّماثُ السهول من الأَرْض الْوَاحِدَة دَمِثَةٌ، كلُّ سَهْل دَمِثْ، والوادي الدَّمِث السهل. ويكونُ الدِّماث فِي الرمال وَغير الرمال، وَقَالَ غَيره: الدَّمائثُ مَا سهُل ولان وَاحِدهَا

(14/64)


دَمِيثَةٌ. وَمِنْه قيل للرجل السَّهْل الطَّلق الْكَرِيم: دَميثٌ وَامْرَأَة دَمِيثةٌ شُبِّهَتْ بِدِماثِ الأَرْض لِأَنَّهَا أكْرم الأَرْض، وَيُقَال: دمَّثْتُ لَهُ المكانَ. أَي سهَّلْتُه لَهُ، وَيُقَال: دَمِّثْ لي ذَلِك الحَدِيث حَتَّى أطعَن فِي حوْصِهِ أَي اذْكُر لي أَوَّله حَتَّى أَعرِفَ وجهِه، ومَثَلٌ للْعَرَب: دَمِّثْ لِجَنْبِكَ قَبْلَ اللَّيْلِ مُضْطَجَعاً، أَي خُذ أهْبَتَه واستَعِدَّ لَهُ وتَقَدَّمْ فِيهِ قبل وُقوعه.
ثَمد: قَالَ اللَّيْث: الثَّمْدُ الماءُ القليلُ، والإثمد ضَربٌ من الكُحْل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثَّمْدُ، أَن تعْمِد إِلَى مَوضعٍ يَلزمُ ماءَ السَّمَاء تجعلُه صَنَعاً، وَهُوَ الْمَكَان يجْتَمع فِيهِ المَاء وَله مَسَايلُ من الماءِ وتحفر فِيهِ من نواحيه ركايا فتملؤها من ذَلِك المَاء، فيشربُ الناسُ الماءَ الظَّاهِرَ حَتَّى يجِف إِذا أصابَهُ بَوارِحُ القَيْظ، وتَبْقَى تِلْكَ الركايا، فَهِيَ الثِّماد وَأنْشد:
لَعَمْرُك إنَّنِي وطِلابَ سَلْمَى
لَكالمُتَبَرِّض الثَّمَدَ الظَّنُونا
والظَّنُون الَّذِي لَا يُوثَق بمائه، وَيُقَال: أصبحَ فلَان مَثْموداً إِذا أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَال حَتَّى فَنِيَ مَا عِنْده، وَكَذَلِكَ إِذا ثَمَدَتْه النساءُ فَلم يَبْقَ فِي صُلْبه ماءٌ.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الثَّمْدُ قَلْتٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ ماءُ السَّمَاء، فَيشرب بِهِ النَّاس شَهْرَيْن من الصَّيف، فَإِذا دَخل أولُ القيظ انْقَطع، فَهُوَ ثَمَدٌ وَجمعه ثِمادٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقال للرجل يَسهر لَيْلَهُ سارياً أَو عَاملا: فلانٌ يَجْعَل الليلَ إثْمِداً: أَي يسهرُ، فجعلَ سَوادَ اللَّيْل بِعَيْنَيْه كالإثْمد، لِأَنَّهُ يَسْهَر الليلَ كلّه فِي طلب الْمَعَالِي، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
كَمِيشُ الْإِزَار يَجْعَلُ الليلَ إثْمِداً
ويَغْدُو: علينا مُشْرِقاً غيرَ وَاجِم
ثَمودُ حَيٌ من العَرب الأُوَل، يُقَال: إِنَّهُم من بقيَّة عادٍ، بعث الله إِلَيْهِم صَالحا، وَهُوَ نبيّ عَرَبيّ، واخْتَلَفَ القُراء فِي إجرائه فِي كتاب الله فَمنهمْ من صَرَفه، وَمِنْهُم من لم يَصْرِفه، فَمن صَرفَه ذهب بِهِ إِلَى الحيِّ، لِأَنَّهُ اسْم عربيّ مُذكر سُمِّي بمذكر، وَمن لم يصرفهُ ذهب بِهِ إِلَى الْقَبِيلَة وَهِي مُؤَنّثَة.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالرَّاء)
(من الثلاثي الصَّحِيح)
د ر ل
أهملت وجوهه.
(درل) : (دِرَوْلِيَّة) وَدَرولية. اسْم بلد فِي

(14/65)


أَرض الرّوم.
د ر ن، دنر، ردن، رند، ندر، نرد: (مستعملة) .
(درن) : قَالَ اللَّيْث: الدَّرَنُ تَلَطُّخ الوَسَخ، وثوب دَرِنٌ وأدْرَنُ أَي وسخ.
قَالَ رؤبة يمدح رجلا:
إنِ امرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأدْرَنِ
سَلِمْتَ عِرْضاً ثَوْبُه لم يَدْكَنِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: كلُّ حُطام شَجر أَو حَمْضٍ أَو أَحرار بَقْل، فَهُوَ الدَّرين إِذا قَدُم.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَبيسُ الحَوْليُّ هُوَ الدَّرين. وَيُقَال: مَا فِي الأَرْض من اليَبيسِ إِلَّا الدُّرَانَةُ. قَالَ: وناس من أهل الْكُوفَة يسمون الأحمق دُرَيْنَة.
وَقَالَ اللَّيْث: دُرَّانةُ اسْم من أَسمَاء الْجَوَارِي وَهُوَ فُعْلانه. قلت: النُّون فِي درَّانة إِن كَانَت أَصْلية فَهِيَ فُعْلالَة من الدَّرَنِ، فَإِن كَانَت غير أَصْلِيَّة فَهِيَ فُعْلانَة من الدُّر أَو الدَّر، كَمَا قَالُوا: قُرَّان من القُرِّ أَو من القَرِين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فلَان إدْرَوْنُ شَرَ وطِمِرُّ شَرَ إِذا كَانَ نِهَايَة فِي الشَّر.
وَقَالَ شمر: والإدْرَوْنُ الأصْلُ، وَقَالَ القُلاّخُ:
ومِثْلُ عَتَّابِ رَدَدْناه إلَى
إدْرَوْنِهِ ولُؤْمِ أصِّهِ على
الرَّغم مَوْطُوء الْحَصَى مُذَلَّلاَ
قَالَ: وإدْرَوْنُ الدَّابة آرِيُه. قلت: وَمن جعل الْهَمْز فِي إدْرَوْن فاءَ الْمِثَال فَهِيَ رُباعية، مثل فِرْعَون وبِرْذَوْن.
دنر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَنَّرَ وجهُ الرجل إِذا تَلأْلأَ وأشْرَقَ، ودينار مُدَنَّر أَي مَضروبٌ، وبِرْذَوْنٌ مُدَنَّر اللَّوْن أَشْهَبُ على مَتْنَيْهِ وعَجُزِهِ سَوَادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُبْهَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المدَنَّر من الْخَيل الَّذِي بِهِ نُكَتٌ فَوق البَرَشِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصل دِينَار دِنّارٌ فقلبت إِحْدَى النونين يَاء وَلذَلِك جُمع على دَنَانِير مثل قِيراط أَصله قرّاطٌ وديباج أَصله دِبّاج.
وَيُقَال: دُنِّر الرجلُ فَهُوَ مُدَنّر، إِذا كثرت دنانيره.
ردن: اللَّيْث: الرُّدْنُ مقَدَّم كمِّ الْقَمِيص.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرُّدْن الكمّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرَّدَنُ الخَزّ. وَقَالَ فِي قَوْله:
كَشَقِّ القَرَارِيِّ ثَوْبَ الرَّدَنْ
قَالَ: الردَنُ الخزّ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُرْدُنّ أَرض بِالشَّام.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأُرْدُنّ النُّعاسُ

(14/66)


الغالبُ وَأنْشد:
قد أخذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
قَالَ: وَبِه سميت الأُرْدُنُّ البَلَدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرادِنِيُّ مِن الْإِبِل مَا جَعُدَ وَبَرُه، وَهُوَ مِنْهَا كريم جميل يَضْرِبُ إِلَى السَّواد قَلِيلا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا خالَطَ حُمْرَةَ الْبَعِير صُفْرَةٌ كالْوَرْسِ قيل: جَمَلٌ رادِنِيٌّ وناقة رَادِنيَّةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: ليلٌ مُرْدِنٌ، أَي مُظْلِمٌ. وعَرَق مَرْدونٌ قد نَمَّسَ الجَسَد كلَّه، وأمَّا قَول أبي دُوَاد الْإِيَادِي:
أَسْأَدَتْ لَيْلَة وَيَوْما فَلَمَّا
دَخَلَتْ فِي مُسَرْبَخٍ مَرْدُونِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: أَرَادَ بالمردُون المردوم فأبدل من الْمِيم نوناً. والمسَرْبَخُ الواسعُ، وَقَالَ بَعضهم: المَرْدُومَ الْمَوْصُول.
وَقَالَ شمر: المرْدُون المنْسُوجُ. قَالَ: والرَّدَنُ الغَزْلُ أَرَادَ بقوله: فِي مُسربخٍ مَرْدون الأرضَ الَّتِي فِيهَا السَّراب. وَقيل: الرَّدَنُ الغَزْل الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
رند (نرد) : أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الرَّنْد شَجَرٌ طَيِّبٌ من شجر الْبَادِيَة، قَالَ: وَرُبمَا سمّوا عودَ الطّيب الَّذِي يُتَبَخَّر بِهِ رَنْداً، وَأنكر أَن يكون الرّنْدُ الآس.
وروى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: الرَّنْد الآسُ عِنْد جمَاعَة أهل اللُّغَة، إِلَّا أَن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَابْن الْأَعرَابِي فَإِنَّهُمَا قَالَا: الرَّندَ الْحَنوَة وَهُوَ طيب الرَّائِحَة. قلت: والرند عِنْد أهل الْبَحْرين شبه جُوالِقٍ وَاسع الْأَسْفَل مخروط الأعْلَى يُسَفُّ من خَوصِ النَّخل، ثمَّ يُخَيَّط ويُضْرب بالشُّرْطِ المفتولة من الليف حَتَّى يَتَمَتَّن فَيقوم قَائِما، ويُعَرى بِعُرًى وثيقةٍ ينْقل فِيهِ الرُّطب أيّام الْخِراف، يُحمل مِنْهُ رَنْدان على الْجمل القويّ، ورَأَيت هَجَرياً يَقُول لَهُ: النَّرْد وَكَأَنَّهُ مقلوب، وَيُقَال لَهُ: القَرْنة أَيْضا، وَأما النّرد الَّذِي يتقامر بِهِ فَلَيْسَ بعربيَ وَهُوَ مُعرب.
ندر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَدَر الشَّيْء إِذا سقَط؛ وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك لشيءٍ يَسْقُط من بَين شيءٍ أَو مِن جَوف شَيْء؛ وَكَذَلِكَ نوادرُ الْكَلَام يَنْدِرُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْرَةُ الخَصْفَةُ بالعَجَلَة وَفِي الحَدِيث: أَن رجلا نَدَر فِي مجلسِ عمرَ فَأمر القومَ بالتَّطهُّر لِئَلَّا يخجل النادرُ.
وَيُقَال نَدَر الرجلُ: إِذا مَاتَ، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَليّ:
كِلَانَا وإنْ طالَ أيامُه سينْدُر عَن شَزَنٍ مُدْحِضِ.
سينْدُرُ: سيموت، والنَّدْرةُ الْقطعَة من

(14/67)


الذَّهَب أَو الفِضة تُوجد فِي الْمَعْدن.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدِرِيّ وَيجمع الأندرين، يُقَال: هُمْ الفتيان الَّذين يَجْتَمعُونَ من مَوَاضِع شَتَّى وَأنْشد:
وَلَا تُبقي خُمَور الأنْدَرِينا
عَمْرو عَن أَبِيه: الأنْدَرِيُّ: الحبْلُ الغليظ وَقَالَ لبيد:
مُمَرٍ كَكَرِّ الأنْدَرِيِّ شَتِيم
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدَر: البَيْدَر شَاميَّة، وَيُقَال للرجل إِذا خَضَفَ: نَدَر بهَا، وَقيل: الأنْدرُ قَرْيَة بِالشَّام فِيهَا كروم؛ وَكَأَنَّهُ على هَذَا الْمَعْنى أَرَادَ خمور الأنْدريِّينَ خفِّفَتْ ياءٌ النِّسبة كَمَا تَقول الأشعرِين بِمَعْنى الأشعرِيِّينَ إِنَّمَا يكون ذَلِك فِي النَّدْرة بَعْد النَّدْرَة إِذا كَانَ فِي الْأَحَايِين مرّة، وَكَذَلِكَ الخطيئةُ بعد الخطيئةِ.
(د ر ف)
ر د ف، رفد، فدر، فَرد، دفر: مستعملات.
ردف: قَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ مَا تَبع شَيْئا فَهُوَ رِدْفُه، وَإِذا تَتابَع شيءٌ خلْفَ شَيْء فَهُوَ التَّرادُف، والجميع الرُّدافَى، وَقَالَ لبيد:
عُذَافرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى
تَخَوَّنها نُزولي وارْتِحَالي
وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم رُدَافَى، أَي بَعضهم يَتْبعُ بَعْضًا.
وَيُقَال: للْحُداةِ الرُّدافَى، وَأنْشد أَبُو عبيد قَول الرَّاعِي:
وَخُودٍ من اللائي يسمِّعنَ بالضُّحَى
قَرِيضَ الرُّدافَى بِالْغنَاءِ المُهَوِّدِ
وَقيل: الرُّدافَى: الرَّديفُ؛ وَأَخبرني المنذريّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَول الله تَعَالَى: {يَكُونَ رَدِفَ} .
قَالَ: قَرُب لكم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ} (النَّمْل: 72) جَاءَ فِي التَّفْسِير: دَنا لكم فَكَأَن اللَّام دخلت إذْ كَانَ دنا معنى لكم.
قَالَ: وَقد تكون اللَّام دَاخِلَة، وَالْمعْنَى رَدِفَكم كَمَا تَقولُونَ نَقَدْتُ لَهَا مائَة أَي نَقَدْتها مائَة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: رَدِفْتُ لفلانٍ أَي صرت لَهُ رِدْفاً.
قَالَ: وتزيدُ الْعَرَب اللامَ مَعَ الْفِعْل الْوَاقِع فِي الِاسْم الْمَنْصُوب فَتَقول: سمِع لَهُ، وشكر لَهُ، وَنَصَح لَهُ أَي سمِعه ونصحه وشكَره.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (الْأَنْفَال: 9) قَالَ: ومُردَفين فُعِل بهم ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: رَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه بِمَعْنى وَاحِد.

(14/68)


أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ وأَرْدَفْته إِذا ركبتَ خَلفه وَأنْشد:
إِذا الجَوْزَاءُ أَرْدَفتِ الثُّريا
ظَنَنْتُ بآلِ فاطمةَ الظُّنونا
وَقَالَ شمر: رَدِفتُ وأَرْدفت إِذا فعلتَ بِنَفْسِك، فَإِذا فعلتَ بغيرك فأَرْدَفْتَ لَا غير.
وَقَالَ الزجّاج: يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ إِذا ركبتَ خَلْفه، وأَرْدَفْتُه أَركبته خَلْفي؛ وَيُقَال: هَذِه دابةٌ لَا تُرادف، وَلَا يُقَال: لَا تُردِف، وَيُقَال: أَرْدَفتُ الرجلَ إِذا جِئتَ بعده.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: نزل بهم أمرٌ قد رَدِفَ لَهُم أعظمُ مِنْهُ، قَالَ: والرِّدافُ هُوَ مَوضِع مركَبِ الرديف، وَأنْشد:
لِيَ التَّصْدِيرُ فاتْبَعْ فِي الرِّدافِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَتَيْنا فلَانا فارْتَدَفْنَاهُ أَي أخذناه أخذا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذَا البِرْذَونُ لَا يُرْدِفُ، وَلَا يُرادِفُ أَي لَا يَدَع رَديفاً يَرْكَبُه، قلت: كَلَام الْعَرَب: لَا يُرادِف، وَأما لَا يُرْدِفُ فَهُوَ مُولَّد من كَلَام أَهل الْحَضَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّديف كوكبٌ قريب من النَّسر الوَاقِع، والرديف فِي قَول أَصْحَاب النُّجُوم، هُوَ النَّجْم النَّاظر إِلَى النّجم الطالع، وَقَالَ رؤبة:
وراكبُ الْمِقْدَارِ والرّديفُ
أَفْنَى خُلُوفاً قَبْلها خُلوفُ
فراكب الْمِقْدَار هُوَ الطَّالع، والرَّديف هُوَ الناظِرُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول جرير:
على عِلَّةٍ فِيهِنَّ رَحْلٌ مُرادِف
أَي قد أُرْدِفَ الرَّحلُ رَحْلَ بعير وقَدْ خُلِّفَ، وَقَالَ أَوْس:
أَمُونٍ ومُلْقًى للزَّميل مُرادِفِ
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ الكفلُ، وأَرْدافُ النُّجُوم توابعها، وَقَالَ غَيره: أردافُ الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذين يَخْلُفونهم فِي الْقيام بِأَمْر المملكة بِمَنْزِلَة الوزراء فِي الْإِسْلَام، وَهِي الرِّدافةُ، والروادِف أَتباعُ الْقَوْم المؤَخَّرون، يُقَال: هم رَوَادِف وَلَيْسوا بأردافِ، والرِّدْفانِ الليلُ والنهارُ، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا رِدْفٌ لصَاحبه.
شمر عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ فِي بَيت لبيد:
وشَهِدتُ أَنْجِيَة الأفاقَةِ عَالِيا
كَعْبِي وأَرْدافُ الملوكِ شُهودُ
كَانَ الملكُ يَرْدِفُ خَلْفه رجلا شريفاً، وَكَانُوا يركبون الْإِبِل، وَوَجَّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعَاويةَ مَعَ وَائِل بن حُجْر رَسُولا فِي حَاجَة لَهُ، ووائلٌ على نجيب لَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَة: أرْدُفني.
فَقَالَ: لستَ من أرْدافِ الْمُلُوك.

(14/69)


قَالَ شمر: وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي:
هُمْ أَهلُ أَلْوَاح السريرِ ويَمْنه
قَرابينَ أَرْدافاً لَهَا وشِمالها
قَالَ الْفراء: الأردافُ هَهُنَا يَتْبَع أوَّلَهم آخِرُهم فِي الشّرف يَقُول: يتبع البنونَ الآباءَ فِي الشّرف.
فَرد: أَبُو زيد عَن الكلابيّين: جئتمونا فُرَادَى وهم فُرادٌ وَأَزْوَاج نَوَّنوا، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} (الْأَنْعَام: 94) .
فإنَّ الْفراء قَالَ: فُرادى جمع، قَالَ: وَالْعرب تَقول: قومٌ فُرادَى وفَرادُيا هَذَا فَلَا يَجْرونها شُبِّهتْ بثلاثَ وَربَاع، قَالَ: وفُرَادَى وَاحِدهَا فَرَدٌ وفَريد وفَرِدٌ وفَرْدانُ، وَلَا يجوز فَرْد فِي هَذَا الْمَعْنى، قَالَ وأنشدني بَعضهم:
تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تَحتَ لَبانِه
فُرادَ ومَثْنى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْد مَا كَانَ وَحده؛ يُقَال: فَرَد يَفْرُد وأَفْرَدتُه جعلتُه وَاحِدًا، وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم فُرَاداً وعَدَدتُ الجوْز وَالدَّرَاهِم أَفْراداً، أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالله هُوَ الفَرْدُ قد تَفَرَّد بِالْأَمر دون خَلْقِه.
وَيُقَال: قد استَطْرَدَ فلانٌ لَهُم، فَكلما استَفْرَدَ رجلا كَرَّ عَلَيْهِ فَجدَّ لَهُ والفَرِيدُ الشَّذْرُ، الْوَاحِدَة فَرِيدة وَيُقَال لَهَا الجاوَرْسَقُ بِلِسَان الْعَجم، وبَيَّاعُهُ الفرَّادُ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ: الفريدُ جمعُ الفريدة، وَهِي الشَّذْرُ من فِضَّة كاللّؤلؤة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الفريدةُ المَحالة الَّتِي تخرج من الصَّهْوَة الَّتِي تلِي المَعاقِم، وَقد تَنْتأُ من بعض الْخَيل، سُمِّيَتْ فريدةً لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَين الفَقَارِ وَبَين مَحالِ الظَّهر ومَعاقِم العَجز، والمعاقم مُلتقى أَطْرَاف العِظام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُرودُ كواكبُ زاهرةٌ حول الثريَّا، وَقَالَ: فَرَّد الرجلُ إِذا تفَقهَ، واعتزلَ الناسَ وخَلا بمراعاةِ الْأَمر وَالنَّهْي، وَجَاء فِي الْخَبَر: (طُوبَى للمُفَرِّدين) .
وَذكر القتيبي هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: المفرِّدون الَّذين قد هَلكَ لداتُهم من النَّاس، وَذهب القَرْنُ الَّذين كَانُوا فِيهِ وبَقُوا، فهم يذكرُونَ الله، قلت: وَقَول ابْن الْأَعرَابِي فِي التَّفْرِيد عِنْدِي أصوب، مِن قَول القُتَيْبِي.
أَبُو زيد: فَرَدْتُ بِهَذَا الْأَمر أَفْرُدُ بِهِ فروداً إِذا تَفَرَّدتَ بِهِ، وَيُقَال: استَفْرَدتُ الشيءَ إِذا أخذتَه فَرْداً لَا ثَانيَ لَهُ وَلَا مِثلَ.
وَقَالَ الطِّرماح يذكر قِدْحاً من قِداح الميسر:
إِذا انْتَحَتْ بالشَّمَالِ بارِحَةً
جَالَ بَريحاً واسْتَفْردَتْه يَدُه

(14/70)


وَقَالَ ابْن السّكيت: استفردَ فلانٌ فلَانا أَي انْفَرَدَ بِهِ، وَقَالَ اللَّيْث: الفَارِدُ والفَرَدُ الثَّوْر.
وقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
طَاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّقيلِ الفَرَدِ
قَالَ: الفرَد، والفُرُد بِالْفَتْح وَالضَّم، أَي هُوَ مُنْقَطع القرين لَا مِثْلَ لَهُ فِي جَوْدَتَه.
قَالَ: وَلم أسمع بالفَرَد إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْت، وَأما الفَرْدُ فِي صِفَات الله فَهُوَ الْوَاحِد الْأَحَد الَّذِي لَا نظيرَ لَهُ وَلَا مِثلَ وَلَا ثَانِي وَلَا شريك وَلَا وَزِير.
رفد: أَبُو زيد: رَفَدْتُ على الْبَعِير، أَرْفِد عَلَيْهِ رَفْداً، إِذا جعلتَ لَهُ رِفَادة، قلت: هِيَ مثل رِفادة السَّرج.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (تروح برِفْدٍ وتغدو برِفْدٍ) .
رُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ فِي قَوْله: تروح برِفْد وتغدو برِفْد، الرِّفْد: القَدَحُ تُحْتَلبُ الناقةُ فِي قَدَح، قَالَ: وَلَيْسَ من المعونة.
قَالَ شمر: وَقَالَ المؤرِّج: هُوَ الرِّفد الْإِنَاء الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الرِّفد، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّفد بِالْفَتْح.
وَقَالَ شمر: رِفْدٌ ورَفْدٌ للقَدَح، قَالَ والكَسْرُ أَعْرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرِّفْدُ أكبرُ من العُسِّ، وَقَالَ: وناقَةٌ رَفُسودٌ رَفودٌ تدومُ على إنائها فِي شِتائها لِأَنَّهَا تُجالَحُ الشجرَ.
وَقَالَ الْكسَائي: الرَّفْد والمرْفَد الَّذِي يُحْلبُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّفد المعْونةُ بالعطاء، وسَقْي اللّبن، وَالْقَوْل وكُلُّ شيءٍ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الغسّاني عَن سَلمَة عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} (هود: 99) مجازُه مَجازُ العَوْن المعان يُقَال: رَفَدْتُه عِنْد الْأَمِير، أَي أَعَنْتُه. قَالَ: وَهُوَ مكسور الأوَّل فَإِذا فتحتَ أوَّلَه فَهُوَ الرَّفْد.
وَقَالَ الزّجاج: كل شيءٍ جعلتَه عَوْناً لِشيء وأسندتَ بِهِ شَيْئا فقد رَفَدْتَه، يُقَال: عَمَدتُ الحائطَ وأَسْنَدْتُه ورَفَدْتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ: والمِرْفَد القَدَحُ العظيمُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَفَدْتُ فلَانا مَرْفداً، وَقَالَ: وَمن هَذَا أُخِذَت رِفَادَةُ السَّرج من تَحْتَهُ حَتَّى يرْتَفع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لخَشَبِ السَّقْف: الرَّوافِد.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ رَفود تملأ مِرْفدها، وَتقول: ارْتفَدْت مَالا إِذا أَصَبْتَه من كَسْبٍ.
وَقَالَ الطرماح:

(14/71)


عَجَباً مَا عَجبْتُ مِن جامِع المَال
يباهي بِهِ ويَرْتَفِدُه
والتّرفيد نَحْوٌ من الهمْلَجَة، وَقَالَ أُمَيّةُ ابْن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
وَإِن غُضَّ مِن غَرْبِها رَفّدَتْ
وسِيجاً وأَلْوَتْ بِجِلْسٍ طُوال
وَأَرَادَ بالجلْس أَصلَ ذَنبها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الرِّفادةُ شَيْء كَانَت قُرَيْش تَتَرَافَدُ بِهِ فِي الجاهليَّة، فيُخرجُ كلُّ إنسانٍ على قدر طاقته فَيجْمَعُونَ مَالا عَظِيما أَيَّام الموسِم، ويشترون بِهِ الجُزُر والطعامَ والزبيبَ للنبيذ، فَلَا يزالون يُطعمون الناسَ حَتَّى ينقضيَ الْمَوْسِم، وَكَانَ أوَّل من قَامَ بذلك هَاشم بن عبد منَاف، وَيُسمى هاشِماً لهِشْمِهِ الثريدَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرافدان: دِجلةُ والفرات.
وَقَالَ الفرزدق:
بَعَثْتَ على العِراق وَرافِدَيْهِ
فَزَارِياً أَحذَّ يَدِ القَمِيصِ
أَرَادَ أَنه خَفيفُ الْيَد بالخِيانة.
وَفِي الحَدِيث: (من اقتراب السَّاعَة أَن يكون الفيءُ رِفداً) ، أَي يكون الخراجُ الَّذِي لجَماعَة أهل الفَيْء رِفداً أَي صلات لَا يُوضع مَوْضِعَه، وَلَكِن يُخَصُّ بِهِ قومٌ دون قومٍ على قدر الْهوى، لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَالرِّفد الصِّلة يُقَال: رَفَدْتُه رَفْداً وَالِاسْم الرِّفْدُ.
دفر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَفَرْتُهُ فِي قَفاهُ دَفْراً أَي دَفَعْتُه، قَالوا وَمِنْه قَول عُمَر: وادَفْراهُ يُريد: واذُلاَّهُ؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ وَانَتْناهُ.
قَالَ والدَّفَرُ النَّتْنُ، وَمِنْه قيل للدنيا: أمَّ دَفْر، وَيُقَال لِلأَمَة: يَا دَفارِ أَي يَا مُنْتِنةُ؛ وَأما الذَّفَرُ بِالذَّالِ وتحريك الْفَاء فَهُوَ حِدَّةُ رائحةِ الشَّيْء الْخَبيث، أَو الطّيب؛ وَمِنْه قيل: مِسْك أَذْفَرُ، ويُقال للرَّجُلِ إِذا قَبَّحتَ أمْرَه: دَفْراً دَافِراً.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ} (الطّور: 13) قَالَ: دَفْراً فِي أَقْفِيتهم أَي دَفْعاً.
فدر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلفَحْل إِذا انْقَطع عَن الضِّراب: فَدَرَ وفَدَّر وأَفْدَرَ وَأَصله فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: فَدَر الفحلُ فُدُوراً إِذا فَتَر عَن الضِّراب؛ قَالَ: والفَدُور الوَعِل العَاقِلُ فِي الجِبال، والفادِرةُ الصَّخْرَةُ الضَّخْمةُ، وَهِي الَّتِي ترَاهَا فِي رَأس الْجَبَل، شُبِّهتْ بالوعِل، وَيُقَال للوعِل: فَادِرٌ وَجمعه فُدْرٌ، وَقَالَ الرَّاعِي فِي شعره:
وكأَنَّمَا انْبَطَحَتْ على أثْباجِها
فُدْرٌ بشابَة قَدْ يَمَمْنَ وُعُولاَ

(14/72)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفَادِر من الوُعول الَّذِي قد أَسَنَّ بِمَنْزِلَة القارِح من الخَيل، والبازِل من الْإِبِل، والصَّالغِ من الْبَقر وَالْغنم.
قَالَ اللَّيْث: العِذْرَةُ قِطعة من الْخَيل، والفِدْرَة قِطعة من اللَّحم الْمَطْبُوخ الْبَارِدَة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَعْطيته فِدْرةً من اللَّحْم وهَبْرَةً إِذا أعطَاهُ قِطعةً مجتمعة وَجَمعهَا فِدَرٌ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَدْفَر الرجلُ إِذا فاح ريح صُنانِه.
(د ر ب)
درب، دبر، ربد، رَدب، برد، بدر: مستعملات.
درب: قَالَ اللَّيْث: الدَّرْبُ بابُ السِّكةِ الواسعةِ، والدَّرْب كلُّ مَدخل من مدَاخِل الرّوم دَرْبٌ من دُوربِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّدْرِيبُ الصَّبر فِي الْحَرب وقتَ الفِرار يُقَال: دَرِبَ فلَان وَعَرِدَ عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث عَن أبي بكر: لَا تزالون تَهزِمون الرومَ فَإِذا صَارُوا إِلَى التَّدْرِيبِ وَقَفَتْ الحربُ، أرادَ الصَّبْرَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الدُّرْبَةُ الضَّراوَة؛ وَقد دَرِبَ يَدْرَب.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ مِثْلَه، يُقَال: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهَجاً، وضَرِيَ ضَرًى، إِذا اعْتَادَ الشيءَ وأُولِعَ بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّارِبُ الحاذِق بصناعته؛ قَالَ: والدَّارِبَةُ العاقِلة، والدَّارِبةُ أَيْضا الطَّبَالَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرْبةُ عَادةٌ وجُرْأَةٌ على حَرْبٍ وكلِّ أمرٍ؛ وَرَجُلٌ مُدَرَّبٌ قد دَرَّبَته الشَّدائِد حَتَّى مَرَن عَلَيْهَا، وَيُقَال: مَا زَالَ فلانٌ يعْفُو عَن فلَان حَتَّى اتَّخذها دُرْبة.
وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الْحلم إِدْهانٌ وَفِي العَفْوِ دُرْبَةٌ
وَفِي الصدْق مَنجاةٌ مِن الشَّرّ فاصْدُقِ
وتَدْرِيب البازيِّ على الصيْد أَي تَضْرِيَتُه، وَشَيخ مُدَرَّب أَي مُجَرَّب.
ابْن الْأَعرَابِي: أدْرَبَ إِذا صَوَّتَ بِالطَّبْل.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عمر: الدَّرْوَابُ صوتُ الطَّبْل، والدَّرْدَبَةُ الخضوع، وَمِنْه الْمثل: دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّه الثِّقَافُ، وَفِي كتاب اللَّيْث: داءٌ فِي الْمعدة.
قلت: هَذَا عِنْدِي غلط وَصَوَابه: الذّربُ داءٌ فِي الْمعدة وَقد ذكرته فِي كتاب الذَّال.
ردب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرّدْب الطَّرِيق الَّذِي لَا يَنْفُذُ، والدربُ الطَّرِيق الَّذِي ينفذ.
وَفِي الحَدِيث: (مَنَعتِ العِراقُ دِرهَمها وقَفِيزَها، ومَنعتْ مصرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُمُ من حَيْثُ بَدَأْتمْ) ؛ الإرْدَبُّ مِكْيال معروفٌ

(14/73)


لأهل مصرَ، وَقيل: إنهُ يأخذُ أَرْبَعَة وَعشْرين صَاعا من الطَّعَام بِصَاع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والقَنْقَلُ نِصفُ الإرْدَبِّ، والإرْدَب أربعةٌ وَسِتُّونَ مَنّاً بِمَنِّ بلدنا.
وَيُقَال للبالوعة من الخَزَفِ الواسعة: إِرْدَبَّةٌ شُبّهت بالإردب الْمِكْيَال؛ وَيجمع الإردبُّ أرادِب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَرْبَى فلانٌ فلَانا يُدَرْبِيهِ إِذا أَلْقَاهُ وَأنْشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً لِيُشْبِيَاهُ
فِي كل سوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ
يُشْبِيَاهُ ويُدَرْبِيَاهُ أَي يُلْقِيانِ بِهِ فِيمَا يكره.
برد: فِي الحَدِيث: (أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَةَ) .
سَلمَة عَن الْفراء قَالَت: الدُّبَيْرِيَة: البَرْدَةُ التُّخْمَة وَكَذَلِكَ الطَّنَى والرَّان.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَرَدةُ الثِّقْلَةُ على المعِدَة.
وَقَالَ غَيره: سميت التُّخْمَةُ بَرَدَة لِأَن التُّخْمَة تُبْرِدُ الْمعدة فَلَا تَسْتَمرِىء الطعامَ، وَلَا تُنْضِجُه؛ وَأما البَرَدُ بِغَيْر هَاء فَإِن اللَّيْث زعمَ: أَنه مَطَر جامِدٌ وسَحابٌ بَرِدٌ، ذُو قُرَ وَبَرَدٍ؛ وَقد بُرِدَ القومُ إِذا أَصابهم البَرَد.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ} (النُّور: 43) .
فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا وَينزل من السَّمَاء من أَمْثال جبال فِيهَا من بَرَدٍ، وَالثَّانِي وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا بَرَدٌ.
ومِن صِلَة.
وَقَوله جلّ وعزّ: {) أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} (النبأ: 24) .
قَالَ الْفراء رِوَايَة عَن الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يذوقون فِيهَا بَرْدَ الشَّرَاب وَلَا الشَّرَاب.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: {أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} يُرِيد نوماً، وَإِن النّوم لَيُبرِّد صاحبَه وَإِن العطشان لينام فَيَبْرُدُ بالنُّون.
وَقَالَ أَبُو طَالب فِي قَوْلهم: ضُرِب حَتَّى بَرَدَ.
قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ حَتَّى مَات؛ والبَرْد النّوم.
قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
بارِزٌ ناجِذَاهُ قد بَرَدَ المو
ت على مُصْطَلاه أيَّ بُرُود
قَالَ: وأمَّا قَوْلهم: لم يَبْرُد بيَدي مِنْهُ شَيْء، فَالْمَعْنى: لم يَسْتَقِرَّ وَلم يَثْبُتْ وَأنْشد:
اليومُ يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
قَالَ: وَأَصله من النومِ والقَرارِ، يُقَال: بَرد أَي نَام وَأنْشد:

(14/74)


فإنْ شِئتُ حرّمتُ النِّساء سِوَاكم
وَإِن شِئتُ لم أطْعَم نُقَاخاً وَلَا بَرْداً
فالنُّقَاخ الماءُ العَذْب، والبَرْدُ النَّوم وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أحِبُّ أمّ خَالِدٍ وخَالداً
حُبّاً سَخَاخينَ وحُبّاً بارِداً
قَالَ: سخاخينَ حُب يُؤْذِيني، وحُبّاً بَارِدًا يَسْكن إِلَيْهِ قلبِي.
وَيُقَال: بَرَدَ لي عَلَيْهِ كَذَا كَذَا درهما: أَي ثَبَتَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَرْدُ النَّحْتُ.
يُقَال: بَرَدْتُ الخشبَةَ بالمبرد أبردُها برْداً إِذا نَحتَّها.
قَالَ: والبَرْدُ تَبْرِيدُ الْعين، والبَرُودُ كُحْل يُبَرِّد العَين، والبرود من الشَّرَاب مَا يُبَرِّدُ الغُلّة وَأنْشد:
وَلَا يُبَرِّدُ الغَلِيلَ الماءُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَرَدْتُ الخُبْزَ بالماءِ إِذا صَبَبْتَ عَلَيْهِ المَاء فبللتَه، وَاسم ذَلِك الْخبز المبْلُول: البَرُود والمَبْرُود؛ وَيُقَال: اسْقِنِي سَويقاً أُبرِّد بِهِ كَبِدي، وبرَّدتُ الماءَ تبريداً جَعَلْتَه بَارِدًا.
وَفِي الحَدِيث: (أَبْرِدوا بالظُّهْرِ فَإِن شِدَّة الْحر من فَيحِ جَهَنَّم) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جئْنَاك مُبْرِدِين، إِذا جَاءُوا وَقد باخَ الحرُّ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: الإبْرادُ أَن تَزِيغَ الشمسُ، قَالَ: والركْبُ فِي السّفر يَقُولُونَ: إِذا زاغت الشَّمْس قد أَبْردتم فَرُوحوا، وَقَالَ ابْن أَحْمد:
فِي مَوْكبٍ زَحْلِ الهواجرِ مُبْرد
قلت: لَا أعرف مُحَمَّد بن كَعْب هَذَا، غير أَن الَّذِي قَالَه صَحِيح من كَلَام الْعَرَب، وَذَلِكَ أَنهم يَنْزلُون للتَّغْوِير فِي شدَّة الْحر، ويَقِيلون، فإِذا زَالَت الشمسُ ثَارُوا إِلَى رِكابهم، فَغَيَّرُوا عَلَيْهَا أقتابها ورحالها، ونادى مُناديهم: أَلا قد أَبْرَدْتُمْ فاركبوا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أَبْرَدَ القومُ إِذا صَارُوا فِي وقتِ القُرِّ آخِر القيظِ، قَالَ: والبَرُود كُحلٌ يبرَّدُ بِهِ العينُ من الْحر، والإنسانُ يَتَبَرَّدُ بِالْمَاءِ: يغتَسلُ بِهِ، وَيُقَال: سقيته فأَبْرَدْتُ لَهُ إبْراداً إِذا سقيتَه بارِداً.
ويُروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(إِذا أَبْرَدْتم إليّ بريداً فَاجْعَلُوهُ حسنَ الْوَجْه حسنَ الِاسْم) .
والبَريدُ: الرسولُ وإبرادُه إرسالُه، وَقَالَ الراجز:
رأَيتُ للموتِ بَرِيداً مُبْرَدَا
وَقَالَ بعض الْعَرَب: الحُمَّى بَريدُ الْمَوْت، أَرَادَ أَنَّهَا رسولُ الْمَوْت تُنْذِر بِهِ. وسكك البَريدِ كُلُّ سِكَّة مِنْهَا بريد اثْنَا عشرَ ميلًا، والسَّفَر الَّذِي يجوز فِيهِ قَصْر الصَّلَاة أَرْبعةُ

(14/75)


بُرُدٍ، وَهِي ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالأميال الهاشمية الَّتِي فِي طَرِيق مَكَّة.
وَقيل لدابَّة الْبَرِيد: بَرِيدٌ لسَيْره فِي البَريد وَقَالَ الشَّاعِر:
إِنِّي أَنُصُّ العِيسَ حَتَّى كأَنَّنِي
عَلَيْهَا بأَجْوَازِ الفَلاة بريدُ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: هِيَ لَك بَرْدَةُ نَفْسِها، أَي خَالِصا، وَهُوَ لي بَرْدَةُ يَميني إِذا كَانَ لَك مَعْلوماً.
قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا قَالَ: وابَرْدَهُ على الْفُؤَاد إِذا أصَاب شَيْئا هيناً، وَكَذَلِكَ وابَرْدَاه على الفُؤادِ.
فَأَما قَول الله جلّ وعزّ: {)) يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) فَإِن الْمُنْذِرِيّ أَخْبرنِي عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: أَنه قَالَ: عَيشٌ باردٌ أَي طَيِّب وأنشده:
قَليلَة لَحم الناظِرَيْن يَزِينُها
شبابٌ ومَخْفوضٌ مِن الْعَيْش بارِدُ
أَي طَابَ لَهَا عيشها، وَمثله قَوْلهم: نَسْأَلك الْجَنّة وبَرْدَها أَي طيبَها ونَعِيمها.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: البُرادُ ضَعْفُ القوائم من جوع أَو إعياء.
وَيُقَال: بِهِ بُراد وَقد بَرَد فلَان إِذا ضَعفتْ قوائمه.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنه كَانَ عَلَيْهِ يَوْم الْفَتْح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ.
قَالَ شمر: رَأَيْت أَعْرَابِيًا بحزَيْمِيَّة وَعَلِيهِ شِبْهُ مِنديل من صوف قد اتَّزَر بِهِ فَقلت: مَا نُسَميه؟ فَقَالَ: بُرْدةٌ، قُلْتُ: وَجَمعهَا بُرَدٌ وَهِي الشَّملة المُخطَّطةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرْدُ مَعروفٌ من بُرُودِ العَصْب، والوَشْيِ، وَأما البُرْدَةُ فَكِساءٌ مُرَبَّعٌ فِيهِ صُفْرة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ عمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب بَرُودٌ لَيْسَ لَهُ زِئْبِرٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال بَرَدتُ عينَه بالكُحْل أَبْردُها بَرْداً، وسقَيْتُه شَرْبةً بَرَدْتُ بهَا فُؤَاده وَكِلَاهُمَا من البَرُود. قَالَ: وسحابة بَرَدَة إِذا كَانَت ذَات بَرْد.
وَيُقَال: لَا تُبَرِّدْ عَن فلَان بِقَول: أَي إِن ظلمك فَلَا تَشْتُمه فَتُنقِص من إثمه، وَيُقَال: إِن أصحابَك لَا يُبالون مَا بَرَّدوا عَلَيْك أَي أَثْبَتُوا عَلَيْك.
وَقَالَ شمر: ثوبٌ بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً وَلَا لَيِّناً من الثِّيَاب، وَرجل بِهِ بِرْدةٌ وَهُوَ تَقْطِيرُ الْبَوْل وَلَا يَنْبَسِط إِلَى النِّسَاء، وبَرَدَى اسْم نهر بِدِمَشْق قَالَ حسان:
يَسْقُون مَن وَرَدَ الْبَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى تُصَفِّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ
وبُرْدَا الجَراد جناحاه.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا تَجَاوَبَ مِن بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وَقَالَ الكُمَيْتُ يَهْجُو بارِقاً فَقَالَ:

(14/76)


تُنَفِّضُ بُرْدَى أمِّ عَوْف وَلم يَطِرْ
لنا بارق بخ للوعيد والرهب
وأمُّ عَوْفٍ كُنْيَةُ الْجَرَاد.
ابْن السّكيت: البرْدَان والأبْرَادن الغَدَاةُ والعَشِيُّ وهما الرِّدفان، والصَّرعان، والقَرَّتان، ابْن الْأَعرَابِي: البارِدَةُ الرَّباحة فِي التِّجَارَة سَاعَة يَشْتَرِيهَا، والبارِدةُ الغنيمةُ الحاصلةُ بِغَيْر تَعب، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة) لتحصيله الْأجر بِلَا ظمأ فِي الهَوَاجر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: وَيُقَال: أَبْردَ طعامَه وبَرَدَه وبرَّدَه، والأبارِدُ: النُّمور وَاحِدهَا أَبْرَدُ، يُقَال للنِّمر الأُنْثى: أَبْرَدُ والخَنَيْثَمةُ، والبُرْدِي ضرب من تَمْرِ الْحجاز جَيِّدٌ مَعْرُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: البَرَّادةُ كَوَّارَةٌ يُبرَّدُ عَلَيْهَا المَاء. قلت: وَلَا أَدْرِي أَهِي من كَلَام الْعَرَب أَو من كَلَام المولدين.
ربد: أَبُو عبيد: الرُّبَدُ فِرِنْدُ السَّيْف. وَقَالَ صَخْر الغَيّ:
أَبْيَضَ مَهْوٍ فِي مَتْنِهِ رُبَدْ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال للظَّلِيم: الأرْبَدُ لِلَوْنه، والرُّبْدَةُ: الرُّمْدَة شِبهُ الوُرْقة تَضْرِب إِلَى السوَاد.
وَقَالَ اللَّيْث: الأرْبَد ضَربٌ من الحيَّات خَبِيث. وَإِذا غَضِبَ الْإِنْسَان تَرَبّد وَجهُه كَأَنَّهُ يسودّ مِنْهُ مَوَاضِع. قَالَ: وَإذا أَضْرَعَت الشاةُ قيل: رَبَدَتْ وَتَرَبَّدَ ضَرْعُها إِذا رأيتَ فِيهِ لُمَعاً من سَواد بِبَياض خَفِيّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: ربَّدَتِ الشاةُ تَرْبيداً إِذا أَضْرَعَتْ قَالَه أَبُو زيد، قَالَ: والرّبْداءُ من المَعْزَى السَّوداءُ المنقَّطة الموسومة مَوضِعَ النِّطاق مِنْهَا بحُمْرة.
اللِّحياني: فِي نعَامَة رَبْداء ورَمْداء أَي سَوْدَاء.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الَّتِي فِي سوادها نُقَطٌ بِيض أَو حمر.
الأصمعيّ: ارْبَدَّ وجههُ وأَرْمَدَّ إِذا تَغَيَّرَ.
وَأنْشد اللَّيْث: فِي تَرَبُّد الضَّرع فَقَالَ فِي بَيت لَهُ:
إِذا وَالِد مِنْهَا تَرَبَّد ضَرعُها
جعلتُ لَهَا السكين إِحْدَى القَلاَئِدِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن مَسجده كَانَ مِرْبداً لِيَتيمين فِي حِجر معوذ بن عَفْراء فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا معَاذ بن عفراء فَجعله للْمُسلمين، فبناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجداً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المِرْبَد كلُّ شَيْء حُبِستْ بِهِ الْإِبِل وَلِهَذَا قيل: مِرْبَدُ النَّعَم الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَبِه سمي مِرْبَدَ الْبَصْرَة، إِنَّمَا كَانَ مَوضِع سُوق الْإِبِل، وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ من غير هَذِه الْمَوَاضِع أَيْضا إِذا حُبِستْ بِهِ الْإِبِل.
وأنشدنا الْأَصْمَعِي فَقَالَ فِي شعره:

(14/77)


عَوَاصِيَ إِلَّا مَا جَعَلْتُ وَرَاءَهَا
عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشى نُحُوراً وأَذْرُعا
قَالَ: يَعْنِي بالمِرْبَد هَهُنَا عَصاً جعلهَا مُعْتَرضةً على الْبَاب تمنع الْإِبِل من الْخُرُوج سَمَّاهَا مِرْبداً، لهَذَا.
قلت: وَقد أنكر غَيره مَا قَالَ، وَقَالَ: أَرَادَ عَصاً مُعترضةً على بَاب المِربد، فأضاف الْعَصَا المعترضة إِلَى المِرْبد، لَيْسَ أَن الْعَصَا مِرْبَدٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: والمِرْبد أَيْضا مَوضِع التَّمْر مثل الجَرِين، فالمِربد بلغَة أهل الْحجاز، والجرينُ لَهُم أَيْضا، والأنْدَرُ لأهل الشَّام، والبَيْدَرُ لأهل الْعرَاق.
وَقَالَ غَيره: الربْدُ الحبْس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّابِدُ الخازن، والرّابدةُ الخازنة.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: رَبدَ الرجلُ إِذا كنز التمرَ فِي الرَّبَائِد وَهِي الكُراخات.
دبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه قَالَ: ثلاثةٌ لَا تُقبل لَهُم صلاةٌ، رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وَرجل أمَّ قوما هم لَهُ كَارِهُون) .
قَالَ الأفريقيُّ وَهُوَ الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث: معنى قَوْله دِباراً بَعْدَمَا يفوت الْوَقْت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قَوْله: دِباراً جمع دَبْر ودَبَر: وَهُوَ آخر أوقاتِ الشَّيْء، الصلاةِ وغيرِها. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (وَلَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّا) .
قَالَ وَالْعرب تَقول: الْعلم قَبْلِيُّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ أَن العالِم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَريعاً، والمُتَخَلِّفَ يَقُول: لي فِيهَا نظر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شرُّ الرَّأي الدَّبَرِيُّ أَي شرّه إِذا أَدبَر الْأَمر وفاتَ، قَالَ: ودُبُر كل شَيْء خِلاف قُبُله فِي كل شَيْء، مَا خلا قَوْلهم: جَعَل فلانٌ قولَك دَبْر أُذنِه أَي خَلْفَ أُذُنه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: 45) كَانَ هَذَا يومَ بدر، وَقَالَ: الدُّبُر فوحَّد وَلم يقل الأدبار، وكل جائزٌ صوابٌ، يُقَال: ضربنا مِنْهُم الرؤوس وضربنا مِنْهُم الرأْس، كَمَا تَقول: فلَان كثيرُ الدِّينَار وَالدِّرْهَم.
وَقَالَ ابْن مقبل:
الكاسرينَ القَنَا فِي عَوْرةِ الدُّبُرِ
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ} (ق: 40) ، وَمن قَرَأَ بِفتح الْألف جَمع على دبُرٍ وأدبار، وهما الركعتان بعد الْمغرب.
وَرُوِيَ ذَلِك عَن عليّ بن أبي طَالب قَالَ وَأما قَوْله: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ} (الطّور: 49) فِي سُورَة الطّور فهما الركعتان قبل الْفجْر

(14/78)


قَالَ: وتكسران جَمِيعًا وتنصبان جائزان.
وَقَول الله جلّ وعزّ {وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَمُجاهد (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، وَقرأَهَا كثير من النَّاس: {وَاللَّيْل إذْ أدبَر.
قَالَ الْفراء: وهما لُغَتَانِ دبَر النهارُ وأَدبر ودبَر الصيفُ وأدبَر، وَكَذَلِكَ قَبَلَ وأَقْبَل، فَإِذا قَالُوا: أَقْبَل الراكبُ أَو أَدبَر، لم يَقُولُوا إلاّ بِالْألف، وإنهما عِنْدِي فِي الْمَعْنى لواحدٌ لَا أُبْعد أَن يَأْتِي فِي الرِّجال مَا أَتَى فِي الْأَزْمِنَة.
وَقَالَ غير الْفراء بمَعنى قَوْله: (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، جَاءَ بعد النَّهَار كَمَا تَقول خَلَفَ، يُقَال: خَلَفني فلَان، وَدَبرني أَي جَاءَ بعدِي، وَمن قَرَأَ: وَالْقَمَرِ وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) فَمَعْنَاه وَلَّى ليذْهب.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (الْأَنْعَام: 45) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاَْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَاؤُلآْءِ مَقْطُوعٌ} (الْحجر: 66) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب ابْن سَلمَة قَالَ: قَوْلهم: قَطَعَ الله دابِرَه.
قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: الدابِرُ الأَصْل أَي أذهب الله أَصله.
وَأنْشد:
فِدًى لَكمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخَالَتي
غَداةَ الكلابِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يُقتل القومُ فتذهب أصولُهم وَلَا يبْقى لَهُم أَثرٌ.
وَقَالَ ابْن بزرج: دابرُ الْأَمر آخِره، وَهُوَ على هَذَا كَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِ بانْقطاع العَقِب حَتَّى لَا يبْقى لَهُ أحد يَخلُفه، وعَقِبُ الرجل دابرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الدَّابِرةُ الْمشْؤومةُ، والدَّابِرةُ الْهَزِيمَة، والدَّابِرةُ صيصيّةُ الدِّيك. قَالَ: والمَدْبُور: الْكثير المَال، والمدْبور الْمَجْرُوح.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الدَّبْرُ النَّحْل وجَمْعُه دُبُورٌ. قَالَ لبيد:
وأَرْيَ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ
قَالَ: والدَّبْر المَال الْكثير. يُقَال: مالٌ دَبْر ومالان دَبْرٌ وأموال دَبْرٌ وَمثله مَال دَثْر.
وَيُقَال: جعل الله عَلَيْهِم الدَّبَرَةَ: أَي الْهَزِيمَة، وَجعل لَهُم الدَّبْرَة عَلَى فلَان أَي الظَّفَرَةَ والنُّصْرَةَ، وَقَالَ أَبُو جهل لِابْنِ مَسْعُود يَوْم بدر وَهُوَ مُثْبَتٌ جَرِيحٌ: لمنْ الدَّبرَةُ؟ فَقَالَ: لله وَلِرَسُولِهِ يَا عدُوَّ الله.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: والدِّبارُ، المَشَارَاتُ واحدتها دَبرَه.
قَالَ اللَّيْث: وَهِي الكُرْدَةُ من المزْرَعة، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تَدابَرُوا وَلَا تَقَاطَعُوا) .

(14/79)


وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّدابر: المصارمة والهِجرانُ، مَأْخُوذ من أَن يُولِّي الرجلُ صاحبَه دُبرَه ويُعْرِضَ عَنهُ بِوَجْهِهِ وَأنْشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْس بأَن تَتَوصَّلُوا
وأَوْصَى أَبُوكم وَيحْكُمْ أَن تَدَابروا
وَيُقَال: إِن فلَانا لَو استقبلَ من أمره مَا استدبره لَهُدِيَ لِوجْهة أمره، أَي لَو علم فِي بَدْءِ أمرِه مَا علمه فِي آخِره لاسترشد أمره، وَقَالَ أَكْثَمُ بنُ صَيْفيّ لِبَنِيهِ: يَا بَنيِّ لَا تَتَدَبرُوا أعجازَ أُمور قد ولَّتْ صُدورها. يَقُول: إِذا فاتكم الأمْر لم ينفعكم الرأيُ وَإِن كَانَ مُحْكَماً. والتدْبِيرُ أَن يُعْتِق الرجلُ عبدَه بعد موتِه فَيَقُول لَهُ: أَنْت حرٌ بعد موتِي، وَالتَّدْبِير أَيْضا أَن يُدَبِّرَ الرجلُ أمرَه ويَتَدَبَّرهُ أَي ينظر فِي عواقبه، والدَّبرانُ نجمٌ بَين الثريّا والجوزاء، وَيُقَال لَهُ: التَّابِع والتُّويْبعُ، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر، سُمي دَبراناً لأنَّه يدْبُرُ الثُّريا أَي يَتْبَعُه، والدَّبُور ريحٌ تَهُبّ من نَحْو الْمغرب، والصَّبا تقابلهما من نَاحيَة المشْرِق.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نُصِرتُ بالصَّبا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبور) .
وَقَالَ الأصمعيّ: دَبَرَ السهمُ الهدفَ يَدْبُره دَبْراً إِذا صَار من وراءِ الهَدَفِ، ودَبِرَ البَعيرُ يَدْبِرُ دَبَراً.
وَيُقَال: نَاقَة مُقَابلةٌ مُدابَرة: أَي كَرِيمَة الطَّرفَيْنِ من قبل أَبِيهَا وَأمّهَا، وَغُلَام مُدَابَرُ مُقابلَ كريم الطَّرفَيْنِ، وَيُقَال: ذهب فلَان كَمَا ذهب أمس الدابر، وَهُوَ الْمَاضِي لَا يرجع أبدا، وَيُقَال: جعلت كَلَامه دَبْرَ أُذُنِي أَيْ: أَعْرَضتُ عَنهُ، وَلم أَلْتفِتْ إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث النَّجَاشِيّ أَنه قَالَ: مَا أحِبّ أَن لي دَبْراً ذَهَباً وَأَنِّي آذيتُ رجلا من الْمُسلمين، وفُسِّر الدَّبْر بالجَبَل فِي الحَدِيث؛ وَلَا أَدْرِي أَعربي هُوَ أم لَا؟
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدَّبْر: الْمَوْت يُقال: دَابَر الرجلُ إِذا مَاتَ.
وَقَالَ أُميَّة:
زَعَمَ جُدعَانُ ابْنُ عَمْ
رو أنّني يَوْماً مُدَابرْ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن يُضَحّى بمقَابَلةٍ أَو مُدَابَرة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: المقَابلة أَن يُقطعَ من طَرَف أذنها شيءٌ ثمَّ يتركَ مُعَلَّقاً لَا يَبينُ كَأَنَّهُ زَنَمَة، وَيُقَال لمثل ذَلِك من الْإِبِل: المزَنَّمُ، وَيُسمى ذَلِك المعَلقُ الرَّعُل، والمدابرةُ أَن يُفْعَل ذَلِك بمؤَخّر الْأذن من الشَّاة.
قَالَ الأصمعيّ: وَكَذَلِكَ إِن بَانَ ذَلِك من الْأذن فَهِيَ مُقَابَلةٌ ومُدَابَرةٌ، بعد أَنْ كَانَ قَطْعٌ.
قَالَ وَيُقَال: شَاةٌ ذَات إقْبَالةٍ وإدْبَارةٍ إِذا شُقّ مُقَدّمُ أُذُنها ومُؤَخّرها وفُتِلَتْ كَأَنَّهَا زنمة.

(14/80)


وفلانٌ مُقَابَلٌ ومُدَابر إِذا كَانَ مَحْضاً من أَبَوَيْهِ، قَالَ وَيُقَال: دَبَّرتُ الحَدِيث أَي حَدَّثتُ بِهِ عَن غَيْرِي.
قَالَ شمر: دَبَّرتُ الحديثَ لَيْسَ بِمَعْرُوف، قلت: وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: أما سمعته من معَاذ يدَبِّره عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت: وَقد أنكر أَحْمد بن يحيى يُدَبِّره بِمَعْنى يُحَدِّثه، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ يَذْبُرُهُ بِالذَّالِ وَالْبَاء أَي يُتْقِنُه، وَأما أَبُو عبيد فَإِن أَصْحَابه رووا عَنهُ: يُدَبِّره كَمَا ترى.
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّبار الْهَلَاك، ودَابِرةُ الحافِر مُؤَخّرهُ وَجَمعهَا الدّوابر.
وَقَالَ أَبُو زيد: فلَان لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّاً.
قَالَ أَبُو عبيد: والمُحَدِّثون يَقُولُونَ: دُبُريّاً يَعْنِي فِي آخر وَقتهَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَبْرِياً بِفَتْح الدَّال وَجزم الْبَاء.
الْأَصْمَعِي: فلَان مَا يَدْرِي قَبيلاً من دَبير، الْمَعْنى مَا يدْرِي شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبيلُ فَتْلُ القُطْن والدّبيرُ فَتْل الكتَّان والصُّوفِ، ويقالُ: القبيلُ مَا وَليَكَ والدّبيرُ مَا خَلْفَك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَدْبر الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبيرهُ من قَبيله.
قَالَ ثَعْلَب: قَالَ الْأَصْمَعِي: القبيلُ مَا أقبلَ بِهِ الفَاتل إِلَى حَقوه، والدّبيرُ مَا أدبر بِهِ الفاتِل إِلَى ركْبتيه.
وَقَالَ الْمفضل: القبيلُ فَوْزُ القِداح فِي القِمار، وَالدبير خَيْبَة القِدْح.
وقَال الشَّيْبَانِيّ: القَبِيلُ طاعةُ الرب، وَالدَّبيرُ مَعصيتُه.
وقَالَ ابْن الأعرابيّ: أدْبر الرجلُ إِذا سَافر فِي دبار وَهُوَ يَوْم الْأَرْبَعَاء. قَالَ: وَمَثَّل مجاهدٌ عَن يَوْم النحس فَقَالَ: هُوَ أربعاء لَا يَدُور فِي شهر.
وَقَال ابْن الأعرابيّ: أدْبَر الرجلُ إِذا مَاتَ، وَأَدْبَر إِذا تغافل عَن حَاجَة صديقه، وَأَدْبرَ صَار لَهُ دَبْر، وَهُوَ المَال الْكثير.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الْهُذلِيّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ: المُدابِر المولِّي المعرِض عَن صَاحبه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُدَابِر الَّذِي يَضرب بالقِداح. وَقيلَ: المُدابِر الَّذِي قُمِر مرّة بعد مرّة فعاوَد لِيَقْمُر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَبَرَ، رد، ودَبَر تَأَخَّر، قَالَ: وَأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبتْ فَتْلَةُ أُذنِ النَّاقة إِذا نُحرَتْ إِلَى نَاحيَة القَفَا، وَأَقْبَل إِذا صَارَت هَذِه الفتلة إِلَى نَاحيَة الوَجْه.
أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عُبَيْدَة يَقُول: رجل أُدابر لَا يقبل قَول أحد وَلا يلوي على

(14/81)


شَيْء. ورَجُلٌ أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحمَه فيقْطَعُها. ورجلٌ أُخايِلٌ وَهُوَ المختال، وأجارِدٌ اسْم مَوضِع، وَكَذَلِكَ أُجامِرٌ.
بدر: قَالَ اللَّيْث: البَدْرُ الْقَمَر لَيْلَة أربَعَ عَشْرَة، وَإِنَّمَا سُمِّي بَدْراً لِأَنَّهُ يُبادِر بالغروب طلوعَ الشَّمس، لِأَنَّهُمَا يتراقبان فِي الْأُفق صُبحاً، قَالَ: والبَدْرَةُ كِيسٌ فِيهِ عَشرةُ آلافِ دِرهمٍ أَو ألفٌ. والجَمْعُ البُدُور، وثَلاثُ بَدراتٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال لِمَسْك السَّخْلَة مَا دامتْ تَرْضَع: الشَّكْوةُ، فَإِذا فُطِمَ فَمسْكُه: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فمسْكُه السِّقَاءُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والبادِرة من الْإِنْسَان وغيرِه اللحمةُ الَّتِي بَين المنكِبِ والعُنق وأنشدنا:
وجاءَت الخيلُ مُحْمراً بوادرُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البادِرُ القَمَرُ، والبادِرَة الكلمةُ العَوْرَاء، والبادِرَةُ الغَضْبةُ السريعة، يُقَال: احْذَرُوا بادِرَتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: البادِرتان جانبا الكِرْكِرَة وَيُقَال: هما عرقان اكتنفاها وَأنْشد:
تَمْرِي بَوادِرَها مِنْهَا فَوَارِقُها
يَعْنِي فَوارقَ الإبلِ وَهِي الَّتِي أَخَذَها المخاضُ فَفَرِقَتْ نَادَّةً فَكلما أَخذها وَجَعٌ فِي بَطنهَا مَرَتْ، أَي ضَرَبَتْ بخُفِّها بادِرَةَ كِرْكِرَتها وَقد تفْعَلُ ذَلِك عِنْد الْعَطش.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبْدَرَ الرجلُ إِذا سَرَى فِي ليلةِ البدْر، وأَبْدَرَ الوصِيُّ فِي مَال الْيَتِيم بِمَعْنى بادَرَ كِبْرَهُ وبَدَّرَ مثله، وَيُقَال: ابْتَدَرَ القومُ أمرا وتَبَادَرُوه: أَي بَادر بعضُهم بَعْضًا إِلَيْهِ أيُّهم يَسْبِقُ إِلَيْهِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ، وبادر فلانٌ فلَانا مُولِّياً ذَاهِبًا فِي فِراره.
قَالَ: والبَدْرُ الغلامُ المُبَادِر، وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بدْرة. قَالَ الأصمعيّ: حَدْرَة مُكْتَنِزَةٌ صُلبة، وبَدْرَةٌ تَبْدُرُ بالنَّظَرِ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حَدْرَةٌ واسعةٌ، وبدْرَةٌ تامَّةٌ، وَقيل: ليلةُ البدرِ لِتمام قَمرِها.
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت يُقَال: غُلَام بَدْرٌ إِذا كَانَ مُمتلِئاً، وَقد أَبْدَرْنَا إِذا طلع لنا البَدْرُ وَسمي بَدْراً لامتلائِه.
د ر م
دمر، رمد، مدر، مرد، (درم، ردم) : مستعملات.
درم: قَالَ اللَّيْث: الدَرَم استِوَاءُ الكَعْب وعَظم الْحَاجِب وَنَحْوه إِذا لم يَنْتَبِر فَهُوَ أَدْرَمُ، وَالْفِعْل دَرِمَ يَدْرَمُ فَهُوَ دَرِم، قَالَ: ودَرِمٌ اسْم رجل من بني شَيبَان ذكره الْأَعْشَى فَقَالَ:
وَلم يُودِ مَنْ كُنْتَ تَسْعَى لَهُ
كَمَا قِيلَ فِي الحربِ أَوْدَى دَرِمْ
قَالَ أَبُو عَمرو: هُوَ دَرِمُ بنُ دُبّ بن ذُهْل بن شيبانَ، فُقِد كَمَا فُقِد القارظَ

(14/82)


العَنَزِيّ فَصَارَ مَثَلاً لكلِّ مَن فُقِد، وَقَالَ اللَّيْث: بَنو دَارِم حيٌّ مِنْ بني تَمِيم فِيهِ بيتُها وشَرَفُها، وَقَالَ غَيره: سمي دارماً لِأَنَّهُ حَمَلَ إِلَى أَبِيه شَيْئا يَدْرِمُ بِهِ أَي يُقارِبُ خُطاه فِي مَشْيِه، عَمْرو عَن أَبِيه الدَّرُوم من النوق الحَسَنَةُ المِشية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّرِيم الغُلام الفُرْهُدُ النَّاعمُ.
اللَّيْث: الدَّرَّامة من أَسمَاء القُنْفُذ والأرانب، والدَّرامة من نَعْتِ المرأةِ القصيرة، قَالَ: والدَّرَمَانُ مِشْيَةُ الأَرنب والفأرةِ والقُنْفُذِ وَمَا أشبهه، والفعْلُ دَرَمَ يَدْرِم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّرْماءُ من نَبَات السّهل، وَكَذَلِكَ الطَّحْماء والحَرْشَاءُ والصَّفراءُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا أَثْنَى الفَرَسُ أَلْقَى رَوَاضِعه فَيُقَال: أَثْنَى وَأَدْرَمَ للإثْناء ثمَّ هُوَ ربَاعٌ.
وَيُقَال: أَهْضَم للإِرباع.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإدرام أَن يَسْقُطَ سِنُّ البعيرِ لسِنَ نَبَتَتْ.
يُقَال: أَدْرَمَ للإثْناء، وأَدرم للإِرْباع، وأَدْرَمَ للإِسداس.
وَلَا يُقَال: أَدْرَمَ لِلْبُزُول لِأَن البازِل لَا ينْبت إِلَّا فِي مَكَان لم تكن فِيهِ سنّ قبله، ومكانٌ أَدْرَمُ مستوٍ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: دَرَمَتْ الدّابةُ تَدْرِمُ دَرْماً إِذا دَبَّتْ دَبِيباً.
شمر: المُدَرَّمَةُ من الدُّروع اللّينة المستَوية وَأنْشد فَقَالَ:
هَاتِيكَ تَحْمِلُني وتَحملُ شِكَّتِي
ومُفاضَةٌ تَغْشَى البَنانُ مُدَرَّمَهْ
ردم: اللَّيْث: الرَّدْمُ سَدُّك بَابا كُلَّه أَو ثُلْمَةً أَوْ مَدْخلاً وَنَحْو ذَلِك يُقَال: رَدَمتُه رَدْماً وَالِاسْم الرَّدْم وَجمعه رُدُومٌ وثوب مُرَدَّمٌ ومُلَدَّم إِذا رُقِّعَ. وَقَالَ عنترة:
هَل غادر الشُّعراء مِنْ مُتَرَدَّمِ
أَي مُرَقَّع مُسْتَصْلَح، وَقَالَ غَيره: هَل ترك الشُّعَرَاء مقَالا لقَائِل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المرَدَّم والملَدَّم والمرقّع، وَقَالَ غَيره: ثوبٌ رَديمٌ خَلْقٌ وثيابٌ رُدُمٌ.
وَقَالَ سَاعِدَة الهذليُّ:
يُذْرِينَ دَمْعاً على الأَشْفَارِ مُبْتَدِراً
يَرْفُلْنَ بَعْدَ ثِيابِ الخالِ فِي الرُّدُمِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأرْدَمُ الملاَّحُ والجميع الأرْدَمُونَ وَأنْشد فِي صفة نَاقَة فَقَالَ:
وتَهْفُو بهادٍ لَهَا مَيْلَعٍ
كَمَا أَقْحمَ القَادِسَ الأَرْدَمونا
المَيْلَعُ المضطرب هَكَذَا وَهَكَذَا، والمَيْلَعُ الْخَفِيف.

(14/83)


أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَسَلَمَة عَن الْفراء: أَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى إِذا لم تُفارِقْه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرُّدَامُ ضُراط الحِمار وَقد رَدَم يَرْدُم إِذا ضَرِط.
مرد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرَدُ الثَّرِيدُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَرَد فلَان الخبزَ فِي المَاء ومَرَثَهُ.
شمر يُقال: مَرَدَ الطَّعَام إِذا ماثَه حَتَّى يَلينَ فقد مَردَه، وتَمْرٌ مريدٌ، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَمَّا أَبى أَنْ يَنْزَعَ القَوْدُ لحمَهُ
نَزَعْنَا المرِيذ والمريدَ لِيَضْمَرا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المرَدُ نَقَاءُ الخدَّين من الشّعْر، ونقاء الغُصْن من الْوَرق، والمَرَد التَّمْلِيسُ، ومَرَدْتُ الشيءَ وَمَرَّدْتُهُ لَيَّنْتُهُ وصَقلْتُه، وَغُلَام أَمْردُ، وَلَا يُقَال: جَارِيَة مَرْداء، وَيُقَال: شَجَرَة مَرْداء، وَلَا يُقَال: غُصْنٌ أَمْردُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَرْضٌ مَرْداءُ وَجَمعهَا مَرَادَى وَهِي رمال مُتَسَطِّحة لَا يُنْبَتُ فِيهَا، وَمِنْهَا قيل للغلام: أَمْرَد، قَالَ: والبَرِيرُ ثَمَر الْأَرَاك، فالغَضُّ مِنْهُ المرْدُ، والنَّضِيجُ الكَباثُ، قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: شَجَرَة مَرْداءُ، وغصن أَمْرَدُ لَا ورق عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد المُمَرَّد بِنَاء طَوِيل، قلت: وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن} (النَّمْل: 44) .
وَقيل: المُمَرَّدُ: المُمَلَّسُ، وأمّا قَول الله جلّ وعزّ: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
قَالَ الْفراء: يُرِيد مَرَنوا عَلَيْهِ وَجَرَنوا كَقَوْلِك: تمرَّدوا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَرْدُ التَّطاوُل بالكبْر والمعاصي وَمِنْه قَوْله: مَرَدوا على النِّفَاق أَي تطاولوا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَرْدُ دَفْعُكَ السَّفينة بالمُرْوِيِّ، وَهِي خشبةٌ يدفعُ بهَا الملاَّحُ، وَالْفِعْل يَمْرُدُ.
قَالَ: ومُرادٌ حَيّ، هم الْيَوْم فِي الْيمن، وَيُقَال: إِن نسبهم فِي الأَصْل من نِزَار.
قَالَ: المرادَةُ مَصدر المارِدِ، والمَرِيدُ من شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ وَقد تمرَّدَ علينا أَي عتا واستعصى وَمَرَدَ على الشَّرِّ تَمَرّد أَي عتا وطغى.
قَالَ: والتِّمرادُ بيتٌ صَغِير يَجْعَل فِي بَيت الحمامِ لِمَبيضِه، فَإِذا جُعِلتْ نَسقاً بعضُها فَوق بعض فَهِيَ التَّماريدُ وَقد مرَّدها صَاحبهَا تمْرِيداً وتِمْراداً.
والتِّمْرادُ الِاسْم بِكَسْر التَّاء قَالَ: والتمريدُ: التمليس والتطيين، والأَمْرَدُ الشابُّ الَّذِي بلغ خُرُوج لحيته، وطُرَّ شَاربه ولمَّا تبْدُ لحيتُه، وَقد تمرَّدَ فلَان زَمَانا ثمَّ خرج وَجهه ذَلِك أَن يبْقى أَمْرَدُ، قَالَ: وَامْرَأَة مَرْدَاءُ لم يُخلَق لَهَا إسْبٌ

(14/84)


وَهِي شِعْرَتُها.
وَفِي الحَدِيث: (أهل الْجنَّة جُرْدٌ مُرْدٌ) .
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الْخُصَيْبي يَقُول: مَرَدَه وَهَرَدَه إِذا قَطَعَه وَهَرَطَ عِرْضَه وَهَدَدَه، وَمن أمثالهم: تمرَّدَ مارِدٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ، وهما حِصْنان فِي بِلَاد الْعَرَب غزتهما الزَّبَّاء فامتنعا عَلَيْهَا فَقَالَت هَذِه الْمقَالة وَصَارَت مثلا لِكل عَزِيز مُمتنع، والمَرِّيد الْخَبيث.
التمرد وَكَذَلِكَ المارد والمريد والمُتَمَرِّد الشرير.
رمد: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: الرَّمْدُ الْهَلَاك، يُقَال: رَمَدَت الغنمُ إِذا هلكتْ من بَرْدٍ أَو صقيعٍ، قَالَ أَبُو وَجْرة السّعدي فِي شعره:
صَبَبتُ عَلَيْكُم حاصِبي فتَركتُكُم
كَأَصْرَامِ عادٍ حِين جَلَّلها الرّمْدُ
قَالَ: والرّمْدُ فِي الْعين، وَقَد رَمِدَت تَرْمَد رَمداً.
وَقَالَ شمر فِي تَفْسِيره عَام الرَّمَادة يُقَال: أَرْمد القومُ إِذا جُهِدوا.
قَالَ: سميت عَام الرَّمادة بذلك قَالَ وَيُقَال: رَمَد عيشهم إِذا هَلَكُوا، وَهُوَ الرَّمْد.
يُقَال: أَصَابَهُم الرَّمد إِذا هَلَكُوا، قَالَ: وَقَالَ: الْقَاسِم: رَمَدَ القومُ وأَرْمَد إِذا هَلَكُوا والرَّمادَةُ الهلكَةُ، قلت: وَقد أَخْبرنِي ابْن هاجك عَن ابْن جَبَلة عَن أبي عبيد أَنه قَالَ: رَمِد الْقَوْم بِكَسْر الْمِيم وارْمَدُّوا بتَشْديد الدَّال وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ شمر: رَمَدُوا، وأَرْمدُوا كَذَلِك.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للشَّيْء الْهَالِك من الثِّيَاب خُلُوقةً: قد رَمَدَ وهَمَد وباد، والرَّامِد الْبَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَهَاةٌ: أَي خَير وبقِيَّةٌ، وَقد رَمَد يَرمُد رُمودَةً.
وأقرأني الإياديُّ لأبي عبيد عَن أبي زيد: الرَّمْد الْهَلَاك وَقد رَمَدَهم يَرْمِدهم فَجعله متعَدياً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عَيْنٌ رَمْداءُ وَرجل أَرْمدُ. وَقد رَمِدتْ عينُه وأَرْمدت، والرَّمادُ دُقاقُ الفحم من حُراقَةِ النَّار، وَصَارَ الرَّمادُ رِمْدِداً، إِذا هَبا، وَصَارَ أدقَّ مَا يكون، والمُرَمَّد من اللَّحْم المشوِيُّ الَّذِي مُلَّ فِي الجَمْر، وَقد رَمَّدت النَّاقة تَرْميداً إِذا أَنْزَلَتْ شَيْئا قَلِيلا من اللَّبن عِنْد النَّتاج.
أَبُو عبيد عَن أَبي زِيَاد: إِذا استبان حملُ الشاةِ من الْمعز والضأن، وَعظُم ضرعُها. قيل: رَمَّدتْ تَرْمِيداً وأضرعتْ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَقول: رَمَّدتِ الضَّأْن فَرَبِّقْ رَبِّقْ ورَمّدَت المعزى فَرَنِّقْ رَنِّقْ، وَقد مر تَفْسِير التَّرْنيق والتربيق فِي كتاب الْقَاف.

(14/85)


وَقَالَ الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ ومُرِدٌّ إِذا أَضْرَعَتْ.
وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: يتَوَضَّأ الرجلُ بِالْمَاءِ الرَّمِدِ والماءِ الطَّرِدِ، فالطَّرِدُ الَّذِي خاضَتْه الدّوابُ، والرّمِدُ الكَدِر. قلت: وبالشَّواجين ماءٌ يُقَال لَهُ: الرَّمادَةُ، وشرِبْتُ من مَائِهَا فوجدتُه عَذباً فُراتاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ارْقَدّ البعيرُ ارْقِداداً، وارْمَدّ ارْمِدَاداً، وَهُوَ شدَّة العَدْوِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ارْقدَّ وارْمَدّ إِذا مضى على وَجهه وأسرع، وثيابٌ رُمْدٌ وَهِي الغُبْرُ فِيهَا كُدُورَةٌ مأخوذٌ من الرّماد، وَمن هَذَا قيل لِضَرْبٍ من البعوض: رُمْدٌ، وَقَالَ أَبُو وَجْرَة:
تبيتُ جارتَه الأفْعى وسامرُه
رُمْدٌ بِهِ عَاذِرٌ مِنْهُنَّ كالجَربِ
يصف الصَّائِد، وَمن أمثالهم: شَوَى أَخُوكَ حَتَّى إِذا أَنْضَجَ رَمّدَ، يُضْرَبُ مَثَلاً للرجل يَعُود بالفَساد على مَا كَانَ أَصْلَحَهُ.
مدر: قَالَ اللَّيْث: المَدر قِطَعُ الطين اليابِس، الواحدةُ مَدَرةٌ، والمَدْر تطيينُك وَجْهَ الْحَوْض بالطِّين الحُرِّ لِئَلَّا يَنْشَفَ، والمَمْدَرَةُ موضعٌ فِيهِ طِين حُرٌّ، وَقد مَدَرتُ الحوضَ أَمْدُرُه.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يَأْتيهِ أَبوهُ يَوْم الْقِيَامَة فيسأَلُه أَن يشفعَ لَهُ فيَلتفِتُ إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ بِضِبعَانٍ أَمْدَرَ، فَيَقُول: مَا أَنْت بأَبي.
قَالَ أَبُو عبيد: الأمْدَرُ المنتفخُ الجَنْبيْنِ الْعَظِيم الْبَطن.
قَالَ الرَّاعِي يصف إبِلا لَهَا قيم فَقَالَ:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْنِ مُنْخَرِقٍ
عَنْهُ العَبَاءَةُ قَوَّامٌ على الهَملِ
قَوْله: أَمْدَرُ الجَنْبَين أَي عِظَمِهما. قَالَ: وَيُقَال: الأمْدَرُ الَّذِي قد تَتَرَبَّ جَنْباهُ من المَدَرِ، يذهب بِهِ إِلَى التُّرَاب أَي أَصاب جَسَدَهُ التُّرَاب.
قَالَ أَبُو عبيد:
وَقَالَ بَعضهم: الأمْدَرُ الكثيرُ الترجيع الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى حَبْسِه. قَالَ: ويستقيم أَن يَكون المعْنَيان جَمِيعًا فِي ذَلِك الضِّبْعَانِ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: المِدْرَاء من الضِّبَاع الَّتِي لَصِقَ بهَا بَوْلها ويَبِسَ خَراؤها، وَيُقَال للرجُل: أَمْدَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَسِحُ بِالْمَاءِ وَلَا بِالْحجرِ، وَمَدَرَتْ الضَّبُعُ إِذا سَلَحَتْ.
وَقَالَ شمر: سَمِعت أَحْمد بن هانىء يَقُول: سَمِعت خَالِد بن كُلْثُوم يروِي بيتَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بِالْمِيم قَالَ: الأمْدَرُ الأقْلَفُ، والعربُ تسمي الْقرْيَة المبنية بالطين وَاللَّبِن المَدَرَةَ، وَكَذَلِكَ الْمَدِينَة الضخمة يُقَال لَهَا:

(14/86)


المَدَرَةُ.
دمر: فِي الحَدِيث: مَن نَظَرَ من صِيرِ بَاب فقد دَمَر.
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: دَمَر أَي دَخَل بِغَيْر إذْنٍ، وَهو الدُّمور، وَقد دَمَرَ يَدْمُر دُموراً، ودَمَقَ دَمْقاً ودُمُوقاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّمار استئصال الْهَلَاك، يُقَال: دَمَر القومُ يَدْمُرون دَماراً: أَي هَلَكُوا، ودَمَرَهم مَقَتَهم ودَمّرهم الله تَدْميراً. قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً} (الْفرْقَان: 36) يَعْنِي بِهِ فِرْعَوْن وَقَومه الَّذين مُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازير.
أَبُو عبيد: المُدَمِّر بِالدَّال الصَّائدُ يُدَخِّن فِي قُتْرَته للصَّيْد بأَوْبَار الْإِبِل، لكَيْلا يجدَ الوحشُ ريحَه، وَقَالَ أوسُ بنُ حُجْر:
فلاقى عَلَيْهَا مِن صَباح مُدَمِّراً
لِنا مُوسِهِ مِن الصَّفيحِ سَقَائِفُ
وَقَالَ اللَّيْث: تَدْمرُ اسْم مَدِينَة بِالشَّام. قَالَ: والتُّدْمُرِي من اليرابيع ضربٌ لئيم الخِلقة عَلْبُ اللَّحْم.
يُقَال: هُوَ من مِعْزى اليرابيع وَأما ضَأْنها فَهُوَ شُفَارِيُّها، وعلامةُ الضَّأْن فِيهَا أَن لَهُ فِي وسط سَاقه ظُفْراً فِي مَوضع صِيصَة الدِّيك، ووُصف الرجل اللَّئِيم بالتَّدْمِري.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فلَان خاسرٌ دامِر دابِرٌ، وخَسِرٌ دَمِرٌ دبِرٌ، وَمَا رَأَيْت من خسارته ودَمارته ودَبارته.
الْفراء عَن الدُّبيريَّة يُقَال: مَا فِي الدَّار عَيْنٌ وَلَا عَيِّنٌ وَلَا تَدْمُرِيٌ وَلَا تامُورِيٌ وَلَا دُبِّيٌ وَلَا دِبِّيٌ بِمَعْنى وَاحِد وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَاللَّام)
د ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لدن، ندل.
لدن: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْن مِن كل شَيْء مَا لاَنَ من عُود أَو حَبْل أَو خَلْق فَهُوَ لَدن، وَقد لدُنَ لُدُونة، وفَتَاةٌ لَدْنة لَيِّنة المَهَزة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْراً} (الْكَهْف: 76) .
قَالَ الزجّاج: وقُرِىء من (لَدُني) بتَخْفِيف النُّون وَيجوز من (لَدْني) بتسكين الدَّال وأجودها بتَشْديد النُّون لِأَن أصل لَدُن الإِسكان فَإِذا أضَفْتها إِلَى نَفسك زِدْت نوناً ليَسْلَم سُكُون النُّون الأولى تَقول: مِن لدُنْ زيد فتُسَكِّن النُّون ثمَّ تُضيف إِلَى نَفسك فَتَقول لَدُنِّي كَمَا تَقول عَن زيد وعَنِّي، ومَن حَذفَ النُّون فَلأَنَّ لَدُنْ اسْم غير مُتمكن، وَالدَّلِيل على أَن الْأَسْمَاء يجوز فِيهَا حذف النُّون قَوْلهم: قَدْني فِي معنى حَسْبي، وَيجوز قَدِي بِحَذْف النُّون لِأَن قَدْ اسْم غير مُتَمَكن.
قَالَ الشَّاعِر:
قَدْني مِن نَصْر الحَبيبَيْن قَدِي
فجَاء باللغتين، قَالَ: وَأما إسْكان دَال لَدْن

(14/87)


فَهُوَ كَقَوْلِهِم: فِي عَضُد عَضْد فَيحذفون الضمة.
وحَكَى أَبُو عُمَر عَن أَحمد بن يحيى والمبرد أَنَّهُمَا قَالَا: الْعَرَب تَقول: لَدُن غُدْوَةٌ ولَدُن غُدْوَةً ولدُن غدوةٍ، فَمن رفع أَرَادَ لدن كَانَت غدوةٌ، وَمن نصب أَرَادَ لَدُن كَانَ الوقتُ غدْوَة، وَمن خَفَض أَرَادَ من عِنْد غدوةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: لَدُنْ فِي مَعْنى مِن عِنْد تَقول: وقف لَهُ الناسُ مِن لَدُنْ كَذَا إِلَى الْمَسْجِد وَنَحْو ذَلِك إِذا اتَّصل مَا بَين الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّمَان مِن لَدُن طُلوع الشَّمس إِلَى غُرُوبهَا أَي من حِين.
أَبُو زيد عَن الكلابيِّين أَجْمَعِينَ: هَذَا من لَدُنِه ضَمُّوا الدَّال وفتحوا اللامَ وكَسروا النُّون.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي لَدُن لُغاتٌ يُقَال: لَدُ، ولَدُن ولَدْن، ولَدَى، ولَدَنْ وَالْمعْنَى وَاحِد، قَالَ: وَهِي لَا تمَكَّن تَمَكُّنِ عِنْدِ لأَنك تَقول: هَذَا القَوْل عِنْدِي صَوَاب وَلَا تَقول: هُوَ لَدُني صَوَاب، وَتقول: عِنْدِي مَال عَظِيم، وَالْمَال غَائِب عَنْك، ولَدُنْ لما يليك لَا غيرُ.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ رجلا مِن الْأَنْصَار أناخَ ناضِحاً لَهُ فَرَكِبَه ثمَّ بَعَثَه فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بعضَ التَّلَدُّن فَقَالَ: شَأْ لَعَنك الله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لاَ تَصحَبْنَا بملعون) ، معنى قَوْله: تَلَدَّنَ عَلَيْهِ أَي تمَكَّثَ وَتَلَبَّثَ وَلم يَثُرْ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: تَلَدَّنْتُ تَلَدُّناً وتَلَبَّث تلبثاً وتمكَّث بِمَعْنى وَاحِد.
ندل: قَالَ اللَّيْث: النَّدْلُ كَأَنَّه الوَسَخُ من غير اسْتِعْمَال فِي الْعَرَبيَّة، وَتَنَدَّلْتُ بالمِنْديل: أَي تمَسَّحتُ بِهِ من أثر الوَضُوء أَو الطَّهُور، قَالَ: والمِنديلُ على تَقْدِير مِفْعيل إسمٌ لما يُمْسحُ بِهِ.
وَيُقَال أَيْضا: تَمنْدَلْتُ. عَمْرو عَن أَبِيه: النَّيْدَلانُ الكابوسُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ النَّيْدُلانُ والنَّيْدَلانُ، والمنْدَلُ والمندَلِيُّ: العُود الَّذِي يُتَبخَّر بِهِ.
وَأنْشد الفرّاء:
إِذا مَا مَشَتْ نادَى بِما فِي ثِيَابها
ذَكِيُّ الشَّذَى والمنْدَلِيُّ المطيَّرُ
يَعْنِي العودَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المنْدلُ والمنْقَل الخُفُّ. وَقَالَ الْمبرد: نقلُ الشَّيء واحْتِجَانُه. وَأنْشد:
فَنَذْلاً زُرَيق المالَ نَدْل الثَّعالِبِ
وَيُقَال: انْتدَلْتُ المالَ وانْتبَلْتُه أَي احْتَمَلْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّدُل خَدَمُ الدَّعوة.

(14/88)


قلت: سُمُّوا نُدُلاً لأَنهم ينقلون الطَّعَام إِلَى من حضر الدعْوَة.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كِتَابه فِي النَّوَادِر يُقَال: نَوْدَلَتْ خُصْيَاهُ نَوْدَلَةً إِذا استرختا يُقَال: جَاءَ مُنَوْدِلاً خُصْيَاهُ.
وَقَالَ الراجز:
كأَنَّ خُصْيَيهِ إِذا مَا نَوْدَلا
أُثْفِيَّتان تَحمِلان مِرْجَلاَ
وَيُقَال للسِّقَاء إِذا تَمَخّض: هُوَ يُهَوْذِلُ ويُنَوْدِلُ الأول بالذّال وَالثَّانِي بِالدَّال.
د ل ف
دلف، دفل: (مستعملة) .
(دلف) : عَمْرو عَن أَبِيه: الدِّلْفُ الشجاعُ والدَّلْفُ التَّقدمُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّلْف والزَّلْف التقدّم، وَقد دَلَفْنا لَهُم أَي تقدّمنا.
وَقَالَ الأصمعيّ: دَلَفَ الشيخُ يَدْلِفُ دَلْفاً ودَلِيفاً، وَهُوَ فَوق الدَّبيبِ كَمَا تَدْلِفُ الكتيبةُ نَحْو الكتيبة فِي الْحَرْب.
وَقَالَ طَرَفة:
لَا كبيرٌ دالفٌ مِن هَرَم
أرْهَبُ الناسَ وَلَا أكْبُو لِضُرِّ
قلت: ودُلَفُ من أَسمَاء الرِّجَال، فُعَلُ، ودُلَفُ كأَنَّهُ مصروفٌ من دالفٍ مثل ذُفَر وعُمَر. وَأنْشد ابْن السّكيت لِابْنِ الخطيم فَقَالَ:
لَنَا مَعَ آجامِنا وحَوْزَتِنا
بَين ذَراها مخارِفٌ دُلَفُ
أَرَادَ بالمخارف نخلاتٍ يُخْترف مِنْهَا، والدُّلّفُ الَّتِي تَدْلِفُ بحملها أَي تَنْهضُ بِهِ، والدُّلْفِين سَمَكةٌ بحريّة.
دفل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَمن الشّجر الدِّفْلَى وَهُوَ الآءُ والألاءُ والحَبْن وكُلُّه الدِّفْلَى.
قلت: هِيَ شَجَرَة مُرة وَهِي من السُّمُوم.
د ل ب
دلب، دبل، بدل، بلد، لبد: مستعملة.
دلب: قَالَ اللَّيْث: الدُّلْبُ شَجَرَة العيثَام، وَيُقَال: شجر الصِّنارِ وَهُوَ بالصِّنار أشبه، والواحدة دُلْبَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّلْبَةُ السّوادُ، والدُّلْبُ جنْسٌ من سُودان السِّند، وَهُوَ مقلوب عَن الدَّيْبُل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
كَأَن الذِّرَاع المشكُولَ مِنْهَا
سَلِيبٌ مِن رجال الدّيْبُلانِ
قَالَ: شَبَّهَ سوادَ الزِّقِّ بالأسود المشلَّح من رجال السَّنَد.
دبل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّدْبيلُ: تَعظيمُ اللُّقمة وازدرادُها، والدّوْبَلُ ذَكَرُ الْخَنَازِير وَهُوَ الرّتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّبْلَةُ كتلة من ناطِفٍ أَو

(14/89)


حَيْسٍ أَو شَيءٍ مَعْجون أَو نَحْو ذَلِك، وَقد دَبَّلْتُ الحَيْسَ تَدْبيلاً أَي جعلتُه دبَلاً.
وَقَالَ النَّضر: الدُّبلُ اللُّقمُ من الثرِيد الْوَاحِدَة دُبْلَةٌ، والدّبيلُ موضعٌ يتاخِم أعراضَ الْيَمَامَة وَأنْشد فَقَالَ:
لَوْلا رَجاؤُك مَا تَخَطَّتْ ناقَتِي
عُرْضَ الدّبِيلِ وَلَا قُرى نَجْران
ويُجمع دُبُلاً. وَقَالَ العجاج:
جَادَلَه بالدُّبُل الوَسْمِيّ
قَالَ: وَدَيْبُلُ مَدِينَة من مَدَائِن السِّند، غَيره: دَبَلْتُ الأرضَ وَدَمَلْتُهَا أَي أصلحتها.
وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مَدْبُولة إِذا أصلحتها بالسِّرْجينِ وَنَحْوه حَتَّى تجودَ، وَقد دَبلتُهَا أدبلها دُبولاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبالُ والذُّبال النُّفاياتُ، يُقَال: دَبَلْته دُبُولاً وذَبَلْته ذبولاً.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: دِبْلٌ دَبيلٌ أَي ثُكْلٌ ثاكلٌ وَمِنْه سميت الْمَرْأَة: دِبْلَةٌ وَقَالَ الراجز:
يَا دِبْلُ مَا بِتُّ بليلٍ ساهِداً
وَلَا خَرَرْتُ الرَّكعتين سَاجِدا
قَالَ: وَيُقَال: دَبْلتُهم دُبَيْلَة: أَي هَلَكُوا وصلَّتهم صالَّةٌ. وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ذِبْلٌ ذَابِلٌ بِالذَّالِ، وَهُوَ الهوان والخزي.
قَالَ شمر وَغَيره يَقُول: دبل دابل بِالدَّال وَيُقَال: الجداول الدُّبُول وَاحِدهَا دَبْلٌ لِأَنَّهَا تُدْبل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجْهَر، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما غَدا إِلَى النطَاةِ دلَّه الله على دبول كَانُوا يَتَرَوَّوْنَ مِنْهَا فقطعها عَنْهُم حَتَّى أَعْطوا بأَيديهم.
بلد: قَالَ اللَّيْث: البَلدُ كل مَوضِع مُسْتَحيزٍ من الأَرْض عامِرٍ أَو غير عَامر أَو خالٍ أَو مسكون فَهُوَ بلد، والطائفة مِنْهَا بَلْدَة والجميعُ الْبِلَاد، والبُلْدَان اسْم يَقع على الكُوَر والبَلدُ المقْبَرَة، وَيُقَال: هُوَ نَفْسُ الْقَبْر، وَرُبمَا جَاءَ البَلدُ يَعْنِي بِهِ التُّرَاب، قَالَ: والبَلْدَة بَلْدَةُ النَّحْر وَهِي الثغرةُ وَمَا حولهَا وَأنْشد:
أُنِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدَةً فوقَ بلدةٍ
قَلِيل بهَا الأصواتُ إِلَّا بغَامُها
والبلدةُ فِي السماءِ موضعٌ لَا نُجُوم فِيهِ بَين النَّعَائم وسَعْدِ الذَّابح، ليستْ فِيهِ كواكب عِظَام تكون عَلَماً، وَهِي من منَازِل الْقَمَر، وَهِي آخر البروج، سُميت بَلْدَةً وَهِي من بُرْج القَوْس خَالِيَة إلاَّ من كواكبَ صغارٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والأَبْلَدُ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ بمقرونٍ وَهِي البَلْدَة والبُلْدَة. وَقَالَ الْأَحْمَر: المتبلِّدُ الَّذِي يتَرَدَّد مُتحيراً وَأنْشد للبيد فَقَالَ:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ فِي نِهَاءِ صعائِدٍ
سَبْعاً تُواماً كامِلاً أيامُها

(14/90)


وَقَالَ اللَّيْث: التَّبَلُّد نقيض التجلد، وَهُوَ استكانة وخضوع وَأنْشد:
أَلا لَا تَلُمْه الْيَوْم أَن يَتَبَلَّدَا
فقد غُلبَ المحزون أَن يتجلّدَا
قَالَ: وبلَّدَ إِذا نكَّسَ فِي الْعَمَل وضَعُفَ حَتَّى فِي الْجُود، قَالَ الشَّاعِر:
جَرَى طلَقاً حَتَّى إِذا قُلْتُ سابِقٌ
تَدَارُكه أَعْراقُ سوءٍ فبَلّدَا
وَقَالَ غَيره: البَلْدَة رَاحَة الْكَفّ، وَقيل للمُتَحَيِّر: متَبَلِّد لِأَنَّهُ شُبِّه بِالَّذِي يتحير فِي فلاةٍ من الأَرْض، لَا يَهْتَدِي فِيهَا وَهِي البَلْدَة، وكل بَلَدٍ وَاسع بَلْدةٌ وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر الفلاة:
وبَلْدَةٍ مثل ظهْرِ التُّرْسِ موحِشَةٍ
لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حافاتها شُعَلٌ
وَقَالَ اللَّيْث: البَلادة نقيض النّفاذِ والمضاءِ فِي الْأُمُور، وَرجل بليد إِذا لم يكن ذكيّاً، وفرسٌ بليد، إِذا تأخَّر عَن الْخَيل السوابق وَقد بَلُدَ بلادةً.
قَالَ: والمبالدةُ كالمبالَطَة بِالسُّيُوفِ والعِصِيِّ إِذا تجالدوا بهَا، وَيُقَال: اشْتُق من بِلادِ الأَرْض.
أَبُو عبيد: البَلَدُ الأثَرُ بالجسد وَجمعه أَبْلاَدٌ، وَقَالَ ابْن الرّقاع:
من بَعْدِ مَا شَمِل الْبِلَى أَبْلادها
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: بَلَدْتُ بِالْمَكَانِ أَبلُدُ بلوداً وأَبَدْتُ بِهِ آبُدُ أبُوداً: أَي أقمتُ بِهِ، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي فَقَالَ:
ومُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ بمهلكةٍ
جاوَزْتُه بعلاةِ الخلْق عِلْيَانِ
قَالَ: المبْلِدُ الحوضُ الْقَدِيم هَهُنَا وَأَرَادَ مُلْبِدٍ فَقلب وَهُوَ اللاصق بِالْأَرْضِ، وَمِنْه قَول عَلِيَ لِرجلَيْنِ جَاءَا يسأَلانِه: أَلْبدا بِالْأَرْضِ حَتَّى تفهما، وَقَالَ غَيره: حوضٌ مُبْلِدٌ تُرك وَلم يُستعمل فَتَدَاعى وَقد أَبْلد إبلاداً.
وَقَالَ الفرزدق يصف إبِلا سَقَاهَا فِي حَوْض داثِرٍ:
قَطَعْتُ لألحيهِنَّ أَعضادَ مُبْلِدٍ
يَنشُّ بِذِي الدَّلْوِ المُحِيلِ جوانِبُهْ
أَرَادَ بِذِي الدَّلْو الْمُحِيل الماءَ الَّذِي قد تَغيّرَ فِي الدَّلْو لِأَنَّهُ نُزِع متغيراً.
لبد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: أَلْبَدَ بِالْمَكَانِ فَهُوَ مُلْبِدٌ بِهِ إِذا أَقَامَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللّبِيدُ من الرِّجَال الَّذِي لَا يبرح منزله وَهُوَ الألْيَسُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَبَدَ ولَبِدَ لُبوداً إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ، قَالَ: وَإِذا رُقِعَ الثوبُ فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبُودٌ. وَفِي الحَدِيث أَن عَائِشَة أخرجت كِسَاءً للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُلَبَّداً أَي مُرَقَّعاً، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً} (الْبَلَد: 6) .
قَالَ الْفراء: اللَّبَدُ الْكثير، قَالَ بَعضهم:

(14/91)


واحدتُهُ لُبْدَةٌ، ولُبَدُ جماع، قَالَ: وَجعله بَعضهم على جِهَة قُثَم وحُطَمٍ وَاحِدًا، وَهُوَ من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْكثير. قَالَ: وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر المدنيّ: (مَالا لُبَّداً) مُشَدَّداً فكأَنه أَرَادَ مالَ لابد، ومالانِ لاَبِدَانِ وأموال لُبَّدٌ، وَالْأَمْوَال وَالْمَال قد يكونَانِ فِي معنى وَاحِد.
وَقَالَ الزّجاج: مالٌ لُبَدٌ: كثيرٌ، وَقد لَبَد بعضه بِبَعْض وَقَوله جلّ وعزّ: {أَحَداً وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ} (الْجِنّ: 19) قَالَ وقرىء (لُبَداً) قَالَ: وَالْمعْنَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صلى الصُّبْح بِبَطن نَخْلَةَ كَادَت الْجِنّ لما سمعُوا الْقُرْآن وتعجبوا مِنْهُ أَن يَسقطوا عَلَيْهِ. قَالَ: وَمعنى لِبَداً يركَبُ بَعضهم بَعْضًا وكلُّ شَيْء أَلصَقْته بِشَيْء إلصاقاً شَدِيدا فقد لَبّدتَه، وَمن هَذَا اشتقاق هَذِه اللُّبُودِ الَّتِي تُفْتَرَش. قَالَ: ولِبَدٌ جمع لبْدَةٍ ولُبَدٌ وَمن قَرَأَ (لُبَّداً) فَهُوَ جمع لابد.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول صبيان الْأَعْرَاب إِذا رَأَوْا السُّمَانَى: سُمَانَى لُبَادَى الْبُدى لَا تُرَى، فَلَا تزَال تَقول ذَلِك وَهِي لابدةٌ بِالْأَرْضِ أَي لاصقةٌ وَهُوَ يُطيف بهَا حَتَّى يَأْخُذَها.
وَقَالَ: كل شَعَرٍ أَو صوف يَتَلَبَّد فَهُوَ لِبْدٌ ولِبْدة، وللأسد شَعَرٌ كثير قد تَلَبَّد على زُبْرَتِهِ قَالَ: وَقد يكون مثلُ ذَلِك على سَنَام الْبَعِير وَأنْشد:
كَأَنَّهُ ذُو لِبَدٍ دَلَهْمسِ
قَالَ: واللُّبَادَةُ لِباسٌ من لُبُود؛ قَالَ: ولُبَدٌ اسْم آخِر نسور لُقمانَ بن عَاد سَمَّاهُ لُبَداً لِأَنَّهُ لَبِدَ فَلَا يَمُوت وَلَا يذهب كاللَّبِد من الرِّجَال اللَّازِم لرِحْلِه لَا يفارِقه. وَالْعرب تَقول: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قليلٌ وَلَا كثيرٌ، قَالَ وَقَالَ غَيره: السَّبَدُ من الشَّعَر واللَّبَد من الصُّوف، أَي مَا لَهُ ذُو شَعَر وَلَا ذُو صُوفٍ وَوَبَر، وَكَانَ مالَ الْعَرَب الْخَيل وَالْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر فَدخلت كلهَا فِي هَذَا الْمثل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلْبِدُ الفحلُ من الإِبل يضْرب فَخذيهِ بِذَنبِهِ فَيَلْصَقُ بهما ثَلْطُهُ وبَعَرُه؛ قَالَ والمُلْبد أَيْضا: اللاصق بِالْأَرْضِ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه كَانَ يحلب فَيَقُول: أَأَلْبِدْ أَمْ أَرْغي فَإِن قَالُوا: أَلْبِدْ أَلْصَق العُلبة بالضَّرْع، فَحَلَبَ وَلَا يكون لِذلك الحَلْب رَغْوَة، فَإِن أَبانَ العُلْبَة رغا الشَّخْبُ بشدَّة وُقُوعه فِي العُلْبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلَبِّدُ من الْمَطَر: الرَّشُّ، وَقد لَبَّدَ الأرضَ تلبيداً.
وَفِي حَدِيث عُمر أَنه قَالَ: من لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضفَرَ فَعَلَيهِ الحَلْق. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لَبَّد يَعْنِي أَن يجعلَ فِي رَأسه شَيْئا من صَمْغ أَو غِسْلٍ ليَتَلَبَّدَ شَعْره وَلَا

(14/92)


يَقْمُل، هَكَذَا قَالَ يحيى بن سعيد، وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا التَّلْبيدُ بُقْيا على الشَّعَر لِئَلَّا يَشْعَث فِي الْإِحْرَام؛ وَلذَلِك أوجب عَلَيْهِ الْحلق كالعُقوبة لَهُ، قَالَ ذَلِك سُفْيان بن عُيَيْنَة.
وَقَالَ شمر: أَلْبَدْتُ القِرْبَة أَي صَيَّرْتها فِي لَبِد وَهُوَ الجُوالِق الصَّغِير وَأنْشد:
قُلْتُ ضَعِ الأدْسم فِي اللَّبيد
قَالَ: يُرِيد بالأدْسم نِحْيَ سَمَن واللَّبيدُ لِبْدٌ يُخاطُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن السّكيت: أَلْبَدَت الْإِبِل إِذا أَخرج الربيعُ أَلْوانها وأوبارها وتهيَّأَتْ لِلسِّمَنِ، وَقَالَ: أَلْبَدْتُ القِربة إِذا صيرتَها فِي لَبيد وَهُوَ الجُوالق الصَّغِير، وَيُقَال: قد أَلْبَدتُ الفرسَ فَهُوَ مُلْبَدٌ، وَقَالَ الْكسَائي: أَلْبدْتُ السَّرج عملت لَهُ لِبْداً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: لَبِدَتِ الْإِبِل تَلْبد لَبَداً: إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان وَهُوَ الْتِواءٌ فِي حَيازيمها وَفِي غَلاصِمِها إِذا أكثرت مِنْهُ فَتَغَصُّ بِهِ وَلَا تمْضِي، فَيُقَال: هَذِه إبل لَبَادَى ونَاقَةٌ لَبِدَةٌ، شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: لَبَد الرجل بِالْمَكَانِ يَلْبُدُ لُبوداً إِذا أَقَامَ، وَمِنْه قَول حُذَيْفَة حِين ذكر الْفِتْنَة قَالَ: فَإِذا كَانَ ذَلِك، فالْبُدوا لُبُود الرَّاعِي خلف غنمه، أَي اثبتوا والزموا مَنَازِلكُمْ كَمَا يعْتَمد الرَّاعِي على عَصَاهُ ثَابتا لَا يَبْرَحُ، ولَبَد الشيءُ بالشَّيْء يَلْبُد: إِذا ركِبَ بعضُه بَعْضًا.
بدل: أَبُو عبيد عَن الفرّاء: بَدَلٌ وبِدْلٌ ومَثَلٌ ومِثْلٌ وشَبَهٌ وشِبْهٌ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: هَذَا بِدُلُ هَذَا وبَدَلُه.
قَالَ: وَوَاحِد الأَبدال يُرِيد العُبَّاد أَيْضا: بِدْلٌ وبَدَلٌ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي حَدِيث رَوَاهُ بِإِسْنَاد لَهُ عَن عَليّ أَنه قَالَ: الأبدال بِالشَّام والنُّجَبَاء بِمصْر والعَصائِبُ بالعراق، قَالَ ابْن شُمَيْل: الأبدال: خيارٌ بَدَلٌ من خِيَار، والعصائب: عُصْبَةٌ وعصائب يَجْتَمعُونَ فَيكون بَينهم حَرْب، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: قَالَ الْفراء يُقَال: أبدَلْتُ الْخَاتم بالحلْقَة: إِذا نَحَّيْتَ هَذَا وَجعلت هَذَا مَكَانَهُ، وبَدَّلْتُ الْخَاتم بالحلقة: إِذا أَذَبْتَه وسوَّيته حَلقَةً، وبدلتُ الْحلقَة بالخاتم إِذا أَذَبْتَها وجعلتها خَاتمًا، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحقيقتُه أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورَة إِلَى صُورَة أُخْرَى، والجوهرةُ بِعَينهَا، والإبدال تَنْحِيَةُ الْجَوْهَرَة واستئنافُ جَوْهَرَة أُخْرَى وَمِنْه قَول أبي النَّجْم:
عَزْلُ الأَمير للأمير المبدَلِ
أَلا ترى أَنه نَحَّى جِسْماً وَجعل مَكَانَهُ جِسماً غيرَه، قَالَ أَبُو عمر: وعرضتُ هَذَا على الْمبرد فَاسْتَحْسَنَهُ، وَزَاد فِيهِ، فَقَالَ: قد جَعَلَتِ الْعَرَب بدَّلتُ بِمَعْنى أَبدلت وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (الْفرْقَان: 70) أَلا ترى

(14/93)


أَنه قد أَزَال السيئاتِ وَجعل مَكَانهَا حسناتٍ قَالَ: وأمَّا مَا شَرَط أحمدُ بنُ يحيى فَهُوَ معنى قَول الله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} (النِّسَاء: 56) . قَالَ: فَهَذِهِ هِيَ الْجَوْهَرَة، وتبديلها: تغييرُ صورتهَا إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهَا كَانَت ناعمةً فاسودَّتْ بِالْعَذَابِ، فرُدَّتْ صورةُ جُلُودهمْ الأولى لما نَضِجَتْ تِلْكَ الصُّورَة، فالجوهرة وَاحِدَة وَالصُّورَة تخْتَلف.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: استبدل ثوبا مَكَان ثوبٍ أَو أَخا مَكَان أخٍ، ونَحو ذَلِك الْمُبَادلَة. أَبُو عبيد عَن الْفراء: البَآدل واحدتها بَأْدَلَة، وَهِي مَا بَين العُنُق إِلَى التَّرْقُوة وأنشدنا:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيف لَا مُتَآزفٌ
وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدله
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله، وَقَالَ: وَاحِدهَا بَأدلٌ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَأْدَلة: لَحْم الصّدْر وَهِي البَادِرَة والبَهْدَلَةُ وَهِي الفَهْدَةُ.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَقول للَّذي يَبِيع كل شَيْء من المأكولات: بَدّال. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والعامة تَقول: بَقَّال.
د ل م
دلم، دمل، لدم، ملد، مدل، لمد: مستعملة.
مدل: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل مِدْلٌ ومِذْلٌ بِكَسْر المِيم فيهمَا وَهُوَ الخفِيُّ الشَّخْص القليلُ الْجِسْم، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ المَدْل بِفَتْح الْمِيم للخسيس من الرِّجَال.
لمد: أهمله اللَّيْث وروى عَمْرو عَن أَبِيه: اللّمذ: التَّوَاضُع بالذَّال.
ملد، (أملود) : أهمله اللَّيْث المَلد مصدر؛ الشَّاب الأملد وَهُوَ الناعم وأَنشد فَقَالَ:
بعد التَّصابي والشباب الأَمْلَدِ
يُقَال: امرأَة مَلْدَاءُ وأُمْلُدَانِيّةٌ وشابٌّ أُملود وأُمْلدَانيُّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأُمْلودُ من النِّسَاء الناعمةُ المستويةُ الْقَامَة، وَقَالَ غَيره: غُصْنُ أُملود وَقد مَلَّدَه الرّي تمليداً، وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن شَبَابةَ الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: غُلامٌ أُمْلودٌ وَأُفْلوذٌ إذَا كَانَ تَاما مُحْتَلماً شَطْباً.
دلم: قَالَ اللَّيْث: الأَدْلَمُ من الرِّجَال الطويلُ الْأسود، وَمن الْخَيل كَذَلِك فِي مُلُوسة الصخر غير جِدَ شديدِ السوَاد وَقَالَ رؤبة:
كَأَن دَمْخاً ذَا الهِضَابِ الأدْلَمَا
يصف جبلا. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأَدْلَمُ من الأَلْوانِ هُوَ الأَدْغَم؛ وَقَالَ شمر: رجلٌ أَدْلَمُ وجبل أَدْلَمُ، وَقد دَلِمَ دَلَماً، وَقَالَ عنترة:

(14/94)


وَلَقَد هَمَمْتُ بغارةٍ فِي ليلةٍ
سوْدَاء حالِكَةٍ كَلَوْن الأَدْلَمِ
قَالُوا: الأَدلَم هُنا الأَرَنْدَجُ، وَيُقَال للحية الأَسْود: أَدْلَمُ، وَيُقَال: للأَدْلامِ: أَوْلادُ الحيَّاتِ وَاحِدهَا دُلْمٌ.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّيْلَمُ النَّمْل، والدَّيْلَم السُّودَان، والدَّيْلَم الأعْدَاءُ، والدَّيْلَم مَاء لبني عَبْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّيْلَم جِيلٌ من النَّاس، وَقَالَ غيْرُه: من ولد ضَبَّة بن أُدَ وَكَانَ بعض مُلوك الْعَجم وَضَعَهم فِي تِلْكَ الْجبَال فربلوا بهَا، وَأما قَول رؤبة:
فِي ذِي قُدَامَى مُرْجَحِن دَيْلَمُهْ
فَإِن أَبَا عَمْرو قَالَ: كَثْرتُه كَكَثْرةِ النَّمل، وَهُوَ الدَّيْلَم، قَالَ: وَيُقَال للجيش الْكثير: دَيْلَم، أَرَادَ فِي جيشٍ ذِي قُدَامى والمُرْجَحِنُّ الْقَدِيم الثقيلُ الْكثير، وَأما قَول عنترة:
زَوْرَاءُ تَنْفِرُ عَن حِياض الدَّيْلَمِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: عَن حِيَاض الأَعداء، وَقيل: عَن حِيَاض مَاءٍ لبني عبس، وَقيل: أرادَ بالدَّيلم بني ضَبَّة سُمُّوا دَيْلماً لدُغْمَةٍ فِي ألوانهم، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّلامُ شَجَرَة تَنْبتُ فِي الْجبَال نُسَمِّيها الدَّيْلَمَ.
لدم: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْمُ ضربُ الْمَرْأَة صَدْرَها، والْتَدَم النِّساء إِذا ضَربْنَ وجوههن فِي المآتم وَأنْشد الأصمعيّ:
ولِلفؤاد وَجِيبٌ تَحتَ أَبْهَرِهِ
لَدْمَ الغُلام وراءَ الغَيْب بالحَجرِ
قَالَ: اللَّدْم الضربُ والْتِدَامُ النِّسَاء من هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا: اللَّدْمُ ضربُك خبْزَ الملَّة إِذا أَخْرجْتَه مِنْهَا.
وَقَالَ غَيره: اللَّدم واللَّطم وَاحِد، ورُوي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَن الْحسن قَالَ لَهُ فِي مَخْرَجه إِلَى الْعرَاق: إنَّه غير صَوَاب، فَقَالَ: وَالله لَا أكون مثل الضَّبُع تسمعُ اللَّدمَ فَتُصَادَ، ذَلِك أَن الصياد يَجِيء إِلَى جُحْرها فَيُصَوِّتُ بحجرٍ فتخرجُ الضَّبُعُ فيأخذُها وَهِي من أَحمَق الدَّوَابّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلَدَّم والمُرَدَّمُ من الثِّيَاب المرقع، وَهُوَ اللَّدِيم، قَالَ أَبُو عَمْرو وَقَالَ الْفراء: المِلْدم الرجلُ الأحمقُ الضخم الثقيل، وَقَالَ اللَّيْث: أمُّ مِلْدَمٍ كُنْيَةُ الحمَّى، والعربُ تَقول: قَالَت الحُمَّى: أَنا أُمُّ مِلْدَم، آكلُ اللحمَ وأمُصُّ الدمَ، وَيُقَال لَهَا: أمُّ الهِبْرِزِيِّ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الْأَنْصَار لما أَرَادوا أَن يبايعوه فِي شِعْبِ العَقَبة بِمَكَّة، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم بن التَّيْهان: يَا رَسُول الله: إنَّ بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبالاً وَنحن قَاطِعُوهَا فَنَخْشَى إنْ الله أَعزَّك وأظهركَ أَنْ ترجعَ إِلَى قَوْمك، فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ أُحَارب من حَارَبْتُمْ

(14/95)


وأسالمُ مَن سَالَمْتُمْ) . وَرَوَاهُ بَعضهم اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، فَمن رَوَاهُ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ فَإِن المنذريّ أَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الْعَرَب تَقول: دَمِي دَمُك وهَدَمِي هَدَمُك فِي النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمتُ، قَالَ وأنشدني العُقَيْليّ:
دَمًا طَيِّباً يَا حَبَّذا أنْتَ من دَمِ
قلت: وَقَالَ الْفراء: العربُ تُدخل الْألف وَاللَّام اللَّتَيْنِ للتعريف على الِاسْم فيقومان مقَام الْإِضَافَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {يَرَى فَأَمَّا مَن طَغَى وَءاثَرَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 37 39) أَي الْجَحِيم مَأْوَاه وَكَذَلِكَ قَوْله: {لله)) الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 40، 41) . فَإِن الْجنَّة مَأْوَاه، وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ أَن الْجنَّة هِيَ المأوى لَهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كل اسْم يدل على مِثْلِ هَذَا الْإِضْمَار، فعلى قَول الْفراء قَوْله: الدَّمُ الدمُ أَي دمُكم دمِي وهَدَمُكم هَدَمِي، وَأما من رَوَاهُ: بل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدمُ الهَدَمُ فَإِن أَبَا الْعَبَّاس روى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا أَنه قَالَ: اللَّدَمُ: الحُرَمُ، قَالَ: والهَدَمُ القَبْر فَالْمَعْنى حُرَمُكم حُرَمي وأُقْبَر حيثُ تُقْبَرُون، وَهَذَا كَقَوْلِه: الْمَحيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم لَا أفارقكم، وَذكر القتيبي: أَن أَبَا عُبيدة قَالَ فِي معنى هَذَا الْكَلَام: حُرْمَتِي مَعَ حُرْمَتكم وبَيْتي مَعَ بيتِكم وأَنشد:
ثمَّ الحقي بِهَدمي ولَدَمِي
أَي بأصْلِي وموْضِعِي قَالَ: وأصل الهَدَمِ مَا انْهَدَمَ تَقول: هَدَمْتُ هَدْماً وَالْمَهْدُومُ هَدَمٌ وبِهِ سُمِّي منزلُ الرجل هَدَمَا لانهدامه قَالَ: وَيجوز أَن الهَدمَ القبرُ سمي بذلك لِأَنَّهُ يُحْفَرُ ثمَّ يُرْدم ترابه فِيهِ، فَهُوَ هَدَمهُ قَالَ: واللَّدَم الحُرَمُ جمع لاَدِم سُمِّي نسَاء الرجل وحرمُه: لَدَما لِأَنَّهُنَّ يَلْتَدِمْنَ عَلَيْهِ إِذا مَاتَ.
ابْن هانىء عَن ابْن زيد يُقَال: فلَان فَدْمٌ ثَدم لَدْم بِمَعْنى وَاحِد.
دمل: قَالَ اللَّيْث: الدَّمَال السِّرْقينُ وَنَحْوه، وَمَا رَمى بِهِ البحرُ من خُشَارَة مَا فِيهِ من الْخلق مَيتا، نَحْو الأصداف والمناقِيفِ والنَّبَّاح فَهُوَ دَمال وَأنْشد:
دَمالُ البحُور وحِيتانها
وَفِي حَدِيث سَعْد بنِ أبي وقَّاص: أَنه كَانَ يَدْمُل أرضَه بالعُرةِ، قَالَ أَبو عبيد قَالَ الْأَحْمَر فِي قَوْله: يَدْمُل أرضَه، أَي يُصْلِحها ويُحسِن معالجتها، وَمِنْه قيل للجُرح: قد انْدَمَل إِذا تَماثَل وصَلَح، وَمِنْه قيل: دَامَلْتُ الرجلَ إِذا داريته لتُصلح مَا بَيْنك وَبَينه وَأنْشد:
شَنِئْتُ من الإخوان من لستُ زَائِلاً
أُدامِله دَمْلَ السِّقاء المُخرَّقِ
قَالَ: وَيُقَال للسِّرجين: الدَّمال لِأَن

(14/96)


الأَرْض تُصْلَح بِهِ، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للتَّمرِ العَفِنِ: الدَّمال، وَقَالَ اللَّيْث: الاندِمال التماثُلُ من الْمَرَض وَالْجرْح، وَقد دَمَلَه الدواءُ فاندمل، قَالَ: والدُّمَّل مُسْتَعْمل بِالْعَرَبِيَّةِ يجمع دَمَامِيل وَأنْشد:
وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
وَقَالَ غَيره: قيل لهَذِهِ القُرحَةِ: دُمَّلٌ لِأَنَّهَا إِلَى الْبُرْء، والاندمال مَاضِيَة انْتهى، وَالله أعلم بذلك.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالنُّون)
د ن ف
دنف، دفن، نفد، ندف، فند، فدن: مستعملات.
دنف: قَالَ اللَّيْث: الدَّنَفُ الْمَرَض المخامِر اللاَّزِمُ، وَصَاحبه دَنِفٌ ومُدْنِفٌ وَقد دَنِفَ يَدْنف وَقد أدْنَفَ فهُو مُدنَفٌ وَامْرَأَة دَنَفَةٌ، فَإِذا قلت: رجل دَنَفٌ لم تُثنِّ وَلم تجمع وَلم تؤنِّثْ قَالَ العجاج:
والشَّمْسُ قد كادتْ تكون دَنَفَا
أَي حِين اصفَرَّت.
سَلمَة عَن الْفراء: رجل دَنَفٌ وضَنًى، وقومٌ دَنَفٌ وَضَنًى وَيجوز أَن يُثَنَّى الدنف وَيجمع فَيُقَال: أَخَوَاك دَنَفان وإخوتك أدْنافٌ، وَإِذا قلتَ: رجلٌ دَنِفٌ بِكَسْر النُّون ثَنَّيْتَ وجمعت لَا محَالة، فقلتَ: رجل دَنِفٌ ورجلان دَنِفان وَامْرَأَة دَنِفةٌ ونسوة دَنِفاتٌ.
ندف: قَالَ اللَّيْث: النَّدْفُ طَرْق القَطن بالمِنْدَفِ والفِعل: يَنْدِف، وَالدَّابَّة تَنْدِفُ وَهُوَ مسيرها نَدْفاً، وَهُوَ سرعَة رَجَعَ الْيَدَيْنِ، والنَّدِيفُ القُطن الَّذِي يُبَاع فِي السُّوق مَنْدوفاً، والنَّدفُ شُرْبَ السبَاع الماءَ بألسنتها، وَقَالَ غَيره: النَّدَّاف الضَّراب بالعُود وَقَالَ الْأَعْشَى:
وصَدُوحٍ إِذا يُهَيِّجُها الشُّرْ
بُ تَرَقَّتْ فِي مِزْهَرٍ مَنْدُوف
أَرَادَ بالصَّدُوح جَارِيَة تُغنّي؛ وَقَالَ الأصمعيّ: رجل نَدَّافٌ كثير الْأكل والنَّدْفُ الْأكل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَفَ الرجلُ إِذا مَال إِلَى النَّدف وَهُوَ صَوْتُ الْعود فِي حِجْر الكَرِينَةِ.
فند: قَالَ اللَّيْث: الفَنَدُ إِنْكَار الْعقل من الهَرَم يُقَال: شيخ مُفْنِدٌ وَلَا يُقَال: عَجُوز مُفْنِدَةٌ لِأَنَّهَا لم تكن فِي شَبِيبَتها ذَات رَأْي فَتُفَنَّد فِي كِبَرِها، وَقَالَ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن يَعْقُوب: {لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} (يُوسُف: 94) .
قَالَ الْفراء يَقُول: لَوْلَا أَن تكذِبون وتُعجزون وتضعفون.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا كثر كَلَام الرجل من خَرَف فَهُوَ المفْنِدُ أَو المفنَّدُ، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَنَّدَ رأيَهُ إِذا

(14/97)


ضَعَّفَه، وفَنَّدَ الرجلُ إِذا جَلَس على فِنْدٍ وَهُوَ الشِّمْراخُ الْعَظِيم من الجَبَل، وَبِه سُمِّيَ الفِنْد الزِّمَّانِيُّ فِنْداً واسْمه شَهْلُ بن شَيْبَانَ وَكَانَ يُقال لَهُ عَدِيدُ الْألف، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تُوفي غُسِّل وصلَّى عَلَيْهِ النَّاس أَفْناداً قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب: أَي فُرادَى فُرَادَى بِلَا إِمَام، وحُزِرَ المصلون ثَلَاثِينَ ألفا وَمن الْمَلَائِكَة سِتِّينَ ألفا لِأَن مَعَ كل مُؤمن مَلَكين.
وَقَالَ قُطْرب: الفِنْد فِنْدُ الجَبل، والفِنْدُ الغُصْن مِن الشّجر، والفِنْدُ أَرضٌ لم يُصبْها الْمَطَر، وَهِي الفِنْدِيَّةُ وَيُقَال: لَقِينا بهَا فِنْداً من النَّاس، أَي قوما مُجْتَمعين، وأَفْنَادُ اللَّيْل أركانُه وبأَحَد هَذِه الْوُجُوه سُمِّي الزِّمَّانِيُّ فِنْداً.
قلت: وَتَفْسِير أبي الْعَبَّاس فِي قَوْله: صلوا عَلَيْهِ أَفْناداً، أَي فُرادَى لَا أعلمهُ إِلَّا من الفِنْد من أَفْناد الْجَبَل، والفِنْد من أَغْصان الشّجر، شُبّه كلُّ رجل مِنْهُم بِفِنْدٍ من أَفْناد الجَبل، وَهِي شَماريخُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفِنْدَأْيةُ الفأسُ وَجمعه فَنادِيدُ على غير قِيَاس.
وَقَالَ الْفراء: المُفَنَّدُ الضعيفُ الرَّأْي، وَإِن كَانَ قويَ الْجِسْم، وَإِن كَانَ رأيهُ سديداً قَالَ: والمِفَنَّد الضَّعِيف الرَّأْي والجسم مَعًا.
وروى شمر فِي حَدِيث وائلة بنِ الأسْقَع أَنه قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (أتزعمون أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا إنِّي من أوَّلكم وَفَاة تَتْبعونَنِي أفناداً يهْلك بعضُكم بَعْضًا) . قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يَصِيرون فِرَقاً، وحَدثني الشّعبِيّ السَّعْدِيّ عَن ابْن أَبي شَيْبة عَن جَعْفَر بن عَوْن عَن عِيسَى بنِ المُسَيّب عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن يحيى بن حبَّان عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَسْرَعُ النَّاس بِي لُحوقاً قَوْمي تَسْتَجْلبُهم المنايا وتَتَنافَسُ عَلَيْهِم أُمَّتهُم وَيعيش النَّاس بعدهمْ أَفْناداً يَقْتُل بعضُهم بَعْضًا) .
قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يصيرون فِرَقاً مُختلفين، يقتل بعضُهم بَعْضًا. يُقَال: هم فِنْدٌ على حِدَةٍ أَي فِرْقةٌ على حِدَة.
وروى شمر فِي حَدِيث آخر: (أَن رجلا قَالَ للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أُرِيد أَن أفَنِّد فَرَساً فَقَالَ: عَلَيْك بِهِ كُمَيْتاً أَو أَدْهَمَ أَقْرَحَ أَرْثَمَ مُحَجَّلاً طَلْقَ اليُمْنَى) .
قَالَ شمر: قَالَ هَارُون بن عبد الله، وَمِنْه كَانَ سُمِع هَذَا الحَدِيث: أُفَنِّد، أَي أَقْتَنِي، وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكر الحَدِيث، قلت: قَوْله: أُفَنِّد فرسا أَي أتَّخِذُه وأَرتبطه كَأَنَّهُ حِصْنٌ ألْجأ إِلَيْهِ كَمَا ألجأ إِلَى الفِنْد من الْجَبَل، وَهَذَا أحسن من قَوْله أفند أَي أقتني مَأْخُوذ من فِنْدِ الجَبَل وَهُوَ الشِّمْراخ الْعَظِيم مِنْهُ، وَلست أَعْرِف أُفَنِّد بِمَعْنى

(14/98)


أَقْتَنِي.
نفد: قَالَ اللَّيْث: أنفد الْقَوْم إِذا نَفِدَ زادُهم، ونَفِدَ الشَّيْء يَنْفَدُ نَفَاداً واستنْفَدَ القومُ مَا عِنْدهم وأنْفَدُوه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَافَدْتَ الخصمَ مُنافَدةً أَي حَاججتَه حَتَّى تَقْطَع حُجته وَأنْشد فَقَالَ:
وَهُوَ إِذا مَا قِيل هَل من وافِدٍ
أَو رَجُلٍ عَن حَقِّكُم مُنَافِدِ
يكون للْغَائِب مِثلَ الشَّاهِدِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل مُنَافِدٌ جَيِّدُ الاستفراغِ لحجج خَصمه حَتَّى يُنْفِدَها فَيَغْلِبَه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي فلانٍ مُنْتَفَدٌ عَن غَيره كَقَوْلِك مَنْدُوحَةٌ، وَقَالَ الأخطل فِي شعره:
لقد نَزلتُ بِعَبْد الله مَنزلةً
فِيهَا عَن العَقْبِ مَنْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
أَبُو زيد يُقَال: إنّ فِي مَاله لَمُنْتَفَداً أَي لَسعةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جلس فلَان مُنْتَفَداً ومُعْتنِزاً مُتَنَحِّياً.
دفن: قَالَ اللَّيْث: دَفَنَه يَدْفِنُه دَفْناً، والدَّفين بِئْر أَو حَوْض، أَو مَنْهل، سَفَتْ الريحُ فِيهِ الترابَ حَتَّى ادَّفَن، وَأنْشد:
دِفْنٌ وَطَامٍ مَاؤُهُ كالجِرْيال
قَالَ: والمِدْفَان السِّقاء البَالي والمنْهَلُ الدَّفينُ أَيضاً وَهُوَ مِدْفانٌ بِمَنْزِلَة المَدْفُون، قَالَ: والمِدْفَانُ أَيْضا مِن النَّاس وَالْإِبِل هُوَ الَّذِي يَأْبَقُ ويذهبُ على وَجهه من غير حَاجَةٍ، وإنّ فِيهِ لَدفْناً، والداءُ الدَّفينُ الَّذِي لَا يُعلم بِهِ حَتَّى يَظهرَ مِنْهُ شَرٌّ وعَرٌّ.
وَفِي حَدِيث شُرَيْح: أَنه كَانَ لَا يَرُدّ العبدَ من الادِّفان، ويَردّه من الْإِبَاق الباتّ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الادِّفان أَن يزُوغَ العَبْد من موَالِيه اليومَ واليومين، يُقَال مِنْهُ: عبد دَفُونٌ إِذا كَانَ فَعولاً لِذلك.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الادِّفان أَن لَا يَغيب من الْمصر فِي غَيْبته.
قَالَ أَبُو عبيد: وروى يزِيد بن هَارُون هَذَا عَن هِشَام بن مُحَمَّد عَن شُريح: قَالَ يزِيد: الادِّفَان أَن يَأبَق العَبد قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر الَّذِي يُباعُ فِيهِ، فَإِن أبَق من المِصْر فَهو الْإِبَاق الَّذِي يُرَدُّ بِهِ قَالَ أَبُو عبيد: أما كلامُ الْعَرَب فعلى مَا قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَأما الحُكْم فعلى مَا قَالَ يزِيد، أَنه إِذا سُبِيَ فأَبق قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر، فَوُجِدَ فَلَيْسَ ذَلِك بإِبَاقٍ يُرَدُّ مِنْهُ، فَإِذا صَار إِلَى الْمصر فأَبق فَهَذَا يُرَد مِنْهُ فِي الحكم، وَإِن لَمْ يَغِبْ عَن الْمصر، قلت: وَالْقَوْل على مَا قَالَه أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَالْحكم على مَا فَسَّرَاه أَيْضا لِأَنَّهُ

(14/99)


إِذا غَابَ عَن موَالِيه فِي الْمصر اليومَ واليومين فَلَيْسَ بإِبَاقٍ باتَ، وَلست أَدْرِي مَا الَّذِي أَوْحشَ أَبَا عُبيد من هَذَا، وَهُوَ الصَّوَاب فِي اللُّغَة وَالْحكم عَلَيْهِ أقاويل الْفُقَهَاء. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَاقةٌ دَفُونٌ إِذا كَانَت تَغيبُ عَن الْإِبِل وتركبُ رأسَها وحْدَها، وَقد ادَّفَنَتْ ناقتُكم.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَسَبٌ دَفونٌ إِذا لم يكن مَشْهُورا، وَرجل دَفُونٌ كَذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: رجلٌ دَفْنُ الْمُرُوءَة ودفينُ الْمُرُوءَة إِذا لم تكن لَهُ مُروءَة.
قَالَ لبيد:
يُبارِي الريحَ لَيْسَ بجانِبِيَ
وَلَا دَفْنٍ مُروءتُه لَئِيم
أَبُو عبيد: الدَّفَنِيُّ ضَرْب من الثِّيَاب، والدَّفينةُ والدَّثينةُ منزلٌ لبني سُليم.
فدن: قَالَ اللَّيْث: الفَدَنُ القَصْرُ المَشِيدُ، وَجمعه أَفْدانٌ.
وَأنْشد:
كَمَا تَرَاطَنَ فِي أَفْدانِها الرُّومُ
قَالَ: والفَدَانُ يَجمعُ أَدَاةَ ثَوْرين فِي القِرَان بتَخْفِيف الدَّال.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الفَدّان وَاحِد الفَدَادِين، وَهِي البَقَر الَّتِي يُحرث بهَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: أَنْشدني أَبُو خَليفة الحُصيني لرجل يصف الجُعُلَ:
أسْوَدُ كالليل ولَيسَ باللَّيْلِ
لَه جَناحَان وَلَيْسَ بالطَّيْرِ
يَجُرُّ فَدَّاناً وليْس بالثَّوْرِ
فَجَمع بَين الرَّاء وَاللَّام فِي القَافِية وشدَّد الفدَّان.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: هُوَ الفَدَانُ بتَخْفِيف الدَّال.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: تَقول العامةُ: الفَدَّانُ، وَالصَّوَاب الفَدَانُ بِالتَّخْفِيفِ.
د ن ب
دنب، ندب، بند، بدن، دبن: مستعملة.
دبن: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبْنَةُ اللُّقْمَةُ الكبيرةُ وَهِي الدُّبلة أَيْضا.
دنب: أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّبَةٌ ودنَّابَةٌ ودِنّمةٌ ودِنَّامَةٌ وَهُوَ الْقصير.
وَأنْشد أَبُو الهيْثم:
والمرءُ دِنَّبَةٌ فِي أنْفِه كَزمُ
البند: قَالَ اللَّيْث: البَنْدُ: حِيَلٌ مستعملةٌ، يُقَال: فلَان كثير البُنُود: أَي كثير الحِيَل.
قَالَ: والبَنْدُ أَيْضا كلُّ عَلَم من الْأَعْلَام يكون لِلقائد، والجَمْع بُنُود يكون مَعَ كل بَنْدٍ عشرةُ آلَاف رجل، أَو أقلّ أَو أَكثر.
وَقَالَ شمر: قَالَ: الهُجَيْمِي: البَنْدُ عَلَمُ الفُرْسان.

(14/100)


وَأنْشد الْمفضل:
جَاؤُوا يَجُرُّونَ البُنُود جَرّاً
ندب: أَبُو عبيد: النّدَبُ الْأَثر.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ أثر جُرح قد أجْلَبَ. وَقَالَ ذُو الرمة:
ملساء لَيْسَ بهَا خالٌ وَلَا ندَب
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْبُ الغلامُ الحارُّ الرَّأس الخفيفُ الرّوح.
قَالَ: والنَّدَبُ الْأَثر، وَمِنْه قَول عمر: إيَّاكُمْ ورَضاعَ السَّوْءِ فَإِنَّهُ لَا بدَّ مِن أَن يَنْتَدِبَ أَي يظهرَ يَوْمًا مَّا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هَذَا رجل نَدْبٌ فِي الْحَاجة، إِذا كَانَ خَفِيفا فِيهَا.
قَالَ: والندَبُ أثرُ الجُرح إِذا لم يرْتَفِع عَن الجِلد، والجميعُ نُدوبٌ وأَنْدَابٌ، والنّدَبُ الخَطَر أَيْضا.
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيدٌ وَلم أَقُمْ
على نَدبٍ يَوْمًا ولي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزَيدٌ: بَطْنَان مِن بطونِ الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السّبَقُ والخَطَرُ والنّدَبُ والقَرَعُ والوَجْب كلُّه الَّذِي يُوضع فِي النِّضال والرهان، فَمن سَبَق أخَذَه، يُقَال فِيهِ كلُّه: فَعَّلَ مُشَدداً إِذا أَخذه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْبُ الْفرس الْمَاضِي نَقِيضُ البَليد والفِعْل نَدُبَ ندَابَةً والنَّدْبُ أَن تَدْعُو النادبةُ بالميتِ بِحُسْنِ الثَّنَاء فِي قَوْلهَا وافُلانَاه، واهَناه وَاسم ذَلِك الْفِعْل النُّدْبَةُ، والنّدْبُ أَن يَنْدُب إنسانٌ قوما إِلَى أَمر أَو حَرْبٍ أَو مَعُونة أَي يَدعُوهُم إِلَيْهِ، فيَنْتدبون لَهُ أَي يُجيبون ويسارعون. وانتَدب الْقَوْم من ذَات أنفسهم أَيْضا دونَ أَن يُنْدَبوا لَهُ، وجُرْحٌ ندِيبٌ أَي ذُو نَدبٍ.
وَقَالَ ابْن أم خَزْنَةَ يَصف طَعنَةً:
فَإِن قَتَلَتْهُ فَلَمْ آله
وَإِن يَنْجُ مِنها فَجُرحٌ نَدِيب
عَمْرو عَن أَبِيه: خُذْ مَا اسْتَبَضَّ واسْتَضَبَّ وانْتَدَمَ وانْتَدَبَ ودمَعَ ودَمَغَ وأَرْهَفَ وأَرْخَفَ وتَسَنَّى وفَصَّ وَإِن كانَ يَسِيرا.
بدن: قَالَ اللَّيْث: البَدَن مِن الْجَسَد مَا سِوَى الشّوَى والرأْس، والبَدن شِبْهُ دِرْع إِلَّا أَنه قصير قَدر مَا يكون على الجَسَد فَقَط قَصير الكُمَّيْن والجميعُ الْأَبدَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: نُنَجِّيك بدِرْعِك، وَذَلِكَ أَنهم شكُّوا فِي غَرَقِه فَأمر الله الْبَحْر أَن يقذفه على دَكَّةٍ فِي الْبَحْر بِبَدنِه أَي بدرْعِه، فاستَيْقَنوا حِينَئِذٍ أَنه قد غَرِقَ.
وَفي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا تُبَادروني بِالرُّكُوعِ وَلا السُّجُود فإنَّه مهما أسبقْكم بِهِ إِذا ركعتُ تدْركوني إِذا رَفَعْتُ، ومَهما

(14/101)


أسبقْكم بِهِ إِذا سَجَدتُ تدركوني بِهِ إِذا رفعت إنِّي قد بَدُنْت) هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيث: بدُنْتُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: إِنَّمَا هُوَ قد بَدَّنْتُ يَعْنِي كبرْتُ وَأسْنَنْتُ، يُقَال: بدَّن الرجل تَبْدينا إذَا أَسَنَّ.
وَأنْشد:
وكنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتبْدِينَا
والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا
قَالَ وَأَمَّا قَوْله: قد بَدُنْتُ فَلَيْسَ لَهُ معنى إِلَّا كثرةُ اللَّحْم.
وَقَالَ ابْن السكِّيت يُقَال: بَدَنَ الرجل يَبْدُن بَدْناً وبَدَانَة فَهُوَ بَادنٌ إِذا ضخُم، وَهُوَ رجل بَدَنٌ إِذا كَانَ كَبِيرا.
قَالَ الْأسود:
هَلْ لِشبابٍ فاتَ من مَطْلَبِ
أم مَا بَقَاء البَدنِ الأشْيَبِ
وَقَالَ اللَّيْث: رَجلٌ بادنٌ ومُبَدن وَامْرَأَة مُبدنةٌ وهما السمينان، والمُبدَّنُ المُسِنُّ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أُتِيَ بِبدَنَاتٍ خَمْسٍ فَطَفِقْنَ يزْدَلِفْنَ بِأَيَّتِهنَّ يَبْدأُ) .
قَالَ اللَّيْث وَغَيره: البدَنةُ بِالْهَاءِ تقع على النَّاقة وَالْبَقَرَة وَالْبَعِير الذّكر مِمَّا يجوز فِي الهَدْيِ، وَالْأَضَاحِي، وَلَا تقع على الشَّاة، سميت بَدَنةً لِعِظَمها، وَجمع البَدنة البُدْن.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} (الْحَج: 36) قَالَ الزَّجاج: بَدنَةٌ وبُدْنٌ، وَإِنَّمَا سميت بَدَنةً لِأَنَّهَا تَبْدُنُ أَي تَسْمَن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: بَدَنَتْ الْمَرْأَة وبَدُنَتْ بَدْناً قلت: وَغَيره يَقُول: بُدْناً وبدَانة على فَعالة أَي سَمِنَتْ.
د ن م
دنم، دمن، مدن، نَدم، مند: مستعملة.
دنم: أَبُو عُبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّمةٌ ودِنَّامَةٌ إِذا كَانَ قَصِيرا نَدم.
(نَدم) : وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّدَبُ والنَّدَمُ الأَثر.
وَقَالَ أَبو عَمرو يُقَال: خُذْ مَا انْتَدَمَ وانْتَدَب وأَوْهَفَ أَي خُذْ مَا تَيَسَّر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدَمُ النَّدامةُ تَقول: نَدِمَ فَهُوَ نادِمٌ سادمٌ وَهُوَ نَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتَمٌّ، والجميع نَدامَى سَدامَى، ونَدِيمٌ سَدِيمٌ، والنديم شَرِيبُ الرجل الَّذِي ينادمه، وَهُوَ نَدْمانُه أَيْضا، والجميع النَّدَامَى والنُّدَماء، والتَّنَدُّمُ أَنْ يُتْبِعَ الإنسانُ أمرا نَدَماً. يُقَال: التَّقَدُّمُ قبْل التَّنَدُّم، وَهَذَا يرْوى عَن أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيَ أَنه قَالَ: إِن أردتَ المحاجَزَة فَقَبْلَ المناجَزَة والتَّقدُّم قبل التَّنَدُّم.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ انْجُ بِنَفْسِك قبل لِقَاء من لَا قِوَامَ لَك بِهِ.

(14/102)


قَالَ: وَقَالَ الَّذِي قتَل مُحَمَّد بنَ طلحةَ بن عبيد الله يَوْم الْجمل:
يُذَكِّرُنِي حاميمَ والرَّمحُ شاجِرٌ
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبل التقدُّم
مدن: قَالَ اللَّيْث: المدينةُ فَعِيلَة تُهْمَز فِي الفعائل لِأَن الْيَاء زَائِدَة وَلَا تهمز يَاء المعايش، لِأَن الْيَاء أَصْلِيَّة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: المدينةُ اسمُ مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام خاصّة، وَالنِّسْبَة للْإنْسَان مَدَنِيٌّ، فأَمَّا الطَّير وَنَحْوه فَلَا يُقَال إِلَّا مَدِينِيٌّ وحمامةٌ مَدِينيَّةٌ وَجَارِيَة مَدينيَّة وكلُّ أرضٍ يُبنَى بهَا حِصْنٌ فِي أُصْطُمَّتِها فَهِيَ مَدِينَة، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا مَدَني، وَيُقَال للرجل الْعَالم بِالْأَمر: هُوَ ابْن بَجْدَتها، وابنَ مَدينتِها، وَقَالَ الأخطل:
رَبَتْ وَرَبا فِي كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ
يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَوَكَّلُ
ابْن مدينةٍ أَي الْعَالم بأمرها، وَيُقَال لِلأَمَةِ: مَدينةٌ أَي مَمْلُوكَة وَالْمِيم مِيم مفعول، ومَدَن الرجلُ إِذا أَتَى الْمَدِينَة.
دمن: قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الدِّمْن مَا سَوَّدُوا من آثَار البَقَر وَغَيره قَالَ: والدِّمْن اسْم للْجِنْس مثل السِّدر اسْم للْجِنْس والدِّمَن جمع دِمْنَة ودَمِن مثل: سِدْرَةٍ وسِدَرٍ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إيَّاكُمْ وخَضْرَاءُ الدِّمَنِ، قيل: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: المرأةُ الحسناءُ فِي مَنْبِتِ السوء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أرادَ فَسَاد النّسَب إِذا خِيف أَن تكونَ لغيرِ رِشْدَةٍ، وَإِنَّمَا جعلهَا خَضْراء الدِّمَن تَشْبِيها بالبقلة الناضرة فِي دِمْنَة البَعَر، وأصلُ الدِّمْن مَا تُدَمِّنُه الْإِبِل وَالْغنم من أبعارها وَأَبْوَالهَا، فَلَمَّا نبتَ فِيهَا النباتُ الحسنُ وَأَصله فِي دِمْنَةٍ، يَقُول: فمنظرها أنيقٌ حسنٌ.
وَقَالَ زُفر بن الْحَارِث:
قَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى
وتَبْقَى حَزازاتُ النفوسِ كَمَا هِيَا
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنَةُ أَيْضا مَا انْدَمَن من الحِقد فِي الصَّدْر وَجَمعهَا دِمَنٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الدِّمْنَةُ الذَّحْلُ وَجَمعهَا دِمَنٌ وَقد دَمِنْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنُ مَا تَلَبَّدَ من السِّرْقِين وَصَارَ كِرْساً على وَجه الأَرْض وَكَذَلِكَ مَا اختلطَ من البَعَر والطِّين عِنْد الحَوْض فَتَلَبَّد وَقَالَ لبيد:
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضَادِه
ثَلَمَته كلُّ ريح وَسَبَل
قلت: وتَجْمعُ الدِّمْنَة دِمَناً قَالَ لبيد:
دِمَنٌ تحرَّمَ بعد عَهْد أَنِيسها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا أنْسَغَتْ النخلةُ عَن عَفَنٍ وسَوَادٍ قيل: قد أَصَابَهَا الدَّمانُ. قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي الزِّناد: هُوَ

(14/103)


الأدَمانُ.
وَقَالَ شمر: الصَّحِيح إِذا انْشَقَّتِ النخلةُ عَن عَفَن لَا أَنْسَغَتْ.
قَالَ: والإنْسَاغُ أَنْ تُقْطَع الشَّجَرةُ ثمَّ تَنْبُتُ بعد ذَلِك.
وَيُقَال: دَمَّنَ فلانٌ فِنَاءَ فلَان تَدْمِيناً إِذا غَشِيَه ولَزِمه.
وَقَالَ كعْب بن زُهَيْر:
أَرْعَى الأمانةَ لَا أَخونُ وَلَا أُرَى
أَبداً أُدَمِّنُ عَرْصَةَ الإخوانِ
وَيُقَال: فلانٌ يُدْمِنُ الشُّرْبَ والخمرَ إِذا لزم شُرْبها، ومُدْمِنُ الْخمر: الَّذِي لَا يُقْلِع عَن شربهَا واشتقاقه من دَمْنِ البَعَر.
مند: مَنْدَدُ اسْم مَوضِع ذكره تَمِيم بنُ أبي مُقْبِل فَقَالَ:
عَفَا الدَّارَ مِن دَهْمَاءَ بعد إِقامةٍ
عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ مَنْدَدٍ مُتَناوِحُ
خَلْفَاهَا نَاحِيتَاهَا، من قَوْلهم: فَأْسٌ لَهَا خَلْفَانِ، ومَنْددٌ مَوْضِع.
د ف ب
أهمل. د ف م. فدم.
قَالَ اللَّيْث: الفَدْمُ من النَّاس العَيِيُّ عَن الحُجَّة وَالْكَلَام، وَالْفِعْل فَدُم فَدامة والجميع فُدمٌ. قَالَ: والفِدام شيءٌ تَشُده العَجمُ على أَفواهها عِنْد السَّقْيِ، الواحدةُ فِدامة، وَأما الفِدام فإنَّه مِصْفاةُ الْكوز والإبريق وَنَحْوه، إبريق مُفَدَّم ومَفْدوم وَأنْشد:
مُفَدمةٌ قَزّاً كأَنَّ رِقَابَها
وَفِي الحَدِيث: إِنَّكُم مَدْعُوُّون يَوْم الْقِيَامَة مُفَدَّمةً أفواهُكم بِالفِدام.
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنهم مُنِعوا الْكَلَام حَتَّى تَكلمَ أفخاذُهم فَشَبَّه ذَلِك بالفِدام الَّذِي يُجْعل على فَم الإبريق.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ يَقُول: الفَدَّام، وَوجه الْكَلَام الجَيّد: الفِدَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَدْمُ: الدَّمُ وَمِنْه قيل للثقيل: فَدْمٌ تَشْبِيها بِهِ.
وَقَالَ شمر: المُفَدَّمَةُ من الثِّيَاب: المشْبَعةُ حُمرةً.
وَقَالَ أَبُو خِرَاش الهُذَلِيّ:
وَلَا بَطَلاً إِذا الكُمَاةُ تَزَيَّنوا
لَدَى غَمَراتِ الموتِ بالحالكِ الفَدْمِ
يَقُول: كَأَنَّمَا ترقنوا فِي الْحَرْب بالدَّم الحالك والفَدْمُ الثقيلُ من الدَّم والمفَدَّم مَأْخُوذ مِنْهُ، وثوب مُفَدَّم إِذا أُشبع صَبْغُه، وسُقَاةُ الْأَعَاجِم الْمَجُوس إِذا سَقَوْا الشَّرْبَ فَدَّموا أَفْوَاههم، فالساقي مُفدّم والإبريق الَّذِي يسقى مِنْهُ الشَّرْبُ مُفَدَّم.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/104)


أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الدَّال

(بَاب الدَّال وَالتَّاء)
د ت (وايء)
اسْتعْمل من وجوهه: وتد، تيد، تود، تؤدة.
وتد: يجمع الوَتِدُ أوتاداً. قَالَ الله جلّ وعزّ: {مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} (النبأ: 7) وَيُقَال: تِدِ الوَتِد يَا واتِدُ والوَتِدُ مَوْتودٌ.
وَيُقَال للوَتِد: وَدٌّ كَأَنَّهُمْ أَرَادوا أَن يَقُولُوا: وَدِدٌ فقَلبوا إِحْدَى الدالين تَاء لِقرب مخرجيهما وَفِيه لُغَتَانِ وَتِدٌ ووتَد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وَتدُ الْأذن هنَيَّةٌ ناشِزَةٌ فِي مُقَدَّمِها. وَيُقَال: وَتِدٌ واتِدٌ: أَي رأسٌ مُنْتَصِبٌ. وَقَالَ الراجز:
لاقَتْ على المَاء جُذَيلا واتِدَا
وَيُقَال: وَتَّد فلَان رِجْلَه فِي الأَرْض إِذا ثبَّتها. وَقَالَ بشار:
وَلَقَد قلتُ حينَ وتَّدَ فِي الأر
ض ثَبِيرٌ أَرْبَى على ثَهْلانِ
(تود) تؤدة: وَأما التُّؤَدة بِمَعْنى التأنّي فِي الْأَمر فأصلها وُؤَدة فقُلِبتْ الْوَاو تَاء وَمِنْه يُقَال: اتَّئِدْ يَا فَتى وَقد اتَّأَدُ يتَّئدُ اتآداً، إِذا تَأَنَّى فِي الْأَمر.
(تيد) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التَّيدُ: الرِّفق. يُقَال: تَيْدَكَ يَا هَذَا أَي اتَّئِدِ. وَأما التَّوادِي فواحدتها تَوْدِيةٌ وَهِي الخَشَبَاتُ الَّتِي تُشَدُّ على أَخْلاف النَّاقةِ إِذا صُرَّتْ لِئَلَّا يَرْضَعها الفصيلُ، وَلم أسمع لَهَا بِفعل، والخيوطُ الَّتِي تُصَرُّ بهَا هِيَ الأصِرَّة واحدُها صِرارٌ، وَلَيْسَت التَّاء بأصلية فِي شَيْء من هَذِه الْحُرُوف.

(بَاب الدَّال والظاء)
د ظ (وايء)
أهمل اللَّيْث بن المظفر وجوهها.
(دأظ) : وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دَأَظْهُ الوِعاءَ وكل مَا ملأْتُه أَدْأظُهُ دَأَظْاً. وَأنْشد:
وقَدْ فَدى أَعْناقَهن المحضُ
والدَّأْظُ حَتَّى مَا لهنَّ غَرْض
وَقَالَ ابْن السّكيت وَأَبُو الْهَيْثَم: الدَّأظ السِّمَن والامتلاء يَقُول: لَا يُنحَرْنَ نَفَاسَةً بهِنَّ لسمنهن وحُسْنهن.
قلت: وروى الْبَاهِلِيّ عَن الْأَصْمَعِي أَنه رَوَاهُ: والدَّأْض حَتَّى لَا يكون غَرْض بالضاد قَالَ: وَهُوَ لَا يكون فِي جلودها نُقصان، وَقَالَ أَيْضا يجوزَ فِي الْحَرْف الضَّاد والظاء مَعًا.

(14/105)


وَقَالَ أَبُو زيد: الغَرْض هُوَ مَوضِع مَاءٍ تَرَكَتْه فَلم تجْعَل فِيهِ شَيْئا.

(بَاب الدَّال والذال)
د ذ (وايء)
اسْتعْمل من وجوهه.
ذود: قَالَ اللَّيْث: الذَّوْدُ لَا يكون إِلَّا إِنَاثًا، وَهُوَ القَطيعُ من الْإِبِل مَا بَين الثّلاثِ إِلَى العَشْر.
قلت: وَنَحْو ذَلِك حفظتُه عَن الْعَرَب، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَيْسَ مِمَّا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة) فأنَّثَها فِي قَوْله خمس ذود.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي زيد: الذود من الْإِبِل بعد الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة.
شمِر قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الذَّوْد: مَا بَين الثِّنْتَيْنِ إِلَى التِّسع من الْإِنَاث دون الذُّكُور، وَأنْشد:
ذَوْدُ صَفَايَا بَينَها وبَيْني
مَا بينَ تِسْعٍ وَإِلَى اثْنَتَيْن
يُفْنِينَنَا مِنْ عَيْلةٍ وديْن
قَالَ: وَقَوْلهمْ: الذود إِلَى الذود إبل يَدُل على أَنَّهَا فِي مَوضِع اثْنَتَيْنِ لأَنَّ الثِّنْتَيْنِ إِلَى الثِّنْتَينِ جمْع.
قَالَ: والأذْوادُ جمع ذَوْدِ وَهي أَكثر من الذّوْدِ ثَلَاث مَرَّات.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قد جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: (لَيْسَ فِي أقل من خمْسِ ذَوْدٍ من الْإِبِل صدقةٌ) ، النَّاقة الْوَاحِدَة ذوداً، ثمَّ قَالَ: والذود لَا يكون أقل من ناقتين.
قَالَ: وَكَانَ حَدُّ خمسِ ذَوْدٍ عشرا من النوق، وَلَكِن هَذَا مِثْلُ ثَلَاثَة فِئة يَعْنون بِهِ ثَلَاثَة، وَكَانَ حَدُّ ثلاثةِ فئةٍ أَن يكون جمعا، لِأَن الفئة جمع.
قلت: هُوَ مِثْلُ قَوْلهم: رَأَيْت ثلاثةَ نَفَرٍ وتسعةَ رَهْط وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الذّوْد ثَلَاثَة أَبْعرة إِلَى خمسَ عَشْرَة. قَالَ: وَالنَّاس يَقُولُونَ إِلَى الْعشْرَة وَيُقَال: ذُدتُ فلَانا عَن كَذَا وَكَذَا أذْودُه إِذا طَرَدْتَه فَأَنا ذائد وَهُوَ مَذودٌ، ومِذْوَد الثور قَرْنُه.
وَقَالَ زُهَيْر يذكر بقرة:
ويَذُبها عَنْهَا بأَسْحَم مِذْوَدِ
ومِذْوَدُ الرجلِ لِسانُه. وَقَالَ عنترة:
سَيأْتيكُم مِنِّي وإنْ كنتُ نائِياً
دُخانُ العَلنْدَى دُون بَيْتي ومِذوَدِي
قَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ بمِذودِه لسانَه، وبَيْته شرَفَه. ومَعْلَفُ الدَّابَّة مِذْوَدُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَذَاد: والمرَادُ المرتَع.
وَأنْشد فَقَالَ:
لَا تَحْبِسَا الحَوْساءَ فِي المذَادِ
وَيُقَال: ذُدْتُ الإبلَ أَذودها ذوْداً إِذا طَردتَها، قَالَ: والمذيدُ المُعين لَك على مَا تذود. وَهَذَا كَقَوْلِك: أطْلَبتُ الرجل

(14/106)


َ إِذا أعنتَه على طَلِبتِه وأحْلَبْتَه أَعَنْتَه على حَلْب نَاقَته وَقَالَ الراجز:
ناديتُ فِي الْقَوْم أَلاَ مُذِيداً

(بَاب الدَّال والثاء)
د ث (وايء)
ديث، داث، ثدى، ثأد: (مستعملة) .
(دأث) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدِّئْثُ: الحِقْدُ الَّذِي لَا يَنْحَلُّ وَكَذَلِكَ الدِّعْثُ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: دَأَثْتُ الطَّعَام دَأْثاً إِذا أَكلته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والأدآث: الأثقال وَاحِدهَا دَأْث.
وَقَالَ رؤبة:
وإنْ فَشَتْ فِي قَوْمِكَ المشاعِثُ
من إصْر أدْآث لَهَا دَآئِث
بِوَزْن دَعَاعِث من دَعَثه إِذا أَثْقَلَه، والإصْرُ الثِّقل.
ديث: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيُّوثُ والدَّيْبُوثُ القَوَّادُ على أَهله، وَالَّذِي لَا يغار على أَهله دَيُّوث، والتَّدْييثُ القِيادة، وجَمَلٌ مُدَيَّثٌ ومُنَوَّق إِذا ذُلِّل حَتَّى ذَهَبَتْ صُعُوبته، وطَريق مُدَيَّث إِذا سُلِكَ حَتَّى وضحَ واستبان.
ثدي: الثَّدْيُ ثَدْيُ الْمَرْأَة، وَامْرَأَة ثَدْياء ضخمة الثَّديين، وأمَّا حَدِيث عَلِيَ فِي ذِي الثُّدَيَّة المقْتول بالنَهْرَوان، فَإِن أَبَا عبيد حكى عَن الْفراء أَنه قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: ذُو الثُّدَيَّة بِالْهَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَصْغِير ثَدْي، والثَّديُ مُذكَّر لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا بَقيَّة ثَدْي، قد ذهب أَكْثَره فَقلَّلها، كَمَا يُقَال: لُحَيْمَة وشُحَيْمَة فأَنَّثَ على هَذَا التَّأْوِيل وَيُقَال: ثَدِيَ يَثْدَى إِذا ابْتَلَّ، وَقد ثَدَاه يَثْدُوه ويَثْدِيه إِذا بَلَّه، وثَدَّاهُ إِذا غَدَّاهُ، والثُّدَّاءُ نَبْتٌ فِي الْبَادِيَة. وَيُقَال لَهُ: المُصَاص والمُصَّاخُ وعَلى أَصله قشور كَثِيرَة، تَتَّقِدُ بهَا النَّار الْوَاحِدَة ثُدَّاءَةٌ.
قلت: وَيُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: بهراة دليزاد.
ثأد: أَبُو عُبيد: الثَّأَدُ النَّدَى نَفسه، والثَّئِيدُ الْمَكَان النَّدِيُّ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: قيل لبَعض الْأَعْرَاب: أَصِبْ لنا مَوْضعاً أَي اطلبه. فَقَالَ رائدهم: وجدت مَكَانا ثَئِداً مَئِداً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الثَّأَدُ النَّدَى والقَذَر، والأمرُ القبيحُ.
وَقَالَ غَيره: الأثْآدُ العُيوب، وَأَصله البَلَلُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ زيد بن كُثْوَة: بَعَثوا رَائداً فجَاء وَقَالَ: عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ كأنَّه أَسْوُقُ نِساءِ بني سَعْدٍ.
وَقَالَ رائد آخر: سَيْلٌ وبَقْلٌ وبُقَيل فوجدوا الآخر أعقلهما.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: الثَّأَدَاءُ والدَّأثاءُ الأمَة.

(14/107)


قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أسمع أحدا يَقُول هذَيْن بِالْفَتْح غير الْفراء، وَالْمَعْرُوف ثَأْدَاءُ ودَأْثَاءُ. قَالَ الْكُمَيْت:
وَمَا كُنَّا بني ثَأْدَاءَ لمَّا
شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلُّ وَتْرِ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: يُقَال للْمَرْأَة إِنَّهَا لَثَأْدَةُ الخَلْق أَي كثيرةُ اللَّحم، وفيهَا ثَآدةٌ مِثال سَعَادَةٍ.
وَقَالَ ابْن زيد: مَا كنتُ فِيهَا ابْن ثأْداء أَي لم أكن عَاجِزا.
وَقَالَ غَيره: لم أكن بَخيلاً لَئيماً، وَهَذَا الْمَعْنى أرادَهُ الَّذِي قَالَ لعمر بن الْخطاب عَام الرَّمادة: لقد انْكَشَفتْ وَمَا كنتَ فِيهَا ابْن ثأداء، أَي لم تَكُنْ فِيهَا كَابْن الْأمة لئيماً، فَقَالَ: ذَاك لَو كنتُ أنْفق عَلَيْهِم من مَال الْخطاب. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالرَّاء مَعَ حرف الْعلَّة)
د ر (وايء)
دور، دير، درى، أدر، دَرأ، ردى، ورد، ودر، ردأ، رَود، ريد، رأد: (مستعملة) .
(دور دير) : قَالَ اللَّيْث: الدَوَّارِيُّ: الدَّهر الدَّوَّارُ بالإنسان.
قَالَ العجاج: والدهرُ بالإنسان دَوّارِيُّ.
وَيُقَال: دَارَ دَوْرَةً وَاحِدَة، وَهِي المرَّة الواحدةُ يَدُورها، والدَّوْرُ قد يكون مَصدراً فِي الشّعْر، وَيكون دَوْراً وَاحِدًا من دَوْرِ الْعِمَامَة. ودَوْرِ الخَيْل وَغَيره، عامٌ فِي الْأَشْيَاء كلهَا، والدُّوَارُ أَن يَأْخُذ الإنسانَ فِي رَأسه كَهَيئَةِ الدَّوَران، تَقول: دِيرَ بِهِ، والدَّوَار صَنَم كَانَت الْعَرَب تنْصِبُه، يَجعلون موضعا حوله يَدورون بِهِ، وَاسم ذَلِك الصَّنَم والموضع الدَّوَار، وَمِنْه قَول امْرُؤ الْقَيْس:
عَذَارَى دوَارٍ فِي مُلاء مُذَيَّلِ
وَيُقَال: دُوَارٌ، وَقد يثقّل فَيُقَال: دُوَّار.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} (الْمَائِدَة: 52) أَي دَوْلَة، والدَّوائِرُ تَدور والدوائلُ تدول.
سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: دَارٌ، وَدِيَارٌ، ودُورٌ. وَفِي الْجمع الْقَلِيل أَدْوُر وأدْؤُر ودِيرانٌ. وَيُقَال: آدرُ على الْقلب. وَيُقَال: دَيَرٌ ودِيَرةٌ، وأَدْيارٌ، ودِيْرانٌ، وَدَارَاتٌ وَدِيرَةٌ، ودورٌ، ودُورانٌ، وأَدْوَارٌ، وَدِوَارٌ، وأَدْوِرَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْر الدارات فِي الرمل.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمدَار مَفْعَلٌ يكون موضعا، وَيكون مَصدراً كالدَّوَران، وَيجْعَل اسْما نَحْو مَدارِ الفَلك فِي مَداره. قَالَ: والدائرة كالحلْقة أَو الشَّيْء المستدير، والدَّارةُ دارةُ الْقَمَر، وكلُّ موضعُ يدارُ بِهِ شيءٌ يَحْجُرُه فاسمه دَارةٌ، نَحْو الدارات الَّتِي تُتَّخَذ فِي

(14/108)


المباطح وَنحوها يَجْعَل فِيهَا الخْمرُ وَأنْشد:
تَرى الإوَزِّينَ فِي أَكْنافِ دَارَتِها
فَوْضَى وبَيْنَ يَدَيْها التِّبْنُ مَنْثُورُ
وَقَالَ: ومَعنى الْبَيْت أَنه رأى حَصَّاداً أَلْقَى سُنْبُلَهُ بَين يَدي تِلْكَ الإِوَزّ فَقَلَعت حَبّاً من سنابله فأكلتْ الحَبَّ وافْتَحَصَتْ التِّبنَ.
قَالَ: وَأَمَّا الدَّار فاسم جامعٌ للعَرْصَة وَالبِناء والمَحلَّة، وكلُّ مَوضِع حَلَّ بِهِ قوم فَهُوَ دَارهم. وَالدُّنْيَا دارُ الفناءِ والآخرةُ دارُ القَرارِ، وَدَار السَّلَام الْجنَّة، وَقُلْنَا: ثَلَاث أَدْؤُرٍ همزت لِأَن الْألف الَّتِي كَانَت فِي الدَّار صَارَت فِي أفْعُل فِي مَوضِع تحرُّك قَالَ: فأُلقِيَ عَلَيْهَا الصَّرف، وَلم تُردَّ إِلَى أَصلها، والدَّيْر دَيْرُ النَّصَارَى، وَصَاحبه الَّذِي يَسْكُنه ويعمره دَيْرَانِيٌّ وَدَيَّار، وَيُقَال: مَا بِالدَّار دَيَّارٌ، أَي مَا بهَا أحدٌ وَهُوَ فَيْعَال من دَارَ يَدُور، وَمُدَاوَرَة الشؤون مُعالجتها، وَالدَّوَّارةُ مِن أدَوات النّقاش والنَّجار لَهَا شُعْبتانِ فَتَنْضَمَّان وتَنْفَرِجَان لتقدير الدَّارات.
الْأَصْمَعِي: الدَّارَةُ رملٌ مُسْتَدِير وَسطهَا فَجْوةٌ وَهِي الدُّورَةُ.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الدُّورَةَ والدَّوارَةُ والدَّيِّرةُ وَرُبمَا قَعَدوا فِيهَا وَشَرِبُوا.
وَقَالَ ابْن مقبل:
بِتْنَا بدَيِّرة يَضيءُ وُجُوهَنا
دَسَمُ السَّلِيطِ على فتيل ذبال
وَيُقَال للدّارِ: دَارةٌ.
وَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَى:
وآخرُ فوقَ دارتِه يُنادي
والمُدَاراتُ أُزُرٌ فِيهَا دَاراتُ وَشْيٍ.
وَقَالَ الراجز:
وذُو مُداراتٍ على خُصْرِ
والدَّارِيُّ العَطَّار. يُقَال: إِنَّه نُسب إِلَى دارِينَ. وَقَالَ الجعديّ:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجَانِ مِن مِسْكِ دا
رين وفِلْجٌ مِن فُلْفُلٍ ضَرِمِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّارِيُّ الَّذِي لَا يَبْرح وَلَا يطْلب معاشاً. وَأنْشد:
لَيِّثْ قَلِيلا يُدْرك الدَّارِيُّون
ذَووُ الجِبَابِ البُدَّنُ المكْفِيُّون
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: دَوَّارةٌ وقَوَّارةٌ لكل مَا لم يَتَحَرَّك وَلم يَدُرْ، فَإِذا تحرّك ودَارَ، فَهُوَ دُوَّارةٌ ونُوارة، والدائِرةُ الَّتِي تَحت الْأنف يُقَال لَهَا دَوَّاةٌ ودَائرةٌ ودِيَّرةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دِيرَ بِالرجلِ وأُدير بِهِ.
من دُوار الرَّأْس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: دوائر الْخَيل ثَمَانِي عشرَة دَائِرَة.
يُكْرَهُ مِنْهَا الهقعَةُ وَهِي الَّتِي تكون فِي

(14/109)


عُرْض زَوْرِه، ودائرة القالِعِ هِيَ الَّتِي تكون تَحت اللِّبْدِ، ودائرة النَّاخِس هِيَ الَّتِي تكون تَحت الجاعِرتيْن إِلَى الفَائلَتَيْن، ودائرة اللَّطاةِ فِي وسط الْجَبْهَة، وَلَيْسَت تُكْرَه إِذا كَانَت وَاحِدَة، فَإِن كَانَ هُنَاكَ دائرتان، قَالُوا: فرس نطيحٌ وَهِي مَكْرُوهَة، وَمَا سوى هَذِه الدَّوَائِر غير مَكْرُوهَة، ودائرة رَأس الْإِنْسَان، الشّعْر الَّذِي يستدير على القرْن.
يُقَال: اقشعرَّت دائِرتُه، ودائرة الْحَافِر مَا أحَاط بِهِ من الثُّنَن.
وَيُقَال: أدرتُ فلَانا على الْأَمر، وألْصَتُه عَلَيْهِ إِذا حاولَتَ إلزامهُ إِيَّاه، وأَدَرْتُه عَن الْأَمر، إِذا طلبتَ مِنْهُ تَرْكَه، وَمِنْه قَوْله:
يُديرُونني عَن سالمٍ وأُديرهم
وجِلْدَةُ بَين العَيْن والأنْفِ سالمُ
وَفِي الحَدِيث: (أَلا أُنبئكم بِخَير دورِ الْأَنْصَار: دُورِ بني النجار، ثمَّ دورِ بني عبد الْأَشْهَل، وَفِي كل دور الْأَنْصَار خَيْرٌ) ، والدُّور هَهُنَا قبائل اجْتمعت كلُّ قبيلةٍ فِي محلّةٍ، فسميت المحلَّة دَارا. وَفِي حَدِيث آخر: (مَا بقيت دارٌ إِلَّا بُنِيَ فِيهَا مسجِد) أَي مَا بقيت قَبيلَة.
أدر: قَالَ اللَّيْث: الأدَرَةُ والأَدَرُ مصدران، والأُدْرةُ اسْم تِلْكَ المُنْتقخَة والآدَرُ نَعْتٌ، وَقد أَدِرَ يأْدَرُ فَهُوَ آدَرُ.
دري: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَرَى يَدْرِي دَرْياً ودِرَايَةً ودِرْياً.
وَيُقَال: أَتى فلانٌ الأمْرَ من غير دِرْيَةٍ، أَي من غير عِلم، وَالْعرب رُبمَا حذفوا الياءَ من قَوْلهم: لَا أَدْرِ فِي مَوضِع لَا أَدْرِي، يكتفون بالكسرة فِيهَا كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} (الْفجْر: 4) وَالْأَصْل يَسْرِي.
ابْن السّكيت: دَرَيْتُ فُلاناً أَدْريه دَرْياً إِذا خَتَلْتَه وَأنْشد:
فَإِن كنتِ قَدْ أَقْصَدْتني إذْ رَمَيْتِنِي
بسهمك فالرامي يصيدُ وَلَا يَدْرِي
أَي لَا يَخْتِلُ وَقد دَارَيتُه إِذا خَاتَلْتَه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فإنْ كنتُ لَا أَدْرِي الظِّبَاء فإنني
أَدُسُّ لَهَا تَحت التُّراب الدَّواهيا
وَقَالَ الراجز:
وَكَيْفَ تراني أَذَّرِي أَو أَدَّرِي
غِرَّاتِ جُمْلٍ وتَدَّرَى غِرَري
اذَّرَى افْتَعَل من ذَرْيتُ، وكأَنَّهُ بُذرِّي ترابَ المعدِن، ويختل هَذِه الْمَرْأَة بِالنّظرِ إِلَيْهَا إِذا اغْتَرَّتْ أَي غَفَلتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الدَّرِيَّةُ، غير مَهْمُوز دَابَّة يَسْتَتِرُ بهَا الَّذِي يَرْمي الصَّيْد ليصيدَه.
يُقَال: من الدَّرِيَّة أدَّرَيْتُ ودرَيْتُ.
قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدّرِيئَةُ مَهْمُوزَة

(14/110)


الْحلقَة الَّتِي يَتَعلم الرَّامِي عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الدَرِيَّة البعيرُ يَسْتَتِرُ بِهِ من الْوَحْش، يُختل حَتَّى إِذا أمكن رَمْيُه رَمَى.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ مَهْمُوزَة لِأَنَّهَا تُدْرَأُ نَحْو الصَّيْد، وَأنْشد قَول عَمْرو:
ظَلِلْتُ كأَني للرِّمَاحِ دَرِيئَةٌ
أُقاتِل عَن أَبناء جَرْم وفَرَّتِ
وأَنشد غَيره فِي همزه:
إِذا ادَّرَأُوا مِنْهُم بِقرْدٍ رَمَيْتُهُ
بِمُوهِيَةٍ تُوهِي عَظامَ الحوَاجِبِ
وَقَالَ أَبو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دارَأْتُ الرجلَ مُدارَأَة إِذا اتَّقَيْتَه.
وَفِي حَدِيث قيس بن السَّائِب قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرِيكي فَكَانَ خير شريك، لَا يُدَارِىءُ وَلَا يُماري.
قَالَ أَبو عبيد: المدارأَةُ: هَهُنَا مَهْمُوزَة من دَارأْتُ، وَهِي المشاغبةُ والمخالفةُ على صَاحبك، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فَادَارَأْتُمْ فِيهَا} يَعْنِي اخْتلَافهمْ فِي الْقَتِيل، وَمن ذَلِك حَدِيث الشَّعبي فِي المختَلعة إِذا كَانَ الدَّرْءُ من قبلهَا فَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ مِنْهَا يَعْنِي بالدَّرْءِ النشوزَ والاعوجاج وَالِاخْتِلَاف، وكل من دَفعته عَنْك فقد درأته.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَانَ عَنِّي يَرُد درْؤُك بعد الله شَغْبَ المسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ، يَعْني كَانَ دَفْعُكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأما المداراة فِي حُسن الخُلق والمعاشرة مَعَ النَّاس فَلَيْسَ من هَذَا غير مَهْمُوز وَذَاكَ مَهْمُوز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: المداراةُ من حُسن الْخلق مهموزاً وَغير مَهْمُوز، قلت: مَن هَمَزه فَمَعْنَاه الاتّقاء لِشرِّه كَمَا قَالَ أَبُو زيد: دارأت الرجل إِذا اتَّقَيْتَهُ، وَمن لم يهمزه جَعَله من دَرَيْتُ بِمَعْنى خَتَلْتُ.
(دَرأ) : وَقَالَ أَبُو زيد: درأْتُ عَنهُ الحدَّ وَغَيره أَدرؤه درْأ إِذا أخّرْتَه عَنهُ. قلت: وأَدرأتِ الناقةُ بِضَرْعها إِذا أَنزلتْ اللبنَ فَهِيَ مُدْرِىءٌ إدراء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّارِىءُ العدُوُّ المبادِىء والدَّارِيُّ القَريبُ.
يُقَال: نَحن فُقَراء دُرآءُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: دَرَأْتُه عنّي أَدْرَؤه دَرْأً إِذا دَفَعْتَه وَمِنْه قَوْله: (إدْرَأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) .
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَارَأْتُمْ فِيهَا} (الْبَقَرَة: 72) .
معنى فادَّارَأْتم فتدارأْتم أَي تَدافعتم أَي أَلقَى بعضُكم على بعض.
يُقَال: دَرَأْتُ فلَانا، أَي دافعتُه، ودَارَيْتُه أَي لايَنْتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال: اندرأَت عَلَيْهِ

(14/111)


اندراء، والعامة تَقول: اندريت.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْءُ بِالْفَتْح: العَوَج فِي العَصا والقَناةِ وَفِي كل شَيْء يَصْعُبُ إِقَامَته وأَنشد:
إنَّ قناتي مِن صَلِيبَاتِ القَنَا
على العُدَاةِ أَن يُقيموا دَرْأَنَا
وَطَرِيق ذُو دُرُوءٍ، إِذا كَانَ فِيهِ كُسورٌ وحَدَب وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو تُدْرَاءٍ فِي الْحَرْب، أَي ذُو سَعَة وَقُوَّة على أَعدائه، وَهَذَا اسمٌ وُضِع للدَّفع، وَيُقَال: دَرَأَ علينا فلَان دُرُوءاً إِذا خرج مُفاجأة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ} (النُّور: 35) عَن عَاصِم أَنه قَرَأَهَا (دُرِّيءٌ) بِضَم الدَّال والهمزة، وَأنْكرهُ النحويون أَجْمَعُونَ، وَقَالُوا: دِرِّيءٌ بالكسرة والهمز جَيِّد على بِنَاء فِعِّيلٍ، يكون من الدَّرارِيء، الَّتِي تَدْرَأُ أَي تَنْحَطُّ وَتسيرُ.
وَقَالَ الْفراء: الدِّرِّيء من الْكَوَاكِب النَّاصِعةُ من قَوْلك: دَرَأَ الكوكبُ كَأَنَّهُ رُجِمَ من الشَّيْطَان فَدَفَعه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَرَأَ فلَان أَي هَجَم، قَالَ: والدِّرِّيءُ الكوكبُ المنْقضُّ يُدْرَأُ على الشَّيْطَان، وَأنْشد لأَوْسِ بن حُجْر يصف ثوراً وَحْشيّاً:
فانْقَضَّ كالدِّرِّيءِ يَتْبَعُهُ
نَقع يَثوبُ تَخَالَهُ طُنُباً
قَالَ وَقَوله: تخاله طُنُباً: يُرِيد تخالُه فُسطاطاً مَضْرُوبا. يُقَال: دَرَأتِ النارُ إِذا أضاءتْ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن خَالِد بن يزِيد: قَالَ: وَيُقَال: دَرَأَ علينا فلَان وَطَرَأَ إِذا طلعَ فَجْأَةً ودَرَأَ الكوكبُ دُرؤاً، من ذَلِك، قَالَ وَقَالَ نُصَيْرُ الرَّازِيّ: دُرُء الكوكبِ طُلُوعُه، يُقَال: دَرَأَ علينا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَاءَنَا السيلُ دَرْءاً وَهُوَ الَّذِي يدْرَأ عَلَيْك من مَكَان لَا يُعْلَم بِهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس: جَاءَ السَّيْل دَرْءاً وظَهْراً، ودَرَأَ فلانٌ علينا، وطَرَأَ: إِذا طلع من حَيْثُ لَا تَدْرِي.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: إِذا كَانَ مَعَ الغُدَّةِ وَهِي طاعون الْإِبِل وَرَمٌ فِي ضَرْعها فَهُوَ دَارِىءٌ وَقد دَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دروءاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ فِي الدَّارِىء مثله، شمر عَن ابْن الأعرابيّ: إِذا دَرأ الْبَعِير من غُدَّتِه رَجَوْا أَن يَسْلَم، قَالَ: ودَرَأَ إِذا وَرِمَ نَحْرُه.
وَقَالَ غَيره: بعيرٌ دارىء وناقة دَارِىء مثله.
وَقَالَ ابْن السكّيت: ناقةٌ دارِىءٌ إِذا أخذتْها الغُدَّةُ فِي مَراقها واستبان حَجْمُها وَيُسمى الحَجْمُ دَرْءاً وحجمها نُتوؤها، والمَرَاقُ بتَخْفِيف الْقَاف مَجْرَى الماءِ من حَلْقها،

(14/112)


وَأنْشد غَيره:
يَا أَيهَا الدَّارِىءُ كالمنْكُوفِ
والمتشكِّي مَغْلَةَ المجحوفِ
والمنْكوف الَّذِي يَشْتكي نَكفَتَه، وَهِي أصلُ اللِّهْزِمَةِ وَيُقَال: دَرَأْت لَهُ وَسَادَةً إِذا بَسَطْتَها لَهُ، ودرأتُ وَضِينَ الْبَعِير إِذا بسطته على الأَرْض ثمَّ تركته عَلَيْهِ لتشده بِهِ وَقد دَرَأت فلَانا الْوَضِين على الْبَعِير وداريته، وَمِنْه قَول المثَقَّب العَبدِي:
تَقولُ إِذا دَرَأتُ لَهَا وَضِيني
أَهَذا دِينُه أبدا ودِيني
وَيُقَال: اللهُم إِنِّي أدْرَأُ بك فِي نَحْر عَدُوِّي لِتَكْفِيَني شرَّه، وَقَالَ اللَّيْث: المِدْرَاةُ حَدِيدة يُحَكُّ بهَا الرأسُ، يُقَال لَهَا: سَرخَارَه.
وَيُقَال: مِدْرًى بِغَيْر هاءٍ ويُشَبَّه بِهِ قَرْنُ الثور وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها
طَعْنَ المُبَيْطِرِ إذْ يَشْفي من العَضَدِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ فِي يَده مِدْرًى يَحُك بِهِ رأْسَه فَنظرَ إِلَيْهِ رجلٌ من شَقِّ بابِه فَقَالَ لَهُ: لَو علمتُ أَنَّك تنظرُ لَطَعَنْتُ فِي عَيْنك) ، وَجمع المِدْرَى مَدَارَى، وَرُبمَا قَالُوا لِلْمِدْراة مَدْريةٌ وَهِي الَّتِي حُدِّدتْ حَتَّى صَارَت مِدْرَاةً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحَرَّانيَّ أَنه أنْشدهُ:
وَلَا صُوَار مُدَرَّاة مناسِجُها
مِثْلُ الفريدِ الَّذِي يَجْري من النَّظْم
قَالَ: وَقَوله: مُدرَّاةٌ كَأَنَّهَا هُيِّئَتْ المِدرَى من طُول شَعرها قَالَ: والفَريدُ جمع الفريدة، وَهِي شَذْرة مِن فِضة كَاللُّؤْلُؤِ، شَبَّه بياضَ أجسادِها بهَا كَأَنَّهَا الْفضة.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الدَّارىءُ العَدوُ المُبادِي الْقَرِيب وَنحن فُقَرَاء دُرآءُ.
(رَود ريد رأد) : قَالَ اللَّيْث: الرَّوْد مصدرُ فِعل الرائِد، يُقَال: بَعَثْنا رائداً يَرُود لنا الْكلأ والمنزلَ ويرتاده، وَالْمعْنَى وَاحِد، أَي ينْظُرُ ويَطْلُبُ ويختار أفضلَه.
قَالَ: وَجَاء فِي الشّعْر: بعثوا رادَهم أَي رائدهم، وَمن أَمثالهم: الرائدُ لَا يَكْذِبُ أهلَه، يُضربُ مَثَلاً لِلَّذي لَا يَكْذِب إِذا حَدَّث.
وَيُقَال: رَادَ أَهله يَرُودهم مَرْعًى أَو منزلا رِياداً، وارْتادَ لَهُمْ ارْتياداً.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَبُولَ فَلْيَرتَدْ لبوله) أَي يرتاد مَكَانا دَمِثاً لَيِّناً مُنحَدِراً لِئلا يَرْتَدَّ عَلَيْهِ بَوْله.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الرَّائد العُود الَّذِي يَقْبِض عَلَيْهِ الطَّاحِن.
قَالَ اللَّيْث: والرائد الَّذِي لَا منزل لَهُ، والرِّيدةُ اسْم يُوضَعُ مَوضع الارْتِياد والإرادة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّيدَانةُ: الريحُ

(14/113)


الطَّيِّبَةُ.
وَقَالَ غَيره: ريح رَيْدةٌ لَيِّنة الهبوب وَأنْشد:
جَرَتْ عَلَيْهَا كُلُّ ريح رَيْدَةٍ
وَأنْشد اللَّيْث:
إِذا رِيدَةٌ مِن حيثُ مَا نَفَحَتْ لَهُ
أتاهُ بِريَّاها خَلِيلٌ يُوَاصِلُه
قَالَ وَيُقَال: ريح رُود أَيْضاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرَّادَةُ من النِّسَاء غير مَهْمُوز الَّتِي ترود وتَطُوف، وَقد رَادت ترود رَوَدَاناً، قَالَ: والرَّأدة بِالْهَمْزَةِ والرُّؤُودَةُ على وزن فُعُولة كل هَذَا السرِيعةُ الشَّبَاب فِي حسن غِذَاء، وَقَالَ غَيره: تَرأَدَتِ الجاريةُ تَرَؤداً وَهُوَ تَثَنِّيها من النَّعْمة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّأْدُ: رَأْدُ اللَّحْيِ وَهُوَ أَصله النَّاتِىءُ تَحت الْأذن وَالْجمع أرْآد، وَالْمَرْأَة الرُّؤْدُ وَهِي الشَّابَّة الْحَسَنَة الشَّبَاب، وتُجمع أرآدٌ أَيْضا، وَامْرَأَة رَادَةٌ فِي معنى رُؤْدٌ، وَقد تَرَأَّدَ إِذا تَفَيَّأ وتثنَّى، قَالَ: وَرَادَتْ الريحُ تَرودُ رَوَداناً إِذا تحركتْ وجالتْ وَنَسَمتْ تَنْسِمُ نَسَماناً إِذا تحركتْ تحرُّكاً خَفِيفا.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرَّيْدُ حَرْفٌ من حُرُوف الجَبَل وَجمعه رُيُود.
قَالَ: والرِّئْدُ التِّرب يُقَال: هُوَ رِئْدها أَي تِرْبها والجميع أرْآدٌ.
وَقَالَ كثير فَلم يُهْمِزْ:
وَقد درَّعوها وَهِي ذاتُ مُؤَصَّدٍ
مَجُوبٍ لَمَّا يَلْبَسِ الدِّرعُ رِيدُها
وَقَالَ أَبُو زيد: تَرَأَّدْتُ فِي قيامي تَرَؤُّداً، وَذَلِكَ إِذا قُمتَ فأخذتك رِعْدةٌ فِي قيامك حَتَّى تَقومَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّأْدُ: رَأْدُ الضُّحى وَهُوَ ارتفاعها.
يُقَال: ترحَّلَ رأْدَ الضُّحَى وَتَرَأَّد كَذَلِك، وتَرَأَّدَتِ الحَيَّةُ إِذا اهْتَزَّتْ فِي انْسيابها وَأنْشد:
كأَن زِمَامها أَيِمٌ شُجاع
تَرَأَّدَ فِي غُصونٍ مُغْطئلَّه
قَالَ: وَالْجَارِيَة الممشوقة تَرَأَّدُ فِي مِشْيَتِها، وَيُقَال للغُصن الَّذِي نَبَتَ من سَنَته أَرْطَب مَا يكون وأَرْخصه: رُؤْدٌ، والواحدة رُؤْدَةٌ، وسمِّيت الجاريةُ الشابةُ تَشْبِيها بِهِ، قَالَ: والرِّيد بِلَا همزَة الْأَمر الَّذِي تريده وتزاولُه، والرّئْدُ التِّرب مَهْمُوز.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: تكبيرُ رُوَيْدُ: رَوْدٌ وَأنْشد:
يَمْشِي وَلَا تَكْلِمُ البَطْحَاءَ مِشيتُه
كأَنه فاتر يَمْشِي عَلَى رُودِ
وأفادني الْمُنْذِرِيّ لسيبويه من كِتَابه فِي تَفْسِير قَوْلهم: رُوَيْدَ الشّعْر يَغِبُّ قَالَ: سمعنَا من يَقُول: وَالله لَو أردتَ الدَّرَاهِم لأعطيتك رُوَيْد مَا الشّعْر، يُرِيد أرْوِد

(14/114)


الشّعْر، كَقَوْل الْقَائِل: لَو أَرَدْت الدَّرَاهِم لأعطيتك فَدعْ الشعرَ، فقد تبين أَن رُوَيْدَ فِي مَوضِع الْفِعْل ومُتَصَرّفةٌ تَقول: رُوَيْدَ زَيْداً كَأَنَّمَا تَقول: أَرْوِدْ زيدا وَأنْشد:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمَّهم
إِلَيْنَا ولكنْ وُدُّهُم متمَايِنُ
وَتَكون رُوَيداً أَيْضا صفة لِقَوْلِك سَارُوا سيراً رويداً، وَيَقُولُونَ أَيْضا: سَارُوا رُويداً فتحذف السّير وتجعله حَالا بِهِ، وصف كَلَامه واجتزأ بِمَا فِي صدر حَدِيثه من قَوْلك: سَار عَن ذكر السِّير، وَمن ذَلِك قَول الْعَرَب: ضَعه رويداً أَي وَضْعاً رويداً.
قَالَ: وَتَكون رُوَيداً للرجل يُعالج الشيءَ رُوَيداً إِنَّمَا يُرِيد أَن تَقول عِلاجاً رويداً فَهَذَا على وَجه الْحَال إِلَّا أَنْ يَظْهَر الموصوفُ بِهِ فَيكون على الْحَال وعَلى غير الْحَال.
قَالَ: وَاعْلَم أَن روَيداً يَلْحَقها الكافُ وَهِي فِي مَوضِع افْعَلْ وَذَلِكَ قَوْلك: رُوَيدك زيدا، ورُويدكم زيدا، فَهَذِهِ الْكَاف الَّتِي أُلْحِقت لِيَتَبَيَّنَ المخاطَبُ فِي رُوَيداً؛ إِنَّمَا أُلحقت المخصوصَ لِأَن رويداً قد يَقع للْوَاحِد والجميع والمذكر وَالْأُنْثَى؛ فَإِنَّمَا أَدخل الْكَاف حَيْثُ خِيفَ التباسُ مَن يُعْنَى مِمَّن لَا يُعْنَى؛ وَإِنَّمَا حُذِفتْ من الأول اسْتغْنَاء بِعلم الْمُخَاطب، أنهُ لَا يَعْني غَيره؛ وَقد يُقَال: رُوَيدك لمن لَا يخَاف أَن يلتبس بِمن سواهُ توكيداً، وَهَذَا كَقَوْلِك: النَّجاءَك والوَحَاكَ، تكون هَذِه الْكَاف عَلَماً لِلمأمورين والمنهيِّين.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أردْت برويداً الْوَعيد نصبتها بِلَا تَنْوِين وَأنْشد:
رُوَيْدَ تُصاهِلْ بالعراق جِيادنا
كَأَنَّكَ بالضَّحاكِ قد قَامَ نادِبُه
وَإِذا أَردتَ برويدَ المُهلة والإروادَ فِي المَشْي فانصبْ ونَوِّنْ تَقول: امشِ رُوَيداً. قَالَ: وَتقول الْعَرَب: أرْوِدْ فِي معنى رويداً المنصوبة قَالَ: والإرادةُ أصلُها الْوَاو، أَلا ترى أَنَّك تَقول: رَاوَدْتُه أَي أَردتُه على أَن يفعل كَذَا؛ وَتقول: رَاوَدَ فلانٌ جاريتَه عَن نَفسهَا وراودَتْه هِيَ عَن نفسِه إِذا حاول كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه الْوَطْء وَالْجِمَاع؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ} (يُوسُف: 30) فَجعل الفِعل لَهَا، والرَّوائدُ من الدَّواب الَّتِي ترتع وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كَأَنَّ رَوَائدَ المُهْراتِ مِنْها
وَيُقَال: رَادَ يَرود إِذا جاءَ وذَهب، وَلم يَطمئن، ورجلٌ رائد الوِساد إِذا لم يَطْمَئن عَلَيْهِ، لِهَمَ أَقْلَقَه، وَبَات رائدَ الوساد وَأنْشد:
تَقُولُ لَهُ لما رَأَتْ جَمْعَ رَحْلِه
أَهذا رئيسُ الْقَوْم رَادَ وِسَادُها

(14/115)


دَعَا عَلَيْهَا بألاَّ تَنام فَيَطْمئن وِسادُها.
وَفِي الحَدِيث: (الحمَّى رَائِدُ الْمَوْت) أَي رَسولُ الْمَوْت كالرَّائِدِ الَّذِي يُبْعث لِيرْتادَ مَنزِلاً.
ورد: قَالَ اللَّيْث: الوَرْدُ اسْم نَوْر.
يُقَال لَهُ: وَرَّدَت الشجرَةُ إِذا خَرجَ نَوْرُها.
قَالَ: والوَرْدُ من أَلْوان الدَّواب، لَونٌ يَضْرِبُ إِلَى الصُّفرة الحَسَنة، وَالْأُنْثَى وَرْدَة وَقد وَرُد ورْدة، وَقيل أَيْضا: ايرَادَّ يَوْرَادُّ على قِيَاس ادْهَامَّ، وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} (الرحمان: 37) أَي صارتْ كلون الوَرْد؛ وَقيل: فَكَانَت وَرْدة كلون فَرَسٍ وَرْدةٍ، وَالكُميت: الوَرد يَتَلون فِي الشتَاء فَيكون فِي الشتَاء لَوْنُه خِلافَ لونِه فِي الصَّيف، وَأَرَادَ أَنها تتلون من الفَزَع الْأَكْبَر، كَمَا تَتَلَوَّنُ الدِّهانُ المختلفةُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} (مَرْيَم: 86) يَعْنِي مُشاةً عِطاشاً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الوِرْدُ وِرْدُ القومِ الماءَ والوِردُ: الماءُ الَّذِي يُورَد، والوِرد: الإبلُ الواردةُ قَالَ رؤبة:
لَوْ دَقَّ وِرْدِي حوضَهُ لم يَنْدَهِ
وَقَالَ الآخر:
يَا عَمْرُو عَمْرَ الماءِ وِرْدٌ يَدْهَمُه
وَأنْشد قَول جرير:
لَا وِرْدَ للْقَوْم إِن لم يَعْرفوا بَرَدَى
إِذا تَكَشَّفَ عَن أعناقِها السَّدَفُ
بَردَى نهرُ دِمَشق.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الوِردُ يومُ الحمَّى وَقد وردتْهُ الحمّى، فَهُوَ مَورودٌ، وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} (مَرْيَم: 71) الْآيَة.
قَالَ الزّجاج: هَذِه آيةٌ كَثُر اخْتِلَاف الْمُفَسّرين فِيهَا؛ فَقَالَ جمَاعَة: إِن الْخلق جَمِيعًا يَرِدون النارَ فينجو المتّقِي، ويُتْرَكُ الظَّالِم، وَكلهمْ يدخلُها، وَقَالَ بَعضهم: قد عَلِمنا الوُرُودَ وَلم نعلم الصُّدُورَ، وَدَلِيل من قَالَ هَذَا قَوْله: {ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} (مَرْيَم: 72) ، وَقَالَ قوم: إِن الْخلق يَرِدونها فَتكون على الْمُؤمن بَرْداً وَسلَامًا.
وَقَالَ ابْن مَسْعُود وَالْحسن وقتادَةُ: إنّ ورُودَها لَيْسَ دُخُولهَا وحُجَّتهُم فِي ذَلِك قويَّة جدا لِأَن الْعَرَب تَقول: وَرَدْنا ماءَ كَذَا وَلم يدخلوه، قَالَ الله تَعَالَى: {سَوَآءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} (الْقَصَص: 23) ، وَيُقَال إِذا بلغتَ إِلَى الْبَلَد وَلم تدخله: قد وردتَ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والحجةُ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {للهإِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَائِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا}

(14/116)


(الْأَنْبِيَاء: 101، 102) فَهَذَا وَالله أعلم دَلِيل على أَن أهل الْحسنى لَا يدْخلُونَ النَّار، وَفِي اللُّغَة: وَرَدْتُ بَلَدَ كَذَا وماءَ كَذَا إِذا أشرفَ عَلَيْهِ دخله، أَو لم يدْخلهُ قَالَ زُهَيْر:
فلمَّا وَرَدْن المَاء زُرْقاً جِمامُهُ
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخَيِّم
الْمَعْنى لما بلغن المَاء أَقَمْنَ عَلَيْهِ، فالوُرودُ بِإِجْمَاع لَيْسَ بدخولٍ، فَهَذِهِ الرِّوَايَات فِي هَذِه الْآيَة وَالله أعلم، وَقَوله جلّ وعزّ: {نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ} (ق: 16) عِرْقٌ تَحت اللِّسَان، وَهُوَ فِي الَعضُد فَلِيقٌ، وَفِي الذِّرَاع، الأكْحَلُ، وهما فِيما تَفَرَّق من ظَهْر الكَفِّ الأَشَاجِعُ، وَفِي بطن الذِّرَاع الرَّواهِشُ، وَيُقَال: إِنَّهَا أربعةُ عُروق فِي الرَّأْس، فَمِنْهَا اثْنَان يَنْحَدِران قُدام الأُذنين، وَمِنْهَا الوريدان فِي العُنق، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الوَرِيدانِ بِجَنْبِ الوَدَجَيْن، والوَدَجَانِ عِرْقان غَلِيظان عَن يمينِ ثُغْرَةِ النَّحر ويَسارِها، قَالَ: والوريدان يَنْبِضَان أبدا من الْإِنْسَان، وكل عِرْق يَنْبِض فَهُوَ من الأوْرِدة الَّتِي فِيهَا مَجْرى الحياةِ، والوَرِيدُ من الْعُرُوق مَا جرى فِيهِ النَّفَس وَلم يَجرِ فِيهِ الدَّم، والجداول الَّتِي فِيهَا الدِّمَاء كالأكحل والأبْجل والصَّافِن، وَهِي الْعُرُوق الَّتِي تُفْصَدُ، وَقَالَ اللَّيْث: الوِرْدُ من أَسمَاء الحُمَّى والوِرْد وَقْتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ، والمصدرُ الْوُرُود، والوِرْد اسمٌ مِنْ وَرْدَ يَوْمِ الوِرد، وَمَا وَرَدَ من جمَاعَة الطير وَالْإِبِل، وَمَا كَانَ فَهُوَ وِرْدٌ، تَقول: وَرَدَتْ الإبلُ وَالطير هَذَا المَاء وِرْداً وَوَرَدَتْه أَوْرَاداً وَأنْشد:
كَأَوْرَادِ القطا سَهْلَ البِطاحِ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّصِيب من قِرَاءَة الْقُرْآن وِرْداً من هَذَا، وَيُقَال: أَرْنَبَةٌ وَاردةٌ إِذا كَانَت مُقْبِلةً على السَّبَلَة، وَقَالَ غَيره: فلَان وارِدُ الأَرْنَبَةِ إِذا كَانَ طويلَ الأنْفِ، وكلُّ طويلٍ وَارِدٌ، وشَعَرٌ وارِدٌ، وطَويل وَالْأَصْل فِي ذَلِك: أنّ الأنفَ إِذا طَال يصل إِلَى المَاء إِذا شَرِب بفيهِ لِطوله، والشَّعَرُ من الْمَرْأَة يَرِدُ كَفَلها، وشجرة واردةُ الأغصان إِذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها، وَقَالَ الرَّاعِي يصف نخلا أَو كَرْماً فَقَالَ:
تُلْفَي نَواطِيرَهُ فِي كلِّ مَرْقَبَةٍ
يَرْمُون عَن واردِ الأفنان مُنْهَصِر
أَي يرْمونَ الطيرَ عَنهُ، وَيُقَال: ورّدت المرأةُ خَدَّها إِذا عالجتْه بِصِبْغ القطْنَةِ المصبُوغَةِ، وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: مَا لَك تَوَرَّدَنِي أَي تَقَدَّمُ عليّ، وَفِي قَول طرفَة:
كَسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَهُ المُتَوَرِّدِ
هُوَ المُتَقَدِّم على قِرْنه الَّذِي لَا يَدْفَعه شَيْء.
وعَشِيَّة وَرَدةٌ، إِذا احمر أُفُقُها عِند غرُوب الشَّمْس، وَكَذَلِكَ عِنْد طُلُوع الشَّمْس،

(14/117)


وَذَلِكَ عَلامَة الجدْب.
أَبُو زيد: فِي العُنق الوريدان وهما عرقان بَين الْأَوْدَاج وَبَين اللَّبَّتَيْن، وهما من الْبَعِير الوَدَجَان؛ وَفِيه الأَوْدَاجُ وَهُوَ مَا أحَاط بالحُلْقُوم من العُروق.
قلت: وَالْقَوْل فِي الوريدين مَا قَالَ الْهَيْثَم، والموارد المناهل، واحدهما مَوْرِدٌ، والموْرد الطريقُ إِلَى المَاء.
وَالورد مصدر وردْتُ مَوْرداً وَوَرْداً.
ودر: ابْن شُمَيْل تَقول: ورَّدتُ رَسُولي قِبَلَ بَلْخٍ إِذا بَعَثْتَه؛ وسمعتُ غير وَاحِد من الْعَرَب، يَقُول للرجل إِذا تجهَّم لَهُ ورَده رَداً قبيحاً: وَدِّرْ وجْهَك عني أَي نَحِّه وبَعِّدْه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: تَهَوَّل فِي الْأَمر وتَوَرَّط وتَوَدَّرَ بِمَعْنى مَال.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَدَّرْتُ فلَانا تَوْديراً إِذا أَغْوَيتَه حَتَّى يَتَكَلَّف مَا يَقع مِنْهُ فِي هَلَكَةٍ، وَقد يكون التودُّر فِي الصدْق وَالْكذب، وَقيل: إِنَّمَا هُوَ إيرادك صاحبَك الهَلَكَةُ.
ردأ: ابْن شُمَيْل: رَدَأْتُ الْحَائِط أَرْدَؤُه إِذا دَعَمْتَه بخشَبٍ أَو كَبْسٍ يَدْفَعُه أَن يَسْقَط.
وَقَالَ يُونُس: أردَأْتُ الْحَائِط بِهَذَا الْمَعْنى.
قَالَ: والأَرْداءُ الأعدالُ الثَّقيلةُ كل عِدْل مِنْهَا رِدْءٌ وَقد اعْتَكَمْنَا أرداء لنا ثقالاً أَي أَعْدالاً.
وَفُلَان رِدْءٌ لِفلان أَي يَنْصُرُه ويشدُّ ظَهْرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول: رَدَأْتُ فلَانا بِكَذَا أَو كَذَا أَي جعلته قُوَّة لَهُ وعِماداً كالحائطِ تَرْدَؤُه بِرِدْءٍ من بِناءٍ تُلْزِقه بِهِ.
وَتقول: أَرْدَأْتُ فلَانا أَي رَدأْتَهُ، وصرت لَهُ ردْءًا أَي مُعيناً، الرَّدء المُعينُ وتَرَادأُوا أَي تَعاوَنوا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أردأت الرجلَ إِذا أعنتَه قَالَ الله جلّ وعزّ: {مِنِّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ} (الْقَصَص: 34) وَقد أرديته أَي أهلكته، قَالَ: وَهَذَا شَيْء رَدِيء بَيِّن الرَّداءة، وَلَا تقلْ الرَّداوَةِ والرِّدءُ الْمعِين.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَرْديتُ على الْخمسين أَي زِدْتُ عَلَيْهَا، وَقَالَ أوْس بن حجر:
وأَسْمَرَ خَطِّياً كَانَ كُعُوبَهُ
نَوَى القَسْبِ قَد أَرْدَى ذِرَاعاً على العَشْرِ
وَقَالَ اللَّيْث: لُغَة للْعَرَب: أَرْدَأَ على الْخمسين إِذا زَاد، قلتُ: لم أسمع الْهَمْز فِي أرْدى لغير اللَّيْث، وَهُوَ غلط مِنْهُ.
قَالَ اللَّيْث: رَدُأَ الشَّيءُ يَرْدُؤ رَداءَةً وَإِذا أصَاب الإنسانُ شَيْئا رَديئاً فَهُوَ مُرْدِىءٌ وَكَذَلِكَ إِذا فعل شَيْئا رَديئاً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {قَالَ تَاللَّهِ إِن} (الصافات: 56) مَعنا، لتُهْلِكُنِي وَقَوله: {لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى}

(14/118)


(اللَّيْل: 11) قيل: إِذا ماتَ، وَقيل: إِذا تَرَدَّى فِي النَّار من قَوْله جلّ وعزّ: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} (الْمَائِدَة: 3) وَهِي الَّتِي تَقَع مِن جبل أَو تَطَيحُ فِي بِئْر أَو تسْقط من مَوضِع مُشْرِفٍ فتموت.
(ردي) : وَقَالَ اللَّيْث: التَّرَدِّي هُوَ التَّهَوُّرُ فِي مَهْواةٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَدِيَ فِي القلِيب يَرْدَى وتَرَدَّى من الْجَبَل تَرَدِّياً.
وَقَالَ غَيره: رَديْتُ فلَانا بِحجر أَرْديتُه رَدياً إِذا رَمَيْتَه بِهِ.
وَقَالَ ابْن حِلِّزَة:
وَكَأن المَنُونَ تَرْدى بِنَا أَعْ
صَمَ يَنْجاب عَنهُ العَماءُ
والمِرْداةُ الحَجَر الَّذِي يُرْمَى بِهِ، وَجَمعهَا المرادِي وَمِنْه قَوْلهم: عِنْد جُحْر كل ضبٍ مِرْداتُه.
يضْرَبُ مَثَلاً للشَّيْء العَتِيد لَيْسَ دونَه شيءٌ وَذَلِكَ أنَّ الضبَّ ليسَ يَنْدَلُّ على جُحْرِهِ إِذا خرج مِنْهُ فَعَاد إِلَيْهِ إِلَّا بحَجر يَجْعَلُه عَلامَة لجُحْرِهِ.
وَقَالَ الْفراء: الصَّخْرَةُ يُقَال لَهَا رَداةٌ وَجَمعهَا رَدَيَاتٌ وَقَالَ ابْن مقبل:
وقَافِيةٍ مِثلِ حدِّ الرِّداةِ
لم تتْرك لمُجيبٍ مَقَالاَ
وَقَالَ طُفَيل:
رَداةٌ تَدَلَّتْ مِنْ صُخُور يَلمْلم
ويَلملمُ جَبَلٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا عَدَا الْفرس فَرَجَمَ الأَرْض رَجْماً قيل: رَدِي يَرْدِي رَدْياً ورَدْياناً.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ التَّقْريب. قَالَ: والجَوارِي يَرْدين إِذا رَفعْت إِحْدَاهُنَّ رجْلَها ومشتْ على رِجْلٍ تَلْعبُ، والغرابُ يَرْدِي إِذا حَجَلَ.
وَقَالَ المنْتَجِع بن نَبْهان: الرديانُ عَدْوُ الْفرس بَين آرِيِّه ومُتَنمَّعكِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تسمى قَوَائِم الْإِبِل مَرادِيَ لِثَقلِهِا وشدةِ وَطْأَتها، نَعْتٌ لَهَا خَاصَّة وَكَذَلِكَ مَرادي الْفِيل.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: راديت الرجل وداجَيتُه ودَاليْتُه وفَانيتُه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عبيد. وَيُقَال: رَاودْتُه على الْأَمر وَرادَيْتُه.
وَقَالَ طفيل ينعَت فرسه:
يُرادَى على فَأْسِ اللِّجامِ كأَنَّما
يُرادَى بِهِ مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
يَعْنِي يُرَاوَدُ، ابْن السّكيت: فلَان غَمْرُ الرِّداءِ إِذا كَانَ كثير الْمَعْرُوف واسِعَهُ وإنْ كَانَ رِداؤه صَغِيرا، وَقَالَ كثير:
غَمْرُ الرِّداءِ إِذا تَبَسَّمَ ضَاحكاً
غَلِقَتْ لِضحْكَتِه رِقابُ المَال

(14/119)


وَرُوِيَ عَن عَليّ أَنه قَالَ: من أَرَادَ البَقَاء وَلَا بقاءَ فلْيُباكِرْ الغَداءَ وليخفِّف الرِّداء.
قَالُوا لَهُ: وَمَا تَخْفيف الرِّداء فِي البقَاءِ؟
فَقَالَ: قِلةُ الدّيْن.
قلت: ويُسَمَّى الدَّيْن رِداءً لِأَن الرِّداء يَقَعُ على المَنكِبَيْن ومُجْتمع العُنُق والدَّيْن أَمانَةٌ، وَالْعرب تَقول فِي ضمَان الدَّيْن: هَذَا لَك فِي عُنقِي ولازمُ رَقَبَتِي، فقيلَ للدَّين: رِداءً لِأَنَّهُ لَزِم عُنُق الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، كالرِّداء الَّذِي يَلْزَمُ المَنكِبَيْن إِذا تُرُدِّيَ بِهِ، وَمِنْه قيل للسيف: رِدَاءٌ لأنَّ مُتَقَلِّدَهُ بحمائِله مُتَردَ بِهِ.
وقالتْ خنساء ترثي أخاها:
ودَاهِيةٍ جَرَّها جَارمٌ
جَعَلْتَ رِدَاءك فِيهَا خِمَاراً
أَي عَلَوْتَ بِسيْفِك فِيهَا رقابَ أعدائك كالخمار الَّذِي يَتَجَلَّلُ الرأْسَ.
وَيُقَال للوِشاحِ: رِدَاء، وَقد تَرَدَّتِ الْجَارِيَة إِذا تَوَشَّحَتْ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاء العرُو
سِ بالصَّيْفِ رَقْرَقَت فِيهِ العَبِيرَا
يَعْني بِهِ وِشَاحها المُخَلَّق بالخَلُوقِ، وَامْرَأَة هَيْفَاء المُرَدَّى أَي ضَامِرة موضِعِ الوِشاحِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: أَبوك رِداؤك ودَارُك رِدَاؤك، وكلُّ مَا زَيَّنَكَ فَهُوَ رِدَاؤك وَأنْشد:
رَفَعْتُ رِدَاء الجهلِ عَنِّي وَلم يكن
يُقَصِّرُ عَنِّي قَبْلَ ذَاك رِدَاءُ
ورِدَاءُ الشَّباب حُسْنُهُ وغَضَارتُه ونَعْمَتُه وَقَالَ رؤبة:
حَتَّى إِذا الدَّهرُ استَجَدَّ سِيما
مِن البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رِداءَه والبِشْرَ والنعيما
يستوهبُ الدهرُ الوسيمَ أَي الوجْهَ الوَسيمَ رِدَاءَه، وَهُوَ نَعْمَتُه، واستَجَدَّه سِيما أَي أَثراً من البِلى وَكَذَلِكَ قَول طرفَة:
وَوَجْهٍ كأَنَّ الشمسَ حَلَّتْ رداءها
عَلَيْه ... ... ... ...
أَي أَلْقَتْ حُسْنَها ونُورها على هَذَا الْوَجْه، من التّحلِيَةِ فَصَارَ نورها زِينَة لَهُ كالحَلْيِ؛ والرَّدَى الزِّيَادَة.
يُقَال: مَا بلغتْ رَدَى عَطائِك أَي زيادتُك فِي العَطِيّة، ويُعجِبُني رَدَى قولِك، أَي زيادةُ قَوْلك، قَالَ كُثير فِي بَيت لَهُ:
لهُ عَهْدُ وُدٍ لم يُكَدَّر يَزِينُه
رَدَى قولِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
أَي يَزِينُ عهدَ وُدِّه زيادةُ قولِ معروفٍ مِنْهُ؛ وَقَالَ آخر:
تَضَمَّنَها بَنَاتُ الفَحْلِ عَنهم
فَأَعْطَوْها وقَد بَلَغوا رَدَاها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّدَى الْهَلَاك

(14/120)


والرَّدَى الْمُنكر الْمَكْرُوه.
ابْن شُمَيْل: المِرْدَاةُ الْحجر الَّذِي لَا يكادُ الرجل الضَّابِط يَرْفَعُه بيدَيْهِ؛ يُرْدَى بِهِ الحَجرُ، والمكانُ الغليظُ يَحْفِرونَ فَيَضْرِبُونه بِه فَيُلَيِّنُونَهُ ويُرْدَى بِهِ جُحْر الضَّب إِذا كَانَ فِي قَلْعَةٍ فَيُليِّنُ القَلْعَة ويُهَدِّئها، والرَّدْيُ إِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ بهَا ورَمْيٌ بِها.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدَّال وَاللَّام)
د ل (وايء)
دلا، دأل، لدي، ولد، لود، أدل، دوَل.
دلا: قَالَ اللَّيْث: الدَّلْوُ معروفةٌ، وَقد أَدْلَيْتُها أَي أرسلتُها فِي الْبِئْر لأستَقِيَ بهَا؛ وَمِنْهُم من يَقُول: دَلَوْتها وَأَنا أَدْلُوها وأَدْلُو بهَا والجميع الدِّلاّء، والعَدَدُ أَدْلٍ ودُلِيٌ، وَيُقَال للدَّلْو دَلاةٌ، وَقَول الله جلّ وعزّ فِي قصَّة يُوسُف: {فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يابُشْرَى} (يُوسُف: 19) يُقَال: أدليت الدَّلْو إِذا أرسلتَها فِي الْبِئْر لتملأها أُدليها إدلاء، قَالَ: ودلوتها أدلوها دلْواً إِذا أخرجتها وجذبتها من الْبِئْر ملأى. قَالَ الراجز:
يَنْزَع من جَمَّاتها دَلْو الدَّالْ
أَي نَزْعَ النَّازِع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {وَلاَ تَأْكُلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ} (الْبَقَرَة: 188) قَالَ: معنى تُدْلُوا فِي الأَصْل، من أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ، إِذا أرسلتَها لِتملأَها، قَالَ: وَمعنى أَدْلَى فلانٌ بحجته إِذا أَرْسَلَها وأَتَى بهَا على صِحةٍ، قَالَ: فَمَعْنَى قَوْله: تُدْلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام، أَي تَعْمَلُونَ على مَا يُوجِبُهُ الإدلاء بِالْحجَّةِ وتَخُونُون فِي الْأَمَانَة لتأكلوا فريقاً من أَمْوَال النَّاس بالإثم كَأَنَّهُ قَالَ: تَعْمَلُونَ على مَا يُوجِبُه ظَاهر الحُكْمِ، وتتركون مَا قد علمْتُم أنّه الحقُ.
وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ لَا تَأْكُلُوا أموالَكم بينَكم بِالْبَاطِلِ وَلَا تُدْلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام، وإنْ شِئتَ جعلتَ نصبَ وتُدْلُوا بهَا إِذا أَلْقَيْتَ مِنْهَا لَا على الصَّرْفِ، وَالْمعْنَى لَا تصانعوا بأموالكم الْحُكَّام لِيَقْتطِعوا لكم حَقًا لِغيركم، وَأَنْتُم تعلمُونَ أَنه لَا يحلّ لكم.
قلت: وَهَذَا عِنْدِي أصحّ الْقَوْلَيْنِ لِأَن الْهَاء من قَوْله وتدلوا بهَا للأموال، وَهِي على قَول الزجّاج للحجة، وَلَا ذكر لَهَا فِي أول الْكَلَام، وَلَا فِي آخِره وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} (الْأَعْرَاف: 22) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي دلاهما فِي الْمعْصِيَة، بِأَن غَرَّهما، وَقَالَ غَيره: فدلاهما فأطمعهما وَمِنْه قَول أَبُو جُنْدُب الْهُذلِيّ:
أَحُصُّ فَلَا أُجِيرُ وَمَن أُجِرْهُ
فليسَ كَمَن يُدَلَّى بالغُرُورِ

(14/121)


أَحُصُّ أمنع، وَقيل: أَحُص أَقْطَعُ ذَلِك، وَقَوله: كمن يُدَلَّى أَي يُطْمَع قلت: وأصلُه الرجلُ العطشانُ يُدَلَّى فِي الْبِئْر لِيَرْوَى من مَائِهَا فَلَا يَجِد فِيهَا مَاء فَيكون مُدَلَّى فِيهَا بالغُرُور فَوُضِعتْ التَّدْليةُ موضعَ الإطْمَاعِ فِيمَا لَا يُجدِي نَفْعاً. وَفِيه قَول ثَالِث: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أَي جرَّأَهما إبليسُ على أكلِ الشجرةِ بغُرَرِهِ وَالْأَصْل فِيهِ دَلَّلَهما. والدَّالُّ والدَّالَّةُ الجُرْأَةُ، وَأما قَوْله: {الاَْعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (النَّجْم: 8) .
قَالَ الْفراء: ثمَّ دَنا جِبْرِيل من مُحَمَّد فَتَدلَّى كَأَن الْمَعْنى ثمَّ تدلى فَدَنَا، وَهَذَا جَائِز إِذا كَانَ الْمَعْنى فِي الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا.
وَقَالَ الزّجاج: معنى دنا فَتَدَلَّى وَاحِد، لِأَن الْمَعْنى أَنه قَرُبَ فَتَدَلَّى أَي زادَ فِي القُرْب كَمَا تقولُ: قد دَنَا فلانٌ مِنِّي وقَرُب.
وَفِي حَدِيث أمّ الْمُنْذر العَدَوية قَالَت: دخَل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عليّ بن أبي طالبِ ناقهٌ قَالَت: وَلنَا دَوالٍ مُعَلَّقة قَالَت: فقامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَكل، وَقَامَ عليّ فأكلَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَهْلاً فَإنَّك نَاقِهٌ) فَجَلَسَ عليّ وَأكل مِنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَعَلْتُ لَهُم سِلْقاً وشَعِيراً فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من هَذَا أَصِبْ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَك) ، والدَّوَالي: بُسْرٌ يُعلَّق فَإِذا أَرطَبَ أُكِلَ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: دَلَوْتُ الْإِبِل دَلْواً إِذا سُقْتَها سوْقاً رُوَيداً وَأنْشد غَيره:
لَا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وَادْلُوَاهَا
لَبِئْسَما بُطْءٌ وَلَا نَرْعَاها
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء، وَقَالَ اللَّيْث: الدَّالِيَةُ شَيْء يُتَّخذ من خوص وخَشَب يُسْتَقى بِهِ بحبال تُشَد فِي رَأس جِذْعٍ طَوِيل، وَقَالَ: وَالْإِنْسَان يُدْلي شَيْئا فِي مَهْواةٍ ويتدلَّى هُوَ نَفسه، وأدْلى فلانٌ بِحقِّه وحُجَّتِه، إِذا هُوَ احْتَج بهَا وأحضرها، وأَدلَى بِمَال فلَان إِلَى الْحَاكِم: إِذا دَفعه إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَلِيَ إِذا سَاق، ودَلِيَ إِذا تَحَيَّر، وَقَالَ: تدلَّى إِذا قَرُب بعد عُلُوَ، وتدلَّى تواضع، ودَالَيْتُه أَي دَارَيْتُه.
لدي: قَالَ اللَّيْث: لَدَى مَعْنَاهَا مَعْنى عِنْد يُقال: رأيتُه لَدَى بابِ الْأَمِير، وَجَاءَنِي أمرٌ من لَدَيك أَي مِن عِندك، وَقد يَحْسُن من لَدُنْك بِهَذَا الْمَعْنى، وَيُقَال فِي الإغْرَاء: لَدَيْكَ فلَانا كَقَوْلِك عَلَيْك فلَانا وَأنْشد:
لَدَيْك لَدَيْك ضَاقَ بِها ذِراعاً
ويروى إلَيْكَ إِلَيْكَ، على الإغْرَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَلْدَى فلَان إِذا كَثُرَتْ لِدَاتُه وَقَوله جلّ وعزّ: {قَرِينُهُ هَاذَا مَا لَدَىَّ} (ق: 23) يَقُوله المَلك يَعْنِي مَا كُتِبَ من عَمَل العَبْد حاضرٌ عِنْدِي، وَقَالَ تَدَلَّى فلانٌ علينا من أَرض كَذَا وَكَذَا: أَي

(14/122)


أَتَانَا يُقَال: من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ علينا؟ وَقَالَ أسامةُ الهُذَلي:
تَدَلَّى عَلَيْه وهْوَ زُرْقُ حَمَامَةٍ
لَهُ طِحْلِبٌ فِي مُنْتَهَى القَيْضِ هَامِدُ
وَقَالَ لبيد يصف فرسا:
فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلاً
وَعلى الأَرْض غَيَايَاتُ الطَّفَلْ
أَرَادَ أنَّه تَدَلَّى مِن مِرْبائه وهُو عَلى فَرسِه رَاكِبٌ. إِلَى الحضيض وَهُوَ لَهَا أَمْتَن.
أدل: ابْن الْأَعرَابِي: الأدْلُ وَجَعُ الْعُنق من تَعَادى الوِسادِ.
ابْن السّكيت عَن الْفراء: هُوَ الإجْلِ والإدل لِوَجَع العُنُق، والإدْلُ اللَّبَنُ الخائِرُ الحامِضُ من ألبان الْإِبِل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الإعرابي: هُوَ الإدْل والإجْل لِوَجَع الْعُنُق، يُقَال: بِي إِجْلٌ فَأَجِّلُوني هَكَذَا سمعتُه من الْمُنْذِرِيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَاءَنَا بإِدْلَةٍ مَا تُطاق حَمَضاً.
دأل: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّألانُ بالدَّال مَشْيُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَبْغِي فِي مِشْيتِه من النشاط يُقَال: دَأَلتُ أَدْأَل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الدَّألانُ عَدْوٌ مقاربٌ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَأما الذالان بِالذَّالِ فَهُوَ مِنَ المشْيِ الخفيفِ، وَبِه سمِّيَ الذِّئْبُ ذُؤالة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وقفُوا من أَمرهم فِي ذُوَلُولٍ أَي فِي شدَّة وَأمر عَظِيم.
قلت: جَاءَ بِهِ غير مَهْمُوز، وَقَالَ أَبُو زيد فِي الْهَمْز: دَأَلْتُ للشَّيْء أَدْأَلُ دَأَلاً ودَأَلاناً وَهُوَ مِشيةٌ شبيهةٌ بالخَتْل، يُقَال: الذِّئبُ يَدأَلُ للغزال ليأكلَه، يَقُول لِيخْتِله.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والمُدَاءَلَةُ بِوَزْن المَداعَلَة الخَتْلُ، وَقد دَأَلْتُ لَهُ ودَأَلْتُه، وَقد تكون فِي سرعَة الْمَشْي.
ابْن السّكيت: هُوَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي مَفْتُوحَة الْوَاو مَهْمُوز وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الدُّئِل من كِنَانةَ والدُّولُ فِي حَنِيفَةَ يُنْسَبُ إِلَيْهِم الدُّولِيُّ قَالَ والدِّيل: فِي عبْد الْقَيْس يُنْسَبُ إِلَيْهِم الدِّيلِيُّ، قَالَ: والدُّئِلُ: على وزن الوُعِل دُويبةٌ شبيهٌ بِابْن عِرْسٍ وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
جَاءُوا بجَيْشٍ لَو قيسَ مُعْرَسَه
مَا كَانَ إِلَّا كَمُعْرِسِ الدُّئِل
دوَل: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والدَّويلُ النَّبت العَامِيُّ اليَابِسُ، قَالَ الرَّاعِي فِي شعر لَهُ:
شَهْرَيْ ربيعٍ لَا تذوق لَبُونُهم
إِلَّا حُموضاً وَخْمةً ودَوِيلاً
أَبُو زيد: الكَلأُ الدَّويلُ الَّذِي أتتْ عَلَيْهِ سنتَانِ فَهُوَ لَا خير فِيهِ.

(14/123)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدالَةُ الشهرةُ وَيجمع الدَّالَ، يُقَال: تركناهم دَالةً أَي شهرةً، وَقد دَالَ يَدُول دَالةً ودَوْلاً إِذا صَار شهرةً. وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَآءِ} (الْحَشْر: 7) . قَرَأَهَا النَّاس بِرَفْع الدَّال إِلَّا السّلمِيّ فِيمَا أعلم فَإِنَّهُ قَرَأَ دَوْلة بِنصب. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا للدَّولة بِموضع، إِنَّمَا الدَّوْلة للجيشين يهْزم هَذَا هَذَا ثمَّ يُهْزَم الهَازِمُ.
فَتقول: قد رَجَعَتْ الدَّوْلَة على هَؤُلَاءِ كَأَنَّهَا الْمرة، قَالَ: والدُّولَةُ بِرَفْع الدَّال فِي المِلْكِ والسُّنَن الَّتِي تُغَيَّر وتُبَدَّل عَن الدَّهْر، فَتلك الدُّولَة والدُّوَل.
وَقَالَ الزّجاج: الدُّولَة اسْم الشَّيْء الَّذِي يُتَدَاول؛ والدَّوْلَةُ الفِعل والانتقال من حَال، فَمن قَرَأَ {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ} (الْحَشْر: 7) فعلى أَن يكون على مَذْهَب المَال كَأَنَّهُ كي لَا يكون الفَيْءُ دُولةً أَي مُتداولاً.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: أَخْبرنِي ابْن سَلام عَن يُونُس فِي قَول الله جلّ وعزّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ} فَقَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: الدُّولة فِي المَال والدَّوْلة فِي الحَرْب. قَالَ: وَقَالَ عِيسَى بن عمر: كلتاهما فِي الْحَرْب سَوَاء، وَقَالَ: واللَّهِ مَا أَدْرِي مَا بَينهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّولَةُ والدَّوْلة لُغتان، وَمِنْه الإدالة قَالَ: وَقَالَ الْحجَّاج: إِن الأرضَ ستُدال منا كَمَا أدلنا مِنْهَا. قلت: مَعْنَاهُ أَنَّهَا ستأكُلَنا كَمَا نَأْكُلها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: حَجازَيْكَ ودَوَالَيْكَ وهَذَاذَيْكَ. قَالَ: وَهَذِه حُرُوف خِلْقَتُها على هَذَا لَا تُغَيَّر قَالَ: وحَجازيك أَمَرَه أَن يَحْجُزَ بَينهم؛ ويَحْتملُ أَن يكون مَعْنَاهُ: كُفَّ نَفْسَك، وأمَّا هَذَاذَيْك، فَإِنَّهُ يَأْمُرهُ أَن يقطع أَمْرَ الْقَوْم، ودواليك من تَداولوا الْأَمر بَينهم، يَأْخُذ هَذَا دَوْلة وَهَذَا دَوْلَة وَأنْشد ابْن بُزُرْجَ:
دَوَالَيْك حَتَّى مَا لِذا الثَّوبِ لابسُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثْلُه
دَوَالَيْك حَتَّى مَا لذَا الثَّوْب لابسُ
قَالَ: هَذَا رجلٌ شقَّ ثِيَابَ امرأةٍ حَتَّى يَنْظُرَ جَسَدها فَشَقتْ هِيَ أَيْضا عَلَيْهِ ثَوْبه.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: رُبمَا أدخلُوا الْألف وَاللَّام على دَوَالَيْك فجُعِلَ كالاسم مَعَ الْكَاف وَأنْشد فِي ذَلِك:
وصاحبٍ صاحَبْتُه ذِي مَأْفَكَهْ
يَمْشي الدَّوَالَيك ويعدو البُنَّكَهْ
قَالَ: والدَّواليك أنْ يَتَحَفَّزَ فِي مِشْيته إِذا حَاكَ والبُنَّكَةُ يَعْنِي ثِقْلَه إِذا عَدا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَاءَ بالدُّوَلَة والتُّوَلَة، وهما من الدَّوَاهِي، وَيُقَال: تَدَاوَلْنا الأمرَ

(14/124)


والعَمل بَيْننَا بِمَعْنى تَعاوَرْناه فَعمل هَذَا مرّة وَهَذَا مرّة.
ولد: قَالَ اللَّيْث: الوَليدُ الصَّبيُّ والوليدةُ الأَمَةُ. قَالَ: وأمَّا التَّلِيدَة من الْجَوَارِي فَهِيَ الَّتِي تُولَدُ فِي مِلْك قومٍ وَعِنْدهم أبواها. وَقَالَ ابْن شُمَيل: المولَّدة الَّتِي وُلِدت بأرضٍ وَلَيْسَ بهَا إِلَّا أَبَواها أَو أُمها، والتَّلِيدةُ الَّتِي أَبوهَا وأهلُ بَيتهَا وَجَمِيع من هُوَ بسبيل مِنْهَا بِأَرْض، وَهِي بِأَرْض أُخْرَى. قَالَ: والقِنُّ من العبيد التَّليد الَّذِي وُلد عنْدك وَقد مرّ مَا قيل فِي المولَّدة والتَّلِيدَة فِي بَاب تَلَد، وَقَول ابْن السّكيت فِي قَول مُزَرِّدٍ الثَّعْلَبي:
تَبَرَّأْتُ من شَتْمِ الرجالِ بِتَوْبةٍ
إِلَى الله مِني لَا يُنادَى وَليدُها
وَقَالَ: هَذَا مثلٌ ضربَهُ: مَعْنَاهُ إِنِّي لَا أُراجَعُ وَلَا أُكَلَّم فِيهَا كَمَا لَا يُكلَّم الوليدُ فِي الشَّيْء الَّذِي يُضربُ لَهُ فِيهِ المَثَل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عبيد فِي قَوْلهم: هُوَ أمرٌ لَا ينادَى وليدُه، قَالَ أَحدهمَا: هُوَ أَمر جليل شَدِيد لَا يُنادى فِيهِ الوليدُ، وَلَكِن تُنادَى فِيهِ الجِلَّةُ.
وَقَالَ آخر: أصلُه فِي الْغَارة: أَنْ تَذْهَل الأمُ عَن ابْنهَا أَن تنادِيَه وتضُمَّه وَلكنهَا تهرُب عَنهُ.
قَالَ ابْن السّكيت: وَيُقَال: جَاءُوا بِطَعَام لَا ينادَى وَليدهُ، وَفِي الأَرْض عُشْب لَا يُنَادى وَليده: أَي إِذا كَانَ الْوَلِيد فِي مَاشِيَة لم يَضِرْهُ أَيْن صَرَفها لِأَنَّهَا فِي عُشْب، فَلَا يُقَال لَهُ: اصْرفها إِلَى مَوضِع كَذَا لِأَن الأرضَ كلَّها مُخْصِبة، وَإِن كَانَ طعامٌ أَو لَبَن فَمَعْنَاه، أَنه لَا يُبالي كَيفَ أَفْسَد فِيهِ؟ وَلَا مَتَى أكل؟ وَلَا مَتى شربَ؟ وَفِي أيّ نواحيه أَهْوَى؟
وَقَالَ اللَّيْث: الوَلَد اسْم يجمع الواحِد وَالْكثير وَالذكر والأُنثى. قَالَ: وَوَلَدُ الرجل ووُلْدُهُ فِي معنى، وَوَلَدُه ورَهْطُه فِي مَعْنى، وَيُقَال فِي تَفْسِير قَوْله: {يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ} (نوح: 21) مالُه وولدُه أَي رَهْطُه، وَيُقَال: وُلْدُه، قَالَ: والوِلْدَةُ جمعُ الْأَوْلَاد قَالَ رؤبة:
شَمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعابِلاَ
وَقَالَ الْفراء: قَرَأَ إِبْرَاهِيم: (مالُه ووُلْدُه) وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَمْرو وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة، وروى خَارِجَة عَن نَافِع: (وَوُلْدُه) أَيْضا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (ووَلَدَه) .
وَقَرَأَ ابْن أبي إِسْحَاق: (مَاله ووِلده) ، قَالَ: وهما لُغَتَانِ: وِلده، ووُلده.
قَالَ الزّجاج: الوَلَد والوُلْدُ وَاحِد مثل العَرَب والعُرْب والعَجم والعُجْم وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الْفراء وَأنْشد:
وَلَقَد رأَيتُ معاشِرا
قد ثَمَّروا مَالا وَوُلْداً
قَالَ: وَمن أَمْثَال الْعَرَب: وُلْدُكِ مَن دَمَّىّ

(14/125)


عَقِبَيْكِ وَأنْشد:
فَليتَ فُلاناً كَانَ فِي بَطْن أُمِّه
ولَيْتَ فلَانا كانَ وُلْدَ حِمارِ
فَهَذَا وَاحِد، قَالَ: وَقيس يَجْعل الوُلْد جمعا والوَلد وَاحِدًا.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: قَالَ يُقَال فِي الوَلَدِ: الوِلْدُ والوُلْدُ قَالَ وَيكون الوُلْدُ وَاحِدًا وجمعاً.
اللَّيْث: شاةٌ وَالِدٌ وَهِي الحَامِل، والجميع: وُلْدٌ وَإِنَّهَا لَبَيِّنَة الوِلادِ، وَأما الوِلادةُ فَهُوَ وَضْعُ الوالدة ولدَها، وَجَارِيَة مُولّدة تُولدُ بَين الْعَرَب، وتَنْشأُ مَعَ أَوْلَادهم ويَغْذونها غِذاءَ الوَلَد ويُعَلِّمونها من الْأَدَب مثل مَا يعلّمون أَوْلَادهم، وَكَذَلِكَ المولَّدُ مِن العَبيدِ، وَإِنَّمَا سُمِّي المولَّدُ من الْكَلَام مُولَّداً إِذا استحدثوه، وَلم يكن من كَلَامهم فِيمَا مَضى.
ابْن السّكيت: شاةٌ والِدٌ أَي حَامِل وَيُقَال لأم الرجل هَذِه: والدةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد قَالُوا: الوَلِيدُ الصَّبِيُّ حِين يُولد.
قَالَ بَعضهم: نَدْعُو الصبية أَيْضا وليداً.
وَقَالَ بَعضهم: بل هُوَ الذّكر دون الْأُنْثَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: غُلامٌ مَوْلُود، وَجَارِيَة مَولودة أَي حِين وَلَدَتْه أُمُّه، والولِيدُ الغُلام حِين يُسْتَوصَفُ قبل أَن يَحْتَلم، وجاريةٌ وَليدةٌ، وَيُقَال للأمَة: وليدةٌ وَإِن كَانَت مُسِنَّة، قَالَ: وَجَاء بِبَيِّنَةٍ مُوَلَّدَةٍ، وَلَيْسَت بمَحَقَّقة، وجاءنا بِكِتَاب مُوَلَّدٍ أَي مُفْتَعَل.
وَحكى أَبُو عُمَر عَن ثَعْلَب قَالَ: وَمِمَّا حرَّفَته النصارَى أَنَّ فِي الْإِنْجِيل يَقُول الله مُخَاطبا لعيسى: أَنْت نبِيِّي وَأَنا وَلَّدْتُك أَي رَبَّيْتُكَ، فَقَالَت النَّصَارَى: أَنْتَ بُنَيِّي وَأَنا وَلَدْتُك وَأنْشد:
إِذا مَا وَلَّدوا شَاة تنادوْا
أَجَدْيٌ تحتَ شاتِك أَمْ غُلامُ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَوْله: ولَّدوا شَاة رماهم بِأَنَّهُم يَأْتون الْبَهَائِم. قلت: وَالْعرب تَقول: نَتَجَ فلانٌ ناقَتَه إِذا وَلَدتْ وَلَدهَا وَهُوَ يَلِي ذَلِك مِنْهَا فَهِيَ مَنْتُوجَةٌ، والناتجُ لِلْإِبِلِ بِمَنْزِلَة القَابِلَة للْمَرْأَة إِذا وَلَدَتْ، يُقَال فِي الشَّاة: ولَّدناها أَي وَلِينا وِلادَتها.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: إِذا وَلَدَت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجْيَلاء مَمْدُود ووَلَّدْتها طَبقاً وطَبَقَةً، ومَوْلِدُ الرجل وقْتُ وِلادِه، ومولِدُه الموضعُ الَّذِي وُلد فِيهِ، وَوَلَدَتْه الأمُ تَلِد مولِداً كل ذَلِك بِكَسْر اللَّام يَعْنِي المولد.
لود: قَالَ اللَّيْث: الأَلْوَدُ الَّذِي لَا يكَاد يَميل إِلَى عَدْل وَلَا ينقاد لأمرٍ، وفِعْلُه لَوِدَ يَلْوَدُ لَوَداً، وَقوم أَلْوَاد، وَهَذِه كلمة نادرة، وَقَالَ رؤبة:
أُمْسِكتُ أَجْراسَ القرومِ الأَلْودِ

(14/126)


وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَلْوَد الشَّديدُ الَّذِي لَا يُعطى طَاعَة وَجمعه أَلْوَاد وَأنْشد:
أَغْلَبَ غَلاَّباً أَلَدَّ أَلْوَدا
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالنُّون)
د ن (وايء)
دين، دنأ، دنا، دنؤ، وَدَن، نود، نأد، ندا، ندأ، دون: (مستعملة) .
دون: شمر قَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أدنُ دونَك أَي اقتربْ، قَالَ لَبِيد:
مِثْلُ الَّذِي بالغِيلِ يَغْزُو مُخْمَدَا
يَزْداد قُرباً دونَه أنْ يُوعَدا
مُخْمَدٌ: ساكنٌ قد وطّن نَفسه على الْأَمر، يَقُول: لَا يَرُده الوَعِيدُ فَهُوَ يَتَقَدَّمُ أمامَهُ يَغْشَى الزَّجْرَ، وَقَالَ زُهَير بن خَبَّابٍ:
وإنْ عِفْتَ هَذَا فادنُ دونَك إنّني
قليلُ الغِرار والشَّرِيجُ شِعارِي
الغِرارُ النَّوم، والشّريجُ القَوْس وَأنْشد:
تُرِيك القَذَى مِن دونهَا وَهِي دُونَه
إِذا ذاقَها مَن ذاقها يَتَمَطَّقُ
وفَسَّره فَقَالَ: تُريك هَذِه الخَمْرُ من دونِها أَي من ورائِها، وَالْخمر دُون القَذَى إِلَيْك، وَلَيْسَ ثَمَّ قذًى، وَهَذَا تَشْبِيه يَقُول: لَو كَانَ أسفلَها قَذًى لرأَيتَه.
وَقَالَ بعض النَّحْوِيين: لِدُونَ تسعةُ معانٍ: تكون بِمعنى قبْلُ، وَبِمَعْنى أمامَ، وَبِمَعْنى وَرَاءَ، وَبِمَعْنى تحتَ، وَبِمَعْنى فوقَ، وَبِمَعْنى السَّاقِط من النَّاس وغيرِهم، وَبِمَعْنى الشريفِ، وَتَكون بِمَعْنى الْأَمر، وَبِمَعْنى الوَعيد، وَبِمَعْنى الإغراء.
فَأَما دون بِمَعْنى قبل، فكقولك: دُونَ النَّهرِ قِتَالٌ، ودُون قَتْلِ الْأسد أَهْوَالٌ: أَي قبل أَن تصل إِلَى ذَلِك، وَدون بِمَعْنى وَرَاء كَقَوْلِك: هَذَا أَمِير على مَا دون جَيْحُونَ أَي على مَا وراءَه، والوعيدُ كَقَوْلِك: دُونَك صِراعي ودونك فَتَمْرَسْ بِي، وَفِي الْأَمر: دُونك الدِّرهَم أَي خُذْهُ، وَفِي الإغراء: دُونك زيدا أَي الْزَمْ زيدا فِي حفظه، وَدون بِمَعْنى تَحت كَقَوْلِك دون قَدَمِكَ خَدُّ عَدُوِّكَ أَي تَحت قدمك، وَدون بِمَعْنى فَوق كَقَوْلِك: إنَّ فلَانا لَشَرِيفٌ فيجيبُ آخرُ فيقولُ: ودونَ ذَلِك أَي فَوق ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال زيد دُونك، أَي هُوَ أحسن مِنْك فِي الحسَب، وَكَذَلِكَ الدون يكون صفة وَيكون نعتاً على هَذَا الْمَعْنى وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فعل، وَيُقَال هَذَا دون ذَلِك فِي التَّقْرِيب والتحقير، فالتحقيرُ مِنْهُ مَرْفُوع، والتقريب مَنْصُوب لِأَنَّهُ صفته، وَيُقَال: دونُك زَيدٌ فِي الْمنزلَة والقرب والبعد.
سَلمَة عَن الْفراء: دُونَ يكون بِمَعْنى على، وَتَكون بِمَعْنى بعد، وَتَكون بِمَعْنى عِنْد، وَتَكون إغراء، وَيكون بِمَعْنى أقَلَّ من ذَا

(14/127)


وأنقص من ذَا، ودُونَ يكون خسيساً. وَقَالَ فِي قَوْله: {وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذالِكَ} (الْأَنْبِيَاء: 82) .
ودونَ ذَلِك الغَوْصِ يُرِيد سوى الغَوْصِ، من البِنَاء، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني
أَي يُنَكِّسُه فِيما بيني وبينَه من الْمَكَان.
يُقال: ادْنُ دُونك أَي اقْتَرِب، مني فِيمَا بيني وَبَيْنك، والطَّرْف تَحْرِيك جفون الْعَينَيْنِ بِالنّظرِ، يُقَال: أَسْرَعُ من الطَّرْف واللَّمْح.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: يَكْفِينِي دُونُ هَذَا لِأَنَّهُ اسْم.
وَيُقَال: هَذَا رجل من دونٍ، وَلَا يُقَال: رجلٌ دُونٌ لم يتكلَّموا بِهِ وَلم يَقُولُوا فِيهِ: مَا أَدْوَنَه وَلم يُصَرَّفْ فِعْلُه كَمَا يُقَال: رجلٌ نَذْلٌ بَيِّن النَّذَالةِ.
وَفِي الْقُرْآن: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذاَلِكَ} (الْأَعْرَاف: 168) بِالنّصب، والموضع مَوْضعُ رفع، وَذَلِكَ أَن الْعَادة فِي دون أَن يكون ظرفا، ولذلِك نصبوه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التَّدَوُّنُ الغِنَى التامُ.
دين: أَبُو عبيد: الدِّين الْحساب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) وَقَالَ غَيره: مالكِ يَوْم الْجَزَاء، وَمِنْه قَوْلهم: كَمَا تَدِينُ تُدان، الْمَعْنى كَمَا تعْمل تُعْطَى وتُجَازَى، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَاعْلَمْ يَقيناً أَنَّ مُلْكَكَ زائِلٌ
واعْلم بأَنَّ كَمَا تدينُ تُدان
أَي تُجْزَى بِمَا تفعل، والدِّين أَيْضا الْعَادة، تَقول الْعَرَب: مَا زَال ذَلِك دِيني ودَيْدَنِي أَي عادتي.
وَفِي الحَدِيث: (الْكَيِّسُ من دَانَ نَفْسَه وعَمِلَ لما بعد الْمَوْت، والأحمقُ من أَتْبَعَ نَفْسَه هَواها وتمنّى على الله) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: دَانَ نَفْسَه أَي أَذَلَّها واستعبدها، يُقَال: دِنْتُ الْقَوْم أَدِينُهم إِذا فعلت ذَلِك بهم.
قَالَ الْأَعْشَى يمدح رجلا:
هُوَ دانَ الرَّباب إذْ كَرِهُوا الدَّيْ
نَ دِرَاكاً بِغَزْوَةٍ وصِيالِ
ثُمَّ دَانتْ بَعْدُ الربابُ وكانتْ
كعذابٍ عُقوبةُ الأقوالِ
فَقَالَ: هُوَ دَانَ الربابَ يَعْنِي أذَلَّها، ثمَّ قَالَ: دَانَتْ بعدُ الربابُ أَي ذَلَّتْ لَهُ وأطاعَتْه، والدِّين لِلَّهِ من هَذَا إِنَّمَا هُوَ طاعتُه والتَّعَبُّدُ لَهُ.
وَقد قيل فِي قَوْله: الكَيِّسُ من دَان نَفْسَه أَي حاسَبها.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {الدِّينُ الْقَيِّمُ} (التَّوْبَة: 36) أَي ذَلِك الْحساب الصَّحِيح والعَددُ الْمُسْتَوِي، وَقَوله جلّ وعزّ: {تُبْصِرُونَ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} {مَدِينِينَ} (الْوَاقِعَة:

(14/128)


86 -، 87) .
قَالَ الْفراء: غير مدينين غير مَمْلوكِين.
قَالَ: وسمِعْتُ غَيرَ مَجْزِيِّينَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: هَلاَّ تَرْجِعُونَ الرُّوحَ إِن كُنْتُم غيرَ مَمْلُوكين مُدَبَّرِين، وَقَوله: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (الْوَاقِعَة: 87) أنَّ لكم فِي الْحَيَاة وَالْمَوْت قُدرة وَهَذَا كَقَوْلِه: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمرَان: 168) .
وَقَالَ اللَّيْث: المَدِينَةُ الأَمَةُ الْمَمْلُوكَة والعَبْد مَدين. وَقَالَ الأخطل:
رَبَتْ ورَبَا فِي كَرْمِها ابْنُ مَدينةٍ
يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ فِي بَيت الأخطل: هَذَا ابنَ مَدِينة عَالم بهَا كَقَوْلِهِم: هُوَ ابنُ بَجْدَتِها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: دِنتُ الرجل أَقْرَضْتُهُ، وَمِنْه قَالُوا: رجلٌ مَدِين ومَدْيون، قَالَ: ودِنْتُه استقرضتُ مِنْهُ وَأنْشد فَقَالَ:
نَدِينُ ويَقْضِي اللَّهُ (عَنَّا) وقدْ نَرَى
مَصارِعَ قومٍ لَا يَدِينون ضُيَّعا
قَالَ: أنشدنَاه الْأَحْمَر، قَالَ: وأَدَنْتُ الرجلَ إِذا أَقْرضتَه، وَقد ادَّانَ إِذا صَار عَلَيْهِ دَيْن.
وَقَالَ شِمر: ادَّان الرجلُ إِذا كَثُر عَلَيْهِ الدَّيْن وَأنْشد:
أَنَدَّانُ أَمْ نَعْتَانُ أم يَنْبَرِي لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيْف هُزَّتْ مَضَارِبهُ
قَالَ: نَعْتَانُ نَأْخُذ العِينَة.
قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دِنْتُ وَأَنا أدين إِذا أخذت دَيْناً وَأنْشد:
أَدِينُ وَمَا دَيْني عَلَيْكُم بِمَغْرَم
وَلَكِن على الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القِرْوَاحُ من النخيل الَّتِي لَا تُبالي الزَّمَانَ، وَكَذَلِكَ من الْإِبِل، قَالَ: وَهِي الَّتِي لَا كَرَب لَهَا من النخيل.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ غَيره: المُدَّانُ الَّذِي لَا يزَال عَلَيْهِ دَيْن، قَالَ: والمِدْيَانُ إِذا شِئْت جعلتَه الَّذِي يُقْرِضُ كثيرا، وَإِذا شئتَ جَعَلتَه الَّذِي يَسْتقرِض كثيرا، قَالَ: والدائنُ الَّذِي يَستدين، والدائن الَّذِي يُجْرِي الدَّينَ.
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو زيد: جِئْت لأطلب الدِّيَنَة قَالَ: هُوَ اسْم الدَّين وَمَا أَكثر دِينَته أَي دَيْنَه، وَقَالَ: دِنْتُ الرجلَ حَمَلْتُه على مَا يكره وَأنْشد:
يَا دِينَ قَلبك من سَلْمى وَقد دِينَا
قَالَ: يَا دِين قَلْبك يَا عادةَ قَلْبك وَقد دِينَ أَي حُمِل على مَا يَكْره.

(14/129)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَانَ الرجلُ إِذا عَزَّ، ودان إِذا ذَلَّ، ودَانَ إِذا أطاعَ، ودَانَ إِذا عَصَى، ودَانَ إِذا اعتادَ خَيْراً أَو شرّاً، ودَانَ إِذا أصابَه الدِّينُ، وَهُوَ دَاء، قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
يَا دِينَ قَلْبِك من سَلْمى
قَالَ: قَالَ الْمفضل: مَعْنَاهُ يَا داءَ قَلْبك الْقَدِيم.
وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله جلَّ وعزّ: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ} (يُوسُف: 76) قَالَ فِي قَضَاء الْملك.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: دِنْتُه مَلَكْتُه. قَالَ الحطيئة:
لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيك حَتَّى
تَرَكتِهم أدقَّ من الطَّحِينِ
يَعْنِي مُلِّكْتِ ويُرْوَى شُوِّسْتِ يُخَاطب أُمَّه.
قَالَ شمر فِي قَوْلهم: يَدَّيَنُ الرجل أَمْره من هَذَا أَي يَمْلك.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَدْنتُ الرجلَ بِعْتَه بِدَيْن وَأنْشد فَقَالَ:
أَدانَ وأَنْبأَهُ الأوَّلونْ
بأنَّ المُدانَ مَلِيءٌ وَفى
وَقَالَ شَمِر: رجل مَدِينٌ ومُدانٌ وَمَدْيونٌ ودائنٌ كُله الَّذِي عَلَيْهِ الدّين، وَكَذَلِكَ المُدان، فَأَما المُدِينُ فَالَّذِي يَبِيعُ بِدَيْن.
وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ: أَدان الرجلُ أَي صَار لَهُ ديْن على النَّاس.
وَقَالَ ابْن المظفر: أَدَانَ الرجلُ فَهُوَ مُدِين أَي مُستَدِين.
قلت: وَهَذَا خطأ عِنْدِي وَقد حَكَاهُ شمر لبَعْضهِم وَأَظنهُ أَخذه عِنْده، وأَدَانَ مَعْنَاهُ أَنه باعَ يَديْن أَو صَار لَهُ على النَّاس ديْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّينُ مِن الأمطار مَا تعاهد موضعا لَا يزَال يُرِبُّ بِهِ ويُصِيبُه وَأنْشد:
مَعْهُودٌ ودينُ
قلت: هَذَا خطأ وَالْبَيْت للطرماح:
عَقَائِل رَمْلَةٍ نَازَعْنَ مِنها
دُفوف أَقَاحِ مَعْهُودٍ وَدِينِ
أَرَادَ دُفوفَ رَمْل أَوْ كُثُبَ أقاحٍ مَعْهود أَي مَمْطور أَصَابَهُ عهد من الْمَطَر بعد مطر تقدَّمه وَقَوله: ودِينٌ أَي مَوْدون مَبْلُول من وَدَنْتُه أَدنُه وَدْناً إِذا بَلَلتَه وَالْوَاو فَاء الْفِعْل، وَهِي أَصْلِية وليستْ بواو الْعَطف، وَلَا يُعْرف الدِّين فِي بَاب الأمطار وَهَذَا تَصْحِيف قَبِيح من اللَّيْث أَو مِمَّن زَاده فِي كِتَابه، وَيُقَال: دايَنْتُ الرجلَ إِذا أقرضتَه وَمِنْه قَول رؤبة:
داينْتُ أَرْوَى والدُّيون تُقْضَى
والدَّيانُ من أَسمَاء الله جلّ وعزّ، مَعْنَاهُ الحَكَمْ القَاضِي.
وَسُئِلَ بعضُ السَّلف عَن عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: كَانَ ديَّان هَذِه الْأمة بعد نَبِيِّها، أَي كَانَ قاضِيهَا وحَاكمهَا، والدَّيان

(14/130)


القهَّار وَمِنْه قَوْله:
لاَه ابْن عَمِّك لَا أُفْضَلْتَ فِي حَسَبِ
يَوْمًا وَلَا أَنْت ديَّاني فَتَخْزوني
أَي لستَ بِقاهرٍ فتسوسَ أَمْرِي، وتَدَيَّن الرجل إِذا اسْتَدَانَ وَأنْشد:
يُعَيِّرني بالدَّين قومِي وَإِنَّمَا
تَدَيَّنْتُ فِي أشياءَ تُكْسِبُهم حَمْداً
وَقَالَ اللحياني: دَيَّنْتُ الرجلَ فِي الْقَضَاء وَفِيمَا بَينه وَبَين الله أَي صَدَّقْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَيَّنْتُ الْحَالِف: أَي نَوَّيتُه فِيمَا حلف وَهُوَ التديين. وَيُقَال: رأيتُ بفلانٍ دَينَةً إِذا رأى بِهِ سَبَبَ الموتِ.
وَدَن: سَمِعت الْعَرَب تَقول: وَدَنْتُ الجِلد إِذا دفَنْته تحتَ الثَّرى لَيْلَيْن فَهُوَ مَوْدون، وكل شيءَ بَلَلْته فقد وَدنْتَه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: ودنْتُ الثوبَ أَدِنُه وَدْناً إِذا بَلَلْتَه وَأنْشد للكميت:
كَمُتَّدِن الصَّفا كَيْما يَلينا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أخذُوا فِي وِدان العَروسِ إِذا عَلَّلُوها بالسَّويق والتُّرَفِ، لِتَسْمنَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَدْنُ حُسن الْقيام على العَرُوس.
يُقَال: وَدنُوه وأَخَذُوا فِي وِدانه وَأنْشد فَقَالَ:
بِئسَ الوِدانُ لِلفَتَى العَروسِ
ضَرْبُكَ بالمِنقارِ والفُؤُوس
وَفِي حَدِيث ذِي الثُّدَية: إنهُ لَمُودَنُ اليَدِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وَغَيره: المودَنُ اليَد. القَصيرُ اليَد يُقَال: أَوْدنتُ الشيءَ قَصَّرتُه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغَة أُخْرَى ودَنْتُه فَهُوَ مَوْدون. وَقَالَ حسَّان:
وأُمُّك سَوْداء مَوْدونَةٌ
كَأَن أَنامِلَها الحُنظُبُ
وَقَالَ آخر فِي بَيت لَهُ:
لقد طُلِقَتْ لَيْلَة كلَّها
فَجَاءَتْ بِهِ مُودَناً خَنْفَقِيقا
أَي لئيماً.
وَقَالَ اللَّيْث: المُودَنُ من النَّاس القَصيرُ العُنق الضيّقُ المنْكِبَيْنِ مَعَ قِصر الألواح وَالْيَدَيْنِ، قَالَ: وودَنْتُ الشَّيءَ أَي دَقَقْتُه فَهُوَ مَوْدُون أَي مَدْقُوق.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَن رجلا من الْأَعْرَاب دخل أبياتَ قومٍ فَأَخَذُوهُ وَودَنوهُ بالعصَا، كأَن مَعْنَاهُ: دَقُّوه بالعَصَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التَّوَدُّنُ لِينُ الْجلد إِذا دُبغ، قَالَ: والوَدْنَةُ: العَرْكَةُ بِكلام أَو ضَرْبٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: المودُونَةَ دُخَّلَةٌ مِن

(14/131)


الدَّخَاخِيل قصيرةُ العُنُق دَخْناء وَرْقَاء.
دنا دنأ و (دَنُؤ) : مهموزاً وَغير مَهْمُوز.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: رجل أَحْنَأُ وأَدْنَأُ وأَقْعَسُ بِمَعْنى وَاحِد.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت يُقَال: دَنَوْتُ مِن فلَان أدْنو دُنُوّاً، وَيُقَال: مَا كنتَ يَا فلانُ دَنِيّاً وَلَقَد دَنُؤْتَ تَدْنُؤُ دَنَاءَةً مصدره مَهْمُوز، ويُقَالُ: مَا تَزْدَادُ مِنا إِلَّا قُرْباً ودَنَاءة، فُرِقَ بَين مَصْدر دَنَا وَبَين مصدر دَنُؤ فجُعل مصدر دَنأَ دَنَاوَةً، ومصدر دَنُؤ دَنَاءةً كَمَا ترى.
قَالَ ابْن السّكيت: وَيُقَال: لقد دَنَأْتَ تَدْنأَ، مَهْمُوز. أَي سَفَلْت فِي فِعْلِك ومَجُنْتُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى بِالَّذِى هُوَ خَيْرٌ} (الْبَقَرَة: 61) .
قَالَ الْفراء: هُوَ من الدنَاءَة، وَالْعرب تَقول: إِنَّه لَدَنِيٌّ يُدنِّي فِي الْأُمُور غير مَهْمُوز يَتَّبِعُ خَسِيسَها وأصاغِرَها، قَالَ: وَكَانَ زُهَيْر الفُرْقبيّ يهمز (أتستبدلون الَّذِي هُوَ أَدْنأ بِالَّذِي هُوَ خير) .
قَالَ الْفراء: وَلم نَرَ الْعَرَب تهمز أدنأ إِذا كَانَ مِن الخسَّة، وهم فِي ذَلِك يَقُولُونَ: إنَّهُ لدانِىءٌ خبيثٌ فهمزوه. وأنشدني بعضُ بني كلاب:
باسلة الوَقْعِ سَرَابِيلُها
بيضٌ إِلَى دانِئها الطَّاهر
وَقَالَ فِي كتاب المصادر: دنُؤَ الرجلُ يَدْنُؤ دنُوءاً ودناءَة إِذا كَانَ ماجِناً.
وَقَالَ الزجَّاج فِي معنى قَوْله: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى} غير مَهْمُوز أَي أقْرب، وَمعنى أَقْرَبُ أقلُّ قيمَة، كَمَا يُقَال: ثوبٌ مُقارِبٌ، فأمَّا الخسيسُ فاللغةُ فِيهِ: دنُؤَ دناءَةً وَهُوَ دَنِيءٌ بِالْهَمْز وَهُوَ أَدنَأُ مِنْهُ.
قلت: أهل اللُّغَة لَا يهمزون دنُوَ فِي بَاب الخِسَّة وَإِنَّمَا يهمزونه فِي بَاب المجُون والخُبْث.
قَالَ أَبُو زيد فِي النَّوَادِر: رجل دنيء من قوم أدنِياء، وَقد دنُؤَ دناءة، وَهُوَ الْخَبيث الْبَطن والفرج، وَرجل دنِيٌّ من قوم أدنياء وَقد دَنِيَ يَدْنَى ودنُوَ يدْنُوُ دنُوّاً، وَهُوَ الضَّعِيف الخسيس الَّذِي لَا غَناء عِنْده، المُقَصِّر فِي كل مَا أخذَ فِيهِ، وَأنْشد فَقَالَ:
فَلاَ وَأَبِيكَ مَا خُلُقِي بِوَعْرٍ
وَلَا أَنا بالدَّنِيِّ وَلَا المُدَنيِّ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المُدَنِّي: المقَصِّرُ عَمَّا يَنْبَغِي أَن يَفْعَلَه، وَأنْشد:
يَا مَنْ لِقومٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنّ
أَرَادَ مُدَنِّي فَقَيَّد القافية.
إِن يَسْمعوا عَوْراءَ أصغَوا فِي أَذَنْ
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دنَأَ الرجل يَدْنأُ دنَاءَةً ودنُؤ يَدْنُؤ إِذا كَانَ دنِيئاً لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: رجل دنِيءٌ،

(14/132)


ودَانِيءٌ هُوَ الْخَبيث الْبَطن والفرج الماجن من قَومٍ أدنياء اللَّام مَهْمُوزَة، وَقد دَنَأَ يدنأ دناءة ودنُؤ يَدْنُؤ دنَاءَة.
قَالَ: وَيُقَال للخسيس: إِنَّه لَدَنِيُّ من قوم أدنِياء بِغَيْر همز، وَمَا كَانَ دنِيّاً وَلَقَد دَنِيَ يَدْنَى دنًى ودنَايَةً.
وَيُقَال للرجل إِذا طلب أمرا خسيساً: قد دنَّى يُدَنِّي تَدْنِيَةً.
قلت: وَالَّذِي قَالَه أَبُو زيد واللحياني وَابْن السّكيت هُوَ الصَّحِيح، وَالَّذِي قَالَه الزّجاج غير مَحْفُوظ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّنُوّ غير مَهْمُوز مصدر دنَا يَدْنو فَهُوَ دانٍ وسمِّيت الدُّنْيَا لِأَنَّهَا دَنَتْ وتأخَّرَت الآخرةُ، وَكَذَلِكَ السَّمَاء الدُّنْيَا هِيَ القُرْبى إِلَيْنَا، وَالنِّسْبَة إِلَى الدُّنْيَا دُنْيَاوِيٌ وَكَذَلِكَ النِّسْبَة إِلَى كل يَاء مُؤَنَّثة نَحْو حُبْلَى ودهْنَا وَأَشْبَاه ذَلِك. وَأنْشد:
بِوَعْسَاءَ دهْناوِيُّة التُّرب طَيَّبِ
قَالَ: والمُدَنِّي من النَّاس الضعيفُ الَّذِي إِذا آواه اللَّيْل لم يبرحْ ضَعْفاً وَقد دنَّى فِي مَبِيتِه.
وَقَالَ لبيد:
فَيُدَنِّي فِي مَبِيتٍ ومحَلّ
ودانَيْتُ بَين الشَّيْئَيْنِ قرَّبتُ بَينهمَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
دانَى لَهُ القَيْدُ فِي ديْمومَةٍ قُذُفٍ
قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنهُ الأناعيمُ
قَالَ: ودَانِيَا نبيٌ من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ: دانْيَال.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ ابْن عمِّه دُنْيَا مَقْصُور ودِنْيَةً ودِنْيا منون وَغير منون كل هَذَا إِذا كَانَ ابْن عَمه لَحّاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّنَى مَا قَرُبَ من خير أَو شَرّ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا طَعِمْتُمْ فَسَمُّوا ودَنُّوا) معنى قَوْله دنُّوا أَي كلوا مِمَّا يليكم، وَيُقَال: دَنا وأَدنَى ودنَّى: إِذا قَرُبَ، قَالَ: وأَدنَى إِذا عَاشَ عَيْشاً ضَيقاً بعد سَعَةٍ، والأدْنَى: السَّفِلَ.
أَبُو زيد: من أمثالهم: كلّ دَنِيَ دُونَه دنِيٌ يَقُول: كلُّ قريب دونَهُ قريبٌ وكل خُلْصَانٍ دونَهُ خُلْصَانٌ.
ندأ: أَبُو عبيد عَن الأُمويّ: نَدَأْتُ الشيءَ إِذا كَرِهْتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَدَأْتُ اللحمَ أَنْدُؤهُ نَدْءاً وَذَلِكَ إِذا مَلَلْتَه فِي الملَّة والجَمْر، والندِيء الِاسْم وَهُوَ الطَّبِيخ؛ وَيُقَال لِلحُمْرَةِ الَّتِي تكون فِي الغَيْمِ: النَّدْأَةُ إِلَى جَانب مَغْرِب الشَّمْس أَو مَطْلعِها.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ لُغَتَانِ وهِيَ الَّتِي يُقال لَهَا قَوْسُ قُزَح، قَالَ: والنُّدْأَةُ فِي لحم الْجَزُور طَرِيقَةٌ مُخالِفَةٌ لِلَونِ اللَّحم، ونَدَأَتُ اللَّحْم فِي المَلَّة إِذا دَفَنْتَهُ حَتَّى يَنْضَج.

(14/133)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّدَأَة الدُّرْجَةُ الَّتِي يُحشِي بهَا خَوْرَانُ النَّاقَةِ ثمَّ تُخَلَّل إِذا عُطِفَتْ على وَلَد غَيْرها أَو على بَوَ أُعِدَّ لَهَا، وَقَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل، وَقَالَ اللَّيْث: النَّادِي المجلسُ يَنْدُو إِلَيْهِ مَنْ حَوَاليه، وَلَا يُسمَّى نَادِياً حَتَّى يكون فِيهِ أهلُه، وَإِذا تفرَّقوا لم يكن نَادِيًا، وَهُوَ النَّدِيُّ والجميع الأَنْدِيةُ قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي نَادِيًا لِأَن الْقَوْم يَنْدُونَ إِلَيْهِ نَدْواً ونَدْوَة وَلذَلِك سمِّيت دارَ النَّدوة بِمَكَّة، كَانُوا إِذا حَزَبَهُم أَمر نَدَوْا إِلَيْهَا فَاجْتمعُوا للتشاور، قَالَ: وأُناديك: أُشاورك وأجالِسك من النادي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّدْوَةُ السَّخَاء والنَّدْوة الْمُشَاورَة، والنَّدْوَةُ الأَكلة بَين السَّقْيَتيْن، وأَنْدَى الرجل كَثُر نَدَاه أَي عطاؤه، وأَنْدَى إِذا حَسُن صوتُه، قَالَ: والأنْداء بُعْدُ مَدَى الصَّوْت، قَالَ: والنَّدَى الْأكلَة بَين الشَّربتين والنَّدَى المجالسة وأَنْدَى إِذا تَسَخَّى وَقَالَ فِي قَوْله:
كالْكَرْمِ إذْ نَادَى مِن الكافورِ
قَالَ: نَادَى ظَهَرَ، قَالَ: ونَادَيْتُه عَلِمْتُه، قَالَ: وَهَذَا الطَّرِيق يناديك.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا أَوْرَدَ الرَّجُل الْإِبِل الماءَ حَتَّى تَشْربَ قَلِيلا ثمَّ يَجِيءُ بهَا حَتَّى ترعى سَاعةً ثمَّ يردَّها إِلَى المَاء فَذَلِك التَّنْديَة فِي الْإِبِل وَالْخَيْل أَيْضا، قَالَ: واختصم حيَّان من الْعَرَب فِي مَوضِع فَقَالَ أحدُ الحَيَّيْن: مَرْكَزُ رِمَاحِنا ومَخْرجُ نِسائِنَا، ومُنَدَّى خَيْلِنا وَأنْشد فَقَالَ:
قَرِيبَةٌ نَدْوَتُه مِن مَحْمَضِهْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي التَّنْدِيَة مثله، وزَاد: نَدَتْ الْإِبِل أَنْفها تَنْدُو فَهِيَ نَادِية.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو: التَّنْدِيةُ أَن يُورِدَ الرجلُ فَرَسَه الماءَ حَتَّى يَشربَ ثمَّ يَرُدَّه إِلَى المرعى سَاعَة ثمَّ يُعيدَه، وَقد نَدَا الفرسُ يَنْدو، إِذا فعل ذَلِك.
وَأنْشد شمر:
أَكَلْنَ حَمْضاً ونَصِيّاً يابِساً
ثمَّ نَدَوْنَ فأَكَلْنَ وَارِسا
أَي حَمْضًا مُثْمِراً قلت:
وَذكر أَبُو عبيد فِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد: خرجت بفرس لي لأندَّيه، فسَّرَ قَوْله لأندِّيه على مَا قَالَه الْأَصْمَعِي فَاعْترضَ عَلَيْهِ القُتَيْبِي.
أَن قَوْله: لأنَدِّيه تَصْحِيف، وَصَوَابه لأُبديه أَي لأخرجَه إِلَى البَدْوِ، وَزعم أنَّ التَّنْدِيَةَ تكون لِلْإِبِلِ دون الْخَيل، وَأَن الْإِبِل تُنَدَّى لطول ظَمَئِها، فأمَّا الْخَيل فَإِنَّهَا تُسْقَى فِي القيظ شَرْبتين كلَّ يَوْم.
وَطَلْحَة كَانَ أنْبَلَ من أَن يندِّي فرسه، وَقد غَلِط القُتَيبِيّ فِيما قَال، والتَّنْدِيَة تكون للخيل وللإبل، سَمِعت الْعَرَب تَقول

(14/134)


ذَلِك، وَقد قَالَه الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو وهما إمامان ثقتان.
وَفِي الحَدِيث أَن سَلَمَة بن الأكْوَع قَالَ: كنت تبيعاً لِطَلْحة بن عُبَيْد الله أَسْقِي فرسَه وأَحُسُّه وأَخْدُمُه، قَالَ: وَبعث رَسُول الله بِظَهْرِه مَعَ رَباحٍ مَوْلَاهُ، وخَرَجْتُ بِفَرسِ طَلْحة أُنَدِّيه، ثمَّ ذَكَر إغارة بَنِي فَزَارة على ظَهْر رَسُول الله وَأَنه دَفَع فَرسه إِلَى رَبَاح ليبلغه طَلْحَة.
رَوَاهُ عِكرمة بن عَمَّار عَن إِيَاس بن سَلَمة ابْن الْأَكْوَع عَن أَبِيه قلت: ولِلتَّنْدِية معنى آخر وَهُوَ تضمير الْخَيل وإجراؤها البَرْدين حَتَّى تعْرق ويَذْهَبَ رَهَلُها؛ وَيُقَال للعرق الَّذِي يسيل مِنْهَا: النَّدَى.
وَمِنْه قَول طُفَيل:
نَدَى المَاء من أَعْطَافِها المُتَحَلِّب
قَالَ الْأَزْهَرِي: سَمِعت عريفاً من عُرَفاء القَرامِطَة يَقُول لأَصْحَابه وَقد نُدِبُوا للنهوض فِي سَرِيَّة استُنْهِضَتْ الأَوَنَدُّوا خَيْلَكُم، الْمَعْنى ضمروها وشُدُّوا عَلَيْهَا السُّروج وأَجْرُوها حَتَّى تَعْرَق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إِن هَذِه النَّاقة تَنْدو إِلَى نُوق كرام أَي تنْزِع إِلَيْهَا فِي النَّسبِ وَأنْشد:
تَندُو نؤادِيها إِلَى صَلاَخِدا
قَالَ: والنَّدَى على وُجُوه: ندَى الماءِ، ونَدَى الْخَيْر، ونَدَى الشَّر، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدى الحُضْرِ ونَدَى الدُّخْنَة، فأمَّا نَدَى المَاء فَمِنْهُ الْمَطَر. يُقَال: أَصَابَهُ نَدًى من طَلَ، ويومٌ نَدِيٌ وليلةٌ نَدِيَّةٌ، ومَصْدره النُّدُوَّةُ، والنَّدَى مَا أَصَابَك مِن البلل، ونَدَى الْخَيْر هُوَ الْمَعْرُوف، يُقَال: أَنْدَى فلانٌ علينا نَدًى كثيرا وَإِن يَدَه لَنَدِيَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُقَال: مَا نَدِيَنِي من فلَان شيءٌ أكرهه، مَا بَلّني وَلَا أصابني وَمَا نَدِيَتْ كَفِّي بِشَرٍ، وَمَا نَدِيتُ بِشَيْء تكرههُ، قَالَ النَّابِغَة:
مَا إنْ نَدِيتُ بشيءٍ أنتَ تَكْرَهُهُ
إذَنْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطي إليّ يَدِي
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلم يَتَنَدَّ من الدَّم الْحَرَام بِشَيْء دَخَل الْجنَّة) ، وندَى الصَّوت بُعْدُ مَذهَبِه والنِّداء ممدودٌ والدُّعاءُ أرْفَعِ الصّوْتِ وَقد ناديْتُه نِداءً، ونَدَى الخُحْرِ بَقَاؤُه.
وَقَالَ الْجَعْدِي أَو غَيره:
كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُقْضِي فَرَقاً
إِلَى نَدَى العَقْبِ وشَدّاً سَحْقاً
وَفُلَان أَنْدى صوْتاً من فلَان، أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرْفَعُ صَوتا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَى الرجلُ إِذا كثُر نَداه على إخوانِه، وَكَذَلِكَ انْتَدى وتَنَدَّى، وَفُلَان لَا يُنْدِي الوَتَر إِذا كَانَ ضعيفَ الْبدن.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فلانٌ يَتَنَدَّى على

(14/135)


أَصْحَابه كَمَا تَقول: هُوَ يَتَسَخَّى على أَصْحَابه، وَلَا يُقَال: فلانٌ يُنَدِّي، وَفُلَان نَدِيُّ الْكَفّ إِذا كَانَ سَخِياً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُنْدِيَاتُ المُخْزِيَاتُ. وَيُقَال: إنهُ لَيَأْتِيني نَوادِي كلامِك، أَيْ مَا يَخْرج مِنْك وَقْتاً بعد وَقت، قَالَ طَرَفة:
وبَرْكٍ هُجُود قد أَثَارَتْ مَخافَتِي
نَوادِيَه أمْشي بِعَضْبٍ مُجرّدِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: النَّوادِي النَّواحِي أَرَادَ أَثَارَتْ مخافتي إبِلا فِي ناحِيَةٍ مِن الْإِبِل مُتَفَرِّقة، والهاءُ فِي قَوْله نَوادِيه راجعةٌ على البَرْك قَالَ: ونَدَا فلانٌ يَنْدُو نُدُوّاً إِذا اعْتَزَلَ وتَنَحَّى وَقَالَ: أَرادَ بِنَوادِيَه قَوَاصِيَه.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: النَّادِياتُ مِن النخيل البعيدةُ مِن المَاء.
وَقَالَ القُتَيْبِيّ: النَّدَى المَطَرُ. وَقيل للنبت: نَدًى لِأَنَّهُ عَنْ نَدَى المطَر نبَت ثمَّ يُقَال للشَّحْم: نَدًى لِأَنَّهُ عَن نَدَى النَّبْت يَكون واحتجّ بقول الشَّاعِر:
كَثَوْرِ العَدَابِ الفَرْدِ يَضْرِبه النَّدَى
تَعَلَّى النَّدَي فِي مَتْنِه وَتَحَدَّرا
أَرَادَ بالنّدَى الثَّانِي: الشحْمَ، وبالأول الغَيْثَ.
وَفِي النَّوادر يُقَال: مَا نَدِيتُ هَذَا الأمرَ وَلَا طَنَّفْتُه أَي مَا قَرِبْتُه أَنْداه. وَيُقَال: لم يَنْدَ مِنْهُم نَادٍ، لم يَبْقَ مِنهم أحدٌ، وَيُقَال: نَدَأْتُهُ أَنْدَؤُه نَدْءاً إِذا ذَعَرْتَه.
نود: يُقَال: نَادَ الإنسانُ يَنُودُ نَوْداً ونَوَداناً مثل: نَاسَ يَنُوسُ ونَاعَ يَنُوعُ وَقد تَنَوَّدَ الغُصْنُ وتَنَوَّع إِذا تحرَّكَ وَنَوَدانُ اليهودِ فِي مدارسهم مأخوذٌ من هَذَا.
نأد: أَبُو عُبيد: يُقَال للداهية: النَّآدَى على فَعَالى.
وَأنْشد قَول الْكُمَيْت:
فإيَّاكُمْ وداهيةً نَآدَى
أَظَلَّتْكُمْ بِعارِضها المُخِيلِ
قَالَ اللَّيْث: هِيَ النَّآدُ والنَّؤُود، النُّؤود، وَقد نَأَدَتْه الدَّواهي وَأنْشد:
أَتَانِي أَنَّ دَاهِيةً نَآداً
أَتاكَ بهَا على شَحَطٍ مَيُونُ
قلت: وَرَوَاهَا غير اللَّيْث: أَن دَاهِيَةً نآدَى على فَعَالى كَمَا رَوَاهُ أَبُو عبيد للكميت.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدَّال وَالْفَاء)
د ف (وايء)
دفأ، دفى، دوف، ديف، فدى، ودف، وَفد، أفد، فود، فيد، فأد.
دفأ دفا: قَالَ الله جلّ وَعز: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} (النَّحْل: 5) قَالَ الْفراء: الدِّفْءُ كُتِب فِي الْمَصَاحِف بالدَّال والفَاء، وَإِن كتبت بواو فِي الرّفْع وياء فِي

(14/136)


الْخَفْض، وَألف فِي النصب كَانَ صَوَابا، وَذَلِكَ على ترك الْهَمْز ونَقْلِ إِعْرَاب الْهَمْز إِلَى الْحَرْف الَّذِي قبلهَا.
قَالَ: والدِّفء مَا انْتفع بِهِ من أوبارها وَأَشْعَارهَا وأصوافها، أَرَادَ مَا يَلْبَسون مِنْهَا ويبْتَنون.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: هَذَا رجل دَفْآنُ وَامْرَأَة دَفْأَى وَيَوْم دَفِيءٌ وَلَيْلَة دفيئة، وَكَذَلِكَ بَيت دَفِيء، وغرفة دفِيئةٌ على فَعيل وفعيلة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الدّفء عِنْد العربِ نِتاجُ الْإِبِل وأَلبانها والإنتفاع بهَا من قَول الله عزّ وجلّ: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} (النَّحْل: 5) ، قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْإِبِل المدْفآت: الْكَثِيرَة الأوبار.
وَقَالَ ابْن السّكيت: إبلٌ مُدْفَأَة بِهَذَا الْمَعْنى.
قلت: المُدْفَآتُ جَمْعَ المُدْفَأَةِ.
قَالَ الشماخ:
وكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مدْفَآتٍ
على أَثْباجِهِنَّ مِن الصَّقِيعِ
فأمَّا الْإِبِل المُدْفِئة فَهِيَ الْكَثِيرَة، لِأَن بعضَها يُدْفِىءُ بَعْضًا بأنفاسها.
وَقَالَ ابْن السكّيت. يُقَال: مَا كانَ الرَّجُلُ دَفْآنَ وَلَقَدْ دَفِىء، وَمَا كَانَ البيتُ دَفِئاً وَلَقَد دَفُؤَ.
ابْن الأعرابيّ: الدَّفَئيُّ والدَّثَئيُّ من الأمطار: وقتُه إِذا قاءت الأرضُ الكَمْأَةَ، وكلُّ مِيرَةٍ حُمِلَتْ فِي قُبُل الصَّيفِ فَهِيَ دَفيئيَّةٌ.
الأصمعيّ: ثوب ذُو دِفْءٍ، وَذُو دفاءة، وَيُقَال: مَا عَلَيْهِ دِفْءٌ، وَلَا يُقَال: مَا عَلَيْهِ دَفَاءةٌ وَيكون الدّفء السخونةَ، وَيُقَال: اقْعُد فِي دِفءِ هَذَا الْحَائِط أَي فِي كِنِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال ادَّفَيْتُ واستدفيت أَي لبست مَا يُدْفِئُني، قَالَ: وَهَذَا على لُغَة من يتْرك الْهَمْز.
قَالَ: والدَّفَاءُ مهموزٌ مَقْصورٌ هُوَ الدِّفْء نَفسه إلاَّ أَن الدِّفْء كَأَنَّهُ اسمٌ شِبْهُ الظَّمْء والدَّفَأُ شِبْهُ الظَّمَأ، ومِمَّا لَا همز فِيهِ من هَذَا الْبَاب.
قَالَ الأصمعيّ: كَبْشٌ أَدْفى وَهُوَ الَّذِي يَذْهب قَرْنُه قِبلَ ذَنَبِه، ورَجل أَدْفَى إِذا كَانَ فِي صلبه احْدِيدَابٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَدْفَى الظَّبْيُ إِذا طَال قَرْناه حَتَّى كادا يَبْلُغان مُؤَخَّرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأدْفَى من الطَّير مَا طالَ جَناحاهُ من أُصول قَوادِمه، وطَرَفُ ذَنَبِه، وطالتْ قَادِمة ذَنبِه، وَقَالَ الطرماح يصف الْغُرَاب فَقَالَ:
شَيْخُ النسا أَدْفَى الجَنَاح كأنَّه
فِي الدَّار إثْرَ الظَّاعِنِينَ مُقَيَّدُ
قَالَ: والدَّفْو من النجائب الطويلةُ العُنُقِ

(14/137)


إِذا سارتْ كادَتْ تضع هامَتَها على ظَهْر سَنَامِها وَتَكون مَعَ ذَلِك طَويلةَ الظّهْر.
أَبُو عبيد عَن ابْن زيد: الدَّفْواءُ من المِعزَى الَّتِي انْصَبَّ قَرناها إِلَى طَرَفيّ عِلْبَاويْها.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره أبْصر شَجَرَة دَفْواء تسمى ذَاتَ أنْواطٍ لِأَنَّهُ كَانَ يُناطُ بهَا السلاحُ وتُعْبَدُ، والدفواء الْعَظِيمَة الظليلة وَتَكون المائلة.
وَفُلَان فِيهِ دَفَأٌ أَي انْحِنَاءٌ، والدجال فِيهِ دَفَأٌ.
فأد: أَبُو زيد: فَأَدْتُ الصيدَ أَفْأَدُه فَأْداً إِذا أصبتَ فُؤاده، قَالَ: وفَأَدتُ الخُبْزةَ أَفْأَدُها فَأْداً إِذا خَبْزتَها فِي المَلَّةِ، والفئيد مَا شُوِي وخُبِزَ على النَّار، والمِفْأدُ مَا يخبَزُ ويُشْوَى بِهِ.
أَبُو عبيد: فأَدْتُ اللحمَ إِذا سوَّيتَه والمِفْأَدُ السَّفُّودُ وَأنْشد:
يَظَلُّ الغرابُ الأعورُ العَيْنِ وَاقعا
مَعَ الذئبِ يَعْتَسَّان نَارِي ومِفْأَدِي
قلت: وَيُقَال لَهُ: المِفآدُ على مِفْعالٍ أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الْمفْؤُودُ الضعيفُ الفُؤاد الجَبان مثل: المنْخُوب، والفَئيدُ النَّار نَفسهَا قَالَ لبيد:
وَجدْتُ أبي رَبيعاً لِليَتَامَى
وللضِّيفان إذْ حُبَّ الفَئِيدُ
وَقَالَ اللَّيْث: سمى الفُؤاد فؤاداً لِتَفَؤّدِه، وافْتَأد القومُ، إِذا أوْقدوا نَاراً، والمُفْتَأَدُ مَوضِع الوَقودِ.
قَالَ النَّابِغَة:
سَفُودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ
وفئد الرجلُ أَصَابَهُ داءٌ فِي فُؤَاده.
فيد: قَالَ اللَّيْث: الفائدةُ مَا أَفَادَ اللَّهُ العبدَ من خير يستفيده ويَسْتحدِثُه، وَقد فادتْ لَهُ من عندنَا فَائِدَة وَجَمعهَا الفوائِد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: إنَّهُمَا ليتفايدانِ بِالْمَالِ بَينهمَا أَي يُفيدُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه وَالنَّاس يَقُولُونَ: هما يَتَفَاوَدان العلمَ أَي يفيدُ كل مِنْهُمَا صاحبَه.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أفدتُ المالَ أعطيتُه غَيْرِي وأفدتُه استفدته، وَقَالَ أَبُو زيد مثله، وَأنْشد لِلْقِتَالِ:
نَاقَتُهُ تَرمُلُ فِي النِّقالِ
مُهْلكُ مالٍ ومُفيدُ مالِ
أَي مستفيدُ مالٍ، وفاد المالُ نفسُه يَفيد: إِذا ثَبَتَ لَهُ مالٌ وَالِاسْم الْفَائِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: والتَّفَيُّد: التَّبَخْتُر، وَقد تفَيَّد، وَهُوَ رجل فَيَّادٌ ومُتَفَيِّد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَيّادُ من الرِّجَال هُوَ الَّذِي يَلُفُّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ من شَيْء وَأنْشد:
ولَيْسَ بالفَيَّادَة المُقَصْمِل
وَقَالَ غَيره: الفَيَّادَة الَّذِي يَفيدُ فِي مِشيته،

(14/138)


وَالْهَاء دخلت فِي نعت الْمُذكر مُبَالغَة فِي الصّفة. وَقَالَ عَمْرو بن شَاس: فِي الإفادة بِمَعْنى الإهلال فَقَالَ:
وقِتيان صِدْقٍ قد أَفدتُ جَزُورهم
بِذِي أَوَدٍ جَيْشِ المناقِدِ مُسْبِلِ
أفدتها: نحرتها وأهلكتُها من قَوْلك: فَادَ الرجلُ إِذا ماتَ، وأفدتُه أَنا، وَأَرَادَ بقوله: بِذي أَوَدٍ: قِدْحاً مِن قِداح الميْسر يُقَال لَهُ: مُسْبِلٌ، جَيش المناقِدِ، خَفِيف التَّوَقَان إِلَى الفَوْزِ.
(فود فيد) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والفَوْدُ: الْمَوْت وَقد فاد يفيدُ، وَمِنْه قَول لبيد:
رَعَى خَرَزَاتِ الْملك عشْرين حِجَّةً
وعِشرينَ حَتَّى فادَ والشّيْبُ شَامِلُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: فادَ يَفُود إِذا ماتَ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَوْد الموتُ، والفَيد الشّعرات فَوق جَحْفلة الفَرَسِ؛ وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن ابْن أَحْمد البَرْبَريّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد اليزيدي قَالَ: قلت: للمؤَرّجِ لم اكْتَنَيْتَ بِأبي فَيْد؟ فَقَالَ: الفيدُ مَنزلٌ بطرِيق مَكة، والفيد وَرْدُ الزّعفران.
أَبُو عبيد: الفَيَّادُ الذّكر من البُوم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فَيَّدَ الرجلُ: إِذا تَطَيَّرَ من صَوْتِ الفَيَّاد.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَيَهْمَاءَ بِاللَّيْلِ عطشَى الفلا
ةِ يؤْنِسُني صوتُ فَيّادِها
وَقَالَ اللَّيْث: الفَوْدان واحدهما فَوْد، وَهُوَ مُعظم شعر اللِّمّة مِمَّا يَلِي الأُذَن، قَالَ: وَكَذَلِكَ فود جَناحَيْ العُقَاب.
وَقَالَ خُفَاف:
مَتَى تُلْقِ فَوْدَيْها على ظَهْر ناهضٍ
أَبُو مَالك: الفَوْد والحيْدُ نَاحيَة الرَّأْس.
قَالَ الْأَغْلَب:
فانْطَحْ بِفَوْدَيْ رَأسه الأركانا
قلت: الفَوْدان قَرْنا الرَّأس وناحِيَتاه، والفودان العِدْلان، وَقَالَ مُعَاوِيَة للبيد: كم عطاؤُك؟ قَالَ: أَلفَانِ وَخَمْسمِائة، فَقَالَ: مَا بالُ العِلاوةِ بَين الفَوْدَيْن؟ وفَوْد الخِباءِ ناحيتاه، وَيُقَال: تَفَوّدت الأَوْعَالُ فَوق الْجبَال أَي أَشْرَفَتْ.
دوف ديف: يُقَال: دَافَ الطَّيبَ فِي المَاء يَدُوفه دَوْفاً فَهُوَ دَائِفٌ، والطِّيبُ مَدُوف.
قَالَ الأصمعيّ: وفادهُ يَفودُه مثله، وَقَالَ كثير:
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسك فِي كلِّ مَهْجَعٍ
وَيشرق جاديٌ بِهن مَفودِ
أَي مُدوف، يصف الْجَوَارِي، وَدِيافُ: قريةٌ بِالشَّام تنْسب إِلَيْهَا النجائب، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

(14/139)


إِذا سَاقَه العَوْد الدِّيافيُّ جَرْجَرا
ودف: أَبُو عبيد عَن الْفراء: وَدَفَ الشَّحمُ وَنَحْوه يَدِفُ إِذا سالَ، وَقد استَوْدَفْتُ الشّحْمة إِذا استقطرتها.
وَيُقَال للْأَرْض كلهَا: وَدَفَةٌ وَاحِدَة خِصْباً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للروضة: وَدَفَةٌ وَوَدِيفة، قَالَ: والأُدافُ والأُذاف بِالدَّال والذال فَرْج الرجل، وَأنْشد غَيره:
أَوْلَجَ فِي كَعْثَبِها الأُدافا
قلت قيل: لَهُ أَدَافٌ لما يَدِف مِنْهُ، أَي يَقْطُر من المَنِيِّ والمَذْيِ والبَوْل وَكَانَ فِي الأَصْل وُدَافاً فَقُلِبَتِ الْوَاو همزَة لانضمامها كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:
{نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) وَهُوَ فِي الأَصْل وُقِّتَتْ.
(ودف) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال لِبُظَارة الْمَرْأَة: الوَدَفَة والوَذَفَة والوَزَرَةُ.
وَفد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرحمان وَفْدًا} (مَرْيَم: 85) .
قيل: الوَفْدُ الركبانُ المكَرَّمون.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَفَد فلانٌ يَفِدُ وِفادةً إِذا خرجَ إِلَى مَلِكِ أَو أَمير؛ والوَفْد جمعُ الوَافِد.
وَيُقَال: وَفَّدَه الأميرُ إِلَى الْأَمِير الَّذِي فَوْقه، وأوْفَد فلانٌ إيفاداً إِذا أشرَف.
وَيُقَال للْفرس: مَا أَحْسَن مَا أَوْفَدَ حارِكهُ أيْ أشْرفَ، وَأنْشد فِي شعره فَقَالَ:
تَرَى العِلاَفِيَّ عَلَيْهَا مُوفدَا
كأَن بُرْجاً فوقَها مُشَيَّدَا
وَيُقَال: رأيتُ فلَانا مُسْتَوفِداً فِي قِعْدَتِه ومُستَوْفِزَا إِذا قَعَدَ قُعوداً مُنْتَصِباً غيرَ مُطمئنّ، وأَمْسَيْنا على أوْفَادٍ أَي على سَفَرٍ، قد أَشْخَصَنا أَي أَقْلَقَنَا.
أفد: يُقَال: أفِد الأمرُ يَأَفَدُ أَفَداً إِذا دَنَا وأَسْرع، والأَفَدُ العَجَلةُ وَقد أَفِدَ تَرَحُّلنا واسْتَأْفد أَي دَنا وعَجِل.
وَقَالَ النَّضر: أَسْرِعوا فَقَدْ أَفِدْتم أَي أَبْطَأْتُم.
والأفْدَةُ التَّأْخِيرُ.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: امرأةٌ أَفِدَةٌ أَي عَجِلةٌ.
فدى: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس: قَالَ: المُفَاداةُ أنْ تَدْفعَ رجُلاً وتأخذَ رَجُلاً، والفِداءِ أَن تَشْتَرِيه، فديتُه بِمَالي فِداء وفديتُه بنفسي.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ:
{وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} (الْبَقَرَة: 85) .
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: (أُسَارَى) بأَلفٍ (تَفْدُوهم) بِغَيْر أَلِفٍ، وَقَرَأَ نَافِع وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ وَيَعْقُوب

(14/140)


الحَضْرمي: (أُسارى تفادوهم) بأَلِفٍ فيهمَا، وقَرَأَ حَمْزَة (أَسْرَى تَفْدوهم) بِغَيْر أَلِفٍ، وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن نصير بالرازي.
يُقَال: فَادَيْتُ الأسيرَ وفادَيْت الأُسارى هَكَذَا تَقول الْعَرَب.
وَيَقُولُونَ: فَدَيْتُه بِأبي وَأمي وفَدَيْتُه بِمَالي كأنّه اشتريتَه بِه وخلصته بِه إِذا لم يكن أَسِيرًا؛ وَإِذا كَانَ أَسِيرًا مَمْلُوكا قلتَ: فاديتُه وَكَانَ أخي أَسِيرًا ففادَيْتُه، كَذَا تَقوله العربُ.
وَقَالَ نُصَيْبٌ:
وَلكِنَّني فَادَيْتُ أُمِّي بَعْد مَا
عَلاَ الرأسَ مِنْها كَبْرةٌ ومَشِيبُ
قَالَ وَإِذا قلت: فدَيْتُ الأسيرَ فَهُوَ أَيْضا جَائِز بِمَعْنى فَدَيْتُه مِمَّا كَانَ فِيهِ أَي خلَّصتُه مِنْهُ، وفَاديْتُ أحسنُ فِي هَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ الله جَلّ وعَزّ: {للهالْبَلاَءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (الصافات: 107) أَي جعلنَا الذّبْح فِداء لَهُ خلَّصْناهُ بِهِ من الذَّبْح.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ: مَن قَرَأَ تفدوهم فَمَعْنَاه تشتروهم من العدوّ وتنقذوهم، وأمّا تفادوهم فَيكون مَعْنَاهُ تماكسون مَن هم فِي أَيْديهم فِي الثّمن ويماكِسُونكم.
وَقَالَ الْفراء: العربُ تَقْصر الفِدا وتمدُّه يُقَال: هَذَا فِداؤك وفِداك، وَرُبمَا فتحُوا الْفَاء، إِذا قَصَرُوا فَقَالُوا: فَداك وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: من الْعَرَب من يَقُول: فَدًىَ لَك: فَيفتح الْفَاء، وَأكْثر الْكَلَام كَسْرُ أَوَّلها وقصرها.
وَقَالَ النَّابِغَة:
فِدًى لَك مِن ربَ طَرِيفي وتالِدي
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والفَداء مَمْدُود جمَاعَة الطَّعَام من الشّعير وَالتَّمْر وَنَحْوه وَأنْشد:
كَأَنَّ فَداءَها إذْ حَرَّدوه
وطافوا حَوْلَه سُلَكٌ يَتِيمُ
وَقَالَ شمر: الفَداءُ والجُوخان واحدٌ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّمرِ الَّذِي يُبَسَّرُ فِيهِ قَالَ وَقَالَ بعض بني مُجاشِع: الفَداء التَّمْر مَا لم يُكْنَزْ. وَأنْشد:
مَنَحْتَنِي مِن أَخْبَث الفَداءِ
عُجْرَ النَّوى قَليلةَ اللِّحاءِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْدَى الرجلُ إِذا بَاعَ التَّمر وأَفْدَى إِذا عَظُم بَدنُه.

(بَاب الدّال والبَاء)
(د ب (وايء))
دبا، دَاب، وبد، أدب، أَبَد، بدا، بيد.
دبا: قَالَ اللَّيْث: الدُّبَّاءُ القَرْعُ الْوَاحِدَة دُبّاءَةٌ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الدُّبَّاء والحنْتَم والنّقِير وَهِي أوعية كَانُوا ينتبذون فِيهَا وضرِيَتْ فَكَانَ النبيذُ يغلى فِيهَا سَرِيعا ويُسْكِر فنهاهم عَن الانتِبَاذِ

(14/141)


فِيهَا، ثمَّ رَخَّصَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الانتبَاذ فِيهَا بِشَرْط أَن يشْربُوا مَا فِيهَا وَهُوَ غيرُ مُسكر. وَقَالَ:
إِذا أقْبَلتْ قُلْتَ دُباءَةٌ
من الخُضْر مَغمُوسَةٌ فِي الغُدَرْ
أَبُو زيد قَالَ: دبَّأت الشيءَ ودبّأْتُ عَلَيْهِ أُدَبِّي تدبيئاً إِذا غَطّيتَ عَلَيْهِ وواريته.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الْجَرَاد أوَّلُ مَا يكون سَرْواً وَهُوَ أَبيض فَإِذا تَحَرَّكَ واسْوَد فَهُوَ دَبًى، قبلَ أَن تنْبت أجنحته.
عَمْرو عَن أَبِيه: جَاءَنَا فلَان بدَبى دبى إِذا جَاءَ بِالْمَالِ كالدّبى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّمَا يُقَال فِي هَذَا: جَاءَنَا دبيّ ودبى دُبَيَّيْن فالدبَى مَعْرُوف ودُبَيٌّ موضعٌ وَاسع فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا بِمَال كدَبى ذَلِك الْموضع الْوَاسِع.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذَا هُوَ القَوْل، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الدَّبَى المالُ الْكثير.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَرض مُدْبِيَةٌ ومُدبِّيَة كلتاهما من الدبَى، قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مُدبِّيَةٌ بتَشْديد الْبَاء.
دأب: قَالَ اللَّيْث: الدُّؤوبُ المبالَغةُ فِي السّير، وأَدأَبَ الرجل الدَّابَّة إدآباً إِذا أتعبها، وَالْفِعْل اللَّازِم دأَبَتِ الناقةُ تدأَبُ دؤُوباً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَدَأْبِءَالِ فِرْعَوْنَ} (آل عمرَان: 11) أَي كشأن آل فِرْعَوْن، وكأمر آل فِرْعَوْن، كَذَا قَالَ أهل اللُّغَة.
قَالَ: وَالْقَوْل عِنْدِي فِيهِ وَالله أعلم إنَّ دَأْبَ هَهُنَا اجتهادهم فِي كفرهم وتظاهرُهم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتظاهر آل فِرْعَوْن على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: دأبتُ أدأبُ دأْباً ودأَباً ودؤوباً: إِذا اجتهدتَ فِي الشَّيْء.
أَبُو عبيد يُقَال: مَا زَالَ دِينك ودأبَك ودَيْدَنَكَ وديْدَيُونَك كُله فِي الْعَادة.
بدا: قَالَ اللَّيْث: بدا الشيءُ يَبدو بدُوّاً إِذا ظهر وبدا لَهُ فِي هَذَا الْأَمر بَدَاءٌ.
قلت: وَمن هَذَا أَخذ مَا يَكْتُبهُ الْكتاب فِي أعقاب الْكتب: وَبَدَاءات عَوارضتك على فَعَالات واحدتها بداءة بِوَزْن فَعالة تَأْنِيث بَدَاءٍ أَي مَا يَبْدُو بُدُوّاً من عوارضك وَهَذَا مِثل السَّمَاء: لما سَما وعَلاك من سَقْفٍ أَو غَيره.
وَبَعْضهمْ يَقُول: سَماوَةٌ، وَلَو قيل: بَدوَات فِي بَدَاءاتِ الْحَوَائِج كَانَ جَائِزا، وَقَالَ اللَّيْث: الباديةُ اسمٌ للْأَرْض الَّتِي لَا حَضَر فِيهَا وَإِذا خرج النَّاس من الْحَضَر إِلَى المراعي فِي الصحارى قيل: قد بَدَوْا، وَالِاسْم: البَدْوُ.
قلت: الباديةُ خِلاف الْحَاضِرَة والحاضرةُ القومُ الَّذين يحْضرُون الْمِيَاه وينزلون عَلَيْهَا فِي حَمْراء القَيظ فَإِذا بَرَد الزمانُ ظَعَنُوا

(14/142)


عَن أَعْدَادِ الْمِيَاه، وبَدَوْا طَلباً لِلْقُرْبِ من الكَلإِ فالقوم حينئذٍ باديةٌ، بَعْدَمَا كَانُوا حاضِرةً وبادُون بَعْدَمَا كَانُوا حاضرين: وَهِي مَباديهم جمع مَبْدًى، وَهِي المناجِعُ ضِد المحاضر، وَيُقَال لهَذِهِ الْمَوَاضِع الَّتِي يَتَبَدَّى إِلَيْهَا، البَادون: باديةٌ أَيْضا وَهِي البوادِي وَالْقَوْم أَيْضا بَوَادٍ، جمع باديةٍ، وَيُقَال للرجل إِذا تَغَوَّطَ وأحدثَ: قد أبدى فَهُوَ مُبْدٍ، وَقيل لَهُ: مبدٍ لِأَنَّهُ إِذا أحدث بَرَزَ من الْبيُوت وَهُوَ مُتَبَرِّزٌ أَيْضا.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: هِيَ البِداوة والحَضارة بِكَسْر الْبَاء وَفتح الْحَاء.
وَأنْشد:
فَمَنْ تكُنْ الحضَارَةُ أَعْجَبتْه
فأَيَّ رجالِ باديةٍ تَرانا
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَداوة والحِضارة بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْحَاء.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأْى} (هود: 27) قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحده: (بادىءَ الرَّأْي) بِالْهَمْز وَسَائِر الْقُرَّاء قرءُوا (باديَ) بِغَيْر همز.
وَقَالَ الْفراء: لَا يهمز باديَ الرَّأْي لِأَن الْمَعْنى: فِيمَا يظْهر لنا ويبدو، وَقَالَ: وَلَو أَرَادَ ابْتَداء الرَّأْي فَهَمَز كَانَ صَوَابا.
وَأنْشد فَقَالَ:
أَضْحَى لِخَالِي شَبَهي بَادي بَدِي
أَرَادَ بهِ ظاهرِي فِي الشَّبَهِ لخَالي.
وَقَالَ الزّجاج: نصب باديَ، على اتَّبعوك فِي ظاهرِ الرَّأْي وَبَاطِنهمْ على خلاف ذَلِك، وَيجوز أَن يكون اتبعوك فِي ظَاهر الرَّأْي وَلم يتدبّروا مَا قلتَ، وَلم يفكروا فِيهِ، وَقيل للبَرِّية: باديَةٌ لِأَنَّهَا ظاهرةٌ بارزةٌ، وَقد بَدَوْتُ أَنا، وأبْدَيْتُ غَيْرِي، وكلُّ شَيْء أظهرتَه فقد أبْدَيتَه، وَأما قِراءةُ أبي عَمْرو: بادىء الرَّأْي فَمَعْنَاه أوّلَ الرَّأْي، أَي اتَّبعوك ابتداءَ الرَّأْي حينَ ابتدأوا ينظرُونَ، وَإِذا فَكَّروا لم يتَّبعوك.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: بادىءَ من بَدَأَ إِذا ابْتَدَأَ.
قَالَ: وانتصابُ مَن هَمز وَمن لم يهمز بالاتباع على مَذْهَب الْمصدر، أَي اتبعوك اتبَاعا ظَاهرا واتباعاً مُبتدَأ.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى، مَا نرَاك اتَّبَعَك إِلَّا الَّذين هم أراذِلنا فِي ظَاهِر مَا ترى مِنْهُم، وطَوِيّاتُهم على خِلافِك وعَلى مُوافَقَتِنَا وَهُوَ مِن بَدا يَبْدُو إِذا ظهر.
وَقَالَ فِي تَفْسِير قَوْله:
أَضْحَى لخَالي شَبَهِي بَادِي بَدي
وصَارَ الفحلُ لِساني وَيَدِي
قَالَ: مَعْنَاهُ: خرجتُ عَن شَرْخ الشَّبَاب إِلَى حَدِّ الكهولة الَّتِي مَعهَا الرأْيُ والحِجَى، فَصرتُ كالفحُولة الَّتِي بهَا يَقع الأخيَارُ وَلها بِالْفَضْلِ تكْثُر الْأَوْصَاف.

(14/143)


وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: أفعل ذَلِك بادىءَ بَدْءٍ مثل فاعلَ فَعْلٍ وبَادىءَ بَدِىءٍ على فعيل وبادي بَدِيَ غير مَهْمُوز.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أفْعَل هَذَا باديَ بَدْءٍ كَقَوْلِك: أولُ شَيْء وَكَذَلِكَ بَدْأة ذِي بَدْءٍ كَقَوْلِك أول شَيْء.
قَالَ: وَمن كَلَام الْعَرَب، بَادِي بَدِيَ بِهَذَا الْمَعْنى إِلَّا أَنه لَا يهمز.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: البَدْءُ السَّيِّدُ.
وَأنْشد:
ترى ثنْياناً إِذْ مَا جَاءَ بَدْؤُهم
وبَدأَهُمْ إِن أَتَانَا كَانَ ثِنْيَانَا
وبَدَأَ اللَّهُ الْخلق وأَبدأَهم.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَّهُ قَانِتُونَ وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ} (الرّوم: 27) .
وَقَالَ: {لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ} (البروج: 13) فَالْأول مِن المبادىء وَالثَّانِي من المُبدىء وَكِلَاهُمَا صفةٌ لله عزّ وجلّ جليلة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: جَاءَ بِأَمْر بديءٍ على فَعيل أَي عَجيب، قَالَ: وبديءٍ من بدأنَهُ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَبداءُ المفاصل وَاحِدهَا بَدْءٌ مَقْصُور وَهُوَ أَيْضا بدءٌ مَهْمُوز تَقْدِيره بدْعٌ وَجمعه بدوء على وزن بُدُوعٍ.
وَقَالَ غَيره: البدءُ: البئْرُ البديء الَّتِي ابتُدىء حَفْرُها فحفِرتْ حَدِيثَة وَلَيْسَت بِعاديَّةٍ وتُرك فِيهَا الْهَمْز فِي أَكثر كَلَامهم.
وَيُقَال: فعلتُ ذَلِك عَوْداً وبدءَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفَّلَ فِي البدأَة الرُّبْعَ، وَفِي الرَّجعة الثُّلُثَ، أَرَادَ بالبدأة ابْتِدَاء سفر الغَزْو، إِذا نَهضتْ سَرِيَّةٌ من جُملة الْعَسْكَر فَأَوْقَعتْ بطَائفَة من العدوّ فَمَا غنموا كَانَ لَهُم الرّبع، ويَشْرَكُهم سائرُ الْعَسْكَر فِي ثَلَاثَة أَربَاع مَا غَنِموا، فَإِن قَفَلوا من الغَزاةِ، ثمَّ نهضتْ سَرِيَّة كَانَ لَهُم من جَمِيع مَا غنموا الثُّلُثُ، لِأَن نهوضَهم سَرِيةً بعد القَفْل أشقُّ والخطرُ فِيهِ أعظم.
الْأَصْمَعِي: بُدِىءَ الرجلُ فَهُوَ مَبدوءٌ إِذا جُدرَ فَهُوَ مَجْدور، والبدءُ خير نصيب فِي الْجَزُور وَجمعه أَبداءٍ، وَمِنْه قَول طرفَة:
وهُمْ أَيْسارُ لُقمانَ إِذا
أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبداء الجُزُرْ
وَيُقَال: أَهْدَاهُ بدأَةَ الجزُورِ أَي خَيْرَ الأنْصِبَاءِ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
على أَيِّ بَدْءٍ مَقْسمُ اللَّحْمِ يُجْعَلُ
وَقَالَ أَبُو زيد: أبدأتُ من أرضٍ إِلَى أرضٍ أُخْرَى، إِذا خرجتَ مِنْهَا إِلَى غَيرهَا إِبداء، وبدىء فلانٌ فَهُوَ مَبدوء إِذا أَخذه الجُدَرِيُّ أَو الحَصْبةُ، وبدأتُ بِالْأَمر بَدْءاً.
وَفِي الحَدِيث: (حَرِيمُ الْبِئْر البديءِ خَمْسٌ

(14/144)


وعِشرون ذِرَاعا) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال للرَّكِيَّةِ: بَدِيءٌ وبَديعٌ إِذا حَفَرْتَها أَنْتَ، فَإِن أَصَبْتَها قد حُفِرت قَبْلك فَهِيَ خَفِيَّةٌ، قَالَ: وَزَمْزَم خَفِيَّةٌ لِأَنَّهَا كَانَت لإسمَاعيلَ فانْدَفَنَتْ وَأنْشد:
فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذَانِ الفُرْقَانْ
تَعْصِبُ أَعْقارَ حياضِ البُودانْ
قَالَ: البُودانُ القُلْبانُ، وَهِي الرّكابا وَاحِدهَا بَدِيءٌ قلت: هَذَا مَقْلوبٌ، وَالْأَصْل البُدْيَانُ فَقَدَّمَ الْيَاء وَجعلهَا وَاواً، والفُرْقَانُ الصُّبْحُ.
بيد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَادَ يَبِيدُ بَيْداً، وأباده الله، والبَيْدَاءُ مفازةٌ لَا شيءَ فِيهَا، وَبَين المسجدين أَرضٌ مَلْساءُ اسمُها البَيْداء.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ قوما يَغْزونَ البيتَ فَإِذا نزلُوا بِالْبَيْدَاءِ بعثَ اللَّهُ جِبريلَ فَيَقُول: يَا بَيْدَاءُ أَبِيديهم فَتُخسف بهم) ، وأتانٌ بَيْدَانَةُ تَسْكُنُ البَيْداء.
وَقَالَ شمر: البَيْدانَة الأتَانُ الوَحْشِيَّة أُضِيفَتْ إِلَى البَيْداء، والجميع البَيْدانَات.
ورُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَنا أَفْصحُ الْعَرَب بَيْدَ أَنِّي من قُرَيش، ونشأت فِي بني سَعْد بن بكر) .
وَفِي الحَدِيث الآخر: (نَحن الآخِرون السابِقون يَوْم الْقِيَامَة بَيْد أَنهم أُوتوا الْكتاب من قَبْلِنا وأُوِتيناهُ من بَعْدهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: قَوْله بَيْدَ مَعْنَاهُ غَيْرَ.
وَقَالَ الأُمَوِيّ: بَيْدَ مَعْنَاهَا عَلَى، وأنشدنا لِرجل يُخاطِبُ امْرَأَة فَقَالَ:
عَمْداً فَعَلْتُ ذاكِ بَيْد أَنِّي
إخالُ إنْ هَلكتُ لم تُرِنِّي
يَقُول: على أَنِّي أخاكُ ذاكِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغَة أُخْرَى مَيْد بِالْمِيم كَمَا قَالُوا أغْمَطَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى واغْبَطت وسَبَّد رأْسَه وسَمَّده.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بَيْد بِمَعْنى غير يُقَال: رجل كثير المَال بَيْد أَنَّه بخيلٌ مَعْنَاهُ غيرَ أنَّهُ بخيل قَالَ: والبِيدُ جمع للبيداء وَهِي الفلاة.
ابْن شُمَيْل: البيداءُ المكانُ المُسْتَوِي المُشْرِفُ، قَليلَة الشّجر جَرْدَاءٌ تَقودُ اليومَ ونِصْفَ يومٍ فأقلَّ، وأشرافها شَيْء قَلِيل لَا ترَاهَا إِلَّا غَلِيظةً صُلْبةً لَا تكون إِلَّا فِي أَرض طين، وبَاد يبِيد بَيْداً إِذا هلك. وَقد أبادهم الله.
وبد: قَالَ اللَّيْث: الوَبَد سُوء الحالِ، يُقَال: وَبِدَتْ حالُه تَوْبَد وَبَداً وَأنْشد:
وَلَوْ عالَجْنَ مِن وَبَدٍ كِبالاَ
وَقَالَ اللحياني: الوَبِدُ الشديدُ العَيْنِ وَإنَّهُ لَيَتَوَبَّد أموالَ النَّاس أَي يُصِيبُها بِعَيْنِه فيُسقطها.

(14/145)


وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك عَن ابْن جَبَلة أَنه قَالَ: الوَبَد الفَقْرُ والبُؤْسُ، وَرجل وَبِدٌ وَقوم أوْباء، قَالَ: وأنشدني أَبُو عبيد لعَمْرو بن العَدَّاء الْكَلْبِيّ:
لأصْبَحَ الحيُّ أَوْباداً وَلم يَجِدُوا
عِنْد التَّفرُّق فِي الهيجا جِمَالَيْن
أَبَد: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَبَدْتُ بِالْمَكَانِ آبُدُ بِهِ أَبُوداً، إِذا أقمتَ بِهِ وَلم تبرَحْهُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن بَعِيرٍ شَرَدَ فَرماه رجلٌ بِسَهْم فَأَصَابَهُ فَقَالَ: (إِن لهَذِهِ الْبَهَائِم أَوَابد كأَوَابِد الوَحْش، فَمَا غَلَبَكم مِنْهَا فاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو: الأوابِد الَّتِي قد تَوَحَّشتْ ونَفَرت من الإنْس يُقَال: قد أَبَدَت تَأْبُد وتَأْبِد أُبُوداً وتَأَبَّدَتْ تَأَبُّداً.
وَمِنْه قيل لِلدَّار إِذا خَلا مِنْهَا أهلُها خَلَفَتْهم الوَحْشُ بهَا: قد تَأَبَّدَت. وَقَالَ لَبيد:
بِمِنًى تَأَبَّد غَوْلُها فَرِجامُها
وَيُقَال للكلمة الوحشية: آبِدةٌ، وَجمعه الأوَابِدُ، وَيُقَال للطير المقيمة بأرضٍ شتاءَها وصَيْفَها: أَوَابِد.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء يُقَال: عَبِد عَلَيْهِ وأَبِدَ وأَمِدَ وَوَبِد وَوَمِد إِذا غَضِبَ عَلَيْهِ أَبداً ووَبداً وومَدَاً وعَبَداً.
وَقَالَ اللَّيْث: أتانٌ إبِدٌ فِي كل عَام تَلد.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فِعِلٌ إِلَّا إِبِدٌ وإِبِلٌ ونِكِحٌ وخِطِبٌ إِلَّا أَن يَتَكَلَّف مُتَكَلِّفٌ فَيَبْنِيَ على هَذِه الأحرف مَا لم يُسْمع عَن الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأبِدُ الأتَانُ تَلِدُ كلَّ عامٍ، قلت: أما إبلٌ وإبِدٌ فمسموعان وَأما نِكِحٌ وخِطِبٌ فَمَا حَفظتهَا عَن ثِقَة وَلَكِن يُقَال نِكْحٌ وخِطْبٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا أَفعلهُ أبدا الأيبد وأَبَداً الآباد وَلَا آتيه أَبَدَ الدَّهْر، ويَدَ المُسْنَدِ أَي لَا آتيه طولَ الدَّهْر.
وَقَالَ اللحياني: لَا أَفْعَلُ ذَلِك أَبَدَ الآبديْن وأبد الأبَدِيَّةِ أَي أَبَدَ الدَّهْر، وَيُقَال: وقف فلَان أرضَه وَقفا مُؤبَّداً إِذا جَعَلها حَبِيساً لَا تُباع وَلَا تُورَثُ. وَقد أبّد وقْفَها تأبيداً.
أدب: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: جَاءَ فلانٌ بأمرٍ أَدْبٍ مجزوم الدّال أَي بِأَمْر عَجِيبٍ وَأنْشد:
سمِعْتِ من صَلاصلِ الأشْكالِ
أَدْباً على لَبَّاتها الحَوالِي
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إِن هَذَا الْقُرْآن مأدُبة الله فتعلموا من مأدُبته.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: مأدُبته ومأدَبته، فَمن قَالَ: مأْدُبته أَرَادَ بِهِ الصنيعَ يَصنعُه الرجلُ فيدعو إِلَيْهِ الناسَ، يُقَال مِنْهُ: أَدَبْتُ على الْقَوْم آدِبُ أَدْباً وَرجل آدِبٌ، وَقَالَ

(14/146)


طرفَة:
نحنُ فِي المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى
لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ
وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
زَجِل وبلُه يُجاوِبه دفأٌ
لخون مأدوبَة وزمير
فالمأْدُوبَة الَّتِي قد صُنِع لَهَا الصَّنِيع.
قَالَ أَبُو عبيد: وَتَأْويل الحَدِيث أَنه شبَّه الْقُرْآن بِصَنِيعٍ صَنَعه اللَّهُ للنَّاس لَهُم فِيهِ خيرٌ ومنافعُ ثمَّ دعاهم إِلَيْهِ، قَالَ: وَمن قَالَ: مأْدَبَةً جَعَله مَفْعَلَةً من الأدَب وَكَانَ الْأَحْمَر يجعلهما لُغَتَيْن: مأدُبة ومأدَبة بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أسمع أحدا يَقُول هَذَا غَيره، والتفسيرُ الأوّل أعجبُ إليّ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: آدَبْتُ أُودبُ إيداباً، وأَدبْتُ آدبُ أَدْباً.
قلت: والأدَبُ الَّذِي يَتَأَدبُ بِهِ الأديبُ من النَّاس، سمي أَدَباً لِأَنَّهُ يأْدِب الناسَ الَّذين يتعلمونه إِلَى المحامِد وينهاهم عَن المقابح يَأْدبهم أَي يَدعُوهُم، وأصل الأدْب الدّعاء، وَقيل للصَّنيع يُدْعَى إِلَيْهِ النَّاس: مَدعاةٌ ومأْدَبة، وَيُقَال للبعير إِذا رِيض وذُلِّلَ: أديبٌ مُؤَدب. وَقَالَ مُزَاحم الْعقيلِيّ:
وهُنَّ يُصَرِّفْن النَّوَى بَين عالِجٍ
ونَجْرَانَ تَصْرِيفَ الأدِيبِ المُذَلَّلِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال: جَاشَ أَدَبُ الْبَحْر، وَهُوَ كَثْرَة مَائه وَأنْشد:
عَن ثَبَجِ الْبَحْر يَجِيشُ أَدَبُه
وَقَالَ أَبُو زيد: أَدُبَ الرجل يَأْدُبُ أَدَباً فَهُوَ أَديب وأَدِبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ إِرْبةً وأَرَباً فِي العَقْلِ فَهُوَ أَرِيبٌ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدّال وَالْمِيم)
د م (وايء)
أَدَم، دوم، ديم، دمى، أمد، وَمد، مأد، دأَم.
دوم ديم: قَالَ اللَّيْث: دَامَ الشيءُ يَدُوم دَوْماً، والدِّيمةُ مَطَرٌ يَدُوم يَوْمًا وَلَيْلَة أَو أَكثر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: أَنَّهَا سُئِلتْ هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفَضِّلُ بعض الْأَيَّام على بعض فَقَالَت: كَانَ عَمَلهُ دِيمَةً.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: أصل الدِّيمَةِ المطرُ الدَّائمُ مَعَ سُكُون.
قَالَ أَبُو عبيدُ: فَشَبَّهَتْ عائشةُ عملَه فِي دوامِه مَعَ الاقتصاد بِدِيمةِ الْمَطَر.
قَالَ: ويُرْوَى عَن حُذيفة أَنه ذكر الفِتَن فَقَالَ: إِنَّهَا لَتَأْتِيَنَّكُم دَيماً ديماً يعْنِي أَنَّهَا تَملأ الأَرْض مَعَ دوَام وَأنْشد:
ديمةٌ هَطْلاَءُ فِيهَا وَطَف
طَبَّق الأرضَ تَحَرَّى وتَدُر
وَجمع الدِّيمة دِيَم.

(14/147)


وَقَالَ شمر يُقَال: ديمةٌ وديْمٌ.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
فَوَارِسٌ وَحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ
لَا تَتَأَنَّى حَذرَ الكُلُومِ
وَرُوِيَ عَن أَبي العَمَيْثَل أَنه قَالَ: ديْمَةٌ وَجَمعهَا ديُومٌ بِمَعْنى الدِّيمة.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الدِّيمةُ من الْمَطَر الَّذِي لَا رَعْد فِيهِ وَلَا بَرْقَ وتَدوم يومَها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: من أَسمَاء الْخمر المُدام والمُدَامَةُ.
قَالَ اللَّيْث: سميت مُدامة لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء من الشَّرَاب يُستطاع إدامَةُ شُرْبِه غيرَها.
وَقَالَ غَيره: سمّيَتْ مُدامة لِأَنَّهَا أُديمَتْ فِي الدِّنِّ زَمَانا حَتَّى سَكَنَتْ بَعْدَمَا فارَتْ، وكل شَيْء يسكن فقد دَامَ، وَمِنْه قيل للْمَاء الَّذِي سَكَنَ فَلَا يجْرِي: دائمٌ.
وَنهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْ يُبَالَ فِي المَاء الدَّائم ثمَّ يُتوضأ مِنْهُ، وَهُوَ المَاء الراكد السَّاكِن، وكل شيءٍ سَكَّنْتَه فقد أَدمْتَه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَجِيشُ عَلَيْنا قِدْرُهُم فَنُدِيمُها
ونَفْثَؤُهَا عنَّا إِذا حَمْيُها غَلاَ
قَوْله: نُديمها نُسَكِّنُها، ونَفْثَؤها نَكْسِرُها بالماءِ.
وَيُقَال للطائر إِذا صَفَّ جناحيه فِي الْهَوَاء وسكنَّهما وَلم يحركهما كَمَا تفعل الحِدأ والرَّخم: قد دَوَّمَ الطَّائِر تَدْويماً لِسكونه وتركِهِ الخَفَقَانَ بجناحين.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّدْوِيمُ تحلِيقُ الطائرِ فِي الْهَوَاء ودَوَرَانُه، وَالشَّمْس لَهَا تدويمٌ كَأَنَّهَا تَدُور بدورانها وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
والشَّمْسُ حَيْرَى لَهَا فِي الجوِّ تَدْوِيمُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: وَالشَّمْس حَيْرَى: تَقِفُ الشمسُ بالهاجِرَةِ عَن الْمسير مِقْدَارَ مَا تسير سِتِّينَ فرسخاً تَدور على مَكَانهَا، وَيُقَال: تَحَيَّرَ الماءُ فِي الرَّوْضَة إِذا لم تكن لَهُ جِهَة يَمْضِي فِيهَا فَيَقُول: كَأَنَّهَا مُتَحَيِّرَةٌ لدورانها قَالَ: والتَّدويم الدَّوَرَان يُقَال: دوَّمَتْ الشمسُ إِذا دارتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَخذه دُوَامٌ فِي رَأسه مثل الدُّوَار، ودُوَّامةُ الغُلام بِرفع الدَّال وَتَشْديد الْوَاو، ودوَّمْتُ القِدْرَ وأَدمْتُهَا إِذا كَسَرْتَ غَلَيانها قَالَ: ودوَّم الطائرُ فِي السَّمَاء إِذا جَعل يَدُور، ودوَّى فِي الأَرْض وَهُوَ مِثْل التَّدويم فِي السَّمَاء، قَالَ وَقَول ذِي الرمة:
حَتَّى إِذا دوّمَتْ فِي الأَرْض راجعهُ
كِبْرٌ وَلَو شَاءَ نَجَّى نفسَه الْهَرَب
استكراه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ذكر الأصمعيّ أَن التَّدويمَ لَا يكون إِلَّا من الطَّائِر فِي السَّمَاء، وَعَابَ على ذِي الرُّمَّة قولَه، وَقد

(14/148)


قَالَ رؤبة:
تَيْماء لَا يَنْجُو بهَا مَنْ دوَّما
إِذا علاها ذُو انْقِبَاضٍ أجْذَمَا
أَي أسْرع.
وَقَالَ شمر: دوَّامَةُ الصَّبِي بِالْفَارِسِيَّةِ دوَابَهْ وَهِي الَّتِي يَلْعَبُ بهَا الصّبيان، تُلَفُ بِسَيْرٍ أَو خَيْط ثمَّ تُرْمَى على الأَرْض فتدور.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دوَّمْتُ الشيءَ بَلَلْتَه، قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأملُ
أَي يَبُلُّه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دامَ الشيءُ إِذا دارَ، وَدَامَ إِذا وقف، ودامَ إِذا تَعِبَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَدْوِيمُ الزَّعْفَرَان: دوْفُه وإدارَتُه فِي دوْفِه وَأنْشد:
وَهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعْفَرَانَ المُدَوَّفَا
والدَّوْمُ شَجَر الْمُقْل الْوَاحِدَة دوْمَةٌ، وقرأت بِخَط شَمِر.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الضَّرِير: دوْمَةُ الجندل فِي غَائِط من الأَرْض، خَمْسَة فراسخ.
قَالَ: وَمن قِبَلِ مَغْرِبِهِ عَيْنٌ تَثُجُّ فتَسْقِي مَا بِه من النَّخِيل وَالزَّرْع قَالَ: ودوْمَةُ ضاحيةٌ بَين غَائطها، هَذَا واسمُ حصنها مارِدٌ، وَسميت دوْمَةَ الجندل.
فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو عبيد لأنَّ حِصْنَها مَبنيٌّ بالجندل.
قَالَ: والضَّاحِيَةُ من الضَّحْل مَا كَانَ بارزاً من هَذَا الغَوْط، وَالْعين الَّتِي فِيهِ، وَهَذِه الْعين لَا تَسْقِي الضاحية.
قَالَ وَغَيره يَقُول: دُومَة بِضَم الدَّال، وَسمعت دَومَة الجندل فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو عبيد قلت: وَرَأَيْت أَعْرَابِيًا بِالْكُوفَةِ سُئِلَ عَن بَلَدِه فَقَالَ: دوْمَة الجندل.
وَقَالَ شمر: سمِّيت الخمرُ مُدامةً إِذْ كَانَت لَا تَنْزَفُ مِنْ كثرتها فَهِيَ مُدامة ومُدام.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال لَهَا: مدامة لِعِتْقِهَا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: استدَامَ الرجل غَرِيمَه واسْتَدماه إِذا رَفِقَ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: استدامةُ الْأَمر الأناةُ فِيهِ، وَأنْشد:
فَلَا تَعْجَلْ بأَمْركَ واسْتَدمْه
فَمَا صَلَّى عَصاك كَمُسْتَديمِ
وَتَصْلِيةُ العَصا إدارتُها على النَّار لتستقيم، واستدامتُها التأنِي فِيهَا، أَي مَا أحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي.
وَقَالَ شَمِر: المستديمُ المُبَالِغُ فِي الْأَمر واسْتَدِمْ مَا عِنْد فلَان: أَي انْتظِرْهُ وارْقُبْه.
قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: مَا قَامَ بحاجتك مثلُ مَن يُعْنَى بهَا ويُحبُّ قَضاءَها.
وَقَالَ شَمِر: فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: الدَّيمُومَة الأرضُ المُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَا أَعلامَ بهَا وَلَا طريقَ وَلَا ماءَ وَلَا أنيسَ، وَإِن كانتْ

(14/149)


مُكْلِئَةً. وهُنَّ الدَّيامِيمُ. يُقَال: عَلَوْنا دَيمُومةً بعيدَة الغَوْر، وعلونا أَرضًا دَيمُومةً مُنكرةً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّيامِيمُ: الصحارى.
وَقَالَ المؤرج: هِيَ الصحارى المُلْسُ المتباعدةُ الْأَطْرَاف.
قَالَ شَمِر وَقَالَ الأصمعيّ: الإيدَامةُ أَرض مستوية صلبة ليستْ بالغليظة وَجَمعهَا الأَيادِيمُ، قَالَ وَيُقَال: أُخِذتْ الإيدَامةُ من الأَديم، قَالَ ذُو الرمة:
كأنهن ذُرَى هَدْي محوَّبة عَنْهَا
الجِلال إِذا ابْيَضَّ الأيادِيم
وابيضاض الأياديم لِلسَّرابِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الإيدامَةُ الصُّلبة من غَيْرِ حِجارة وَيُقَال: دِيمَ وأُديم إِذا أَخَذه دُوَار، والإدامَةُ تَنْقِيرُ السَّهْم على الْإِبْهَام. وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حنَّانا يُعَلِّلُهُ
عِنْد الإدامةِ حَتَّى يَرْنُوَ الطَّرِبُ
ودوَّمَتْ عَيناهُ تدويماً إِذا دارَت حَدَقَتُها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإيدَامةُ من الأَرْض السَّنَد الَّذِي لَيْسَ بشَديد الإشرافِ، وَلَا يكون إِلَّا فِي سُهولِ الأَرْض، وَهِي تَنْبُتُ وَلَكِن فِي نبتها زَمَرٌ لِغِلَظِ مَكانها وقِلَّة استقرارِ المَاء فِيهَا.
أَدَم: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْمُغِيرَة بن شُعْبَة، وخَطبَ امْرَأَة: (لَو نظرتَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَى أَن يُؤْدَم بَيْنكُمَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: قَوْله: يُؤْدم يَعْنِي أَن تكون بَينهمَا الْمحبَّة والإتفاق يُقَال مِنْهُ: أَدمَ الله بَينهمَا يَأْدِم أَدْماً.
وَقَالَ أَبُو الْجراح مثله. قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أَدْرِي الأَصْل فِيهِ إِلَّا من أَدْمِ الطَّعامِ لِأَن صلاحَه وطيبه إِنَّمَا يكون بالإدام، وَلذَلِك يُقَال: طَعَام مَأدُومٌ، وقَالتْ امْرَأَة دُرَيد بن الصمَّة لَه وأَراد أَنْ يُطَلّقها: أَبَا فلَان أَتُطَلِّقُني فوَاللَّه لقد أَطْعَمتُكَ مَأْدُومي وأبثَثْتُكَ مَكْتُومي وَأَتَيْتُك باهِلاً غيرَ ذَات صِرار.
قَالَ أَبُو عبيد: وَيُقَال: آدم الله بَينهمَا يُؤْدِمُ إيداماً أَيْضا، وَأنْشد فَقَالَ:
والبِيضُ لَا يُؤْدِمن إِلَّا مُؤْدَما
أَي لَا يحببن إِلَّا مُحَبَّباً مَوْضِعاً لذَلِك.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء أَنه قَالَ: الأُدْمَةُ: الوَسِيلةُ إِلَى الشَّيْء، يُقال: فُلانٌ أُدْمَتِي إِلَيْك أَي وَسِيلَتِي.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَينهمَا أُدْمَةٌ ومُلْحة أَي خُلْطةٌ، قَالُوا: الأُدْمَةُ فِي النَّاس شربةٌ من سَواد، وَفِي الْإِبِل والظباء، بَيَاض، يُقَال: ظبيةٌ أَدمَاءُ، وَلم أسمع أحدا يَقُول للذّكر من الظباء: آدم وَإِن كَانَ قِيَاسا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الآدمُ من الْإِبِل الْأَبْيَض فَإِن خَالَتْه حُمرةٌ فَهُوَ أصْهَبُ فَإِن

(14/150)


خالَطْت الحمرةُ صَغاهُ فَهُوَ مُدمَّى، قَالَ: والأُدمُ من الظباء بيضٌ تعلوهن جُدَدٌ فِيهِنَّ غُبرةٌ، فَإِن كَانَت خالصةَ الْبيَاض فهيَ الآرَامُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْأَنْبَارِي عَن أَحْمد بن عبيد بن نَاصح قَالَ: كُنَّا نَأْلَفُ مَجْلسَ أبي أَيُّوب ابْن أُخْت أبي الْوَزير، فَقَالَ لنا يَوْمًا، وَكَانَ ابْن السِّكِّيتِ حَاضرا: مَا تقولُ فِي الأُدمِ من الظبا؟ فَقَالَ: هِيَ البيضُ البُطونِ السُّمْر الظُّهُور يَفصِلُ بَين لَوْن ظُهُورهَا وبُطونها جُدَّتان مِسْكيَّتان، قَالَ: فالتَفَتَ إليّ فَقَالَ: مَا تَقول يَا أَبَا جَعْفَر؟ فَقلت: الأُدْمُ على ضَرْبين، أما الَّتِي مَساكِنُها الجبالُ فِي بِلَاد قيسٍ فَهِيَ على مَا وَصَف، وأمَّا الَّتِي مَساكنُها الرَّملُ فِي بِلَاد تَميم فَهِيَ الخوالِص البَيَاضِ، فَأنْكر يعقوبُ، وَاسْتَأْذَنَ ابنُ الْأَعرَابِي على تَفيئَة ذَلِك، فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: قد جَاءَكُم من يَفْصِلُ بَيْنكُم، فَدخل فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب: يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِي الأُدم من الظِّباء؟ فَتكلم كَأَنَّمَا يَنْطِق عَن لِسَان ابْن السِّكِّيت؛ فَقلت: يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِي ذِي الرُّمة؟ قَالَ: شَاعِر، قلتُ: مَا تَقول فِي قَصيدته صَيْدَح؟ قَالَ: هُوَ بهَا أعرف مِنها فَأَنْشَدته:
مِن المُؤْلِفاتِ الرملَ أدماءُ حُرَّةٌ
شُعَاعُ الضُّحَى فِي مَتْنِها يَتَوَضَّحُ
فَسَكَتَ ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: هِيَ الْعَرَب تَقول مَا شَاءَتْ.
وَقَالَ الزّجاج: يَقُول أهل اللُّغَة: آدَم: اشتقاقه من أَدِيم الأَرْض لِأَنَّهُ خُلِق من تُراب، وَكَذَلِكَ الأُدْمَةُ إِنَّمَا هِيَ مُشَبَّهة بلون التُّراب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث، قَالَ: والأَدَمُ جمع الأَدِيم، قَالَ: وأَدِيمُ كلِّ شيءٍ ظاهرُ جِلْدِه وأَدَمَةُ الأرضِ وجهُها والإدام والأَدْم مَا يُؤْتَدم بِهِ مَعَ الْخبز.
وَفِي الحَدِيث: (نعم الإدامُ الخَلُّ وطَعَامٌ مأْدُومٌ) .
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: يُقَال للجلد إهَاب وَالْجمع أُهُب وأَهَبٌ مُؤَنّثَة. قَالَ: فَأَما الأَديمُ والأفقُ فمذكر، إِلَّا أَن يقْصد قصد الْجُلُود، والأدمة. فَتَقول: هِيَ الْأدم والأفق، يُقَال: أَدِيم وآدمة فِي الْجمع الْأَقَل على أَفعلهُ يُقَال: ثَلَاثَة آدمةٌ وأربعةُ آدمةٍ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ وَهُوَ الَّذِي قد جَمَع لينًا وشِدَّة مَعَ الْمعرفَة بالأمور. قَالَ: وأصلهُ من أَدمةِ الْجلد وبَشَرَتهِ فالبَشَرة ظاهِرهُ وَهِي مَنْبِت الشَّعْر والأَدمةُ باطِنُهُ وَهُوَ الَّذِي يَلِي اللَّحْم، قَالَ: فَالَّذِي يُراد مِنْهُ أَنه قد جمع لِينَ الأدَمَةِ وخُشونَة البَشَرة وجَرَّبَ الْأُمُور وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو زيد.

(14/151)


وَقد يُقَال: إِنَّمَا يُعَاتَبُ الأَديمُ ذُو البَشَرة أَي يُعاد فِي الدِّباغ، وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا يُعاتَبُ مَن يُرجى، وَمن بِهِ مُسْكَةٌ وقوةٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: أَن أَبَا عدنان أخبرهُ عَن الأصمعيّ قَالَ: يُقَال: فلانٌ مَأْدُومُ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هُوَ جامعٌ يصلح للشدة والرَّخاء. وفلانٌ أَدَمَةُ بني فلَان، وَقد أَدَمَهم يَأْدُمُهم، وَهُوَ الَّذِي عَرَّفهم النَّاس.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فلَان مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ كريمُ الْجلد غليظه جَيِّده، وَمن أمثالهم: سَمْنُكم هُريق فِي أَدِيمكم أَي فِي مأدومكم. وَيُقَال: فِي سِقائكم، وأَتَيْتُه أَدِيمَ الضُّحَى أَي عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى.
سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال: بَشَرْتُه وأَدَمْتُه ومَشَنْتُه أَي قَشَرتُه وَيجمع آدَمُ أَوَادِم، والإيدَامَةُ الأَرْض الصُّلْبةُ مَأْخُوذ من أَدِيمِ الأَرْض وَهُوَ وَجْهُها.
دمى: قَالَ اللَّيْث: الدَّمُ معروفٌ والقطعة مِنْهَا دَمَةٌ واحدةٌ، وكأَنَّ أَصله دَمَيٌ لِأَنَّك تَقول دَمِيَتْ يدُه.
وَقَالَ غَيره: الأَصْل: دَمًا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الدَّمُ اسْم على حَرْفين فَقَالَ بَعضهم فِي تثنيته الدَمَيَان وَفِي جمعه الدِّماء.
وَقَالَ بَعضهم: الدَّمان. وَأنْشد:
فَلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا
جَرَى الدَّمَيَانِ بالخَير اليَقِينِ
فَثَنَّاه بِالْيَاءِ، وَيُقَال فِي تصريفه: دَمِيَتْ يَدِي تَدْمى دَماً فَيُظْهِرُون فِي دَمِيَتْ وتَدْمى الْيَاء، وَالْألف اللَّتَيْنِ لم يجدوهما فِي دَمٍ. قَالَ: ومِثله يَدٌ أصلُها يَدْيٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الدَّامِيَةُ من الشِّجَاجِ هِيَ الَّتِي تَدْمَى مِن غير أَن يسيلَ مِنْهَا دَمٌ وَمِنْهَا دَمٌ، وَمِنْهَا الدَّامِعةُ وَهِي الَّتِي يسيلُ مِنْهَا الدَّم.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّمْيَةُ الصَنَم وَالصُّورَة المنَقَّشة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْمَرْأَة الدُّمْيةُ يكْنى عَن الْمَرْأَة بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: وبَقْلَةٌ لَهَا زهرَة يُقَال لَهَا: دُمْية الغِزلان.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُدَمَّى من الثِّيَاب: الأَحْمَرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المدَمَّى من الْخَيل: الأَشْقَرُ الشديدُ الحُمرة. شِبه لون الدَّم، وكل شَيْء فِي لَونه سَواد وَحُمرَة فَهُوَ مُدمًى.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كُمَيْتٌ مُدمًى إِذا كَانَت سراتُه شَدِيدَة الحُمْرة إِلَى مَرَاقِّه، والأَشقر المدَمَّى الَّذِي لون أَعلَى شَعْرَتِه تعلوها صُفرة كلون الكُمَيت الْأَصْفَر.
وَقَالَ طُفَيْلٌ:

(14/152)


وكُمْتاً مُدَمَّاةً كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها واسْتَشْعَرتْ لَوْنَ مَذْهَب
يَقُول: تَضْربُ حمْرتها إِلَى الكُلفَةِ لَيست بشديدة الحُمرة.
وَفِي حَدِيث سَعْدٍ أَنه رَمَى بسهمٍ مُدَمًى ثَلَاث مَرَّات فَقَتَلَ بِهِ رجلا من الْكفَّار.
وَقَالَ شمر: المُدَمَّى الَّذِي يَرْمِيه الرجلُ العدوَ ثمَّ يَرْمِيه العَدُوُّ بذلك السهْم بِعَيْنِه كَأَنَّهُ دمِّيَ بِالدَّمِ حَتَّى وَقَع بالمرْمِيِّ.
وَيُقَال: سُمِّي مُدَمًّى لِأَنَّهُ أحْمَر من الدَّم، وسَهْمٌ مُدمَّى قد دمِّيَ بِهِ مرّة، وَقد جاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث، وَجمع الدُّمْية دُمًى.
وَمد: أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: إِذا سَكَنَتْ الريحُ مَعَ شِدّة الْحر فَذَلِك الوَمَدُ. يُقَال: لَيْلَة وَمِدَةٌ وَقد وَمِدَتْ تَوْمَد وَمداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَمَدَة تَجِيء فِي صميم الحرّ من قِبل الْبَحْر، حَتَّى تَقَع على النَّاس لَيْلًا.
قلت: وَقد يَقع الوَمَد أَيَّام الخريف أَيْضا وَيُقَال: لَيْلَة وَمِدٌ بِغَيْر هَاء وَمِنْه قَول الرَّاعِي يصف امْرَأَة:
كأَنَّ بَيضَ نعامٍ فِي مَلاحِفِها
إِذا اجْتلاهن قَيْظاً ليلةٌ وَمِدٌ
قلت: والوَمَد لَثَقٌ ونَدًى يَجِيء من جِهَة الْبَحْر إِذا ثار بخارُه، وهَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ الصَّبا، فَيَقَع على الْبِلَاد المتاخمة لَهُ مثل نَدَى السَّماءِ وَهُوَ مؤذٍ للنَّاس جِداً لِنَتْن رائحتِه، وكُنا بِنَاحِيَة الْبَحْرين إِذا حَلَلنا بالأسياف، وهَبَّتْ الصَّبا بَحْرِيةً لم نَنْفَك مِن أَذَى الوَمَد، فَإِذا أَصْعَدْنا فِي بِلاد الدَّهناء لم يُصِبنَا الوَمَدُ.
(مأد) : أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: مَأْد الشَّباب نَعْمتُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي عَن الْكسَائي: ومَدَ عَلَيْهِ ووبَدَ ومْداً، إِذا غضب عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَأَد الْعود يَمْأَدُ مَأْداً إِذا امْتَلأ من الرِّيِّ فِي أول مَا يجْرِي المَاء فِي العُود فَلَا يزَال مائداً مَا كانَ رَطْباً.
وَقَالَ اللَّيْث: المأدُ من النَّبَات مَا قد ارتوى، يُقَال: نباتٌ مَأْدٌ وَقد مَأَدَ يَمأَدُ فَهُوَ مَأْد، وأَمْأَدَ الرِّيُّ والربيعُ وَنَحْوه وَذَلِكَ، إِذا خرج فِيهِ المَاء أَيَّام الرّبيع، وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ التارَّة: إِنَّهَا لَمأدَةُ الشَّبابِ وَهِي تَمْؤودَةٌ ويَمْؤُودةٌ.
قَالَ: والمأد فِي لُغَة أهل الشَّام: النَّزُّ الَّذِي يظْهر بِالْأَرْضِ قبل أَن يَنْبع.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
مَادُ الشبابِ عَيْشَها المُخرْفَجَا
مَاء غَيْر مهموزٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ} (الْمَائِدَة: 114) الْمَائِدَة فِي الْمَعْنى مَفْعوله ولفظها فَاعِله، قَالَ: وَهِي مثل عِيشة راضية، وَقَالَ: إِن الْمَائِدَة مِن العَطاء والممْتاد الْمَطْلُوب مِنْهُ العَطاء

(14/153)


مُفْتَعَلٌ وَأنْشد:
إِلَى أَميرِ الْمُؤمنِينَ المُمْتاد
قَالَ: وَماد زيدٌ إِذا أعطَاهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الأَصْل عِنْدِي فِي مائدة، أَنَّهَا فاعلة من ماد يَمِيد إِذا تحرّك وَكَأَنَّهَا تميد بِمَا عَلَيْهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: مادَهُم يَميدُهم إِذا زَادَهم وَأنْشد:
إِلَى أَمِيرِ الْمُؤمنِينَ المُمْتَاد
قَالَ: وَإِنَّمَا سمِّيت المائدةُ مائِدةً لِأَنَّهُ يُزَاد عَلَيْهَا.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُمِّيتْ المائدةُ مائِدةً لِأَنَّهَا مِيدَ بهَا صَاحبُها أَي أُعطِيها وتُفُضِّل عَلَيْهِ بهَا.
والعربُ تَقول: مَادنِي فلَان يَميدُني إِذا أَحْسن إليّ. قَالَ: وَقَوله إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الممتاد.
أَي المتَفَضِّل على النَّاس.
وَقَالَ الجَرْمِي: يُقال: مائِدةٌ ومَيْدَةٌ، وَأنْشد:
ومَيْدَةٌ كَثيرةُ الألوان
تُصْنَعُ للاخوانِ والجِيرانِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المائِدُ الَّذِي يَركَبُ البحرَ فَتَغْثَى نَفْسُه من نَتْنِ ماءِ الْبَحْر حَتَّى يُدَارَ بِهِ، ويَكاد يُغْشَى عَلَيْهِ فَيُقَال: مادَ بِهِ البحرُ يَمِيد بِهِ مَيْداً، ورجلٌ مائدٌ، وَقوم مَيْدى.
قَالَ: وسمِعْتُ أَبَا العبَّاس وَسُئِلَ عَن قَول الله جلّ وعزّ: {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} (النَّحْل: 15) فَقَالَ: تحَرَّكَ بكم وتَزَلْزَلَ، ومَاد يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى وتَبَخْتَر.
وَقَالَ الْفراء: سَمِعت الْعَرَب تَقول: الميْدَى الَّذين أَصابَهم المَيْدُ من الدُّوَار، قَالَ وَيُقَال: مَاد أهلَه إِذا غَارَهم ومادهم.
قَالَ وَيُقَال: ابْن الْأَعرَابِي: مَاد إِذا تَجِرَ وماد إِذا أَفْضَلَ.
دَامَ: قَالَ اللَّيْث: الدَّأْمُ إِذا رفعتَ حائِطاً فَدَأَمْتَه بمَرَّةٍ وَاحِدَة على شَيْء فِي وَهْدَةٍ تَقول: دَأَمته عَلَيْهِ، قَالَ: وتَدَأَّمَتْ عَلَيْهِ الأمواج والأهوالُ والهموم وَأنْشد:
تَحتَ ظِلال الموْج إِذْ تَدَأَّمَا
أَبُو عُبَيد قَالَ الأصمعيّ: تَدَاءَمه الأمرُ مثل تَدَاعَمَه إِذا تراكَمَ عَلَيْهِ وَتكَسَّر بعضُه فَوق بعض.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَدَأَّمْتُ الرجلَ تَدَوُّماً إِذا وَثَبْتَ عَلَيْهِ فركبتَه.
قَالَ أَبُو عبيد: والدَّأْماءُ البحرُ.
وَقَالَ الأفوه الأوْديّ:
والليلُ كالدَّأْماءِ مُسْتَشْعِرٌ
من دونِه لَوْناً كَلَونِ السَّدُوس
مدى: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَمْدَى الرجلُ إِذا أَسَنَّ.

(14/154)


قلت: هُوَ من مَدَى الْغَايَة، ومدَى الأجَل منتهاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أمدى الرجل إِذا سُقِي لَبَناً فأَكْثر.
وَقَالَ رؤبة:
مُشَبّههٌ مُتيّةٌ تَيهاؤُه
إِذا المَدَى لم يُدْرَ مَا مَيدَاؤه
قَالَ: المِيداءُ مِفْعالٌ من المَدَى، وَهُوَ الْغَايَة والقَدْر يُقَال: مَا أَدْرِي مَا مِيداءُ هَذَا الْأَمر؟ يَعْنِي قَدْرَهُ وغايَتَه، وَهُوَ بمِيداءِ أرضِ كَذَا إِذا كَانَ بِحِذَائِها يَقُول: إِذا سَار لم يَدْرِ أَمَا مَضَى أكثَرُ أمْ مَا بَقِيَ؟ قلت: قَوْله: المِيدَاءُ مِفعال فِي المَدَى غَلَط لِأَن المِيمَ أصليةٌ وَهُوَ فِيْعالٌ من المَدَى كأَنه مصدر مادى مِيدَاءً على لُغَة من يَقُول: فاعلتُ فِيْعالاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَتَب ليهود تَيْمَاء أنَّ لَهُم الذِّمةَ وَعَلَيْهِم الجِزْيَة بِلَا عَدَاءٍ، النهارُ مَدَى والليلُ سُدًى.
وَكتب خَالِد بن سعيد: المَدَى الغايةُ أَي ذَلِك لَهُم أبدا، مَا كَانَ النهارُ، والليلُ سُدًى أَي مُخَلَّى، أَرَادَ مَا تُرك اللَّيْلُ والنهارُ على حَالهمَا، وَذَلِكَ أَبَداً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والمَدِيُّ الحَوْضُ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ نَصَائِبُ، وَأنْشد غَيره قَول الرَّاعِي يذْكر مَاء وَرَدهُ:
أَثَرْتُ مَدِيَّهُ وأَثَرْتُ عَنهُ
سَوَاكِنَ قَدْ تَبَوَّأْنَ الحُصونَا
والْمُدْيُ مِكْيالٌ يأْخُذ جَرِيياً.
وَفِي الحَدِيث: أَن عليا أجْرى للنَّاس المُدْيَيْنِ والقِسْطَيْن، فالمُدْيانِ الجريبان، والقسطان قِسطانِ من زَيْتٍ كَانَ يُرْزُقُها الناسَ.
وَيُقَال: تَمادَى فلَان فِي غَيِّه إِذا لَحَّ فِيهِ وأَطال مَدَى غَيِّه أَي غَايَته.
أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَرْمي وإِحدى سِيَتَها مَدْيَهْ
إِن لم تصب قلباً أَصَابَت كُلية
قَالَ سَمِعت أَبَا عرْعرة الْكَلْبِيّ يَقُول: هِيَ المدية وَهِي كَبِدُ الْقوس وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
أمد: قَالَ الله جلَّ وعزّ: {الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَْمَدُ فَقَسَتْ} (الْحَدِيد: 16) قَالَ شَمِر: الأمَدُ مُنْتَهى الْأَجَل، قَالَ: وللإنسان أمَدَان أَحدهمَا ابتداءُ خَلْقِه الَّذِي يظْهر عِنْدَ مولده وإياه عَنَى الحجاجُ حِين سَأَل الحسنَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَمَدكَ؟ فَقَالَ: سنتَانِ من خلَافَة عَمر، أَرَادَ أَنه وُلِد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خِلافة عمر، والأمَدُ الثَّانِي الموتَ، قَالَ: وأَمَدُ الخيلِ فِي الرِّهان مَدَافِعُها فِي السباق، ومنتهى غايتها الَّتِي تستبق إِلَيْهِ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:

(14/155)


سَبْقَ الجوادِ إِذا استولى على الأمَدِ
أَي غَلَبَ على مُنتهاه حِين سَبَق رَسيله إِلَيْهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للسفينة إِذا كَانَت مشحونة: عامدٌ وآمِدٌ وعامِدةٌ وآمِدَةٌ وَقَالَ: السَّامِدُ العاقِلُ، والآمِدُ المملوء من خيرٍ أَو شرَ، وآمِدُ بلد مَعْرُوف.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: أمدَ عَلَيْهِ وأَبِدَ إِذا غَضَبَ.
وَالله أعلم انْتهى.

(14/156)


بَاب اللفيف من حرف الدّال
دَد، دود، دو، دوى، دا، داى، آد، أدا، وَاد، ودا، أيد، أيادى، أديى، أَدَّاهُ، ودى، دوى، تودية، وَادي، ود، دودي، أد، يَدي، در.
ددّ: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أَنَا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ منّي) ، وَقد مرَّ تَفْسِيره، وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّد اللَّهْو واللَّعب: قَالَ وَقَالَ الْأَحْمَر: فِي الدَّد ثلاثُ لُغاتٍ، يُقَال: هَذَا دَدٌ على مثالي يَدٍ ودمٍ، وَهَذَا دداً على مِثَال قفاً وعَصاً، وَهَذَا دَدَنٌ على مِثال حزنٍ. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: دَدٌ، ودَدا وديدٌ وديدانٌ وَدَدَنٌ ودَيْدَبون: اللَّهْو، الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: مَا أَنا من ددي وَلَا ددي مِنِّيَهْ، يُرِيد مَا أَنا من الْبَاطِل وَلَا الباطلُ مني، قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَحذِفُ الْيَاء فَيَقُول: مَا أَنا من دَدٍ وَلَا دَدٌ مني، وَقَالَ اللَّيْث: دَدٌ حِكَايَة الاستنان للطَّرب، وضَرْبِ الْأَصَابِع فِي ذَلِك، وَإِن لم تضرب بعد الجري فِي بِطالةٍ فَهُوَ دَدٌ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
واسْتَطْرَبت ظُعْنُهمْ لمَّا احْزَأَل بهم
آل الضُّحى ناشِطاً من داعِبات دَدِ
أَرَادَ بالنَّاشط: شَوْقاً نازِعاً.
قَالَ اللَّيْث: وأنشده بَعضهم: من دَاعبٍ دَدِدِ.
قَالَ: لمَّا جعله نَعْتاً للدَّاعبِ كَسَعةُ بدال ثَالِثَة لِأَن النَّعتَ لَا يتمكَّن حَتَّى يتم ثَلَاثَة أحرف فَمَا فَوق ذَلِك فَصَارَ دَدِدٍ نَعْتاً للداعب.
قَالَ: فَإِذا أَرَادوا اشتقاق الْفِعْل مِنْهُ لم ينقَدْ لكثرةِ الدَّالاتِ، فيفصلون بَين حرفي الصَّدرِ بِهَمْزَة فَيَقُولُونَ: دَأَد يُدَأْدِدُ دَأْدَدةً، وَإِنَّمَا اخْتَارُوا الْهمزَة لِأَنَّهَا أقوى الْحُرُوف وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك.
دود ديد: أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: دَادَ الطعامَ يَدَادُ وأَدَادَ يُدِيدُ.
وَقَالَ غَيره: دَوَّد يُدَوِّد مثله إِذا صَار فِيهِ الدُّود وَأنْشد:
قَدْ أَطْعَمَتْنِي دَقَلاً حَوْليا
مُسَوَّساً مُدَوَّداً حَجَرياً
وروى أَبُو زيد: ديد فَهُوَ مَدُود بِهَذَا الْمَعْنى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّوَّادِي مَأْخُوذ من الدُّوَّاد وَهُوَ الخَضْفُ يخرج من الْإِنْسَان.

(14/157)


وَقَالَ غَيره: دودةٌ واحدةٌ ودود كثيرٌ ثمَّ ديدان جمع الْجمع، ودودانُ قبيلةٌ من بني أَسَدٍ.
دوا: قَالَ شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّوُّ المستوية من الأَرْض المنسوبة إِلَى الدَّوّ.
وَقَالَ ذُو الرمَّة:
ودوّ ككف المشترِي غيرَانه
بِساطٌ لأخماسِ المراسيلِ واسعُ
أَي هِيَ مُستوية ككف الَّذِي يصافِق عِنْد صَفْقَةِ البيع.
وَقَالَ غَيره: دَوِّيّة وداوِيَّة إِذا كَانَت بعيدَة الْأَطْرَاف مُستوية وَاسِعَة.
وَقَالَ العَجَّاج:
دَوِّيَّةٌ لِهَوْلِها دَوِيٌّ
للريح فِي أَقْرابها هَوِيُّ
وَيُقَال: إِنَّمَا سُمِّيت دَوِيَّةً لِدَوِيّ الصّوتِ الَّذِي يُسمع فِيهَا، وَقيل: سمِّيت دَوِيَّة لِأَنَّهَا تُدَوِّي بِمَن صَار فِيهَا، أَي تذْهب بهم، وَيُقَال: قد دَوَّى فِي الأَرْض وَهُوَ ذهابُه، وَقَالَ رؤبة:
دَوّى بهَا لَا يَعْذر العَلائلا
وَهُوَ يُصادي شزَّنا مَثَائِلا
دَوَّى بهَا مَرَّ بهَا يَعْنِي العَيْر وأنثه، قَالَ: وَقَالَ بعض الْعلمَاء: الدَّو أرضٌ مَسيرةُ أربعِ ليالٍ شِبْه تُرْسٍ خَاوِيَةٌ يُسار فِيهَا بالنجوم، ويُخاف فِيهَا الضَّلالُ، وَهِي على طَرِيق البَصرة مُتَياسِرةً إِذا أَصْعدت إِلَى مَكَّة، وَإِنَّمَا سمِّيت الدَّوَّ، لأنَّ الفُرس كَانَت لَطَائمهم تجوز فِيهَا فَكَانُوا إِذا سلكوها تَحَاضُّوا فِيهَا بالجِدّ فَقَالُوا بِالْفَارِسِيَّةِ: دَوْدَوْ، قلت: وَقد قطعتُ الدَّوَّ مَعَ القرامِطة أبادهم الله وَكَانَت مَطْرَقَهم قافلين مِن الهبير فَسَقَوْا ظهْرهمْ، واستقوا بحَفَر أبي مُوسَى الَّذِي على طَرِيق الْبَصْرَة وفَوَّزُوا فِي الدَّوِّ وَوَرَدُوا صَبِيحَة خامسةٍ مَاء يقالُ لَهُ ثبرة، وعَطَبت فِيهَا بُخْتٌ كَثِيرَة من إبِل الحاجّ لبلوغ الْعَطش مِنْهَا والكلال وَأنْشد شمر:
بالدَّوِّ أَوْ صَحْرائِه القَمُوصِ
قَالَ: وَيُقَال: داويَّة وداوَيةٌ بِالتَّخْفِيفِ وَأنْشد لكثير:
أَجْواز داويَةٍ خِلال دِماثِها
جُدَدٌ صحاصحُ بَينهُنَّ هُزُومُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: دوّى الفَحْل إِذا سمعتَ لهديره دَويّاً، ودَوَّى اللبنُ والمَرَقُ إِذا صَارَت عَلَيْهِ دوَاية.
وَقَالَ اللَّيْث: دوَّى الصوتُ يُدَوِّي تَدْوِيَةً.
الْأَصْمَعِي: صَدْر فلَان دوٍ على فلَان مَقصور، وَمثله أَرض دوِيَةٌ أَي ذَات أدواء.
قَالَ: وَرجل دَوًى ودوٍ أَي مَرِيض. وَجمع الداءِ أَدواء، وَجمع الدَّوَاء أدوية، وَجمع

(14/158)


الدَّواة دُوِيٌّ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: الدَّوَى جمع دَوَاةٍ مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ، والدّوَى الدَّاء مصدر يكْتب بِالْيَاءِ وَأنْشد:
إلاَّ المقيمَ على الدّوَى المتأفِّنِ
والدّوَى الضَّنَى مَقصور يكْتب بِالْيَاءِ وَقَالَ:
يُغْضِي كإغضَاءِ الدَّوَى الزَّمِينِ
والدَّوى الرجل الأحمق تكْتب بِالْيَاءِ.
والدَّواءُ الَّذِي يُتدَاوى بِهِ مَمدُود، وَأنْشد:
وأَهْلك مُهْرَ أَبيك الدواءُ
فَلَيْسَ لَهُ مِنْ طعامٍ نصيبْ
أَي أهلكه ترك الدَّوَاء.
وأَمْرٌ مُدَوَ إِذا كَانَ مُغَطًى، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وَلاَ أَرْكَبُ الأمْرَ المُدَوِّي سادراً
بِعَمْياء حَتَّى أَسْتَبِينَ وأُبصرا
ابْن شُمَيْل عَن أبي خَيْرة قَالَ: الدَّويّة الأرْضُ الوَافِرَةُ الْكلأ الَّتِي لم يُؤْكل مِنْهَا شَيْء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ماءٌ مُدَوَ وداوٍ إِذا عَلَتْه قُشَيرةٌ، وَكَذَلِكَ دوَّى اللَّبن إِذا عَلَتْه قُشَيْرة، وَيُقَال للَّذي يَأْخُذ تِلْكَ القُشَيْرَة: مُدَّوٍ بتَشْديد الدَّال وَهُوَ مفتعل وَالْأول مُفَعِّل.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دَاء الرجلُ فَهُوَ يَدَاءُ على مِثال شَاءَ يَشَاء إِذا صَار فِي جَوْفِه الدَّاء وَإِذا أَدْوَى.
وَقَالَ شمر: رجلٌ داءٌ ورجلان داءان وَرِجَال أدواء.
قَالَ: ورجلٌ دوًى مَقْصُور مثل ضَنًى قَالَ: دَاءَ الرجل إِذا أَصَابَهُ الدَّاء، وأَداء يُدِيءُ إداءةً إِذا اتهمته، وأَدْوَى بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَاء يَدَاء، وأداءَ يُديء إِذا صَار ذَا دَاء وَيُقَال: فلَان مَيِّتُ الدّاء: إِذا كَانَ لَا يَحْقِد على من يسيء إِلَيْهِ، والدَّوَي الرجل الأحمق مقصورٌ وَأنْشد شمر:
وَقد أَقُود بالدّوَي المزَمَّلِ
أَخْرسَ فِي السَّفْرِ بَقَاق المنزلِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: خَلاَ بَطني من الطَّعَام حَتَّى سمِعْت دوِيّاً لمسامعي، وَسمعت دوِيَّ الْمَطَر والرَّعْد إِذا سمعتَ صوتهما من بعيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّوَى داءٌ باطنٌ فِي الصَّدر وَإنَّهُ لَدَوِي الصَّدْر وَأنْشد:
وَعَيْنُك تُبْدِي أَن صدرَك لِي دوِي
قَالَ: والدِّواءُ مَمْدُود هُوَ الشِّفَاء، يُقَال: دَاوَيته مُداواةً، وَلَو قلتَ: دِواء كَانَ جَائِزا، وَيُقَال: دُووِيَ فلانٌ يُداوَى فَتُظهر الواوين وَلَا تُدْغَم إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى، لِأَن الأولى هِيَ مَدَّة الْألف الَّتِي فِي دَاوَاه فكرِهوا أَن يُدْغموا المدَّةَ فِي الْوَاو، فيلتبس فُوَعَلِ يفُعِّل.
قَالَ: والدَّاءُ اسْم جامعٌ لكل مَرض وعَيبٍ

(14/159)


ظاهرٍ وباطن حَتَّى يُقَال: داءُ الشُّحِ أشدّ الأدواء وَمِنْه قَول المرأَةِ: كلُّ داءٍ لَهُ داءٌ، أَرادتْ كلَّ عَيْبٍ فِي الرِّجَال فَهُوَ فِيهِ، وَرجلٌ داءٌ وَامْرَأَة داءة، وَفِي لُغَة أُخْرَى: رجلٌ دَيِّيءٌ وامرأةٌ ديِّئة على فَيْعَلٍ وفَيْعِلَة، وَقد داءَ يَدَاءُ دوْءاً كل ذَلِك يُقَال، قَالَ: ودَوْءاً أصوب لِأَنَّهُ يُحْمَل على الْمصدر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا اتهمتَه: قد أَدْوأتَ إدْواءً وَأَدَأتَ إداءَةً، سمعتُها من الْعَرَب.
وَيُقَال: داوَى فلَان فرسَه دِواء بِكَسْر الدَّال إِذا سمَّنه وعَلَفه عَلَفاً ناجِعاً فِيهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَدَاوَيْتُها حَتَّى شَتَتْ حَبَشِيَّةً
كأَن عَلَيْهَا سُنْدُساً وسُدُوساً
دأي: قَالَ أَبُو زيد: دَأيتُ لَهُ دَأْياً إِذا خَتَلْتَه، والذِّئْبُ يَدْأى لِلغَزَال وَيَدأَلُ، وَهِي مِشْيَةٌ شَبيهةٌ بالختْل.
وَقَالَ اللَّيْث: دأى يَدْأَى دَأْياً ودأواً إِذا خَتَل.
دأو: أَبُو زيد وغيْره: دَأَوت، أدْؤُو، إِذا خَتَلتَه وَأنْشد:
دَأَوتُ لَهُ لآخُذه فهيهات الفَتَى حَذِرَا
وَهُوَ مثل دأى يَدْأَى سَوَاء بِمَعْنَاهُ وَيُقَال: الذِّئب يدْأَى للغزال أَي يخْتل.
أود أيد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} (الْبَقَرَة: 255) قَالَ أهل التَّفْسِير وَأهل اللُّغَة مَعًا: مَعْنَاهُ لَا يَكْرِثُهُ وَلَا يُثْقِلُه وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، من آدَهُ يَؤُوده أَوْداً، وَأنْشد:
إِذا مَا تَنُوءُ بِهِ آدها
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرَّانيّ أَن ابْن السّكيت أنْشدهُ:
إِلَى ماجِدَ لَا يَنْبَحُ الكلبُ ضَيْفَهُ
وَلَا يَتَآداهُ احْتِمَال المغارم
قَالَ: لَا يتآداه، لَا يُثقِلُه أَرَادَ، يتآوَده فَقَلَبَه.
أَبُو عبيد: المؤْيِد بِوَزْن مُعْيِد الأمْرُ الْعَظِيم، وَقَالَ طَرَفَة:
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بمُؤْيِد
وجَمَعه غيرُه على مآوِد جَعَله من آدهُ يَؤُوده أَوْداً إِذا أَثْقَلَهُ، وتَأَوَّدَ إِذا تَثَنَّى، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَأَوَّد عُسْلُوجٍ على شَطِّ جَعْفَرٍ
وَقَالَ أَبُو زيد: تأيَّدَ أَيْداً إِذا اشْتَدَّ وقَوِيَ؛ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: آد الْعود يَؤُوده أَوْداً إِذا حَناه، وَقد انآد الْعود يَنآد انئياداً فَهُوَ مُنْآد، إِذا تَثَنَّى واعْوَجَّ.
وَقَالَ العَجَّاج: لم يَكُ يَنْآد فأَمسى انآداً.
وَيُقَال: آدَ النهارُ فَهُوَ يَؤُود أَوداً إِذا رَجَع فِي العَشِيَّ، وَأنْشد ابنُ السّكيت:
ثمَّ يَنُوشُ إِذا آدَ النهارُ لَهُ
على التَّرقُّبِ من هَمَ وَمن كَتْمِ

(14/160)


وَقَالَ ابْن السّكيت: آدَ العشيُ إِذا مَال وَأنْشد أَيْضا:
أَقَمتَ بهَا نَهَارَ الصَّيْف حَتَّى
رأيتَ ظِلالَ آمِرِه تَؤُود
وَقَالَ آخرُ يَنْعَتُ امْرَأَة مَالتْ عَلَيْهَا الميَرةُ بالتَّمْر:
خُذَامِيَّةٌ آدتْ لَهَا عَجْوَةٌ العُرْي
فتأكل بِالمأقُوط حيْساً مُجَعَّداً
وَيُقَال: أَوِدَ الشيءُ يأوَد أَوَداً إِذا اعْوج فَهُوَ أَوِد، وأوْدُ قبيلةٌ وأَدُدُ مَوْضِعٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: هُوَ الأيْدُ والآدُ لِلقُوه والتأييد مصدر أيَّدْته، أَي قَوَّيتُه، قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (الْمَائِدَة: 110) وقرىء: إِذا آيَدْتُك أَي قَوَّيتك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {) فَاسِقِينَ وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47) .
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: آد يئيدُ إِذا قوي، وآيدَ يُؤْيِدُ إياداً إِذا صَار ذَا أيْدٍ، وَقد تَأَيّدَ وَقد إدتُ أيْداً أَي قَوِيتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وإياد كلِّ شَيْء مَا يُقوَّى بِهِ من جانبيه، وهما إياداه، قَالَ: وإياد الْعَسْكَر الميمنة والميسرة، وَقَالَ العجّاج:
عَن ذِي إياديْنِ لُهَامٍ لَو دَسَرْ
وَقَالَ يصف الثور: مُتخِذاً مِنها إياداً هَدَفاً وكل شَيْء كَانَ واقياً لشَيْء فَهُوَ إياده.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الإياد الترابُ يُجعل حول الْحَوْض أَو الْخِباءِ. قَالَ ذُو الرمة يصف الظليم:
دفَعْناه عَن بَيضٍ حِسان بأجْرَع
حَوَى حَوْلها مِن تربها بإِياد
يَعْني طَرَدْناهُ عَن بَيْضِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الإياد الجبلُ المنيعُ، وَمِنْه قولُهم: أيّدَهم الله، قَالَ: الإياد: اللِّحاء والستر والكَنَف وكلُّ شَيْء كنفك وسَتَرك فَهُوَ إياد، وكلُّ مَا يُحرَزُ بِهِ فَهُوَ إياد، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يصف نخلا:
فأَثَّتْ أَعَاليه وآدَتْ أُصُوله
وَمَال بِقِنيان من البُسر أَحْمَرا
وآدت أُصُوله قَوِيت تَئِيد أَيْداً، وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: رَمَاه الله بِإِحْدَى الموائد والمآود أَي الدَّوَاهِي.
أدّى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَدَى السِّقاء يأدِي أُدِيّاً إِذا أمكن أَن يُمخض، وَقَالَ ابْن بُزُرْج: أَدَا اللَّبنُ أُدُوّاً مُثقلٌ، يأدُو وَهُوَ اللبنُ بَين اللَّبَنين لَيْسَ بالحامضِ وَلَا بالحلو، وَقد أدَتْ التمرة تأدو أُدُوًا وَهُوَ اليُنوع والنُّضْج، قَالَ: وأَدوْتُ اللَّبن أدْواً إِذا مَخَضتَه، وأَدْوتُ فِي مشيي أَدْوًا وَهُوَ مَشيٌ بَين المشيين، لَيْسَ بالسريع وَلَا بالبطيء، وأَدَوْتُ أَدْواً إِذا اختَلْتَ. وَيُقَال: تَأَديْتُ إِلَى فلَان مِن حقِّه إِذا أَدَّيْتَه

(14/161)


وقَضيتَه، وَتقول: لَا يَتأَدى عبدٌ إِلَى الله من حُقُوقه كَمَا يجب، وَيَقُول الرجل: مَا أَدرِي كَيفَ أَتَأَدَّى إليكَ من حَق مَا أوليتني، أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: آدى الرجلَ فَهُوَ مُؤْد إِذا كَانَ شاكَّ السِّلَاح، وَهُوَ من الأداة. وَقَالَ الْأسود بن يعفر:
مَا بَعْدَ زْيدٍ فِي فتاةٍ فُرّقوا
قَتْلاً وَسَبياً بَعد حُسْن تآدي
أَي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة، وَقد تآدى الْقَوْم إِذا أخذُوا العُدة الَّتِي تُقوّيهم على الدَّهر، وَغَيره، وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: استَأدَيْتُ السّلطان على فلَان، أَي استَعْدَيْتُ فآداني عَلَيْهِ أَي أَعْداني وأعاننِي، وَيُقَال: تآدَى الْقَوْم تآدِياً وتَعَادَوْا تعادِياً إِذا تتابعوا مَوتاً، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أَي قَليلَة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأديّة تَقْدِير عِدَّةٍ من الْإِبِل القليلة الْعدَد.
ابْن بزرج: هَل تآديتم لذَلِك الْأَمر؟ أَي هَل تأهبتم لَهُ؟
قلت: مَأْخُوذ من الأداة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أدَّى فلانٌ مَا عَلَيْهِ أدَاءً وتأْدِيةً.
قَالَ وَتقول: فلَان آدَى للأمانة من فلَان، والعامةُ قد لَهِجُوا بالْخَطَأ فَقَالُوا: فلَان أدَّى للأمانة، وَهُوَ لَحْن غير جَائِز.
قلت أَنا: وَمَا علمت أحدا من النَّحْوِيين أَجَازُوا آدى لأنّ أَفْعَلَ فِي بَاب التَّعَجُّب لَا يكون إِلَّا فِي الثلاثيّ، وَلَا يُقَال: آدَى بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنى أدَّى بِالتَّشْدِيدِ، وَوجه الْكَلَام أَن يُقَال: فلانٌ أحسنُ أَداء.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {كَرِيمٌ أَنْ أَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ} (الدُّخان: 18) فَهُوَ من قَول مُوسَى لِذَوي فِرْعَوْن، مَعْنَاهُ: سلِّموا إليّ بني إِسْرَائِيل كَمَا قَالَ: {فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِسْرَاءِيلَ} (الْأَعْرَاف: 105) أَي أطلِقهم من عذابك، وَقيل نُصِبَ عباد الله، لِأَنَّهُ نِداء مُضَاف، وَمَعْنَاهُ أَدّوا إِلَى مَا أَمركُم الله بِهِ يَا عباد الله فَإِنِّي نَذِير لكم.
قلت: وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن يكون: أَدّوا إِلَيّ بِمَعْنى اسْتَمعُوا إِلَيّ كَأَنَّهُ يَقُول: أَدّوا إليَّ سمعكم أبلغكم رِسَالَة ربكُم، يدل على هَذَا الْمَعْنى من كَلَام الْعَرَب قَول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا:
سَبَعْتَ رِجالاً فأهلكتَهم
فأَدِّ إِلَى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ
أَرَادَ بقوله: أدِّ إِلَى بَعضهم أَي اسْتمع إِلَى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ: آدِّ سَمْعَك إِلَيْهِ لتسمع مِنْهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: أدِّ سَمْعَكَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ألف الأداة وَاو، لِأَن جمعهَا أَدوات، وَلكُل ذِي حِرْفَة أداةٌ وَهِي آلَته الَّتِي تُقيم حرفته، وأداة الْحَرْب

(14/162)


سلاحها، ورَجل مُؤْدٍ كَامِل أداةِ السِّلَاح. والإداوَةُ للْمَاء وَجَمعهَا أَداوَى.
وَقَالَ ابْن السّكيت: آديْتُ للسَّفر فَأَنا مُؤْدٍ لَهُ إِذا كنت متهيأً لَهُ.
ودى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَدَى الفرسُ وَدْياً إِذا أدْلَى، قَالَ وَقَالَ الكسائيّ: وَدَأ يَدَأُ بِوَزْن وَدعَ يَدَعُ إِذا أَدْلَى.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هَذَا وَهْمٌ لَيْسَ فِي وَدى الْفرس إِذا أدلى همز.
قَالَ وَقَالَ شمر: وَدَى الفرسُ إِذا أَخْرج جُرْدانَه.
وَيُقَال: وَدَى يَدِي إِذا انْتَشَرَ.
وروى أَبُو عبيد عَن اليزيدي: وَدى الفرسُ ليبولَ وأدلى ليَضْرِب.
قَالَ: وَقَالَ الْأمَوِي: هُوَ المَذِيُّ والمَنِيُّ والودِيُّ مشدودات.
قَالَ: وَغَيره يُخَفف.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيد: المَنِيُّ وَحده مُشَدّد، والآخران مُخَفَّفَان، وَلَا أَعْلَمُني سَمِعْتُ التَّخْفِيف فِي الْمَنِيّ:
قَالَ أَبو عبيد وَسمعت الْأَصْمَعِي يَقُول: هُوَ الوَديُّ لِصغار النَّخْلِ واحدتها وَديَّة.
وَقَالَ غَيره: تجمع الوَديَّة وَدايا.
قَالَ شَمِر قَالَ ابْن شُمَيْل: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول: إِنِّي أَخَاف أَن يَدِي، قَالَ: يُريد أَن يَنْتَشِرَ مَا عِنْدك قَالَ: يُرِيد بِهِ ذَكَرَه، قَالَ: سمعتُ من أَحْمد بن الْحَرِيش.
قَالَ شمر: وَدى أَي سَالَ، قَالَ وَمِنْه: الوَديُّ فِيمَا أَرَى لِخُرُوجِهِ وسَيَلانِه، وَمِنْه الوَادي.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء: قَالَ: أَمْنى الرجل وأَوْدى وأَمْذَى ومَذَى وأدلَى الْحمار، وَقَالَ: وَدى يَدِي مِن الوَديِّ وَدْياً، وَيُقَال: أَوْدى الحمارُ فِي معنى أدْلَى، وَقَالَ: وَدَى أَكثر من أوْدى. ورأيتُ لِبَعْضهم استوْدَى فلَان بِحقِّي أَي أَقَرَّ بِهِ وعَرَفَه.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة:
ومُمَدَّحٍ بالمكرُماتِ مَدَحْتُهُ
فاهْتَزَّ واسْتَوْدَى بهَا فحَباني
وَلَا أَعْرِفُه إِلَّا أَن يَكونَ من الدِّيَةَ كَأَنَّهُ جَعَلَ حِبَاءَه لَهُ على مَدْحِه دِيَةً لَهَا، قَالَ أَبُو عُبيد: وَسمعت الْأَصْمَعِي يَقُول: هُوَ الوَديُّ لصغار النَّحْل واحدتها وَدِيَّة.
وَقَالَ غَيره: يُجمعُ الوَدِيَّةُ وَداياً.
وَقَالَ اللَّيْث: وَدى الحِمار فَهُوَ وَادٍ إِذا أَنْعَظ.
قَالَ: وَيُقَال: وَدَى بِمَعْنى قَطَرَ مِنْهُ الماءُ عِنْد الإنعاظ.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
كأَنّ عِرْقَ أَيْرِه إِذا وَدى
حَبْلُ عَجُوز ضَفَرتْ سَبْع قُوَى

(14/163)


قَالَ: والوَدْيُ الماءُ الَّذِي يخرج أبيضَ رَقيقاً على أَثرِ الْبَوْل من الْإِنْسَان، وَقَالَ: وَدَى فلَانا إِذا أدَّى ديتَه إِلَى وَلِيِّه وأصل الدِّية وِدْيَة فحذفتْ الواوُ كَمَا قَالُوا: شِيَةٌ من الوَشْي.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أوْدى الرجلُ إِذا هَلَكَ.
وَقَالَ اللَّيْث: أَوْدى بِهِ المَنُونُ أَي أَهْلَكه، قَالَ: وَاسم الْهَلَاك من ذَلِك الوَدَى قَالَ: وقلما يسْتَعْمل؛ والمصدر الْحَقِيقِيّ الإيدَاءُ، والتَّوادي الخشبات الَّتِي تُصَرُّ بِها أَطْبَاءُ النَّاقة لِئَلَّا يَرْضَعَها الفَصِيلُ وَقد وَدَيْتُ الناقَة بِتَوْدِيتَيْنِ أَي صَرَرْتُ أخلافَها بهما، والوَادي كل مَفْرَجٍ بَيْن جِبال وآكامٍ، وتِلال يكون مَسْلَكاً للسَّيْل أَو مَنْفَذاً والجميع الأوْدية، ومِثْلُه نادٍ وأَندية للمجلس.
دأي: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْوَادي تجمع أوداء على أَفعَال مثل صَاحب وَأَصْحَاب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: ابنُ دأيَة هُوَ الغُراب، سمي بذلك لِأَنَّهُ يَقع على دَأْيَة الْبَعِير فَيَنقُرها، والدَّأيةُ هُوَ الْموضع الَّذِي يَقَع عَلَيْهِ ظَلِفَة الْبَعِير فَتَعْقِرُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّأْيُ جمع الدَّأْيَة، وَهِي فَقَارُ الْكَاهِل فِي مُجتمع مَا بَين الكَتِفَيْن مِن كَاهِل البَعير خاصَّة والجميع الدَّأَيَاتُ وَهِي عِظامُ مَا هُنالك، كلّ عَظْمٍ مِنْهَا دَأْيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الدَّأَيَاتُ خَرَزُ الْعُنُقِ، ويُقالُ خَرَزُ القَفَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: يُقَال للضِّلعين اللَّتين تَلِيَان الواهنتين: الدَّأْيَتَانِ، قَالَ: والدَّئِيُّ فِي الشَّرَاسِيفِ هِي الثوانِي الحواني المستأخِرات الأوساطُ من الضلوع، وَهِي أرْبَعٌ وأَرْبَعٌ، وهُنَّ الْعُوجُ، وَهن المسَقّفَاتُ، وهُنَّ أطولُ الضُّلُوع كلِّها وأَتَمُّها، وإليها يَنْتَفِخُ الجَوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: لم يَعْرِفُوا، يَعْنِي الْعَربَ، الدَّأَيَاتِ فِي الْعُنُق، وعرفوهن فِي الأضْلاع وَهِي سِتٌّ يَلِينَ المَنْحَر من كل جَانب ثَلَاث، وَيُقَال لمقاديمهن جوانح، وَيُقَال للَّتين تليان المنحر: ناحرتان، قلت: وَهَذَا صَوَاب، وَمِنْه قَول طرفَة:
كأَنَّ مَجَرَّ النَّسْعِ فِي دَأَيَاتِها
مواردُ مِن خَلْقَاءِ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
ودأ: وَقَالَ أَبُو زيد: وَدَّأْتُ عَلَيْهِ الأَرْض تَوْديئاً إِذا سَوَّيتَها عَلَيْهِ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الأرضُ المُوَدَّأَة المُهْلكَةُ، وَهِي فِي لفظ الْمَفْعُول بِهِ، وَأنْشد شمر لِلرَّاعِي:
كائِن قَطَعْنا إليْكم مِن مُوَدَّأَةٍ
كأَنَّ أَعْلاَمَها فِي آلِها القَزَعُ
قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المُودَّأَةُ حُفْرَةُ الْمَيِّت، والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وَأنْشد:

(14/164)


لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مَوَدَّأً لِرَهِينَةٍ
زُلْجِ الجَوانِبِ راكِدِ الأَحْجَارِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: تودَّأَتْ على فلَان الأرضُ وَهُوَ ذهَاب الرجل فِي أباعِد الأَرْض حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صَنَع، وَقد تَوَدّأَتْ عَلَيْهِ إِذا ماتَ أَيضاً، وَإِن مَاتَ فِي أَهله، وَأنْشد:
فَمَا أَنَا إلاَّ مِثْلُ مَنْ قد تَوَدَّأَتْ
عَلَيْهِ البلادُ غيرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ
وَيُقَال: تَوَدأَتْ عَلَيْهِ الأرضُ، أَي اسْتَوَتْ عَلَيْهِ مثل مَا تستوي على الْمَيِّت، وتودأَتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَار أَي انْقَطَعَتْ دونه، وَأنْشد:
وللأَرْضِ كَمْ مِنْ صَالحٍ قَدْ تَوَدأَتْ
عَلَيْهِ فَوَارَتْهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
وَقَالَ الْكُمَيْت:
إِذا وَدَّأَتْنا الأرضُ إنْ هِيَ وَدَّأَتْ
وَأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمُورِ مَقُوبُها
وَدَّأَتْنا الأَرْض غَيَّبَتْنا، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم يُقَال: تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرْض فَهِيَ مُوَدَّأَةٌ، قَالَ: وَهَذَا كَمَا قيل: أَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فَهُو مُسْهَبٌ وأَلْفَج فَهُوَ مُلْفَجٌ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مثلهَا.
وَقَالَ أَبُو مَالك: تَوَدَّأْتُ على مَالِي أَي أَخَذْتُه وأَحْرَزْتُه.
ودد: قَالَ اللَّيْث: الوُد مَصدر للمودة، وَكَذَلِكَ الوِداد قَالَ: والودَادة مصدر وَدِدْتُ أَوَدُّ وَهُوَ مِن الأُمْنِيَّة، وفلانٌ وِدُّكَ وَوَديدُك كَمَا تَقول حِبُّك وحَبِيبُك.
وَقَالَ الْفراء يُقَال: ودِدْتُ أَوَد، هَذَا أفضل الْكَلَام.
وَقَالَ بَعضهم: وَدَدْتُ، ويَفْعَل مِنْهُ: يَودُّ لَا غيرُ والمصدر الوَد، والوِد، والوِداد، والوَدادة، ذكر هَذَا فِي قَوْلهم: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} (الْبَقَرَة: 96) أَي يتَمَنَّى.
قَالَ الْفراء: وَيُقَال فِي الحُب: الوُد والوَد والمَوَدَّة والْمَوددَةُ وَأنْشد:
إنَّ بنيّ لَلِئامٌ زَهَدَة
مَا لِي فِي صُدُورهمْ مِنْ مَوْدِدهْ
وَأنْشد فِي التمنّي:
وَدِدتُ وَدادةً لَو أَنَّ حَظِّي
من الخُلاَّنِ ألاّ يَصْرِمُونِي
قَالَ: وأختارُ فِي مَعْنَى التَّمَنِّي: وَدِدتُ، وَسمعت وَدِدتُ بِالْفَتْح وَهِي قَليلَة، قَالَ: وَسَوَاء قلت: وَددت أَو وَدَدتُ المستقبَل مِنْهُمَا أَوَد يَوَد ونَوَد لَا غيرُ قلت: وَأنكر البصريون وَدَدتُ وَهُوَ لحن عِنْدهم.
وَقَالَ الزّجاج: قد علمنَا أَن الكسائيّ لم يَحْكِ وَدَدتُ إِلَّا وَقد سَمعه، وَلكنه سَمعه ممّن لَا يكون قَوْله حجَّة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَوَدَّةُ: الكِتاب، قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ} (الممتحنة: 1) أَي بالكُتُبِ.
اللَّيْث: الوَدّ بلغَة تَمِيم الوَتِد، فَإِذا زادوا

(14/165)


الْيَاء قَالُوا: وَتِيدٌ، قَالَ: والوَدُّ صَنَم كَانَ لقوم نوح، وَكَانَ لِقريش صنم يَدعونَهُ وُداً، وَمِنْهُم من يهمز فَيَقُول: أُدُّ، وَمِنْه سُمِّي عَبْدُ وُدٍ، وَمِنْه سمي أُدُّ بن طابخة، وأُدَدُ جَدُّ مَعْد بن عدنان.
قَالَ الْفراء: قَرَأَ أهلُ الْمَدِينَة: (وَلاَ تَذَرُنَّ وُدّاً) (نوح: 23) بِرَفْع الْوَاو، وَقَرَأَ عَاصِم (وَداً) بِفَتْح الْوَاو.
قلت: أَكثر الْقُرَّاء قرءوا (وَداً) مِنْهُم أَبُو عَمرو بن كثير، وَابْن عَامر، وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ، وَعَاصِم، وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ، وَقَرَأَ نَافِع (وُداً) بِضَم الْوَاو.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدّاً} (مَرْيَم: 96) فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ. قَالَه بعض الْمُفَسّرين.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الوَدُودُ من أَسمَاء الله تَعَالَى جلّ وَعز المحبّ لِعِبَادِهِ من قَوْلك: ودِدتُ الرجل أَوَدُّه وِدَّا، ووِدَاداً، قَالَ: والوَدَّ بِالْفَتْح الصَّنم وَأنْشد:
بِوَدِّكِ مَا قوْمي على مَا تَركْتِهِمْ
سُلَيْمَى إِذا هَبَّتْ شَمالٌ وَرِيحُها
ويروى بِودُكِ لمَنْ رَوَاه بِوَدِك أرَادَ بحقِ صَنَمِكَ عَلَيْك، وَمن ضَمَّ أَرَادَ بِالْمَوَدَّة بيني وبينِك، وَمعنى الْبَيْت:
أيّ شيءٍ وجَدْتِ من قَوْمِي يَا سَلْمَى على تَرْكِكِ إيَّاهُمْ. إنِّي قَدْ رَضيتُ بقوْلكِ وإنْ كُنْتِ تارِكَةً لَهُمْ فاصْدُقِي وقُولي الحقَّ. قَالَ النَّابِغَة:
إِنِّي كأَنِّي أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَهُ
بَعْضُ الأوَدِّ حَدِيثا غيرَ مَكْذُوبِ
قَالَ: الأوَدُّ بِفَتْح الْوَاو يُريدُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ وُدَّا، وأرادَ الأوَدِّين: الْجَمَاعَة.
أدد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} (مَرْيَم: 89) .
قَالَ الْفراء: قراءةُ القُراء (إدَّا) بِكَسْر الألِف إلاّ مَا رُوِيَ عَن أبي عبد الرحمان أَنه قَرَأَ (أَدَّا) ، قَالَ وَمن الْعَرَب من يَقُول: لقد جِئْت بشيءٍ آدٍ مثل ماد، وَهُوَ من الْوُجُوه كلهَا: بشيءٍ عَظِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَدَّتْ فلَانا داهيةٌ تؤُدُّه أدًّا.
قَالَ رؤبة:
والإدَدَ والإدَادَ والعَضَائِلا
قَالَ: ووَاحدُ الإدَد إدَّة، وَوَاحِد الإدَدَ والأداد أدٌّ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: أَدَدتُ الحبْل أَدَّا وإدَّا أَي مَدَدتُه، قَالَ: والإدَّة الشدَّة بِكَسْر الْهمزَة. وَقَالَ غَيره: الأَدُّ صَوت الوَطْء وَأنْشد:
يَتْبَع أَرْضاً جِنُّها يُهَوِّل
أَدٌّ وسَجْعٌ ونَهِيمٌ هَتْمَلُ
وأَدَّ البعيرُ يؤدُّ أَدًّا، وإداً وَهُوَ تَرْجِيع الحنين.
وَيُقَال: تَأَدَّد يتأدَّد إِذا تَشَدَّد فَهُوَ مُتَأَدِّد.

(14/166)


دأدأ: عَمْرو عَن أَبِيه، الدَّأْدَاءُ النَّخُّ من السّير، وَهُوَ السَّرِيع، قَالَ: والدَّأْداء عَجَلَة جَوابِ الأحمق.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّأْدأةُ صَوْتُ وقْعِ الْحِجَارَة فِي المَسِيلِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دأْدأْتُ دأْدأَةً وَهُوَ العَدْو الشَّديد وَهُوَ الدِّئْداء مَمْدُود، وَقَالَ الشَّاعِر:
واعْرَوْرَتِ العُلطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه
أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداءِ والرَّبَعَة
العُلُطُ الْبَعِير الَّذِي لَا خِطَامَ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: بعير عُلُطُ مُلُطْ إِذا لم يكن عَلَيْهِ وسْمٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَدَأْدأَ الرجل إِذا مَالَ عَن شيءٍ فترجَّحَ، وَتقول: تَدَأْدَأَ يَتَدأْدأُ دَأْدَأَةً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدَّأْداء آخر أَيَّام الشَّهْر قَالَ: والليالي الثَّلَاث الَّتِي بَعْد المُحاق سُمِّين دآدىء، لِأَن الْقَمَر فِيهَا يُدَأْدِىء إِلَى الغُيُوبِ، أَي يُسْرِعُ من دأدأَةِ الْبَعِير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْمبرد، قَالَ: حَدثنِي الرياشي عَن الْأَصْمَعِي فِي ليَالِي الشَّهْر إِلَى قَوْله: وَثَلَاث مُحاق، وثَلاثٌ دآدىء، قَالَ: والدَّآدىء الأواخرُ، وَأنْشد:
أَبْدَى لنا غُرَّةَ وجْهٍ بادِي
كَزُهْرَةِ النُّجُومِ فِي الدَّآدِي
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْهَيْثَم بِنَحْوِ مِنْهُ، وَأما أَبُو عبيد فَإِنَّهُ روى عَن غير وَاحِد من أَصْحَابه فِي الدَّآدىء: أَنَّهَا الثلاثُ الَّتِي قبل المُحاق، وَجعل المُحاقَ آخِرَها، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي، وَأما قَول الْأَعْشَى:
تَدارَكَهُ فِي مُنْصِلِ الْآل بَعْدما
مضى غَيْرَ دأْداءٍ وَقد كَاد يَعْطَبُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنه تَدَارُكه فِي آخر لَيْلَة من ليَالِي رَجَب، وَهَذَا يدل على أَن القَوْل قَول الْأَصْمَعِي، وَمن قَالَ بقوله، عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّاديُّ المولَع باللهو الَّذِي لَا يكَاد يبرحه.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء، يُقَال: سَمِعت دُوْدَأَةً أَي جلبة، وَإِنِّي لأسْمع لَهُ دودأة من الْيَوْم، أَي جلبة.
دودى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّوَادِيُّ أثار أراجيح الصّبيان واحدتها دوْداةٌ، وَقَالَ: كأنني فَوق دوْداةٍ تُقَلِّبُني.
وَفِي النَّوَادِر: دوْدأ فلَان دوْدأَةً، وتَوْدأ، تَوْدأة، ولَوْدَأ، لوْدَأةً إِذا عدا.
يدى: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: اليَدُ اسمٌ على حرفين.
قَالَ: وَمَا كَانَ من الْأَسَامِي على حَرْفين فقد حُذِفَ مِنه حرفٌ فَلَا يُردُّ إِلَّا فِي التصغير والتثنية وَالْجمع، وَرُبمَا لم يُرَدَّ فِي التَّثْنِيَة وثُنِّي على لَفظِ الْوَاحِد، فَقَالَ

(14/167)


بَعضهم: وَاحِد الْأَيْدِي يدًى، كَمَا ترى مثل عَصاً ورَحًى ومَناً، ثمَّ ثنّوْا فَقَالُوا: يديانِ ورَحيان ومَنَوان، وَأنْشد:
يَدَيان بيضاوانِ عقد مُحَلِّم
قد تَمْنَعَانِكَ بَينهم أَن تُهْضَمَا
وَقَالَ:
يَا ربَّ سارٍ سارَ مَا تَوَسَّدا
إِلَّا ذِراعُ العَنْسِ أَوْ كَفَّ اليَدَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ قَالَ: وَتجمع أَيْدِيَا ثمَّ تجمع الأَيْدِي على أَيْدِينَ ثمَّ تجمع الأَيدي أَيَادِيَ وَأنْشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأيْدِينا
بحْثَ المُضِلاَّت لِمَا يَبْغِينَا
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الاَْيْدِى} (ص: 45) أَي أُولي الْقُوَّة والعقول.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: مَا لي يَدٌ أَي مَا لي بِهِ قوَّة وَمَا لي بِهِ يدان وَمَا لَهُم بذلك أيْدٍ أَي قوَّة، وَلَهُم أيدٍ وأبصار وهم أولو الْأَيْدِي والأبصار، أَي أولو الْقُوَّة والعقول.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اليَدُ النِّعْمَة، واليَدُ القُوّة، وَالْيَد القُدرة، واليدُ المِلْك، واليَدُ السُّلْطَان، واليَدُ الطاعةُ، وَالْيَد المجاعة، وَالْيَد الْأكل، يُقَال: ضع يَدَك أَي كُلْ، واليدُ النَّدَم، وَيُقَال مِنْهُ: سُقِط فِي يَده إِذا ندِمَ، واليَدُ الغِياثُ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْم، واليَد الاستِسْلامُ، وَيُقَال للمُعاتِب: هَذِه يَدِي لَك.
وَقَالَ ابْن هانىء: من أمثالهم: أطَاع يَداً بالقَوْدِ فَهوَ ذَلول، إِذا انْقَادَ واستسلم، وَمن أمثالهم: ليدٍ مَا أَخَذَتْ، الْمَعْنى من أَخَذَ شَيْئا فَهُوَ لَهُ.
وَقَوْلهمْ: يَدي لَك رهْنٌ بِكَذَا أَي ضَمنت لَك وكَفَلْتُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: لَهُ عليّ يَدٌ لَا يَقُولُونَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ وَأنْشد:
لَه عليَّ أَيادٍ لستُ أكْفُرها
وَإِنَّمَا الكُفْر أَلاَّ تُشْكرَ النِّعَمُ
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: العَرب تُشَدِّدُ القوافي، وَإِن كَانَت من غير المضاعف، مَا كانَ مِن الياءِ وَغَيره وَأنْشد:
فجازوهم بِمَا فَعلوا إلَيْكُمْ
مُجَازَاةَ القُرُوم يَدَا بِيَدِّ
تَعالَوْا يَا حَنِيفَ بَنِي لُجَيْمٍ
إِلَى مَن فَلَّ حَدَّكم وَحَدِّي
وأمَّا قَول الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التَّوْبَة: 29) .
روى يَحيى بنُ أدمَ عَن عثمانَ البزِّي فِي قَوْله عَن يدٍ قَالَ: نَقْداً عَن ظَهْر يَدٍ لَيْسَ بِنَسِيئَةٍ.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن أبي عُبيدة أَنه قَالَ:

(14/168)


كل من أطاعَ لمن قَهره فَأَعْطَاهَا عَن غير طيبَة نفس فقد أَعْطَاهَا عَن يدٍ.
وَقَالَ الكلبيّ فِي قَوْله: عَن يدٍ: قَالَ يَمْشُون بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: لَا يجيئون بهَا رُكْبَاناً وَلَا يُرْسلُون بهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل معنى عَن يَد، أَي عَن ذُل وَعَن اعترافٍ للْمُسلمين بِأَن أَيْديهم فَوق أَيْديهم.
وَقيل: عَن يدٍ أَي عَن قَهْر وذُلّ كَمَا تَقول: اليدُ فِي هَذَا لِفلان أَي الْأَمر النَّافِذ لفُلَان، وَقيل عَن يَد أَي عَن إنْعامٍ عَلَيْهِم بذلك، لِأَن قبُول الجِزْيَة مِنْهُم وَترك أنفسهم عَلَيْهِم إنعام عَلَيْهِم، ويَد من الْمَعْرُوف جزيلة.
وَقَالَ اللَّيْث: يَدُ النِّعْمَة: النعمةُ السَّابِغَة، ويدُ الفأسِ ونحوِها مَقْبِضُها، ويدُ الْقوس سِيَتُها، ويدُ الدَّهْر مَدُّ زَمانِه، وَيَد الرّيح سُلطانُها.
وَقَالَ لبيد:
نِطافٌ أمْرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مُلِّكَت الريحُ تَصْرِيفَ السَّحابِ
جُعِل لَهَا سلطانٌ عَلَيْهِ، وَيُقَال: هَذِه الضَّيْعَةُ فِي يدِ فلانٍ أَي مِلكه، وَلَا يُقَال: فِي يَدَيْ فلَان وَيُقَال: بيْن يَديْك كَذَا، لكلّ شَيْء أمامك. قَالَ الله: {مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} (الْأَعْرَاف: 17) ، وَيُقَال: يثُورُ الرَّهَجُ بَيْن يَدَي الْمَطَر ويَهِيجُ السِّبابُ بَين يَدَيِ القِتال.
وَيُقَال: يدِيَ فلانٌ من يَده إِذا شَلَّتْ، وَرجل مَيْدِيٌ أَي مَقطوع اليَدِ من أَصْلهَا، يَدَيْتُ يدَه أَي ضَربتُ يَدَه، واليُداء وَجَعُ اليَدِ، وأَيديتُ عِنْده يَداً، أيْ أنْعَمْتُ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو مالٍ يَيْدِي بِهِ ويبوعُ أَي يَبْسُط بِهِ يَدَه وَبَاعه، وَذهب الْقَوْم أيدِي سبا أَي مُتَفَرِّقين فِي كل وجهٍ، وذهبوا أيَادي سبا.
وَقَالَ غَيره: اليَدُ الطَّرِيق، هَهُنَا يُقَال: أَخذ فلانٌ يَدَ بَحر إِذا أَخذ طَرِيق الْبَحْر، وأهلُ سَبأ لما مُزّقوا فِي الأَرض كلَّ ممزّق، أخذُوا طُرُقاً شَتَّى فصاروا أَمْثالاً لمن يَتَفَرَّقون آخذين طُرُقاً مُخْتَلفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: النسبةُ إِلَى يَدٍ يَدِيّ على النُّقْصَان.
وَقَالَ: وَتجمع يَدُ النِّعْمَة أياديَ ويدِيّا، وتُجْمَعُ اليَدُ الَّتِي فِي الجَسد الأيدِي، وثَوْبٌ يدِيٌّ وَاسع وَأنْشد:
بالدَّارِ إذْ ثوْبُ الصِّبا يَدِيُّ
وَقَالَ ابْن عَرَفة فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أَوْلْادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ} (الممتحنة: 12) أَي مِن جَمِيع الْجِهَات، قَالَ: والأَفعالُ تنسَب إِلَى الْجَوَارِح، وسُمِّيت جَوارحَ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُ.

(14/169)


وَالْعرب تَقول لمن عمل شَيْئا يُوَبَّخُ بِهِ: يدَاك أَوْكَتا وفُوكَ نَفَخَ.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال للرجل إِذا وُبِّخَ: ذَلك بِمَا كَسَبَتْ يدَاك، وَإِن كانتْ اليَدان لم تجنيا شَيْئاً لِأَنَّهُ يُقَال: لكل مَن عَمِل عملا كَسَبَتْ يَدَاه، لِأَن الْيَدَيْنِ الأصلُ فِي التصرُّف.
قَالَ الله تَعَالَى: {مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ} (الشورى: 30) ، وَلذَلِك قَالَ {} إِلَى قَوْله: {مَالُهُ وَمَا} (المسد: 1، 2) .
قَالَ الْأَزْهَرِي: قَوْله وَلَا يأَتين بِبُهتان يفترينَه الْآيَة: أَرَادَ بالبُهتَان: وَلَداً تحْمِله مِن غير زَوْجها فتقولُ: هُو مِن زَوجهَا، وكَنى بِمَا بَين يَديهَا ورجليها عَن الْوَلَد لِأَن فرجهَا بَيْنَ الرِّجْلَين، وبَطنَها الَّذِي تحمل فِيهِ بَين الْيَدَيْنِ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المسلمونَ يدٌ على مَن سِواهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أَنَّ كلمتَهم ونُصْرَتَهم واحدةٌ على جَمِيع المِلَلِ الْمُحَاربَة لَهُم يتعاوَنُون على جَمِيعهم، وَلَا يَخْذل بعضُهم بَعْضًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: ثوبٌ قصير اليَدِ إِذا كَانَ يَقْصُر عَن أَن يُلْتحَفَ بِهِ، وقميصٌ قصيرُ اليَدين أَي قَصير الكُمَّين، وَيُقَال: أعطَاهُ مَالاً عَن ظَهْر يَدٍ يَعْنِي تَفَضُّلاً لَيْسَ مِن قَرْض وَلَا مُكافأة وَيُقَال: خَلعَ فلَان يَدَه عَن الطَّاعة، ونَزَع يَدَه مِثله، وَأنْشد:
وَلَا نَازِعٌ مِن كلِّ مَا رابَنِي يَداً
وَيُقَال: هَذِه يَدِي لَك أَي انقَدْتُ لَك فاحْتَكِمْ عليَّ بِمَا شئتَ.
قَالَ: وَقَالَ اليزيدي: أيْدَيْتُ عَنهُ يَداً مِن الْإِحْسَان ويدَيته فَهُوَ مَيْدِيُّ إِذا ضربت يَده، قَالَ: وَجمع الْيَد من الْإِحْسَان أَيادِي ويَدِيٌّ، وتصغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَول الله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَفْوَاهِهِمْ} (إِبْرَاهِيم: 9) ، قَالَ: تركُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَلم يُسْلِموا.
وَقَالَ الفرّاء: كَانُوا يُكذبونهم ويَرُدَّون القولَ بِأَيْدِيهِم إِلَى أَفْوَاه الرُّسُل، وَهَذَا يُرْوى عَن مُجَاهِد.
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي قَوْله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَفْوَاهِهِمْ} عَضُّوا أَطْرَاف أَصَابِعهم.
قلت: وَهَذَا من أحسن مَا قيل فِيهِ، أَرَادَ أَنهم عَضّوا أيديَهم حنَقاً وغَيْظاً، وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يَرُدُّون فِي فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يَعْنِي أَنهم يَغيظُون الحسودَ حَتَّى يَعَضّ على أصابِعه، وَنَحْو ذَلِك قَول الْهُذلِيّ:
قد أَفْنَى أنامِلَه أَزْمُه
فأَمْسَى يَعَضُّ عليَّ الوَظِيفَا

(14/170)


يَقُول: أكل أصابعَه حَتَّى أَفْنَاها بالعَضِّ فَصَارَ يَعَض وظَيفَ الذِّرَاع.
قلت: وَاعْتِبَار هَذَا بقول الله جلّ وعزّ: {وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الاَْنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} (آل عمرَان: 119) .
يُقَال للرجل يدعى عَلَيْهِ بالسوء: للْيَدَيْن ولِلفم أَي يَسْقُطُ على يَدَيْه وفَمِه.
شَمِر: يَدَيْتُ اتَّخَذْتُ عِنْده يَداً. وَأنْشد:
يَدٌ مَا قَدْ يَدَيْتُ على سُكَينٍ
قَالَ: يَديتُ اتَّخذْتُ عِنده يَداً.
وَيُقَال: إِن قوما من الشُّراة مَرَّوا بقومٍ من أَصْحَاب عليّ، وهم يَدْعُونَ عَلَيْهم، فَقَالُوا: بِكم اليَدان أَي حَاق بكُم مَا تَدْعُون بِهِ.
وَالْعرب تَقول: كانَتْ بِه اليَدان أَي فَعَل اللَّهُ بِه مَا يَقُولُهُ لِي، وَكَذَلِكَ قَوْله: رَمَاني مِنْ جول الطَّوِيِّ وأَحاقَ اللَّهُ بِهِ مَكْرَه.
ابْن السّكيت: ابْتَعتُ الغَنْم الْيَدَيْنِ أَي بثمنين، بعضَها بِثمن، وبعضَها بِثمن آخر.
وَقَالَ الْفراء: بَاعَ فلَان غنمه الْيَدَيْنِ، وَهُوَ أَن يُسْلِمها بِيَدٍ ويأخذَ ثمنهَا بيد.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان بِمَا أَدَّتْ يدٌ إِلَى يدٍ، عِنْد تَأْكِيد الإخْفاق، وَهُوَ الخَيْبَةُ.
وأد: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الوَأْدُ والوَئِيدُ جَمِيعًا الصوتُ الشدِيدُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (التكوير: 8) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ الرجلُ مِن أهل الْجَاهِلِيَّة: إِذا وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ دَفنها حِين تضعُها والدتُها حَيةً مَخَافَةَ العَار والحَاجَةِ، فَأنْزل الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَقْتُلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} (الْإِسْرَاء: 31) الْآيَة. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاُْنْثَى} إِلَى قَوْله: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ} (النَّحْل: 58، 59) الْآيَة. وَيُقَال: وأدها الوائد يئدها وأْداً فَهُوَ وَائِدٌ، وَهِي مَوْءودة وَوَئيد.
وَقَالَ الفرزدق:
وَعَمّي الَّذِي مَنَع الوائِداتْ
وَأَحْيَا الوَئيدَ فَلم يُؤأَدِ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَن خَفَّفَ همزَة الموءودة قَالَ: مَوْدةٌ كَمَا ترى لِئَلَّا يجمع بَين ساكنين.
وَيُقَال: تَوَأَدتْ عَلَيْهِ الأَرْض وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعَتْ إِذا غَيَّبَتْهُ، وذهبتْ بِهِ.
قلت: هما لُغَتَانِ تودَّأَتْ عَلَيْهِ وتَوَأَّدتْ على الْقلب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الموائد والمآود للدواهي وَهُوَ أَيْضا على الْقلب، والتُّؤدَةُ التَّأنِّي والتَّمَهُّلُ وَأَصلهَا وُؤدة مثل التُّكأة أَصْلهَا وُكَأَة.
وَيُقَال: اتَّأدَ يَتَّئد اتِّئاداً، وثُلاثِيُّه غير مُسْتَعْمل، لَا يَقُولُونَ: وَأَدَ يئدُ بِمَعْنى

(14/171)


اتَّأد.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال اتَّأد وتَوَاَّد فاتَّأد على افتَعَلْ وتَوَاَّد على تَفَعَّلَ، وَالْأَصْل فيهمَا: الوَأْد إِلَّا أَن يكونَ مَقلوباً من الأوْد، وَهُوَ الإثقال.
فَيُقَال: آدني يَؤُودني أَي أثقلني والتَّأَوُّد مِنْهُ، وَيُقَال: تأوَّدت المرأةُ فِي قِيَامهَا إِذا تَثَنَّتْ لتثاقلها، ثمَّ قَالُوا: تَوَأَّد واتَّأد، إِذا تَرَزَّن وتَمَهَّلَ، والمقلوبات فِي كَلَام الْعَرَب كَثِيرَة وَنحن ننتهي إِلَى مَا ثَبَتَ لنا عِندهم وَلَا نُحْدِثُ فِي كَلَامهم مَا لم ينطقوا بِهِ وَلَا نَقِيسُ على كلمة نادرةٍ جَاءَت مَقْلُوبَة.
دوى: وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الدَّواةُ مَعْرُوفَة إِذا عَددتَ قلتَ: ثلاثُ دَوَيَات كَمَا يُقَال: نَوَاةٌ وثلاثُ نَوَيَات، وَإِذا جَمَعْتَ مِن غير عَدد فَهِيَ الدَّوَى كَمَا يُقَال نواةٌ ونَوَى، قَالَ: ويَجوز أَن يجمع دُوِيَّا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
عَرفْتُ الدِّيار كَخَطِّ الدُّويِّ
يَذْبُرُهُ الكاتِبُ الحِمْيَرِيّ
والدّوى تَصْنيعُ الدَّوَابَّةِ وتسمينهُ وصَقْله بِسَقْي اللَّبن والمواظَبَة على الْإِحْسَان إِلَيْهِ، وإجْرائِه مَعَ ذَلِك البَرْدين، قَدْرَ مَا يَسِيلُ عَرَقُه ويَشْتَدَّ لَحْمه وَيذْهب رَهَله، وَيُقَال: داوَيْتُ الْفرس دِوَاء ومُداواة، وَيُقَال: داوَيتُ العَلِيلَ دَوًى بِفَتْح الدَّال إِذا عالجته بالأَشْفِيَةِ الَّتِي تُوافِقه. وَأنْشد الأصمعيّ فَقَالَ:
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيك الدَّوى
ولَيْسَ لَهُ من طعامٍ نَصِيبْ
خَلا أَنَّهُم كُلَّما أَوْرَدُوا
يُصَبِّحُ قَعْباً عَلَيْهِ ذَنُوبْ
قَالَ مَعْنَاهُ: أَنه يُسْقى قَعْياً مِن لَبَن عَلَيْهِ دلوٌ مِن ماءٍ، وصفهُ بأَنَّه لَا يُحْسِن دِواء فَرَسِه وَلَا يُؤثرُه بِلَبَنِه كَمَا يَفْعَلُ الفُرْسان.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: الإدَاوَة المَطْهَرَةُ وَجَمعهَا الأداوَى، وَأنْشد:
يَحْمِلْنَ قُدامَ الجَآ
جِىء فِي أَداوَى كالمَطَاهِر
يَصِفُ القَطا واستقاءها لِفِراخِها فِي حَواصِلها.

(14/172)


{بَاب الرباعي من حرف الدَّال
(فندر) : قَالَ اللَّيْث: الفِنْديرةُ وَجَمعهَا فَناديرُ قِطعةٌ ضخمةٌ من تَمْرٍ مُكْتَنِزٍ، أَو صَخْرةٍ تَنْقَلِع مِن عُرْضِ الجَبل، وَأنْشد فِي صفة الْإِبِل:
كأَنها مِن ذُرَى هَضْبٍ فَنَادِيرُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَنْدُورَةُ هِيَ أُمُّ عِزْم وأمُّ سُوَيْد يَعْنِي السَّوْأَةَ.
(فرند) : وَقَالَ اللَّيْث: فرند دخِيلٌ مُعرَّب، اسْم ثوب، وَفِرِنْدُ السَّيْف وَشْيُه، قلت: فرنْد السَّيف جَوْهَرُه وماؤُه الَّذِي يَجْري فِيهِ، وطرائِقُه يُقَال لَهَا: الفِرِنْدُ وَهِي سَفاسِقه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفِرْنِد الأبْزَارُ وَجمعه الفَرَانِدُ.
(بندر) : وَقَالَ اللَّيْث: البَنَادرَةُ دَخيلٌ وهم التُّجار الَّذين يلزمون الْمَدَائِن واحدهم بُنْدَارٌ.
(بلدام) : قلت: وقرأتُ فِي هَذَا الْبَاب لِابْنِ المظفر: البَلَنْدمُ الرَّجل الثَّقِيلُ فِي المَنْظَر البَلِيدُ فِي المخْبرِ، قَالَ: ومُقَدَّمُ الصَّدْر بَلْدَمٌ، قلت: وَهَذَانِ الحرفان عِنْد الْأَئِمَّة الثِّقَات بِالذَّالِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَلْذَمُ المَرىءُ والحُلقوم والأوْداج يُقَال لَهَا: بَلذم، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ: قَالَ البَلْذَمُ من الْفرس مَا اضْطربَ من حُلْقُومه ومَرِيئِهِ، وجَرانِهِ، قَالَ: المريء مَجْرى الطَّعَام وَالشرَاب، والجران الجِلْدُ الَّذِي فِي بَاطِن الحَلْقِ مُتَّصِل بالعُنُق، والحُلْقُوم مخرج النَّفْس وَالصَّوْت.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَلْذَم البَلِيدُ من الرِّجال.
(دلظم) : اللَّيْث: الدِّلْظَم والدَّلْظَم النَّاقة الهرِمة الفانية، قلت: وَقَالَ غَيره: الدَّلْظَم الْجمل القويّ، ورجلٌ دِلْظَم شَدِيد قويّ.
(دلنظ) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّلَنْظَى السمين من كل شَيْء.
وَقَالَ شمر: دَلَنْظَى وبَلَنْزَى إِذا كَانَ ضَخْماً غليظ المنكِبَيْن، وَأَصله من الدَّلْظِ وَهُوَ الدَّفْعُ.
(ثرند) : وَقَالَ اللحياني: اثْرَنْدَى الرجلُ إِذا كَبُر لحم صَدْره، وابلندى إِذا كَبُر لحم جَنْبَيْه وعَظُما، وادلَنْظَى إِذا سَمِن وغَلُظَ.

(14/173)


(رجل مُثَرْنَد مُخصِب)
دربل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دربل إِذا ضرب الطَّبل.
(دردب) : سَلَمة عَن الْفراء: الدَّرْدبيُّ: الضَّرْبُ بالكُوبة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الدَّرْدابُ صَوْت الطَّبل.
أَبُو عَمْرو: الدّرْدبَةُ الخُضوع، يُقَال: درْدبَ لما عَضَّهُ الثِّقاف أَي ذَلَّ وخَضَع.
(فرند) : فِرِندَادُ، جَبَلٌ بِنَاحِيَة الدّهْناء وبِحِذَائِه جَبلٌ آخر وَيُقَال لَهما مَعًا: الفِرِندَادانِ. وَقَالَ ذُو الرمة:
وَيافِعٌ مِن فِرِندَاديْن مَلْمُومُ
(دمثر) : أرضٌ دمَاثرُ إِذا كَانَ دمِثاً.
وَأنْشد الأصمعيّ فِي صفة إبل:
ضَارِبة بِعَطَنٍ دُمَاثِرِ
أَي شَرِبَتْ فَضَربَتْ بِعَطَن، ودَمْثَرٌ دَمِثٌ، والدَّمْثَرَةُ الدَّماثة، وبَعِيرٌ دُمَثِرٌ ودُمَاثِرٌ إِذا كَانَ كَثِير اللَّحْم.
بلدم: اللحياني: يُقَال للرجل إِذا فُرق فَسَكت: بَلْسَمَ وَبَلْدَمَ وطَرْسَم وأَسْبَط وأَرَمَّ.
(تمرد) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال لِبُرْج الْحمام: التِّمرادُ وَجمعه التَّماريدُ وَقيل: التَّماريد محاضِنُ الحَمَام فِي بُرْج الحَمَامِ، وَهِي بيوتٌ صِغار يُبْنَى بَعْضهَا فَوق بعض.
(دردب) : عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّرْدَبة تحرُّك الثَّدْي الطَّرْطُبِّ وَهُوَ الطَّويلُ.
وَقَالَت أمُّ الدّرْداء: زارنا سَلْمان من الْمَدَائِن إِلَى الشَّام مَاشِيا وَعَلِيهِ كسَاء وأَنْدَرْوَرْد يَعْنِي سَرَاوِيل مُشَمَّرة، قلت: وَهِي كلمة عَجَميَّة وَلَيْسَت بعربيَّة، وَفِي النَّوَادِر رجل بَنْدَرِيٌّ وَمُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ وَهُوَ الْكثير المَال.
(بيدر) : وَيُقَال: بَيْدَرٌ من حِنطِةٍ وصُولَةٌ من حِنْطة، وَجَمعهَا صُولٌ وَهُوَ مثل الصَّوبَة.
(دربى) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَرْبَى فلانٌ فلَانا يُدَرْبيه إِذا أَلْقَاهُ وَأنْشد:
(اعلَوّطا عَمْراً ليُشْبياهُ
فِي كلِّ سوءٍ ويُدَرْبياهَ)
(حَوْجَلُة الخُبَعْثَنِ الدِّمَثْرا
وَقَول العجاج: بعير دِمَثْر ودُمَاثِرٌ إِذا كَانَ كثير اللَّحم وثيراً) .

(14/174)


(درنف) : وَقَالَ (الشَّاعِر) :
أَكْلَفَ دُرْنُوفاً هجاناً هَيْكَلا
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أعرف الدُّرْنُوفَ وَقَالَ: هُوَ العظيمُ من الْإِبِل.
(دربن) : وَقَالَ (المثقب الْعَبْدي) (3) :
كدُكَّان الدَّرابِنَةِ المطِين
قيل: الدَرابِنَةُ التُّجَّار، وَقيل: جمع الدَّرْبان.
(ثرمد) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القاقُلي الثّرْمَدُ من الحَمْضِ وَكَذَلِكَ القُلاّم والباقِلاء.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: ورأَيْتُ فِي مَاء لبني سعد يُقَال لَهُ ثرمداء وَرَأَيْت حَواليه القاَقلِّي وَهُوَ من الحمض مَعْرُوف وَفِي الحَدِيث: كَانَ أبي يلْبس أنْدَرُوزْديَّة يَعْنِي التُّبان.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلَيْسَ بعربي وَلكنه مُعَرَّب.
تمّ كتاب الدَّال وَالْحَمْد لله على نعمه وَنعم الوَكيل.
آخر كتاب الدَّال

(14/175)


كتاب حرف التَّاء من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف من حرف التَّاء
(ت ظ ت ذ: مهمل) .

(بَاب التَّاء والثاء)
ت ث
اسْتعْمل مِنْهُ: (ثتّ) .
ثت: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثَّتُ الشَّق فِي الصَّخرة وَجمعه ثُتوتٌ قَالَ: والثَّتُّ أَيْضا العِذْيَوْطُ، وَهُوَ الثَّمُوتُ والذَّوذَخ والْوَخْوَاخُ والنَّعْجَة الزُّمَّلِق.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي الصَّخْرَة ثَتٌّ وفَتٌّ وشَرْمٌ وشرْن وخَقٌّ ولَقٌّ وشِيقٌ وشِرْيان.

(بَاب التَّاء وَالرَّاء من المضاعف)
(ت ر)
تَرَ، رت: (مستعملان) .
تَرَ: قَالَ اللَّيْث: التَّرَارَةُ امتلاءُ الجِسم من اللَّحْم وَرِيُّ العَظْمِ، رجل تَارٌّ وَقَصَرَةٌ تَارَّةٌ والفِعْل تَرَّ يَتِرُّ قَالَ: والتُّرُورُ وَثْبَةُ النَّوَاةِ من الحَيْس، يُقَال: تَرَّتْ تَتِرُّ تُرُورا، يُقَال: ضرب فلَان يَدَ فلَان بِالسَّيْفِ فأَتَرَّها وأَطَرَّها وأَطَنَّها، والغلام يُتِرُّ الْقُلة بمقلاته.
وَقَالَ طَرَفة يصف بَعِيرًا عقره:
تَقُول وَقد تُرَّ الوظِيفُ وساقُها
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ
ترَّ الوَظِيفُ، أَي انْقَطَع فَبان وسَقَط.
وَقَالَ أَبُو زيد: تُرَّ الرَّجُلُ عَن بَلَده، وأَتَرَّهُ القضاءُ إتْراراً إِذا أَبْعَدَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الترْتَرَةُ أَن تَقْبِضَ عَلَى يَدَيْ رَجُل تُتَرْتِرُهُ أَي تحرّكه.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أنَّه أُتِيَ بسكران فَقَالَ: تَرْتِرُوه، وَمَزْمِزُوه.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ أَن يُحَرَّك ويُزَعْزَع ويُسْتَنْكَه حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيح لِيُعْلَمَ مَا شرب، وَهِي الترترة والتَّلْتَلَةُ وَالمَزْمَزَةُ.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف جملا:
بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ غَوْجٌ شَمَرْدَلٌ
يُقَطِّع أَنْفاسَ المَهارِي تَلاَتِلُه
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التُّرَّى اليَدُ المقطوعةُ، والترَّةُ الجَارِيةُ الحَسْنَاءُ الرَّعْناء.

(14/176)


قَالَ: والتُّرُّ الأصلُ، يُقَال: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلَى تُرِّكَ وقَحاحِك.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّرُّ كلمة تَتَكلم بهَا الْعَرَب إِذا غضب أحدهم على الآخر، قَالَ: وَالله لأقَيمنَّك على التُّرِّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِطَمرُ هُوَ الْخَيط الَّذِي يُقَدِّر بِهِ الْبناء، يُقَال لَهُ بالفارسيَّة: التُّر.
وَفِي (النَّوَادِر) : بِرْذَوْنٌ تَرٌّ، ومُنْتَرٌّ وغَرْبٌ وقَزَعٌ ودُقاقٌ إِذا كَانَ سريعَ الرَّكْض، وَقَالَ: التَّرُّ من الخَيلِ المعتَدِلُ الْأَعْضَاء الخفيفُ الدَّرِير، وَأنْشد:
وقدْ أَعْذُو مَعَ الفِتْيا
ن بالمنْجَرِد التّرِّ
وذِي الْبركَةِ كالتَّابو
ت وَالمِحْزَم كالقَرِّ
معي قاضبة كالمل
ح فِي فِي متنيه كالذرّ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التارُّ الْمُنْفَرد عَن قومه، تَرَّ عَنْهُم إِذا انْفَرد، وَقد أَتَرُّوه إتْراراً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَرْتَرَ، إِذا استَرْخَى فِي بدنه وَكَلَامه قَالَ: وَتَرّ بسلحه وهَدَّ بِهِ، وهَرَّ بِهِ إِذا رمَى بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ترَّ بسَلْحِهِ، يتِرّ ويَتُرّ إِذا قذف بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّارُّ المسترخِي من جوع أَو غَيره وتَرَّ يَتِرُّ ويَتُر.
وَأنْشد:
ونُصْبِحُ بالغدَاةِ أَتَرَّ شيءٍ
ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلنفَحينَا
قَالَ: أَتَرَّ شيءٍ أَرْخَى شيءٍ من التَّعَب، يُقَال: تِرَّ يَا رجل.
وَيُقَال للغلام الشّابّ الممتلىء: تَارٌّ وَقد تَرَّ يتِرُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التّراتِيرُ الْجَوَارِي الرُّعْنُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأترُورُ الغلامُ الصَّغِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُتْرُورُ: الشُّرَطِيُّ.
وَأنْشد:
أعوذُ بِاللَّه وبالأمير
مِن صاحبِ الشُّرْطة والأُترُورِ
رت: قَالَ اللَّيْث: الرُّتَّة عَجَلَةٌ فِي الْكَلَام، ورجلٌ أَرتُّ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد المبرّد: الغَمْغَمة أَن تَسَمعَ الصوتَ وَلَا يَبينُ لَك تَقطيعُ الكلامِ، وَأَن يكونَ الْكَلَام مُشْبِهاً لكَلَام الْعَجم، والرُّتَّة كَالرِّيحِ تمنع مِنْهُ أولَ الْكَلَام، فَإِذا جَاءَ مِنْهُ شَيْء اتَّصل بِهِ، قَالَ: والرُّتَّة غريزة وَهِي تَكثر فِي الْأَشْرَاف.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرَّتَّاءُ: المرأةُ اللَّثْغَاءُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رَتْرَتَ الرجلُ إِذا

(14/177)


تَعتع فِي التَّاء وغيرِها قَالَ: والرَّتُّ: الرئيسُ من الرِّجَال فِي الشَّرف وَالعطَاء وَجمعه رُتوتٌ قَالَ: والرّتُّ أَيْضا الخِنزير المُجَلِّحُ وَجمعه رِتَتَةٌ، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَه اللَّيْث.

(بَاب التَّاء وَاللَّام)
(ت ل)
تل، لت: (مستعملان) .
تل: سَلمَة عَن الْفراء: تَلّ إِذا صَبّ، والتَّلّةُ الصَّبَّةُ، والتَّلّةُ الضَّجْعةُ والكسل، قَالَ: والتَّلّة بقيّة الدّيْن.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: تَلّ يَتُلُّ إِذا صَبّ، وتَلّ يَتِلّ إِذا سقط.
وَحدثنَا عبد الله بن هَاجَك، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي قَالَ: (نُصِرْتُ بالرُّعب وأُوتِيتُ جوامعَ الْكَلم، وَبينا أَنا نائِم أُتِيتُ بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فَتُلَّتُ فِي يدِي) .
قلت: مَعْنَاهُ فصُبَّتْ فِي يَدي.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُتَلَّلُ الصّرِيعُ وَهُوَ المشَغْزَبُ.
قلت: وَتَأْويل قَوْله: وأُتِيتُ بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فتُلَّتْ فِي يَدي: مَا فَتَحهُ الله جلّ ثَنَاؤُهُ لأُمَّتِه بعد وَفَاته من خَزَائِن مُلُوك الفُرْس، وملوك الشَّام، وَمَا استولى عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ من الْبِلَاد، حقّق الله تَعَالَى رُؤْيَاهُ الَّتِي رَآهَا بعد وَفَاته من لَدُنْ خِلافة عمرَ بن الْخطاب إِلَى يَوْمنَا هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: تَلَلْتُ فِي يَدَيْهِ أَي دفَعْتُ إِلَيْهِ سَلْماً، قَالَ: والتَّلُّ الرابيةُ من التُّرَاب مَكْبُوساً لَيْسَ خِلْقَة.
قلت: هَذَا غَلَطٌ، التِّلال عِنْد الْعَرَب الرَّوابي المخلوقة.
وروى شمر عَن ابْن شُمَيْل أَنه قَالَ: التَّل من أَصاغر الآكام، والتَّل طولُه فِي السَّمَاء مثلُ الْبَيْت عَرْضُ ظهرهِ نَحْو عَشرة أَذْرع، وَهُوَ أصْغر من الأَكَمة، وأقلُّ حِجَارَة من الأكمة، وَلَا يُنْبِتُ التل خيرا، وحِجارةُ التَّل عَاضٌّ بعضُها بِبَعْض مثلُ حِجارة الأَكمة سَوَاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: للهمِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (الصافات: 103) ، معنى تَلّه صَرَعه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التّلِيلُ والمتْلُول: الصّريع، وَقَالَ فِي قَول لبيد:
أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْيوع مِتَلِّ
أَي يصرعَ بِهِ.
وروى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مِتلٌّ شديدٌ والجون فرسه.
وَقَالَ شمر: أَرَادَ بالجون جَمله والْمربوع

(14/178)


جَرير ضُفِرَ على أَربع قوى.
وروى سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} ، قَالَ: كَبَّه لفيه وأَخَذَ الشَّفْرة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن الْفراء: رجل مِتلٌ إِذا كَانَ غليظاً شَدِيدا.
قَالَ: المِتلُّ الَّذِي يُتَل بِهِ، ورمح مِتلٌ غليظ شَدِيد وَهُوَ العُرُدُّ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: التَّلِيلُ: العُنُق قَالَ لَبيد:
يَتَّقيني بتليلٍ ذِي خُصَل
أَي بِعُنُق ذِي خُصَل من الشّعْر، وَقَالَ اللَّيْث: التّليلةُ الإقلاقُ والحَرَكةُ، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التّلْتَلَةُ قِشْرُ الطّلْعة يُشْرَبُ فِيهِ النَّبِيذ، وَقَالَ: تُلَّ: إِذا صُرِعَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفراء: رجل مِتَلٌّ أَي مُنتصبٌ فِي الصّلاة وَأنْشد:
رجال يتلُّون الصَّلَاة قيام
قلت: هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ رجال يُتلَّون الصَّلَاة قيام، من تَلَّى يُتَلَّى: إِذا أتبع الصلاةَ الصَّلَاة.
قَالَ شمر: تَلَّى فلَان صلاتَه الْمَكْتُوبَة بالتطوّع أَي أتْبع، قَالَ البعيث:
على ظَهْرِ عَادِيَ كأَنَّ أُرُومَه
رجالٌ يُتَلَّونَ الصلاةَ قيامُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ ضالٌّ تَالٌّ آلٌّ وَجَاء بالضَّلالة، والتَّلالة والألالة؛ وَقَالَ أَبُو تُرَاب: البلابل والتّلاتل الشدائد.
وَقَالَ أَبُو الْحسن: يُقَال: إِن جَبينه لَيَتِلُّ أَشَدَّ التَّل، وَمَا هَذِه التَّلة بفيك أَي البِلّة، قَالَ: وسألتُ عَن ذَلِك أَبَا السميدع فَقَالَ: التّلَلُ والبَلَلُ والتِّلَّة والبِلَّة شَيْء وَاحِد، قلت: وَهَذَا عِنْدِي من قَوْلهم: تَلّ أَي صَبّ، وَمِنْه قيل لِلْمشْرِبة: تَلْتَلَة، لِأَنَّهُ يُصب مَا فِيهَا فِي الحَلْق.
لت: قَالَ اللَّيْث: اللّتُّ الفِعل من اللُّتات، وكل شَيْء يُلَتُّ بِهِ سَويقٌ أَو غَيره نَحْو السّمن وَمَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْفراء: حَدثنِي الْقَاسِم بن معن عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ رجل يَلُتُّ السويق لَهُم، وَقرأَهَا: {الْكُبْرَى أَفَرَءَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} (النَّجْم: 19) بِالتَّشْدِيدِ.
قَالَ الْفراء: الْقِرَاءَة اللات، بتَخْفِيف التَّاء الأَصْل اللاتّ بِالتَّشْدِيدِ لِأَن الصَّنَم إِنَّمَا سمِّي باسم اللاّت الَّذِي كَانَ يَلُتَّ عِنْد هَذِه الْأَصْنَام لَهَا السويقَ، فَخفف وجُعل اسْما للصنم.
وَكَانَ الْكسَائي يقف على اللات بِالْهَاءِ وَيَقُول: اللاه، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا قِيَاس، والأجود اتِّباعُ المصحفِ، وَالْوُقُوف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ، قلت: وَقَول الْكسَائي يُوقف عَلَيْهَا بالهاءِ، يَدُل على أَنه لم يجعَلْهما من اللَّت؛ وكأنَّ الْمُشْركين الَّذين عبدوها عارضوا باسمها اسمَ الله،

(14/179)


تَعَالَى الله علوا كَبِيرا عَن إفكهم ومعارضتهم وإلحادهم، لعنهم الله فِي اسْم الله الْعَظِيم، وَقَالَ ابْن السّكيت: اللَّت بَلُّ السوِيق والْبَسُّ أشدُّ من اللَّتّ.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: اللّتّ الفَتُّ.
قلت: وَهَذَا حرف صَحِيح أخبرنَا عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي بَاب التَّيَمُّم: وَلَا يجوز التَّيَمُّم بِلُتَاتِ الشّجر وَهُوَ مَا فُتّ من قِشْره الْيَابِس الْأَعْلَى.
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أَدْرِي لُتات أم لِتات، وَفِي بعض الحَدِيث: فَمَا أبقى الْمَرَض مني إِلَّا لُتاتاً. قَالَ: اللُّتات مَا فُتَّ من قِشر الشّجر كَأَنَّهُ يَقُول: مَا أبقى مني إِلَّا جِلداً يَابسا. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس فِي اللَّت بِمَعْنى الفتّ:
تَلُتُّ الْحَصَى لَتّاً بسُمْرٍ رزينة
موارِد لَا كُزْمٍ وَلَا مَعِراتِ
يصف الْخمر وَكسرهَا الْحَصَى.

(بَاب التّاء وَالنُّون)
(ت ت)
تن، نت (نَتن) : (مستعملان) .
(تن) : قَالَ اللَّيْث: التِّنُّ التِّرْبُ، يُقَال: صِبْوَة أتْنَانٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ سِنه وتِنه وحِنته، وهم أسنانٌ وأتنانٌ إِذا كَانَ سِنُّهم وَاحِدًا.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنُّ الصَّبيُّ الَّذِي يقْصعه الْمَرَض، يَشِبُّ، وَقد أَتَنَّه المرضُ، وَقَالَ أَبُو زيد: أتَنّه الْمَرَض إِذا قَصَعَه فَلم يلْحق بأتنانه أَي بأقرانه، قَالَ: والتِّنُّ الشَّخْصُ والمِثالُ.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنِّينُ: ضربٌ من الحيّات من أعظمها وَرُبمَا بعث الله سَحَابَة فاحتملته، وَذَلِكَ فِيمَا يُقَال وَالله أعلم: أَن دَوَابَّ الْبَحْر تَشْكُو إِلَى الله تَعَالَى فيرفعه عَنْهَا، قلت: وَأَخْبرنِي شيخ من ثِقَاتِ الْغُزَاة أَنه كَانَ نازلاً على سيفِ بحْرِ الشَّام، فَنظر هُوَ وَجَمَاعَة أهل الْعَسْكَر إِلَى سَحَابَة انْقَسَمت فِي الْبَحْر ثمَّ ارْتَفَعت ونظرنا إِلَى ذَنَبِ التِّنِّين يضطرب فِي هَيْدب السحابة، وهبَّت بهَا الريحُ وَنحن نَنْظُر إِلَيْهَا إِلَى أَن غَابَتْ السّحابة عَن أبصارنا، وَجَاء فِي بعض الْأَخْبَار أَن السحابة تحمل التنين إِلَى بِلَاد يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَتطرحُه بهَا، وَإِنَّهُم يَجْتَمعُونَ على لَحْمه فيأكلونه.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنِّين أَيْضا نَجْمٌ من نُجُوم السماءِ وَلَيْسَ بكوكب وَلكنه بياضٌ خَفِيٌّ يكون جَسَدُه فِي سِتَّة بروج من السماءِ وذَنَبُه دَقيقٌ أسود فِيهِ التواءٌ يكون فِي البرج السَّابع، وَهُوَ يَتنقّلُ كتنقل الْكَوَاكِب الْجَوَارِي، واسْمه بِالْفَارِسِيَّةِ هُشْتُنْبُر فِي حِسَاب النُّجُوم وَهُوَ من النحوس، ثَعْلَب

(14/180)


عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَنْتَنَ الرّجل: إِذا ترَكَ أصدقاءَهُ وصَاحبَ غَيرهم.
نت: أَبُو تُرَاب عَن عَرَّام: ظَلَّ لِبطنه نَتيتٌ ونَفيت بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: نَتْنَتَ الرجلُ إِذا تَقَذَّرَ بعد نَظافة.
نَتن: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: نَتَنَ اللحمُ وَغَيره يَنْتِنُ وأَنْتَن يُنْتِنُ، فَمن قَالَ: نَتَنَ قَالَ مِنْتِنٌ، وَمن قَالَ: أَنتن قَالَ مُنْتِنٌ بِضَم الْمِيم، وَقَالَ غَيره: مِنْتِنٌ كَانَ فِي الأَصْل مِنْتِينٌ فحذفوا الْمَدّ، وَمثله مِنْخِرٌ أَصله مِنْخِيرٌ وَالْقِيَاس أَن يُقَال نَتَنَ فَهُوَ نَاتِنٌ فتركوا طَرِيق الْفَاعِل وبنَوْا مِنْهُ نعتاً على مِفعيل ثمَّ حذفوا الْمدَّة، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سيف كهام، ودانٌ ومُنْتنٌ أَي كليل، سيف كهيم مثله وكل مُنْتِنٌ مَذْمُوم.

(بَاب التَّاء والفَاء)
(ت ف)
تف، فت: (مستعملان) .
(تف) : قَالَ اللَّيْث: التُّفُّ: وَسَخُ الْأَظْفَار، والأُفُّ وَسَخُ الْأذن، قَالَ:
التَّتْفيفُ من التُّفِّ كالتأفيف من الأُفِّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ قَوْلهم أُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفٌّ وتفَّة، قَالَ الأصمعيّ: الأُفّ وَسَخ الأُذن، والتّفّ وسخ الْأَظْفَار، فَكَانَ ذَلِك يُقَال عِنْد الشيءِ يستقذر ثمَّ كثر حَتَّى صَارُوا يستعملونه عِنْد كل مَا يتأذوْن بِهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيره: أُفّ لَهُ: مَعْنَاهُ قِلَّة لَهُ، وتُفٌّ اتِّبَاع مَأْخُوذ من الأَفف وَهُوَ الشيءُ الْقَلِيل؛ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَنه يُقَال: تَفْتفَ الرجلُ إِذا تَقَذَّرَ بعد تنَظفٍ.
فت: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَتُّ والثَّتُّ: الشَّقُّ فِي الصَّخْرَة، وَهِي الفُنُوت والثُّتُوتُ، قَالَ وَيُقَال: فلَان يَفُتّ فِي عَضُدِ فلَان، وعَضُدُه أهلُ بَيته إِذا رَامَ إِضْرَارهُ بتخَوُّنه إيَّاهُم.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفُتَّة الكُتْلَة من التَّمْر.
سَلمَة عَن الْفراء: أُولَئِكَ أهل بيتٍ فَتَ وفَتَ وفَتَ، إِذا كَانُوا مُنْتشرين غيرَ مُجْتَمعين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَتْفَتَ الرَّاعِي إبِله إِذا ردَّها عَن المَاء وَلم يَقْصَعْ صوَّارَها وَهُوَ التَّفَهُّرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفَتُّ أَن تأخذَ الشيءَ بأصبعك فتُصَيِّرهُ فتَاتاً أَي دُقاقاً، قَالَ: والفَتِتُ كلُّ شيءٍ مَفْتوتٍ إِلَّا أَنهم خصوا الخبزَ المفتوتَ بالفتيت قَالَ: والفَتِيتُ أَيْضا الشيءُ الَّذِي يَقع فَيَتَفَتَّت، قَالَ: والفُتَّة بَعْرة أَو رَوْثَة مَفْتوتة تُوضع تحتَ الزَّنْدَة.
قلت: وفُتاتُ العِهن وَالصُّوف مَا تساقط مِنْهُ، وَقَالَ زُهَيْر فِي شعر لَهُ:

(14/181)


كأَن فُتَاتَ العِهن فِي كلِّ مَنْزِلٍ
نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّمِ
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب التَّاء والبَاء)
(ت ب)
تب، بت: (مستعملان) .
(تب) : قَالَ اللَّيْث: التَّبُّ الخَسار؛ يُقَال: تَبّاً لفِلان على الدُّعاء، نُصِب لِأَنَّهُ مَصدرٌ مَحْمُول على فِعله؛ قَالَ: وتَبَّبْتُ فلَانا أَي قلتُ لَهُ: تَبّاً. قَالَ: والتَّبَابُ الهلاكُ؛ وَرجل تابٌّ ضَعِيف والجميع الإتْبابُ وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} (هود: 101) قَالَ أهل التَّفْسِير: مَا زادوهم غير تخْسير؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {} (المسد: 1) أَي خَسِرتْ، قَالَ: {السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِى} (غَافِر: 37) أَي مَا كَيده إلاَّ فِي خُسران.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِن من النِّسَاء التَّابَّةُ وَهِي الْكَبِيرَة، وَرجل تَابٌّ أَي كَبِير، وَقَالَ غَيره: حِمار تَابُّ الظَّهر إِذا دَبِرَ، وجَمَلٌ تابٌّ كَذَلِك، وَيُقَال: استَتَبَّ أمرُ فلَان إِذا اطَّردَ واستقام وتَبَيَّن؛ وأصلُ هَذَا من الطَّرِيق المسْتَتِبِّ، وَهُوَ الَّذِي خَدَّ فِيهِ السيارةُ خُدوداً وشَرَكاً فوضحَ واستبانَ لمن سَلَكه، كأَنَّهُ ثُبِّتَ بِكَثْرَة الْوَطْء وقُشِرَ وجهُه فَصَارَ مَلْحُوناً بَيِّناً من جمَاعَة مَا حَوَالَيْه من الْأَرْضين، فَشُبِّه الأمرُ الواضحُ البيِّن المستقيمُ بِهِ، وَأنْشد المازنيُّ فِي المَعانِي:
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلام بَعَثْتُه
يَشكو الكلالَ إليَّ دامَى الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومراحه
شهْراً نواصِيَ مُسْتَتِبٍ مُعْمَلِ
نصب نواصِيَ لِأَنَّهُ جعله ظرفا، أَرَادَ فِي نواصِي طريقٍ مُسْتَتِبَ.
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَهُ
ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
شبه مَا فِي هَذَا الطَّرِيق المستتبّ من الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّن، وَهُوَ الْحَدِيد الَّذِي يُحرَثُ بِهِ الأرضُ، وَقَالَ آخر فِي مثله:
أَنْضَيْتُها مِن ضُحاها أَوْ عَشِيَّتِها
فِي مُسْتَتِبَ يَشُقّ البِيدَ والأكُما
أَي فِي طَرِيق ذِي خُدودٍ أَي شُقوقٍ مَوْطوءٍ بَيِّن، والتَّبِّيُّ ضربٌ من تمر الْبَحْرين رديءٌ يَأْكُلهُ سُقَّاطُ النَّاس.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وأَعْظَمَ بَطْناً تَحْتَ دِرْعٍ تَخَالُه
إِذا حُشِيَ التَّبِّيَّ زِقّاً مُقَيَّراً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَبَّ إِذا قَطَع وتَبَّ إِذا خسر، وَمن أمثالهم: مَلَك عبدٌ عبدا فأَوْلاه تَبّاً، يَقول: لم يكن لَهُ مِلكٌ فَلَمَّا ملك هَانَ عَلَيْهِ مَا مَلك، وتَبْتَبَ إِذا

(14/182)


شاخَ.
بت: قَالَ اللَّيْث: البَتُّ ضَربٌ من الطَّيالسة يُسمى السَّاجَ مُربَّع غليظ لونُه أَخضر، والجميع البُتُوتُ.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: البَتُّ ثوبٌ من صوف غليظ شِبْهُ الطَّيْلَسان وَجمعه بُتوت.
وَفِي الحَدِيث: أدركتُ الناسَ وَمَا بالكُوفَةِ أحدٌ يَلْبَسُ طَيْلَساناً إِلَّا شَهْرَ بنَ حَوْشَبَ، مَا النَّاسُ إِلَّا فِي البُتُوت.
قَالَ عَليّ بن خَشْرم: وسمعتَ وكِيعاً يَقُول: لَا يكون البَتُّ إِلَّا مِن وَبَرِ الْإِبِل وَأنْشد:
من كَانَ ذَا بَتَ فَهَذَا بَتِّي
مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
وَهَذَا الرجز يَدُل على أَن القَوْلَ فِي البَتِّ مَا قَالَه الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ اللَّيْث: البَتُّ القَطْع المستَأْصِلُ يُقَال: بَتَتْتُ الحبلَ فانْبَتَّ، وَيُقَال: أعطيتُه هَذِه الْقطعَة بَتّاً بَتْلاً، والبَتَّةُ اشتقاقُها من الْقطع غير أَنه يُسْتَعملُ فِي أَمر يمْضِي لَا رَجْعَة فِيهِ وَلَا التواء، وأَبَتَّ فُلانٌ طلاقَ امْرَأَته أَي طلَّقها باتاً، والمجاوز مِنْهُ الإِبْتاتُ قلت: وَهَمَ اللَّيث فِي الإبتات والبَت لِأَنَّهُ جعل الإبتاتَ مجاوزاً وَجعل البَتَّ لَازِما وَكِلَاهُمَا متعدَ.
يُقَال: بَتّ فلَان طَلَاق امْرَأَته بِغَيْر ألف وأَبَتَّهُ بِالْألف، وَقد طلَّقها البَتَّةَ، وَيُقَال: الطلقةُ الواحدةُ تَبُتَّ وتَبِت أَي تَقْطع عِصْمة النِّكاح إِذا انْقَضَتْ العِدَّةُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سكرانُ باتٌ، وسكران مَا يَبُتُّ، وَمَا يَبِتُّ كلَاما، أَي مَا يُبَيِّنه، وصدقةٌ بَتَّةٌ بَتْلَةٌ إِذا قَطَعَها المتصدِّق بهَا مِن مَاله وأدَّاها.
وَكَانَ الأصمعيّ يَقُول: سكرانُ مَا يَبُتُّ أَي مَا يقطع أمرا وَكَانَ يُنكر يُبِتُّ.
وَقَالَ الْفراء: هما لُغتان، يُقَال: بَتَتُّ عَلَيْهِ القَضَاءَ وأَبْتَتْهُ عَلَيْهِ، أَي قَطَعْتُه عَلَيْهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَيُقَال: طَلقهَا ثَلَاثًا بتةً.
وَقَالَ اللَّيْث: أحمقُ بَاتٌ شديدُ الحُمْق.
قلت: وَالَّذِي حفظناه عَن الثِّقات أَحمَق تابٌ من التَّبابِ، وَهُوَ الخَسارُ كَمَا يُقَال: أحمقُ خَاسِرٌ دَابِرٌ دَامِرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال انْقَطع فلَان عَن فلَان وانْبَتَّ حبلُه عَنهُ أَي انْقَطع وِصَالِه وانقبض وَأنْشد:
فَحَلّ فِي جُشَمٍ وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً
بِحَبْله مِن ذَوِي العزّ الغطارِيفِ
وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَتَبَ لحارثة بن قَطَنٍ وَمن بِدُومَةِ الجَنْدل مِن كَلْبٍ: إنَّ لَنا الضاحية من البَعْل وَلكم الضَّامِنة من النَّخْل، وَلَا يُؤْخَدُ مِنْكُم عُشْر البَتَاتِ يَعْنِي الْمَتَاع لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة مَال. قَالَ: والبَتَاتُ مَتَاع الْبَيْت.

(14/183)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: البَتَاتُ الزادُ، وَيُقَال: مَا لَهُ بتاتٌ أَي مَا لَهُ زَاد وَأنْشد:
ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَن لم تَبِعْ لَهُ
بتاتاً وَلم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
وَهُوَ كَقَوْلِه:
ويأتيكَ بالأنْبَاءِ من لم تُزَوِّدِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: طحنتُ بالرَّحَى شَزْراً وَهُوَ الَّذِي يَذْهَب بالرحَى عَن يَمِينه، وبتًّا عَن يسَاره وأنشدنا:
ونَطْحَنُ بالرحى شَزْراً وبَتّاً
وَلَو نُعْطَى المغازِلَ مَا عَيِينَا
وَيُقَال للرجل إِذا انْقُطِع بِهِ فِي سَفَره وعَطِبتْ راحلتُه: صَار مُنبتاً، وَمِنْه قَول مطرف:
إنَّ المنْبَتَّ لَا أَرْضاً قَطَع وَلَا ظَهْراً أَبْقَى
وَقَالَ الْكسَائي: انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا انْقَطع ماءُ ظَهره، وَأنْشد:
لَقَدْ وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ
عندَ القِيام وانْبِتَاتاً فِي السَّحَرْ
وَفِي الحَدِيث: (لَا صِيَام لمن لم يُبِتَّ الصَّوْم) ، مَعْنَاهُ لَا صِيَام لمن لم يَنْوِه قَبْل الْفجْر، فَيَقْطعْه من الْوَقْت الَّذِي لَا صومَ فِيهِ، وَأَصله من البَتِّ وَهُوَ القطعُ، ويقالَ: بَتَّ الحاكمُ القَضاء على فلَان إِذا قَطَعَه وفَصَلَه، وسُمِّيت النيةُ بَتّاً، لِأَنَّهَا تَفْصِل بَين الفِطر وَالصَّوْم وَبَين النَّفْل وَالْفَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سمعتُ الْخَلِيل بن أَحْمد يَقُول: الْأُمُور على ثَلَاثَة أنحاء، يَعْنِي على ثَلَاثَة أوجهٍ، شيءٌ يكونُ البَتَّةَ، وشيءٌ لَا يكون الْبَتَّة، وشيءٌ قد يكون وَقد لَا يكون، فَأَما مَا لَا يكون فَمَا مضى من الدَّهْر لَا يرجع، وَمَا يكون الْبَتَّة فالقيامة تقوم لَا محَالة، وأمّا شيءٌ قد يكون وَقد لَا يكون فمِثلُ قد يَمْرضُ وَقد يَصِحُّ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب التَّاء وَالْمِيم)
(ت م)
تمّ، مت: (مستعملان) .
(تمّ) : قَالَ اللَّيْث: تَمَّ الشَّيْء يَتِمَّ تَماماً وتَمَّمَهُ الله تَتْمِيماً وتَتِمَّةً قَالَ: وتَتِمَّةُ كلِّ شَيْء مَا يكون تَمام غَايَته كَقَوْلِك: هَذِه الدَّرَاهِم تَمامُ هَذِه الْمِائَة، وتَتِمَّة هَذِه الْمِائَة، والتِّم الشيءُ التَّام يُقَال: جعلتُه لكِ تِمَّا أَي: بتمامهِ قَالَ: والتَّميمةُ قِلادة من سيور، وَرُبمَا جعلت العُوذَة الَّتِي تُعَلَّق فِي أَعْنَاق الصّبيان.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إنَّ التَّمائمَ والرُّقى والتِّوَلةَ من الشّرك.
قلت: التَّمائم واحدتها تميمةٌ وَهِي خَرَزَات كَانَت الْأَعْرَاب يُعلقونها على أَوْلَادهم يَتَّقون بهَا النَّفْس والعَيْن بزعمهم، وَهُوَ بَاطِل، وَإِيَّاهَا أَرَادَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ بقوله:

(14/184)


وَإِذا المنيةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارها
أَلْفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لَا تنفعُ
وَقَالَ آخر:
إِذا ماتَ لم تُفْلِحْ مُزَيْنَةُ بعدَه
فَتُوطى عَلَيْهِ يَا مُزينُ التَّمائما
وَجعلهَا ابْن مَسْعُود: من الشّرك لأَنهم جعلوها وَاقية من الْمَقَادِير وَالْمَوْت، فكأنهم جعلُوا لِلَّهِ شَرِيكا فِيمَا قَدَّر وَكتب من آجال الْعباد والأعراض الَّتِي تصيبهم، وَلَا دَافع لما قَضى، وَلَا شريك لَهُ عزّ وجلّ فِيمَا قدَّرَ، قلتُ: وَمن جَعل التمائم سيوراً فغَيْرُ مُصيبٍ، وَأما قَول الفرزدق:
وكيْفَ يضلُّ العنْبَرِيُّ ببلدةٍ
بهَا قُطِعَتْ عَنهُ سُيُورُ التَّمائم
فَإِنَّهُ أضَاف السيور إِلَى التمائم لِأَن التمائم خَرَزٌ يُثْقَبُ ويُجعل فِيهَا سيورٌ وخيوطٌ تُعلَّق بهَا، وَلم أرَ بَين الْأَعْرَاب خلافًا، أَنّ التميمة هِيَ الخرزةُ نفسُها، وعَلى هَذَا قَول الْأَئِمَّة، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي:
تمَّ إِذا كُسِرَ وتَمَّ إِذا بَلَّغَ
وَقَالَ رؤبة:
فِي بطْنِهِ غَاشيةٌ تُتَمّمُهُ
قَالَ شمر: الغاشيةُ وَرَمٌ فِي البَطنِ.
وَقَالَ تُتَمّمُهُ أَي تُهلكهُ وتُبَلِّغُهُ أَجَلَه.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا نَالَ مِنها نظرةً هِيضَ قَلْبُه
بهَا كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَمِّمِ
يُقَال: ظلعَ فلانٌ ثُمَّ تَتَمَّمَ تَتَمُّمَا أَي تمَّ عَرَجُه كَسْراً من قَوْله تُمَّ إِذا كُسر.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّمْتَمَةُ من الْكَلَام ألاَّ يُبَيِّن اللسانُ، يُخطىء مَوضع الحرفِ فيرجِع إِلَى لفظٍ كَأَنَّهُ التَّاء أَو الْمِيم وَإِن لم يكن بَيِّنا، وَرجل تَمتامٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن مُحَمَّد بن يزِيد أَنه قَالَ: التَّمْتَمَةُ التّردِيدُ فِي التَّاء والفأفأة الترديد فِي الْفَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: التّمتامُ هُوَ الَّذِي يَعْجَلُ فِي الْكَلَام وَلَا يكَاد يُفْهِمُك.
قَالَ: والفأفاءُ الَّذِي يَعْسرُ عَلَيْهِ خروجُ الْكَلَام.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّمِيمُ الصُّلْب وأَنشد:
وصُلبِ تَمِيم يبهر اللِّبْد جَوْرُه

أَي يضيق مِنْهُ اللبد لتمامه. أَبُو عبيد: ولد فلَان لتَمامٍ، وتِمامٍ وليلُ التِّمام بِالْكَسْرِ لَا غير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الصَيْداويّ عَن الرياشي قَالَ: نهارٌ نحْبٌ مِثْلُ ليلٍ تِمام أطول مَا يكون.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ليلُ التِّمام فِي الشتَاء أطولُ مَا يكون من اللَّيْل.

(14/185)


قَالَ: وَيطول ليلُ التِّمام حِين تَطلعُ فِيهِ النُّجُوم كلُّها، وَهِي ليلةُ ميلادِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَالنَّصَارَى تُعَظِّمُها وَتقوم فِيهَا.
وَحكى ثَابت بن أبي ثَابت عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ: ليلُ تِمام إِذا كَانَ الليلُ ثَلَاث عشرَة سَاعَة إِلَى خمسَ عشرةَ سَاعَة.
وَقَالَ الليثُ: ليلُ التِّمام أطولُ ليلةٍ فِي السّنة.
وَيُقَال: هِيَ ثلاثُ ليالٍ لَا يُسْتَبان فِيهَا نُقْصانها مِن زيادتها.
قَالَ وَقَالَ بعضُهم: يُقَال: لِليلة أَربع عشرةَ، وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يَتم فِيهَا القمرُ: ليلةُ التَّمام بِفَتْح التَّاء.
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم اللَّيلَةَ التِّمام فَيقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان، وَسورَة النِّسَاء وَلَا يمر بِآيَة إِلَّا دَعَا الله فِيهَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: ليلُ التِّمام فِي الشِّتاء أطولُ مَا يكون الليلُ، وَيكون لكل نجمٍ هَوِيٌّ من اللَّيْل يَطْلُع فِيهِ حَتَّى تَطْلُعَ كلهَا فِيهِ فَهَذَا ليل التِّمام.
وَيُقَال: سافرنا شهرَنا ليلَ التِّمام لَا نُعَرِّسُه.
وَهَذِه ليَالِي التِّمامِ أَي شهرا فِي ذَلِك الزَّمَان.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلُ التِّمام ستةُ أشهر، ثلاثةُ أشهر حِين تزيد على ثِنْتَيْ عشرةَ سَاعَة، وثلاثَةُ أشهر حِين ترْجع.
قَالَ: وَسمعت ابْن الأعرابيّ يَقُول: كلُّ ليلةٍ طَالَتْ عَلَيْك فَلم تَنمْ فَهِيَ ليلةُ التِّمامِ أَو هِيَ كليلةِ التِّمامِ.
وَيُقَال: ليلُ التِّمام وليلٌ تِمامِيٌ أَيْضا.
قَالَ الفرزدق:
تِماميّاً كأنَ شآمِياتٍ
رَجَجْنَ بجانِبَيْه مِن الغُؤُورِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَعْنِي نَحْوهَا شآمية. ليلةُ السَّواءِ ليلةُ ثلاثَ عشرةَ، وفيهَا يَسْتَوِي الْقَمَر وَهِي ليلةُ التِّمام وليلةُ تَمامِ الْقَمَر هَذَا بِفَتْح التَّاء وَالْأول بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ أَبُو خيرةَ: أَبى قَائِلهَا إلاَّ تُمَّا.
وَقَالَ: رئي الهلالُ لِتِمِّ الشَّهْر.
وَقَوله تَعَالَى: {ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَحْسَنَ} (الْأَنْعَام: 154) .
قَالَ الزّجاج:
يجوز أَنه يَعْنِي تَمامًا على المُحسن، أَرَادَ تَماماً من الله على الْمُحْسِنِينَ، وَيكون تَماماً على الَّذِي أَحْسَنَه مُوسى من طاعةِ الله واتِّباع أمره، ويجوزُ تَمَاماً على الَّذِي هُوَ أحسن الْأَشْيَاء، وتماماً مَنْصُوب مفعول بِهِ، وَكَذَلِكَ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} (الْأَنْعَام: 115) أَي حَقّت وَوَجبت {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ} (الْأَنْعَام: 154) ،

(14/186)


الْمَعْنى آتيناه لهَذِهِ الْعلَّة أَي للتَّمام والتَّفْصِيلِ.
قَالَ: وَالقِراءة على الَّذِي أحسنَ بِفَتْح النُّون، وَيجوز أحسنُ، على إِضْمَار على الَّذِي هُوَ أحسنُ وأَجاز الْفراء: أَن تكون أحسنُ فِي مَوضِع خَفْضٍ وَأَن يكون مِن صفة الَّذِي، وَهُوَ خَطَأ عِنْد الْبَصرِيين لأَنهم لَا يَعْرِفُون الَّذي إلاَّ مَوْصُولَة، وَلَا تُوصَف إِلَّا بعد تَمام صِلتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّمُ الناسُ وَجمعه تِمَمَة قَالَ: والتميمُ الطويلُ، والتَّمِيمُ العُوذُ واحدتها تَمِيمَة، قلت: أَرَادَ الخرزَ الَّتِي تُتَّخذُ عُوَذاً.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا فَازَ قَدْح الرجلِ مرّة بعد مرّة فأَطْعَمَ لحمَه المساكينَ، سمي مُتَمِّماً، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
إِنِّي أُتَمِّم أَيْسارِي وأمْنَحُهُمْ
مَثْنى الأَيَادِي وأَكْسُو الجفْنَة الأُدُما
وَقَالَ غَيره: التَّمِيمُ فِي الأيسار أَن ينقص الأيْسَارُ فِي الْجَزُور، فَيَأْخُذ رجلٌ مَا بَقِي حَتَّى يُتَمِّمَ الأَنصباء، وَهُوَ قَول اللحياني.
وَقَالَ اللَّيْث: تَمَّمَ الرجُل إِذا صَار تَمِيمِيَّ الرَّأْي والهَوَى والمَحَلَّةِ قلت: وَقِيَاس مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَاب: تَتَمَّمَ بتاءين كَمَا يُقَال تَمَضَّر وتَنزَّر وَكَأَنَّهُم حذفوا إِحْدَى التَّاءَيْنِ استثقالاً للْجمع بَينهمَا.
مت: قَالَ اللَّيْث: مَتّ اسْم أعجمي.
قَالَ: والمَتُّ كالمَدِّ إِلَّا أَن المَتَّ توصُّل بِقرَابَة ودَالَّةٍ يُمَتُّ بهَا. وَأنْشد فَقَالَ:
إنْ كُنْتَ فِي بكر يُمَتُّ خُؤولَةً
فَأَنا المُقاتِلُ فِي ذُرَى الأعْمامِ
قَالَ: ويُونُس بن مَتَّى نَبِيٌّ كَانَ أَبوهُ يُسمَّى مَتّى على فَعْلَى فُعلِ ذَلِك أَنهم لَمّا لم يكن لَهُم فِي كَلَامهم فِي آخر الِاسْم بعد فَتْحة على بناءِ مَتّى حملُوا الْيَاء على الفتحة الَّتِي قبلهَا فجعلوها ألفا كَمَا يَقولون: مِن غَنّيْتُ غَنّى وَمن تَفَنَّيْتُ تَفَنَّى، وَهِي بِلغة السريانية مَتّى.
وَأنْشد أَبُو حَاتِم قَول مُزَاحِمٍ العُقَبْلِي:
أَلَمْ تَسْأَلِ الأطْلاَلَ مَتّى عُهودُها
وَهل تَنْطِقَنْ بَيْدَاءُ قَفْرٌ صَعِيدُها
قَالَ أَبُو حَاتِم: سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن مَتَّى فِي هَذَا الْبَيْت فَقَالَ: لَا أَدْرِي.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ثَقَّلَها كَمَا تُثَقّلُ ربّ وتُخَفَّفُ وَهِي مَتَى خَفِيفَةً فَثَقَّلَها.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَإِن كَانَ يريدُ مصدرَ مَتَتُّ مَتّاً أَي طَويلا أَو بَعيداً عهودُها بِالنَّاسِ فَلَا أَدْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَتْمَتَ الرجلُ إِذا تقرّب بمودَّة أَو قَرابة.

(14/187)


قَالَ: والمَتُّ مَدُّ الْحَبل وَغَيره، يُقَال: مَتَّ ومَطَّ ومَطَلَ ومَغَطَ وشَبَحَ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ النَّضر: مَتَتُّ إِلَيْهِ بِرَحمٍ أَي مَدَدت إِلَيْهِ وتَقَرَّبتُ إِلَيْهِ، قَالَ: وبَيْنَنَا رحم ماتَّة أَي قريبةٌ.

(14/188)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف التَّاء
ت ظ: أهملتا مَعَ سَائِر الْحُرُوف إِلَى آخرهَا وَكَذَلِكَ التَّاء مَعَ الذَّال.

(أَبْوَاب التَّاء والثاء)
ت ث ر
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّواثِيرُ الجَلاَوِزَةُ.
ت ث ل
اسْتعْمل من وجوهها: (ثتل) .
(ثتل) : الثَّيْتَلُ قَالَ شمر: الثَّيْتَل الذَّكَرُ من الأرْوَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الثَّياتِلُ تكون صِغار الْقُرُون.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الثَّيْتَلُ من الوعول لَا يَبْرَحُ الجَبل ولقرنيه شُعَبٌ.
قَالَ: والوُعُول على حِدَةٍ، والوعولُ كُدْرُ الألوان فِي أسافِلها بياضٌ، والثَّياتِل مثلُها فِي ألوانها وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَينهمَا القرونُ، والوَعِلُ قرناه طويلان عَدا قَراهُ حَتَّى يُتجاوِزَا صَلَوَيْهِ يَلْتَقِيَانِ مِن حَوْل ذَنَبِهِ مِن أَعْلَاهُ.
وَأنْشد شَمِر لأُمَية بن أبي الصَّلْت:
والتّماسيحُ والثَّياتِل والإيّلُ
شَتَّى والرِّيم والْيَعْفُور
قَالَ ابْن السّكيت: أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي لخداش:
فَإِنِّي امْرُؤ من بني عامرٍ
وإنكِ دَارِية ثيتلِ
قَالَ: وَسمعت أَبَا عَمْرو يَقُول: الثيْتل الضخم من الرِّجَال الَّذِي يُظَن فِيهِ خير وَلَيْسَ فِيهِ خير.
وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: تِنْيل.
وَقَالَ الْفراء: رجل تِنْتَلٌ وتَنْبُلٌ قصير.
ت ث ن
اسْتعْمل من وجوهها: (ثنت) .
ثنت: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الثنيت: المُنْتِنُ وَقد ثَنِت ثَنَتاً.
وَقَالَ غَيره: ثَتِن ثَتَناً إِذا أنتن.
وَأنْشد:
وثَتِنٌ لِثَاتُهُ تِئبَاية
ت ث ف
اسْتعْمل من وجوهه: (تفث) .
تفث: قَالَ الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ} (الْحَج: 29) .

(14/189)


وحدَّثنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق السِّنْدي قَالَ: حَدثنَا عَلِي بن خَشْرَم عَن عِيسَى عَن عبد الْملك عَن عَطاءِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} (الْحَج: 29) .
قَالَ: التَّفَثُ الحَلْق والتّقصير والأخذُ من اللّحية والشّارب والإبط، والذّبْح وَالرَّمْي.
وَقَالَ الْفراء: التّفَثُ نَحْرُ البُدْنِ وَغَيرهَا من الْبَقر وَالْغنم وحَلْق الرَّأْس، وتَقْليم الأظْفار وأشباهه.
وَقَالَ الزّجاج:
التفَث أهل اللُّغَة لَا يعرفونه إِلَّا من التَّفْسِير.
قَالَ: التّفَثُ الأخْذُ من الشّارِب وتَقليمُ الْأَظْفَار، ونَتْفُ الْإِبِط وحَلْقُ العَانَة والأخذُ من الشّعْر كَأَنَّهُ الخُروجُ من الإِحرام إِلَى الإِحلال، وَقَالَ أَعْرَابِي لآخر: مَا أتفثك وأدْرَنكَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التّفَثُ النُّسُكُ مِن مَنَاسِك الْحَج، رجل تَفِثٌ أَي مُغْبَرٌ شَعِثٌ لم يَدَّهِنْ وَلم يستحدّ.
قلت: لم يُفَسر أحد من اللغويين التَّفَثَ كَمَا فَسَّره ابْن شُمَيْل: جعل التفَثَ التّشَعُّثَ، وَجعل قَضَاءَه إذْهَابَ الشّعَثِ بالحَلْقِ والتَّقْليم وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} . قَالَ: قَضَاء حوائجهم من الحَلْق والتّنْظِيف وَمَا أشبهه، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
ت ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: (ثَبت) .
ثَبت: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال للجراد إِذا رَزّ أَذْنَابَه لِيبيضَ: ثَبَتَ وأَثْبَتَ وتَثَبَّتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ثَبَتَ فلانٌ بِالْمَكَانِ يَثْبُتُ ثُبُوتاً فَهُوَ ثَابِتٌ إِذا أَقَامَ بِهِ، وتَثَبَّت فِي رَأْيه وأَمْرِه إِذا لم يَعْجَل وتَأَنَّى فِيهِ، واسْتَثبَتَ فِي أمره إِذا شاوَرَ وفحص عَنهُ، وأُثْبِتَ فلانٌ فَهُوَ مُثْبَتٌ إِذا اشتَدَّتْ بِهِ عِلَّتُهُ وأَثْبَتَتْهُ جِراحهُ فَلم يَتَحَرَّكْ، وَرجل ثَبْتٌ وثَبِيتٌ إِذا كَانَ شجاعاً وَقُوراً، وأُثْيِيتٌ اسْم مَوضِع، أَو جبل، ويُصَغّر ثابِتٌ من الْأَسْمَاء ثُبَيتاً، وَأما الثابِتُ إِذا أردتَ بِهِ نَعْتَ شَيْء فتصغيره ثُوَيْبِيتٌ.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ} (الْبَقَرَة: 265) .
قَالَ الزجاجُ: أَي يُنفقونها مُقِرِّين بِأَنَّهَا مِمَّا يُثيبُ اللَّهُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود: 120) قَالَ: معْنى تَثبيتُ الْفُؤَاد تسكين الْقلب، هَهُنَا ليْسَ لِلشكّ، وَلَكِن كلّما كَانَ الدلالةُ والبرهانُ أكثرَ كَانَ القلبُ أَسْكن وأثبتَ أبدا.

(14/190)


قَالَ إِبْرَاهِيم: {لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} (الْبَقَرَة: 260) وَقَوله: {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} (الْبَقَرَة: 250) . يُقَال: رجل ثَابت فِي الْحَرْب وثبيتٌ وثبتٌ، وَيُقَال للراوي: إِنَّه لَثبتٌ، وهم الْأَثْبَات أَي الثِّقات.
وَقَوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ} (الْأَنْفَال: 30) أَي ليحبسوك.
رَماهُ فأَثْبَته إِذا حبَسه مَكَانَهُ وَأصْبح الْمَرِيض مُثبَتاً أَي لَا حَراك بِهِ.
ت ث م
أهمله اللَّيْث.
(ثمت) : وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الثّمُوت العِذْيَوْطُ وَهُوَ الَّذِي إِذا غَشِيَ الْمَرْأَة أَحدَثَ وَهُوَ الثّتُّ أَيْضا.
انْتهى، وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) التَّاء وَالرَّاء)
ت ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: (رتل) .
رتل: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} (المزمل: 4) مَا أعلمُ الترتِيلَ إِلَّا التَّحْقِيقَ والتمكينَ أَراد فِي قِرَاءَة الْقُرْآن.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّتَلُ تنْسِيقُ الشَّيْء، وثَغْر رَتِلٌ حَسَنُ التّنضيدِ، ورتّلْتُ الكلامَ ترتيلاً أَي تمهَّلتُ فِيهِ وأَحْسنْتُ تأليفَه، وَهُوَ يترتّل فِي كَلَامه ويَترسّل.
ورُوي عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: الترتيل الترسُّلُ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} (المزمل: 4) .
قَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِيناً.
وَقَالَ الضَّحَّاك: انبذْهُ حَرْفاً حَرْفاً.
وروى سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} .
قَالَ: بعضه على أثرِ بَعْض.
قلت: ذهب بِهِ إِلَى قَوْلهم: ثَغْرٌ رَتَلٌ إِذا كَانَ حَسَن التَّنْضيد.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} بَيِّنه تبييناً، والتبيين لَا يتم بِأَن تَعْجل فِي الْقِرَاءَة، وَإِنَّمَا يتم التَّبْيِين بِأَن تُبَيِّن جَمِيع الْحُرُوف وتُوفِّيها حَقّهَا من الإشباعِ، ورتلناه ترتيلاً أَي أَنزَلْنَاهُ تَنْزِيلا، وَهُوَ ضد الْمُعَجل وَيُقَال: ثَغر رَتِل، ورتَلَ إِذا كَانَ مُفَلّجاً لَا لَصَصَ فِيهِ.
ت ر ن
رتن، تنر، نتر، ترن.
(رتن) : قَالَ اللَّيْث: المُرَتَّنَة الخُبْزَةُ المشَحَّمَةُ والرَّتْم والرَّتنُ خَلطُ الشّحْمِ بالعجين.
قلت: حَرَصْتُ على أَن أجد هَذَا الْحَرْف لغير اللَّيْث فَلم أجد لَهُ أصلا وَلَا آمن أَن يكون الصَّوَاب المُرَثّنةُ بالثاء مِن الرّثَان وَهِي الأمطارُ الخَفِيفَةُ فَكأَن تَرْثينَها ترويتُها

(14/191)


بالدسم.
تنر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} (هود: 40) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَعْلَمَ اللَّهُ جلّ وعزّ أَن وَقت هلاككم فَوْرُ التَّنُّور.
وَقيل فِي التَّنور أَقْوَال قيل التَّنورُ وجهُ الأَرْض، وَيُقَال: أَرَادَ أَن المَاء إِذا فار من نَاحيَة مَسْجِدِ الْكُوفَة، وَقيل: أَيْضا أَن التَّنُّور تَنْوِير الصُّبْح.
ورُويَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فار التَّنُّور قَالَ: التَّنُّور الَّذِي بالجزيرة وَهِي عَيْنُ الْوَرْدِ واللَّهُ أعلم بِمَا أَرَادَ.
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: التَّنُّورُ تَنْوِيرُ الصُّبْح.
وَعَن عِكْرِمَة: التَّنُّورُ وجْهُ الأَرْض، وَيُقَال: أَرَادَ أَن الماءَ إِذا فار من نَاحيَة مَسْجِد الْكُوفَة.
وَعَن مُجَاهِد: التَّنور حَيْثُ يَنْبَجِسُ المَاء فِيهِ، أَمر نوح أَن يركب وَمن مَعَه السَّفِينَة.
وَقَالَ اللَّيْث: التنُّورُ عَمَّتْ بِكُل لِسَان وصَاحِبُه تَنَّارٌ.
قَول من قَالَ: إِن التنّور عَمت بِكُل لِسَان يدل على أَن الأَصْل فِي الِاسْم عجميّ فعَرَّبَتْها العَرَبُ فَصَارَ عَرَبيا على بِنَاء فَعُّول، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن أصل بنائِهِ تَنَرَ، وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَام الْعَرَب لأنَّه مُهْمَلٌ وَهُوَ نظيرُ مَا دخل فِي كَلَام الْعَرَب من كَلَام الْعَجم مثل الدّيباج والدِّينار والسُّنْدُس والإستبرق وَمَا أَشْبَهها، وَلما تكلَّمت بهَا الْعَرَب صَارَت عربيَّة.
قلت: ذَاتُ التَّنانِير عَقَبَةٌ بِحِذَاءِ زُبالَة مِمَّا يَلِي المَغْرِب مِنها.
نتر: قَالَ اللّيث: النَّتْرُ جَذْبٌ فِيهِ جَفْوَة، والإنسانُ يَنْتُر فِي مَشيِه نَتْراً كَأَنَّهُ ينجذبُ جَذْباً.
ابْن السّكيت: يُقَال: رَمْيٌ سَعْرٌ وضَرْبٌ هَبْرٌ وَطَعْنٌ نَتْرٌ، قَالَ: وَهُوَ مثل الخَلْس يختلسها الطاعن اختلاساً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّتْرَةُ الطَّعْنَةُ النافذة.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الرجل يَسْتَبِرىءُ ذَكرَه إِذا بَال أَن يَنْتُرَهُ نَتْراً مرّة بعد أُخْرَى كَأَنَّهُ يجتذبه اجتذاباً.
وَفِي الحَدِيث: (إِن أحدهم لَيُعَذَّبُ فِي قَبره فَيُقَال: إِنَّه لم يكن يستَنتِر عِنْد بَوْله) . الاستنتار: الاجتذاب مرّة بعد مرّة يَعْنِي الِاسْتِبْرَاء.
وَفِي حَدِيث عليّ: اطعنوا النَّتر أَي الخلْس، وَهُوَ من فعل الحذّاق.
ترن: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَقول للأَمة: تُرْنَى وفَرْتَنَى، وَتقول لِوَلد البَغِيّ: ابْن تُرْنى وَابْن فَرْتَنَى.

(14/192)


وَقَالَ صَخْر الغيّ:
فإنَّ ابنَ تُرْنَى إِذا جِئْتُكم
أَراه يُدَافِعُ قَوْلاً عَنِيفاً
قلت: وَيحْتَمل أَن يكون تُرْنَى مَأْخُوذَة من رُنِيَتْ تُرْنَى إِذا أَدِيم النّظر إِلَيْهَا.
(ت ر ف)
ترف، تَفِر، رفت، فتر، فرت: (مستعملة) .
(ترف) : قَالَ اللَّيْث: التُّرْفَةُ والطُّرْمَةُ من وَسط الشّفة خِلْقَةً وصاحبها أَتْرَفُ.
وَقَالَ غَيره: التُّرفةُ النَّعْمَةُ، وصبيٌّ مَتَرَّف إِذا كَانَ مُنَعَّمَ البَدَنِ مُدَلَّلاً، والمُتْرَفُ الَّذِي أَبْطَرَتْهُ النِّعْمة، وسَعَةُ العَيْشِ.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة: المترف الْمَتْرُوك يصنع مَا يَشَاء لَا يمْنَع مِنْهُ، وَقيل للمتنعِّم: مُترف لِأَنَّهُ مُطلق لَهُ لَا يمْنَع من تنعم، أَمَرْنَا مُتْرفيها، قَالَ قَتَادَة جبابرتها.
تَفِر: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: التِّفْرَةُ من الْإِنْسَان الدائرة الَّتِي عِنْد الْأنف وسط الشّفة الْعليا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال لهَذِهِ الدائرة: تَفِرَة وتُفْرَة وتُفَرَة وتِفْرَة.
وَقَالَ الطِّرمّاح:
لَهَا تَفِرَاتٌ تحتَها وقُصَارها
إِلَى مَشْرَةٍ لم تَعْتَلِقْ بالمحاجِنِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّفِرَاتُ من النَّبَات مَا لَا تَسْتَمْكِنُ مِنْهُ الرَّاعِيةُ لِصِغَرِها وَأَرْض مُتْفِرَةٌ فِيهَا تَفِرَاتٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّافِرُ الوَسِخُ من النَّاس، وَرجل تَفِرٌ وتَفْرَانُ.
قَالَ: وأَتْفَرَ الرَّجُلُ إِذا خَرَج شَعْر أَنْفِه إِلَى تِفْرَتِه وَهُوَ عيب.
رفت: يُقَال: رَفَتُّ الشيءَ وحطَمتُه وكَسْرتُه، والرُّفاتُ الحطامُ من كل شَيْء تَكسَّر، يُقَال: رَفَتَ عِظامَ الجَزُور رَفْتاً إِذا كَسَرَها ليَطبُخها ويستخرجَ إهالَتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرُّفَتُ التِّبْنُ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: أَنا أَغْنَى عَنْك من التُّفَهِ عَن الرُّفَتِ، والتُّفَهُ عَنَاقُ الأَرْض وَهُوَ ذُو نابٍ لَا يَرْزأُ التِّبْنَ والكَلأَ والتُّفَهُ تكْتب بِالْهَاءِ والرُّفَتُ بِالتَّاءِ.
فرت: الفُرَاتُ: أعذَبُ المِياه قَالَ الله جلّ وعزّ: {هَاذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (الْفرْقَان: 53) وَقد فَرُتَ الماءُ يَفْرُتُ فُروتَةً إِذا عَذُبَ فَهُوَ فُرَاتٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فَرِتَ الرجلُ بِكَسْر الرَّاء إِذا ضَعُفَ عقله بعد مُسْكَةٍ.
فتر: قَالَ اللَّيْث: فَتَرَ فلَان يَفْتُرُ فُتوراً إِذا سكن عَن حِدَّتِه ولانَ بَعْدَ شِدَّتِه، وطَرْفٌ فاتِرٌ فِيهِ فُتورٌ وسُجُوٌّ لَيْسَ بِحادِّ النّظر.
وَيُقَال: أَجِدُ فِي نَفسِي فَتْرَةً وَهِي كالضَّعْفَةِ، وَيُقَال للشَّيْخ قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ

(14/193)


وعَرَتْهُ فَتْرَةٌ، والفِترُ قَدْرُ مَا بَين طَرَفِ الْإِبْهَام وطَرَفِ الْمُسَبِّحَة، وَقد فَتَرْتُ الشيءَ إِذا قَدَّرْتَهُ بِفِتْرِك، كَمَا تَقول: شَبَرْتُهُ بِشِبْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْتَرَ الرجُلُ إِذا ضَعُفَتْ جُفُونه فانكسر طَرْفُه.
وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: نهَى عَن كل مُسْكِرٍ ومُفَتِّر؛ فالمسْكر الَّذِي يُزيل الْعقل إِذا شُرِبَ والْمُفَتِّر الَّذِي يُفَتِّرُ الجسدَ إِذا شُرِبَ، وماءٌ فاتِرٌ بيْن الحارّ والبارد.
وَقَالَ ابْن مُقبل يصف غَيْثاً:
تَأَمَّلْ خَلِيليِ هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارقٍ
يَمانٍ مَرَتْه رِيحُ نَجْدٍ فَفَتّرَا
قَالَ حمّاد الراوية: فتَّرَ أَي أقامَ وسَكَن.
وَقَالَ الأصمعيّ: فتَّرَ مَطَرَ فَرَّغَ ماءَه وكَفَّ وتَحيَّر.
أَبُو زيد: الفُتْرُ النَّبِيةُ وَهُوَ الَّذِي يُعْمَلُ من خُوصٍ يُنْخَل عَلَيْهِ الدقيقُ كالسُّفْرة.
ت ر ب
ترب، تبر، برت، بتر، رتب، ربت: مستعملات.
ترب: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: التُّرْتُبُ الأمرُ الثَّابتُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: التُّرْتُبُ بِضَم التاءَين العَبْدُ السوء، وَقَالَ: والتُّرْتُبُ التُّراب أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّيْرَبُ التُّرَاب وَقَالَ غَيره يُقَال: بِفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ والتَّرْباء والتَّوْراب.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: بفية التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ. وَيُقَال: بَعِيرٌ تَرَبُوتٌ إِذا كَانَ ذَلُولاً، وناقةَ تَرْبُوتٌ كَذَلِك، فَهَذِهِ الْحُرُوف الَّتِي جَاءَت فِي هَذَا الْبَاب مَعَ زِيَادَة التَّاء وَالْيَاء وَالْوَاو.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تُنكَحُ الْمَرْأَة لِمِيسَمِهَا ولِمالِها ولحَسبِها، عَلَيْك بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداك) .
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: تربَتْ يداك، يُقَال للرجل إِذا قلّ مَاله: قد تَرِبَ أَي افْتَقَر حَتَّى لَصِقَ بالتُّراب.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا} (الْبَلَد: 16) ، قَالَ: ويروى وَالله أعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَتَعَمَّد الدعاءَ عَلَيْهِ بالفَقْرِ وَلكنهَا كلمةٌ جَارِيَة على أَلْسِنة الْعَرَب يَقُولُونَهَا وهم لَا يُرِيدُونَ وُقُوع الْأَمر، قَالَ وَقَالَ بعض النَّاس: إنَّ قَوْله: تَرِبَتْ يداك يُرِيدُونَ استغْنت يداك، وَهَذَا خطأ لَا يجوز فِي الْكَلَام، وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لقَالَ: أتْرَبَتْ يداك، يُقَال: أَتْرَبَ الرجلُ فَهُوَ مُتْرِبٌ إِذا كَثُرَ مَاله، فَإِذا أَرَادوا الْفقر قَالُوا تَرِبَ يَتْرَبُ.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة: أَرَادَ بقوله: تَرِبَتْ يداك، إِن لم تَفْعَل مَا أمرتُك بِهِ.

(14/194)


قَالَ أَبُو بكر: مَعْنَاهُ: لِلَّهِ دَرُّك إِذا استعملتَ مَا أمرتُك بِهِ، واتَّعظت بِعظتي.
وَذهب بعض أهل العِلْم إِلَى أَنه دُعَاء على الْحَقِيقَة.
وَقَوله فِي حَدِيث خُزَيْمَةَ: (أَنَعِمْ صباحاً تَرِبتْ يداك) ، يدلّ على أَنه لَيْسَ بِدُعَاء عَلَيْهِ، بل هُوَ دُعَاء لَهُ وترْغيبٌ فِي اسْتِعْمَال مَا تقدّمت الوَصاةُ بِهِ، أَلا تراهُ قَالَ: أنعم صباحاً ثمَّ عَقبَه، تربَتْ يداك، والعربُ تقولُ: لَا أمَّ لَك وَلَا أبَ لَك، يُرِيدُونَ لِلَّه دَرُّك، قَالَ:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَثُ الصبحُ غادِياً
وماذا يؤَدِّي الليلُ حِينَ يَؤُوبُ
فَظَاهره: أَهْلَكه الله، وباطِنه: لِلَّه درّه، قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنى أَرَادَهُ جميل بقوله:
رَمَى اللَّهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَة بِالقَذَى
وبالغُرّ من أبنائِها بالفَوادِحِ
أَرَادَ لِلَّه درّها مَا أحسن عَيْنَيْها، وَأَرَادَ بالغُر من أبنائها ساداتِ أهل بَيتهَا، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم:
لَا أُمَّ لَك وَلَا أَرْضَ لَك، ذَمٌ
وَلَا أبَ لَك وَلَا أَبَا لَك، مدح
وَهَذَا خطأ، أَلا ترى أَن الفصيح من الشُّعَرَاء قَالَ:
وهَوَتْ أمُّه، فِي مَوضِع الْمَدْح.
ورَوَى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل تَرِب فَقير، وَرجل تَرِبٌ لازِقٌ بِالتُّرَابِ من الْحَاجة لَيْسَ بَينه وَبَين الأَرْض شَيْء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّتْرِيْبُ كَثْرَةُ المَال، قَالَ: والتَّتْرِيبُ قلَّة المَال أَيْضا، قَالَ: وأَتْرَبَ الرجلُ إِذا مَلَك عَبْداً مُلِكَ ثلاثَ مرَّاتٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّرْبُ والتُّرابُ وَاحِد إِلَّا أَنهم أَنَّثوا قَالُوا: التُّرْبةُ، يُقَال: أَرض طيّبة التربة، أَي خِلْقَةُ ترابها، فَإِذا عَنَيْتَ طَاقَة وَاحِدَة من التُّرَاب قلت: تُرَابَةٌ، وَتلك لَا تدْرك بالبصر دِقَّةً إِلَّا بالتوهّم، وطعامٌ تَرِبٌ إِذا تَلَوَّث بالتُّراب. وَمِنْه حَدِيث عَليّ: (لَئِن وَلِيتُ بَني أُمَيَّةَ لانْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ الوِزَامَ التَّرِبَةَ) .
وَقَالَ غَيره: تَتَرَّبَ فُلاناً تَتَرُّباً إِذا تَلَوَّث فِي التُّراب، وتَرَّبَ الْكتاب تتريباً، ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبَةٌ قد حَمَلَت تُراباً.
قَالَ ذُو الرمة:
مرَّا سَحَابٌ ومَرَّ بارِحٌ تَرِبُ
وَقيل: تَرِبٌ أَي كثير التُّرَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرْبَاءُ نَفْسُ التُّراب، يُقَال: والتُّرباء، لأضربنه حَتَّى يَعَضَّ بالتَّرْباءِ.
وَفِي الحَدِيث: (خَلَقَ الله التُّرْبَةَ يَوْم السبت، وَخلق فِيهَا الجبالَ يَوْم الْأَحَد، والشجرَ يومَ الِاثْنَيْنِ، والتِّرْبُ اللِّدَةُ، وَيُقَال: هَذِه تِرْب هَذِه، وَقَوله: {أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} (الْوَاقِعَة: 37) أَي أَمْثَالاً وهما تِرْبان.

(14/195)


وَقَالَ ابْن السّكيت: تُرَبَةُ وَاد من أَوديَة الْيمن.
ابْن بزرج: قَالُوا تَرَبتُ القرطاس فَأَنا أتْرُبة تَرْباً وتَرَبت فلَان الإهاب لتصلحه، وتَرَبت السِّقاء وكل مَا يصلح فَهُوَ متروب، وكل مَا يفْسد فَهُوَ مترَّب مشدد.
قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {خُلِقَ مِن مَّآءٍ} {دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ} (الطارق: 6، 7) .
قَالَ: الترائب مَا اكتنف لَبّاتِ الْمَرْأَة مِمَّا يَقع عَلَيْهِ القِلادة، وَقَوله من الصلب والترائب يَعْنِي صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ الْمَرْأَة يُقَال للشيئين ليخرجن من بَني هذَيْن خيرٌ كثير وَمن هذَيْن خيرٌ كثير.
وَقَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَن الترائب أَربع أضلاع من مَيْمَنَةِ الصَّدر وَأَرْبع أضلاع من يَسْرَةِ الصَّدْر.
وَجَاء أَيْضا فِي التَّفْسِير: أَن الترائب اليدان وَالرجلَانِ والعيْنَان.
وَقَالَ أهل اللُّغَة أَجْمَعُونَ: التَّرائِب مَوضِع القِلادة من الصَّدر وأنشدوا فَقَالُوا:
مُهَفْهَفَةٌ بيضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ
تَرائبُها مَصْقُولة كالسَّجَنْجَلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: أَخْبرنِي أَبُو الْحسن الشيخي عَن الرياشي قَالَ: التَّرِيبَتانِ الضِّلعان اللَّتان تَلِيَان التَّرْقُوَتَيْن، وَأنْشد:
ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوح على تَرِيبٍ
كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ لَهُ غُضُونُ
أَبُو عبيد: الصَّدْر فِيهِ النَّحْر، وَهُوَ مَوضِع القِلادة، واللَّبّةُ مَوضِعُ النَّحْر، والثُّغْرةُ ثُغْرَةُ النَّحْر، وَهِي الهَزْمَةُ بَين التَّرْقُوَتَيْن، وَقَالَ:
والزَّعْفَرَانُ على تَرائِبها
شَرِقٍ بِهِ اللَّبّاتُ والنَّحْرُ
والتَّرْقُوَتَان العَظْمَان المُشْرِفان فِي أَعلَى الصَّدر من رأْسَ المَنكِبَيْن إِلَى طَرَفِ ثُغْرَةِ النَّحْر، وباطِن التَّرقُوَتَين الهواءُ الَّذِي يهوي فِي الْجوف لَو خُرِق، وَيُقَال لَهُ القَلْتَانُ. وهما الحافِنَتَانِ أَيْضا، والزَّاقِنَةُ طَرفُ الحُلْقُوم.
تبر: قَالَ اللَّيْث: التِّبْر الذَّهبُ والفِضَّة قبل أَن يُصاغا.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: كلُّ جوهرٍ قبل أَن يستعملَ تِبْرٌ، من النّحاس والصُّفْر، وَأنْشد:
كلُّ قومٍ صِيغَةٌ مِن تِبْرِهِمْ
وبَنُو عَبْدِ مَنافٍ من ذَهَبْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّبْرُ الفُتَاتُ من الذَّهب والفِضَّة قبل أَن يُصاغا، قلت: التبر يَقع على جَمِيع جَوَاهِر الأَرْض قبل أَن تُصاغ، مِنْهَا النّحاس والصُّفر والشَّبة والزجاج وَغَيره، فَإِذا صيغَا فهما ذهب وفضّة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ} (نوح: 28) .
قَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ إِلَّا هَلَاكًا وَلذَلِك

(14/196)


سمي كل مُكَسَّر تِبْراً، وَقَالَ فِي قَوْله: {وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً} (الْفرْقَان: 39) ، قَالَ: والتَّتْبِيرُ التَّدْميرُ، وكل شَيْء كَسَرته وفتّتَّهُ فقد تَبَّرْتَهُ، وَمن هَذَا قيل لِمُكَسَّر الزّجاج: التِّبْرُ وَكَذَلِكَ تِبْرُ الذَّهَب.
وَقَالَ اللَّيْث: تَبِرَ الشيءُ يَتْبِرُ تَباراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَتْبُورُ الهالكُ، والمتبورُ النَّاقِص، قَالَ: والتَّبْراء الحسنةُ اللَّونِ من النُّوق.
بتر: قَالَ اللَّيْث: البَتْرُ قَطْعُ الذَّنَبِ ونحوِه إِذا استأصلْتَه.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: بَتَرْتُه فانْبَتَر، وأبتَرْته فَبُتِر، وصاحِبُه أَبتر وذَنَبٌ أَبتَرُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} (الْكَوْثَر: 3) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَزَلتْ فِي العَاصِي ابْن وَائِل، دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس، فَقَالَ: هَذَا الأبتَرُ أَي هَذَا الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، فَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} ، فَجَائِز أَن يكون هَذَا المنْقَطِعَ العَقِبِ وَجَائِز أَن تكون هُوَ الْمُنْقَطع عَنهُ كل خير.
قَالَ: والبَتْرُ استئصالُ القَطْع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبتر الرجلُ إِذا أعْطى وَمنع، وأَبتَر إِذا صَلَّى الضُّحَى حِين تُقَضِّبُ الشَّمْس، وَيُقَال: تُقَضِّبُ أَي يَخْرِج شُعاعها كالقُضبانِ.
وَفِي حَدِيث عليّ: أَنه سُئِلَ عَن صَلَاة الضُّحَى، فَقَالَ: حِين تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأرضَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: البُتَيْرَاءُ الشمسُ، وَسيف باترٌ وبَتَّارٌ قَطَّاع.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البُتَيْرَةُ تصغيرُ البَتْرَة وَهِي الأَتَان.
برت: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَالَ البُرْتُ: الرجلُ الدَّليلُ وَجمعه أَبْراتٌ.
قَالَ شمر: رَوَاهُ المسدى: البِرت بِالْكَسْرِ وَلَا بَأْس.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للدَّليل الحاذق: البُرتُ والبِرتُ، وَقَالَهُ ابْن الْأَعرَابِي رَوَاهُ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاس.
وَقَالَ شمر: هُوَ البِرِّيتُ والخِرِّيتُ أَيْضا قَالَ: والبُرتُ الفأس أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ البُرت بلغَة أهل الْيمن قَالَ: والبُرت بلغتهم السُّكر الطَّيْرزَد.
وَقَالَ شمر: يُقَال للسكر الطَّبَرْزَد: مِبْرَتٌ ومِبَرَّت.
وَقَالَ أَبُو عبيد: البرِّيتُ المستوِي من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي عون: البِرِّيتُ مكانٌ مَعْرُوف كثير الرمل.
وَقَالَ شمر يُقَال: الحَزْنُ والبِرِّيتُ أرضان بِنَاحِيَة الْبَصْرَة، وَيُقَال: البريتُ الجَدْبَةُ

(14/197)


المسْتَوِيَةِ وَأنْشد:
بِرِّيتُ أَرْضٍ بَعْدها بِرِّيتُ
وَقَالَ اللَّيْث: البِرِّيت اسْم اشتق من البَرِّية: كَأَنَّمَا سَكَنت الْيَاء فَصَارَت الهاءُ يَاء لَازِمَة كَأَنَّهَا أَصْلِيَّة كَمَا قَالُوا: عِفْريتٌ وَالْأَصْل عِفْرِيَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن أبي عَمْرو عَن أَبِيه: بَرِتَ الرجلُ إِذا تحيَّر وبَرَتَ بِالتَّاءِ إِذا تَنَعَّمَ تَنعُّماً وَاسِعًا، قَالَ: والبُرْتَةُ الحذاقَةُ بِالْأَمر، وأَبْرَتَ إِذا حَذِق صِناعةً مَا.
ربت: قَالَ: رَبَّتُّ الصبيَّ ورَبَّيتُه تَرْبِيتاً وتَرْبِيَة.
وَقَالَ الراجز:
لَيْس لمن ضُمِّنَهُ تَرْبِيتُ
رتب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أرْتَبَ الرجلُ إِذا سَأَلَ بعد غِنًى، وأرْتَبَ الرجلُ إِذا دَعا النقري إِلَى طَعَامه، قَالَ: ورَتَبَ الشيءُ رُتوباً إِذا انتصب فَإِنَّمَا هُوَ راتبٌ وَأنْشد:
وَإِذا يَهُب مِن الْمَنَام رأيتَه
كَرُتُوبِ كَعْبِ السَّاق لَيْسَ بزُمَّلِ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبِي يُرْتِبُ الكَعْبَ إرتاباً قَالَ: والرَّتَبَةُ الواحدةُ من رَتَبَاتِ الدَّرَج، والمرْتَبَةُ المنزلةُ عِنْد الْمُلُوك وَنَحْوهَا، والمراتب فِي الْجبَال والصحارى من الْأَعْلَام الَّتِي يُرَتَّبُ فِيهَا الْعُيُون والرُّقَباء، وَيُقَال: مَا فِي عيشة رَتَبٌ، وَمَا فِي هَذَا الْأَمر رَتَبٌ وَلَا عَتَبٌ أَي هُوَ سهل مُستقيم، قلت: هُوَ بِمَعْنى النَّصَب والتَّعب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّتْباءُ النَّاقَةُ المنْتَصِبةُ فِي سَيرهَا، والرّقْبَاءُ الناقةُ المُندَفِعَةُ.
ت ر م
رتم، متر، تمر، مرت، ترم: مستعملة.
رتم: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرّتْمُ الدَّقُ والكَسْرُ يُقَال: قد رَتَمَّ أَنفَهُ رَتْماً، وَقَالَ أَوْسُ بنُ حجر:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقَاق الحَصَى
مَكان النّبيِّ مِن الكَاثِبِ
والرّتْمُ والرَّثْمُ بالتّاء والثَّاء واحدٌ، وَقد رَتَمَ أَنْفَه ورَثمه، ورُوِي الْبَيْت بالتّاء والثَّاء، ومعناهما وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: مَا رَتم فلانٌ بِكَلِمَة وَمَا نَبَس بهَا بِمَعْنى وَاحِد، والمصدر الرَّتْمُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّتَمُ بِفَتْح التّاء شَجَرٌ.
وَقَالَ الراجز:
نَظَرتُ والعَيْنُ مُبِينة النَّهَمْ
إِلَى سَنَا نَارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّتمُ المَزَادةُ الممْلُوءَة مَاء، قَالَ: والرَّتْمَاء النّاقة الَّتِي تحمل الرّتَمَ، والرَّتَمُ المحجَّة، والرّتَمُ الكلامُ الخَفِيُّ.

(14/198)


قَالَ: والرّتَمُ الحَيَاءُ التّام، والرَّتَمُ ضَرْبٌ مِن النَّبَات.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّتَمُ: خَيط يُعْقد على الإصبع أَو الخَاتَم للعلامة، والرّتيمةُ والرّتَمةُ نباتٌ من دِقِّ الشّجر كأَنه من دِقَّته يُشَبَّه بالرّتَم، والفِعْل أَرْتَمَ إرتاماً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أرْتَمْتُ الرجلَ إرْتَاماً إِذا عَقَدْتَ فِي إصبَعه خيطاً يَسْتَذكِرُ بِهِ حَاجَته، وَاسم ذَلِك الْخَيط الرّتمَةَ والرّتيمةُ، وأنشدنا:
هَلْ يَنْفَعَنكَ الْيَوْمَ إنْ هَمّت بِهِمْ
كَثْرةُ مَا توصِي وتعْقَاد الرّتَمْ
وَقَالَ شمر: قَالَ سَلَمة عَن عَاصِم قَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله: تَعْقَاد الرّتم كَانَ الرجل يَخْرُج فِي سَفْرةٍ فَيَعْمِدُ إِلَى غُصنين أَو شجرتين فَيعْقِدُ غُصناً إِلَى غُصْن، وَيَقُول: إِن كَانَت المرْأَةُ على العَهْد بَقِيَ هَذَا على حَاله مَعْقُوداً، وإلاَّ فقد نَقَضَتِ الْعَهْد وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن السّكيت: فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت: وَيُقَال: مَا زلتُ رَاتِماً على هَذَا الْأَمر ورَاتباً أَي مُقيماً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّتِيمُ خيطُ التذْكِرة، وغَيْره يقُولُ: الرّتيمة.
مرت: شمر قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: المرْتُ الأَرْض الَّتِي لَا نَباتَ فِيهَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المرْتُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ شيءٌ قليلٌ وَلَا كثيرٌ، وَأَرْض مَرْتٌ ومَرُوتٌ. قَالَ: فَإِن مُطِرتْ فِي الشّتاء فَإِنَّهَا لَا يُقَال لَهَا مَرْتٌ لِأَن بهَا حينئذٍ رَصَدا، والرَّصَدُ الرَّجاءُ لَهَا كَمَا تُرجَى الحاملَة، وَيُقَال: أَرض مُرْصِدةٌ وَهِي الَّتِي قد مُطِرتْ، وَهِي تُرْجَى لِأَن تُنْبِتَ.
وَقَالَ رؤبة:
مَرْتٌ يُنَاصِي خَرْقَها مَرُوتُ
وَقَالَ ذُو الرمة:
يَطْرَحْنَ بالمهارِقِ الأغْفال
كلَّ جَنِينٍ لَثِقِ السِّرْبالِ
حَيِّ الشَّهِيقِ مَيِّتِ الأوْصالِ
مَرْتِ الحَجَاجَيْنِ مِن الإِعجالِ
يصف إبِلا أَجْهَضَت أولادَها قبل نَباتِ الوَبَر عَلَيْهَا، يَقُول: لم يَنْبُتْ شَعْر حَجاجَيْه.
قلت: كَأَن التَّاء مُبْدَلةٌ من الطَّاء فِي المرتِ.
متر: قَالَ اللَّيْث: المَتَرُ: السَّلْحُ إِذا رُمِيَ بِهِ.
قَالَ: والنَّارُ إِذا قُدِحَتْ رَأَيْتهَا تَتَماتَرُ.
قلت: هَذَا حرف لم أسمع بِهِ لغير اللَّيْث.
ترم: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التَّرِيمُ مِن الرِّجَال المُلَوَّث بالمعايبِ والدَّرَن.
قَالَ: والتَّرِيمُ المتواضِع لِلَّهِ، والتَّرَمُ وَجَعُ الخَوْرَانِ.
تمر: اللَّيْث: التَّمْرُ: حَمْل النَّخْلِ وأَثْمرتْ

(14/199)


النَّخلُ وأَثْمَرَ الرُّطَب، وَجمع التَّمْر تُمورٌ وتمْرانٌ، وَرجل تَامِرٌ ذُو تَمْرٍ، وتَمَرني فلانٌ، أَي أَطْعَمَنِي تَمْراً، وتَمْرتُه أَنا وأَتْمَرتُه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التُّمَّرةُ طائرٌ أَصْغَرُ من العُصفور وَيُقَال لَهَا التُّمَّرَةُ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
شمر عَن أبي نصير عَن الْأَصْمَعِي: التامور الدَّم وَالْخمر والزعفران.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: التامُورةُ الإبريق، وَقَالَ الْأَعْشَى:
وإذَا لهَا تَامُورَةٌ
مَرفُوعَةٌ لِشَرابِها
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَامُورُ الرجل قَلْبُه، يُقَال: حَرْفٌ فِي تامورك خيرٌ مِن عَشرةٍ فِي وِعَائِك.
وَيُقَال: احذر الْأسد فِي تَامُورتِه ومِحْرَابه وغِيلهِ وعِرْزَالِه.
قَالَ: وَيُقَال: مَا بِالدَّار تُومُور، أَي لَيْسَ بهَا أحد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَا بهَا تُومُرِيٌّ، وَمَا بهَا تُومُرِيٌّ أَحْسَن مِنْهَا، للْمَرْأَة الجميلة، أَي خَلْقاً، وَمَا رَأَيْت تُومُرِياً أحسن مِنْهُ.
قَالَ: وَيُقَال: أَكَلَ الذِّئْبُ الشَّاة فَمَا ترك مِنْهَا تامُوراً، وأكلنا جَزَرَةً فَمَا تركنَا مِنْهَا تامُوراً أَي شَيْئا.
وَقَالَ أَوْس بن حجر:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا
أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ
قَالَ الأصمعيّ: أَي مُهجةَ نَفْسِه وَكَانُوا قَتَلُوهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا بهَا تأمُورٌ، مَهْمُوز، أَي مَا بهَا أحد.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فِي الرّكِيَّة تأمُورٌ، يَعْنِي الماءَ، وَهُوَ قِيَاس على الأول.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: لقد تامُورُكَ ذَاك أَي قَدْ عَلِمتَ نَفسك ذَاك.
وَسَأَلَ عمر بن الْخطاب عَمْرو بنَ مَعدي كَرِبَ عَن سَعْدٍ، فَقَالَ: أسَدٌ فِي تامُورَتِه.
والتَّامُورُ أَيْضا: صَوْمَعَةُ الراهب.
وَقَالَ ربيعَة بن مَقْرومٍ الضَّبيُّ:
لَرنا لِبَهجَتِهَا وحُسْنِ حَدِيثها
وَلَهَمَّ مِن تَامُورِهِ يَتَنَزَّلُ
والتَّتْمِيرُ: التَّقْدِيدُ، يُقَال: تَمَّرْتُ القَديد فَهُوَ مُتَمَّرٌ.
وَأنْشد اللحياني فَقَالَ:
لَهَا أَشَاريرُ مِن لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ
مِن الثَّعَالِي وَوَخْرٌ مِن أَرَانِيهَا
أَي مُقَدّدَةً.
أَبُو زيد: اتْمأَرَّ الرّمحُ اتمِئراراً فَهُوَ مُتْمَئِرٌ، إِذا كَانَ غَليظاً مُسْتقيماً، وَالله تَعَالَى أعلم. 

 ==========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسان العرب : طرخف -

لسان العرب : طرخف -  @طرخف: الطِّرْخِفُ: ما رَقَّ من الزُّبْد وسال، وهو الرَّخْفُ أَيضاً، وزاد أَبو حاتم: هو شَرّ الزبد. والرَّخْفُ كأَنه س...